ملابس رئيس الكهنة

06 أكتوبر 2019
Large image

قَدْ يَبْدُو الحَدِيث عَنْ مَلاَبِس رَئِيس الْكَهَنَة حَدِيثاً جَافّاً بِلاَ فَائِدَة وَقَدْ يَشْتَكِي البَعْض مِنْ عَدَم فَهْم هذِهِ التَّفَاصِيل الَّتِي تَبْدُو صَعْبَة لأِوَّل وَهْلَة وَلكِنْ نَدْعُوك عَزِيزِي القَارِئ بِنِعْمَة الله لِلدُّخُول مَعَنَا فِي جَوْلَة مُمْتِعَة لِنَتَعَرَّف عَلَى أسْرَار مَحَبِّة الله وَرِعَايَتَهُ لِشَعْبِهِ مِنْ خِلاَل مَلاَبِس رَئِيس الْكَهَنَة وَأيْضاً نَكْتَشِفْ عَظَمِة الوَحْي الإِلهِي الَّذِي أشَارَ إِلَى السَيِّد الْمَسِيح رَئِيسُ الْكَهَنَة الأعْظَم فِي كُلَّ أجْزَاء وَتَفَاصِيل مَلاَبِس رَئِيسُ الكَهَنَة وَلكِنْ بِصُورَة سِرِّيَّة بَدِيعَة وَهذَا مَا نُحَاوِل أنْ نَكْتَشِفُه مِنْ خِلاَل هذِهِ الجَوْلَة .
ثيابا مقدسة للمجد والبهاء:-
أعْلَنْ الله إِرَادَتَهُ المُقَدَّسَة لِمُوسَى النَّبِي أنْ يَصْنَع لِلكَهَنَة وَرَئِيسَهُمْ مَلاَبِس مُقَدَّسَة فِي أقْصَى حُدُود الجَمَال وَالجَلاَل تَلِيقٌ بِمَجْدِهِ وَخِدْمَتِهِ وَحِينَ نَدْخُل بِنِعْمَة الله فِي التَّأمُّل فِي
تَفَاصِيل هذِهِ الثِّيَاب سَنَجِد أنَّهَا لَيْسَ مُجَرَّدٌ ثِيَاب ذَات أوْصَاف مُحَدَّدَة مِنْ مَوَاد أوْ ألْوَان بَلْ هِيَ إِعْلاَن عَنْ عِلاَقَة الله بِشَعْبِهِ مِنْ خِلاَل الْكَاهِنْ فَالكَهَنُوت الهَارُونِي قَدْ تَرَّتَبْ مِنْ
الله لأِجْل الشَّعْب الَّذِي لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌ فِي ذَاتُه أنْ يَدْنُو مِنْ الله فَاحْتَاج إِلَى شَخْص يَظْهَر أمَام الله دَائِماً مِنْ أجْلُهُمْ ﴿ وَاصْنَعْ ثِيَاباً مُقَدَّسَةً لِهَارُون أَخِيكَ لِلْمَجْدِ وَالْبَهَاءِ وَتُكَلِّمُ
جَمِيعَ حُكَمَاءِ الْقُلُوبِ الَّذِينَ مَلأْتُهُمْ رُوحَ حِكْمَةٍ أَنْ يَصْنَعُوا ثِيَابَ هَارُونَ لِتَقْدِيسِهِ لِيَكْهَنَ لِي ﴾ ( خر 28 : 2 – 3 ) كَانَ أمر الله أنْ تُصْنَع ثِيَاب مُقَدَّسَة لِهَارُون أوَّلاً لأِنَّهُ هُوَ رَئِيس الْكَهَنَة لأِنَّهُ يَرْمُز إِلَى السَيِّد الْمَسِيح رَئِيسُ الْكَهَنَة الأعْظَم وَدُعِيَتْ مُقَدَّسَة لأِنَّهَا مُكَرَّسَة لِلخِدْمَة إِذْ تَخَصَّصَتْ لِخِدْمِة الرَّبَّ القُدُّوس وَقَوْلِهِ * لِلْمَجْدِ وَالْبَهَاءِ * أي لِلجَلاَل وَالعَظَمَة وَالجَمَال لِكَيْ تَلِيقٌ بِمَجْد الله الَّذِي يَجِبْ أنْ يُسْجَد لَهُ وَيُعْبَدٌ فِي زِينَة مُقَدَّسَة وَكَأنَّهَا تُحَدِّث بِمَجْد الله بِحَسَبْ تَعْبِير سِفْر أخْبَار الأيَّام الأوَّل ﴿ لأِنَّ الرَّبَّ عَظِيمٌ وَمُفْتَخَرٌ جِدّاً وَهُوَ مَرْهُوبٌ فَوْقَ جَمِيعِ الآلِهَةِ لأِنَّ كُلَّ آلِهَةِ الأُمَمِ أَصْنَامٌ وَأَمَّا الرَّبُّ فَقَدْ صَنَعَ السَّموَاتِ الْجَلاَلُ وَالْبَهَاءُ أَمَامَهُ الْعِزَّةُ وَالْبَهْجَةُ فِي مَكَانِهِ هَبُوا الرَّبَّ يَا عَشَائِرَ الشُّعُوبِ
هَبُوا الرَّبَّ مَجْداً وَعِزَّةً ﴾ ( 1أخ 16 : 25 – 28 ) فَهْيَ ثِيَاب لاَ تَخُص الْكَاهِن كَشَخْص بَلْ الْكَهَنُوت كَكَرَامَة أمَام الله وَهُنَا نَتَذَكَّر القِصَّة الَّتِي حَدَثَتْ مَعَ شَخْص سَمَعْ عَنْ نُسْك القِدِيس بَاسِيلْيُوس وَتَقَشُّفِهِ فَذَهَبَ لِيَرَاه فَوَجَدَهُ يَلْبِس مَلاَبِس فَاخِرَة جَمِيلَةٌ أثْنَاء القُدَّاس فَسَألَهُ كَيْفَ تَلْبِس هذِهِ المَلاَبِس رَغْم مَا نَسْمَعَهُ عَنْكَ فِي نُسْك وَتَقَشُّف ؟!! فَأخَذَهُ جَانِباً
وَأرَاه المَلاَبِس الَّتِي تَحْت مَلاَبِس الْكَهَنُوت فَوَجَدَهَا مِنْ الخِيش الخِشِنْ وَقَالَ لَهُ أنَّهُ لاَ
يَلْبِس هذِهِ المَلاَبِس لأِجْل شَخْصُه بَلْ لِعَظَمِة الْكَهَنُوت وَبَهَاؤه أمَرَ الله بِتَفَاصِيل إِقَامِة مُحْتَوَيَات خِيمِة الإِجْتِمَاع فِي غَايِة الدِّقَّة وَالرَّوْعَة وَأيْضاً أمَرْ بِجَمَال وَبَهَاء ثِيَاب الْكَهَنَة لِيَكُونُوا مُمَجَّدِينْ وَذَوِي كَرَامَة عَالِيَة فِي عُيُون الشَّعْب وَبِذلِك يَكُون الجَمَال وَالبَهَاء مُتَنَاسِباً بَيْنَ الخِيمَة وَالخُدَّامَ فِيهَا وَبِذلِك تُقَدِّم خِدْمَة تَلِيقٌ بِمَجْد وَبَهَاء الَّذِي خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ حَسَناً .
فهى ثياب تتحدث
إِذْ لَمْ تَكُنْ الثِيَاب غَايَة فِي حَدٌ ذَاتْهَا بَلْ تَتَحَدَّث وَتَشْهَدٌ عَنْ أُمُور كَثِيرَة مِنْهَا :-
أنَّهَا تَتَحَدَّث عَنْ عِظَم شَأن رَئِيس الْكَهَنَة وَتُضْفِي عَلَيْهِ مَجْداً وَبَهَاءً لَيْسَ لَهُ فِي ذَاتُه وَإِنَّمَا تَتَحَدَّث عَنْ مَجْد شَرَفْ الخِدْمَة الَّتِي يَقُوم بِهَا تَتَحَدَّث وَتَشْهَدٌ عَنْ وُجُودٌ الرَّبَّ بَيْنَ شَعْبِهِ وَرَغْبَتِهِ فِي أنْ يُهْدِي وَيُقَدِّس وَيَغْفِر لِجَمَاعَتِهِ المُخْتَارَة المَحْبُوبَة جِدّاً لَدَيْهِ تَتَحَدَّث عَنْ إِحْتِيَاج رَئِيس الْكَهَنَة لِمَجْد هذِهِ الثِيَاب إِذْ تُخْبِر عَنْ عُرْيُه الشَّخْصِي فِي عَيْنَيّ قُدُّوس إِسْرَائِيل وَلِذلِك إِحْتَاج إِلَى ثِيَاب تُكْسِبُه مَجْداً وَبَهَاءً تَتَحَدَّث عَنْ رَئِيس كَهَنَة آخَر أعْظَمْ لاَ يَحْتَاج إِلَى ثِيَاب مَصْنُوعَة بِالأيَادِي يَلْتَمِس مِنْهَا مَجْدُه وَبَهَاؤه بَلْ كَانَتْ تُخْبِر عَنْ رَئِيس الْكَهَنَة الأعْظَم الَّذِي أخْبَرْنَا عَنْهُ القِدِيس بُولِس الرَّسُول﴿ هُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ ﴾ ( عب 1 : 3 ) فَهْيَ تُعْلِنْ المُفَارَقَة البَعِيدَة المَدَى الشَّاسِعَة بَيْنَ كَهَنُوت هَارُون وَكَهَنُوت الرَّبَّ يَسُوع الَّذِي لَهُ كُلَّ مَجْد الآب وَالَّذِي لَهُ المَقَام الإِلهِي وَالمَجْد الأزَلِي فَهُوَ الإِبْن الوَحِيد المَمْلُوء نِعْمَة وَحَقّاً تَتَحَدَّث عَنْ إِحْتِيَاج كَهَنُوت هَارُون لِمَجْد وَبَهَاء هذِهِ الثِيَاب إِلاَّ أنَّ رَئِيسُ الْكَهَنَة الأعْظَمْ يَسُوع الْمَسِيح هُوَ الَّذِي أعْطَى وَظِيفِة الْكَهَنُوت مَقَامَهَا وَكَرَامَتِهَا وَالعَجِيب رَغْم كُلَّ هذِهِ الثِّيَاب وَبَهَاءَهَا إِلاَّ أنَّنَا نَجِد أنَّ رَئِيس الْكَهَنَة لَمْ يَدْخُل قَطْ إِلَى قُدْس الأقْدَاس مُرْتَدِياً هذِهِ الثِّيَاب وَلاَ يَقِفْ أمَام الله بِهذِهِ الصِفَات الَّتِي تُعْلِنْهَا تِلْكَ المَلاَبِس إِذْ كَانَ يَدْخُل إِلَى قُدْس الأقْدَاس مَرَّة وَاحِدَة فَقَطْ فِي السَنَة يَوْم الكَفَّارَة العَظِيمْ مُتَسَرْبِلاً بِثَوْب مِنَ الكِتَّان فَقَطْ هَلْ عَلَمْت لِمَاذَا ؟ لأِنَّ كَمَال المَجْد وَالبَهَاء اللَّذَانْ تَتَحَدَّث عَنْهُمَا تِلْكَ الثِيَاب هُمَا يَخُصَان الرَّبَّ يَسُوع وَحْدَهُ الَّذِي فِيهِ يَكْمُل فِكْر الله مِنْ جِهَة الْكَهَنُوت .
حكماء القلوب:-
﴿ وَتُكَلِّمُ جَمِيعَ حُكَمَاءِ الْقُلُوبِ الَّذِينَ مَلأْتُهُمْ رُوحَ حِكْمَةٍ أَنْ يَصْنَعُوا ثِيَابَ هَارُونَ لِتَقْدِيسِهِ
لِيَكْهَنَ لِي ﴾ ( خر 28 : 2 – 3 ) لَمْ يَتْرُك الله بَنِي إِسْرَائِيل لِيَعْمَلُوا هذِهِ الثِّيَاب كَمَا شَاءُوا بَلْ وَصَفَ لَهُمْ كُلَّ قِطْعَة مِنْهَا وَصْفاً دَقِيقاً فَلاَ مَجَال لِلأفْكَار الشَّخْصِيَّة أوْ الإِبْتِكَار أوْ الخَيَال بَلْ هُنَاك صِفَتَانْ :-
أوَّلاً : حُكَمَاء القُلُوب أي لَهُمْ رُوح المَعْرِفَة وَالحِكْمَة
ثَانِياً : مَلأتَهُمْ مِنْ رُوح الحِكْمَة وَكَأنَّ الله يُرِيدْ أنْ يُعْلِن أنَّهُ يَقُود حُكَمَاء القُلُوب الَّذِينَ يَطْلُبُون مَجْدُه وَيَخَافُون إِسْمُه فَيُرْشِدَهُمْ وَيَلْهِمَهُمْ فِي كُلَّ أعْمَالِهِمْ لِيُعْلِنْ مَجْدُه وَسَطْ العَالَمْ فَالله هُوَ مَصْدَر كُلَّ مَعْرِفَة وَهُوَ وَاهِبْ المَوَاهِبْ وَهُوَ يَسْتَخْدِم وَيُقَدِّس مَوَاهِبْ البَشَر لِتَعْمَل لِحِسَاب مَجْدُه فَمَا أعْجَبْ تَنَازُل رُوح الله الَّذِي يُظْهِر قُدْرَتَهُ فِي الأشْيَاء المَحْسُوسَة الفَانِيَة حَتَّى تُسْتَعْلَنْ قُدْرَتَهُ فِي كُلَّ شَيْء مُسْتَخْدِماً حُكَمَاء القُلُوب عَزِيزِي القَارِئ إِنَّ الله يُرِيدْ أنْ يَسْتَخْدِم قُدْرَاتَك وَيَقُودٌ مَوَاهِبَك بِنِعْمِة رُوحُه القُدُّوس لِيُقَدِّسَك لِحِسَاب مَجْد مَلَكُوتُه الإِلهِي فَكُنْ أمِيناً فِي تَسْلِيم مَوَاهِبَك وَقُدْرَاتَك لِيَعْمَل بِهُمَا مَا يَشَاء .
تفاصيل الثياب:-
﴿ وَهذِهِ هِيَ الثِّيَابُ الَّتِي يَصْنَعُونَهَا صُدْرَةٌ وَرِدَاءٌ وَجُبَّةٌ وَقَمِيصٌ مُخَرَّمٌ وَعِمَامَةٌ وَمِنْطَقَةٌ ﴾( خر 28 : 4 ) .. وَيُمْكِنْ أنْ نُقَسِّم الثِّيَاب * مِنْ الخَارِج إِلَى الدَّاخِل * إِلَى :-
الرّدَاء ( أُفُودٌ ) وَهُوَ الثُوب الخَارِجِي مِثْلَ قَمِيص قَصِير يَصِل إِلَى مَا قَبْلَ الرُّكْبَتَيْن لَهُ كِتْفَان مَوْصُولاَن وَبِلاَ أكْمَام .
الصَّدْرَةٌ ( صَدْرَة القَضَاء ) وَهيَ أثْمَنْ المَلاَبِس وَأعْجَبَهَا وَهيَ قِطعَة مُرَبَعَة طُولَهَا تَقْرِيباً شِبْر وَعَرْضَهَا شِبْر تُثَبَّتْ فِي كِتْفَيَّ الرِّدَاء بِوَاسِطَة سَلاَسِل مِنْ ذَهَبْ مُرَّصَعَة بِصُفُوف مِنْ الأحْجَار الكَرِيمَة .
الأُورِيم وَالتُّمِّيم وَهُمَا حَجَرَان مِنْ المَاس مَوْضُوعَان عَلَى الصَّدْرَة .
الجُبَّة وَهُوَ ثُوب مَنْسُوج طَوِيل أسْمَانْجُونِي ( أزْرَق سَمَاوِي ) بِلاَ كُمَّيْن يُلْبَس تَحْت الصَّدْرَة مِنْ الرَّقَبَة إِلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَتَنْتَهِي أذْيَالَهُ بِرُّمَانَات مِنْ أسْمَانْجُونِي وَأُرْجُوَان وَقِرْمِز وَجَلاَجِل ذَهَبْ .
العَمَامَة وَصَفِيحِة الذَّهَبْ العَمَامَة مِنْ الكِتَّان النَّقِي تُلَفْ حَوْل الرَّأس وَصَفِيحِة الذَّهَبْ مُثَبَّتَة عَلَى العَمَامَة مَكْتُوب عَلَيْهَا " قُدْس لِلرَّبَّ " .
القَمِيص هُوَ أوِّل شِئ يَرْتَدِيه رَئِيس الكَهَنَة وَهُوَ ثُوب ذُو كُمَّيْن مِنْ الكِتَّان يَصِل إِلَى القَدَمَيْنِ وَيَسْتُر كُلَّ الجِسْم وَالسِرْوَال هُوَ ضَرُورِي لِسَتْر العَوْرَة وَهُوَ يُغَطِّي مِنْ الحَقَوَيْن إِلَى الرُّكْبَتَيْن .
المَنْطِقَة وَهيَ قِطْعَة مِنْ الكِتَّان المُطَرَّز ذَاتَ ألْوَان يُخَالِط نَسِيجَهَا الذَّهَبْ وَيَشْتَد بِهَا الوَسَطْ .
القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية
عن كتاب مَلاَبِس رَئِيس الكَهَنَة

عدد الزيارات 2184

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل