ملابس رئيس الكهنة ج2

13 أكتوبر 2019
Large image

أوَّلاً الرِّدَاء ( الأُفُودٌ ) :
﴿ فَيَصْنَعُونَ الرِّدَاءَ مِنْ ذَهَبٍ وَأَسْمَانْجُونِيٍّ وَأَرْجَوَانٍ وَقِرْمِزٍ وَبُوصٍ مَبْرُومٍ صَنْعَةَ حَائِكٍ حَاذِقٍ . يَكُونُ لَهُ كَتِفَانِ مَوْصُولاَنِ فِي طَرَفَيْهِ لِيَتَّصِلَ . وَزُنَّارُ شَدِّهِ الَّذِي عَلَيْهِ يَكُونُ مِنْهُ كَصَنْعَتِهِ مِنْ ذَهَبٍ وَأَسْمَانْجُونِيٍّ وَقِرْمِزٍ وَبُوصٍ مَبْرُومٍ . وَتَأْخُذُ حَجَرَيْ جَزْعٍ وَتُنْقِّشُ عَلَيْهِمَا أَسْمَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ . سِتَّةً مِنْ أَسْمَائِهِمْ عَلَى الْحَجَرِ الْوَاحِدِ وَأَسْمَاءَ السِّتَّةِ الْبَاقِينَ عَلَى الْحَجَرِ الثَّانِي حَسَبَ مَوَالِيدِهِمْ . صَنْعَةَ نَقَّاشِ الْحِجَارَةِ نَقْشَ الْخَاتِمِ تُنْقِّشُ الْحَجَرَيْنِ عَلَى حَسَبِ أَسْمَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ . مُحَاطَيْنِ بِطَوْقَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ تَصْنَعُهُمَا . وَتَضَعُ الْحَجَرَيْنِ عَلَى كَتِفَيِ الرِّدَاءِ حَجَرَيْ تَذْكَارٍ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ . فَيَحْمِلُ هارُون أَسْمَاءَهُمْ أَمَامَ الرَّبِّ عَلَى كَتِفَيْهِ لِلتِّذْكَارِ . وَتَصْنَعُ طَوْقَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ . وَسِلْسِلَتَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ نَقِيٍّ . مَجْدُولَتَيْنِ تَصْنَعُهُمَا صَنْعَةَ الضَّفْرِ . وَتَجْعَلُ سِلْسِلَتَيِ الضَّفَائِرِ فِي الطَّوْقَيْنِ ﴾ ( خر 28 : 6 – 14 ) .. الرِّدَاء هُوَ الثُّوب الخَارِجِي الَّذِي كَانَ رَئِيسُ الْكَهَنَة يَلْبِسَهُ .
مَعْنَى أُفُودٌ :-
كَلِمَة " أُفُودٌ " هِيَ كَلِمَة عِبْرِيَّة مَعْنَاهَا " يَلْبِس أوْ يَرْتَدِي " وَغَالِباً مَا تُشِير إِلَى ثَوْب خَاص بِالْكَهَنَة عِنْدَ تَقْدِيم الذَّبَائِح كَمَا رَأيْنَا صَمُوئِيل النَّبِي وَهُوَ صَبِي ﴿ وَكَانَ صَمُوئِيلُ يَخْدِمُ أَمَامَ الرَّبِّ وَهُوَ صَبِيٌّ مُتَمَنْطِقٌ بِأَفُودٍ مِنْ كَتَّانٍ ﴾ ( 1صم 2 : 18) وَأيْضاً حِينَ أمَرَ شَاوِل المَلِك بِقَتْل الْكَهَنَة ﴿ وَقَتَلَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ خَمْسَةً وَثَمَانِينَ رَجُلاً لاَبِسِيِ أَفُودِ كَتَّانٍ ﴾ ( 1صم 22 : 18) وَأيْضاً تَخُصٌ ثِيَاب رَئِيسُ الْكَهَنَة وَبِخَاصَّة الرِّدَاء الخَارِجِي وَهُوَ يَتَكَوَنْ مِنْ قِطْعَتَيْنِ أمَامِيَّة وَخَلْفِيَّة تُوْصَلاَنِ مَعاً مِنْ كِلاَ الْكَتِفَيْنِ كَمَا كَانَ يُشَدٌ مِنْ الوَسَطْ بِزِّنَّار مَفْتُوحاً مِنْ الجَانِبَيْن وَكَانَ قَصِيراً أقْصَر مِنْ الجِبَّة كَانَ الرِّدَاء يُصْنَعْ مِنْ المَوَادٌ الفَاخِرَة وَهيَ نَفْسَهَا الَّتِي يُصْنَعُ مِنْهَا شُقَقٌ المَسْكَنْ وَالحِجَاب وَالسَّجْف الَّذِي كَانَ عَلَى كُلٍّ مِنْ مَدْخَل الخَيْمَة وَمَدْخَل الدَّار الخَارِجِيَّة وَلكِنْ كَانَ يُمَيَزْ عَنْهَا أنْ يَتَخَلَّلَهُ خُيُوطْ الذَّهَبْ كَمَا وُرِدَ فِي ( خر 39 : 3 ) .
ألْوَان الرِّدَاء :-
وَفِي الألْوَان المُتَعَدِّدَة الَّتِي يُمَوَج بِهَا رِدَاء رَئِيسُ الْكَهَنَة تُقَدِّم صُورَة حَيَّة لِسِمَات السَيِّدْ الْمَسِيح نَفْسُه { أي النَّقَاوَة ( الكِّتَّان البُوص المَبْرُوم ) ؛ وَالحَيَاة السَّمَاوِيَّة( الأسْمَانْجُونِي وَالذَّهَبْ ) ؛ وَالفِكْر المُلُوكِي ( الأُرْجُوَان ) ؛ وَالتَّقْدِيس بِدَمِهِ الكَرِيمْ ( القِرْمِز ) } وَالأمر المُفْرِح أنَّنَا نَجِدٌ أنَّ الرِّدَاء كَمَا الزِّنَّار مَصْنُوعَان مِنْ نَفْس مَوَادٌ الخَيْمَة وَكَأنَّ العَمَل الكَهَنُوتِي مُرْتَبِطْ بِالكَنِيسَة يُقَدِّم صُورَة حَيَّة لِسِمَات عَرِيس الكَنِيسَة الحَقِيقِي رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح نَفْسُه .
صِفَات الْمَسِيح تَنْتَقِل إِلَى الكَنِيسَة وَمِنْهَا إِلَى الْكَهَنَة وَمِنْهُمْ إِلَى المُؤمِنِينْ :-
وَمِنْ هُنَا نَجِدٌ أنَّ الْمَسِيح أعْطَى صِفَاتُه لِكَنِيسَتَهُ وَالكَنِيسَة تُعْطِي صِفَات الْمَسِيح لِكَهَنَتِهَاوَالْكَهَنَة يَطْبَعُون صُورِة الْمَسِيح فِي المُؤمِنِين ( وَذَلِك عَنْ طَرِيقٌ المَعْمُودِيَّة الَّتِي تُسَمَّى صِبْغَة )وَبِذَلِك يَمْتَدٌ عَمَل المَلَكُوت عَلَى الأرْض وَهكَذَا كَانَتْ بِدَايِة الكَنِيسَة يَذْهَبْ رَسُولٌ إِلَى بَلَدٌلاَ تُوْجَدٌ بِهَا كَنِيسَة وَلكِنَّهُ كَانَ يَحْمِل الكَنِيسَة فِي دَاخِلِهِ وَيُظْهِر الْمَسِيح لِكُلٍّ مَنْ حَوْلَهُ فَيَتَسَاءَلُون مَاذَا نَفْعَل ؟ فَيُرْشِدُونَهُمْ إِلَى المَعْمُودِيَّة فَيَصْطَبِغُونَ بِالصِّبْغَة المُقَدَّسَة فَيَكْرِزُون فَتَصِير الكَنِيسَة أتَى مَارِمَرْقُس إِلَى الأسْكَنْدَرِيَّة قَبْل أنْ تُوْجَدٌ بِهَا كَنِيسَة وَلكِنَّهُ كَانَ يَحْمِل الكَنِيسَة وَعَرِيسْهَا فِي قَلْبِهِ فَيُظْهِر الكِتَّان وَالأسْمَانْجُونِي وَالذَّهَبْ وَالأُرْجُوَان وَالقِرْمِز فَيَجْذِب إِلَيْهِ كَثِيرُون فَتَصِير كَنِيسَة وَأنْتَ حِينَ تَحْمِل الْمَسِيح وَالكَنِيسَة فِي دَاخِلَك تَصِير أنْتَ نَفْسَك كَنِيسَة
فَالكَنِيسَة لَيْسَتْ قِبَاب مَنَارَات وَحِجَارَة وَلكِنَّهَا جَمَاعِة مُؤمِنِينْ أمَنُوا وَأحَبُّوا وَشَهَدُوا لِلْمَسِيح فَصَارُوا حِجَارَة كَرِيمَة حَيَّة بُنِيَتْ بِهَا أجْمَل كَنِيسَة .
الذَّهَبْ :-
﴿ فَيَصْنَعُونَ الرِّدَاءَ مِنْ ذَهَبٍ وَأَسْمَانْجُونِيٍّ وَأَرْجَوَانٍ وَقِرْمِزٍ وَبُوصٍ مَبْرُومٍ صَنْعَةَ حَائِكٍ حَاذِقٍ ﴾( خر 28 : 6 ) يُذْكَر الذَّهَبْ أوَّلاً وَهُوَ يُشِير إِلَى مَا هُوَ إِلَهِي فَقُوِّة الذَّهَبْ وَمَجْدُه وَلَمَعَانُه كَانَتْ تَتَخَلَّل نَسِيج الرِّدَاء كُلُّه فَتُكْسِبَهُ مَتَانَة وَبَهَاء وَكُلَّمَا رَأيْنَا تَوَهُّج خُيُوطْ الذَّهَبْ فِي مَلاَبِس رَئِيسُ الْكَهَنَة إِمْتَلأَت قُلُوبَنَا بِالبَهْجَة لأِنَّ الْمَسِيح إِنَّمَا يَأخُذْ مَرْكَزَهُ كَرَئِيس الْكَهَنَة العَظِيمْ بِالبِرَّ الإِلَهِي وَلَمَّا كَانَ الذَّهَبْ رَمْزاً لِلبِرَّ الإِلَهِي فَنَجِدٌ فِيهِ دَلاَلَة عَلَى أنَّهُ الأسَاس الَّذِي عَلَيْهِ يُمَارِس الْمَسِيح عَمَلَهُ الكَهَنُوتِي وَشَفَاعَتِهِ أمَام الله﴿ يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ ﴾ ( 1يو 2 : 1)وَفِي بِرِّهِ قَبُول لِشَفَاعَتِهِ وَخِدْمَتِهِ .
إِتِحَادٌ الذَّهَبْ بِالرِّدَاء وَاتِحَادٌ اللاَهُوت بِالنَّاسُوت :-
وَأيْضاً إِتِحَادٌ الذَّهَبْ بِأجْزَاء الرِّدَاء كَنَسِيج وَاحِدٌ مُتَلاَحِمْ وَمُتَرَابِطْ إِشَارَة إِلَى بَشَرِيِّة الْمَسِيح الكَامِلَة المُلْتَحِفَة وَالمُتَّحِدَة إِتِحَاداً كَامِلاً بِمَجْدٌ لاَهُوتُه الَّذِي لاَ يُعَبَّر عَنْهُ وَهكَذَا نَجِدٌ فِي ألْوَان الرِّدَاء الأسْمَانْجُونِي وَالأُرْجُوَان وَالقِرْمِز وَالكِتَّان إِشَارَة إِلَى الأوْجُه المُتَكَامِلَة لِنَاسُوْت الْمَسِيح أمَّا الذَّهَبْ فَيُشِير إِلَى طَبِيعَتِهِ الإِلَهِيَّة وَقَدْ كَانَتْ خُيُوطْ الذَّهَبْ تَتَخَلَّل بَقِيِّة المَوَادٌ وَتَتَحِدٌ مَعَهَا إِتِحَاداً كَامِلاً مَعَ بَقَائِهَا مُتَمَيِّزَة عَنْهَا تَمَاماً وَهذَا مَا رَأيْنَاهُ فِي شَخْص يَسُوع الْمَسِيح حِينَ حَلَّ بَيْنَنَا عَلَى الأرْض وَجَدْنَاهُ إِنْسَاناً كَامِلاً وَإِلَهاً كَامِلاً مَعَ بَقَاء كُلٍّ مِنْهُمَا مُتَمَيِّزاً تَمَاماً .
السَيِّد الْمَسِيح إِلهاً كَامِلاَ وَإِنْسَاناً كَامِلاً :-
تَأمَّل السَيِّدْ الْمَسِيح فِي بَحْر الجَلِيل وَهُوَ فِي السَّفِينَة نَائِماً عَلَى وِسَادَة وَسَطْ إِضْطِرَابٌ الأمْوَاج الهَائِجَة ( مت 8 : 24 ) وَفِي هذَا تَظْهَر طَبِيعَتَهُ الإِنْسَانِيَّة الكَامِلَة ثُمَّ أُنْظُر إِلَيْهِ بَعْد لَحَظَات وَهُوَ يَنْتَهِر الرِّيَاح وَالبَحْر كَصَاحِبْ السُّلْطَان المُطْلَقٌ عَلَى الخَلِيقَة وَفِي هذَا إِعْلاَناً عَنْ لاَهُوتُه بِكُلَّ وُضُوحٌ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَل مَجْهُوداً وَلاَ إِسْتِعْدَاداً خَاصَّاً لِهذِهِ المُنَاسَبَة وَلكِنَّهُ بِكُلَّ سُهُولَة يَقُوم مِنْ نُعَاس النَّاسُوت إِلَى عَمَل اللاَّهُوت إِنَّهُ الذَّهَبْ المُوَشِّي بِالرِّدَاء وَفِي مَوْقِفْ آخَر حِينَ طَلَبُوا مِنْهُ دِرْهَمَيْن كَضَريبَة ( مت 17 : 24 ) يُعْلِنْ
عَنْ نَاسُوتُه الكَامِل إِذْ يَضُمْ نَفْسُه إِلَى تِلْمِيذُه بُطْرُس وَيَأمُرَهُ أنْ يُلْقِي بِالصِّنَّارَة وَالسَّمَكَة الَّتِي تَطْلَعْ أوَّلاً خُذْهَا وَمَتَى فَتَحْتَ فَاهَا تَجِدْ إِسْتَاراً فَخُذْهُ وَأَعْطِهِمْ عَنِّي وَعَنْكَ ( مت 17 : 27 ) هُنَا يُظْهِر لاَهُوتُه مَالِك السَّموَات وَالأرْض الَّذِي يَضَعْ نَفْسُه عَلَى كُنُوْز البَحْر قَائِلاً هِيَ لِي لأِنَّهُ ﴿ الَّذِي لَهُ الْبَحْرُ وَهُوَ صَنَعَهُ ﴾ ( مز 95 : 5 )وَهُنَا تَظْهَر طَبِيعِة النَّاسُوْت وَقُدْرِة اللاَّهُوْت أيْضاً حِينَ كَانَ وَاقِفاً عِنْدَ قَبْر لِعَازَر ( يو 11 ) حَيْثُ إِنْزَعَجَ وَاضْطَرَبْ وَبَكَى إِنَّهَا مَشَاعِر تَصْعَدٌ مِنْ أعْمَاق الطَّبِيعَة النَّاسُوتِيَّة الكَامِلَة وَمِنْ القَلْب الإِنْسَانِي الَّذِي كَانَ رَقِيقاً بِمَا لَمْ تَصِل إِلَيْهِ رِقِّة أي قَلْب آخَرلَقَدْ شَعَرْ بِإِزْعَاج المَوْت الَّذِي هُوَ مِنْ نَتَائِج الخَطِيَّة وَتَفَاعَل مَعَهُ بِمَشَاعِر عَمِيقَة وَلكِنَّهُ صَاحِبْ مَفَاتِيح الهَاوِيَة وَالمَوْت نَادَى بِسُلْطَان ﴿ لِعَازَرُ هَلُمَّ خَارِجاً ﴾ ( يو 11 : 43 ) فَاسْتَجَابَ المَوْت وَالقَبْر لِصَوْتِهِ ذِي السُّلْطَان وَفَتَحَا أبْوَابَهُمَا القَوِيَّة وَأطْلَقَا أسِيرَهُمَا فِي الحَال وَمَا أشْهَى لِنِفُوسْنَا أنْ نَتَأمَّل فِي إِلَهْنَا مُحِبْ البَشَر الصَّالِحٌ وَهُوَ الله الظَّاهِر فِي الجَسَدٌ ( 1تي 3 : 16) وَالذِّهْن المُنْقَادٌ بِرُوح الله يَكْتَشِفْ مَهَارِة الرُّوح فِي إِعْلاَن هَاتَيْن الصِّفَتَيْن مَعاً﴿ صَنْعَةَ الْمُوَشِّي ﴾ ( خر 39 : 3 ) فَلاَ يَسِعَك إِلاَّ أنْ تَخُر وَتَسْجُد وَتَنْطِقٌ { بِالْحَقِيقَةِ أَنْتَ ابْنُ اللهِ } ( مت 14 : 33 ) .
زِنَّار الرِّدَاء :-
﴿ وَزُنَّارُ شَدِّهِ الَّذِي عَلَيْهِ يَكُونُ مِنْهُ كَصَنْعَتِهِ مِنْ ذَهَبٍ وَأَسْمَانْجُونِيٍّ وَقِرْمِزٍ وَبُوصٍ مَبْرُومٍ ﴾( خر 28 : 8 ) هذَا الزِّنَّار كَانَ مَصْنُوعاً مِنْ ذَات مَوَادٌ الرِّدَاء وَكَصَنْعَتِهِ وَقَدْ كَانَ الزِّنَّار عَادَةً بِعَرْض رَاحِة اليَدْ وَكَانَ يُلَفْ مَرَّتَيْن حَوْلَ الجُزْء الأعْلَى مِنْ الوَسَطْ وَيُدَلَّى طَرَفُه مِنْ الأمَام يَجْعَل الرِّدَاء يَظَل مَشْدُوداً عَلَى جَسَدٌ رَئِيسُ الْكَهَنَة بِاسْتِمْرَار وَلَهُ ذَات صِفَات الرِّدَاء إِنَّهَا خَوَاص الْمَسِيح الَّتِي تُلاَزِمَهُ دَائِماً .
الزِّنَّار كَمَنْطِقَة لِلرِّدَاء :-
وَكَانَ بِمَثَابِة مَنْطِقَة لِلرِّدَاء وَالمَنْطِقَة فِي الكِتَاب المُقَدَّس تُشِير دَائِماً إِلَى الإِسْتِعْدَادٌ وَالخِدْمَة بِحَسَبْ قَوْل
السَيِّدْ الْمَسِيح ﴿ إِنَّهُ يَتَمَنْطَقُ وَيُتْكِئُهُمْ وَيَتَقَدَّمُ وَيَخْدُمُهُمْ ﴾ ( لو 12 : 37 ) .
الزِّنَّار وَخِدْمِة السَيِّد الْمَسِيح :-
فَزِّنَّار الرِّدَاء إِذاً يُشِير إِلَى خِدْمِة السَيِّدْ الْمَسِيح كَرَئِيس كَهَنَة تِلْكَ الخِدْمَة الَّتِي يَقُوم بِهَا لأِجْلِنَا أمَام الله
كُلَّ حِينْ فَهُوَ الْكَاهِن الأمِينْ الكَامِل الَّذِي فِي أيَّام جَسَدِهِ أكْمَل الطَّاعَة لِمَشِيئِة الآب وَالآنْ وَهُوَ فِي مَجْدِهِ لاَزَالَ يَخْدِم إِذْ يَشْفَعْ فِينَا كُلَّ حِينْ وَبِذَلِك يُؤَدِّي لَنَا خَدَمَات الشَّفَاعَة وَالرَّحْمَة المُسْتَمِرَّة مُسْتَخْدِماً وُكَلاَؤُه الَّذِينَ إِخْتَارَهُمْ كَهَنَةً لَهُ مَا أعْظَمْ التَّعْزِيَة الَّتِي لَنَا حِينَ نَرْفَعْ عُيُونَنَا وَنَرَى الْمَسِيح بِعِينْ الإِيمَان الآنْ وَهُوَ يُمَارِس عَمَلُه الْكَهَنُوتِي مِنْ خِلاَل كَهَنِة العَهْد الجَدِيد وَالزِّنَّار يَشِدٌ رِدَاءَهُ الْكَهَنُوتِي لأِنَّنَا بِذلِك نَتَأكَّدْ مِنْ ضَمَان خَلاَصِنَا كُلَّ الطَّرِيقٌ إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلَّ حِينٍ يَشْفَعُ فِينَا ( عب 7 : 25 ) وَأخْبَرْنَا يُوحَنَّا فِي رُؤيَاه أنَّهُ قَائِمْ فِي السَّمَاء مُتَسَرْبِلاً بِثَوْبٍ إِلَى الرِّجْلَيْنِ وَمُتَمَنْطِقاً عِنْدَ ثَدْيَيْهِ بِمَنْطِقَةٍ مِنْ ذَهَبٍ ( رؤ 1 : 13) .
زِنَّار المُعَمَّدٌ :
وَأرَادَتْ الكَنِيسَة أنْ تَجْعَل أوْلاَدْهَا مُتَمَثِّلِينْ بِسَيِّدَهُمْ فَتَضَعْ عَلَى الشَّخْص المُعَمَّدٌ زِنَّاراً لِتُذَكِّرُه بِأنَّهُ صَارَ مُكَرَّساً لِلرَّبَّ وَمُمَيَّزاً وَسَطْ العَالَمْ وَعَلَيْهِ أنْ يَحْيَا مُتَمَنْطِقاً سَاهِراً مُسْتَعِداً حَتَّى يَرِث المُلْك المُعَدٌ مِنْ أجْلُه .
رَئِيسُ كَهَنَة لاَ يَكِل :-
لَقَدْ تَذَمَّر مُوسَى لأِنَّ قِيَادِة الشَّعْب فِي مَرَاحِل البَرِّيَّة كَانَتْ حِمْلاً ثَقِيلاً عَلَيْهِ أثْقَلْ مِمَّا يَحْتَمِل أمَّا الرَّبَّ يَسُوع كَرَئِيس الكَهَنَة العَظِيمْ فَلَنْ يَكِلْ أوْ يَعْيَا بِالرَّغْم مِنْ كُلَّ ضَعَفَات شَعْبُه وَسَقَطَاتِهِمْ لأِنَّ مَحَبَّتِهِ لاَ تَنْتَهِي وَمَرَاحِمَهُ لاَ تَزُول فَهُوَ يَنْتَظِرْنَا فِي مَلَكُوتُه مُنْذُ الأزَل وَلاَ يَسْتَرِيحٌ إِلاَّ بِوُصُولِنَا كَامِلِينْ إِلَى رَاحَتِهِ لَيْتَكَ تَتَأمَّل كَثِيراً فِي هذَا الزِّنَّار الَّذِي يَجْعَلَك تَثِقٌ أنَّهُ يَقْبَل تَوْبَتَك وَاعْتِرَافَك فَلاَ تَتَرَدَّد أنْ تَتَحِدٌ بِجَسَدِهِ وَدَمِهِ لِتَأخُذ خَلاَصاً وَغُفْرَاناً مِنْ يَنْبُوع الخَلاَص وَالغُفْرَان .
حَجَر الْجَزْع :-
تُذْكَر حِجَارِة الْجَزْع بِالذَّات ضِمْنَ التَّقْدُمَات الَّتِي كَانَ مَطْلُوباً إِحْضَارِهَا لإِتْمَام عَمَل الخَيْمَة ﴿ وَحِجَارَةُ جَزْعٍ وَحِجَارَةُ تَرْصِيعٍ لِلرِّدَاءَ وَالصُّدْرَةِ ﴾ ( خر 25 : 7 ) كَانَ يُنْقَش عَلَى الحَجَرَيْن أسْمَاء بَنِي إِسْرَائِيل سِتَّة عَلَى الحَجَر الوَاحِدٌ وَسِتَّة عَلَى الحَجَر الثَّانِي حَسَبْ مَوَالِيدَهُمْ وَيُوضَعَانْ عَلَى كَتِفَي الرِّدَاء مُحَاطَيْن بِطَوْقَيْن مِنْ ذَهَبْ وَفِي كُلَّ طَوْق سِلْسِلَة مِنْ ذَهَبْ نَقِي مَجْدُولَة صَنْعَة الضَّفْر وَارْتِبَاطْ هذَا الوَصْف بِمُمَارَسَة الخِدْمَة الْكَهَنُوتِيَّة ظَاهِر مِنْ القَوْل ﴿ فَيَحْمِلُ هارُون أَسْمَاءَهُمْ أَمَامَ الرَّبِّ عَلَى كَتِفَيْهِ لِلتِّذْكَارِ ﴾ ( خر 28 : 12) وَحَجَر الجَزْع هُوَ نُوْع مِنْ الحِجَارَة الثَّمِينَة الَّتِي تَشِعْ بِضِيَاء شَدِيدٌ مِثْلَ لَهِيب النَّار تَظْهَرُ فِيهِ عِدِّة ألْوَان جَمِيلَةٌ فِي خُطُوطٌ مُتَوَازِيَة وَيُعْرَفُ أيْضاً بِحَجَر المُهَا .
حَجَر الجَزْع وَالفِرْدُوس :-
وَمِنْ الجَدِير بِالذِّكْر أنَّ حِجَارَة الجَزْع كَانْت الحِجَارَة الكَرِيمَة الَّتِي ذُكِرَت فِي الفِرْدُوس لأِوَل مَرَّة فِي سِفْر التَّكْوِين ﴿ وَذَهَبُ تِلْكَ الأَرْض جَيِّدٌ هُنَاكَ الْمُقْلُ وَحَجَرُ الْجَزْعِ ﴾ ( تك 2 : 12)فَهُوَ يُذَكِّرْنَا بِالجَمَال الَّذِي فَقَدْنَاه فِي الفِرْدُوس " الذَّهَبْ وَحِجَارِة الجَزْع " .. حِجَارِة الجَزْع هِيَ الآنْ عَلَى كَتِفَي رَئِيس الْكَهَنَة وَفِي هذَا وَعْدٌ بِأنَّ الْمَسِيح سَيُعِيدَنَا كَحِجَارَة كَرِيمَة عَلَى كَتِفَيْهِ وَعَلَى صَدْرِهِ مُحَاطِينْ بِالذَّهَبْ حَقّاً إِنَّهُ يُذَكِّرْنَا بِأنَّهُ سَيَرُدٌ لَنَا كُلَّ مَجْدٌ الفِرْدُوس الأوَّل بَلْ وَأزْيَدٌ مِنْهُ إِذْ كَانَ الذَّهَبْ وَحِجَارِة الجَزْع مَوْجُودَةٌ فِي الطَّبِيعَة فِي الفِرْدُوس الأوَّل أمَّا فِي بَرَكِة العَهْد الجَدِيد فَمَحْمُولَة عَلَى كَتِفَيْ رَئِيس كَهَنَتْنَا الأعْظَمْ .
عَلَى الكِتْف فِي طُوق مِنْ ذَهَبْ :-
وَحَجَرَا الجَزْع بِصِفَتِهِمَا مِنْ الأحْجَار الكَرِيمَة يُشِيرَانْ إِلَى كَمَالاَت الْمَسِيح وَطُوْق الذَّهَبْ وَسِلْسِلَتُه يُشِيرَانْ إِلَى البِرَّ الإِلَهِي وَالكَتِفْ تُشِير إِلَى القُوَّة بِحَسَبْ وَعْدٌ أشْعِيَاء النَّبِي﴿ وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ ﴾ ( أش 9 : 6 ) لِذلِك نَجِدٌ فِي مَثَل الخَرُوف الضَّال مَتَى وَجَدَهُ يَحْمِلَهُ عَلَى مَنْكَبَيْهِ ( كَتِفَيْهِ ) فَرِحاً ( لو 15 : 5 ) .وَهُنَا نَرَى أسْمَاء شَعْب الله مَحْمُولَة عَلَى كَتِفَي رَئِيس الْكَهَنَة وَهيَ مُحَاطَةٌ وَمُثَبَّتَة بِالبِرِّ الإِلَهِي إِذْ أنَّ طَوْقَيّ الذَّهَبْ يَصِيرَان كَبَيْتَيْن لِلحَجَرَيْن وَهُنَا نَجِدٌ صُورَة لِشَخْص رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح رَئِيس كَهَنَتْنَا الأعْظَمْ وَهُوَ حَامِلاً شَعْبُه أمَام حَضْرِة الله بِقُوَّتِهِ غَيْر المَحْدُودَة وَهُمْ عَلَى كَتِفَيْهِ مَوْضُوعُونْ بِالحَقَّ وَثَابِتُون عَلَى أسَاس بِر الله الَّذِي أعْطَاهُ لَنَا وَفِيهِ إِكْتَسَبْنَا كُلَّ جَمَالُه وَبَهَاؤه نَعَمْ إِنَّهُ يُرِيدْ أنْ يُحِيطَنَا بِمَجْدُه وَيُذَكِّرْنَا أنَّ عَظَمِة القِيمَة الَّتِي نَنَالْهَا فِي نَظَر الله بِسَبَبْ إِتِحَادْنَا بِالْمَسِيح فَكَمْ نَشْكُرُه عَلَى نِعْمَتِهِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا مُقِيمُون ( رو 5 : 2 ) .
كَاهِن العَهْد الجَدِيد :-

الْكَاهِن يَحْمِل أثْقَال الشَّعْب :
وَالكَاهِن مَهْمَا كَانَتْ شَخْصِيَتِهِ وَمَهْمَا بَلَغَتْ قُدْرَاتُه لاَ يَقْدِر أنْ يَحْمِل أثْقَال شَعْبِهِ عَلَى كَتِفَيْهِ لِهذَا إِذْ يَضَعْ أسْمَاءَهُمْ عَلَى كَتِفَيْهِ فِي كُلَّ الصَّلَوَات الطَّقْسِيَّة الَّتِي يَقِفْ فِيهَا أمَام الله فَيُلْقِي بِهذَا الثِّقَل عَلَى كَتِفَي الْمَسِيح شَخْصِيّاً وَلِذلِك نَجِدٌ الْكَاهِن يُصَلِّي طِلْبَات عَنْ كُلَّ فِئَات الشَّعْب وَيَصْرُخٌ مِنْ أجْل خَطَايَاه وَجَهَالاَت شَعْبُه وَيُلْقِي بِأثْقَال نَفْسُه وَأثْقَال شَعْبُه عَلَى السَيِّدْ الَّذِي وَحْدَهُ يَقْدِرٌ أنْ يَحْتَمِل وَيُعِين فَتَجِدُه يُرَدِّدٌ شَعْبُك شَعْبُك شَعْبُك وَبَيْعَتُكَ يَصْرُخُونَ إِلَيْكَ إِلَيْكَ وَبِكَ إِلَى الآب مَعَكَ قَائِلِينْ إِرْحَمْنَا وَلاَ تَجِدٌ فِئَة تُنْسَى فِي طِلْبَات الكَنِيسَة الَّتِي تَعْتَبِر نَفْسَهَا أنَّهَا مَسْئُولَة عَنْ الكُلَّ بَلْ وَحَتَّى عَنْ بَاقِي الخَلِيقَة كُلَّهَا مَحْمُولَة عَلَى أكْتَافِهَا وَهُنَا نَتَذَكَّر قَوْل القِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِي الفَمْ ﴿ الكَاهِن بِمَا أنَّهُ نَائِبْ الله فَهُوَ مُلْتَزِمٌ أنْ يَهْتَمْ بِسَائِر البَشَر لأِنَّهُ صَارَ أباً لِلعَالَمْ كُلُّه ﴾ لِذلِك نَجِدٌ أنَّ صَدْرِة رَئِيس الْكَهَنَة فِي العَهْد الجَدِيد يُرْسَمْ عَلَيْهَا الإِثْنَى عَشَرَ تِلْمِيذاً فِي صَفَّيْن عَمُودَيْن حَتَّى يَتَشَبَّه بِالأبَاء الرُّسُلٌ وَالتَّلاَمِيذٌ مُتَذَكِراً ضَرُورِة ذِكْر شَعْبُه بِدِمُوع حَامِلاً إِيَّاهُمْ فِي أحْشَائِهِ مُقَدِماً مِنْ خِلاَلَهُمْ كَنِيسَة العَهْد الجَدِيد بِأجْمَعْهَا وَأيْضاً تُونْيِة الْكَاهِن فِيهَا صَلِيبَان مِنْ الأمَام وَالخَلْف وَوُجُودٌ الصَّلِيب مِنْ الأمَام لِكَيْ يُذَكِّر الْكَاهِن بِضَرُورِة حَمْل الصَّلِيب وَالأمَانَة فِي جِهَادُه الرُّوحِي وَالصَّلِيب الخَلْفِي لِكَيْ يُذَكِّرُه بِالبُكَاء عَلَى خَطَايَا شَعْبُه الَّتِي يَحْمِلْهَا عَلَى ظَهْرُه بِصِفَتُه مُمَثَّل عَنْ الشَّعْب أمَام الله .
لَنَا رَئِيس كَهَنَة يَحْمِل الكُلَّ :-
وَحِينَ كَانَ هَارُون يَظْهَر أمَام الله كَانَ يَحْمِل كُلَّ الشَّعْب مَعَهُ فَكَانَ يَظْهَر أمَام الله كَنَائِبْ عَنْهُمْ كَأنَّهُ يَحْمِل أثْقَال الشَّعْب بِأسْرِهِ عَلَى كَتِفَيْهِ وَيَقُوْم بِخِدْمَتِهُمْ بِسُرُور وَرِضَى فَكَانَ هذَا يَحْمِل رَمْزاً لِشَخْص يَسُوع الْمَسِيح المُبَارَك لأِنَّ هَارُون فِي ذَاتِهِ لَمْ يَكُنْ يَقْوَى عَلَى حِمْل كُلَّ هذِهِ الأثْقَال وَلكِنْ يُوْجَدٌ كَاهِن أعْظَمْ لَهُ وَحْدَهُ القُوِّة الإِلَهِيَّة الكَافِيَة لِحِمْل الكُلَّ وَلَنَا أنْ نَبْتَهِجٌ أنَّ الَّذِي يَحْمِل كُلَّ الأشْيَاء بِكَلِمَة قُدْرَتِهِ ( عب 1 : 3 ) قَدْ أخَذَ عَلَى عَاتِقِهِ مَسْئُولِيِة العِنَايَة بِكُلَّ أحَدٌ – وَبِالأخَص الضُّعَفَاء – فَهُوَ يَحْمِل الكُلَّ بِقُوَّة فَائِقَة وَرِعَايَة كَامِلَة .
ليْتَنَا فِي دِرَاسَتْنَا هذِهِ أنْ نُحَوِّل أنْظَارِنَا عَنْ هَارُون إِلَى المَرْمُوز إِلِيه الَّذِي لَنَا فِيهِ ضَمَاناً لِقُدُومِنَا إِلَى الله مَحْمُولِينْ عَلَى كَتِفِهِ مَقْبُولِينْ فِي دَالِّة إِسْمِهِ مَسْنُودِينْ عَلَى قُوَّتِهِ بِحَسَبْ وَعْدِهِ ﴿ إِلَى الشَّيْخُوخَةِ أَنَا هُوَ وَإِلَى الشَّيْبَةِ أَنَا أَحْمِلُ قَدْ فَعَلْتُ وَأَنَا أَرْفَعُ وَأَنَا أَحْمِلُ وَأُنَجِّي ﴾ ( أش 46 : 4 ) .
القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية
عن كتاب مَلاَبِس رَئِيس الكَهَنَة

عدد الزيارات 1644

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل