المقالات

27 فبراير 2020

التناقض المزعوم بين الأسفار وبين سِفْرُ صَمُوئِيلَ الأَوَّلُ

1- وبين اصحاح 8 : 2، 1 اى 6 : 28ففى الاول ان اسم ابن صموئيل البكر يوئيل وفى الثانى وشنى. فنجيب ان وشنى كلمه عبرانيه تعنى (والثانى) وظن البعض ان الجمله فى 1 اى ناقصه بحذف كلمه سهوا وهى يوئيل وان المراد بوشنى (والثانى) غير انه جائز ان يكون وشنى اسم ثانى ليوئيل لانه كثيرا ما يوجد فى جداول الانساب اكثرمن اسم لشخص واحد. 2- وبين اصحاح 16 : 5، مز 119 : 104 ففى الاول امر الله صموئيل ان يقول بينما كان ذاهبا لمسح داود ملكا انى جئت لاذبح للرب وفى الثانى يقول الرب (ابغضت) كل طريق كذب فنجيب ان الكذب هو اقتناع السامع بغيرما ينوى المتكلم. واذا فحصنا قصه صموئيل نجد انه اخبر بالذى ينويه وهو تقديم الذبيحه. اما اذا قيل ها كان ذلك كل ما نوى ؟ فهذا السؤال لم يقدم لصموئيل ولو سئل عن تبيان كل اغراضه المقصوده من حضوره وقتئذاك ولم يخبر الا عن امر الذبيحه لكان للتهمه محل. اما وقد اجاب عن بعض ما نوى فى حال لم يسال فيه عن الكل فهو صادق.ولا مجال لتشبيه هذه الحادثه بحادثه كذب ابراهيم الوارده فى (تك 12 : 13) حيث قال عن ساره انها اخته، فابراهيم وان كانت ساره اخته من ابيه الا ان السؤال المقدم له كان عما اذا كانت زوجته ام لا، وبالاجابه انها اخته افهم سامعيه انها ليست زوجته وبناء على ذلك اخذت لبيت فرعون الذى لما وقف على جليه الامر وبخ ابراهيم وصرفه. 3- بين اصحاح 18 : 19، 2 صم 21 : 8 ففى الاول ان ميرب ابنه شاول اعطيت زوجه لعدريئيل المحولى، وفى الثانى ان ميكال اخت ميرب هى زوجته. فنجيب : فى الترجمات القديمه ميرب فى موضع ميكال. قال بعضهم (والظاهر ان وضع ميكال فى العبرانيه بدلا من ميرب ضرب من المجاز المرسل) قرينته اشتهار قصه ميرب مع داود والغرض من الاختصار، فيكون مراد كاتب سفر صموئيل الثانى بقوله واخذ الملك ميكال انه اخذ بنو ميرب التى كان من الواجب ان تكون موضع ميكال امراه داود لان شاول وعد داود بميرب لكنه فى وقت اعطائه اياها زفتالىعدريئيل المحولى (1 صم 18 : 17). واشتهار هذه القصه بين كل الشعب قرينه ذلك المجاز. والمترجمون القدماء ترجموا اليها من مثله. 4- بين اصحاح 21 : 1، مر 2 : 62 ففى الاول ان داود جاءالىاخيمالك رئيس الكهنه وفى الثانى وفى الثانى انه جاءالىابياثار. فنجيب ان ابياثار كان ابن اخيمالك (1 صم 23 : 6) وكان مشاركا اياه فى خدمته وصار بعده رئيسا للكهنه. ثم ان ابيثار كان رئيس للكهنه طول مده ملك داود. ولعل داود تقابل مع ابياثار ولكن صموئيل نسب المقابله لاخيمالك باعتباره رئيس للكهنه حينئذ. وقال بعض المحققين ان لفظ ابياثار اطلق على كل من الاب والابن. هذا فضلا عما هو معلوم من انه كان يتفق ان يكون للانسان اسمان فابيمالك المذكور فى عنوان مز 34 هو اخيش المذكور فى (1 صم 21 : 11). 5- بين اصحاح 27 : 1 و2، 29 : 6 ففى الاول ان داود لجاالىاخيش ملك جت الوثنى وفى الثانى ان اخيش حلف لداود قائلا (حى هو الرب) ولا يقسم هذا القسم رجل يعبد الاوثان. فنجيب : حلف اخيش الملك باسم الرب ليوافق داود فى دينه حتى يصدقه او لانه كان يظن ان الرب من جمله الالهه المعبوده عند الامم. 6- بين اصحاح 28 : 7 – 25 وبين ار 14 :14 وحز 13 : 17 و 8 ففى الاول قيل ان عرافه عين دور استحضرت صموئيل النبى بعد موته، وفى الثانى يذم العرافه وينسب لها البطلان والكذب. فنجيب : سبق ان راينا ان الله كثيرا ما يستخدم الحوادث غير الصالحه لمجد اسمه. وهو له المجد لم يكن العله فى حدوث هذه الحوادث بل سببها الانسان الناقص. فاذا حدثت من الانسان استخدمها لاتمام مقاصده. وهذا ما نفهمه من حادثه عرافه عين دور. فالمراه كانت متعوده ان تستحضر الشياطين والجان وتستخبرهم عن امورها، ولكن هذه المراه لم يظهر لها جان او شيطان بل ظهر لها شخص صموائيل بدليل خوفها وارتعابها لانها لم تكن تخاف الشياطين لتعودها رؤيتهم ولم يكن ذلك بقوه السحر او العرافه بدليل ان ظهور صموائيل سبق قيام العرافه بشعوذتها (عد 11 و 12) وقد عرفت المراه شاول بقوه البديهه لا بقوه السحر. اما قولها (رايت آلهه يصعدون من الارض) فالفظه العبرانيه المترجمه (آلهه) بمعنى المفرد وان كانت بصيغه الجمع والدليل على ذلك ان شاول قال لها (ما هى صورته) عد 14 واللفظه ليس مدلولها الالوهيه بل تطلق احيانا على المخلوق على سبيل الاجلال والتعظيم فلذلك دعت تلك المراه صموئيل النبى آلهه. المتنيح القس منسى يوحنا عن كتاب حل مشاكل الكتاب المقدس
المزيد
26 فبراير 2020

قِدِيسات جَمِيلات

الجمال هِبة إِلَهِيَّة تُعلِن جَلاَل الله وَإِحسانه فَكيفَ يتحوَّل إِلَى وسِيلِة عَثَرة وَهَلاَك فَلاَ ننسىَ أبداً أنَّ الله سَمَحَ أنْ يستخدِم الجمال لِمجد إِسمه القُدُّوس بَلْ وَلإِنقاذ شعبه المُقدَّس كما سنرى فِى جمال أستِير المَلِكة الَّتِى قَالَ عنها الكِتاب المُقدَّس وَكانت الفتاة جَمِيلة الصورة وَحَسَنَةَ المنظر ( أس 2 : 7 )فَكَانَ جمالها سبباً فِى إِختيارها مَلِكة لِتُخَلِّص شعبه وَأيضاً مُوسى النَّبِى قائِد الشَّعْب العظِيم إِستخدم الله جماله وَكَانَ سبباً فِى إِستبقاء حياته وَلَمَّا رأتهُ أنَّهُ حَسن خبَّأتهُ ( خر 2 : 2 ) وَكَانَ جَماله سبباً لِجذب إِبنة فرعُون إِليهِ فَتَرَّبىَ فِى قصر فرعُون وَتَعَلَّم وَتَهَذَّب بِكُلَّ حِكمة المصرِيين وَكَانَ الله يَعِدَّه لِقِيادة الشَّعْب داخِل قصر فرعُون وَكَانَ جَماله سبباً فِى تأهِيله لِهذِهِ الرِسالة العظِيمة وَداوُد النَّبِى قِيلَ عنهُ أنَّهُ أشقر مَعْ حلاوة العينين وَبنات أيوب البَّار قِيلَ عنهُنَّ أنَّهُ لَمْ توجد نِساء جَمِيلات كَبَنات أيوب فِى كُلَّ الأرض ( أى 42 : 15 ) وَالله أرادَ أنْ يجعل الجمال وسِيلة لإِظهار بِرَّه وَمجده فَحِينما أرسل إِبنه الوحِيد إِلَى العالم كَانَ أبرع جمالاً مِنْ بنِى البشر وَقَدْ إِرتسمت النِعمة عَلَى شَفَتيهِ فَكَانَ جَماله جاذِباً لِكُلِّ جَمال فَجَذَبَ قُلُوب شباب وَعذارى وَنِساء وَشيُوخ وَأطفال فَنَجِد القِدِيس الشِيخ الرُّوحانِى يُنَاجِيه قائِلاً أقسمت بِحُبَّك ألاَّ أُحِب وجهاً آخر غير وجهَكَ لأِنَّ من رآه ثُمَّ احتمل ألاَّ يراه وهنا نود أن نستعرض بعض القديسات الجميلات لنرى كيف أن جمالهن كان سبب مجدهن :- القديسة أوليمبياس:- كانت جَمِيلة الشكل جِدّاً وجهها ملائِكِى ملامِحها هادِئة ملابِسها بسِيطة تفوح مِنْها روائِح الكرامة وَالمجد وَكانت تلمِيذة لِلقِدِيس يُوحَنَّا ذهبِى الفم وَأعطاها رُتبة شمَّاسة وَكَانَ دائِماً يمدحها بِسبب رُوحانِياتها العالية وَسلُوكهاوَقَدْ قَالَ لها أنَّكِ تُظهِرِينَ بساطة بِغير تأنُق فَهَذِهِ الفضِيلة تبدو كأنَّها أقل مِنْ غيرِها لَكِنْ مَنْ يُدَّقِق فِى الأمر يَجِدها فضِيلة عظِيمة تكشِف عَنْ نَفْسَ مملؤة حِكمة وَقَدْ وَطأت تحت قدميها الأمور الزمنِيَّة وَتنطَلِق نحو السَّماء طائِرة وَيُعوِزَنِى ألف لِسان لأُنادِى بِإِسمِك مِنْ أجل بساطِة مظهرِك إِذْ بِوَاسِطَتِك تظهر كُلَّ ألوان الفضائِل المَسِيحِيَّة الَّتِى عَبَرت إِلَى الخارِج تُعلِن عَنْ الحِكمة الكامِنة فِى داخِلِك مِنْ أجل هذا أدعُوكِ وَندعُوكِ مُطَوَّبة وَهَا نرى كم مِنْ نِفُوس جَذَبتها أُولِمبِياس إِلَى المسِيح المَلك بِجَمالِها كم مِنْ شباب مجَّدُوا الله وَكم مِنْ شابَّات عرفوا الطرِيق الصَّحِيح إِذاء الجمال فَعَرَفُوا كيفَ يُمَجِّدُوا الخالِق وَيُقَدِّموا لَهُ أغلىَ مَا يملُكُون0 القديسة الشهيدة أجنس وقصتها العجيبة:- إِنَّها فتاة صَغِيرة جَمِيلة جِدّاً أكملت جِهَادها وَنَالت إِكلِيل الإِستشهاد وَهِىَ فِى الثَّانِية عشر مِنْ عُمرِها وُلِدت فِى روما مِنْ أبوين مَسِيحِيين تَقِيين مِنْ أشراف المدِينة وَمُنذُ طفولَتِها وَأحَّبت أنْ تَكُون هيكلاً مُقَدَّساً لِمُخَلِّصها فَنَذَرت بتولِيتها وَكرَّست حياتها لِعَرِيسها السَّماوِى وَهِى لاَ تزال فِى سِن العاشِرة فَثَارَ عليها عدو الخِير مُكَثِّفاً جهده ضِدَّها لِعرقلِة سِيرتها الطَّاهِرة وَاستغلَّ جمالها الجَسَدِى لِيفقِدها جمالها الرُّوحِى وَلِتنفِيذ خطِتهُ أثَارَ فِى قلب إِبن حاكِم روما حُبَّاً شَدِيداً تجاهها وَعَقَدَ العزم عَلَى الزواج بِها وَلَكِنْ كانت المُفاجأة إِذْ سَمَعَ إِجابة أجنِس { لَنْ أتخلَّى عَنْ عرِيسِى الَّذِى سبق وَاختارنِى وَارتبطت بِهِ وَلاَ تحيا رُوحِى إِلاَّ بِمَحَبَتِّهِ فَلاَ مَثِيلَ لَهُ وَهُوَ وحدهُ يستحِق كُلَّ الحُب فَهُوَ أبرع جَمالاً مِنْ بنِى البشر حَكِيم سيِّد ممالِك الأرض غَنِى شَرِيف حنُون رَؤوف عَظِيم فَإِنَّ محبَّتِى لَهُ تُزِيدَنِى عِفة وَطهارة وَاقترابِى مِنْهُ يُزِيدَنِى نقاوة إِنِّى لَنْ أُغَيِّر أبداً عرِيسِى السَّماوِى الَّذِى سبق أنْ إِخترتهُ حَتَّى وَلَوْ وضعت أمامِى كُلَّ مُمتلكات العالم } وَهُنا بَدَأَ طرِيق الإِستشهاد إِقتادها الحاكِم بِأغلال حدِيدِيَّة إِلَى هيكل الأصنام لِتسجُدَ لها فوضعُوا أصغر قِيد حدِيدِى فِى يَدَيها وَلَكِنَّهُ إِنزلقَ مِنْ يَدَيها الصغِيرتينِ وَسَقَطَ عَلَى الأرض وَكانت تقِف ثابِتة وَلَعَنت الآلِهة فَوَضَعُوها فِى بيت لِلشَّر وَشَرَعَ الجُند يُعَرونها مِنْ ثِيابها وَلَكِنْ فِى الحال طَالَ شعرها وَصَارَ كَثِيفاً جِدّاً بِصورة مُعجِزِيَّة وَغَطَّى كُلَّ جَسَدها وَتَعَجَّب الكُلَّ مِنْ ذلِك حقاً إِنَّ الرَّبَّ هُوَ حافِظ نُفُوسَ أتقيائِهِ مِنْ يَدِ الأشرارِ يُنقِذُهُمْ ( مز 97 : 10 ) وَعِندما زُجَّ بِالفتاة فِى بيت الأشرار أضَاءَ المكان بِنُور ساطِع جِدّاً وَرأت أجنِس ملاكاً واقِفاً بِجوارِها كما وجدت ثوباً جَمِيلاً جِدّاً أكثر بياضاً مِنْ الثلج فَإِرتدته وَتَعَزَّت أجنِس إِذْ غُمِرت بِمَحَبَّة عرِيسها وَفادِيها وَاستغرقت فِى صَلاَة عميقة تشكُر إِلَهَهَا صانِع العجائِب الَّذِى يحمِيها فَلَم يجسُر أحد مِنْ الأشرار أنْ يدنو مِنْها فما مِنْ شاب دَنِس إِقتربَ مِنْ الحُجرة إِلاَّ وَتراجع مذهُولاً مِمَّا رآه وَخَرَجَ مُؤمِناً بِإِلَه أجنِس بَلْ وَأحبَّ العِفة وَالطهارة حقاً لقد تشرَّف هذا المكان الَّذِى لِلفساد بِذِهاب عروس المسِيح إِليهِ فَحَوّلَتهُ إِلَى فردوس وَمِيناء لِلطهارة وَالعِفة وَهيكل لله وَصَارَ هذا المكان كنِيسة عَلَى إِسم الشَّهِيدة أجنِس بعد مُضِى زمن الإِضطهاد أمَّا إِبن الحاكِم تجاسر وَدخل ذلِك البيت مُقتحِماً الحُجرة لِيفتِك بِأجنِس غير مُكترِث بِالنُّور العجِيب الَّذِى يملأ المكان وَأسرع لِيقترِب مِنْها وَلَكِنْ ملاك الرَّبَّ ضَرَبَهُ وَلَمْ يُمهِله فَسَقَطَ ميتاً طرِيحاً عِند أقدام الفتاة النقِيَّة الطَّاهِرة أجنِس الَّتِى سترها الله بِيَمِينه وَبَدَأَ الحاكِم يتذلَّل لها طالِباً مِنْها أنْ ترُد الحياة إِلَى إِبنه حَتَّى يعرِف الجمِيع أنَّها لَمْ تُمِيته بِفنُونِها السِحرِيَّة فَأجابت أجنِس إِنَّ ظُلمة عينيكَ وَقلبِكَ لاَ يستحِقان مِثلَ هذا الصنِيع وَلَكِنْ مِنْ أجل أنْ يَتَمَجَّد إِسم إِلهِى وَيعلم الجمِيع قوَّتَهُ وَعَظَمَتَهُ فَإِنِّى سأطلُب مِنْهُ أنْ يُقِيم لَكَ إِبنك وَجثت أجنِس وَصَلَّت إِلَى الله بِدِموع عَزِيزه راجِية مِنْهُ أنْ يَتَمَجَّد وَيُقِيم الشَّاب لِيعلم الجمِيع أنَّهُ هُوَ الإِله الواحِد الحقِيقِى وحدهُ وَمَا كادت تنتهِى مِنْ صَلاَتِها حَتَّى مَثَلَ أمامها ملاك وَأقَامَ الشَّاب فَقَامَ وَخَرَجَ فِى الحال وَهُوَ يصِيح بِعَظَمِة الإِله العظِيم القادِر عَلَى كُلَّ شىء الَّذِى يعبُدَهُ المَسِيحِيُّون وَعِند قطع رأسِها وَضَعُوها فِى السِجن أوقدوا نار تحتها وَلَكِنْ العِناية الإِلَهِيَّة لَمْ تسمح أنْ تُصِيب النَّار جَسَدها فَحَكموا عليها بِالموت بِحد السيف وَأحنت الفتاة رأسِها مُنتظِره أنْ يهوى عليها السيَّاف بحد السيف وَلَكِنْ السيَّاف لَمْ يستطِع وَارتعشت يَدَهُ وَشَحِبَ لونه أمَّا أجنِس فَكانت تلومه عَلَى تباطُئِهِ فَقَالت لَهُ ماذا تنتظِرلِماذا تتوانىَ أمِت هذا الجسد الَّذِى أعثر آخرِين أمِت هذا الجسد لِتحيا الرُّوح الَّتِى هِىَ ثمِينة فِى عينىَ الله حِينئِذٍ زمجر القاضِى مُنتهِراً السيَّاف لِيُنَفِّذ الحُكم سَرِيعاً وَهُنا غطَّى السيَّاف عينيهِ بِيَدِهِ اليُسرى وَبِاليد اليُمنىَ أطَاحَ بِرأس الحمامة الودِيعة الرَّاكِعة أمامه أُنظُروا يَا أحِبَّائِى أنَّهُ نموذج رائِع يلزم أنْ تقتدِى بِهِ كُلَّ شابَّة وَفتاة مدحها آباء الكنِيسة عَلَى عَظَمِة شجاعتِها فَيَقُول عنها القِدِيس أمبرُوسيُوس إِنَّ الفتيات فِى هذا السِن الصغِير لاَ يحتمِلنَ نظرِة غضب مِنْ والِدِيهِمْ وَيبكِينَ مِنْ وخز الإِبرة كَأنَّها جرح حاد أمَّا الفتاة أجنِس فَكانت ثابِتة لاَ تتزعزع بينَ أيدِى الجلاَّدِين المُلطَخة بِالدِماء لَمْ تكُنْ أجنِس تُدرِك بعد معنى الموت وَلكِنَّها كانت مُستعِدة أنْ تواجِهَهُ وَتذوقه فَفِى خطوات ثابِتة وَسَرِيعة تقدَّمت نحو موضِع العذاب وَرأسها مُزَين ليسَ بِضَفائِر الشَّعر وَإِنَّما بِالمسِيح رأسها وَعرِيسها وَمُتوَّجه بِإِكلِيل مُزَين ليسَ بِالورُود وَإِنَّما بِالفضائِل وَثِمار جِهادها فَكانَ لها مَا هُوَ فائِق الطبِيعة مِنْ خالِق الطبِيعة نَفْسَه كَانَ الكُلَّ يبكِى أمَّا هِىَ فَلَمْ تذرِف دمعة إِنَّها إِنطلقت إِلَى أحضان حبِيبها وَعرِيسها لِتحيا مَعْهُ إِلَى الأبد0 العفيفة لوسيا عذراء الأسكندرية :- كانت القِدِيسة العفِيفة لُوسيا مِنْ أهل مدِينة الأسكندرية وَكانت حَسَنة المنظر جِدّاًوَكانت تشتغل بِصِناعِة النَّسِيج وَقَدْ وضعت فِى قلبها أنْ تحفظ طهارتها وَبتوليتها لله وَحَدَثَ أنْ تعلَّق بِها قلب شاب وَصَارَ يتبعها ذِهاباً وَإِياباً وَكَانَ يتردد دائِماً حول منزِلِها00فَحَزَنت الفتاة لُوسيا جِدّاً وَظلَّت تُصَلِّى إِلَى الله لِكى يُنقِذها وَيُنقِذ هذا الشَّاب حَتَّى لاَ تكُون سبب عثرة لَهُ وَيتنجس قلبه بِسَبَبِها وَفِى طرِيقها إِلَى الكنِيسة زادَ إِلحاح الشَّاب عليها فتوقفت وَسألته إِعلمنِى لِماذا تُلاَحِقنِى فِى ذِهابِى وَإِيابِى ماذا تتطلَّع وراء جسد شقِى مصِيره الفناء وَدود الأرض أجابَ الشَّاب عيناكِ فتنتانِى وَإِذا أبصرتِك لاَ يهدأ قلبِى حِينئذٍ بكت العفِيفة لُوسيا وَقالت لَهُ إِعلم يَا أخِى أنَّ العينين اللذين تُبصرهُما مِنْ الواجِب عَلَىَّ أنْ أُهلِكهُما فِى هذا الزمان اليسِير حَتَّى لاَ أُعذَّب زماناً لاَ ينقضِى فِى الدَّهر الآتِى وَفِى سُرعة وَشجاعة نادِرة خلعت الفتاة إِحدى عينيها بِمخراز كَانَ فِى يَدِها وَطرحتها أمامه ثُمَّ شَرَعت فِى خلع العِين الأُخرى إِلاَّ أنَّ الشَّاب منعها مِنْ ذلِك أمَّا الشَّاب فَإِرتعد وَخاف جِدّاً وَزالت عنهُ شهوة قلبه وَخرَّ ساجِداً عِند قدميها باكِياً نادِماً وَخرجَ وَوَزَّع مالهُ عَلَى الفُقراء وَالمساكِين وَمضىَ إِلَى الصحراء وَصَارَ راهِباً عابِداً ناسِكاً مُمَجِداً الله عامِلاً بِوَصَاياه إِلَى وقت وفاته يَا ليتَ شابَّاتنا المَسِيحِيات بنات لُوسِى وَأجنِس وَبُوتامِينا وَبربِتوا يسلُكنَ فِى نَفْسَ السِيرة وَلاَ يكُنْ لَهُنَّ قدوة غيرَهِنَّ فَيُكَمِلنَ المسِيرة إِلَى النِهاية0 كَلِمة مِنْ عِند الرَّبَّ يَسُوع:- إِبنتِى المحبُوبة المُباركة يَا من تحمِلِى إِسمِى وَتُعلِنِى مجدِى يَا من وهبتِك مَلاَمِحِى وَجَمَالِى يَا من بسطتُ ذيلِى عليكِ وَسترتِك حَتَّى لاَ يظهر خِزى عُريِك أُوصِيكِ بِجَسَدِك الَّذِى هُوَ جَسَدِى وَأُناشِدِك أنْ تكرمِيه فِى أعيُن الجمِيع لِيكُنْ لَهُ وقار وَبهاء وَجمال كَهيكل قُدسِى زَيِّنِيه بِالفضائِل وَاستُريه بِالثِياب اللائِقة بِكَرَامَتِهِ لاَ تسمحِى لأحد أنْ يتفوَّه بِكَلِمة تُهِيننِى بِسَبَبِك يكفِى مَا أنال مِنْ تعييرات أحتمِلها بِسبب بنات الغرب واضِعِينَ صَلِيبِى فِى أعناقِهِنَّ وَهُنَّ عارِيات أمَّا أنتِ يَا إِبنة كَنِيستِى المحبُوبة مِصر الَّتِى باركت شعبها وَجعلت عليها أمانة كِرازة لِلعالم كُلَّه قَدِّمِى لِى إِكراماً عِوض كُلَّ إِهانة وَحُبَّاً حقِيقِياً عِوض كُلَّ جحُود لأِنَّهُ إِنْ فَسَدَ الملحُ فَمَاذا يُمَلَّح إِنَّهُ سَيُطرح خارِجاً وَسَيُداس مِنْ النَّاس لاَ تجعلِى لَكِ مِنْ بنات أهل العالم من تتمثَّلِى بِهِ أنا قَدْ إِشتريتِك لِى إِقتنيتِك لِى وحدِى فَلاَ تَكُونِى لِغيرِى إِحملِى شكلِى وَأنتِ قَدْ لَبستِينِى وَسِيرِى فِى طريقِى وَهَا قَدْ تركت لَكِ ألُوف ألُوف وَربوات ربوات عذارى حَكِيمات حفظُوا إِسمِى وَمَجَّدُوا جَسَدِى وَبذلوا حياتهُمْ مِنْ أجل وصايا محبتِى فَكُونِى معهُمْ دائِماً وَاتَّبِعِى خطواتِهِمْ وَلاَ تجعلِى قلبِك مَعْ الجاهِلات اللواتِى إِحتقرنَ وصاياى وَبدَّلنَ مَلاَمِحِى وَكَشَفنَ كنُوزِى الَّتِى فِى أجسادِهِمْ فعرَّضُوها لِلنهب وَالسلب مِثل هؤلاء سَأُطالِبَهُمْ بِكُلَّ مَا أعطيتهُمْ وَعلَّمتهُمْ وَكُلَّ مَا بددوه بِجهل وَغَبَاوة وَلأِنَّهُمْ إِحتقرُونِى وَسَمَحُوا لإِسمِى أنْ يُهان بِسَبَبِهِمْ سأطرُدَهُمْ مِنْ حفل عشائِى لأنَّهُنَّ قَدْ إِنحمقنَ جِدّاً أمَّا أنتِ فَمَكانِك مُعد فَاتَّبِعِى كَلاَمِى وَمحبتِى إِرفعِى نَظَرِك إِلَى فوق وَلاَ تنبهرِى بِكُلَّ مَا هُوَ زائِل وَلاَ تستنِدِى عَلَى كُلَّ مَا هُوَ ظِل زائِل بَلْ تَمَسَّكِى بِالحقٌّ الدائِم فَويل لِمن كَشَفَ مَا أردت أنْ أستره وَويل لِمَنْ إِزدرى بِعُريِى مِنْ أجله وَاستمرَ بِعزم عَادَ أنْ يُعَرِّى جَسَده وَلاَ يسمع وَلاَ يفهم أُنظُرِى إِلَى الحيوانات الَّتِى لاَ تفهم وَلاَ تلبِس هَا أنا قَدْ سترت أعضاءها بِأعضائها حَتَّى أحفظ كرامتها فَكم يلِيق بِجسد سَيَتَمجد فِى السَّماء إِعلَمِى أنَّ عينىَّ تنظُر وَتُراقِب وَتخترِق أستار الظَّلام وَمَا أُوصِيكِ بِهِ إِفعلِيه فِى الخفاء وَفِى العلن وَحَتَّى وَأنتِ فِى حُجرِتِك لأِنَّ عينىَّ هُناكَ أيضاً وَلَكِ ملاك لِحراستِك يُرَافِقِك ليلاً وَنهاراً فَإِخجلِى مِنْهُ وَاسلُكِى بِكُلَّ وقار وَعفاف وَاعلمِى أنِّى آتِى سَرِيعاً وَأُجرتِى معِى لَكِ وَلِكُلَّ من حَفَظَ كَلاَمِى وَهَا أُمِّى القِدِيسة مريم قَدْ أوصيتها بِحِفظ العذارى فَتَشَّفعِى بِها فَهِىَ تفرح بِبناتِها العفِيفات القِدِيسات إِجعلِى ملامِحها أمامِك كُلَّ حِينوَاسألِيها فِى كُلَّ مَا تحتاجِى فَهِىَ أُم قادِرة مُعِينة وَهَا نِعمتِى وَمراحِمِى مَعَكِ طول الأيَّام وَحَتَّى إِعلان المُكَافأة0 القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب ثياب الحشمة
المزيد
25 فبراير 2020

قراءات الصوم الكبير وترابطها

إن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية العميقة في كل شيء، العميقة في طقوسها وقراءاتها، رتبت أن يكون هناك هدف يربط بين قراءات الصوم المقدس في الكنيسة، وهذا يتضح من خلال وجود : 1- موضوع عام للصوم المقدس. 2- موضوعات عامة لأسابيع الصوم. 3- موضوعات عامة لأيام الصوم. 4- موضوعات خاصة لأيام الصوم. 5- وهناك أيضاً موضوعان لقسمي الصوم. 6- وموضوعات للسبوت والآحاد. أولاً: الموضوع العام للصوم المقدس : إن الكنيسة رتبت لنا أن تدور القراءات التي تتلى خلال الصوم المقدس حول موضوع واحد وهو "الجهاد الروحي"، لأنها تعلِّم مع بولس الرسول "لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية" (عب 4:12) وهى تناشد كلاًّ منا أن يجاهد الجهاد الحسن كما كان بولس الرسول يناشد تلميذه تيموثاوس قائلاً وهى تناشد كلاًّ منا أن يجاهد الجهاد الحسن كما كان بولس الرسول يناشد تلميذه تيموثاوس قائلاً: "جاهد جهاد الإيمان الحسن وأمسك بالحياة الأبدية التي إليها دعيت أيضاً واعترفت الاعتراف الحسن أمام شهود كثيرين" (1تى 12:6). ثانياً: الموضوعات العامة لأسابيع الصوم : قسمت الكنيسة الأربعين المقدسة إلى ستة أسابيع يبدأ كل منها يوم الاثنين وينتهي يوم الأحد، وأضافت في أولها أسبوعاً للاستعداد وهو مقدمة للصوم. ثم جعلت جميع القراءات التي تتلى في أيام كل أسبوع من هذه الأسابيع السبعة تدور حول موضوع واحد وهدف واحد يعتبر حلقة من حلقات الموضوع العام للصوم. الأسبوع الأول : تدور قراءاته حول الاستعداد للجهاد، وإذا حذفنا قراءات هذا الأسبوع سوف نجد أنها لن تؤثر على الموضوع العام للصوم لأنه استعداد. الأسبوع الثاني : وموضوع قراءاته هو الجهاد الروحي وطبيعته. الأسبوع الثالث : وتدور قراءاته حول التوبة أو طهارة الجهاد. الأسبوع الرابع : هو أسبوع الإنجيل أو دستور الجهاد. الأسبوع الخامس : أسبوع الإيمان أو هدف الجهاد. الأسبوع السادس : أسبوع المعمودية أو صبغة الجهاد. الأسبوع السابع : أسبوع الخلاص "خلاص الجهاد". ثالثاً: الموضوعات العامة لأيام الصوم : أيام الأسبوع الأول : وقراءات هذا الأسبوع بمثابة الاستعداد لرحلة الجهاد، حيث أن قراءات الأيام السبعة لهذا الأسبوع تسير على الترتيب الآتي : ترك الشر - الالتصاق بالخير - محبة الآخرين - النمو الروحي - الاتكال على الله - السلوك بالكمال - الهداية إلى الملكوت. أيام الأسبوع الثاني : بعد أن أعدت الكنيسة نفوس أولادها للجهاد الروحي على النحو السابق، فهي في هذا الأسبوع تبين من خلال قراءاتها طبيعة الجهاد المطلوب منهم فتتحدث عن: صلاة الجهاد - صدقة الجهاد - أمانة الجهاد - دستور الجهاد - ثبات الجهاد - ضيقات الجهاد - نصرة الجهاد. أيام الأسبوع الثالث : وفى الأسبوع الثالث توضح لنا الكنيسة أن الجهاد لابد أن يكون متسماً بطهارة القلب والفكر عن طريق التوبة الحقيقية من خلال قراءات الأيام السبعة وهى كالتالي: اعتراف التوبة - بر التوبة - تجارب التوبة - دينونة التوبة - أمان التوبة - مغفرة التوبة - قبول التوبة. أيام الأسبوع الرابع : وقراءات هذا الأسبوع تتحدث عن دستور الجهاد؛ الذي هو الكتاب المقدس وهكذا تشير موضوعات هذا الأسبوع على الترتيب التالي إلى : روح الإنجيل - الكرازة بالإنجيل - سلام الإنجيل - إنارة الإنجيل - الإيمان بالإنجيل - العمل بالإنجيل - عزة الإنجيل. أيام الأسبوع الخامس : إن الهدف من الكرازة بالإنجيل هو أن يؤمن به سامعوه، والكنيسة تعالج موضوع الإيمان من خلال قراءات الأسبوع الخامس كما يلى: اتكال الإيمان - خدمة الإيمان - رجاء الإيمان - تحرير الإيمان - قصاص الإيمان - هداية الإيمان - تشديد الإيمان. أيام الأسبوع السادس : إن العضوية في كنيسة المسيح لا تتم لمن يؤمن إلا إذا نال سر المعمودية، وقد رتبت الكنيسة أن توزع أبحاثها فى هذا السر على أيام الأسبوع في ضوء عقيدتها والطقس المتبع في إتمامه، لذلك فالقراءات تدور حول: توبة المعمودية - اعتراف المعمودية - دينونة المعمودية - حياة المعمودية - قيامة المعمودية - خلاص المعمودية - إنارة المعمودية. أيام الأسبوع السابع : إن الخلاص هو غاية الذين يتوبون ويؤمنون بالإنجيل ويعتمدون، وقد رتبت الكنيسة أن تبحث في موضوع الخلاص ممثلا في شخص الرب يسوع من النواحي الآتية: شهود المخلص - الاعتراف بالمخلص - الإيمان بالمخلص - قيامة المخلص - دينونة المخلص - بركة المخلص - فداء المخلص. وعلى ذلك تسير الموضوعات طوال أيام الصوم، ويلاحظ أن هذه القراءات تتألف من فصول العهد القديم والجديد لكل يوم من أيام هذا الصوم. رابعاً: الموضوعات الخاصة لأيام الصوم : إن المتأمل في القراءات الموضحة لكل يوم من أيام الصوم المقدس يرى أنها تتألف من ثلاث مجموعات هي النبوات والأناجيل والرسائل. وهذه المجموعات بينها ارتباط وثيق، وكلها تدور حول موضوع واحد هو الموضوع العام لليوم. خامساً: موضوعا قسمي الصوم : لقد قسمت الكنيسة الصوم إلى قسمين : القسم الأول : يتألف من أسبوع الاستعداد والأسابيع الثلاثة التالية له، وموضوعات هذا القسم كلها تدور حول ما هو مطلوب من هذا الشعب من مظاهر الجهاد الروحي، مثل ترك الشر، وممارسة الصلاة، والصدقة، والتوبة، وإطاعة الإنجيل وما إلى ذلك. والقسم الثاني : ويشمل الأسابيع الثلاثة الأخيرة، والقراءات في هذا القسم تدور كلها حول ثمرة الجهاد، أي مدى استجابة المؤمنين له، كإيمانهم بالإنجيل والتمتع بثمار المعمودية والفوز بالخلاص. سادساً: موضوعات السبوت والآحاد : إن الكنيسة ميزت موضوعات السبوت والآحاد عن أيام الصوم الانقطاعي الخمسة بميزتين، فمن يدقق النظر في نظامهما يلاحظ ذلك: أ- الميزة الأولى : أن موضوعات الأيام الخمسة تنصب على ما يبذله الشعب من جهاد، في حين أن موضوعات السبوت والآحاد تنصب على نعم المخلص المتعددة التي يمنحها لهم جزاء لهذا الجهافإذا تابوا مثلاً يقبل توبتهم مثل الابن الضال. وإذا سمعوا الإنجيل وعملوا به روى نفوسهم كما ارتوت السامرية وإذا آمنوا شدد إيمانهم كما شدد وإذا اعتمدوا أنار بصيرتهم كما استنار المولود أعمى. ب- الميزة الثانية : هي الارتباط الوثيق بين موضوعات السبوت وموضوعات الآحاد، فحلقات الموضوع العام في أي أسبوع تبدأ بيوم الاثنين وتنتهي بيوم الجمعة، لأن هذه الأيام الخمسة مرتبطة ببعضها، قائمة بذاتها، مستقلة عما عداهاثم تستأنف الكنيسة نفس الموضوع يوم السبت، ولكن بحلقة جديدة من الحلقات. فتطالب الشعب بناحية جديدة من الجهاد، حتى إذا قام بها حمل إليه إنجيل الأحد ثواب المخلص له على هذا الجهاد.على سبيل المثال قراءات الأسبوع الثالث تدور حول التوبة، ففي يوم الاثنين الحلقة الأولى منه تدور حول الاعتراف به، يليها تبرير المعترف، ثم تعرضه للتجارب وهكذا.. أما في يوم السبت فإن الكنيسة تحث التائب على المغفرة لغيره، فإذا فعل ذلك قبلت توبته، كما يوضح ذلك إنجيل الأحد.. أي أن إنجيل السبت يمثل جهاد الشعب وإنجيل الأحد يمثل نعمة المخلص له على هذا الجهاد.. وهكذا في كافة الأسابيع.هذه هي موضوعات الصوم كما وضعتها الكنيسة، ولابد أن نلاحظ أن الاهتداء إلى هذه الموضوعات ليس بالأمر الهين، فقد يقتضى ذلك أن نبدأ بقراءة إنجيل القداس ورسالة البولس والنبوة الأولى عدة مرات لمعرفة سر الارتباط بينها، ثم قراءة النبوات واحدة واحدة لمعرفة موضوعها الخاص، وكذلك الحال في بقية الأناجيل والرسائل - ثم البحث في مدى ارتباط قراءات اليوم ببعضها البعض لاستخراج الموضوع العام لقراءات هذا اليوم، ثم الموضوع العام للأسبوع الذي يربط بينها، فإذا انتهينا من الموضوعات العامة للأسابيع توصلنا إلى معرفة الموضوع العام للصوم كله. نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
24 فبراير 2020

فكر الصوم

الصوم ليس هو الجوع، ولكنه التوبة والرجوع بمعنى تغيير الفكر، الذي يُمثّل الاتجاه الذي يحدّد علاقة الإنسان بالله... ومن هنا كان للصوم فكر هدفه ضبط فكر الصائم حتى يتجه نحو الله ويحبه، ومن هنا كان للصوم فكر روحي قوي تقدمه الكنيسة لنا في قراءات آحاد وأيام الصوم المقدس.أحد الرفاع: العبادة في الخفاء «أبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية»، بمعنى «أدخل مخدعك وأغلق بابك» أي الاتجاه الخفي العميق في القلب الذي يحب الله ويريده. فالصوم فرصة للعلاقة الفردوسية مع الله، حيث بدأ آدم وحواء حياتهما مع الله صائميْن، أي لا يأكلان من الثمرة الممنوعة، فكانت العشرة المقدسة مع الله والحديث المتبادل معه.أحد الكنوز: أي كيف تكتنز كنزًا سمائيًا في الصوم لأنه «حيث يكون كنزك، هناك يكون قلبك»... والاكتناز المادي يضيع، لكن الكنوز الروحية لا تفنى ولا تتبدّد، فليست المشكلة في الاحتياج المادي، ولكن العلاج في الشبع الروحي الذي يرفعنا فوق كل الكائنات الأرضية، فلا يقدر أحد أن يخدم سيدين، بل اطلبوا أولًا ملكوت الله وبرّه وهذه كلها تُزاد لكم... فالكنز الحقيقي هو أن يملك الله على الإنسان، لكي يملك الإنسان مع الله في الأبدية السعيدة.أحد التجربة: نتيجة حسد الشيطان للصائم يحاربه بالأكل، وإذا رفضها يحاربه بالقنية «أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي». وإذا انتصر عليها يحاربه بالمعجزة «أوقفه على جناح الهيكل» ويطالبه بأن يلقي بنفسه حتى يتأكد أن الملائكة معه وستحمله بلا أذى (مت4: 1-11). وهذا هو أسلوب الشيطان: أن يحارب بالمنطق الشرير للتشكيك والتشويش ونزع السلام.أحد الابن الضال: والتركيز على ترك بيت الآب (الكنيسة)، حيث البحث عن نصيب الذات والمتعة الزائفة مع أصدقاء السوء حيث الكورة البعيدة. ولكن المال ينتهي ولا يبقى سوى خرنوب الخنازير الذي لا يجده مَنْ يريده، لأن الشيطان ليس ملجأً، بل يبغي ضلال الإنسان. والصوم يعيد الابن إلى حضن أبيه بالتوبة ورفض الكورة البعيدة، فينال الحُلة الأولى والعجل المُسمن فرحًا وابتهاجًا بالعودة المرتقبة، إذ عينا الآب لا تكفّان عن البحث عن الضال.أحد السامرية: كمثال للضلال والبحث عن الماء والارتواء بعيدًا عن الله مع ستة أزواج، فتجد عند البئر مخلص العالم والعريس الحقيقي للنفس البشرية، فيدعوها إلى الماء الحي لترتوي بعد ظمأ سنين كثيرة، لأنها تشرب من الماء الذي يعطش مَنْ يشرب منه باستمرار، فلأنها التقت بالمسيا نالت ما جعلها تُقِرّ وتعترف بأخطائها وترغب في السجود بالروح والحق.أحد المخلّع: وهو مثال للشلل الإرادي الذي يقترب من الماء دون شفاء إذ ليس له مَنْ يلقيه أولًا في الماء بعد أن يحرِّك الملاك الماء، فيأتي الإنسان الذي يبحث عنه ليشفيه ويأمره أن يحمل سريره ويمشي، لأنه المخلص الشافي للإرادة الشريرة المشلولة الضائعة.أحد المولود أعمى: حيث الشفاء الشامل بخلقة عين جديدة من التراب بيد المخلص وبالماء، حيث الاستنارة الداخلية والحكمة الحقيقية لاقتناء الإنسان الروحي المولود من فوق. وهكذا يجدِّد الصوم وفكره الروحي حياة الصائم من خلال العبادة ليكنز وينتصر ويتوب ويتجدد. نيافة الحبر الجليل الأنبا بنيامين مطران المنوفية وتوابعها
المزيد
23 فبراير 2020

بمناسبة أحد الرفاع وبدء الصوم الكبير

بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين يُعرف هذا الأحد المبارك بأحد الرفاع، وكلمة الرفاع يُقصد بها أن يرفع الطعام الإفطارى أو الطعام الدسم، يُرفع فى هذا اليوم ليبدأ الصوم المعروف بالصوم الكبيروالصوم الكبير يُسمى بالصوم الكبير، ليس فقط لطوله وإنما لأهميته، لأنه هو ذاته صوم ربنا يسوع المسيح، ونحن نصوم من بعده وقياساً عليه، لأنه إذا كان هو قد صام وهو فى غير حاجة إلى الصوم، فمن باب أولى ومن الأحرى أن نصوم نحن لنستغفر الله ونطلب رحمته، والصوم عبادة. " اعبدوا الرب بخشية (بخوف)" (مز2: 11)، هذا هو المزمور الذى سبق الإنجيل " اعبدو الرب بخشية، واهتفوا له برعدة " فنـحن علاقتنا بالله علاقة العبد بالسيد، فنحن بالعبادة نربط أنفسنا ونتواصل مع الله، هذا التواصل هو إقرار بعبوديتنا له، هذا هو معنى العبودية ومنه التعبد بتقديم الصلوات والأصوام وأعمال الرحمة التى نقدمها برهانا لعبوديتنا لجلاله وإقراراً بأنه سيدنا ونحن عبيده، نقدم له صلواتنا وأصوامنا، خصوصاً وأن هذا الصوم وغيره من الأصوام العامة فى كنيستنا أصبحت أصواما تذهب وتجىء كل عام من هنا أصبحت أصواماً تعبدية، كنيستنا كنيسة تعبدية تقسم فترات السنة على مواسم، فبعض أيام السنة إفطار وبعضها أصوام، نصوم ثم نفطر ثم نصوم ثم نفطر وهكذا كل أيام السنة، والسبب فى هذا الإختلاف لأن الإنسان بطبيعته يميل إلى التغيير حتى لا يقع الإنسان تحت فعل الحياة النمطية التى تكون على وتيرة واحدة، فكنيستنا ترتب أيام السنة ترتيبا فيه تغيير، لأن التغيير فيه لفت للنظر وفيه تحويل للفكر وفيه تنبيه للإنسان، أما الحياة النمطية التى تسير على وتيرة واحدة فهذه حياة مؤداها إلى الفتور. لكن لكى يبقى الإحساس بالفارق موجوداً رأت الكنيسة أن تنظم أيام السنة على فترات تختلف فى الصوم والإفطار قلنا أن الصوم الكبير يُسَمى بالكبير ليس فقط لطوله وإنما لأهميته ، وكذلك هو من الأصوام التى تُسمى بأصوام الدرجة الأولى، وهى الأصوام التى حُدت بقانون، فكـل مسيحى مفروض أن يصوم هذه الأصوام، وهى لازمة وضرورية لكى يكون حقاً مسيحياً ومسيحياً متعبداً فهذه الأصوام الثلاثة هى الأربعين المقدسة، وأسبوع الآلام، والأربعاء والجمعة، حدها القانون الرسولى " مَن لا يصوم الأربعين المقدسة وأسبوع الآلام والأربعــاء والجمعة إن كان كاهناً يُقطع، وإن كان علمانياً يُفرز ". وذلك لأهميتها وهى تسمى أصوام المرتبة الأولى، إن على كل مسيحى هذا الواجب الذى لايصح أن يفلت منه إلاّ إذا كان مريضاً ويجرى مجرى هذه الأصوام الثلاثة فى الأهمية صوم البرمون، وهو اليوم السابق على عيد الميلاد مباشرة واليوم السابق على عيد الغطاس مباشرة، كلمة برمون معناها استعداد فوق العادة. وكذلك الصوم المعروف بصوم يونان نظراً للعلاقة والرباط بين هذا الصوم، وبين رب المجد يسوع المسيح حينما كان فى باطن الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال. ولذلك يسمى يوم الإفطار فصح يونان. وهذا هو التعبير الوحيد الذى يستخدم فيه كلمة فصح، فى إفطار صوم يونان، هذا نظراً للعلاقة الرمزية بين يونان الذى كان فى باطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال، وبين رب المجد يسوع المسيح. الصوم الكبير يتألف فى الواقع من ثلاثة أصوام : 1- الأسبوع الأول يسمى مقدمة الصوم الكبير. 2- وبعد الأسبوع الأول مباشرة تبدأ الأربعون المقدسة. وفى نهاية الأربعين المقدسة نختم هذا الصوم بيوم الجمعة المعروف بجمعة ختام الصوم . 3- بعد ذلك يبدأ اسبوع الآلام . إن اسبوع الآلام فى الواقع اسبوع صوم مستقل بذاته، لأن سيدنا لم يتألم بعد أن صام مباشرة، إنما الكنيسة فى ترتيبها الحكيم رأت أن يُحتفل باسبوع الآلام بأن يصام صوماً نسكياً، ولكى يصام صوماً نسكياً جعلت الأربعين المقدسة مقدمة لأسبوع الآلام، حتى يكون الإنسان فى نهاية الصوم الأربعينى فى حالة من الزهد والنسك والروحانية تسمح له أن يدخل بورع وتقوى فى اسبوع الآلام. الـ 47 يوم الأولى تعتبرها الكنيسة مقدمة لأسبوع الآلام كما نعتبر الأسبوع الأول مقدمة للأربعين المقدسة وفرضت قوانين الكنيسة احتراما لهذا الصوم، وللإستفادة منه أن يصام إلــى الغروب وخصوصا للشباب، ممكن يُعفى من هذا الصوم الإنقطاعى الطويل المرضى والشيوخ والنساء الحوامل والنساء المرضعات والأطفال الصغار. إنما الشباب مدعوون إلى أن يصوموا الصوم الكبير إنقطاعيا إلى الغروب وبعد ذلك يأكل طعاماً نباتياً وعن هذا الطريق تكون الاستفادة الحقيقية من الصوم، ومن غير ذلك لا تكون الإستفادة كاملة أو تامة من الصوم، فإذا كان الإنسان لا يصوم إنقطاعياً فصومه ليس كاملاً ولا منطقياً، لأن الصوم يقتضى الإنقطاع عن الطعام، فإذا أفطر الإنسان فى الصباح فكيف يُعّد صائما، لابد أن ينقطع عن الطعام فترة مناسبة، وكما قلنا احتراماً لهذا الصوم وتوقيراً له رأت الكنيسة أن تربط هذا الصوم بقانون، أن القادرين وخصوصا من الشباب يصومونه إلى الغروب، أما الشيوخ والأطفال والمرضى والنساء الحوامل والنساء المرضعات والأطفال يعفون من هذا الصوم الإنقطاعى الطويل، وإن كانوا لا يعفون من الطعام النباتى. الأسبوع الأول نسميه مقدمة الصوم الكبير، السبب الأساسى فى هذه المقدمة هو ذات الاحترام والتقديس الذى للأربعين المقدسة التى صامها الرب يسوع. فمن منطلق هذا التقديس والاحترام والتوقير ندخل إلى الصوم بعد فترة معينة، نكون قد أعددنا أنفسنا لها، ولما كان هذا الصوم ينبغى أن يكون نسكياً فنبدأ بمقدمة، ففى الأسبوع الأول ممكن أن يصوم الإنسان إلى الثالثة أو إلى ما قبل ذلك، إذا لم يكن قادراً، حتى إذا دخل إلى الأربعين المقدسة يصوم إلى الغروب مثل أى حركة طبيعية فى الدنيا لابد أن تبدأ بطيئة، وئيدة، قطار السكة الحديد لا يمكن أن يبدأ بسرعة حينما يقوم، فهو لا يبدأ بسرعة 80 كيلو مثلا، إنما يبدأ بحركة وئيدة إلى أن تتمكن المحركات أن تسير بالسرعة الكبيرة المطلوبة. لازال السبت له كرامته:- فنحن تقديساً لهذا الصوم نبدأ بهذه المقدمة، وفى نفس الوقت هى تعويض عن أيام السبوت التى لا تصام إنقطاعياً، فى ترتيب كنيستنا أن يوم السبت لايصام إنقطاعيا، لأن يوم السبت عيد الشريعة القديمة، والكنيسة المسيحية لم تلغ احترام السبت، وهذه نقطة مهمة فيها رد على إخوتنا الذين يسموا أنفسهم بالسبتيين، نحن لم نبدل السبت بالأحد، هذا التعبير غير أرثوذكسى، لم يحدث أبداً أننا استبدلنا السبت بالأحد، إنمــا لازال السبت له كرامته، لكن مجد الأحد غطى على مجد السبت. كلمة أبدلنا السبت بالأحد، هذا ليس تعبيرنا لم يحدث فى الكنيسة الأرثوذكسية أن أبدلنا السبت بالأحـد، لازال يوم السبت مكرماً فى الكنيسة الأرثوذكسية: أولاً: لأن هذا اليوم لايصام فيه إنقطاعيا. إحتراما لأن السبت عيد ولازال عيداً فى الكنيسة الأرثوذكسية. ثانيا: فى الألحان يعامل يوم السبت معاملة الأعياد، ويعامل معاملة الأحد تماما، مما يدل على أن يوم السبت فى المسيحية الأرثوذكسية له كرامته بإعتباره عيداً. ثالثا: أنه تُمنع فيه الميطانيات مثل يوم الأحد، الميطانيات معناها الصلوات الراكعة، حتى بالنسبة إلى الرهبان، تمنع الميطانيات يوم السبت مثل يوم الأحد، وتُمنع فيه الصلاة الراكعة كما قال الكتاب المقدس عن بولس الرسول يقول " جثونا على ركبنا وصلينا "، هذا الجثو يعفى المسيحيون منه يوم السبت ويوم الأحد وكذلك أيام الخماسين المقدسة، تكريماً لها وكذلك لفتا للنظر ولتحريك القلب إلى الشعور، بأنه يجب أن تكون رؤوسنا مرفوعة وقائمة وليست مذلة لأن الرب قد صنع خلاصه معنا إذن لهذه النقط الثلاثة يوم السبت له كرامته فى الكنيسة الأرثوذكسية، فيعامل معاملة الأحد من حيث أنه لايصام إنقطاعيا، وكذلك فى الألحان وعدم الصلاة الراكعة أو الميطانيات إنما مجد يوم الأحد غطى على مجد يوم السبت، فهنا لا يوجد إبدال، وأنا أضرب مثل لهذا، عندما تشرق الشمس ننظر فى السماء فلا نجد النجوم، هل النجوم انعدم وجودها، لا.. طبعا فى النهار لاتزال النجوم موجودة، بدليل أنه إذا حدث كسوف للشمس تظهر النجوم، إذن النجوم كانت موجودة ولاتزال موجودة، إنما حينما تكون الشمس ساطعة، بهاء الشمس يغطى على بهاء النجوم، فالنجوم لاتظهر لكن ليس معنى ذلك أنها غير موجودة. فنحن لم نلغ السبت، وإنما مجد يوم الأحد لأن فيه قام المسيح من بين الأموات وصنع الخليقة الجديدة، فمجد الخليقة الجديدة ومجد العمل العظيم الذى صنعه المسيح بمجده وقيامته فاق مجد الخليقة الأولى، فمجد يوم الأحد غطى على يوم السبت. والسيد المسيح قال " لاتظنوا أنى أتيت لأنقض الشريعة والأنبياء، ماجئت لأنقض بل لأتمم "فنظرتنا فى المسيحية إلى أمور العهد الجديد إنما هى تتميم للقديم، فحتى فى مسألة يوم السبت لازال يوم السبت له كرامته، ولازال عيداً فى الكنيسة المسيحية، وأقدم المصادر المسيحية تشير إلى أن القداس كان يُحتفل به فى بدء المسيحية فى يومى السبت والأحد، فإقامة قداس يوم الأربعاء والجمعة هذه جاءت متأخرة فى الزمن، إنما فى بدء المسيحية كان الإحتفال بالقداس يوم الأحد ويوم السبت. وهذا تكريم آخر ليوم السبت وهو عيد الشريعة القديمة، فلا زالت له فى العهد الجديد كرامته. ففى الأربعين المقدسة فيه خمسة سبوت، فهذه يعوض عنها بخمسة أيام، الإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة ومع إضافة السبت والأحد يكون أسبوع المهم أن هذا هو الأسبوع الأول المعروف بمقدمة الصوم الكبير، الذى كما قلنا أنه تمهيداً للدخول فى الصوم نسكياً، الأمر الثانى أنه تعويض عن خمسة أيام السبوت التى لا تصام إنقطاعياً ثم بعد ذلك الأربعين المقدسة مباشرة، أنا أقول هذا الكلام أيضا تصحيحاً لبعض أولادنا الأقباط، الذين يصوموا الأربعين المقدسة، ويفطرون الـ 15يوم الأولى، ويقولوا نبدأ من الأربعين المقدسة، هذا خطأ، الأربعين المقدسة تبدأ بعد اسبوع واحد من الصوم، لأن الأسبوع الأخير هو اسبوع الآلام وهو صوم منفصل عـن الأربعين المقدسة نقول كما قال المزمور" اعبدوا الرب بخشية واهتفوا له برعدة "، اختارت الكنيسة هذا المزمور لتؤكد أننا فى حاجة إلى من يلفت نظرنا إلى أهمية العبادة فى حياتنا الدينية، نحن عبيد والرب هو سيدنا، فعلامة خضوعنا وتقديرنا واحترامنا وإجلالنا لخالقنا وسيدنا أن نعبده العبادة، عبد يعبد بمعنى خدم يخدم، وخدم بأن جعل نفسه عبداً لسيد وهذا السيد هو الله. فعلامة إعترافنا وإقرارنا بالله وبسيادته علينا أن نعترف له بعبوديتنا، فنحن عبيده وهو سيدنا، ومن هنا جاءت العبادة كمراسم يعبر بها الإنسان عن تعبده لله، والعبادة مراسم فيها روح وفيها شكل، روح وشكل، الإثنين معا لأننا روح وجسد، الإنسان يتألف من روح ومن جسد، فالعبادة فيها روح وفيها شكل، فيها جوهر وفيها مظهر، القلب يخضع ويخشع ويخنع ويتعبد ويقر ويتواضع وينسحق، والجسد أيضا لإرتباطه بالروح يعبر عما تنفعل به الروح، فالروح التى تخشع، يخشع معها الجسد، ومن هنا كان إنحناء الإنسان أو ركوعه أو سجوده تعبير عما ينطوى عليه ضميره وقلبه من خضوع وخشوع وورع وانسحاق أمام العزة الإلهية هذه العبادة تقوم على أركان ثلاثة: هى التى شملها كلام المسيح فى عظته على الجبل وفى هذا الفصل الذى تلى علينا فى هذا الصباح : الرحمة - الصدقة – الصوم والجميل أن يسوع المسيح ربنا لم يبدأ لا بالصلاة ولا بالصوم، إنما بدأ بالكلام عن الصدقة أو الرحمة. وهذه عظمة الشريعة المسيحية وعمق نظرة الله إلينا، ولفت لنظرنا أنه قبل أن يطالبنا بالصلاة أو الصوم يطالبنا بالرحمة، فالرحمة أفضل من الذبيحة عند الله، الرحمة للفقراء والمساكين، والشىء الذى يبدو لنا غريباً حسب النظرة الإنسانية أنه فى يوم الحساب وفى يوم الدينونة لن يسألنا لا عن الصلاة ولا عن الصوم أبدا، إنما يقول للذين عن يمينه "تعالوا أيها المباركون من أبى رثوا الملكوت المعد لكم قبل إنشاء العالم لأنى كنت جائعا فأطعمتمونى، عطشاناً فسقيتمونى، عرياناً فكسوتمونى غريباً ومحبوساً فأتيتم إلىّ " لا يوجد كلام آخر لا عن الصوم ولا عن الصلاة، كل الحساب قائم على أساس الرحمة، وهذا يؤكد تماما أن الله يريد الرحمة قبل أن يريد الذبيحة، إن عبادة الإنسان لها واجب على الإنسان لكن الله لا يطلبها، لو كنت إنسان عظيم ومرتفع النفسية وتعمل الخير لا تتطلب من الشخص أن يشكرك، هو من واجبه أن يشكرك، لكن لأنك خَيّر تعمل الخير لأجل الخير فى ذاته، فالله لو أنه يطلب منا الصلاة والصوم كفريضة ويحاسبنا عليها يكون الله خلقنا لغرض يعود عليه هو، وفى هذه الحالة يكون الله أنانياً، وهذا ما نسمعه أحيانا فى بعض الناس، يقول: ربنا خلقنا لكى يعذبنا !! هذا المفهوم خاطىء، الله خلقنا لخير يعود علينا نحن وليس عليه هو، الله كان فى غنى عنا، لكن لماذا خلقنا؟ خلقنا لخير يعود على الإنسان لأن الله فى سعـادة لا تستقصى، فأراد أن يشرك معه كائنات غير موجودة، يوجدها لكى تشترك معه فى هذه السعادة التى لا تستقصى، إذن الوجود خير من العدم، لماذا ننظر هذه النظرة البائسة الشقية أن الله خلقنا لكى نشقى، لا.. بل خلقنا لكى نسعد، والله لأنه السعيد الأعظم وسعادته لا تستقصى، خلقنا لنشترك معه فى سعادته التى لا تستقصى. اضرب لك مثل بسيط، عندما يكون إنسان غنى جدا وليس عنده أولاد يكون حزين لأنه ليس له ابن يتمتع بهذا الخير العظيم، لكن لو كان له ابن يكون له فرح لأنه اطمئن إلى أن هذا الغنى والإرث الذى له، له ابن يأخذه بدلا من أن يتدمر هذا الخير عندما يكون الإنسان سعيد أو عنده فرح، نراه يدعو الأصدقاء والجيران ليشتركوا معه فى هذا الفرح، لأن هذا يزيد فرحه على الرغم من التكاليف التى يتحملها. لماذا خلقنا الله ؟ جاءنا هذا الإحساس الخَيّر من الله، لأن الله هو خالقنا، والله فيه صفة الخيرية وصفة الجودة التى تجعله يفرح بأن يخلق كائنات لكى تشترك معه فى سعادته التى لا تستقصى، وهذا معنى أن الله جعل لذته فى بنى آدم عندما قال الملاك: " المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة "، بالناس المسرة أى بالناس مسرته؟ الله مسرور بخليقته، فرحان بخليقته، وبالنـاس مسرته، يعنى لذته فى بنى آدم، يفرح بهم إذن الله عندما خلقنا لم يخلقنا لكى يعذبنا كما يقول بعض الناس حاشا .. إنما لأن الله هو الخير الأعظم، كما يقول بعض الفلاسفة: فلأنه الخير الأعظم فمن خيريته وجودته محبته للبشر، لذلك نحن فى الصلوات نقول يامحب البشر، فالله يحب البشر قبل أن يخلقنا، ولأنه كان يتمتع بسعادة لا تستقصى لذلك خلقنا لنتنعم نحن بها ومعه. توجد كلمة جميلة يقولها يوحنا الرسول: " نحن الآن أولاد الله "، طبعا بالتبنى وبالفضل، نحن الآن أولاد الله بالمعمودية، أعطاهم الحق أن يصيروا أولاد الله أى المؤمنين باسمه " نحن الآن أولاد الله ولم يتبين بعد ماذا سنكون !! " ياإلهى، ما هذا الجمال كله، لم يتبين بعد ماذا سنكون، هنا فتح أمامنا طريق الترقى، نحن اليوم فى درجة أولاد الله لكن أمامنا طريق مفتوح إلى فوق، طريق صاعد، قال: " كونوا كاملين كما أن أباكم الذى فى السموات هو كامل " نقطة البداءة أننا أولاد الله " لم يتبين بعد ماذا سنكون، غير أننا سنصير مثله " لأننا سنراه كما هو، سنراه كما هو فى حقيقته، فى طبيعته، ندخل إليه وإلى طبيعته دخولا، هو الله والإنسان خُلق ليكون إلهاً. كما يقول القديس اكليمنضس الاسكندرى، نحن خُلقنا لنكون آلهة، طبعا تحت قيادة الإله الأكبر العظيم، هذا هو الشرف الذى نحن فيه، لم نُخلَق لكى نشقى كما قال بعض الناس، لا.. نحن خُلقنا لكى نكون عائلة الله ، الله هو رب الأسرة، رب العائلة ، ونحن عائلة بيت الله ، هذا تعبير الكتاب المقدس، عائلة بيت الله، " لا أعود بعد أسميـكم عبيداً "، انظر الجمال لا أعود بعد، حتى كلمة عبيدك، هى أمر طبيعى لأننا عبيدك يارب، لكن الجمال أنه لا يريد أن نكون عبيد أو فى مرتبة العبيد، نحن نقول عبيد، وبولس الرسول يقول: عبد يسوع المسيح وأسيره، لكن المسيح له نظرة أخرى، نظرة ترفعنا إلى فوق، لا أعود أسميكم بعد عبيد إنما أحباء، لأنى أعلمتكم بكل ما سمعته من أبى. هنا يدخلنا إلى المعرفة، يدخلنا إلى فوق، يدخلنا إلى المكاشفات الروحانية التى ترفع مكانتنا من مكانة العبيد إلى أسرة بيت الله هنا العبادة تتألف من الرحمة أولا ثم بعد ذلك يتكلم عن الصلاة ويتكلم عن الصوم، والشىء الغريب أنه لم يقل صلوا، ولا مرة تجد المسيح يقول صلوا، أبداً، ولا يقول صوموا أبداً، ممكن تجد هذا الكلام من الرسل أو من نبى من الأنبياء، إنما الله لم يحدث أن قال صلوا أو صوموا، لأن هذا واجبنا نحن، هذه هى واسطتنا لكى نترقى إلى فوق، العبادة ليس المقصود بها أننا نثبت فقط أننا عبيد لخالقنا، وأن هذا برهان على عبادتنا، نظرة الله إلينا على أن الصلاة والصوم هذا واجبنا نحن، علينا أن نشكر الله، هو صنع معنا الخير ولا يتطلب حتى الشكر، لكن نحن علينا أن نشكر، هذا واجبنا، كذلك السيد المسيح لا يقول أن تصلى أو تصوم، أبدا، هذا واجبك، واجـب التعبد. أنت الذى تقدر فضل من يحسن إليك، ولذلك هو يقول متى صليتم، متى صمتم، لم يقل صلوا ولم يقل صوموا، واجبى أنا كإنسان يثبت أنه كريم وأنه يقدر فضل من أحسن إليه. سوء الفهم للصوم: أريد أن أنبه الناس التى ترى أن أولادها فى المدارس ويخافوا عليهم من الصوم، هذه نظرية خاطئة مبنية على سوء فهم للصوم، الإنسان الذى يتصور أن ابنه أو ابنته عندما يأكل طعام نباتى يضعف وخصوصا وهو يذاكر، هذا الكلام غير سليم، الثور الذى هو رمز القوة، ماذا يأكل؟ يأكل النبات فقط، النبات هو غذاء الإنسان فى حياته الأولى، الإنسان أصله نباتى، الفيل أقوى الحيوانات، الفيل لو أمسك الأسد بزلومته يقطمه، الفيل يضرب الشجرة برجله فتميل، الفيل يأكل النباتات. القرد الذى قوته عشرة أمثال قوة الرجل وعشرين مرة مثل المرأة، يأكل النباتات وجوز الهند إذن الأكل النباتى لا يضعف، كذلك الأكل النباتى يساعد على صفاء الذهن وهذه مهمة للأولاد والبنات الذين يدرسوا، بل أكثر من هذا أن الإنسان الذى يعيش نباتى لا تهاجمه الشيخوخة العقلية أو ما يسموه تصلب شرايين المخ، وهذه مسألة معروفة لذلك تجد من يسموهم النباتيين، الذين يعيشون طول أيام حياتهم يأكلوا نباتات ولا يسمحوا لأنفسهم أن يأكلوا اللحوم لأسباب صحية ولأسباب ذهنية، وليس لأسباب دينية وإنما لأسباب صحية، يوجد أديب ايرلندى كتب كتاب اسمه العودة إلى متوشالح، متوشالح عاش 960 سنة أطول إنسان عمراً، فيقول لو عاد الإنسان نباتيا طول أيام حياته لأصبح أطول عمراً، وأكثر صحة، وأكثر صفاءا ذهنياً، وهناك الرياضى العظيم فيثاغوراس كان نباتى أيضا، وهناك من العلماء والفلاسفة والمفكرين الذين يروا أن الحياة النباتية حياة أنسب للذهن وأيضا لصحة الإنسان، فلا تهاجمه الأمراض. الفيل يعيش أحيانا 300 سنة والأسد يعيش30 سنة والعشر سنين الأخيرة يكون فيها ضعيف أيضا هناك شىء مهم من الناحية الأخلاقية، النباتات تساعد على الدم الهادىء وعلى الأخلاقيات الطيبة، وأكل اللحوم يساعد على التوحش وعلى إثارة الغرائز ولهذا السبب الكنيسة المسيحية التى أباحت أكل اللحوم منعت أكل الدم والمخنوق؟ لأنه يثير الغرائز، الحيوانات آكلات النبات تجدها هادئة، الحيوانات آكلات اللحوم هى المتوحشة، الأطفال الصغار يركبون الفيل ويلعبون عليه ولا يشعروا بأى خطر لماذا ؟ لأنه من آكلات النبات، بينما كلب صغير كل الناس تخاف منه، حتى الرجل الكبير يخاف منه لماذا؟ لأنه من آكلات اللحوم. فالطبع يتأثر بالأكل وهى نظرية معروفة علمياً، فالحيوانات آكلات اللحوم دائما متوحشة، تعالوا معى إلى الطيور وإلى الدواجن والفراخ والبط والوز والحمام والعصافير، كل هذه هادئة لأنها من آكلات النبات أو الحبوب، بينما النسر والصقر وما إليها لأنها من آكلات اللحوم فيسموها الطيور الجوارح، ممكن نسر يخطف طفل يأكله، فهنا نظرية أخلاقية أن النبات يساعد على هدوء الطبع وعلى التحكم فى الغرائز، بينما اللحوم وما إليها تعمل على الإثارة، لذلك لو سيدة أخطأت وأعطت الفراخ مصارين فرخة ذبحتها تتوحش الفراخ، تأكل فى بعضها الخلاصة ياأولادنا أريد أن أقول أننا نخطىء عندما نلقن أولادنا وبناتنا خصوصا الذين فى المدارس أن الأكل الصيامى يُضعف أفلاطون فيلسوف وثنى غير مسيحى قبل المسيحية وقبل التجسد يقول " المدينة الصحية التى يأكل أهلها حبوباً وبقولاً وفواكه ولا يأكلون لحماً قط "، نريد أن نغير الأفكار التى فى أذهاننا، فلو صمنا فالصوم يفيدنا روحياً ويفيدنا صحياً ويفيدنا ذهنياً ويفيدنا أخلاقياً. ونعمة الرب تشملنا جميعا وله الإكرام إلى الأبد آمين . ‬ نيافة الحبر الجليل المتنيح الأنبا غريغوريوس اسقف البحث العلمى
المزيد
22 فبراير 2020

أعمى يقود أعمى !!

ترى من فيهم المخطيء، هل هو الذي في المقدمة أم الذي يتبعه؟، ومن هو المخدوع، هل الذي ظن في نفسه أنه قائد ومعلم ومرشد، أم الذي أطاع وتبع بغير افراز، ومن سيسقط أولاً هل القائد أم التابع (لاسيما إذا علمنا أنه في الكثير من الأحيان يدفع القائد الأعمى أمامه بمن يريد الاستعانة به) ولماذا يختار الأعمي أعمى نظيره ليقوده، هل لأن الطيور على أشكالها تقع !.كثيرون يحبون أن يكونوا مرشدين ومعلمين رغم أنهم دون المستوى! وهل هي شهوة لدى كثيرين أن يتقمصوا دور المرشد الملهم والمعلم المعصوم، رغم احتياجهم هم أنفسهم لمن يرشدهم! لقد قال القديس يعقوب "لا تكونوا معلمين كثيرين يااخوتي" (يع3:1) لقد كان قادة اليهود عميانا بينما كان الشعب كخراف لا راعي لها، لا يعرفون طريقهم وبالتالي يحتاجون إلى من يقودهم، ولكن أولئك القادة كانوا مخطئين لأنهم كادوا أن يوصلوا الخراف البسيطة الى هوة الهلا ك، ولذلك قال الرب عنهم "اتركوهم هم عميان " قادة عميان وان كان أعمى يقود أعمى يسقطان كلاهما في حفرة" (مت14:15) كما حذرهم لئلا يجعلوا تلاميذهم أبناء جهنم أكثرمنهم مضاعفاً(متى 15:23) وقديما قال الرب "فيعثر المعين ويسقط المعان ويفنيان كلاهما معا" (اشعياء 3:31) والمقصود بالأعمى هنا بالطبع ليس كفيف البصر، وانما هو الفاقد الاستنارة فهناك فرق بين البصر والبصيرة، ولذلك يقول السيد المسيح للمعلمين المضلين "لو كنتم عميانا لما كانت لكم خطية ولكن الان تقولون اننا نبصر فخطيتكم باقية (يوحنا 41:9)لقد كان القديس ديديموس ضريراُ ومع ذلك فقد كان لاهوتيا بارعاً ومعلما ومرشدا لكثيرين ولذلك فقد نصح الكثير من الآباء والمرشدين بعض من تلاميذهم بالاسترشاد بآباء غيرهم أكثر خبرة منهم، ولم يريدوا أن يتحملوا مسئولية أولادهم. اذاً فليتضع القائد العمى ولا يرتئي فوق ما ينبغي، وليحذر لئلا يهلك مريديه وتلاميذه بسببه، كذلك فليحذر التابع لئلا يقع في يد مريض بدل طبيب، نيافة الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف عام المنيا وابو قرقاص
المزيد
21 فبراير 2020

خليقة جديدة

«إِنْ كَانَ أَحَـــدٌ فِي الْمَسِيـــــحِ فَهُـــــــوَ خَلِيقَــــــةٌ جَدِيـــــدَةٌ: الأَشْيَــــاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُــــــوَذَا الْكُــــــلُّ قَدْ صَارَ جَدِيــــدًا» (2كو5:71)إن كان أحد في المسيح يسوع فهو خليقة جديدة، أنت الذي تعيش إيمانك في المسيح تعيش هذه الخليقة الجديدة. ولكن هذه الخليقة الجديدة لها مواصفات يجب أن تعرفها، ويجب أن تكون أمامك على الدوام، هذه المواصفات هي التي تجعل منك في الحقيقة خليقة جديدة. وأود أن أذكركم أن كلمة «جديدة» في مفهوم الكتاب المقدس تعني أنها جديدة في كل يوم، فهي لا تخضع للزمن. إذا أتيت بشيء جديد اليوم سوف يصبح بعد شهر قديمًا وبعد سنة يصبح أقدم وهكذا، ولكن في المسيح يسوع كلمة جديدة تعني جديدة في كل صباح، فلا تعرف غلبة الزمن عليها، ولا تعرف القِدَم، لأنك في المسيح يسوع دائمًا جديد، وهذه الحياة الجديدة هي مسئولية لكل أحد فينا. مـــــــاذا يعنــــــــي أن يكــــــــون للإنســـــــــان الخليقـــــة الجديدة؟الأشياء العتيقة التـــــي مضــــت يُقصَــــد بهـــــا الإنسان الذي يتخلّى عن خطاياه كل يــوم، ومن هنا تكون الخليقة الجديدة ثلاثية الأبعاد، هي تعني: قلبًا جديدًا وطبيعة جديدة وفكرًا جديدًا. 1) القلب الجديدنصلي كـــــــل يـــــــــوم ونقــــــــول: «قلبًا نقيــــًــــا أخلــــــق فيّ يا الله، وروحًا مستقيمًا جــــــدّده في أحشائي»، وهذه هي طلبة الصباح والمساء، بل طلبة كل وقت. ما أشهى أن يكون قلب الإنسان جديدًا دائمًا؛ فالقلب العتيق والممتلئ بالشرور والمُلوَّث بالخطايا والأفكار، قلب لا يصلح أن يكون ضمن الخليقة الجديدة. القلب الجديد يتجدّد بروح التوبة الدائمة، وروح التوبة تبدأ دائمًا في الصلوات المرفوعة، فعندما تنفرد بالحبيب وتنفرد في علاقاتك الشخصية بربنا يسوع المسيح، وترفع قلبك وتضعه في يد المسيح وتطلب منه قلبًا نقيًا، فهذه هي البداية لكي يكون قلبك جديدًا. وروح الصلاة هي الذي عبّر عنها ربنا يسوع المسيح في الأصحاح السادس في إنجيل معلمنا متى (الإنجيل الذي قرأناه في أحد الرفاع) وقال: «ادخل إلى مخدعك وأغلق بابك». إننا نحيا في هذه الأيام في طقس الصوم، والصوم هو الفترة التي ندخل فيها داخل القلب لأننا خارج الصوم تكون قلوبنا مشغولة بأشياء كثيرة. فما أشهى أن يخصّص الإنســــــان وقتًا كــــــل يوم، وإن صاحبته الأصوام فيكون الفعل الروحي أقوى وأقوى، بحيث أن هذا القلب يتجدد بروح الصلاة. وهذا الأمـــــر يــــا أحبائـــــي فـــــي غايــــــة الأهمية لأن هذا الزمان به أشياء كثيرة تسرق وقتنا للأرض، ويأتي السؤال: هل لديك وقت تخصصه لربنا؟ أن تقتطع من الوقت الذي يمنحه الله لك لكي ما تعيـــــده وتقدمه إلى الله؟ أحيانًا يا إخوتي الأحباء تمر بشارع مغلق ومكتوب عليه «مُغلَق للتحسينات»، قلبك في المخدع هو مُغلَق للتحسينات، والمقصود بالتحسينات هو روح التوبة.2) الطبيعة الجديدة هذه الطبيعــــــة ننالهــــــا من خــــــلال وسائـــط النعمة، ونقرأ في المزمــــــور الأول عن الرجـــــل الصالح الذي يكون كالشجرة المغروسة علـــــى مجاري المياه، ومجاري المياه تعني وسائط النعمة، نِعَم الروح القدس التي يعطيها لنا من خلال الأسرار، وفي بداية الأسرار في سر المعمودية حيث يلبس الطفل المُعمَّد الملابس البيضاء ويوضع الزنــــــــار الأحمـــــر حول كتفــه رمزًا لدم المسيح، لأنه صـــــار خليقة جديدة. ونسمي سر المعمودية «سر الولادة الجديدة». وهذه الطبيعة تستمر من خلال سر التناول المقدس أو سر الإفخارستيا، الذي يُعطى عنا خلاصًا وغفرانًا للخطايا وحياة أبدية لكل من يتناول منه، حياة أبدية طبيعة جديدة، وهذه الطبيعة الجديدة هي مسئولية كل واحد فينا.. يوجد أناس كثيرون لديهــــم قلق وخوف واضطراب وأمراض نفسية، هل تعلمون ما هو السبب؟ أنهم لم يدخلوا بعد في الطبيعة الجديـــــدة، حتى وإن كـــــان بعضهـــــــم مسيحيــــــون لكن ليس لهم التلامـــــــس الشخصــــــي والعلاقة الشخصيـــة مـــــــع الله. أيهــــــــــا الحبيــــــب تملّك الطبيعة الجديدة دائمًا، وعش بالأسرار المقدسة ووسائط النعمة هذه الطبيعة، وعش فيها بالحياة وليست بالعادة كشخص يذهب للتناول كالعادة، فهذه المفاهيم الروحية هي مفاهيم قوية بالطبيعة الجديدة.3) الفكر الجديد:لا أريد أن أسميه فكرًا جديدًا، ولكن يمكن أن أسميه نظرة جديدة أو رؤية جديدة. هناك شخص لا ترى عيناه إلّا الأشياء القبيحة، بل إذا رأت ما هو حســـــــن أحيانًا، فهو يقلبـــــه للعكس! هؤلاء هم الذين ينشرون الإشاعات ويقولون الأخبـــــــار السيئـــــــة ويخيفــــــــون النـــاس. ويوجد آخرون لديهم رؤية جديدة، والسبب الرئيسي فيها هو كلمة الله المقدسة والارتباط بالإنجيل. الإنجيل يعطيك روح الاستنارة، ودوام العلاقة مع الكلمة المقدسة تعطيك هذه النظرة الجديدة. من خلال الإنجيل نرى الحياة عطية الله العظيمة للإنسان، لذلك توصي الكنيسة بقراءة الإنجيل يوميًا، وأوجدت قراءات منتظمة في صلواتها لكي يكون هنام تعامل يومي مع كلمة الله. يقول الرسول إن: «كلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وفَعّالَةٌ وأمضَى مِنْ كُلِّ سيفٍ ذي حَدَّينِ، وخارِقَةٌ إلَى مَفرَقِ النَّفسِ والرّوحِ والمَفاصِلِ والمِخاخِ، ومُمَيِّزَةٌ أفكارَ القَلبِ ونيّاتِهِ» (عب4:21).الخلاصة أن الأشياء العتيقة قد مضت، الخطايا واهتمامات العالم واهتمامات التراب، هوذا الكل قد صــــــــار جديدًا، جديدًا بالقلـــــــب الجديـــــــد من خــــــــــلال الصلــــــــوات، وبالطبيعـــــــة الجديدة من خلال الأسرار، وبالنظرة الجديدة من خلال الكلمة المقدسة.التدريب الذي تأخده هو أن تصلــــي: «يا رب اجعلني من هذه الخليقة الجديدة، وأعطني القلب النقي، أعطني القلــــــــب الجديد، وأعطني هذه الطبيعة الجديدة في حياتـــــــي على الدوام، وأعطني الرؤية والنظرة الجديدة دائمًا». قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
20 فبراير 2020

التناقض المزعوم بين الأسفار وبين سِفْرُ اَلْقُضَاة

1- وبين اصحاح 3 : 8، اصحاح 11 : 36 فالذى يحسب من قسمه الارضالىنهايه تسلط العمونيين يجدها 329 سنه فمن قسمه الارضالىتسلط كوشان رشعتايم (ص 3 : 8) 10 سنين. ومن نهايه هذا التسلطالىتسلط العمونيين 300 سنه وسنه يضاف اليها مده تسلط العمونيين 18 سنه (ص 10: 8) مجموعها 329 سنه. ولكن فى سفر القضاه قيل انها 300 سنه، فنجيب ان يفتاح قال 300 سنه والمراد بقوله انها اكثرمن ذلك لانه من اصطلاحات اللغه العبريه استعمال اعداد تقريبيه عوضا عن الاعداد المضبوطه فاذا كان الفرق بين العدد الصحيح والكسور المضافه اليه بسيطا اكتفوا بذكر الصحيح. مثال ذلك ما جاء فى (عد 14 : 33) حيث ذكر 40 سنه والعدد الصحيح اقل من ذلك بقليل وفى (عد 3 : 39 و 26 : 22) احصى بنى اسرائيل والعدد يقسم على 10 بدون باق فنقول لمن اعترضوا على عدم وجود احاد واعتباره من المستحيلات ان الاحاد تركت اعتمادا على التقريب والايجاز، وامثال هذ كثير فى الكتاب المقدس وغيره. 2- بين اصحاح 8 : 27، عب 11 : 32 ففى الاول ان جدعون عبد الاوثان وفى الثانى يحسب مع الخالصين فنجيب : لا ريب ان جدعون تاب عن ضلاله ورجعالىعباده الهه كما يؤخذ من قول الكتاب (ومات جدعون بن يواش بشيبه صالحه) (قض 8 : 32). 3- بين اصحاح 13، اصحاح 14 – 16 ففى الاول ان شمشون ارسل من الله لخلاص اسرائيل من اعدائهم وفى الثانى ان شمشون سلك سلوكا مغايرا لشريعه الله. فنجيب ان ما اتاه شمشون من الشر كان من قبيل النقص البشرى، والله يستطيع ان يستخدم كل الوسائط لاتمام اغراضه. ويظهر ان الشعب حينئذ ضل للدرجه التى لم يكن فيها بينه من هو اليق من شمشون للقيام بهذا العمل. هذا على ان الله انعم على شمشون بالمواهب لا مكافاه لفضائله بل صيانه لشعبه من ظلم اعدجائهم، الا ان الله لم يترك شمشون بل ادبه تاديبا صارما (قض 16). 4- بين اصحاح 16 : 30، عب 11 : 32 ففى الاول ان شمشون امات نفسه وفى الثانى انه حسب من المؤمنين. فنجيب ان من يراجع خبر موت شوشون يجد انه مات تائباالىالله نادما عن معاصيه وجهله، وانه لم يقصد الانتحار انما قصد الانتقام من اعداء الله على قلعهم عينيه حتى منعوه من الانتصار لربه وشعبه ولكن الحال اقتضت ان يقتل مع الاعداء. فمثله مثل من استبسل فى الحرب العاديه فقتل فيها وهو يعلم انه لابد من ان يقتل. 5- بين اصحاح 17 : 7، اى 1 : 9 ففى الاول (كان غلام من بيت لحم يهوذا من عشيره يهوذا وهو لاوى) وفى الثانى يقرر ان كل سبط كان منفردا بذاته. فنجيب : ان الرجل لاوى بحكم الآيه واما سكنه فكان فى يهوذا، فذلك لان امه منها واما زواج ابيه اللاوى بامه من يهوذا فامر جائز فقد كان هرون اللاوى متزوجا بابنه عميناداب من يهوذا، وزكريا اللاوى باليصابات من يهوذا. المتنيح القس منسى يوحنا عن كتاب حل مشاكل الكتاب المقدس
المزيد
19 فبراير 2020

تَعَالِيم آباء الكنِيسة حولَ الحِشمة

تعالوا لِننظُر مَا هِىَ تَعَالِيم آباء الكنِيسة فِى أمر الحِشمة حيثُ أنَّ الخرُوج عَلَى آثار الغنم هُوَ الضامِن لِلوصُول وَكَنِيسة مُمتدة مِنْ شخص يَسُوع المسِيح والآباء الرُسل إِلَى إِنقضاء الدَّهر لِذلِك فَنحنُ نلتزِم بِرُوح التلمذة لآبائنا وَكُلَّ تُراثهُمْ الغنِى لأِنَّ التلمذة هِىَ حارِسة الرَّجاء وَرابِطة الإِيمان وَالمُرشِدة لِطرِيق الخلاص وَمُعَلِّمة الفضِيلة وَبِها نثبُت فِى المسِيح وَنحيا دوماً لله إِتباعها نافِع وَمُفِيد وَإِهمالها مُهلِك وَمُمِيت وَهُنا يُنَّبِهنا مُعَلِّمنا داوُد النَّبِى وَالمَلِك عَلَى ضرورة سَماع التَّعالِيم وَالعمل بِها وَخطورة إِهمالها وَأنتَ قَدْ أبغضت التأدِيب وَألقيت كَلاَمِى خلفك ( مز 50 : 17 ) وَعَلَى الكنِيسة مُمَثَّلة فِى رُعاتها أنْ تُعَلِّم وَتُنذِر وَتُؤدِب فَهِىَ لاَ تُبغِض مَنْ تُوَّبِخه بَلْ تُحِبَّه لأِجل تهذِيبه لأِنَّ الله قَدْ تنبأ بِأرمِيا النَّبِى قائِلاً وَأُعطِيكُمْ رُعاة حسب قلبِى فيرعُونكُمْ بِالمعرِفة وَالفهم( ار 3 : 15 ) لِذلِك علينا أنْ نُؤسِس نِفُوسنا عَلَى صخرة الكنِيسة غير المُتزعزِعة مِنْ عواصِف وَزوابِع العالم كى نصِل بِالتَعَالِيم الإِلَهِيَّة إِلَى جعالات الله0 القديس كبريانوس:- يقُول القِدِيس كبريانُوس فِى كِتابه " ثِياب العذارى " إِنَّ أعضاءنا عِندما تتطهر مِنْ دنس المرض القدِيم بِتقدِيس حمِيم المِياة أى المعمودِيَّة تَصِير هياكِل لله فَيجِب ألاَّ تُهان أوْ تُدَّنس فَصِرنا هياكِل خاصة لَهُ كما يقُول مُعَلِّمنا بُولِس الرَّسُول أنَّكُمْ لستُمْ لأِنفُسَكُمْ لأِنَّكُمْ قَدْ إِشتريتم بِثمن فَمَجِّدوا الله فِى أجسادكُمْ ( 1كو 6 : 19 – 20 )وَعلينا أنْ نُمَجِّد الله فِى جسد طاهِر عفِيف بِطاعة كامِلة حَتَّى لاَ يدخُل أى شىء دَنِس أوْ غير طاهِر داخِل هيكل الله لِئلاَّ يُهان فَيهدِم الهيكل الَّذِى سَكَنْهُ وَيُوَّجِه القِدِيس كبريانُوس حدِيثه لِلعذارى وَيمتدحهُنَّ قائِلاً أنهُنَّ زُهُور بِذار الكنِيسة أكثر أعضاء قطِيع المسِيح بهاءً وَبِهُنَّ تفرح الأُم الكنِيسة فَلاَ يُوَبِخَهُنَّ بَلْ يخشى عليهُنَّ مِنْ تجارِب العدو وَينصح وَيقُول يجِب عَلَى العذارى أنْ يحفظن أنفُسَهُنَّ طاهِرات عَفِيفات ليسَ فقط فِى الجسد بَلْ وَأيضاً فِى الرُّوح0 وعن الإهتمام بالزينة والأصباغ والشعر :- ليسَ مِنْ الصواب أنْ تُبالِغ العذارى فِى الإِهتمام بِزِينة جَسَدها أوْ تتباهى بِجمالها الجسدِى فِى حِين أنَّهُ ليسَ لديها جِهاد أعظم مِنْ جِهادها ضِد جَسَدها وَليسَ لديها صِراع أصعب مِنْ هزِيمة وَإِخضاع الجسد وَرغم أنَّ بُولِس يُعلِن بِصوت عالٍ[ وَأمَّا مِنْ جِهَتِي فَحَاشَا لِي أنْ أفتخِر إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنا يَسُوعَ المسِيحِ الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ العالمُ لِي وَأنَا لِلعالم ] ( غل 6 : 14 ) فَهل يلِيق أنْ تفتخِر عذراء بِجمالها الجسدِى وَمظهرها !! وَيُذَّكِرنا بِقول مُعَلِّمنا بُولِس أنَّ الَّذِينَ هُمْ لِلمسِيح قَدْ صلبُوا الجسد مَعْ الأهواء وَالشَّهوات ( غل 5 : 24 ) وَيَتَساءل كيف أنَّ من نذرت أنْ تجحد شهواتها وَأهواء الجسد توجد خاضِعة لِهذِهِ الأمور عينها الَّتِى سبق وَنذرت أنْ تجحدها فَمِنْ غير اللائِق بِأى مَسِيحِى وَبِالأخص بِالعذارى أنْ ينظُر أوْ يهتم بِأى مجد أوْ كرامة لِلجسد بَلْ فقط يهتم بِما يقوته وَيُرَبِيه لأِنَّهُ يطلُب وَيشتهِى كَلِمة الله حَتَّى ينال العطايا الَّتِى تدوم إِلَى الأبد وَيتحدَّث القِدِيس كبريانُوس عَنْ العذارى اللائِى يتعذبنَ وَيتألمنَ لأِجل الإِعتراف بِالإِسم الحسن وَكيف أنهُنَّ أقوى مِنْ العذابات رغمَ رِقة أعضائِهِنَّ وَلَكِنْ إِجتزنَ النِيران وَالصلب وَالحيوانات المُفترِسة حَتَّى كُلِّلنَ وَيصِف آثار عذاباتِهِنَّ فِى أجسادِهِنَّ بِأنَّها أفضل زِينة لأجسادِهِنَّ وَأنَّها جواهِر الجسد الثمِينة إِنَّ سِمات الزِينة وَالمُبالغة فِى الثِياب وَإِغراءات الجمال لاَ تلِيق إِلاَّ بِغير العفاف وَلِنتذكر أنَّ الكِتاب المُقدَّس الَّذِى بِهِ أرادَ الله أنْ يُعَلِّمنا وَيُهَذِبنا أعطىَ وصفاً لِلمدِينة الزانِية أنَّها جمِيلة لِلغاية فِى المنظر بِسبب زِينتها وَلَكِنَّها ستهلك بِسبب هذِهِ الزِينة عينِها[ ثُمَّ جاءَ واحِد مِنَ السَّبعةِ الملائِكةِ الَّذِينَ مَعَهُمُ السَّبعةُ الجاماتُ وَتَكَلَّمَ مَعِي قائِلاً لِي هَلُمَّ فَأُرِيكَ دينونةَ الزَّانِيةِ العظِيمةِ الجالِسةِ عَلَى المِياهِ الكثِيرةِ الَّتِى زَنَى معها مُلُوكُ الأرضِ وَسَكِرَ سُكَّانُ الأرضِ مِنْ خَمْرِ زِناها0فَمَضَى بِي بِالرُّوحِ إِلَى بَرِّيَّةٍ فرأيتُ امرأةً جالِسةً عَلَى وحشٍ قِرمِزِيٍّ مملُوءٍ أسماء تجدِيفٍ لَهُ سبعةُ رُؤُوسٍ وَعَشْرَةُ قُرُونٍ0وَالمرأةُ كانت مُتَسَرْبِلَةً بِأُرجوانٍ وَقِرمِزٍ وَمُتَحَلِّيَةً بِذَهَبٍ وَحِجارةٍ كرِيمةٍ وَلُؤلُوءٍ وَمَعَهَا كأس مِنْ ذَهَبٍ فَي يَدِهَا مَملُوَّة رَجَاسَاتٍ وَنَجَاسَاتِ زِنَاهَا ] ( رؤ 17 : 1 – 4 )0 وفى إستخدام الألوان والأصباغ يقول:- لِيعرِف كُلَّ جِنس المرأة وَلابُد أنْ يعلمنَ أنَّ عمل الله وَصنعَتِهِ يجِب ألاَّ يُغش أوْ يُغَيَّر سواء بِإِستخدام الألوان أوْ الأصباغ أوْ بِأى نوع مِنْ المساحِيق الَّتِى تُفسِد الملامِح الطبِيعِيَّة لأِنَّ الله يقُول نعمل الإِنسان عَلَى صورتنا كَشَبَهِنا ( تك 1 : 26 ) وَهل يجرؤ أحد أنْ يُغَيِّر أوْ يُبَدِّل مَا عمل الله إِنهُنَّ يُحاوِلن أنْ يُغَيِّرنَ مَا عملهُ الله غير عالِمات أنَّ كُلَّ مَا أتى إِلَى الوجُود هُوَ مِنْ عمل الله وَصنعَتِهِ فَإِذا كَانَ هُناك رسَّاماً وَرسمَ بِدِقة صورة لِشخص بِألوان رائِعة وَاكتملت الصورة وَصَارت شِبه الشخص المرسوماً تماماً ثُمَّ جاءَ آخر وَوَضَعَ يَدَهُ عليها كما لَوْ كَانَ لأِنَّهُ أكثر مهارة يُمكِنه أنْ يجعلها أفضل سَيَكُون مِنْ الطبِيعِى أنْ يحدُث خَطَأً شَدِيداً وَتتلف الصورة وَسَيَكُون ذلِك سبباً وَجِيهاً لِغضب الرَّسام الأصلِى وَإِرتكاب العذارى لِمثل هذِهِ التعدِيات إِنَّما هُوَ إِهانة لله الخالِق الصَّانِع الكُلَّ حَسَناً وَعِندما يُبالِغنَ فِى إِستخدام الأصباغ المُغرِية وَيَتَزَينَّ وَيُصَفِفنَ شعورَهُنَّ لِدَرِجة لاَ تعرِفَهُنّ بِهذا يُشَوِهنَ العمل الإِلهِى وَيَزُغنَ عَنْ الحقٌّ وَيَتَساءل القِدِيس كبريانُوس فِى أمر تغيير الملامِح بِالأصباغ الخادِعة وَالمساحِيق الكاذِبة أنْ كيف نُبَدِّل مَا هُوَ حقّ بِكَذِب وَماذا نقُول رغم قوله لاَ تقدِر أنْ تجعل شعرة واحِدة بيضاء أوْ سوداء ( مت 5 : 36 )وَيطلُب القِدِيس كبريانُوس فِى محبَّة أبوِيَّة مِنْ العذارى أنْ يتذكرنَ أنهُنَّ إِذا تَزَيَنَّ بِالمساحِيق هكذا فَإِنَّ خالِقَهُنَّ لَنْ يعرِفَهُنَّ ثانِيةً فِى يوم القِيامة وَسَيبعِدَهُنَّ عَنْ جعالتِهِ وَمواعِيده وَيرفُضَهُنَّ مُوَبِخاً إِياهُنَّ قائِلاً أنَّ هذا ليسَ عمله وَلاَ هذِهِ صورته وَأنهُنَّ قَدْ لَوَثنَ بشرتَهُنَّ بِمسحوق كاذِب وَغيَّرنَ شعرهُنَّ بِألوان مُختلِفة فَفَسَدت صورَتَهُنَّ وَتَبَدَلت رزانتهُنَّ وَهدوءهِنَّ وَيُحَذِرَهُنَّ أنهُنَّ لَنْ يستطِعنْ رؤية الله لأِنَّ عيونَهُنَّ لَمْ تعُد تِلكَ الَّتِى صنعها الله بَلْ تِلكَ الَّتِى أفسدها الشيطان وَبِمَحبَّة أبوِيَّة رَعَوِيَّة يحِث القِدِيس كبريانُوس بناته العذارى قائِلاً لِذلِك إِستَمِعنَ إِلَىَّ أيَّتُها العذارى كأب إِستَمِعنَ إِلَىَّ أرجوكُنَّ لأِنِّى أخاف عليكُنَّ لِذلِك أُحَذِر0 إِحفظنَ أنفُسَكُنَّ كما صنعكُنَّ الله الخالِق إِحفظنَ أنفُسَكُنَّ كما زينكُنَّ أبوكُنَّ السَّماوِى لِيظِل وجهكُنَّ غير فاسِد هيئتكُنَّ بسِيطة إِحفظنَ شعورَكُنَّ غير مُلَّوثة بِأى صبغة لِتكُنْ عيونَكُنَّ مُستحِقة أنْ تُعايِن الله إِهزِمنَ الزِينة الخارِجِيَّة لأنكُنَّ يجِب أنْ تهزِمنَ الجسد وَالعالم فَمِنْ غير المعقُول أنْ تهزِمنَ الأكبر أى الجسد وَالعالم إِنْ إِنغلبتُنَّ لِلأصغر أى الزِينة الخارِجِيَّة فلترتفِع عيونَكُنَّ نحو الله وَالسَّماء وَليسَ إِلَى أسفل نحو الشَّهوة وَالجسد وَشهوة العيُون وَمحَبِّة العالم تذكَّرُوا أنَّ الباب ضيِّق إِحتمِلنَ بِشَجاعة تقدمنَ رُوحِيَّاً إِجعلنَ المسِيح يُكافَئ فِيكُنَّ0 القديس يوحنا ذهبى الفم:- إِهتمَ القِدِيس يُوحَنَّا فم الذَّهب بِالتَّعلِيم وَلَهُ جرأة وَوَاقِعِيَّة شَدِيدة جعلتهُ يتعرَّض لأخطار كثِيرة وَاستمرَ فِى تمسُكِهِ بِالحقٌّ وَالتعلِيم إِلَى النَّفْس الأخِير وَهُنا نذكُر مَا حَدَثَ مَعْ المَلِك أركاديُوس الَّذِى أقامَ تِمثال مِنْ الفِضة الخالِصة لِزوجته الأمبراطورة أفدوكسِيا وَوَضَعَهُ فِى أكبر ساحات المدِينة بِجِوار كنِيسة أجِيَّا صُوفِيَّا وَفِى حفل تنصِيب التِمثال إِجتمع الشَّعْب فِى السَّاحة الَّتِى تحوَّلت لِمَسارِح وَحَفَلاَت راقِصة وَدَخَلت الأمبراطورة فِى موكِب مهِيب وَهِىَ لابِسة ملابِس خلِيعة وَغير مُحتشِمة فَغَارَ القِدِيس يُوحَنَّا عَلَى الكنِيسة فَصَاحَ يشجُب هذِهِ التصَّرُّفات وَيُبَكِت الأمبراطورة عَلَى خلاعتِها فَأثَارَ ذلِك مشاعِر الأمبراطورة وَبدأت تُخَطِط لِعقد مجمع مِنْ الأساقِفة لإِستبعاد ذهبِى الفم وَإِذْ سمع الأب البطريرك بِذلِك لَمْ يُبالِ بِالأمر بَلْ عَلَى العكس وقفَ فِى عِيد يُوحَنَّا المعمدان وَبدأَ يعِظ بِهذِهِ الكَلِمات هُوَّذا هِيرُوديا جدِيدة فِى وسطنا إِنَّها تعُود فترقُص فِى ثِياب خلِيعة إِنَّها تطلُب رأس يُوحَنَّا مِنْ جَدِيد فِى طبقٍ00وَلَكِنْ أقُول أنَّ يُوحَنَّا فضَّل أنْ يَكُون بِلاَ رأس عَنْ أنْ يَكُون بِلاَ ضمِير أدَّى ذلِك إِلَى نفى القِدِيس يُوحَنَّا وَبقىَ فِى منفاه حَتَّى تنيَّح عام 407م0 سؤال لنبحث له عن إجابة:- إِنْ كَانَ القِدِيس يُوحَنَّا فم الذَّهب فَعَلَ ذلِك مَعْ الأمبراطورة ماذا يفعل لَوْ أتى إِلَى بنات المسِيح اليوم وَهُنَّ فِى المُناسبات وَالأعياد وَالأفراح وَرأى أكثر مِمَّا فعلتهُ الأمبراطورة أفدُوكسِيا وَأسأل نَفْسِى ماذا ينبغِى أنْ أفعل إِنْ رأيت مَا رآه القِدِيس يُوحَنَّا فم الذَّهب هل إِختلفِت الأجيال أم أنَّ الوصِيَّة ثابِتة وَقداسِة الكنِيسة دائِمة أم أنَّ الحقٌّ فِينا غير مُعلن كما كَانَ فِى القِدِيس يُوحَنَّا فم الذَّهب ؟!! ينصح القديس يوحنا ذهبى الفم العذارى ويقول أتريدى أن تكونى جميلة ؟؟ تسربَلِى بِالصَدَقة إِلبِسِى العطف توَّشحِى بِالعِفة كُونِى خالِية مِنْ التشامُخ هذِهِ كُلَّها أوفر كرامة مِنَ الذَّهب هذِهِ تُصَيِّر الجمِيلة كَثِيرة الجمال وَغير الجمِيلة جَمِيلة وَعِندما تُغالِينَ فِى التَزَيُّن تكونِينَ قَدْ خلعتِ عنكِ حُسن الجمال0 ويخاطب العذارى قائلاُ:- قولِى لِى لَوْ أعطاكِ أحد ثوباً مَلَكِيَّاً فَأخذتِيه وَلبستِى فوقهُ ثوب العبِيد أمَا يَكُون لَكِ خِزى يلِيه عذاب ؟؟ قَدْ لَبِستِى المسِيح سيِّد الملائِكة أفَترجعِينَ إِلَى الأرض ؟ قولِى لِى لِماذا تتزينِين إِعلمِى أنَّ الرِّجال قَدْ يُعجبنَ بِالزِينة الخارِجِيَّة لَكِنْ إِلَى حِين أمَّا مَا يجذِب قُلُوبَهُمْ بِحقٌّ فَهُوَ الزِينة الدَّاخِلِيَّة بَلْ وَتجذِب قلب المسِيح أيضاً قائِلاً هَا أنتِ جَمِيلة يَا حَبِيبتِي عيناكِ حَمَامَتَانِ ( نش 1 : 15 )0 ينصح القديس يوحنا ذهبى الفم بالحشمة أيضا للمتزوجات :- إِذْ كيفَ تهتم أنْ تُرضِى رجُلها أوَّلاً وَآخِراً وَهُوَ الوحِيد الَّذِى يتعرَّف عَلَى جمالها الدَّاخِلِى وَالخارِجِى وَكما يغِير ربَّ المجد عَلَى عروسه فَلاَ يطلُب مِنْها أنْ تتصدق وَتصوم أوْ تُصَلِّى لأجل إِرضاء وَمدح الآخرِين إِنَّما تصنع هذا كُلَّه فِى الخفاء لأجله هُوَ وحده هكذا النِساء المُتَزَوِجات كيفَ يَكُون لَهُنَّ تقوى وَعفاف وَوَداعة وَجمال فِى الخفاء وَتهتم بِفَضائِلها كيف تُرضِى رجُلها وَليسَ العكس وَهُنا يُؤكِّد مُعَلِّمنا بُطرُس الرَّسُول أنَّ النِساء يستطِعنَ عَنْ طرِيق العفاف وَالطهارة وَالحِشمة رِبح أزواجِهِنَّ [ كَذلِكُنَّ أيَّتُها النِّساءُ كُنَّ خَاضِعاتٍ لِرِجَالِكُنَّ حَتَّى وَإِنْ كَانَ البعضُ لاَ يُطِيعُونَ الكَلِمة يُربَحُونَ بِسِيرةِ النِّساءِ بِدُونَ كَلِمةٍ مُلاَحِظِينَ سِيرَتَكُنَّ الطَّاهِرةَ بِخوفٍ ]( 1بط 3 : 1 – 2 ) إِذْ أعطىَ لِلحِشمة وَالوداعة وَالطاعة عِندَ المرأة دور تبشِيرِى كِرازِى وَعمل هام فِى رِبح النِفُوس لِلمسِيح وَأكثر مِنْ ذلِك ينصح القِدِيس يُوحنَّا ذهبِى الفم المُتَزَوِجات قائِلاً { ليتنا لاَ نهتم بِالمظهر الجمِيل الباطِل وَبِلاَ نفع ليتنا ألاَّ نُعَلِّم أزواجنا أنْ يُعجبوا بِالشكل الخارِجِى المُجرَّد لأِنَّهُ إِنْ كانت زِينتِك هِىَ هذِهِ فَإِنَّهُ يعتاد عَلَى رؤية وجهِك هكذا فَيُمكِنْ لِزانِية أنْ تأسِره بِسِهُولة فِى هذا الجانِب لَكِنْ إِنْ تعلَّم أنْ يُحِب أخلاقِك الصَّالِحة وَتواضُعِك فَإِنَّهُ لاَ يَكُون مُعَدَّاً لِلضياع إِذْ لاَ يجِد فِى الزانِية مَا يجذِبَهُ إِليها هذِهِ الَّتِى لاَ تحمِل هذِهِ السِمات بَلْ نقِيضتها لاَ تُعَلِّمِيه أنْ يُؤسر بِالضحك وَلاَ بِالملابِس الخلِيعة لِئلاَّ لَهُ السُم }0 كذلك القديس إكليمندس الأسكندرى يشير إلى خطورة الزينة الخارجية بقوله إِنَّ النِسوة اللاتِى يُنفِقنَ فِى الزِينة الخارِجِيَّة فَإِنَّهُنَّ لاَ يُدرِكنَ مدى تبدُّد القوى الدَّاخِلِيَّة لأِنَّهُ إِنْ نَزَعَ أحد عنهُنَّ هذِهِ الزِينة الزائِفة يُصاب بِخيبة أمل عنِيفة إِذْ لاَ يجِد فِى الدَّاخِل صورة الله السَّاكِن داخِل الإِنسان كما يجِب بَلْ يجِد صورة شهوانِى مسكِين0 القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب ثياب الحشمة
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل