المقالات

28 ديسمبر 2019

قلبا ُجديداُ وروحا ُ جديدة

نريد أن تكون هذه السنه جديدة في كل شئ . جديدة في الحياة ، في الأسلوب ، في السيرة ، في الطباع يشعر فيها كل منا ، أن حياته قد تغيرت حقاً إبي أفضل وكما قال الرسول " الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديداً "( 2كو 5: 17) . هناك أشخاص يعترفون ، ويتناولون ويقرأون الكتاب ، ويواظبون علي حضور الكنيسة والاجتماعات الروحية ، ويمارسون كثيراً من وسائط النعمة ومع كل هذه الممارسات الروحية ، ضعفاتهم ونقائصهم هي هي مازالت لهم نفس الطباع ، ونفس العيوب ، ونفس الشخصية لم يتغير في حياتهم شئ تراهم اليوم كما هو بالأمس لا فارق ! وفي السنة الجديدة كما في السنة الماضية لاتغيير ! الإعتراف عندهم هو تصفية حساب قديم ، ليبدأ حساب جديد ، بنفس النوع وبنفس الأخطاء ، ونفس العيوب و النقائض و السقوط ! ونحن لا ننكر قيمة الأسرار الكنسية وفاعليتها ، لمن يسلك فيها بطريقة روحية سليمة فبلا شك الإعتراف له عمله ، و التناول له فاعليتها ، لمن يسلك فيها بطريقة روحية سليمة فبلا شك الإعتراف له عمله ، و التناول له فاعليته ، وحضور الكنيسة له تأثيره ولكن هؤلاء الأشخاص لم يأخذوا القوة الموجودة في الأسرار ، أنما رأوها وجازوا مقابلها!ونحن نريد أن نستغل هذا العام الجديد ، لنعمل فيه عملاً لأجل الرب ويعمل الرب فيه عملاً لأجلنا ونقول فيه كفي يارب علينا السنوات القديمة التي أكلها الجراد تكفي السبع سنوات العجاف التي مرت علينا بلا ثمر ولا داعي لأن تستمر الضعفات القديمة نريد أن نبدأ معك عهداً جديده ، نفرح بك وبسكناك في قلوبنا ، وتجدد مثل النسر شبابنا فيهتف كل منا امنحني بهجة خلاصك قلباً نقياً أخلق في يا الله وروحاً مستقيماً جدد في أحشائي ( مز 50) . أنه عمل إلهى :- وأريد بهذه المناسبة أن أقرأ معكم بعض آيات هامة جداً في هذا الموضوع من سفر حزقيال النبي ولاحظوا في هذه الآيات ، أن الرب يحدثنا عن الدور الذي يقوم به هو من أجلنا ، وليس عن عملنا نحن إنه يقول أرش عليكم ماء طاهراً ، فتطهرون من كل نجاستكم ومن كل أصنامكم أطهركم وأعطيكم قلباً جديداً وأجعل روحاً جديدة في داخلكم وأنزع قلب الحجر من لحمكم ، وأعطيكم قلب لحم وأجعل روحي في داخلكم وأجعلكم تسلكون في فرائضي ، وتحفظون أحكامي وتعلمون بها وتكون لي شعباً ، وانا أكون لكم إلهاً وأخلصكم من كل نجاستكم ( حزقيال 36: 25- 29) إذن الله نفسه ، هو الذي سيعمل فينا هذا التغييرهو الذي سينزع القلب الحجري ، وهو الذي سيعطي القلب الجديد وهو الذي سيسكن روحه القدوس في قلوبنا وهو الذي سيطهرنا من نجاساتنا ، ويخلصنا منها كل ذلك عبارة عن عمل إلهي هو حقاً إننا نتوه في الحياة ، أن كان لي عمل التوبة في نظرنا ، هو عمل ذراعنا البشري الذي نتكل عليه ‍ ويقف الأمر عند هذا الحد وهكذا كلت وضعفت وأنهارت كل أذرعتنا البشرية ، ولم يتغير فينا شئ ، ولم نكمل الطريق ونسينا قول الرب لنا " تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريكم ( مت 11: 28) أنا أريحكم من كل نجاستكم أنزع منكم قلب الحجر وأعطيكم قلباً جديداً وروحاً جديدة وأسكن في قلوبكم إنه عمل إلهي إن تركتموه ، وأعتمدتم علي سواعدكم البشرية ، ستظلون كما أنتم متعبين ، وثقيلي الأحمال لذلك حسناً قال مار اسحق عن عمل الله في التوبة " الذي يظن أن هناك طريقاً آخر للتوبة غير الصلاة ، هو مخدوع من الشياطين " لا شك أن عدونا قوي طرح كثيرين جرحي ، وكل قتلاه أقوياء ( أم 7: 26) ولكن الله أقوي من عدونا هذا وهو قادر أن يغلبه فينا ، ويخلصنا من كل نجاساتنا ، أن كنا نلجأ إلي معونته الإلهية لذلك فلنمسك بالرب في بداية هذا العام الجديد نمسك به من أعماقنا ، ونقول له أنت لا تقبل يارب مطلقاً ، أن يكون العام الجديد بنفس ضعفات وسقطات العام الماضي مستحيل يارب أن ترضي بهذا مستحيل ‍ إذن فاعطنا قوة لكي ننتصر بها إننا سنتمسك بمواعيدك التي ذكرتها في سفر حزقيال النبي لقد وعدتنا وأنت أمين في مواعيدك حقق وعودك لنا . حياة جديدة:- قلت لنا علي فم عبدك حزقيال " أعطيكم قلباً جديداً " فأين هو هذا القلب الجديد ؟ وقلت " أنزع منكم قلب الحجر " وللآن لم ينتزع فأعمل يارب عملاً نفذ وعودك فلح هذه الأرض وكما قلت في القديم ليكن نور ورأيت النور أنه حسن قل أيضاً هذه العبارة مرة أخري " أرنا يارب رحمتك ، وأعطنا خلاصك "( مز 85: 7) أعطنا هذا القلب الجديد ، وأعطنا تجديد أذهاننا ( رو 12: 2) ما أكثر الذين ساروا مع الرب ، وأعطاهم أسماء جديدة ، وكان ذلك رمزاً للحياة الجديدة ، التي عاشوها معه إبرآم : أعطاه الرب اسما جديداً هو إبراهيم ،وساراي : أعطاها الرب إسماً جديداً هو سارة ،وشاول الطرسوسى : صار له إسم جديد هو بولس ،وسمعان : صار أسمه الجديد هو بطرس ،ولاوي : أعطاه الرب إسماً جديداً هو متي وكان كل ذلك رمزا للحياة الجديدة التي عاشها كل هؤلاء القديسين مع الرب وكان الاسم الجديد يذكرهم بها مثلما نرسم كاهناً ، ونطيعه اسماً جديداً في الكهنوت لكي يشعر أنه دخل في حياة جديدة مكرسة للرب ، غير حياته الأولي . وانه نال نعمة جديدة لم تكن عنده ، وأخذ سلطاناً جديداً لم يكن له وصارت له مسئوليات جديدة قد وضعت عاتقه بل حتي شكله يتغير من الخارج ، وملابسه تتغير ويشعر أن شيئاً جديداً قد دخل في حياته جعل هذه الحياة تتغير في طبعها وأسلوبها ومسئولياتها وأنت في السنة الجديدة ، هل تشعر بتغيير في حياتك ؟ لا تجعل هذه السنة تمر عليك ، وكل ما فيها من التغيير هو بعض التفاصيل البسيطة لا ، فالكتاب لم يقل تفاصيل وإنما قال " أنزع قلب الحجر ، وأعطيكم قلباً جديداً " والسيد المسيح يشرح لما طبيعة هذا التغيير ،فيقول " ليس أحد يجعل رقعة من قطعة جديدة علي ثوب عتيق لأن الملء يأخذ من الثوب ، فيصير الحزق أرادا " " ولا يجعلون خمراً جديدة في زقاق عتيقة لئلا تنشق الزقاق ، فالخمر تنصب ، و الزقاق تتلف بل يجعلون خمراً جديدة في زقاق جديدة ، فتحفظ جميعاً " ( مت 9 : 16 ، 17 ) إذن لا نضع رقعة جديدة علي ثوب عتيق أي لا تكون كل الجدة في هذه السنة ، أن نضع تصرفاً روحياً ، أو تدريباً روحياً أو سلوكا جديداً في نقطة ما كل ذلك علي نفس النفسية ونفس الطباع ، ونفس النقائص و الضعفات ويبدو هذا التصرف منا جديدة علي ثوب عتيق المطلوب إذن ، هو أن يتغير الثوب كله تخلع الثوب العتيق ، الذي هو قلبك الحالي بكل أخطائه قلبك الخالي من محبة الله ، الخالي من النقاوة و الطهارة ، بل الخالي حتي من مخافة الله ، إذ تسكنه محبة العالم هذا القلب كله ، يجب أن ينزع من داخلك ، ويحل محله قلب جديد كلما نقول في صلواتنا ، ونحن نصلي المزمور الخمسين " قلباً نقياً إخلق في يا الله "ما معني كلمة إخلق ؟ ولماذا لم نقل رمم هذا القلب ، أو أصلحه ، أو جمله ؟ لماذا نقول " قلباً نقياً إخلق في يا الله وروحاً مستقيماً جدده في أحشائي "؟ أليس المعني هو أننا نريد شيئاً جديداً وليس مجرد رقعة من سلوك معين توضع إلي جوار طباعنا الحالية الخاطئة ؟‍ إنها عملية تجديد مستمرة نطلبها في حياتنا كل يوم تجديد الطبيعة نأخذه في المعمودية ( غل 3: 27) ، رو6: 3، 4) أما تجديد السيرة ، وتجديد الذهن ( رو 12: 2) فنأخذه في التوبة باستمرار فنقول " روحاً مستقيماً جدده في أحشائي "( مز 50) ويرد علينا " يجدد مثل النسر شبابك "( مر 103: 5) إنها عملية تجديد مستمرة ، يعلمها الرب في حياتنا ، ونطلبها كل يوم في مزاميرنا وليست مجرد حادثة عارضة نذكرها في تاريخ معين إنه تجديد يشمل القلب كله ، والحياة كلها ومن الأمثلة التي تناسبنا هنا مثال الفحمة و الجمرة تصور مثلاً قطعة سوداء من الفحم ، كل من يلمسها يتسخ منها هذه الفحمة دخلت في المجمرة ( الشوريا ) وتحولت من فحمة إلي جمرة أخذت حرارة لم تكن فيها وأخذت ضياء ولهيباً وإشراقاً لم يكن لها بل حتي لونها الأسود صار يحمر ويتوهج ويعد أن كانت وهي فحمة توسخ كل من يلمسها ، أصبحت وهي جمرة تطهر مثال ذلك ما قيل من أن واحداً من السارافيم ، لما سمع أشعياء يقول " ويل لي قد هلكت ، لأني إنسان نجس الشفتين " ، اخذ جمرة من علي المذبح ، ومس بها فم أشعياء ، وقال له " هذه قد مست شفتيك ، فانتزع إثمك " ( أش 6: 7) لأن النار تطهر كل شئ النار التي ترمز إلي روح الله فهل أنت في حياتك فحمة أم جمرة ؟ هل دخل في طبيعتك شئ جديد ، يعمل روح الله الناري فيه ؟ هل في هذا العام الجديد ، وضعك الله في مجمرته المقدسة ، وأصبحت تخرج منك رائحة بخور هل تحس سكني الله فيك ؟إن لم يعمل الله فيك ، فباطل كل ما تعمله لابد أن يسكن النور فيك ، فلا تعود بعد ظلمة ولا أن يسكن الحق فيك ، فلا تكون باطلاً لابد أن تسكن فيك الحرارة ، فلا تكون بارداً ولا فاتراً وهذه السكني تغير حياتك كلها . كيف يحدث التغيير:- كيف يدخل هذا التغيير إلي حياتك ؟ إنك لن تتغيير بحق ، إلا إذا دخلت محبة الله إلي قلبك إسأل نفسك بصراحة : ما سر عدم الثبات في حياتك ؟ لماذا تقوم وتسقط ، وتعلو وتهبط ؟ ما السبب ؟ ما هي مشكلتك الحقيقية في حياتك الروحية ؟ أن مشكلتك هي بكل صراحة إنك تريد أن تحب الله ، مع بقاء محبة العالم في قلبك فأنت تحب العالم ، ولك فيه شهوات تعرفها غير انك من أجل الله - تحاول أن تقاوم هذه الشهوات تقاومها من جهة الفعل ، مع بقائها من جهة الحب في قلبك إثنان لا واحد ينطبق عليك قول أحد الأدباء " وكنت خلال ذلك ، أصارع نفسي وأجاهد ، حتي كأنني إثنان في واحد هذا يدفعني وذاك يمنعني "مشكلتك إذن ، هي هذه الثنائية التي تعيشها هذا الصراع الذي فيك بين محبة العالم ، بين الخير والشر ، البر والفساد ، الحلال والحرام ذلك لأن محبة الله لم تستقر بعد قلبك لا تتمسك إذن بالتفاصيل ، وتترك هذا الجوهر ، أعني محبة الله صارع مع الله في بداية هذا العام ، وقل له " أريد يارب أن أحبك أريد أن محبتك تسكن في قلبي أنا محتاج أن أحب الخير والقداسة ، أن أحب الفضيلة والحق "" لا أريد أن أضع أمامي الخير كوصية ، وإنما كحب " " لا أريد أن تكون الخير وصية ، أكافح نفسي لكي أصل إليها إنما أريد أن يكون الخير حباً ، أتمتع به أريد أن تكون وصيتك محبوبة لدي أجد فيها لذة أذوقها فتشبع نفسي مثلما قال داود النبي " باسمك أرفع يدي ، فتشبع نفس كما من لحم ودسم "( مز 62) ، محبوب هو اسمك يارب ، فهو طول النهار تلاوتي " (مز 119) ، " أحببت وصاياك أكثر من الجوهر الكثير الثمن "( مز 119 ) ، " وجدت كلامك كالشهد فأكلته أحلي من العسل و الشهد في فمي "( مز 119 ) هذا الأساس المتين ، الذي تبني عليه حياتك الروحية من الصعب ومن المؤلم ، أن تكون حياتك صراعاً متوصلاً قيام وسقوط ، توبة ورجوع ، حياة مع الله وحياة مع العالم ‍ إذن قف وقل له أنزع مني يارب هذه الشهوات الباطلة أنزعها أنت بنعمتك ، بقوتك الإلهية ، بفعل روحك القدوس أنزع مني محبة العالم أنزع مني القلب الحجر أنا أضعف من أن أقاوم وقد دلت الخبرة علي سقوطي في كل حرب مهما كانت بسيطة ليست لدي آيه قوة ولست لدي أية قوة ولست مستطيعاً أن أعتمد علي نفسي فادخل أنت إلي حياتي وانقذني أنني مثل إنسان مهدد بالموت ، فماذا بالموت ، فماذا أفعل ؟ أنني امسك بقرون المذبح ، في مدينة الملجأ ، لأجد حياة لأنني لو تركت قرون المذبح ، أقاد إلي القتل ، ولا قوة لي أن قلبي الذي يحبك ، أو الذي يريد أن يحبك ، لا تزال فيه محبة الخطية لا تزال فيه الشهوة الفلانية تتعبه وها أنا قد أمسكت بك ولن أتركك حتي أتمتع بالآية القائلة أبيض أكثر من الثلج ومتي أبيض أكثر من الثلج ؟ عندما تغسلني أنت إذن " إنضح علي بزوفاك فأطهر وأغسلني فأبيض أكثر من الثلج ( مز 50) نعم هذا الذي نقولة في الكنيسة ، في صلوات القداس الإلهي " طهر نفوسنا ، وأجسادنا ، وأرواحنا " أنت الذي تطهرها ، لأنها لا يمكن أن تطهر بدونك أنت الذي ستطهر فينا النفس و الجسد و الروح أنت الذي ستنزع هذه النفس الساقطة الخاطئة الملوثة ، وتعطينا بدلاً منها نفساً جديدة تعطينا روحاً جديدة ، قلباً جديداً ، وتر علينا ماء طاهراً فنطهر أنت يارب منذ زمان ،رششت علي ماء طاهراً فطهرت ، ثم رجعت فلوثت نفسي لكن لي أملاً في قولك المعزي من كل نجاساتكم ، ومن كل أصنامكم ، أطهركم وأعطيكم قلباً جديداً ، وأجعل روحاً جديدة في داخلكم نعم يا أخوتي ، ليتكم تحفظون هذه الآيات وتصارعون بها مع الله . صراع مع الله:- لتكن هذه السنة الجديدة ، سنة صراع مع الله تمسك بالرب ولا ترخه ( نش 3: 4)وقل له كما قال أبونا يعقوب : لن أتركك لن أتركك حتي تباركني ( تك 32: 26) ما معني عبارة " لا أتركك "؟ معناها أن تكون طويل الروح في الصلاة لا تمل بسرعة من الطلبة ، ولا تضجر ، ولا تيأس مهما تأخر الرب عليك بل أمسك بالرب بقوة بدموع ، بمطانيات ، بابتهالات بلجاجة ، بصراع مع الله قل له أنا يارب عاجز عن مقاتلة الشيطان ، الذي من قبل أن يسقط قديسين وأنبياء لا تتركني أنا الإنسان الترابي ، لأقاتل شيطاناً هو روح ونار أليس الشيطان ملاكاً قد سقط وقد قال الكتاب " الذي خلق ملائكته أرواحاً ، وخدامه ناراً تلتهب "( مز 104 : 4) والشيطان وإن كان قد فقد قداسته ، إلا أنه لم يفقد طبيعته ، فمازال روحاً وناراً ، بكل ما للملاك من قوة فمن أنا حتي أحاربه ؟‍‍ ! إن كان القديس العظيم الأنبا أنطونيوس ، قد قال للشيطان " أنا أضعف من أن أقاتل أصغركم " فمن أنا حتي أدعي القوة وأقف وحدي لآقاتلهم ؟! بصراحة تامة أنا يارب لا أقدر فإن لم تدخل يدك الإلهية لتنقذ وتخلص إن لم تعمل روحك القدوس في داخلي إن لم تنزع مني قلب الحجر ، وتعطيني قلباً جديداً وروحاً جديدة غن لم تنضح علي بزوفاك فأطهر ، وتغسلني فأبيض أكثر من الثلج إن لم تحقق مواعيدك ، فلن أتركك في هذه الليلة هكذا صارع مع الله فكل الذين صارعوا معه ، نالوا ما يطلبون قل له أنا لن أتركك يارب في هذا العام ، دون أن أنال قوة انتصر بها حتي لو تركتني أنت فلن أتركك أنا وإن تخليت عني ، لن أتخلي عنك قل له أنا واقف لك في هذه الليلة لن أبرح سهرة رأس السنة ، دون أن أشعر بتغيير في داخلي ، وآخذ قلباً جديداً إن لم تتصارع مع الله ، لا يشعر أنك جاد في طلبك هذه اللجاجة في الصلاة ، هي التي تقتدر كثيراً في فعلها أما أن تبحث في بداية العام الجديد عن إرادتك وعن عزيمتك ، وتصدر قرارات من جهة ضعفاتك ونقائصك فهذا كله لن يفلح في شئ ، أن لم يدخل الله معك فأكبر جهاد لك إذن تفتتح به هذا العام الجديد ، هو الصراع مع الله إن جاهدت مع الله ، لا تحتاج أن تجاهد مع نفسك لأنك في صراعك مع الله ، سينزع منك الحجر ويعطيك قلباً جديداً وروحاً جديداً وحينئذ لا يحتاج أن تصارع ضد القلب الحجر ، إذ قد نزعه الرب منك وأرواحك من متاعبه وحينئذ يشعر قلبك الجديد بلذة الحياة الروحية ، فتذوق الله ، وتستطعمه وتحيا حياة جديدة ليتنا نأخذ الحياة الروحية بطريقة جدية وطلباتنا إلي الله تكون طلبات جدية بإلحاح شديد برغبة قلب ، بحرارة ، بدموع ، بصلابة، بشدة، بطلب مستمر ونمسك بالرب ونقول له " لن أطلقك " ونأخذ منه معونة ولنأخذ لنا مثالاً صلوات داود النبي كان لا يترك الصلاة حتي يأخذ ، فيحول الطلبة إلي شكر كان يكلم الله بدالة وفي أثناء الصلاة يشعر بالإستجابة يشعر بالإيمان أن الله قد عمل معه عملاً ، وأنه قد أعطاه ما يريد ، فيشكره وهو مازال يطلب لقد جرب داود في مزامير كيف يصارع الله باللجاجة ، بالمودة ، بالإقناع جرب كيف يحنن قلب الله ، وكيف يحنن قلب الله وكيف يعاتبه في دالة ويقول له لماذا يارب تقف بعيداً ؟ لماذا تختفي في أزمنة الضيق ( مز 10) جرب داود كيف يحنن قلب الله بالدموع ويقول للرب " في كل ليلة أعوم سريري ، وبدموعي أبل فراشي " (مز 6) . ويقول له " أنصت إلي دموعي "أختبر أيضاً النقاش مع الله ، بأنواع وطرق شتي نحن نحتاج في بداية العام الجديد أن نطلب معونة إن كان الإنسان الذي تحاربه خطية واحدة ، يحتاج إلي معونة للتخلص من هذه الخطية ، فكم بالأولي أنا الذي تحاربني خطايا عديدة لذلك أنا يارب محتاج إلي شحنة قوية أكثر من جميع الناس حسن أن أليشع النبي ، طلب اثنتين من روح إيليا وليس واحدة ( 2مل 2: 9) وأنا يارب مثله أريد معونة مضاعفة معونة تغطي علي السلبيات ، وأخري تساعد علي العمل الإيجابي الانتصار علي الخطية يحتاج بلا شك إلي معونة والسير في الطريق الروحي وفي عمل البر يحتاج أيضاً إي معونة معونة ونحن نطلب الأمرين معاً في بداية العام الجديد وإن أرادهما الله في عمل واحد من أعمال روحه القدوس ، فليكن لنا كقولة وماذا عن طلباتنا أيضاً في العام الجديد ؟ لا شك نريد ثباتاً نريد فيه تصميماً علي الحياة مع الله ، تصميماً بلا رجعة . تصميم بلا رجعة:- فلا تدخل إلي العام الجديد ، وعيناك لاصقتان بالعام القديم في كل شهواته وأخطائه ونقائصه لا تكن مثل إمرأة لوط ، التي خرجت جسدياً من أرض سادوم ، وقد تركت فيها هناك ، وعيناها لا تزالان متجهتين نحو سادوم ولا تكن أيضاً مثل بني إسرائيل ، الذين عبروا البحر الأحمر ، وخرجوا من أرض مصر ولكن عقلهم لا يزال متعلقاً بقدور اللحم التي في مصر ، وبالبطيخ و الكرات لكن أخرج من خطايا ذلك العام بغير رجعة وفي بداية هذا العام الجديد ، أحتفظ في أذنيك وداخل قلبك بالعبارة التي قالها الملاكان للوط وهم يخرجونه مع أسرته من سادوم " لا تقف في كل الدائرة اهرب لحياتك "( تك 19 : 17) نعم ، لا تقف في كل الدائرة القديمة ، بكل ما تحوي من خطايا وعثرات وبكل ما فيها من ضعفات وسقطات أهرب لحياتك لا تنظر إلي الوراء ، ولا تمس نجساً وقل للرب عن العام الماضي كله هذه العام الماضي كله ، سأدفنه يارب عند مراحمك الكثيرة سألقيه كله في لجة محبتك . سأتركه في المغسل الإلهي ، حيث يغسل الرب نفسي فتبيض أكثر من الثلج لست أريد من ذلك العام شيئاً أنا متنازل عنه كله حتي أن كانت لي فيه فضيلة معينة ، فهذه أيضاً لا أريدها كل ما أريده يارب ، هو أن أبدأ معك من جديد أريد أن انسي ما هو وراء ، وامتد إلي قدام ( في 3: 13) أريد أن أبدأ معك بداية جديدة ، كما بدأت بنعمتك مع نوح ، بعد أن أزلت الماضي القديم كله ، وغسلت الأرض من أدناسها هذا الماضي القديم كله ، أنا متنازل عنه . يكفي اليوم شره ( مت 6 : 34) أما العام الجديد ، فأريد أن أبدأه بالرجاء ربما يحاربني الشيطان باليأس ويقول أنت هو أنت ، في يدي ، لا تخرج ولن تستطيع أن تغير طباعك القديمة أو تتخلص من نقائصك ! نعم ، أن لا أقدر ولكن الله يقدر وأنا لي رجاء في الله ، وفي عمله معي وأنا لست وحدي في هذا العالم الجديد ، لأن الآب السماوي معي سأبدأ هذا العام الجديد ، معي روح الله القدوس ومعي نعمة ربنا يسوع المسيح ومعي من ملائكة ومن أرواح القديسين ومن صلوات الكنيسة المنتصرة ومعي أيضاً وعود الله الصادقة معي وعود الله المحب الرؤف والله أمين في كل مواعيده ، لا يرجع عن شئ منها وأنا سأتمسك بوعود الله ، وأطالبه بها ، وعداً وعداً يكفيني أن أضع أمام الله ما وعد به في سفر حزقيال النبي وأقول له في دالة الحب ألست أنت القائل " أعطيكم قلباً جديداً واجعل روحاً جديدة في داخلكم "( حز 36: 26) أين هو هذا القلب الجديد ، الذي وعدت به يارب ؟ وأين هذه الروح الجديدة ؟ سامحني يارب واغفر لي ، أن قلت وأنا تحت إقدامك أنت مديون لي بهذه المواعيد وأنا سأطلبك بكلامك حقاً إنني مسكين وفقير ولا أملك شيئاً ولكني أملك مواعيد أملك محبتك المجانية التي وهبتني إياها أملك عهدك معي ، وقولك الإلهي " من كل نجاساتكم ومن كل أصنامكم أطهركم " ، أجعل روحي في داخلكم ، وأجعلكم تسلكون في فرائضي " ( حز 36: 25، 27) ولعل الرب يقول أعطيتك قلباً جديداً ، فرفضت أن تأخذ ! أو لعله يقول " جعلت روحي في داخلك ولكنك أحزنت الروح ، وأطفأت الروح وقاومت الروح " فأنت المديون بهذا كله نعم يارب أنا أعترف بهذا ولكن لا تتركني لضعفاتي وأن أخطأت ، فلا تتركني لخطاياي ولا تحاسبني عليها ، وإنما أنقذني منها فأنت الذي قلت عن سلبياتنا " من كل نجاستكم أطهركم " وأنت الذي قلت عن الإيجابيات " وأجعلكم تسلكون في فرائضي " وأنا متمسك بكل هذا وأن كنت أنا ضعيفاً عن حفظ ملكوتك في داخلي ، وأن كنت مديوناً لك ، إلا أني أقول لك تقلد سيفك علي فخك أيها الجبار ، أستله وأنجح وأملك العمل ليس عملي ، وإنما عملك أنت تعال إذن وأملك أنزع بنفسك القلب الحجر ، وامنح القلب الجديد ، واعطني أن أستسلم لعملك في ، كما يستسلم المريض لمشرط الطبيب ، فيقطع منه ما يلزم قطعه ، ويصل ما يحسن وصله وهو بلا إرادة ولا وعي تحت مشرطه فلاكن يارب هكذا معك ، وأعطني قلباً جدياً . قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كيف نبدأعاماً جديدا
المزيد
27 ديسمبر 2019

تدريب روحي لعام 2020م

بمناسبة استعدادنا للعام الجديد 2020م، أحب أن يكون تأمل هذه الليلة في مزمور رقم رقم 18 وهو مزمور طويل (50 آية)، وقد صلي به داود النبي بعد أن أنقذه الله من أعدائه ومن يد شاول الملك. المزمور به تسبيح وعبارات جميلة ومعانٍ جميلة تصلح لنا جميعًا كأفراد أو مجموعات سواء الكنيسة أو الأسرة، ويصلح أن يكون تدريب روحي نبتدئ به السنة الجديدة.وسنتأمل فقط في الكلمة الأولى «أُحِبُّكَ يَا رَبُّ، يَا قُوَّتِي»... أُحِبُّكَ يَا رَبُّ، يَا قُوَّتِي.. ونحن نستعد لاستقبال عام جديد يجب أن يكون لنا خطة ويجب أن يكون لنا رؤية لهذا العام الجديد، فلتكن لنا هذه الكلمة شعارًا لنا «أُحِبُّكَ يَا رَبُّ، يَا قُوَّتِي». ولكن ماذا تعني أحبك يا رب أو ما يقصده داود النبي؟ «أُحِبُّكَ يَا رَبُّ، يَا قُوَّتِي» لها خمسة أبعاد تشرحها، وكما ذكرت في مرات سابقة أن رقم خمسة يُعبّر عن القوة (مثل أصابع اليد). «أُحِبُّكَ يَا رَبُّ، يَا قُوَّتِي» اختصر فبها المرنم خمس كلمات في كلمة واحدة، ووضعها أمامنا لكي يمكن أن تكون تأملنا أو يمكن أن نسميه خريطة طريق للعام الجديد.المعنى الأول: الشكر أول معنى لكلمة أُحِبُّكَ «أنني أشكرك» أشكرك يا رب.. العام الماضي بأيامه بما فيها أمور حلوة وأمور مُرّة عبر، ومثلما نصلي صلاة الشكر «نشكرك على كل حال ومن أجل كل حال وفي كل حال»، ومثلما تعلمنا كنيستنا أن بداية صلواتنا دائمًا هي بالشكر، وبداية يومنا هي بالشكر، ونشكر الله على عطاياه السبعة الكبيرة التي يعطيها لنا (سترتنا، وأعنتنا، وحفظتنا، وقبلتنا إليك، وأشفقت علينا، وعضدتنا، وأتيت بنا إلى هذه الساعة)، هذه العطايا التي يمنحها الله لنا جميعًا. أنا يا رب أحبــــــــــك.. هذا الحــــــــــب يبـــــــدأ دائمًا بالشكر، أشكرك على كل ما صنعته معي في العام الماضي، أشكرك على كل ما فعلته وقدمته سواء على المستوى الشخصي أو المستــــوى الجماعي، أشكرك يا رب على أمور كثيرة في حياة الإنسان دبرتها ورتّبها، ويقف الإنسان أمام الله قائلًا له: ماذا أقول يا رب أمام حسناتك الكثيرة وعطاياك الجليلة في كل صباح؟ويعلمنا الآباء أنه ليست موهبة بلا زيادة إلا التي بلا شكر، يشكر الإنسان على كل شيء، حتى على الألم والتعب وأحيانًا على الخسارة. أحيانًا يتذمر الإنسان على حياته، فقد كان يأمل أن يتحقق شيء ولم يتحقق.. وتذمُّر الإنسان يتعبه وينسيه الشكر.. يمكن أن تشكر على كل صغيرة وكبيرة، على الصحة، على الخير الذي بين يديك كثر أم قلّ، على صداقاتك ومعارفك، بل وعلى الفخاخ التي نجاك منها، على عطايا الأكل والحماية والملبس والهواء الذي نستنشقه. لو جلس الإنسان لكي ما يعدد عطايا الله له لن يحصرها أبدًا.المعنى الثانـــــــي: التوبــــــــة أُحِبُّكَ يَا رَبُّ، يَا قُوَّتِي... يعني أنني أتوب إليك.. في العام الماضي يمكن أن يكون الإنسان قد صنع بعض الأمور الخاطئة أو انجرف إلى بعض الضعفات أو بعض السهوات أو بعض الخطايا أو بعض التقصيرات، خطايا صنعها بمعرفة وخطايا صنعها بغير معرفة، خطايا خفية وخطايا ظاهرة، خطايا بإرادة وخطايا من غير إرادة. لذلك مع بداية عام جديد، جيد جدًا أن الإنسان يقدم توبة: «أتوب إليك يا رب، توّبني، أنا أحبك وأعرف إنك لا تحب الخطية لكنك تحبني حتى عندما أكون خاطئًا، لا تحب خطيتي ولا تريدها ولكنك تحب الإنسان حتى وإن كان خاطئًا، تحبه كإنسان». هل لك جلسة اعتراف وجلسة توبة حقيقية؟ هل تقدر في نهاية السنة أن تفرغ قلبك؟ هل تظنون أنه يمكننا أن نضع في كوب شيئًا صالحًا للشرب وآخر غير صالح للشرب في نفس الوقت؟ لا يمكن..! هل عزمت على التوبة وأن تنقي قلبك؟ أن تبدأ السنة الجديدة بقلب سليم؟ فكّر كيف تسكّن ضعفاتك وكيف تنقي قلبك، لأنه بدون نقاوة القلب لن يعاين أحد الله. لذلك تضع الكنيسة مزمور التوبة في بداية الصلاة هو تعبيرًا عن هذا البُعد في حب الله. مزمور التوبة مزمور فردي (أرحمني يا الله كعظيم رحمتك...)، ونقول في نهاية كل ساعة بالأجبية «ارحمنا يا الله ثم ارحمنا» بصيغة جماعية... التوبة الجماعية مجموع توبة الأفراد.. هل تطبق عبارات المزمور الخمسين على نفسك؟ هذه المزامير أو قطع الصلوات بصفة عامة هي مقاييس نقيس عليها أنفسنا، فترى أين أنت من مزمور التوبة، أين أنت من كلماته وعباراته ومشاعره ودموعه. أحبك يا ربي يا قوتي، أنت هو توبتي، وأنت الذي تساعدني على هذه التوبة.المعنى الثالث: الوعـــــد أعدك يا رب.. فرصة قوية جدًا مع بداية العام الجديد لكي تَعِد الله بتعهدات فمك لكي ما يباركك. كنت مقصرًا في الإنجيل، في الصلوات، في الأصوام، في الحياة الروحية بصفة عامة، في الاعتراف، في النسكيات، في ممارسة الأسرار... فما رأيك أن تقدم وعودًا لله من اليوم؟ قدم وعدًا بقلبك، قل: أعدك يا رب ولكني أريد منك أن تقويني. بماذا يا تُرى ستعد ربنا في نهاية السنة وأنت تستقبل عامًا جديدًا؟.. وعود تخص حياتك الروحية، حياتك الاجتماعية... ممكن أن تتصالح مع من تخاصمهم، ممكن أن تعد الله أنك تُحسّن طريقة تربية أولادك وبناتك. أحيانًا الآباء والأمهات تربيتهم يكون بها شىء خاطىء، ها توعد ربنا بإيه؟ ربنا منتظر وعدك، منتظر تعهدات فمك، وهذه التعهدات هي تعهدات قلبية. لا أريد فقط أن تقدم لله وعود، ولكني أريد أيضًا أن تقدم لإلهك أحلامًا واشتياقات، أحلام في الدراسة في الخدمة في العمل، أحلام في الحياة بصفة عامة... الأحلام تعني أن أن الإنسان حيّ، فالإنسان الميت لا يحلم. وعودك وتعهدات قلبك وأحلامك واشتياقاتك تأتي بها جميعها وتضعها أمام الله.المعنى الرابـــــــع: الصــــــــلاةالصـــــــــلاة هي العمــــــــل الأسمى الذي يمكــــــن أن يمارســـــــــه الإنســـــــــان على الأرض، هو بمثابة خيـــــط رفيع يربطك وأنت على الأرض بالله في السماء. وأقصد هنا الصلاة التي تنبع من القلب، لا من اللسان فقط، الصلاة التي هي لقاء شخصي بينك وبين المسيح، وتتشفع في الصلاة بقديسين يكونون شهودًا على هذه الصلاة، صلاة حقيقية من قلبك، تعبّر فيها عن حبك وشكرك وتوبتك وعن اشتياقاتك، وتعبر فيها عن طلبك واحتياجك ليد الله القوية أن تعمل معك. عمل الصلاة قوي، فطلبة البار تقتدر كثيرًا في فعلها، ولنا في التاريخ قصة جبل المقطم كمثال لهذا. اجعل صلواتك مرفوعة ولا تنشغل بالأمور المادية والاقتصادية والكلام الكثير والأحداث، وناس تتحدث عن كل شيء إلا الأبدية!المعنى الخامس والأخير: أخدمـــــــك أحبك يا رب لا حبًا نظريًا، ولكن أعبّر عنه عمليًا بخدمة المحتاج، المريض، الجائع، العطشان، المحبوس، المأسور، اليتيم، وخدمة أصحاب الاحتياجات الخاصة، والخدمة بكل اتساعها. فأنت لا تخدم أحدًا من الناس ولكنك تخدم الله في عيون ونفوس وفي أشخاص هؤلاء. والخدمة يا أحبائي يجب أن تكون لكل أحد بدون استثناء لأنك تخدم الله في أشخاص الناس، ويكون لديك روح الخدمة والعمل، فمن يعرف أن يعمل حسنًا ولا يعمل فتلك خطية.نصلي كل يوم صباحًا جزءًا من الاصحاح الرابع من رسالة أفسس ونقول عبارات جميلة: «اسألكم أنا الأسير في الرب أن تسلكوا كما يحق للدعوة التي دعيتهم إليها...»، فأنت دُعيت لكي ما تخدم، بكل صور الخدمة. من القصص اللي تعجبني كثيرًا قصة في القرن الثالث أو الرابع الميلادي، حبنما كان الجنود متجهين جنوبًا وعسكروا عند إسنا، فخرج أهل إسنا الكرام وأطعموهم وأكرموهم، فسأل جندي وثني زميله: لماذا هؤلاء الناس يفعلون هذا معنا؟ فقال له لأنهم مسيحيون. لقد خدموا بهذه الوسيلة، وكان طبق الأكل الذي قُدِّم وسيلة لجذب قلب إنسان صار فيما بعد القديس الأنبا باخوميوس أب الشركة. ولهذا فإن الخدمة ليست فقط هي خدمة تعليم أو خدمة مدارس أحد، بل لها اتساعات كبيرة جدًا بأشكال كثيرة جدًا، ويمكنك أن تبتكر شكل الخدمة التي ستخدمها.الخلاصــــــــــة... ونحــــــــن نبتـــــــــدئ عامًا جديدًا (2020)، نصلـــــــــي أن يكـــــــــون عامًا سعيدًا على الجميع، وأن تنعم مصر وكل شبعها بالخير وبالفرح والسلام والمحبة. ونأخذ هذا المزمور كتدريب لكنائسنا وأسرنا، وكل بيت يمكنه أن يقرأ هذا المزمور، ويمكن أن تكبته وتضعه في مكان ظاهر، ويكون أمامك وتصلي به، وتتذكر أنه عندما وقف داود النبي وقال «أحبك يا رب يا قوتي» كان يقصد هذه الأفعال الخمسة: أشكرك، أتوب إليك، أعدك، أصلي لك، وأخيرًا أخدمك في كل مكان.وكل سنة وأنتم طيبون قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
26 ديسمبر 2019

التناقض المزعوم بين الأسفار وبين سِفْرُ اَلاَّوِيِّينَ ج2

1- وبين اصحاح 23 : 19، 1 صم 15 : 11 ففى الاول ان الله لا يندم وفى الثانى انه ندم على انه جعل شاول ملكا. فنجيب قلنا انفا لا يخفى ان الكتب الالهيه كتبت للبشر فينبغى ان تكتب بلغتهم لكى يفهموها فالالفاظ المسندهالىالعزه الالهيه التى يستفاد منها انه ندم (يون 4 : 2) وغضب (عد 12 : 9) وغير ذلك ليست الا استعارات اتخذها البارىء، من لغه البشر يعبر بها عن انه يكره الخطيئه وينسب لنفسه الانفعالات الانسانيه ليفهم البشر مراده وقصده لان الانسان البشرى الناقص لا يفهم الله اذا تكلم تعالى عن نفسه كما هو. 2- وبين اصحاح 25 : 9، 1 كو 10 : 8 ففى الاول ان الذين ماتوا بالوباء 24000 وفى الثانى 23000، فنجيب ان الثانى ذكر بصريح اللفظ (فسقط فى يوم واحد) فالعدد الذى ذكره ليس كل الذين هلكوا بل الذين هلكوا فى يوم واحد فقط. 3- وبين اصحاح 28 : 29، حز 45 و46 فبين الاول والثانى خلاف فى نظام الهيكل فنجيب ان كلام حزقيال عباره عن نبوات استعاريه القصد منها الالماحالىمجد ملكوت المسيح (1 كو 3 : 16 و2 كو 6 : 16 واف 2 : 20 – 22 واتى 3 : 15) فحزقيال اطلق الهيكل على كنيسه المسيح والرسول بولس استعمل هذه الاستعاره كما فى (2 تس 2 : 4) واستعملها كاتب سفر الرؤيا (11 : 19 و14 : 17 و15 : 5 و8) بل استعمل عبارات حزقيال (رؤ 4 : 2 و3 و6). 4- وبين اصحاح 31، (قض 6) ففى الاول ذكر ان الاسرائيليين ابادوا المديانيين عن اخرهم وفى الثانى ان المديانيين بعد 200 سنه تقووا حتى عجز الاسرائيليين عن مقاتلتهم. فنجيب لا يبعد ان يكون قوم مديانيون ساكنين فى مدن اخرىغير التى ابادها الاسرائيليين، ولا ريب انه نجا من الساكنين فى المدن التى اهلكت وفر عدد عظيم. ومده 200 سنه تكفى لنموهم وانتصارهم على اسرائيل فى وقت سخط فيه عليهم الههم الذى كان يتداخل فى امر حروبهم فكان يجعل الامه الصغيره تغلبهم وقت غضبه عليهم، والامه الكبيره مغلوبه لهم وقت رضاه عنهم. 5- وبين اصحاح 31 : 17، مز 7 : 11 ففى الاول امر موسى بقتل كل ذكر من الاطفال وكل امراه عرفت رجلا بمضاجعه ذكر من المديانيين مع ان الاطفال والنساء لم ياتوا ذنبا وفى الثانى ان الله قاضى عادل فكيف يتفق عدله وذلك الامر الجائز. فنجيب ان الامر بقتل الاطفال الذكور والنساء المستعدات للولاده نظر فيهالىالمستقبل فالاطفال ومن تلده النساء بنمو ويكبر ويصير شوكه فى جنب شعب الله، فقتلهم من قبيل تدارك الخطا قبل وقوعه. وفى سفر يشوع ان الله امر يشوع بما ينافى الرحمه الالهيه من قتل الكنعانيين. ويدفع هذا بان ذلك انتقام منهم لانهم خبثوا وتوغلو فى عباده الاوثان واباحوا المحظورات التى لا تحسن امور الناس عموما الا بالامتناع عنها وقد جائتهم النذور ونهتهم النواهى الطبيعيه سنين بل قرون كثيره. والله يعاقب الاثمه بالموت بطرق مختلفه فقتل بعضهم بالوباء وبعضهم بالحرب وبعضهم بالصواعق او الزلزالالىغير ذلك من طرق الهلاك المخيفه. ولولا انقراض الكنعانيين لكانوا افسدوا اخلاق الاسرائيليين وعلموهم عباده الاصنام والاعمال القبيحه فانقراضهم كان امرا. المتنيح القس منسى يوحنا عن كتاب حل مشاكل الكتاب المقدس
المزيد
25 ديسمبر 2019

بشرى مفرحة

أود في نهاية عام و بداية العام الجديد ، أن أكلمكم بكلمة أمل ورجاء أود أن يشرق علينا هذا العام كنور ، برسالة فرح من السماء لأنه بميلاد ربنا يسوع المسيح ، وولد السلام وكان ميلاد الرب بشري فرح للجميع وفي يوم ميلاده وقف الملاك يقول للرعاة " ها أنا أبشركم بفرح عظيم ، يكون لجميع الشعب " " إنه ولد لكم اليوم مخلص "( لو 2: 10، 11) ها أنا أبشركم بفرح عظيم " في هذه العبارة نجد رسالة المسيحية كلها لقد جاءت المسيحية لكي تبشر الناس بالفرح العظيم الذي يكون لجميع الشعب لذلك فكلمة إنجيل معناها بشارة مفرحة ، أخبار سارة وكان الرسل يبشرون ، أي ينقلون هذه الأخبار السارة إلي جميع الناس فيقولون لهم أتي الخلاص ويوحنا المعمدان ، الذي هيأ الطريق أمام ربنا يسوع المسيح ، كان يبشر الناس بأنه قد " أقترب ملكوت الله "( مت 3: 2) ونحن كرجال دين ، وليس لنا عمل سوي أن نبشر الناس بهذا الفرح العظيم ورسالتكم أنتم هي هذه ، أن تبشروا الناس بهذا الفرح وأن تفرحوا معهم وأن تفرحوا معهم وأي فرح ؟أن المسيح أتي بديانة مفرحة لجميع الناس ، تحمل لهم الخلاص وتحمل لهم الفداء ، وتكسر أبواب الجحيم ، وتفتح أبواب الفردوس أتي المسيح برسالة تقول للص وهو علي الصليب " اليوم تكون معي في الفردوس " ( لو 23: 43) رسالة تقول لرئيس العشارين الخاطئ ، مثال الظلم و الشر في حيله ، تقول له اليوم حدث خلاص لأهل هذا البيت ، إذ هو أيضاً أبن لإبراهيم ( لو 19: 9 ) إنها رسالة تبشر الأمم الغرباء ، البعدين عن رعوية الله في ذلك الحين ، الذين كانوا محتقرين من إسرائيل ، فتقول عنهم يأتون من المشارق و المغارب ، ويتكئون في أحضان إبراهيم في ملكوت الله ( مت 8: 11، لو 13: 29) الدين عموماً هو رسالة مفرحة للناس ، وبشارة فرح لهم . أسباب للفرح:- " إفرحوا في الرب كل حين . وأقول أيضاً إفرحوا "( في 4: 4) " إفرحوا في الرب "( في 3: 1) إفرحوا بالصلح الذي تم بين السماء والأرض إفرحوا في الرب يسوع المسيح ، الذي أتي ليصالح السمائيين مع الأرضيين ، ويجعل الاثنين واحداً ، ويكمل التدبير بالجسد إفرحوا لأن خطاياكم ستمحي والرب لا يعود يذكرها ( أر31: 34 ) . أفرحوا لأن الرب سيغسلكم ، فتبيضون أكثر من الثلج . حقاً إنها بشري مفرحة للناس بشري بالخلاص من خطاياهم ، يقول فيها الرب " أعطيهم قلباً ليعرفوني إني أنا الرب ، فيكونوا لي شعباً ، وأنا أكون لهم إلهاً ، لأنهم يرجعون إلي بكل قلبهم " أر 24: 7) يقول أيضاً " أجعل شريعتي في داخلهم ، وأكتبها علي قلوبكم " ( أر 31 : 33) وماذا أيضاً يارب في كلامك المفرح هذا ؟ يقول " لأني أصفح عن إثمهم . ولا أذكر خطيتهم بعد " ( أر 31 : 34) حقاً مبارك هو الرب ، في كل عهوده المفرحة ، التي ذكرها في العهد القديم نبوءة عما سيفعله معنا في هذا العهد الجديد ونحن في هذه السنة الميلادية الجديدة ، التي نذكر فيها أنه قد ولد لنا مخلص هو المسيح الرب ( لو 2 : 11 ) ، " يخلص شعبه من خطاياهم" ( مت 1 : 21 ) . يلذ لنا أن نذكر عمله المفرح ، كما رواه أشعياء النبي قال روح الرب علي ونحن لماذا ؟ لأية رسالة ؟ فيجيب مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأعصب منكسري القلب ، لأنادي للمسبيين بالعتق ، وللمأسورين بالإطلاق ، لأنادي بسنة مقبولة للرب ، لأعزي كل النائحين لأعطيهم جمالاً عوضاً عن الرماد ، ورداء تسبيح ، عوضاً عن الروح اليائسة ( أش 61: 1- 3) نعم ما أجملها رسالة مفرحة ، تبشر المساكين والمنكسري القلوب تنادي للمسبيين بالعتق ، وللمأسورين بالإطلاق وكلمة المأسورين تعنينا كلنا فكلنا كنا في أسر إبليس ، مأسورين بالخطايا والذنوب وكان الشيطان له سلطان ، قال عنه الرب لليهود " هذه ساعتكم وسلطان الظلام "( لو 22: 53) ثم جاء المخلص ، الذي ينادي بالإطلاق ، فهتف الملاك قائلاً للرعاة " ها أنا أبشركم بفرح عظيم ". نظرة مستبشرة:- لذلك نريد في هذه السنة ، أن تكون لنا النظرة المستبشرة تكون لنا النظرة المتفائلة ، المملوءة رجاء ، التي دائماً تري الفرح في كل شئ لأنه كثيراً ما يوجد أشخاص يعقدون الأمور ، ويشعرون اليأس ، ويغلقون أبواب الرجاء المفتوحة ، ويكونون كالبوم التي تنعق منذرة بالخراب! وهؤلاء ليس لهم صوت لأن صوت الله يقول ينادي للمسبيين بالعتق ، وللمأسورين بالإطلاق يبشر المساكين ، ويعطيهم فرحاً عوضاً عن النوح ولهذا يقول سفر أشعياء أيضاً ما أجمل قدمي المبشر بالسلام ، المبشر بالخير ، المخبر بالخلاص ( أش 52: 7) حقاً ما أجمل أقدام المبشرين بالخير ، المبشرين بالخير ، المبشرين بالسلام ، الذين يغرسون الفرح في قلوب الناس ، وينزعون الحزن من القلوب المكتئبة ، ويجعلونها تمتلئ بالفرح وهذه هي رسالة أولاد الله وقد كان هذا هو عمل المسيح له المجد ، يملاً الدنيا فرحاً وسلاماً ، يبهج قلوب الناس ، ويمسح كل دمعة من عيونهم ( رؤ 7: 17) كان يجول يصنع خيراً ( أع 10 : 38) يفرح قلب السامرية ، والمرأة الخاطئة ، والمضبوطة في ذات الفعل ، ويفرح قلوب العشارين و الخطاة ، ويرفع معنوياتهم بأن يحضر ولائمهم ويبشر الناس بأن النور قد أضاء في الظلمة ، وأنهم في فجر جديد وقد تعلم الرسل هذا الأسلوب من السيد المسيح ، وإذا ببولس الرسول يقول " ثمر الروح محبة ، فرح ، سلام "( غل 5: 22) واضعاً الفرح في مقدمة ثمار الروح ويدعوا الناس إلي الفرح الدائم ، قائلاً لهم " إفرحوا كل حين "( 1تس 5: 16) ،" إفرحوا في الرب كل حين "( في 4: 4) أو ليس هذا أيضاً هو ما قاله لتلاميذه "تفرح قلوبكم ولا ينزع أحد فرحكم منكم "( يو 16: 22)إذن انشروا رسالة الفرح . أفرحوا الناس:- ارسموا ابتسامة علي كل شفة واغرسوا الأمل و الرجاء لا تشيعوا الكآبة فإن الله لا يريدكم أن تحيوا في كآبة ،هذا الذي أرسل ملاكه ليبشركم بفرح عظيم ولكن لعل إنسانا يسأل كيف يستطيع القلب أن يفرح ، وهناك أسباب كثيرة تدعوه إلي الحزن و التعب أبواب مغلقة ، ومشاكل معقدة ، وخطايا تبعد عن الله ؟ وأنا أقول أن الرجاء يحل كل هذا فقولوا للناس كل مشكلة لها حل وكل باب مغلق له مفتاح وما أسهل أن تكون لكل خطية توبة ، ولكل خطية غفران وكل خصومة مع الله تساعد النعمة أن توجد لها صلحاً لذلك عيشوا باستمرار في الرجاء دربوا أنفسكم أن تكونوا كما قال الرسول " فرحين في الرجاء "( رو 12: 12) وكونوا أنشودة فرح في قلوب الجميع لا تجعلوا إنساناً ييأس مهما كانت الأسباب وإن سدت الأبواب أمامه ، افتحوا له طاقة من نور واعطوه رجاء في كل فروع الحياة ، مادية أو روحية كونوا مبشرين بالخير ، ومبشرين بالسلام قولوا لكل ضعيف هناك قوة إلهية تسندك وقولوا لكل خاطئ إن الله مستعد أن يخلصك " لأن الله يريد أن جميع الناس يخلصون ، وإلي معرفة الحق يقبلون "( 2تي 2: 4) قولوا له أن الله مستعدك فروحه القدوس يعمل معك ، ونعمته واقفة علي بابك تقرعه وملائكة الله حالة حولك لتنقذك ، وأرواح القديسين تشفع فيك ووسائط النعمة ستأتي بفاعليتها كونوا رسالة رجاء ، ورسالة سلام ، وأفرحوا الكل قوموا الأيادي المسترخية والركب المخلعة ( عب 12: 12 ) وقد اخذ معلمنا بولس هذه النصيحة من قول الوحي الإلهي في العهد القديم لسان أشعياء النبي " شددوا الأيادي المسترخية والركب المرتعشة ثبتوها قولوا لخائفي القلوب تشدوا لا تخافوا هوذا إلهكم هو سيأتي ويخلصكم ( أش 35 : 3، 4) أريحوا الناس من متاعبهم علي قدر ما تستطيعون ، فهكذا كان يفعل السيد المسيح الذي قال " تعالوا إلي يا جميع المتعبين و الثقيلي الحمال ، وأنا أريحكم " ( مت 11: 28 ) تعالوا إلي ، فأنا قد جئت إلي العالم لأحمل تعب الناس كما قال عني أشعياء " أحزاننا حملها ، وأوجاعنا تحملها "( أش 53: 4) لقد جئت لأبشر المتعبين بالراحة . أتيت لأعصب منكسري القلوب ، لأبشر المساكين حتي القصبة المرضوضة ، و الفتيلة المدخنة قبل عن الرب " قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيله مدخنة لا يطفئ " ( مت 12: 20) إنه يعطي رجاء للكل هذه القصبة المرضوضة يعصبها ربما تشتد وتستقيم وهذه الفتيلة المدخنة قد ينفخ فيها فتعود وتشتعل إن السيد المسيح أراد أن يقدم لنا رسالة فرح ، ديانة فرح بشري كلها رجاء بأن الملكوت قريب ، والخلاص قريب إني أعجب من الذين تملكهم الكآبة في الجو الديني ‍!وتصبح الكآبة هي الطابع الذي تتميز به روحياتهم باستمرار . ولا يجدون في الكتاب المقدس كله من أوله إلي آخره ، من التكوين إلي الرؤيا ، من أول " في البدء خلق الله السموات والأرض " إلي " أمين تعال أيها الرب يسوع " لا يجدون في كل هذا سوي قول سليمان الحكيم " بكآبة الوجه يصلح القلب "( جا 7: 3) وإن أرادا أن يضيفوا عليها شيئاً يضيفون " طوبي للباكين الآن "( لو 6: 21) ونحن نريد أن نقول لهؤلاء حتي البكاء و الحزن في المسيحية ، ممزوجان بالفرح ‍‍!وقد قال السيد المسيح لتلاميذه " أنتم ستحزنون ، ولكن حزنكم سيتحول إلي فرح عندكم الآن حزن ولكني سأراكم فتفرح قلوبكم ولا ينزع أحد فرحكم منكم " ( يو 16: 20، 22) . وما أجمل قول القديس بولس الرسول ، التي يلخص فيها متاعبه وضيقاته هو وكل العاملين معه ، فيقول كحزانى ، ونحن دائماً فرحون " ( 2كو 6: 10) إنه فرح يميز كل أولاد الله في كل ظروف حياتهم ، فرح في الرب ، فرح لا ينطق به ومجيد ( 1بط 1: 8) ، فرح من النوع السامي ، فرح روحاني ، فرح إلهي ، فرح لا ينتهي فرح كل حين . فرح مهما كانت المتاعب :- حياة أولاد الله لا تخلو من المتاعب ، لأنهم يحملون صليباً ولكنهم يفرحون في وسط متاعبهم لأن المتاعب شئ ، والحزن شئ آخر السيد المسيح كان أمامه الصليب ومع ذلك قيل عن في الصليب وآلامه وخزيه " من اجل السرور الموضوع أمامه ، أحتمل الصليب مستهيناً بالخزي "( عب 12: 2) وقد قال بولس الرسول " لذلك أسر بالضعفات والشتائم والضرورات والضيقات لأجل المسيح "( 2كو 12: 10) أولاد الله يفرحون بالتعب ، أذ يرون في التعب إكليلاً لا تضغطهم المتاعب ، بل يفرحون بها ، عارفين أن كل إنسان ينال أجرته من الله بحسب تعبه ( 1كو 3: 8) والقديس يعقوب الرسول يقول " احسبوه كل فرح يا أخوتي ، حينما تقعون في تجارب متنوعة "( يع 1: 2) وأولاد الله لا يرون في التجارب والمتاعب شيئاً من التخلي ، بل يرون أن الله يفتقد بها أولاده لكي يهبهم نعماً الشهداء كانوا يفرحون ويغنون ، وهم ذاهبون للإستشهاد كما كانوا يحبون في فرح ، كانوا في فرح أيضاً يستقبلون الموت ، شاعرين إن الرباطات التي تربطهم الزائل قد تمزقت لذلك فهم فرحون أن يلتقوا بالله ، وفرحون بالإكليل ، وفرحون بإتمام جهادهم علي الأرض ، وفرحون بالقوة التي جعلتهم يثبتون في الإيمان بولس الرسول كان فرحاً ، وهو في السجن الضيقة دائماً خارجهم ، لا يمكن أن تدخل إلي قلوبهم لذلك فقلوبهم فرحة وفي عزاء لأن العزاء يأخذونه من داخلهم وليس من خارجهم وفي داخلهم يوجد الإيمان بالله المحب الراعي المهتم بالكل الذي قال الكتاب عن اهتمامه ومحبته وحفظه " أما أنتم ، فحتى شعور رؤوسكم جميعها محصاة "( لو 12: 7) لا تسقط شعرة واحدة منها بدون إذن أبيكم ، الذي نقشكم علي كفه الله الذي يحافظ حتي علي العصافير ، فلا يسقط واحد منها بدون إذنه ، وأنتم أفضل من عصافير كثيرة ( مت 10: 29- 31) . لذلك كان أولاد الله في كل ضعفاتهم ، يغنون للرب أغنية فرح ، ويسبحونه تسبيحه جديدة ... ويأخذون بركة هذه الضغطات . قيل عن الآباء الرسل الإثني عشر ، بعد أن يجلدوهم ، أنهم مضوا " فرحين لأنهم حسبوا مستأهلين أن يهابوا لأجل إسمه "( أع 5: 41) وأولاد الله كما يفرحون في المتاعب ، يفرحون مهما كانت العوامل الخارجية تدعو إلي اليأس كما في ترنيمة العاقر . ترنيمة العاقر:- إنها قطعة عجيبة في الكتاب ، في نبوءة أشعياء ، تدعو إلي الرجاء العجيب ، وإلي الفرح بالرب ، مهما كانت الظروف الخارجية فهل هناك أصعب من ظروف العقار التي لا رجاء لها في إنجاب البنين ! أنظر ماذا يقول الكتاب لها يقول وهو يحمل لها بشري الفرح " ترنمي أيتها العاقر التي لم تلد أشيدي بالترنيم " ( أش 54: 1) كيف تترنم هذه ؟ وما دواعي الفرح أمامها ؟ فيجيب ترنمي ليس بما هو كائن ، إنما بما سوف يكون وما الذي سوف يكون يارب ؟ يجيب في رجاء " أوسعي مكان خيمتك ، ولتبسط شقق مساكنك "، " لا تمسكي . أطيلي أطنابك ، وشددي أوتادك "، لأنك تمتدين إلي اليمين وإلي اليسار "، ويرث نسلك أمماً ، ويعمر مدناً خربة "( أش 53) ويختم الرب هذه الأنشودة الجميلة بقوله " لحيظة تركتك . وبمراحم عظيمة سأجمعك "( أش 53: 7) إذن بالإيمان " أوسعي مكان خيمتك " سيكون لك أولاد ، وسيكثرون وتمتدين إلي اليمين وإلي اليسار ألا يدعو هذا إلي فرح الرجاء ، الرجاء في وعود الرب لذلك أولاد الله في فرحهم يكونون " غير ناظرين إلي الأشياء التي تري ، بل إلي التي لا تري "( 2كو 4 : 18 ) إنهم يفرحون لأنهم يحيون بالإيمان . وما هو الإيمان ؟ أنه الثقة بما يرجي ، والإيقان بأمور لا تري " ( عب 11: 1 ) ونحن نفرح بهذا الذي لا يري وبالإيمان نغني أيضاً بترنيمة هذا العاقر ، التي تكررت قصتها مع عاقر أخري هي سارة إمرأة أبينا إبراهيم ولم يكن لهما ولد ، حتي أنها حينما سمعت وعد الرب ، ضحكت في داخلها ،وفي يأس قالت " أبعد فنائي يكون لي تنعم ، وسيدي قد شاخ " ( تك 18: 12)ولكن الغير مستطاع عند الناس ، مستطاع عند الله ( مر 10 : 27 ) هكذا قال الرب ( لو 18: 27 ) ، ليجعلنا نرجو ونفرح ولكي يثبت هذا لأبينا إبراهيم وزوجته العاقر قال له نسلك سيكون كنجوم السماء وكرمل البحر إن استطعت أن تعد رمل البحر ، تستطيع أن تعد نسلك وكأن سارة تقول أنا لست أجد أبنا واحداً فقط أفيكون لي نسل كعدد نجوم السماء ؟! هذا عجيب نعم ، في الرجاء " ترنمي أيتها العاقر التي لم تلك أشيدي بالترنيم لا يأس في الحياة مع الله أنه الرب المعطي بسخاء ، الذي يفتح لنا كوي السماء الذي يفيض من محبته ورعايته علي كل أحد ، الذي قال جئت لأعصب منكسري القلوب ، وأبشر المساكين ، وماذا أيضاً ؟ يقول : أبشر بسنة الله المقبولة:- ما هي البشري الطبية التي تحملها في هذه السنة المقبولة أمام الله ؟ ما هي بشراك يارب ، وكل سنواتك مقبولة ؟ جئت لأبشر شاول مضطهد الكنيسة بأنه سيصير بولس الكارز العظيم وجئت أبشر كثيرين من أمثاله أبشر موسي الأسود ، القاتل السارق الشرير ، بأنه سيصير القس موسي العظيم ، أب الرهبنة ، وصاحب القلب الحاني الطيب الوديع أيضاً أبشره بأنه سيكون شهيداً جئت لأبشر اوغسطنيوس الفاسد ، الذي تبكي عليه أمه ، بأنه سيصبح كنز الروحيات و التأملات الذي تنتفع به أجيال كثيرة جئت لأبشر مريم القبطية الزانية بأنه ستصبح سائحة قديسة ، يتبارك منها الأنبا زوسيما القس جئت لأبشر المسبيين بالعتق ، والمأسورين بالإطلاق ، جئت لأبشركم بسنة سعيدة مقدسة مقبولة أمام الله ، وأقول لكم إنه لا يوجد شئ غير مستطاع عند الله ولا توجد مشكلة يعصي حلها علي خالقها العظيم ، الذي يفتح ولا احد يغلق ( رؤ 3 : 7) جئت لأبشر الأرض المظلمة الخربة المغمورة بالمياه الأرض التي قيل عنها في سفر التكوين أنها خربة وخاوية ومغمورة بالماء ، وعلي وجه الغمر ظلمة ( تك 1: 2) جئت أبشر هذه الخربة بأن روح الله يرف علي وجه المياه ، وأن الله سينيرها ، ويقيم فيها كل نفس حية ، مع جنات وبساتين ، ويجعل فيها أزهاراً وزنابق ، ولا سليمان في كل مجده كواحدة منها وستكون هذه الأرض رمزاً لكل نفس خربة وخالية هذا هو الله المحب القادر ، وهذه هي بشارته المفرحة لذلك كل من يعقد الطريق أمامك ، لم يفهم الله بعد الذي لا يذكر لك سوي الجحيم وجهنم و العذاب والبحيرة المتقدة بالنار و الكبريت ، ويعطيك صورة مسودة عن الأبدية ، هذا لم يعرف الله بعد ، وكلامه غير مقبول في بداية سنة جديدة ، نريد فيها بشري طيبة الأولي إذن أن نبشركم بإلهنا الطيب الحنون ، الذي غني بمراحمه وإحساناته داود النبي ، فقال في مزمور 103 كلاماً جميلاً محبباً إلي النفس ، نقتبس منه قوله باركي يا نفسي الرب ولا تنسي كل إحساناته "ويتذكر المرتل في فرح إحسانات الله إليه ، ويذكر بها نفسه فيقول الذي يغفر جميع ذنوك ، الذي يشفي كل أمراضك ، الذي يفدي من الحفرة حياتك ، الذي يكللك بالرحمة والرأفة ، الذي يشبع بالخير عمرك ، فيتجدد مثل النسر شبابك ( مز 103 ) ثم يذكر المرتل إحسانات الرب من جهة مغفرة الخطايا ، فيقول لا يحاكم إلي الأبد ، ولا يحقد إلي الدهر لم يصنع حسب خطايانا ، ولم يجازنا حسب آثامنا لأنه مثل ارتفاع السموات والأرض ، قويت رحمته علي خائفيه كبعد المشرق عن المغرب ، أبعد معصينا إذن ليس هو إلهاً يترصد الخطايا ، ليدخل الناس إلي جهنم أنه رحيم ورؤوف ، طويل الروح وكثير الرحمة ، يتراءف علي خائفية ، كما يترأف الأب علي بنيه ومادام هكذا فلنفرح إذن بالرب علينا أذن أن نفرح الناس ، لكي يطمئنوا إلي إله أخذ الذي لنا ، ليعطينا من الذي له صار أبنا للإنسان ، ليجعلنا أولاداً الله هذا الذي أتي ليخلص شعبه من خطاياهم كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد إلي طريقه والرب وضع عليه إثم جميعاً "( أش 53: 6) هناك أشخاص أفكارهم سوداء كلها قسوة وعنف وعدم مغفرة ويلقون ثيابهم السوداء ، ليلبس كواحد منهم ولكن الرب ، كل ما فيه أبيض ناصع ، ما أبعده عن أفكار الناس السوداء ونشكر الله أنه حتي الملائكة الذين ظهروا ، ظهروا بثياب بيض ، ثياب من نور إلهنا إله طيب وتأكد أنه سيفتح له طريق الخلاص ، وأنه سيخلصك من جميع خطاياك إنه لابد سيفتقدك ، ولو في آخر الزمان ولو في الهزيع الأخير من الليل ، ولو بعد أن يضطرب البحر ، ويخيل إليك أن السفينة ستنقلب إنه لن يتركك ، بل ستدركك رحمته ، ولو ساعة الموت أو قبيل ذلك بقليل نعم لن يتركك أن كانت الخطية أقوي منك ، فرحمة الله أقوي من الخطية إن كانت الخطية تزداد ، فالنعمة تكثر جداً إن خفت من الذين قاموا عليك ، فاعرف أن " الذين معنا أكثر من الذين علينا "( 2مل 6: 6 ) إننا نحب أن نعيش في فرح دائم تهب الأمواج ، وته الرياح ، وتسيل الأمطار ، وتتزلزل الجبال أما نحن فنسبح الرب تسبيحه جديدة نغني أغنية جديدة للرب نعيش في فرح "" راسخين غير متزعزين " ( 1كو 15 : 58 ) ، واضعين في أنفسنا حقيقة هامة ، وهي أن الله يتدخل في كل مشكلة ، ليحلها الله يتدخل والله أقوي من العالم . الله سينتصر فيك:- أن الله قد غلب العالم . وقال لنا " في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أنا قد غلبات العالم " ( يو 16 : 33) لقد غلبه في القديم والحاضر وفي كل حين وهو قادر أن يغلب العالم فيك ، وبك وهو مستعد أن يغلبه في كل معركة روحية تقوم ضدك إنه لا يترك عصا الخطاة تستقر علي نصيب الصديقين " ( مز 124 ) إنما يعوزك فقط أن تقول له أرنا يارب رحمتك ( مز 84) أمنحنا بهجة خلاصك ( مز 50 ) جميلة هي عبارة " بهجة خلاصك " أن الرب قد جاء يقدم الخلاص ، ويقدم معه أيضاً بهجة خلاصه لذلك نحن نبشر بسنة مفرحة ، بسنة الله المقبولة سنة يعمل الله فيها عملاً مفرحاً وقوياً نبشر بإله قوي ، أقوي من العالم ومن الشيطان ومن الخطية إله أنتصر في حروب أولاده في القديم ، وينتصر الآن وفي كل زمان إله يعطي المعيي قوة ( أش 40 : 29 ) ويجدد مثل النسر شبابه إله أفرح كل الذين تبعوه ، وقادهم في موكب نصرته ( 2كو 3: 14 ) هذه هي البشري التي نقدمها في سنة جديدة فحاذر أن تنظر إلي العالم الجديد بمنظار قاتم حاذر أن تنظر إليه بمنظار اليأس أو الخوف أو القلق ولا تظن أن الأبواب مسدودة موصدة أخشى أن تكون نفسك هي المسدودة أفتح أذن حواسك الروحية ، لتري مراحم الله ومعونة الله ومعونة الله وتفرح وتبتهج وأطلب من أليشع النبي أن يصلي من أجلك ، كما صلي من أجل تلميذه جيحزي ، ويقول افتح يارب عيني الغلام ، فيري ( 2مل 6: 17 ) وستري جبل الله مملوءاً خيلاً ومركبات ، فتطمئن نفسك وتفرح وستجد الرب قد فتح لك طريقاً في البحر فتفرح وستسمع داود النبي يرتل في أذنيك قائلاً " نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الشياطين الفخ انكسر ونحن نجونا "( مز 123 ) ستسمع هذا من فم داود فتفرح إن القوة الإلهية موجودة . ولكن يعوزك أن تراها لا تقل في بداية العام " لا توجد معونة " أو " أعطني يارب معونة " ، إنما قل أعطني يارب أن أري المعونة الموجودة فأمجدك " أرنا يارب رحمتك "( مز 84 ) أذن رسالة هذه السنة الجديدة ، هي أن نبشر الله المقبلة نبشر الناس بفرح عظيم ، نبشرهم بخلاص الرب نبشر الضعيف بقوة تحيط به من فوق نبشر اليائس بالأمل والرجاء ونبشر الخاطئ بعمل النعمة فيه ، وبافتقاد من الروح القدس ليتوب ويرجع غلي الله نبشر الكل بأن الله يجول يعمل خيراً ، يجول في كل مكان يشبع كل حي من رضاه ، ويمسح كل دمعة يراها في عين كل إنسان هذه هي طريقة الرب ، الذي خلقنا للفرح ، وأعدنا لنعيم أبدي لذلك فالأبدية هي مكان للنعيم والأبدية تعمل فينا نقول عن الأبدية في صلواتنا " الموضع الذي هرب منه الحزن و الكآبة والتنهد "والأرض أيضاً مكان خلقه الله لفرح " فرح للمستقيمين بقلوبهم " وعبارة " أفرحوا في الرب كل حين " الفرح صورة مشرقة للدين:- ليست هي مجرد نصيحة ، إنما هي أمر من الوحي الإلهي إن سرت في طريق الله ، فملكت الكآبة ، ستعطي صورة كئيبة عن الدين و الحياة الروحية ، ويقول كل من يراك هذا الإنسان كان هادئاً ومطمئناً ، وقلبه عامر بالحب والسلام ولكن منذ أن تدين صار متجهم الملامح ، عابس الوجه ، يسير وهموم الدنيا كلها علي كتفيه ، وأحزان العالم كله فوق رأسه وهكذا يعثرون بسببك ، ويخافون من الحياة مع الله ومن الطريق الروحي فلماذا هذا الإتلاف ؟ أعط الناس دروساً بفرحك علمهم أن أولاد الله فرحون ، لأنهم وجدوا الله وعرفوه وعاشروه إنهم فرحون بملكوت الله داخلهم ، فرحون بعمل الروح القدس فيهم فرحون بخروجهم من أسر إبليس وتخلصهم من خطايا عديدة فرحون بالحياة الجديدة بالحديث مع الله ، والتأمل في الإلهيات فرحون بانطلاق أرواحهم من سلطان الجسد والمادة فرحون لأنهم صار تحت قيادة الله المباشرة وتحت رعايته ، وقد ذاقوا ونظروا ما أطيب الرب ، واختبروا جمال الحياة معه وهم فرحون أيضاً لأنهم قد لبسوا ثوباً جديداً من الرب ، بل قد لبسوا المسيح ( غل 3 : 27 )هذه هي أسابا الفرح بالرب التي نبشركم بها أن وضعت كل هذا في ذهنك فستفرح بالرب أما إن ملكت الخوف من المستقبل والخوف من الخطية ، والخوف من السقوط ، فهذا دليل علي أنك نسيت عمل الله معك وعمل فيه ، وبشراه لخلاصك وأعرف هذا إذن إن كل قلق وخوف واضطراب ويأس ، هو من عمل الشيطان هذا هو أسلوبه ، يريد أن يزعجك ويخفيك ، لكي تتسلم له وتترك جهادك الروحي ، وتفشل فلا تسمع له فنحن لا نجهل أفكاره ( 2كو 2: 11) أما ثمار الروح فهي فرح وسلام لذلك لما بشر الملائكة بميلاد المسيح قالوا "علي الأرض السلام ، وفي الناس المسرة "فلتكن المسرة إذن في قلوب الناس ، ولنعش في حياة الفرح الدائم ، نفرح بالرب كل حين ، شاكرين في كل حين ، علي كل شئ ( أف 5 : 20 ) . أرجو لكم :- أرجو لكم سنة سعيدة مباركة ثابتة في الرب ، تكونون فرحين فيها ، مملؤين من الرجاء والبهجة ، شاعرين بعمل الله فيكم ، وعمل الله لأجلكم ,وشاعرين أن قوة الله تظللكم ، وأن يده فوق أيديكم ، تمسك بأيديكم ، تمسك بأيديكم ، وتعمل به ، وتقود خطواتكم إليه وبهذه الروح تستقبلون العام الجديد ، وأنتم لستم وحدكم ، وإنما الله معكم ، مصلين أن يكون عامنا الجيد عاماً سعيداً مباركاً وفي نفس :- نحن نعلم أنه حسبما نكون ، هكذا يكون عامنا كثير من أحداثه وأخباره وتاريخه ، هي من ضعفنا نحن بإمكننا بنعمة الله العاملة فينا أن نملأ هذا العام خيراً وبراً فيكون كذلك أن حياتنا في أيدينا ليست مفروضة علينا نحن نصنعها بحرية الإرادة الموهوبة لنا من الله ، لنسير في الطريق التي نشاء فهكذا ترك لنا الحرية التي نقرر بها مصيرنا وماذا عن عمله الإلهي إذن في هذا العام ؟ إن نعمته مستعدة أن تعمل معنا الأعاجيب ، أن استسلمنا لعملها فينا ، ولم نقاوم الروح القدس الذي يريد لنا الخير الله يريد لنا الخير ، وبقي أن نريده نحن كذلك ، فتتحد مشيئتنا مع مشيئة الله الصالحة حينئذ تصير حياتنا كلنا خيراً حتي أن صادفتنا عقبات أو تجارب أو ضيقات ، تكون كلها للخير أيضاً لسنا محتاجين في حياتنا الروحية إلي من يتنبأ لنا كيف يكون عامنا الجديد إنما نحن محتاجون أن نفحص قلوبنا لنعرف قلوبنا هي مرآة المستقبل هي التي ترسم صورة مستقبلنا القلب القوي النقي هو نبوءة عن مستقبل قوي نقي و القلب الضعيف هو نبوءة عن مستقبل ضعيف فلنصل إلي الله أن يعطينا قلوباً طاهرة وقلوباً صامدة ولنطلب إليه من أجل بلدنا وشعبنا ، ليكون هذا العام عاماً سعيداً ، مهما حاول عدو الخير أن يعرقل عمل النعمة فيه ليكن عاماً كله فرح وكل عام وجميعكم بخير قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كيف نبدأعاماً جديدا
المزيد
24 ديسمبر 2019

فتاة ممتلئة نعمة

قال الملاك للسيدة العذراء حين بشرها:«سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا المُمْتَلِئَةُ نِعْمَةً» (لوقا 1: 28). ولاشك أن هذا يجعلنا نتمنّى ونطلب شيئًا من هذه النعمة الإلهية التي ملأتها، ولكن... َ ما هي النعمة؟ هي عمل الروح القدس في الإنسان، من أجل خلاص نفسه، وتقديسه، وتكميله... ليصير مناسبًا للحياة المسيحية هنا، والحياة الأبدية هناك. وكلمة نعمة باليونانية معناها "خاريس" وبالإنجليزية grace، ومعناها العمل المجاني الذي يقدمه روح الله للإنسان، لخلاص نفسه، لهذا يقول الرسول بولس: «خَلَّصَنَا بِغُسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ...‏ حَتَّى إِذَا تَبَرَّرْنَا بِنِعْمَتِهِ، نَصِيرُ وَرَثَةً حَسَبَ رَجَاءِ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ» (تيطس 3: 5، 7). «مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِى بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِى قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ، لإِظْهَارِ بِرِّهِ، مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ» (رومية 3: 24، 25). «وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ ¬ بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ» (أفسس 2: 5). ومن هذه الآيات نكتشف مفاعيل النعمة الإلهية، التي قدّمها لنا الرب، من خلال تجسده وفدائه لنا: 1- التبرير: وهو غير التبرئة، فنحن خطاة ومدانون، لكن الرب برّرنا بأن دفع هو ديون خطايانا كما علّمنا الكتاب المقدس، والقديس أثناسيوس الرسولى. فالرب يسوع «يُصَالِحَ الاثْنَيْنِ فِى جَسَدٍ وَاحِدٍ مَعَ اللهِ بِالصَّلِيبِ، قَاتِلاً الْعَدَاوَةَ بِهِ» (أفسس 2: 16)، أي أننا كُنّا فى خصومة، وتحت عقوبة، وعلينا دين: «لأنَّ أُجرَةَ الخَطيَّةِ هي موتٌ» (رومية 6: 23)، لكن الرب يسوع على الصليب «حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِى جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ» (1بطرس 2: 24)، "ومات عوضاً عنا" (القديس أثناسيوس)، فصرنا نقول له: "حوّلت لي العقوبة خلاصًا"... "أنا اختطفتُ لي حكم الموت" (القداس الغريغورى). وهكذا برّرنا السيد المسيح إذ دفع الدين الذي كان علينا، وحمل حُكم الموت بدلاً منّا. 2 - الخلاص : والمقصود به أن دم المسيح خلصنا من خطايانا بأنه: X يغفرها لنا: «وَ‍بِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ» (عبرانيين 9: 22). يطهّرنا منها: «وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ ‍يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ» (1يوحنا 1: 7). يقدِّسنا للرب: «لذلكَ يَسوعُ أيضًا، لكَيْ يُقَدِّسَ الشَّعبَ بدَمِ نَفسِهِ، تألَّمَ خارِجَ البابِ» (عبرانيين 13: 12). يثبّتنا فيه: «مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِى وَيَشْرَبْ دَمِى يَثْبُتْ فِىَّ وَأَنَا فِيهِ» (يوحنا 6: 56). يعطينا حياة أبدية: «مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِى فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ» ((يوحنا 6: 54). التجديد: فالرب يسوع، بروحه القدس يجّددنا: فبالمعمودية والميرون: تتجدّد طبيعتنا. وبالتوبة: تتجدّد سيرتنا. وبوسائط النعمة: نتجدّد يومًا فيومًا. ويتغيّر الجسد في القيامة: تتجدّد أجنا فتصير أجسادًا نورانية. 3- الميراث: النعمة المجانية، التي دفع ثمنها الرب يسوع بتجسده وفدائه لنا، جعلتنا أبناءً لله، وورثة للملكوت... فصرنا «وَرَثَةً حَسَبَ رَجَاءِ الْحَيَاةِ الأَبَد (تيطس 3: 7)... لهذا قال لنا: «لاَ تَخَفْ، أَيُّهَا ‍الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ» (لوقا 12: 32). السيدة العذراء كانت ممتلئة نعمة، بالروح القدس، فصارت السماء الثانية، والشفيعة المؤتمنة. ليتنا نطلب قبسًا مما نالته من نعمة فائقة قال الملاك للسيدة العذراء حين بشرها:«سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا المُمْتَلِئَةُ نِعْمَةً» (لوقا 1: 28). ولاشك أن هذا يجعلنا نتمنّى ونطلب شيئًا من هذه النعمة الإلهية التي ملأتها، ولكن... َ ما هي النعمة؟ هي عمل الروح القدس في الإنسان، من أجل خلاص نفسه، وتقديسه، وتكميله... ليصير مناسبًا للحياة المسيحية هنا، والحياة الأبدية هناك. وكلمة نعمة باليونانية معناها "خاريس" وبالإنجليزية grace، ومعناها العمل المجاني الذي يقدمه روح الله للإنسان، لخلاص نفسه، لهذا يقول الرسول بولس: «خَلَّصَنَا بِغُسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ...‏ حَتَّى إِذَا تَبَرَّرْنَا بِنِعْمَتِهِ، نَصِيرُ وَرَثَةً حَسَبَ رَجَاءِ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ» (تيطس 3: 5، 7). «مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِى بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِى قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ، لإِظْهَارِ بِرِّهِ، مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ» (رومية 3: 24، 25). «وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ ¬ بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ» (أفسس 2: 5). ومن هذه الآيات نكتشف مفاعيل النعمة الإلهية، التي قدّمها لنا الرب، من خلال تجسده وفدائه لنا: 1- التبرير: وهو غير التبرئة، فنحن خطاة ومدانون، لكن الرب برّرنا بأن دفع هو ديون خطايانا كما علّمنا الكتاب المقدس، والقديس أثناسيوس الرسولى. فالرب يسوع «يُصَالِحَ الاثْنَيْنِ فِى جَسَدٍ وَاحِدٍ مَعَ اللهِ بِالصَّلِيبِ، قَاتِلاً الْعَدَاوَةَ بِهِ» (أفسس 2: 16)، أي أننا كُنّا فى خصومة، وتحت عقوبة، وعلينا دين: «لأنَّ أُجرَةَ الخَطيَّةِ هي موتٌ» (رومية 6: 23)، لكن الرب يسوع على الصليب «حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِى جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ» (1بطرس 2: 24)، "ومات عوضاً عنا" (القديس أثناسيوس)، فصرنا نقول له: "حوّلت لي العقوبة خلاصًا"... "أنا اختطفتُ لي حكم الموت" (القداس الغريغورى). وهكذا برّرنا السيد المسيح إذ دفع الدين الذي كان علينا، وحمل حُكم الموت بدلاً منّا. 2 - الخلاص : والمقصود به أن دم المسيح خلصنا من خطايانا بأنه: X يغفرها لنا: «وَ‍بِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ» (عبرانيين 9: 22). يطهّرنا منها: «وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ ‍يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ» (1يوحنا 1: 7). يقدِّسنا للرب: «لذلكَ يَسوعُ أيضًا، لكَيْ يُقَدِّسَ الشَّعبَ بدَمِ نَفسِهِ، تألَّمَ خارِجَ البابِ» (عبرانيين 13: 12). يثبّتنا فيه: «مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِى وَيَشْرَبْ دَمِى يَثْبُتْ فِىَّ وَأَنَا فِيهِ» (يوحنا 6: 56). يعطينا حياة أبدية: «مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِى فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ» ((يوحنا 6: 54). التجديد: فالرب يسوع، بروحه القدس يجّددنا: فبالمعمودية والميرون: تتجدّد طبيعتنا. وبالتوبة: تتجدّد سيرتنا. وبوسائط النعمة: نتجدّد يومًا فيومًا. ويتغيّر الجسد في القيامة: تتجدّد أجنا فتصير أجسادًا نورانية. 3- الميراث: النعمة المجانية، التي دفع ثمنها الرب يسوع بتجسده وفدائه لنا، جعلتنا أبناءً لله، وورثة للملكوت... فصرنا «وَرَثَةً حَسَبَ رَجَاءِ الْحَيَاةِ الأَبَد (تيطس 3: 7)... لهذا قال لنا: «لاَ تَخَفْ، أَيُّهَا ‍الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ» (لوقا 12: 32). السيدة العذراء كانت ممتلئة نعمة، بالروح القدس، فصارت السماء الثانية، والشفيعة المؤتمنة. ليتنا نطلب قبسًا مما نالته من نعمة فائقة نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
23 ديسمبر 2019

كيف حدث التجسد؟

الله بنفسه (اللوغوس) دخل في أحشاء السيدة العذراء ونقى لنفسه من لحمها وأنسجتها وكوّن لنفسه جسدًا كاملًا وأخذ ينمو نموًا كاملًا تسعة أشهر حتى وُلد ولادة جسدية عادية وأخذ يعيش على الأرض كإنسان حقيقي، وينمو نموًا بشريًا حقيقيًا كإنسان حقيقي وليس تمثيل كان إنسانًا ولكنه كان يحمل في داخله جوهر اللاهوت السيد المسيح هو الوحيد الذي اختار والدته واختار لنفسه جسده "تطلع الآب من السماء فلم يجد مَنْ يشبهك أرسل وحيده أتى وتجسد منكِ" (ثيؤطوكية الأربعاء) العذراء مريم هي أحسن البنات، ودخل فيها، واختار منها أحسن الصفات الموجودة فيها لذلك وُلد أبرع جمالًا من بني البشر وهذا الجسد أيضًا بلا خطية لأن لا يوجد خطية دخلت للسيدة العذراء عن طريق الزواج كما يحدث مع الجميع لذلك قطع هذه القصة الخطية ووُلد من العذراء بغير زرع بشر. ولماذا أخذ جسدًا بلا عيب؟ (أي بدون عيوب خلقية) لأنه لا ينفع أن يكون ذبيحة وبها عيب فالذبيحة بلا عيب جسدي لا يوجد عند السيد المسيح أي عيوب خلقية صفاته الجسدية كانت كلها نموذجية"أبرَعُ جَمالًا مِنْ بَني البَشَرِ" (مز45: 2) السيد المسيح بارك كل مراحل الحياة من أول الزيجوت zygote حتى الرجل الكامل. بركات التجسد 1. الخلاص (الفداء):- لولا أن الله تجسد لم يكن الإنسان قد خلص لأن الخلاص بالموت"موت المسيح من أجلنا"عندما جاء الله للأرض جاء ليخلصنا. 2. بارك طبيعتنا البشرية:- "باركت طبيعتي فيك"نشكر الله أنه لم يتجسد في شكل خروف أو أي حيوان أو ملاك أو نجمة أو غير ذلك باتخاذه جسد بشري (إنسان) بارك طبيعة الإنسان فيه، وأعطى كرامة فائقة للجنس البشري العذراء مريم ليست غريبة عن البشر. 3. تقديس الحياة اليومية:- بارك كل مراحل الحياة (أكل، شرب، نوم، استيقاظ، تأمل، عمل أيام روحية) قدّس كل مراحل الحياة التي نعيشها. 4. تقديس الجسد:- أعطى كرامة فائقة للجسد "أما تعلَمونَ أنَّكُمْ هيكلُ اللهِ، وروحُ اللهِ يَسكُنُ فيكُم؟" (1كو3: 16)، وأصبح الجسد له كرامة فائقة بعد تجسد السيد المسيح، كما يحدث مع القديسين يخرج من الجسد أنوار، ويخرج منه قوة شفاء حتى بعد موته. 5. شركة الحياة الأبدية:- فتح لنا باب السماء وأعطى للروح كرامة في السماء لذلك تصعد الروح للسماء بعد موت الإنسان ولأن السيد المسيح بعد موته دخل السماء فاتحًا الباب المغلق الملاك ذو السيف الملتهب نار "اِرفَعنَ أيَّتُها الأرتاجُ رؤوسَكُنَّ، وارتَفِعنَ أيَّتُها الأبوابُ الدَّهريّاتُ، فيَدخُلَ مَلِكُ المَجدِ" (مز24: 17) دخل الإنسان مع السيد المسيح وأصبح باب السماء مفتوح أمامنا. 6. نعمة الإفخارستيا:- أعطانا جسده ودمه في سر الإفخارستيا فلو لم يتجسد لم يكن أعطانا جسده نأكله ودمه نشربه. 7. التبني لله الآب:- أصبحنا أبناء الله الآب بالتبني. 8. معرفة الثالوث:- أوضح لنا الثالوث القدوس بتجسده في المعمودية وفي التجلي عرفنا الثالوث القدوس بالفعل في تجسد الابن الوحيد ربنا يبارك حياتكم ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين. الراهب القمص بطرس البراموسي
المزيد
22 ديسمبر 2019

الطَّرِيق

بَعْد أنْ تَعَرَّفْنَا عَلَى شَرِيعِة مُدُن المَلْجَأ وَالمَفْهُوم الرُّوحِي لِمُدُن المَلْجَأ وَعَدَد وَمَوْقِعْ مُدُن المَلْجَأ وَوَجَدْنَا فِي كُلَّ تَفَاصِيلَهُمْ إِشَارَة لِعَمَلْ الله وَنِعْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَصَلاَحِهِ كَمَا أنَّنَا سَنَجِدْ أنَّ بَرَكَات كَثِيرَة فِي إِنْتِظَارْنَا تُكْتَمَلْ بِالدُّخُول فِي الطَّرِيق حَتَّى الوُصُول إِلَى مَدِينِة المَلْجَأ وَالإِقَامَة فِيهَا إِلَى مَوْت الكَّاهِنْ العَظِيمْ ثُمَّ الرُّجُوع إِلَى البَيْت فَهَيَّا نُسْرِع فِي الرِّحْلَة إِلَى مَدِينِة المَلْجَأ وَلاَ نَطْمَئِنْ إِلاَّ بِالوُصُول إِلَيْهَا . الطَّرِيق :- تُصْلِحُ الطَّرِيق : إِهْتَمَّ الله بِوُضُوح وَسِهُولِة الطَّرِيق فَأمَرَ{ تُصْلِحُ الطَّرِيقَ } ( تث 19 : 3 ) إِذْ كَانَتْ الطُرُق فِي القَدِيمْ تُمَهَدْ خِلاَل سِير الحَيَوانَات الَّتِي تَحْمِلْ الأثْقَال وَخَاصَّةً القَوَافِلْ وَكَانَ اليَهُود فِي ذلِك الحِينْ لاَ يَعْرِفُون الطُرُق إِذْ عَاشُوا فِي البَرِّيَّة طَوَال أرْبَعِينَ عَاماً وَلكِنْ إِلْتِزَاماً بِالأمر الإِلهِي " تُصْلِحُ الطَّرِيقَ " يَلْتَزِم المَسْؤُلُون أنْ يُهَيِّئُوا الطُرُق المُؤَدِيَة إِلَى مُدُن المَلْجَأ فَيُزِيلُوا كُلَّ العَقَبَات الَّتِي تُعَطِّل الإِنْطِلاَق إِلَيْهَا فَيَرْدِمُون الحُفَر وَيُقِيمُون المَعَابِر وَالجُسُور عَلَى الأنَّهَار وَالمَجَارِي الَّتِي فِي الطَّرِيق وَقَدْ عَيَّنُوا يَوْماً فِي كُلَّ سَنَة فِي شَهْر آزَار يُرْسَلْ إِلَيْهَا خُبَرَاء يَفْحَصُون الطُرُق وَيُصْلِحُون مَا تَلِفَ مِنْهَا وَقَرَّر مُعَلِّمُوا اليَهُود أنَّ عَرْض الطَّرِيق لاَ يَقِلْ عَنْ إِثْنَيْن وَثَلاَثِينَ ذِرَاعاً أي مَا يَقْرُب مِنْ ثَمَانِيَة عَشَرَ مِتْراً أوْ يَزِيدْ . عَلاَمَات الطَّرِيق :- وَعَلَى طُوَال الطَّرِيق وَعِنْدَ مَدَاخِلِهِ وَمُنْحَنَيَاتِهِ تُوضَعْ عَلاَمَات وَاضِحَة تُشِير إِلَى مَدِينَة المَلْجَأ مَكْتُوب عَلَيْهَا بِخَطٍ وَاضِحٌ " miklot ( مَلْجَأ ) " وَيَقِفْ بِجِوَار العَلاَمَة كَاهِنْ لِلإِرْشَاد إِلَى الطَّرِيق لِنَنْظُر يَا أحِبَّائِي فِي جَمَال عِنَايِة الله وَمَرَاحِمِهِ الَّتِي تُحِيطُ بِالخَاطِئ الَّذِي يُدَبِّر كُلَّ الأُمُور مِنْ أجْل ضَمَان الخَلاَص وَيَجْعَلَهُ بِلاَ عَائِق وَلاَ مَانِعْ إِنَّهَا تَفَاصِيلْ الوُصُول إِلَى مَلَكُوت إِبْن مَحَبِّة الله إِنَّهُ إِلَهْنَا الَّذِي رَاعَانَا بِكُلَّ الأدْوِيَة المُؤَدِيَة إِلَى الحَيَاة الَّذِي يَنْتَظِرْنَا فِي أبَدِيَتِهِ مُنْذُ الأزَل الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ خُسَارَة – إِنْ جَازَ القَوْل – إِلاَّ هَلاَكِنَا الَّذِي جَعَلَ ضَمَان الوُصُول إِلَيْهِ مَقْرُون بِشَخْصِهِ الحَبِيب إِذْ قَالَ أنَا هُوَ الطَّرِيق{ لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي } ( يو 14 : 6 ) وَلَوْ أرَدْنَا أنْ نُلْقِي ضَوءً عَلَى العَلاَمَات المَوْجُودَة لَنَا لِضَمَان الوُصُول إِلَى المَدِينَة نَجِدْ مِنْهَا :- 1- الإِنْجِيل عَلاَمَة عَلَى الطَّرِيق :- الله مَهَّدْ الطَّرِيق لِمَعْرِفَة إِبْنِهِ يَسُوع الْمَسِيح خِلاَل الآبَاء وَالأنْبِيَاء وَالرِمُوز وَالأحْدَاث حَتَّى لاَ يُوْجَدْ عُذْر لِمَنْ يَرْفُض الإِلْتِجَاء إِلَيْهِ لَقَدْ أرْسَلْ إِلَيْنَا نُبُوَات وَاضِحَة أشْبَه بِعَلاَمَات تُشِيرنَحْو شَخْص المُخَلِّص مَدِينَة مَلْجَأنَا الحَقِيقِيَّة . 2- فِي النُّبُوَات :- فَنَجِدْ عَلاَمِة نَسْل المَرْأة يَسْحَق رَأس الحَيَّة ( تك 3 : 15){ لاَ يَزُولُ قَضَيبٌ مِنْ يَهُوذَا وَمُشْتَرِعٌ مِنْ بَيْنَ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَأْتِي شِيلُونُ وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ } ( تك 49 : 10){ هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ } ( أش 7 : 14) . 3- فِي 3الأشْخَاص :- جَعَلَ مِنْ هَابِيل وَنُوح وَمَلْكِي صَادِق وَإِبْرَاهِيم وَيُوسِف وَمُوسَى عَلاَمَات مُضِيئَة فِي طَرِيق الوُصُول إِلَيْهِ وَوَضَعَ شَجَرِة الحَيَاة وَفُلْك نُوح وَسُلَّم يَعْقُوب وَعُلِّيقَة مُوسَى وَخَرُوف الفِصْح وَالمَنَّ وَغَيْرَهَا عَلاَمَات وَاضِحَة لِلقِيَادَة إِلَى مَدِينِة المَلْجَأ الفَرِيدَة يَسُوع الْمَسِيح وَبِالجُمْلَة فَالإِنْجِيل هُوَ كَلِمَة الله الَّتِي أُعْلِنَتْ لَنَا فِي شَخْص يَسُوع الْمَسِيح كَلِمَة الآب أنْتَ عَلاَمَة عَلَى الطَّرِيق وَبِقَدْر أمَانَتْنَا لِلإِنْجِيل وَتَشْكِيلْ أرْوَاحْنَا بِكَلاَم الإِنْجِيل نَصِير نَحْنُ أيْضاً إِنْجِيلاً فَنَصِير رِسَالِة الْمَسِيح المَقْرُوءة مِنْ جَمِيعْ النَّاس يَقْرأ الكُلَّ فِينَا كَلِمَة miklot ( مَلْجَأ ) وَيَجِدُونَ فِي أعْمَاقْنَا طَرِيقاً يَقُود إِلَى المُخَلِّص وَكَمَا كَانَتْ الطُرُق مُهَيَّأة وَمُصْلَحَة يَلِيق بِخُدَّام الكَلِمَة أنْ يُهَيِّئُوا الطَّرِيق لِكُلَّ نَفْس كَيْ تَلْتَقِي بِالمُخَلِّص كَمَلْجَأ لَهَا يَلْتَزِمُوا أنْ يُزِيلُوا كُلَّ عَقَبَة وَرَدْم الحُفَر وَإِقَامِة الجُسُور وَالمَعَابِر لِفَتْح أبْوَاب الرَّجَاء أمَام الرَّاجِينَ رَحْمَتَهُ فَيَتَمَتَّعُوا بِبِر الْمَسِيح وَقَدَاسَتِهِ عِوَض رَجَاسَاتِهِمْ وَعَدَم الفَسَاد يَسْتَقِر عِوَض فَسَادِهِمْ . 4- الكَنِيسَة عَلاَمَة عَلَى الطَّرِيق :- وَالكِنِيسَة هِيَ عَلاَمَة تَحْمِلْ ذَاتَ الكَلِمَة miklot ( مَلْجَأ ) تَقُودْ كُلَّ نَفْس فِي طَرِيق الحَقَّ وَتَدْخُلْ بِهِ إِلَى المَلْجَأ الإِلهِي لِيَتَمَتَّعْ بِحُرِّيِة مَجْد أوْلاَد الله وَسَلاَمٌ الله الَّذِي يَفُوق كُلَّ عَقْل وَفَرَحٌ السَّمَاء الَّذِي لاَ يَنْقَطِعْ فَنَجِدْ مَنَارَات الكَنِيسَة فِي إِرْتِفَاع يَخْرُج مِنْهَا ضُوء يُبَدِّدْ الظَّلاَم وَيُرْشِدْ التَّائِهِينْ إِلَى المَلْجَأ الحَقِيقِي مِثْل سَفِينِة نَجَاة تُنَادِي كُلَّ مَنْ تَخَبَّطْ بِلاَ هَدَف مَعَ أمْوَاج بَحْر العَالَمْ فَتُنَادِي عَلَيْهِ وَتَدْعُوه لِلتَّمَتُّع بِالخَلاَص الَّذِي تُقَدِّمَهُ مِنْ أجْلُه . 5- القِدِّيسُون عَلاَمَة عَلَى الطَّرِيق :- بِحَسَبْ وَصِيِّة الكِتَاب المُقَدَّس{ إِنْ لَمْ تَعْرِفِي أَيَّتُهَا الْجَمِيلَةُ بَيْنَ النِّسَاءِ فَاخْرُجِي عَلَى آثَارِ الْغَنَمِ وَارْعِي جِدَاءَكِ عِنْدَ مَسَاكِنِ الرُّعَاةِ } ( نش 1 : 8 ) وَكُلَّ مَنْ يَسْلُك فِي الطَّرِيق سَيَجِدْ أُلُوف غَيْرِهِ سَبَقُوه وَمَهَّدُوا الطَّرِيق لَهُ وَكُلَّ فَضِيلَة وَلَهَا عَلاَمَات تَقُود إِلَيْهَا فَمَا أكْثَر العَلاَمَات فَبِمُجَرَّدْ أنْ تَجِدْ عَلاَمَة إِلاَّ وَتَرْغَبْ فِي الطَّرِيق وَتُفَتِّش عَنْ غَيْرِهَا فَيَزْدَاد شَوْقَك لِنِهَايِة الطَّرِيق الَّذِي تَلْتَقِي فِيهِ مَعَ جَمِيعْ الَّذِينَ سَبَقُوك فِي ذَاتَ الطَّرِيق فَحِينَ تَتَعَرَّف عَلَى قِدِيس تَأكُلَك غِيرِة أعْمَالُه وَيُثَبِّتْ أقْدَامَك عَلَى الطَّرِيق وَيَقُودَك إِلَى غَيْرِهِ فَأيٍ مَنْ أحَبَّ العِفَّة وَلَمْ يَجِدْ لَهَا عَلاَمَات وَعَلاَمَات !!! وَمَنْ رَغَبَ فِي النُسْك وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَحْمِلُه !!! وَمَنْ إِشْتَاقَ إِلَى الدُّخُول مِنْ البَاب الضَّيِق إِلاَّ وَوَجَدَ مَنْ يَقُودَهُ إِلَى المَدِينَة المَمْلُؤَة أفْرَاح وَسُرُور !! فَلَيْسَ مَنْ سَارَ وَرَائِهِمْ إِلاَّ وَتَعَلَّقْ بِمَسِيحِهِمْ وَلَيْسَ مَنْ عَرِفَ مَسِيحِهِمْ إِلاَّ وَاشْتَاقَ لِمَعْرِفَتِهِمْ لِذَا يَلِيقُ بِنَا أنْ نُجَاهِدْ بِرُوح الحَقَّ كَأعْضَاء فِي كَنِيسِة الْمَسِيح وَنُدْرِك أنَّ حَيَاتِنَا هِيَ إِخْتِفَاء فِي الْمَسِيح يَسُوع مَلْجَأنَا وَمُعِينَنَا أُنْظُر إِلَى شَخْص يَسُوع الْمَسِيح سَتَجِدَهُ تَنَازَل جِدّاً لِيَكُون قَرِيباً جِدّاً مِنْكَ إِذْ مَهَّدْ طَرِيقاً بِتَجَسُّدِهِ لِيَصِل إِلَيْكَ طَرِيقاً كَرَّسَهُ لَنَا حَدِيثاً بِالحِجَاب أي جَسَدِهِ ( عب 10 : 20 ) فَتَجِدَهُ مِنْتِظْرَك فِي كُلَّ مَكَان وَفِي كُلَّ وَقْت فِي ظَلاَم الَّليْل مَعَ نِيقُودِيمُوس فِي الظَّهِيرَة يَأتِي إِلَيْكَ حَتَّى وَإِنْ كَانَ مُتْعَباً لِتُقَابِلُه مَعَ السَّامِرِيَّة وَفِي الصَّبَاح البَّاكِر تَجِدَهُ مَعَ الَّتِي أُمْسِكَتْ فِي ذَاتَ الفِعْل( يو 8 : 1 – 11) فَجَعَلَ نَفْسَهُ مُصْغِياً لَنَا فِي كُلَّ وَقْت وَوَضَعْ أُذُنَهُ قَرِيبَة جِدّاً إِلَى شَفَتَيْنَا وَفِي أي وَقْت دُعِيَ أجَاب فَمَنْ يَدَّعِي إِبْتِعَادُه ؟ إِلاَّ مَنْ إِبْتَعَدَ هُوَ عَنْ طَرِيقِهِ فَهُوَ يَطْلُب الجُلُوس مَعَك فِي أي مَكَان الجِبَال البِحَار بَيْنَ الزُّرُوع فِي البُيُوت فِي الهَيْكَل سَيَلْتَقِي بِكَ بَلْ وَحَتَّى وَهُوَ عَلَى الصَّلِيب سَيُكَلِّمَك وَلَيْتَكَ تُصْغِي إِلَيْهِ لِتَسْمَعْ وَعْد ضَمَان الدُّخُول لِلمَلَكُوت وَإِنْ حَتَّى نَزَلَ إِلَى الجَحِيم سَيَتَقَابَلْ مَعَ سُكَّان الجَحِيم لِيَرْفَعَهُمْ وَيُقَدِّمَهُمْ قُرْبَاناً لأِبِيهِ الصَّالِحٌ فَهُوَ خَرَجَ مِنْ عِنْدَ الآب لِيُقَابِلَك فِي طَرِيق الحَيَاة وَأنْتَ تَسْكُنْ فِي الجَسَدٌ فَتَقَدَّم إِلِيه لِتَجِدْ نِعْمَة وَعَوْناً فِي حِينِهِ وَكُلَّ حِين هَيَّا أسْرِع إِلَيْهِ لأِنَّهُ وَعَدَ أنَا هُوَ الطَّرِيق وَاجْعَل طَرِيقُه طَرِيقَك لِتَكُون أنْتَ مِنْ الَّذِينَ مَدَحَهُمْ دَاوُد النَّبِي طُرُق بَيْتَك فِي قُلُوبِهِمْ ( مز 84 : 5 ) وَاعْلَمْ أنَّهُ لَيْسَ بِبَعِيدٍ عَنْكَ ذَاكَ الَّذِي تَعِبْتَ فِي البَحْث عَنْهُ كُلَّ أيَّام حَيَاتَك فَهَيَّا نَسْلُك فِي الطَّرِيق لأِنَّهُ يَنْتَظِرْنَا هُنَاك وَمِنْ كَثْرِة تَعَلُّقْنَا بِهِ نُتْقِنُه فَيُقَال عَنَّا هذَا خَبِيراً فِي طَرِيق الرَّبَّ ( أع 18 : 25 )فَنُضِيفْ عَلاَمَة جَدِيدَة تُنَجِّي آخَرِينَ أيْضاً . القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب مدن الملجأ
المزيد
21 ديسمبر 2019

السبع ثيؤطوكيات في تسبحة سبعة وأربعة رموز العذراء

عندما نتحدث عن التسبحة الكيهيكة وخاصة في كلامنا عن الثيؤطوكيات لا بُد أن نذكر السيدة العذراء والدة الإله (الثيؤطوكوس qeotokoc)، والتي جاءت منها كلمة ثيؤطوكية (أي تمجيد لوالدة الإله) وهنا لابد أن نذكر سر التجسد الإلهي، الذي تم من خلال السيدة العذراء كُلية الطُهر والنقاء فشخصية السيدة العذراء لها أهمية عظمى في سر التجسد فسر التجسد الإلهي لا يمكن أن نلمسه أو نحسه، ونأخذ بركته في حياتناإلا بعد إدراك فهم الاتحاد الإلهي بين الطبيعة الإلهية والطبيعة الإنسانية، وهذا الاتحاد هو الذي حدث في المعمل الإلهي (أي بطن السيدة العذراء) ولأن سر التجسد هو أساس كل الأسرار المسيحية، فعيد البشارة نسميه "بكر الأعياد" – لذلك تفنن أنبياء العهد القديم بوحي الروح القدس لهم في إلقاء وتسليط الضوء على هذا السر العجيب، وذلك من خلال وصفهم للسيدة العذراء "السماء الثانية" وهذا ما نجده واضحًا جدًا في ثيؤطوكيات التسبحة اليومية (السبع ثيؤطوكيات أي ثيؤطوكية لكل يوم من أيام الأسبوع). رموز السيدة العذراء في الثيؤطوكيات (1) التابوت المصفح بالذهب من كل ناحية: (ثيؤطوكية الأحد) هذا التابوت كان مصنوعًا من خشب لا يسوس، ومصفح بالذهب من كل ناحية فهذا الخشب الذي لا يسوس يرمز لطهارة السيدة العذراء، والذهب هو رمز لللاهوت وهذا يرمز إلى أن كل العطايا السماوية هي ليست من طبعنا الخشبي (الذي يمكن أن يسوس ويفسد)، ولكنها هي هبة سماوية من الذهب الذي يغطي طبيعتنا الفاسدة، وهذا ما قيل في بشارة الملاك"الرّوحُ القُدُسُ يَحِلُّ علَيكِ، وقوَّةُ العَلي تُظَلّلُكِ" (لو1: 35) ومن هنا نستطيع أن نضع أمام أعيننا كل حين أن: الطهارة نعمة إلهية مرتبطة بوجود الله معنا كل حين. (2) المجمرة الذهبية: (ثيؤطوكية الأحد) هذه المجمرة هي رمز للسيدة العذراء فالذهب يرمز لطهارتها، والمجمرة نفسها حاملة جمر اللاهوت. هذه المجمرة لم تحترق بوضع الجمر المحمى بالنار داخلها – مثال لأن بطن السيدة العذراء لم تحترق عندما حل اللاهوت داخل بطنها وقدسها، وأخذ الإله منها جسدًا والمجمرة أيضًا نستخدمها في كل الصلوات الليتورجية.. هكذا يعطينا السيدة العذراء مثالًا لأن طريق العلاقة القوية مع الله هي الصلاة. (3) السلم الذي رآه يعقوب: (ثيؤطوكية الأربعاء ، السبت) هذا السلم الذي رآه يعقوب كان ثابتًا على الأرض، ومرتفع حتى السماء، والملائكة نازلة عليه"وَرَأَى حُلْمًا، وَإِذَا سُلَّمٌ مَنْصُوبَةٌ عَلَى الأَرْضِ وَرَأْسُهَا يَمَسُّ السَّمَاءَ، وَهُوَذَا مَلاَئِكَةُ اللهِ صَاعِدَةٌ وَنَازِلَةٌ عَلَيْهَا" (تك28: 12) كان السلم رمزًا للسيدة العذراء الذي استخدمه الله لينزل من السماء من طبيعته اللاهوتية، ثم بعد ذك أصعد طبيعتنا البشرية الساقطة إلى السماء عندما فتح لنا باب الفردوس، وأعطانا الملكوت "لا تخَفْ، أيُّها القَطيعُ الصَّغيرُ، لأنَّ أباكُمْ قد سُرَّ أنْ يُعطيَكُمُ الملكوتَ" (لو12: 32). (4) باب حزقيال: (لبش ثيؤطوكية الأربعاء) لقد رأى حزقيال بابًا مغلقًا لم يفتحه إنسان، ولم يدخل منه أحد قط "لأنَّ الرَّبَّ إلهَ إسرائيلَ دَخَلَ مِنهُ فيكونُ مُغلَقًا" (حز44: 2) هذا الباب كان رمزًا لبتولية السيدة العذراء فلم يعرفها رجل في حبلها للسيد المسيح، وفي ميلادها المعجزي لم يفتح هذا الباب بل ظلت بتوليتها محفوظة ومصانة، كما نقول في صلاة قسمة صوم الميلاد"وبتوليتها مختومة". فهي العذراء الدائمة البتولية مثل هذا الباب المغلق الذي لم يقترب إليه أي إنسان. (5) عليقة موسى: (ثيؤطوكية الخميس) هذه العليقة التي رآها موسى "وظَهَرَ لهُ مَلاكُ الرَّب بلهيبِ نارٍ مِنْ وسطِ عُلَّيقَةٍ فنَظَرَوإذا العُلَّيقَةُ تتوَقَّدُ بالنّارِ، والعُلَّيقَةُ لم تكُنْ تحتَرِقُ فقالَ موسَى "أميلُ الآنَ لأنظُرَ هذا المَنظَرَ العظيمَ لماذا لا تحتَرِقُ العُلَّيقَةُ؟" فلَمّا رأَى الرَّبُّ أنَّهُ مالَ ليَنظُرَ، ناداهُ اللهُ مِنْ وسطِ العُلَّيقَةِ وقالَ"موسَى، موسَى!" فقالَ "هأنذا" فقالَ "لا تقتَرِبْ إلَى ههنااخلَعْ حِذاءَكَ مِنْ رِجلَيكَ، لأنَّ المَوْضِعَ الذي أنتَ واقِفٌ علَيهِ أرضٌ مُقَدَّسَةٌ" (خر3: 2-5) لقد كانت رمزًا للسيدة العذراء التي حل عليها الروح القدس، وامتلأت من نار اللاهوت ولم تحترق كمثال العليقة وأصبحت بطن السيدة العذراء أرض مقدسة (مكانًا مقدسًا)، لأن الإله المالئ الكون كله ساكنًا في أحشائها وأخذ منها جسدًا إنسانيًا. (6) المنارة الذهب: (ثيؤطوكية الأحد) نحن نقول في مقدمة قانون الإيمان يوميًا"نعظمك يا أم النور الحقيقي"، لأن هذه المنارة الذهبية كانت رمزًا للسيدة العذراء، لأنها هي حاملة النور الحقيقي الذي يضيء لكل إنسان آتٍ إلى العالم فالمنائر رمز لها في سفر الرؤيا بالكنائس"والسَّبعِ المَنايِرِ الذَّهَبيَّةِ السَّبعَةُ الكَواكِبُ هي مَلائكَةُ السَّبعِ الكَنائسِ، والمَنايِرُ السَّبعُ التي رأيتَها هي السَّبعُ الكَنائسِ" (رؤ1: 20)لذلك شبهت السيدة العذراء بالمنارة الذهبية، لأنها حملت نور العالم وشمس البر هو ربنا يسوع المسيح. (7) قدس الأقداس: (ثيؤطوكية الأحد) قدس الأقداس هو جزء منفصل عن باقي الهيكل، وهذا الجزء ممسوح ومكرس لحلول الله فيه، فرُمز به للسيدة العذراء، لأنها أصبحت نموذجًا حيًا للطريق الذي يجعلنا شركاء للطبيعة الإلهية، وذلك بانعزالنا عن الخطية والشر، فتصبح حياتنا منعزلة عن شر العالم وملذاته، كما كان قدس الأقداس منعزل عن باقي الهيكل ولكنه جزء من الهيكل كما نحن جزء من العالم فننعزل عن العالم وشروره بتقديس القلب والحياة، وتكريس الحياة كلها لله، ولتمجيد اسمه القدوس. (8) عجينة البشرية: (ثيؤطوكية الخميس) "وجبلت منه امرأة كل عجينة البشرية أعطتها بالكمال لله الخالق وكلمة الآب"هذا تعبير عن أن السيدة العذراء بطاعتها قدمت ذاتها للسيد المسيح ليأخذ منها جسدًا بشريًا، فهي ممثلة للبشرية كلها التي قدمت عجينة جسدها التي خلقها الله قديمًا عند خلقة البشرية الممثلة في آدم وحواءفهي قدمت هذه العجينة له ليأخذ منها نفس الجسد البشري، ليتحد ويتأنس (أي يأخذ جسد إنسان) من السيدة العذراء. (9) عرش الله: (ثيؤطوكية الأربعاء) نقول في القطعة السادسة من ثيؤطوكية الأربعاء"من تخافه الملائكة حملته العذراء في بطنهاهي أرفع من الشاروبيم وأجَلّ من السارافيم لأنها صارت هيكلًا للواحد من الثالوث هذه هي أورشليم مدينة إلهنا وفرح جميع القديسين كائن فيها"فلقد صارت السيدة العذراء أعلى من الشاروبيم وارتفعت أيضًا فوق السارافيم لأنها صارت عرشًا لله محمولًا بهؤلاء الطغمات السمائية العالية كل هذا يبين عِظم كرامة السيدة العذراء فصارت أعلى من الطغمات السمائية لذلك نذكرها في مجمع التسبحة قبل رؤساء الملائكة. (10) غطاء التابوت: (ثيؤطوكية الأحد) نقول في القطعة الخامسة عشر من ثيؤطوكية الأحد "شبهوا الغطاء بالعذراء وكاروبا المجد يظللان عليها"فهذا التعبير يتقارب لفهم الآية "قوَّةُ العَلي تُظَللُكِ" (لو1: 35)فهذا الرمز يبين لنا عمق اهتمام الله بنا، فهو يظللنا برعايته ويسترنا بستر جناحيه لذلك لا تحرقنا الشمس بالنهار ولا القمر بالليل"إنَّهُ لا يَنعَسُ ولا يَنامُ حافِظُ إسرائيلَ الرَّبُّ حافِظُكَ الرَّبُّ ظِلٌّ لكَ عن يَدِكَ اليُمنَى لا تضرِبُكَ الشَّمسُ في النَّهارِ، ولا القَمَرُ في اللَّيلِ الرَّبُّ يَحفَظُكَ مِنْ كُل شَر يَحفَظُ نَفسَكَ الرَّبُّ يَحفَظُ خُروجَكَ ودُخولكَ مِنَ الآنَ وإلَى الدَّهرِ" (مز121: 4-8). (11) جبل دانيال: (ثيؤطوكية الثلاثاء) في القطعة الخامسة من ثيؤطوكية الثلاثاء نقول "لأن هذا هو الحجر الذي رآه دانيال قد قُطع من جبل لم تلمسه يد إنسان البتة هو الكلمة الذي من الآب أتى وتجسد من العذراء بغير زرع بشر حتى خلصنا"فقطع هذا الحجر من الجبل بدون يد إنسان كان رمزًا للسيدة العذراء التي أخذ منها السيد المسيح جسدًا بدون زرع بشر ولا معرفة رجل فكما لم يلمس الجبل يد إنسان هكذا لم يقترب أي رجل من السيدة العذراء فحبلها بالسيد المسيح كان بالروح القدس. (12) سماء ثانية جديدة: (ثيؤطوكية الأربعاء، الخميس، السبت) في القطعة الأولى من ثيؤطوكية الأربعاء نقول "كل الطغمات السمائية ينطقون بطوباويتك لأنك أنتِ هي السماء الثانية الكائنة على الأرض"وفي ثيؤطوكية الخميس نقول "الاثنا عشر كوكبًا تكلل رأسها وهي حبلى"وفي القطعة الخامسة من ثيؤطوكية السبت نقول "صرت سماءً ثانية على الأرض يا والدة الإله لأنه أشرق لنا منكِ شمس البر"هذه السماء الثانية الجديدة هي التي تحدث عنها ملاخي النبي قائلًا "ولكُمْ أيُّها المُتَّقونَ اسمي تُشرِقُ شَمسُ البِر والشفاءُ في أجنِحَتِها، فتخرُجونَ وتنشأونَ كعُجولِ الصيرَةِ" (ملا4: 2) فقد أشرق لنا منها شمس البر ربنا يسوع المسيح النور الحقيقي. (13) المرأة المتسربلة بالشمس: (ثيؤطوكية الخميس) نقول في القطعة التاسعة من ثيؤطوكية الخميس "هي مريم السماء الجديدة التي على الأرض المشرقة لنا منها شمس البر لأن الشمس المتسربلة بها هي ربنا يسوع المسيح والقمر الذي تحت رجليها هو يوحنا المعمدان والاثنى عشر كوكبًا المكللة رأسها هي الاثني عشر رسولًا يحيطون بها ويكرمونها" وهذا الكلام نفسه هو ما ذكر في سفر الرؤيا "وظَهَرَتْ آيَةٌ عظيمَةٌ في السماءِ امرأةٌ مُتَسَربِلَةٌ بالشَّمسِ، والقَمَرُ تحتَ رِجلَيها، وعلَى رأسِها إكليلٌ مِنِ اثنَيْ عشَرَ كوكَبًا، وهي حُبلَى تصرُخُ مُتَمَخضَةً ومُتَوَجعَةً لتلِدَ" (رؤ12: 1-2)هذه التشبيهات كلها تدلنا على أن السيدة العذراء هي المرأة المتسربلة بالشمس والقمر الذي تحت رجليها هو يوحنا المعمدان فتدلنا على عظمة السيدة العذراء. (14) قسط الذهب والمن المُخفى داخله: (ثيؤطوكية الأحد) في القطعة الرابعة عشر من ثيؤطوكية الأحد نقول "كان في القبة قسط ذهبي وكيل منٍ مخفى فيه" وفي القطعة الخامسة عشر نقول "شبهوا التابوت بالعذراء وذهبه المختار بطهارتها شبهوا القسط الذهبي بالعذراء وكيلة المن بمخلصنا"وهنا نقول إذا كان القسط الذهبي الذي كان رمزًا للسيدة العذراء نال كرامة هذه مقدارها في العهد القديم بوضع المن فيه فكم بالعذراء بإعطائها جسدًا للمسيح قد نالت كرامة لا توصف فهي التي حملت المن الحقيقي الذي "إنْ أكلَ أحَدٌ مِنْ هذا الخُبزِ يَحيا إلَى الأبدِ"(يو6: 51) وقدمته لنا، فالذي يأكل منه لا يموت إلى الأبد وتكون له حياة أبدية. (15) مدينة الله: (ثيؤطوكية الأربعاء) تتحدث ثيؤطوكية الأربعاء في قطعتيها الثانية والسادسة عن العذراء وتشبهها بأنها مدينة الله فنقول "تكلموا بكرامات من أجلك يا مدينة الله لأنك أنت مسكن جميع الفرحين كل ملوك الأرض يسيرون في نورك والأمم في ضيائك يا مريم أم الله"، "هي أرفع من الشاروبيم وأجل من السارافيم لأنها صارت هيكلًا للواحد من الثالوث هذه هي أورشليم مدينة إلهنا وفرح جميع القديسين كائن فيها" وهذا ما ذكره معلمنا داود في (مز87: 7) "لأن سكنى الفرحين جميعهم فيك" – حسب ترجمة الأجبيةهذه التشبيهات التي اتصفت بها السيدة العذراء على سبيل المثال وليس الحصر فيوجد العديد منها لم نذكره في ثيؤطوكية الأحد – حِرصًا على وقتكم الثمين. وهنا نذكر لك أيها القارئ العزيز بعض العبارات المهمة التي ذكرت في الثيؤطوكيات: "تطلع الآب من السماء فلم يجد من يشبهك أرسل وحيده أتى وتجسد منك" (الأربعاء). "غير المتجسد تجسد - والكلمة تجسمت – وغير المبتدئ ابتدأ – وغير الزمني صار زمنيًا – وغير المدرك لمسوه – وغير المرئي رأوه" (الأربعاء) "البطن الواقع تحت الحكم وولد الأولاد بوجع القلب صار ينبوعًا لعدم الموت" (الجمعة) "لم يزل إلهًا أتى وصار ابن بشر لكنه هو الإله الحقيقي أتى وخلصنا" (الجمعة) "السلام للقديسة أم جميع الأحياء" (الثلاثاء) "هذه الصنارة العقلية التي تصطاد المسيحيين" (لبش الجمعة) ويضاف في تسبحة كيهك العديد من الإبصاليات التي تقال على الهوسات والثيؤطوكيات (وكلمة إبصالية معناها ترنيمة ينتهي المرد بها في كل ربع باسم يسوع)وبهذا نرى أن الترنيم القبطي يمثل حوار مع اسم المخلص وهو اسم السيد المسيح فهو ليس مجرد ترنيم عادي كما نرى في ترانيم هذه الأيام فنجد الآباء أبرزوا بحق قيمة ترديد اسم يسوع المسيح وهو اسم الخلاص حتى صار هو محور عبادتهم بل صاروا يتنفسونه لأنه "وليس بأحَدٍ غَيرِهِ الخَلاصُ لأنْ ليس اسمٌ آخَرُ تحتَ السماءِ، قد أُعطيَ بَينَ الناسِ، بهِ يَنبَغي أنْ نَخلُصَ" (أع4: 12) فهذا موجز سريع وبسيط أردنا به أن نتعرف على معنى (7 و 4)، وهي التسبحة التي نصليها في شهر كيهك، لكي نكون على دراية كافية بسر التجسد الإلهي وعظمة والدة الإله التي من خلالها تم هذا التجسد وبذلك تتحول السهرة إلى ليلة نقضيها في السماء حول موضوع التجسد الإلهي عن طريق السيدة العذراء ونختم هنا كلامنا بما قاله القديس غريغوريوس النزينزي عن السيدة العذراء فيقول"من لا يؤمن أن القديسة مريم والدة الإله فهو غريب عن الله"ربنا يبارك حياتكم ولإلهنا المجد والإكرام من الآن وإلى الأبد آمين. الراهب القمص بطرس البراموسي
المزيد
20 ديسمبر 2019

امتنعوا عن كل شبه شر

أي مجتمع فيه فضائل، حتى الشعوب الوثنية عندها فضائل كثيرة مثل فضيلة احترام الآخر، لكن ما ذكره القديس بولس الرسول (1تس5: 12-23) هو فضائل مسيحية سامية. الفضيلة الإنسانية تقول: امتنعوا عن كل شر، لكن في المسيحية نقول: «امتنعوا عن كل شبه شر»، يا لهذا السمو! في العهد القديم كانت الوصية تقول: «لا تقتل»، لما جاء العهد الجديد قال ربنا يسوع المسيح: «لا تغضب»، لأن الغضب يؤدي إلى القتل. يسوع المسيح قال لنا أنه ما جاء لينقض بل ليكمل، أكمل فهم الإنسان للوصية، فالوصية لها أبعاد ومستويات يتقدم فيها الإنسان، في سمو ورقي، في مسيرة طويلة. ما معنى امتنعوا عن كل شبه شر؟شبه الشر هو الذي يؤدي إلى الشر، يؤدي إلى الخطية أو الجريمة أو الانحراف. «امتنعوا عن كل شبه شر» تعني أن تضع في بالك أن هناك أمور في حياتنا تؤدي إلى ما هو أخطر، قد تكون هذه الأمور ليست خطيرة في حد ذاتها، لكن عندما يسقط الإنسان فيها أو يدخل في بدايتها يقع في خطايا كثيرة. تعالوا لنأخذ أربعة أو خمسة نماذج تبيّن لنا ما هو شبه الشر.1) التردديقول لنا الكتاب في رسالة يعقوب عن الإنسان المتردد: «رَجُلٌ ذو رأيَينِ هو مُتَقَلقِلٌ في جميعِ طُرُقِهِ» (يع1: 8). أتذكر حين كنت في الدير وكنت مسئولًا عن الزائرين، أن دخل شاب مع أمه ومعه ورقة في يده مغلق عليها، وقال لي: "اختر ورقة يا أبونا"، فاخترت ورقه كان مكتوبًا فيها "لا أبيعها" ففرح الشاب، ردت أمه قائلة أنهم كانوا ي دير آخر واختار أب راهب هناك ورقة أخرى مكتوب عليها "بعها" وتضح أن ذلك كان بخصوص قطعة أرض كانا يفكران في بيعها لكن الشاب كان مترددًا. مثل هذا الإنسان هو صعب جدًا، وخصوصًا لو كان في مسئولية. التردد يوصّل إلى الشر، وعكسه الثبات. الإنسان الثابت حينما يواجه موضوعًا فإنه يدرسه ويصلي ويفكر ويأخذ مشورة ويقرر. مثال لذلك إبراهيم أبو الآباء، في سفر التكوين أصحاح 12، طلب منه الله أن يترك أرضه وعشيرته ويتغرّب، ولم يضيّع إبراهيم وقتًا، بل قام بكل نشاط وبدأ يأخذ طريق المسيرة وهذه الدعوة. مثال آخر إبراهيم أبو الآباء عندما طلب الله أن يقدم ابنه ذبيحة، فأطاع فورًا. في المقابل نرى مثالًل للتردد في الشاب الذي دعاه السيد المسيح وقال له: اتبعني، فأجاب: «يا سيِّدُ، ائذَنْ لي أنْ أمضيَ أوَّلًا وأدفِنَ أبي» (مت8: 19-22)، طبعًا دفن الأب شيء مهم، لكنها هنا شكل من أشكال التردد. أحيانًا الروح يحركك لعمل روحي مثل أن تصلي أو تقرأ الإنجيل، ولكنك تتلادد لثوانٍ تحت أي مُسمّى، وتكون النتيجة أن الإنسان يخسر عمله الروحي، وهذا شبه الشر الذي يقود للشر. 2) الإهدارأكثر ما يهدره الإنسان في عمره هو الوقت. الوقت عطية إلهيه لا تتوالد ولا تتمدد، اليوم 24 ساعة لكل البشر، وهو لا يتوقف ولا يرجع إلى الوراء وهو محدود مهما طال. القديس أغسطينوس في نهاية حياته كان لا يستطيع الوقوف أو الجلوس، بل كان راقدًا أغلب الوقت، ولأنه كان يريد أن يصلي فطلب أن تُكتَب المزامير على الحائط ليستطيع قراءتها. زيارة صغيرة لأيّة محطة قطار أو أتوبيس في أيّة دولة غربية، تجد الناس تقرأ دون تضييع وقت في الثرثرة. اهتم بوقتك، قدِّر هذه العطية التي يقدمها الله لك، استخدم الوقت حتى تفيد نفسك وتفيد الآخرين. الوقت هو أغلى ما نملك.ليس قثط إهدار الوقت، بل أيضًا إهدار المال. هناك قديسون كانوا أغنياء جدًا مثل إبراهيم أبي الآباء، والقديس الأنبا أنطونيوس أب جميع الرهبان والذي كان يمتلك 300 فدان، وغيرهما الكثيرون. المال نعمة وعطية من عند الله، ولكنها نعمة يُختبَر بيها معدن الإنسان. هناك من يستغل المال بشكل صحيح سواء في مشاريع أو خدمة... إلخ، وهناك آخر يسيء استخدام هذا المال بأي شكل من الأشكال. إهدار المال خطية، هو شبه شر، قمن يسيء استخدام ماله، يوقع نفسه في خطايا كثيرة. افرض وفرة المال لا تعني التبذير، بل تعني الحكمة للاستخدام الحسن. هناك أشكال أخرى من الإهدار، مثل إهدار إهدار المياه والطعام. يوجد في العالم مليار من البشر لا يجدون مياه الشرب، بمعنى أن واحدًا من كل سبعة لا يجد كوب ماء ليشربه، وهناك بلاد فيها مجاعات والناس يبحثون عن الطعام في صناديق القمامة! لذلك فكر البشر في اختراع الثلاجات وأجهزة أخرى ووسائل طهو متعددة، وذلك لتقليل إهدار الطعام. حينما ترمي الطعام فأنت تحرم إنسانًا آخر من الطعام. 3) الإهمالمثلما يهمل أب أو أم في تربيه أولادهما، وقد يأخذ الإهمال صورة التدليل. وهناك الإهمال في العمل، والإهمال في الإنتاج. لو لم يُربَط المسمار جيدًا في عجلة السيارة فمن الممكن أن يؤدي هذا إلى شر. أظنكم تتذكرون كيف أهمل عالي الكاهن في تربية أولاده وماذا كانت النتيجة. وهناك الإهمال في العلاقات الاجتماعية، بجيرانك وأصحابك وزملائك... الإهمال شر، وأحيانًا نسمًيه "آفة الحياة الروحية": إهمال صلواتك، إهمال انجيلك، إهمال قراءاتك... إلخ. وهناك إهمال النظافة: في البيت، في الفصل الدراسي، في المدرسة، في الشارع... بل وقد نرى صنوف الإهمال هذه في الكنيسة! نظافة المكان تجعل الإنسان مرتاحًا، والعكس صحيح.5) الانشغال الزائد هناك من يعمل أكثر من اللازم، وهذا يؤدي إلى أخطاء كثيرة منها الإهمال. هناك من أناس "مدمنو شغل" workaholic. الانشغال الزائد يتعب الإنسان في كل علاقاته، بل قد ينقطع عن الممارسات الروحية من صلاة وقراءة وخدمة بسبب الانشعال. وهناك من يضيع بيته وأسرته بسبب انشغاله الدائم. الانشغال الزائد أحيانًا يكون مقدمة لشرور أخرى. لابد أن يكون هناك تنوع في حياة الإنسان، لذلك نجد في الحياة الديرية يقولون لنا إن قانون الراهب: ساعة عمل، ساعة قراءة، ساعة صلاة؛ أي أن اليوم مُقسَّم فترة للصلاة وفترة للقراءة والدراسة وفترة للعمل: عمل يدوي أو غير يدوي.المشغولية الزائدة هي شبه شر، وتحرم الإنسان من بيته، ومن حياته، بل وربما من أبديته أيضًا، لذلك يجب أن يكون الإنسان منتبهًا للغاية من الانشغال الزائد، ويجب أن يكون له وقته الخاص بين فترة وأخرى، لكي يستطيع أن يكمل مسئولياته الأخرى.6) العشوائية هناك من يذاكر بدون نظام، ومن يجاوب بلا نظام، ومن يتكلم بلا نظام، وآخر يبني بدون نظام... والعجيب أن مثل هؤلاء يقولون عن حياتهم إنها "ماشية بالبركة"! بينما في الواقع، البركة في النظام. في معجزة إشباع الجموع، قال السيد المسيح للجموع أن يجلسوا فرقًا فرقًا، خمسين خمسين، وطبعًا بينهم ممرات، وجعل الرسل يوزعون الطعام عليهم، فأكلوا وشبعوا وفضل عنهم اثنتا عشرة قفة من الكسر التي جمعوها، مما يعني أنهم تركوا المكان نظيفًا؛ فالنظام يؤدي إلى البركة. ودائمًا نقول لأولادنا إن كلمه نجاح تبدأ بحرف "النون" الذي هو رمز واختصار لكلمة "نظام". العشوائية لا تبني الإنسان، بل هي شكل من أشكال الإهمال. الذي يبدد طاقات الإنسان، ولا يجعل الحياة هادئة بل تصير مشوشة. حتى في المناطق العشوائية لا نستطيع أن نوصّل لها الكهرباء والمياه، بل في بعض المناطق العشوائية حينما يحصل حادث أو مشكلة قد لا تستطيع عربة الإسعاف الدخول، أو لا يستطيعون الوصول للمكان...... ... ...هذه الصور كلها تندرج تحت هذه الفضيلة «امتنعوا عن كل شبه شر». وطبعًا هناك نماذج كثيرة وصور متعددة يمكن أن تبحث عنها في حياتك. وأحب أن أقدم لكم تدريبًا ونحن في نهاية السنة في الأيام الأخيرة من شهر ديسمبر، راجعوا الجزء الذي قرأناه في رسالة تسالونيكي الأولى الأصحاح الخامس 12-22، اكتبوا هذه العشر الآيات وراجعوا أنفسكم بحسب الوصايا التي في الآيات، وابحثوا عن كيفية تطبيقها. راجع نفسك في نهاية هذا العام، واعمل برنامج عمل لحياتك في السنة القادمة. ربنا يحافظ عليكم دائمًا. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل