المقالات
21 أغسطس 2018
زوجة الكاهن
شهادة الكاهن في تدبير بيته هي من مؤهلات الكاهن في تدبير الكنيسة، يدبِّر بيته حسنًا حتى يعرف كيف "يدبر ويعتني بخدمة كنيسة الله" (1تي4:3). وزوجة الكاهن هي كأي امرأة مؤمنة، لكنها كزوجة كاهن لا بد أن تضع نفسها من أجل نجاح خدمة رسالة الإنجيل في حياة زوجها، تخدم بفَهم ورضا وقناعة فكرية وقلبية، واعية بأن كأس الماء البارد المقدَّم بمسرة لأجل رئيس الرعاة لن يُنسَى، وزوجة الكاهن التقية الفرحانة بخدمتها ودعوة حياتها تدرك بوعي تام مسئوليتها بأنها معاونة للكاهن في حياته الشخصية كزوجة (معينة نظيره)، وفي رسالته ككاهن الله.
كثيرون عاشروا الكهنوت وللأسف لم يأخذوا بركته، بل حملوا متاعبه وتبَعاته دون بركة لحياتهم ولخلاصهم، عاشوا في صورة كهنوتية مُنكرين قوتها، ولم يعِش الكهنوت فيهم، لذا فقدوا موضعهم ورتبتهم، وسَرَق القاسي جهدهم. إن خدمة الكهنوت طريق يحتاج إلى نذور وتعهدات تُحفَظ زمان الغربة كله، لأنه طريق مخاطر يحتاج إلى خط دفاع وسَندة في صد هجمات أبليس، كي يحفظ الله جندية الكاهن وجهاده وثماره بسلاح البر لليمين ولليسار. إن الكاهن كجندي في خط الدفاع الأمامي للكنيسة كل اليوم كل أيام العمر يحتاج إلى إصلاح وتنقية ومراجعة وانسحاق وصلاة ومعونة وانسكاب وتعزية ومِلء في خدمة كهنوت المسيح، ليمر بمجد وهوان وبصيت رديء وحَسن.
وبناء البيت الروحي لبيت الكاهن على الصخر لا بد أن يُتابَع باستمرار وبمواظبة من أجل البنيان والنمو في الله كغنيمة حياة الكاهن وكنز بيته... فما أحلى زوجة الكاهن التي تُعين زوجها بصلواتها ودموعها ودعائها وبتدعيهما العملي.
الكاهن الذي يحمل أوجاع شعبه كراعٍ أمين تحمله زوجته إن كانت أمينة، لأنها قد اختارت أيضًا الرب نصيبًا لها وقد شرفها المسيح بخدمة أولاده الخصوصيين، وهي تخدمهم من خلف زوجها ومعه، معاونة له بهدوئها وقدوتها وتباسطها وسيرتها العملية التي هي أبلغ من كل العظات بل وأجمل من كل العناوين، خاصة عندما تفتح بيتها للفقير والمحتاج والضعيف والمنبوذ وتعمل أروع خدمات الخفاء، فالرجل والمرأة عمومًا يختلفان في الشكل الجسدي فقط، لكن ليس في النفس، فقد غلبْنَ كثيرات منهن وتفوَّقن على الرجال في الجهاد لأجل الخلاص.
لذا ليست كل شخصية تصلُح لأن تكون زوجة كاهن، إنها مسئولية خطيرة لا بُد أن يُحسب لها كل الحُسبان، لأن إساءة الاختيار يؤثر سَلبًا على الخدمة، وهناك إذن ضوابط روحية في اختيار من تكون زوجة للكاهن، لأنها ترافقه في رحلة لحمل الصليب... فالكهنوت "خدمة" والكهنوت "غسل أرجُل" والكهنوت "رعاية وأبُوَّة" والكهنوت "صليب وذبيحة وتكريس" منذ لحظة الرسامة ترافقه الزوجة كخادمة، يصيبها تبعات هذه الرحلة من وخزات الشوك والمسامير والتعب والتضحيات التي لها بركتها ومعونتها وحراستها السماوية.
رحلة يفتح الرب فيها أبوابًا وأعماقًا، لكنها تتوقف على رؤية الكاهن وزوجته لماهية وطبيعة خدمة الكهنوت!!! وكيف أنها رحلة صعود مرتفعات، ليس فيها عوج ولا التواء، إنها دعوة وخدمة وترْك ومسئولية، رحلة قد يواجهوا فيها ضيقًا أو شُحًّا أو عوزًا واحتياجًا، لكن بالإيمان والاتكال والصبر على كل شيء يسد الله فيها كل الاحتياجات، ما دام قد قبلوا خدمتهم من يد الله ولله، وما دام الكاهن يقدم لله مشورات حُرّيته، ويكتب أعماله تَبْعًا لأقواله.
وبالتأكيد يتعيَّن على الكاهن وأسرته أن يكونوا قدوة للشعب في الإيمان والكفاف والاعتدال، والويل كل الويل لمن تأتي به العثرة، لذلك زوجة الكاهن تكون أيقونة جميلة، إذا أعطت المثل لإنسانة الله المتزينة بالفضيلة والبعيد عن الترف والتنعُّم الباطل، لأنها باعتدالها ورزانتها تعيش نذر دعوتها كشريكة للكاهن في حياته، ويكونوا بذلك قد عملوا بأقوالهم وتكلموا بأعمالهم.
إن زوجة الكاهن الشبعانة بكلمة الله والمواظِبة على التغذّي بوسائط النعمة، تجد لها الوسائل لتعبِّر عن محبتها واتضاعها وغسلها للأرجل وضيافتها للغرباء وترفُّقها بإخوتنا وأسيادنا المساكين والمجرَّبين، بل ويمكن أن تكون زوجة الكاهن بركة وسندًا ودعمًا وتصديقًا لخدمة الكاهن بل وللكنيسة كلها، عندما توضَع على المنارة بتعقُّلها وتصرفاتها المسئولة، وانحيازها للمرذولين وللبؤساء وللذين يعتبرهم العالم أنهم "وسخ" بينما هم كنوز الكنيسة الحقيقية... مغبوطة هي بالحقيقة زوجة الكاهن المُصَلِّية، الصوَّامة، المعطاءة، المضيفة للغرباء، المُحِبّة للجميع بلا محاباة للوجوه، والتي ينطبق عليها انها بحقّ امرأة فاضلة وثمنها يفوق اللآلئ.
ثيابها هي الحشمة والجمال، وزينتها هي الأدب والتقوى، وسلوكها البساطة والمعرفة التي لبنات الله، فلا تكون مُعثِرة ولا مُجلِبة لغضب الله بل مُحقِّقة مقاصد الله في حياتها، مُعلِنة لغنىَ واتساع تدابيره. وأيضًا زوجة الكاهن عنوان للفطنة التربوية، عندما تكون دليلاً للرعية في تنشئة أولادها في حضن الكنيسة، ناجحين في حياتهم ممجدين الله كل حين.
لكن عندما يُساء اختيار زوجة الكاهن، تكون عثرة وشوكة في موضع مَقتَل... مُعطِّلة للإنجيل في خدمة الناس، إذ تفوح رائحة مُجُونها وماديتها أو استبدادها وتعظُّم معيشتها، كفساد الطين وكالظلمة المثلَّثة الكآبة التي للجهل، فتبقى أصل مرارة أمام الجميع، وبسببها يُجدَّف على الاسم الحسن، وينطفئ بهاء الإكليروس، مثلما أنذرالملاك القديس "هرماس" عن الرعاة المنحرفين بقوله (انظر يا هرماس حيث يكون التنعُّم يكون الخداع والتزييف أمام الله).
وحسنًا يطلق الشعب على زوجة الكاهن (تاسوني)، فهي أخت كل أحد، ببذلها وبشاشتها تساعد الخراف المريضة والمبتدئة والخاملة والبعيدة، بأعمالها وأنفاسها أكثر من كلامها، وقد عاينّا الأمومة المداوية التي لا تعبث بخلاص الآخرين ولا تَسخَر منهم، بل تحملهم كصغار وكمكسورين لإرضاعهم ومساندة رحلتهم، والوصول بهم إلى الميناء، تلك الصورة الرقيقة المُضحِّية هي أيضًا حاسمة وصريحة، لأنها خدمة على مستوى الصليب، وليس مجرد نشاط مزيَّف وإعلان، لأن الأجرة إنما تُعطىَ على العمل لا على الكلام.
لقد تعرضت هذه الصورة لبعض الشوائب والصدأ، إلا أن واقعنا أيضًا مملوء وزاخر بزهور الحياة الكنسية، وبزينة العمل الروحي من خادمات وسيدات لهُنَّ طابع بهجة التقوى وانعكاس الصورة الإلهية التي للقداسة في حياتهن، وهُنَّ جانب مشرق لرعية المسيح، حاملات معهن ثمار المجد للكنيسة كلها.
القمص أثناسيوس چورچ
المزيد
20 أغسطس 2018
تأملات فى عيد التجلي
على جبل التجلى...
على جبل طابور أخذ السيد المسيح ثلاثة من تلاميذه وتجلى أمامهم فقال له القديس بطرس جيد يارب ان نكون ههنا { وبعد ستة ايام اخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا اخاه وصعد بهم الى جبل عال منفردين.وتغيرت هيئته قدامهم واضاء وجهه كالشمس وصارت ثيابه بيضاء كالنور. واذا موسى وايليا قد ظهرا لهم يتكلمان معه} (مت 1:17-3). فما ابهج ان يسمو الانسان ويرتفع ويحيا فى الحضرة الإلهيٌة ويعاين مجد الرب ويحيا مذاقة المجد الأتى، ان هؤلاء التلاميذ يمثلوا الايمان والجهاد والمحبة فنحن لكى نعيش التجلى لابد لنا ان نحيا الإيمان العامل بالمحبه على قدر طاقتنا ، كما ان ظهور موسى وايليا يمثلان الحلم والوداعة مع الغيرة والجهاد فنحن نحتاج الى حلم ووداعة موسى النبى لكن لا فى تراخى او كسل بل فى غيرة نارية وعمل روحى دائم للانطلاق نحو السماء لنحيا أمجاد التجلي. ان الله فى محبته يريد ان يجذبنا اليه لنعاين مجده ونسعد بلقياه ونشهد للاهوته ونحيا مذاقة الملكوت ونحن على الارض لنعبده بالروح والحق ونعد نفوسنا بالتوبه والأيمان والفضيلة للحياة معه والوجود فى حضرته كل حين.
التجلّي اذا هو دخول بالنفس إلى تذوّق الحياة الأخرويّة، لترى مجد ربها والهها قادمًا في ملكوته، معلنًا لها أمجاده بالقدر الذي يمكنها أن تحتمله وهي بعد في الجسد. هذا العمل الإلهي الذي تحقّق بطريقة ملموسة على جبل طابور ويتحقّق بصورة أو أخرى داخل القلب من حين إلى آخر، لكي يجذب الله نفوسنا نحو العُرس الأبدي لكي نشتاق إلى الانطلاق نحو الحياة الإبدية، ويمنحنا دفعة روحيّة قويّة تسندنا في حمل الصليب والشهادة للسيّد المسيح.ان الله يدعونا جميعا لمعاينة مجده داخلنا {ولا يقولون هوذا ههنا او هوذا هناك لان ها ملكوت الله داخلكم }(لو 17 : 21).ولكى يحل المسيح بالايمان فى قلوبنا يجب نسمو ونتطهر من الخطايا والصغائر ونفتح له القلب بالإيمان وندعوه ليكون مصدر سعادتنا وفرحنا فى محبة صادقة وتبعية أمينه وتأمل فى صمت فى إنجيله فسياتى الينا ولا يبطئ.
التجلّي هو إعلان للملكوت السماوى الممتد فوق كل حدود الزمان، تتذوقه النفس البشريّة التي قبلت أن تكون إيجابيّة وعاملة مع المسيح بحمل الصليب وتبعيتها للمسيح، والدخول معه إلى الموت يوميًا للتمتّع بقوة قيامته. إنه يمثّل دفعه قويّة يهبها الملك المسيّا لجنوده الروحيّين للجهاد المستمر ضدّ إبليس وأعماله، ليهب لهم الحنين نحو المكافأة الأبديّة والتمتّع بشركة الأمجاد السماويّة. فالتجلّي الذي تحقّق مرّة في حياة ثلاثة من التلاميذ، صار رصيدًا قدّمه السيّد لحساب الكنيسة كلها، تسحب منه كل يوم فيتزايد. تطلبه فتجده خبرة يوميّة تقويّة، يعيشها المؤمن من خلال المحبة وطاعة الوصية سواء في عبادته الجماعيّة أو العائليّة أو الشخصيّة، كما يتذوّقها أثناء جهاده او تأمله وصلواته أو في تعامله مع الأتقياء كما مع الأشرار. إنه لقاء مستمر مع ربّنا يسوع المسيح على الدوام، فيه يكشف أمجاده جديدة في كل لحظة من لحظات حياتنا، حتى نلتقي به وجهًا لوجه في مجيئه الأخير.
حديث التجلى ...
لقد فرح التلاميذ بالتجلى وارادوا ان يحيوا فى الحضرة الإلهيٌة حيث مجد الابن الوحيد معلن لهم ومصدر سعادتهم، لكن السيد المسيح اراد ان يعلن لهم مجد الوهيته حتى لا يعثروا او يشكوا فيه عندما يرونه يسلم الى ايدى الناس ويهان ويصلب ، لهذا ظهر معه موسي وايليا وكان حديثهم مع المخلص عن الفداء الذى سيتم فى اورشليم {واذا رجلان يتكلمان معه وهما موسى وايليا.اللذان ظهرا بمجد وتكلما عن خروجه الذي كان عتيدا ان يكمله في اورشليم}( لو 30:9-31). لقد ظهر فى التجلى موسى النبى الذى يمثل الشريعة وايليا ممثلا للانبياء ليعلن لنا السيد نفسه انه غاية الشريعة ومركز النبؤات وله سلطان على الموت والحياة، وأنه المدبِّر في الأعالي وعلى الإرض، لهذا جلب موسى الذى مات منذ مايذيد عن الف وثلثمائة عام، ومن لم يُعاني من الموت وانتقل حيا وهو ايليا النبى .
ان التجلّي يرتبط بأحداث الصلب والقيامة، فإنه لا يمكن للمؤمن أن يرتفع على جبل التجلّي ليرى بهاء السيّد ما لم يقبل صليبه ويدخل معه آلامه ليختبر قوّة قيامته فيه، فيُعلن الرب أمجاده له. ومن جانب آخر ما كان يمكن للتلاميذ أن يتقبّلوا آلامه ويُدركوا سرّ قيامته ما لم يريهم مجد التجلّي. إذ تحدّث الرب كثيرًا عن المخاطر التي تنتظره وآلامه وموته، وعن موت التلاميذ والتجارب القاسية التي تلحق بهم في الحياة، كما حدثهم عن أمور صالحة كثيرة يترجّونها، من أجلها يخسرون حياتهم لكي يجدوها، وإنه سيأتي في مجد أبيه ويهبنا الجزاء، لهذا أراد أن يُظهر لهم ما سيكون عليه مجده عند ظهوره، فيروا بأعينهم ويفهموا قدر ما يستطيعون، لهذا أظهر لهم ذلك فى تجليه .
لقد ظللت االسحابة النيٌرة جبل طابور وهي تُشير إلى الحضرة الإلهيّة ، هذه التي كانت تملأ جبل سيناء حين قدّم الرب الناموس لموسى (خر 24: 15)، وكانت تملأ خيمة الاجتماع عندما كان الله يتحدّث مع موسى، وسيأتي السيّد المسيح في مجيئه الأخير فى سحابة نيٌرة، فإن السحابة هنا إعلانًا عن عمل التجلّي في حياة المؤمنين{ فيما هو يقول ذلك كانت سحابة فظللتهم فخافوا عندما دخلوا في السحابة. وصار صوت من السحابة قائلا هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا} (لو 34:9-35). فالنفس إذ تلتقي بالسيّد وتتعرَّف على أسراره قدر ما تحتمل، تستنير أكثر فأكثر بإعلانات سماويّة داخليّة. فتسمع صوت الآب: {هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت له اسمعوا}. هذا هو أعظم إعلان يتقبّله الإنسان من الله في أعماق قلبه، وهو إدراك بنوّة المسيح للأب كنور من نور، فتذوب نفسه داخليًا خلال اتّحادها بالابن الوحيد، وتشعر بدفء الحب الإلهي، وتتلمّس رضا الله الآب لها في الابن، فتسمع لصوت الآب، وتخضع لعمل المسيح فيها بكونه رأسها، ولا يطلب المسيحي إعلانات ملموسة يفخر بها، إنّما هذا هو جوهر إعلان الآب للنفس البشرية ان تؤمن بالابن الكلمة المتجسد من اجل خلاصنا .
لقد تمتّعت القدّيسة مريم بالسحابة النيِّرة في أجلَى صورها، بطريقة فريدة حينما حلّ عليها الروح القدس ليظلِّلها بالقوّة الإلهيّة الفائقة. {الروح القدس يحلّ عليك وقوَّة العليّ تظلِّلك}. هذه السحابة النيِّرة، أو الروح القدس الناري يهب المؤمنين استنارة للبصيرة الداخليّة لمعاينة المجد الإلهي للابن الوحيد، ويفتح الأذن لسماع صوت الآب، الذي يكشف لنا "سرّ المسيح" الذي صار فينا بالمعموديّة، فنحرص بالروح أن نبقى في حالة توبة مستمرّة وطاعة، لننعم بسرور الآب ونسمع صوته الأبوي.
لقد خاف التلاميذ وسقطوا على وجوههم ولكن السيد المسيح بدد خوفهم وكان هو سلامهم {ولما سمع التلاميذ سقطوا على وجوههم وخافوا جدا.فجاء يسوع ولمسهم وقال قوموا ولا تخافوا.فرفعوا اعينهم ولم يروا احدا الا يسوع وحده} (مت 6:17-8). سقوط التلاميذ على وجوههم وخوفهم يذكرنا بما حدث على جبل سيناء عندما حل الرب بمجده على الجبل { وكان جميع الشعب يرون الرعود والبروق وصوت البوق والجبل يدخن ولما راى الشعب ارتعدوا ووقفوا من بعيد. وقالوا لموسى تكلم انت معنا فنسمع ولا يتكلم معنا الله لئلا نموت. فقال موسى للشعب لا تخافوا لان الله انما جاء لكي يمتحنكم ولكي تكون مخافته امام وجوهكم حتى لا تخطئوا.فوقف الشعب من بعيد واما موسى فاقترب الى الضباب حيث كان الله} (خر18:20-21).ان سقوط التلاميذ على وجوههم يُعلن عن عجز البشرية الالتقاء مع الله، إذ صارت وجوههم في التراب ساقطة، لا تقدر على معاينة الأمجاد السماويّة. وحلول الخوف الشديد فيهم يُشير إلى فُقدان السلام الحقيقي فى البعد عن الله ، لذلك جاءهم يسوع إشارة إلى نزوله إلينا، ومدّ يده مؤكِّدًا تجسّده. أمّا لمسه إيّاهم، فهو علامة حلوله في وسطنا كواحد منّا، يقدر أن يمدّ لنا يده فنقبلها. أخيرًا بسلطان أقامهم ونزع الخوف عنهم. حقًا لقد ظهرت قصّة سقوط الإنسان وقيامه خلال عمل الله الخلاصي واضحة على جبل التجلّي. وكأن سرّ التجلّي إنّما هو سرّ إعلان الله الدائم فينا، بكونه ابن الله المتجسّد المصلوب والقائم من الأموات، من أجلنا جاء ليقيمنا ونبتهج بعمله فينا. وإذ كان التلاميذ ساقطين منطرحين على الأرض وغير قادرين على القيام تحدّث معهم بوداعة ولمسهم. فبلمسه إيّاهم انصرف الخوف عنهم وقواهم.
من أقوال الاباء عن التجلى
العلاّمة أوريجينوس: أن السيّد أعلن لاهوته للذين صعدوا على الجبل العالي، أمّا للذين هم أسفل فظهر لهم في شكل العبد. إنه يسأل من يشتاق أن يتعرّف على حقيقة السيّد ويتجلّى قدامه أن يرتفع مع يسوع خلال الأناجيل المقدّسة على جبل الحكمة خلال العمل والقول.
القدّيس يوحنا الذهبي الفم : إذ تحدّث الرب كثيرًا عن المخاطر التي تنتظره وآلامه وموته، وعن موت التلاميذ والتجارب القاسية التي تلحق بهم في الحياة... كما حدثهم عن أمور صالحة كثيرة يترجّونها، من أجلها يخسرون حياتهم لكي يجدوها، وإنه سيأتي في مجد أبيه ويهبنا الجزاء، لهذا أراد أن يُظهر لهم ما سيكون عليه مجده عند ظهوره، فيروا بأعينهم ويفهموا قدر ما يستطيعون، لهذا أظهر لهم ذلك في الحياة الحاضرة بالتجلي.
القديس مارإفرام السرياني : القوم الذين قال عنهم أنهم لا يذوقون الموت حتى يعاينوا صورة مجيئه هم هؤلاء التلاميذ الثلاثة الذين أخذهم معه إلى الجبل، وأعلن لهم طريقة مجيئه في اليوم الأخير في مجد لاهوته وجسد تواضعه.وصعد بهم إلى جبل عال لكي يُظهر لهم أمجاد لاهوته فلا يتعثّروا فيه عندما يرونه في الآلام التي قبلها بإرادته، والتي احتملها بالجسد من أجلنا. صعد بهم إلى جبل لكي يُظهر لهم ملكوته قبلما يشهدوا آلامه وموته، فيرون مجده قبل عاره، حتى متى كان مسجونًا ومُدانًا من اليهود يفهمون أنه لم يصلب بواسطتهم عن عجز، بل لأنه سُرّ بصلاحه أن يتألّم لأجل خلاص العالم، أصعدهم إلى جبل لكي يُظهِر لهم قبل قيامته مجد لاهوته حتى متى قام من الأموات يدركون أنه لم يتقبّل هذا المجد كجزاء لعمله كمن لم يكن له هذا المجد، وإنما له هذا المجد منذ الأزل مع الآب والروح القدس. وكما سبق فقال عندما ذهب إلى الآلام بإرادته: {الآن مجّدني أيها الآب بالمجد الذي لي قبل إنشاء العالم} (يو۱٧: ٩). أضاء وجهه ليس كما أضاء وجه موسى من الخارج، وإنما أشعّ مجد لاهوته من ذاته ومع هذا ظلّت أمجاده فيه. من ذاته يشع نوره ويبقى نوره فيه. إنه لا يأتيه من الخارج ليزيِّنه ولا يقبله لاستخدامه إلى حين، إنه لم يكشف لهم أعماق لاهوته التي لا تُدرك، وإنما كشف لهم قدر ما تقدر أعين التلاميذ أن تتقبّل وتميّز.
القديس أمبروسيوس: هلم نصعد على الجبل ونتضرّع إلى كلمة الله ليكشف لنا عن ذاته في مجده وجماله. إذ نعاين مجد الله بوجوه مكشوفة نتغير نحن أنفسنا إلى تلك الصورة عينها (2 كو 3: 8) ، لما كان الصوت وُجد يسوع وحده، فبعد أن كانوا ثلاثة وُجد يسوع وحده. رأوا في البداية ثلاثة، أما في النهاية فرأوا واحدًا. بالإيمان الكامل يصير الكل واحدًا كما طلب يسوع من الآب: {ليكون الجميع واحدًا}(يو 17: 21). ليس موسى وإيليا وحدهما واحدًا في المسيح، وإنما نحن أيضًا واحد في جسد المسيح الواحد (رو 12: 5)... ولعل هذا أيضًا يشير إلى أن الناموس (موسى) والأنبياء (إيليا) مصدرهما الكلمة... لأن غاية الناموس هي المسيح للبرّ لكل من يؤمن (رو 10: 4).
أعلن لنا مجدك يارب .
ايها الرب القدير، واهب الأستنارة والحكمة ارفع قلوبنا لتعاين مجدك وارواحنا لتتحد بك وحواسنا لتعاين بهاء عظمتك وافكارنا لتستنير بمجد التجلى . حل بالإيمان فى قلوبنا لنعاين مذاقة الملكوت من الان لنشهد لكل أحد عن سبب الرجاء الذى فينا ، لتكون انت مصدر فرحنا ونور حياتنا وشمس برنا الدائم .
يارب هبنا ان نسمو عن الصغائر ونرتفع عن الخطايا ويكون قلبنا عليه مرتفعة سامية ومعدة لحضورك فيها، لنشبع لا بولائم ارضية ولا بمتع العالم الزائلة بل بوجودك فى قلوبنا وباتحادنا بالإيمان بك ومعينة اسرارك الخفية ولاهوتك ومجدك السمائي. ليستنير انساننا الداخلى ويستضئ بمعرفتك لنحيا معك وتتمجد بالايمان فينا سواء فى طريق الآلم والجلجثة بحمل الصليب اوبالوجود على جبل التجلى أو بالعيش فى امجاد القيامة. فنصيبنا هو انت فى السماء ومعك لا نريد شئ الا ارادتك في حياتنا على الإرض.
ايها الرب الهنا، نسألك من أجل كنيستك المتألمة لتعلن مجدك فيها ويراه كل بشر، ونطلب عن كل نفس فيها ليتمجد أسمك القدوس فى حياتنا وباعمالنا واقوالنا، نسألك من اجل بلادنا لتشرق بسلامك وبرك فيها وتباركها بكل بركة روحية لتكون نورا للعالم ومصدراً للاشعاع الروحى والفكرى والحضاري فى كل الارض.
القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
19 أغسطس 2018
العذراء وحياة التسليم
فَضَائِل وَبَرَكَات كَثِيرَة وَمَجْد عَظِيم مُخْفَى دَاخِل أُمِّنَا السَيِّدَة العَذْرَاء وَلكِنْ يُوْجَدٌ فَضِيلَة نُرِيدْ أنْ نَتَعَمَقٌ فِيهَا وَنَأخُذ بَرَكَاتْهَا مِنْ السَيِّدَة العَذْرَاء وَرَبِّنَا يُعْطِينَا قُلُوب مَفْتُوحَة وَآذَان صَاغِيَة قَالَتْ السَيِّدَة العَذْرَاء ﴿ هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ ﴾ ( لو 1 : 38 ) سَنَتَحَدَث عَنْ حَيَاة التَّسْلِيم عِنْدَالسَيِّدَة العَذْرَاء وَسَنَتَحَدَّث فِي ثَلاَث نِقَاطْ :-
1/ التَّسْلِيم عِنْدَ العَذْرَاء :
التَّسْلِيم يَعْنِي إِنْسَان يِسَلِّمْ أي يَتْرُك إِرَادَتُه لإِرَادِة الَّذِي أمَامُه وَالسَيِّدَة العَذْرَاء عَاشَتْ حَيَاة التَّسْلِيم وَالخُضُوع لِكُلَّ أمر إِلهِي فَأبُوهَا تَنَيَّح وَعُمْرَهَا ثَلاَث سَنَوَات وَأُمَّهَا تَنَيَّحَتْ وَكَانَ عِنْدَهَا سِتْ سِنِينْ وَلكِنَّهَا سَلِّمِتْ وَعَاشِتْ فِي الهِيكَل حَيَاة التَّسْلِيم وَكَانَتْ خَادِمَة فِي الهَيْكَل اليَهُودِي وَيُوْجَد صُورَة فِي أذْهَان البَعْض أنَّ السَيِّدَة العَذْرَاء كَانَتْ تُسَبِّح وَتُرَنِمْ فِي الهِيكَل وَلكِنْ هذَا جُزْء مِنْ حَيَاتْهَا وَلكِنْ يُوْجَد جُزْء آخَر وَهُوَ أنَّ البِنْت فِي الهِيكَل اليَهُودِي تُصْبِح خَادِمَة وَالهِيكَل اليَهُودِي فِيهِ ذَبَائِح كَثِيرَة وَيَحْتَاج إِلَى تَنْظِيفْ وَالَّذِي يَقُوم بِعَمَلِيِة التَّنْظِيفْ الخَادِمَات أوْ النَّذِيرَات وَمِنْ ضِمْن البَنَات كَانَتْ السَيِّدَة العَذْرَاء وَتُوْجَد صُورَة لِلسَيِّدَة العَذْرَاء غَرِيبَة وَهيَ شَعْرَهَا مَنْكُوش وَرِجْلِيهَا حَافْيَة وَهذَا يَدُل عَلَى الضَّغْط الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا فِي الخِدْمَة وَبَدَأ سِنَّهَا يِكْبَر وَلَمْ تُفَكِّر السَيِّدَة العَذْرَاء إِلَى أيْنَ تَذْهَبْ أوْ مَاذَا يَفْعَلُوا بِهَا ثُمَّ قَالُوا لَهَا أنَّهَا سَوْفَ تُخْطَبْ وَلكِنَّهَا تُرِيدْ أنْ تَعِيش حَيَاة البَتُولِيَّة وَلَمْ تَعْتَرِض فَعَمَلُوا عَلَيْهَا قُرْعَة حَتَّى يَجِدُوا الشَّخْص وَكَانَ هذَا الشَّخْص هُوَ يُوسِف النَّجَار وَكَانَ فِي ذلِك الوَقْت عَنْدُه 70 سَنَة وَكَانَتْ إِمْكَانِيَات يُوسِف فَقِيرَة جِدّاً فَهُوَ يَعْمَل نَجَّار فِي المَنْزِل وَلَيْسَ لَهُ وَرْشَة أي يِصَلَّح الأشْيَاء وَلاَ يَقُوم بِعَمَل أشْيَاء جِدِيدَة وَبِالتَّالِي دَخْلُه بَسِيطْ جِدّاً وَفِي كُلَّ هذَا السَيِّدَة العَذْرَاء تَقُول حَاضِر وَلَمَّا أتَى المَلاَك لِيَقُول لَهَا أنَّهَا سَوْفَ تُصْبِح حَامِلٌ فَالأمر الَّذِي أعَدَّهُ الله لِلعَالَمْ مُنْذُ 5500 سَنَة إِسْتَوْعِبِتُه العَذْرَاء فِي لَحْظَة وَلِهذَا قَالَتْ لَهَا ألِيصَابَات ﴿ طُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ ﴾ ( لو 1 : 45 ) وَلكِنْ هذَا الأمر سَيُعَرِّض ذَات السَيِّدَة العَذْرَاء إِلَى إِهَانَات وَسَيَشُك فِيهَا أقْرَب النَّاس وَبِالفِعْل نَجِدْ أنَّ يُوسِف البَّار أرَادَ تَخْلِيَتَهَا سِرّاً ( مت 1 : 19) وَلكِنَّهَا فِي كُلَّ هذَا خَاضِعَة وَيُوْجَدٌ شَرِيعَة فِي العَهْد القَدِيم فِي سِفْر العَدَد تُسَمَّى شَرِيعِة (( المَاء المُر )) هذِهِ الشَّرِيعَة تُطَبَّقٌ عَلَى السَيِّدَة أوْ البِنْت الَّتِي يُشَك إِنَّهَا عَمَلِتْ خَطِيَّة وَزَنِتْ وَوُجِدَت حَامِل فَيَتِمْ إِحْضَار مَاء وَيَقُوم الكَاهِن بِقِرَاءِة الوَيْلاَت عَلَيْهَا وَتَقُول البِنْت فِي كُلَّ مَرَّة " آمِين آمِين " وَيَقْطَعْ الوَرَقَة دَاخِل المَاء وَتَقُوم البِنْت بِشُرْب المَاء فَإِذَا كَانَتْ عَمَلِتْ خَطِيَّة يَتَوَرَّم جِسْمَهَا وَتَسْقُطْ رِجْلِيهَا لأِسْفَل وَإِذَا لَمْ تَفْعَل تُصْبِح سَلِيمَة وَتَحْبَل بِزَرْع( عد 5 : 11 – 28 ) وَيُقَال أنَّ السَيِّدَة العَذْرَاء جَازَتْ هذَا الإِخْتِبَار فَالسَيِّدَة العَذْرَاء كَانَتْ تَقُول إِذَا كَانَ رَبِّنَا رَاضِي بِالإِهَانَة أوْ بِرَجُل فَقِير وَكِبِير فِي السِّنْ فَلْتَكُنْ إِرَادَتُه وَبَعْد ذلِك يَرَى يُوسِف البَّار رُؤيَة حَتَّى لاَ يَخَاف وَيَأتِي وَقْت الوِلاَدَة وَلَمْ تَجِدٌ السَيِّدَة العَذْرَاء أي مَكَان لِتَلِدٌ فِيهِ وَوَلَدَت فِي مِزْوَدٌ وَكَانَ مُمْكِنْ عِنْدَمَا تَرَى السَيِّدَة العَذْرَاء مَنْظَر المِزْوُدٌ تَعْتَرِض وَلكِنْ فِي كُلَّ الأُمور كَانَتْ تَقُول حَاضِرثُمَّ تُوْجَدٌ مُشْكِلَة وَهيَ عَدَم وُجُودٌ دَخْل لِيُوسِف النَّجَار حَتَّى يِصْرِفُوا مِنُّه فَيُوسِف فِي بَلَدٌ غَرِيبَة وَلاَ أحَدٌ يَعْرِفْ أنَّهُ نَجَّار فَيَحْدُث تَدْبِير إِلهِي عَجِيبْ وَهُوَ أنْ يَأتِي المَجُوس لِيُقَدِّمُوا هَدَايَاهُمْ ذَهَبْ وَلُبَان وَمُرّ ( مت 2 : 11) وَيُقَال أنَّ هذَا الذَّهَبْ هُوَ الَّذِي تَرَبَّى بِهِ يَسُوع وَهُوَ الَّذِي أُنْفِقَ بِهِ عَلَى إِحْتِيَاجَاتُه ثُمَّ يَظْهَر المَلاَك لِيُوسِف وَيَقُول لَهُ خُذْ الصَّبِي وَأُمُّه وَاهْرَب إِلَى مِصْر .. وَكُلَّ بَلَدٌ تَدْخُل فِيهَا السَيِّدَة العَذْرَاء كَانَتْ الأوْثَان تَقَعْ وَيَقُوم النَّاس بِطَرْدَهَا وَفِي كُلَّ هذَا السَيِّدَة العَذْرَاء تَقُول حَاضِر وَكَانَتْ تُرَبِّي رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح بِالجَسَد وَعِنْدَ الصَّلِيبْ كَانَتْ فِي تَسْلِيمْ عَجِيبْ فَلَمْ تَعْتَرِض فِي أي مَرْحَلَة أوْ تِدَّخَل أوْ تَتَمَرَدٌ وَلَمْ تُحَاوِل أنْ تَجْعَل الأُمور تَسِير حَسَبْ هَوَاهَا أوْ فِكْرَهَا أوْ رَغْبِتْهَا وَلكِنَّهَا عَاشِتْ حَيَاة تَسْلِيمْ كَامِلَة فَالأمر الَّذِي لَمْ يَسْتَوْعِبُه الأبْرَار وَالكَهَنَة وَالأتْقِيَاء أنْ يُوْجَدٌ عَذْرَاء تَحْبَل وَلكِنْ السَيِّدَة العَذْرَاء إِسْتَوْعِبِتْ الأمر وَحَفَظِتُه فَالأمر الَّذِي أُخْفِيَ عَنْ أعْيُنْ كَثِيرِينْ كَانَ وَاضِحٌ أمَام السَيِّدَة العَذْرَاء وَمُمْكِنْ أحَدٌ يِسْأل سُؤَال لاَهُوتِي وَهُوَ مَنْ الَّذِي كَانَ يَعْرِفْ أنَّ السَيِّد الْمَسِيح هُوَ إِبْن الله(( الله المُتَجَسِّد )) ؟ وَالإِجَابَة هِيَ أنَّ السَيِّدَة العَذْرَاء هِيَ الوَحِيدَة الَّتِي كَانَتْ تَعْرِفْ فَالسَيِّدَة العَذْرَاء رَأت السَيِّد الْمَسِيح فِي كُلَّ مَرَاحِل حَيَاتُه وَهُوَ يِكْبَر وَيَتَكَلَّمْ فَكَيْفَ كَانَ حَدِيثُه وَاهْتِمَامَاتُه ؟وَكَانَتْ السَيِّدَة العَذْرَاء فِي حَالِة دَهْشَة وَهذِهِ الحَالَة أوْجَدِت صَمْت فِي حَيَاتْهَا وَكَانَتْ تُفَكِّر فِي جَمِيعْ هذِهِ الأُمور فِي قَلْبِهَا وَعِنْدَمَا إِعْتَرَفَ بُطْرُس أنَّ الْمَسِيح هُوَ إِبْن الله الحَيِّ ( مت 16 : 16) لَمْ يَكُنْ إِيمَانُه مِثْل إِيمَان السَيِّدَة العَذْرَاء بِدَلِيل أنَّهُ شَك وَاهْتَز إِيمَانُه أمَام جَارِيَة .
2/ التَّسْلِيم فِي حَيَاتْنَا :
بِالرَّغْم مِنْ أنَّ كُلَّ ظُرُوفْ السَيِّدَة العَذْرَاء كَانَتْ ظُرُوفْ صَعْبَة وَمُعَاكْسَة إِلاَّ إِنَّهَا كَانَتْ تَقُول حَاضِر فَأحْيَاناً يَقُول الإِنْسَان حَاضِر فِي الظُّرُوفْ الَّتِي تَسِير عَلَى هَوَاه وَلكِنْ هَلْ مُمْكِنْ أنْ يَقُول حَاضِر فِي الأُمور الَّتِي لاَ تَسِير مَعَ إِرَادَتُه ؟ فَالإِنْسَان إِذَا نَجَح يَقُول حَاضِر وَلكِنْ إِذَا لَمْ يُوَفَّقٌ هَلْ يَقُول حَاضِر ؟ وَالإِنْسَان السَّلِيمْ يَقُول حَاضِر وَلكِنْ إِذَا حَدَثْ لَهُ مَرَض هَلْ يَقُول حَاضِر ؟ فَالتَّسْلِيمْ هُوَ أنْ أقْبَل كُلَّ شِئ فِي كُلَّ وَقْت وَأنْ أشْعُر أنَّ حَيَاتِي فِي يَدْ الْمَسِيح فَالتَّسْلِيمْ هُوَ الخُضُوع الكَامِل لله بِمِلْء الإِيمَان وَلِهذَا نَجِدْ أنَّ حَرْب القَلَقٌ تَتَزَايَدْ عَلَى الإِنْسَان خَاصَّةً فِي هذَا الجِيل فَالإِنْسَان طُول الوَقْت يُفَكِّر وَلاَ يَعِيش مُطْمَئِنْ أوْ هَادِئ لأِنَّهُ لاَ يَسْتَطِيعْ أنْ يُسَلِّمْ وَدَائِماً قَلِقٌ عَلَى المُسْتَقْبَل فَأغْلَبْ الأمْرَاض أسْبَابْهَا عَصَبِيَّة وَنَفْسِيَّة وَهذَا فَخ مِنْ عَدُو الخِير حَتَّى لاَ يَعِيش الإِنْسَان فِي أمْن فَالإِنْسَان يَعِيش دَائِماً فِي دَائِرَة وَلكِنْ يَحْتَاجٌ فِي كُلَّ هذَا إِلَى التَّسْلِيمْ فِي كُلَّ أحْوَال حَيَاتُه وَلاَ يَلْجَأ إِلَى أعْمَال غِير سَلِيمَة ﴿ مَنْ يَمَسُّكُمْ يَمَسُّ حَدَقَةَ عَيْنِهِ ﴾ ( زك 2 : 8 ) يُحْكَى أنَّ أبُونَا بِيشُوي كَامِل عِنْدَمَا تِعِبْ فِي أخِر أيَّامُه كَانِتْ تَاسُونِي أنْچِيل حَزِينَة جِدّاً وَكُلَّ مَا يَضَعْ أبُونَا يَدُه عَلَى شَعْر ذَقْنُه فَكَانَ الشَّعْر يَسْقُطْ وَكَانَتْ تَاسُونِي أنْچِيل تَبْكِي وَفِي مَرَّة نِزِل شَعْر كَثِير مِنْ ذَقْن أبُونَا فَتَاسُونِي أنْچِيل إِنْهَارِتْ فِي البُكَاء وَلكِنْ أبُونَا بِيشُوي قَالَ لَهَا إِنَّ هذَا الشَّعْر لاَ يَسْقُطْ إِلاَّ بِإِذْن الله فَالصُدْفَة لاَ تَلْعَبْ دُور فِي حَيَاتْنَا وَلاَ المَال وَلاَ الذَّكَاء وَلاَ الأقَارِبْ ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَقُولُ فَيَكُونَ وَالرَّبُّ لَمْ يَأْمُرْ ﴾ ( مرا 3 : 37 ) فَكُلَّ شِئ بِتَدْبِير وَأمر وَإِرَادِة الله وَعَلَى الشَّخْص أنْ يَثِقٌ فِي إِرَادِة وَتَدْبِير الله وَأنْ يَخْضَعْ لله فَرَبَّ المَجْد قَالَ ﴿ أَلَيْسَتِ الْحَيَاةُ أَفْضَلَ مِنَ الطَّعَامِ وَالْجَسَدُ أَفْضَلَ مِنَ اللِّبَاسِ ﴾ ( مت 6 : 25 ) فَالَّذِي يُعْطِيك الأهَمْ ألاَ يُعْطِيك الأقَلْ ؟!! الَّذِي أعْطَاكَ الجَسَد ألاَ يُعْطِيك الطَّعَام ؟!!وَلكِنْ نَجِدٌ النَّاس تَعِيش فِي قَلَقٌ عَلَى الأكْل وَالشُرْب وَنَجِدٌ أنَّ عَدُو الخِير يُشَكِّك الإِنْسَان فِي القَلِيل حَتَّى يَنْسَاق الإِنْسَان وَرَاءَهُ فَأُمور كَثِيرَة يُحَاوِل عَدُو الخِير أنْ يُقْلِقْنِي وَيِفْقِدْنِي سَلاَمِي وَأنْ أنْسَى خَيْرَات الله إِلهِي وَأنْ أسْأل الله لِمَاذَا يَارَبَّ تَفْعَل هذَا ؟ فَعَدُو الخِير يَسْتَثْمِر الظُّرُوف وَلكِنْ عَلَى الإِنْسَان أنْ يَقْبَل إِرَادِة الله وَيَقْبَل كُلَّ شِئ مِنْ يَدِيه فِي ثِقَة أنَّهُ يَصْنَعْ الكُلَّ حَسَن فَنَحْنُ لاَ نَعْلَمْ مَاذَا يَفْعَل الله وَلكِنْ نَحْوَك عُيُونَنَا ( 2أخ 20 : 12) فَلِمَاذَا هَرَبْ رَبِّنَا يَسُوع مِنْ وَجْه هِيرُودِس ؟ فَحَسَبْ تَقْدِير الإِنْسَان كَانَ مِنْ المُمْكِنْ أنَّ الله يِمَوِّتْ هِيرُودِس وَلاَ يَهْرَبْ وَلكِنْ الله لَهُ قَصْد هُوَ أنْ يَأتِي إِلَى مِصْر وَيُبَارِك شَعْبَهَا وَيُصْبِح هُنَاك مَذْبَحٌ وَعَمُودٌ فِي أرْض مِصْر ( أش 19 : 19) وَأنْ تُصْبِح مِصْر يُوْم مِنْ الأيَّام عَمُودٌ الْمَسِيحِيَّة وَكَارِزَة لِلعَالَمْ فَرَبِّنَا إِسْتَخْدِم هِيرُودِس فَهُوَالَّذِي يُحَرِّك الأُموروَمِنْ الجَمِيلٌ أنْ يَشْعُر الإِنْسَان أنَّ الأُمور الَّتِي لاَ تَسِير عَلَى إِرَادَتِهِ أنَّ الله هُوَ الَّذِي يُحَرِّكْهَا وَأنَّهُ يَفْعَل كُلَّ شِئ حَسَبْ إِرَادَتِهِ وَلكِنْ الإِنْسَان مُتَعَجِّل لِمَعْرِفَة خِطَّة الله فِي حَيَاتُه وَلكِنْ الله يُرِيدْ أنْ يَتَعَامَل الإِنْسَان مَعَ يَدِهِ القَدِيرَة وَأنْ يَفْهَمْ مَا يَحْدُث لَحْظَة بِلَحْظَة فَيَشْعُر الإِنْسَان بِفَرَح وَسَعَادَة لأِنَّ الله يُرَتِّب حَيَاتُه فَمُعَلِّمْنَا بُطْرُس عِنْدَمَا إِنْحَنَى السَيِّد الْمَسِيح لِيَغْسِل رِجْلِيه قَالَ بُطْرُس حَاشَاك يَارَبَّ وَلكِنْ رَبِّنَا قَالَ لَهُ إِذَا لَمْ أغْسِل رِجْلِيك لاَ يَكُون لَكَ نَصِيبٌ مَعِي فَقَالَ بُطْرُس إِغْسِل يَارَبَّ وَلكِنُّه كَانَ فِي خَجَل وَحِيرَة لِمَاذَا يَفْعَل الله هكَذَا ؟ وَكَانَ رَدٌ رَبِّنَا عَلِيه لَسْتَ تَفْهَمْ الآنْ مَا أنَا فَاعِلُه وَلكِنَّك سَتَفْهَمْ فِيمَا بَعْد ( يو 13 : 5 – 9 ) وَ" فِيمَا بَعْد " مُمْكِنْ تِكُون بَعْد سَاعَة أوْ شَهْر أوْ فِي الأبَدِيَّة فَمُمْكِنْ أنْ تَحْدُث أشْيَاء فِي حَيَاتِي وَلكِنِّي لاَ أفْهَمْهَا وَلكِنْ سَيَفْهَمْ الإِنْسَان كُلَّ شِئ فِي الأبَدِيَّة حَيْثُ يُرْفَعْ عَنَّا الجَهْل وَنَأخُذْ المَعْرِفَة الكَامِلَة .. فَكُلَّ مَا نَرْفُضُه عَلَى الأرْض نَقْبَلُه فِي الأبَدِيَّة يُحْكَى عَنْ أبُونَا مِيخَائِيل إِبْرَاهِيم أنَّ إِبْنُه الأكبَر كَانَ طَبِيب مُتَزَوِج وَأنْجَبْ طِفْلَة ثُمَّ أُصِيبَ بِمَرَض وَتَنَيَّح فَجَاءَ كَاهِن زِمِيل أبُونَا حَتَّى يُعَزِّيه فَعِنْدَمَا دَخَلِتْ الطِّفْلَة فَمِسِك أبُونَا الزَّائِر هذِهِ الطِّفْلَة وَحَضَنْهَا وَانْهَار فِي البُكَاء فَإِذَا بِأبُونَا مِيخَائِيل هُوَ الَّذِي طَيِّبْ خَاطِر الكَاهِن وَقَالَ لَهُ إِنّ مَا حَدَث هُوَ أمر مِنْ الله وَإِرَادَتُه وَهُوَ فِي مَكَان جَمِيلٌ .. وَقَالَ لَهُ إِذَا كَانْ إِبْنُه سَافِر فِي بِعْثَة إِلَى أمْرِيكَا أفَلاَ كَانَ هذَا الكَاهِن يَأتِي لِتَهْنِئِة أبُونَا ؟فَالسَّمَاء أحْسَنْ مِنْ البِعْثَة وَلكِنْ أحْيَاناً الكَلاَم سَهْل وَلكِنْ التَّنْفِيذ يِخْتِلِفْ وَالمَوْقِفْ هُوَ الَّذِي يَخْتَبِر الإِنْسَان .
3/ كَيْفَ أقْتَنِي التَّسْلِيم ؟
أ/ حُبْ الله :-
الإِنْسَان يُحِبْ الله وَلاَبُدْ أنْ يَثِقٌ أنَّ الله يُحِبُّه وَأنّ الله لاَ يُؤذِيه أوْ يَضُرُّه فَالله لَيْسَ ضِد الإِنْسَان وَهُوَ الَّذِي يُعْطِينَا كُلَّ شَيْءٍ بِغِنَىً لِلتَّمَتُّع ( 1تي 6 : 17) فَإِذَا كَانَ الأب يُعْطِي أوْلاَدُه عَطَايَا جَيِّدَة فَكَمْ بِالأوْلَى الله ( مت 7 : 11) فَنَحْنُ أوْلاَدُه وَهُوَ الَّذِي يَرْعَانَا فَنَحْنُ مِلْك لَهُ وَمِنْ الأشْيَاء الصَّعْبَة أنْ يَجْعَل الإِنْسَان أُمورُه تَسِيرعَلَى طَرِيقْتُه .
ب/ الثِّقَة :-
الثِّقَة تَجْعَل الإِنْسَان يَتْرُك نَفْسُه لِشِئ وَعَلَى قَدْر مَا نِسَلِّمْ لِرَبِّنَا أُمور حَيَاتْنَا عَلَى قَدْر مَا نِجْبِرُه عَلَى الإِعْتِنَاء بِنَا وَعَلَى قَدْر مَا نَتَوَلَّى أُمور حَيَاتْنَا نِجْبِرُه عَلَى أنْ يَتَخَلَّى عَنَّا فَمَنْ الَّذِي يَقُودٌ حَيَاتَك أنْتَ أم الله ؟ فَالله هُوَ الَّذِي يَقُودْنَا فِي مَوْكِبْ نُصْرَتِهِ ( 2كو 2 : 14) فَلاَبُدْ أنْ يَكُون الإِنْسَان عَنْدُه ثِقَة أنَّ الله قَدِير وَأنَّهُ صَانِعْ الخَيْرَات وَهُوَ الَّذِي دَبَّر الكُون وَصَنَعُه حَسَن فِي وَقْتِهِ أفَلاَ يَصْنَعْ كُلَّ شِئ فِي حَيَاتِي حَسَن فِي وَقْتِهِ حَتَّى إِذَا وُجِدَت شِدَّة أوْ أزْمَة فِي حَيَاة الإِنْسَان ؟فَنَحْنُ نَقُول فِي القُدَّاس ﴿ أُقَدِّمُ لَك يَا سَيِّدِي مَشُورَات حُرِّيَتِي ﴾ ( مَا يَقُولُه الكَاهِن قَبْل رُشُومَات الخُبْز فِي القُدَّاس الغِرِيغُورِي ) .
ج/ الإِخْتِبَارٌ :-
فَالإِنْسَان الَّذِي يَعِيش حَيَاتُه بِذِهْنُه يَشْعُر أنَّ حَيَاتُه لاَ تُوْجَدٌ فِيهَا سَلاَمٌ وَلكِنْ عِنْدَمَا يَتَذوَق التَّسْلِيمْ يَشْعُر الإِنْسَان أنَّهُ أصْبَحٌ هَادِئ وَمُطْمَئِنْ .. فَالتَّسْلِيمْ حَيَاة إِخْتِبَارٌ وَلاَبُدْ أنْ يَخْتَبِر الإِنْسَان حَيَاة التَّسْلِيمْ كُلَّ يُوْم حَتَّى تَنْقِلُه مِنْ مَجْد إِلَى مَجْد فَيَقُول سَلَّمْنَا فَصِرْنَا نُحْمَل ( أع 27 : 15) .. وَمِنْ أكْثَر الأشْيَاء الَّتِي تُسَبِّبْ القَلَقٌ فِي حَيَاة الإِنْسَان رَغَبَاتُه الكَثِيرَة المُتَصَارِعَة وَطَلَبَاتُه وَعَدَم شَبَعُه وَلكِنْ عِنْدَمَا يَخْتَبِر حَيَاة التَّسْلِيمْ يَشْعُر بِالفَرَح وَالبَهْجَة وَيَشْعُر أنَّ الله هُوَ كِفَايْتُه وَشَبَعُه وَيَقُول لِتَكُنْ إِرَادِة الله فَأنَا أُرِيد الله فَقَطْ .. وَعِنْدَمَا يَتَذَكَّر الإِنْسَان حَيَاتُه وَيَخْتَبِر عِنَايِة الله بِهِ فَمِنْ الصَّعْب أنْ لاَ يُسَلِّمْ بَاقِي حَيَاتُه لله .. فَالَّذِي أعَانَ الإِنْسَان مُنْذُ حَدَاثَتِهِ هَلْ يَعْجَز عَنْ تَدْبِير بَعْض الأيَّام أوْ الإِحْتِيَاجَات ؟ فَهذِهِ الأُمور بِالنِّسْبَة لله تَافْهَة فَقَبْل الشُّرُوع فِي أي عَمَل أوْ أي مَوْقِفْ فِي حَيَاة الإِنْسَان لاَبُدْ أنْ يَكُون مَمْزُوج بِصَلاَة وَخُضُوع وَتَسْلِيمْ وَيَقْتَنِعْ بِإِرَادِة الله قَبْل أي أمر مَصِيرِي فِي حَيَاة الإِنْسَان لاَبُدْ أنْ يُسَلِّمْ الإِنْسَان هذَا الأمر لله فَالإِنْسَان يَخَافْ مِنْ إِرَادَتُه وَلكِنْ عِنْدَمَا يَضَعْ الأمر أمَام الله يَقُول لله أنَا أُرِيدْ إِرَادَتَك وَأنْ تَهْدِينِي وَيَمِينَك تُمْسِكْنِي أنَا أُرِيدْ أنْ أتَأكِّدْ أنَّ الأمر مِنَّك وَلِتَكُنْ إِرَادَتِي كَإِرَادَتَك فَالعِصْيَان هُوَ الّذِي أحْدَر الإِنْسَان مِنْ السَّمَاء إِلَى الأرْض وَخَطِيِّة أبُونَا آدَم فِي الأسَاس هِيَ العِصْيَان وَلكِنْ الشِئ الَّذِي يِرَجَعْنَا إِلَى الحَيَاة الفِرْدُوسِيَّة هِيَ حَيَاة الطَّاعَة وَالتَّسْلِيمْ وَعِنْدَمَا جَاءَ الله عَلَى الأرْض قَدَّم طَاعَة عِوَض العِصْيَان فَالله أطَاعَ حَتَّى مَوْت الصَّلِيب ( في 2 : 8 ) فَلاَبُدْ أنْ يَقُول الإِنْسَان لله حَاضِر وَيُكْثِر مِنْ الصَّلاَة وَيَحِيد إِرَادَتُه أي يَضَعْهَا جَانِباً فَلاَ تُزَل قَدَم الإِنْسَان لأِنَّ كُلَّ شِئ يُعْمَل بِإِرَادِة الله حَتَّى وَإِنْ كَانْ فِي مَظْهَر حَيَاتُه أتْعَاب فَحَيَاة السَيِّدَة العَذْرَاء فِيهَا أتْعَاب وَحَيَاة السَيِّد الْمَسِيح أيْضاً فِيهَا أتْعَاب وَلكِنْ مَا هِيَ فِكْرِة الإِنْسَان عَنْ الأتْعَاب ؟فَالإِنْسَان الَّذِي يَعِيش حَيَاة التَّسْلِيمْ يَعِيش فِي سَلاَمٌ حَتَّى إِنْ وُجِدَت الآلاَم وَالأتْعَاب وَالضِيقَات فَكُلَّ أمر أقُول لله أنَا عَبْدَك وَإِبْن أمَتَك( مز 115 مِنْ مَزَامِير التَّاسِعَة ) وَأقُولْ لَهُ أيْضاً ﴿ أنَا أُخْضِعُ ذَاتِي دُونَ عِنَادٍ لأِصَابِعِكَ تُشَكِّلُ فِيَّ ﴾( مِنْ تَرْنِيمِة " أيُّهَا الفَّخَارِي الأعْظَمْ " ) رَبِّنَا يُعْطِينَا حَيَاة التَّسْلِيمْ وَيَرْفَعْنَا بِبَرَكِة السَيِّدَة العَذْرَاءوَيِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه وَلإِلهْنَا المَجْد إِلَى الأبَد آمِين.
القس أنطونيوس فهمى
كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس – محرم بك - الأسكندرية
المزيد
18 أغسطس 2018
ماذا يقول القديس يوحنا ذهبى الفم عن السيدة العذراء
يعطي القديس يوحنا ذهبى الفم العذراء مريم كرامه أكثر من الشاروبيم والسيرافيم لانها حوت شمس البر وولدت الله الكلمة المتجسد ( قد حوت العذراء عوض الشمس شمس العدل الغير مرسوم ولا تسل هنا كيف صار هذا وكيف أمكن أن يصير الآن حيث يريد الله فهناك لا يراعى ترتيب الطبيعة اذ هو اله يصير انسانا ومع ذلك لا يسقط من اللاهوت الذى كان له ولا صار انسانا بفقده اللاهوت ولا من انسان صار الها ينمو متتابع بل الكلمة الكائن صار لحما) يقول القديس يوحنا ان ابن الله قد صار انسانا لكي يصيرنا ابناء لله بالتبني والايمان (ان كان ابن الله قد صار ابنا للعذراء فلا تشك يا ابن ادم انك تصير ابنا لله، ولد بالجسد لكي تولد انت ثانية حسب الروح ولد من امرأة لكي تصير انت ابنا لله، إن كان ابن الله قد صار ابن لداود، فلا تشك يا ابن آدم أنك تصير ابنا لله. إن كان الله قد نزل أعماقا كهذه، فأنه لم يفعل هذا باطلا، أنما ليرفعنا للأعالي. ولد بالجسد لكي تولد أنت ثانية حسب الروح. ولد من امرأة لكي تصير أنت ابنا لله)ويقر القديس يوحنا ذهبى الفم بمحدودية العقل البشرى فى فهم اسرار التجسد والتي نفهمها بالروح القدس المعطى لنا من الله (حقا إننا نجهل الكثير على سبيل المثال: كيف يوجد غير المحدود في الأحشاء؟ كيف يحمل بذاك الذي يحوي كل شئ، و يولد من امرأة؟ كيف تلد العذراء و تستمر عذراء؟)إنه سر الله الامحدود بحبه.
المزيد
17 أغسطس 2018
فضيلة حياة الرضا من حياة القديسة العذراء مريم
أمنا العذراء مريم كنز من الفضائل ومهما تحدثنا عنها لم نوفها حقها, هى من نتشفع بها ونعتبرها فخر جنسها.
نتكلَّم اليوم عن فضيلة حياة الرضا من حياة أمنا العذراء، نلاحظ في هذا الزمان أن حياة التذمُّر تزداد وتتسع فأنظر إلى القديسة العذراء مريم.
” ليس أني أقول من جهة إحتياج، فإني قد تعلَّمت أن أكون مكتفياً بما أنا فيه ” ( في 4 : 11 ).
بعض الناس يمتلكون كل شيء لكنهم غير فرحين بل مُتذمِّرين, هذا النوع من التذمُّر قد يصيب الكثير من الناس المتزوجين والمخطوبين ومَن يعيش في بلادنا أو في الخارج.
ما معنى الرضا؟:
الرضا هو شعور إيماني وهو شعور إيجابي, هو شعور القلب الهادئ, فهو يُعبِّر عن قبول الإنسان للحياة التي يُقدِّمها له اللـه فيشكر اللـه على كل شيء.
هو شعور أن اللـه يُدبِّر هذا الكون, ” جعلت الرب أمامي في كل حين لأنه عن يميني فلا أتزعزع “.
جوانب حياة الرضا:
1ـ هى طبيعة شخصية: تكوَّنت من خلال نشأة الإنسان وتربيته وهذه من أهم الفضائل التي يجب أن نزرعها في تربية أولادنا.
2ـ هى أسلوب حياة: ممارسة يومية في حياة الإنسان في العمل, الدراسة, الخدمة.
نرى أمنا العذراء عندما أخبرها الملاك بالبشارة الفريدة من نوعها في التاريخ, نجد أن ردَّها يُعبر عن حياة الرضا التي تحياها ” هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك “.
3ـ هو علامة نجاح: الإنسان الراضي دائماً ناجح في حياته. أنا لم أقصد بالرضا الإنسان المستكين, هذا أسلوب سلبي الإحساس بالرضا يبدأ عندما نعرف أن اللـه هو كل ما نحتاجه. طوبى للإنسان الذي يملئ قلبه اللـه.
4ـ هو حياة الإكتفاء: وهذا أصعب درس يتعلَّمه الإنسان في الحياة لأن الإنسان دائماً في حالة إحتياج، فعند الإكتفاء يصل إلى القمة لذلك حياة الخطية تبدأ بعدم الرضا مثل الابن الضال.
” النفس الشبعانة تدوس العسل “، هذا الشبع صورته الرضا, فيابخت كل إنسان يشعر بهذا الرضا.
القلب البشري لن يملأه شيء كما يقول الفلاسفة: ” الإنسان بئر من الرغبات “. الإنسان الذي يتذمر دائماً.
صفات حياة الرضا:
1ـ الشعور بالرضا في القرارت المصيرية: عندما تكون راضياً ستكون ناجحاً ” مَن يضع يده على المحراث لا ينظر إلى الوراء “، مثل راعوث المؤابية ( معنى اسمها الجميلة ) برغم كل ما تعرَّضت له لكنها كانت راضية فاستحقت أن يُذكَر اسمها في سلسلة أنساب السيد المسيح.
2ـ الرضا بالخدمة والمسئولية: المقارنة بالآخرين تتعب الإنسان, لابد أن تعرف أن لكل إنسان وزنة مختلفة عن الآخر يمكن أن يتذمر الكاهن على خدمته.
يمكن أن يتذمر الإنسان على عمله فلا يستمر فى عمل أكثر من شهرين مثلاً ” كثير التنقل قليل الثمر ” كما يقول الآباء.
3ـ الرضا بالآخر: ربما يكون في الزواج أو العمل أو الخدمة. ” اثنان خير من واحد لأنه إن سقط أحدهما يقيمه الآخر “.لكل إنسان مسئولية ودور في هذه الحياة بعض الناس يسمونهم trouble maker صانع مشاكل والبعض الآخر peace maker صانعي سلام, فأي من الاثنين تريد أن تعمل معه.
4ـ الرضا بالظروف أو البيئة المحيطة: كيف لا يتذمَّر الإنسان رغم ما يحيط به من ظروف ومشاكل؟أن تشعر أن للـه ترتيب لكل يوم لحياتك يستخدمه لخلاصك
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
16 أغسطس 2018
إدعاءات د. منقذ السقار ضد الكتاب المقدس
ونقول لهؤلاء الكتاب وغيرهم ومن سار ويسير على دربهم ها قد ظهرت هذه الكتب إلى الوجود وتم ترجمتها ودراستها من قبل علماء الكنيسة ورجالها ومن قبل علماء النقد الأعلى والنقد النصي والمتخصصين في المخطوطات والحفريات والآداب القديمة والحديثة وأساتذة الأديان المختلفة وهي متاحة الآن للجميع، فهل يروق لكم محتواها؟ وهل يمكن أن تجدوا فيها ما كنتم تتمنون؟ وهل تأتيكم الجراءة والشجاعة لتعلنوا، كما فعل المحايدون من العلماء، أن آباء الكنيسة الأولى الذين رفضوا هذه الكتابات كانوا على صواب؟ أم تظلون في عنادكم ومكابرتكم، كما كان يحدث وهكذا سيكون؟!! وإجابة هذه الأسئلة سنجدها في الفقرات التالية والتي اخترناها من كتابين، الأول يتميز صاحبة بالتخصص في نقد المسيحية والدين المقارن بالسعودية، والثاني يعتمد بالدرجة الأولى على ما يجمعه مما هو موجود في مواقع النت!! وهما يعبران تعبيرًا صادقًا عن كل ما قلناه أعلاه:
(1) يقول الدكتور منقذ السقار في كتابه "العهد الجديد هل هو كلمة الله؟": "ظهر في الجيل الأول من النصرانية أناجيل كثيرة - كما تدل على ذلك مقدمة إنجيل لوقا "إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخدامًا للكلمة رأيت أنا أيضًا، إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علّمت به". (لوقا 1/1-4).
أولا: نظرة تاريخية في الأناجيل غير القانونية:
ورأينا كيف اعترفت الكنيسة بأربعة أناجيل، ورفضت عددًا من الأناجيل والكتب، أوصلها صاحب كتاب اكسيهومو (1810م) إلى أربعة وسبعين كتابًا، وعددها فذكر أن منها ما هو منسوب لعيسى وأمه. وللحواريين، ومنها ما هو منسوب للإنجيليين الأربعة، وأوصلها بعض الباحثين إلى ما يربو على المائة كتاب، ومنها ما هو منسوب لجماعات مسيحية قديمة كإنجيل المصريين والناصريين.
وقد سميت بعض هذه الكتب أناجيل كإنجيل بطرس واندرياه ويعقوب وميتاه (متى) وإنجيل المصريين لمرقس وبرنابا، وعددت دائرة المعارف الأمريكية أسماء ستة وعشرين إنجيلًا لا تعترف بها الكنيسة رغم نسبتها إلى المسيح وكبار حوارييه.
وقد كانت بعض هذه الكتابات والأناجيل متداولة لدى عدد من الفرق المسيحية القديمة، وظلت متداولة إلى القرن الرابع الميلادي. وفي مجمع نيقية 325م أمرت الكنيسة باعتماد الأناجيل الأربعة ورفض ما سواها من غير أن تقدم مبررًا لرفض تلك الأناجيل سوى مخالفتها لما تم الاتفاق عليه في المجمع، وفي ذلك يقول العالم الألماني تولستوي في مقدمة إنجيله الخاص الذي وضع فيه ما يعتقد صحته "لا ندري السر في اختيار الكنيسة هذا العدد من الكتب وتفضيلها إياه على غيره، واعتباره مقدسًا منزلًا دون سواه مع كون جميع الأشخاص الذين كتبوها في نظرها رجال قديسون.. ويا ليت الكنيسة عند اختيارها لتلك الكتب أوضحت للناس هذا التفضيل.. إن الكنيسة أخطأت خطأ لا يغتفر في اختيارها بعض الكتب ورفضها الأخرى واجتهادها..". وأمرت الكنيسة بحرق جميع هذه الأناجيل لما فيها من مخالفات للعقيدة، وصدر قرار من الإمبراطور بقتل كل من عنده نسخة من هذه الكتب([1]).
ثانيًا: ما وصل إلينا من الأناجيل المحرمة؛ وهكذا اختفت معظم هذه الأناجيل ولم يصل منها سوى إنجيل برنابا والإنجيل الأغنسطي، وثلاث قصاصات من إنجيل مريم وبعض شرائح لاتينية وإغريقية وقبطية من إنجيل برثولماوس وإنجيل نيقوديموس كما عثر أخيرًا في نجع حمادي بمصر على مقتطفات من إنجيل بطرس وكتاب أعمال يوحنا. ولعل أهم ما وجد في نجع حمادي مائة وأربعة عشر قولًا منسوبًا للمسيح في إنجيل توما الذي يختلف أسلوبه عن الأناجيل الأربعة، إذ لم يسرد قصة المسيح، بل نقل أقواله، ويرجع المحقق كويستر هذا الإنجيل إلى منتصف القرن الأول الميلادي، وأرجعه كيسيبل إلى 140م. وعثر أيضًا على إنجيل "الحقيقة" والذي اعتبره ايرينوس (180م) إنجيلًا مزورًا ([2]).
ثالثًا: الأدلة التاريخية على وجود هذه الأناجيل؛ وللتأكيد على وجود هذه الأناجيل في القرن الأول وحتى قبل كتابة الإنجيليين الأربعة لأناجيلهم ننقل ما ذكره لوقا في مقدمته "إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا.. رأيت أنا أيضًا إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علمت به" ( لوقا 1/1 - 4 ) وقد استشهد كل من كليمنت الرومي (97 م.) وبوليكارب (112م) بأقوال للمسيح في صيغ مستقلة غير موجودة في الأناجيل الأربعة. وقد جمع فايرسيوس ما تبقى من هذه الأناجيل، وطبعها في ثلاثة مجلدات.
ملاحظات:
وبادئ ذي بدء فإن المحققين سجلوا حول هذه الأناجيل ملاحظات.
* أن ثمة كتب كثيرة ظهرت في القرن الأول، وكلها منسوبة للمسيح وحوارييه.
* أن هذه الأناجيل تخالف عقائد مجمع نيقية، وبعضها كان خاصًا بفرق مسيحية موحدة.
* أن الكنيسة حين حرمت هذه الأناجيل، ولم تقدم أدلة على صحة القرار الذي اتخذته.
* أنه كما لا يحق لرجال الكنيسة إعطاء صفة القانونية للأناجيل الأربعة فإنه لا يحق لهم إبطال صحة هذه الأناجيل واعتبارها أبو كريفا (مزيفة، خفية).
وقد جمع فابري سيوس ما تبقى من هذه الأناجيل، وطبعها في ثلاثة مجلدات. ([3])
(2) ويقول الثاني في كتابه "البهريز في الكلام اللي يغيظ"!! والذي يوحي عنوانه بمستوى كاتبه، في أولى فقرات كتابه:
" يدعى النصارى أيضًا مثل اليهود أن كتبهم قد كتبت بإلهام الروح القدس لمؤلفيها، الذين لم يكونوا تلاميذ عيسى عليه السلام، وهناك الكثير من الأدلة على ذلك تجدها في متن هذا الكتاب. فلو كان من عند الله لما وجدوا فيه اختلافًا، ولما كانت أربعة أناجيل وعدة رسائل شخصية، رفعوها من تلقاء أنفسهم إلى مصاف كلام الله ووحيه. فلماذا لم يرسل الرب إنجيلًا واحدًا كما أرسل توراة واحدة هي توراة موسى المكتوبة على لوح الحجر، وكما أرسل إنجيل عيسى - ليس إنجيل متى أو مرقس أو.. - وكما أرسل قرآنًا واحدًا؟
فمن المعروف كثرة الأناجيل عندهم، وتُعدِّدها دائرة المعارف الكتابية (كلمة أبوكريفا) بـ280 كتابًا: (فوتيوس: أما أكمل وأهم الإشارات إلى الأعمال الأبوكريفية فهي ما جاء بكتابات فوتيوس بطريرك القسطنطينية في النصف الثاني من القرن التاسع، ففي مؤلفه "ببليوتيكا" تقرير عن 280 كتابًا مختلفًا قرأها في أثناء إرساليته لبغداد.. لابد أن تأليف هذه الأناجيل ونشرها كانا أيسر مما عليه الحال الآن. ويبلغ عدد هذه الأناجيل نحو خمسين). وراح يذكر أسماء لحوالي 120 كتابًا لا يعرف عنها شيئًا سوى أسمائها التي نقلها في أغلبها عن كتاب أظهار الحق للشيخ رحمة الله الهندي، ونقلها كما هي بأخطائها الهجائية وكلماتها التي كانت مستخدمة في القرن التاسع عشر، حتى دون أن يحاول مجرد الرجوع لتصحيحها!! بل والكثير منها لا وجود له في الأصل!! وفيما يلي ما نقله حرفيًا:
(1) زبور عيسى الذي كان يعلم منه. (2) رسالة عيسى إلى بطرس وبولس. (3) رسالة عيسى إلى أبكرس ملك أديسه. (4) كتاب عيسى التمثيلات والوعظ / إظهار الحق ج 2 ص 544. (5) كتاب الشعبذات والسحر ليسوع / إظهار الحق ج 2 ص 544. (6) كتاب مسقط رأس يسوع ومريم وظئرها / إظهار الحق ج 2 ص 544. (7) رسالته التي سقطت من السماء في المائة السادسة /نفس المرجع أعلاه. (8) إنجيل يعقوب ويُنسب ليعقوب الحواري. (9) آداب الصلاة وينسب ليعقوب الحواري. (10) كتاب وفاة مريم ليعقوب / إظهار الحق ج 2 ص 546 (11) إنجيل الطفولة ويُنسب لمتى الحواري. (12) آداب الصلاة وينسب لمتى الحواري. (13) إنجيل توما وينسب لتوما الحواري. (14) أعمال توما وينسب لتوما الحواري. (15) إنجيل طفولية يسوع / إظهار الحق ج 2 ص 546. (16) مشاهدات توما / إظهار الحق ج 2 ص 546. (17) كتاب مسافرة توما / إظهار الحق ج 2 ص 546. (18) إنجيل فيليب ويُنسب لفيليب الحواري. (19) أعمال فيليب وينسب لفيليب الحواري. (20) إنجيل برنابا. (21) رسالة برنابا. (22) إنجيل برتولما ويُنسب لبرتولما الحواري. (23) إنجيل طفولة المسيح ويُنسب لمرقس الحواري. (23) إنجيل المصريين ويُنسب لمرقس الحواري. (24) آداب الصلاة وينسب لمرقس / إظهار الحق ج 2 ص 546. (25) كتاب بي شن برنيّار وينسب لمرقس / إظهار الحق ج 2 ص.546. (25) إنجيل بيكوديم وينسب لنيكوديم الحواري. (26) الإنجيل الثاني ليوحنا الحواري. (27) أعمال يوحنا (ذكره أوغسطينوس). (28) كتاب مسافرة يوحنا / إظهار الحق ج 2 ص 545. (29) حديث يوحنا / إظهار الحق ج 2 ص 545. (30)
رسالته إلى هيدروبك / إظهار الحق ج 2 ص 545. (31) كتاب وفاة مريم ليوحنا / إظهار الحق ج 2 ص.545. (32) تذكرة المسيح ونزوله من الصليب / إظهار الحق ج 2 ص 545. (33) المشاهدات الثانية ليوحنا / إظهار الحق ج 2 ص 545. (34) آداب صلاة يوحنا / إظهار الحق ج 2 ص 545. (35) إنجيل أندريا وينسب لأندريا الحواري. (36) أعمال أندريا / إظهار الحق ج 2 ص 545. (37) إنجيل بطرس وينسب لبطرس الحواري. (38) أعمال بطرس وينسب لبطرس الحواري. (39) مشاهدات بطرس / إظهار الحق ج 2 ص 544. (40) مشاهدات بطرس الثانية / إظهار الحق ج 2 ص 544. (41) رسالة بطرس إلى كليمنس / إظهار الحق ج 2 ص 545. (42) مباحثات بطرس وأى بَيْن / إظهار الحق ج 2 ص 545. (43) تعليم بطرس / إظهار الحق ج 2 ص 545. (44) وعظ بطرس / إظهار الحق ج 2 ص 545. (45) آداب صلاة بطرس / إظهار الحق ج 2 ص 545. (46) كتاب قياس بطرس / إظهار الحق ج 2 ص 545. (47) كتاب مسافرة بطرس / إظهار الحق ج 2 ص 545. (48) إنجيل متياس / إظهار الحق ج 2 ص 546. (49) أعمال متياس / إظهار الحق ج 2 ص 546. (50) حديث متياس / إظهار الحق ج 2 ص 546. (51) إنجيل الأثني عشر رسولا. (52) إنجيل السبعين وينسب لتلامس. (53) أعمال بطرس والاثنى عشر رسولا. (54) إنجيل تهيودوشن / إظهار الحق ج 2 ص 547. (55) إنجيل برتولماوس. (56) إنجيل تداوس. (57) إنجيل ماركيون. (58) إنجيل باسيليوس. (59) إنجيل العبرانيين أو الناصريين. (61) إنجيل الكمال. (62) إنجيل الحق. (62) إنجيل الأنكرتيين. (63) إنجيل أتباع إيصان. (64) إنجيل عمالانيل. (65) إنجيل الأبيونيين. (66) إنجيل أتباع فرقة مانى. (67) إنجيل أتباع مرقيون (مرسيون). (68) إنجيل الحياة (إنجيل الله الحى). (69) إنجيل أبللس (تلميذ لماركيون). (70) إنجيل تاسينس. (71) إنجيل هسيشيوس.(72) إنجيل اشتهِرَ باسم التذكرة. (74) إنجيل يهوذا الإسخريوطى. (75) إنجيل بولس / إظهار الحق ج 2 ص 547. (76) أعمال بولس. (77) أعمال تهكلة وتنسب لبولس / إظهار الحق ج 2 ص.547. (78) رسالة بولس الثالثة إلى أهل تسالونيكى. (79) رسالة بولس الثالثة إلى أهل كورنثوس. (80) رسالته إلى لاودقيين / إظهار الحق ج 2 ص 547. (81) رسالته كورنثوس إليه وجوابه عليها / إظهار الحق ج 2 ص 547. (82) رسالته إلى سنيكا وجوابه عليها / إظهار الحق ج 2 ص 547. (83) مشاهدات بولس / إظهار الحق ج 2 ص 547. (84) المشاهدات الثانية لبولس / إظهار الحق ج 2 ص 547. (85) وِزَن بولس / إظهار الحق ج 2 ص 547. (86) أنابى كشن بولس / إظهار الحق ج 2 ص 547. (87) وعظ بولس / إظهار الحق ج 2 ص 548. (88) كتاب رقية الحية / إظهار الحق ج 2 ص 548. (89) برى سبت بطرس وبولس / إظهار الحق ج 2 ص 548. (90) أعمال بطرس وأندراوس. (91) أعمال بطرس وبولس. (91) رؤيا بطرس. (92) إنجيل حواء (ذكره أبيفانيوس). (93) مراعي هرماس. (94) إنجيل يهوذا. (95) إنجيل مريم. (96) رسالة مريم إلى أكناشس / إظهار الحق ج 2 ص 544. (97) رسالة مريم إلى سى سيليان / إظهار الحق ج 2 ص 544. (98) كتاب مسقط رأس مريم / إظهار الحق ج 2 ص 544. (99) كتاب مريم وظئرها / إظهار الحق ج 2 ص 544. (100) تاريخ مريم وحديثها / إظهار الحق ج 2 ص 544. (101) كتاب معجزات يسوع / إظهار الحق ج 2 ص.544 (102) كتاب السؤالات الصغار والكبار لمريم / إظهار الحق ج 2 ص 544. (103) كتاب نسل مريم والخاتم السليماني / إظهار الحق ج 2 ص 544. (104) أعمال بولس وتكلة. (105) سفر الأعمال القانوني. (106) أعمال أندراوس. (107) رسالة يسوع. (108) راعى هرماس. (109) إنجيل متياس. (110) إنجيل فليمون. (111) إنجيل كيرنثوس. (112) إنجيل مولد مريم. (113) إنجيل متى المُزيَّف. (114) إنجيل يوسف النجار. (115) إنجيل انتقال مريم. (116) إنجيل يوسيفوس. (117) سفر ياشر.
وعلى ذلك لم تكن الأناجيل الأربعة التي يتضمنها حاليًا الكتاب المقدس هي الأناجيل الوحيدة التي كانت قد دُوِّنت في القرون الأولى بعد الميلاد، فقد كان هناك الكثير من الأناجيل. وهذا هو السبب الذي دفع لوقا أن يكتب رسالته إلى صديقه ثاوفيليس التي اعتبرتها الكنيسة فيما بعد من كلام الله: (إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا، كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّامًا لِلْكَلِمَةِ. رَأَيْتُ أَنَا أيضًا إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ) (لوقا "1: 1-4).
القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير
كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد
من كتاب هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟
المزيد
15 أغسطس 2018
حياة التسليم من فضائل القديسة مريم
عاشت قديسة طاهرة في الهيكل.. ثم جاء وقت قيل لها فيه أن تخرج من الهيكل. فلم تحتج ولم تعترض، مثلما تفعل كثير من النساء اللائي يمنعهن القانون الكنسي من دخول الكنيسة في أوقات معينة. فيتذمرن، ويجادلن كثيرًا في احتجاج..!وكانت تريد أن تعيش بلا زواج فأمروها أن تعيش في كنف رجل حسبما تقضي التقاليد في أيامها فلم تحتج وقبلت المعيشة في كنف رجل، مثلما قبلت الخروج من الهيكل كانت تحيا حياة التسليم، لا تعترض: ولا تقاوم، ولا تحتج بل تسلم لمشيئة الله في هدوء، بدون جدال كانت قد صممت على حياة البتولية، ولم تفكر إطلاقًا في يوم من الأيام أن تصير أمًا. ولما أراد الله أن تكون أمًا، بحلول الروح القدس عليها (لو1: 35) لم تجادل، بل أجابت بعبارتها الخالدة "هوذا أنا أمة الرب. ليكن لي كقولك".. لذلك وهبها الله الأمومة، واستبقى لها البتولية أيضًا، وصارت أمًا، الأمر الذي لم تفكر فيه إطلاقًا.. بالتسليم، صارت أمًا للرب.. بل أعظم الأمهات قدرًا وأمرت أن تهرب إلى مصر، فهربت وأمرت أن ترجع من مصر، فرجعت. وأمرت أن تنتقل موطنها من بيت لحم وتسكن الناصرة، فانتقلت وسكنت كانت إنسانة هادئة، تحيا حياة التسليم، بلا جدال. لذلك فإن القدير صنع بها عجائب. إذ نظر إلى اتضاع أمته.
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
من كتاب السيدة العذراء
المزيد
14 أغسطس 2018
اللاهُوتُ المَريَمِيُ والثِيُؤطُوكِياتُ
نشأت الثيؤطوكيات كأدب كنسي مكتوب يتضمن إيمان الكنيسة المحفوظ في وعيها وضميرها وتعليمها الشفاهي. وهي تتضمن خلاصة اللاهوت المريمي في قطع قبطية موزونة لتمجيد والدة الإله القديسة الطاهرة مريم، لتشرح في اصطلاحات لاهوتية عميقة رموز ونبوءات وتوصيفات وتشبيهات عن العذراء وسر التجسد الإلهي العجيب. لذلك حوت ألقابًا ومديحًا وتطويبًا للعذراء، عاشته الكنيسة على الدوام وإلى مدى الأجيال عبر العبادة الكنسية اليومية، مضافًا إليها ما انتهت إليه المجامع الثلاثة القانونية.
وتدل هذه الثيؤطوكيات على أن واضعيها كانوا شخصياتٍ لاهوتيةً ونسكية بارعة، حرصوا أن يجعلوا اللحن صلاةً والصلاة لحنًا، وأدخلوا تفاسير الكتاب المقدس لآباء الكنيسة كمادة أساسية في العبادة، تشكِّل المفردات والاصطلاحات اللاهوتية الغنية في مضامينها، لتكون معبِّرة عن وحدة الحياة وما يغترفه المسيحي من معانٍ كتابية في صلواته اليومية، فلا يبقىَ الكتاب المقدس مصدرًا قائمًا بذاته منفصلاً عن الحياة الكنسية، بل مادة بناء للحياة المسيحية التَقَوية، وبالذات في العقيدة والليتورﭼيا... وقد أتت في جملتها غنية وخصبة بالإشارات والتفاسير والرمزيات ضمن التيار الروحي النسكي والليتورجي في وحدة وانسجام.
احتوت الثيؤطوكيات على لاهوت العهد الجديد الذي تحولت فيه رموز العهد القديم إلى حقائق إلهية، تمت بحسب تدبير النعمة لتكميل الخلاص في شخص مريم العذراء القبة الثانية المباركة، التي صارت قدس أقداس وفيها لوحَا العهد، تلك العذراء هي التي دلتنا على (اليوتا) اسم الخلاص، الذي تجسد منها بغير تغيير وصار وسيطًا لعهد جديد، ومن قِبَل رشاش دمه الكريم تطهرنا وتبررنا وفزنا بالرحمة... هذه هي العذراء المتسربلة بمجد اللاهوت من داخل ومن خارج، قدمت لله شعبًا وشعوبًا كثيرة من قِبَل طهارتها. هي قديسة كل حين لأنها قسط الذهب النقي التي في وسطها المن المخفي، حملت في بطنها المَنّ العقلي الذي أتى من الآب، ولدته بغير دنس ولا مباضعة. هي منارة ذهبية حاملة المسيح النور الحقيقي، وهي المجمرة الذهب النقي الحاملة الحجر المختار والبخور العنبري، حملت في بطنها غير المنظور كلمة الآب، هي الحمامة الحسنة وزهرة البخور التي أينعت، وهي عصا هارون التي أزهرت بغير غرس ولا سقي، مشتملة بالأنوار والطهارة وأعمال كريمة قيلت عنها، لأن الرب أشرق جسديًا منها، ومن قِبَلها رجع آدم إلى رئاسته دفعة أخرى... بسبب طهارتها أحببنَ العذارى الطهارة وصرنَ بنات لها، ومن قِبَلها نجد دالة عند الديان بعد أن صارت هي إكليل فخرنا ورأس خلاصنا وثبات طهرنا.
عالية هي الأعجوبة التي لولادتها، وعظيم هو مجد بتوليتها الكاملة، الذي جعلها كالسُلّم الذي رآه يعقوب ثابتة على الأرض ومرتفعة إلى السماء، جعلها كالعليقة المشتعلة التي لم تحترق، وككنز الجوهر التي وَلدت خالق الكل، وكباب المشرق المختوم بختم عجيب، دخل وخرج منه رب القوات وبقي مختومًا على حاله.
إن كرامة العذراء لا يُنطق بها، زينتها في السموات العلوية عن يمين حبيبها، والمواهب الإلهية التي نالتها كانت مواهب مضافة إليها وظلت كذلك، طهارتها خشب لا يسوَّس لأنها حازت من النعمة بالقدر الذي يؤهلها أن تكون أم القدوس، المظللة بقوة العلي (بالشكينة) فصارت عرشًا ملوكيًا للمحمول على الشاروبيم، وارتفعت عن الطبائع العلوية العقلية لأن الذي في حجرها الملائكة تسبحه والشاوربيم يسجدون له باستحقاق والسيرافيم بغير فتور... هي باب المشارق، الخدر الظاهر الذي للختن، وكلنا نسير في ضيائها لأنها ولدت لنا الحياة مخلص العالم الحي والمحيي. ولدت الحمل ومن مجده سَتَر كل عُري، ومن صوفه (ناسوته) وُلدت الطبيعة الجديدة وعدم الفساد، حملت بالظافر كسحابة نيِّرة ممطرة بالنعمة وخلاص العالم، لتُطفئ عطش حواء وتستر آدم الذي طردته نتانة العصيان... فكانت سحابة وعطرًا وبخورًا (اسطوينوفي) ومعملاً للاتحاد غير المفترق.
حقيقة إن هذه الثيؤطوكيات عميقة وغنية وزاخرة بالمعاني والحياة والأصالة وتحقيق النبوءات، ارتفعت درجتها الروحية فوق التعبير اللفظي بل وفوق المعقول... تتكشف معانيها بالبرهان العملي، وتتميز بأن جوهر الوزن فيها هو للوزن الفكري والإلهام، ولِمَا لا؟ ما دامت مريم العذراء هي فردوس الكلمة الحاوية للاهوت؟! فكل تمجيد للمسيح هو فخر للعذراء، ويُعتبر في حد ذاته مديحًا لها كأم المسيح، فلا يمكن فَهم قداستها وتمجيدها بعيدًا عن المسيح المتجسد، ففي تكريمنا لها مراجعة لكافة أحداث الخلاص بصفتنا مشاركين لا مشاهدين، نرقىَ إلى كرامة شهود عيان لتاريخ الخلاص، شهود يعاينون حياة المسيح عيانًا... هذه كلها حرص عليها الشاعر القبطي في وضع الثيؤطوكيات لتكون لنا نسيج قماشة التسبيح الذي لا يَعرف التقسيم العقلي الذي ساد مدارس اللاهوت في فصل التجسد عن الصليب والقيامة وأسرار الكنيسة... إنها أوبرا إلهية وسيمفونيات ومدخل إدراك الخلاص الذي يتحقق الآن في عبادة الكنيسة، فيتعظم مجد مريم وتطوِّبها الشعوب.
القمص أثناسيوس چورچ
كاهن كنيسة مارمينا فلمنج الاسكندرية
المزيد
13 أغسطس 2018
رموز السيدة العذراء فى العهد القديم
القديسة مريم تطوبها جميع الاجيال. لقد اختارها الاب القدوس من أجل فضائلها وإيمانها وتقواها، ليحل عليها الروح القدس ولتظللها قوة العلى ويتجسد منها كلمة الله بسر لا ينطق به، كما أعلن لها الملاك فى البشارة بميلاد السيد المسيح { فاجاب الملاك وقال لها الروح القدس يحل عليك و قوة العلي تظللك فلذلك ايضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله} (لو 1 : 35). بسلام القديسة مريم على اليصابات امتلأت اليصابات من الروح القدس وارتكض يوحنا بابتهاج وهو فى بطن امه وقالت لها اليصابات انه فخر لها ان تاتي ام ربها لزيارتها { فلما سمعت اليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها وامتلأت اليصابات من الروح القدس. وصرخت بصوت عظيم وقالت مباركة انت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك. فمن اين لي هذا ان تاتي ام ربي الي. فهوذا حين صار صوت سلامك في اذني ارتكض الجنين بابتهاج في بطني. فطوبى للتي امنت ان يتم ما قيل لها من قبل الرب}( لو41:1-45) نحن فى الكنيسة القبطية نفتخر ونعتز بامنا القديسة مريم العذراء التي تزورنا باطيافها النورانية من حين لاخر لتعضد وتقوى إيماننا ونفخر بمعونتها لنا والمعجزات العديدة التي يجريها الله مع شعب كنيستنا بصلواتها وطلباتها. اننا نعتبرها أمنا روحية لنا. وان كان الرب على الصليب دعها اما للقديس يوحنا الحبيب فكم بالحرى بنا ان نتخذها اما روحية لنا { ثم قال للتلميذ هوذا امك ومن تلك الساعة اخذها التلميذ الى خاصته }(يو 19 : 27).
القديس كيرلس السكندرى ...
القديس كيرلس الكبير وُلد سنه 375م، وتهذب بالعلوم الكلاسيكية واللاهوتية حيث كانت الإسكندرية مركزا عظيما للتعليم.وتتلمذ فى بريه وادى النطرون على القديس الأنبا سيرابيون تلميذ الأنبا مقاريوس رسم بطريرك على الاسكندرية سنة 412 م. ويعتبر أحد الآباء البارزين ولاهوتي الكنيسة الجامعة، ونُدين له أكثر من أي لاهوتي آخر، فقد أدرك التجسد بفكر كتابي وآبائي.
يؤكد على ولادة القديسة مريم العذراء لله الكلمة المتجسد وبتوليتها الدائمة ويلقبها بولادة الاله ويمدحها قائلا: (السلام لمريم والدة الإله، كنز العالم كله الملوكي، المصباح غير المنطفئ، إكليل البتولية، صولجان الأرثوذكسية، الهيكل غير المفهوم، مسكن غير المحدود، السلام لك، يا من حملت غير المحوي في أحشائك البتولية المقدسة. أخذ السيد المسيح جسد من امرأة، ولد منها حسب الجسد، لكي يعيد البشرية فيه من جديد. إننا نؤكد أن الابن وحيد الجنس قد صار إنسانا، حتى إذ يولد من امرأة حسب الجسد، يعيد الجنس البشري فيه من جديد. لنمجد مريم دائمة البتولية بتسابيح الفرح، التي هي نفسها الكنيسة المقدسة. لنسبحها مع الابن العريس كلي الطهارة).
كما يؤكد القديس كيرلس الان الابن الوحيد الجنس قد صار انسانا حتى اذ يولد من إمراة حسب الجسد يعيد الجنس البشرى فيه من جديد مانحا ايانا ان نصير ابناء لله : ( لان العذراء القديسة وحدها تدعى وتعرف بانها والدة المسيح ووالدة الاله كونها بمفردها لم تلد انسانا بسيطا بل ولدت كلمة الله المتجسد الذى صار انسانا ولعلك تسأل هنا قائلا: هل كانت العذراء ام اللاهوت. أعلم أنه قيل أنفا ان كلمة الله الحى القائم بذاته لاريب فى أنه ولد من جوهر الاب نفسه وأخذ جوهرا خاليا من ابتداء الزمان وهو متحد مع الوالد على هذا الوجه على أنه لم يزل معه وفيه دائما. اننا نؤكد ان الابن وحيد الجنس قد صار انسانا. حتى اذ يولد من امراة حسب الجسد يعيد الجنس البشرى فيه من جديد).
وهذا ما أكد عليه فى قوانينه الخاصة بالعذراء مريم (من لا يعترف أن عمانوئيل هو اله حقيقي ومن أجل هذا أن العذراء الطاهرة هي والدة الاله لكونها ولدت جسدانيا الكلمة المتجسد الذى من الله لكون الكلمة صار جسدا ليكن محروما).
ان القديس كيرلس يطالبنا ان نقف بخشوع مفرح امام بذل الله ومحبته العظيمة التي بها نقلنا من نير العبودية الى حرية مجد ابناء الله كما يدعونا لتكريم القديسة مريم كما قالت فى تسبحتها الخالدة كيف نظر الله الى اتضاعها، فالله يقاوم المستكبرين اما المتواضعين فيعطيهم نعمة {لانه نظر الى اتضاع امته فهوذا منذ الان جميع الاجيال تطوبني }(لو 1 : 48) ويقول القديس كيرلس ( لنقف فى تخشع ممتلىء بالفرح أمام البذل اللا نهائى الذى حولنا من عبيد الى حرية مجد أولاد الله فتغمرنا بهجة فياضة لهذه المحبة الالهية وفى غمرة هذه البهجة تذكر أن السيدة العذراء عاشتها فى عمقها لتفهمها النعمة الفريدة التي اسبغها الله عليها باختيارها الام لابنه الوحيد).
القديس يوحنا ذهبي الفم ..
ولد حوالى 345م بانطاكيا ورسم عليها بطريركا فى 397م. وتنيح فى 407م تمثل سيرته وعظاته وكتاباته إيقونة حيّة لحياة الكنيسة الاولى، ففي سيرته نختبر الكنيسة السماوية المتهللة، المُعاشة على الأرض وسط الآلام. فقد أحب يوحنا الحياة الملائكية، وعشق البتولية، ومارس التسبيح والترنيم، وانطلقت نفسه من يومٍ إلى يومٍ نحو الأبديات.
يعطي القديس يوحنا ذهبى الفم العذراء مريم كرامه أكثر من الشاروبيم والسيرافيم لانها حوت شمس البر وولدت الله الكلمة المتجسد ( قد حوت العذراء عوض الشمس شمس العدل الغير مرسوم ولا تسل هنا كيف صار هذا وكيف أمكن أن يصير الآن حيث يريد الله فهناك لا يراعى ترتيب الطبيعة. اذ هو اله يصير انسانا ومع ذلك لا يسقط من اللاهوت الذى كان له ولا صار انسانا بفقده اللاهوت ولا من انسان صار الها ينمو متتابع بل الكلمة الكائن صار لحما).
يقول القديس يوحنا ان ابن الله قد صار انسانا لكي يصيرنا ابناء لله بالتبني والايمان (ان كان ابن الله قد صار ابنا للعذراء فلا تشك يا ابن ادم انك تصير ابنا لله، ولد بالجسد لكي تولد انت ثانية حسب الروح ولد من امرأة لكي تصير انت ابنا لله، إن كان ابن الله قد صار ابن لداود، فلا تشك يا ابن آدم أنك تصير ابنا لله. إن كان الله قد نزل أعماقا كهذه، فأنه لم يفعل هذا باطلا، أنما ليرفعنا للأعالي. ولد بالجسد لكي تولد أنت ثانية حسب الروح. ولد من امرأة لكي تصير أنت ابنا لله).
ويقر القديس يوحنا ذهبى الفم بمحدودية العقل البشرى فى فهم اسرار التجسد والتي نفهمها بالروح القدس المعطى لنا من الله (حقا إننا نجهل الكثير على سبيل المثال: كيف يوجد غير المحدود في الأحشاء؟ كيف يحمل بذاك الذي يحوي كل شئ، و يولد من امرأة؟ كيف تلد العذراء و تستمر عذراء؟).
القديس إغريغوريوس صانع العجائب ..
اسقف قيصريه رجل المعجزات الذى رقد فى الرب 268م ويذكر عن القديس إنه عندما رسم لم يكن فى ابراشيته " قيصرية " غير 17 مؤمنا وعند نياحته لم يبق فى المدينة غير 17 وثنيا وهذا يرينا مقدار العناية التي كانت عند هذا القديس ومقدار تعبه ورعايته.
يفسر لنا القديس اغريغوريوس الصانع العجائب لماذا اختارت النعمة الالهية العذراء مريم دون سواها من النساء. انها اتحدت بالله بالصلاة والتأمل وبرهنت على حكمتها ورزانتها ( أم الله اتحدت عقليا بالله بدوام الصلاة والتأمل وفتحت طريقا نحو السماء جديدا. سمت به فوق المبادىء والظنون الذى هو الصمت العقلي وصار لها الصمت القلبي وكما يقول الكتاب المقدس {أما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به فى قلبها}. إختارت النعمة مريم العذراء دون سواها من بين كل الاجيال لانها بالحقيقة قد برهنت على رزانتها فى كل الامور ولم توجد مثلها امرأة أو عذراء فى كل الاجيال. جاء الكلمة الإلهي من الأعالي، وفي أحشائها المقدسة أعيد تكوين آدم ).
القديس أغسطينوس ...
ولد فى 354م بمدينة تاجست بتونس تعلم الفلسفة والقانون وصار محاميا شهيرا وفي عام 382م سافر إلى روما وعاش فى الخطية لزمن ولكن التقى بالقديس امبروسيوس واعجب بعظاته وقرأ الكتاب المقدس خاصة رسائل معلمنا بولس الرسول فأعجب بها، خاصة في ربطها العهد القديم بالعهد الجديد. فتغيرت حياته وتجددت بنعمة الله، فتحولت القوة المحترقة شرا إلى قوة ملتهبة حبا. سيم كاهنا على هيبو بشمال افريقيا ثم أقيم أسقفا 395م الأمر الذي أفرح قلوب المؤمنين وتنيح فى 430م .
يؤكد القديس اغسطينوس على بتولية العذراء واكرمها من اجل انتسابها لله ( لا نكرم العذراء من اجل ذاتها وانما لانتسابها لله. لو أفسد ميلاد الرب يسوع المسيح بتولية القديسة مريم، لما حسب مولودا من عذراء، وتكون شهادة الكنيسة الجامعة بأنه ولد من العذراء مريم، شهادة باطلة). ويخاطب السيد المسيح قائلا: ( عجيبة هي امك ايها الرب من يستطيع ان يدرك اعجوبة الاعاجيب هذه عذراء تحبل.. عذراء تلد.. عذراء تبقى عذراء بعد الولادة).
يقارن القديس اغسطينوس بين بتولية القديسة مريم والبتولية الروحية فيقول ( كانت الفتاة في العهد القديم التي لا يرجى زواجها وبالتالي لا تتمتع بالأمومة، في موقف السيدة العاقر، في حال لا تحسد عليه، تحمل علامة غضب الله. أما في العهد الجديد في حال لا تحسد عليه، تحمل علامة غضب الله. أما في العهد الجديد فإن "العذراء" لأول مرة وآخر مرة تنجب"المسيا" فلم تعد بتوليتها عارا، إذ حملت ثمرا بالروح القدس. هكذا صارت البتولية علامة التصاق الله بالإنسان، لهذا يدعو القديس بولس الكنيسة "عذراء المسيح"، وفي سفر الرؤيا يرمز لجموع المختارين الذين بلا عدد بمائة أربعة و أربعين ألفا بتوليا، يتبعون الحمل أينما ذهب (رؤ 14: 4،5). هكذا ارتبطت البتولية بحياة القداسة، لا بمعنى أن كل بتول يحسب قديسا، وكل قديس يلزم أن يكون بتولا، لئلا بهذا نحقر من شأن الزواج المسيحي كسر مقدس. إنما نقصد أن بتولية الجسد ما هي إلا علامة للبتولية الروحية، فالبتولية في جوهرها تكريس كامل لله واتحاد مستمر معه بالمسيح يسوع. هي بتولية النفس والقلب والذهن والحواس والرغبات، ينعم بها المسيحيون بالروح القدس مقدس نفوسنا وأرواحنا وأجسادنا، مهيئا أيانا للعرس الأبدي).
ان العذراء مريم فى فكر القديس اغسطينوس هي فخر النساء وان كانت المرأة فى الفردوس تعدت الوصية وجلبت الموت للانسان فالعذراء مريم أعلن الله بشرى الخلاص لنا: ( لو أن ابن الانسان رفض التجسد فى احشاء العذراء لايأست النسوة ظانات انهن فاسدات. لقد ولد المسيح من امرأة ليواسى جنس النساء. بالمراة جلبت الحية للانسان الأول خبر الموت وبالمرأة نقلت الناس بشرى الحياة. من الفردوس أعلنت المرأة الموت لرجلها وفى الكنيسة أعلنت النساء خلاص الرجال).
وفى عظة لعيد الميلاد المجيد يقول القديس اغسطينوس عن الميلاد البتولي (اليوم تحتفل الكنيسة البتول بالميلاد البتولي. فقد أكد السيد المسيح بتولية القلب التي يريدها للكنيسة أولا خلال بتولية جسد مريم. فالكنيسة وحدها هي التي تستطيع أن تكون بتولا فقط حين ترتبط بعريس، ألا وهو ابن البتول، إذ تقدم له ذاتها تماما. ارتبط الكلمة بالجسد، وصارت أحشائك حجال هذه الزيجة السامية. إنني أكرر أن أحشائك هي حجال هذه الزيجة العلوية التي للكلمة مع الجسد، حيث" يخرج العريس من خدره").
القديس يعقوب السروجي..
يعقوب السروجي من قديسي الكنيسة السريانية العظام واعلام الادب واللاهوت السريانى ولد إحدى قرى سروج سنة 451 م. ثم رسم أسقفا على إيبرشية سروج سنة ولذلك لقب بالسروجي.
يمتدح فى القديسة مريم قائلا: (أنت يا مريم السماء الثانية وافضل من الطغمات السمائية او صارت احشائك مركبة نورانية ترتعد منها الشاروبيم . عتيق الايام والعظيم داخل البطن جنينا بينما هو غير محدود وبذلك صارت مريم اعظم من السموات واستضاءت بنوره. فانظر الى السماء والى تلك الام البتول واخبرني ايهما اقرب اليه ومحبوب لديه؟ فمباركة انت فى النساء يا مريم وممتلئة نعمة. لم تستعجل مريم كمثل أمها حواء التي من صوت واحد صدقت وحملت الموت. تفرح البتول اذ صارت أماً رغم بتوليتها)
كما يؤكد القديس يعقوب السروجي على التجسد الالهي من العذراء مريم كان من اجل خلاصنا لنولد بالروح ولرفعة الانسان: ( لقد تجسد من مريم العذراء وولد بالجسد ليلدنا بالروح تواضع لكي يرفعنا اتحد بطبيعتنا ليعطينا موهبة الروح القدس لآن يوم ميلاد ملك الملوك ورب الارباب وان تجسده كان من اجل خلاصنا).
اننا اذ نجول فى فكر اباء الكنيسة شرقا وغربا نرى مدى الفهم اللاهوتي السليم المبنى على روح الكتاب المقدس وحياة الكنسية الاولى والذى يكرم العذراء مريم من اجل انتسابها لله وولادتها لله الكلمة المتجسد وإيمانها وفضائلها ونحن اذ ننظر الى سيرتها ونطوبها ونطلب صلواتها نتذكر كيف ان السيد المسيح صنع اولى معجزاته فى عرس قانا الجليل بطلبات القديسة مريم، كما ان العذراء القديسة مريم توصينا ان نعمل بما يوصينا به الرب يسوع المسيح { قالت امه للخدام مهما قال لكم فافعلوه (يو 2 : 5).
الأب القمص افرايم الانبا بيشوى
المزيد