المقالات

22 أغسطس 2020

التسبحة

أولاً: طبيعة التسبحة أرقى أنواع الصلاة لأنها تعكس إحساس الإنسان بعمل الله (ويشعر الإنسان انه قريب من الله) ويقترب الإنسان من الصورة الملائكية في التسبيح ولذلك يقال عن التسبحة أنها طعام الملائكة أو ما يسمى بعمل السمائيين – شغلتهم أنهم يسبحون الله وليس لهم عمل آخر غير ذلك.أنها تعبير عن الشكر بالإحساس بالخلاص – بصفة خاصة: يعني التسبيح مرتبط بالإحساس بالخلاص مثل شعب إسرائيل بعد نجاته من فرعون سبح الله، وداود بعد انتصاره على جليات سبح الله وكل الشعب معه والثلاثة فتية القديسين سبحوا الله في آتون النار.التسبحة أيضاً هي تراث آبائي أختبرها الآباء وقدموا لنا صلوات مختبرة بمعنى أنها مفعمة بخبرات الآباء وهناك تأملات كثيرة للآباء في التسبيح.والتسبحة أيضاً تعبر عن مكنونات النفس في علاقتها بالله: تعبر عما بداخل النفس من مشاعر مثل الانسحاق والخشوع والفرح والألم والنصرة في المزامير أيضاً توضيح أن الهدف من حياة الإنسان هو التسبيح فيقول في مز 146 : 2 – 10 " أسبح الرب في حياتي وأرنم لإلهي ما دمت موجوداً" في المزامير أيضاً تتكلم عن الحالة النفسية التي يمر بها الإنسان فمثلاً في حالة الترك والتخلي يقول " إلى متى يا رب تنساني.. إلى الانقضاء" (مزمور 12 بالأجبية). وظيفة الكنيسة:- الكنيسة هي مؤسسة إلهية تترجم عمل الله على الأرض بمعنى أنها تشيد بعمل الله، التسبيح جزء من طبيعة الكنيسة وقبل القداس لازم نصلي التسبحة. اللاهوتيات في التسبحة:- لاهوتيات : يعني تعبير عن لاهوت السيد المسيح. نجد في التسبحة في ثيؤطوكية الأحد، ثيؤطوكية الخميس، ثيؤطوكية الجمعة. واضح في الثلاث أيام هذه أحاديث كثيرة في التسبيح بتتكلم عن لاهوت السيد المسيح ولذلك التسبيح له معاني فوق اللفظ فمثلاً لما نقول السلام للعذراء المعمل الإلهي الذي اتحد فيه اللاهوت مع الناسوت. هذا كلام له معنى أكبر من مجرد الألفاظ، فصور اللغة أحياناً تجعلنا نحيط الكلام بمشاعر وتأملات لكي نصل إلى المعاني الحقيقية للكلمات. ثانياً: حكمة ترتيب التسبحة: طريق التسبيح:- 1- طريقة المرابعة: المجاوبة الصوتية مجموعة تقول ومجموعة ترد عليها. خورسان : في مجموعتان يسبحان بالتتابع الربع البحري، والربع القبلي 0أي شمال وجنوب والكل ناظر إلى الشرق) 2- طريقة التسبيح المنفردة: مثال لذلك الكاهن وهو يصلي صلوات منفرداً في صلوات القداس والشعب يردعليه. 3. طريقة المردات: المرنم يقول – وباقي الخورس يرد بالمرد الخاص مثل : جيف بيف ناي شوب شا إينيه. 4. الطريقة الجماعية: الكل يقول كل شيء – الجميع يشتركون- مثل ختام الصلوات وختام التسبحة والتنوع هو نوع من أنواع الإثراء ويجعل التسبيح بدون ملل وبدون ارتباط بطريقة واحدة. الحان التسبحة:- لها 24 لحن وفيها حاجة اسمها لبش واللبش هو تفسير باللحن (أي تفسير ملحق) وألحان التسبحة تتفاوت بين الطول والقصر وبين القلة والكثرة حسب الجزء الذي يلحن لكن لازم كل هوس يبقى له لبش وهو كنفسير يقال بلحن معين. ترتيب فقرات التسبحة:- صلاة نصف الليل:- المزامير نلاحظ أن البداية دائماً بمزامير نصف الليل يوجد 3 خدمات (تسمى أيضاً 3 هجعات وهجعة بمعنى سجدة) وهي التسمية المسيحية التقليدية الرهبانية. خدمة يعني خدمة الصلاة وتعني أيضاً تقدمة. هجعة يعني حركة الجسد المعبر عن العبادة وهي حركة مجاوبة. سجدة معناها تلاقي الركبة والرأس في السجود على الأرض. فالخدمة الأولى تتكلم عن السهر يقول فيها المزمور الكبير 119 فيه تلتقي النفس مع كلمة الله. والخدمة الثانية تتكلم عن التوبة – مزامير المصاعد – الإنجيل. والخدمة الثالثة تتكلم عن الإعداد للملكوت وانتظار الملكوت وتقال فيها مزامير النوم، النوم يشير إلى الموت ثم القيامة.ثم تختتم الخدمة الثالثة بانجيل (اطلق عبدك بسلام) وهنا تعبر الكنيسة عن حالة تجلي نعيشها وكأنها اختطفت إلى الملكوت وصارت في الحفوة الإلهية وتختم بكيرياليسون 41 مرة ثم قدوس قدوس قدوس رب الجنود.ثم تبدأ تسبحة نصف الليل بالترتيب الآتي: (1) قطعة تين ثينو: ومعناها: قوموا يا بني النور وهي الدعوة العامة للتسبيح. (2) مديح القيامة: تين ناف (كلمة قبطي) وهذا بعد الخماسين يقال في الأحاد فقط حتى الأحد الأخير لشهر هاتور (ولا يقال من أول كيهم حتى عيد القيامة) ةالكنيسة تعطينا الإحساس بالمناسبة قبلها (أي قبل المناسبة) فمثلاً قبل التجسد تعطينا إحساس بالتجسد وهكذا في القيامة وما بعدها. وكذلك حتى بداية الصوم الكبير. (3) الهوس الأول: (كلمة قبطي) وكلمة هوس معناها تسبحة أو يسبح (مارن هوس – فلنسبح) في الهوس الأول تذكر قصة نجاة الشعب من يد فرعون. نجدها في (خر 15 ، رؤ 15) والارتباط بينهما وفي خر 15 عبور البحر الأحمر فخلصوا من نير فرعون. وفي رؤ 15 أيضاً المفديين يقولون تسبحة موسى والخروف. - (لبش 0مديح) الهوس الأول: وهو على نفس معنى الهوس الأول أي خلاص إسرائيل من يد فرعون – وعبورهم البحر الأحمر بقيادة موسى النبي – ثم يطلب المرتل صلوات موسى رئيس الأنبياء وشفاعة والدة الإله.في أيام الأسبوع العادية (فيما عدا الأحد) يصلي بعد الهوس الأول ولبشه تقال القطع (السابعة ، والثامنة والتاسعة ) من ثيؤطوكية الأحد. بعد تلاوة فصل الإنجيل "الآن يا سيد تطلق عبدك بسلام" لماذا القطع الثلاثة هذه من ثيؤطوكية الأحد؟لأنها تطبق بين الرمز والمرموز إليه وهذه الثلاث قطع تتحدث عن التجسد بصورة كاملة لأن نجاة الشعب من يد فرعون كانت رمز لنجاة البشرية من يد الشيطان عن طريق تجسد ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح. (4) الهوس الثاني: عبارة عن مزمور 135 وهو شكر على الخلاص ولذلك يجيء هذا الهوس بعد المرموز إليه – يبقى عملنا الرمز، المرموز إليه وبعدين الشكر على الخلاص هذا الهوس 28 ربع وكل ربع يتكرر فيه عبارة "لأن على الأبد رحمته" واحنا بنتكلم عن رحمة ربنا نجد 14 جيل إلى داود و 14 جيل إلى المسيح جملتهم 28 وداود يرمز إلى السيد المسيح كل جيل له ربع >إلى الأبد رحمته" دليل على أن رحمة الله تشمل كل جيل. لبش الهوس الثاني: مارين أو أونه فلنشكر المسيح إلهنا مع المرتل داود النبي وهذا اللبش على نفس الهوس الثاني نعبر فيه عن ابتهاجنا وشكرنا للرب الذي أنعم علينا بالخلاص. (5) الهوس الثالث: تسبحة الثلاث فتية سفي الآتون وهي تمثل تجار بالحياة- لأن أي إنسان ممكن أن يلقى في الآتون بيد بشرية شريرة تلقيه في آتون التجاربز الثلاث فتية سجلوا انتصارات كمثال أولاد الله الذين ينتصرون على العالم. العجيب أننا نجد في الهوس الثالث نظرة الخليقة من خلال عمل الله. فيها دعوة للخليقة لكي تسبح الله في عمله فالشمس تسبح ربنا لعملها بالفلك الذي تدور فيه لذلك يقول المرنم السموات تحدث بمجد الله والفلك يخبر بعمل يديه.هذا يدل على انتصار أولاد الله في كل الظروف المحيطة الخارجية – المتعبة علاوة على الانتصار الداخلي على أي مشاعر غير روحية في النفس الهوس الثالث عبارة عن 40 ربع نجد أن ال 6 أرباع الأولى: خاطب فيها الفتية الثلاثة السيد المسيح 6 مرات قائلين مبارك أنت وهي إشارة إلى أو ترمز إلى (600 سنة) بين ملك نبوخذ نصر وميلاد السيد المسيح – أي بمعدل كل 100 سنة ربع كذلك ال 34 ربع بعد هذه الأرباع الستة هي رمز على سني حياة السيد المسيح التي عاشها على الأرض 33 سنة و ثلث تقريباً أي بمعدل كل سنة بريع. وهذا يوضح قيمة السيد المسيح على الأرض في ال 6 أرباع الأولى يسبح الفتية الثلاثة القديسون الله على مجد صفاته الذاتية وفي الأربع والثلاثون التالية وحتى آخر الهوس على مجده المستعلن في الخليقة وبالخليقة. (6) لحن اريبصالين: وهي ابصالية واطس للثلاث فتية وهي أرباع مرتبة من الألفا (كلمة قبطي) إلى الأوميجا (كلمة قبطي) على الحروف الهجائية اليونانية أي الربع الأول يبدأ ب ألفا والثاني ب فيتا والثالث بجاما وهكذا على الربع الأخير الذي يبدأ ب أوميجا.وهي قطعة يونانية وقبطية تسير على منهج الهوس الثالث ونمطه.وطريقة هذه الإبصالية ثابتة لا تتغير بتغير المناسبات كما في باقي الابصاليات. (7) لحن تيه أويه انسوك (كلمة قبطي)وهو مقدمة المجمع أي نتبعك بكل قلوبنا وهو عبارة عن مديح واطس للثلاث فتية القديسين وهو لبش الهوش الثالث.من الملاحظ في ليلة أبو غالمسيس يعمل زفة 3 مرات في هذه الليلة. المرة الأولى: بعد المزمور 151 ومعنا سفر المزامير ملفوف في ستر أبيض. المرة الثانية: بعد مديح تين أويه إنسوك أو نقول فيها تيه أويه أنسوك. الملاحظ هنا ولأننا نقول " نتبعك بكل قلوبنا" غننا نجد أكبر رتبة ليس في الآخر كما في الزفات الآخرى بل نجدها في الأول وراء الصليب مباشرة تمثل المسيح والكل يسير وراءه يقولون نتبعك بكل قلوبنا.ومن هنا نرى روعة الطقس في كنيستنا القبطية لأن هذا معناه أن السيد المسيح حاضر من خلال هذه الرتبة سواء البطريرك أو الأسقف أو الكاهن أكبر رتبة موجودة في الكنيسة في هذه الليلة تسير خلف الصليب والكل وراءه يقولون نتبعك بكل قلوبنا.وهذا اللحن يعبر عن أن مجمع القديسين يقولون للسيد المسيح بكل قلوبنا وكأنه درس نتعلمه من خلال طقس الكنيسة الحالية نتعلمه من الذين سبقونا إذ ساروا وراء السيد المسيح بكل قلوبهم. (8) مجمع القديسين في التسبحة: - نجد فيه 20 (عشرون) اسم من آباء وأنبياء العهد القديم ويوحنا المعمدان السابق، لأنه سبق المسيح ب 6 أشهر الصابغ لأنه عمد الشعب.نجد ال 144 ألف البتوليين غير الدنسين عبارة عن 12 × 12 × 1000رقم 12 يشير إلى ملكوت الله 3 × 4× 12 يشير إلى الأبدية الشيء الثابت الدائم× 1000 يعنى السماء.نجد 12 تلميذ ، 70 رسول.+ نجد أكثر من 100 شهيد ، 100 قديس.بالنسبة لرقم 12 وملكوت ربنا نجد في سر التثبيت (سر الميرون)فرشم الإنسان 36 رشمة 12 × 3ال 12 عبارة عن 3 × 4 رمز لملكوت اللهفال 36 رشم عبارة عن ال 12 اللي هي ملكوت الله في ال 3 اللي هو التثبيت.لكن 12 × 12 يشير إلى الملكوت الأبدي. × 12 يشير إلى الملكوت الكنسي، كيف أن الله يملك على الإنسان من خلال الكنيسة. (9) الذكصولوجيات: وهي تماجيد القديسين والقديسات وهي كلمة مكونة من كلمتين (كلمة قبطية) بمعنى، والكلمة الثانية (كلمة قبطية) بمعنى بركة.ولذلك كلمة دكصولوجيا تعني أننا نأخذ بركة المجد الذي وصل إليه القديسون، وهناك ذكصولوجيات للسيدة العذراء، والملائكة، والسمائيين... الخ، وكذلك المناسبات إشارة للبركة التي أخذناها في هذه المناسبات ومنها الأعياد السيدية الكبرى ، الصغرى ، عيد الصليب المجيد، شهر كيهك، الصوم الكبير. وتقال الذكصولوجيات بنفس الطريقة التي يقال بها المجمع والباش الأيام الواطس (جمع لبش) في التسبحة. (10) الهوس الرابع: وهو عبارة عن الثلاثة المزامير الأخيرة 148 ، 149 ، 150 ويعتبر الهوس الرابع امتداد للهوس الثالث في تسبيح الخليقة كلها أما المزمور 151 فيقال ليلة أبو غالمسيس. (11) ابصالية اليوم: ابصالية من كلمة ابصالي اليونانية بمعنى ترتلة، أو تتمجيد للسيد المسيح، فيه ابصالية آدام (أيام الأحد والاثنين والثلاثاء) ولها نغمة قصيرة. ابصالية واطس أيام الأربعاء والخميس والجمعة والسبت، ولها نغمة مطولة نوعاً. أي أن كل يوم ابصالية كذلك هناك ابصاليات المناسبات، والابصالية تحمل نوع من الصلاة القلبية مثل ابصالية أعطى فرحاً لنفوسنا التي تقال يوم السبت. (12) مقدمة الثيؤطوكية والثيؤطوكية: كل يوم من أيام الأسبوع له ثيؤطوكية وهي عبارة عن تمجيد للسيدة العذراء التي تم عن طريقها سر التجسد الإلهي. (13) اللبش الخاص بالثيؤطوكية: وهو تفسير الثيؤطوكية ويقال بلحن مختلف عنها، بالنسبة ليوم الأحد ليس له لبش. أما لبش الإثنين والثلاثاء فيقالا بطريقة الهوس الأول والثاني. أما الألباش الواطس فتقال بطريقة حسب الطقس فتقال إما سنوي أو فرايحي أو كيهكي أو صيامي أو شعانيني. (14) الطرح: في بعض الأيام أو المناسبات لها طرح أي تفسير وكلمة طرخ أي شيء مطروح على آذان الناس. (15) الدفنار: وهو سيرة مختصرة لقديس اليوم ويقال بطريقة الترتيل. (16) ختام الثيؤطوكيات: فأيام الواطس لها ختام "ربنا يسوع المسيح" وأيام الآدام لها ختام "مراحمك يا إلهي" (17) ختام التسبحة: - قانون الإيمان - كيرياليسون باللحن المعروف - قدوس... - ابانا الذي في السموات ثم يقرأ الكاهن تحليل نصف الليل الخاص بالكهنة.
المزيد
13 سبتمبر 2019

دوافع الاستشهاد في المسيحية

لا يوجد في كل تاريخ البشرية شهداء مثل شهداء المسيحية، في حماسهم وشجاعتهم وإيمانهم ووداعتهم وصبرهم واحتمالهم فرحهم بالاستشهاد، فقد كانوا يقبلون الموت في فرح وهدوء ووداعة تذهل مضطهديهم.، ولقد قبل المؤمنون بالمسيح مبادئ روحية أساسية غيرت حياتهم الشخصية ومفاهيمهم ونظرتهم للحياة كلها وجعلتهم يقبلون الاستشهاد، فما هي؟ 1. أن هذا العالم وقتي بالقياس إلي الحياة الأبدية " لأن (الأشياء) التي تري وقتية وأما التي لا تري فأبدية ". 2. وأننا غرباء فيه.. "أطلب إليكم كغرباء ونزلاء..". 3. وأن العالم قد وضع في الشرير والحياة في حزن وألم وضيق " ستبكون وتنوحون والعالم يفرح". 4. وأن ضيقات وأحزان هذه الحياة تتحول إلي مجد عظيم في السماء " آلام هذا الزمان الحاضر لا تُقاس بالمجد العتيد أن يعلن فينا". من أجل هذا زهدوا في العالم واشتهوا الانطلاق من الجسد لكي يكونوا مع المسيح، وقد فعلوا هذا عن محبة كاملة للرب مفضلين الرب عما سواه، وكانت حياتهم في الجسد حياة في العالم وليست للعالم. ونستطيع أن نميز ثلاث فئات من شهداء المسيحية من حيث دافع الاستشهاد: 1. شهداء من أجل ثباتهم علي الإيمان: وغالبية الشهداء تنتمي إلي هذه الفئة. 2. شهداء من أجل المحافظة علي العفة والطهارة 3. شهداء تمسكوا بالعقيدة حتى الموت. أنواع العذابات: في أيام الاضطهاد كان الوثني يوجه عبارة إلي المسيحي هي "لا حق لك في أن توجد" وهي تعبير عن مشاعر البغض والعداوة التي في نفوس الوثنيين من نحو المسيحيين والتي أفضت إلي أنواع من العذاب والأهوال لا نقدر أن نحصي عددها أو نصف أنواعها، وقد يكون مجرد ذكرها يسبب رعبا للإنسان. نفسية الشهيد وقت التعذيب كان غرض الحكام والولاة من تعذيب المسيحيين هو تحطيم شجاعتهم وإضعاف روحهم المعنوية، ولكن كان دائما يحدث العكس إذ كان التعذيب أداة لتحريكها وتقويتها وهذا أمر خارج حدود المنطق ويفوق الطبيعة ولكنه عمل النعمة داخل قلب الإنسان المؤمن التي تحول الحزن إلي فرح والضيق إلي تعزية، أما السبب في ذلك هو: المعونة الإلهية التي وعد بها الرب كل الذين يتألمون من أجله. تعاطف الكنيسة كلها مع المتقدمين للشهادة وتدعيمهم معنويًا وروحيًا. الإحساس بشرف التألم من أجل الإيمان. التطلع إلي المجد العظيم الذي ينتظر كل من يتألم من أجل الله. تشجيع الله لهم عن طريق الرؤى والظهورات. بطولة الشهداء أثناء محاكماتهم تتعجب إذ تري في المحاكم الرومانية منظر المسيحيين الأبرياء الضعفاء المسالمين وهم يقفون أمام أباطرة وحكام وقضاة وثنيين بما لهم من الجبروت والغطرسة والظلم وحولهم خصومًا من الدهماء يصيحون بعنف وكيف أن هؤلاء المسيحيون أقوياء معاندين أذلوا قضاتهم بعد أن فشلوا في إخضاعهم، كل هذا وهم في صبر مذهل واحتمال عجيب وإيمان لا يلين.. صورة إنجيلية فيها الكلمات وقد تحولت إلي أعمال حية وشهادة ناطقة وكان أول سؤال في المحاكمة هو "هل أنت مسيحي؟" وكان مجرد اسم "مسيحي" -في نظر الدولة الرومانية- في حد ذاته يحمل أبشع جريمة تلصق بصاحبها الشبهة بالعصيان وتدنيس المقدسات، وأما المسيحيون كان لهم ردا واحدا لا يتغير "أنا مسيحي" فيصيح الدهماء "الموت للمسيحي". فئات الشهداء عندما بدأت الاضطهادات تقدم المؤمنون من كل الفئات للشهادة، الأمراء والنبلاء والولاة والضباط والجنود في الجيش الروماني وأساقفة وقسوس وشمامسة ورهبان وراهبات وأطفال وصبيان وفتيات وأمهات وشباب وأراخنة وفلاحين وعبيد وإماء وفلاسفة وعلماء وسحرة وكهنة أوثان أفراد وجماعات. حقيقة الاستشهاد في المسيحية ما هي حقيقة الاستشهاد في المسيحية؟ هل كان نوعًا من الجنون والجهل والحماقة؟ أم كان نوعا من الهروب من الحياة أو الانتحار تحت ظروف قاسية؟ بالطبع لم يكن هذا كله بل كان ثقل مجد لأولئك الشهداء وللمسيحية. فماذا كان الاستشهاد في المسيحية؟ كان شهوة: حتى أن البعض عندما أتيحت لهم فرصة الهروب من الموت رفضوا وثبتوا. كان شجاعة: شجاعة الفضيلة، لم يكن رعونة بل شجاعة لم يألفها العالم القديم بدكتاتورية حكامه وإجاباتهم نغمة جديدة علي سمع العالم وقتذاك. كان كرازة: فقد انتشر الإيمان بالاستشهاد أكثر من التعليم، ودماء الشهداء روت بذار الإيمان . كان دليلا علي صدق الإيمان بالمسيح: فقد أنتصر الإيمان بالمسيح علي أعدائه بالقوة الأدبية الروحية وحدها وليس بقوة مادية كان برهانا علي الفضائل المسيحية: في أشخاص شهداء المسيحية تجلت الفضائل المسيحية ولم تنجح الشدائد أن تجعلهم يتخلون عنها ومنها: الثبات والاحتمال والوداعة ومحبة الأعداء والعفة والطهارة والزهد في العالم والحنين إلي السماويات. مكانة الشهداء في الكنيسة الكنيسة تتشفع بالشهداء وهذه عقيدة إيمانية إنجيلية تمارسها الكنيسة الجامعة من البداية، وفي طقس الكنيسة تذكرهم الكنيسة في التسبحة و السنكسار cuna[arion و الدفنار وفي تحليل الكهنة في صلاة نصف الليل وفي صلاة رفع بخور عشية وباكر وفي القداس، وتحتفظ الكنيسة برفات الشهداء وتضع أيقوناتهم وتحتفل بتذكار استشهادهم سنويًا. نيافة المتنيح الحبر الجليل الأنبا يوأنس أسقف الغربية
المزيد
21 سبتمبر 2020

تأملات في عيد الصليب المجيد

المسيحية والصليب المسيحية والصليب هما أمران متلازمان ، وصنوان لا يفترقان .. فأينما وحينما يرى الصليب مرفوعا أو معلقا ، يدرك المرء أنه أمام مؤسسة مسيحية أو مؤمنين مسيحيين .. ولا عجب فالصليب هو شعار المسيحية ، بل هو قلبها وعمقها واعلان لعظمة محبة الله للبشر فلقد تأسست المسيحية على أساس محبة الله المعلنة لنا بالفداء على الصليب ، وعندما نتكلم عن قوة الصليب لا نقصد قطعتى الخشب أو المعدن المتعامدتين ، بل نقصد الرب يسوع الذى علق ومات على الصليب عن حياة البشر جميعا ، والخلاص الذى أتمه ، وما صحبه من بركات مجانية ، نعم بها البشر قديما ، وما زالوا ينعمون ، وحتى نهاية الدهر ...والفكرة الشائعة عن الصليب أنه رمز للضيق والألم والمشقة والأحتمال .. لكن للصليب وجهين : وجه يعبر عن الفرح ، ووجه يعبر عن الألم . ونقصد بالأول ما يتصل بقوة قيامة المسيح ونصرته .. ونقصد بالثانى مواجهة الإنسان للضيقات والمشقات .. ويلزم المؤمن فى حياته أن يعيش الوجهين ،بالنسبة للمؤمن المسيحى ، فإن الصليب بهذه المفاهيم ، هو حياته وقوته وفضيلته ونصرته .. عليه يبنى إيمانه ، وبقوة من صلب عليه يتشدد وسط الضيقات وما أكثرها .. هذا ماقصده القديس بولس الرسول بقولـه : " ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع ، الذى من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب ، مستهينا بالخزى .. فتفكروا فى الذى احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا وتخوروا فى نفوسكم " ( عب 12 : 2 ، 3 (ملايين المؤمنين فى انحاء العالم عبر الأجيال حملوا الصليب بحب وفرح ، وأكملوا مسيرة طريق الجلجثة ، فاستحقوا أفراح القيامة ... هذا بينما عثر البعض فى الصليب ، وآخرون رفضوا حمله ، فألقوه عنهم . ولم يكن مسلك هؤلاء الرافضين سوى موتا إيمانيا وروحيا لهم " نحن نكرز بالمسيح مصلوبا ، لليهود عثرة ولليونانيين جهالة . وأما للمدعوين يهودا ويونانيين ، فبالمسيح قوة الله وحكمة الله " ( 1 كو 1 : 23 ، 24 (كيف حملت الكنيسة الصليب .. هناك مفاهيم كثيرة يمكن أن تدخل تحت عنوان " الكنيسة والصليب " الصليب لا يصف حقبة من حياة الكنيسة مضت وانتهت ، انه هو حاضر الكنيسة وحياتها ومستقبلها المعاصر لقد حملت الكنيسة الصليب واحتضنته وبه انتصرت على كل قوى الشر التى واجهتها وهذا هو نداء الرب يسوع المسيح للكنيسة بان تتبعه فتحمل صليبها كل يوم . ان الكنيسة تشهد للمصلوب والصليب وسط عالم وضع فى الشرير . عاشت الكنيسة ومؤمنيها كحملان بين ذئاب ففى إرسالية السبعين رسولا التدريبية ، حينما أرسلهم الرب يسوع أثنين أثنين أمام وجهه إلى كل مدينة وموضع حيث كان هو مزمعا أن يأتى ، قال لهم " اذهبوا ، ها أنا أرسلكم مثل حملان بين ذئاب " ( لوقا 10 : 3 ) .والحملان صورة للمؤمنين بالمسيح فى وداعتهم وبساطتهم .. أما الذئاب فرمز لأهل العالم فى غدرهم وشرهم .. طبيعة الكنيسة كما أسسها المسيح وكما يريدها دائما . إن الحمل صورة للرب يسوع الذى قيل عنه إنه لا يصيح ولا يسمع أحد فى الشوارع صوته ..صورة للمسيح الوديع الذى دعانا أن نتعلم منه الوداعة وتواضع القلب فنجد راحة لنفوسنا .. المسيح حمل الله الذى بلا عيب يدعو كل من يتبعونه أن يكونوا حملانا . هكذا يقدمهم للعالم . والعجيب ، أنه فى النهاية – كما يقول القديس أغسطينوس – حولت الحملان الذئاب وجعلت منهم حملانا ويعنى أغسطينوس بذلك الشعوب الوثنية التى آمنت بالمسيح وتغيرت طبيعتها بفضل هذه الحملان . متجردة من المقتنيات " لا تقتنوا ذهبا ولا فضةولا نحاسا فى مناطقكم ، ولا مزودا للطريق ولا ثوبين ولا عصا " ( متى 10 : 9 ، 10 ) .." لا تحملوا شيئا للطريق " ( لوقا 9 : 3 ) ... هذا ما أوصى به السيد المسيح رسله وتلاميذه حينما أرسلهم فى إرساليات تدريبية .. لقد جردهم من كل شىء : من المال والطعام والثياب وحتى العصا التى يدافع بها عن نفسه فى الطريق الموحشة .. لقد جردهم من كل شىء ليكون هو لهم كل شىء . لا تحملوا شيئا للطريق : لأنه هو نفسه الطريق .. المسيح للنفس المؤمنة هو كل شىء .. هو غناها فمن التصق به وافتقر إلى شىء ؟ .. وهو غذاء النفس ، وكساؤها .. ألم يوصينا بولس الرسول أن نلبس الرب يسوع المسيح ( رو 13 : 14 ) . مشابهة لصورة ابن الله .. يصف القديس بولس الرسول أولئك الذين يحبون الله المدعوين حسب قصده أنهم " مشابهين صورة إبنه ليكون هو بكرا بين إخوة كثيرين " ( رومية 8 : 29 ) . .. وأحد أوجه الشبه مع ابن الله هو الألم ... يتنبأ إشعياء النبى عن السيد المسيح فيقول عنه أنه " رجل أوجاع ومختبر الحزن " ( إش 53 : 3 ) ... هذه صفة أصيلة فى المسيح المخلص . فلقد تجسد ابن الله من أجل فداء البشر ، والفداء استلزم الألم والصليب . وإن كان المسيح قد تألم ، فليس التلميذ أفضل من معلمه ، ولا العبد أفضل من سيده ( متى 10 : 24 ) . الصليب فى حياة المسيح : إن كان إشعياء النبى قد تنبأ عن المسيح أنه رجل أوجاع ومختبر الحزن ( إش 53 : 3 ) ، فإن هذه الآلام والأحزان لم تبدأ فى جثسيمانى ، بل بدأت منذ ولادته بالجسد ...لقد ولد الطفل يسوع وهو يحتضن الصليب ، وظل يحتضنه فى حب ويحمله حتى علق عليه عند الجلجثة .. ونحن وإن كنا نجهل معظم حياة الرب يسوع بالجسد حتى بدأ خدمته الكرازية فى سن الثلاثين ، لكننا نستطيع أن نتبين ملامح الصليب ونراها من خلال بعض المواقف . نرى الصليب فى مولده ، حينما ولد فى مذود للبهائم إذ لم يكن ليوسف ومريم موضع ( لو 2 : 7 ) ... نراه فى مذبحة أطفال بيت لحم ( متى 2 : 16 ، 17 ) ... وفى الهرب إلى مصر طفلا والتغرب بين ربوعها حتى مات هيرودس الملك الطاغية الذى كان يطلب نفس الصبى ليقتله ( متى 2 : 14 ، 20 ) . ويلخص بطرس الرسول مسلك المسيح واحتماله الآلام بقولـه " لأنكم لهذا دعيتم ، فإن المسيح أيضا تألم لأجلنا ، تاركا لنا مثالا لكى تتبعوا خطواته .. الذى لم يفعل خطية ولا وجد فى فمه مكر " (1 بطر 2 : 21 ، 22 ) .. قال رب المجد يسوع " إن أراد أحد أن يأتى ورائى ، فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعنى " ( متى 16 : 24 ) . وإن كان المسيح قد دعانا أن ننكر ذواتنا ، فلقد أنكر هو نفسه وأخفى لاهوته فى بعض المواقف ... فلقد أنكر نفسه حاملا الصليب حينما تقدم إلى يوحنا المعمدان كأحد الخطاة ليعتمد منه ( متى 3 : 13 ، لوقا 3 : 21 ) .. وأنكر نفسه فى تجربة إبليس له ( متى 4 : 1 – 10 ) ... وحينما قدم عظته على الجبل أفتتحها بتطويب المساكين بالروح والحزانى فى العالم ( متى 5 : 3، 4 ) ..كان المسيح يحتضن الصليب حينما شتم ولم يكن يشتم عوضا ، ولا يهدد ، بل كان يسلم لمن يقضى بعدل (1 بط 2 : 23 ) وحين أنكر اليهود بنوته لأبيه السماوى . ( يو 6 : 42 ) .وحين وجه اليهود إليه أقذع شتائمهم أنه سامرى وبه شيطان ( يو 8 : 48 ) ، وأنه لا يخرج الشياطين إلا بقوة بعلزبول رئيس الشياطين ( متى 12 : 24 ) ...وحينما أتهمه الفريسيون والكتبة أنه ليس من الله لأنه لا يحفظ السبت ( يو 9 : 16 ، 5 : 18 ) ...وفى غيرها كثير جدا كان المسيح يحتضن الصليب . أما عن حتمية حمل كل مؤمن للصليب فقال :" من لا يأخذ صليبه ويتبعنى فلا يستحقنى . من وجد حياته يضيعها . ومن أضاع حياته من أجلى يجدها " ( متى 10 : 38 ، 39 ) .." إن أراد أحد أن يأتى ورائى ، فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعنى ، فإن من أراد أن يخلص نفسه يهلكها ، ومن يهلك نفسه من أجلى يجدها " ( متى 16 : 24 ، 25 ، لوقا 9 : 23 ، 24 ) ..." من لا يحمل صليبه ويأتى ورائى فلا يقدر أن يكون لى تلميذا " ( لو 14 : 27 ) . كمبدأ عام فى حياة المؤمنين قال المسيح " اجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيق " ( لو 13 : 24 ) ... " لأنه واسع الباب ورحب الطريق الذى يؤدى إلى الهلاك ، وكثيرون هم الذين يدخلون منه . ما أضيق الباب وأكرب الطريق الذى يؤدى إلى الحياة ، وقليلون هم الذين يجدونه " ( متى 7 : 13 : 14 ) ..أما عن تعليمه بخصوص الضيقات فقد قال :" فى العالم سيكون لكم ضيق ، ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم " ( يو 16 : 33 ) تأتى ساعة فيها يظن كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله . وسيفعلون هذا بكم لأنهم لم يعرفوا الآب ولا عرفونى . لكنى قد كلمتكم بهذا حتى إذا جاءت الساعة تذكرون أنى أنا قلته لكم " ( يو 16 : 2 – 4 ) . " وسوف تسلمون من الوالدين والأخوة والأقرباء والأصدقاء ويقتلون منكم . وتكونون مبغضين من الجميع من أجل اسمى . ولكن شعرة من رؤوسكم لا تهلك . بصبركم اقتنوا أنفسكم " ( لو 21 : 16 – 19 ) . لكن لمن يحملون الصليب الوعد بالنصرة على الشيطان والعالم والتعزية والسلام الداخلى والدخول الى ملكوت السموات . تحت ظلال الصليب ايها الرب الاله الذى أحبنا وحبه خلاصنا من الموت بقوة التجسد والفداء على الصليب ، نشكرك على محبتك وخلاصك ونؤمن بابوتك وحنانك وفدائك المعلن لنا من خلال سر التجسد العجيب. ونعترف بقوة صليبك المعلنه لخلاصنا فيه وبه . ان كلمة الصليب عثرة للبعض وجهالة للبعض الأخر ، يرفضها الجهلاء غير عالمين عظمة المحبة المعلنه فى الصليب ان يموت البار من أجل خلاص الأثمة معلنا حبه للبشرية مريداً ان يحتضنها ويقدمنا قربانا لله ابيه . نعم بالصليب نؤمن وبالمصلوب ننادى وبه نهزم قوى الشر والشيطان والعالم . وبايماننا بالفداء سنصل للقيام من الخطية والضعف والحزن والفشل لنصل الى قوة القيامة . انت يا سيدى تعلن على الصليب تواضعك ومحبتك وفدائك ، تعلمنا كيف يبذل الحب نفسه من أجل أحبائه ، وكيف ننتصر على الذات والشهوات والشيطان فاعطانا يا سيد القوة لنقول للمسئين الينا { يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون } علمنى يارب ان أجاهد ضد الخطية وان أحمل صليبك بشجاعة وفرح لنصل الى ملكوتك السماوى ويستعلن لنا قوة الصليب والفداء. القمص أفرايم الاورشليمى
المزيد
08 أكتوبر 2018

عصر سبي بابل - الجزء الثاني

(3) سبي مملكة يهوذا ما يعنينا بالأكثر هو مملكة يهوذا.. لنتتبع معًا رحلة التسبيح، وكيف اِنهار هذا الصرح العظيم بسبب السبي. ولقد تنبأ إشعياء النبي عن سبي مملكة يهوذا قبل حدوثه بأكثر من مائة عام بسبب خطية الشعب وقال: "ويَندَفِقُ إلَى يَهوذا. يَفيضُ ويَعبُرُ. يَبلُغُ العُنُقَ. ويكونُ بَسطُ جَناحَيهِ مِلءَ عَرضِ بلادِكَ يا عِمّانوئيلُ" (إش8:8). "هوذا تأتي أيّامٌ يُحمَلُ فيها كُلُّ ما في بَيتِكَ (يقصد بيت حزقيا الملك)، وما ذَخَرَهُ آباؤُكَ إلَى هذا اليومِ إلَى بابِلَ. لا يُترَكُ شَيءٌ، يقولُ الرَّبُّ. ويؤخَذُ مِنْ بَنيكَ الذينَ يَخرُجونَ مِنكَ، الذينَ تلِدُهُمْ، فيكونونَ خِصيانًا في قَصرِ مَلِكِ بابِلَ" (2مل17:20-18) هناك أيضًا نبوات كثيرة جدًّا تنبأ بها الأنبياء بخصوص السبي إلى بابل، وكان الهدف منها أن يرجع الشعب عن خطيته بالتوبة، ولكن لم يحدث فصار حكم الله نافذًا وسُبيت المملكة إلى بابل. وكان سبي مملكة يهوذا على عدة مراحل: سبي نبوخذناصر ملك بابل بعض سكان أورشليم، وكان من بينهم دانيال والثلاثة الفتية القديسون سنة 605 ق.م. (دانيال1:1-7). سبي رجال نبوخذناصر الملك مجموعات أخرى من الشعب إلى بابل في عهد الملك يهوياقيم (2مل1:24-4).. الذي قيل عنه إنه: "عَمِلَ الشَّرَّ في عَينَيِ الرَّب إلهِهِ" (2أخ5:36).. لذلك كانت عقوبته أنه: "علَيهِ صَعِدَ نَبوخَذناصَّرُ مَلِكُ بابِلَ وقَيَّدَهُ بسَلاسِلِ نُحاسٍ ليَذهَبَ بهِ إلَى بابِلَ، وأتَى نَبوخَذناصَّرُ ببَعضِ آنيَةِ بَيتِ الرَّب إلَى بابِلَ وجَعَلها في هيكلِهِ في بابِلَ" (2أخ6:36-7). جاء نبوخذناصر للمرة الثالثة، وحاصر أورشليم في عهد يهوياكين ملك يهوذا ونهب المدينة وسلب محتويات الهيكل (2مل12:24-16)، وسبى عشرة آلاف من أهلها إلى بابل. حقًا قيل من جهة هذا الدمار: "آثامُكُمْ عَكَسَتْ هذِهِ، وخطاياكُمْ مَنَعَتِ الخَيرَ عنكُمْ" (إر5: 25). في سنة 588 ق.م. ثار صدقيا الملك ضد نبوخذناصر الملك، لقد قيل عن صدقيا الملك: "وعَمِلَ الشَّرَّ في عَينَيِ الرَّب إلهِهِ، ولم يتواضَعْ أمامَ إرميا النَّبي مِنْ فمِ الرَّب. وتمَرَّدَ أيضًا علَى المَلِكِ نَبوخَذناصَّرَ الذي حَلَّفَهُ باللهِ، وصَلَّبَ عُنُقَهُ وقَوَّى قَلبَهُ عن الرُّجوعِ إلَى الرَّب إلهِ إسرائيلَ، حتَّى إنَّ جميعَ رؤَساءِ الكهنةِ والشَّعبِ أكثَروا الخيانَةَ حَسَبَ كُل رَجاساتِ الأُمَمِ، ونَجَّسوا بَيتَ الرَّب الذي قَدَّسَهُ في أورُشَليمَ. فأرسَلَ الرَّبُّ إلهُ آبائهِمْ إليهِمْ عن يَدِ رُسُلِهِ مُبَكرًا ومُرسِلاً لأنَّهُ شَفِقَ علَى شَعبِهِ وعلَى مَسكَنِهِ، فكانوا يَهزأونَ برُسُلِ اللهِ، ورَذَلوا كلامَهُ وتهاوَنوا بأنبيائهِ حتَّى ثارَ غَضَبُ الرَّب علَى شَعبِهِ حتَّى لم يَكُنْ شِفاءٌ" (2أخ12:36-16). لذلك أسلمه الله مع شعبه لهذا السبي. فجاء "نَبوخَذناصَّرُ مَلِكُ بابِلَ هو وكُلُّ جَيشِهِ علَى أورُشَليمَ ونَزَلَ علَيها، وبَنَوْا علَيها أبراجًا حولها. ودَخَلَتِ المدينةُ تحتَ الحِصارِ إلَى السَّنَةِ الحاديَةَ عشَرَةَ للمَلِكِ صِدقيّا. في تاسِعِ الشَّهرِ اشتَدَّ الجوعُ في المدينةِ، ولم يَكُنْ خُبزٌ لشَعبِ الأرضِ. فثُغِرَتِ المدينةُ، وهَرَبَ جميعُ رِجالِ القِتالِ ليلاً مِنْ طريقِ البابِ بَينَ السّورَينِ اللذَينِ نَحوَ جَنَّةِ المَلِكِ. وكانَ الكِلدانيّونَ حولَ المدينةِ مُستَديرينَ. فذَهَبوا في طريقِ البَريَّةِ. فتَبِعَتْ جُيوشُ الكِلدانيينَ المَلِكَ فأدرَكوهُ في بَريَّةِ أريحا، وتفَرَّقَتْ جميعُ جُيوشِهِ عنهُ. فأخَذوا المَلِكَ وأصعَدوهُ إلَى مَلِكِ بابِلَ، إلَى رَبلَةَ، وكلَّموهُ بالقَضاءِ علَيهِ. وقَتَلوا بَني صِدقيّا أمامَ عَينَيهِ، وقَلَعوا عَينَيْ صِدقيّا وقَيَّدوهُ بسِلسِلَتَينِ مِنْ نُحاسٍ، وجاءوا بهِ إلَى بابِلَ (2مل1:25-7) لقد هُدمت أسوار أورشليم والهيكل وأُحرقت المدينة بالنار، ولم يبقَ في أورشليم سوى المساكين والفلاحين (2مل8:25-12). وتم المكتوب: "فتتشَتَّتَ الغَنَمُ، وأرُدُّ يَدي علَى الصغارِ" (زك7:13) إنها النتيجة المروعة للخطية: "فأصعَدَ علَيهِمْ مَلِكَ الكِلدانيينَ فقَتَلَ مُختاريهِمْ بالسَّيفِ في بَيتِ مَقدِسِهِمْ. ولم يَشفِقْ علَى فتًى أو عَذراءَ، ولا علَى شَيخٍ أو أشيَبَ، بل دَفَعَ الجميعَ ليَدِهِ. وجميعُ آنيَةِ بَيتِ اللهِ الكَبيرَةِ والصَّغيرَةِ، وخَزائنِ بَيتِ الرَّب وخَزائنِ المَلِكِ ورؤَسائهِ أتَى بها جميعًا إلَى بابِلَ. وأحرَقوا بَيتَ اللهِ، وهَدَموا سورَ أورُشَليمَ وأحرَقوا جميعَ قُصورِها بالنّارِ، وأهلكوا جميعَ آنيَتِها الثَّمينَةِ. وسَبَى الذينَ بَقوا مِنَ السَّيفِ إلَى بابِلَ، فكانوا لهُ ولبَنيهِ عَبيدًا إلَى أنْ مَلكَتْ مَملكَةُ فارِسَ"(2أخ17:36-20). وهكذا أيضًا انتهت دولة يهوذا وأصابها العار والضياع. (4) أحوال التسبيح أثناء السبي كيف نتكلَّم عن التسبيح ومجد الهيكل وقد أصاب الدمار كل شيء؟!! لم يعد هناك سوى الذكريات والأنين.. "علَى أنهارِ بابِلَ هناكَ جَلَسنا، بَكَينا أيضًا (بدل الفرح والتسبيح) عِندَما تذَكَّرنا صِهيَوْنَ. علَى الصَّفصافِ في وسطِها عَلَّقنا أعوادَنا (لأننا لا نستطيع أن نعزف ونرتل بسبب الحزن والسبي). لأنَّهُ هناكَ سألَنا الذينَ سبَوْنا كلامَ ترنيمَةٍ (على سبيل التهكم أو التسلية، أو قد يكون لأنهم معجبون ومشتاقون لسماع تسابيح صهيون)، ومُعَذبونا سألونا فرَحًا (بشماتة) قائلينَ: "رَنموا لنا مِنْ ترنيماتِ صِهيَوْنَ". كيفَ نُرَنمُ ترنيمَةَ الرَّب في أرضٍ غَريبَةٍ؟ إنْ نَسيتُكِ يا أورُشَليمُ، تنسَى يَميني! ليَلتَصِقْ لساني بحَنَكي" (مز1:137-6) كانت تسابيح أورشليم قد طبقت شهرتها الآفاق، حتى أن الأعداء البابليين كانوا قد سمعوا عن مجد وبهاء هذا التسبيح، فطلبوا من الشعب المسبي – بحب استطلاع أو بتهكم – أن يرتلوا لهم هذه التسابيح. لكن لم تعد هناك حتى الرغبة في التسبيح. كيف تُسبِّح النفس المسبية بعيدًا عن الله والهيكل والمقدسات؟!! كيف تغني النفس المُعاقَبة بسبب الخطية؟!! لم تكن تسابيح الرب مجرد أغاني يتمتع بها الغرباء في حفلات صاخبة - كما كانوا يفعلون - لكنها كانت ذبيحة حب وفرح يُغنى بها في حضور إله إسرائيل لقد أتت نبوة أيوب: "صارَ عودي للنَّوْحِ، ومِزماري لصوتِ الباكينَ" (أي31:30) وكذلك نبوة إشعياء: "فتَئنُّ وتنوحُ أبوابُها، وهي فارِغَةً تجلِسُ علَى الأرضِ" (إش26:3)، "بَطَلَ فرَحُ الدُّفوفِ، انقَطَعَ ضَجيجُ المُبتَهِجينَ، بَطَلَ فرَحُ العودِ" (إش8:24) وصار إرميا يئن في مراثيه: "مَضَى فرَحُ قَلبِنا. صارَ رَقصُنا نَوْحًا" (مرا 15:5) وناح يوئيل بحزن شديد: "تنَطَّقوا ونوحوا أيُّها الكهنةُ. ولوِلوا يا خُدّامَ المَذبَحِ. ادخُلوا بيتوا بالمُسوحِ يا خُدّامَ إلهي، لأنَّهُ قد امتَنَعَ عن بَيتِ إلهِكُمُ التَّقدِمَةُ والسَّكيبُ" (يؤ13:1). وتكلّم عن هذا عاموس النبي معلنًا غضب الرب على شعبه: "وأُحَولُ أعيادَكُمْ نَوْحًا، وجميعَ أغانيكُمْ مَراثيَ" (عا10:8). وصارت تسابيح الشعب مراثيا، وحقَّ لهم أن يرددوا هذه المزامير بدلاً من مزامير الفرح:"لماذا رَفَضتَنا يا اللهُ إلَى الأبدِ؟ لماذا يُدَخنُ غَضَبُكَ علَى غَنَمِ مَرعاكَ؟" (مز1:74) "إلَى مَتَى يارَبُّ تغضَبُ كُلَّ الغَضَبِ، وتتَّقِدُ كالنّارِ غَيرَتُكَ؟" (مز5:79) "أرجِعنا يا إلهَ خَلاصِنا، وانفِ غَضَبَكَ عَنّا" (مز4:85) "هل إلَى الدَّهرِ تسخَطُ علَينا؟ هل تُطيلُ غَضَبَكَ إلَى دَوْرٍ فدَوْرٍ؟ ألا تعودُ أنتَ فتُحيينا، فيَفرَحُ بكَ شَعبُكَ؟" (مز5:85-6). حقًا قيل: "لَيتَكَ أصغَيتَ لوَصايايَ، فكانَ كنهرٍ سلامُكَ وبِرُّكَ كلُجَجِ البحرِ" (إش18:48). ولكن الله الحنون الذي قيل عنه إنه "رَؤوفٌ، يَغفِرُ الإثمَ ولا يُهلِكُ. وكثيرًا ما رَدَّ غَضَبَهُ" (مز38:78).. لم يترك شعبه إلى الانقضاء، بل أرسل لهم مُخلِّصين ليُخلِّصوهم من السبي، وعادوا إلى أورشليم ليُعمروها بالناس والمباني وأيضًا بالتسبيح. وهذا ما تنبأ عنه إشعياء النبي وقال: "في ذلكَ اليومِ يُغَنَّى بهذِهِ الأُغنيَّةِ في أرضِ يَهوذا: لنا مدينةٌ قَويَّةٌ. يَجعَلُ الخَلاصَ أسوارًا ومَترَسَةً" (إش1:26) "ويكونُ في ذلكَ اليومِ أنَّهُ يُضرَبُ ببوقٍ عظيمٍ، فيأتي التّائهونَ في أرضِ أشّورَ، والمَنفيّونَ في أرضِ مِصرَ، ويَسجُدونَ للرَّب في الجَبَلِ المُقَدَّسِ في أورُشَليمَ" (إش13:27) "ومَفديّو الرَّب يَرجِعونَ ويأتونَ إلَى صِهيَوْنَ بترَنُّمٍ، وفَرَحٌ أبديٌّ علَى رؤوسِهِمِ. ابتِهاجٌ وفَرَحٌ يُدرِكانِهِمْ. ويَهرُبُ الحُزنُ والتَّنَهُّدُ" (إش10:35)."هذا الشَّعبُ جَبَلتُهُ لنَفسي. يُحَدثُ بتسبيحي" (إش21:43) "اُخرُجوا مِنْ بابِلَ، اهرُبوا مِنْ أرضِ الكلدانيينَ. بصوتِ التَّرَنُّمِ أخبِروا. نادوا بهذا" (إش20:48). تُرى ما هي قصة العودة؟ وهل عادت مرة أخرى ذبيحة التسبيح؟ نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
27 يوليو 2018

تأملات فى الكتاب المقدس – رؤيا حزقيال

من حلاوة الكتاب المقدس إنه يحتوى على عدة كتب و كلمة سفر تعنى كتاب فالذى يحب الامثال يجد أمثال كثيرة و الذى يحب القصص يجد قصص كثيرة و الذى يميل للشخصيات يجد شخصيات متنوعة. ومن الامور الجميلة الرؤى و أحلام عند الآباء و الانبياء. رؤيا حزقيال: رؤيا جميلة رآها حزقيال النبى و هى تنطبق على حياة الانسان تقول الرؤيا الفصل 37: 1 - 6 1 كانت علي يد الرب ، فأخرجني بروح الرب وأنزلني في وسط البقعة وهي ملآنة عظاما 2 وأمرني عليها من حولها وإذا هي كثيرة جدا على وجه البقعة ، وإذا هي يابسة جدا 3 فقال لي : يا ابن آدم ، أتحيا هذه العظام ؟ . فقلت : يا سيد الرب أنت تعلم 4 فقال لي : تنبأ على هذه العظام وقل لها : أيتها العظام اليابسة ، اسمعي كلمة الرب 5 هكذا قال السيد الرب لهذه العظام : هأنذا أدخل فيكم روحا فتحيون 6 وأضع عليكم عصبا وأكسيكم لحما وأبسط عليكم جلدا وأجعل فيكم روحا ، فتحيون وتعلمون أني أنا الرب سفر حزقيال فيه 7 رؤى و تبدأ بكلمات "كانت على يد الرب"..هذه الرؤى تريد ان تجاوب على سؤالين هامين: الأول: مقدار بشاعة الخطية و ظلمتها، و ماذا تفعل الخطية بالانسان. الثانى: عظمة التوبة و فرحتها، و ماذا تقدم التوبة للإنسان. إبحث نفسك على هذه الرؤيا و إعرف مكانك فيها و ماذا تتعلم منها. الخطية هى إستثناء...أى بقعة فى ثوب أبيض، و الاصل هى القداسة. الصحة هى الاصل و المرض هو إستثناء. فالخطية بقعة...جاهد أن تمحيها حتى يصير الثوب أبيض. الله يريد لنا أثوابا نظيفة...أى قلوبا طاهرة، لذلك يقول " يا إبنى إعطنى قلبك و لتلاحظ عيناك طرقى" أم(23 :26 ) يقولون أن الخطية نزول، اما التوبة فصعود. شاهدت مقبرة كبيرة جدا تضم ناس لم يبق منهم غير العظام..و كان جيشا كبيرا و لكنه إنتهى و العظام الكثيرة تشبه شعب بنى إسرائيل المسبيين, هذه العظام التى رآها حزقيال تتسم بأربع صفات رئيسية: 1- عظام يابسة جدا..إنقضى عليها سنين و سنين..بلا عمل ولا حركة ولا نفس. 2- مبعثرة..فالخطية تشتت كيان الانسان ..فالعظام مبعثرة ليس فيها قوة..الخطية تضيع مواهب الانسان..مشاعره مبعثرة. 3- يائسة: ليس فيها قوة...الخطية تجعل الانسان بال مستقبل فى حياته..عنده إحباط و يرى مستقبله كأنه ظلمة. 4-مفزعة ومخيفة: يجد المنظر ليس فيه أى فرح..و الخطية تسرق فرح الانسان و تحعله فى قنوط وحزن دائما. و الفرح هو علامة الصحة الروحية، و علامة وجودنا مع المسيح هو الفرح..فالمسيح فى خدمته كان بشوش دائما..كان يتسم بالفرح و المرح. وإن كانت هناك إستثناءات فى مواقف معينة..حينما بكى على قبر لعازر..لانه كان يحب لعازر جدا. هذه الصفات الاربعة السابقة كانت حال الشعب اليهودى المسبى..كان هذا الشعب المسبى ميت روحيا، لا يقدر أن يفوق لنفسه. وهذا هو حال الانسان الذى يعيش فى الخطية. "لك إسم أنك حى و انت ميت" رؤ 3 : 1 يجب ان تتغير حياة الانسان..تتغير للأفضل. أحيانا يكتفى الانسان أن يسمع كلمة طيب، ولكن رد الفعل لا يتغير. هذا ما صنعته خطية آدم فى الانسان. طيب يارب هتسيبنى كده فى حياتى لا اتحرك، فى الفشل و اليأس. يقولون يبست عظامنا ..هلك رجاؤنا..قد إنقطعنا.. و لكى نتعلم نقول: "يارجاء من ليس له رجاء...معين من ليس له معين..عزاء صغيرى القلوب.ميناء الذين فى العاصف" إوشية المرضى فى حالة العجز و اليأس و عدم الرجاء ..روح عدم التغيير...إمتى يارب أتوب؟ إمتى أقوم؟ أنا يارب عظام يابسة!! أريدك يارب ان تعطى لى حياة جديدة..قال حاضر سأعطى لك حياة جديدة. "ثم قال لي : يا ابن آدم ، هذه العظام هي كل بيت إسرائيل . ها هم يقولون : يبست عظامنا وهلك رجاؤنا . قد انقطعنا 12 لذلك تنبأ وقل لهم : هكذا قال السيد الرب : هأنذا أفتح قبوركم وأصعدكم من قبوركم يا شعبي ، وآتي بكم إلى أرض إسرائيل 13 فتعلمون أني أنا الرب عند فتحي قبوركم وإصعادي إياكم من قبوركم يا شعبي 14 وأجعل روحي فيكم فتحيون ، وأجعلكم في أرضكم ، فتعلمون أني أنا الرب تكلمت وأفعل ، يقول الرب " حز 37 : 11 – 14 أعطى لكم حياة جديدة بخطوات جميلة.. 1-أضع عليكم عصبا: فالعظمة ليس لها إحساس بدون العصب..أى يرجع للإنسان الحساسية الروحية. و كنيستنا تعلمنا ان نعمد الطفل و لو بعد ساعة من ولادته...هذه الولادة الجديدة تمنح الإنسان عصبا. لذلك يجب علينا أن نصلى ونقول "رجع لى حساسيتى الروحية بالتوبة و النقاوة لكى يكون لى نصيب فى السماء..فى الحياة الابدية". الخطية يا إخوتى تفقد الإنسان حساسيته..حتى مع أفراد المنزل..وهذا خطير جدأ. الخطية ليست شرط ان تكون كبيرة، ولكن الحساسية هامة جدا للإنسان. القديس أغسطينوس عندما يقرأ رسالة روميه كان يقول "إلى متى تقول غدا غدا، ومتى ستقول الآن". الخطية ايضا تصيب الإنسان بالبلادة فلا يتمتع بحلاوة حياة القداسة أو حلاوة الوجود فى حضرة الله. العالم يعطى لنا روائح فاسدة..وهذه مشكلة ناس كثير فى وسطنا تلوثت عيونهم و مشاعرهم و أذآنهم بالمجتمع الذى يعيشون فيه. لكن أولاد الله يتكلمون برائحة المسيح الذكية لأنهم لم يفقدوا حاسة التمييز. أيوب الصديق يقول" بسمع الذن سمعت عنك و الآن راتك عينى" أى 42 : 5. يا ترى بتسمع وصية ربنا زى ما بتسمع دبة النملة؟ أيوب يقول رأتك عينى..أى بعين قلبى. 2- و أكسيكم لحما: أى أكسيكم قلبيا...أشبعكم قلبيا...أريد أن أسالك سؤالا هاما...هل أنت تشبع من الانجيل كل يوم؟ هل تشبع بكلمة ربنا؟ إن أحد أسباب ضعفنا هو عدم قراءة الانجيل يوميا والشبع به..و طبعا انتم عارفين الاية المشهورة" ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله" تث 8 : 3 . هذه هى التوبة المطلوبة للحياة الأبدية...الشبع من كلام الانجيل و ليس مجرد حفظ آية من الانجيل. إن الكتاب يطوب الرجل الذى " فى ناموسه يلهج نهارا و ليلا" مز 1 : 3 ويقول أرميا النبى "وجدت كلامك كالشهد فأكلته" أر 5 : 16 ليس بكلمة الله فقط التعزية الروحية، و لكن بالاسرار المقدسة ...الذى يعطى لنا غفران خطايانا، و يعطى حياة ابدية لمن يتناول منه. 3- وأبسط عليكم جلدا...أى أحميكم ..أضعكم تحت عينى..أستر عليكم..الجلد يجعل الاعضاء فى شركة. التغطية ..اى لا أجعلك عريانا او مفضوحا بل استر عليك.. و جاءت منها كلما صلاة الستار فى الأديرة أى أن الله يرسل لك الليل سترا لك. وفى صلاة الشكر نقول " نشكرك يارب لانك ...سترتنا" فالجلد هو للستر ..للحماية.. للتغطية.. . أنا كنت وحش ..و الآن اكون كويس. كنت فى زمن بعيد.. و الآن أكون قريب....زمان كنت اتلذذ بالخطية و الآن أتلذذ بالمسيح. الإنسان يدخل تحت مظلة حماية الله..بعد أن كانت عظامه يابسه و مبعثرة و مشتتة و مخيفة و مفزعة. ربنا يقول أنا سأعطى لك جمال الإنسان..هذا الجمال أستره..وهذا الجمال يدخل تحت مظلة الله أو الكنيسة. أشركك فى جسد المسيح لأننا كلنا أعضاء فى هذا الجسد الذى هو الكنيسة...أضع عليك عصبا..أكسيك لحما..وأبسط عليك جلدأ. لسة يارب أهم حاجة...لسة مفيش روح!!...يقول الرب: لا تخف ..ها أنذا أدخل فيكم روحأ. بعد أن كان ميتا يصير حيا.. بهذه الصورة الجميلة...ينال قيامة الحياة الروحية. فقيامة التوبة هى قيامة الحياة الروحية..لذلك كلنا نصلى و نقول "روحا جديدا جدده فى أحشائى" مزمور 50 فيعطينا المسيح النشاط الدائم و الحيوية الوحية و الحياة الحلوة... كل شىء رائع و جميل من يد المسيح و تصير أعضاء جسد المسيح فى حالة نشاط، و مرتبطة ببعض بمحبة كاملة. هناك إنسان عنده الحياة كابوس، و هناك إنسان عنده الحياة رائعة لانها من يد المسيح ذاته. نحن رشمنا بزيت الميرون المقدس لكى نثبت فى المسيح، و صرنا مسكن للروح القدس. يقول بولس الرسول" إستيقظ أيها النائم و قم من بين الأموات فيضىء لك المسيح" أفسس 5 : 14 إلى متى تترك نفسك عظاما؟ أحيانا يقع الانسان فى الضعفات الدارجة البسيطة.شوية إدانة..شوية مسك سيرة...شوية عدم محبة..الخ ماذا يفعل الروح القدس؟ عمل الروح القدس فى الانسان هو التوبة (عظام – عصب – لحم – جلد – روح). يقول حزقيال النبى " فتنبأت كما أمرت . وبينما أنا أتنبأ كان صوت ، وإذا رعش ، فتقاربت العظام كل عظم إلى عظمه . ونظرت وإذا بالعصب واللحم كساها ، وبسط الجلد عليها من فوق ، وليس فيها روح .فقال لي : تنبأ للروح ، تنبأ يا ابن آدم ، وقل للروح : هكذا قال السيد الرب : هلم يا روح من الرياح الأربع وهب على هؤلاء القتلى ليحيوا. فتنبأت كما أمرني ، فدخل فيهم الروح ، فحيوا وقاموا على أقدامهم جيش عظيم جدا جدا" حزقيال 37 : 7 – 10 أول حاجة ربنا عملها مع الانسان هو أنه يعيد ترتيب حياته، و يعيد ترتيب أعضاؤه...حواسه و مواهبه..تكون حياته منظمة. ثانى حاجة يعيد للإنسان جماله...فالخطية تجعل الانسان بلا جمال..أما التبة فتعطى جمال للإنسان، و تعطيه كرامته على صورة الله و مثاله..فيمتلىء بالنعمة. و نحن نقول فلان ده كان مليان نعمة و فلانة دى وجهها كان مليان نعمة...كلام فلان و فلانة كانا مليانين نعمة لدرجة إن الشياطين تخاف تقترب. 4- يعيد للإنسان الفرح...لا يوجد إنسان قديس مكشر..لو دققت النظر فى صور القديسين لا تجد أحدهم مكشر...او متضايق. عندما تتكامل صورة الانسان التائب تعيد له التوبة جماله و فرحه و أيضا الرهبة، و يعيش فى الصحة الروحية. الانسان الذى يسكنه الروح القدس يصير مرهبا للشياطين التى تحاربه. و المسيح يكون عايش فيه و ساكن فيه، لذلك يغلب و ينتصر. أخير يقول " هأنذا أفتح قبوركم وأصعدكم من قبوركم يا شعبي ، وآتي بكم إلى أرض إسرائيل . فتعلمون أني أنا الرب" حزقيال 37 : 12 إلتفتوا لكلمة " كان صوت و إذا رعش" لازم الواحد يحصل فى حياته هزة و هى فرصة لرفض الخطية...يستيقظ و يأخذ عهد بينه و بين ربنا، و يبتدى من جديد. أنا لا أريد أن أبقى عظام يابسة...أنا عايز أعيش من جديد...اتمتع بك كل يوم...فى صوتى و أسلوبى و كلامى أنا عايز أبقى إنسان حى أتمتع بعشرتك على الدوام..ناجح أمامك...هى دى صورة التوبة، و عظمة التوبةنحن نخاطب الروح القدس فى صلواتنا " أيها الملك السمائى المعزى، روح الحق الحاضر فى كل مكان و المالىء الكل كنز الصالحات و معطى الحياة، هلم تفضل و حل فينا و طهرنا من كل دنس ايها لاصالح مخلص نفوسنا. من صلوات قطع الساعة الثالثة هى صورة حية ممكن ينتفع بها الانسان فى حياته اليومية هذه الرؤيا..رؤيا العظام اليابسة تجعل لنا الأمل فى أخذ القوة من الروح القدس..لأن الكتاب يقول " الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة و المحبة و النصح" 2 تس 1 : 7يعطى الانسان أن يجدد حياته بروح ربنا، و يعيش حياة جديدة و يقول له يارب أعطنى العصب و اللحم و الجلد و تضع فى روحك، و تقيمنى من جديد...و إجعلنى مستحق أن يكون لى مكانة فى السماء. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
15 أكتوبر 2018

عصر سبي بابل - الجزء الثالث

(5) العودة من السبي + كورش الملك الوثني مسيح الرب صرخ الشعب إلى الله، وندموا على خطاياهم التي تسببت في سبيهم، وأحسوا باحتياجهم للعودة إلى أرضهم، وهيكلهم، وعلاقاتهم القديمة مع الله، واعترفوا بخطيتهم، وأخطائهم قائلين: "أنتَ بارٌّ في كُل ما أتَى علَينا لأنَّكَ عَمِلتَ بالحَق، ونَحنُ أذنَبنا ومُلوكُنا ورؤَساؤُنا وكهَنَتُنا وآباؤُنا لم يَعمَلوا شَريعَتَكَ، ولا أصغَوْا إلَى وصاياكَ وشَهاداتِكَ التي أشهَدتَها علَيهِمْ" (نح33:9-34) حينئذ سخّر الرب الملك الوثني "كورش" لخدمة شعب الله، وذلك بأن أمر بعودتهم إلى بلادهم، وتعمير أورشليم والهيكل وقد تنبأ إشعياء النبي عن هذا الملك الوثني باسمه قبل ولادته بأكثر من مائة عام قائلاً: "هكذا يقولُ الرَّبُّ لمَسيحِهِ، لكورَشَ الذي أمسَكتُ بيَمينِهِ لأدوسَ أمامَهُ أُمَمًا، وأحقاءَ مُلوكٍ أحُلُّ، لأفتَحَ أمامَهُ المِصراعَينِ، والأبوابُ لا تُغلَقُ: أنا أسيرُ قُدّامَكَ والهِضابَ أُمَهدُ أُكَسرُ مِصراعَيِ النُّحاسِ، ومَغاليقَ الحَديدِ أقصِفُ وأُعطيكَ ذَخائرَ الظُّلمَةِ وكُنوزَ المَخابِئ، لكَيْ تعرِفَ أني أنا الرَّبُّ الذي يَدعوكَ باسمِكَ، إلهُ إسرائيلَ لأجلِ عَبدي يعقوبَ، وإسرائيلَ مُختاري، دَعَوْتُكَ باسمِكَ لَقَّبتُكَ وأنتَ لستَ تعرِفُني أنا الرَّبُّ وليس آخَرُ لا إلهَ سِوايَ نَطَّقتُكَ وأنتَ لم تعرِفني" (إش1:45-5)وقد وصفه إشعياء النبي بصفات عجيبة، بالرغم من أنه ملك وثني مثل:- "راعيَّ" (إش28:44). "مسيح الرب" (إش1:45). "رجل مشورتي" (إش11:46). "قد أحَبَّهُ الرَّبُّ" (إش14:48). "كُلَّ مَسَرَّتي يُتَممُ" (إش28:44). " الكاسِرَ" (إش11:46). هذا يوضّح كيف يستخدم الله حتى غير المؤمنين لخدمة كنيسته وقد قيل إن هذه النبوات قُرأت أمام كورش فسُّر بها، وسمع من خلالها صوت الإله الحقيقي، الذي يبارك خطواته، وحياته مما جعله يُطيع النبوة: "القائلُ عن كورَشَ: راعيَّ، فكُلَّ مَسَرَّتي يُتَممُ ويقولُ عن أورُشَليمَ: ستُبنَى، وللهيكلِ: ستؤَسَّسُ" (إش28:44)علمًا بأن هذه النبوات التي قيلت عن كورش كمُخلِّص زمني لإسرائيل من السبي يمكن أيضًا أن تفهم بالبعد المسياني على أنها نبوات عن تجسد الله الكلمة لخلاص كل العالم من السبي الروحي. + العودة من السبي:- نبَّه روح الله كورش، فأطلق نداءه بالسماح لمَنْ يريد من المسبيين من اليهود، بالعودة إلى وطنهم، لبناء هيكل إله السماء: "نَبَّهَ الرَّبُّ روحَ كورَشَ مَلِكِ فارِسَ فأطلَقَ نِداءً في كُل مَملكَتِهِ وبالكِتابَةِ أيضًا قائلاً: هكذا قالَ كورَشُ مَلِكُ فارِسَ: جميعُ مَمالِكِ الأرضِ دَفَعَها لي الرَّبُّ إلهُ السماءِ، وهو أوصاني أنْ أبنيَ لهُ بَيتًا في أورُشَليمَ التي في يَهوذا" (عز1:1-2) وبدأ بعض المسبيين في العودة من السبي إلى بلادهم، وبدأت مع هذه العودة المباركة، نهضة روحية قادها بعض رجال الله القديسون. وكانت هذه العودة من السبي على أربعة مراحل:- (1) المرحلة الأولى:- عاد الفوج الأول من السبي بقيادة زربابل ويهوشع رئيس الكهنة: "آخُذُكَ يا زَرُبّابِلُ عَبدي ابنُ شألتيئيلَ، يقولُ الرَّبُّ، وأجعَلُكَ كخاتِمٍ، لأني قد اختَرتُكَ، يقولُ رَبُّ الجُنودِ" (حج23:2) وقد ذُكر خبر هذا الرجوع في سفر عزرا الأصحاح الثاني"وهؤُلاءِ هُم بَنو الكورَةِ الصّاعِدونَ مِنْ سبيِ المَسبيينَ، الذينَ سباهُمْ نَبوخَذناصَّرُ مَلِكُ بابِلَ إلَى بابِلَ، ورَجَعوا إلَى أورُشَليمَ ويَهوذا، كُلُّ واحِدٍ إلَى مَدينَتِهِ. الذينَ جاءوا مع زَرُبّابَلَ" (عز1:2-الخ)هؤلاء العائدون بنوا المذبح لإصعاد الذبائح والمحرقات، علامة العودة إلى عبادة الله الحي، بعد توقف هذه الذبائح طيلة فترة السبي (عز2:3-3). ولكن بسبب مضايقات الأعداء، توقفوا عن بناء الهيكل، إذ تم استصدار أمر ملكي من بابل بإيقاف العمل في البناء، نتيجة الوشاية لدى الملك (عز1:4-5). (2) المرحلة الثانية:- بعد نحو 16 سنة من النهضة الأولى قام حجي وزكريا النبييْن ببناء الهيكل، والاحتفال بعيديْ الفصح والفطير، وذلك بعد أن حنّن الرب قلب داريوس الملك؛ فأصدر أمرًا ملكيًا باستكمال العمل في بناء الهيكل، وكذلك تنبيه حجي وزكريا للشعب أن يلتفتوا إلى بناء الهيكل (عز1:6-3)، ولا يكتفوا بأنهم بنوا منازلهم الفخمة وسكنوا فيها: "هل الوَقتُ لكُمْ أنتُمْ أنْ تسكُنوا في بُيوتِكُمُ المُغَشّاةِ، وهذا البَيتُ خَرابٌ؟ والآنَ فهكذا قالَ رَبُّ الجُنودِ: اجعَلوا قَلبَكُمْ علَى طُرُقِكُمْ زَرَعتُمْ كثيرًا ودَخَّلتُمْ قَليلاً تأكُلونَ وليس إلَى الشَّبَعِ تشرَبونَ ولا تروونَ تكتَسونَ ولا تدفأونَ والآخِذُ أُجرَةً يأخُذُ أُجرَةً لكيسٍ مَنقوبٍ هكذا قالَ رَبُّ الجُنودِ:اجعَلوا قَلبَكُمْ علَى طُرُقِكُمْ اِصعَدوا إلَى الجَبَلِ وأتوا بخَشَبٍ وابنوا البَيتَ، فأرضَى علَيهِ وأتَمَجَّدَ" (حج4:1-8)، وكذلك تنبأ زكريا النبي عن بناء أورشليم قائلاً: "قد رَجَعتُ إلَى أورُشَليمَ بالمَراحِمِ فبَيتي يُبنَى فيها، يقولُ رَبُّ الجُنودِ" (زك16:1). (3) المرحلة الثالثة:- قادها عزرا النبي بناءً على أوامر من أرتحشستا الملك، بعودة مَنْ يريد من الباقين من السبي، إلى أورشليم "مِنْ أرتَحشَشتا مَلِكِ المُلوكِ، إلَى عَزرا الكاهِنِ كاتِبِ شَريعَةِ إلهِ السماءِ الكامِلِ، إلَى آخِرِهِ قد صَدَرَ مِني أمرٌ أنَّ كُلَّ مَنْ أرادَ في مُلكي مِنْ شَعبِ إسرائيلَ وكهَنَتِهِ واللاويينَ أنْ يَرجعَ إلَى أورُشَليمَ معكَ فليَرجِعْ" (عز12:7-13)، وبعد هذه العودة قرأ عزرا الشريعة على الشعب وألزمهم بتنفيذها "لأنَّ عَزرا هَيّأَ قَلبَهُ لطَلَبِ شَريعَةِ الرَّب والعَمَلِ بها" (عز10:7)وكانت هذه أيضًا نهضة روحية رائعة لشعب الله، بسبب العودة إلى كلمة الله وقراءتها بروح التوبة، والغيرة المقدَّسة. (4) المرحلة الرابعة:- قادها نحميا النبي بعد نحو 14 سنة من النهضة الثالثة (راجع نحميا1:2-8)، وبنى أسوار أورشليم، وعمَّر المدينة، وذلك بعد تجميع الشعب وتحفيزه، وبعد طلب مشورة الرب وتدعيمه وكانت أيضًا عودة بناء أسوار أورشليم والهيكل سببًا في بعث الغيرة المقدَّسة للشعب، مما دفعهم لتجديد العهود مع الله، وإحياء روح ذبيحة التسبيح. (6) النهضة الروحية المصاحبة للعودة من السبي بالطبع كانت عودة الشعب إلى أرضه المقدَّسة سببًا في عودة الروح إليه، وبدأ الناس يفكرون من جديد في إلههم وبدأوا يعودون إلى عبادته المقدسة. فكان من أبرز علامات النهضة الروحية التي صاحبت العودة من السبي عودة ذبيحة التسبيح إلى مكانتها ومجدها اللائقَين بها. نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
07 سبتمبر 2019

القيامة الأولى والموت الأول القيامة الثانية والموت الثاني

كتب القديس يوحنا الرسول في سفر الرؤيا "هذه هي القيامة الأولى. مبارك ومقدس من له نصيب في القيامة الأولى. هؤلاء ليس للموت الثاني سلطان عليهم" (رؤ20: 5، 6). ما هي القيامة الأولى؟ وما هو الموت الثاني؟ وما هي علاقة ذلك بالمجيء الثاني للسيد المسيح؟ هذه الأمور سنحاول أن نجيب عنها. إلى جوار ذلك فإن القيامة الأولى تفترض قيامة ثانية، والموت الثاني يفترض موتًا أولًافيلزمنا أيضًا أن نضع هذا في اعتبارنا عندما نتأمل في هذه الأقوال الإلهية الصادقة. القيامة الأولى الموت الثاني الموت الأول القيامة الثانية القيامة الأولى أولًا: القيامة الأولى القيامة الأولى هي النصرة الروحية التي يطالبنا الرب بها في حياتنا الحاضرة لكي نتأهل لميراث الملكوت ونستحق أن نشارك في قيامة الأبرار أي القيامة الثانية عن القيامة الأولى قالالسيد المسيح: "كل من كان حيًا وآمن بي فلن يموت إلى الأبد" (يو11: 26). وقال أيضًا "الحق أقول لكم إن من القيام ههنا قومًا لا يذوقون الموت حتى يروا ملكوت الله قد أتى بقوة" (مر9: 1) طبعًا لم يكن المقصود في كلام السيد المسيح عن عدم موت المؤمنين به إلى الأبد بمعنى أنهم لن يُنقلوا من هذا العالم، بل كما نقول في صلاةأوشية الراقدين (لأنه لا يكون موت لعبيدك بل هو انتقال( فإننا نفهم الموت في كلام السيد المسيح بمعنى السقوط تحت سلطان ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس. وبهذا يكون السيد المسيح قد وعد أن من كان حيًا بالجسد وآمن به فلن يذوق الموت الروحي إلى الأبد وفي قوله: "إن من القيام ههنا قومًا لا يذوقون الموت حتى يروا ملكوت الله قد أتى بقوة" يقصد إلى جوار أن هناك قومًا كانوا عتيدين قبل وفاتهم أن يحضروا حلول الروح القدس في يوم الخمسين، فإنه قصد أيضًا أن من آمنوا به وثبتوا فيه فلن يموتوا موتًا روحيًا إلى أن يعاينوا مجيئه الثاني واستعلان ملكوت السماوات بقوة مع ملاحظة أن عبارة "ملكوت الله"هي عبارة عامة تشمل ملكوته الحالي وملكوته الآتي في السماوات، أما عبارة "ملكوت السماوات" فإنها غالبًا تشير إلى الحياة الأبدية في السماوات القيامة الأولى أيضًا نفهمها عن المعمودية في قول معلمنا بولس الرسول: "حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضًا في جدة الحياة لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضًا بقيامته.. كذلك أنتم أيضًا احسبوا أنفسكم أمواتًا عن الخطية ولكن أحياء لله بالمسيح يسوع ربنا" (رو6: 4، 5، 11). ثانيًا: الموت الثاني من الطبيعي أن من عاشوا حياتهم ملتصقين بالرب وأكملوا جهادهم وسعيهم أي أنهم قد تمتعوا بقوة القيامة الأولى، فإن الموت الثاني لن يكون له سلطان عليهم كما ورد في سفر الرؤيا والموت الثاني من المفهوم إنه الهلاك الأبدي. ومن ليس للموت الثاني سلطان عليه ينطبق عليه قول الرب: "من يغلب فذلك سيلبس ثيابًا بيضًا، ولن أمحو اسمه من سفر الحياة وسأعترف باسمه أمام أبي وأمام ملائكته" (رؤ3: 5) الذين للموت الثاني سلطان عليهم ينطبق عليهم قول السيد المسيح لليهود: "وتموتون في خطيتكم" (يو8: 21). هؤلاء يموتون في خطاياهم بمعنى أنهم يموتون الموت الأول بنهاية حياتهم على الأرض، ويتأهلون بموتهم في خطاياهم للموت الثاني أي الهلاك الأبدي وقيل أيضًا عن هلاك الأشرار: "وطرح الموت والهاوية في بحيرة النار. هذا هو الموت الثاني. وكل من لم يوجد مكتوبًا في سفر الحياة طُرِح في بحيرة النار" (رؤ20: 14، 15). ثالثًا: الموت الأول يقول الكتاب: "وُضع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة" (عب9: 27). والمقصود بذلك موت الجسد، وهذا الموت الأول يشترك فيه جميع البشر حتى القديسون مثل السيدة العذراء مريم وحتى أخنوخ وإيليا بعد صعودهما إلى السماء أحياء، فإنهما سوف يرجعان إلى الأرض ويصيران شهداء وتموت أجسادهما كباقي البشر ولكن هذا الموت الأول الذي يشترك فيه الجميع لا يعني وحدة المصير للجميع لأن الكتاب يقول: "طوبى للأموات الذين يموتون في الرب منذ الآن. نعم يقول الروح لكي يستريحوا من أتعابهم وأعمالهم تتبعهم" (رؤ14: 13). رابعًا: القيامة الثانية من البديهي أن القيامة الثانيةهي قيامة الأبرار للحياة الأبدية. وقد تكلّم السيد المسيح عن الأبرار الذين سوف يقيمهم عن يمينه في يوم الدينونة "يقول الملك للذين عن يمينه: تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم" (مت 25: 34). وقال عن الأشرار مقارنًا إياهم بالأبرار في يوم الدينونة: "فيمضى هؤلاء إلى عذاب أبدي والأبرار إلى حياة أبدية" (مت25: 46) معنى ذلك أن قيامة الأشرار للدينونة لا ينطبق عليها لقب القيامة الثانية الخاصة بالأبرار لأن الأشرار أصلًا لم يتمتعوا بالقيامة الأولى الروحية التي للأبرار، وبهذا فإن قيامة الأشرار قد أخذت فقط لقب "قيامة الدينونة"كقول السيد المسيح: "تأتى ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته. فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة" (يو5: 28، 29). أما القيامة الثانية الخاصة بالأبرار فهي "قيامة الحياة" إذا كانت القيامة الأولى هي الانتصار الروحي على الشر فإن القيامة الثانية تكون هي التحرر من سلطان الموت الناتج عن الخطية الأولى التي بها دخل الموت إلى العالم، لذلك قيل في الكتاب "آخر عدو يُبطل هو الموت" (1كو15: 26). خاتمة إن المعاني الخاصة بالموت الأول والموت الثاني والقيامة الأولى والقيامة الثانية، ترتبط بعمل السيد المسيح الخلاصي لتحرير البشر المفديين من عواقب الخطية، وصولًا إلى المصير الأبدي للإنسان بعد مجيء السيد المسيح الثاني الذي ينتظره القديسون بكل اشتياق ومحبة. نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد
01 فبراير 2019

” وَتَلَذَّذْ بِالرَّبِّ فَيُعْطِيَكَ سُؤْلَ قَلْبِكَ.”

مزمور 37 كتبه داود النبي يتكون من 40 آيه يحكي حياة الأنسان … الأنسان المستقيم والأنسان الشرير. أحب ان تأخذوا هذا المزمور للتأمل طوال فترة الصوم هو مزمور للحياة فيه خبرات تستطيع ان تقيس عليه نفسك ويحتاج أن تقرأه بعناية وتمهل كل يوم لكيما تدخل إلى أعماقه.يصلح كتدريب خلال فترة الصوم. لاَ تَغَرْ مِنَ الأَشْرَارِ، وَلاَ تَحْسِدْ عُمَّالَ الإِثْمِ،فَإِنَّهُمْ مِثْلَ الْحَشِيشِ سَرِيعًا يُقْطَعُونَ، وَمِثْلَ الْعُشْبِ الأَخْضَرِ يَذْبُلُونَ. اتَّكِلْ عَلَى الرَّبِّ وَافْعَلِ الْخَيْرَ. اسْكُنِ الأَرْضَ وَارْعَ الأَمَانَةَ.وَتَلَذَّذْ بِالرَّبِّ فَيُعْطِيَكَ سُؤْلَ قَلْبِكَ. سَلِّمْ لِلرَّبِّ طَرِيقَكَ وَاتَّكِلْ عَلَيْهِ وَهُوَ يُجْرِي، وَيُخْرِجُ مِثْلَ النُّورِ بِرَّكَ، وَحَقَّكَ مِثْلَ الظَّهِيرَةِ.انْتَظِرِ الرَّبَّ وَاصْبِرْ لَهُ، وَلاَ تَغَرْ مِنَ الَّذِي يَنْجَحُ فِي طَرِيقِهِ، مِنَ الرَّجُلِ الْمُجْرِي مَكَايِدَ. كُفَّ عَنِ الْغَضَبِ، وَاتْرُكِ السَّخَطَ، وَلاَ تَغَرْ لِفِعْلِ الشَّرِّ، لأَنَّ عَامِلِي الشَّرِّ يُقْطَعُونَ، وَالَّذِينَ يَنْتَظِرُونَ الرَّبَّ هُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ. بَعْدَ قَلِيلٍلاَ يَكُونُ الشِّرِّيرُ. تَطَّلِعُ فِي مَكَانِهِ فَلاَ يَكُونُ. أَمَّا الْوُدَعَاءُ فَيَرِثُونَ الأَرْضَ، وَيَتَلَذَّذُونَ فِي كَثْرَةِ السَّلاَمَةِ.الشِّرِّيرُ يَتَفَكَّرُ ضِدَّ الصِّدِّيقِ وَيُحَرِّقُ عَلَيْهِ أَسْنَانَهُ. الرَّبُّ يَضْحَكُ بِهِ لأَنَّهُ رَأَى أَنَّ يَوْمَهُ آتٍ! الأَشْرَارُ قَدْ سَلُّوا السَّيْفَ وَمَدُّوا قَوْسَهُمْ لِرَمْيِ الْمِسْكِينِ وَالْفَقِيرِ، لِقَتْلِ الْمُسْتَقِيمِ طَرِيقُهُمْ. سَيْفُهُمْ يَدْخُلُ فِي قَلْبِهِمْ، وَقِسِيُّهُمْ تَنْكَسِرُ. اَلْقَلِيلُ الَّذِي لِلصِّدِّيقِ خَيْرٌ مِنْ ثَرْوَةِ أَشْرَارٍ كَثِيرِينَ. لأَنَّ سَوَاعِدَ الأَشْرَارِ تَنْكَسِرُ، وَعَاضِدُ الصِّدِّيقِينَ الرَّبُّ. الرَّبُّ عَارِفٌ أَيَّامَ الْكَمَلَةِ، وَمِيرَاثُهُمْ إِلَى الأَبَدِ يَكُونُ. لاَ يُخْزَوْنَ فِي زَمَنِ السُّوءِ، وَفِي أَيَّامِ الْجُوعِ يَشْبَعُونَ.لأَنَّ الأَشْرَارَ يَهْلِكُونَ، وَأَعْدَاءُ الرَّبِّ كَبَهَاءِ الْمَرَاعِي. فَنُوا. كَالدُّخَانِ فَنُوا.الشِّرِّيرُ يَسْتَقْرِضُ وَلاَ يَفِي، أَمَّا الصِّدِّيقُ فَيَتَرَأَّفُ وَيُعْطِي. لأَنَّ الْمُبَارَكِينَ مِنْهُ يَرِثُونَ الأَرْضَ، وَالْمَلْعُونِينَ مِنْهُ يُقْطَعُونَ.مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ تَثَبَّتُ خَطَوَاتُ الإِنْسَانِ وَفِي طَرِيقِهِ يُسَرُّ. إِذَا سَقَطَ لاَ يَنْطَرِحُ، لأَنَّ الرَّبَّ مُسْنِدٌ يَدَهُ. أَيْضًا كُنْتُ فَتىً وَقَدْ شِخْتُ، وَلَمْ أَرَ صِدِّيقًا تُخُلِّيَ عَنْهُ، وَلاَ ذُرِّيَّةً لَهُ تَلْتَمِسُ خُبْزًا. الْيَوْمَ كُلَّهُ يَتَرَأَّفُ وَيُقْرِضُ، وَنَسْلُهُ لِلْبَرَكَةِ. تأمل في مزمور 37 : 4 ” وَتَلَذَّذْ بِالرَّبِّ فَيُعْطِيَكَ سُؤْلَ قَلْبِكَ.:” وكلمة رقيقة تتكلم عن الأنسان وحضور إرادته ليتلذذ بالرب. هناك إنسان يأكل الطعام طعام لكن لا يتلذذ به وهنا المرتل داود النبي يقول لنا هذا الأختبار الروحي بالتلذذ بالرب وهي كلمة جامعة لكثير من المعاني أي أفرح عش تذوق. الأنسان البعيدعن الله يجد لذته في أمور كثيرة ففي مثل الزارع يقول عن البذار التي وقعت في أرض ملآنه شوك وحال نمت أختنقت من هموم الحياة ولذاتها. فمن الممكن أن يجد أحد لذته في ماله وأقرب مثل الغني الغبي الذي قدمه لنا السيد المسيح حين قال الغني أهدم مخازني وأبني أعظم ولم يكن يعلم ان في هذه الليلة تؤخد حياته منه …وجد لذاته في هذا وأنتهى الى التراب. وهناك من يجد لذته في القتال والعنف والحرب وهذا إنحراف نفسي ومرض وهناك من يجد لذته في مضايقة الآخرين وهناك من يجد لذته في أن يبعدعن الله وسفر أيوب نجد “يقولون لله أبعد عنا وبمعرفتك لا نسر” وهؤلاء أصبحوا بالملايين في العالم تحت مسميات كثيرة مثال الزواج المثلي والألحاد وعبادة الشيطان … في بعده عن الله أوجد لنفسه آله آخرى. بعض الناس تجد لذتها في الانحراف الأخلاقي كالخلاعة بصفة عامة ومن يسقط في هذه الهوة لا يشعر براحة أو سكينة في قلبه حتى لو كان هناك لذة في وقتها لكن بعدها يشعر بفراغ كبير وكأنه تائه وهذا يؤدي به الى لذات آخرى فمثلا لذة إدمان المخدرات بكل أشكالها فالنفس الشعبانة تدوس العسل وللنفس الجائعة كل مر حلو. كل من يجد لذته بعيدا عن الله لا تدوم لذته إلا لوقت قليل. لنتذكر سليمان الحكيم الذي كان له كل شئ كل ما نتخيله لديه حتى وقف يوما وقدم لنا هذا الأختبار الرائع “مهما أشتهته عيناي لم أمسكه عنها، لم أمنع قلبي عن كل فرح ثم إلتفت أنا إلى كل أعمالي إذ الكل باطل وقبض الريح ولا منفعة تحت الشمس” هذه إختبارات حقيقية سجلت في الكتاب المقدس لنستفيد بها أما إنسان الله يتلذذ به وما أبهجه فمن يعيش مع الله كل ما في يده يستمتع به مهما كان قليل بسيط لكن يشعر أن بركة الرب هي تغني والقديس بولس الرسول عاش نصف حياته بعيدا عن الله يضطهد كنيسة الله بإفراط لكن عندما أكتشف موضه اللذة الحقيقية والأصيل في شخص الله قال ” مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضِيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟…. فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً، وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.” (رو 😎 وفي رسالة فيلبي يقول ” أَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ” ألهذا المقدار لذتك في الوجود والحضور لدى الله على الدوام؟! حتى قال ” بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضًا خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ،” قد وزن كل الأشياء في كقة والمسيح في كفة فوجد كفة المسيح هي الرابحة فكل هذا ليس له قيمة أمام عيناي. الأنسان يتلذذ مع الله في كل الأحوال وليس وقت الفرج حتي في التجارب فيعقوب الرسول يقول ” احسبوه كل فرح يا أخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة ” يتلذذ مع الله في وقت الخسارة ووقت المكسب في غنى أو فقر . ولذا نسأل أنفسنا هل لدي هذا الشعور؟ أم وقتي ؟ أم في الكنيسة وسط العبادة ؟ الشعور الروحي هذا حاضر وموجود أشخاص كثيرة وجدوا لذتهم لدى الله كمريم أخت مرثا أخوات لعازر فمريم عند أرجل السيد المسيح تتلذذ بالرب شبعانه وفرحانه بيه أما مرثا وعملها مهم المسيح قال لها إنتي تهتمين وتضطربين من أجل أمور كثيرة ولكن الحاجة إلى واحد. كثيرا ما نهتم بأمور كثيرة فنتشتت ولكن الحادة إلى واحد. الإنسان يمارس مسئوليته وعمله ويكون نافع لآخرين لكن شعورك الداخلي تجد لذتك في يد الله الذي تعطي وليس في العطية. كيف لنا أن نتلذذ ؟ :أضع أمامك بعض الوسائط الروحية في بداية الصوم لأن الصوم يساعدك على ذلك وأيضا في نهاية العام وتعلمنا كنيستنا ان ننهي السنة في صوم ونستقبل السنة الجديدة أيضا بصوم وخلاله شهر كيهك المليان بالتسبيح وفرصة أن حرارتنا الروحيىة ترتفع 1 – الصلاة والتسبيح : هي الفترة والوقت الذي تأخذه في حياتك وتحوله لحساب الله0 فالمسيح علمنا أن نصلي كل حين فإعمالنا ومسئوليتنا صلاة أمام الله وأيضا الوقت الخاص الذي تمنحه لنفسك أمام الله . العالم يشغلنا جدا بامور كثيرة لكن الوقت الخاص للصلاة وقت المقابلة الشخصية بينك وبين المسيح. الصلاة هي شكل من اشكال اللذه فداد النبي يقول ” يَا اَللهُ، إِلهِي أَنْتَ. إِلَيْكَ أُبَكِّرُ. عَطِشَتْ إِلَيْكَ نَفْسِي، يَشْتَاقُ إِلَيْكَ جَسَدِي فِي أَرْضٍ نَاشِفَةٍ وَيَابِسَةٍ بِلاَ مَاءٍ،” هذا العطش يتحول إلى لذة الوجود مع الله. ولهذا كنيستنا بها صلوات الأجبية إي ساعة وندعيها صلوات السواعي حتي يكون اليوم كله به حياة المسيح مع حياة الأنسان فيصير اليوم كله شهوة تلذذ بحضور الله فيه. الأجبية وسيلة للتلذذ بالحضور أمام الله0 القديس إسحق السرياني يقول من عملات التلذذ : “أحيانا تصير الجمل حلوة ي فم الأنسان أثناء الصلاة ولذلك يأخد الأنسان في ترديد الجملة الواحدة مرات عديدة جدا ولا تسمح للإنسان أن ينتقل منها لأنه لا يشبع إطلاقا” ومن هنا كانت الصلاة السهمية ويكرر الأنسان العبارة لأنها حلوة في فمه ومشاعرها. وكما أن كل شئ يحتاج وقتا لينمو الإنسان ليصل إلى حالة التلذذ بالله يحتاج وقتا. والقديس مار إسحق يقول عن الإنبا إنطونيوس ” كان يصلي طوال الليل حتى إذا بدأت الشمس في الظهور يقول لها لماذا تعويقيني؟ أتشرقين لكيما تأخذيني من اشواق النور الحقيقي ” . في شهر كيهك من الشهور المحبوبة لها طابع شعبي جميل وفرصة وانت تحضر التسبحة أن تركز وتصطاد عبرات تجعلك في حالة تلذذ مع الله. 2 – الجلوس مع الله والإستماع إليه كما نستمع لمرشدينا ومن يعلمنا أي تجلس وتستمع إلى كلمة الله في الأنجيل المقدس فآرميا النبي يقول ” وُجِدَ كَلاَمُكَ فَأَكَلْتُهُ، فَكَانَ كَلاَمُكَ لِي لِلْفَرَحِ وَلِبَهْجَةِ قَلْبِي، لأَنِّي دُعِيتُ بِاسْمِكَ يَا رَبُّ إِلهَ الْجُنُودِ ” وداود النبي يقول ” شريعتك هي لذتي” تأملوا في عبارة تلذذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك أي مالم تنطقه بعد. الله يشعر بما في قلبك قبل أن يخرج بكلمات مسموعة. وأهم ما في سؤل القلب السلام الداخلي ما حولنا يجعلنا نعبش في عاصفة من الضوضاء. عمل مهم أن تأخد وقتا تخصصه لقراءة الأنجيل بنفس صافية. وأرجو أن تكون فترة الصوم والأستعداد لسنة جديدة إلا تترك حياتك تسير على نفس الوتيرة فبعض الفلاسفة يقولون “لا يصح أن نقول أن الوقت يمضي لكن الأصح أن نقول أننا نمضي “. الكتاب المقدس هو أنفاس الله وعندما تجلس مع الكتاب المقدس تجلس مع المؤلف ذاته كتدريب عام لنقرأ هذا المزمور كل يوم لنستفيد به 3- الأسرار وبالأخص سر الأفخارستيا : فرحت بالقائلين لي إلى بيت الرب نذهب. واحده سألت من الرب وأياها ألتمس ان أسكن في بيت الرب كل أيام حياتي القداس عيش في كل كلمة مشاركا فيه كليا. الأنسان عندما يتمتع بصلوات القداس وتفهم المعنى الداخلي لكل كلمة. في القداس نصير في طريق القداسة وهو وسيلة الثبات في المسيح لناخذ هذا المزمور تدريب يومي ومنه يكون إعترافك آخر السنة وتقول أغسلني فأبيض أكثر من الثلج. هذا المزمور يحتاج الكثير من التأملات إن شاء الرب وعشنا نقضي الأسابيع القادمة في هذا الصوم في هذا التأمل لألهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
22 يناير 2020

تأمل فى معجزة عرس قانا الجليل

كان القديس يوحنا الحبيب من أوائل التلاميذ الذين دعاهم السيد المسيح وعاصر تقريبا كل معجزات وخدمة السيد المسيح مدة خدمته على الارض اى ما يقرب من 1000 يوم وقد اختار القديس يوحنا الحبيب 20 يوم خدمة وقدمهم لنا فى انجيله فلم يقدم لنا أمثال لانه يريد ان يقدم لنا السيد المسيح من خلال لاهوته فى هذه المعجزة يقدم لنا الصديق المفرح فالانسان منذ خطية ادم غاب عنه الفرح فاراد القديس يوحنا ان يقدم لنا المسيح المفرح فذكر معجزة عرس قانا الجليل فى بداية انجيله. لماذا بدأ السيد المسيح معجزاته بهذه المعجزة؟ 1- اراد ان يقدس حياة الاسرة. 2- اراد ان يرفع اتعاب أو لعنة المرأة و لعنة الارض فبهذا العرس يبدأ خليقة جديدة. 3- أراد ان يقدم البداية المفرحة فقدم لهم هدية (الخمر). هذا العرس حضره السيد المسيح فى بداية خدمته وكان العرس من العادات والتقاليد اليهودية المشهورة فكان العرس فى اليهودية يبدأ من الاربعاء وينتهى فى الاربعاء التالى واجازة السبت فكانوا يضعون ستة اجران عند مدخل البيت مخصصة لحفظ الماء ويقدم فى العرس المشروب المشهور فى ذلك الوقت وهو عصير العنب الطازج اى الغير مختمر وكانت العادة ان يقدموا العصير الجيد اولاً ثم الاقل جودة , وفى هذا العرس ينتهى الخمر فطلبت العذراء مريم من السيد المسيح وقالت له "ليس لهم خمر" اى ليس لهم فرح و يرد عليها بقسوة "ما لى و لك يا امرأة لم تاتى ساعتى بعد" أى ساعة الصليب ثم يصنع السيد المسيح المعجزة ويعود الفرح الى هذا العرس والى كل البشر بصليب المسيح الفرح يغيب عن الانسان اذا حلت الخطية فالخطية تسرق الفرح من الانسان. خمر فى اللغة اليونانية و العبرية 3 كلمات:- 1- عصير العنب الطازج (تيروش). 2- عصير العنب الطازج أو المختمر (يايين). 3- عصير العنب المختمر (سكر). هذه الكلمات الثلاثة تستخدم فى اللغة العربية بكلمة واحدة وهى الخمر. كيف يكون السيد المسيح صديقاً مفرحاً لك؟ 1- مسيحنا مفرح من خلال الايمان الذى نعيشه, الايمان يمنح الانسان سلام ثم فرح داخلى حقيقى. 2- مسيحنا مفرح من خلال الكتاب المقدس الذى هو رسالة فرح. 3- مسيحنا مفرح من خلال وجوده فى الكنيسة على الدوام , الكنيسة هى سر فرح حياتى. 4- مسيحنا مفرح لانه يسند الانسان فى ضعفه دائماً , فلا يرفض ابدأً توبة انسان. 5- مسيحنا مفرح لانه يعد لنا حياة أبدية , فكل من عاش حياته بامانه له اكليل فالسماء هى مكان الفرح الدائم.القديس يوحنا الحبيب يقدم لنا المسيح بأكثر من صورة كالمسيح المحب والمسيح مفرح القلوب. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل