الكتب

مدخل إلى فهم كلمة الله

هذا الكتاب كان منبته حوارا مع بعض الشباب تطرقنا فيه لكلمة الله وكيف نفهمها اليوم ، ومن ثم كيفية تقديمها في شكل ملائم لمن حولنا سواء كان هذا التقديم خدمي أو كرازي . ولكن ما لفت نظري هو أن كلمة الله بدا غائما للغاية فقد كان الوعي بمفهوم الكلمة وطبيعتها وفعلها ومكانتها لا يزال مخلخلاً . لمست شكلاً من أشكال التنزيل ! ( أن النص تم تمليته كما هو على شخص ما ) في فهم كلمة الله ما يمكن تفسيره بوضوح نتيجة معايشتنا الثقافية لمعتقدات تؤمن بهذا الأمر . مفهوم وهو كما لاحظت أن هناك اتجاهان في التعامل مع الكلمة ؛ أحدهما يرتكز في النص الكتابي ولا يريد أن يخرج منه إلى أي شكل آخر من أشكال العلاقة مع الله ، وخاصة العلاقة المؤسسة على نص من النصوص القديمة ، تبلور هذا الاتجاه في استدلال البعض بالنصوص الكتابية بشكل آلي وسريع وإن كان في سياق مختلف عن سياق النص المقتبس عنه . لدى هذا الاتجاه نجد أن الممارسة الليتورجية ليست على قدم المساواة مع النص الكتابي ؛ فالنص الليتورجي بالنسبة له يمكن استبداله بالعديد من النصوص دون تأثير يذكر ! وحينما حدثته حول أقدمية بعض النصوص الليتورجية عن النص الكتابي ، بدا حائرا !!

النعمة بذار الحياة

إن المثل موضوع حديثنا في هذا الكتاب ؛ " مثل البذار النامية ، والوارد في إنجيل القديس مرقص في الإصحاح الرابع ، يرسم لنا في جملته ، صورة picture معبرة عن واقع أبدي ، وهذا الواقع يبدأ من الآن ‘ ‘ . ولكن سرعان ما تتحول تلك الصورة إلى مرآة mirror يرى من خلالها كل إنسان نفسه ويقيس مقدار اقترابه أو ابتعاده عن هذا الملكوت ، حتى يصل المثل بالشخص إلى المرحلة الأخيرة ، بعد أن يكون الشخص قد استوعب الصورة ورأى نقصه في مرآة المثل ، وقتها يتحول المثل إلى نافذة window يرى من خلالها الله ، ويستعلن له الحق وتنكشف له مكنونات المثل ، فتُضيء له ، تلك النافذة ، مسيرته ، بضياء الحق حتى لا ينخدع ويتخبط في تيه يبتعد به عن أرض الأحياء إلى الأبد .

من هم اباء الكنيسة

إن العصر الحديث بقيمه الإنتاجية الاستهلاكية وبسرعته اللاهثة وراء كل ما هو جديد ، حينما يتوقف أمام آباء الكنيسة نجده يرمقهم بنظرة تمتزج فيها الحيرة مع التعالي تحت مظلة ضبابية من عدم الفهم والشعور بالغموض . ولعل الأمر المحزن أن الكثير من الشباب المسيحي المعاصر في العالم أجمع متغرب عن الآباء بدعوى المعاصرة والحداثة ، فمؤلفات الآباء مازالت متغربة ـ في معظمها ـ عن مكتبات الشباب . والآباء في فكر البعض تم اختزالهم إلى لقب أو مقولة عامة شمولية تلقي بالضوء على منحى أحادي من حيواتهم الثرية . فإغناطيوس الأنطاكي هو الثيوفوروس ( حامل الله ) وبنتينوس هو النحلة الصقلية الذي يجمع رحيق الأزهار من مروج الرسل والأنبياء ، ليحولها في نفوس سامعيه إلى مبادئ المعرفة الخالدة ، كما كتب كليمندس السكندري . وإيريناؤس هو الذي قيل عنه إنته قضى على الغنوسية وأقام علم اللاهوت . وأثناسيوس هو المدافع عن الإيمان وهو الذي قيل عنه إنه “ ضد العالم ، كما دعاه ، ثيودوريت | الأسقف ؛ “ المنبر الأعظم ” . ويوحنا هو الذهبي الفم ، الواعظ الذي لا يدانيه أحد في القدرة على الوصول إلى مستمعيه وتحريك قلوبهم بكلماته المؤثرة والممسوحة بالصبغة البلاغية . وكيرلس هو “ عمود الدين ” أو “ ختم الآباء ’ ’ كما لقبه أناستاسيوس السينائي ، ومارأفرام هو قيثارة الروح ... إلخ . هنا ونجد أن تلك الرؤية الأحادية النقلية من فم لأذن ، تُمثل خريطة ذهنية ذات أوحد ، لا تلج في تفاصيل شرح هذا اللقب أو تلك المقولة . عنصر لست بصدد الغوص في وريقات المخطوطات لاستخرج منها نصوصا آبائية تائهة عن قارئ العربية ، كما إنني لست بصدد إعادة بعث لنصوص صارت نسيا منسيًا . فهذا عمل مؤسسي يحتاج إلى تكاتف العديد من الأفراد والجهات . ولكنني سأحاول جاهدا أن أغوص مع قارئي في بحار فكر الآباء المتسع بحثا عن لآلئ الروح ، زادا للمسير وسط لجج العالم المضطربة بشتى أنواع المعارف والثقافات . ولن أستطيع هنا مهما حاولت جاهدا توخي الدقة والاستبصار والتحليل الموضوعي ، أن أقف على جملة الفكر الآبائي . فقط أسعى لإعادة تأهيل ذاكرتنا ووجداننا لتراث الآباء ، وقراءته من منظور المعاصرة والاحتياج الآني لإنسان القرن الحادي والعشرين . ولعل الذاكرة المتطهرة بلهب ذكرى الآباء ، تصير معملاً لتصدير الفكر والحياة للعالم .

خدمة قراءة التوراة في المجمع اليهودي

لقد كانت قراءة التوراة في المجامع اليهودية عادة متأصلة في عصر المسيح والرسل والكنيسة الأولى ، ولقد لخص لنا سفر الأعمال صورة الليتورجيا المجمعية والخاصة بخدمة القراءات قائلا : « وأما هم ( بولس ومن معه ) فجازوا من برجة وأتوا إلى أنطاكية بيسيدية ، ودخلوا المجمع يوم السبت وجلسوا ، وبعد قراءة الناموس والأنبياء أرسل اليهم رؤساء المجمع قائلين : أيها الرجال الاخوة ؛ إن كانت عندكم كلمة وعظ للشعب فقولوا » ( أع 13 : 14- 15 ) . ومن تلك الآية يمكننا ملاحظة أن العبادة المجمعية الأسبوعية الرسمية كانت تقام يوم السبت ، وتنقسم القراءات إلى قراءة للتوراة وأخرى للأنبياء ويليهما العظة ، وهو ما سنبحثه بالتفصيل في الصفحات القادمة ، لنستوعب المناخ الروحي الذي انطلقت منه الكنيسة الأولى ، ومن ثم العبادة الليتورجية الكنسية فيما بعد . بداية قراءة التوراة في العبادة اليهودية لقد كانت قراءة التوراة والأنبياء أحد أقدم الممارسات الليتورجية اليهودية ، فهي تمثل النواة الأولى لأي اجتماع ليتورجي للعبادة في إسرائيل . وقد كانت بداية تلك الخدمة بعيدة كل البعد عن المفهوم الطقسي للخدمة ، فهي كانت ممارسة تعليمية قبل كل شيء ولكنها مرت بعدة تغييرات شأنها شأن كل أشكال العبادة اليهودية ، وتحولت إلى طقس وليتورجيا تعبر عن الهوية الدينية اليهودية وخاصة في فترات تراجع دور الهيكل في العبادة .

مازال ينزف

حينما أفكر في الشهيد يداعب خيالي مشهد النور الفائق المنبعث من جراحات الجمع المتسربل بثياب بيض ويتبع الحمل أينما ذهب . الجراحات لآلئ لامعة تسبي البصيرة . الوجوه لا يعتريها الألم ولا الضيق . الأعين شاخصة في المجد الإلهي ، لا ينسكب منها دمع الأنين ولا تأوهات المخاض الأرضي . مشهد يسكب في القلب ، الحنين لملكوت الله .. مشهد يلتقط كينونتنا الإنسانية الملتحفة بأتربة أرض اللعنة ليسمو بها بعيدا في مدارات السلام والنعمة والفرح والمسرة في رحاب روح الله . هناك يسمع ترنيم الـ " هللويا الكبرى “ ، تلك التي تخرج بلا تعب ولا ملل ولا ألم ولا تغصب .. ” هللويا “ مرتلة بذهن منغمس في بهاء وجه الحمل الجالس على العرش .. حينما نتأمل في وجه الشهداء نرى الإنجيل ناطقا حتى الصراخ بانهزام الموت واندحار الألم أمام مجد الجسد الجديد ، نستنشق من جسده الذي نواريه الثرى ، رائحة ملء الروح .

ليكن نور رواية

لقد كتب ويل ديورانت عن الحضارات القديمة قائلاً : “ إن ما تراه من بنايات شامخة سيجرفها التاريخ ، وستصبح أثرا بعد عين ، كومة من تراب ، نجما آفلا ، سطرا في كتاب الذكريات .. " . ومن كتاب الذكريات نتلقف روائح المدينة السكندرية القديمة لعلها توقظ فينا حمية وتنهض فينا همة ؛ فالإسكندرية القديمة هي اللغز الساحر الذي طالما اجتذب الكتاب والباحثين والمفكرين والروائيين والشعراء . حاولوا أن يحفروا في ترابها بحثا عن إلهام يأتي من حوادث التاريخ أو خيالات الماضي أو جمالات المكان . فيها ، كما قال أحدهم قديما ، يجد الإنسان كل شيء ؛ ثروة وملاعب وجيشا كبيرا ، سماء صافية ومعارض عامة وفلاسفة ومعادن ثمينة وشبائًا ظرفاء وبيئًا ملكيا طيبا ومجمعا للعلوم وخمرًا لذيذا .. هي عالم جرى وراء العلم وتتبع خطوات اللذة العبثية وسبح في سماوات المعرفة واستقر في أحضان الإيمان . هي الباليوم الفلسفي والتونيك الروماني والطاليت اليهودي .. هي طرقات دينوقراطيس أول من رسم حدودها ورسم شوارعها .. هي منارة سوستراتوس المهندس العبقري إنها صيحات كهان المعابد وغزلة مجامع اليهود ورفعة موسيون العلماء وانفتاح كنائس المسيحيين . إنها خليط اللغات العجيب ، اليونانية الثقافية والرومانية السياسية واليهودية الأصولية والمصرية الدينية .. الإسكندرية هي قصور الأغنياء وأكواخ الفقراء .. هي مدينة التقوى والفجور .. المعرفة والجهل . اللذة والألم .. القوة والوهن .. الظلم والحرية .. السادة والعبيد .. الحب والبغضة .. .. من هذا المزيج تتولد تلك الرواية التي تجري أحداثها في العقد الأخير من القرن الثاني الميلادي بعد تولي كليمندس السكندري كرسي التعليم في مدرسة الإسكندرية التي كانت تعني بتلقين الإيمان للموعوظين وهو ما أطلقنا عليه اختصارا : “ مدرسة الإيمان ” . كما كانت تشرح دقائق اللاهوتيات للمتخصصين والمعلمين . وقد كانت تلك المدرسة بمثابة أول معهد علمي حقيقي في العالم المسيحي يقوم عليه متخصصون أكفاء مؤهلين .

نحو الصلاة

إننا لا نستطيع التحدث عن الصلاة ، فالكلمات لا تعبر عن الحقائق اللامادية ، لأن الكلمة هي أداة العالم للتعبير عنه ، بينما الصلاة هي حياة تُعاش ، وخبرة نتذوقها ، بالقلب ، أداة الأبدية ، وهو الذي يستطيع أن يعبر في صمت عن الأمور اللأمنظورة . ولكننا هنا سنحاول أن نتحرك نحو الصلاة ، نقترب منها في خشوع ورهبة يجللنا صمت يليق بمحضر الله ، ندور في أفقها فنتلامس س مع الضياء المنبعث منها كهالة من نور ، نقترب منها فيدفئنا لهبها ويضرم فينا الشوق الله ، موضوع صلاتنا . الصلاة تجعل الذهن جديرا بأن يرى مجد الله في غمامة نور عظمته ، داخل بلد الكائنات الروحانية ، بعجب وصمت أوقفهما الدهش عن كل حركة . وينذهل من جمال أشعة النور الوفيرة الإشراقات التي تطلع عليه ، فترمي العالم في العجب من رؤيتها ، وهي حياة الكائنات الروحانية وتنعمها ، فتسكت حركاتها النارية ، عظمتها . يوحنا الدلياتي ( الشيخ الروحاني ) إن الصلاة ليست صرخة في بطن واد أو نداء في صحراء يتردد صداه في الأفق الممتد ليغيب ويتلاشى مع تلاشي الصوت والكلمة . كما إنها ليست ضرورة أوجدتها الديانة واختلقها الإنسان ليكلم الفراغ متوهما فيه إله النجدة والإنقاذ . إنها ليست ضرورة خيال مريض يثرثر مع ذاته متوهما في ذاته الأخرى إلها ، يخاطبه فيما يسميه صلاة !! كما إنها ليست خمرا تسكر به النفس فتتعامى عن حقائق المعقولات وتبتعد عن واقعية الأرض والجسد والزمن ، لكنها ضرورة حياة ؛ إنها فعل عميق يلمس الجانب الإلهي الخالد في تكوين الإنسان ـ الروح ـ التي هي وديعة الإله لنا وفينا

الصليب كمدخل للحكمة في رسالة بولس الرسول الاولي الي كورنثوس

إن الحديث عن الصوفيا ( الحكمة ) يعود بنا إلى كلمات القديس أنطونيوس حينما سئل عن أعظم الفضائل ؛ فكان جوابه : الإفراز ( الحكمة ) . لذا فإن الوقت الذي سنقضيه في تتبع مفهوم الحكمة عند القديس بولس وعلاقته بالصليب ( في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس ) سيساعدنا على تتبع آثار الحكمة والسير على وقع خطوات بريقها اللامع في سماء القداسة والقديسين . فبدون حكمة لن يكون هناك فهما للخلاص والفداء ، اللذان يمثلان جانب الحكمة الإلهية المعلن للبشر ، والفهم هو أول طرق الممارسة والتطبيق . المفهوم الأولي للصوفيا في البدايات المبكرة لظهور مفهوم الصوفيا في الحقبة الثقافية اليونانية ، كانت تلك الكلمة تعني التمرس والخبرة في مهارة ما ، يدوية في أغلب الأوقات . وكانت ترتبط غالبا بالكلمات الآتية : ( المهارة والخبرة ) . المعرفة العلمية ( ٢ ) (المهارة والفن " ) . العمل اليدوي ) .

قراءة في حياة الرب يسوع الجزء الثاني

| الإنجيل حركة قراءة في حياة الرب يسوع هي قراءة معاصرة لكلمات وحياة المسيح ومواقفه التي دونها لنا الإنجيليون . ليست شرحا وتفسيرا منظما متتابعا ، أكثر من كونها لحظات سكون وتأمل واع واقعي لدفقة الوصية في وعائنا المعاصر . فالكثير من كلمات وأفعال المسيح تستوقفك وتمسك بك ولا تريد أن تطلقك حتى تجدد رؤيتك وإنسانيتك ، ويلمس هذا التجديد واقعك الشخصي ومدارك المجتمعي . قد تجد بها تتفا من المعارف الإنسانية التي تتواءم مع روح الإنجيل ، وهو دليل على أن الثقافة الإنسانية ليست متغربة بالكلية عن واقع الإنجيل بل تصبح في العديد من الأحيان شاهدة له ، من خلال خبرات البشر في حياتهم عبر الأزمان والأصقاع ؛ فالبشر على صورة الله ولو لم يدركوا . تصلي في ليتورجية العماد فنقول : أيها الأزلي السيد الرب الإله الذي جبل الإنسان كصورته ومثاله ... افتح أعين قلوبهم [ المعمدين الجدد ] ليستضيئوا بضياء إنجيل ملكوتك إن كل كلمة من كلمات الإنجيل تخلق نوعا من التحدي للذات الإنسانية المتقوقعة حول وجودها الذاتي ، تريد أن تطلقها لترى الوجود الكلي ، متجاوزة أظر الزمان والمكان والتقاليد والبيئة والطباع والمعارف ... ويبقى التحدي قائما في حياتنا حتى تنتصر الكلمة ، كما ينتصر النور على الظلمة ، بالفجر والشروق ، فتكسر كل قناعات النفس القديمة المأخوذة من المسلمات الإنسانية المجتمعية ، والتي ننقلها بعضنا لبعض ونحن في غيبوبة النسبية ، ومتغربين عن كل ما هو مطلق ، فتُحيل كلمات الإنجيل ، عالم الإنسان الترابي إلى تراب ، أي تعود به إلى أصله غير المكتمل قبل نسمة الحياة . وقتها يبدأ الحراك الأبدي في الظهور على سطح الكينونة الإنسانية ، ويبدأ تجاوز الذات والحاضر إلى المطلق . وحالما يلمس النسبي ، أي الإنسان ، المطلق الإلهي ، ينال المعنى الذي طالما بحث عنه . يراه نابضا في قلبه وعقله وجوهره الإنساني . إنها الحياة الإلهية والتي تمر كنبضات إلى كينونة النفس ، فتُحييها . فلا يبقى الإنجيل كتابا يعبر عن هوية دينية ، بل كتاب الحياة والحركة والوجود ، الذي يدفع الإنسان إلى اكتشاف السر والمسيرة ، كما من زجاج شفاف . وقتها “ يتكلم الناصري عن حنين قائم في أعماق القلب "

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل