أصعدت باكورتىِ إلى السماء - عشية عيد الصعود

بسم الاب والابن والروح القدس اله واحد امين فلتحل علينا نعمته ورحمه وبركته الان وكل اوان والى دهر الدهور كلها امين.
عيد الصعود من الأعياد التى تخدم خلاصنا بشكل جوهرىِ وهو من الأعياد السيديّة الكُبرى ، ونحن نعلم أنّهُم سبعة أعياد سيديّة كُبرى تمس الخلاص،ونحن عِندنا إهتمام بعيد التجُسدّ الإلهىِ عيد الميلاد وعيد الغِطاس وخميس العهد وعيد القيامة و لكن عِيد الصعود أحياناً لا نُعطيه حقّه رغم أنّهُ يمس نُقطة خطيرة فى تدابير الخلاص كيف ؟
نستطيع أن نقول أنّ المسيح تمّم الفِداء والخلاص وأكمل التدبير بالتجُسدّ إلى نهاية التدبير وإلى الكمال وقام من الأموات وثبتّ كنيستهُ وإفتقد التلاميذ وقّوى إيمانهُم وسند ضعفاتهُم وأسّس الكنيسة إذاً ما فائدة الصعود ؟ كان مُمكن يُرسل روحهُ القدّوس وكفى فيقول لا الصعود قد نقول عليهِ كمال إتمام الخلاص وكمال الصُلح بين الله والبشر وكمال إصِعاد الجنس البشرىِ للسماء وردّه إلى رُتبتهُ الأولى الإنسان سقط من السماء إذاً يجب أن يصعد للسماء ولكى يصعد للسماء لابُد أن يتم صُلح والصُلح قد تمّ بالصليب لكن لابُد للقاضىِ صاحب القضية الأصليّة الآب أن يُعطىِ الموافقة بالصعود إليهِ لنفرض أنّ إثنان مُختلفان فى قضية مُعينّة أحدهُم عليه شيك للآخر أى مديون وحُكم عليه بعشر سنوات سجن فقال فى نفسهِ أحاول الصُلح فوسّط بعض الناس بينّه وبين الدائن وتمّ الصُلح بينّهُما وكتبا إقرار عدول هذا كلام جيد لكن لابُد أن يقفا أمام القاضىِ لكى يحكُم بالبراءة الإبن تمّم الفِداء على الصليب لكن لابُد للآب أن يقبل هذا الفِداء ولابُد للآب أن يحكُم بالبراءة النهاية لحُكم البشر متى قبل الآب البشر قبول نهائىِ ؟ فىِ الصعود فى صعود المسيح للسماء صعد بجنس بشريتنا وجلس عن يمين الآب وكأنّ الآب قبل البشر من جديد الإنسان الذى طُرد من الفردوس صار يسكُن السماء هذا هو الصعود بولس الرسول يقول " وأقامنا معهُ وأجلسنا معهُ فى السماويات " ، ليس أقامنا فقط بل أقامنا وأجلسنا ، الإثنان مُكملاّن لبعضهما الصعود مُكملّ للقيامة لمّا قام غلب الموت لكن هذا الحُكم لابُد أن يُظهر أمام الآب بجراحات صليبه يقول بولس الرسول فىِ رسالة العبرانيين " دخل إلى القداس مرّة فوجد لنا فداءً أبدياً " قديماً فىِ خيمة الإجتماع كان رئيس الكهنة يذبح ذبيحة كفّارة عن الشعب فالذبيحة تموت ويُسفك دمها ويدخُل بدمها إلى داخل قُدس الأقداس ويُرش على تابوت العهد الكفّارة هو الصليب ، المسيح على الصليب ذُبح وسُفك دمهُ ورشّ هو دمهُ على العرش الإلهىِ وهذا هو الصعود بولس الرسول يُطبّق الكلام ويقول رئيس الكهنة كان يُقدّم هذه الذبيحة مرّة كُل سنة ويدخُل بدمها لقُدس الأقداس ليصنع صُلح أجُرة الخطية موت وها نحنُ قدّمنا موت أعطنا أنت حياة بولس الرسول يقول رئيس كهنتنا رئيس الكهنة الأعظم دخل للأقداس مرةّ واحدة فقط وليس كُل سنة فوجد لنا فِداء أبدىِ ليس كُل سنة بل مرّة واحدة دخل بدم نفسهِ وليس بدم تيوس وعجول دخل للأقداس وأتمّ كمال الصُلح هذا هو عيد الصعود أن يتراءى المسيح أمام الآب كنائب عن جنس البشر مسفوك دمهُ ومذبوح من أجلُهم ، هُنا الآب أجلسهُ عن يمينهِ وهُنا عاد الإنسان لرُتبتهِ الأولى وصار يسكُن السماء ، الإنسان الغير مُستحق سُكنى الأرض الذى قال لهُ من التُراب وإلى التُراب تعود أجلسهُ الآب عن يمينهِ الإنسان المطرود من جرّاء خطاياه التائه والعاصىِ لو ننظُر لحال الإنسان بعيد عن الله نجدهُ قد إنحطّ لدرجة رديئة جداً حتى أنّهُ كُتب عنّه فى الكِتاب أنّ الله تأسّف على صُنعهِ للإنسان ، تخيلّ لو إنسان ندم على شىء عملهُ هكذا الله تأسّف أنّه صنع الإنسان وقال أنّهُ سيبيد الأرض بكُل ما فيها ، وبالفعل أباد الأرض بكُل سُكانّها فى الطوفان فىِ أيام نوح ، لكنّه وجد ثمانية أنُفس أبرار نجىّ بهِم العالم لكن العالم والإنسان كان غير مُستحق للحياة الإنسان فى شرّه وصل لدرجة أدنى من الحيوان حتى كُتب عنّهُ فىِ سفر أشعياء " أنّ الحِمار يعرف صاحبهُ والثور يعرف قانيه أمّا شعبىِ فلا يعرف " يارب أنت غاضب جداً من الإنسان فيُجيب ويقول إذا كان الحِمار يعرف صاحبهُ والثور قانيه لكن شعبىِ لا يعرف طريقىِ يقول أيضاً فىِ سفر أرميا " اليمامة والسنونة حفظت مواقيتها أمّا شعبىِ فلا يفهم " أى أنّ طيور السماء حفظت مواقيت طعامها وهجرتها و أمّا شعبىِ لا يفهم الطيور حفظت مواقيتها بالفِطره وشعبىِ لا يعرف ولا يفهم الإنسان بعيد عن الله أدنى من الحيوان عندما يتبع شهواته يُصبح أدنى من الحيوان لماذا ؟ قال أحد القديسين لأنّ الإنسان عِندهُ عقل فعندما يتبع الحيوان شهواته وغرائزه وشراسته فهو لا يُلام لأنّه بدون عقل لكن الإنسان عندما يعيش على مُستوى الغريزة يُصبح أقل من الحيوان لأنّه لغى عقلهُ اليوم رفعنا الله لدرجة أعلى من ذلك الله قال إذا إرتفع الإنسان فىِ القداسة لدرجة عالية يُصبح أعلى من الملائكة لماذا ؟ لأنّ الملائكة ليس لها شهوة ولا جسد لذلك عندما يغلب الإنسان شهواته ويعيش فى بر وقداسة يصير أعظم من الملائكة لأنّه ليس عند الملائكة ما يُحاربهُم داخلُهم مثلنا اليوم بصعود رب المجد صرنا أعلى من الملائكة فالإنسان الذى كان لا يستحق سُكنى الأرض اليوم يستحق سُكنى السماء وهذا هو الصعود ، حتى أنّه عندما طرد الله آدم من الفِردوس وضع الله على طريق الفِردوس كاروب من نار ليحرُس شجرة الحياة حتى أنّه لو أراد الإنسان الإقتراب من الفِردوس وشجرة الحياة لا يستطيع اليوم بالصعود الذى أصعدنا فيهِ معهُ فصرنا أعلى من السمائيين لأنّهُم يحملون العرش الإلهىِ بينّما نحن جالسين بجانبهِ " أجلسنا عن يمينهُ " بالطبع كانت الملائكة تمنع الإنسان من الإقتراب إلى الفِردوس وهُم آسفين لأنّهُم فىِ الفِردوس كانوا فىِ حُب وصداقة مع الإنسان لكن اليوم عندما يرون الإنسان فىِ السماء فإنّهُم يفرحون ويُسرّون ، لذلك مُنذ ساعة البُشرى بالتجُسدّ والملائكة تتهلّل " المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرّة " لأنّ الإنسان سيرتهُ للقداسة وللفرِدوس لابُد أن نحتفل بعيد الصعود ونحن نشعُر بنصيبنا فيهِ أبونا بيشوى كامل كان يقول أنّ أيقونة الصعود تُمثلّنا نحنُ لأنّها الكنيسة المُجتمعة فىِ المسيح الصاعدة للسماء نحنُ جسد المسيح ولمّا صعد صعدنا معهُ وفيهِ ولمّا جلس عن يمين الآب جلسنا معهُ عن يمين الأب إذاً لنا ثقة أننّا عن يمينهُ واليمين فىِ الكتاب المُقدّس تُشير للحُب والقُدرة والحنان أى أننّا نحنُ الآن فىِ يمين الآب لذلك عندما أشعُر اليوم بضعف أقول لهُ يارب أنا فىِ يمينك وعندما يغلبنىِ عدو الخير أقول للّه المفروض إنىِ مواطن سماوى وفىِ يمينك الصعود لنا فيهِ نصيب لأنّ المسيح قدّم نفسهُ كباكورة وكسابق عن البشريّة لكى يكون لكُل واحد فينا مكان فىِ السماء " قال أنا ذاهب لأعد لكُم مكان لآتىِ وآخُذكُم " وقال للآب " أيُها الآب الذين أعطيتنىِ أرُيد أن يكونوا معىِ فىِ مجدىِ ولا يهلك منّهُم أحد " المسيح لم يأتىِ لنفسهُ بل جاء ليصنع فِداء ويأخُذنا معهُ هل يوجد أب يكون فىِ مكان مُستريح وأولاده فىِ مكان آخر لا مادام الآب فىِ مكان مُستريح سيكون شاغلهُ أولادهُ أن يكونوا معهُ هكذا المسيح نحنُ شاغلهُ المسيح فىِ إنجيل يوحنا 17 وهو فىِ أحرج أوقاتهُ ليلة الصليب فىِ صلاتهُ نجدهُ يئنّ بحُب إتجاه البشر وهو يُكلّم الآب لم يشغلهُ الصليب والألم بل قال عن الإنسان " الذين أعطيتنىِ إحفظِهُم فىِ إسمك قدّسهُم فىِ حقك إجعل فيهُم الحُب الذى أحببتنىِ بهِ لكى يكونوا مُكملّين إلى واحد " ما هذا ؟ نحنُ موضع حُبهُ وإهتمامهُ فهل من المعقول أنّه يصعد ويترُكنا لا إن كُنّا الآن على الأرض لأنّ لنا رسالة على الأرض ولنا ثقة أنّ لنا مكان فىِ السماء " أنا ذاهب لأعدّ لكُم مكان حتى آتىِ وآخُذكُم " هذا عمل الكنيسة عيد الصعود يُمثلّ رجاء البشريّة التى إنقطع رجاءها من جرّاء شرورها الصعود يُمثلّ رجاء لنا مهما كان الإنسان تخيلّ القديس يوحنا ذهبىِ الفم يقول لنرى المسافة التى أخُذ منها الإنسان من أسفل الجحيم وجذبهُ للأرض وهذه ترقيّة ثم جذبهُ للسماء وهذه ترقيّة أخُرى وبالطبع السماء درجات السماء وسماء السموات عرش الله الله أخذ الإنسان من أسفل الجحيم إلى سماء السموات فىِ القُدّاس يقول الكاهن " رفع قديسيهِ إلى العُلا معهُ وأعطاهُم قُربان لأبيهِ " هذا هو الصعود رفع قديسيهِ من أسفل وأعطاهُم قُربان لأبيهِ وقال لهُ هؤلاء القديسين بلا عيب المُقدّسين الذين تقدّسوا بدمىِ فصاروا أبرار كان عِند اليهود عيد يُسمّى عيد الباكورة وهو عندما يزرعوا أرضُهم ويبدأ زرعُهم ينبُت والسنابل تظهر يعمل كُلٍ منهُم حزمة من بوادر الشعير والحصاد لم يكُن بعد يأخذون هذهِ الحِزمة للهيكل ويُقدّموها للكاهن الذى يُردّدها أمام الله ويشكُره على الأرض وعلى إثمارها بصلاة جميلة مُعبّر عن مشاعر شُكر أنّه حتى الأرض وإثمارها من يد الله المسيح لمّا صعد للسماء كان هو باكورة الأرض التى قُدّمت لدى الآب كأفضل وأجود ثِمار الأرض وباكورة المسيح ليست أول إنسان خُلق أى آدم بل أفضل ما هو موجود بِكر الخليقة كُلّها المسيح هو أخونا البِكر قدّم نفسهُ أمام الآب كحِزمة أولى والذى يُقدّم أول ثمارهُ كأنّه قدّم ثماره كُلّها هكذا المسيح عندما قدّم نفسهُ كباكورة عنّا كأنّه قدّم للآب جنس البشر كُلّه أحضرها لنفسهُ بلا عيب ولا دنس لذلك نقول فىِ القُداس " نزل للجحيم وسبى سبياً أعطى الناس كرامات " لذلك اليوم عيد سيدىِ يمس الخلاص لذلك نقول " صعد الله بالتهليل رتلّوا للّه رتلّوا صعد الرب بِهُتاف " وذهب وقال " إفتحىِ أيُتّها الأبواب الدهريّة ليدخُل ملك المجد " لم يعُدهُناك فواصل بل إنفتح طريق السماء وأصبح للإنسان حق بدل من أن يسكُن أسفل الجحيم يسكُن أعلى السموات نصيبنا فىِ هذا العيد كبير ولابُد أن نشعُر بفرح روحىِ ونشعُر أننّا إقتربنا من السماء لأنّ المسيح لمّا صعد صعد لنا وأعطانا ثقة أننّا لنا قدوم لدى الآب بذبيحتهِ لنا مكان لذلك عندما تجمّع التلاميذ وأخذهُم عِند جبل الزيتون وقال لهُم أنا سأجعلكُم كارزين تُبشرّوا فىِ العالم كُلهِ وتُعمدّوهم باسم الآب والإبن والروح القُدس وقال لهُم قد دُفع إلىّ كُل سُلطان على الأرض وبدأ يرتفع عنّهُم وهُم شاخصين فىِ ذهول تُرى لو فكّرنا كيف تنتهىِ حياة المسيح على الأرض ؟ هيّا نضع لها نهايات هل من المعقول أن يموت ويُدفن فىِ الأرض ولا يقوم مرّة أخُرى بل يختفىِ دون أن يراه أحد غير معقول إذاً ليس لهُ نهاية سوى الصعود كما فعل لم يصعد فجأة ولم يصعد سراً بل جمع التلاميذ وصعد أمامُهم صعد أمام الكنيسة كُلّها لأنّه أتىِ من السماء ولابُد أن يعود للسماء مرّة أخُرى " ليس أحد صعد إلى السماء إلاّ الذى نزل من السماء " لذلك قال للآب الآن مجدّنىِ بالمجد الذى كان لىِ عِندك قبل إنشاء العالم " سأعود ثانيةً للمجد المسيح صعد إيليا صعد بمركبة ناريّة لكن المسيح لم يحتاج لمركبة ناريّة بل صعد بقوتهِ الذاتيّة التلاميذ ظلّوا رافعين عيونهُم للسماء حتى إختفى وحتى بعد إختفائهِ حتى أنّ قوة إبصارهُم لم تستطع أن تتبعهُ فظهر لهُم ملاكان وقالا لهُم ما بالكُم مُندهشين هيّا لكُم الآن رسالة ثانية ولنرى القوة التى دبّت فىِ التلاميذ فىِ الأربعين يوم بعد القيامة والقوة التى دبّت فيهُم بعد الصعود وقد وعدهُم وقال لهُم إنتظروا موعد الآب لذلك الذى يعيش تسلسُل الأحداث فىِ الكنيسة لابُد أن تتغيّر حياتهُ المسيح يأخُذنا إلى السماء ونحنُ مازلنا على الأرض لذلك لابُد أن تكون عيوننا شاخصة للسماء ويكون عندنا رجاء فىِ السماء وعندنا نظره فوقيّة عندما نقف أمام جبل يكون ضخم وعالىِ ورهيب لكن عندما نكون فىِ طائرة وننظُر للجبل من فوق نجده نُقطة هكذا ونحنُ على الأرض نجد الأمور صعبة ولكن عندما نصعد نجدها سهلة وكلا شىء ويصير همّ العالم لا شىء والزمن لا شىء وضغوط العالم نغلبها بالمسيح إذا إرتفعنا بفكرنا للسماء يوحنا ذهبىِ الفم قال لتلميذهُ الذىِ كان يشعُر بضغوط " لا يستطيع أحد أن يؤذيك ما لم تؤذى نفسك " الإنسان هو الذى يُفكّر فىِ الهموم لا لايكون عِندك لا مُبالاه لكن لابُد أن ترتفع فوق الهم المسيح صعد للسماء كى نصعد معهُ لذلك ظلّ التلاميذ شاخصين للسماء ، علينا نحنُ أيضاً أن نشخص للسماء ونتأملّ أعمال الله فكرّ فىِ السماء فكرّ فىِ مسكنك هو قال متى أرتفع أجذب إلىّ الجميع المسيح صعد للسماء لكى لا نظل فىِ الأرض بل نصعد معهُ علينا أن نُفكرّ فىِ السماء وفىِ المسكن المُعدّ لنا كيف نُزينّه ونُحسّنه لأنّه قال " فىِ بيت أبىِ منازل كثيرة " هل تعلم أنّك مُمكن أن تترّقى فىِ السماء كُلّما جاهدت أكثر كُلّما ترّقيت لدرجة أفضل الذى إحتمل صليب مرض وتألّم هل تُريد أن تساويه بمن لم يُجاهد ؟ّ لا مادُمنا على الأرض لابُد أن نُثبتّ عيوننا على السماء لكى نضمن لنا مكان لأنّهُ أجلسنا معهُ فىِ السماويات ربنا يسند كُل ضعف فينا بنعمتهِ لهُ المجد دائماً أبدياً أمين.