آلام الرب - الجمعة العظيمة

Large image

بسم الآب والابن والروح القدس الة واحد أمين،فلتحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن،وكل أوان،وإلى دهر الدهور كلها آمين.
يَقُول مُعَلِّمْنَا بُطْرُس فِي رِسَالَتِهِ الأُولَى ( 2 : 24 – 25 ) { الَّذِي حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ لِكَيْ نَمُوتَ عَنِ الْخَطَايَا فَنَحْيَا لِلْبِرِّ . الَّذِي بِجَلْدَتِهِ شُفِيتُمْ . لأِنَّكُمْ كُنْتُمْ كَخِرَافٍ ضَالَّةٍ لكِنَّكُمْ رَجَعْتُمُ الآنَ إِلَى رَاعِي نُفُوسِكُمْ وَأُسْقُفُهَا } أحْيَاناً يَتَسَاءَل الإِنْسَان لِمَاذَا يَارَبَّ كُلَّ هذِهِ الآلاَم ؟ لِمَاذَا يَقَعْ عَلَيْكَ كُلَّ هذَا العَار وَتَحْتَمِله ؟ نَسْأل عَنْ آلاَم يَسُوع وَنَتَعَجَّبْ أوَّلاً كَيْ نَسْتَوْعِب آلاَمه لاَبُدْ أنْ نَعْرِف أنَّهَا آلاَم تَدْبِيرِيَّة أي هُوَ يَقْبَلْهَا أي وَقَعَتْ عَلَيْهِ مِنْ العَدْل الإِلهِي وَبِسَمَاح بِالتَّدْبِير الإِلهِي وَكَمَا تَقُول الكَنِيسَة { قَبَلَ الآلاَم بِإِرَادَتِهِ }( مَا يَقُولَهُ الكَّاهِنْ فِي خِتَام الصَّلَوَات فِي أُسْبُوع الآلاَم ) مِنْ أجْل تَتْمِيمْ خَلاَصِنَا لِذَا لاَبُدْ أنْ نَقِف مَعَ آلاَمِهِ وَقَفَات خَاصَّة آلاَمِهِ كَانَتْ نَوْعَان آلاَم جَسَدِيَّة وَآلاَم نَفْسِيَّة .
أوَّلاً : الآلاَم الجَسَدِيَّة :-
قَدْ نُبَالِغ إِنْ قُلْنَا أنَّ آلاَمِهِ كَانَتْ أصْعَبْ آلاَم عَلَى الأرْض وَلكِنْ نَقُول أنَّهُ إِجْتَازَ آلاَم قَاسِيَة جِدّاً وَإِنَّهَا حَدَثِتْ فِي العَصْر الرُّومَانِي وَالدَوْلَة الرُّومَانِيَّة مُتَصِفَة بِالشَّرَاسَة وَكَأنَّهُ بِالتَّدْبِير الإِلهِي يَخْتَار هذَا العَصْر وَهذِهِ المِيتَة لِكَيْ يُتَمِمْ خَلاَصِنَا لاَ تُوْجَدٌ جَرِيمَة إِلاَّ وَدَفَعْ الْمَسِيح ثَمَنِهَا وَلاَ تُوْجَدٌ خَطِيَّة إِلاَّ وَحَمَلْهَا زَنَى كِذْب قَتْل قَسَمْ كُلَّ أنْوَاع الخَطَايَا حَمَلَهَا فِي نَفْسِهِ مِنْ آدَم إِلَى آخِر الدُّهُور الْمَسِيح حَمَلْ جَرَائِمْ البَشَرِيَّة كُلَّهَا إِنْ كَانَتْ جَرِيمَة وَاحِدَة تَسْتَوْجِب العِقَاب فَكَمْ يَكُون عِقَاب الخَطَايَا كُلَّهَا ؟!! لِذَا هُوَ إِسْتَوْجِب أيْضاً عِقَاب آلاَمِهِ تَشْمَلْنَا جَمِيعاً أجْمَل شِئ لِلنَّفْس أنْ تَتَأمَّل فِي آلاَم المُخَلِّص وَكَمَا يَقُول أحَدٌ الأبَاء { لَيْسَ أفْضَل مِنْ أنْ نَتَأمَّلْ فِي جِرَاحَات المُخَلِّص وَلَيْسَ أفْضَل مِنْ أنْ نَتَفَرَّس فِي قَطَرَات دَمِهِ } الإِنْسَان يَتَفَرَّس فِي مَنْظَرْ جَمِيل فِي مَنْظَرْ طَبِيعِي بَحْر عَصْفُور خُضْرَه لكِنْ الكَنِيسَة تَقُول أنَّ آلاَم يَسُوع تُعْطِي سَلاَم { الَّذِي بِجَلْدَتِهِ شُفِيتُمْ } أي كُلَّمَا تَذَكَّرْت جَلَدَاتِهِ تَاج الشُوك المَسَامِير تُشْفَى وَلَيْسَ أفْضَل مِنْ الإِشْتِرَاك مَعَهُ فِي هذِهِ الآلاَم لِذلِك لاَ نَتَذَكَّرْ آلاَمِهِ يَوْمَ صَلْبِهِ فَقَطْ تِذْكَار مُؤَقَتْ بَلْ هِيَ مَغْرُوسَة دَاخِلْنَا وَنَتَذَكَّرْهَا بِإِسْتِمْرَار .
1- الجَلْد :-
الجَلاَّدْ الرُّومَانِي يُخْتَار بِصِفَات مُعَيَّنَة يَكُون مَنْظَرَهُ مُخِيف جِدّاً وَفِي يَدِهِ سِير الجِلْد يَخْرُج مِنْهُ ثَلاَثَة فُرُوع كُلَّ فَرْع بِهِ ثَلاَثَة عِظَام أي أنَّ الجَلْدَه تُسَبِّبْ تِسْعَة شُقُوق فِي الجِلْد وَالعُرْف أنَّ الْمَسِيح جُلِدْ 39 جَلْدَه هذَا حَسَبْ التَّقْلِيد اليَهُودِي لكِنْ الرُّومَان عُرْفُهُمْ أنْ يُضْرَب الشَّخْص لكِنْ لاَ يُمِيتوه أي يُضْرَب حَتَّى يُقَارِب المَوْت لِذلِك يَقُول الكِتَاب{ مَنْ ذَا الآتِي مِن أَدُومَ بِثِيَابٍ حُمْرٍ } ( أش 63 : 1) هذِهِ الآلاَم تَضَعْ مَسَافَة بَيْنِي وَبَيْنَ خَطِيِتِي وَأعْرِف الثَّمَنْ الغَالِي المَدْفُوع فِيَّ عِنْدَمَا يَشْتَرِي أحَدٌ شِئ غَالِي قَدْ يُقَال أنَّهُ خُدِعَ فِي ثَمَنِهِ لكِنَّهُ مَادَامَ وَاثِق فِي هذَا الشِئ سَيَقُول أنَّهُ يَسْتَحِق هكَذَا الْمَسِيح جَعَلَ العَدْل الإِلهِي يَأخُذْ حُقُوقَهُ مِنْهُ مِنْ كُلَّ خَطَايَا الإِنْسَان وَشَرَاسَتِهِ لَوْ دَرَسْت التَّارِيخ سَتَجِدْ أنَّ كُلَّ بَلَدْ لَهَا عُرْف فِي الإِعْدَام فَمَثَلاً هُنَا الإِعْدَام بِالشَنْق بَيْنَمَا دُوَل أُخْرَى الإِعْدَام فِيهَا رَمْياً بِالرُّصَاص وَأُخْرَى بِالرَّجْم وَبَعْض الشُّعُوب تَرْفُض فِكْرِة المَوْت فَتَحْكُمْ بِالسِجْن مَدَى الحَيَاة حَتَّى المَوْت السَيِّدْ الْمَسِيح إِخْتَارْ أكْثَرْ طَرِيقَتَيْن قَسْوَة الجَلْد حَسَبْ اليَهُود وَالصَّلْب حَسَبْ الرُّومَان المَوْت عِنْدَ اليَهُود بِالرَّجْم وَلَمْ يَحْتَمِلُوا أنْ يُمِيتوه فَأسْلَمُوه لِلرُّومَان وَهذَا تَدْبِير الْمَسِيح أنْ يَمُوت مَصْلُوب وَلَيْسَ مَرْجُوم حَتَّى لاَ تُكْسَرْ عِظَامِهِ أوْ قَدْ يَمُوت أثْنَاء الرَّجْم بِالإِخْتِنَاق لأِنَّهُمْ عِنْدَ تَنْفِيذْ حُكْم الرَّجْم كَانُوا يَحْفُرُونَ حُفْرَة عَمِيقَة وَيَقِف عَلَى حَافَّتِهَا الشَّخْص المُرَاد رَجْمِهِ بِظَهْرِهِ ثُمَّ يَدْفَعُوهُ لِيَسْقُطْ دَاخِلْهَا وَقَدْ تُكْسَرْ رَأسَهُ ثُمَّ يَرْجِموه حَتَّى يُدْفَنْ دَاخِل الحُفْرَة فَيَمُوت مُخْتَنِقاً لكِنْ الْمَسِيح مَاتَ مَذْبُوح عَلَى الصَّلِيب تَذَكَّرْ الجَلْد كَيْ يُذَكِّرَك بِالأُمُور الخَلْفِيَّة الَّتِي لاَ تَرَاهَا لأِنَّ الجَلْد عَلَى الظَّهْر وَهُنَاك خَطَايَا خَفِيَّة لاَ نَتَذَكَّرْهَا لِذلِك الكَنِيسَة بِحِكْمَة جَعَلِتْنَا نَتَذَكَّرْ جَلَدَاتِهِ فِي صَلَوَات الأجْبِيَة كِيرْيَالَيْصُون 41 مَرَّة هِيَ تِذْكَار جَلَدَاتِهِ وَجِرَاحَاته وَكُلَّ مَرَّة نَقُول كِيرْيَالَيْصُون نَقُول لَهُ فِيهَا إِنْ كَانَتْ هذِهِ الخَطِيَّة جَلَدِتَك فَأنَا أقُول لَكْ إِرْحَمْنِي فَهَلْ تُسَامِحْنِي هَلْ أنَا قَبِلْتَ كُلَّ جِرَاحَاتَك الَّتِي سَبَّبْتَهَا أنَا ؟
2- إِكْلِيل الشَوْك :-
لَمْ يَكُنْ إِكْلِيل بَلْ هُوَ قُبَّعَة وَلِكَيْ يَلْبِسَهُ جَيِّداً رَبَطوه عَلَى رَأسِهِ بِحَبْل كَيْ تَظِلْ الأشْوَاك مَغْرُوسَة فِي رَأسِهِ لَمْ يَكُنْ فِي الفِرْدُوس شَوْك لِذلِك عِنْدَمَا يَدْخُل الأب الكَّاهِنْ الهِيكَلْ يَخْلَع حِذَائِهِ لأِنَّهُ يُمَثِّلْ الفِرْدُوس لكِنْ خَارِج الهِيكَلْ أي عَلَى الأرْض يَلْبِس الحِذَاء خَوْفاً مِنْ الشَوْك وَالشَوْك كَانَ ثَمَرْ العِصْيَان{ شَوْكاً وَحَسَكاً تُنْبِتُ لَكَ }( تك 3 : 18) مَا هذِهِ الأشْوَاك يَا يَسُوع ؟ يُجِيب هِي ظُلْم الإِنْسَان أنَا أقْبَلَهُ بِإِرَادَتِي وَأُحَوِّلَهُ إِلَى خَلاَص فَأُتْرُكْنِي أحْتَمِل إِكْلِيل الشَوْك الَّذِي هُوَ ثَمَرْ الخَطِيَّة وَسَأجْعَلْ الشَوْك بِدَلاً مِنْ أنْ يَنْبُت مِنْ الأرْض سَأجْعَلَهُ يُغْرَس فِي رَأسِي كَيْ أُنْبِت لَهُمْ بِرْ لِذلِك المَلَكُوت هُوَ أرْض تُنْبِت بِرْ الشَوْك هُوَ خَطَايَا الفِكْر وَكَأنَّ إِكْلِيل الشَوْك هُوَ الخَطَايَا الفِكْرِيَّة الدَنِسَة وَالعِدْوَانِيَّة وَالقَبِيحَة الَّتِي تَغْرِسْهَا فِي رَأس يَسُوع وَتَرْبُطْهَا عَلَى رَأسِهِ الْمَسِيح حَمَلْ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ وَحَمَلْ ثِمَار خَطَايَانَا هُوَ تَحَمَّل الأرْض الَّتِي تُنْبِت شَوْك وَحَسَك فِي رَأسِهِ لِذلِك نَقُول لَهُ { أعْطِنِي يَا مُخَلِّصِي أنْ أعْتَبِرَ عَذَابَكْ كَنْزِي ، وَإِكْلِيل الشَوْك مَجْدِي ، وَأوْجَاعَك تَنَعُمِي ، وَمَرَارَتَك حَلاَوَتِي }( مِنْ قِسْمِة " أيُّهَا الإِبْن الوَحِيدْ ) كُلَّ شُوْكَة وَضَعْتَهَا يَا سَيِّدِي فِي رَأسَك أُرِيدْ أنْ أنْزَعْهَا وَكُلَّ فِكْر قَبِيح وَكُلَّ خَطِيَّة دَنِسَة غُرِسَتْ فِي رَأسَك وَالرَّأس مَرْكَزْ الأعْصَاب لِذلِك إِحْسَاسِي بِهَا كَانَ أصْعَبْ رَأس بِهِ إِكْلِيل شَوْك ظَهْر جُلِدْ وَمَاذَا أيْضاً ؟ أمَا يَكْفِي ذلِك ؟ يَقُول لَيْسَ الآن القِصَّة طَوِيلَة مَعَ الألَمْ إِجْتَازَهَا المُخَلِّص .
3- الصَّلِيب :-
يَأخُذُوه بَعْد ذلِك إِلَى بِيلاَطُس .. بِيلاَطِس يُرِيدْ أنْ يَسْتَعْطِف اليَهُود بِمَنْظَرْ يَسُوع لِيَقُولُون كَفَى عَذَاب لَهُ لكِنْ لِلأسَفْ مَهْمَا كَانَ الإِنْسَان شَرِس لَوْ فِيهِ شِئ مِنْ الإِنْسَانِيَّة كَانَ سَيَحِنْ عَلَى يَسُوع لكنَّهُمْ لِلأسَفْ قَالُوا لِبِيلاَطِس أُصْلُبَهُ دَمَهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أوْلاَدْنَا ( مت 27 : 25 ) يَا لِقَسْوِة الإِنْسَان يَا لِقَسْوِة قَلْبِي عِنْدَمَا أرَى المُخَلِّص بِهذِهِ الحَالَة وَأنَا مُصِرْ عَلَى خَطَايَاي بِالعِنَاد يَا لِعِنَاد الإِنْسَان عِنْدَمَا يَرَى خَطَايَاه تُنْزِف يَسُوع دَمَهُ وَيُصِرْ عَلَيْهَا حَمَلَ الصَّلِيب وَسَقَطَ تَحْتَهُ تَسْأل إِلَى مَتَى أحْمِل الصَّلِيب ؟ أُجِيبَك هُنَاك مَنْ يَحْمِل الصَّلِيب حَتَّى يَتْعَبْ وَأخَرْ يَحْمِل الصَّلِيب عَلَى قَدْر طَاقَتِهِ فَقَطْ وَآخَرْ يَحْمِل الصَّلِيب أكْثَرْ مِنْ طَاقَتِهِ فَيَسْقُطْ تَحْتَهُ لِذَا إِحْمِل الصَّلِيب حَتَّى تَتْعَبْ أوْ حَتَّى تَسْقُطْ تَحْتَهُ .
4- المَسَامِيرْ :-
يَسُوع سُمِّرَ عَلَى الصَّلِيب وَمِنْ شِدِّة الآلاَم الَّتِي تَحَمَّلْهَا كَانَتْ الأعْصَاب مَشْدُودَة وَلَمْ يَتَحَمَّل الألَمْ لِذلِك كَانُوا يَرْبُطوه أوَّلاً ثُمَّ يَدُّقُون المَسَامِيرْ وَكَأنَّ الإِنْسَان يُدَبِّرْ الخَطِيَّة ثُمَّ يَفْعَلْهَا فَالخَطِيَّة دَائِماً لَهَا أمر سَابِق ثُمَّ يَتِمْ فِعْلَهَا يَرْبُطَهُ أوَّلاً ثُمَّ يَدُق المَسَامِيرْ عِنْدَمَا دَقُّوا المُسْمَار فِي يَدِهِ ثُمَّ أرَادُوا دَق المُسْمَار الآخَرْ فِي اليَدِ الأُخْرَى تَشَنَّجَتْ اليَدْ فَجَذَبُوهَا بِقَسْوَة وَرَبَطُوهَا ثُمَّ دَقُّوا المُسْمَار الآخَرْ الصَّلِيب لِلْمَسِيح هُوَ عَدَم التَوْبَة هُوَ إِصْرَار الإِنْسَان عَلَى الخَطِيَّة يِفْرِد يَدَهُ وَيَدُق المُسْمَار وَيَغْرِسَهُ فِي الَّلحْم عِنْدَمَا يُجْرَح إِنْسَان يَرْبُطْ جَرْحَهُ وَيُضَمِّدَهُ كَيْ يَلْتَئِمْ لكِنْ جَرْح يَسُوع هُوَ جُرِح وَنَحْنُ نَضْرِبُ عَلَيْهِ عِنْدَمَا صُلِبْ يَسُوع وَرُفِعَ الصَّلِيب تَحَمَّل جَسَدْ يَسُوع كُلَّهُ عَلَى جَرْح المُسْمَار فِي اليَدَيْنِ وَالأرْجُلْ فَأي آلاَم هذِهِ الَّتِي تَحَمَّلْهَا ؟ وَلِكَيْ يَمُوْت مَذْبُوح فَعَلَ الآتِي لَوْ كَانُوا كَسَرُوا عِظَام رِجْلَيْهِ كَانَ سَيَمُوْت بِالخَنْق لأِنَّهُ لَنْ يَعْرِف كَيْفَ يَتَنَفَّس وَكَانُوا يَفْعَلُونَ ذلِك كَيْ يُسْرِعُونَ بِمَوْت الإِنْسَان وَهذَا مَا أرَادُوا فِعْله مَعَهُ لأِنَّ السَبْت قَدْ قَرُبَ لكِنَّهُ قَالَ سَأموت مَذْبُوح لأِنَّ قَطَرَات دَمِي تَفْدِي أوْلاَدِي لِذلِك أمُوتُ ذَبْحاً مَسَامِير اليَدَيْنِ تُشِير لِلأعْمَال وَمَسَامِير الرِّجْلَيْنِ تُشِير لِلإِرَادَة نَعَمْ هِيَ آلاَم قَاسِيَة لكِنْ بِهَا الخَلاَص لِذلِك صَارَت آلاَم مَحْبُوبَة نَتَأمَّلْهَا وَكَمَا يَقُول أحَدٌ الأبَاء { أنْتَ قَدْ جَرَحْتَ قَلْبِي أيُّهَا الحَبِيب أنَا لاَ أقْوَى عَلَى ضَبْط لَهِيب مَحَبِّتَك فِي قَلْبِي لِذلِك أُسَبِّحَك } لِذلِك الصَّلِيب بِكُلَّ إِهَانَاته وَعَاره جَذَبْ العَالَمْ كُلَّهُ وَصَارَ مَجْد يُرْفَع فَوْقَ رُؤُوسِنَا وَجَسَدْنَا لاَبُدْ أنْ يَشْتَرِك فِي آلاَم المَصْلُوب أصْعَبْ شِئ أنْ يُدَلِّلْ الإِنْسَان جَسَدِهِ لِذلِك الكَنِيسَة تُكْثِرْ الأصْوَام كَيْ نَعِيش مَنْهَج الصَّلِيب بِإِسْتِمْرَار جَسَدَك مُنْضَبِط وَمَصْلُوب تَضَعْ لَكْ الكَنِيسَة مَنْهَج تَضْبِط جَسَدَك وَغَرَائِزَك لِكَيْ نَكُون جَسَدْ مُتَألِمْ كَلِمَة تَعَلَّمْتَهَا مِنْ الْمَسِيح كَيْ نَعِيش فِي جَسَدْ مُتَألِمْ كَيْ نَأخُذْ رَاحَة أبَدِيَّة وَنَتَمَتَّعْ بِالخَلاَص لِمَاذَا هذِهِ القَسْوَة فَقَدْ كَانَتْ تُوْجَدٌ طُرُق أخَفْ مِنْ المَسَامِيرْ ؟ هُوَ أحَبَّ ذلِك وَاخْتَارَ ذلِك هُوَ سَمَّرْ يَدَيْهِ كَيْ لاَ يُخْفِضْهَا مُوسَى النَّبِي كَانَ فِي حَرْب عَمَالِيق كَانَ الشَّعْب يَنْتَصِرْ عِنْدَمَا يَرْفَع مُوسَى يَدَيْهِ وَكَانَ يَنْهَزِم عِنْدَمَا يُخْفِض مُوسَى يَدَيْهِ مِنْ التَّعَبْ فَجَاءَ إِلَيْهِ إِثْنَان وَرَفَعَا يَدَيْهِ حَتَّى إِنْتَصَرَ الشَّعْب إِلَى النِهَايَة يَسُوع لَمْ يَجِدْ إِثْنَان يَقِفَان مَعَهُ لِذلِك جَعَلَ المَسَامِير تُثَبِتْ يَدَيْهِ مَرْفُوعَة دَائِماً لِذلِك الكَنِيسَة تَضَعْ الْمَسِيح المَصْلُوب أمَامَك دَائِماً وَتَقُول لَهُ فِي صَلَوَات الأجْبِيَة { صَنَعْتَ خَلاَصاً. عِنْدَمَا بَسَطْتَ يَدَيْكَ الطَّاهِرَتَيْنِ } ( القِطْعَة الرَّابِعَة مِنْ قِطَع السَّادِسَة ) وَمَادَامَتْ يَدَاهُ مَرْفُوعَتَان سَتَنَال غَلْبَة آلاَمه آلاَم مُفْرِحَة نَعَمْ هِيَ شَدِيدَة لكِنْ لَوْ عَرَفْت كَيْفَ تَبْعِدْ عَنْهُ آلاَمه سَتُفْرِحَهُ لأِنَّ هُنَاكَ مَنْ يَصْلُبُون يَسُوع دَائِماً .
ثَانِياً الآلاَم النَّفْسِيَّة :-
قَدْ تَكُون أكْثَرْ ألَماً مِنْ آلاَم الجَسَدْ فَمِنْ أصْعَبْ آلاَم النَّفْس الَّتِي جَازَهَا الخِيَانَة .
الخِيَانَة :-
لَوْ كَانَ مُسَلِّمَهُ أحَدٌ الكَهَنَة أوْ أحَدٌ الكَتَبَة أوْ الفِرِّيسِيُّون كَانَ سَيَقْبَلْ الخِيَانَة أوْ عَلَى الأقَلْ سَتَكُون خِيَانَة مُتَوَقَعَة لكِنْ خِيَانَة مِنْ تِلْمِيذ عَاش مَعَهُ ثَلاَثَة سَنَوَات ؟!! نَسْأله مَتَى يَا يَسُوع إِكْتَشَفْت خِيَانَتَهُ ؟ هَلْ تَعْرِف ؟ تَخَيَّل أنَّ يَهُوذَا يَسِير مَعَ يَسُوع وَمَعَ التَّلاَمِيذْ وَهُوَ خَائِنْ الْمَسِيح يُرَتِبْ لَهُ الفِصْح وَهُوَ جَالِس مَعَهُ فِي نَفْس المَكَان وَعَلَى نَفْس المَائِدَة وَيُرِتِبْ الخِيَانَة وَيُحَاوِل أنْ يَسْتَنْتِج أيْنَ سَيَذْهَبُون بَعْد الفِصْح وَهُوَ يَعْلَمْ أنَّ يَسُوع وَالتَّلاَمِيذْ كَعَادَتِهِمْ سَيَذْهَبُون إِلَى جَبَلْ الزَّيْتُون ثُمَّ إِلَى البُسْتَان إِذاً يَهُوذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ لأِنَّهُمْ أحِبَّاءه بَلْ كَيْ يَتَتَبَّعْ سَيْرِهِمْ لِيُدَبِّرْ تَسْلِيم يَسُوع هذَا مَوْقِفْنَا كُلَّ يَوْم يُعْطِينَا جَسَدَهُ وَدَمَهُ وَنَحْنُ قَدْ نَكُون دَاخِل الكَنِيسَة وَنَضْمُر شَرْ الخِيَانَة قَاسِيَة جِدّاً تَخَلَّى الجَمِيع عَنْ يَسُوع أمر مُر لِلنَّفْس جِدّاً الكُلَّ تَرَكوه بُولِس الرَّسُول كَانَ يُعَاتِب مَنْ تَخَلَّى عَنْهُ فَقَالَ { الْجَمِيعُ تَرَكُونِي . لاَ يُحْسَبْ عَلَيْهِمْ } ( 2تي 4 : 16) بَيْنَمَا الْمَسِيح الكُلَّ تَرَكوه مِنْ البُسْتَان مَاعَدَا نَمُوذَجَان تَبِعَاه هُمَا يُوحَنَّا الحَبِيب وَهذَا لأِنَّ لَهُ مَعْرِفَة دَاخِل قَصْر بِيلاَطُس وَبُطْرُس تَبِعَهُ مِنْ بَعِيدْ وَهُنَاك أنْكَرَهُ وَالْمَسِيح نَظَرَ لَهُ مُتَألِماً مِنْ إِنْكَارِهِ وَمُعَاتِباً الكُلَّ تَرَكَهُ وَكَمَا يَقُول المَزْمُور { انْتَظَرْتُ رِقَّةً فَلَمْ تَكُنْ وَمُعَزِّينَ فَلَمْ أَجِدْ } ( مز 69 : 20 ) هُنَاك تَرْجَمَات تَقُول{ مَنْ يُعَزِّينِي } وَأُخْرَى تَقُول { مَنْ يَرِق لِي } شِئ صَعْب أنْ لاَ تَجِدْ مَنْ يَقِف مَعَك لِيَحْزَن مَعَك أوْ يُعَزِيك يَا يَسُوع لَمْ تَجِدْ سِوَى بُطْرُس وَلِلأسَفْ أنْكَرَك لِذلِك قَالَ المَزْمُور { أَحَاطَتْ بِي ثِيرَانٌ كَثِيرَةٌ أَقْوِيَاءُ بَاشَانَ اكْتَنَفَتْنِي } ( مز 22 : 12 ) كِلاَب بَاشَان هِيَ كِلاَب شَرِسَة جِدّاً الَّذِينَ هَتَفُوا ضِدٌ يَسُوع أُصْلُبه أُصْلُبه ألَمْ يَتَذَكَّرْ أحَدَهُمْ أنَّ يَسُوع شَفَى لَهُ أحَدٌ أقَارِبَهُ ؟ ألَمْ يَتَذَكَّرْ أحَدَهُمْ أنَّ يَسُوع أشْبَعَهُ أوْ صَنَعَ مَعَهُ جَمِيل ؟ أيْنَ المَرْأة نَازِفَة الدَّم أيْنَ قَائِدْ المِئَة ؟ وَكَمَا يَقُول الكِتَاب { وَعِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ جَمِيعُ الَّذِينَ كَانَ عِنْدَهُمْ سُقَمَاءُ بِأَمْرَاضٍ مُخْتَلِفَةٍ قَدَّمُوهُمْ إِلَيْهِ فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَشَفَاهُمْ } ( لو 4 : 40 ) كَثِيرُونَ شَفَاهُمْ أيْنَ كُلَّ هؤُلاَء ؟ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُعَزِّيه لِنَسْأل سُؤَال مُهِمْ هُوَ مَنْ الَّذِي فَكَّرْ أنْ يَأخُذْ جَسَدْ يَسُوع مِنْ فَوْقَ الصَّلِيب لِيَدْفِنَهُ ؟ لَمْ يَكُنْ أحَدٌ مِنْ أحِبَّائِهِ أوْ تَلاَمِيذِهِ بَلْ كَانَ يُوسِف الرَّامِي الَّذِي ذَهَبَ إِلَى بِيلاَطُس وَهُوَ خَائِف لأِنَّ يَسُوع كَانَ يُعْتَبَرْ شَخْص مَشْبُوه وَأحِبَّاءه تَرَكُوه لِذلِك قَالَ لَهُ " أعْطِنِي هذَا الغَرِيب الَّذِي تَغَرَّبْ فِي غَابَات أُورُشَلِيم وَلَيْسَ لَهُ أيْنَ يَسْنِدْ رَأسَهُ " قَالَ لَهُ يَسُوع غَرِيب مُنْذُ وِلاَدَتِهِ قَدْ لاَ تَتَأثَّرْ بِإِنْسَان فِي حَيَاتِهِ لكِنْ تَتَأثَّرْ لَهُ فِي مَوْتِهِ وَدَفْنِهِ الدَّفْن لَهُ شِئ مَدْفُون دَاخِلْ المَشَاعِرْ الْمَسِيح لَمْ يَجِدْ مَنْ يَدْفِنَهُ آلاَم نَفْسِيَّة أكْثَرْ مِنْ ذلِك أنَّ الخَطَايَا الَّتِي تَحَمَّلْهَا الْمَسِيح فِي نَفْسِهِ خَطَايَا فِعْلِيَّة تَخَيَّلْ قُدُّوس القِدِّيسِين تَحَمَّل الخَطَايَا نَظْرِة النَّاس لَهُ أنَّهُ مُجْرِم وَهُوَ قُدُّوس القِدِّيسِين إِنْ كَانَ مُجْرِم سَائِرْ وَسَطْ النَّاس وَفِي يَدِهِ قُيُودْ فَهذَا أمر طَبِيعِي لكِنْ لَوْ إِنْسَان مُحْتَرَم وُضِعَ فِي وَضْع المُجْرِمِين فَهذَا شِئ قَاسِي الْمَسِيح يَجُول فِي شَوَارِع أُورُشَلِيم مَا بَيْنَ قِيَافَا وَبِيلاَطُس وَالنَّاس تَنْظُرَهُ فِي مَنْظَرْ مُهِين لِلمَشَاعِرْ { لَمْ يَكُنْ مَنْظَرَهُ يُشْتَهَى أنْ يُنْظَرْ حَسَبوه مُهَان مَضْرُوب مِنْ الله }أي يَقُولُون لَهُ شَكْلَك كَانَ جَيِّدْ لكِنْ لِلأسَفْ ظَهَرْ أنَّكَ مُجْرِم لِذلِك قَالَ { إِلهِي إِلهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي }( مت 27 : 46 ) الآب يَقُول لَهُ تَحَمَّلْ كُلَّ آلاَم وَخَطَايَا البَشَرِيَّة يَكْفِي شُعُوره بِآلاَم نَفْسِيَّة عِنْدَمَا قَالُوا " عَرُّوه " وَالعُرْي شِئ مُهِينْ عِنْدَمَا يُضْرَب عَلَى وَجْهِهِ وَنَحْنُ نَعْلَمْ أنَّ كَرَامِة الإِنْسَان فِي وَجْهِهِ عِنْدَمَا يُبْصَق عَلَيْهِ آلاَم نَفْسِيَّة مِنْ أحِبَّاءه وَمِمَنْ تَرَكوه وَمِنْ قَسَاوِة الأُمَّة اليَهُودِيَّة وَالظُّلْم يَكْفِي أنَّهُ أُحْصِيَ مَعَ أثَمَة ( مر 15 : 28 ) لَمَّا نِسْأل قَائِدْ المِئَة المَسْئُول عَنْ الصَّلْب كَمْ مُجْرِم لَدَيْكَ اليَوْم ؟ يُجِيب ثَلاَثَة الَّلِصَّان وَيَسُوع أُحْصِيَ مَعَ أثَمَة عَارْ خَطِيَّة عَارْ تَخَلِّي عَارْ إِثم المُعَلَّق عَلَى الصَّلِيب مَلْعُون حَتَّى أنَّ المَصْلُوب يُتْرَك عَلَى الصَّلِيب وَلاَ يَدْفِنَهُ أهْله بَلْ يَتْرُكوه لِلغِرْبَان تَأكُلَهُ لأِنَّهُ جَلَبْ لَهُمْ العَارْ { الْعَيْنُ الْمُسْتَهْزِئَةُ بِأَبِيهَا وَالْمُحْتَقَرَةُ إِطَاعَةَ أُمِّهَا تُقَوِّرُهَا غُرْبَانُ الْوَادِي } ( أم 30 : 17 ) لِذلِك فِي بَعْض الأفْلاَم يَظْهَرْ هذَا المَنْظَرْ مَعَ اللِّصَيْن الصَّلْب عَارْ عَارْ جِدّاً وَالْمَسِيح حَمَلْ اللَعْنَة هذِهِ لأِنَّ الخَطِيَّة تَسْتَحِقٌ ذلِك إِنْ كَانَتْ خَطِيَّة وَاحِدَة إِسْتَحَقِت المَوْت فَكَمْ خَطَايَا العَالَمْ كُلَّهُ ؟!!!
تَقْلِيدْ يَهُودِي يَقُول أنَّ أبُونَا إِبْرَاهِيم وَمُوسَى النَّبِي سَيَقِفَان عِنْدَ بَابْ الجَحِيم وَيَقُولاَ لله هذَا الإِنْسَان مَخْتُون فَلاَ يَدْخُلْ الجَحِيم أي يَشْفَعَان فِي المَخْتُونِين إِلاَّ المُعَلَّقٌ عَلَى خَشَبَة أي المَصْلُوب هَلْ إِلَى هذَا الحَدْ عَار الصَّلِيب ؟ نَعَمْ وَكَأنَّ اليَهُود كُلُّهُمْ لَنْ يَدْخُلُون الجَحِيم إِلاَّ المَصْلُوبِين أي أنَّ يَسُوع وَضَعْ نَفْسَهُ فِي هذِهِ الفِئَة القَلِيلَة لِذلِك قَالَ صِرْت مُهَان مِنْ أجْلَك المَفْرُوض أنَّ آلاَمِهِ اليَوْم تَضَعْ مَسَافَة بَيْنِي وَبَيْنَ الخَطِيَّة وَيَجِبْ أنْ أضَعْ طِيب عَلَى جِرَاحَاته وَأُضَمِدْهَا اليَوْم نَخْرُج بِمَشَاعِرْ نَقِيَّة وَنَقُول لَهُ نَحْنُ اليَوْم نُصَالِحَك بَدَلاً مِنْ الأُمَّة اليَهُودِيَّة الَّتِي جَرَحِتَك اليَوْم نَلْتَفْ حَوْلَكْ وَلَيْسَ لَنَا مَسَرَّة إِلاَّ تَحْت صَلِيبَك لَيْسَ لَنَا إِلاَّ أنْ نَكُون مَعَكْ الكَنِيسَة تَقُول مُجَرَّدْ أنْ يَنْزِل الْمَسِيح عَنْ الصَّلِيب إِلَى القَبْر وَيَذْهَب لِلجَحِيم وَيُخْرِج المَسْبِيِين تَتَغَيَّرْ نَغَمَاتِهَا وَتُسَبِّح فَرَايْحِي وَتُقِيم سَهْرَة لِنَلْتَفْ حَوْلَهُ حَتَّى وَهُوَ فِي قَبْرِهِ سَنَسْهَرْ حَوْلَك نُسَبِّح وَنُمَجِّدْ وَنَقْرأ سِفْر الرُؤيَا لأِنَّكَ بِصَلِيبَك فَتَحْتَ لَنَا السَّمَاء الله يُعْطِينَا تَوْبَة حَقِيقِيَّة وَأنْ نُرْضِيه وَنَقْبَلْ جِرَاحَاته وَلاَ نُسَبِّبْ لَهُ جِرَاحَات جَدِيدَة رَبِّنَا يِكَمِّلْ نَقَائِصْنَا وَيَسْنِدْ كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِته لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِينْ.

عدد الزيارات 1787

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل