عفة يوسف الصديق

يَقُول الكِتاب المُقَدَّس عَنْ فُوطِيفار فِي سِفر التَكوِين 39 : 6 – 12 { فَتَرَكَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ فِي يَدِ يُوسُفَ . وَلَمْ يَكُنْ مَعَْهُ يَعْرِفُ شَيْئاً إِلاَّ الخُبْزَ الَّذِي يَأكُلُ . وَكَانَ يُوسُفُ حَسَنَ الصُّورَةِ وَحَسَنَ المَنْظَرِ . وَحَدَثَ بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ أنَّ امْرَأةَ سَيِّدِهِ رَفَعَتْ عَيْنَيْهَا إِلَى يُوسُفَ وَقَالَتِ اضْطَجِعْ مَعِي . فَأبَى وَقَالَ لاِمْرَأةِ سَيِّدِهِ هُوَذَا سَيِّدِي لاَ يَعْرِفُ مَعِي مَا فِي البَيْتِ وَكُلُّ مَا لَهُ قَدْ دَفَعَهُ إِلَى يَدِي . لَيْسَ هُوَ فِي هذَا البَيْتِ أعْظَمَ مِنِّي . وَلَمْ يُمْسِكْ عَنِّي شَيْئاً غَيْرَكِ لأِنَّكِ امْرَأتُهُ . فَكَيْفَ أصْنَعُ هذَا الشَّرَّ العَظِيمَ وَأُخْطِئُ إِلَى اللهِ . وَكَانَ إِذْ كَلَّمَتْ يُوسُفَ يَوْماً فَيَوْماً أنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ لَهَا أنْ يَضْطَجِعَ بِجَانِبِهَا لِيَكُونَ مَعَْهَا . ثُمَّ حَدَثَ نَحْوَ هذَا الوَقْتِ أنَّهُ دَخَلَ البَيْتَ لِيَعْمَلَ عَمَلَهُ وَلَمْ يَكُنْ إِنْسَان مِنْ أهْلِ البَيْتِ هُنَاكَ فِي البَيْتِ . فَأمْسَكَتْهُ بِثَوْبِهِ قَائِلَةً اضْطَجِعْ معِي . فَتَرَكَ ثَوْبَهُ فِي يَدِهَا وَهَرَبَ وَخَرَجَ إِلَى خَارِجٍ } . مَجداً لِلثَّالُوث الأقدس .
نَأخُذ جَانِب وَاحِد مِنْ حَيَاة يُوسِف العَفِيف يِنَاسِبنَا كَشَباب وَهُوَ عِفَّة يُوسِف .. مَا سَبب عِفَّة يُوسِف ؟ هُنَاكَ أرْبَعة أسبَاب نأخُذَهُمْ مَنْهج لِلعِفَّة :0
1) الخَطِيَّة لَيْسَ لَهَا مَوضِع فِي قَلبه .. قبل الصِرَاع مَعَ زَوجِة فُوطِيفار وَقبل صِرَاع العِين وَ..... الخَطِيَّة لَيْسَ لَهَا مَوضِع فِي قلبه .
2) كَانَ يَشْعُر أنَّهُ أمام الله كُلَّ حِين .. لِذلِك قَالَ لَهَا كَيْفَ أصنْع هذَا الشَّر العَظِيم وَأُخْطِئ إِلَى الله ( تك 39 : 9 ) .. إِحْسَاسه إِنَّه يُخْطِئ فِي حَقَّ الله إِحْسَاس مُهِمْ لاَبُد أنْ يَكُون فِينَا .
3) مَبدأ الهُرُوب .
4) تَرْك الثُوب .
أسبَاب عِفَّة يُوسِف
========================
-1- الخَطِيَّة لَيْسَ لَهَا مَوضِع فِي قَلبه
===============================================
القلب .. الله موجُود فِي قلب يُوسِف .. مِيُول وَإِتِجَاهَات يُوسِف لَيْست لِلخَطِيَّة .. لَيْست شِرِّيرة حَتَّى بِدُون وُجُوده لِلإِتِحَاد بِهَا قَلْبه لَيْسَ مَعَهَا لِذلِكَ يَقُول الكِتاب { فَوْقَ كُلِّ تَحَفُّظٍ احْفَظْ قَلْبَكَ } ( أم 4 : 23 ) .. القلب هُوَ مَركز المَشَاعِر وَالوُجُود وَالحَيَاة .. فَأينَ مَشَاعِرك وَوُجُودك وَحَيَاتك ؟ إِنْسَان قَلْبه يُحِب الخَطِيَّة وَمَائِل لِلشُّرُور بِطَبعه حَتَّى إِنْ وُجِدَ وَحده وَفِي ظُرُوف لَيْسَ بِهَا عَثَرَات .. يُخْطِئ لأِنَّهُ قَدْ دَخَلْت العَثَرَات إِلَى قَلْبه وَتَدَنَّست مَشَاعِره .. أمَّا يُوسِف فَكَانَ قَلْبه مَعَ الله .. الَّذِي حَفْظ يُوسِف مِنْ زَوجة فُوطِيفار أنَّ قَلْبه مَعَ الله رَغم أنَّ الخَطِيَّة كَانِت مُلِحَّة .. فَكُون أنَّ زَوجِة فُوطِيفار تَتَوَدَّد إِليهِ فِي المَنطِق البَشَرِي يِسعِد الإِنْسَان لكِنْ يُوسِف يِصُدَّهَا حَتَّى أنَّ الكِتاب يَقُول { وَكَانَ إِذْ كَلَّمَتْ يُوسُفَ يَوْماً فَيَوْماً } ( تك 39 : 10 ) .. أي فِي كُلَّ لَحْظة تُلِح عَلْيهِ .. مُبَارك أنْتَ يَا يُوسِف فَرْغم أنَّكَ مُباع مِنْ إِخوَتك لكِنَّك لَمْ تسقُط فِي الخَطِيَّة .
أوِّل مَا عَرَفنَا يُوسِف كَانَ عُمره حَوَالِي 17 سنة وَهُنَا فِي قِصَّتِهِ مَعَ زَوجة فُوطِيفار كَانْت بعد مُرُور حَوَالِي 5 – 6 سَنَوات أي كَانَ عُمره حَوَالِي 22 سنة .. سِن شَباب وَغَرِيزة وَحَالته كَانِت مُؤلِمة وَمَظلُوم مِنْ إِخوَته وَفِي ظُرُوف عُبُودِيَّة لكِنَّهُ لَمْ يَخْضع لأِنَّ قَلْبه كَانَ مَعَ الله .. قَدْ تَزِل الخَطِيَّة إِنْسَان أوْ تِهِينه لكِنْ هُنَا الخَطِيَّة قَدْ تَرْفع يُوسِف كَمَا كَانَ يِخَطَّط الشَّيطَان وَإِنْ سَألنَا يُقال لَنَا سِر مَعَ الَّذِي يَرْفعك وَلاَ تَسِر مَعَ الَّذِي يَنْزِلُ بِكَ .
أحد الآباء يُقَارِن بينَ دَاوُد النَّبِي وَيُوسِف فَيَقُول .. دَاوُد النَّبِي كَانَ لَهُ عَشرة زَوْجات وَخَطَّط لِلخَطِيَّة بينَمَا يُوسِف كَانَ مُباع مِنْ إِخوَتَهُ وَالخَطِيَّة تَلِح عَلْيهِ لكِنَّهُ نَجَا مِنْهَا .. القِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِيَّ الفَمْ يَقُول { إِنَّ نَجَاة الثَّلاَثة فِتية مِنْ الأتون أسهل مِنْ نَجَاة يُوسِف مِنْ هذِهِ الخَطِيَّة } .. وَالكِتاب هُنَا يَقُول عَنْ يُوسِف أنَّهُ { وَكَانَ يُوسُفُ حَسَنَ الصُّورَةِ وَحَسَنَ المَنْظَرِ } ( تك 39 : 6 ) .. " حَسَنَ الصُّورَةِ " أي حَسَن بِحَسب الدَّاخِل .. " وَحَسَنَ المَنْظَرِ " أي بِحَسب الشكل الخَارِجِي أي أنَّهُ كَانَ جَمِيل المنظر يُشبِه لأِمه رَاحِيل .. الأهمْ أنَّهُ حَسَن الصُّورة حَسَن دَاخِلِيَّاً .. لَيْسَ المُهِمْ هُوَ الخَارِج بَلْ قَلْبك هَلْ هُوَ جَمِيل وَحَسَن فِي عَيْنَيَّ الله ؟ لِذلِك يُوسِف مَشَاعرة لَيْست مُلَوَّثة وَلَمْ يُخَطِّط لِلخَطِيَّة .
لِذلِك أيضاً يَسْألنَا الكَاهِنْ فِي القُدَّاس { أينَ هِيَ قُلُوبَكُمْ } نُجِيبه { هِيَ عِنْد الرَّبَّ } ( مَا يُقال بعد صَلاَة الصُلح فِي القُدَّاس البَاسِيلِي ) .. وَدَاوُد النَّبِي يَقُول { وَحِّدْ قَلْبِي لِخَوْفِ اسْمِكَ } ( مز 86 : 11 ) .. رَكِّز كُلَّ مَشَاعرك وَتَصَوُّرَاتك مَعَ الله .. لِذلِك قَالَ الكِتاب { وَرَأى الرَّبُّ أنَّ شَرَّ الإِنْسَانِ قَدْ كَثُرَ فِي الأرْضِ . وَأنَّ كُلَّ تَصَوُّرِ أفْكَارِ قَلْبِهِ إِنَّمَا هُوَ شِرِّيرٌ كُلَّ يَوْمٍ } ( تك 6 : 5 ) .. إِنْ كَانَ قَلْبِكَ مَيَّال لِلشَّر سُقُوطك سَهْل لكِنْ لَوْ حَفَظَ الإِنْسَان نَفْسه فِي مَرْحَلِة القَلْب فَهذَا مُهِمْ جِدّاً .
يَقُول الآباء أنَّ العِفَّة لَيْسَ أسَاسهَا الزَوَاج لأِنَّ دَاوُد عِنْدَمَا سَقَطَ فِي الخَطِيَّة كَانَ مُتَزَوِج .. قَدْ يَكُون إِنْسَان مُتَزَوِج وَلَيْسَ عَفِيف وَقَدْ يَكُون إِنْسَان غِير مُتَزَوِج وَعَفِيف .. الإِنْسَان الشَّهوَانِي يَظِل حَيَاته كُلَّهَا غِير عَفِيف حَتَّى وَإِنْ تَزَوَّج يَكُون زَوَاجة غِير عَفِيف .. رَبِّي نَفْسك عَلَى العِفَّة وَأنْتَ شَاب لِتَظِل عَفِيف فِي زَوَاجك .. الزَوَاج المَسِيحِي إِمتِدَاد لِلعِفَّة وَلَيْسَ نِهَاية لَهَا لِذلِك دَرِّب نَفْسك عَلَى العِفَّة .
يُوسِف كَانَ مَشغُول بِالله رَغم ظُرُوفه القَاسِية فَإِخوَته تَآمَرُوا عَلْيهِ وَوَضَعوه فِي جُبّ ثُمَّ بَاعوه .. تَخَيَّل وَلد مُدَلَّل يَسِير فِي مَوكِب عَبِيد وَيُباع فِي بَلَدٍ غَرِيبة وَلاَ يَعْرِف مَصِيره فِي الحَيَاة .. لِذلِك لاَ تُعْطِي نَفْسك أعذار لِلخَطِيَّة وَتَقُول لأِنِّي لاَ أعمل أوْ لاَ أستَطِيع المُذَاكرة .. لاَ .. رَغمْ ظُرُوف يُوسِف إِلاَّ أنَّهُ كَانَ رَجُل نَاجِح فِي بيت فُوطِيفار وَمَعَ إِخوَته وَفِي السِجن أقَاموهُ عَلَى السِجن وَفِي بيت فُوطِيفار كَانَ عَلَى كُلَّ شِئ .. جَيِّد أنْ تَفهم هذَا المَبدأ لِتُقَاوِم الخَطِيَّة .. عِش بِقَلْب مُتَحِد بِالله .
رَغمْ كُلَّ الصُعُوبات كَانَ يُوسِف نَاجِح فِي كُلَّ الأُمور وَلَمْ يَنْسَى الله أبَداً .. حَتَّى أنَّهُ عِنْدَمَا فَسَّر حِلم فِرعُون ذَكر الله خَمْس مَرَّات .. مَا الَّذِي جَعَلَهُ يَذكُر الله لإِنْسَان لاَ يَعْرِف الله ؟ لأِنَّهُ مَشغُول بِالله .. وَتَزَوَّج يُوسِف بِأُمَمِيَّة إِسمَهَا أسْنَاتَ ( تك 41 : 45 ) وَلَمْ يَنْسَى الله بَلْ سَمَّى أولاده " مَنَسَّى " أى " الله إِفتَقَدنِي فِي غُربِتِي " .. وَ" أفْرَايِمْ " أي " الله مَتَّعَنِي بِالثمر فِي أرْضٍ غَرِيبة " .. كَانَ مُمكِنْ يَسِير عَلَى نَهج المَصرِيين وَيُسَمِّي أسماء مَصْرِيَّة لكِنَّهُ سَمَّى أولاده بِأسماء عِبرَانِيَّة وَلَمْ يترُك الله رَغمْ كُلَّ ظُرُوفه .. حَتَّى فِي السِجن وَفِي بيت فُوطِيفار يَذكُر الله .. هذَا سِر عِفِته لَمْ يَأتِي مِنْ فَرَاغ .
يُوسِف إِستخِدم مَعَ هذِهِ المَرأة سِلاَحان لَعَلَّهَا تَسْتَيقِظ سِلاَح العَقل وَسِلاَح الضَمِير .. قَالَ لَهَا { هُوَذَا سَيِّدِي لاَ يَعْرِفُ مَعِي مَا فِي البَيْتِ } أي إِنْتَبِهِي زَوجُكِ أمَّنَنِي عَلَى بَيْتِهِ كُلَّه وَجَعَلَنِي أكبر إِنْسَان فِي البيت وَلَمْ يُمْسِك عَنِّي شِئ سِوَاكِ لأِنَّكِ إِمْرَأتَهُ .. كَيْفَ أخُونه وَأخُون أمَانته ؟ هذَا سِلاَح العقل .. لكِنَّهَا لَمْ تَسْتَيقِظ .. وَلَمَّا وَجَدَهَا لاَ تُصْغِي لَهُ أمسك لَهَا بِسِلاَح الضَمِير فَقَالَ لَهَا { كَيْفَ أصْنَعُ هذَا الشَّرَّ العَظِيمَ وَأُخْطِئُ إِلَى اللهِ } ( تك 39 : 9 ) .. وَلَمْ تُصْغِ لَهُ أيضاً .
وَلَمْ تحدُث الخَطِيَّة فِي هذِهِ اللحظة وَلكِنْ بعد فِترة دَخَلَ يُوسِف البيت لِيَعْمل عَمَله بِأمَانة وَلَمْ يُدْرِك أنَّهَا قَدْ رَتَّبت لِلخَطِيَّة وَأخلت البيت مِنْ كُلَّ مَنْ فِيهِ لكِنْ يُوسِف رَفَضَ الخَطِيَّة أيضاً .. هُناك إِنْسَان يَأتِي بِالعقل وَآخر يَأتِي بِالضَمِير وَآخر لاَ يَسْتَيقِظ بِأي سِلاَح .. أنْتَ أي نُوع مِنْهُمْ ؟ مُبارك هُوَ الإِنْسَان الَّذِي يَسمع نِداء النِّعمة وَيَتَجَاوب مَعَهُ .
فِي أحد المرَّات غَضَبَ دَاوُد عَلَى إِنْسَان إِسمه نَابَال لأِنَّهُ لَمْ يُعْطِ دَاوُد وَرِجَاله أُجرة فَقَالَ دَاوُد سَأبِيده وَلَنْ أترُك لَهُ بَائِل بِحَائِط وَبينَمَا هُوَ ذَاهِب لِنَابَال بِغَضَبه جَاءتهُ أبِيجَايِل زَوجة نَابَال وَقَالت لَهُ كَيْفَ تَصْنع هذِهِ الحَمَاقة ( 1صم 25 : 25 ) .. فَعَادَ عَنْ غَضَبِهِ وَقَالَ لَهَا مُبَارَكة أنْتِ وَلَمْ يَفْعل الشَّر .. دَاوُد إِستَجابَ لِسِلاَح العقل وَالضَمِير .
سِر عِفَّة يُوسِف أنَّ قَلْبه مَعَ الله .. هَلْ تُرِيد أنْ تَقتَنِي العِفَّة ؟ العِفَّة لاَ تَأتِي مِنْ النِهَاية بَلْ مِنْ البِدَاية وَهيَ هَلْ قَلْبك مشغُول بِالله ؟ هَلْ تُحِب تردِيد آية أوْ لَحنْ أوْ........ ؟
-2- كَانَ يَشْعُر أنَّهُ أمام الله فِي كُلَّ حِين
===============================================
عِنْدَمَا أسقُط فِي الخَطِيَّة لَنْ أُخْطِئ فِي حَقَّك أنْتَ بَلْ فِي حَقٌّ الله .. { كُلُّ مَنْ يَفْعَلُ الخَطِيَّةَ يَفْعَلُ التَّعَدِّيَ أيضاً } ( 1يو 3 : 4 ) .. دَاوُد النَّبِي أدرك ذلِك فَقَالَ { لَكَ وَحدك أخطأت } ( مز 50 ) .. لَمْ أُخْطِئ فِي حَقٌّ أورِيَّا أوْ زَوجته بَثشبع بَلْ أخْطَأتُ فِي حَقٌّ الله .
الإِنْسَان الموجُود فِي حَضرِة الله لَوْ أخْطأ يَشعُر أنَّهُ أخْطأ فِي حَضرِة الله وَفِي حَقِّهِ .. الإِبن قَدْ لاَ يُخْطِئ أمام أبِيهِ وَلَوْ بِكَلِمة لكِنَّهُ قَدْ يَقُولهَا فِي عدم وُجُوده .. هكَذَا وُجُود الله يِنَظَّم حَيَاتك .. جَيِّد الإِنْسَان الَّذِي يَشْعُر دَائِماً أنَّهُ فِي حَضرِة الله .. عِنْدَمَا أرَادت إِمْرَأة خَاطِئة أنْ تُغوِي أحد القِدِّيسِين بِالخَطِيَّة أتَى بِهَا إِلَى سوق المَدِينة وَسَألهَا أنْ تَفْعل مَعَهُ الخَطِيَّة فَقَالت لَهُ كَيْفَ تَفْعلهَا وَسَط النَّاس ؟ فَقَالَ لَهَا وَكَيْفَ أُخْطِئ فِي وُجُود الله وَالله حَاضِر فِي كُلَّ مَكَان وَكُلَّ وَقت ؟ .. { جَعْلت الرَّبُّ أمَامِي فِي كُلَّ حِين } ( مز 15 – مِنْ مَزَامِير النُّوم ) .. قُلْ دَائِماً يَارْبَّ يَسُوع إِحْفظنِي .. يَارْبَّ يَسُوع إِرْحمنِي .. يَارْبَّ يَسُوع...... إِشغِل نَفْسك بِكَلِمَات تَجْعلك دَائِماً فِي حَضرِة الله وَهُوَ يَحْفظك مِنْ الذلل .. لِذلِك إِحْفظ قَلْبك وَيَقُول الكِتاب { مَنْ أحَبَّ طَهَارَةَ القَلْبِ فَلِنِعْمَةِ شَفَتَيْهِ يَكُونُ المَلِكُ صَدِيقَهُ } ( أم 22 : 11 ) .
-3- مَبْدأ الهُرُوب
=====================
مَبْدأ مُهِمْ وَخَاصَةً لِلشَّبَاب { اهْرُب لِحَيَاتِكَ ......... وَلاَ تَقِفْ فِي كُلِّ الدَّائِرَةِ } ( تك 19 : 17 ) .. إِهرب مِنْ أصْدِقاء مُعْثِرِين .. مِنْ مَجَال خَطِيَّة .. مِنْ ...... إِحْذر أنْ تَتَخَيَّل أنَّكَ قَوِي وَقَادِر .. لاَ .. { فَتَرَكَ ثَوْبَهُ فِي يَدِهَا وَهَرَبَ وَخَرَجَ إِلَى خَارِجٍ } ( تك 39 : 12 ) .. هَرْب .
هَلْ تَعْرِف كَيْفَ تَعِيش مَبْدأ الهُرُوب ؟ مُجرَّد أنْ تَقع عَيْنيكَ عَلَى منظر غِير لاَئِق حَوِّلهَا .. مُجرَّد أنْ تَمُر عَلَى عَقْلك فِكرة رَدِيئة إِهرب مِنْهَا .. نَتَعَجب عِنْدَمَا نَرَى شَاب وَاقِف أمام منظر غِير لاَئِق وَمُستَمِر أمامه .. هذَا الأمر يَدْخُل فِكره وَيُلَوِّث مَشَاعره وَجَسَده وَيَثُور عَلْيه مرَّات وَمرَّات وَيَحْتاج لِجِهَاد طَوِيل لِيَتَخَلَّص مِنْهُ .. هَلْ رَأيت إِنْسَان يَقِف أمام سَارِقه وَيَفْتح لَهُ كُنُوزة وَيَترُكَهُ يَسْرِقُهَا ؟ هذَا هُوَ مَنْ يُعَرِّض نَفْسه لِلخَطِيَّة وَيَقِف أمَامهَا وَلاَ يَهرب .
الله قَالَ لِلُوط إِهرب مِنْ الدَّائِرة .. وَبُولِس الرَّسُول يَقُول لِتِيمُوثَاوُس رَغم أنَّهُ كَانَ أُسقُف { أمَّا الشَّهَوَاتُ الشَّبَابِيَّةُ فَاهْرُبْ مِنْهَا } ( 2تي 2 : 22 ) .. نَقُولُ لَهُ تِيمُوثَاوُس أُسقُف !! يَقُول بُولِس .. نعم .. لكِنَّهُ لاَبُد أنْ يَعِيش مَبْدأ الهُرُوب لِيَنْجو مِنْ الخَطِيَّة .. إِهْرب مِنْ الكَلِمة وَالنظرة وَالإِنْفِعَال .. إِهْرب وَلاَ تَقِف وَتَقُول أنَا قَادِر وَأعْرِف كَيْفَ لاَ أسقُط .
الآباء يَقُولُون { أنْتَ لَسْتَ أبَرَّ مِنْ دَاوُد وَلاَ أحكم مِنْ سُلَيمان } .. دَاوُد رَغمْ بِرَّه صَعَدَ عَلَى السَطح وَسَقَطَ فِي الخَطِيَّة .. وَسُلْيمان رَغمْ حِكمَتِهِ تَزَوَّج بِأُمَمِيات أملنَ قَلْبَهُ عَنْ الله .. لاَ تَترُك نَفْسك لِفِكرة أوْ مَنْظر أوْ صَدَاقة أوْ .. إِهْرب .. الله أسَّس مَبْدأ الهُرُوب وَوَجَدْناه نَفْسه يَهْرب مِنْ هِيرُودِس وَكَثِيراً مَا نَقرأ عِبَارِة { أمَّا يَسُوعُ فَاخْتَفَى ........ مُجْتَازاً فِي وَسَطِهِمْ } ( يو 8 : 59 ) .. وَدَاوُد يَقُول { إِلَى أنْ يَعْبُر الإِثم } ( مز 56 – مِنْ مَزَامِير السَّادِسة ) .. أي العدو يُوَّجِه ضَرَبَات صَعْبة إِهْرب مِنْهَا .
فِي سَاحِة قِتال إِنْ وَجَدنَا سَاتِر يَقِفُونَ خَلْفَهُ أوْ خَنَادِق هَلْ نَقُول أنَّهُمْ جُبَنَاء ؟ .. لاَ .. هذِهِ حِكمِة الحرب أنْ تَحْمِي مَنْ فِيهَا .. يُوسِف هَرب رَغمْ أنَّهُ يَعْرِف هُرُوبه يِكَلِّفه وَطَهَارَتَهُ تُكَلِّفه أكثر لكِنَّهُ هَرْب وَفَضَّل الطَّهَارة .
-4- تَرْك الثُوب
=====================
إِذَا كَانَ الثُوب هُوَ الشِئ الَّذِي يَجْذِبنِي لِلسُقُوط سَأترُكه لَكَ .. لَوْ أخْسر شِئ مِنْ أجل إِقِتِنَاء مَا هُوَ أغْلَى سَأُعَرِّض نَفْسِي لِلُخسَارة الأقل مُقَابِل إِقِتناء الأفضل .. يُوسِف حَسَبهَا وَوَجد الأفضل تَرْك الثُوب .. { هُوَّذَا الثُوب خُذِيه } ( مِنْ قَصَائِد قَدَاسِة البَابَا شِنُوده الثَّالِث ) .. سَاعِدهَا بِجَسَده لِيَترُك لَهَا الثُوب .. مَبْدأ .. أنْ تَخْسر شِئ مِنْ أجل الطَّهَارة .. مَاذَا أخْسر ؟ أي شِئ مُقَابِل الطَّهَارة وَلَوْ صَدِيق أخْسره إِنْ كَانَ سَيفقِدنِي الطَّهَارة .. لاَ تَجْعل الثُوب أعز عِنْدك مِنْ الطَّهَارة .. قَدْ تَصِل بِكَ الدَرَجة لِشِئ أغْلَى مِنْ ذلِك .. قَدْ يَكُون العَمْل وَسِيلة لِلسُقُوط أقُول لَكَ أُترُكه حَتَّى وَإِنْ كُنْت لاَ تَجِد غَيْره أفضل لَكَ أنْ تَكُون بِلاَ عَمْل مِنْ أنْ تَكُون بِلاَ طَهَارة .. أُترُك الأمر الَّذِي يَربُطك بِهِ العدو .. لاَ يوجد عِنْدك أعز مِنْ طَهَارتك حَتَّى وَإِنْ كَانَ مَنْصِب أوْ مَال أوْ صَدِيق أوْ وَسِيلة إِشبَاع أوْ تَسَالِي .. الَّذِي يَضْع هذَا المَبْدأ أمَامه طَهَارته غَالية وَلاَ نَجِد عِنْده تَفَاوُض أوْ أنْصَاف حُلُول لأِنَّ عِنْده مَبْدأ .. كَانَ مُمكِنْ أنْ يَقُول يُوسِف نِجَارِي هذِهِ المرأة لِنَكسب رِضَاهَا فَهيَ زَوجة سَيِّدِي .. لاَ .. لكِنَّهُ لَمْ يَقُل ذلِك .. وَقَدْ نَقُول لِمَاذَا يَا الله كُلَّ هذِهِ الضُغُوط ؟ يَقُول لِتَذكِيِتك .. هُوْ يُرِيد أنْ يُعْطِيك إِكْلِيل .. فَقْد كَانَ لاَبُد أنْ توجد زَوجة فُوطِيفار لِتَأخُذ الإِكْلِيل .. إِنْسَان يَقُول آه لَوْ يِنْزع الله غَرَائِزِي .. نَقُول لَهُ مِنْ تَدبِير الله وُجُودهَا لِتَتَذَكَّى .
مِنْ تَدَابِير الله العالية وُجُود زَوجة فُوطِيفار لِتَتَذَكَّى عِفَّة يُوسِف وَلِيَكُون لَنَا مِثْال .. " وُضِعَ لأِجل تَذكِيرنَا " .. كَي يَكُون لَنَا نَمُوذج وَلِتَكُون هذِهِ المرأة جُزء مِنْ خِطَّة الله كَي يُسْجن يُوسِف .. وَيُسْجن لِيُقَابِل رَئِيس السُّقَاة وَرَئِيس الخَبَّازِين لِيَعْرَفُوا أنَّهُ يَعْرِف تَفْسِير الأحلام .. وَلِيُقَابِل فِرعُون عَنْ طَرِيق رَئِيس السُّقَاة وَيُحَقِّق هَدَفه مِنْ قِصِّته وَهُوَ أنْ يَكُون مُخَلِّص لِمِصْر وَيَأتِي بِعَائِلته لِمِصْر لِيَضَعَهُمْ فِي أرْض وَحدَهُمْ وَهيَ أرْض جَاسَان وَيُكْثِرُوا وَيَزدَادُوا حَتَّى يَسْتَطِيعُوا أنْ يَخرُجُوا مِنْ مِصْر لِيذهَبُوا لأِرْض كَنْعَان .. زَوجة فُوطِيفار جُزء مِنْ خِطَّة كَبِيرة وَضَعْهَا الله .
كُنْ أمِين فِي كُلَّ خَطوة مَهمَا كَانِت نَتَائِجهَا حَتَّى وَإِنْ كُنْت فِي نَظر العالم خَاسِر لكِنَّك فِي النِهَاية سَتربح .. سَتخرُج مِنْ هذَا العالم لِتَدخُل كَنْعَان السَّمَاوِيَّة .
رَبِّنَا يِسنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِته
لَهُ المجد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين