القمص بولا صليب يوسف كاهن كنيسة السيدة العذراء مريم بإبيار

Large image

المقالات (1)

28 فبراير 2024

اليوم الثالث من صوم يونان (مت ٣٢:١٥ الخ؛ ١٦: ١- ٤)

وَأَمَّا يَسُوعُ فَدَعَا تَلَامِيذَهُ وَقَالَ: «إِنِّي أُشْفِقُ عَلَى الْجَمْعِ، لأَنَّ الْآنَ لَهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَمْكُتُونَ مَعِي وَلَيْسَ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ وَلَسْتُ أُريدُ أَنْ أَصْرفَهُمْ صَائِمِينَ لَكَلَا يُحَوِّرُوا فِي الطَّرِيقِ». فَقَالَ لَهُ تَلَامِيذُهُ: «مِنْ أَيْنَ لَنَا فِي الْبَرِّيَّةِ حُبْرٌ بِهَذَا الْمِقْدَارِ، حَتَّى يُشْبِعَ جَمْعاً هذَا عَدَدُهُ؟». فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «كَمْ عندكُمْ منَ الْخَبْز؟» فَقَالُوا: «سَبْعَةٌ وَقَلِيلٌ مِنْ صِغَارِ السَّمَكِ». فَأَمَرَ الْجُمُوعَ أَنْ يَتَّكِتُوا عَلَى الْأَرْضِ، وَأَخَذَ السَّبْعَ خُبْزَاتِ وَالسَّمَكَ، وَشَكَرَ وَكَسْرَ وَأَعْطَى تَلَامِيذَهُ، وَالتَّلَامِيذُ أَعْطَوُا الْجَمْعَ فَأَكَلَ الْجَمِيعُ وَشَبِعُوا. ثُمَّ رَفَعُوا مَا فَضَلَ مِنَ الْكِسَرِ سَبْعَةَ سِلاَلِ مَمْلُوءَةِ، وَالآكِلُونَ كَانُوا أَرْبَعَةَ آلاف رَجُلٍ مَا عَدَا النِّسَاءَ وَالْأَوْلاَدَ. ثُمَّ صَرَفَ الْجُمُوعَ وَصَعِدَ إِلَى السَّفِينَةِ وَجَاءَ إِلَى تُحُوم مَجْدَلَ وَجَاءَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ وَالصَّدُوقِيُّونَ ليُجَرِّبُوهُ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ. فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: إِذَا كَانَ الْمَسَاءُ قُلْتُمْ: صَحْرٌ لأَن السَّمَاءَ مُحْمَرَّةٌ. وَفِي الصَّبَاحِ الْيَوْمَ شِتَاء لأَنّ السَّمَاءَ مُحْمَرَّةٌ بِعُبُوسَةِ. يَا مُرَاؤُونَ! تَعْرِفُونَ أَنْ تُمَيِّزُوا وَجْهَ السَّمَاءِ، وَأَمَّا عَلامَاتُ الأَزْمَنَةِ فَلَا تَسْتَطِيعُونَ جِيلٌ شَرِّيرٌ فَاسِقٌ يَلْتَمِسُ آيَةً، وَلَا تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلَّا آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ». ثُمَّ تَرَكَهُمْ وَمَضَى] سفر يونان والمضمون النبوي من هو هذا المدعو يونان؟ هو إنسان نبي، من العبرانيين، أتاه صوت الرب هكذا: «وصار قول الرب إلى يونان بن أمتاي قائلاً قم اذهب إلى نينوى المدينة العظيمة».ويقول الكتاب إنَّه قام وهرب إلى ترشيش من وجه الرب، وذهــب وهاج البحر. السفر لم يوضح أكثر من . هذا، وطبعاً إن أي عدم توضيح في الأسفار أو الإنجيل ليس معناه قصوراً أو خللاً في التدوين؛ ولكنه فسحة في الفكر العميـــق وللنفس المتأملة، لتستوعب الأشياء التي لا يمكن أن تكتب في سطور.صوت الرب يقول ليونان: اذهب وبشرها لأن شرها صعد أمامي. فهرب ونزل في بطن الماء وبقى فيه ثلاثة أيام وبالتعبير الكتابي، المسيح نزل إلى الهاوية ثلاثة أيام وثلاث ليالي ويونان نزل إلى العمق في بطن الحوت، ثلاثة أيام وثلاث ليالي وبتعبيره هو قال: صرخت من جوف الهاوية». وهكذا يبدو سفر يونان تطبيقياً، وكل سطر وكلمة فيه تشير إلى المسيح بصورة قويـــة جداً. وهنا يمكن اعتبار يونان بمثابة يوحنا المعمدان في العهد الجديد الصارخ ليعد طريق الرب. يونان رمز حي بشخصه، يمثل المسيح. عماد المسيح دفع به إلى الأربعين المقدسة، والأربعين إلى الصليب ثم القيامة، تماماً كما نزل يونان الماء ثم ذهب لنينوى كارزاً لها بالتوبة قائلاً: إن المدينة ستهلك بعد أربعين يوماً - كأنما هنا إشارة خفية أن الأربعين يوماً هذه مهمة في تحديدات الله وكأنها وفاء أقصى مدة مُحددة للهلاك. لكن الــرب وفاها وقضاها في صومه الأربعيني عن البشرية كلها. أما هروب يونان وكأنه يستصعب الدعوة، لكنه بعد أن نزل في الماء وظل فيها ثلاثة أيام حدث له شيء ما، لأنه بعد أن ألقاه الحوت على الشاطئ، قال له الرب ثانية بنفس الألفاظ الأولى: «قم اذهب إلى نينوى المدينة العظيمة وناد لها بالمناداة التي أنا مكلمك بها»، فانصاع يونان هذه المرة وكأنما تجدد فكــــره بعد أن اعتمد لنينوى ثلاثة أيام في العمق ! هنا شيء سري .حدث. وكأنما النزول في الماء- معمودية يونان هو اجتياز الموت والقيامة لنينوى.وضعت الكنيسة هذا السفر أمام أعيننا لكي نستوعبه لأنفسنا، لأن ليونان ونينوى رسالتين في حياتنا. فيونان يضع لمسات صورة المسيح القادم من بعيد.ونينوى تبكتنا بشدة: رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونه، جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تُعطى له آية إلا آية يونان النبي». «هذا الجيل»، لا يقصد به الوحي زمن جيل المسيح فحسب، ولكن كل جيل فيه الشرير والفاسق يكون هو هذا الجيل». إنه جيل قايين وجيل يهوذا،الجيل الصالب، هو . ممتدحتى هذا اليوم وقد يبدو هنا قسوة في كلام المسيح، ولكن الأمر ليس هكذا، فالفسق. والشر في الإنجيل مقصود به الوضع الروحي وليس الجسدي (فالوضع الجسدي يمكنه بطعنة في الضمير الحي من سيف كلمة الله أن يُحوّل أشــــر الناس إلى القداسة). فالشر الروحي هو أن نعبد غير الله، أن نرتمي في أحضان الشيطان. هذه هي الخيانة الزوجية. لأن المسيح اتخذ الكنيسة لنفسه عروساً، حسب نفسه عريساً للكنيسة: «لأني خطبتكم لرجل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح». أما جيل المسيح الذي هو جيل الرسل فهو جيل مستمر وممتد فينا وبنا حتى الآن. إنه الجيل الشاهد للمسيح حتى آخر يوم في تاريخ البشرية. يطلب آية ربما يريد هذا الجيل من الله أن يرسل ناراً من السماء؟ أو يسقط لهم منا سماوياً. ولكن ألم يسبق وأن قدَّم لهم المسيح الطعام في معجزة إكثار الخمس خبزات والسمكتين إنجيل) اليوم الثالث من صوم يونان)؟ ولكن لنتبه لأنفسنا جيداً لأن الآية لا تزيد الإيمان، ولكن الإيمــــان بحد ذاته آية. فالمسيح لم يستطع أن يصنع في الناصرة قوات كثيرة لعــــدم إيمانهم (راجع مت١٣: ٥٨). لن يستطيع المسيح أن يعمل لك آية في حياتك إن لم يسبقها إيمان.يحتاج لآية «آية يونان النبي»، لن تنفع هذا الجيل الشرير آيات السماء؛ ولكنـــه وحيدة تقيمه من موت الخطية وآيته هي آية يونان، إنها آية الموت، فيونان في عُرف المنطق والعلم كان يتحتم أن يموت في بطن الحوت يونان مات، نعم مات، والرب أقامه.ما أجملك يا يونان يا نبي الفداء، وأنت تموت ثلاثة أيام بلياليها لتكفر عن خطيتك وخطية نينوى العظيمة. وما أجمله موتاً ذلك الذي نموته كــــل يوم من أجل الآخرين! يقول البعض إن يونان يُمثل الابن الأكبر في (مثل الابن الضال)، لأن نينوى لما خلصت حزن يونان وصار مثل الابن الأكبر الذي لم يُرِدْ أن يدخل البيت ولكن الحقيقة هي أن يونان تمنع من الذهاب لنينوى لئلا يبشرها بالخراب، هو يعلم يقين العلم أن الله طويل الأناة بطيء الغضب، وسيـــصفح عنها حتماً في النهاية. لذلك هرب يونان لئلا يواجه محنتين : محنة التبشير بالخراب، وهو عسر كل العسر على النفس الوديعة ومحنة رجوع الله عن غضبه، فيظهر يونان وكأنه . يسخر من شعب غريب! ولكن أين يهرب يونان من وجه الله؟ فالله دائماً يُطارد الخادم الهارب. فكل إنسان يمكن أن يهرب من وجه الله، إلا من سمع صوته وحمل نيره وقبـــل اسمه القدوس فيونان (في الفكر القبطي) لا يمثل الابن الأكبر الحزين علـــى خـــلاص الآخرين، ولكنه مثال المسيح الفادي المخلص فيونان هو نبي الفداء المبدع. في إنجيل لوقا إشارة سرية للغاية تكشف عن حدوث صلة توبيخ لأهل نينوى بسبب المخاطرة العظمى والموت المحقق الذي تعرض له يونان من أجلهم: «وكما كان يونان آية لأهل نينوى؛ كذلك ابن الإنسان أيضاً لهذا الجيل». إذا فقد بلغ أهل نينوى أن يونان عبر محنة الموت في داخل بطـــــن الحوت ثلاثة أيام، ثم قام من أجل خلاصهم.قصد الإنجيل أن يوضح أن يونان بنفسه، وليس بكرازته فقط كان آيــــة لأهل نينوى. هكذا ابن الإنسان فهو بنفسه، وبموته وقيامته آية هذا الجيل. صلاة يونان إن صلاة يونان المزامير الجديدة للسائرين في طريق الجلجثة والتي هي حتماً تردد قرارها في السماء كل الرواح المبرّرة في المجد. إنها السلم الجديد الذي نرتفع عليه لكي نطل خلسة إطلالة سريعة على المجد المعد. نعم، هكذا يغتصب ملكوت السموات بصلاة كصلاة يونان وهو في عمق الهاوية. اليوم، يا أحبائي، هو يوم التوبة الغاصبة لميراث القديسين وميراث ابن الله.اليوم مفهوم جديد لمعنى الكرازة بالبذل حتى الدم. اليوم، دعوة للكارز ليسلك طريق النجاة لنفسه وشعبه، للراعي والرعية. هذه نينوى تعطينا صورة حاسمة لكل دقائق ومعنى استرضاء وجه الله.يا رعية الله، صغيرها وكبيرها شيخها وطفلها مريضها وسليمها، هذه نينوى أمامنا آية.ويا كارزي المسكونة، ويا واعظي الكنيسة، هوذا يونان لكم اليوم مثل يُحتذى، كيف كان؟ وماذا صار؟ فيونان قبل أن يدخل محنة الموت بلياليها، ما كان نافعاً لا لنينوى ولا لنفسه، حيث كان سيذهب إلى ترشيش ليأكل الخرنوب مع الخنازير.وها هوذا يونان بعد أن صلى من عمق التجربة وأهوال الموت، يُرينا كيف جاز التجربة حتى النهاية، وصار يونان كارزاً بشبه المسيح، وحسب له موته بشبه فداء. وهكذا تكرم يونان بهذه التجربة، فصار هـو الـنبي الوحيد الذي أخذه المسيح ليضعه نموذجاً لموته وقيامته! وآية للتائبين!! المتنيح القمص متى المسكين
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل