المقالات
22 مارس 2023
الصوم وروحانيته
الصوم ليس مجرد فريضة جسدية انه ليس مجرد الامتناع عن الطعام فترة زمنية ثم الانقطاع عن الأطعمة ذات الدسم الحيواني، إنما هناك عنصر روحي فيه..
أول عنصر روحي هو السيطرة على الإرادة بنفس الإرادة التي تحكمت في الطعام يمكن أيضًا السيطرة على الكلام، بالامتناع عن كل لفظ غير لائق، وكذلك السيطرة على الفكر وعلى المشاعر.
قال مار إسحق: "صوم اللسان خير من صوم الفم، وصوم القلب عن الشهوات خير من صوم الاثنين".
العنصر الثاني في الصوم الروحي، هو التوبة:
ونلاحظ في صوم أهل نينوى أنهم لم يصوموا فقط وانم أيضًا "رجعوا كل واحد عن طريقه الرديئة وعن الظلم الذي في أيديهم "وأن الرب نظر إلى هذه التوبة أكثر مما نظر إلى الصوم" فلما رأى الله أعمالهم، أنهم رجعوا عن طريقهم الرديئة، ندم الله على الشر الذي تكلم أن يصنعه بهم فلم يصنعه" (يونان 3:8-10) وهكذا يصحب الصوم أيضًا بالتذلل والانسحاق أمام الله وهذا واضح في صوم نينوى، إذ لبسوا المسوح وجلسوا على الرماد. كما هو واضح في سفر يوئيل "قدسوا صوما، نادوا باعتكاف ليخرج العريس من مخدعه والعروس من حجلتها ليبك الكهنة خدام الرب بين الرواق والمذبح ويقولوا: أشفق يا رب على شعبك" (يوئيل 2: 15 - 17) والصوم لا يقتصر على منع الجسد من غذائه وإنما يجب فيه من الناحية الايجابية تقديم غذاء للروح وهكذا يرتبط الصوم بالصلاة كما تذكر صلوات الكنيسة، وكما حدث في كل الأصوام المشهورة في الكتاب، كصوم نحميا وعزرا ودانيال وأهل نينوى وكما تدل عليه عبارة "نادوا باعتكاف" إنه فرصة روحية نذل فيه الجسد لتسمو الروح إذلال الجسد هو مجرد وسيلة أما الغرض فهو سمو الروح فتأخذ فرصتها في الصلاة والتأمل والقراءة وكل وسائط النعمة بعيدا عن معطلات الجسد ونلاحظ أن الصوم غير الروحي مرفوض من الله كما رفض صوم المرائين (مت 5)، وصوم الفريسي (لو 18: 9)، والصوم الخاطئ في سفر إشعياء (اش 58: 3-7).
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
21 مارس 2023
كيـف أعتـرف ؟
لـكـى يـكـون الاعـتـراف مفيداً في حياة الإنسان يجب أن يتسم بما يلى :-
1- الاستقرار أي أن يـعـتـرف الإنسان على يد كاهن واحد ... يستقر لديه إلى أن تنشأ ضرورة قصوى قاهرة تدعوه إلى التغيير كالسفر ، أو المرض أو غير ذلك . فالاستقرار يعطى فرصة النمو وللـتـوجـيـه المتزن لفترة طويلة ، مما يساعد على تماسك الإنسان وصفاء نفسه ، ووضوح مسيرته الروحية والسلوكية .
٢ ـ الإنتظام : يستحيل أن يكون الاعتراف مفيداً من الناحية السلوكية ، حينما تتباعد المدة بين اعتراف وآخر فالضعف يزداد والعبودية لأمر ما تتضاعف وبصمة الخطيئة تتثبت وعلاقات الإنسان بالآخرين تسوء والفتور الروحي يستثرى وزاوية الإنحراف عن الحق والـصـواب تنفرج أكثر فأكثر .والمعدل المـعـقـول للإعتـراف بالنسبة للشباب هو مرة شهرياً .
3 ـ الإستعداد : -
لا قيمة للإعتراف دون استعداد روحی مسبق ، في جلسة هادئة مع الله : فيها يكشف الإنـسان نـفسـه ، و يكتشف أعماقه ، و يعلن نـدمـه عـن كـل خـطـأ ، وعـزمـه على تصحيح السيرة ، وضعفه الشديد المحتاج إلى معونة إلهية مـن الـنـعـمة . فإذا ما أستعد الإنسان هكذا ، تـقـابـل مـع أبـيـه الـروحي ، مقدماً تقريراً عن حـيـاتـه لـروح الله الـعـامـل في السر ، وسوف يحـصـل بـالـقطع على « الحل والحل » ، كما عـلـمـنـا قداسة البابا . الحل . أي الغفران ، والحل . أي الإرشاد الروحي المناسب .
4 ـ الأمانة :-
لا قـيـمـة أيـضـاً لاعـتـراف يحتاج إلى أعـتـراف ، بمعنى أنه كاذب أو ناقص أوغير أمين . فـالمـعـتـرف الذي يخدع أباه الروحي ، تماماً كالمريض الذي يخفى مرضه عن طبيبه .كلاهـمـا لـن يـسـتـفـيـد من ذلك ، بل سيزداد المرض استشراء ، وتزداد الخطيئة تشبثاً . ومهما كان الخجل ، فهو بحد ذاته مفيد إذ يضبطنا عـن الخـطـأ إلى أن نكرهه من أعماقنا . ويمكن أن يـسـتـخـدم المـعـتـرف ورقة صغيرة لتسهيل الاعتراف ، يمزقها بعد الاعتراف مباشرة .
٥ـ الإيجابية : -
الاعتراف لـه شـقان : سلبى وإيجابي ... السلبي تفهمه وتركز عليه دائماً وهو الخطايا المـتـنـوعـة في مجالات : الـفـكـر ، الحواس ، المشاعر ، العلاقات ، العادات . أما الشق الإيجابي فهو نواحي التقصير في وسائط النعمة : كالصلاة ، والشبع بالإنجيل ، والتناول ، والـقـراءات الروحية ، والاجتماعات الروحية ، والخدمة ... إلخ . من المهم أن يـراقـب الشاب نفسه في هذه الزوايا الإيجابية ، تماماً كما يراقبها في الزوايا السلبية .
٦- الطاعة :-
حيث أن روح الله هو العامل في السر ، لذلك يجب أن يطيع المعترف ارشادات أبيه الروحي ، سواء في التصرف في مشكلة معينة ، أو في الانـتـظـام في تـداريـب روحـيـة بـناءة . ويجب أن يقتنع الشباب بأن لا ينتظروا دائماً مـن آبـائـهـم في الاعتراف الموافقة على كل ما يريدون ، فـربمـا يشتهى الإنسان شيئاً يضره . ولكن من حق المعترف أن يتنافس مع الأب ، في روح مسيحية غير جدلية ، حتى يستريح للارشاد أو التدريب المطلوب .
٧ـ عدم الدالة :-
يجب ألا يـكـون لـك دالة أثناء الاعتراف مع أب أعترافك ، لا تطلب ذلك ، ولا تتضايق حين لا يسمح لك بذلك ، حيث أن الدالة كما قال القديسون « تشبه ريح السموم » ، أو أنها « كالثعبان الذي يسرق كل يوم البيضة من الدجـاجـة » ... فـلا تـقـدم ولا نمـو ... لأنه قد يحـدث مـنـك أحياناً خطأ مخجل فلا تقوله ، أو يحدث الخطأ المخجل فتذكره باستخفاف ، دون ندم وأنسحاق .
٨- التركيز : لا داعي « للدردشة » والحديث الطويل والتفاصيل عديمة الجدوى ، فالاعتراف السليم لسماع الغفران والارشاد . فلا تضيع الوقت على نفسك وعلى أبيك الروحي وعلى أخوتك المنتظرين ، بأحاديث تافهة . بل كن مركزاً ، والرب سيعطيك سؤل قلبك . الـرب يـبـارك و يقبل أعترافاتنا وتوبتنا ، و يعطينا أن نحيا في رضاه كل أيام حياتنا .
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
20 مارس 2023
أضـواء من الإنجيل ٨ـ كيف نحب الله ؟
بتأملنا في صفات الله الجميلة وفى إحساناته إلينا تزداد محبته في قلوبنا باستمرار . والآن نأتي إلى ختام حديثنا عن إحسانات الله المذكورة في المزمور ( ۱۰۳ ) « بارکی یا نفسی الرب ولا تنسى كل إحساناته » .
٥ ـ الذي يشبع بالخبر عمرك فيتجدد مثل النسر شبابك ( تكملة ) :
تكلمنا عن الشبع الروحي الذي نناله في سر الإفخارستيا بالتناول من جسد الرب ودمه في ذبيحة القداس الإلهي ، والذي نناله أيضاً بعمل الروح القدس فينا الذي مسحنا به في الميرون . وكل هذا الخير والشبع الروحي يأتينا لسبب عضويتنا في الكنيسة ، باعتبارها جسد السيد المسيح . وبهذه العضوية يمنحنا الرب كل خيرات بيته في أسرار الكنيسة وكل ما يحيط بها من ممارسات روحية حسبما يناسب احتياجنا . ولعل المرنم قد رأى ما يمنحه لنا الرب من خيرات ، فتغنى قائلاً : « يروون من دسم بيتك ، ومن نهر نعمتك ، تسقيهم لأن عندك ينبوع الحياة » ( مز ٣٦: ۸ ، ۹ ) . في سر التوبة والإعتراف تنحل عنا رباطات الخطية بصلاة الأب الكاهن ، ونؤهل للتناول من جسد الرب ودمه فترى فينا الحياة من جديد . وفى سر مسحة المرضى ننال مغفرة لخطايانا وشفاء لأمراضنا ، وتتجدد قوانا الروحية والجسدية . وفى بيت الرب نستمع إلى كلمته المحيية ونصير أنقياء ، وتتجدد قوانا الروحية كما ننال معونة من ملائكته وقديسيه ... نحن لا ننسى أن الرب قد أشبعنا من خيرات بيته ، ومن حلاوة العشرة معه ، ومن فيض نعمته التي يسكنها فينا بروحه القدوس ... لهذا نتغنى مع المرنم معترفين للرب بفضله « تعهدت الأرض وجعلتها تفيض . تغنيها جدا . سواقي الله ملانة ماء » ( مز٩:٦٥) والجميل في عمل الرب معنا أنه لا يشبعنا ويروينا فقط ، بل يجدد مثل النسر شبابنا . وقد استخدم المزمور تشبيه الشر لأنه يشتهر بالقوة بين الطيور ، وبأنه أكثرها قدرة على التحليق في السماء . فهو يرمز إلى القوة الروحية « وأما منتظرو الرب فيجددون قوة . يرفعون أجنحة كالنسور ، يركضون ولا يتعبون ، يمشون ولا يعيون » ( اش ٤٠ : ٣١ ) . وقد استخدم النسر في الكتاب المقدس للإشارة إلى انجيل يوحنا اللاهوتى الذي تكلم كثيراً عن ألوهية السيد المسيح ، كما أنه يرمز إلى صعود السيد المسيح إلى السماء . لهذا رأى حزقيال النبي في رؤياه للمركبة الشاروبيمية وجهاً رابعاً مثل النسر ، رأى القديس يوحنا الإنجيل في رؤياء الحيوان الرابع من الأربعة حيوانات غير المتجسدين المحيطين بعرش الله ـ له وجه شبه النسر . والقوة الروحية نوعان :
1 - قوة في محاربة الشياطين :
« فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم ، بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم ، على ظلمة هذا الدهر ، مع أجناد الشر الروحية في السماويات » ( أف ٦ : ۱۲ ) . وهذه القوة هي مثل قوة النسر في معاركه الطيور الكاسرة .
۲ - قوة في التحليق نحو السماويات :
أي قوة التطلع نحو الأمور السمائية ... قوة الإرتفاع عن الأرضيات ... قوة حياة الشركة مع الله . كل هذه القوة هي منحة وعطية من الله ، للذين يترجون معونته ورضاء « بإسمك يبتهجون اليوم كله ، وبعدلك يرتفعون . لأنك أنت فخر قوتهم ، و برضاك ينتصب قرننا » ( مز ۸۹ : ١٦ ، ۱۷ ) . تجديد الشباب مثل النسر ، يعني أن النفس لا تشيخ أبدأ في حياتها مع الله . تتجدد قواها بإستمرار ، وتكون مثمرة على الدوام « مغروسين في بيت الرب في ديار إلهنا يزهرون . أيضاً « يثمرون في الشيبة » . يكونون دساماً وخضراً » ( مز ۹۲ : ١٣ ، ١٤ ) ۔ الذين يحيون في شركة روحية مع الله ، يخشون من الشيبة ، لأن نفوسهم تكون في شباب دائم ، وفى قوة روحية متجددة . والحياة الروحية بمعونة الروح القدس تتخطى كل اعتبارات القدرة الذهنية والجسدية . تلك التي إذا فنيت بالشيخوخة أو الموت ، فإنها لا تسلب الروح قوتها وشبابها ... كل هذا الذي ذكرناه من إحسانات الله وكثير غيره قد أحاط بنا وسوف يغمر حياتنا ... إنه ذلك الإله المحب الذي في خيريته وصلاحه ، أعطانا نعمة الوجود ، ودعانا لمشاركة مجده . لهذا فسوف نظل نتغنى بمحبته ذاکرین : كم من مواقف أنقذنا فيها الله وأنقذ حياتنا ... وكم من مواقف أرشدنا فيها الله وأنار طريقنا . وكم من مواقف عزانا فيها الله وطيب قلوبنا ... وكم من مواقف اعتنى بنا فيها الله ودبر احتياجنا وكم من عواقف خلصنا فيها الله وغفر ذنوبنا .. وكم من مواقف دفعنا فيها الله وكرم إتضاعنا . فلنثق في محبته على الدوام
نيافة مثلث الرحمات الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن مجلة الكرازة العدد الثالث عام ١٩٨٩
المزيد
19 مارس 2023
عيد الصليب
عيد الصليب هو عيد هام جداً بتحتفل به الكنيسة مرتان فى السنة المرّة الرئيسيّة هى عيد ظهور الصليب يوم 10 برمهات ولأنّ شهر برمهات دائماً يكون فى فترة الصوم الكبير ولأنّ الكنيسة تُكرّم عيد الصليب جداً وتشعُر أيضاً أنّ الصوم الكبير يأخذ إهتمام كبير منها فتشعُر أنّ هذا العيد للصليب لا يأخُذ كفايته فتحتفل الكنيسة بعيدهِ الثانى وهو عيد تكريس كنيسة الصليب يوم 17 توت إحتفال رسمى كبير لمُدة ثلاثة أيام بصلاة فرايحى الصليب هو المسيحيّة والمسيحيّة هى الصليب مُمكن نعرف أى شخص إنّه مسيحى من الصليب00ونعرف المكان أنّه مسيحى من الصليب ، أى صار الصليب علامة المسيحيّة وفخرُهم وقوتّهُم ومجدُهم حتى أنّ المسيح بشخصهِ المُبارك مُرتبط بالصليب عندما ظهر الملاك للمجدليّة عند القبر قال لها إنتِ تطلُبين المسيح المصلوب ، أصبح المسيح مُقترن بالصليب والصليب مُقترن بالمسيح وكما قال بولس الرسول " عزمت أن أعرف بينكُم المسيح وإياه مصلوب " الكنيسة القبطيّة تُكرّم الصليب لأنّه مصدر كُل بركة وقوة لها الصليب هو قوة الله0وحكمة الله0
1- الصليب قوة الله :-
نستطيع أن نعرف قوة الصليب من الشيطان لأنّه هو الذى هُزم وخُزى بالصليب إن كان إنسان به روح شرير ووضع آخر عليه الصليب وإن كان ليس كاهن أى ليس الروح مواجه بسر الكهنوت بل بصليب من شخص عادى فإنّه يُهزم أمام الصليب فى أحد المرات كان إنسان بهِ روح شرير يسير بأحد الشوارع وكان آخر يسير فى نفس الطريق يحمل صليب فى جيبهُ فصرخ الذى به روح شرير قائلاً " إخرج الصليب من جيبك " ، الصليب علامة تسحق الشيطان قوتّةُ تظهر عندما يرتعب أمامه الشيطان كمُجرم أمام آلة إعِدامهُ هكذا الصليب مُرعب للشيطان أكثر واحد يعرف جبروت الصليب عدو الخير لذلك نمسك الصليب فى أيدينا ونرشم به جسدنا وطعامنا ومضاجعنا ونُعلّقه على منارات كنائسنا و أكثر شىء يحميك الصليب نحن نعبُد الإله المصلوب الذى بالصليب أعطانا غلبة الصليب هو قوة الله للخلاص لذلك قد يرشم الكاهن قليل من الماء الرشومات الثلاثة بالصليب فيحمل الصليب قوة الثالوث وبالتالى يحمل الماء قوة الثالوث ويرّشُها فى المنزل أو يشربه مريض فيُعطى الماء بركة قوة أيضاً خاتم الزواج يرشمه الكاهن بالصليب فيحمل قوة الثالوث وقوة الإرتباط المُقدّس ، أيضاً فى بداية القُداس يرشم الكاهن التوانى بالثالوث بالصليب ، القرابين أيضاً يرشمها بالصليب فتحمل قوة الثالوث وتتحّول من نبات أرضى إلى جسد مُقدّس غير المؤمنين عندما يرون الصليب يسخرون منّهُ " كلمة الصليب عِند الهالكين جهالة " لأنّهُ مُشكلة خزى وعار لكنّه يحمل قوة تخُزى حكمة العالم0
مزمور العشية
يقول " قد إرتسم علينا نور وجهك يارب " وفى القُداس نقول أعطيت أولادك علامة أى علامة الصليب وفى سفر الرؤيا أنّه أعطى علامة لأولاده هى علامة الصليب أيضاً فى سفر النشيد تقول عروس النشيد " علمُه فوقى محبة " أى صليبهُ و كأنّ كُلٍ منّا يسير وفوقه علم هو الصليب يُميزّنا عن كُل قبائل الأرض كما يُميّز كُل بلد علم خاص بها ، نحن علمنا هو الصليب يعرفنا به الله وسط الأُمم ويُميّز به قطيعهُ علامة قوية لذلك معروف عن يسوع أنّه يسوع المصلوب حتى فى الأبديّة " خروف قائم كأنّه مذبوح " أى مصلوب هكذا رآه يوحنا لأنّ الصليب قوة عندما أراد الله أن يُخلّص إسرائيل من أرض مِصر أعطاهم علامة فقال لهُم أن يأخذوا من دم الذبيحة ويضعوا على القائمتين والعتبة العُليّا لأبواب منازلهُم ما هذا الخشب المُلّطخ بالدم ؟ هو الصليب وهو يُنجى من الموت الملاك المُهلك يعبُر وعندما يرى خشب مُلّطخ بالدم لا يُهلك من بداخل هذا البيت لكن إن كان باب هذا البيت غير مُلّطخ بالدم يدخُل ويُهلك الصليب قوة مُخلّصة إحتمى فيهِ وأنت تعرف معنى إدراكهُ ، أكيد الذين كانوا فى البيوت التى أبوابها مُلّطخة بالدم فى حالة صعبة من الرُعب والخوف وهم يسمعون صُراخ الذين فى الخارج لكنّهُم عرفوا كيف يحتموا بالصليب عندما تذّمر الشعب على الله وعلى موسى النبى فى البريّة أرسل لهُم الله حيّات تلدغهُم ومات منهُم كثيرون وعندما تضرّع موسى لله قال لهُ الله إصنع حيّة نُحاسيّة وإرفعها على خشبة وكُل من نظر إليها وهو ملدوغ لا يموت بل يُشفى قوة لا تُدرك لكن نقول لله لتقُل كلام يستوعبه العقل ، قُل لموسى إعطيهم هذا الدواء المُضاد لسُم الحيات ، لكن كيف ينظُر إنسان بهِ سُم لحيّة نُحاسيّة يشفى من أثر السُم ؟ يقول الله هذه قوة غير مُدركة لأنّ صليبى جهالة لكنّه صار أحكم من حكمة حُكماء العالم عندما رأوا المسيح مصلوب فى صورة ضعف قالوا أنّهُم حسبوهُ مُهان لكنّه قوة لذلك وهو على الصليب نقول لهُ قدوس قدوس لأنّ صليبهُ قوة فى العهد القديم كانوا يُقدّمون ذبائح كثيرة لكن الله قال لهُم إنّ دم التيوس والعجول لا يفى العدل الإلهى ، إذاً ما هو يا الله الذى يفىِ عدلك ؟ يقول الصليب هو الذبيحة التى تفىِ العدل الإلهى ذبيحة الكفّارة هى عبارة عن تيسين يُذبح إحدُهما ويؤخذ من دمهِ ويُوضع على الآخر ويُطلق الآخر المُلّطخ بالدم بعيداً فى البريّة ، وكأنّ الله يقول إنّ خطاياكُم لم تُمحى لكنّها بعُدت لأنّ التيس حى لكنّه بعيد ، إذاً الخطايا موجودة لكنّها بعيدة " كما من حمل بلا عيب بدم نفسهِ " ، بروح أزلى جاء حمل الله ورفع عنّاخطايانا بدم نفسهِ ، لذلك جاء مولود فى مزود لأنّه حمل أى ذبيحة ، وكأنّه يقول كما عرفتمونى من يوحنا المعمدان " هوذا حمل الله " وأنا أعيش ذبيحة من أجلكُم لابُد أن تتمتّع بفدائهِ قوة خلاص جبّارة بدم يسوع ، إن كان غير المؤمن يستهين بالصليب فنحن نفتخر بهِ قديماً أيام بولس الرسول كان الناس بهُم روح التفاخُر بالأنساب والثقافة والجاه والغِنى وفوجد بولس أنّ تيار التفاخُر قد دخل الكنيسة فقال لهمُ " حاشا لى أن أفتخر إلاّ بصليب ربنا يسوع المسيح " ، لا تفتخر بغِناك أو أولادك أو نسبك كُل هذا يفنى لكن إفتخر بالصليب لأنّه يُعطى الخلاص ، لذلك سمح الله أن يُعلن صليبهُ بكُل قوة وإن كان مظهرهُ الضعف المسيح مات مصلوب كى يشترك العالم كُلّه فى موتهِ حيث كان فى هذا العصر العالم كُلّه تحت حُكم الرومان وكُل دولة دائماً لها عُرف لقتل المُجرم اليهود يقتلوه بالرجم وأُمّة أُخرى بالحرق وهكذا الرومان بالصلب ، قال المسيح سأجعل العالم كُلّه يشترك فى قتلى ، سأموت بطريقة الرومان وبمشورة اليهود أى إجتمع فى موتهِ العالم كُلّه لأنّه جاء ليُخلّص العالم كُلّه المحكوم عليه كمُجرم صار مُخلّص وطريقة موت المُجرم صارت خلاص0
2- الصليب حكمة الله:-
إن كان الصليب هو قوة الله وأعطانا غُفران لكن مظهره ضعف وخزى وعار فكيف يكون حكمة الله ؟ نقول كان لابُد لهُ أن يموت بضعف ليرفع عنّا ضعفنا وأن يموت بخزى كى يحمل عنّا خزينا بعض اليهود يقولون أنّ كُل اليهود سيدخلون الفردوس لأنّ أبونا إبراهيم سيقف أمام الفردوس ويُدخل كُل مختون إلاّ الملعونين على خشبة أى الذين وقع عليهم حُكم الصلب والسيد المسيح جاء من تلك الفئة ليُحّول اللعنة إلى خلاص " حولّت لى العقوبة إلى خلاص " يقول القديس مارِأفرآم السُريانى أنّ الموت جاء لنا عن طريق شجرة مُعلّق عليها ثمرة وأدخل الشيطان الغوايّة لآدم فأخذ الثمرة وأكل منها ومات أى الخطيّة دخلت بشجرة وثمرة وغوايّة وموت والسيد المسيح جاء وخلّصنا بنفس الإسلوب بشجرة أى الصليب وثمرة أى المسيح المُعلّق على الصليب والغواية جاءت للشيطان الذى أراد أن يأخذ الثمرة ليأكُلّها فأكلته هى بدلاً من أن يبُتلع المسيح للموت إبتلعهُ المسيح وقيّدة والنتيجة كانت الخلاص ، إذاً الخلاص بشجرة أى الصليب والثمرة أى المسيح نيابة عن ثمرة البشريّة كُلّها هو ثمرتنا والغُوايّة للشيطان الذى رأى المسيح فى ضعف مُعلّق على خشبة لكنّه إبتُلع منّه وقُيّد وطُرح وبدلاً من أن يُعطينا هلاك وموت أعطانا حياة ، لذلك قال المسيح قديماً أكلتُم و مُتّم أمّا الآن تأكلون للحياة حكمة الله نعم الصليب بهِ ضعف ومهانة ومظهره لا يُشجّع لكن داخلهُ قوة لذلك يطلب منكِ أن تشترك فى آلامهِ هو ليس ضعيف لكنّه يُعلن قوة الله لأنّه لا يوجد صليب إلاّ ولهُ قيامة ومجد ، لذلك من شروط تلمذته أن تحمل صليبهُ وتتبعهُ إحملهُ بفرح وإِعلم أنّ داخله حكمة خفيّة أصعب شىء أن يُرسل لنا الله صليب لنفرح به و نخلُص ونحن نرفضه حكمة الله إفهمها إنّه يُريد خلاصك للحياة الأبديّة لا توجد قيامة بدون صليب ولا مجد بدون جُلجُثة الذى يُريد المجد بدون صليب كأنّه يُخلىِ الحياة من تدخُلّ المسيح وكأنّه يقول لله جيدّة الحياة التى أعطيتنى إِياها لكن ليتكّ ترفع المرض منها أو المشاكل أو المتاعب لا مثل إنسان قرأ الإنجيل بطريقة فلسفية فقال هو كتاب جيد جداً ماعدا الإصحاحات التى تحكى صلبهِ فى الأناجيل الأربعة ، نقول لهُ لا هذا فخرِنا ، لا ترفُض الألم الإنسان كثير الشكوى يجلب على نفسهِ مزيد من الأتعاب أمّا الذى لهُ عِشره مع الله نجدهُ قليل الكلام قليل الشكوى كثير الشُكر ، بينما الذى يرفُض الصليب دائم الشكوى لأنّ ذاته غالية عليه أى ألم فى حياتى هو جُزء هام من تدبير خلاصى فأقبله وأقبله بفرح وإن كُنت غير قادر على حملهِ سأقول لهُ فى صلواتى إحمله عنّى يا الله الذى لهُ رغبة فى الإشتراك فى ألم المسيح لهُ هدف هو شِفاء نفسهِ والنمو فى حياته مع الله الله يُريدنا أن نغلب أوجاعنا الأرضيّة لنصل للإبديّة لأنّ الإنسان إن إستراح سينسى الله لذلك الله يُريدنا أن نشترك فى آلامهِ لننال بركة ونكون جنود صالحين فى جيشهِ حكمة عجيبة يا الله كيف تنوب عن البشر وتحمل خلاص البشر وخطايا البشر ؟ يقول لنا بالصليب ، إكثر من رشم الصليب فى كُل عمل وعلى طعامك وفى نومك وقبل خروجك من بيتك وأنت فى طريقك وإرشم ذاتك بالصليب وما تعملهُ أيضاً حتى الهواء من حولك وستشعُر أنّ العالم كُلّه أصبح لك كنيسة لأنكّ دشنتّه بالصليب وأصبحت كُل الأماكن تحمل قوة الخلاص طوبى لمن يحمل صليبهُ لذلك حرب شرسة يُحاربنا عدو الخير بها وهى أننّا نرشم الصليب بغفله دون أن ندرى معناه وقوتّه لا إرشمه بقوة وإيمان وإعلِم أنّه قوة وحكمة الله وهو الذى هزم عدو الخير وخزاه ربنا يسند كُل ضعف فينا بنعمته لهُ المجد دائماً أبدياً أمين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
18 مارس 2023
إنجيل عشية الأحد الثانى من شهر برمهات
تعليم يسوع في الخزانة
تمهيد
حضر المخلص إلى الهيكل وجاء إليه جميع الشعب فجلس في الخزانة ،وهى أحد أروقة الهيكل . وقدم إليه الكتبة والفريسيون امرأة أمسكت في زنا وحاولوا اصطياده بكلمة يستندون عليها في تقديم شكواهم ضده ولكنهم لم يفلحوا . وأخذ يسوع يلقى تعاليمه الواردة بفصل الإنجيل وفيها أثبت أنه المسيح ، وأنه الذي يحرر المؤمنين به ، وأن عمله هذا هو من قبل أبيه السماوي : يسوع هو المسيح فقال لهم يسوع متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون أني أنا هو ولست أفعل شيئا من نفسى بل أتكلم بهذا كما علمني أبي . والذي أرسلنى هو معي ولم يتركنى الآب وحدى لأنى في كل حين أفعل ما يرضيه . شهد السيد المسيح عن نفسه أمام اليهود في الخزانة بأنه نور العالم وأنه من فوق ، وكانت شهادته من الوضوح بحيث لو شاءوا أن يفهموها لما عسر عليهم ذلك ، ولكن جهالتهم وكبرياءهم حالتا دون ذلك ، فلم ير بدا من إعلانهم بأنهم سوف يدركون حقيقة أمره حينما يصلبونه فقال : « متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون أنى أنا هو » .. وسمى صلبه ارتفاعا لأن صليبه ارتفع في الجو فارتفع به شأن البشرية ، ونال به المؤمنون شرفا يجل عن الوصف وقد تحقق إدراك اليهود لحقيقته حينها أبصروا الظلمة التي حدثت وقت صلبه ، والزلزلة ، وانشقاق حجاب الهيكل ، وقيامته وصعوده ، وحلول الروح القدس على تلاميذه ، وتكلمهم بألسنة وعملهم المعجزات ثم قرر أمامهم أنه متحد بالآب في كل فعله ، وأن ما بشر به كان يعلمه منذ الأزل . وواصل كلامه قائلا « والذي أرسلنى هو معى » ، فأثبت بهذا التصريح الاتحاد الدائم بينه وبين الآب في الذات والتدبير . وكثيرا ما ردد المخلص هذا التعليم في محادثاته ، فقد قال لفيلبس ولتلاميذه « ألست تؤمن أنى أنا في الآب والآب في .. والكلام الذي أكلمكم به لست أتكلم به من نفسي لكن الآب الحال في هو يعمل الأعمال . صدقوني أني في الآب والآب في وإلا فصدقوني لسبب الأعمال نفسها » ( يو ١٤ : ١٠-١١ ) . وعزا المخلص هذا الاتحاد إلى فعله كل ما يرضى الآب ، ومن أدلة ذلك قوله لتلاميذه أثناء حديثه مع المرأة السامرية « طعامى أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأتمم عمله » ( يو ٤ : ٣٤ ) ، وهو بهذا يرمي إلى تحريضنا على عمل مرضاته حتى يكون معنا دائما . كما أن الآب معه كل حين .. تحريره المؤمنين :-
وبينما هو يتكلم بهذا آمن به كثيرون .فقال يسوع لليهود الذين آمنوا به إنكم إن ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذی وتعرفون الحق والحق يحرركم . أجابوه إننا ذرية إبراهيم ولم نستعبد لأحد قط . كيف تقول أنت أنكم تصيرون أحرارا .أجابهم يسوع الحق الحق أقول لكم إن كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية . والعبد لا يبقى في البيت إلى الأبد . أما الأبن فيبقى إلى الأبد . فأن حرركم الأبن فبالحقيقة تكونون أحرارا .وعلى أثر ذلك آمن به كثيرون من اليهود . فأوضح لهم أن الإيمان به لا يجديهم نفعا إن لم يثبتوا على حفظ وصاياه والعمل بها . ومتى فعلوا ذلك وصبروا على الاضطهاد والشدائد ، كما هو مفروض في التلاميذ ، شاركوه في السعادة والمجد .وأضاف إلى هذا قوله إن ثباتهم في الأيمان يهديهم إلى الحق الذي هو يسوع وتعاليمه الألهية ، ويحررهم من نير الشيطان وعبودية الخطية ، وفي ذلك يقول الرسول « فأن الخطية لن تسودكم لأنكم لستم تحت الناموس بل تحت النعمة » ( رو ١٤:٦ ) ، وكذلك يقول يعقوب الرسول « من اطلع على الناموس الكامل ناموس الحرية وثبت وصار ليس سامعا ناسيا بل عاملا بالكلمة فهذا يكون مغبوطا في عمله » ( يع ١ : ٢٥) . علي أن اليهود ظنوا أن السيد يتكلم عن الحرية المدنية والحرية الجسدية فاعترضوا قائلين إنهم لم يستعبدوا لأحد قط ، ونسوا أو تناسوا أنهم استعبدوا للمصريين والبابليين والأشوريين واليونانيين ، بل أنهم كانوا وقتئذ مستعبدين للرومان ، يدفعون الجزية لقيصر . ولعلهم كانوا يقصدون أن لهم بعض الحرية الدينية ، وأنه لا يجوز بيعهم بيع الأرقاء وفقا لما قاله الله عنهم « وإذا افتقر أخوك عندك وبيع لك فلا تستعبده استعباد عبد ، كأجير كنزيل يكون عندك . إلى سنة اليوبيل يخدم عندك . ثم يخرج من عندك هو وبنوه معه ويعود إلى عشيرته ، وإلى ملك آبائه يرجع، لأنهم عبيدي الذين أخرجتهم من أرض لا يباعون بيع العبيد » ( لا ٢٥ : ٣٩-٤٢ ) .وقد أوضح لهم السيد نوع العبودية التي يقصدها وهي عبوديتهم الشنيعة للخطية ، وهي شر من عبودية الرق لأنها تؤدي إلى الموت كما قال بولس الرسول « ألستم تعلمون أن الذي تقدمون ذواتكم له عبيدا للطاعة أنتم عبيد للذي تطيعونه إما للخطية للموت أو للطاعة للبر » ( رو ٦ : ١٦ ) . ثم أشار إلى مصير العبد وهو الطرد من البيت طالت مدة عبوديته أم قصرت لأنه لاحقوق شرعية له ، ودليل ذلك ما حدث لإسماعيل فقد قيل لأبراهيم عنه « أطرد الجارية وابنها لأنه لا يرث ابن الجارية مع ابن الحرة » ( غل ٤ : ٣٠ ) . ورب المجد بقوله هذا يقصد أن عبد الخطية يمكن طرده من البيعة المقدسة . وأما العتق من يد الشيطان والشهوات الذي قصده حين قال « فأن حرركم الأبن تكونون أحرارا » فليس في استطاعة إبراهيم أو موسى أو جميع الأنبياء أن يمنحوه ، إذ يسوع وحده هو الذي يحرر المؤمنين ويصيرهم إخوة له وورثة . فالذي يأتى إليه معترفا تائبا ينال المغفرة والعتق ، قد أعطى سلطان الحل والمغفرة هذا لتلاميذه وخلفائهم حين قال لهم « إقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياه تغفر له » ( يو ٢٠ : ۲٢-۲۳ ) .
البنوة العملية لله:-
أنا عالم أنكم ذرية إبراهيم . لكنكم تطلبون أن تقتلونى لأن كلامي لا موضع له فيكم أنا أتكلم بما رأيت عند أبي .. وأنتم تعملون ما رأيتم عند أبيكم .أجابوا وقالوا له أبونا هو إبراهيم . قال لهم يسوع لو كنتم أولاد إبراهيم لكنتم تعملون أعمال إبراهيم : ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلونى وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله . هذا لم يعمله إبراهيم .أنتم تعملون أعمال أبيكم . فقالوا له إننا لم نولد من زنا . لنا أب واحد وهو الله. فقال لهم يسوع لو كان الله أباكم لكنتم تحبونني لأني خرجت من قبل الله وأتيت . لأني لم آت من نفسي بل ذاك أرسلنى. ولما كان اليهود قد اعترضوا قائلين « إننا ذرية إبراهيم » فقد أخذ السيد يفند اعتراضهم بقوله أنهم حقيقة أولاده بالجسد ، ولكنهم ليسوا أولاده في الأعمال الصالحة ، وقلوبهم المشحونة بالأفكار الدنيوية الشريرة لا موضع لكلامه فيها ، وهذا ما حملهم على طلب قتله . ثم أيد أقواله بالأشارة إلى أن مصدرها هو أبوه القدوس في حين كان مصدر أعمالهم إبليس أباهم . فاعترض اليهود على السيد ثانية لتعريضه بهم ونسبتهم من حيث الأعمال إلى أب غير إبراهيم أى إلى إبليس ثم أعلنوا انتسابهم إلى إبراهيم دون سواه ، والسيد أجابهم معترفا بهذا النسب من ناحية الجسد لامن ناحية السلوك ودلل على أنه لا نصيب لهم من طاعة إبراهيم وتصديقه بطلبهم وهو لم يسئ إليهم بل كلمهم بالحق الذي سمعه من الله ، ثم قرر أن هذا التصرف من جانبهم لا يتفق وأعمال إبراهيم . وقد حقق بهذا أنه لا يحسب ابنا لإبراهيم إلا من عمل أعماله « لأن اليهودي في الظاهر ليس هو يهوديا ولا الختان الذي في الظاهر في اللحم ختانا بل اليهودي في الخفاء هو اليهودي » ( رو ۲ : ۲۸-۲۹ ) ، وفي ذلك يقول الرسول أيضا « إعلموا إذا أن الذين من الأيمان أولئك هم بنو إبراهيم ... . . فأن كنتم للمسيح فأنتم إذا نسل إبراهيم وحسب الموعد ورثة » ( غل ٣ : ٧ ، ۲۹ ) . كذلك من يعمل أعمال الله بحسب ابنا له هي الرحمة والغفران للمسئ ، فمن يرحم ويغفر فهو ابن الله ، ولذا علمنا السيد أن نقول في الصلاة الربانية واغفر لنا كما نغفر لمن أخطأ إلينا حتى نكون لله أبناء . أما اليهود فبالتماسهم قتل السيد دلوا على أنهم أبناء للشيطان في فعله الشر . ولم يطق اليهود أن ينسبهم المخلص إلى إبليس فاعترضوا . قائلين « إننا لم نولد من زنا » أي لم نولد من آباء وثنيين كفرة ، وتسمية الكفر والشر زنا تتضح من قول الرب لموسى « ها أنت ترقد مع آبائك فيقوم هذا الشعب ويفجر وراء آلهة الأجنبيين في الأرض التي هو داخل إليها في ما بينهم ويتركني وينكث عهدي الذي قطعت معه » ( تث١٦:٣١ ) . وقول أشعياء "كيف صارت القرية الأمينة زانية . ملآنة حقا كان العدل يبيت فيها وأما الآن فالقاتلون "( أش ١ : ٢١ ) . ثم قالوا بأن لهم أبا واحدا يعبدونه وهو الذي عبده إبراهيم . ورد السيد على هذا الاعتراض مبينا أنهم لو كانوا أبناء الله حقيقة لشابهوه في محبته لابنه ، لأن « كل من يؤمن أن يسوع هو المسيح فقد ولد من الله . وكل من يحب الوالد يحب المولود منه أيضا » ( ١يو٥ : ۱ ) وأشار المخلص إلى مولده الأزلى بقوله « لأنى خرجت من قبل الله » ، وإلى مولده الزمنى بقوله « وأتيت » ، وإلى وحدة الجوهر والأرادة بين الله الآب الله الأبن بقوله « لأني لم آت من نفسي بل ذاك أرسلنى » . وبهذا علمنا .. الاتضاع والطاعة والعمل برأى آبائنا ، كما أن الله الآب أرسله وبظهوره متجسدا لم ينفصل عنه بلاهوته.
الأرشيذياكون المتنيح بانوب عبده
عن كتاب كنوز النعمة لمعونة خدام الكلمة
المزيد
17 مارس 2023
مائة درس وعظة ( ٧ )
توبنى فأتوب
في التوبة نضع أمامنا أربعة مبادئ .
۱- حاضر في كل مكان .
۲- قادم في كل مكان .
۳- حاضن لكل إنسان .
٤- قادر على كل شئ .
يا سيد ، اتركها هذه السنة أيضا ، حتى أنقب حـولـهـا وأضع زبلاً . فإن صنعت ثمـراً ، وإلا ففيما بعد تقطعها » ( لو ١٣ : ٨ ، ۹ ) .في القرن الرابع الميلادي سميت عظات للقديس يوحنا الذهبي الفم « عظات التماثيل » ولها قصة .. ففي ذلك الوقت فرض الإمبراطور ضرائب على الشعب ، فهاج الشعب وكسروا تماثيل الإمبراطور والإمبراطورة ، ووسط هذا الهياج اكـتـشـفـوا مـقـدار الجـرم ولجأوا إلى الكنيسة لأن في ذلك الزمـان كـان يوجـد مـا يسمى بـ حق اللجـوء الكنسي » وهذا الحق يمنع القبض على إنسـان داخل الكنيسـة فاستغل القديس يوحنا الذهبي الفم بطريرك القسطنطينية هذا الأمر وهذه الفترة لكي ما يصنع شيئين :۔ الأول : يرفع الصلوات طلبـا للـرحـمـة والغفران الثاني : تقديم عظات تحث كل إنسان على الـتـوبة وهي التي سـمـيت باسم « عظات التماثيل » . إن توبة الإنسـان هـو عـمله الأول كل يوم وفي كل وقت . في التوبة الشـخـصـيـة والـجـمـاعـيـة نضع أمامنا أربعة مبادئ
أولا : الله حاضر في كل مكان
ها أنا مـعكم كل الأيام إلى انقـضـاء الدهر » ( مت ٢٨ : ٢٠ ) وفي نفس الوقت في العالم سيكون لكم ضيق ، ولكن ثقـوا أنا قد غلبت الـعـالـم » ( يو ١٦ : ٣٣ ) وهذا هو صـدق مسيحيتنا . نتذكر قصة يوسف الصديق وما تعرض له من ضيقات .
ثانيا : الله قادم في كل زمان
« عند المساء يبيت البكاء ، وفي الصباح ترنم » ( مز ٣٠: ٥) فالشمس أقوى من كل ظلام ، ولكن لله مواقيت ومواعيد . نتذكر قصة لعازر وأخته .. ومع ذلك تأخر عنهم أربعة أيام ولكنه أتى أخيرا ( يوحنا ١١) .
ثالثا :. الله حاضن لكل إنسان
موت المسيح له المجد على الصليب فاتحا ذراعـيـه لـحـضـن كل إنسـان ، فالله هو الذي يعطى التعزية ويعطينا صبرا ويسند الإنسان ، لن تجد راحة إلا في حضن المسيح ، ولن تجد تعزية إلا عندما ترتمي تحت رجلي المسيح في صلواتك ، وإنجيلك يدعوك كل يوم « تعالوا إلى يا جميع المتعبين والثقيلي الأحـمـال ، وأنا أريحكم . احـمـلوا نيـري عليكم وتعلموا منى ، لأني وديع ومـتـواضـع القلب ، فـتـجـدوا راحـة لنفوسكم » ( مت ١١ : ٢٨ ، ۲۹ ) نتذكر قصة داود وشاول وكيف أنقذه الله ( صموئيل الأول والثاني ) .
رابعا : الله قادر على كل شيء
إن هذا الـعـالـم كله في يد الله وهـو قـادر على كل شيء ، والحلول التي يوجـدها الله لم تكن تخطر على قلب بشر . نتذكر قصة الفتية الثلاثة وأتون النار وكيف أنقذهم الله ، ثق أن كل الأحداث الله قادر أن يحولها إلى أتون بارد . لا تقف عند الأحداث بل تطلع لـتـرى يد الله تمتد في كل شيء وتحرك كل شيء . مثل قصة أيوب البار وما تعرض له من ضـيـقـات ، وكان الله يريد أن يعلمه شيئاً ويحرره من خطية البر الذاتي ، وفي النهاية يقول : « بسمع الأذن قد سمعت عنك ، والآن رأتك عيني » ( أيوب ٥ : ٤٢ ) . + توبتك هي الأساس وسط أي أحداث « إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون » ( لو ١٣ : ٣) .
تدريب من ( رومـيـة ٨ ) نضـع أمـامك هذه الآيات لتجعلها منظومة لحياتك : ( رو ۳۸ : ۸-۳۹ ) : « فإني متيقن أنه لا موت ولا حياة ، ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قـوات ، ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة ، ولا علو ولا عمق ، ولا خليقة أخرى ، تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا » . ( رو ۲۸ : ۸ ) : « نحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحـبـون الله ، الذين هم مدعوون حسب قصده .. ( رو ۱۸ : ۸ ) : « فإني أحسب أن آلام الزمـان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا .. ( رو ۸ : ۸ ) : « فـالذين هم في الجـسـد لا يستطيعون أن يرضوا الله » .الله بكل قـدرتـه يصنـع خـيـرا للإنسـان بشرط واحد « القلب التائب » . ونحن لا نستطيع أن نرى السـمـاء وأمجادها لأن خطيتنا تحجب عنا رؤيتها ، ولكن الإنسان الذي يقـدم تـوبة حقيقية يستطيع أن يراها . عند الضيقات نرفع عيون قلوبنا إلى أمجاد السماء ، فآلام الأرض تجعل الإنسان يشتاق بالأكثر إلى السماء ، فهذه الآلام من أجل توبة الإنسان وشهادته للمسيح .
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
16 مارس 2023
شخصيات الكتاب المقدس متى الإنجيلي الرسول
اسمه لاوي ايفا. تبع يسوع الذي دعاه (متى 9: 9؛ لو 5: 27-28). بشّر الإنجيل في بلاد فارس وأثيوبيا حيث يُعتقد أنه رُسم أسقفاً. مات شهيداً. الأب مكاريوس يقول أنه بشّر في منبج السورية ومات طاعناً في السن. ولم يذكر سفره إلى أثيوبيا.من الجليل ويدعى لاوي. كان عشارًا، يجمع الجزية لحساب الرومان المستعمِرين، لذلك كان ممقوتًا لدى الشعب ومعتبرًا خاطئا في نظر عامة الناس. دعاه الرب أن يتبعه وكان جالسًا عند مكان الجباية، فترك كل شيء وقام وتبعه (مت 9: 9-24). إذ عملت نعمة الرب في قلبه.لازم الرب يسوع وسمع تعاليمه وشاهد عجائبه وعاين قيامته المجيدة وامتلأ من الروح القدس يوم الخمسين. قيل أنه كرز بالإنجيل في بلاد اليهودية وأثيوبيا، وقيل أنه بشر في بلاد الفرس والبارثيين، وكتب الإنجيل الذي يحمل اسمه.
الكنيسة في عصر الرسل، صفحة 324.
نشأته
اسم متي يعني (عطيه الله) والعبرانية نثنائيل وباليونانية ثيودروس وبدعوته اشبع قلبه فأنتزعت منه محبه المال.كان عشارا اسمه لاوي واسم ابيه حلفي رأه السيد المسيح جالسا عند مكان الجبايه.
كرازته
يؤكد لنا انجيل متي قصة دعوته لتبعية السيد المسيح في كلمات مختصره وفيما يسوع مجتاز من هناك رأي انسانا جالسا عند مكان الجباية اسمه متي فقال له اتبعني فقام وتبعه " (مت 9: 9).صنع متي وليمه لكن كانت خصيصا للسيد المسيح في بيته ودعا إليها الاصدقاء السابقين من العشارين والخطاه حتي يختبروا عذوبه التبعية للسيد المسيح بأنفسهم (لو 5) " الأمر الذي أثر معلمي اليهود قائلين للتلاميذ لماذا يأكل مع العشارين والخطاه " فأجاب وقال لا يحتاج الاصحاء الي طبيب بل المرضي كرز القديس متي بأرض فلسطين وصور وصيدا ومدينة بصري ودخل مدينة المغبوطين وجدهم مؤمنين بالسيد المسيح قبل البشاره وسمي (بالطوبانيون) وعمدهم وعاد الي اورشليم ثم ذهب الي بلاد الحبشه ودخل مدينة الكهنه الي هيكل ابللون فظهر له شاب علي باب المدينة وقال له لا تقدر ان تدخل هذه المدينة الا بعد ان تحلق رأسك وتأخذ في يدك سعف نخله فجأة اختفي هذا الشاب وعرف انه كان هو رب المجد يسوع المسيح نفسه فخاطب رئيس الكهنه عن الهتهم انهم لا يسمعون ولا تعي وانما هناك آله حقيقي قوي هو رب السماء والأرض وقد أجري الرب علي يديه معجزات منها ابن الوالي قد مات فصلي عليه القديس متي وتضرع الي الله فاستجاب له الرب وقام الولد من الموت فآمن أهل المدينة.
استشهاده:
كان استشهاد القديس متي رجما بالحجارة علي يد فسطس الوالي ودفن جسده في قرطاجنه قيسارية بواسطة قوم مؤمنين وتعيد له الكنيسة في اليوم الثاني من شهر بابه.
استشهاد القديس متى الانجيلي البشير (12 بابة)
في مثل هذا اليوم استشهد متى الإنجيلي، أحد الاثنى عشر رسولا وكان اسمه لآوى. وهو الذي كان جالسا عند مكان الجباية خارج مدينة كفر ناحوم. وقال له السيد المسيح اتبعني. فترك كل شئ وقام وتبعه. وقد صنع السيد للمسيح وليمة في بيته، جعلت الفريسيين يتذمرون عليه قائلين لتلاميذه "لماذا يأكل معلمكم مع العشارين والخطاة". فقال لهم يسوع "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى، لم آت لأدعو أبرارا بل خطاة إلى التوبة" (لو 15 27 - 32).وقد كرز في أرض فلسطين وفى صور وصيدا. ثم ذهب إلي الحبشة ودخل بلاد الكهنة وردهم إلى معرفة الله. فقد جاء في أول تاريخ القديس تكلا هيمانوت الحبشي أن أحد كهنة الإسرائيليين ويدعى صادوق قد أرسل ولده ويدعى "إبن الحكيم" يتسلط علي بلاد التجريا وأصحبه بأخيه عزاريا الكاهن، وأخذ عزاريا معه ما يلزم لتأدية الشعائر اليهودية في ذلك المكان. وتزوج عزريا بداقنادس إبنة أحد عظماء عاصمة التجريا ورزق منها ولدا أسماه صادوقا، وولد صادوق لاوي، وصار هؤلاء الكهنة يعلمون أهل الحبشة ما جاء بالتوراة، وكانوا يجتمعون في ديوان الملك كعادة الكهنة في القبة. لذلك أطلق علي إسم المدينة "مدينة الكهنة"، ومع توالي السنين تحول أهل تلك المدينة إلي الوثنية، حتى ذهب إليها القديس متى الرسول وهداهم إلي الإيمان المسيحي. وذلك أنه أراد دخول المدينة التقى به شاب وقال له: إنك لا تستطيع الدخول إلا إذا حلقت رأسك ولحيتك وأمسكت بيدك سعفه. ففعل كما أخبره الشاب. وفيما هو يفكر في هذا ظهر له الرب يسوع في شكل ذلك الشاب الذي قابله سابقا وبعد أن عزاه وقواه غاب عنه. فأدرك أن ذلك الشاب كان هو رب المجد نفسه. ثم دخل المدينة كأحد كهنتها ومضى إلى هيكل أبللون فوجد رئيس الكهنة، فخاطبه عن آلهته التي كانوا يعبدونها وأخذ يوضح له كيف أنها لا تسمع ولا تعي، وأن الإله الحقيقي القوي إنما هو الذي خلق السماء والأرض. وقد أجرى الله على يديه آية وذلك بأن هبطت عليهم مائدة من السماء، وأشرق حولهم نور عظيم. فلما رأى أرميوس الكاهن هذه الأعجوبة قال له "ما هو اسم إلهك؟" فأجاب الرسول "إلهي هو السيد المسيح". فأمن أرميوس الكاهن به وتبعته جماعة كثيرة. ولما علم حاكم المدينة بذلك أمر بإحراقهم. وحدث عند ذلك أن مات ابن الوالي، فصلى متى الرسول وتضرع إلي الله أن يقيم هذا الابن فاستجاب له الرب وقام الولد من الموت. فلما رأى الوالي ذلك آمن هو وبقية أهل المدينة، فعمدهم متى الرسول ورسم لهم أسقفا وكهنة، وبنى لهم كنيسة.وبعد أن كرز في بلاد أخرى عاد إلى أورشليم فاجتمع إليه جماعة من اليهود الذين بشرهم وآمنوا بكرازته واصطبغوا منه وطلبوا إليه أن يدون لهم ما بشرهم به، فكتب بداية البشارة المنسوبة إليه باللغة العبرانية إلا أنه لم يتمها، وقيل أنه كملها أثناء كرازته في الهند وكان ذلك في السنة الأولى من ملك إقلاديوس وهى السنة التاسعة للصعود.وكان استشهاده رجما بالحجارة على يد فسطس الوالي ودفن جسده في قرطاجنة قيسارية بواسطة قوم مؤمنين، في مكان مقدس.صلاته تكون معنا. آمين.
المزيد
15 مارس 2023
مشكلة الأعذار
كثيرون يقدمون أعذارًا يغطون بها خطاياهم حتى لا يلاموا، ويغطون بها تقصيراتهم في عمل الخير إنه خطأ قديم يرجع إلى أبوينا آدم وحواء! حواء اعتذرت بان الحية أغرتها وكان يمكن ألا تطيع الحية، فالعذر غير مقبول تماما مثل عذر آدم بأن المرآة أعطته وكان في إمكانه ألا يسمع لها حقًا ما أصدق عبارة إن طريق جهنم مغروس بالأعذار!
حتى الذي دفن وزنته في التراب قدم لفعلته هذه عذرا هو أقبح من الذنب نفسه، فقال إن سيده ظالم يحصد من حيث لا يزرع!!
وما أكثر الذين يعتذرون عن عدم الصلاة بأن ليس لديهم وقت! بينما يجدون وقتا للتسليات العديدة وللمقابلات، والحقيقة انه ليست لديهم رغبة..!
وغالبية الذين لا يقدمون عشورهم للرب يقدمون بدلًا منها أعذارًا بأن ليس لهم، بينما الأرملة التي دفعت الفلسين من أعوازها لم تقدم عذر وكذلك أرملة صرفة صيدا التي قدمت زيتها ودقيقها لإيليا النبي في أيام المجاعة وهى في مسيس الحاجة إن داود الطفل الصغير كانت أمامه أعذارًا كثيرة يمكنه أن يقدمها لو أنه لم يشأ مقاتلة جليات..!
انه لم يكن جنديا ولم يطالبه أحد بهذا الأمر، وكان صغير السن وقد سكت الكبار، وكان جليات جبارًا ليس من السهل مصارعته.. إلخ.، ولكن غيرة داود المتقدة لم تسمح بتقديم عذر واللص اليمين كانت أمامه أعذار ضد الإيمان لم يستخدمها!
كيف يؤمن باله يراه مصلوبا؟ ويبدو عاجزًا عن تخليص نفسه، وترن في أذنيه تحقيرات الناس له وتحدياتهم.. ومع ذلك لم يسمح اللص لنفسه أن يعتذر عن الإيمان إن الخوف لم يكن عُذْرًا يقدمه دانيال أمام جب الأسود، ولا عذرًا يقدمه الثلاثة فتية أمام أتون النار ولا محبة الابن الوحيد أمكنها أن تقف عذرا أمام إبراهيم حينما أمره الله أن يقدم هذا الابن محرقة وقد كان ابن الموعد الذي ولد له بعد عشرات السنوات!!
وأصحاب المفلوج كانت أمامهم أعذار لو أنهم أرادوا ولكنهم لم يعترفوا بالعقبات وصعدوا إلى السقف ونقبوه وانزلوا المفلوج بالحبال إن الذي ينتصر على العقبات فلا يعتذر بها، إنما يدل على صدق نيته في الداخل أما ضعيف الهزيمة أو ضعيف النية، فيذكرنا بقول الكتاب: "قال الكسلان: الأسد في الطريق"!
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
14 مارس 2023
من معالم الطريق الروحي ( ٥ ) التوبة حياة مستمرة
يقظة وتغيير للذهن :
الـتـوبة هي مدخل طريق الملكوت ، وهي صـحـوة . فربما كان أصل كلمة « تاب » هو « ثـاب » أي أسـتـيـقـظ وعاد إلى رشده . وفى الـيـونـانـيـة الـتـوبة = ميطانيا ( ميطا = تغيير ، نـوس = ذهـن ) وفهى إذن تجـديـد الـذهـن بحسب تعبير الـرسـول بـولس في رومية ١٢ « تـغـيـروا عـن شـكـلـكـم بتجديد أذهانكم » ( رو ۱۲ : ۲ ) ۔ والـتـغـيـر يـبـدأ بالذهن ، وكما أن الخطيئة بدأت بـفـكـرة ، فـالـتـوبة أيضاً تبدأ بفكرة ، مقارنة ذهنية واعية بين حياة البعد عن الله ، والحيادة داخل حظيرة الرب وبيته المقدس . حينما أسقطت الحية حواء ، أستخدمت باب الذهن والشك في وعود الله ووصاياه ، إذ بـيـنـما كانت حواء تعلم وصية الرب : « موتاً تموت » ... قالت لها الحية : « لن تموتا » !! ( تك ٣ : ١-٤ ) ، ثـم تحـايـلـت عليها قائلة : « بل الله عـالـم أنـه يـوم تـأكلان منه ، تنفتح أعـيـنـكـمـا ، وتـكـونـان كـالله ، عارفين الخير والشر » ( تك 3 : ٥) . إذن فـالـتـوبـة صـحـوة ، يقظة ، مقارنة ، أقـتـنـاع ، تحرك ذهـنى من أتجاه إلى أتجاه آخر جـديد ... ولعل خير مثال لذلك الابن الضال ، الذي فـكـر ، وقارن ، ثم قرر ، ونفذ !! التوبة ببساطة هي عودة النفس إلى الله ، شاعرة بمرارة البعد ، والحاجة إلى القرب ، وحينما تقرر النفس ذلك ، ينيرها روح الله ، و يقودها بنور الكلمة إلى بيت الله ، ودسم النعمة وشركة القديسين .
التـوبـة قيامة :
يـنـاديـنـا الـرسـول قـائـلاً « أستيقظ أيها الـنائـم ، وقـم من الأموات ، فيضىء لك المسيح » ( أف ٥ : ١٤ ) . فـكـمـا أن أجرة الخطية موت ، وحالة الخاطيء أنفصال عن الله الحي ، كذلك فـالـتـوبة هي حياة جديدة في المسيح ، حياة مستمرة حتى إلى الخلود . وكما أن خـطـيـئـة الشعب القديم قادته إلى الموت في « قـبـور الـشـهـوة » ( قبروتا هتأوه ) ، كذلك قـادتـهـم الـتـوبـة إلى الحياة ( عدد ١١ : ۳۱ - ٣٥ ) . لذلك وعدهم الرب قائلاً : هأنذا أفتح قـبوركـم ، وأصعدكم من قبوركم يا شعبی ، وأجـعـل روحـي فـیـکم فـتـحـيـون » ( حزقيال ۳۷ : ١٢- ١٤ ) . وقد دعا الكتاب المقدس التوبة « القيامة الأولى » ( رؤيا ٢٠ : ٦ ) ، في انتظار القيامة العامة في اليوم الأخير .
التوبة تجديد مستمر :
لأنه مادامت التوبة قيامة وحياة ، فهي إذن مـسـتـمـرة لا تـتـوقـف إلا بعد خلع الجسد الـتـرابـي ولـبـس الجسد السمائي . ولذلك فالإنسان لا يتوقف عن عملية تجديد الذهن طوال حياته على الأرض . مـن هـنـا تـكـون التوبة نوعاً من التجديد الـيـومـي ، بالاغتسال في دم المسيح ، ودموع الـنـدم ، وأمـانـة الجهاد . هكذا تجددت حياة الإبـن الـضـال ، إذ أغـتـسـل ، ولبس حذاء السـلام والـقـداسـة ، وخـاتـم العهد الجديد ، وشـبـع بـالـسـمـنـات الروحية والجسد والدم الأقدسين ، ودخـل إلى شـركـة الـقـديسين في الكنيسة ... « نأكل ونفرح » !!
ميطانيا الجسد :
وفى تـقـلـيـد كـنـيـسـتـنا الرائع ، نعبر عن مـيـطـانـيـا الذهن بميطانيا الجسد ، إذ ننسكب كـل يـوم أمام الله في توبة مستمرة متجددة ، في سـجـود حتى تلمس جبهتنا التراب ، أنسحاقاً أمام الله ، ثـم نـقـوم مـع الـرب في نصرة الحياة الجديدة ، وذلك مرات عديدة يصحبها قرع للصدر وطلب الرحمة ، في الأيام العادية ما عدا السبت والأحد والخمسين والأعـيـاد . إنه تدريب روحی طیب ، يعطى الإنسان فرصة يومية لتجديد العهود مع الله ، وطلب المراحم ، وقوة القيامة .
استمرارية التوبة :
ممـا تـقـدم يـتـضـح أن من سمات التوبة الأرثوذكـسـيـة الاسـتـمـرار مـدى الحيـاة . فـالـكـتـاب المـقـدس يـؤكـد لنا أننا نخطىء بـاسـتـمـرار ، ونـحـتـاج إلى « غسل أرجلنا » باستمرار ( يو ۱۳ : ٨ ) ، وإن إنساننا الداخل « يـتـجـدد للـمـعـرفـة حسب صورة خالقه » ( کو ٣ : ١٠ ) . فليعطنا الرب أن نتوب كل يوم ، بل كل لحظة ، بـل قبل أن نخطىء ، حتى تدخل إلى حياة « الـقـداسـة الـتـي بـدونها لا يرى أحد الرب » ( عب ١٢ : ١٤ ) .
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد