المقالات

05 ديسمبر 2025

“خدمة الحب”

«طُوبَى لِلإِنْسَانِ الَّذِي يَجِدُ الْحِكْمَةَ، وَلِلْرَّجُلِ الَّذِي يَنَالُ الْفَهْمَ، لأَنَّ تِجَارَتَهَا خَيْرٌ مِنْ تِجَارَةِ الْفِضَّةِ، وَرِبْحَهَا خَيْرٌ مِنَ الذَّهَبِ الْخَالِصِ. هِيَ أَثْمَنُ مِنَ اللآلِئِ، وَكُلُّ جَوَاهِرِكَ لَا تُسَاوِيهَا. فِي يَمِينِهَا طُولُ أَيَّامٍ، وَفِي يَسَارِهَا الْغِنَى وَالْمَجْدُ. طُرُقُهَا طُرُقُ نِعَمٍ، وَكُلُّ مَسَالِكِهَا سَلَامٌ. هِيَ شَجَرَةُ حَيَاةٍ لِمُمْسِكِيهَا، وَالْمُتَمَسِّكُ بِهَا مَغْبُوطٌ. الرَّبُّ بِالْحِكْمَةِ أَسَّسَ الأَرْضَ. أَثْبَتَ السَّمَوَاتِ بِالْفَهْمِ. بِعِلْمِهِ انْشَقَّتِ اللُّجَجُ، وَتَقْطُرُ السَّحَابُ نَدًى» (أم 3: 13 – 20). ”القلب عندما يُقدِّم للآخرين خدمة من أجل الرب يسوع، فإن صورة الرب تنطبع عليه، فيستنير بنوره“ (القمص بيشوي كامل) والآن يا عزيزي خطوتنا هي أن تكون أنت هو الشخص الذي يقود الآخرين في طريقهم نحو الملكوت. فالإنسان قيمته بقيمة دم المسيح، فحياته غالية ومقدَّسة وأبدية، فجميع البشر لهم قيمة غالية عند الله خالقهم. تخيَّل معي عزيزي القارئ إن كان يوجد في العالم شخص واحد فقط! كان المسيح سيأتي من أجله ويتجسَّد ويُصلَب ويموت على الصليب، ثم يُدفَن ويقوم من بين الأموات! فالمسيح لم يأتِ لأن العالم به أُناسٌ كثيرون! دعنا نُعرِّف الخدمة في ثلاث كلمات: وزنة أمانة مسؤولية وزنة: فالمسيح يُعطي للإنسان وزنة وهي الخدمة، ولنتذكَّر مَثَل الوزنات (مت 25):«فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ. كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ» (مت 25: 21) يا ليتك تُصلِّي وتشتاق أن تسمع العبارة الجميلة: «اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ» وكلمة وزنة تعني فرصة، أمام أي شخص منَّا قد تسمح ظروفه الآن بالخدمة، لكن مَنْ يعلم ماذا سيحدث في المستقبل؟ وهل ظروفه ستسمح بالخدمة أم لا؟! فليستغل الفرصة التي أعطاها له الله ويخدم. أمانة: وهذه الأمانة تستمر حتى نهاية عمر الإنسان. وكما يقول الكتاب: «كُنْ أَمِينًا إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ» (رؤ 2: 10)، وهذه الآية تبدأ بصيغة إلزامية وشخصية وهي: «كُنْ»، فلا مجال للتراخي في خدمة الآخرين. مسؤولية: إن كلمة مسؤولية، مشتقة من كلمة سؤال، بمعنى أن الله سيسألنا عن هذه الخدمة، فلا بد أن يكون لدى الإنسان المسيحي إحساس بالمسؤولية، إذ أنه يعمل مع الله ذاته بماذا سنُجيب الله، إن سألك عن أُسرتك، عن أولادك؟! عن أصدقائك؟ أو عن كل مَنْ تعاملت معهم؟! والكتاب يقول: «الَّذِي سَيُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ أَعْمَالِهِ» (رو 2: 6). ولكن كيف نُطبِّق المفاهيم السابقة عمليًّا؟ أولًا – الصلاة الدائمة: فأول شيء يجعل الإنسان المسيحي ناجحًا في خدمة الآخرين، أن ينشغل بخدمته، أو على الأدق بالنفوس التي يخدمها وأول علامة تدل على ذلك، أنه دائمًا يذكرهم في صلواته، بل ويصلِّي الخادم من أجل الآخرين أثناء القداس كُلٌّ بحسب احتياجه وهذا يُذكِّرنا بقصة الخروف الضال (لو 15)، وكيف أن الراعي ترك التسعة والتسعين، وذهب يبحث عن هذا الخروف الضال، وهكذا مَنْ يُصلِّي من أجل الآخرين، فهو يهتم بكل فرد منهم. ثانيًا – وسائط النعمة: فيشجِّع الإنسان المسيحي الآخرين على الذهاب إلى الكنيسة، وكذلك يُشاركهم صلواتهم وقراءَتهم الروحية، وممارسة الأسرار المقدَّسة بوعي خاصة سر الاعتراف وما فيه من توبة ومخافة، وسر التناول وما فيه من حضور وثبات في المسيح. ثالثًا – إدراك قيمة الآخرين: دعني أقُصُّ لك قصَّة: حدث خلاف بين أصابع اليد الخمسة، كل واحد يُريد أن يكون الأعظم، وقف الإبهام ليُعلِن: إن الأمر لا يحتاج إلى بحث، فإني أكاد أن أكون منفصلًا عنكم، وكأنكم جميعًا تمثِّلون كفة، وأنا بمفردي أمثِّل كفة أخرى، إنكم عبيد لا تقدرون أن تقتربوا إليَّ. أنا سيدكم، إني أضخم الأصابع وأعظمها! في سخرية انبرى السبَّابة يقول: لو أن الرئاسة بالحجم لتسلَّط الفيل على بني آدم وحُسِبَ أعظم منهم. إني أنا السبَّابة، الإصبع الذي يأمر وينهي: عندما يشير الرأس إلى شيء أو يُعلن أمرًا يستخدمني، فأنا أولى بالرئاسة. ضحك الأصبع الوُسْطَى وهو يقول: كيف تتشاحنان على الرئاسة في حضرتي، وأنا أطول الكل. تقفون بجواري كالأقزام. فإنه لا حاجة لي أن أطلب منكم الخضوع لزعامتي، فإن هذا لا يحتاج إلى جِدال. تحمَّس البِنْصِر قائلًا: أين مكاني يا إخوة؟ انظروا فإن بريق الخاتم يلمع فيَّ، هل يوضَع خاتم الإكليل في إصبع آخر غيري؟! إني ملك الأصابع وسيدهم بلا منازع! أخيرًا إذ بدأ الخنصر يتكلَّم، صمت الكل في دهشة، ماذا سيقول هذا الإصبع الصغير، لقد قال: اسمعوني يا إخوتي إني لست ضخمًا مثل الإبهام بل أرفعكم! لست أعطي أمرًا أو نهيًا مثل السبَّابة! ولست طويلًا مثل الإصبع الوسطى بل أقصركم! ولم أنل شرف خاتم الزواج مثل البنصر. أنا أصغركم جميعًا، متى اجتمعتم في خدمة نافعة تستندون عليَّ، فأحملكم جميعًا، أنا خادمكم! انحنى الكل له، وهم يقولون: صدقت، فقد قال كلمة الله: «الأَصْغَرَ فِيكُمْ جَمِيعًا هُوَ يَكُونُ عَظِيمًا» (لو 9: 48). تذكَّر أن لكل فرد موهبة مميَّزة وقيمة ورسالة. رابعًا: الارتباط بالسماء: وهذا هو دور الإنسان المسيحي الأساسي أن يساعد الآخرين للوصول إلى الملكوت، وبولس الرسول يقول: «لِيَ اشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ، ذَاكَ أَفْضَلُ جِدًّا» (في 1: 23). وكلمة ”اشتهاء“ تعني: ”رغبة قويَّة“. احرص يا عزيزي أن تُرسِّخ فكر السماء في أذهان مَنْ حولك وقلوبهم. بقي لي أن أحثّك في نهاية رحلتنا عن مهارة هامة وفضيلة أساسية في خدمتك للآخرين، ألا وهي الحكمة … وتنعكس الحكمة في خدمة الآخرين من خلال ثلاثة أوجه: أولًا: في العلاقات والمعاملات: هناك قواعد عامة مثل:الاحتراس من العثرة، فيكون خوف الإنسان من العثرة، هو خوفه من الحيَّة ألَّا تكون سببًا في عثرة أحد، وخصوصًا أن الآخرين يرصدون كل تصرُّف وكل كلمة تنطق بها. اجعل هناك حدودًا بينك وبين الآخرين. احرص دائمًا أن تكون صانع سلام، فالحكمة هي التي تصنع السلام. تحكي قصص البرية عن راهب ذهب للسكن في منطقة في البرية، كان يوجد بها راهب آخر … وقد أعطى الراهب القديم الراهب الجديد قلاية كانت له. وبعد فترة بدأ هذا الراهب الجديد يتوافد عليه الزوار. وهنا بدأ يحدث نوع من الغيرة عند الراهب القديم، فأرسل تلميذه إلى الراهب الجديد يطالبه بأن يُعيد إليه قلايته. ولكن هذا التلميذ الحكيم، ذهب إلى الراهب الجديد وقال له: معلِّمي يُرسل لك السلام، ويسأل إن كنت في احتياج إلى شيء! وعندما عاد إلى مُعلِّمه قال له: الأب يقول أمهلني يومين، حتى أتدبَّر أمري!! وبعد اليومين أرسل الراهب تلميذه مرَّة أخرى إلى الراهب الجديد، وقال له: قُل لهذا الراهب، إنه يجب أن يترك القلاية ويرحل. فذهب التلميذ وقال للراهب: المُعلِّم يسأل عن أحوالك. وإن كنت في احتياج لشيء، أحضره لك! فشكره الراهب. وفي المرة الثالثة قال الراهب لتلميذه: اذهب وقُل لهذا الراهب، إن لم تغادر سوف آتي وأطردك بنفسي. فأسرع التلميذ إلى الراهب، وقال له: إن مُعلِّمي آتٍ إليك لكي ما يسأل عنك. فخجل الراهب الجديد أن يأتي إليه شيخ كبير، فأسرع لاستقباله في الطريق، وضرب له ميطانية. وهنا أسرع التلميذ إلى معلِّمه، وهمس في أُذنه قائلًا: إني لم أقل له كلمة مما قلته لي. قد يقول شخص: إن هذا التلميذ قد كذب! بالطبع لا يا عزيزي، فالحكمة في المعاملات تحتاج أن نحترس من العثرة، ونعرف فَنّ الحِفَاظ على الحدود. ونصنع سلامًا بمعنى تجنُّب الخصام. ثانيًا: في المشورة والإرشاد: بمعنى إن سأل أحد رأيك في أمرٍ ما، احرص أن يكون خلاص نفسه هو الركيزة الأساسية في إجابتك أي أن تضعه على طريق السماء، ويسمِّي هذا الأمر القديس يوحنا ذهبي الفم: ”هواية خلاص النفوس“ احذر أن تُرشد شخصًا من ذاتك؛ لأن الإرشاد يجب أن يكون مبنيًّا على الإنجيل، وسير الآباء وأقوالهم، فلا يجب أن تُرشد أحدًا بناءً على خبرتك الشخصية فقط وكما قال الأنبا أنطونيوس: ”ليكن لكَ شاهدٌ من الكُتب المقدَّسة على كل عمل تقوم به“. ثالثًا: البشارة المُفرحة: الخدمة المسيحية يجب أن تُنْصَب على الفرح، النابع من الصليب نصلِّي ونقول: ”نشكرك، لأنكَ ملأتَ الكل فرحًا أيها المُخلِّص، لمَّا أتيتَ لتُعِين العالم، يا رب المجد لكَ“ عندما نتكلَّم عن الصليب نقول: ”آلام المسيح المُحيية“، فبالرغم من أنه ألم، إلَّا أنه يُعطي حياة! فتخيَّل أن كل فرد منَّا، يحمل قلبه في يده، ويذهب تحت الصليب، ويقول للرب املأني فرحًا. وهنا يمسك المسيح بصليبه ويملأ كل فرد منَّا بالفرح أُمُّنا العذراء تقول: ”أمَّا العالم فيفرح لقبوله الخلاص، وأمَّا أحشائي فتلتهب عند نظري إلى صلبوتك يا ابني وإلهي“ فالحكمة تقتضي الرسالة المفرحة. حضورك بشكل عام يجب أن يكون مُفرحًا، وليس ثقيلًا. تدريب الحكمة: هو أن تقرأ سفر الأمثال يوميًّا، ويتم قراءته حسب تاريخ اليوم، بمعنى إذا كان اليوم هو 22 من الشهر فعليكَ قراءة الأصحاح الـ 22 وهكذا، لأن هذا السِّفْر يُسمَّى سِفْر تعليم الحكمة. قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
04 ديسمبر 2025

كل عيد نستقبله بصوم

العيد نعمة وبركة من الرب وفرح و نحن نستقبل هذه البركة بالصوم بالصوم نعد أنفسنا روحياً لكيما نستقبل البركة والنعمة يقترب مؤهلة بالصوم نتذلل أمام الله لكى من أجل انسحاق قلوبنا ينعم علينا بما يريده لنا من الخير يرفض الطعام في الصوم ، إنما ترفض الجسد نرفض المادة ونرتقع بهذا فوق مستوى العالميات ونقترب إلى الله الذي يهينا وبركة العيد وفاعليته في حياتنا وفي حياة الكنيسة و حينما نصوم هكذا قبل العيد فإننا حينها نعيد إنما نعيد بتعفف ولا تستهوينا في العيد أفراح العالم وملاذه وتبقى ثمار الصوم واضحة في فرحا بالصوم نحيا بالروح وبهذا يمكننا أن نشترك مع الروحانيين سواء الملائكة أو أرواح القديسين فيشاركوننا العيد بهذه المشاعر كلها نستقبل عيد الميلاد بهذا الجو الروحي نستقبل كلمة الله متجسداً فى يوم ميلاده وكما صام اليهود وتطهروا وتقدسوا قبل أن يستقبلوا كلمة الله على جبل حوريب كذلك نحن في استقبال الكلمة الأزلى النور الحقيقي تعد أنفسنا بالصوم وليس بالصوم فقط وإنما بالتسابيح التى يمتلئ بها شهر كيهك وسهراته الروحية وكل التذكارات الجميلة الخاصة بالميلاد نعد انفسنا روحاً، كما لو كان الرب سيحل في قلب كل واحد منا وليس في المزود ببيت لحم ولكن يحلو هنا أن نسأل سؤالا : هل بالصوم نستقبل العيد أم أن الصوم نفسه هو العيد ليس العید هو التنعم بالطعام فهذا تفکیر جسدانی والعيد الحقيقي هو تنعم الروح والروح تتنعم في الصوم. مجلة الكرازة العدد الثامن والاربعون عام 1980
المزيد
03 ديسمبر 2025

يهييء له شعباً مستعداً

بمناسبة بدء صوم الميلاد الذي نستقبل فيه عمانوئيل إلهنا نتذكر انه قبل مجيئه أرسل ملاكه ليهيئ الطريق قدامه يهييء له شعباً مستعداً عندما أراد الله أن يكلم الشعب لأول مرة ويعطيهم وصاياه قال لموسى اذهب إلى الشعب وقدسهم اليوم وغداً وليغسلوا ثيابهم ويكونون مستعدين لليوم الثالث لأنه في اليوم الثالث ينزل الرب أمام عيون الشعب على جبل سيناء ( خر ۱۹ : ۱۰ - ١٥ ) وهكذا هيا موسى للرب شعبا مستعدا لسماعه ونفس الوضع نجده بالنسبة الى صموئيل النبي كان ذاهباً إلى بيت لحم لكى يقدم للرب ذبيحة ويختار مسيحاً للرب ولما كان ليس لكل أحد أن يتقدم إلى الذبيحة بدون استعداد لذلك قال صموئيل النبي عبارته المشهورة " تقدسوا وتعالوا معى إلى الذبيحة" ( ١صم ٥:١٦ ) ويقول الكتاب بعدها " وقدس يسى وبنيه ، ودعاهم إلى الذبيحة" كان لا بد أن يهيىء للرب شعباً مستعداً ، بتقديسه وكانت هذه هي رسالة يوحنا المعمدان كاهن الرب قال عنه الملاك فى البشارة بميلاده " يريد كثيرين من بني اسرائيل إلى الرب إلههم ويتقدم أمامه بروح ايليا وقوته ليرد قلوب الآباء إلى الأبناء والعصاة إلى فكر الأبرار لكي يهيى للرب شعباً مستعداً " ( لو ١ : ١٦، ١٧ ) كما هو مكتوب في الأنبياء : ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك صوت صارخ في البرية أعدوا طريق الرب ،اصنعوا سبله مستقيمة "( مر ٣،٢:١ ) ويوحنا المعمدان هيأ الشعب للرب بالتوبة والمعمودية ما أعظم هذه الرسالة التي يقوم بها أولئك القديسون الذين يهيئون للرب شعباً مستعداً "أيها الأخوة : إن ضل أحد بينكم عن الحق فرده أحد فليعلم أن من رد خاطئاً عن طريق ضلاله يخلص نفساً من الموت ويستر كثرة من الخطايا "( يع ٥ : ١٩- ٢٠ ) ." تخليص نفس من الموت" ما أعظم هذا العمل ! إنه عمل الرب من يقوم به إنما يعمل الرب فيه أنظروا إلى بولس الرسول يقول لتلميذه تيموثاوس "لاحظ نفسك والتعليم وداوم على ذلك فإنك إن فعلت هذا تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضاً "( اتى ٣ : ١٦ ) .بل أن بولس الرسول يقول عن نفسه في عمل الخلاص " صرت للضعفاء كضعيف لأربح الضعفاء صرت للكل كل شيء لأخلص على كل حال قوماً "( ۱ کو ۹ : ۲۲ ) وبطرس الرسول يقول للأخوة الذين في الشتات "نائلين غاية إيمانكم خلاص النفوس " ( ۱ بط ٩:١ ) . فماذا يقصد بهذا الخلاص؟ عجيب أن الكتاب يستعمل كلمة الخلاص بالنسبة للبشر بينما هو عمل المسيح إنه أيضاً عمل البشر بمعنى أنه يهيىء للرب الشعب الذي يقبل هذا الخلاص ويؤمن به ويعتمد على أساسه يهیی للرب شعباً مستعداً لنوال الخلاص بالطريقة التي رسمها الرب و لعلك تسأل : ولماذا لم يرسل الله روحه القدوس ليخلص الناس مباشرة، ولا داعى لدخول البشر في هذا الموضوع الإلهى ؟ أجيبك بأن الكتاب المقدس يكشف لنا أن هذا ليس هو أسلوب الله لان أسلوب الله هو أن يرسل أمامه " ملاكه " ليهييء الطريق أمامه ليس الله محتاجا الى من يهيى الطريق له . ولكن محبته تشاء أن ان يشرك معه البشر في عمل المحبة نحو اخوتهم الله يستطيع أن يغرس الشجر بنفسه دون زرع بشر كما غرس جنة عدن ولكنه من محبته ومن تواضعه يسمح أن واحداً يغرس ، والثانى يسقى والله هو الذى ينمى وهو ينمى هذا الغرس المستعد الذي هيئه له "شركاء الطبيعة الإلهية "في عمل المحبة نحو البشر إن الرب هو الذي يعمل فى القلوب لخلاصها يعمل بنعمته و بروحه القدوس ويعمل أيضاً بكل "أناء مختار " تحل فيه قوة الله ،وتنطق على فمه لترد العصاة إلى فكر الأبرار هذا هو عمل الأنبياء ، وعمل الرعاة والكهنة وعمل الوعاظ و عمل "صيادى الناس" من كل جهة وظيفتهم جميعاً أن يهيئوا للرب شعباً مستعداً بل هذا هو أيضاً عمل الملائكة الذين قال عنهم الكتاب "أليسوا جميعاً أرواحاً خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص " (عب ١ : ١٤ ) وهكذا بنفس المعنى فإن المعمدان الذي هيا الطريق أمام الله دعى ملاكاً لأنه يعمل عمل الملائكة وأيضاً رعاة الكنائس السبع دعوا ملائكة لأنهم كذلك يهيئون للرب شعباً مستعداً عن هذا الأمر "تهيئة الشعب للرب " قال بولس الرسول" خطبتكم لرجل واحد لاقدم عذراء عفيفة للمسيح " ويوحنا المعمدان لما هيأ الشعب بالتوبة ،قدمه للمسيح ، كهروس وقال "من له العروس فهو العريس" أما أنا فصديق للعريس أقف وأفرح هذه العروس المهيأة لعريسها بواسطة عمل الآباء والأنبياء والرعاة والكهنة هي التي رأها الرائي في سفر الرؤيا ( رو ۲۱ : ۲ ) هؤلاء يقومون بتهيئة كل نفس لكى تنضم إلى الكنيسة وتصير عضواً في جسد المسيح كما قال الكتاب : وكان الرب كل يوم يضم إلى الكنيسة الذين يخلصون الرب يريد أمثال هؤلاء لكى يعمل فيهم ومعهم وبهم ولذلك قال لتلاميذه " الحصاد كثيرة والفعلة قليلون اطلبوا إلى رب الحصاد أن يرسل فعلة لحصاده" هؤلاء الفعلة هم الذين يهيئون للرب شعباً مستعداً ولقد سماهم الرب في بعض الاوقات بالكرامين وبالوكلاء قال إنه سلم الكرم لكرامين صاحب الكرم هو الله أما عمل الكرامين فهو تهيئة الكرم لكى يعطى ثمراً باعطاء الكرم كل ما يحتاجه من ماء الحياة ومن طعام النعمة وهذا ما قاله الرب عن وكلائه "يا ترى من هو الوكيل الامين الحكيم الذي يقيمه سيده على عبيده ليعطيهم طعامهم في حينه طوبي لذلك العبد الذي إن جاء سيده يجده يفعل هكذا" إن وجده يهيى هؤلاء العبيد للقاء ربهم لعلك تقول : انا لست من هؤلاء الخدام الرسميين في الكنيسة الذين ائتمنهم الرب أن يهيئوا له شعبا مستعدا ؟ أقول إن هذا العمل هو أيضاً عمل الأب والأم أن يشتركوا في تهيئة الشعب المستعد بتهيئة أطفالهم للرب في حياة الإيمان كما مدح بولس الرسول لوئيس وافنيكي اللتين سلمتا الإيمان عديم الرياء لتلميذه تيموثاوس ( ٢ تی ٥:١) وظيفة الاشبين الذي يتلقى المعمد من الكنيسة هي هذه : "أن يهيىء للرب شعباً مستعداً " فيهيىء هذا الطفل الذي لا يدرك شيئاً لحياة الإيمان التي عمد على أساسها يعده ليكون عارفاً بكل قواعد الخلاص ومؤمناً بها من أعماقه وأنت إن كنت لا تستطيع أن تكون خادماً للرب على المستوى العام تهييء له شعباً مستعداً فلتكن هكذا على مستوى الأسرة ولتقل" أما أنا وبيتي فتعبد الرب " وان لم تستطع عن طريق تهيئة أسرتك ، فهيئ نفسك وإن هيأ كل إنسان نفسه فإن الشعب كله سيكون للرب شعباً مستعداً لأن الشعب هو مجموعة أفراد فهل حقاً قد هيأنا أنفسنا للرب ؟ إننا مثلا نقول للرب في كل صلاة "ليأت ملكوتك " فهل نحن قد هيأنا أنفسنا لهذا الملكوت وصرنا مستعدين لملاقاة الرب إذا جاء الآن كما قال "كونوا مستعدين"؟ إن الكنيسة تقدم لنا سر الافخارستيا على المذبح ، ولكل هل هيأنا للرب شعباً مستعداً للتناول ؟ لأن من يتناول بدون استحقاق يتناول دينونة لنفسه غير مميز جسد الرب ( ۱ کو ۱۱ : ۲۹ ) . وظيفة الكنيسة أن تهيى أولادها ليكونوا مستعدين فكما يكونون مستعدين للتناول يكونون مستعدين أيضاً لمقابلة كل فكر غريب ضد الإيمان فاهمين كل حقائق الإيمان والعقيدة كما قال الرسول "كونوا مستعدين كل حين لمجاوبة كل من يسألكم عن سر الرجاء الذي فيكم" بل أكثر من هذا كانت الكنيسة في العصور الأولى تهيى الرب شعبا مستعدا حتى للاستشهاد .كانت تهيئه بمحبة الله وبذل النفس لأجله والفرح بالملكوت والأبدية وعدم الخوف من الموت بل أن هناك كتباً الفها آباء الكنيسة في القرن الثاني للميلاد وفى القرن الثالث عنوانها "حث على الاستشهاد " أن عمل الخدمة كله يتلخص في هذه العبارة وحدها " تهيئ للرب شعباً مستعداً " وليس للخدام عمل آخر ولكن كيف يمكن لخادم الرب أن يهيئ النفوس له ؟ يهيئها كيوحنا المعمدان بالتوبة والمعمودية ويهيئها أيضاً بالتعليم و بكلمة الله القوية الفعالة ويهيئها بالتشجيع وبخاصة للركب المخلعة والنفوس الصغيرة وبالتأني على الضعفاء و يهينها بالمحبة بما يمنحه لها من حب وبما يكشفه لها من محبة الله لها و عمله لأجل خلاصها وإن احتاج الأمر إلى التوبيخ والتأديب اعادة الناس إلى التوبة وتهيئتهم للرب فلا مانع بمحبة وحكمة ان الله نفسه يهيئ شعبه بالتجارب ليكون مستعدا بالتجربة تنحنى الركبة أمام الله وترتفع القلوب بالصلاة وتلتصق النفوس بالكنيسة بالصوم وانسحاق القلب إن الله يتخذ كل الوسائل ليخلص على كل حال قوماً . قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عظة البابا يوم 21/11/1980
المزيد
02 ديسمبر 2025

الصوم والنقاوة

مع بداية صوم الميلاد المقدس نبدأ رحلة روحية نستعد فيها لاستقبال الابن الكلمة متجسدًا. فكما صام موسى النبي على الجبل أربعين يومًا وهو يستقبل كلمة الله وشريعته المقدسة، هكذا نقدم صومًا طاهرًا لنستقبل الابن الكلمة المتجسد رأس البشرية الجديدة التي تطيع الكلمة الإلهية، وتُنفّذ المشيئة الإلهية أيضًا كما في السماء كذلك على الأرض ولعلنا نتساءل ما علاقة الصوم بالنقاوة الداخلية؟ ولابد أن نعترف أن الجسد وطبيعته الفسيولوجية وغرائزه الحياتية وميوله الطبيعية المادية تحتاج إلى تنقية حتى يتقدس ويتنقّى، ولا يستجيب للعثرات والمثيرات التي يحاول عدو الخير أن يثيره بها، مما يؤثر على الفكر والعاطفة ولأن الصوم دليل لحب الإنسان لله، وعلامة حرصه على تقديم دليل قوي لمحبته لله ولوصاياه، لذلك يتحول الصوم إلى وسيلة قوية لتعميق حب الله في قلب الإنسان، مما يقوده للعبادة النقية بالصوم والصلاة والتسبيح والليتورجيات في التسابيح والألحان والتأمل في كلام الله المقدس.ملكية الله للجسد: وهذا هو منهج القداسة الحقيقية، فرغم أن القديسين كانت لهم أجساد مثلنا لها ميول وغرائز وعواطف، ولكن قدسوها جميعًا بالشبع من الله وتمليكه على الجسد وطاقته، فصار الجسد هيكل الله وروح الله ساكن فيه. ومع تفعيل عمل الروح القدس بالصوم والعبادة تكون هناك تقويه للكيان الروحي بقيادة روح الإنسان المقودة بعمل الروح القدس، مما يجعل الجسد خاضعًا كعبد مطيع للروح كما قصد القديس بولس من عبارته «أُقمع جسدي وأستعبده» (1كو9: 27). فالقمع يعني الخضوع لملكية الله وخدمة الأهداف الروحية، فيحيا الإنسان حسب الروح وليس حسب الجسد. وهناك تحذير في كلمات هامة للقديس بولس «إن عشتم حسب الجسد فستموتون، ولكن إن كنتم بالروح تُميتون أعمال الجسد فستحيون» وأيضًا، «مَنْ يزرع للجسد فمن الجسد يحصد فسادًا، ومَنْ يزرع للروح فمن الروح يحصد حياة أبدية» (2كو9: 6). ولخطورة الأمر نبّه السيد المسيح لعدم التهاون فقال: «إن أعثرتك عينك فاقلعها وألقها عنك، فخير لَكَ أن تدخل الحياة أعور من أن تدخل جهنم ولَكَ عينان» (مت18: 6-9)، أي أن قطع العثرة من العين يوصّل للحياة الأبدية وهذا مهم للجسد كما يوضّح القديس بولس ذلك فيقول: «ولكن الجسد ليس للزنا بل للرب والرب للجسد، ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح؟ أفآخذ أعضاء المسيح وأجعلها أعضاء زانية؟ حاشا! اهربوا من الزنا.. إنكم لستم لأنفسكم لأنكم قد اُشتريتم بثمن، فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله» (1كو6: 20)، وهنا تنبيه لخطورة تدنيس الجسد بالخطية أو الشهوات. الخطية تنبع من الداخل: «كل خطية يفعلها الإنسان هي خارجة عن الجسد، ولكن الذي يزني يخطئ إلى جسده» (1كو6: 18)، ومكتوب أن «الإنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يُخرج الصالحات، والإنسان الشرير من كنز قلبه الشرير يُخرج الشرور» (لو6: 45).وهنا أهمية المقاومة: «لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية» (عب12: 4). والصوم يقوّي الإرادة حتى تقاوم الخطية كما جاء في (مت15: 10-20) «لأن من القلب تخرج الأفكار الشريرة، هذه التي تُنجس الإنسان». نيافة الحبر الجليل الأنبا بنيامين مطران المنوفية وتوابعها
المزيد
01 ديسمبر 2025

النضج الاقتصادي اللازم للزواج

ذكرنا في الأعداد الماضية إن هناك زوايا نُضج هامة يجب أن يتمتع بها كل من الشاب والشابة، قبل التفكير في الزواج وذكرنا منها: 1- النضج الروحي 2- النضج النفسي 3- النضج العاطفي نستكمل موضوعنا عن 4- النضج الإقتصادي:هذا محور رابع وهام، فللزواج مُتطلَّبات مادية محسومة وأكيدة، ولدينا تقاليد نرجو أن تهدأ شيئًا فشيئًا، لكيلا يجد الطرفان نفسيهما أمام التزامات مادية ضخمة: الشبكة، الهدايا، السكن، الأثاث، الحفلات الكنسية وغير الكنسية ومع أن الشباب في براءة وانطلاق يحاول الإفلات من هذه الفخاخ الخطيرة، إلّا أنه يجد التقاليد الاجتماعية الراسخة كالجبل، عائقًا خطيرًا، في طريق إتمام الزواج. وهنا يصطدم الحب بصخرة مالية، تعقبها مرارة في نفس كلٍّ من الطرفين، بل ومرارة عند كلٍّ منهما من نحو الآخر وقد خذله مضطرًا غالبًا!لهذا فنحن ننصح الشباب "بالواقعية" في الحياة الأسرية، فالحياة ليست في نعمومة الخيال وأحلام اليقظة، ولكنها في خشونة الواقع وآلامه ومعطياته. يجب أن يحسب الطرفان حساب النفقة قبل الإقدام على هذه الخطوة. والأهم من ذلك أن تحسب الفتاة هذا الحساب، لأنها ستعاني -ربما- أكثر من الفتى، حينما تصطدم المحبة والتوافق بصخرة الظروف المادية والاجتماعية فيحدث فسخ للخطوبة، وهذا له تبعاته الكثيرة، التي سنتحدث عنها إن شاء الله.إن الأنسب لنا أن ندخل بالشباب إلى عالم الواقع بدلأ من أن نخدعه وهو يحلق بأجنحة الخيال في عالم الوهم. وأن ندفعه إلى العمل الجاد وتدبير أموره المادية، قبل أن تتعثر خطواته أمام عدم الاستعداد.إن الدراسة المتأنية لظروفنا الاقتصادية، وأقصد الخطيبين، والأسرتين، والأصدقاء تجعلنا نضع أقدامنا على أرض صلبة، أرض الواقع المعاش، وليس الخيال المأمول!! وهكذا تتكون أسرة ناجحة، وقابلة للاستمرار في النجاح، بعمل نعمة الله، والإرشاد الكنسي والشركة التفاعلية.وهكذا من خلال هذا النضج المبارك في الزوايا الأربع، يكون الشاب والشابة في وضع مناسب لاختيار الشريك، والإقدام على الزواج، وتكوين الأسرة المسيحية السعيدة. نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
30 نوفمبر 2025

الأحد الثالث من شهر هاتور لو ١٤ : ٢٥ - ٣٥

وكان جموع كثيرة سائرين معه فالتفت وقال لهم إن كان أحد يأتى إلى ولا يبغض أباه وأمه وامرأته وأولاده وإخوته وأخواته حتى نفسه أيضاً فلا يقدر أن يكون لى تلميذاً و من لا يحمل صليبه ويأتي ورائي فلا يقدر أن يكون لى تلميذاً ومن منكم وهو يريد أن يبنى برجاً لا يجلس أولا ويحسب النفقة هل عنده ما يلزم لكماله لئلا يضع الاساس ولا يقدر أن يكمل فيبتدى جميع الناظرين يهز أون به قائلين هذا الإنسان ابتدأ يبنى ولم يقدر أن يكمل وأى ملك إن ذهب لمقابلة ملك آخر في حرب لا يجلس أولا ويتشاور هل يستطيع أن يلاقى بعشرة آلاف الذي يأتى عليه بعشرين ألفاً و إلا في ما دام ذلك بعيدا يرسل سفارة ويسأل ما هو للصلح فكذلك كل واحد منكم لا يترك جميع أمواله لا يقدر أن يكون لى تلميذاً الملح جيد و لكن إذا فسد الملح فماذا يصلح لا يصلح لأرض ولا لمزبلة فيطرحونه خارجاً من له أذنان للسمع فليسمع . تبعية يسوع وكان جموع كثيرة سائرين معه فالتفت وقال لهم إن كان أحد يأتى إلى ولا يبغض أباه وأمه وأمرأته وأولاده وأخوته وأخواته حتى نفسه أيضاً لا يقدر أن يكون لى تلميذاً ومن لا يحمل صليبه ويأتى ورائي فلا يقدر أن يكون لى تلميذاً عد ٢٥ - ٢٧ . جموع كثيرة كثيراً ما نقرأ عن جموع كانت تزحم يسوع ،ولكن قليلون منهم كانوا يتلامسون مع يسوع ويخلصون ،وهذه العينات مثل المرأة نازفة الدم ومثل زكا العشار ومثل المولود أعمى ،وهي التي عرفت كيف تتبع يسوع لا لان ليس كل السائرين معه هم تابعون بالحقيقة فكثيرون يتبعونه رغبة فى الملكوت رغبة في التعزية أو ليشاركوا في أكل الخبزات ينبهرون من الآيات ويحبون السير وراء مسيح المعجزات ومسيح التعزيات ولكن النفوس القليلة تتبعه إلى النهاية وتكمل المسيرة حتى البستان والآلام والصليب.التفت وقال لهم إن يسوع دائماً يلتفت إلى السائرين وراءه ، وهو حينما يلتفت إلينا يفحص أعماق قلوبنا ينظر إلى نيتنا وهدفنا من السير وراءه ترى لماذا تتبع يسوع في وسط الزحام ؟ ولماذا أنت بين صفوف العابدين في القداسات والعشيات؟ ولماذا أنت بين جموع المتناولين؟ إن الرب يسوع في وسط هذا الزحام يلتفت إليك ، يفحص قلبك ويصحح طريقك شروط التلمذة ١ - ان كان أحد يأتي إلى ولا يبغض أباه .. الخ . هذا هو الشرط الأول لتبعية يسوع والتلمذة له إن الرب يسوع لا يريد قلبك الذى تحب به أباك وأمك وزوجتك وأولادك ولكنه يريده قلباً فارغاً تماماً من خبرات المحبة القديمة التي تلوثت بالخطية وانحصرت برباطات اللحم والدم والذات البشرية أليست هذه هي الوصية العظمى ان تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك إذن ما لم نفرغ قلوبنا من كل محبة بشرية لا تؤهل لحب الله ، فالذي يظل مرتبطاً بعواطف بشرية ويجاهد لكي يمتلىء من محبة الله يكون كعصفور يحاول الطيران بينما هو مربوط بخيط إلى الأرض إسأل القديسة دميانة وهى تعلمك كيف تنفذ الوصية لاتها أحبت المسيح عريسها أكثر من الأب والأم والصديق والعالم كله إن الرب يسوع بهذا الشرط يريد أن يخرجنا خارج حدود الذات الترابية لماذا أحب أبى أنا فقط وأمي أنا فقط ؟ أليس لانهم يخصون ذاتي وينتسبون إلى الرب يسوع يريد أن يعطينا حباً حراً من قيود الذات يملأنا حباً لكل الآباء ولكل الأمهات ولكل الأخوة والأقارب وكل البشرية محبة بلا حدود وبلا قيود محبة خالية من محبة الذات هل تستطيع أن تحب عدوك ؟ هذا مستحيل وهذا فوق إمكانية البشر وفوق حدود الطبيعة ولكن الرب يسوع يعطيك هذا الحب الإلهى حتى للخطاة ولكن ما هو الطريق لهذا الحب ؟ ابتدىء بتفريغ قلبك من المحبة القديمة أبغض أباك وأمك وأخوتك حينئذ تأخذ من الرب يسوع محبة جديدة إلهية وفائقة للطبيعة تحب بها أباك وأمك وجميع الناس حتى الاعداء أيضا الشهداء أبغضوا المحبة الجسدية وداسوا على رباطات الجسد محبة في المسيح فامتلات قلوبهم حباً اإليها حتى للصا لبين والمعذبين إن سبب عجزنا الشديد في تنفيذ وصايا الحب الإلهى هو تمكينا بالمحبة على مستوى الجسد وعدم تفريغ قلبنا كاملا للمسيح. ٢- من لا يحمل صليبه وياتي ورائي فلا يقدر أن يكون لى تلميذا ... يا حبيبي أن الرب يسوع سبق ( وهو حاملا صليبه ) يوحنا ۱۹ : ۱۷ هذا هو طريق الحياة الأبدية الصليب ليس هو المصائب والآلام والأحزان هذه معانى سلبية مخيفة فالصليب ليس موتاً عن العالم فقط لكنه حياة الله ، حمل الصليب ينتهى حتماً بالقيامة من الأموات من لا يحمل الصليب لا يؤهل لمجد القيامة إن حمل الصليب هو الذي يميز السائرين وراء يسوع والتابعين الحقيقيين فإن لم تحمل صليبك و تتبع خطواته لا تكون تلميذاً له إن حمل الصليب هو عمل يومى كل يوم من أجلك نمات كل النهار الصليب هو إماتة الشهوات والطمع ومحبة العالم ومحبة المال وكل فكر خبيث والممكر والنميمة والكبرياء والصليب هو إطاعة الوصية الإلهية وبذل الذات لو وجد شيء أنفع وأفضل لخلاص البشرية من الصليب لكان الرب قد أرشدنا إليه بلا شك و بالرغم من أن الكثيرون لا يقبلون هذا الكلام لكنه سيظل الشرط للتلمذة ليسوع في الصليب الخلاص والحياة والأمان والعذوبة والقوة الروحية وغلبة العالم وسحق الشيطان وفرح الروح ، فإن لم تحمل صليبك كيف تحصل على كل هذا ؟ ألا تريد أن تصير شكل معلمك الإلهى؟ أم أنك ترفض الصليب وتؤثر السير في الباب الواسع والطريق الرحب ؟ أخيراً قال الرب للسائرين ورائه أن يحسبوا نفقة السير وراءه نبل أن يبرأوا ، وها هي بوضوح : و تفريغ القلب من المحبة القديمة ليمتلىء من الله وحمل الصليب وافكار الذات والموت عن العالم والحياة الله وفي الواقع أن هذه جميعها ليست جهاداً من العالم والحياة الله . الإنسان وحسب، بل هي عمل النعمة وقوة الروح القدس الذى أنسكب فينا ، وهو الذى يكمل نقصنا ويقودنا في موكب النصرة في المسيح إلى التمام . المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات روحية فى قراءات أناجيل آحاد السنة القبطية
المزيد
29 نوفمبر 2025

ترقب المسيح

نبوة عن ملاخي النبي يقول عن يسوع أنه مُشتهى الأمم أي أن عيون الكل كانت تترقبه كل نبوات الكتاب المقدس وكل حديث في الكتاب المقدس تدور حول شخص يسوع المسيح من بداية سقوط آدم رأينا أن الله بيصنع ذبيحة لنفسه يريد أن يقول إن ذبيحته هي التي تستر وتُكفِّر عن خطايانا وأصبح لا يوجد أي علاج بشري يستر حتى أقمصة التين لم تسترهم لأنها تذبُل بمجرد حلول الشمس فيرجعوا إلى عُريهم ثانيةً أراد الرب الإله أن يقول لهم إن حلولهم كلها فاشلة وعاجزة عن سترهم والحل في ذبيحته سيعمل ذبيحة لأنها هي الحل الوحيد إنها ذبيحة آتية ستستر الجميع بعد ذلك تكلم عن نسل المرأة الذي يسحق رأس الحية وبدأ الكتاب المقدس كله يحدثنا عن نبوات للسيد المسيح ومجيئه لذلك فإن أكثر الأشياء التي شغلت الأنبياء أن يتكلموا عن المسيا والروح تسوقهم حتى لو كانوا لا يُدركون ما يكتبون مثال على ذلك موسى النبي وهو يكتب الآية التي تقول أن نسل المرأة يسحق رأس الحية بالطبع لم يعرف معنى هذه الآية وعندما تحدث عن الذبيحة التي تغفر الخطايا فإنه لم يعرف معنى هذه الآية وما هي الذبيحة وأيضاً وهو يُدوِّن قصة فُلك نوح كان لا يعلم أنها ترمُز إلى شخص المخلص الذي سيُنجي العالم كله من طوفان الخطية لكنه كتب وهو لم يُدرك تتوالى النبوات عن مشتهى الأمم وكلما زاد العالم في شره زاد الترقب لقدوم المخلص ونرى الكتاب المقدس متدرج في روح النبوة ويكشف لنا عن من هو المسيا الذي سيأتي ما من صفة في شخص رب المجد يسوع إلا وتجد لها أكثر من نبوة والعجيب أن اليهود رغم إنهم أتقنوا أسرار الكتاب المقدس إلا إنهم لم يستطيعوا ربط هذا بالمسيا في حين أن كل الصفات مكتوبة كل صفات السيد المسيح وردت في نبوات الكتاب المقدس سيُولد من عذراء إسمه في أي مكان سيُولد ميعاد ميلاده صفاته ( نبي ، قاضي ، ملك ، مُخلص ) أدق تفاصيله لا بداية له ولا نهاية سيُعلِّم بأمثال يصنع معجزات إن تلميذه سيخونه سيُصلب يصير محتقر ومرذول سيُعرى يُسقى خل في عطشه إنه سيقوم من الأموات الصعود إنه سيأتي ثانيةً لهذه الدرجة أرادوا الأنبياء أن يُشيروا إلى ربنا يسوع المسيح ؟! كل هذا ولم يعرفه اليهود كل هذا إلا أنه عذرهم وفتح لهم الباب ثانياً وأراهم نفسه حياً ببراهين كثيرة يوحنا المعمدان عندما أرسل للسيد المسيح تلاميذه ليسألوه هل أنت أم ننتظر آخر ؟ ( مت 11 : 3 ) رغم معرفة ويقين يوحنا المعمدان أنه هو لكنه أراد أن يسمع تلاميذه بآذانهم الكلام فقال الرب يسوع لهم قولوا له العُمي يُبصرون ( مت 11 : 5 ) بدأ كلامه عن العُمي لأن أشعياء النبي تنبأ عنه وقال أنه سيجعل العُمي يُبصرون فمن يُولد من عذراء ووُلِد في بيت لحم وإلخ وأيضاً يجعل العُمي يُبصرون فإنه يكون هو المسيا يأتي الرب يسوع ولكي يؤكد لم يفتح أعين أعمى واحد بل إحدى عشر شخص في أماكن مختلفة مشتهى الأمم الذي عيون الكل تترجاه عندما جاء لم يعرفه أحد رغم محاولته للتأكيد على هذا أشعياء النبي يقول له { ليتكَ تشق السموات وتنزل } ( أش 64 : 1) وأيوب يقول له { ليس بيننا مُصالح يضع يدهُ على كلينا } ( أي 9 : 33 ) الكل يترقب حقق كل النبوات حتى النهاية حتى يقول كل هذه القصة من أجلك إنت حذاري أن تقع في هذا الخطأ لأنه سيُضاعف عشرة مرات إن كان الناس في العهد القديم لم يُصدقوا ما حدث ربما لهم عذر لكن نحن إذا وقعنا في الخطأ أو لم نستفد مما حدث إذاً لمن هو أتى ؟ ماذا فعل ؟ ما دوره ؟ وما دورك ؟ إنه أتى وبارك طبيعتي فيه أتى وأكمل النبوات لم يستريح على الصليب إلا عندما قال " قد أُكمِل " ( يو 19 : 30 ) أي كمُلت كل النبوات أحد الأباء المُفسرين يقول { أن يسوع ظل ينتظر وينتظر حتى تكتمل النبوة ويسقوه خل } .. { في عطشي يسقونني خلاً } ( مز 69 : 21 ){ نكس رأسه وأسلم الروح } ( يو 19 : 30 ) تعطي دلالة على أنه له سلطان على الموت لذلك نكس رأسه أولاً أي استعد ثم أسلم الروح أي أكمل التدبير للنهاية مشتهى الأمم عليه أن يدخل حياتي نحن الذين قيل عنا " نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور "( 1كو 10 : 11 ) حصلنا على كل هذه البركات دون مشقة حتى الأنبياء الذين كتبوا كل هذا لم يعوا ولم يفهموا ما كتبوه لهذا نقول في الصلاة { أن أنبياء وأبرار كثيرين إشتهوا أن يروا ما أنتم ترون ولم يروا وأن يسمعوا ما أنتم تسمعون ولم يسمعوا أما أنتم فطوبى لأعينكم لأنها تُبصر ولآذانكم لأنها تسمع } موسى النبي يرى عُليقة مُشتعلة بالنار ولكن لا يستوعب ولا يعرف أبونا يعقوب يرى سُلم طالع إلى السماء وملائكة صاعدة ونازلة إلا أن هذا المنظر بالنسبة له منظر مُفرح مُعزي ليس أكثر لكن الحقيقة هي أن بالتجسد إنفتحت السماء على الأرض والسُلم هو بطن الست العذراء الذي أعطانا كل البركات أما العُليقة المُشتعلة هي اتحاد اللاهوت بالناسوت فهل فهم ذلك موسى ؟ تخيل أنه قيل عن موسى النبي أنه " أمين في كل بيتي " ( عد 12 : 7 ) أيضاً " فماً إلى فمٍ وعياناً أتكلم معه " ( عد 12 : 8 ) كان يُكلم الله كما يُكلم صاحبه إلا أننا الأن فهمنا أكثر منه الشعب اليهودي وهو يذبح خروف الفصح كانوا يعلمون أنه هو المسيح ؟ بالطبع لم يعرفوا أن المسيح دخل أورشليم وهم يُدخلون الخرفان أيضاً لهذا يقول بولس الرسول { فصحنا أيضاً المسيح قد ذُبِحَ لأجلنا } ( 1كو 5 : 7 ) هذا هو الفصح الحقيقي الذي أعطى كفارة هو الذي أعطى الفداء من هنا نقول أن هذه هي البركات التي آلت إلينا النِعم التي حصلنا عليها بالتجسد الإلهي الذي جعلنا نرى كل الأسرار كحقائق وجعلنا نتمتع بكل النبوات ليست مجرد نبوة بل بركة من هنا نحن نسعد ونحن نقرأ الكتاب المقدس بكل نبواته التي عرفناها بل عشناها ربنا يعطينا في هذه الأيام المقدسة أن نحيا حياة التجسد الإلهي ونشعر بقيمة العطية ويفتح لنا كنوز أسرار الكتاب لكي نتمتع بوجوده في حياتنا ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد
28 نوفمبر 2025

“رائحة الحب”

أتدري يا صديقي أنه متى كانت لك حياة روحية حقيقية وقلب ممتلئ بالنعمة لا بد أن ينعكس ذلك على حياتك العملية فتظهر رائحة المسيح في كل تصرفاتك؟ هذا هو ما نود الحديث عنه في موضوعنا هذا في طريقك الروحي وهو ما يعكس نجاحك في الخطوات السابقة «وَلكِنْ شُكْرًا للهِ الَّذِي يَقُودُنَا فِي مَوْكِبِ نُصْرَتِهِ فِي الْمَسِيحِ كُلَّ حِينٍ، وَيُظْهِرُ بِنَا رَائِحَةَ مَعْرِفَتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ. لأَنَّنَا رَائِحَةُ الْمَسِيحِ الذَّكِيَّةُ للهِ، فِي الَّذِينَ يَخْلُصُونَ وَفِي الَّذِينَ يَهْلِكُونَ. لِهؤُلَاءِ رَائِحَةُ مَوْتٍ لِمَوْتٍ، وَلأُولئِكَ رَائِحَةُ حَيَاةٍ لِحَيَاةٍ. وَمَنْ هُوَ كُفْوءٌ لِهذِهِ الأُمُورِ؟ لأَنَّنَا لَسْنَا كَالْكَثِيرِينَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللهِ، لكِنْ كَمَا مِنْ إِخْلَاصٍ، بَلْ كَمَا مِنَ اللهِ نَتَكَلَّمُ أَمَامَ اللهِ فِي الْمَسِيحِ» (2كو 2: 14 – 17). تظهر فينا رائحة المسيح من خلال خمس فضائل: أولًا: المحبة الإنسان المسيحي لا يعرف إلَّا المحبة، والعالم اليوم في أشد الحاجة إلى المحبة النقية الحقيقية، تلك المحبة التي يقدِّمها الإنسان المسيحي الحقيقي في معاملاته مع الجميع لذا على الإنسان المسيحي أن يراجع نفسه دائمًا ويسأل نفسه: هل يوجد في قلبه فكر كراهية من جهة أي أحد؟ وما هو مقياس المحبة تجاه كل مَنْ هم حوله؟ والقديس أغسطينوس له هذا القول الجميل: ”أحبَّ الكل فيكون لك الكل ومَنْ يعرف الحب يفهم الحياة“. ثانيًا: السلام وتُسمَّى صناعة السلام بالصناعة الصعبة بل إنها أصعب صناعة يحتاجها العالم اليوم، فالعالم أضحى ممتلئًا بالتوتر في كل مكان وبالأخص في منطقة الشرق الأوسط «وَثَمَرُ الْبِرِّ يُزْرَعُ فِي السَّلَامِ مِنَ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ السَّلَامَ» (يع 3: 18) فهناك شخص بمجرَّد وجوده يكون سببًا في تهيُّج المشكلات بسبب كلامه غير الحكيم، ولكن نجد شخصًا آخر كلامه يريح الجميع بحكمته وتصرفاته التي تزرع السلام تعلَّم يا صديقي فن حل المشكلات بهدوء بل اجعل نفسَكَ دائمًا من صنَّاع السلام كما يقول الكتاب: «طُوبَى لِصَانِعِي السَّلَامِ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ» (مت 5: 9). ثالثًا: اليقظة بمعنى التوبة في كل يوم فالإنسان المسيحي إنسان يقظ ومنتبه ومستعد واليقظة أيضًا تعني السهر والاستعداد فمتى تسلَّل الكسل إلى حياتك الروحية عليك أن تتدارك نفسك سريعًا واعلم أن هذا الكسل هو حرب من الشيطان يجب الانتباه لها حتى لا تُفسِد الخطية حياتك بسبب هذا الكسل البُعد الداخلي لليقظة القلبية هو وجود مخافة الله في كيان الإنسان لأن في الأزمنة الحاضرة ومع انتشار التكنولوجيا بكل صورها المتسارعة وتعاظم القدرات الإنسانية وتعاظم الإنسان أمام نفسه … توارت مخافة الله في حياة الإنسان وصار يستبيح كلَّ شيء وصار كلُّ شيء رخيصًا وبلا قيمة حتى المقدَّسات وكأن التكنولوجيا واستخدامها يولِّد ويستنسخ ”يهوذا“ جديدًا كل صباح. رابعًا: الحكمة «إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ حِكْمَةٌ، فَلْيَطْلُبْ مِنَ اللهِ الَّذِي يُعْطِي الْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلَا يُعَيِّرُ، فَسَيُعْطَى لَهُ» (يع 1: 5). فالفضيلة لا تكون فضيلةً إلَّا بالحكمة، والحكمة تتجسَّد في حياة الإنسان بشكلٍ عملي … في حُسن التصرُّف أو في عرض موضوعٍ ما. أو في حل مشكلةٍ … إلخ ويُحكَى في التاريخ أن ملكًا في أحد العصور أقام حفلة كبيرة ودعا إليها جميع كبار رجال الدولة وكان من ضمن المدعوين البابا البطريرك، وفي نهاية الحفل كان كل فرد من رجال الدولة يقوم بتقبيل يد الملك اليمنى فيضع الملك فيه كيسًا من الذهب على سبيل الهدية. فجاء دور البابا البطريرك فقبل صدر الملك فتعجب الملك وقال له: لماذا صنعت ذلك؟ فقال البابا لأنه يوجد لدينا آية في الإنجيل تقول: «قَلْبُ الْمَلِكِ فِي يَدِ الرَّبِّ» (أم 21: 1). وأنا قبَّلت يد الرب التي تحرس قلبك يا جلالة الملك. فارتاح الملك لهذا الكلام وأعطى البابا كيسين من الذهب، وهذه هي الحكمة. فقد كرز بالإنجيل وقدَّم محبة وتصرَّف بدبلوماسية الإنسان المسيحي الحقيقي عادةً ما يكون إنسانًا حكيمًا. لأنه يتعلَّم الحكمة من حياة ربنا يسوع المسيح. فعندما سألوا السيد المسيح عن الجزية وهل يجب دفعها أم لا؟! طلب أن يرى عُملة ونظر إلى وجهيها ثم قال في حكمة: «لِمَنْ هذِهِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ؟ قَالُوا لَهُ: “لِقَيْصَرَ”. فَقَالَ لَهُمْ: أَعْطُوا إِذًا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا للهِ للهِ» (مت 22: 20، 21) وأيضًا في قصة المرأة السامرية (يو 4) تعامل السيد المسيح معها بمنتهى الحكمة وبدأ هو في الحديث معها وكان يشجِّعها في حديثها ببعض الكلمات المشجِّعة. مثل «حَسَنًا قُلْتِ» وبذلك قادها إلى التوبة والإيمان وفي مقابلة زكا تقابل السيد المسيح معه بمنتهى اللطف حتى أن زكا تغيَّر قلبه وتاب. وقال: «هَا أَنَا يَا رَبُّ أُعْطِي نِصْفَ أَمْوَالِي لِلْمَسَاكِينِ، وَإِنْ كُنْتُ قَدْ وَشَيْتُ بِأَحَدٍ أَرُدُّ أَرْبَعَةَ أَضْعَافٍ» (لو 19: 8) وفي قصة الابن الضال (لو 15) كان من الممكن أن أباه لا يقبل عودته ويطرده. ولكنه تعامل مع ابنه بحكمةٍ وأخذه في حضنه وقبله وهكذا يا عزيزي القارئ الإنسان المسيحي يظهر رائحة المسيح في حكمته في مواجهة المواقف المختلفة. خامسًا: ينبوع التعزيات الإنسان المسيحي هو ينبوع التعزيات فحضور المسيح حضور مُفرح، فعندما يأتي الإنسان المسيحي يأتي معه الفرح والبشاشة وهكذا حضور الإنسان المسيحي يعكس حضور الله بالفرح الذي يملأ قلبه. وبذلك تكتمل هذه المنظومة الخماسية بالفرح الذي يجلبه الإنسان المسيحي في الوسط الذي يعيش فيه سواء بكلامه أو صمته، سواء بمواقفه أو تصرفاته وهذا يفسر لنا تكرار عبارة: ”هللويا“ في صلواتنا وتسابيحنا وألحاننا حيث التهليل لله لكي تنطبع النفس الداخلية بأصول الفرح والبهجة والتعزية وتتحوَّل إلى حياة الرضا والقناعة والشكر. هذه الفضائل الخمس: المحبة، السلام، اليقظة، الحكمة، وينبوع التعزيات هي مظاهر حضور الله في حياتنا، وإذا أخذنا الحرف الأول في هذه الكلمات الخمس ستظهر كلمة ”مسيحي“. قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
27 نوفمبر 2025

نساء فى سفر التكوين سارة أو ساراي السيدة التي صارت أماً لشعب غفير

سارة أو ساراي السيدة التي صارت أماً لشعب غفير المرجع الكتابي : ) تک ۱۱ : ۲۹ - ۳۱ : ۱۲ : ۵ - ۱۹:۱۷ : ۱-۱۸ ۱۰:۱۷-۰۲۱ ۱۰:۲۵ ۱۳۷ ، ١٩ ٤ ٢٤ : ٣٦ -۱:۲۳ ۱۱۲ - ۱:۲۱ ۱۱۸ - ۲ :۲۰۱۸ ٤١٢ ٤٩: ٤٣١ إش ٥١: ۱۲ رو ١٤١٩:٤ ٤٩ عب ۱۱ : ۱۱؛ ابط (٦:٣ معنى الاسم : يطلق على بعض الأسماء المذكورة في الكتاب المقدس لقب الأسماء المقدسة . لأن الله سماها بنفسه ، أو سماها عن طريق الوحي الإلهي أو الإلهام المقدس ، لينفذ وعداً خاصاً ، أو عهداً مقدساً ، أو إعلاناً إلهياً . وليطابق الاسم أخلاق وطباع أو رسالة الشخص الذي سيطلق عليه فالاسم المقدس يسير علامة وعهداً بين الله والإنسان الذي أطلق عليه الاسم أمامنا الآن شخيتان في الكتاب المقدس يحملان أسماءاً مقدسة هما إبراهيم وسارة فكل اسم منهما يعبر عن غرض الله المقدس ووعده الصادق بتكوين شعب له . سارة زوجة إبراهيم كان إسمها قبلاً ساراي ومعناه « أميرة » . و يقول بعض المفسرين أن ساراي تعنى «المشاكسة » أو «المحبة للنزاع » . تغير الله بنفسه الاسم إلى سارة وأعلن أنها ستكون أميرة وستنجب أحفاداً ملوكاً ورؤساء كهنة وأعطاها عهداً يوعد .. أما العهد فهو أن تكون سارة أما لملوك وشعوب منها يكونون ، لذلك غير الله اسم ساراي إلى سارة قائلاً لإبراهيم : «ساراى إمرأتك لا تدعو إسمها ساراي بل إسمها سارة » ( تك ١٧ : ١٥، ١٦ ) . إنها إشتركت مع زوجها في بركات الوعد الإلهى فكما غير الله اسمها غير اسم زوجها فصار اسمه إبراهيم بدلاً من إبرام معنى إبرام «الأب الرفيع أو الأب المكرم» ومعنى إبراهيم «أبورهام » أي « أبو جمهور» (تك ٥:١٧ ) . الغرض الجذرى من كلمة سارة يعنى يسود » أو «يسيطر». لقد غير الله شخصيتها مع إسمها وقصد بالتسمية الجديدة ضمان العهد الذي أعطاه لإبراهيم وهو أن يكون من نسلها ملوك وشعوب. أشار بولس الرسول - بتعبير مجازي استعاري - لسارة كشخصية تمثل التدبير الإلهى في الكتاب المقدس فقال : هاجر جبل سيناء في العربية ولكنه يقابل أورشليم الحاضرة فإنها مستعبدة مع بنيها وأما أورشليم العليا التي هي أمنا جميعاً فهي حرة لأنه مكتوب إفرحي أيتها العاقر التي لم تلد ... وأما نحن أيها الإخوة فنظير إسحق أولاد الموعد » ( غل : : .(٢٥-٢٨ لقد كانت سارة أميرة إسماً على مسمى لا لأنها سلف لشعب كبير حرفياً أو سلف الشعوب كثيرة روحياً بل لأن نسلها سيصير لهم مكانة سامية وقوة أو على الأصح أن أحفادها وأحفاد أحفادها صاروا سلالة حاكمة بالتتابع لشعب مختار من الله. إن النسل الملوكي الهابط من سارة إنتهى بالمختار والممسوح من الله مخلصنا وفادينا يسوع المسيح الذي قال : « مملكتي ليست من هذا العالم» . والمقصد الإلهى من التسمية هو أن كلمة سارة ترمز إلى النسل الروحي أي كل المؤمنون بالصليب والخلاص الإلهى الذين هم ملوك وكهنة الله ... لقد أوضحت سارة معنى اسمها الجديد بتقديم ذاتها مثلاً للشخصية الروحية المخلصة. ففى سنى حياتها الطويلة مع إبراهيم سيطر على خيمتها الهدوء والتقوى والإخلاص والسلام والمشاركة فى الآلام والتفاهم في حل المشاكل بروح الحب . الروابط العائلية : تربت سارة في أور الكلدانيين بإسمها الأول ساراي وهي ابنة تارح وأخت إبراهيم من أبيه وكان يكبرها بعشر سنين ( تك (۱۷:۱۷) « هل يولد لإبن مئة سنة وهل تلد سارة وهي بنت تسعين سنة. لقد تزوجها إبراهيم في أور الكلدانيين. وكان أيا هما تارخ ولكنهما من سيدتين مختلفتين كما قال إبراهيم : بالحقيقة هي أختى ابنة أبي غير أنها ليست ابنة أمى فصارت في زوجة » ( تك .(١٢:٢٠ من أجل حفظ الإيمان بالله كان الرجل يتزوج من عشيرته حتى لا تتعبد أولاد الله للأونان ( تك ٣:٢٤، ١٤ ٢٠١:٢٨). ترك الزوجين المباركين إبرام وساراى أور الكلدانيين وأرضهما وعشيرتهما إلى الأرض التي سيريها إياهما الله ( تك ١:١٢ ) . سيرة سارة : بدراسة سيرة هذه السيدة نجد أن هناك دروباً كثيرة للتأمل فكانت سارة الزوجة الوفية لزوجها إبراهيم الذي دعى خليل الله . كانت لسارة شخصية فريدة وقوية . إنها العبرانية الأولى وأم جميع العبرانيين وزوجها إبرام العبراني (تك ١٣:١٤). وكلمة عبراني تعنى عابر وينسب إسمهما إلى عابر أحد أجداد إبراهيم الذي أتى بهم إلى فلسطين. وقد منحهم الكنعانيون هذا اللقب قسموا إبراهيم إبرام العبراني ( تك ١٠: ٤٢٤ ١١ ١١٤ ١٣:١٤) بعد أن عبر نهر الفرات إلى فلسطين. استعمل الاسم أحفاد إبراهيم ونسلهم من بعدهم. وكانوا يفضلون الفظة إسرائيليين ( ١ صم ٤ : ٦ ) ولا يزال هذا الاسم مستعملاً إلى اليوم مع أنهم يحملون اسم اليهود الذي تسموا به في السبي .. بدأ إبراهيم حياته في أور الكلدانيين ( العراق اليوم ( حينما دعاء الله أن يكون أبا الشعب الذي تتبارك به جميع قبائل الأرض. وقد أدرك إبراهيم بالوحي والإلهام وجود إله واحد أبدى خالق السموات والأرض وسيد الكون (تك ۱۸ : ۱۹). كان إيمان إبراهيم جديداً بالنسبة لأور التي كان يقيم فيها حيث كانت مركزاً العبادة القمر، فقد كان أب إبراهيم نفسه خادماً لآلهة أور الوثنية ( يش ٢:٢٤) لذلك عبر إبراهيم من أور نحو بلاد كنعان. قال الرب على لسان إشعياء : « انظروا إلى إبراهيم أبيكم وإلى سارة التي ولدتكم لأني دعوته وهو واحد وباركته وأكثرته » (إش ٢:٥١). إن إبراهيم مصدر ومنبع حياة العبرانيين وكانت سارة شريكة إبراهيم أمهم الأولى. فهي المنبع الجسدي للعبرانيين وبهم تباركت أمم الأرض . لقد ذكر الكتاب المقدس سيدتين فقط بين أبطال الإيمان هما سارة وراحاب فقال بولس الرسول عن سارة : بالإيمان سارة نفسها أخذت قدرة على إنشاء نسل وبعد وقت السن ولدت إذ حسبت الذي وعد صادقاً » ( عب ۱۱:۱۱) وقال عن راحاب بالإيمان راحاب الزانية لم تهلك مع العصاة إذ قبلت الجاسوسين بسلام (عب ۱۱ (۳۱). وبالإيمان عاشت سارة وراحاب وماتا في الإيمان (عب ۱۳:۱۱ ) . لقد صار اسم سارة إسماً شائعاً بين اليهود والأمم لما لها من إيمان وكرامة وعز ومجد . جمالها : ذكر الكتاب المقدس عن سارة أنها إمرأة حسنة المنظر جداً (تك ١٢ : ١١، ١٤). لقد ذكر التلمود أن أجمل إمرأة في العالم كانت حواء وتليها سارة . كانت سارة بالحقيقة جميلة وحسنة المنظر جداً فعندما رآها فرعون بعد رحلة شاقة من كنعان إلى مصر في طريق رملي وشمس محرفة أعجب بها، لقد إزدادت جمالاً بعد أن سمعت وعود الله ، ولم يشعر إبراهيم بجمالها هذا إلا عندما إقترب إلى مصر فقال لها : « إنى قد علمت أنك إمرأة حسنة المنظر قول أنك أختى ليكون لي خير بسببك وتحيا نفسى من أجلك » ( تك ۱۲ : ۱۱-۱۳ ) . وكانت سارة تزداد جمالاً كلما تقدم بها السن حتى أنها وهي في سن التسعين إشتهاها أبيمالك لتكون له زوجة وأرسل أبيمالك ملك جرار وأخذ سارة ولكن الله أمره برد سارة إلى زوجها فيصلى لأجله لأنه نبي (تك ٧:٢٠). في كل رحلاتها مع زوجها كان جمالها مصدر من مصادر شقائها ومع ذلك كان إيمانها قوياً بالله وواثقة أنه يستطيع أن يحفظها من كل سوء ... تعرضها للأخطار : حدث جوع في الأرض فإنحدر إبرام وسارة إلى مصر ليتغربا هناك لأن الجوع في الأرض كان شديداً. وخاف إبرام على نفسه من المصريين قائلاً لها : «إني علمت أنك إمرأة حسنة المنظر فيكون إذا رآك المصريون أنهم يقولون هذه إمرأته فيقتلونني ويستعفونك . قولى أنك أختى ليكون لى خير بسببك وتحيا نفسى من أجلك » ( تك ۱۲ : ۱۱-۱۳). لقد إعتقد إبراهيم بأنه لو علم فرعون الطاغية بأن سارة زوجته سيقتله و يأخذها إلى حريمه فخاف من الموت. إن خوف إبراهيم قلل كياسته، وجعله يخاطر بشرف زوجته ليخلص رقبته، كما وأن حب سارة لزوجها حباً شديداً، وحياته الغالية عندها نساها العار الذي ستجلبه على نفسها . لقد أخطأت سارة بخضوعها لخدعة زوجها الروائية ومؤامرته وكان الأشرف لها رفض رأى زوجها بشدة وتبصيره بالأضرار الناتجة عن فكره ورده إلى صوابه يقولها له : كيف أفعل هذا الشر العظيم وأخطىء إلى الله. لكنها كانت تدعو إبرام سيدى فكان هو أيضاً السيد على مشاعرها ووعيها . إن زواج إبراهيم بهذه السيدة الجميلة جعله يخاف الموت ويلجأ إلى أنصاف الحقائق ليخلص حياته فقال السارة لا تقولى أنك زوجتي بل أختى . هذا الرد لم يكن كله كذباً ولكنه نصف الحقيقة فهي أخته من أبيه وليست من أمه . لا يصدق العقل أن يعطى هذا الرجل الفاضل زوجته لملك وثني، ولكنه فعل ودخلت سارة إلى بيت حريم فرعون، ولكن الله الطبيب الشافي، والمعالج الضعفاتنا، حرس سارة، وأرسل بلاء على الملك فرعون، فأرسلها فرعون إلى زوجها ولم يمسها بوه . وللمرة الثانية ينفذ إبرام هذه الفكرة الخاطئة مع زوجته عندما أعجب بجمالها أبيمالك ملك الفلسطينيين وأخذها مع حريمه . وللمرة الثانية يتدخل الله الحراسة سارة و يأمر أبيمالك يردها إلى زوجها قائلاً له هي زوجته وليست أخته وهدده الله بالموت له ولكل ماله ( تك (۲۰)، وصلى إبراهيم إلى الله فشفى الله أبيمالك وامرأته وجواريه قولدن لأن الرب كان قد أغلق كل رحم لبيت أبيمالك بسبب سارة إمرأة. إبراهيم - عزيز في عيني الرب أحباءه وهو يرعاهم ويحرسهم من كل سوء. طوبى لمن كان الله معينه . استخدم إسحق بن إبراهيم نفس الطريقة مع رفقة زوجته بعد ذلك بسنين كثيرة ( تك ٢٦ : ٦-١٣). لقد إستاء الله من تصرف إبراهيم وسارة الخاطيء وهل يتغاضى الله ويصفحعن مثل هذا الخداع ؟! أين إيمان إبراهيم خليل الله ؟ أليس هو الذي دعاها بالخروج من أور الكلدانيين الحمل رسالة أعدهما الله لها ؟ أهو عاجز عن حمايتهم وصونهم من الأضرار والخطر في هذه البلاد الغريبة ؟ كثيراً ما يضعف الإنسان ولكن مبارك هو الله الذي يرثى لضعفنا ويهيىء الخلاص من خطايانا وضعفاتنا . وعد الله، وأجبرها أن تجد حلاً لهذا العائق . لقد قدمت سارای نفسها على أقسى مذبح تضحية تضع أي سيدة نفسها عليه ، وكانت حبال التضحية جبالاً إنتحارية لكيانها. هذه التضحية كانت خطية أمام الله، وجرحاً مميتاً لها ولزوجها، وللأجيال المستقبلة التي لم تولد بعد . لقد أوضحت ساراي الحزن الذي يملأ قلبها لفشلها في إنجاب نسل لزوجها حين قالت لإبرام : « هوذا الرب قد أمسكنى عن الولادة أدخل على جاريتي لعلى أرزق منها بنين». فأخذت ساراي إمرأة إبرام هاجر المصرية جاريتها من بعد عشر سنين الإقامة إبرام في أرض كنعان وأعطتها لإبرام رجلها زوجة له . لقد سعت ساراي بهذا التصرف البشرى المؤسس على الفكر والمنطق، والبعيد عن الإيمان بوعد الله وقدرته على إتمام وعده أن يقيم نسلاً لزوجها لعدم إنجابها نسلاً ، مع أن الله كرر وعده أن من ساراي يولد ابن الموعد !! من المعتاد في تلك الأيام أن يأخذ الرجال سرارى لهم ، ولكن إبرام الرجل الخائف الرب لم يصنع هكذا. وكان عليه أن يرفض طلب ساراي . فبإستجابته الطلب ومعرفته الهاجر، حبلت هاجر وولدت إسماعيل، صغرت مولاتها في عينيها ، وحلت الغيرة وحب الإنتقام. إن سارة فكرت بصغر النفس والضعف ، لعدم إنجابها نسلاً، أن تقدم حلاً للمشكلة وتكون هى فدية لزوجها فأعطت هاجر لزوجها لتقيم له نسلاً، ونسيت أن الذي وعد صادق ويستطيع أن يتمم وعده. كثيراً ونحن في عهد النعمة والخلاص تكرر نفس خطأ سارة بالبحث عن حل منطقى المشاكل ناسيين الإلتجاء الله ليحل لنا المشاكل مع أنه وعد وقال : إسألوا تعطوا إطلبوا تجدوا . إقرعوا يفتح لكم » ( مت ۷ : ٧ ) . إطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم » (مت (٦: ٣٣). لا تهتموا للغد لأن الغد يهتم بنفسه يكفى اليوم شره » (مت ٣٤:٦) . تعالوا إلى يا جميع المتعبين والثقيلى الأحمال وأنا أريحكم » . وستؤجل التعليق على هاجر الحين بحث سيرتها بالكامل في فصل مستقل . فرحها : المحبة الله الفائقة ورحمته وغفرانه الضعفات إبرام وساراي الكثيرة، ظهر الله الإبرام وكان عمره 99 عاماً، وأعلن له بشرى حمل زوجته ساراي التي تبلغ من العمر ٩٠ عاماً، وأكد وعده بتغيير إسم إبرام إلى إبراهيم وساراي إلى سارة ( تك ۱۸:۱۷) وزاد الله إيضاحاً لمقاصدة العليا وإرادته الإلهية فقال الرب : سارة إمرأتك أباركها وأعطيك أيضاً منها إبناً. أباركها فتكون أعماً وملوك شعوب منها يكونون » ( تك ١٦:١٧ ) فسقط إبراهيم على وجهه وضحك ( تك ۱۷:۱۷ ) . تعجب إبراهيم من عمل الله الغير مستطاع طبيعياً ولكن إبراهيم آمن بكلام الله عندما أكد الله كلامه وقال له : «بل سارة إمرأتك تلد لك إبناً وتدعو إسمه إسحق وأقيم عهدى معه عهداً أبدياً لنسله من بعده ( تك ۱۷ : ۱۹). إن ضحك إبراهيم علامة الفرح المفاجيء البشرى الله التي تعلو الإدراك البشرى. لقد فرح إبراهيم عندما سمع بولادة إسحق وقد يكون إبراهيم رأى المسيح المنتظر إذ قال السيد المسيح : « أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومى فرأى وفرح» (يو ٥٦:٨) . ولما سمعت سارة البشرى الإلهية وهي في باب الخيمة، وكان إبراهيم وسارة شيخين متقدمين في الأيام، وقد إنقطع أن يكون السارة عادة كالنساء، ضحكت سارة في باطنها قائلة: «أبعد فنائى يكون لى تنعم وسيدي قد شاخ » . لقد ضحكت سارة لأنها شكت في كلام الله . صدق الله وتم وعده ، وحبلت سارة ، وولدت إبناً سمته إسحق ويعنى يضحك». وقالت سارة : قد صنع إلى الرب ضحكاً كل من يسمع يضحك لى» (تك (٦:٢١). لقد لازم الضحك سارة من وقت الوعد باسحق إلى ما بعد ولادته ولذا فقد دعا إبراهيم اسم ابنه إسحق أي يضحك . إن فرحة سارة بولادة إسحق تذكرنا بفرحة البشرية والملائكة بولادة السيد المسيح، الذي أتى من نسل إسحق وقالوا للرعاة : ها نحن نبشركم بفرح عظيم يكون الجميع الشعب أنه قد ولد لكم اليوم مخلص هو المسيح الرب » ( لو ٢ : ١٠). لیست ولادة إسحق معجزة تفوق الإدراك والوعى البشرى فحسب، بل كانت رمزاً وإشارة لولادة السيد المسيح المعجزية من البتول العذراء مريم . لقد أوضح لنا بولس الرسول قوة إيمان إبراهيم وسارة فقال عن إيمان إبراهيم يوعد الله : «وإذ لم يكن ضعيفاً في الإيمان لم يعتبر جسده وهو قد صار مماتاً إذ كان إبن نحو مائة سنة ولا ثمانية مستودع سارة. ولا بعدم إيمان إرتاب في وعد الله ، بل تقوى بالإيمان معطياً مجداً الله . وتيقن أن ما وعد به قادر أن يفعله أيضاً لذلك أيضاً حسب له برأ » (روع : ۱۹-۲۲). وأكد بولس إيمان سارة بوعد الله بقوله : « بالإيمان سارة نفسها أيضاً أخذت قدرة على إنشاء نسل وبعد وقت السن ولدت إذ حسبت أن الذي وعد صادقاً» (عب ۱۱:۱۱). سارة سيدة معمرة : سارة السيدة الوحيدة التي ذكر الكتاب المقدس سنها بالضبط هي وابنة يايرس الشابة الوحيدة التي ذكر سنها بأنه اثنتا عشرة سنة ( لو ٨ : ٤٢ ) . عاشت سارة ١٢٧ سنة ، وعاش زوجها ١٧٥ سنة ( تك ۲۳ : ۱ ، ۱۲ تك ٢٥ : ٨،٧). وكانت حياتهما الزوجية السعيدة وحبهما العميق لبعضهما وعلاقتهما بالله رغم المشاكل والضيقات التي حلت عليهما سبباً في طيلة عمرهما، وماتا بشيبة صالحة شيخين في حياتهما كانا في وحدة قلبية كاملة ، وطاعة لبعضهما البعض، وفى مماتهما لم ينفصل جسديهما فقد دفنا في مغارة المكفيلة التي إشتراها إبراهيم ليدفن سارة فيها . لقد كان قبر سارة أول قبر ذكر في الكتاب المقدس . يقول التقليد : أن سارة ماتت متأثرة بذبحة قلبية ، عندما علمت من إبراهيم بأمر الله أن يقدم إبراهيم إبنه إسحق ذبيحة على جبل الموريا . لقد جاز سيف الألم قلبها كما حدث للعذراء مريم عندما رأت المسيح ابنها وحبيبها معلقاً على عود الصليب فقالت : « إن العالم يفرح لقبوله الخلاص وأما أحشائي فتتفتت عند نظرى إلى صلبوتك الذي أنت صابر عليه يا إبني وإلهى » .. لما رأت سارة زوجها ووحيدها يبرحان الخيمة ذاهبين إلى جبل الموريا آخذين معهما الحطب والسكين إضطربت قلبياً وماتت فلو عاشت سارة، لرأت إبنها الذي قدم من أجل طاعة زوجها الله حياً، ولسمعت قصة خلاص إبنها من السكين، وكيف ظهر ملاك الرب لإبراهيم وقال له : «لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئاً لأني الآن علمت أنك خائف الله فلم تمسك إبنك وحيدك عنى » ( تك ١٢:٢٢). وإن كان جسد سارة قد رقد في التراب وأغلقت عينيها إلا أن قلبها الآن يصلى و يتضرع إمام عرش النعمة من أجل كل أم متألمة ومتعبة . سارة الرمز : سماها بولس الرسول : الحرة . وأورشليم العليا . أمنا جميعاً . عندما أراد بولس الرسول أن يوضح الفرق بين الناموس والنعمة وأنهما لا يجتمعان سوياً. شبه ذلك بإبنى إبراهيم فقال : «كان لإبراهيم إبنان واحد من الجارية والآخر من الحرة. لكن الذي من الجارية ولد حسب الجسد وأما الذي من الحرة في الموعد. وكل ذلك رمز لأن هاتين هما العهدان أحدهما من جبل سيناء الوالد للعبودية الذي هو هاجر .... ولكنه يقابل أورشليم الحاضرة فإنها مستعبدة مع بنيها . وأما أورشليم العليا التي هي أمنا جميعاً فهي حرة » ( غل ٤ : ٢٣-٢٦ ) . وقال عنها أنها واحدة من سحابة الشهود . بالإيمان سارة نفسها أيضاً أخذت قدرة على إنشاء نسل وبعد وقت السن ولدت إذ حسيت الذي وعد صادقاً » (عب ۱۱ : ۱۱ ، ۱۲). فلو كان إبراهيم أب المؤمنين فسارة زوجته أم المؤمنين (روع : ٤١١ )غل ٧:٣ وأطلق عليها بطرس الرسول المطيعة ، وصانعة الخيرات فقال : فإنه هكذا كانت قديماً النساء القديسات أيضاً المتوكلات على الله يزين أنفسهن خاضعات الرجالهن. كما كانت سارة تطيع إبراهيم داعية إياه سيدها التي صرتن أولادها صانعات الخير وغير خائفات خوفاً البتة » ( ١ بط ٣: ٦،٥) . لقد كانت سارة رمزاً للسيدة المطبعة المشتركة مع زوجها بفرح في وحدة الحياة، ووحدة القلب، فصارت رمزاً لكل السيدات المؤمنات وتعلم الأمهات قائلة : « الإنسان يفكر والرب يدير». المتنيح القس يوحنا حنين كاهن كنيسة مارمينا فلمنج عن كتاب الشخصيات النسائية فى الكتاب المقدس
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل