المقالات
14 فبراير 2025
مائة درس وعظة (٦٠)
شهداء مصر فى ليبيا « أم الشهداء جميلة»
"لى اشتهاء أن انطلق وأكون مع المسيح، ذلك أفضل جداً" (فی ۲۳:۱)
إخوتنا الذين انتقلوا إلى السماء كانوا ثابتين وصامدين ومسبحين ما أشهى أن ينتقل الإنسان وعلى لسانه اسم الله:
اذكرني يارب متى جئت في ملكوتك ( لو٤٢:٢٣) ارحمني يا الله حسب رحمتك (مز ١:٥٠) ياربي يسوع المسيح ارحمني وهذا ما رأيناه وسمعناه، ولكن ما كان في القلوب بالتأكيد كان أكثر وأكثر
أولا مفهوم الموت.
١- انتقاء:- "طوبي للذي نختاره وتقربه ليسكن في ديارك" (مز٤:٦٥) الله يختار فطوبی "يا بخت و يا بركة" من اخترته يارب ليسكن في ديارك "لى اشتهاء أن انطلق وأكون مع المسيح، ذاك أفضل جدا. (فى١ :۲۳)، فالموت هو اختيار وانتقاء.
٢-راحة:- الموت ينهى ألام الإنسان على الأرض ألام الغربة العوز المرض الجوع إلخ. فالموت انتهاء لكل هذه الآلام، والإنسان يعيش في غربة هذا العالم "غريب أنا في الأرض. لا تقف على وصاياك " ( مز ۱۹:۱۱۹)، وعندما تنتهى هذه الغربة يرتاح.
٣-لقاء:- لقاء بالسمائيين ربما عندما تنظر إلى إخوتنا الذين انتقلوا وتنظر إلى عيونهم ماذا كانوا يرون كانت أعينهم شاخصة إلى السماء، وكان السماء تستدعيهم وتستعد لاستقبالهم وصاروا من السمائيين في يوم عيد ما أشهى هذا اللقاء وهذا اللقاء ليس مثل لقاءات الأرض يبدأ وينتهي إنه لقاء فيه دوام فالأبدية ليس لها زمن.
٤-هناء:- يقول سفر يشوع بن سيراخ "لا تحسد أحداً سعيداً قبل موته" فلا توجد سعادة حقيقية على الأرض، بل في السماء.
ثانياً: موقفنا من الموت
امام الموت بأي صورة من الصور لا نملك إلا ثلاثة أمور
١-الإيمان:- نؤمن بالله ضابط الكل الذي يدبر كل شيء ورغم أن الموت هو العدو الأخير للإنسان والذي لا يقف امامه انسان لكن لا ينبغى أن يزعزع الموت إيماننا، لان تاريخ وطننا وتاريخ كنيستنا يشهدان أن كل شهيد يسقط يزيد ويقوى الإيمان أكثر فأكثر. ٢-الرضا:- نحن نرضي بكل ما يفعله الله صانع الخيرات وتدبيره المملوء حكمة، وهذا الرضا نابع من إيمان قوي في داخلنا، أنه مدبر حياتنا كلنا.
٣-الشكر:- نشكر الله على كل حال، ومن اجل كل حال، وفي كل حال، لاننا بالحقيقة نؤمن " أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده" (رو ۲۸:۸)
ثالثاً: أكاليل نورانية
١-إكليل الإيمان:- نالوا إكليل الاعتراف فقد تعرضوا لضغوط كثيرة لكي ما يتركوا إيمانهم، ولكنهم ظلوا ثابتين، هم شهداء للإيمان لأنهم حافظوا على إيمانهم إلى النفس الأخير، عاشوا في هذا الإيمان ربما. لم يتعلموا في كليات لاهوت، وربما غريتهم لم تكن تتيح لهم الانتظام في الكنيسة، ولكن الله رأى في قلوبهم نقاوة فاعطاهم أن يحصلوا على إكليل الإيمان.
٢-إكليل الشهادة :- نالوا إكليل الشهادة، لأنهم بذلوا حياتهم من أجل المسيح.
٣- إكليل الوطنية:- هم قتلوا لأنهم من مصر فنالوا إكليل الدفاع عن الوطن وشهادتهم أمام الله غالية.
رابعا: موقفنا من المعتدين
١-فرصة توبة:- الله لا يقضى على الشرير ولكن يمنحه فرصة التوبة يوما واثنين وثلاثة ربما يتوب ويعود.
٢- الصلاة من أجلهم: نحن نصلى من أجل هؤلاء المعتدين،ومن أجل هؤلاء الأشرار، فالحياة الإنسانية ستنتهي يوما ما. خامساً: نداء
١- يا أيها الشرير انتبه مهما طالت حياتك نب قبل فوات الأوان.
٢- يا أيها المغيب انتبه.. فالعنف والظلم حتى وإن تحلى تحت عباءة التدين فهو ليس مقبولاً أمام الله.
٣- يا أيها العنيف انتبه ربما فيروس صغير يصيب الإنسان يقعده.
٤- يا أيها الظالم انتبه فحينما يأتيك الاجل سيوضع جسدك في التراب، ولكن في يوم الدينونة ستقف أمام الله فماذا ستقول له.
نحسب أننا كسبنا واحداً وعشرين شهيداً في السماء، ولذلك فسوف يذكرهم تاريخ الكنيسة وتاريخ الوطن تركوا الأرض ليصيروا في السماء.
قداسة البابا تواضروس الثانى
عن كتاب صفحات كتابية
المزيد
13 فبراير 2025
فصح يونان النبى
يعرف (فطر) صوم يونان بـ(فصح يونان) وهو اصطلاح كنسي فريد لا يستخدم إلا بالنسبة لعيد القيامة المجيد الذي يطلق عليه أيضا (عيد الفصح) مما يدل علي أن الكنيسة تنظر إلي قصة يونان علي أنها رمز لقصة المسيح مخلصنا. فالفصح كلمة عبرانية معناها (العبور) أطلقت في العهد القديم علي عيد الفصح اليهودي تخليدا لعبور الملاك المهلك عن بيوت بني إسرائيل في أرض مصر (الخروج12:13, 23)
فنجا بذلك أبكارهم من سيف الملاك الذي ضرب أبكار المصريين، وتخليدا أيضا لعبور بني إسرائيل البحر الأحمر (الخروج14, 15) إلي برية سيناء فأرض الموعد. ولقد كان ذلك العبور القديم رمزا إلي الحقيقة الأعظم خطر، وهي (العبور) بجميع بني آدم من عبودية الجحيم إلي حرية مجد أولاد الله في المسيح، وقد تم هذا العبور بصلب المسيح وبقيامته المجيدة، إذ عبر هو له المجد بالنيابة عن، بموته بديلا عنا وفادي، فصار عبوره هو عبورا لنا نحن،
وقد عبرنا نحن فيه، ولما كانت قيامة المسيح بسلطان لاهوته هي برهان نجاح عملية العبور، لذلك كان عيد القيامة هو عيد (الفصح) الجديد، إذ هو عيد (العبور) إلي الفردوس والمنشود الذي فتحه المسيح له المجد. بقيامته المجيدة.
إذن كيف يسمي (فطر) صوم يونان بـ (فصح) يونان، إلا إذا كانت الكنيسة نظرت إلي يونان النبي علي أنه رمز إلي المسيح له المجد؟
لقد قال رب المجد بفمه الطاهر (إن هذا الجيل شرير، يطلب آية فلا يعطي إلا آية يونان النبي. لإنه كما كان يونان آية لأهل نينوى، هكذا يكون ابن الإنسان لهذا الجيل... وأهل نينوي سيقومون في يوم الدينونة مع هذا الجيل ويدينونه،
لأنهم تابوا عندما أنذرهم يونان. وهوذا أعظم من يونان هنا (لوقا11:19-32), (متي12:38-41).
نعم إن المسيح له المجد أعظم من يونان النبي بقدر ما يعظم (الرب) عن العبد، و(الخالق) عن المخلوق، وهو كما قال بفمه الطاهر: (أعظم من سليمان) (لوقا11:31),(متي12:42) وأعظم من أعظم مواليد النساء يوحنا المعمدان (متي 11:11), (لو7:25)
هو (الأبرع جمالا من بني البشر) (مزمور44:2), (السعيد القدير وحده، ملك الملوك ورب الأرباب، الذي له وحده الخلود، ساكنا في نور لا يقترب منه... الذي له الكرامة والعزة الأبدية) (1تيموثيئوس6:15, 16), (الرؤيا - الجليان17:14), (19:16).
صوم يونان النبى ( صوم أهل نينوى )
المزيد
12 فبراير 2025
قراءات صوم و فصح يونان
يأتي صوم يونان قبل الصوم الأربعيني المقدس بأسبوعين، القراءات خلال هذا الصوم وفصحه عن التوبة كالتالي:
(+) اليوم الأول دعوة للتوبة وهي دعوة للفرح بالرب وخلاصه كهدف للتوبة هلموا فنبتهج بالرب ونتهلل لله مخلصنا» (مزمور عشية ١:٩٤-٢) ، أما إنجيل العشية فمن (لوقا ۱۳: ١-٥) «إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون " وهذا يوضح أهمية التوبة.بخور باكر النبوة من (يونان ۱) وفيه دعوة يونان لكرازة نينوى داعيا إياها للتوبة، وهروب يونان ، ثم دخوله للحوت ليبدأ توبته عائدًا إلى نينوى .. ثم مزمور باكر الرب رءوف رحيم طويل الروح للتشجيع على بداية التوبة دون تأخير .. وإنجيل باكر (متى (٦:٧-١٢) يطمئن من يطلب التوبة أن كل من يسأل يأخذ وكل مَنْ يطلب يجد ومَنْ يقرع يفتح له .
البولس (رومية ٦: ١٧-۲۳) مَنْ يسمع ويطيع يتحرر من الخطيئة وتكون أعضاءه آلات بر لله للقداسة، والكاثوليكون (يهوذا ۱:۱-۱۳) دعوة للجهاد للخلاص بالتوبة لأجل الإيمان، وفي الإبركسيس( أعمال ۳۸:۲-٤٨) دعوة بطرس للشعب أن يتوبوا ويعتمدوا لمغفرة الخطايا، ثم توسل في المزمور إن كنت للآثام راصدًا يارب من يثبت لأن من عندك المغفرة»، والإنجيل من (متى (٣٥:١٢-٤٥) عن آية يونان النبي.
(+) اليوم الثاني إحساسات التوبة النبوة من (يونان ۲) صلاته من جوف الحوت بخوف ورعدة ورجاء الاستجابة بصلاة حارة، ومزمور باكر: اذكر يارب أننا تراب - الله لا يعاملنا حسب خطايانا (مز ۱۰۲)، والإنجيل مثل التينة التي تفسد الأرض بدون ثمر وتركها لتأتي بثمر وإحساسات الغربة على الأرض تقود للتوبة والتصالح مع الله بعد التغرب عنه (كولوسي (۲۱:۱) ، وتوعية بكفاية ما مضى من زمن لنترك الخطية وننتقل للفضيلة (۱ بطرس ٣:٤-١١)، والتوبة تتغاضى عن أزمنة الجهل (أع ۳۰:۱۷)، ومزمور القداس فيه طلبة الغفران وستر الخطية كمشجع للتوبة (مزمور ٢:٨٤) ، والإنجيل يحدثنا عن آية يونان والاستفادة منها كرمز للسيد المسيح ليتحقق نور العين واستنارة النفس بطهارة الجسد (لوقا ۲۹:۱۱) ..
(+) اليوم الثالث نتائج التوبة النبوة (يونان ٣ ،٤) وتجديد دعوة الله ليونان والبداية الجديدة، ومزمور باكر كما يترأف الأب على البنين هكذا يترأف الرب على خائفيه» (مزمور ۱۰۲)، وفي الإنجيل الفوز بالراحة من القائل: تعالوا إلى يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم» (مت ۱۱)، وكذلك الفوز بالرحمة (أفسس ۲)، وطمأنة يوحنا لأولاده أنهم أقوياء وغلبوا الشرير وغفرت خطاياهم ( ١ يوحنا ١٢:٢) ، وتأكيد عمل الله وتحقيقه الوعد القائل : سأرجع وأقيم خيمة داود الساقطة وأبني ردمها» (أعمال ۱۲:۱۵)، ومن أهم النتائج «طوباهم الذين غفرت آثامهم وسترت خطاياهم» (مزمور ۳۱).. والإنجيل الشبع كنتيجة حتمية للتوبة (مت ١٥) ...
(+) فصح يونان فرح الله بالتوبة: «سمع الرب فرحمني» (مزمور باكر ، والإنجيل (مرقس ۸) الرب يكمل كل الاحتياجات ليشبع الجميع، والنتيجة الوصول لبر المسيح الذي بالإيمان، وما أجمل أقدام المبشرين بالسلام (رومية ۱۰)، ونوال الخلاص المفرح بضمير صالح (۱ بطرس ۳)، وبالتوبة نرى عمل الرب والبركة الممنوحة لإبراهيم ونسله (أعمال ۲۲:۳) .. ثم الحديث عن الاستجابة صرخت في ضيقتي فاستجاب لي الرب» (مزمور ۱۱۷) ، وكنتيجة حتمية للفرح بالتوبة أن هو جسدنا فنمتلئ من غيرة القلب نفرح بتطهير الهيكل الذى . كما نوه الرب عن ذلك. في (يو ١٢:٢) .
نيافة الحبر الجليل الأنبا بنيامين مطران المنوفية وتوابعها
المزيد
11 فبراير 2025
ما بين يونان و المسیح
البعض يسأل عن الثلاثة أيام والثلاث ليالي التي قال عنها السيد المسيح أنه سيكون فيها في باطن الأرض مثل يونان في بطن الحوت؛ إذ أن المسيح كان قد دفن قبل غروب يوم الجمعة، وقام باكرًا جدًا يوم الأحد. بمعنى أنه قضى في القبر جزءًا من نهار الجمعة، وجزءًا من نهار الأحد، ونهار السبت بأكمله. قضى ليلة بين نهار الجمعة ونهار السبت، وليلة بين نهار السبت ونهار الأحد. وبهذا يكون في مدة دفنه ليلتين فقط وثلاث نهارات. فأين الليلة الثالثة؟.. هكذا يتساءلون.
ولهذه المسألة ثلاث إجابات :-
الأولى: أن السيد المسيح لم يقل أنه سيكون في القبر فقط بل في باطن الأرض. فإذا كان دمه الطاهر قد سال على الصليب وانساب إلى أسفل ودخل في جبل الجلجثة بدءًا من الساعة السادسة أي ظهر يوم الجمعة، ثم صارت ظلمة شاملة لمدة ثلاث ساعات إلى الساعة التاسعة أي الثالثة بعد الظهر فتكون هذه الظلمة هي الليلة المبحوث عنها. وكانت بمعجزة فريدة؛ لأن عيد الفصح عند اليهود كان في الرابع عشر من نيسان أي أن القمر يكون عموديًا على الأرض وكاملاً في ضوئه ولا يمكن أن يمر بين الأرض والشمس ليحجز ضوءها.
الثانية: أن اليوم في التقليد العبراني كان يُعتبر اليوم كله بنهاره وليله. فمن يكسر نصف ساعة مثلاً من يوم السبت، كان يعتبر كاسرا لكل السبت، ويُعاقب على هذا الأساس. وبذلك يُفهم من الكلام أنها ثلاثة أيام بلياليها حسب المفهوم اليهودي العبراني.
الثالثة: وهو رأي القديس يوحنا ذهبي الفم؛ أن السيد المسيح منذ أعطى جسده ودمه لتلاميذه في ليلة الجمعة (أي بعد انقضاء نهار الخميس) قد دخل في باطن الأرض. لأن الرب قال لآدم بعد معصيته وسقوطه: «لأَنَّكَ تُرَابٌ وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ» (تكوين ۳: ۱۹). ولأن جسد الرب ودمه في سر الإفخارستيا هو نفس جسده ودمه الذي في الصليب؛ فيكون قد بدأ الدخول إلى باطن الأرض من تلك الليلة التي سلم فيها نفسه وصنع الفداء على الصليب في نهار الجمعة وتكون هذه الليلة هي الليلة المبحوث عنها.
وبذلك نرى أن كلام السيد المسيح في المشابهة بين دخوله إلى باطن الأرض ووجود يونان في بطن الحوت هو كلام صحيح طبعاً، بل ويحمل معان عميقة. ولا غرابة في ذلك لأن يشوع بن نون قد طلب من الرب أن يطيل نهارًا في يوم جمعة لئلا يأتي السبت وهم يعملون ليصير الجمعة بطول نهارين وكان كذلك. وسمح الرب أن يقسم نهار جمعة إلى نهارين بينهما ليلة قصيرة. وهذه هي عجائب الله الذي يحكم الزمن.
نيافة مثلث الرحمات الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
المزيد
10 فبراير 2025
وحدث نوء عظيم
في مناسبة صوم أهل نينوى تذكرني أحداث قصة هروب يونان النبي من وجه الله بكل ما يصادف حياتنا في غربة هذا العالم من ضيقات وآلام، فقد يعترض طريق حياتك ضيقات شخصية أو اجتماعية أو روحية أو ربما مجتمعية، وجميعها تشبه النوء العظيم الذي حدث مع يونان وفي مثل هذه الظروف تحتاج :
١- أن تقوم وتصرخ إلى إلهك (يونان ١: ٦) ففي وقت ضيقك لا تبحث عن معونة بشرية، ولا تعتمد على إمكانياتك المادية أو قدراتك الشخصية، فالله هو الوحيد القادر أن يحفظك في حدقة عينه وبصراخك أمامه وحده تخلص من كل ضيقاتك .
٢- أن تقوم وتفتش حياتك "بسَبب مَنْ هذه البلية" (يونان ۱: ۸) ، فالضيقات فرصة لمراجعة النفس ، وقد تكون دعوة من الرب للإنسان أن يتوب لتدخل إلى داخل نفسك وتطلب إلى الرب: «اختبرني يا الله واعرف قلبي . امتحنّي واعرف أفكاري» (مزمور ۱۳۹ :۲۳). وأكثر ما يحنن قلب الرب عليك وقت الضيق هو قلبك التائب .
٣- أن تلقي عنك الأمتعة "وطرحوا الأمتعة التي في السفينة" (يونان ٥:١) ، فالضيقات في حياتك قد تكون دعوة من الرب لك لكي تزهد في العالم ومقتنياته، وتشعر أن كل ما في العالم ليس له قيمة أمام أبديتك، وتجعلك لا تتمسك بالمظاهر والمقتنيات بل تفتح قلبك بالأكثر لتشعر بالمحتاجين .
٤- أن تستيقظ وتسهر "مالك نائمًا؟ قم" (يونان ١: ٦) وكان في يقظة يونان سلامة له ولكل أهل السفينة، هكذا في الضيقات احرص أن تبقى ساهرًا على حياتك الروحية وعلى بيتك وحياة أولادك، فالضيق يحتاج منك أن تطلب «أعطني يا رب يقظة».
ه- أن تصير شاهدًا عن إلهك أمام الجميع «وأنا خائفٌ مِنَ الرَّبِّ إله السماء » (يونان ۱ :۹) فسلوكك وسط الضيقات وصبرك وإيمانك وسلامك وهدوئك وثباتك وثقتك أن حافظك لا ينعس ولا ينام (مزمور ۱۲۱ : ۳) هي شهادة عن إيمانك أنك ابن للإله الذي لا يترك أولاده، وكما كان يونان شاهدًا للنوتية الأمميين تصير أنت أيضًا في ضيقتك شاهدًا عن إلهك المحب لكل من هم حولك ليحفظ الرب حياتك سالمة من كل ضيق ، ولكن في كل نوء عظيم يواجه حياتك لتبق صارخا تائبا زاهدًا ساهرا وشاهدًا عنه أنه هو الإله المنقذ من كل نوء .
نيافة الحبر الجليل الانبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال افريقيا
المزيد
09 فبراير 2025
انجيل قداس الأحد الأول من شهر أمشير
تتضمن الحث على الصدقة مرتبة على قوله بفصلى
انجيل اليوم "الحق الحق أقول لكم أنتم الآن تطلبوني ليس لأنكم رأيتم آيات بل لأنكم أكلتم من الخبز فشبعتم " ( يو ٦ : ٢٢ - ٣٩ )
يجب علينا أن نقدم الاهتمام بالأمور الروحانية على طلب الامور الجسدانية الضرورية وأن نلازم المسيح لا لنلتمس منه المحسوسات الأرضية كاليهود بل لنطلب منه نعيم الملكوت لأنه إذا كان قد قال لأولئك مبكتا لهم مع أن مواعيدهم كانت جسدانية انكم لا تطلبونني لنظركم الآيات بل لأنكم أكلتم من الخبز فشبعتم فماذا عساه أن يقول للمؤمنين؟
وإذا طان الطالبون للطعام البائد قد تركوا المدن والقرى والصنائع والمنازل وتبعوه في القفر فبأى مقدار يجب علينا نحن أن نبتعد عن الأمور الجسدانية لنحصل الباقيات ثم بعد ذلك نقدم الاهتمام للضروريات الوقتية فإن قلت إذا كان لانسان مال وقنايا كثيرة وحقول وزراعات وغير ذلك ولكن ليس له صناعة يتعيش منها أفما يدبر والحالة هذه أمور قناياه كما ينبغى؟ أقول لك أنه ينبغى أن يكون شبيهاً بأيوب الصديق الذى كان يستعمل أمواله ويصرفها في المفيد غير مغتبط بوجودها ولا مغموماً على فقدها وإذا كان المتيسر بالمال يعلم أن في العالم صنائع كثيرة وهو لا يحسن أن يكون صانعا للذهب ولا للفضة ولا للنحاس ولا للحديد ولا نساجاً ولا نجاراً ولا غير ذلك من أمثال هذه الصنائع فأنا الآن اقدم له صناعة أشرف من هذه الصنائع كلها فإن قال وما هـــــي الصناعة الجميلة الوصف؟ قلت أن يستعمل قناياه كما ينبغى وهو أن يعطى المقلين ويقرض المعسرين ويرحم البائسين ويتراءف على المساكين ويفعل جميع ما يجب عمله على المتيسرين فإنه بهذه يفوق سائر أرباب الصنائع لأن حوانيت أولئك في الأرض أما هو فحانوته في السماء أولئك يقتدون بالبشر في صنائعهم وهذا يقتدى بخالقه اولئك يحتاجون إلى آلات من نحاس وحديد وخشب وحجارة وغير ذلك لتدبير صنائعهم وهذا غنى عن جميع الآلات أولئك يحتاجون إلى وقت في تعليمهم وإلى جوائز للمعلمين وهذا يوجد بغير تعب وفى الوقت الحاضر ويأخذ الاجرة من المرشدين أولئك غاياتهم الفساد والهلاك اما هو فغايته التمتع بالخيرات السمائية وحصول النعم الروحانية والإختلاط بالزمر الملائكية والإستضاءة بالأنوار الإلهية والتصرف مع الختن في الأمجاد الابدية وإذا كان هذا علو شرف صاحب هذه الصناعة على الصنائع الضرورية في قوام الحياة فما قولك في الصنائع الاخرى المستعملة للمترفهين والمتنعمين والبذخين والمهملين لذواتهم كالذين يصنعون الحلل الملونة والثياب المنقوشة والذين يصورون الحيطان ويدهنون الخشب والذين يصنعون الاصناف المنقوشة بالحرير والذين يتناهون فى عمل أوانى الشراب وآلات اللهو والطرب وأمثال هذه التي لا ينبغى أن تسمى صنائع بل ينبغى أن تسمى اسبابا للفساد والبوار لأن المستعملين لها يحسبونها من الخطايا الصغار إلا أنها أسباب لكبائر كثيرة وإذا كان بولس الرسول يصرخ هكذا نحو النساء بأن تكون زينتهن لا بضفائر الشعر ولا بالجواهر ولا بحلى الفضة والذهب ولا بالثياب المرتفعة الثمن بل بخشية الله كما كانت النساء الطاهرات قديماً فماذا عساه يقول للرجال؟ وبماذا يقول لك أنت أيها اللابس الثياب المنقوشة المختلفة الألوان والاشكال المتحلى بخواتم الذهب والمتخذ الاخفاف المخروزة بالحرير والناظر إلى علو الاسرة ونقوش الفراش وتزيين الحيطان بصور الحيوانات والطيور المصنوعة من الخزف والشمع وغير ذلك وإذا كان الرجال لا يأنفون من التشبه بالنساء في اتخاذ الآلات المنقوشة فأولادهم ماذا عساهم أن يصنعوا ؟
وإذا كنت ياهذا إلى الان مغرما بألوان الازهار ونضارة الشجر ونقوش الحلل وزخرفة الثياب وسماع الملهين والمطربين فمتى تكون عاقلا؟ومتى تطلب زينة الباقيات؟ ومتى تشتاق إلى نعيم الملكوت؟
وإذا كانت قلوبنا معلقة بهذه الخسائس فكيف نضجر من عقاب ربنا إذا أيقظنا بالتأديبات اليسيرة كالامراض والمتاعب وتعذر المكاسب وقيام الظالمين وكيف لا نكون مستحقين للغلاء والوباء والتجارب والضيقات ونحن نبصر إخوة المسيح مطروحين في زوايا الشوارع جياعاً عراة عطاشى حزاني ونحن ننفق أموالنا فى الامور الضارة وننعم بها على الملهين والمضحكين ونحجبها عن المستحقين وإذا كنا إلى الآن نتعلق بالأمور الوضيعة فمتى ننظر إلى السموات؟ ومتى نتفرس في حسن صور المبدعات ؟
وإذا تعجبنا من أشكال الحيوانات المهندمة ومن الاحجار والخشب وغير ذلك فلم لا نتعجب من إبداع الخلائق وترتيب الافلاك وأشكال الكواكب ونظام الموجودات وإخراج الارض للمياه من العدم وإخراج جميع الحيوانات والنباتات من الأرض والماء ونسبح خالقها بلا فتور ؟
وإذا كنا إلى الآن نتخذ مثل هذه الثياب المنقوشة ونمدح اللابسين لها والمقتدرين عليها ونستنقص المقصرين والعاجزين عن إتخاذ نظائرها فكيف لا نحسب مع التائهين؟ لاننا بذلك نكون سبباً لان يبيع الاحداث والشابات من الرجال والنساء حسنهم وجمالهم لاقوام آخرين ليجودوا عليهم بما يقتنون به مثل هذه الثياب وهذه الآلات الفانية بل ويتطفلون عليهم ويصيرون عندهم بمنزلة العبيد والخدم وإذا كنا قد وجدنا هذه الامور سبباً لفساد المؤمنين هكذا فكم عقوبة يعدها لنا ربنا ؟
وإذا كان بعض الرجال يأخذون على نفوسهم تعليم الجيوانات وتأديبها كالذين يهذبون الوحوش والطيور وغير ذلك ويكلفون غير الناطقين التشبه بالناطقين فيعلمون الفيلة السجود لملوكهم والطيور تنطق باللغات، والقرود ترقص على ضروب مختلفة فلم لا نعتنى نحن بتعليم المؤمنين؟ وإذا كنا لا نعتنى بتهذيبهم فعلى الاقل لا نكون سبياً لهلاكهم وإذا كنا نعتنى بتنظيف ثيابنا واصلاح منازلنا فكيف نهمل نفوسنا ملطخة بهذه الأوحال مبتعدة عن مواطن الحياة وكيف لا نعلم أن النفوس المهملة من الفضائل هي كالاراضي المهملة من الزراعات المعدة لان الشوك ينبت فيها من هنا والحسك من هناك وتكون مكامناً للوحوش والافاعي ومرانعاً للشياطين
فسبيلنا إذن أن نبتعد عن الفانيات ونهرب من التنازل مع الشهوات ونتيقظ لعمل الصالحات. ونستعد للمواعيد السموية لنفوز بنعمة ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح الذي له المجد إلى أبد الابدين أمين.
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
08 فبراير 2025
الصراع بين الوصية كفكر وكتطبيق
مِنْ إِنجيِل مارِيُوحنا [ الكلامُ الّذِى أُكلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوح وَحيوة ] ( يو 6 : 63 ) ، الوصيَّة كفِكر جمِيلة وَمحبُوبة كُون إِنَّنا نسمع [ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلّ حِينٍ وَ لاَ يُمَلَّ ]( لو 18 : 1 ) كلِمة جمِيلة جِدّاً لكِنْ وقت تطبِيق الوصيَّة نجِد أنفُسنا 1/4 ساعة وَ لاَ نستطِيع أنْ نُزِيد عَنْ ذلِك جمِيلة وصيَّة [ فَإِنْ جاعَ عَدُوُّكَ فَإِطعمهُ وَإِنْ عطِشَ فإِسقِهِ ]( رو 12 : 20 ) ، وَلكِنْ عِندما نِنّفِذ الوصيَّة نتذكّر ما فعلهُ عدونا معنا صِراع الوصيَّة تقُول [ سِراجُ الجسدِ هُوَ العِينُ فَإِنْ كانت عينُك بسِيطةً فجسدُك كُلُّهُ يكُونُ نيِّراً ] ( مت 6 : 22 ) ،جمِيلة نظرياً لكِنْ عملياً صعبة جِدّاً00[ وَإِنْ أعثرتكَ عينُك فإِقلعها ] ( مت 18 : 9 ) ، كلِمات رائِعة لكِنّها صعبة التنفِيذ صِراع بين الوصيَّة كفِكر وَكتطبِيق 0
أولاً : الوصيَّة فِى العهد القدِيم :-
بدأت الوصيَّة عِبارة عَنْ مجموعة وصايا شفويَّة أوامِر أعطاها الله لآدم وَإِستمرت مِنْ جيل إِلَى جيل قايين يوسِف نُوح إِبراهِيم إِسحق أجيال الوصيَّة بِالنسبة لهُمْ شفويَّة حتَّى جاء مُوسى النبِى فأعطاهُ الله الوصيَّة مكتوبة ، وصايا مكتوبة تقُول لاَ تقتِل لاَ تسرِق لاَ تحلِف لاَ تزنِ لاَ لاَ لاَ هى وصايا لكِنّها بدل ما تسنِد الإِنسان أصبحت عِبء عليه لأِنَّها كانت كالمرآه تُظهِر عيوبه أنا فِى الوصيَّة أصبحت خاطِىء جِدّاً وَصارت الوصيَّة أداة دينونة بدلاً مِنْ أنْ تكُون أداة بِر ، حتَّى أنّ مُعلّمِنا بولس الرسُول قال بِالوصيَّة صارت معرِفة الخطيَّة الناموس عرَّفنا على الخطيَّة وَأصبح أداة دينونة للإِنسان وَقال أيضاً مُعلّمِنا بولس الرسُول فِى رِسالة رومية [ حِينما أُرِيدُ أنْ أفعل الحُسْنَى أنَّ الشَّرَّ حاضِرٌ عِنْدِي ] ( رو 7 : 21 ) ، هذِهِ صُورة لِصراع الإِنسان فِى ظِل الناموس إِذن الناموس لاَ يُخلِّص وَ لاَ يفدِى حتَّى أنّ بولس الرسُول قالها بِصرخة [ ويحِي أنا الإِنسان الشقيُّ مَنْ يُنقِذُنِي مِنْ جسدِ هذا الموتِ ] ( رو 7 : 24 ) هذِهِ صرخِة الإِنسان قبل المسِيح ، لَنْ أكُون صالِح إِنْ لَمْ أتخلّص مِنْ هذا الجسد هذا الفِكر أوْ الحال فِى ظِل الناموس لكِنْ فِى العهد الجدِيد الأمر مُختلِف جِدّاً إِذاً الناموس فِى العهد القدِيم عاجِز عَنْ أنْ يُرضِى الله وَأنْ يُعطِى الإِنسان بِر لأِنّهُ كما قال مُعلّمِنا بولس الرسُول [ لأِنَّهُ إِنْ كان بِالناموس بِرٌّ فالمسِيحُ إِذاً مات بِلاَ سببٍ ] ( غل 2 : 21 ) ، الناموس يُظهِر عيوب الإِنسان وَتقصِيراته 0
ثانياً : الوصيَّة فِى العهد الجدِيد :-
إِختلفت تماماً لأِنّهُ وجد أنّ المسِيح لمّا أتى أعطانا وصايا فِى الحقِيقة أصعب كثيراً مِنْ وصايا العهد القدِيم ، فمثلاً نجِده يقُول [ سمِعتُمْ أنّهُ قِيل عينٌ بِعينٍ وَسِنٌّ بِسنٍّ وَأمَّا أنا فأقُولُ لكُمْ أحِبُّوا أعداءكُمْ بارِكوا لاعِنيكُمْ ] ( مت 5 : 38 – 44 ) فِى العهد القدِيم شراسة فحدّها الله بِالتعادُل بين الطرفين ، لكِنْ فِى العهد الجدِيد يقُول قابِل الإِساءة بِالمحبَّة وصايا العهد الجدِيد فائِقة وَصعبة لِماذا ؟ لأِنّ الإِنسان أخذ إِمكانيات جدِيدة بِالمسِيح إِذن فِى العهد القدِيم الوصيَّة أسهل ، لكِنْ فِى العهد الجدِيد يقُول النظرة زِنى لِماذا ؟ لأنِّى أعطيتك إِمكانيات جدِيدة ، لِذلِك لابُد أنْ تقِيس نَفْسَكَ عليها كالطفل الصغِير نحنُ نُنهيه عَنْ أشياء كثيرة وَلكِنْ عِندما يكبر لاَ تُنهِيه عَنْ هذِهِ التوافِه لأنّهُ إِرتقى لإِمكانيات أكبر هكذا نحنُ فِى المسِيح إِرتقينا فأعطانا وصايا على مُستوى ملائِكِى مِنْ مُستوى أبناء آدم إِلَى مُستوى أبناء الله تُدعون إِذن الوصيَّة تُنّفذ فِى المسِيح وَبِالمسِيح وَ لاَ يُمكِنْ أنْ نُنّفِذها بِدونه لاَ نستطِيع أنْ نُصَلِّى إِلاّ بِهِ ، وَ لاَ نُحِب إِلاّ بِهِ ، وَ لاَ نُعطِى إِلاّ بِهِ وَلابُد أنْ أُعطِى وَأعمل بِالمسِيح لِذلِك يقُول مُعلّمِنا بولس الرسُول [ إِنْ كان أحدٌ فِى المسِيحِ فَهُوَ خلِيقةٌ جدِيدةٌ ] ( 2 كو 5 : 17 ) ، أىّ طبعِى يتغيّر إِذن أنا بِدُون المسِيح إِمكانياتِى ضعِيفة ، لكِنْ بِهِ خلِيقة جدِيدة وَإِمكانيات عالية ، وَمِنْ هُنا الوصيَّة تُصبِح سهلة رغم صعوبتها مُمكِنْ الفِكر البشرِى يصطدِم بِالوصيَّة كيف أُحِب عدوِى كيف أبِيع أمتعتِى وَأُعطِى صدقة ؟ هذا بِالإِمكانيات الشخصيَّة مُستحِيل لأِنَّها إِمكانيات ضعِيفة وَمحدودة ،فَنَحنُ بِالكاد نُحِب مَنَ يُحبُنا لكِنْ لِكى نُحِب أعدائنا وَنُبارِكهُمْ هذا بُعد جدِيد لاَ نناله إِلاّ بِالمسِيح المُشكِلة إِنَّنا دائِماً نفصِل أنفُسنا عَنْ المسِيح وَالقدِيسين فنعِيش على مُستوى الفِكر البشرِى فنصطدِم بِالوصيَّة وَقَدْ نعثُر فِيها وَكأنَّنا نرى أنّ المسِيح يُرِيدنا ضُعفاء فَمَثلاَ وصيَّة [ يَنْبَغِي أنْ يُصَلَّى كُلّ حِينٍ وَ لاَ يُمَلَّ ] ( لو 18 : 1 ) ، فنقُول عنها أنَّها دروشة لأنَّنا نقِيسها بِمُستوانا كبشر وَهذا مُستوى محدُود أخطر ما فِى الموضُوع أنّنا نعِيش الوصيَّة بِإِمكانياتنا البشريَّة الضعِيفة الله أعطانا هذِهِ الوصيَّة لأِنّهُ هُوَ العامِل فِينا [ لأِنّ الله هُوَ العامِلُ فِيكُمْ أنْ تُرِيدُوا وَأنْ تعملُوا ]( فى 2 : 13 ) ، أىّ أنّ الله هُوَ المُحرِّك الأساسِى ، هُوَ الّذى يُحرِّك إِرادتِى أنا نفِذت الوصيَّة لكِنْ مَنَ الّذى عملها بِالفِعل داخِلِى ؟ الله0الله يحرّكنا لِفِعل البِر لِكى نُكلّل وَيرجِع الفضل لنا وَنحنُ نقُول لهُ أنت الّذى دفعتنا لِهذا العمل ، لكِنّهُ بِكُلّ تواضُع يُكافِئنا عَنْ عمل هُوَ عمله فِينا ، وَهُوَ يُعطِى قديسيه كرامات وَيُمّجِدهُمْ وَهُمْ يُمّجِدوه وَيُرجِعُون الفضل إِليه هذا هُوَ مجد العهد الجدِيد الله جعل الوصايا محفُورة فِى قلوبنا لاَ على لوح حجرِى وَ لاَ شفويَّة بل[أجعلُ نَوَامِيسِي فِى أذهانِهمْ وَأَكْتُبُهاَ عَلَى قُلُوبِهِمْ ] ( عب 8 : 10 ) ،كثيراً فِى العهد القدِيم كانت توجد نواهِى كثيرة لكِنّنا فِى العصر الحدِيث توجد مُتغيّرات كثيرة ، لكِنَّنا نتعامل مَعْ هذِهِ المُتغيّرات بِصُوت الله الموجُود داخِل قلوبنا وَيُرشِدُنا لِلطرِيق الصحِيح [ ناموس الله فِى قلبِى فَلاَ تتعرقل خطواتِى ] ، فتقُول هل نُشاهِد فيديو ، نقُول مُمكِنْ نُشاهِد أفلام قديسين ، وَقَدْ تأتِى هذِهِ الأفلام بِإِنسان لِطرِيق الله ، بينما لَوْ فيلم غير جيِّد قَدْ يُعثر إِذن لاَ يوجد ما يُنهِينِى عَنْ شيء خاطِىء سِوى صُوت الله فِى قلوبنا [ها ملكُوت اللهِ داخِلكُمْ ] ( لو 17 : 21 )إِذن كُلّ ما أصطدِم بِوصيَّة أعرف إِنِّى فِى صِراع بين نَفْسِى وَالمسِيح نحنُ فِى المسِيح لنا إِمكانيات عظِيمة [ أستطِيعُ كُلّ شيءٍ فِى المسِيحِ الّذي يُقوّينِي ] ( فى 4 : 13 )0
كُلّ وصيَّة فِى المسِيح لها صِفات :-
1- إِنَّها مُمكِنة :- إِحذر أنْ تنظُر لِلوصيَّة على إِنَّها نظريات لاَ هى مُمكِنة الفِعل وَالتنفِيذ بِالمسِيح ، لأنّهُ هُوَ قادِر أنْ يوسّع قلوبنا وَيُعطِينا إِمكانيات قويَّة جبَّارة قادِرة على كُلّ شيء 0
2- الوصيَّة بنّاءة :- لَوْ نظرنا لِمجموعة تعِيش مَعْبعضها بِالوصيَّة وَمجموعة تعِيش مَعْ بعضها بِالفِكر البشرِى نجِد أنّ المجموعة الثانية تحدُث بينهُمْ مشاكِل ، بينما المجموعة الأولى يبنُون بعضهُمْ بِبعض وَيعِيشُون فِى أُلفة وَمحبَّة وَسلام وَأمن كُلّ ما الإِنسان يحيا الوصيَّة كُلّ ما يشعُر بِوجوده وَأمنه وَسلامه ، بينما الّذى يعِيش بعِيد عَنْ الله تتضخّم الخطيَّة داخِلهُ وَتتوالد إِذن المسِيح لمّا أعطانا الوصيَّة أعطانا إِمكانيات فِعلها بِهِ هُوَ بِدونه نقِف أمام الوصيَّة عاثِرين مُحبطِين عاجِزين الوصيَّة تُحكِّمْ الإِنسان لِلخلاص وَتُفرِّح العينين وَتُضىء القلب وَتُعطِى سلام وَنِعمة 0
بعض النماذِج عاشوا الوصيَّة :-
1- سمعان الخرّاز:- شاب بسيِط أعثرته عينه فنجِد الوصيَّة فِى ذِهنه أتت على مُستوى [ فَإِنْ كانتْ عينُكَ الْيُمنَى تُعْثِرُكَ فإِقلعها وَألْقِها عَنْك ] ( مت 5 : 29 ) فقلع عينه مَنَ يستطِيع هذا ؟ مُستوى فائِق ، يقُول القدِيسُون رأفة بِحالنا إِقلعُوا عين الشر لكِن سمعان الخرّاز إِنفعل إِنفعال عالِى بِالوصيَّة فعملت فِيهِ بِقوّة لأِنَّها بِالمسِيح يسُوعَ لِذلِك نجِد السيِّد المسِيح يقُول [ لأِنَّ نيرِي هيّنٌ وَحِملِي خفِيفٌ ] ( مت 11 : 30 ) ، جرّب ذلِك القدِيسين كما يقُول الأنبا أنطونيُوس [ إِعلموا يا أولادِى أنّ كُلّ الوصايا ليست ثقيلة وَ لاَ صعبة وَ لاَ مُتعِبة بل نُور حقِيقِى وَسرور أبدِى لِكُلّ مَنْ أكمل طاعتِهِ ] ، لَوْ نظرنا لِلمُكافأة سنطلُب مزِيد مِنْ الوصايا 0
2 – مارِجرجِس:- شاب عِنده غرِيزة وَعِنده جسد وَظروفه وَحالته النَفْسيَّة مُتعبة ، لكِنّهُ عِندما تعرّض لِلخطيَّة رفضها بِقوّة وَسُلطان أولاد الله ، هذِهِ هى قوّة الوصيَّة بِالمسِيح ، وَغلب الخطيَّة فهى نُور لِلعالم مثلاً الصُوم لَوْ عِشنا بِإِمكانيات الله سنفرح بِالصُوم وَقَدْ نرفُض الطعام ،لكِنْ لَوْ عِشناه بِإِمكانيات بشريَّة نجِد أنفُسنا نعِد الساعات وَنحسِبها حتَّى تنتهِى فِترِة الصُوم فننفجِر فِى الطعام كان القدِيس جلاسيُوس موهُوب فِى الرسم وَالخط ، وَكان القدِيسُون يُحِبُّون العمل ، وَكان عمل القدِيس جلاسيُوس كِتابِة المخطوطات ، فكتب الكِتاب المُقدّس بِعهديهِ بِطريقة جمِيلة وَتركهُ فِى الكنِيسة لِلمنفعة ، وَفِى أحد الأيَّام دخل إِنسان لِلكنِيسة فوجد الكِتاب وَأغواه الشيَّطان فسرقهُ وَنزل لِلسُوق لِيبيِعهُ ، وَمرّ إِنسان وَفاصل معهُ وَإِشترى الكِتاب وَكان المُشترِى يُريه لأصدقائه لِيتأكِّد مِنْ سِعره ، فشكِّكوه فِى ثمنه ، فأراد أنْ يأخُذ رأى الرُهبان وَبِالأخص الراهِب جلاسيُوس لأِنّ لهُ دِراية بِالمخطُوطات ، فأخذ الكِتاب وَذهب لِلقدِيس جلاسيُوس وَسألهُ بِكَمْ يُساوِى هذا الكِتاب ؟ فسألهُ القدِيس بِكَمْ أخذتهُ ؟ أجابهُ المُشترِى بِعشرة دِينار ، فأجابهُ القدِيس جيِّد جِدّاً وَعاد المُشترِى وَتقابل مَعْ البائِع وَقال لهُ إِنّ الكِتاب عالِى الثمن وَقَدْ أريتهُ لِلقدِيس جلاسيُوس ، وَلمّا علم البائِع بِذلِك عاد وَإِشتراه مرّة أُخرى بِثمن أعلى ممَّا باعه بِهِ وَأراد أنْ يُعِيده لِلقدِيس لكِنّهُ رفض إِستعادته لولا إِلحاح الرُهبان00مُستوى فائِق لِتنفِيذ الوصيَّة0
أنا إِمكانياتِى محدودة لاَ أستطِيع أنْ أسامِح ، لكِنْ بِالمسِيح أستطِيع نِعمة العهد الجدِيد لابُد أنْ نعرِف أنَّنا ننتظِر نِعمة وَقوَّة مخفيَّة داخِل وصايا العهد الجدِيد متى تكُون الوصيَّة مُفرِحة وَلذِيذة ؟ متى تخرُج النَفْسَ فِى طلب الوصايا الجدِيدة وَتتمتّع بِها ؟ عِندما تتحِد بِالمسِيح [ وَبِإِلهِي تسَوَّرْتُ أسواراً ] ( مز 18 : 29 ) ، أكثر شيء يُسّبِب لنا فرح فِى حياتنا إِتحادنا وَثباتنا فِى المسِيح ، وَكُلّ ما نتراخى عَنْ المسِيح كُلّ ما تثقُل الوصايا أكثر حتَّى أنَّنا نراها كخُرافات لمّا تسمع عَنْ أبو مقَّار عِندما يُتهم بِإِرتكاب خطيَّة مَعْ فتاه وَ لاَ ينفِى التُهمة بل يعمل بِجديَّة كى يُنفِق على الفتاه وَطِفلها كيف تتحمّل النَفْسَ هذا التعيير وَالإِتهام الضخم فَهُوَ إِنسان يعِيش طهارِة الجسد وَالفِكر فكيف يقبل هذا الإِتهام ؟ بِالمسِيح يستطِيع كُلّ شيء وَبدل ما يرفُض الوصيَّة بِذاته يقبلها بِالمسِيح لَوْ ثبتنا فِى المسِيح يصِير الإِنجيِل بِالنسبة لنا سِراج وَدستُور لِماذا الإِنجيِل مُنفصِل اليوم عَنْ حياتنا العمليَّة وَيختفِى مِنْ حياتنا ؟ لأِنّنا فاصلِين أنفُسنا عَنْ المسِيح فِى حِين أنّنا يجِب أنّنا نكُون داخِل الإِنجيِل وَالإِنجيِل داخِلنا محفُور فِى قلوبنا وَأذهاننا ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فِينا بِنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمِين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك
المزيد
07 فبراير 2025
مائة درس وعظة (٦٣)
الموسيقى في الكتاب المقدس
"لإلهنا يلذ التسبيح"( مز ١:١٤٧)
. الموسيقي هى لغة كل العالم، فالله خلق للإنسان حنجرة التي هى آلة موسيقية طبيعية في جسم الإنسان الحنجرة بها أحبال صوتية تصدر نغمة الصوت، وبها اختلافات كبيرة لدرجة أن هناك نغمة صوت خاصة لكل إنسان كبصمة الأصبع، فلا يوجد تطابق ۱۰۰% بين أي إنسان وأخر.الموسيقى علم له قواعد ونظريات وأسس فن رقيق يعبر عن الشعور والأحاسيس فالطفل يتعرف على امه وهو جنين من صوت نبضات قلبها أو بمعنى أدق موسيقى نبضات قلبها تجربة جميلة مجموعة من الأطفال يلعبون في مكان مضئ وهناك غرفة واحدة غير مضاءة بها موسيقى نبضات قلب الأم فعندما ينقطع النور وجدوا أن الطفل يذهب إلى الغرفة التي بها صوت نبضات القلب التي تذكرهم بوضعهم كأجنة.الإنسان يعبر عن فكره بالكلام ومن عواطفه بالفنون كالموسيقي فهي من أكثر الوسائل المستخدمة عبر تاريخه، وهي ليست علما وفنا فقط بل هى لغة تكتب وتقرأ وتسمع لها حروف في بداية نشأة الانسان استمع لصوت الرياح وأصوات الحيوانات المتعددة، وابتدأ يقلد هذه الأصوات (عصفورة خروف الخ) ومن هنا جاء تطور الموسيقي
أولا، تطور الموسيقى
١- صفارة من الفم
٢- تصفيق كالكشافة
٣- نقر بالأيدي على أي سطح كالطبل
٤- خبط بالرجلين على الأرض كالفرق العسكرية
٥- غناء بعدها ابتدأ يغني ليعبر عن مشاعره وأحاسيسه. ثانيا - انواع الموسيقى
١-الحزن : رتمه بطىء للتعبير عن المشاعر الهادئة
٢-المرح: رتمه سريع مواكب مع هذا الزمن.
٣- الإثارة مثل الأناشيد الوطنية المعدة مثلاً لدخول الحرب.
ثالثا الأسفار الموسيقية
١- سفر المزامير وهو على اسم آلة موسيقية هي المزمار
٢- سفر نشيد الانشاد ويطلق عليه Song of Songs افضل نشید کتبه سليمان الملك الذي الف ١٠٠٥ نشيد.
٣- سفر الرؤيا وهو سفر التسبيح وهو السفر الأخير السماء كلها ممتلئة فرحة بالتسبيح والوجود في السماء.
رابعا انبياء موسيقيون
١-يوبال: هو اول موسيقي واب كل ضارب بالعود والقيثارة من نسل قايين كما جاء في سفر التكوين.
٢- مريم النبية: وهي اخت هارون وموسى، فهي التي رنمت ترنيمة العبور نشيد الخلاص فنجد في خروج ١٥ ترنيمة ترنمها الكنيسة في الهوس الأول. ٣- داود النبي: مرنم إسرائيل الحلو(٢صم١:٢٣)
٤- اساف: وفرقته الموسيقية
خامساء الأدوات الموسيقية
١- الدف: يستخدم حتى الآن وهو من معدن يمثل الشفتين للإنسان
٢- المثلث: معدن تعبير عقيدي عن إيماننا بالثالوث الواحد
٣- العود
٤- المزمار
٥- القيثارة. ٦- الناى
تمتاز كنيستنا بالتسبيح وبعض من موسيقاها من أيام الفراعنة كلحن " غولغوثا" الذي يصلي في يوم الجمعة الكبيرة، وموسيقته جنائزية لحنها طويل هادئ يقال إنها عزفت في جنازة خوفو
سادسا - كلمات الموسيقى
أشهر كلمات الموسيقي في صلواتنا وتسابيحنا هى كلمة "الليلويا" نطقها واحد في كل اللغات وتصلى في أول أو أخر المزمور عندنا مزامير تسمى "مزامير الهليل" من مزمور ۱۱۳ الی ۱۱۸ نرددها في صلواتنا، حتى نصبح إنسان هللويا أي إنسان الفرح
سابعا الموسيقى والإنسان
ماذا تصنع الموسيقى في الإنسان
١- غذاء للروح
٢- شفاء للنفس
٣- ملهمة للفنان
٤- مفككة الاحزان
٥- محركة للشعور
٦-مهدئة للأعصاب
٧- مقوية للعزيمة
٨-مبعدة للهزيمة
٩- علاج للأمراض
١٠- محفزة للحياة السماوية
تامنا - تدريبات روحية
١- صل بفهم صل المزامير بنغم ووعي
٢- احفظ الألحان احفظ بعض الألحان لتكون حاضرة في ذهنك علمها لأولادك في صغرهم ليتذوقوا طعم وروحانية الألحان الكنسية، فتجذبهم عن أي ميل لألحان العالم.
٣- ادرس معانيها كنيستنا بها زخم من الألحان الطويلة والقصيرة والتسابيح المعزية فكلنا نحب ليالي كيهك بتسابيحها ومعانيها، بالرغم من ظروف الجو البارد لكن التسبيح يعزينا، ولنجعل ترانيمنا من كلمات الكتاب المقدس لنتعلم لغة التسبيح لغة السماء.
قداسة البابا تواضروس الثانى
عن كتاب صفحات كتابية
المزيد
06 فبراير 2025
بدعة بيرلوس
بدعة بيرلوس أسقف بصرة سنة 244 م
محتوى بدعة بيرلوس أسقف بصرة
أن السيد المسيح قبل ولادته من العذراء لم يكن له لاهوت متميز، بل أنه كان له لاهوت الأب أى أن المسيح لم يكن له وجود قبل ولادته من مريم، وأنه فى ولادته دخلت وأتحدت بالأنسان النفس الإنسانية التى أصلها من الإله، وأنها بلا شك فائقة كل النفوس البشرية لأنها منبثقة من الطبيعة ألإلهية .
مكان أنتشار هذه البدعة
أنتشرت هذه البدعة ما بين النهرين وبين القبائل العربية التى نقلتها إلى بلاد العرب، فسمع بها أوريجانوس فذهب إلى بلاد العرب (السعودية الآن) ودحض تعاليم بيرلس وفند آراؤه وأنعقد مجمع فى بصرة سنة 244 م وتمكن أوريجانوس من أن يبين خطأ هذا الفكر ولما كان من هذا العلامة من رجاحة فكر وقوة فى الحجة فقد أستطاع أن يرد بيرلس الأسقف إلى الإيمان السليم، وأصبح بعد ذلك صديقاً لأوريجانوس ومن أكبر المدافعين عنه فيما بعد .
وذكر المؤرخ يوسابيوس القيصرى فى عام 244م تحت عنوان ضلالة بيريلوس:
1- أنحرف بيريلوس السابق التحدث عنه كأسقف لبوسترا ببلاد العرب - عن تعاليم الكنيسة، وحاول ادخال آراء غريبة عن الإيمان، فقد تجاسر على القول: أن مخلصنا وربنا لم يكن له وجود سابق بكيفية متميزة، وأنه لم يكن موجوداً من تلقاء ذاته قبل حلوله بين البشر، وانه ليس فيه أى شئ من اللاهوت بذاته، بل لاهوت حلول الآب فيه.
2- وقد تناقش معه أساقفة كثيرون فى هذا الصدد، أما اوريجانوس فإذ دعى مع غيره نزل إليه أولاً للتحدث معه للتأكد من آرائه الحقيقية، وإذ وقف على آرائه وعرف خطأها، وأقنعه بالحجج والبراهين المختلفة، رده إلى العقيدة القويمة، وأعاده إلى أرائه السابقة السليمة.
المزيد