المقالات

27 أبريل 2024

سبت لعازر (يو١:١١-٥٤)

حلوه ودعوه يذهب سبت لعازر يحمل معاني عميقة لمحبي الطقس والهواة التلذذ بربط المعاني والغوص في بحر لآلى الأرثوذكسية. كل ما عرفناه عن السبت والسبوت أنه رمز الراحة والتوقف عن أعمال الحياة هكذا جعله العهد القديم رمزاً لانتهاء الخلقة الترابية ولكن فجأة، وكختام لعهد قدم وشاخ، يأتي سبت لعازر ليقلب معنى السبوت كلها معلناً عن بداية جديدة للحركة والحياة وفك ختوم السكوت والموت واقتحام الطريق الموصل بين القبر والهاوية هكذا تتلقف الكنيسة سبت لعازر لتجعل منه أحداً صغيراً وقيامة صغرى ترابية لواحد من أولاد آدم الأول، تمهيداً لقيامة عظمى إلهية للمسيح آدم الثاني سبت لعازر هو في الأرثوذكسية مفتاح سر البصخة سر الانتقال من القديم إلى الجديد من عهد السبوت إلى عهد الآحاد من عهد الموت إلى عهد القيامة. وهو أول مرحلة من مراحل العبور التي جازها مخلصنا، إذ بإقامة لعازر من الموت قدم المسيح صورة للنهاية قبل البداية، فأطلق في القلوب سر فرحة النصرة على الموت حتى لا تخور في موكب الصليب ليس جزافاً أن يطلق المسيح في يوم السبت سراح لعازر من بطن الهاوية ويقيمه من بين الأموات، ولكنه أراد أن يُمهّد بسبت لعازر للسبت الكبير، حتى تكون آلامه وصلبه ودفنه على رجاء، وقيامته يقيناً كالفجر هكذا كانت ولا تزال قيامة لعازر حجة رجاء ضد الموت ويقين قيامة ننتظرها على كافة المستويات حتى ولو أنتنت أجسادنا وانحلت وذابت وتلاشت في الماء أو بين ذرات التراب.هل كان لعازر في حاجة إلى أسبوعين يضافان إلى حياته أو شهرين أو عدة سنين أخر ؟ كلا،ولكن كان التلاميذ بل نحن بل العالم كله في أشد الحاجة أن يقوم لعازر من بين الأموات ليؤمن الجميع بالمسيح، ليس فقط أنه قادر أن يقوم، بل ويقيم من بين الأموات أيضاً !! والقصة تبدأ عندما أرسلت مريم ومرثا إلى المعلم بلهفة أن: أسرع، فلعازر الذي تحبه مريض. والإسراع هنا يفيد توقف إيمان الأختين بالرب عند حد شفاء الجسد: يا سيد لو كنت ههنا لم يمت أخي». لهذا كانت اللهفة وكان الإسراع من جانب الأختين لئلا يموت وتضيع الفرصة. وبالرغم من ذلك نرى المسيح يتأخر، لأنه يرى في موت لعازر فرصة لإيمان أعلى: فلما سمع أنه مريض مكث حينئذ في الموضع الذي كان فيه يومين. ثم بعد ذلك قال لتلاميذه: لنذهب وفي الطريق قال لهم: لعازر مات. وأنا أفرح لأجلكم إني لم أكن هناك لتؤمنوا» الرب هنا يفرح عند ازدياد فرصة الإيمان أمام التلاميذ، عندما يسترد نفساً من بين مخالب الموت. ولكن العجيب أنه بعد قليل يواجه المسيح الأختين ويرى بكاءهما، فيبكي هو أيضاً من فرط تحننه : انزعج بالروح واضطرب بكى يسوع». فالذي رأيناه يفرح بازدياد فرص الإيمان للتلاميذ والأختين تجاه الموت نجده يبكي عندما يقف بين الباكين، وكأنما الفرح والبكاء عند المسيح نظير أو رهن ما يسرنا ويبكينا !! ولكن بتأمل صغير نجد أن الفرح والبكاء جاءا مختلفين في ترتيبهما لدى المسيح عن ما كان لدى الأختين والتلاميذ. فعند المسيح الفرح أولاً ثم البكاء، إذ كان يرى القيامة قبل الموت، ولكن بالرغم من ذلك لم تعقه فرحة الرؤيا المسبقة للعازر قائماً من بين الأموات عن أن يذرف الدمع مع الباكين أمام القبر.وهكذا بدا يسوع فائقاً جداً في حنانه وترفقه بالمتألمين إذ أخلى نفسه من فرحته النبوية لما سيكون، فبكى كما يستلزمه الإشفاق وتحتم به المودة. أما الأختان، فإذ اختفت رؤية القيامة عن مستوى إيمانهما بكتا بكاءً مُرَّا خُلواً من فرحة النبوة المسبقة بما سيكون! وأمام القبر وقف رب الحياة وسيد القيامة ونادى لعازر، فقام، وقام معه رجاء الإنسان كله كل بني آدم بالحياة الأخرى. والذي نادى لعازر باسمه فقام من بين الأموات ويداه ورجلاه مربوطات سيأتي وسينادي الإنسان، كل إنسان، لقيامة أبدية ودينونة وحياة. المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
26 أبريل 2024

جُمعة خِتام الصوم

" يا أورشليم يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المُرسلين إليها كم مرّة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تُريدوا هوذّا بيتكُم يُترك لكُم خراباً " فصل من الإنجيل يُعبّر عن حُزن الرب يسوع على أورشليم رغم أنّها المدينة المحبوبة من الله مدينة الملك العظيم مدينة المذبح والذبائح مدينة العِبادة المدينة التى أحبّ الله أن يسكُن فيها لأنّهُ أرادها المدينة التى أحبّ أنّ الناس تتجمّع فيهِا " لك توفى النذور يا الله " وقلوب الشعب كُلّها فىِ العهد القديم كانت مُتعلّقة بأورشليم لأنّها تُمثلّ كنز وغِنى فىِ كُل مرّة كان المسيح يدخُل أورشليم كانت تحدُث مُشكلة وكانت مرّات دخولهُ لها قليلة لأنّها كانت ترفُضهُ كان مُمكن يدخُل أى قرية أو بيت ليعظ ويُعلّم رغم أنّهُ المفروض أنّهُ جاء ليعظ فىِ أورشليم ويُعلّم فىِ الهيكل ولكنّهُ لم يرتاح فيها لذلك جاء لهُ قوم يقولون لهُ أنّ هيرودس يُريد أن يقتُلك فأجابهُم المسيح وقال لهُ أنّهُ لا يموت نبىِ خارج أورشليم وقال لأورشليم لعنة " يا أورشليم يا أورشليم هوذّا بيتكُم يُترك لكُم خراباً " المسيح كان دائماً يُعطىِ بركة ولكن هذه المرّة أعطى لعنة وقال يُترك لكُم بيتكُم خراباً لأنّهُ حزن عليها لم يقُل كلمتهُ هذهِ تعسُف أو قسوة بل قالها بقلب حزين على شرّها وهذا هو لُطف الله وصرامتهُ نعم أنّ الله حنون وطويل الأناه إذ كانت مُدّة كرازتةُ ثلاث سنين وستة أشهُر وكان خلالها كُل شاغلهُ ومن بداية الخليقة أيضاً كان شاغلهُ هو شعبهُ وأنّهُ خلق العالم كُلّهُ ليكون هيكل لهُ وخلق الإنسان ليكون هيكل للّه كُل عمل عملهُ الله لكى يتمتّع بالإنسان ويتمتّع بهِ الإنسان " لذّتىِ فىِ بنىِ آدم " بولس الرسول فسّر هذهِ اللعنة على أنّها ليست هيكل أورشليم فقط بل كُل إنسان يحيا كأورشليم يأخُذ من الله لُطف وصرامة ظهر لُطفهُ فىِ الفُرص التى أعطاها لأورشليم " كم مرّة أردت أن أجمع بنيكِ " مرّات ومرّات أراد الله أن يضمنىِ لحُبهُ مرّات ومرّات أراد الله توبتىِ ولكن فىِ النهاية نتيجة غباوة الإنسان وصلافتهُ تجعل الله يقول لهُ " هوذّا بيتكُم يُترك لكُم خراباً "الله حنون جداً ولذيذ جداً ويحتمل ظُلم الأشرار وإهانة المُسيئيين ولكن لهُ كأس غضب إذا إمتلأ ماذا نفعل ؟ الله جاء ليُبارك الإنسان ويُعطيه نعمة وحياة أبديّة لذلك لابُد أن نُفرّغ كأس غضبهُ كثيرون فىِ أورشليم أخذوا بركة ونعمة مثل زكّا العشّار الذى قال لهُ المسيح أسرع وإنزِل أنا اليوم أمُرّ أمامك ولعلّك لا تجد فُرصة أخُرى لتلتقىِ معى زكّا رغم أنّهُ كان عشّار ومُحب للمال لكنّه كان زكىِ إستغلّ الفُرصة المولود أعمى واللص اليمين والمرأة السامريّة والمرأة الخاطيّة كُل هؤلاء إستغلّوا الفُرصة وتابوا بينّما البعض الآخر وجود الله معهُم أعطاهُم دينونة وأخذوا لعنة " هوذّا بيتكُم يُترك لكُم خراباً " هيكلهُ هو نحنُ أى ليس أورشليم فقط بل كُل إنسان يحيا كأورشليم يأخُذ من الله لُطف وصرامة لعنة الله التى خرجت منّه قالها بمرارة بدليل أنّهُ عندما دخل أورشليم بكى عليها الله لا يسمح لنا أن نسمع هذهِ الكلمة هيكلهُ هو الكنيسة هو نحنُ هل تتخيلّ أنّ هيكل أورشليم كان فارغ من العِبادة ؟ لا أورشليم كانت مملوءة بالشعب وصل عددهُم إلى 3 مليون المفروض أنّهُم أتوا ليوفوا النذور ويرضوا الله لكنّهُم كانوا يرضوه بالشكل فقط وليس القلب لذلك قال أنّهُ لا يُسرّ بالمُحرقات بل يُسرّ بالقلب المُنكسر أيضاً قال لهُم " إنّ روؤس شهوركُم وأعيادكُم سئمتها نفسىِ " المفروض أننّا اليوم نقول للّه إقبل منّا صومنا الضعيف صومنا الضعيف ليس لهُ أى إستحقاقات منّك لكن أنت إسندهُ بصومك أنت تعّودت تقبل ضعفنا أنت الذى قبلت فلسىّ الأرملة إقبل صومنا هكذا وإن كُنّا ناقصين وإن كُنّا قد ضعفنا لكن من فضلك إقبلنا لكن إذا كُنّا قد تعّودنا أن نأتىِ الكنيسة بدون قلب صادق ستكون كأورشليم هيكل أورشليم كانت تُقام فيهِ العِبادة بكُل دقة كُل ذبيحة حسب طقسها فلماذا أنت غاضب يا الله ؟ يقول لأنّهُم يكرموننىِ بشفاههُم أمّا قلبهُم فمُبتعد عنّىِ لذلك خرجت منّىِ اللعنة بمرارة لأنّ أورشليم لم تعرف زمان إفتقادها ليتنا ننتبه حتى لا يكون الله يرى الخراب حول كنيستهُ ونحنُ لا نعلم ولا نشعُرلأنّ الموضوع ليس بالشكل ماذا يفيد لو إنسان شكلهُ جيد وملابسهُ قيّمة ولكنّه إنسان قلوق وغضوب هذا يكون بيت خرِب إنسان ليس لهُ حُب عطاء ولا يسعىِ للطهارة وقلبهُ مملوء حِقد وغيره هذا أيضاً بيت خرِب لم يلمس عمل الله ولم يُبنى بعد00لذلك قال الله أنّهُ حزين على حال أورشليم لأنّها ترضيه بالشكل وليس بالقلب لذلك يجب أن ننتبه لأنّ الكنيسة وضعت هذا الفصل من الإنجيل فىِ خِتام الصوم لندخُل إسبوع الآلام بقلب مشحون ماذا فعل الله لأورشليم لكى ترفضهُ !! شفى مرضاها وهو مُستعد يغسل أرجُل الكُل عنده إستعداد يُعطىِ طهارة وينزع القلب الحجر يُريد أن ينقل الإنسان من الظُلمة إلى النور " نقلنا لملكوت إبن محبتهِ " ، تخيلّ أنّ أورشليم بعد كُل هذا ترفُض يسوع وتصلُبه خارجاً " رفضونىِ أنا الحبيب مثل ميت مرذول " ، تخيلّ أنّ المسيح يقول لك إعطنىِ رجلك لأغسلها وأطهرّك من أدناسك وأنت ترفُض يقول لك سأعطيك قلب جديد وأنت ترفض ، تخيلّ الله يتودّد لك وأنت ترفُض إِنتبه تودُّد الله سينتهىِ فىِ يوم من الأيام لُطف الله وصرامتهُ اللُطف للتوبة والصرامة للتعدّى فلا تدّخر غضب الله لابُد أن نستيقظ لأنفُسنا البولس اليوم يتكلّم عن وقتِنا هذا " أعلم أنّهُ ستأتىِ أزمنة شريرة صعبة يكونون فيها الناس مُحبين لأنّفسهُم " إرتباط بين خراب أورشليم وكنيسة العهد الجديد إحذر ستأتىِ أيام صعبة يكون فيها الناس مُحبين لأنّفسهُم واليوم كُل إنسان يسند نفسهُ فقط فىِ أنانيّة شديدة كُل إنسان يُريد حاجتةُ فقط " مُحبين للمال " واليوم عصر إزدياد محبة النفس والمال جيل مادىِ آباءنا كانوا يعيشون بالقليل وبالبركة لكن اليوم جيل مادىِ جيل لهُ إنتماء للمادة فقط وليس عنده شُكر ودائماً يشعُر أنّهُ مُحتاج ومذلول لأنّهُ مُحب للمال " مُفتخرين مُجدّفين " كنيسة العهد الجديد تحيا فىِ أزمنة صعبة " غير طائعين لوالديهُم " وكأنّ بولس الرسول يحيا فىِ بيوتنا كُل إنسان ينظُر لما ليس لهُ غير شاكر على ما عِندهُ خطايا الدنس تكثُر رغم أنّ دعوتنا دعوة طهارة وتقديس هياكل الله ، إذا كان هيكلىِ دنس يقول الهُ لىِ بيتك يُترك لك خراب ، الذى يفسد هيكل الله يفسدهُ الله " بلا حنو ولا عهد " هذهِ كُلّها صِفات هذا الجيل لأنّ محبة المال أصل كُل الشرور وتجعل الإنسان بلا حنو وكأنّ هذا إنذار من الله أرسلهُ لنا ليقول لنا لكى تدخُل معىِ فىِ إستحقاقات إسبوع الالام لابُد أن تغسل قلبك ، إستفد بوجود مسيحك داخل قلبك المسيح جالس ليُعلّم فمن يسمع ؟ أقصى شىء نعملهُ أننّا نُعجب بكلمات العظة أو القُدّاس ولكن سلوكنا كما هو لا يتغيّر وقلبىِ قاسىِ أين نقاوة الهيكل الداخلىِ أين قبول المسيح الحقيقىِ ؟ زكّا كان شاطر أسرع وقبل المسيح قبول فِعلىِ ووضح ذلك فىِ ردّهُ أربع اضعاف لِما أخذ لم يجلس زكّا مع المسيح وقال لهُ قبلتك ولكن قلبهُ لم يتغيّرزكّا كان قوى الإرادة أمام خطيتهُ المحبوبة وأعلن توبتهُ فىِ الحال أمام الله " نحنُ أيضاً فلنصُم عن كُل شر بِطهارة وبرّ " لابُد أن نُفطم عن الخطيّة المُشكلة أنّ تغيّرنُا بطىء الله يُحب الجوهر وليس الشكل المسيح من طول مُعاملتهُ مع أورشليم قال لهُم أنّهُ سئم أعيادهُم لأنّ تقدماتهُم تقدِمات باطلة مرفوضة يا ليتهُم أتوا إليهِ بقلوبهُم وليس بتقدماتهُم كان المفروض أنّ فىِ عيد الفِصح لا يضع اليهودىِ خمير فىِ بيتهِ لأنّ الخمير رمز للشر ولأنّهُم عندما خرجوا من أرض مِصر كان عجينهُم لم يختمر لذلك يُفتشّ اليهودىِ فىِ بيتهِ بسِراج عن أى خمير حتى تحت أعتاب بيتهِ كان يُفتشّ لكن بولس الرسول قال لهُم " لنُعيدّ ليس بخمير الخبُث بل بفطير الرحمة " أنا لا أرُيد خمير خُبث لكنّىِ أريُد فطير رحمة0 الله يُريد قلب نقىِ ، إنسان يعبُد بالروح والحق ، يُريد أن نسجُد لهُ بالقلب فىِ كُل مُناسبة وكُل عمل نُقدّم قلب نقىِ حتى نأخُذ مراحم ولا نأخُذ دينونة هُناك أشخاص إستفادوا فىِ أورشليم من المسيح وكثيرون هلكوا الناس الذين تمتعّوا بعمود الغمام وعمود النور بأكثرهُم لم يُسرّ الله لأنّ قلوبهُم كانت فىِ مِصر فىِ محبة المال والذات كما قال بولس الرسول لتيموثاوس تلميذهُ إذا قست نفسىِ على هؤلاء أجدنىِ واحد منهُم لأنّ الشر ملك علىّ فكيف يملُك الله على قلبىِ ؟ المسيح اليوم يُكلّم أورشليم بِحزن وبُكاء أنا مُمكن أكون ليس فىِ موكب أورشليم لكن فىِ موكب الصليب إحملهُ مع سمعان القيروانىِ وأشترك مع المسيح فىِ آلامهُ لأنال شِركة القيامة الحقيقيّة ربنا يسند كُل ضعف فينا بنعمتهُ لهُ المجد دائماً أبدياً أمين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
25 أبريل 2024

مع الفادى الحبيب (٥) لماذا الصليب ؟

مع فرحة القيامة، لا ننسى الصليب المجيد ! فلولا الصليب ما كانت القيامة ! ولولا السرور الموضوع أمام الرب، لما كان الصليب الفادى ولكن .. لماذا الصليب بالذات ؟! ربما يتساءل البعض : لقد اقتنعنا بضرورة تجسد الرب ، ثم موته نيابة عنا التجسد : ليعطينا شركة طبيعته الآلهية ويجدد صورته فينا . الموت : ليرفع عنا حكم الموت الذي أصابنا بسبب السقوط . ولكن يتم موت الرب بالصليب بالذات ؟ أليس هناك أساليب أخرى للموت أكثر لياقة من ذلك ؟ لماذا الصليب بالذات ؟ إن الصليب كان ضرورة حتمية لعدة أسباب : ١- يحمل لعنتنا : منذ سقط أبوانا الأولان، حلت اللعنة على الأرض، كقول الرب لآدم : «لأنك سمعت لقول امرأتك ، وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلاً : لا تأكل منها ، ملعونة الأرض بسببك ،بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك » ( تك ٣ : ١٧ ) .وبدأت الأرض فعلاً تنبت الشوك والحسك، وبدأ آدم يفلحها بعرق وجهه يأكل خبزاً » هذه اللعنة كان لابد من رفعها عن آدم وليس فقط حكم الموت ومن المعروف تاريخياً أن الصليب بالذات كان الطريقة الوحيدة التي تحمل اللعنة في طياتها «ملعون كل من علق على خشبة » ( تث ۲۱ : ۲۳ ) . لذلك ارتأى الرب أن يصلب عوضاً عنا ليغسل الأرض من لعنتها ، وليحمل عنا لعنتنا .... الأن جميع الذين هم من أعمال الناموس هم تحت لعنة ، لأنه مكتوب ملعون كل من لا يثبت في جميع ما هو مكتوب في كتاب الناموس » (غل ۳ : ١٠).. لذلك المسيح «اقتدانا من لعنة الناموس ، إذ صار لعنة لأجلنا ، لأنه مكتوب : معلون كل من علق على خشبة » (غل ۳ : ۱۳ ) .. « المعلق ملعون من الله » (تث ٢١ :٢٣) ٢- يحمل حكم الموت عنا : ذلك لأن حكم الموت الذي كان علينا ، لم يكن مجرد موت الجسد بل كان يشمل : + موتاً جسدياً إذ دخل الفساد إلينا ، وإلى الطبيعة والحيوانات وغيرها. + موتاً روحياً إذ انفصلنا عن الله ولم تعد هناك شركة روحية بيننا وبينه. + موتاً أدبياً إذ نزلنا عن مجد شركة الله في جنة عدن وطردنا إلى أرض الشقاء والمهانة ، وها قد هان الإنسان على الطبيعة الثائرة والحيوانات المفترسة والميكروبات والفيروسات القاتلة الإنسان الذي يحمل في أحشائه صورة الله ، غير المنظور. + موتاً أبدياً بالهلاك الأبدى في جهنم لذلك فالصليب كان أسلوباً مناسباً يبرز لنا ذلك الموت الرباعي الرهيب الذي كان ينتظرنا .. وعلى الصليب مات الرب بالجسد وحمل خطايانا في جسده على الخشبة، فصار خطية لأجلنا، مرذولاً ومرفوضاً من العدالة الإلهية ، لا بسبب في ذاته إذ كان بلا خطية ، ولكن كنائب عنا ، حمل خطايانا بدلاً منا كما استهزأ به اليهود والصالبون بصورة مؤسفة، حيث حمل عنا هزء موتنا الأدبي . ولكن الرب كان مستحيلاً على الموت . لأن لاهوته المتحد بناسوته ، وبره الأبدى والأزلي واللانهائى ، كانا أقوى من الموت . وهكذا قهر الموت لأجلنا، وفتح لنا الفردوس لندخل ونستريح فيه إلى ملكوت خالد ودائم إلى الأبد. ٣- يسفك دمه لأجلنا : " لأنه بدون سفك دم لا تحصل مغفرة "(عب ٩ : ٢٢ ) ... والصليب يحمل ضمن اجراءاته سفك الدم من مواضع كثيرة ، من جبهة الرب التي علاها اكليل الشوك، ومن جسده الممزق بجلدات السياط، ومن جنبه المطعون بالحربة، وأطرافه المثقوبة بالمسامير ماذا يمكن أن نقدم لك يارب ، عوض قداتك العجيب هذا؟ ليس لنا ما تقدمه، فتحن بكل كياننا ملكك من الأساس ! كل ما نقوله : شكراً يارب لفدائك العجيب وأعطنا أن نخلص بواسطته فهذا أهم شيء في حياة الإنسان .أن يخلص نيافة الانبا موسى أسقف الشباب عن مجلة الكرازة العدد الثانى والعشرون عام ١٩٨٩
المزيد
24 أبريل 2024

ما معنى الزواج؟

معناه في المفهوم المسيحي أن إنسانًا روحيًا، هيكل للروح القدس، يقترن بإنسانة روحية، هي الأخرى هيكل الروح القدس، يربطهما الروح في سر الزواج، لكي يصيرا واحدًا لهذا ينبغي أن يكون الاثنان من نفس الإيمان، الإيمان السليم، لان الروح القدس لا يجوز أن يربط متناقضات إيمانية بهذا الشكل ينجح الزواج ويعمل الروح القدس في كليهما عملًا روحيًا متناسقًا أما أن نربط اثنين غير غير تائبين، بعيدين عن الروح القدس وعمله، فليس هذا عملًا روحيًا لهذا فإن الكنيسة تتقبل اعتراف الخطيبين، وتناولهما من الأسرار المقدسة قبل زواجهما، حتى يبدأ الاثنان حياة روحية سليمة، معًا، متعاونين بهذا لا يكون الزواج مجالا للخلافات الزوجية، التي تحدث غالبًا من عدم حياة الزوجين حياة روحية سليمة إننا نحاول أن نضع القوانين للأحوال الشخصية، وقد يرى البعض الاتساع في أسباب الطلاق، إذ بدت الحياة مستحيلة بين الزوجين! ولماذا مستحيلة؟! لأنهما لا يعيشان بالروح، كما يفهم من الزواج المسيحي هذا البعض يريد زواجا غير مسيحي (غير روحي) تحكمه شريعة المسيح التي تمنع الطلاق إلا لعلة ولو عاش الزوجان مسيحيين في حياة روحية، لأمكن إلغاء بند الطلاق نهائيًا من قانون الأحوال الشخصية، إذ لا حاجة إليه، لان المحبة الكبرى التي تربط الزوجين، لا يمكن أن تسمح مطلقا بالطلاق، بل على العكس، بدلًا من الانفصال تتعمق العلاقة بالأكثر يومًا بعد يوم إن أجمل تشبيه للزواج المسيحي، والعلاقة بين الزوجين هو العلاقة بين المسيح والكنيسة وعن هذا الأمر قال الرسول "هذا السر العظيم" (اف5: 32) أيوجد تشبيه أعمق من هذا؟ وحب أعظم من هذا؟ "فليحب كل واحد امرأته هكذا كنفسه" (أف5: 33) ليس الزواج المسيحي علاقة عابرة وتنتهي! إنها علاقة العمر كله المرأة بالنسبة إلى الرجل "لحم من لحمه، وعظم من عظامه" (تك2: 23) هي جسده وهو رأسها وكلاهما جسد واحد ومن أجلها يترك أباه وأمه! ما أعجب هذه الأهمية. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
23 أبريل 2024

مع الفادى الحبيب (٤) الفداء ... هو الحل الوحيد

تحدثنا في العدد الماضي عن استحالة الغفران أو الافتاء كحل لمشكلة سقوط آدم . فالغفران يظهر محبة الله ، بينما يبقى عدل الله دون تحقيق . كما أن الغفران يسامحنا عن خطايا الماضي دون أن يجدد طبيعتنا من الفساد، إذن فهو لا يكفى كحل نهائي لمشكلة سقوط الإنسان. أما الافناء فيتعارض مع حكمة وقدرة ومحبة الله لأن فناء آدم وحواء قد يحل مشكلة العدل، ولا يحل قضية المحبة الإلهية. كما أن فناء آدم هزيمة يستحيل أن تتفق مع حكمة الله من خلقه ، ومع قدرته على حل المشكلة. فحتى إذا خلق آدم آخر فيسقط، مادام سيخلقه حراً ! إذاً فما الحل ... ؟ الفداء هو الحل الوحيد الممكن لمشكلة سقوط الإنسان ! ففيه سنجد النتائج التالية : ۱ - آدم سوف لا يموت .. وهذا كمال المحبة الإلهية ! ٢- الرب يسوع سيموت نيابة عنا وهذا كمال العدل الإلهى ! ٣- دم المسيح سوف يطهر آدم من كل خطية وهذا هو التجديد المطلوب للطبيعة البشرية الفاسدة ! ولكن من هو الفادى المناسب ، وما هي المواصفات المطلوبة في هذا الفادى ؟ المواصفات المطلوبة في الفادى : هل يصلح أن يكون الفادى إنساناً أو ملاكا ..؟ إنسان ؟!! مستحيل فالإنسان في حاجة إلى فاد ليفديه ولا يوجد إنسان بلا خطيئة ليفدى غيره وإن وجد - جدلاً - فلن يفدى سوى إنساناً واحداً والبشر كثيرون كما أنه سيكون قاد محدود بينما خطيئة آدم غير محدودة ، إذ أنها موجهة إلى الله غير المحدود !! ملاك ؟!! لا يصلح أيضاً ! فهو روح فقط ، الإنسان روح وجسد كما أنه إن تجسد ومات عنا فهو محدود، وخطيئة آدم غير محدودة ! إذن كان لابد للقادي من مواصفات يجب أن يكون : ١ - إنساناً لأنه يمثل الإنسان ٢ - قابلاً للموت لأن أجرة الخطية موت ٣- بلا خطية لأن فاقد الشيء لا يعطيه ٤- غير محدود لأن خطية آدم غير محدودة من هنا كان التجسد ضرورة قصوى ، فحين حل أقنوم الكلمة في أحشاء العذراء ، اتخذ له جسداً ، وحل بيننا وهكذا صار. بناسوته : إنساناً ، قابلاً للموت. بلاهوته : بلا خطية وغير محدود . أى أنه صار الفادي النموذجي الفريد ، القادر على فداء الإنسان وتقديس كيانه وهكذا ارتفع الفادى الحبيب على عود الصليب ليفدينا شكراً لمحبته الفريدة نيافة الانبا موسى أسقف الشباب عن مجلة الكرازة العدد الحادى والعشرون عام ١٩٨٩
المزيد
22 أبريل 2024

يوم الاثنين من الأسبوع السابع (يوه : ٣١- الخ)

"إِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي لَيْسَتْ حَقًّا. الَّذِي يَشْهَدُ لِي هُوَ آخَرُ، وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ الَّتِي يَشْهَدُهَا لِي هِيَ حَقٌّ أَنْتُمْ أَرْسَلْتُمْ إِلَى يُوحَنَّا فَشَهَدَ لِلْحَقِّ وَأَنَا لَا أَقْبَلُ شَهَادَةً مِنْ إِنسَانِ، وَلكِنِّي أَقُولُ هَذَا لِتَخْلُصُوا أَنْتُمْ. كَانَ هُوَ السِّرَاجَ الْمُوقَدَ الْمُنِيرَ، وَأَنْتُمْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَبْتَهِجُوا بِنُورِهِ سَاعَةً. وَأَمَّا أَنَا فَلِي شَهَادَةٌ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا، لأَنَّ الأَعْمَالَ الَّتِي أَعْطَانِي الأَبُ لَأُكَمِّلَهَا، هَذِهِ الْأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي أَنَّ الْآبَ قَدْ أَرْسَلَنِي. وَالآبُ نَفْسَهُ الَّذِي أَرْسَلَنِي يَشْهَدُ لِي لَمْ تَسْمَعُوا صَوْتَهُ قَطُّ، وَلَا أَبْصَرْتُمْ هَيْئَتَهُ، وَلَيْسَتْ لَكُمْ كَلِمَتُهُ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، لأَنَّ الَّذِي أَرْسَلَهُ هُوَ لَسْتُمْ أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِهِ. فَتَشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةٌ. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي. وَلَا تُرِيدُونَ أَنْ تَأْتُوا إِلَيَّ لِتَكُونَ لَكُمْ حَيَاةٌ. مَجْداً مِنَ من النَّاسِ لَسْتُ أَقْبَلُ، وَلَكِنِّي قَدْ عَرَفْتُكُمْ أَنْ لَيْسَتْ لَكُمْ مَحَبَّةُ اللَّهِ له في أَنْفُسِكُمْ. أَنَا قَدْ أَتَيْتُ بِاسْم أَبِي وَلَسْتُمْ تَقْبَلُونَنِي. تَقْبَلُو إِنْ أَتَى آخَرُ بِاسْمِ نَفْسِهِ فَذَلِكَ تَقْبَلُونَهُ كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تُؤْمِنُوا وَأَنْتُمْ تَقْبَلُونَ مَجْداً بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ؟ وَالْمَجْدُ الَّذِي مِنَ الإِلهِ الْوَاحِدِ لَسْتُمْ تَطْلُبُونَهُ؟ لَا تَظُنُّوا أَنِّي أَشْكُوكُمْ إِلَى الأَب. يُوجَدُ الَّذِي يَشْكُوكُمْ وَهُوَ مُوسَى، الَّذِي عَلَيْهِ رَجَاؤُكُمْ. لأَنَّكُمْ لَوْ كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَ مُوسَى لَكُنتُمْ تُصَدِّقُونَنِي، لأَنَّهُ هُوَ كَتَبَ عَنِّي فَإِنْ كُنْتُمْ لَسْتُمْ تُصَدِّقُونَ كُتِبَ ذَاكَ، فَكَيْفَ تُصَدِّقُونَ كَلَامِي؟]. الشهادة للمسيح إنجيل اليوم يحتاج منا إلى شرح. ففي هذا الفصل يقول: «إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي ليست حقاً»، في حين أنه في الأصحاح الثامن يقول:«إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي حق». فهنا تعارض في الظاهر ينبغي علينا أن نحله أولاً.نبدأ أولاً بشهادة المسيح عن نفسه إنها حق. كان هذا رداً على الفريسيين الذين عندما سمعوه يقول: أنا هو نور العالم، قالوا له: «أنت تشهد لنفسك شهادتك ليست حقاً». كان هذا على أساس أنه لا توجد في الناموس شهادة مفردة. فالشهادة لكي تقبل يجب أن تكون على فم شاهدين أو ثلاثة. فهنا المسيح يقول: ولو أنا وحدي ولكني أشهد لنفسي وشهادتي حق. ولكن على أي أساس يقول المسيح هذا الكلام؟! على أساس: «لأني أعلم من أين أتيت وإلى أين أذهب؛ أما أنتم فلا تعلمون من أين أتيت وإلى أين أذهب». إذن هو الله، إذن هو الحق. وللحق أن يشهد عن نفسه، ولا يحتاج الحق أن يشهد له أحد. تماماً كما لا يحتاج النور أن يشهد لوجوده أحد، فالنور يشهد لنفسه لكل ذي عينين.وفي نفس الأصحاح الثامن يقول: «أنا هو الشاهد لنفسي، ويشهد لي الآب الذي أرسلني»، قالها يسوع لكي يسد ثغرة الناموس، الذي يطالب بشهادتين، فهنا يعطيهم شهادته وشهادة أبيه. أما بالنسبة لنفسه؛ فهو يشهد للحق الذي فيه والحق الذي في الآب، وهو غير محتاج أن يشهد له أحد.أما أصحاح اليوم، فيقول: «إن كنت أشهد لنفسي؛ فشهادتي ليست حقاً هنا المسيح ينطلق من مبدأ آخر غير الناموس، وهو: «مجداً من الناس لست أقبل». فمع أن المسيح يطلب منا أن نجده؛ إلا أنه لا يشهد لنفسه لكي يمجد من الناس. فلو أنه كان يشهد لنفسه بقصد أن يمجد من الناس، تصير شهادته ليست حقاً، لماذا؟ لأنه يطلب مجد نفسه، والذي يطلب مجده لا يمكنه أن يطلب مجد الله طبعاً.المسيح يعتبر أن شهادة المعمدان بل شهادة كل الأنبياء وكل التوراة هي للإعلان عنه أو لاستعلان مجده فقط؛ ولكن دون أن تكون قادرة أن تضيف إليه مجداً، هو في غير حاجة إلى النبوات لتشهد له لأنه هو الحق؛ فالنبوات جاءت لكي يعرفوا إنه هو الحق، وليس لكي تزيد الحق له أو تزيده مجداً. لذلك هو أردف على الفور وقال: «أنا لا أقبل شهادة من إنسان، لكني أقول هذا لتخلصوا أنتم».كيف تقدرون أن تؤمنوا وأنتم تقبلون مجداً بعضكم من بعض؛ والمجد الذي من الإله الواحد لستم تطلبونه؟ هنا انقلبت العبادة وانقلب الإيمان عند الفريسيين إلى فرصة لتمجيد الذات صارت عبادتهم تبدأ بأنفسهم وتنتهي بأنفسهم. المسيح يقول لهم: أنتم سهيتم عن مجد الله، لم تعودوا تطلبون تمجيد الله، فهنا انتهت عبادتكم.والمسيح يقول لنا: كيف تقدرون أن تؤمنوا بي عندما تصبح عبادتكم تصب في اتجاه ذواتكم، ولطلب مجدكم الشخصي؟ هنا يستحيل الإيمان مهما حاول الإنسان وقدم من جهادات وصلوات، يستحيل أن يسمح له الله أن يمجده مهما حاول الشخص. في الحقيقة إن أكبر لوثة تُلوّث العبادة والإيمان هي أن يطلب الإنسان لنفسه تزكية ومحداً والعجيب هو من أين يطلبه؟ من إنسان مثله !! نقرأ في إنجيل متى عن أولئك الفريسيين الذين كانت أعمالهم يعملونها لكي تنظرهم الناس، فيعرضون عصائبهم ويعظمون أهداب ثيابهم، ويحبون المتكأ الأول في الولائم، والمجالس الأولى في المجامع والتحيات في الأسواق، وأن يدعوهم الناس سيدي سيدي.ولكن نخشى أن يتبادر للذهن من قول المسيح: «إني لا أقبل شهادة من إنسان» أن المسيح يرفض شهادتنا في الحقيقة نحن الذين نحتاج لهذه الشهادة جدا جدا. نحن الذين نحتاج أن نشهد للمسيح بالقول والفكر والعمل في كل موقف من مواقف الحياة: إن أكلنا يكون لتمجيد الله، إن شربنا، إن نمنا ... كل أعمالنا لابد أن تكون لمجد الله. ولكن، لماذا هذا الاحتياج؟ لأننا نحن عندما نمجد المسيح ونشهد له؛ فإن الحق يصير معنا،ويكون الحق انكشف واستعلن لنا.ولكن هذا ليس كلاماً مرسلاً في الهواء، كأن نفتخر أننا أبناء الشهداء دون وعي أو معرفة. في الحقيقة إنه ما أسهل أن يشهد الإنسان للمسيح وهو لا يدري عن المسيح شيئاً، يتكلم كلمات لا يعرف عمقها ولا أبعادها. والسؤال: هل شهادتنا في هذه اللحظات تقبل؟ أبداً، ستكون شهادة بلا قيمة. ولكن الشهادة للمسيح لابد أن تكون عن وعي؛ وهي تستلزم جلسات طويلة أمام الإنجيل والمسيح طالب مثل هؤلاء الشهود. يقول: «الروح القدس يشهد لي وأنتم أيضاً»، وأيضاً: «اذهبوا واكرزوا للعالم أجمع». هذه هي الشهادة، هذا هو الإنجيل. والإنجيل ماذا يكون من غير شهادة؟! والشهادة تمجيد. ودائماً الشهادة والتمجيد صنوان عزيزان لا يفترقان، ويستحيل أن تفرق الشهادة عن المجد. فكل من يشهد يُمجد،وكل من يمجد الله يبقى شاهداً له. المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
21 أبريل 2024

المولود أعمى " الخطية و العمـــــــــى "

إنجيل هذا الصباح المُبارك يا أحبائى 0إنجيل المولود أعمى ، فالكنيسة بتضع هذا الإنجيل فى أخر آحاد الصوم المقدس وتُسميه " إنجيل الإستنارة " وهو بإسم " أحد التناصير " وهو الذى يُعمدّ فيه غير المؤمنين الكبار الداخلين للإيمان 0وكانوا يدخلوا مع غير المؤمنين ويتناولوا من الأسرار المُقدسة فالكنيسة إختارت فصل يُناسب هذا اليوم وهو فصل المولود أعمى وهو معناه أنّه إنسان يعيش فى الظلمة وتحت نير الخطايا الثقيلة0وعندما يتقابل مع المسيح ينال الإستنارة علينا أن نجتاز خبرة إجتياز الظُلمة وننتقل للنور ، لابد أنّ كل واحد فينا يكون له نصيب مع المولود أعمى ويُبصر معه ولذلك يقول السيد المسيح " فقال يسوع لدينونة أتيت أنا إلى هذا العالم حتى يُبصر الذين لا يُبصرون ويعمى الذين يُبصرون " ( يو 9 : 39 ) بنعمة ربنا أريد أن أتكلّم معكم فى ثلاث نقاط :- 1- علاقة الخطية بالعمى ( العمى خطية ) الخطية إنفصال عن الله 0ومن يفعل الخطية يفعل التعدى والله هو نور ، وهو مصدر الإبصار ، فهو النور وليست العين هى النور ، فالنور هو الذى يُحدث إنعكاسات على العين فترى هكذا الإنسان الذى يحيا فى غياب عن حضرة الله ، وغياب عن النور فعينه عين لا ترى ، أخطر شىء هو أنّ الخطية تجعلنى أعمى لا أرى0أمور كثيرة مخفية عن عينى ، فيفقد الإنسان ميراثه الأبدى ، ويفقد البهجة ويفقد السرور وإناره عيون العُمى لم يعملها أحد سوى ربنا يسوع المسيح فقط إقرأ فى الكتاب المقدس ستجد إيليا أقام ميت موسى شق البحر الأحمر إليشع أقام ميت ولكن إعطاء البصر للعُميان هى صفة من صفات المسيا وهى صفة من صفات الخلاص ، ولذلك يقول " العُمى يُبصرون والخرُس يتكلّمون " ففى البداية ذكر العُمى يُبصرون مادام العُمى يُبصرون فإنّه لم يكن أحد النفس التى لم تتقابل مع ربنا يسوع فإنّها تكون فى عمى ، ولا تشعر بخطيتها نفس لم تعرف خطيتها لماذا ؟! لأنّه يوجد عمى فى الداخل ولكن عندما تتقابل مع المسيح فإنّ النور ينكشف لها وتبدأ النفس تكتشف الكبرياء الذى بداخلها وتتكلّم عن محبة الأعداء وعن إدانة الآخرين وعن فالعمى بيجعل الإنسان لا يشعر بالخطية وهو بيفعلها ، القديس مارإسحق يقول قول جميل جداً " إنّ الذى يبُصر خطاياه أعظم من الذى يُبصر ملائكة " معرفة خطيتى هذا أمر مهم جداً ، فالإنسان المُستنير لنور الروح تجده يعرف خطيته ويُصلّى من أجلها بإستمرار ، بإستمرار فالقديس الأنبا مكاريوس كان يرى فخاخ العدو ، فالإنسان المُستنير بالروح مُتمتّع بهذه الصفة ولذلك ربنا يسوع يريد أن يُركّز معنا على أن يكون عندنا عيون مُنيرة من الداخل( عين القلب ) فهى التى تكشف وتفحص ، فلو أنا عين قلبى فاقدة البصيرة فممكن أن يكون لى نصيب مع المولود أعمى وعينى تفتح فأطلب من ربنا وأقول له مستحيل أن أخرج من الكنيسة وأنا لم أرى ، قُل كلمة واحدة فأرى ، إصنع طين وإطلى عينى فابصر فى الحال ولذلك عدو الخير يريدنا أن نعيش فى هذا العمى ، ولذلك فى أهل سدوم يقول عنهم الكتاب " ضربهم بالعمى " ، عدو الخير يريد أن يستخدم العين لحساب مملكته ويحارب النفس بشهوة العين ، لدرجة أيام أبونا آدم وحواء يقول لنا الكتاب أنّ الشجرة " شهية للنظر وبهجة للعيون " ففيها كلمتين عن العين فالنظر مهم جداً ، فلم يقُل شهية للأكل ولذلك يقول لنا الكتاب أنهّم عندما أكلوا منها إكتشفوا عُريهم ، إبتدأوا يُشعروا بالعُرى والخزى0ولذلك يقول الكتاب " لأننّا لا نجهل حيلُة " القديس بولس الرسول عندما إهتدى للإيمان المسيحى كانت توجد قشور على عينيه وسقطت فلابد أنّ القشور التى على عينيه تسقُط عندما يتقابل مع المسيح فمن الأمور التى تجعل الإنسان يرى كيف أنّ الخطية بتعمى العين هى قصة شمشون فجاءت له بنت وقالت له " أخبرنى بماذا قوّتك ؟! بماذا تُوثق لإذلالك " ( قض 16 : 6 ) ، تخيلّوا كيف أنّ السؤال واضح جداً ، ففى مرة قال لها " إذا اوثقونى بسبعة أوتار طرية لم تجف أضعُف وأصير كواحد من الناس " وفى مرة أخرى قال لها " إذا أوثقونى بحبال جديدة لم تُستعمل أَضعُف وأصير كواحد من الناس " وفى مرة أخرى قال لها " إذا ضفرتِ سبع خُصل رأسى مع السدى " ، فكل هذه مرات ربنا بيعطيك فرص لكى ترجع عن العمى الذى أنت فيه وأنت غير شاعر بالخطية بتعمى إلى أنّه فى النهاية قد عرفوا سر قوتّه وقصّوا شعره لأنّه كان نذير للرب وأذلّوه وفارقته قوتّه " فأخذه الفلسطينيون وقلعوا عينيه ونزلوا به إلى غزّة وأوثقوه بسلاسل نُحاس وكان يطحن فى بيت السجن " ( قض 16 : 21 ) الخطية بتعمى يا أحبائى ، وبتجعل الإنسان لا يُدرك إنذارات الله ، يقولوا عن شخص قد مرض بمرض صعب جداً ، فشعر أنّ ربنا سيأخذه ، فطلب من ربنا وقال له يارب لا تسمح بأن أفارق الدنيا الآن أعطينى فرصة سنة أو أثنين لكى أتوب ، وفعلاً ربنا سمع كلامه وأعطاه هذه الفرصة ، وبعد ذلك جاء اليوم الذى سيموت فيه فحزن جداً وقال لربنا لماذا لم تقُل لى عن اليوم الذى سأموت فيه ، فقال له الرب أنا قُلت فى اليوم الذى ذهبت فيه للكنيسة أنا أنذرتك فى القراءات أنا أنذرتك فى الموقف الفُلانى0 2- فقد الرؤية:- الخطية تجعلنى أفقد الرؤية ، أى لا أرى إلاّ ما هو أرضى ، وأنسى السماويات فافقد صُلب الحياة المسيحية ، وعندما أرى الأرضيات أُغلب للزينة وللزخرفة والأكل واللبس فأفقد الرؤية ، وإبتدأت الأبدية بالنسبة لى فيها لون من الوهم والخيال وعدم التصديق وهذا يجعل الإنسان غير قادر أن يرى بعينيه الأمور الخفية0 جحزى كان يرى أنّ الجيش محاصرهم فإضطرب وخاف جداً وذهب لإليشع وقال له يوجد جيش محاصرنا فماذا نفعل ، فأخذه إليشع للخارج وقال للرب " يارب إكشف عن عين الغُلام ليرى أنّ الذين معنا أكثر من الذين علينا " لأنّ الذين معنا غير مرئيين ، فهل أنت تريد أن تجعل ركائزك على المرئيات ؟!! فأنت بذلك سوف لا تتمتّع بالمجد السماوى ففى قصة يعقوب وعيسو ، عيسو باع البكورية بأكلة عدس ، تخيلّوا أنّه قال " أنا ماضى إلى الموت بماذا ستنفعنى البكورية " فهو فاقد الرؤية ، فإن لم يبيع البكورية لكان يأتى من نسل عيسو المسيح ، وكان عيسو سيكون بو الآباء ، فهو أراد أن يأخذ شىء محسوس إياك أن تُدرك المسيح الذى على المذبح بالمرئى لأنّه غير محسوس وغير مرئى ، إياك عندما تُصلّى أن تتلّمس فى حياتك الروحية شىء مرئى الخطية يا أحبائى تجعل الإنسان فاقد الرؤية ، ولذلك عدو الخير بيحاول معنا جاهداً لكى يفقدنا رؤيتنا ففى سفر صموئيل يوجد ناس قّوروا أعيُن شعب الله ، فعدو الخير يريد أن يأخذ منى نورى وفرحى ومجدى الكنيسة بتقرأ لنا هذا الفصل لكى ترجّع لى نور عينى ، الخطية بتحجز النور عنى وبتفقدنى الرؤية0 3- فقد المعرفة:- الخطية بتجعل الإنسان يعيش فى تكبّر وفى جهل ، ولا يعرف إرادة الله فى حياته ، ولا يُدرك الأمور الروحية ، ومهما كانت إنذارات الله فإنّه لا يُدركها لا يُدرك التجسّد وكيف أنّ الله تجسّد وجاء بغير زرع بشر ،وكيف أنّ المسيح هو الديان وعندما تسأله من يكون المسيح ؟! يقول لك لا أعرف ، ولا يُقر أنّه هو الله ،ولذلك قال الكتاب" إنّ إله هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين " ومن القصص العجيبة فى سفر صموئيل أنّ الفلسطينيين أخذوا تابوت العهد ووضعوه فى هيكل الإله لاون فإلههم وقع على وجهه فأرجعوه كما كان وقالوا يمكن أنّ الذى حدث من باب الصُدفة ، ولكن الذى حدث فى ثانى يوم أنّه ليس فقط وقع على الأرض ولكن رقبته كُسرت ورجليه ، فقالوا هذا حدث لأنّ إلهنا غير مُستريح مع إلههكم وعندما وقعوا على العتبة إبتداوا يُقدّسوا العتبة لهذه الدرجة من الحماقة ؟!! نعم فكثيراً ما نسمع عن ظهورات القديسين ، والست العدرا تظهر لشهور وتظهر فى الزيتون أمام الجميع ، ولكن من عرف المسيح ومن يكون ؟! فإله هذا الدهر قد أعمى غير المؤمنين ، لأنّ الإستنارة تحتاج لفعل روحى ، تحتاج أنّ الروح يكون نشيط ، نحن مُحتاجين أن نكون حارين فى الروح لكى يتجلّى الله فى داخل القلب ، ولذلك يا أحبائى صعب جداً أن يتفق النور مع الظُلمة فإن رأيت إثماً فى قلبى لن يستمع الرب لى يا ليتّ تكون ثمرة صومك إستنارة فى الداخل ، فلا يكون عدم الإيمان مالك على حياتك النفس المُستنيرة بالروح تقرأ الإنجيل فتجده مُنير ،فالنفس يا أحبائى التى عين قلبها مُستنير تجد الإنجيل ينّور حياتها ربنا يسوع يفتح عيوننا الداخلية لنرى ما لا يُرى ، لنُجدّد عهد معموديتنا كل يوم ربنا يسند كل ضعف فينا ولإلهنا المجد دائماً أبدياً أمين0 القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
20 أبريل 2024

إنجيل عشية الأحد السادس من الصوم الكبير( لو ١٣ : ٢٢ - ٣٥ )

" واجتاز في مُدن وقرى يُعَلِّمُ وَيُسَافِرُ نَحوَ أَورُشَلِيمَ، فقال لهُ واحِدٌ : يا سيّد، أقَليل هُمُ الذِينَ يَخلُصونَ؟. فقال لهم : اجتهدوا أن تدخلوا مِنَ الباب الضَّيِّق، فإنّي أقولُ لَكُمْ: إِنَّ كثيرين سيطلبون أن يدخلوا ولا يقدرونَ * مِنْ بَعدِ ما يكونُ رَبُّ البَيتِ قد قامَ وأَعْلَقَ الباب، وابتدأتُمْ تقفون خارجًا وتقرعون الباب قائلين: يارب يارب افتح لنا يُجيب، ويقولُ لكُم: لا أعرفُكُمْ من أين أنتُمْ ! حينئذ تبتدئون تقولون: أكلنا قُدَّامَكَ و شربنا ، وعَلَّمت في شوارعنا " فيقول: أقولُ لكُم: لا أعرِفُكُمْ مِنْ أين أنتُمْ، تباعدوا عني يا جميـع فـاعلي الظلم ! هناك يكون البكاء وصَرِيرُ الأَسنانِ، مَتَى رأيتُمْ إبراهيم وإسحاق ويعقوب وجميع الأنبياء في ملكوت الله، وأنتُم مطروحون خارجًا. " ويأتونَ مِنَ المَشارِقِ ومِنَ المَغارِبِ وَمِنَ الشمال والجنوب، ويتكئون في ملكوت الله وهوذا آخرون يكونون أولين، وأولون يكونون آخرین في ذلك اليوم تقدَّمَ بَعضُ الفَرِّيسيِّينَ قائلين له: و اخرج واذهَبْ مِنْ ههنا ، لأنَّ هيرودس يُريدُ أنْ يَقتُلك. فقال لهم: امضوا وقولوا لهذا الثعلب: ها أنا أُخرج شياطين، وأشفي اليوم وغدًا ، وفي اليوم الثالث أُكَمَّلُ. بل ينبغي أن أسير اليوم وغدًا وما يَلِيهِ، لأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أنْ يَهْلِكَ نَبي خارجًا عن أورشليم يا أورشليم، يا أورشليم يا قاتلَةَ الأنبياء وراحِمَةَ المُرسَلينَ إليها، كم مَرَّةٍ أردتُ أنْ أجمع أولادكِ كما تجمَعُ الدَّجَاجَةُ فِراخها تحت جناحيها، ولم تُريدوا ! هوذا بيتكُمْ يُترَكُ لَكُمْ خرابًا والحَقَّ أَقولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لا تَرَوْنَني حَتَّى يأتي وقت تقولون فيهِ : مُبارك الآتي باسم الرَّبِّ! ". عشية أحد التناصير: يتكلم إنجيل العشية عن الباب الضيق المؤدي للملكوت فعندما سأله واحد قائلاً يا سيد أقليل هم الذين يخلصون؟" رد الرب على السائل قائلاً للجميع " اجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيق" وقال الرب: "إن كثيرين سيأتون بعدما يكون رب البيت قد أغلق الباب فلا يقدرون أن يدخلوا ولكنهم سيطرحون خارجًا حيث البكاء ورعدة الأسنان"ولكي يفهم هذا الفصل من الإنجيل في ضوء المعمودية وأحد التناصير، نقول إن المعمودية هي باب الملكوت وهي المدخل لكل النعم والتنعم بدون المعمودية لا دخول إلى داخل بل تظل النفس مطروحة خارجا معذبة حيث البكاء لا ينفع وصرير الأسنان لا ينقطع قال الرب لنقوديموس الحق أقول لك إن لم يولد الإنسان من الماء والروح لن يرى ملكوت الله" وباب المعمودية باب ضيق للجسد، فالروح يشتهي ضد الجسد. وجميع الذين يريدون أن يعيشوا بحسب استحقاق معموديتهم يجدون الباب الضيق ملازما للحياة فيدخلون بشجاعة وبلا حساب لأتعاب الجسد. باب الجسد واسع للجسدانيين فهم يعيشون في طريق رحب بلا تضييق وبلا ضوابط وبلا قانون كحيوانات طبيعية نهايتها الصيد والهلاك أما الذين اختاروا الباب الضيق والطريق الكرب فهم يعلمون حقا أن النهاية حياة أبدية فمرحبا بالأتعاب والجهادات إن كانت النهاية حياة أبدية الذين يدخلون من الباب الضيق، هم داخل الملكوت والملكوت يصير داخلهم أما البرانيين فهم خارجًا. ما هو داخل لا يمكن وصفه للذين هم خارجاً أمور لا يسوغ لإنسان أن يتحدث عنها ولا يعرفها إلا الذي يأخذ. حينما يقول الرب لمختاريه : ادخل إلى فرح سيدك"، يعلم من ذلك أن هذا الفرح يدخل إليه ولا يتمتع به إلا الذين في داخل إذن لا يُدرك ملكوت الله بالكلام بل بالدخول إليه!!. نحن معمدون، وصار لنا بالمسيح الذي هو باب الخراف نعمة الدخول إلى الآب أنا هو باب الخراف إن دخل بي أحد". في المعمودية لبسنا المسيح أي دخلنا بالمسيح وفي المسيح. هذا الدخول ليس هو إيمانًا نظريًا يُدرك بالعقل ولكنه حركة دخول من خارج إلى الداخل من صلوات المعمودية المقدسة نقول على المعمد "الداخل من الظلمة إلى النور ومن الموت إلى الحياة ومن طريق الضلالة إلى معرفة الحق. فالمعمودية دخول من خارج حيث الظلمة إلى الداخل حيث النور الذي لا يُدنى منه المعمودية باب مؤد إلى طريق كربة موصلة إلى الملكوت فالمعمودية ليست حجابًا ولا عاصمة من الخطايا هي مدخل لكي نخرج إلى جدة الحياة ونسعى في الطريق الكربة حتى نكمل جهادنا فننال إكليلنا من يد المسيح من يغلب يأخذ"صارت معمودية شعب بني إسرائيل في القديم كمدخل لطريق الأربعين سنة، انتقلوا من العبودية القاسية إلى الحرية ومن السخرة في الطين (الجسد) إلى السير في نور وجه الله حيث الطعام النازل من السماء والماء النابع من الصخرة. لم تكن المعمودية نهاية بل بداية بداية حرب مع عماليق من دور فدور ، وبداية المسيرة مع الله واختبار عجائبه، وبداية مشوار الرحلة إلى كنعان. لذلك عندما نتأمل المعمودية كباب نقول: "ها" قد دخلنا منذ طفولتنا كمدعوين للسير إلى الملكوت فهل نحن مجتهدون لإكمال المسيرة حتى الجعالة؟".المعمودية كباب هي البداية بالروح. فهل بعدما بدأنا بالروح هل نحن مازلنا نكمل بالروح؟ باب المعمودية في بداية مشوار الحياة يقابله بداية الملكوت حينما يدخل العريس العذارى الحكيمات من ذات الباب ويغلق الباب إلى الأبد حيث العرس السماوي غير الزمني هذا الباب لما بلغت إليه العذارى الجاهلات وبدأن يقرعن الباب قائلات: "ربنا ربنا افتح لنا، فأجاب وقال: الحق أقول لكن إني ما أعرفكن اسهروا إذن !! فمن دخلن من الباب دخولاً روحيًا حقيقيا وسعين بحسب قانون الملكوت عابدات بالجهد النهار والليل، وخازنات زيت الروح ليوم المجئ بالكد والتعب ومالئات الآنية مع المصابيح بوقود النور في الأعمال الحسنة وفي ملء الروح القدس وأعمال المحبة والرحمة عندما تواجهن مع باب الملكوت وهن مستعدات دخلن إلى العُرس بلا مانع. أما الجاهلات فرغم دخولهن من باب المعمودية كمدعوات إلا أن الظلمة غشيتهن ومصابيحهن انطفأت لعدم الزيت، فالروح القدس نضب كأنه غير موجود. ولم يبق سوى الجسد والجسديات والشكل ومظهر العذارى. ولكن عوض الحكمة الروحية، فقد وصفن بالجاهلات غير المستعدات ففي جهلهن نسين دعوتهم ونسين السعي للملكوت، وخزين زيت الروح ونسين لقاء العريس الذي خرجن لأجله ويا للحسرة!. لذلك ننبه الذهن مرة أخرى لقول الرب: "اجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيق. فالأمر مرهون بإرادتنا وجهادنا كثيرون يدعون ولكن قليلين ينتخبون". الجهاد موضوع أمامنا كباب ضيق ندخله كل يوم وفي كل مناسبة الباب الواسع مع كل إغراءاته معروض أيضًا بكثرة ووفرة في كل الميادين وكل المناسبات اجتهد أن تختار الباب الضيق ولا تخش من الدخول فيه الصلاة باب ضيق إذا ما قورنت بأنواع التسالي والمسامرة والهرج والمزاح وأنواع المسرات العالمية. لأن وقت الصلاة لا نصيب لمسرات الجسد فيه لذلك يعتبر بابا ضيقًا يغصب الإنسان نفسه إليه كل حين حتى يخضع الجسد ويتعود عليه العطاء يعتبر بابا ضيقًا إذا ما قورن بالأخذ فالطبيعة تحب الأخذ وتكره العطاء فمن يدرب نفسه كل يوم للدخول إلى هذا الباب ناظرًا للملكوت يغصب نفسه على العطاء والعطاء حتى يلقى وجه المسيح فيجازيه علانية في ملكوته.وهكذا إنكار الذات باب ضيق إذا ما قورن بالكبرياء وتمجيد الذات الاتضاع باب ضيق القداسة والعفة باب ضيق وعلى العموم جميع وصايا المسيح معتبرة هكذا وهي الطريق المؤدي إلى الملكوت، وطوبى للذين يسيرون فيه فإنهم أخيرًا يوضع لهم أكليل البر ويدخلون مع رب البيت ويدخلون مع العريس حيث يغلق الباب ولا خروج إلى خارج إلى الأبد. المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
19 أبريل 2024

رحمة للتائبين

استكمالاً ﻟﺘأملاتنا ﻓﻲ سلسلة الصلوات القصيرة من القداس الغريغورى نصل إﻟﻰ عبارة "رﺣﻤة للتائبين وما أجمل قطاع التائبین في كنیستنا فالكنیسة لیس لھا عمل سوى الاھتمام بتوبة كل إنسان ھذا ھو عملھا الرئیسي كل الأنشطة والصلوات والمناسبات والنھضات والقداسات العشیات إلخ ھي من أجل أن تتوب النفوس، لأن التوبة أحیانًا تكون بعیدة عن الإنسان. مثل الفریسي والعشار (لو ۱۸: 9-14) طائفة الفریسیین كانت من الطوائف الیھودیة والفریسي ھو الشخص الناموسي الحرفي الذي یظن أن عنده كل المعرفة أما العشار فھو جابي الضرائب، وھي فئة لم تكن محبوبة في المجتمع الیھودي، لأنه كان یجمع الضرائب لیسلمھا للسلطة الرومانیة التي كانت تحكم البلاد ھذا المثل قاله السید المسیح كنموذج، فكل منا إما في جانب الفریسي أو العشار سل نفسك وأحكم ھل أنا في جانب الفریسي أم العشار؟ وقد قال المسیح ھذا المثل لأنه یوجد "قَوْم وَاثِقِینَ بِأَنْفُسِھِمْ أَنَّھُمْ أَبْرَارٌ، وَیَحْتَقِرُونَ لآخَرِینَ" (لو ۱۸:۹)، إحساسھم الداخلي أنھم أبرار، وھذه لیست الحقیقة، ومن لا یكتشف مرضھ یضیِّع على نفسه فرصة الشفاء. والأخطر ھو أن یحتقر الآخرین صعد الفریسي والعشار إلى الھیكل لیصلیا.فتقدَّم الفریسي الصفوف ووقف رافعًا یدیه وعینیه،كنوع من لفت النظر، وھو یقول: "اَللّھُم أَنَا أَشْكُرُكَ أَنِّي لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي النَّاسِ الْخَاطِفِینَ الظَّالِمِینَ الزُّنَاةِ" (لو ۱۸: 11) یفتتح صلاته ﻟﻠﮫ بأنه أفضل من كل الناس، ویشكر الله على ذلك وفي نظره الناس ثلاثة أنواع: خَاطِفِینَ ظَّالِمِینَ زُّنَاةِ لا یرى أحدًا صالحًا إلا نفسه. ثم نظر للخلف حیث العشار وحدد "وَلاَ مِثْلَ ھذَا الْعَشَّارِ"، وأضاف "أَصُوم مَرَّتَیْنِ فِي الأُسْبُوعِ، وَأُعَشِّرُ كُلَّ مَا أَقْتَنِیه" (لو18: 12) كأنه یقول ﻟﻠﮫ لن تجد مثلي. إیاك أن تكون مثل الفریسي الذي مدح نفسه واحتقر غیره فكانت النتیجة أن "ھذَا (العشار) نَزَلَ إِلَى بَیْتِه مُبَرَّرًا (أخذ حكم براءة) دُونَ ذَاكَ (الفریسي)" (یو ۱۸: 14) رﺣﻤة للتائبين ربنا یسوع المسیح بدأ خدمته بقوله "قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ للهِ، فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِیلِ" (مر ۱: ۱٥ )، "تُوبُوا، لأَنَّه قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ" (مت ۳ :2) )، "لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ" (لو ٥: 32) فھو قد جاء لكي تتوب كل نفس وتتغیر وتستیقظ ویقول معلمنا بولس الرسول "صَادِقَة ھِيَ الْكَلِمَةُ وَمُسْتَحِقَّةٌ كُلَّ قُبُول أَنَّ الْمَسِیحَ یَسُوعَ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ لِیُخَلِّصَ الْخُطَاةَ الَّذِینَ أَوَّلُھُمْ أَنَا" ( ۱تي1: 15) وھو ھنا لا یقول إنه خاطئ بل إنه أول الخطاة الذین تجسد المسیح لیخلصھم من الخطیة. حوار الرﺣﻤة أرید أن أكلمكم عن حوار الرحمة (حدیث بین اثنین) في أربع خطوات: ۱- نداء من الله: تبدأ التوبة بنداء یتردد ویتكررموجه للجمیع من الله "تُوبُوا" حینما أخطأ داود الملك والنبي العظیم ولم ینتبه لخطیته، جاءه ناثان وقال له "لِمَاذَا احْتَقَرْتَ كَلاَمَ الرَّبِّ لِتَعْمَلَ الشَّرَّ فِي عَیْنَیْه؟ قَدْ قَتَلْتَ أُورِیَّا الْحِثِّيَّ بِالسَّیْفِ، وَأَخَذْتَ امْرَأَتَه لَكَ امْرَأَةً، وَإِیَّاهُ قَتَلْتَ بِسَیْفِ بَنِي عَمُّونَ"( ۲صم ۱۲: 7-9) فبدأ داود یسكب الدموع وقال مزمور التوبة ببكاء وندم وحسرة مقدمًا لنا قطعة من أروع قطع الصلاة الفردیة: "اِرْحَمْنِي یَا لَلهُ كَعَظِیم رَحْمَتِكَ" (مز ٥۱: 1) "إِلَیْك وَحْدَكَ أَخْطَأْتُ، وَالشَّرَّ قُدَّامَ عَیْنَیْكَ صَنَعْتُ" (مز٥۱: 4) مثال آخر، ھو بطرس الرسول الذي كان أحد تلامیذ السید المسیح المتقدمین، لكنه أنكر المسیح أمام جاریة، ثم ظن أن لیس له رجاء فعاد إلى صید السمك، فأتاه المسیح وھو یصطاد وناداه ثلاث مرات: "یَا سِمْعَان بْنَ یُونَا، أَتُحِبُّنِي.. ارْع خِرَافِي"(یو ۲۱: 15) فعاد إلى مكانته ورسولیته وإلى الكرازة والخدمة حتى صلب منكس الرأس إن الإنجیل ھو نداء المسیح، وكل مرة تقرأ الإنجیل أنت تستمع إلى نداء التوبة والمسیح صباحًا ومساءً ینادي ویقول"تُوبُوا" بصیغة الجماعة (أنا أتوب وأساعد الآخرین على التوبة). ۲- استجابة من الإنسان: إن سمعت نداء المسیح "تُوبُوا"، علیك أن تستجیب، والاستجابة یجب أن تكون یومیة، لأن لنا خطایا وضعفات یومیة ذھب النبي یونان لأھل نینوى وقال "بَعْد أَرْبَعِینَ یَوْمًا تَنْقَلِبُ نِینَوَى" (یون ۳: 4) فاستجابت المدینة وتاب أھلھا كلھم من الملك مثال آخر قال بولس لسجان فیلیبي "آمِن بِالرَّبِّ یَسُوعَ الْمَسِیحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَھْلُ بَیْتِكَ" (أع ۱٦: 31 ) فاستجاب وآمن أما الابن الضال فاستجاب للنداء الداخلي فقط وقال "أَقُومُ وَأَذْھَبُ إِلَى أَبِي وَأَقُولُ لَه یَا أَبِي، أَخْطَأْتُ" (لو ۱٥: 17-18)ونسمع عن زكا العشار إنه صعد على الشجرة لیرى المسیح فقال له المسیح: "یا زَكَّا، أَسْرِعْ وَانْزِلْ، لأَنَّه یَنْبَغِي أَنْ أَمْكُثَ الْیَوْمَ فِي بیْتِكَ" (لو19 : 5) فتغیرت حیاتھ تمامًا وصار قدیسًا. وفي المقابل ھناك أناس لا یستجیبون، مثال: یھوذا الإسخریوطي وعخان ابن كرمي وحنانیا وسفیرة. ۳- فتح الباب من لله: إذا استجبت لنداء لله یفتح أمامك باب الرجاء، لأن التوبة تحمي الإنسان من الیأس والقلق والمتاعب النفسیة، ویقول الكتاب "ھكذاَ یَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاء بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ یَتُوبُ أكَثَرَ مِنْ تسِعَة وَتسِعِینَ بَارًّا لا یَحْتَاجُونَ إلِىَ تَوْبَة"ٍ (لو۱٥: 7) أتوا بالمرأة التي أمسكت في ذات الفعل لیرجموھا لكن السید المسیح تعامل مع الموقف بطریقة كلھا حكمة ورحمة، وفتح لھا باب الرجاء قائلاً: "أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟... وَلاَ أَنَا أَدِینُكِ اذْھَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَیْضًا" (یو ۸ : ۱۱-۱۰) والابن الضال أثناء عودته كان یفكر أفكارًا كثیرة لكنه فوجئ أن الأب "تَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِه وَقَبَّلَه" (لو ۱٥: ۲۰ ) وأعطاه الحُلة الأولى والخاتم والحذاء وذبح العجل المسمن إنه الرجاء. ٤- نوال الجائزة: الجائزة ھي كمال الرحمة أوحالة الفرح التي یصل إلیھا الإنسان التائب، لأن الخطیة ثقل، لذلك قال السید المسیح "تَعَالَوْا إِلَيَّ یَا جَمِیعَ الْمُتْعَبِینَ وَالثَّقِیلِي الأَحْمَالِ،وَأَنَا أُرِیحُكُمْ فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ" (مت ۱۱: ۲۸، ۲۹) ،تجدوا راحة البال وراحة القلب والسعادة والعجیب إن أكثر كلمة تكررت في مثل الدرھم المفقود، والخروف الضال، والابن الضال (لو15 ) التي تتكلم عن التوبة ھي كلمة فرح (وردت 10-11 مرة) بینما لا نجد كلمة توبة ولا مرة(انظر لو ۱٥: 5, 6, 9, 23, 24, 32). اﻟﺨلاصة حینما نقول "رحمة للتائبین" كأننا نقول أرجع لھم الفرح. في كل مرة یقدِّم الإنسان توبة یحصل على كنز ھو الفرح وھذا الكنز یدوم ویبقى. إن أردت أن تشعر بالفرح وراحة البال والسلام في وسط العالم المتوتر والھائج بأزماته وضعفاته وأخباره فكن من التائبین في الكنائس قدیمًا كان یوجد خورس للباكین أو التائبین، وما أشھى أن یقف الإنسان في مخدعه ویقدم دموعه التي تغسل خطایاه إذا حدث أن قابلت المسیح ماذا ستطلب منه سوى الرحمة ارحمني كعظیم رحمتك ليعطينا اﻟﻤسيح أن تكون حياتنا تائبة،ونشتهى الرحمة التى يسكبها الله علينا ﺟﻤيعًا،ونسمع نداءه " توبوا ، لأنه قد أقترب ملكوت السماوات" ( مت 3: 2). قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل