إن كان المسيحى إنسان كسائر البشر، لكن النظرة الفاحصة المتأملة تكشف لنا أن الأمر ليس كذلك على طول الخط هو إنسان آخر جديد ولد ولادة روحية بالمعمودية من الماء والروح . "لأن المولود من الجسد جسد هو . والمولود من الروح هو روح (يو ٣ : ١٦)وهو ليس من العالم لو كنتم من العالم لكان العالم يحب خاصته ولكن لأنكم لستم من العالم بل أنا إخترتكم من العالم لذلك يبغضكم العالم .
بهذه الكلمات الذهبية التى تعبر حقاً عن حياة الإنسان المسيحى إستهل نيافة الحبر الجليل القديس الأنبا يوأنس حديثه عن موضوع "المفهوم المسيحى للإنسان المسيحى " .خلال اجتماع الشباب الجامعي بطنطا بمناسبة بدء العام الدراسي الجامعى١٩٨٦
مقدمة
في نهاية قانون الإيمان وبداية القداس الإلهـى يصرخ الشعب كله " وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي وهذه العبارة العقائدية البسيطة تعلن وتؤكد بعض المفاهيم :
أنك ستموت.أيضاً ستقف أمام الديان العادل.ثالثاً هذا الدهر زائل،فلكي تتمتع بالدهر الآتي :(حب إلهك من كل قلبك وقريبك كنفسك)افعل هذا فتحيا الرب يبارك هذا العمل لمجد اسمه القدوس،
الإنسان الروحي يرى أن هذا الدهر بأكمله لا يزد عن كونه أطايب ملك بابل وخمر مشروبه، والعمر كله أيضًا عبارة عن عشرة أيام فقط فترة اختبار، فيهرب إلى القطاني، الغذاء البسيط، طعام ما قبل السقوط، فلا تؤذه أبدًا أسود الجب أو مهما كانت نار الأتون.الرب يبارك هذا العمل لمجد اسمه القدوس؛
من أجلك نُمات كل النهار ، ولأنه هكذا مكتوب أيضا" إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الْأَرْضِ وَتَمتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ“ (يو ١٢ : ٢٤) فعلا لا توجد حياة إلا ويسبقها ،موت، لذلك لا بد أن نعرف أن هذا العمر كله قد أعطي للموت أحيا لا (أنا) لو أردنا أن نرث الحياة الأبدية ! الرب يبارك هذا العمل لمجد اسمه القدوس،
إن شخصية (أبينا توما) التي هي محور موضوع هذا الكتاب ما هي إلا شخصية وهمية من وحي الخيال، بصدق لم أجدها في أرض الواقع ولم أرها، لكن قصدت من كتابة هذا الموضوع إظهار ثلاث حقائق للفائدة والأهمية:
(۱) إن الشيطان خائن متمرس في فنون الحروب فمن الممكن أن يحارب بالراحة واللين – كما في هذه القصة - وليس بالقسوة والعنف المعروف والمعتاد فقط. (۲) إن جهاد الإنسان لا يمكن أن يضيع هباءًا وسوف يكون سندا له في وقت الحاجة وأيام الضعف كما قال الكتاب " فلا نفشل في عمل الخير لأننا سنحصد في وقته ان كنا لا نكل " (غل٦: ٩)
(۳) والأهم من النقاط السابقة أن الله الرؤوف لا يشاء موت الخاطئ ولا يحب هلاك إنسان مثل ما يرجع وتحيا نفسه...
لا أعلم كم من الزمن، عشرات أم مئات أم آلاف السنين على ذلك الصمت، وأخيرا قالوا: لماذا أقلقتنا بإصعادِك إيانا؟! ألم نقل مرارًا "قوموا يا بني النور لكي تسبحوا رب القوات فنحن في غاية الندم حيث إننا لم نفعل ذلك أبدًا لأن العُمر الذي يُحسب للإنسان هو ما يصرفه في التسبيح فقط وبناء المذبح.
إمضاء عظام القبور
الرب يبارك هذا العمل لمجد اسمه القدوس،
سيدى كلنا كغنم ،ضللنا، ملنا كل واحد إلى طريقه.وهل من عزر لنا في جهالاتنا؟!
فتهنا في الباطل بل ومتنا،فأهواء نفسي المريضة أبعدتني عنك،وشهوات قلبي الغبية طوحتني بعيدًا، يا إلهي . كم أنا ” غبي “ وغير عاقل بالمرة.فطريقك مرسوم أمام عيني مستقيمة.. ولكنني حدث يمينًا، وعرجت شمالا . وها قد سرتُ حسب عناد قلبي بعيدًا جدًا.وسمعت صوتك من ورائي، ينادي ارجعي، يجهر ارجعی يصرخ ارجعي وأين الأذان التي للسمع؟!فيتودد مرات و مرات ارجعي إلى لا تطيلين الضلال
يوجد دير أثري جوار قريتنا باسم السيدة العذراء، يُقام فيه احتفال سنوي لمدة سبعة أيام فكنا نذهب ونحن صبية صغار نفرح ونمرح كثيرا، وكان يصيبنا الإعياء والإرهاق الشديد والتعب من كثرة اللهو والجري واللعب، فكنا ننام بعض الوقت في النهار، فكان يأتي أخي ويصرخ فينا قوموا إنها أيام قليلة، سبعة أيام فقط في السنة نمرح فيها ونفرح، لا يصح أبدًا النوم الآن... وإني أتساءل بمنطق أخي، هل من تنتظره حياة أبدية بشرط السهر فقط يحق له أن ينام الآن؟ وآه من الذي ينام ملتزما جدا، أي ثمان ساعات فقط في اليوم، فإنه يموت ثلث عمره وينفصل عن الحياة تماما ! !
لا تخف إنها حقيقة ومقدمة الكتاب! الرب يبارك هذا العمل لمجد اسمه القدوس