الملامح الوثائقيَّة واللِّيتورجيَّة لكنيسة الإسكندريَّة في الثَّلاثة قرون الأولى

إنَّ الغموض الذي يكتنف التَّاريخ المبكِّر لكنيسة الإسكندريَّة حـتى بدايات القرن الثَّالث الميلادي، يمثِّل تحدياً واضحاً للباحثين والدَّارسـين. وتتَّضح طبيعة هذا التَّحدي إذا تذكَّرنا أنَّ مدينة الإسكندريَّة كانت أكبر مدينة يونانيَّة في العالم آنئذ، بل ومركز العلم فيه، فضلاً عن أهنا كانـت تضُم أكبر جالية يهوديَّة خارج فلسطين. وفي مقابل هـذه الاعتبـارات، نُفاجأ بمصادر شحيحة نادرة لمصادر ووثائق كنيسة الإسكندريَّة في هـذه الفترة المبكِّرة من تاريخها، وهي المصادر التي فحصها المؤرِّخ يوسـابيوس القيصري (٢٦٠-٣٤٠م) في القرن الرَّابع الميلادي، وأعاد فحصها ودرسها مؤرِّخون عُظماء، لا يمكن نسيان فضلهم، وكـان مـن أهـم هـؤلاء. (١ (المؤرِّخين، العالم أدولف هارناك Harnack Adolf) ١٨٥١-١٩٣٠م)وإذا نظرنا نظرة فاحصة إلى الوثائق والبرديَّات التي توفَّرت لـدينا،والتي اكتُشفت مؤخَّراً في مصر، وتعود إلى الثَّلاثة قرون الأولى للمسيحيَّة،فسوف نتعجَّب أيَّما تعجُّب من قلَّتها ونُدرهتا. فالرَّسائل والوثائق القليلة