مجاني الأدب في حدائق العرب جزء 2

Large image

الباب الأول في التدين
في الإخلاص لله تعالى والثناء عليه
1 إن الله تعالى واحد لا أول لوجوده ولا آخر لأبديته. قيوم لا يفنيه الأبد. ولا يغيره الأمد. بل هو الأول والآخر والظاهر والباطن. منزه عن الجسمية ليس كمثله شيء. وهو فوق كل شيء. فوقيته لا تزيده بعدا عن عباده وهو أقرب إلى العبيد من حبل الوريد. وهو على كل شيء شهيد. وهو معكم أينما كنتم. لا يشابه قربه قرب الأجسام. كما لا يشابه ذاته ذوات الأجرام. منزه عن أن يجده زمان. مقدس عن أن يحيط به مكان. تراه أبصار الأبرار. في دار القرار. على ما دلت عليه الآيات والأخبار. حي قادر. جبار قاهر. لا يعتريه عجز ولا قصور. ولا تأخذه سنة ولا نوم. له الملك والملكوت. والعزة والجبروت. خلق الخلق وقدر أرزاقهم وآجالهم. لا تحصى مقدوراته. ولا تتناهى معلوماته. عالم بجميع المعلومات. لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماوات. يعلم السر والخفي ويطلع على هواجس الضمائر. وخفيات السرائر. مريد للكائنات. مدبر للحادثات. لا يجري في ملكه قليل ولا كثير. جليل ولا حقير. نفع أو ضر إلا بقضائه وقدره وحكمه. فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. فهو المبدئ المعيد. الفاعل لما يريد. لا معقب لحكمه. ولا راد لقضائه. ولا مهرب لعبد عن معصيته. إلا بتوفيقه ورحمته. ولا قوة له على طاعته. إلا بمحبته وإرادته. سميع بصير متكلم بكلام لا يشبه كلام خلقه. وكل ما سواه سبحانه وتعالى فهو حادث أو جده بقدرته. وما من حركة وسكون إلا وله في ذلك حكمة دالة على وحدانيته. قال أبو العتاهية:
فيا عجبا كيف يعصي الإله ... أم كيف يجحده الجاحد
وفي كل شيء له آية ... تدل على أنه الواحد
ولله في كل تحريكة ... وتسكينة في الورى شاهد
وقال غيره:
كل ما ترتقي إليه بوهم ... من جلال وقدرة وسناء
فالذي أبدع البرية أعلى ... منه سبحان مبدع الأشياء
(مستقطف الابشيهي)

عدد الزيارات 1258
عدد مرات التحميل 432
تحميل

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل