مجاني الأدب في حدائق العرب جزء 3

Large image

الباب الأول في التدين
في كمالاته تعالى
1 إن الله عز وجل لم يزل ولا يزال. هو الكبير المتعال. خالق الأعيان والآثار. ومكور النهار على الليل والليل على النهار. العالم بالخفيات. وما تنطوي عليه الأرضون والسماوات. سواء عنده الجهر والإسرار. ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار. ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير خلق الخلق بقدرته. وأحكمهم بعلمه وخصهم بمشيئته. ودبرهم بحكمته. لم يكن له في خلقهم معين. ولا في تدبيرهم مشير ولا ظهير. وكيف يستعين من لم يزل بمن لم يكن. لا تلزمه لم. ولا يجاوره أين. ولا تلاصقه حيث. ولا تعده كم. ولا تحصره متى. ولا تحيط به كيف. ولا تظهره قبل. ولم تفته بعد. ولم تجمعه كل. وصفه لا صفة له. وكونه لا أمد له. ولا تخالطه الأشكال والصور. ولا تغيره الآثار والغير. ولا تجوز عليه المماسة والمقاربة. ويستحيل عليه المحاذاة والمقابلة. إن قلت: أين هو. فقد سبق المكان وجوده. لم يفتقر وجوده إلى أين. هو بعد خلق المكان غني بنفسه كما كان قبل خلق المكان. وكيف يحل في ما منه بدا. وإن قلت: ما هو. فلا ماهية له (ما موضوعة للسؤال عن الجنس. والقديم تعالى لا جنس له) وإن قلت كم هو. فهو واحد في ذاته. متفرد بصفاته. وإن قلت: متى كان فقد سبق الوقت كونه وإن قلت: كيف هو. فمن كيف الكيفية لا يقال له كيف. ومن جازت عليه الكيفية جاز عليه التغيير وإن قلت هو. فالهاء والواو خلقه. فما تصور في الأوهام. فهو بخلافه. ولا تمثله العيون. ولا تخالطه الظنون. ولا تتصوره الأوهام. ولا يحيط به الأفهام. ولا تقدر قدرة الأيام. ولا يحويه مكان. ولا يقارنه زمان. ولا يحصره أمد. ولا يجمعه عدد. قربه كرامته. وبعده إهانته. علوه من غير توقل. ومجيئه من غير تنقل. هو الأول والآخر. والظاهر والباطن. القريب البعيد. الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وأشهد له بالربوبية وبما شهد به لنفسه من الأسماء الحسنى والصفات العلى. (سراج الملوك للطرطوشي)

عدد الزيارات 1253
عدد مرات التحميل 391
تحميل

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل