
في عيد النيروز (رأس السنة القبطية) الكنيسة تخلد ذكرى الشهداء القديسين الذين عبروا عن محبتهم المسيحنا القدوس الذي أحبنا حتى الموت موت الصليب، وكما غلب الشيطان بالصليب هم أيضًا غلبوه بكلمة شهادتهم، وأحب أن نتكلم عن ما المقصود بكلمة شهادتهم؟
هل المقصود ما قالوه من كلمات شهدوا بها للإيمان المسيحي أمام الملوك والولاة حين وقفوا أمامهم؟ أم المقصود أن دماءهم صرخت أمام الله تشهد لمحبتهم وصدق إيمانهم القلبي كما قال الله عن دم هابيل «صوت دم أخيك صارخ إلى مِنَ الأرض» (تك ١٠:٤ ) .
أم المقصود أن دم الشهداء هو بذار الإيمان الذي ينتشر بالاستشهاد، لأن الإنسان لا يمكن أن يموت لأجل شائعة غير حقيقية بل يسفك دمه من أجل حقيقة إيمانية راسخة بحب حقيقي من كل القلب، فيكون دمهم كلمات تدخل القلوب وليس فقط العقول، فتعمل في جذب الناس إلى الإيمان الحقيقي والمحبة الكاملة.
حقيقة أن تعبير كلمة شهادتهم مرتبطة بدم الحمل كلمة الله لذلك تقول الآية : وهم غلبوه بدم الخروف وبكلمة شهادتهم» (رؤ ۱۲ : ۱۱). وهذه الغلبة ظهرت في أمور عديدة كلها تعبر عن كلمة الشهادة كما في: (رؤ ٢:١٤-٣) "وسمعت صوتا من السماء كصوت مياه كثيرة وكصوت رعد عظيم. وسمعت صوتا كصوت ضاربين بالقيثارة يضربون بقيثاراتهم، وهم يترنمون كترنيمة جديدة أمام العرش وأمام الأربعة الحيوانات والشيوخ . ولم يستطع أحد أن يتعلم الترنيمة إلا المئة والأربعة والأربعون ألفا الذين اشتروا من الأرض». لا شك أن هذه الأصوات التي تحمل كلمات شهادة من نفوس بارة ارتبطت بالحمل الحقيقي (الخروف ) الذي ذبح واشترانا بدمه. ومن كل ذلك نستنتج ما يلي من أمور روحية هامة ننتفع بها :
١- الشهداء هم شهود بدمهم المسفوك ، يصرخ شاهدًا على إيمانهم وحبهم الحقيقيين لله .
٢- الشهادة قبل الاستشهاد فيها كلمات الإيمان بالمسيح المخلص والمعبرة عن المحبة القلبية لله .
٣- والشهادة بعد سفك الدماء، في الدماء الصارخة أمام الله بقوة شاهدة بأقوى شهادة .
٤- والشهادة الدائمة في السماء هي بالتسبيح الدائم الذي يحكي عن المخلص كذبيحة حية دائمة .
٥- وتمتد هذه الشهادة لتصير شاهدة على قوة المخلص الظاهرة في الطبيعة في الرعد والمياه الكثيرة، وصوت القيثارات القوية الشاهدة بالترنم والتسبيح لحب ذاك الذي بمحبته يخلص كثيرين من محبة العالم المهلكة ومن النجاسات التي هي إرادة الجسد الخاضع لتيار الإثم.
٦- الذي جعلهم يجتازون من الموت إلى الحياة. ويوضح سفر الرؤية ترنيمة الخلاص في (رؤ ٣:١٥-٤) "عظيمة وعجيبة هي أعمالك ، أيُّها الرب الإله القادر على كل شيء! عادلة وحق هي طرقك ، يا ملك القديسين من لا يخافك يا ربُّ وَيُمَجدُ اسْمَكَ؟ لأنكَ وَحدَكَ قدوس ، لأن جميع الأمم سيأتون ويسجدونَ أمامَكَ، لأن أحكامك وهي شهادة علي النصرة والغلبة علي العالم بالإيمان قد أظهرت".
نيافة الحبر الجليل الأنبا بنيامين مطران المنوفية وتوابعها