
في مناسبة صوم أهل نينوى تذكرني أحداث قصة هروب يونان النبي من وجه الله بكل ما يصادف حياتنا في غربة هذا العالم من ضيقات وآلام، فقد يعترض طريق حياتك ضيقات شخصية أو اجتماعية أو روحية أو ربما مجتمعية، وجميعها تشبه النوء العظيم الذي حدث مع يونان وفي مثل هذه الظروف تحتاج :
١- أن تقوم وتصرخ إلى إلهك (يونان ١: ٦) ففي وقت ضيقك لا تبحث عن معونة بشرية، ولا تعتمد على إمكانياتك المادية أو قدراتك الشخصية، فالله هو الوحيد القادر أن يحفظك في حدقة عينه وبصراخك أمامه وحده تخلص من كل ضيقاتك .
٢- أن تقوم وتفتش حياتك "بسَبب مَنْ هذه البلية" (يونان ۱: ۸) ، فالضيقات فرصة لمراجعة النفس ، وقد تكون دعوة من الرب للإنسان أن يتوب لتدخل إلى داخل نفسك وتطلب إلى الرب: «اختبرني يا الله واعرف قلبي . امتحنّي واعرف أفكاري» (مزمور ۱۳۹ :۲۳). وأكثر ما يحنن قلب الرب عليك وقت الضيق هو قلبك التائب .
٣- أن تلقي عنك الأمتعة "وطرحوا الأمتعة التي في السفينة" (يونان ٥:١) ، فالضيقات في حياتك قد تكون دعوة من الرب لك لكي تزهد في العالم ومقتنياته، وتشعر أن كل ما في العالم ليس له قيمة أمام أبديتك، وتجعلك لا تتمسك بالمظاهر والمقتنيات بل تفتح قلبك بالأكثر لتشعر بالمحتاجين .
٤- أن تستيقظ وتسهر "مالك نائمًا؟ قم" (يونان ١: ٦) وكان في يقظة يونان سلامة له ولكل أهل السفينة، هكذا في الضيقات احرص أن تبقى ساهرًا على حياتك الروحية وعلى بيتك وحياة أولادك، فالضيق يحتاج منك أن تطلب «أعطني يا رب يقظة».
ه- أن تصير شاهدًا عن إلهك أمام الجميع «وأنا خائفٌ مِنَ الرَّبِّ إله السماء » (يونان ۱ :۹) فسلوكك وسط الضيقات وصبرك وإيمانك وسلامك وهدوئك وثباتك وثقتك أن حافظك لا ينعس ولا ينام (مزمور ۱۲۱ : ۳) هي شهادة عن إيمانك أنك ابن للإله الذي لا يترك أولاده، وكما كان يونان شاهدًا للنوتية الأمميين تصير أنت أيضًا في ضيقتك شاهدًا عن إلهك المحب لكل من هم حولك ليحفظ الرب حياتك سالمة من كل ضيق ، ولكن في كل نوء عظيم يواجه حياتك لتبق صارخا تائبا زاهدًا ساهرا وشاهدًا عنه أنه هو الإله المنقذ من كل نوء .
نيافة الحبر الجليل الانبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال افريقيا