
ثَانِياً صَدْرَة الْقَضَاء :-
كَانَتْ الصَدْرَة مِنْ ذَاتْ مَوَادٌ الرِّدَاء وَكَصَنْعَتِهِ وَمَرْبُوطَةٌ بِالرِّدَاء لاَ تُنْزَع عَنْهُ وَرُبَّمَا تُمَثِّل أجْمَلٌ مَا فِيهِ بَلْ وَأعْجَبْ مَا فِيهِ بَلْ وَيُمْكِنْ إِعْتِبَار بَاقِي الثِيَاب كَقَاعِدَة لَهَا لِتُثَبِتْهَا فِيهَا وَهيَ مَصْنُوعَة مِنْ نَفْس نَسِيج الرِّدَاء مِنْ الذَّهَبْ وَالبُوْص المَبْرُومٌ ( أي الكِتَّان النَقِي ) وَالأسْمَانْجُونِي وَالأُرْجُوَان وَالقِرْمِز لِذَلِك أُعْتُبِرَتْ مِنْ أهَمْ الأجْزَاء فِي مَلاَبِس رَئِيس الْكَهَنَة لأِنَّهَا تَشْتَمِل عَلَى ( الأُورِيم وَالتُّمِّيم ) اللَّذَيْنِ كَانَتْ مَقَاصِدٌ الله وَإِرَادَتِهِ تُعْلَنْ بِهُمَا وَدُعِيَتْ " صَدْرَة " لأِنَّهَا كَانَتْ تُثَبَّتْ عَلَى صَدْر رَئِيس الْكَهَنَة كَمَا
دُعِيَتْ " صَدْرَة قَضَاء " لأِنَّهَا كَانَتْ تُعْلِنْ قَضَاء الله وَحُكْمُه وَمِنْ نَاحِيَة أُخْرَى كَانَتْ كَعَلاَمَة تُظْهِر سُلْطِة رَئِيس الكَهَنَة فِي القَضَاء فِي جَمِيعْ الأُمور[ لِهذَا تَدْعُو الكَنِيسَة رَئِيس كَهَنَتْهَا أنَّهُ قَاضِي المَسْكُونَة إِذْ هِيَ تُؤمِنْ أنَّهُ مُسْتَوْدَع لِلرُّوح القُدُس وَالله يَقُودٌ كِنِيسْتُه عَنْ طَرِيقٌ الرُّوح القُدُس المُسْتَقِر فِيهِ الَّذِي يَنْطِقٌ بِلِسَانِهِ ] وَكَانَتْ مُرَبَعَة ( شِبْر×شِبْر ) وَمُثْنِيَّة لِتَقْوِيَتْهَا لِتَتَحَمَّل الأحْجَار الكَرِيمَة المَوْضُوعَة عَلَيْهَا وَالأحْجَار الكَرِيمَة مُرَصَعَة فِيهَا فِي أرْبَعَة صُفُوف وَمَنْقُوش عَلَى كُلَّ حَجَر إِسْم سِبْط مِنْ الأسْبَاطْ فِي ألْوَان مُتَعَدِّدَة تُكْسِبْ الصَدْرَة جَمَالاً وَبَهَاءً فَائِقاً فَتُعْطِي صُوْرَة تُبْهِر الأبْصَارٌ إِنَّهَا تُشِير إِلَى عَمَل الْمَسِيح المُتَعَدِّدٌ الجَوَانِبْ الَّذِي عَمَلُه مِنْ أجْلِنَا كَرَئِيس كَهَنِة خَلاَصِنَا .
أحْجَار الصَدْرَة وَأحْجَار أبْوَاب أُورُشَلِيم السَّمَاوِيَّة :-
وَالبَدِيعْ أنَّنَا نَجِدٌ فِي سِفْر الرُؤْيَا أنَّ أسَاسَات المَدِينَة العَظِيمَة أُورُشَلِيم السَّمَائِيَّة النَّازِلَة مِنْ السَّمَاء مِنْ عِنْدَ الله مُزَيَنَة بِإِثْنَا عَشَرَ حَجَر كَرِيمْ وَعَلَيْهَا أسْمَاء رُسُلٌ الخَرُوف الإِثْنَيْ عَشَرَ ( رؤ 21 : 14) بَيْنَمَا نَجِدٌ أسْمَاء الأسْبَاط مَكْتُوبَة عَلَى الإِثْنَتَي عَشَرَة لُؤلُؤَة الَّتِي تُكَوِّنْ أبْوَاب المَدِينَة مَعَ إِخْتِلاَف بَسِيطْ فِي ثَلاَثَة مِنْهَا لكِنَّهَا نَفْس العَنَاصِر وَكَأنَّ رَئِيس الْكَهَنَة يَحْمِل عَلَى صَدْرَتِهِ أسَاسَات مَدِينَة الله وَمَفَاتِيحٌ أبْوَابَهَا وَكَمَا نُقِشَتْ أسْمَاء الأسْبَاط عَلَى أحْجَار الصَدْرَة هِيَ مَنْقُوشَة أيْضاً عَلَى أبْوَاب أُورُشَلِيم السَّمَاوِيَّة نَعَمْ إِنَّهُ إِمْتِدَادٌ لِعَمَل الله فِي كَنِيسَتِهِ عَبْر الأجْيَال القَدِيم وَالجَدِيد وَمِنْ هُنَا نَجِدْ أنَّ هُنَاكَ إِرْتِبَاطٌ عَجِيبْ بَيْنَ صَدْرَة القَضَاء وَأمْجَادٌ المَدِينَة السَّمَاوِيَّة المُقَدَّسَة وَكَمَا أنَّهَا تَمْتَدُ بِنَا إِلَى المُسْتَقْبَل حَيْثُ المَجْد السَّمَاوي كَذلِك هِيَ تَرْجَعُ بِنَا إِلَى المَاضِي حَيْثُ جَنَّة عَدْن فَنَجِدٌ أنَّ أوَّل حَجَر كَرِيمْ مَذْكُور فِي الكِتَاب المُقَدَّس هُوَ حَجَر الجَزْع ( تك 2 : 12)وَهُوَ حَجَر التِّذْكَار عَلَى كَتِفَي الرِّدَاء ثُمَّ تَقْرأ فِي نُبُّوِة
حَزْقِيَال عَنْ أحْجَار كَرِيمَة أُخْرَى كَانَتْ فِي جَنَّة عَدْن تَتَفِقٌ إِلَى حَدٍ كَبِير مَعَ أحْجَار الصَدْرَة﴿ كُنْتَ فِي عَدْنٍ جَنَّةِ اللهِ كُلُّ حَجَرٍ كَرِيمٍ سِتَارَتُكَ عَقِيقٌ أَحْمَرُ وَيَاقُوتٌ أَصْفَرُ وَعَقِيقٌ أَبْيَضُ وَزَبَرْجَدٌ وَجَزْعٌ وَيَشْبٌ وَيَاقُوتٌ أَزْرَقُ وَبَهْرَمَانُ وَزُمُرُّدٌ وَذَهَبٌ ﴾ ( حز 28 : 13) فَكَأنَّ صَدْرَة القَضَاء تَرْجَعُ بِنَا إِلَى جَنَّة عَدْن وَاعِدَة شَعْبُ الله بِرَدٌ كُلَّ شَيْءٍ وَرُجُوعِهِمْ إِلَى فِرْدُوسِهِمْ المَفْقُودٌ حَيْثُ المَجْدٌ وَالطَّاعَة وَكَذلِك نَجِدٌ المَدِينَة السَّمَاوِيَّة تُحَدِّثْنَا عَنْ تِلْكَ الأمْجَادٌ عَيْنِهَا وَتُقَدِّم لِلكَنِيسَة المُقَدَّسَة أكْثَر مِنْ أمْجَادٌ الفِرْدُوس المَفْقُودٌ بِوَاسِطَة رَئِيس الْكَهَنَة الحَقِيقِي الَّذِي يَحْمِل أسْمَاءَهُمْ عَلَى قَلْبِهِ كُلَّ حِينٍ .
تَثْبِيتْ الصَدْرَة :-
كَانَتْ الصَدْرَة مُثَبَّتَة عَلَى الرِّدَاء بِإِتْقَانٍ تَامٌ وَبِإِحْتِيَاطٌ مُزْدَوَجٌ مِنْ أعْلَى وَمِنْ أسْفَل إِذْ يُوْضَعْ عَلَى زَوَايَاهَا الأرْبَعْ أرْبَعَة حَلَقَات مِنْ ذَهَبْ مِنْ أعْلَى عَنْ طَرِيقٌ كَتِفَيْ الرِّدَاء بِوَاسِطَة سِلْسِلَتَيْن مِنْ ذَهَبْ وَمِنْ أسْفَل إِلَى زِنَّار الرِّدَاء بِوَاسِطَة حَلَقَات مِنْ ذَهَبْ وَسَلاَسِل مَجْدُولَةٌ مِنْ ذَهَبْ وَخِيطْ أسْمَانْجُونِي .
عِنَايِة الله وَالصَّدْرَة :-
إِنَّهَا عِنَايِة الله الفَائِقَة الَّذِي يُدَبِّر كُلَّ شَيْء بِإِتْقَانٍ تَامٌ بَلْ وَأكْثَر مِنْ ذلِك يَأمُر أنْ تَكُون الحَلَقَات وَالعُقَدٌ مُخْتَفِيَة خَلْف الصَدْرَة فَلاَ تَظْهَر عُقَدٌ فِي سَلاَسِل الذَّهَبْ الخَارِجِيَّة بَلْ فِي الجُزْء الغِير الظَّاهِر مِنْ الدَّاخِل فَلاَ يَظْهَر شِئ مَعْقُودٌ عَلَى صَدْرٌ هَارُون بَلْ كُلَّ شَيْء بِسِيطْ وَلَطِيفْ كَلُطْف الله وَبَسَاطَتِهِ إِنَّ الله يُرِيدَنَا أنْ نَرْتَبِطْ بِهِ فِي بَسَاطَة وَسُهُولَة وَالعَاشِقٌ لِتَعَالِيمْ يَسُوع يَجِدٌ فِيهَا بَسَاطَة مُتَنَاهِيَة إِذْ قِيلَ عَنْهُ أنَّهُ بِغَيْر مَثَلٍ لَمْ يَكُنْ يُكَلِّمَهُمْ ( مت 13 : 34 ؛ مر 4 : 34 ) كَلاَمٌ يَتَفِقٌ مَعَ جَمِيعْ الثَّقَافَات وَيُنَاسِبْ كُلَّ الفِئَات دُونَ تَعْقِيدٌ إِذْ يَجْعَل مِنْ سَامِعِهِ يَشْتَاق إِلَى الحَيَاة بِحَسَبْ هذِهِ التَّعَالِيم إِذْ تَطْلُبْ عَنْ أبْنَائِهَا ﴿ سَهِّلْ لَنَا طَرِيقٌ التَّقْوَى ﴾ تَأمَّل فِي هذِهِ الإِحْتِيَاطَات الدَّقِيقَة لِضَمَان تَثْبِيتْ الصَدْرَة عَلَى قَلْب هَارُون عَلَى الدَوَام .
صَدْرَة لاَ تَرْتَفِع وَلاَ تَسْقُطْ :-
فَلاَ يُمْكِنْ أنْ تَنْزِل إِلَى أسْفَل لأِنَّ السَّلاَسِل الذَّهَبِيَّة تَرْفَعُهَا إِلَى أعْلَى بِاسْتِمْرَار وَالسَّلاَسِل مُثَبَّتَة عَنْ
طَرِيقٌ حَلَقَات دَائِرِيَّة وَهيَ رَمْز لِمَحَبِّة الْمَسِيح الأبَدِيَّة فَالدَائِرَة لاَ بِدَايَة وَلاَ نِهَايَة لَهَا وَلاَ يُمْكِنْ أنْ تَرْتَفِعْ إِلَى فَوْق لأِنَّ الخِيطْ الأسْمَانْجُونِي يَرْبُطْهَا بِزِنَّار الرِّدَاء وَهذِهِ هِيَ نِعْمَة الله الَّتِي تَرْفَعْ الإِنْسَان مِنْ اليَأس وَالإِحْبَاط وَتَحْفَظْ الإِنْسَان مِنْ الغُرُور وَالإِرْتِفَاع .
تَعَالِيم الآبَاء الَّتِي لاَ تَرْفَع وَلاَ تَسْقُطْ :-
وَحِينَ نَتَأمَّل فِيمَا فَعَلَهُ الأنْبَا بِمْوَا مَعَ تِلْمِيذُه القِدِيس يِحْنِس القَصِير حِينَ أمَرَهُ بِإِحْضَار ضَبْعَة وَمِنْ قَدَاسَتِهِ أمَرَهَا فَأطَاعَتْهُ فَأحْضَرْهَا إِلَيْهِ وَجَدْنَاهُ يَنْتَهِرُه وَيَتَهِمُه بِأنَّهُ أحْضَرَ كَلْباًإِنَّهُ يَجْذِبَهُ إِلَى أسْفَل خَوْفاً عَلَيْهِ مِنْ الإِرْتِفَاع وَرَأيْنَا أيْضاً حِينَ حَضَرَ القِدِيس مُوسَى الأسْوَدٌ إِلَى الأنْبَا إِيسُوذُورُس وَرَأى فِيهِ رُوحٌ
تُوْبَة حَقِيقِيَّة جَذَبَهُ إِلَى أعْلَى وَأمْسَكَهُ بِسَلاَسِل الذَّهَبْ وَوَضَعَهُ عَلَى الأكْتَاف وَهُنَا يَجِبْ أنْ نُدْرِك أنَّ الشَّعْب مُمَثَّلاً تَمْثِيلاً مُزْدَوَجاً
عَلَى الأكْتَاف وَالصَدْر :-
وَجَدْنَا فِي مَلاَبِس رَئِيس الْكَهَنَة مَكَانَيْن لِكُلَّ سِبْط عَلَى الأكْتَاف وَعَلَى الصَدْر وَفِي هذَا رَمْزاً رَائِعاً لِرَئِيس كَهَنِتْنَا الأعْظَمْ يَسُوع الْمَسِيح وَهُوَ يَحْمِل شَعْبُه عَلَى كَتِفَيْهِ أمَام الله بِقُوَّتِهِ اللاَنَهَائِيَّة وَكَذلِك يَحْمِلَهُمْ أيْضاً عَلَى قَلْبِهِ بِمَحَبَّتِهِ الأبَدِيَّة وَهذَا مَا وَجَدْنَاه فِي قَوْل رَبَّ المَجْد يَسُوع﴿ لاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي ﴾ ( يو 10 : 28 ) القُوَّة غِير المَحْدُودَة وَالمَحَبَّة الأبَدِيَّة تَقْتَرِنَان مَعاً فِي إِحْضَار المُؤمِنِينْ أمَام الله بِوَاسِطَة رَئِيس الكَهَنَة وَهُنَا يَسْطُعْ نُور قَدَاسِة عَرْش الله عَلَى الأحْجَار الكَرِيمَة فَيَظْهَر جَمَالَهَا بِجَوَانِبِهِ المُتَعَدِّدَة إِذْ تَلْمَعْ أسْمَاء شَعْب الله المَحْمُولَة عَلَى قَلْب رَئِيس الْكَهَنَة العَظِيمْ بِحَسَبْ بَهَاء مَجْدٌ الأحْجَار الكَرِيمَة المَوْضُوعَة عَلَيْهِ إِذْ هِيَ تَرْمُز إِلَى أمْجَادٌ الْمَسِيح وَكَمَالاَتُه وَهُنَا نَتَمَتَّعْ بِحَقِيقِة كَمَال قَبُولْنَا فِي الْمَسِيح أمَام الله تَمَاماً مِثْل قَبُول الآب لِلْمَسِيح فَيَتَطَلَّعْ الآب إِلَيْنَا وَنَحْنُ مَحْمُولِينْ عَلَى كَتِفَيْ وَقَلْب رَئِيس كَهَنَتْنَا الحَقِيقِي مُحَاطِينْ بِكُلَّ جَمَال ذَاكَ الَّذِي هُوَ مَوْضِعْ سُرُورِهِ وَلَذَّتِهِ دَائِماًهؤُلاَء الَّذِينَ سَيُحْضِرْهُمْ إِلَيْهِ فِي النِّهَايَة لِيَكُونُوا مِثْلَهُ وَمَعَهُ إِلَى الأبَدْ .
الإِرْتِبَاط بَيْنَ الصَّدْرَة وَالكَتِفَيْنِ :-
وَمَا أجْمَل الإِرْتِبَاط بَيْنَ الصَدْرَة وَالكَتِفَيْن فَكُلَّ حَرَكَة مِنْ حَرَكَات كَتِفَيْ رَئِيس الْكَهَنَة تُؤَثِرعَلَى الصَدْرَة وَكُلَّ نَبْضَة مِنْ نَبَضَات قَلْبُه كَانَتْ تَهِز الصَدْرَة وَتَنْتَقِل بِوَاسِطَة السَّلاَسِل المَجْدُولَة إِلَى الكَتِفَيْن وَهذَا يُذَكِّرْنَا بِأنَّ قُوَّة ذِرَاع الرَّبَّ تَرْتَبِطْ إِرْتِبَاطاً وَثِيقاً بِرِّقِة قَلْبِهِ المُحِبْ وَلاَ عَمَل مِنْ أعْمَال قُوَّتِهِ مُنْفَصِلٌ عَنْ مَقَاصِدٌ رَحْمَتِهِ فَثِقٌ أنَّ كُلَّ الأشْيَاء تَعْمَل مَعاً لِلخِير ( رو 8 : 28 ) وَتُشِير عَرُوس النَّشِيد إِلَى هَذَيْن المَرْكَزَيْن اللَّذَانْ تُرِيدْ أنْ يَحْفَظْهَا العَرِيس فِيهُمَا إِذْ تَقُول لَهُ﴿ اجْعَلْنِي كَخَاتِمٍ عَلَى قَلْبِكَ كَخَاتِمٍ عَلَى سَاعِدِكَ ﴾ ( نش 8 : 6 ) " عَلَى قَلْبَك " حَيْثُ المَحَبَّة القَوِيَّة كَالمَوْت الَّتِي تُقَدِّس الكَيَان لله وَ " عَلَى سَاعِدَك " حَيْثُ القُوَّة الَّتِي تَحْفَظ مِنْ الشَّر وَالشِّرِّير وَبِذلِك نَجِدٌ ضَمَانْ الوُصُول إِلَى المَجْد حَيْثُ الوَعْد﴿ وَالْقَادِرُ أَنْ يَحْفَظَكُمْ غَيْرَ عَاثِرِينَ وَيُوقِفَكُمْ أَمَامَ مَجْدِهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي الاِبْتِهَاجِ ﴾ ( يه 24 ) وَهذَا مَا رَأيْنَاه حِينَ غُلِبَ مِنْ تَحَنُّنِهِ وَبَذَلَ ذَاتُه فِدَاء كَنِيسَتُه وَتَمَّمْ لَهَا الخَلاَص بِذِرَاعِهِ ( أف 5 : 25 ) .
الحِجَارَة وَلَمَعَانْهَا :-
وَإِمْتِيَاز هذِهِ الأحْجَار الكَرِيمَة إِنَّهُ كُلَّمَا سَطَعَ عَلَيْهَا النُّور إِزْدَادَ لَمَعَانْهَا وَهذَا هُوَ جَمَالْنَا وَبَهَاءْنَا أمَام الله هذَا هُوَ المَرْكَز الَّذِي وَهَبَتْنَا إِيَّاه نِعْمَة الله لأِنَّهُ إِله كُلَّ نِعْمَة أنَّ مَهْمَا كَانَتْ ضَعَفَاتْنَا فَإِنَّ أسْمَاءْنَا أمَام الله لَمْ تَزَلْ فِي ضِيَاء وَلَمَعَان وَبَهَاء أمَام الله كُلَّ حِينْ وَإِذْ يَسْطُعْ لَمَعَانُه عَلَيْنَا تَجِدْنَا قَدْ تَألَّقْنَا بِكُلَّ لُوْن مِنْ ألْوَان فَضَائِلِهِ وَكَمَالُه وَمَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَطِيعْ أنْ يُفْسِدٌ جَمَالْنَا إِنْ كُنَّا مُخْتَفِينْ فِي جَمَال شَخْصِهِ ؟!! مَنْ الَّذِي يَسْتَطِيعْ أنْ يُطْفِئ ضِيَاء القُدْس أوْ يَدْخُل إِلَى القُدْس لِكَيْ يَنْزَع الأحْجَار مِنْ كَتِفَيْ وَصَدْرِة رَئِيس الْكَهَنَة ؟!! إِنْ كَانَ الله هُوَ الَّذِي أمَرَ بِوَضْعَهَا فِي هذِهِ الأمَاكِنْ بَلْ وَهذَا التَّرْتِيبْ إِنَّنَا نُرَدِّدٌ مَعَ مُعَلِّمْنَا بُطْرُس ﴿ أَنْتُمُ الَّذِينَ بِقُوَّةِ اللهِ مَحْرُوسُونَ ﴾ ( 1بط 1 : 5 ) رُبَّمَا يَرَى النَّاس النَقَائِص فِي بَعْضِهِمْ البَعْض أمَّا الله فَيَرَانَا عَلَى قَلْب وَكَتِفَيْ إِبْنِهِ فِي جَمَال وَبَهَاء وَيَا لَيْتَ أوْلاَدٌ الله يَسْلُكُون أمَام النَّاس بِمَا يَتَفِقٌ مَعَ مَرْكَزَهُمْ أمَام الله فَلاَ يَظْهَر مِنْهُمْ سِوَى كُلَّ مَا صِيتَهُ حَسَنْ لِكَيْ لاَ يُفْتَرَى عَلَى صَلاَحِهِمْ ﴿ عَلَى قَلْبِهِ أمَامَ الرَّبِّ دَائِماً ﴾ ( خر 28 : 30 ) وَنَحْرِص دَائِماً أنْ يَكُون سُلُوكَنَا مُتَفِقاً مَعَ مَقَامَنَا وَدَعْوَتْنَا وَلكِنْ شُكْراً لله الَّذِي جَعَلَ قَضَاءِنَا وَحَقِّنَا لَيْسَ مَعَ النَّاس وَلكِنْ مَعَ إِبْنِهِ حَيْثُ الحِجَارَة الكَرِيمَة المَنْقُوشَة عَلَيْهَا أسْمَاءْنَا هُنَاك دَائِماً .
صَدرَة لاَ تُنْزَع :-
وَمَا كَانَ يُمْكِنْ أنْ تُنْزَع الصَدْرَة مِنْ الرِّدَاء ( الأُفُودٌ ) إِذْ هِيَ مَرْبُوطَة بِهِ بِسَلاَسِل الذَّهَبْ وَخِيطْ الأسْمَانْجُونِي وَهكَذَا نَصِيبَنَا فِي الْمَسِيح يَسُوع الَّذِي يَرْتَبِط بِخِدْمَتِهِ الكَهَنُوتِيَّة وَأيْضاً مَعَ بِرِّهِ الإِلَهِي بِلاَ إِنْفِصَال وَهيَ رَابِطَة أبَدِيَّة كَمَا تَرْمُز إِلَى ذلِك الحَلَقَات المُسْتَدِيرَة الَّتِي بِلاَ بِدَايَة وَلاَ نِهَايَة وَهكَذَا نَطْمَئِنْ عَلَى أمر خَلاَصِنَا الَّذِي أخَذَهُ الْمَسِيح عَلَى عَاتِقِهِ وَلَنْ يَطْرَحَهُ أبَداً بَلْ قَدَّمَهُ لَنَا دَائِماً وَجَدِيداً مِنْ خِلاَل كَنِيسَتَهُ المُقَدَّسَة وَكَهَنُوتُه العَامِل فِي كَهَنِة العَهْد الجَدِيد وَهذَا مَا يُشَجِّعْ نِفُوسْنَا حِينَ تَصْغُر وَحِينَ تَشْتَدٌ التَّجَارُب وَالحُرُوب حَيْثُ تَتَشَجَّعْ وَتَبْتَهِج نِفُوسْنَا لأِنَّ مَرْكَزْنَا ثَابِتْ لاَ يَتَزَحْزَح فِي قَلْب الْمَسِيح وَعَلَى كِتْفِهِ .
عَلَى القَلْب :-
وَنُلاَحِظْ أنَّ مَكَانْ الصَدْرَة " عَلَى قَلْب رَئِيس الْكَهَنَة " تَكَرَّر ثَلاَث مَرَّات فِي آيَتَيْن مُتَتَالِيَتَيْن ( خر 28 : 29 ؛ 30 ) مِمَّا يُؤَكِدْ عُمْق مَحَبَّتِهِ لِشَعْبِهِ وَهُنَا نُقَدِّم دَعْوَة بِالتَّطَلُّعْ الدَّائِم إِلَى رَئِيس كَهَنَتْنَا الأعْظَمْ الَّذِي يَحْمِلْنَا أمَام الله كُلَّ حِينْ عَلَى قَلْبِهِ وَكَتِفَيْهِ الَّذِي لاَ يَكُفْ عَنْ الطَلَبْ لأِجْلِنَا فَلاَ نَعُودٌ نَنْظُر إِلَى فَشَلْنَا وَضَعْفِنَا بَلْ نَتَطَلَّعْ إِلَيْهِ هُوَ الَّذِي مِنْ عِنْدِهِ تَأتِي الرَّحْمَة وَالعَوْن فِي حِينْه .
فِي دَاخِلِهِ :-
فَلَوْ تَطَّلَعْنَا إِلَى مَكَانَنَا الآنْ فِي مِلْء بَرَكِة العَهْد الجَدِيد لَوَجَدْنَا أنَّنَا غِير مَنْقُوشِينْ عَلَى حِجَارِة أكْتَاف وَلاَ مَوْضُوعِينْ عَلَى صَدْرَة قَضَاء مِنْ الخَارِج بَلْ فِي إِتِحَادٌ كَيَانِي كَامِل مَعَ رَئِيس كَهَنَتْنَا الأعْظَمْ الَّذِي لَمْ يَجِدٌ لَنَا مَكَاناً يَحْمِلْنَا فِيهِ أفْضَل مِنْ دَاخِلِهِ فَلاَ نُنْزَع مِنْهُ أبَداً وَحِينَ نَتَحِدٌ بِهِ فِي الإِفْخَارِسْتِيَا نَحْصُل عَلَى مَا عَبَّر عَنْهُ القِدِيس كِيرِلُس الكَبِير فِي صَلاَة القِسْمَة لِلقُدَّاس الإِلَهِي ﴿ وَهَبْتَ لَنَا أنْ نَأكُل جَسَدَك عَلاَنِيَةً أهِّلْنَا لِلإِتِحَادٌ بِكَ خِفْيَةً وَهَبْتَ لَنَا أنْ نَشْرَب كَأسَ دَمِكَ ظَاهِراً أهِّلْنَا أنْ نَمْتَزِج بِطَهَارَتَك سِرَّاً وَكَمَا أنَّكَ وَاحِد فِي أبِيك وَرُوحَك القُدُّوس نَتَحِدٌ نَحْنُ بِكَ وَأنْتَ فِينَا وَيَكْمُل قَوْلَك وَيَكُونُ الجَمِيعْ وَاحِداً فِينَا ﴾وَبِحَسَبْ تَعْبِير القِدِيس بُولِس الرَّسُول صِرْنَا أعْضَاء جِسْمِهِ مِنْ لَحْمِهِ وَمِنْ عِظَامِهِ ( أف 5 : 30 )إِنَّهَا دَعْوَة لِنَتَأمَّل أنْفُسَنَا وَنَحْنُ مَحْمُولِينْ دَاخِلِهِ كَمْ لَنَا مِنْ كَرَامَة وَكَيْفَ يَرَانَا الآب وَلَوْ تَأمَّلْنَا فِي مَلاَبِس كَاهِن العَهْد الجَدِيد نَجِد أنَّهُ يَرْتَدِي البُّرْنُس وَهُوَ رِدَاء مِدَوَّرٌ وَاسِع مَفْتُوح مِنْ الأمَام بِلاَ أكْمَام يَخْتَفِي فِيهِ جِسْم الْكَاهِن بِجُمْلَتِهِ وَهُوَ إِشَارَة إِلَى عِنَايِة الله الَّتِي تُحِيطْ بِهِ وَتَسْتُرُه مَعَ كُلَّ شَعْبِهِ مِنْ كُلَّ نَاحِيَة .
تَرْتِيبْ أسْمَاء الأسْبَاط :-
نُلاَحِظْ أنَّ أسْمَاء بَنِي إِسْرَائِيل كَانَتْ مَنْقُوشَة عَلَى حَجَرَيْ الجَزْع عَلَى الكَتِفَيْن﴿ حَسَبَ مَوَالِيدِهِمْ ﴾ ( خر 28 : 10 ) فَكَانَتْ هكَذَا :-
عَلَى الكِتْف اليُمْنَى رَأُوبِين – شِمْعُون – لاَوِي – يَهُوذَا – دَان – نَفْتَالِي
عَلَى الكِتْف اليُسْرَى جَادٌ – أشِير – يَسَّاكِر – زَبُولُون – يُوسِفْ - بِنْيَامِين
أمَّا فِي الصَدْرَة فَكَانَتْ الأسْمَاء مَنْقُوشَة عَلَى الأحْجَار الكَرِيمَة فِي أرْبَعَة صُفُوف حَسَبْ تَرْتِيبْ الأسْبَاط وَحُلُولَهُمْ حَوْلَ خَيْمَة الإِجْتِمَاع وَفِي إِرْتِحَالِهِمْ مَعَ مُلاَحَظِة أنَّ سِبْط لاَوِي كَانَ يَأخُذْ مَكَاناً مُجَاوِراً لِلخَيْمَة فِي جَمِيعْ الإِتِجَاهَات لِذلِك حَلَّ مَحَلُّه سِبْط أفْرَايِم وَمَنَسَّى ( أبْنَاء يُوسِف ) وَبِذلِك تَكُون صُفُوف الحِجَارَة هكَذَا :-
الصَّفْ الأوَّل عَقِيق أحْمَر ( يَهُوذَا ) يَاقُوت أصْفَر( يَسَّاكِر ) زُمُّردٌ ( زَبُولُون ).
الصَّفْ الثَّانِي بَهْرَمَان ( رَأوبِين ) يَاقُوت أزْرَق ( شِمْعُون ) عَقِيقٌ أبْيَض ( جَادٌ ).
الصَّفْ الثَّالِث عِين الهِرِّ( أفْرَايِم ) يَشْم ( مَنَسَّى ) جَمْشَتْ( بِنْيَامِين ).
الصَّفْ الرَّابِعْ زَبَرْجَدٌ ( دَان ) جَزْع ( أشِير ) يَشْب ( نَفْتَالِي ).
وَلَنَا أنْ نُدْرِك ظُهُورَنَا أمَام الله مُمَثَّلِينْ فِي رَئِيس الْكَهَنَة مِنْ خِلاَل هذَا التَّرْتِيبْ ( بِحَسَبْ المَوَالِيد ؛ وَبِحَسَبْ الأسْبَاط ) .
حَسَبْ المَوَالِيد :-
نَاحِيَة نَظْهَر فِيهَا بِحَسَبْ التَّرْتِيبْ الطَّبِيعِي بِالتَّسَاوِي بِحَسَبْ مِيلاَدْنَا الجَدِيد وَنَوَالْنَا نِعْمَة البُنُّوَة لله الآب
فِي المَعْمُودِيَّة وَهذَا يُعَبِّر عَنْ أنَّ بِدَايِة نِعْمَة البُنُّوَة الحَقِيقِيَّة لله وَاسْتِحْقَاقَات الدُّخُول ضِمْن قَطِيعُه المُقَدَّس تَبْدأ مِنْ المَعْمُودِيَّة أمَّا مَا يَسْبِقٌ المَعْمُودِيَّة أوْ غَيْر المُعَمَدٌ فَهُوَ غَيْر مُشْتَرِك فِي هذِهِ البَرَكَات المَوْهُوبَة لِلأبْنَاء فَقَطْ .
حَسَبْ المَكَان الخَاص :-
وَنَاحِيَة نَظْهَر فِيهَا كُلُّ وَاحِدٌ بِحَسَبْ مَكَانِهِ الخَاص وَلَمَعَانُه المُمَيَّز بِهِ كَمَا تَخْتَلِفْ الأحْجَار الكَرِيمَة بَعْضَهَا عَنْ بَعْض وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَة وَلكِنَّهَا كُلَّهَا كَرِيمَة هكَذَا يَخْتَلِفْ المُؤمِنُون الوَاحِدٌ عَنْ الآخَر وَلكِنْ الجَمِيعْ مُتَسَاوُونْ فِي القُرْب مِنْ الله وَمَحْبُوبُون بِذَات المَحَبَّة اللاَنِهَائِيَّة وَلَنَا أنْ نَثِقٌ أنَّ رَئِيس كَهَنَتْنَا الأعْظَمْ يَحْمِلْنَا جَمِيعاً دُونَ تَمَيُّز عَلَى كَتِفِه فِي كَمَال مَجْدُه أمَام الله وَيَطْمَئِنْ عَلَى دُخُولْنَا إِلَى مَوَاضِعْ الرَّاحَة وَالسُّرُور الأبَدِي وَلَيْسَ مِنْ قَبِيل الصُدْفَة أنَّهُ حِينَ رَأى يُوحَنَّا فِي الرُؤْيَا الرَّبَّ فِي المَنْظَر شِبْه حَجَر اليَشْب وَالعَقِيقٌ وَهُمَا الحَجَرَان الكَرِيمَان آخِر وَأوِّل حَجَرَيْن يُرَصَعَان فِي الصَّدْرَة وَهذَا مَا يُبْهِج قُلُوبِنَا وَهُوَ ضَمَانْ إِحْتِوَاء الكُلَّ فِي قَلْبِهِ .
إِحْتِوَاء الكُلَّ فِي قَلْبِهِ :-
كَمَا رَأيْنَا أنَّ هذَا يُؤَكِّدْ ضَمَانْ إِحْتِوَاء الكُلَّ فِي قَلْبِهِ وَهُنَاك نَظْهَر بِتَرْتِيبْ مُخْتَلِفْ إِذْ لِكُلَّ وَاحِدٌ حَجَرُه الكَرِيم الخَاص بِهِ وَمَكَانُه المُعَيَّنْ لَهُ وَطَرِيقِة لَمَعَانُه المُتَمَيِّزَة وَفِي ذلِك يَخْتَلِفْ الوَاحِدٌ عَنْ الآخَر وَلكِنْ بِدُون مُنَافَسَة أوْ تَنَازُع بَلْ بِالعَكْس فِي إِتِفَاقٌ وَإِنْسِجَامٌ ألَيْسَتْ هذِهِ هِيَ الكَنِيسَة الَّتِي نَجِدٌ فِيهَا جَمَاعِة المُؤمِنِينْ حَيْثُ كُلَّ فَرْدٌ يَعْكِس الْمَسِيح وَيَرَى فِي كُلَّ وَاحِدٌ جَمَال خَاص وَلِكُلَّ عُضْو كَرَامَتِهِ وَمَكَانُه الخَاص فِي الجَسَدٌ ؟!!!وَلَنَا أنْ نَرَى الكَنِيسَة وَهيَ قَدْ أخَذَتْ جَمِيعْ المَوْلُودِينْ مِنْهَا إِلَى المَجْد وَهُنَاك أخَذُوا كَرَامَات وَمَوَاضِعْ بِحَسَبْ جِهَادِهِمْ وَأنْوَاعِهِمْ فَنَجِدٌ صُفُوفْ شُهَدَاء وَأبْرَار وَنُسَّاك وَمُعْتَرِفِينْ وَأبْطَال إِيمَان وَكُلٍّ لَهُ لَمَعَانُه الخَاص وَفِيمَا يَلِي جَدْوَل بِأسْمَاء الأسْبَاط وَمَعَانِيهَا وَنُوْع الحَجَر الَّذِي نُقِشَ عَلَيْهِ إِسْم السِبْط :-
1- الحَجَرعَقِيقٌ أحْمَر مَعْنَى السِبْط يَهُوذَا = يَحْمِدٌ { إِيَّاكَ يَحْمَدُ إِخْوَتُكَ }( تك 49 : 8 ) نَصِيبنَا مَعَهُ الحَمْد وَالتَّسْبِيح وَالفَرَح .
2- الحَجَر يَاقُوت أصْفَر مَعْنَى السِبْط يَسَّاكِر = أجْرَه نَصِيبنَا مَعَهُ مُكَافَأة الرَّبَّ عَنْ الجِهَادٌ.
3- الحَجَر زُمُّرُدٌ ( لُونُه أحْمَر قَاتِمْ )زَبُولُون = يَسْكُنْ مَعْنَى السِبْط { تَأْكُلُ تَعَبَ يَدَيْكَ }( مز 128 : 2 ) نَصِيبنَا مَعَهُ الَّذِي يَسْتَقِر فِي الرَّبَّ.
4- الحَجَر بَهْرَمَانٌ = أحْمَر يَمِيل إِلَى الصُفْرَة مَعْنَى السِبْط رَأْوبِين = رَأوا إِبْناً نَصِيبنَا مَعَهُ البّنُّوة لله.
5- الحَجَر يَاقُوت أزْرَق مَعْنَى السِبْط شِمْعُون = يَسْمَعْ نَصِيبنَا مَعَهُ الَّذِي يَسْمَعْ كَلِمَة الله وَيَعْمَلُ بِهَا.
6- الحَجَر( العَقِيقٌ الأبْيَض ) مَعْنَى السِبْط جَادٌ = جَيْش أوْ فِرْقَة نَصِيبنَا مَعَهُ قُوِّة أوْلاَدٌ الله.
7- الحَجَر عِينْ الهِرِّ ( القِطْ )حَجَر ثَمِين بِهِ نُقْطَة سَوْدَاء كَحَدَقِة عِينْ القِطْ مَعْنَى السِبْط أفْرَايِم = أثْمَار نَصِيبنَا مَعَهُ الَّذِي يُثْمِر لله.
8- الحَجَر يَشْمٌ = شَفَّاف وَقَدْ تَظْهَر عَلَيْهِ خُطُوط مِنْ عِدِّة ألْوَان مَعْنَى السِبْط مَنَسَّى = نِسْيَان نَصِيبنَا مَعَهُ الله يَنْسَى خَطَايَانَا.
9- الحَجَر" جَمْشَتٌ " لَهُ ألْوَان مُتَنَوِعَة مِنْهَا الأرْجُوانِي مَعْنَى السِبْط بِنْيَامِين = إِبْن اليَمِين نَصِيبنَا مَعَهُ مَكَانَنَا عَنْ يَمِينْ الآب.
10- الحَجَر " الزَبَرْجَدٌ " يُشْبِه الزَّمُرُّدٌ وَألْوَانُه مُخْتَلِفَة أشْهَرْهَا الأخْضَر مَعْنَى السِبْط دَان = دَيْنُونَة أوْ قَضَاء نَصِيبنَا مَعَهُ الَّذِي إِقْتَنَى نِعْمِة الإِفْرَاز وَالتَّمْيِيز.
11- الحَجَر الجَزْع مَعْنَى السِبْط أشِير = غِبْطَة أوْ طُوبَى نَصِيبنَا مَعَهُ التَّمَتُّع بِبَهْجِة المَلَكُوت.
12- الحَجَر" اليَشْبٌ " نُوع مِنْ البُللُور الثَّمِينْ مِنْهُ غِير شَفَّاف بِهِ نُقَطْ وَخُطُوط وَمِنْهُ أخْضَر قَاتِمْ مَعْنَى السِبْط نَفْتَالِي = مُصَارَعَه نَصِيبنَا مَعَهُ طَرِيقٌ الصِرَاع مَعَ الله الَّذِي يُعْطِي غَلْبَة.
إِلَى أي سِبْط تَنْتَمِي ؟
وَإِنْ تَأمَّلْنَا فِي مَعَانِي أسْمَاء الأسْبَاط وَمَوَاضِعَهُمْ وَأنْوَاع الأحْجَار المُقْتَرِنَة بِهِمْ لَوَجَدْنَا مَنْهَجاً بَدِيعاً يَصِفْ فِيهِ الله صِفَات أوْلاَدُه وَوَاجِبَاتِهِمْ وَمَوَاعِيدُه تِجَاهِهِمْ وَعَلَى كُلَّ عُضْو فِي جَسَدٌ الْمَسِيح السِّرِّي الَّذِي هُوَ الكَنِيسَة أنْ يَنْظُر إِلَى نَفْسِهِ وَيَتَأمَّلْهَا وَيَعْرِفْهَا جَيِّداً وَيَعْرِف إِلَى أي سِبْط يَنْتَمِي وَعَلَى أي حَجَر كَرِيم نُقِشَ إِسْمُه وَفِي أي مَكَان يُوْجَدٌ فَلاَبُدْ لَكَ مِنْ مَكَان وَإِلْتِزَام تِجَاه هذَا المَكَان وَوَعْدْ مِنْ الله لِتَشْتَرِك فِي بَرَكَاتُه وَتُحْفَظْ فِي قَلْبُه كُلَّ حِينٍ .
التِّذْكَار :-
يُذْكَر عَنْ حَجَرَيْ الجَزْع اللَّذَان عَلَى كَتِفَيْ رَئِيس الْكَهَنَة أنَّهُمَا لِلتِّذْكَار وَكَذلِك الأحْجَار المَوْضُوعَة فِي الصَدْرَة تِذْكَاراً لِبَنِي إِسْرَائِيل لِلتِّذْكَار أمَام الرَّبِّ دَائِماً ( خر 28 : 29 ) إِنَّ الله يَعْرِف أنَّ طَبِيعِة البَشَر فِي ضَعْفِهَا دَائِماً تَمِيل إِلَى النِّسْيَان فَيُحِبْ الرَّبَّ أنْ يُذَكِّرَهُمْ بِعَمَلُه مَعَهُمْ وَأيْضاً يَنْقِل إِلَيْهِمْ مَشَاعِر مَحَبَّتِهِ بِأنَّهُ دَائِماً يَذْكُرَهُمْ وَكَأنَّهُ تِذْكَار مُتَبَادَل هُمْ يَتَذَكَّرُوا مَرَاحِمْ الرَّبَّ وَإِحْسَانَاتُه مَعَهُمْ وَأيْضاً يَتَذَكَّر الرَّبَّ مَوَاعِيدُه مَعَهُمْ إِنَّهُ تِذْكَار لِمَا عَمَلَهُ الرَّبَّ مَعَ شَعْبُه ﴿ أَنَا حَمَلْتُكُمْ عَلَى أَجْنِحَةِ النُّسُورِ وَجِئْتُ بِكُمْ إِلَيَّ ﴾( خر 19 : 4 ) ﴿ كَمَا يُحَرِّكُ النِّسْرُ عُشَّهُ وَعَلَى فِرَاخِهِ يَرِفُّ وَيَبْسُطُ جَنَاحَيْهِ وَيَأْخُذُهَا وَيَحْمِلُهَاعَلَى مَنَاكِبِهِ هكَذَا الرَّبُّ وَحْدَهُ اقْتَادَهُ وَلَيْسَ مَعْهُ إِلهٌ أَجْنَبِيٌّ ﴾ ( تث 32 : 11 – 12) فَالرَّبُّ ﴿ بِمَحَبَّتِهِ وَرَأْفَتِهِ هُوَ فَكَّهُمْ ( مِنْ العُبُودِيَّة ) وَرَفَعَهُمْ وَحَمَلَهُمْ كُلَّ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ ﴾( أش 63 : 9 ) وَهُمَا أيْضاً لِلتِّذْكَار لِمَا سَيَحْمِلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ رَئِيسُ الْكَهَنَة الأعْظَمْ رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح مِنْ أجْل خَلاَصِنَاهذَا الَّذِي تَنَبَّأ عَنْهُ أشْعِيَاءُ النَّبِيِ قَائِلاً ﴿ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَاباً مَضْرُوباً مِنَ اللهِ وَمَذْلُولاً . وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأِجْلِ مَعَاصِينَا مَسْحُوقٌ لأِجْلِ آثَامِنَا تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا . كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا . ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ مِنَ الضُّغْطَةِ وَمِنَ الدَّيْنُونَةِ أُخِذَ . وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي . وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ وَمَعْ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ . عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ ظُلْماً وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ أَمَّا الرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِالْحُزْنِ . إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ يَرَى نَسْلاً تَطُولُ أَيَّامُهُ وَمَسَرَّةُ الرَّبِّ بِيَدِهِ تَنْجَحُ . مِنْ تَعَبِ نَفْسِهِ يَرَى وَيَشْبَعُ . وَعَبْدِي الْبَارُّ بِمَعْرِفَتِهِ يُبَرِّرُ كَثِيرِينَ وَآثَامُهُمْ هُوَ يَحْمِلُهَا . لِذلِكَ أَقْسَمُ لَهُ بَيْنَ الأَعِزَّاءِ وَمَعَ الْعُظَمَاءِ يَقْسِمُ غَنِيمَةً مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعْ أَثْمَةٍ وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفِعَ فِي الْمُذْنِبِينَ ﴾ ( أش 53 : 4 – 12) .
الفِصْح وَالتِّذْكَار :-
وَهُنَا نَتَذَكَّر أنَّ العِيد الوَحِيدٌ الَّذِي تَتَصِل بِهِ كَلِمَة " تَذْكَار " هُوَ عِيد الفِصْح إِذْ يُوصِيهُمْ قَائِلاً﴿ وَيَكُونُ لَكُمْ هذَا الْيَوْمُ تَذْكَاراً فَتُعَيِّدُونَهُ عِيداً لِلرَّبِّ فِي أَجْيَالِكُمْ تُعَيِّدُونَهُ فَرِيضَةً أَبَدِيَّةً ﴾( خر 12 : 14) وَبُنَاءً عَلِيه كَانَ لَدَيْهِمْ أمْرَان دَائِمَان لِلتِّذْكَار نَجَاتِهِمْ مِنْ عُبُودِيِّة مَصْر بِوَاسِطَة دَمٌ خَرُوف الفِصْح وَقَبُولَهُمْ أمَام الله فِي لَمَعَان وَمَجْد الأحْجَار الكَرِيمَة الَّتِي نُقِشَتْ عَلَيْهَا أسْمَاؤُهُمْ عَلَى كَتِفَيْ وَعَلَى صَدْر رَئِيسُ الْكَهَنَة .
كَنِيسِة العَهْد الجَدِيد وَالتِّذْكَار :-
كَذلِك نَحْنُ أبْنَاء كَنِيسَة العَهْد الجَدِيد لَدَيْنَا أمْرَان عَظِيمَان يَجِبْ أنْ نَذْكُرْهُمَا دَائِماً :-
خَلاَصِنَا بِوَاسِطَة ذَبْحٌ فِصْحَنَا الْمَسِيح الَّذِي جَعَلَتْهُ الكَنِيسَة فِصْحاً دَائِماً مُقَدَّماً بِاسْتِمْرَارعَلَى المَذْبَح لِيُعْطِي لِلمُؤمِنِينْ الغُفْرَان وَالخَلاَص فَصَارَتْ ذَبِيحِة القُدَّاس الإِلَهِي هِيَ أعْظَمْ عَمَل يَقُوم بِهِ الإِنْسَان عَلَى الأرْض إِذْ هُوَ إِسْتِمْرَارٌ وَامْتِدَادٌ لِذَبِيحِة الصَّلِيب الَّتِي قُدِّمَتْ عَنْ خَلاَص العَالَمْ كُلُّه فَصَارَتْ رِسَالِة الكَنِيسَة أنْ تَصْنَعْ ذِكْرَى آلاَمُه المُقَدَّسَة وَتُحَقِّقٌ كَلاَمٌ مُخَلِّصْهَا ﴿ إِصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي ﴾ فَمَا أجْمَلَهُ تَذْكَار نَصْنَعَهُ وَيُسَلَّمْ مِنْ جِيل إِلَى جِيل وَنَسْتَمِر نَذْكُرُه إِلَى أنْ يَجِئ بِحَسَبْ قَوْل الكَنِيسَة ﴿ وَتَذْكُرُونَنِي إِلَى أنْ أجِئ ﴾ .
تَذْكَار قَبُولْنَا الدَّائِمْ أمَام الله كَأوْلاَدُه قَبُولاً ثَابِتاً فِي كُلَّ مَجْدٌ وَكَمَال إِبْنِهِ الحَبِيبْ وَالتَّذْكَار لَيْسَ لِلشَّعْب فَقَطْ بَلْ يُقَال أيْضاً لِلتِّذْكَار أمَام الرَّبَّ دَائِماً فَمَا كَانَ يُمْكِنْ أنْ يَدْخُل هَارُون إِلَى القُدْس دُونَ أنْ يَضَعْ أمَام عَيْنَيَّ الرَّبَّ كُلَّ الكَمَال الَّذِي تَظْهَر فِيهِ أسْمَاء الشَّعْب قُدَّامُه إِذْ تَسْطَعْ عَلَى الأحْجَار الكَرِيمَة أنْوَار المَنَارَة وَهكَذَا يُوْجَدٌ لَنَا تِذْكَاراً دَائِماً أمَام الله فِي شَخْص رَئِيس الْكَهَنَة الأعْظَمْ الَّذِي يُقَدِّمْنَا إِلَيْهِ فِي كَمَال مَحَبَّتِهِ وَقُوَّتِهِ لاَمِعِينْ وَمُضِيئِينَ فِي مَجْدِهِ وَبِلاَ لَوْم فِي قَدَاسَتِهِ وَمُبَرَّرِينْ فِي بِرِّهِ وَأقْوِيَاء لأِنَّهُ هُوَ قُوَّتْنَا وَلَنَا جَمَال وَكَمَال هُمَا جَمَالُه وَكَمَالُه .
أمَام الرَّبَّ دَائِماً :-
وَالتَّذْكَار هُوَ أمَام الرَّبَّ دَائِماً وَكَلِمَة " دَائِماً " نَجِدْهَا مُرْتَبِطَة بِأُمور كَثِيرَة :-
مُرْتَبِطَة بِخُبْز الوُجُوه﴿ وَتَجْعَلُ عَلَى الْمَائِدَةِ خُبْزَ الْوُجُوهِ أَمَامِي دَائِماً ﴾ ( خر 25 : 30 ) وَمُرْتَبِطَة بِالمَنَارَة﴿ لإِصْعَادِ السُّرُجِ دَائِماً ﴾ ( خر 27 : 20 ) وَمُرْتَبِطَة بِالبُخُور العَطِر ﴿ بَخُوراً دَائِماً أَمَامَ الرَّبِّ ﴾ ( خر 30 : 8 ) وَمُرْتَبِطَة بِالمُحْرِقَة وَالنَّار الَّتِي عَلَى المَذْبَحٌ دَائِماً ( خر 29 : 38 ) كُلَّ هذَا يُحَدِّثْنَا عَنْ
ظُهُور الْمَسِيح أمَام الله دَائِماً لأِجْلِنَا إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلَّ حِينٍ يَشْفَعُ فِينَا( عب 7 : 25 )فَفَاعِلِيِة ذَبِيحَتِهِ فَاعِلِيَّة دَائِمَة وَنَحْنُ عَلَى أسَاسْهَا مَقْبُولُون أمَام الله فِي المَحْبُوب وَكَامِلُون فِيهِ وَلَنَا فِي صَدْرَة القَضَاء بَرَكَات تَفِيض عَلَى نِفُوسِنَا إِنْ أدْرَكْنَاهَا فَرِحَتْ نِفُوسْنَا وَابْتَهَجَتْ كَمَنْ إِرْتَفَعَ عَنْ الأرْض وَاسْتَوْطَنْ السَّمَاء فَابْتَهَجَتْ نَفْسُه وَلَمْ يَشَأ الرُّجُوع إِلَى الأرْض مَا أجْمَلٌ أنْ نَكْتَشِفْ أنْفُسَنَا مُسْتَقِرِينْ فِي صَدْرَة القَضَاء مُمَجَدِينْ فِي ضِيَاء لَمَعَانِهِ إِذْ جَعَلَ إِسْمَهُ عَلَيْنَا وَبَسَطَ ذِيلُه عَلَيْنَا فَصَارَتْ نِفُوسْنَا جَمِيلَةٌ جِدّاً بِجَمَالِهِ الَّذِي جَعَلَهُ عَلَيْنَا وَنَقْرأ عَنْ جَمَالْنَا فِي نُبُّوِة مَلاَخِي إِذْ نَجِدٌ أنَّ الله يَدْعُو شَعْبُه جَوَاهِرُه إِذْ يَقُول ﴿ وَيَكُونُونَ لِي قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَنَا صَانِعٌ خَاصَّةً ﴾ * وَفِي الأصْل العِبْرِي " جَوَاهِرِي " * ( ملا 3 : 17 )هُوَ يَحْمِلْنَا عَلَى صَدْرِهِ كَجَوَاهِر ثَمِينَة لأِنَّهُ حِينَ يَجِئ لِيَتَمَجَّدٌ فِي قِدِّيسِيه وَيُتَعَجَّبْ مِنْهُ فِي جَمِيعْ المُؤْمِنِينْ ( 2تس 1 : 10) .
القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية
عن كتاب مَلاَبِس رَئِيس الكَهَنَة