وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء

03 سبتمبر 2025
Large image

كلمة (تجسد) تعني أنه أخذ جسدًا وبالقبطية أي أخذ جسدًا أي اتحد بهذا الجسد اتحدت به الطبيعة اللاهوتية ولكن كيف أخذ هذا الجسد؟ من أي مصدر؟ لذلك قيل بعد ذلك:
من الروح القدس ومن مريم العذراء:
العذراء وحدها ما كان ممكنا أن تلد طفلا "وهي لا تعرف رجلًا" (لو 1: 34) لذلك قال لها الملاك مُفَسِّرًا الأمر "الروح القدس يحل عليك، وقوة العلي تظللك" (لو 1: 35) حلول الروح القدس في بطنها، كان حلولًا أقنوميًا إنها حالة استثنائية فالبشر لا يحل عليهم الروح القدس حلول أقنوميًا وقد حل الروح القدس على مريم العذراء لسببين: أولًا لكي يكون في بطنها جسد المسيح بدون زرع بشر وثانيًا لكي يقدس مستودعها، بحيث أن المولود منها لا يرث الخطية الأصلية وهكذا صار حبلها بالسيد المسيح حبلا بلا دنس وفي هذا المعنى قال الملاك المبشر "الروح القدس يحل عليك لذلك القدوس المولود منك يُدْعَى ابن الله" ( لو 1: 35) هو إذن قدوس "شابهنا في كل شيء ما عدا الخطية (القداس الغريغوري) حتى أنه إذا مات، لا يموت عن خطية له، إذ هو بلا خطية بل يموت عن خطايا الغير عبارة (تجسد) لا تعني فقط أنه أخذ جسدًا بشريًا، بل طبيعة بشرية كاملة، من جسد وروح لذلك لم يكتف قانون الإيمان بكلمة تجسد، إنما أضاف عليها (وتأنس) أي صار إنسانًا.
وَتَأَنَّس
صار إنسانًا كاملًا، له طبيعة ناسوتية لذلك قال الرسول "يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح" (1 تي 2: 5) ذلك لأن الحكم صدر ضد الإنسان فيجب أن الذي يموت يكون إنسانا من نسل ذلك الإنسان فإن لم يكن إنسانًا كاملًا، لا يكون قد شابهنا في كل شيء ولا يكون قد أخذ طبيعتنا المحكوم عليها بالموت نقول هذا لأنه قامت هرطقة تقول أن السيد المسيح لا يحتاج إلى روح إنسانية يحيا بها يكفي أنه يحيا بلاهوته المتحد به يحيا بالروح القدس المتحد به أقنوميًا وليس بروح بشرية!! وقد حرم المجمع المسكوني الثاني المنعقد في القسطنطينية سنه 381 م هذه الهرطقة (هرطقة أبوليناريوس)، لأنها تقلل من ناسوت المسيح فلا تجعل له ناسوتًا كاملا بل مجرد جسدا!! وأصبحت عبارة "تجسد وتأنس" تُتْلَى في قانون الإيمان، ونصليها أيضًا في القداس الإلهي اعترافا بناسوت المسيح الكامل، الذي ناب عن البشر مقدما نفسه ذبيحة عن خطايانا وهكذا قال الرسول "وسيط واحد بين الله والناس: الإنسان يسوع المسيح، الذي بذل نفسه فدية لأجل الجميع" (1 تي 2: 5-6) وبهذا كان السيد المسيح يتمسك بلقب (ابن الإنسان)، ويكرره كثيرا، لأنه يمثل نيابته عن الإنسان عموما في موته عن الخطية وبالقبطية تأنس أي صار إنسانا صار الإنسان القدوس الذي اتحد به اللاهوت داخل بطن العذراء منذ أول لحظة للحبل المقدس لما حل عليها أما القديسة مريم فقد حبل بها حبلًا عاديًا لذلك تحتاج إلى الخلاص كباقي البشر وهكذا قالت في تسبحتها" وتبتهج روحي بالله مخلصي" (لو 1: 47).
وصُلِبَ عنّا
"وصُلِبَ عنا على عهد بيلاطس البنطي" عبارة "صلب عنا" تعني نيابة عنا أو بدلًا منا نحن الذين كنا مستحقين الموت، لأننا أخطأنا و"أجرة الخطية هي الموت" (رو6: 23) "بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم، وبالخطية الموت وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع" (رو 5: 12) ثم جاء المسيح الذي بلا خطية تستحق الموت، لكي يموت عن الخطاة الذين هو تحت حكم الموت بهذه الشهادة دافع عنه اللص اليمين، فقال لزميله المجدف "أما نحن فبعدل (جوزينا) لأننا ننال استحقاق ما فعلنا وأما هذا فلم يفعل شيئًا ليس في محله" (لو 23: 41) وأيضًا بيلاطس الذي حكم أخيرًا بصلبه، قال لرؤساء اليهود الذين قدموه للموت "إني لم أجد علة للموت" (لو 23: 22،14) وقال أيضًا "إني بريء من دم هذا البار" (مت 27: 24) وهكذا صلب هذا البار، نيابة عنا نحن المستحقين الموت "كلنا كغنم ضللنا مِلنا كل واحد إلى طريقه والرب وضع عليه إثم جميعنا" (أش53: 6) إذن مات عنا لكي يفدينا بموته والفداء يعني أن بارا يموت عن مذنب فالخاطئ يموت بسبب خطيئته أما البار -في الفداء- فيموت عن خطيئة غيره، ليفدى هذا الغير من حكم الموت ولم يكن هناك بار ولا واحد بل المسيح هو الوحيد البار "الجميع زاغوا معًا وفسدوا وليس من يعمل صلاحًا، ليس ولا واحد" (مز 14: 3) أما المسيح فهو القدوس، الذي يمكنه أن يموت عن غيره في البشارة بميلاده، قال الملاك جبرائيل للقديسة العذراء "القدوس المولود منك يدعى ابن الله" (لو1: 35) والقديس بطرس الرسول لما وبخ اليهود على صلب المسيح، قال لهم "أنتم أنكرتم القدوس البار، وطلبتم أن يوهب لكم رجل قاتل" (أع 3: 14) وقال عنه القديس بولس الرسول "كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا، قدوس بلا شر ولا دنس، قد انفصل عن الخطاة، وصار أعلى من السموات" (عب 7: 26) إنه قدوس، ولكنه حمل خطايانا في صلبه لم يكن خاطئًا، إنما حامل خطايانا حامل خطايا غيره خطايا العالم كله، خطايا الماضي والحاضر والمستقبل قال القديس يوحنا الرسول"إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط، بل لخطايا كل العالم أيضًا" (1 يو 2: 1-2) وقال عنه القديس يوحنا المعمدان هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم" (يو1: 29) إنه يذكرنا بذبائح ومحرقات العهد القديم التي كانت ترمز إليه في العهد القديم، كان الخاطئ يأتي بذبيحة كفارة عن خطاياه يأتي بحيوان بريء ويضع يده عليه ويقر بخطاياه على رأس الذبيحة وكان وضع يده على رأس الذبيحة، إشارة إلى قبوله لأن تنوب عنه وأيضًا إشارة إلى انتقال خطاياه إليها، حتى تحملها وتموت نيابة عنه وهذه الحيوانات البريئة التي كانت تذبح وتموت، لم تكن خاطئة، وإنما حاملة خطايا، تحمل خطايا الذين يؤمنون بالكفارة والفداء، ويقبلونها عنهم قيل عن ذبيحة الخطية إنها قدس أقداس (لا 6: 25) وتكرر هذا التعبير أيضًا "إنها قدس أقداس" (لا6: 29) ولذلك كانت تذبح في المكان الذي تذبح فيه المحرقة، وقيل عن المحرقة أنها "رائحة سرور للرب" (لا1: 9، 13، 17) كذلك قيل عن تقدمة الدقيق أنها "رائحة سرور للرب" قدس أقداس من وقائد الرب" (لا2: 2-3، 9-10) كذلك قيل عن ذبيحة الإثم قدس أقداس في المكان الذي يذبحون فيه المحرقة، يذبحون ذبيحة الإثم" (لا7: 1-2) وهكذا كان المسيح ذبيحة خطية وذبيحة إثم، وقدس أقداس فيما يحمل خطايا العالم، وكان رائحة سرور للرب كانت هذه الذبائح التي تحمل الخطايا، "تحرق أجسادها خارج المحلة" (عب13: 11) وهكذا المسيح أيضًا "لكي يقدس الشعب بدم نفسه، تألم خارج الباب"، صلبوه خارج المحلة، لأننا نحن كخطاة، كنا معتبرين خارج المحلة فخرج هو خارج المحلة نيابة عنا، لكي بذلك يدخلنا إلى داخل المحلة صلب عنا ومات عنا، لكي نحيا نحن بموته لقد تحدوه قائلين "لو كنت ابن الله، انزل من على الصليب" ( مت27: 40) "فلينزل الآن على الصليب فنؤمن به" (مت27: 42) (مر15: 32) ولكنه لم يفعل ذلك لأنه أراد أن يموت عنا، لكي نخلص نحن بموته ولكن لماذا اختار الموت مصلوبًا.
أولا: لأنه كان أكثر أنواع الموت آلامًا تنزف فيه كل دمائه وتتمزق فيه كل أعصابه إلى جوار الآلام بسبب احتكاك المسامير بجسده.
ثانيا: لأن آلام الصلب تستمر مدة أطول ربما قطع الرأس لا يأخذ سوى لحظة وكذلك آلام الحرق تستمر لحظات، وأيضًا الشنق وباقي أنواع الإعدام قد لا تقضي سوى دقائق أما صلبه فقد استمر ثلاث ساعات من السادسة إلى التاسعة، يضاف إليها عملية الاستعداد لصلبه.
ثالثا: لأن الصليب فيه تشهير به وإعلان لعقوبته فالصليب في مكان مرتفع يراه الجميع وكثير من أهل المدينة وخارجها يرونه.
رابعا: لأن الموت صلبًا، كان يعتبر لعنة في العهد القديم، في ناموس موسى (تث21: 22-23) "لأنه مكتوب ملعون كل مَنْ عُلِّقَ على خشبة" (غل 3: 13) فالسيد المسيح بصلبه "افتدانا من لعنه الناموس" باحتماله لها بدلًا منا ولأن موت الصليب موت وعار، لذلك قيل عنه "وإذ وجد في الهيئة كإنسان، وضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب" (في 2: 8) لقد ناب في الصلب والموت والعار واللعنة وليس في هذا كله فقط عندما صام، صام عنا وما كان محتاجًا مثلنا إلى الصوم وحينما دخل في معمودية التوبة، إنما دخلها نيابة عنا لأنه ما كان محتاجًا إلى المعمودية، ولا إلى توبة وكذلك في طاعته لكل وصايا الناموس "لكي يكمل بر" (مت3: 15)، إنما خضع للناموس نيابة عنا حيث قدم لله الآب صورة عملية للإنسان الكامل، في وقت لم يوجد فيه الكمال على الأرض. إذ الجميع ضلوا وزاغوا، وأعوزهم مجد الله قدم له ناسوتًا كاملًا بلا خطية يفعل في كل حين ما يرضيه (يو8: 29) لقد صلب المسيح عنا ولكن لماذا قيل قانون الإيمان صلب عنا بيلاطس البنطي إنها حادثة تاريخية، أراد قانون الإيمان أن يثبت زمنها أيضًا من الناحية التاريخية بالضبط، في عهد أي وال من ولاة الرومان وذكر أيضًا إنه "صلب عنا وتألم".
تألم
أهمية إثبات الألم هام جدًا، فلماذا؟
لئلا يظن البعض أن اتحاد اللاهوت بالناسوت في السيد المسيح قد حمي الناسوت من الألم!!
وهنا تكون مسألة الصلب شكلية بحتة! ولا يكون المسيح قد دفع ثمن الخطية للعدل الإلهي حاشا!! إن آلام الصلب حقيقة ثابتة وعنها تنبأ إشعياء النبي فقال "رجل أوجاع ومختبر الحزن أحزاننا حملها، وأوجاعنا تحملها ونحن حسبناه مصابًا ومضروبًا من الله ومذلولًا وهو مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا أما الرب فَسُرَّ أن يسحقه بالحزن، أن جعل نفسه ذبيحة إثم" (أش 53: 3-10) ومن شدة ألمه على الصليب، قال "إلهي إلهي لماذا تركتني" (مر 15: 34) ومن شدة ما نزل منه عرق ومن دم، قال "أنا عطشان" (يو 19: 28) لقد تألم السيد المسيح آلامًا حقيقة مبرحة وقد تركه الآب للألم، وسر أن يسحقه بالحزن وعبارة "لماذا تركتني" لا تعني انفصاله عنه، حاشا إنما تعني تركه للألم، دون أن يمنع الألم عنه لذلك تحتفل الكنيسة سنويا بأسبوع الآلام وتصوم كل يوم جمعة تذكارا لألم المسيح إن السيد المسيح لم يستخدم لاهوته أبدًا من أجل راحة ناسوته ليس ذلك في وقت الصلب بل طوال فترة تجسده على الأرض حينما هرب من سيف هيرودس إلى مصر كان يستطيع بقوة لاهوته أن يضرب هيرودس ضربة لا قيام بعدها، لكنه لم يفعل، ولم يستخدم لاهوته وفي صومه على الجبل، كان بإمكان لاهوته أن يحمي جسده من الجوع ولكنه لم يفعل، بل قيل عنه أنه "جاع أخيرًا" (مت 4: 2) هكذا احتمل الجوع، ولم يستخدم لاهوته لراحة جسده وأيضًا لم يحول الحجارة إلى خبز حسب اقتراح الشيطان!!
وطوال فتره تجسده على الأرض، كان يجوع ويعطش، ويتعب ويتألم ولم يستخدم لاهوته لمنع شيء من هذا عن نفسه وفي أثناء حمله للصليب إلى الجلجثة (يو 19: 17)، من فرط التعب وقع وحمله عنه سمعان القيراوني (مر 15: 21) وكان يمكنه بقوة لاهوته أن يحمل الصليب بدون القيراوني! كذلك لم يستخدم لاهوته في منع أو إيقاف كل الذين أهانوه ولطموه (مت 27: 29-31) وهو نفسه تنبأ -قبل الصلب- عن هذه الآلام فقال لتلاميذه "إنه ينبغي أن يذهب إلى أورشليم، ويتألم كثيرًا من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة وفي اليوم الثالث يقوم" (مت 16: 21) "وابتدأ يعلمهم أن ابن الإنسان ينبغي أن يتألم كثيرًا، ويُرْفَض من الشيوخ ورؤساء الكهنة ويقتل وبعد ثلاثة أيام يقوم" (مر 8: 31) "وكيف هو مكتوب عن ابن الإنسان أن يتألم كثيرا ويرذل" ( مر 9: 12) (لو 9: 22) وكررها مرة أخرى فقال كذلك أيضًا يكون ابن الإنسان في يومه ولكن ينبغي أولًا أن يتألم كثيرًا، ويرفض من هذا الجيل" (لو17: 25) كذلك بعد القيامة، ذكر أن آلامه قد تحدث عنها الأنبياء من قبل، فوبخ تلميذيّ عمواس قائلًا لهما "أيها الغبيان والبطيئا القلوب في الإيمان بجميع ما تكلم به الأنبياء أما كان ينبغي أن المسيح يتألم ويدخل إلى مجده" (لو 24: 25-26) وقال لتلاميذه أيضًا "هكذا مكتوب، وهكذا كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث" (لو 24: 46) آلام المسيح كانت ترمز إليها الذبائح في العهد القديم خروف الفصح مثلًا، كان يرمز إلى السيد المسيح، إذ قيل "لأن فصحنا أيضًا، المسيح قد ذبح لأجلنا" (1كو 5: 7) هذا الفصح قيل عنه إنه قيل عنه أنه يكون "مشويًا بالنار" (خر 12: 8) وهذا الشيء رمز للآلام والمحرقة التي كانت ترمز للمسيح في وفاء العدل الإلهي، وأنها رائحة سرور للرب (لا 1: 9) قيل في شريعتها "تكون على الموقدة فوق المذبح كل الليل حتى الصباح والنار على المذبح تتقد عليه لا تطفأ نار دائمة على المذبح، لا تطفأ" (لا 6: 9 - 12) كل هذه النيران رمز للعدل الإلهي الذي يأخذ حقه من المحرقة، حتى تتحول إلى رماد (لا 6: 10) أي آلام أكثر من هذه في تحقيق الرمز! ومما يعبر عن آلامه في الصلب، ما قيل عنه في المزمور "ثقبوا يدي وقدمي، وأحصوا كل عظامي" (مز 22: 16) كل هذا المزمور عن آلام الصلب التي وجهت إلى الجسد والنفس يقول "صار قلبي كالشمع ذاب في وسط أمعائي يبست مثل شقفة قوتي، ولصق لساني بحنكي.." (مز 22: 14 ، 15).
وقُبِرَ
أي وضع في قبر هذا هو الذي حدث بعد أن كفنه يوسف الرامي ونيقوديموس "فأخذا جسد يسوع ولفاه بأكفان مع الأطياب كما لليهود عادة أن يكفنوا وكان في الموضع الذي صلب، فيه بستان وفي البستان قبر جديد لم يوضع فيه أحد قط فهناك وضعا جسده"(يو 19: 40-42) ونساء كثيرات نظرن القبر وكيف وضع جسده" (لو 23: 55) والقبر الذي دُفِنَ فيه السيد، كان منحوتًا في صخرة ولما وضعه فيه يوسف، "دحرج حجرًا على باب القبر" (مر 15: 46) "وكانت مريم المجدلية ومريم أم يوسي، تنظران أين يوضَع" (مر 15: 47) إلى هذا القبر أتى رؤساء الكهنة والفريسيون -بالاتفاق مع بيلاطس- ومضوا إلى القبر وضبطوه بالحراس، وختموا الحجر وذلك لخوفهم من أن يأتي التلاميذ ليلًا ويسرقوا الجسد، ويقولوا للشعب إنه قام من الأموات" (مت 27: 62-66) وملخص الموضوع أن يوسف الرامي ونيقوديموس كفنا جسد المسيح، ووضعوه في قبر جديد منحوت في صخرة، ودحرجا حجرًا على فم القبر، ونسوة كثيرات رأين ذلك ثم أن رؤساء الكهنة والفريسيين ضبطوا القبر بالحراس، وختموا الحجر الذي على فم القبر وكل ذلك ساعد إثبات القيامة لأنه كيف يستطيع التلاميذ أن يسرقوا الجسد، مع وجود الحراس، ووجد الحجر الذي يسد باب القبر، والحجر عليه الختم يُضَاف إلى هذا أن السبت قد حل مساؤه (مر 15: 42) واستراح الناس حسب الوصية (لو 23: 56) وعلى الرغم من كل ذلك قام السيد المسيح وكان القبر الفارغ دليل قيامته.
وقام من الأموات
"وقام من الأموات في اليوم الثالث، كما في الكتب" أن قيامة المسيح تختلف عن كل شخص أخر عاد إلى الحياة في الأمور الآتية:
1 - إن السيد المسيح قد قام بذاته، ولم يقمه أحد.
هناك ثلاثة عادوا إلى الحياة في العهد القديم: ابن أرملة صرفة صيدا، أقامه إيليا النبي (1مل 17: 22)، وابن المرأة الشونمية، أقامه أليشع النبي (2مل 4: 25) وثالث مات فطرحوه في قبر أليشع عاش وقام (2مل 13: 21) وهناك ثلاثة أقامهم السيد المسيح ابن أرملة نايين (لو7: 15) وابنة يا يرس (لو 8: 55) ولعازر (يو11: 43-44) وقد أقام بولس الرسول الشاب أفتيخوس (أع 20: 10) وأقام بطرس تلميذة أسمها طابيثا (أع9: 40) كل هؤلاء أقامهم غيرهم أما السيد المسيح فهو الوحيد الذي قام بقوة لاهوته. هو قام، أما أولئك فأقيموا..
2 - هو الوحيد الذي قام بحسد ممجد:
والقديس بولس الرسول عندما تحدث عن أجسادنا في القيامة العامة، قال "ننتظر مخلصا هو الرب يسوع المسيح، الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده" (في 3: 20-21) هذا الجسد الممجد الذي للسيد المسيح، استطاع -في القيامة- أن يخرج من القبر وهو مغلق وعلى بابه حجر كبير واستطاع أن يدخل على التلاميذ في العلية، وكانت الأبواب مغلقة (يو 20: 19) واستطاع بهذا الجسد الممجد أن يصعد إلى السماء وأخذته سحابه والتلاميذ ينظرون (أع 1: 9-10) أما إن كان قد أكل مع التلاميذ بعد القيامة، أو أراهم جروحه، فذلك لكي يثبت لهم قيامته، لأنهم ظنوه روحًا (لو 24: 37- 43).
3 - السيد المسيح هو الوحيد الذي قام قيامة لا موت بعدها.
كل الذين أقيموا من قبل، عادوا فماتوا ثانيه وينتظرون القيامة العامة سواء الذين أقيموا في العهد القديم، أو الذين أقامهم الرسل أما السيد المسيح، فقد قام واستمر حيا، وهو حي إلى أبد الآبدين لذلك ليس عجيبا أن يقسم البعض باسم المسيح الحي، أو أن يصلوا إلى المسيح الحي وهكذا أطلق عليه القديس بولس لقب (باكورة الراقدين) (1 كو 15: 20) فهو البكر في القيامة من الأموات، أي أول شخص قام قيامة أبدية لا موت بعدها وهو نفسه قال للقديس يوحنا في سفر الرؤيا "أنا هو الأول والآخر. والحي وكنت ميتًا، وها أنا حي إلى أبد الآبدين آمين" (رؤ1: 17-18) كانت قيامة المسيح أمرًا هامًا جدًا بشَّر به الرسل، وانزعج اليهود جدًا لذلك يقول سفر أعمال الرسل "وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع. ونعمة عظيمة كانت على جميعهم" (أع4: 23). وانزعج رؤساء اليهود لهذا الأمر،
لأن المناداة بقيامة المسيح تثبت لاهوته وبره، وتدل على أن اليهود صلبوه ظلمًا، وأنهم مطالبون بدمه لذلك استدعوا الرسل وقالوا لهم "أما أوصيناكم وصية أن لا تعلموا بهذا الاسم وها أنتم قد ملأتم أورشليم بتعليمكم وتريدون أن تجلبوا علينا دم هذا الإنسان" (أع5: 27-28) وكان التوبيخ الذي سمعه اليهود من الرسل "أنتم أنكرتم القدوس البار، وطلبتم أن يوهب لكم رجل قاتل. ورئيس الحياة قتلتموه" (أع 3: 14-15).
4- وكانت قيامة المسيح تدل على قوته وانتصاره وبشرى لنا بأنه سيقيمنا معه.
فهو الوحيد الذي انتصر على الموت بقيامته، وداس الموت بقوته وأعطانا الوعد أيضًا بالقيامة "فكما أنه في آدم يموت الجميع، هكذا في المسيح سيحيا الجميع "فإنه إذا الموت بإنسان، فبإنسان أيضًا قيامة الأموات"، "المسيح باكورة ثم الذين للمسيح في مجيئه" ( 1كو 15: 21-23) هذا الرجاء في قيامة الأموات، سببه قيامة المسيح وفي هذا يقول القديس بولس الرسول "إن لم تكن قيامة الأموات فلا يكون المسيح قد قام وإن لم يكن المسيح قد قام، فباطلةٌ كرازتنا، وباطل أيضًا إيمانكم ونوجد نحن أيضًا شهود زور وإن كان لنا في هذه الحياة فقط رجاء في المسيح، فإننا أشقى جميع الناس ولكن الآن قد قام المسيح من الأموات، وصار باكورة الراقدين" (1كو 15: 13- 20) ولو كان المسيح لم يقم، لأصبح مثل أي إنسان عادي ويكون قد أنتصر عليه أعداؤه، وأنتصر عليه الموت أيضًا!!
ولكنه قام "لأن فيه كانت الحياة" (يو 1: 4) ولأنه "رئيس الحياة" (اع 3: 15) لأنه هو القيامة والحياة (يو 11: 25) كما قال لمرثا أخت لعازر قبل أن يقيمه قيامة السيد المسيح كانت أمرًا بشر به تلاميذه قبل صلبه قال لهم انه "ينبغي أن يذهب إلى أورشليم، ويتألم كثيرًا من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة، ويقتل وفي اليوم الثالث يقوم" (مت 16: 21) (مر 8: 31) وكرر نفس هذا الكلام في (لو 9: 22) وبعد قيامته أخبرهم أن هذا الأمر وارد في أقوال الأنبياء قال لهم "هكذا مكتوب وهكذا كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث" (لو 24: 46) وكذلك فإن النسوة اللائي أتين إلى القبر حاملات حنوطًا، قال لهن الملاك "لماذا تطلبن الحي بين الأموات. ليس هو ههنا ، لكنه قام اذكرن كيف كلمكن وهو بعد في الجليل قائلًا إنه ينبغي أن يسلم ابن الإنسان في أيدي أناس خطاة، ويصلب، وفي اليوم الثالث يقوم، فتذكرن كلامه" (لو 24: 5-7) وكانت قيامة الرب في اليوم الثالث تطابق الرمز في سفر يونان وهكذا عندما طلب اليهود منه آية، بعد آيات كثيرة صنعها، قال لهم موبخًا "جيل شرير وفاسق يطلب آية، ولا تعطي له آية إلا آية يونان النبي لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال" (مت 12: 39-40) مشيرًا بهذا إلى موته، وقيامته في اليوم الثالث يقوم في اليوم الثالث كما في الكتب، أي كما وردت أخبار هذه القيامة في الكتب المقدسة، وقد كان تسجيلها في الكتب المقدسة دليلًا على أهميتها، وكذلك تبشير الرسل بها.
وصعد إلى السموات
المقصود طبعًا أنه صعد بالجسد ذلك لأن اللاهوت لا يصعد ولا ينزل اللاهوت موجود فوق وتحت، وما بين الفوق والتحت موجود في السماء وعلى الأرض وما بينهما لذلك فهو لا يصعد ولا ينزل، لأنه مالئ الكل، وهو في كل مكان إنما السيد المسيح صعد إلى السماء جسديًا، حسبما نقول له في القداس الغريغوري "وعند صعودك إلى السماء جسديًا" لقد رآه التلاميذ صاعدًا بالجسد إلى فوق "ارتفع وهم ينظرون، وأخذته سحابه عن أعينهم" (أع 1: 9) وطبعًا رأوه صاعدًا بالجسد، لأنهم لا يمكن أن يروا اللاهوت وكان صعود السيد إلى السماء بالجسد الروحاني الممجد هذا الجسد الروحاني الذي سنقوم به أيضًا حسبما قال الرسول في رسالته إلى أهل كورنثوس عن قيامة جسدنا "يزرع جسمًا حيوانيًا ويقام جسمًا روحانيًا كما لبسنا صورة الترابي، سنلبس أيضًا صورة السماوي" (1كو 15: 44، 49) وهذا الجسد الروحاني السماوي الذي سنقوم به، هو على شبه جسد الرب يسوع في قيامته، "الذي سيغير شكل جسد تواضعنا، ليكون على صورة جسد مجده" (في 3: 21) وكما قلت من قبل أن معجزة الصعود ليست تحديًا للجاذبية الأرضية بل هي معجزة الجسد الروحاني الممجد، الذي لا يدخل في نطاق الجاذبية الأرضية إنما يخضع للجاذبية الأرضية الجسد المادي أما صعود الرب إلى السماء، فكان بجسد روحاني سماوي ممجد، لا علاقة له بجاذبية الأرض إذن فلم يكن هناك أي تحد لجاذبية الأرض وهكذا نحن في القيامة العامة، حينما "نخطف جميعًا في السحب لملاقاة الرب في الهواء، ونكون كل حين مع الرب" (1 تس 4: 17)، سوف لا يكون اختطافنا في السحب تحديًا للجاذبية الأرضية لا تكون ملاقتنا للرب في الهواء تحديًا للجاذبية الأرضية. لأن الأجسام الروحانية السماوية التي نقوم بها، لا تدخل في نطاق هذه الجاذبية ولا سلطان للجاذبية الأرضية عليها كم بالأكثر صعود السيد المسيح بعد قيامته وعبارة صعد إلى السماوات تعني سماء السموات سماء السموات هذه التي لم يصعد إليها أحد من قبل لا إيليا ولا أخنوخ ولا أحد آخر كما قال الرب لنيقوديموس "ليس أحد صعد إلى السماء، إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء (يو 3: 13) عبارة (سماء السموات) وردت في صلاة سليمان يوم تدشين الهيكل، حينما قال للرب "هوذا السموات وسماء السموات لا تسعك فكم بالأقل هذا البيت الذي بنيت" (1مل 8: 27) وردت أيضًا من قبل ذلك في سفر المزامير، إذ يقول المرتل "سبحوا الرب من السموات، سبحوه في الأعالي سبحيه يا سماء السموات " (مز 148: 1، 4) سماء السموات هي أعلى علو أي لو اعتبرت كل السموات كأنها أرض، لكانت هذه سماءها هي الخاصة بعرش الله ومجده (مت 5: 34).
وجلس عن يمين أبيه
جلوس المسيح عن يمين الآب وارد في مواضع عديدة من العهد الجديد، مع نبوءة في المزاميرقيل في (مر 16: 19) "ثم أن الرب بعدما كلمهم، ارتفع إلى السماء وجلس عن يمين الله" وفي (عب 8: 1) "وأما رأس الكلام فهو أنه لنا رئيس كهنة مثل هذا، قد جلس في يمين عرش العظمة في السموات" وقيل عنه في نفس الرسالة أيضًا "بعدما صنع بنفسه تطهيرًا لخطايانا، جلس في يمين العظمة في الأعالي صائرًا أعظم من الملائكة" (عب 1: 3) وأيضًا من أجل السرور الموضوع أمامه، احتمل الصليب مستهينًا بالخزي، فجلس في يمين عرش الله" (عب 12: 2) وكان هذا أيضًا ضمن كلام الرب أمام مجمع السنهدريم إذ قال لهم "من الآن تبصرون ابن الإنسان جالسًا عن يمين القوة وآتيًا على سحاب السماء" (مت 26: 64) وهذا ما رآه القديس اسطفانوس في وقت استشهاده."إذ شخص إلى السماء -وهو ممتلئ من الروح القدس- فرأي مجد الله ويسوع قائمًا عن يمين الله" (أع 7: 55) "فقال هأنذا أنظر السموات مفتوحة، وابن الإنسان قائمًا عن يمين الله" (أع 7: 56) وورد في سفر المزامير "قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موضعًا لقدميك" (مز 110: 1).
ما معني عبارة "جلس عن يمين أبيه"؟
أولًا نقول أن الله ليس فيه يمين ولا شمال لأن الكائن المحدود هو الذي له يمين يحده من ناحية وله شمال يحده من ناحية أخرى أما الله فغير محدود، لا نقول إن له يمينًا أو شمالًا كذلك لا يوجد فراغ عن يمينه لكي يجلس فيه كائن أخر وأيضًا لو جلس الابن عن يمينه بهذا المعنى المكاني، فلا يمكن حينئذ أن ينطبق قوله "أنا في الآب والآب في" (يو 14: 11)، بل يكون هناك مجرد خط تلامس كأي جالسين إلى جوار بعضهما البعض إذن ما معني كلمة يمين؟
كلمة يمين -في الاصطلاح الكتابي- تعني أحيانًا القوة أو البر أو الكرامة كما يقول المرتل في المزمور "يمين الرب صنعت قوة، يمين الرب رفعتني يمين الرب صنعت قوة، فلن أموت بعد بل أحيا" (مز 118: 15- 17) وأيضًا "يمينك يا رب تحطم العدو" (خر 15: 6) كما في تسبحة موسى، أي قوتك وأيضًا "خلص بيمينك" (مز 60: 5) (مز 108: 6) في مباركة أبني يوسف (أفرايم ومنسى)، كان وضع اليد اليمني يعني كرامة أفضل ( تك 48: 17- 19) ونفس معني الكرامة يقصده المزمور "قامت الملكة عن يمينك أيها الملك" (مز 45: 9) وبالرمز يعني الكرامة المعطاة للقديسة العذراء وبنفس المعنى قول المزمور "الرب عن يمينك يحطم في يوم رجزه ملوكًا" (مز 110: 5) نلاحظ في يوم الدينونة، جعل الرب الأبرار عن يمينه، والأشرار عن يساره وهنا يرمز اليمين إلى البر وإلى الكرامة، ونحن بنفس المعنى نسمي اللص الذي أخذ وعدًا بالفردوس وهو على الصليب (اللص اليمين) من هنا كان جميلًا أن الملاك الذي بشر زكريا الكاهن بميلاد يوحنا، ظهر له واقفًا عن يمين مذبح البخور (لو 1: 11) إذن عبارة (عن يمين الله) تعني في قوته وبره وكرامته أو مجده وعبارة (جلس) تعني استقر أي أن السيد المسيح عندما صعد إلى السماء، استقر في القوة والمجد والكرامة كما استقر في البدء، بمعنى أن هذا الذي اتهموه ظلمًا وحسدًا، قائلين عنه هذا المضل (مت 27: 62) كاسر السبت (يو 9: 16) الذي ببعلزبول يخرج الشياطين (مت 12: 42) الذي أهانوه قائلين "ألسنا نقول حسنًا أنك سامري وبك شيطان!" (يو 8: 48) كل هذه الاتهامات والإهانات وأمثالها زالت بصعوده إلى السماء، بجلوسه عن يمين الآب عبارة "جلس عن يمين أبيه عن يمين أبيه" تعني انتهاء فترة إخلائه لذاته يقول الكتاب إنه أخلى ذاته، وأخذ شكل العبد، وصار في الهيئة كإنسان" (في 2: 7) وبهذا الإخلاء احتمل ضعف الطبيعة البشرية، فكان يجوع ويعطش ويتعب وينام كل هذا انتهي بجلوسه في قوته عن يمين الآب الضعف الذي به قبضوا عليه وأهانوه وجلده وصلبوه، وكل هذا انتهي وهكذا في مجيئه الثاني سيأتي في قوة ومجد. وهنا يقول قانون الإيمان.
وأيضًا يأتي في مجده ليدين الأحياء والأموات
يأتي في مجد طبيعته الإلهية، وليس في مجد جديد يمنح له. بل في المجد الذي كان له قبل كون العالم (يو 17: 5) المجد الذي أخلى ذاته منه حينما تجسد كإنسان وولد في مزود ثم عاد فأسترده حينما صعد إلى السماء وجلس عن يمين الآب لذلك قال " ابن الإنسان متى جاء بمجده ومجد الآب والملائكة القديسين" (لو 9: 26) عجيبة جدًا عبارة "يأتي في مجد الآب" إنها مكررة أيضًا في قوله "إن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ يجازي كل واحد بحسب عمله" (مت 16: 27) يقول (في مجد أبيه) لأن مجد أبيه هو مجده، ومجده هو مجد أبيه لأنهما واحد في مجد اللاهوت وواضح هنا أن مجيئه الثاني هو مجيء للدينونة "يأتي ليجازي كل واحد بحسب عمله". وهذا ما يقوله أيضًا في (مت 25): يقول "ومتي جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه، فحينئذ يجلس على كرسي مجده، ويجتمع أمامه جميع الشعوب فيميز بعضهم من بعض كما يميز الراعي الخراف من الجداء فيقيم الخراف عن يمينه والجداء عن يساره " (مت 25: 31- 46) وتبدأ الدينونة ومجيئه للدينونة واضح في أخر إصحاح من سفر الرؤيا، إذ يقول "ها أنا أتي سريعًا وأجرتي معي، لأجازي كل واحد كما يكون عمله" (رؤ 22: 12) ومجيئه هذا للدينونة سيكون في انقضاء العالم كما يقول في مثل الزارع عن الحصاد "الحصاد هو انقضاء العالم، والحصادون هم الملائكة فكما يجمع الزوان ويحرق بالنار هكذا يكون في انقضاء العالم يرسل ابن الإنسان ملائكته، فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم ويطرحونهم في أتون النار حينئذ يضئ الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم" (مت 13: 39- 43) وفي مجيئه للدينونة، يكون القيامة العامة "يسمع جميع من في القبور صوته، فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة، والذين فعلوا السيئات إلى قيامة الدينونة" (يو 5: 28-29) إذن مجيء المسيح الثاني، تصحبه القيامة العامة والدينونة، وانقضاء العالم وفي الدينونة يدين الأحياء والأموات أي الذين كانوا أحياء على الأرض أثناء مجيئه والذين كانوا أمواتًا فقاموا من الموت، سواء الذين فعلوا الصالحات أو الذين عملوا السيئات وعن الدينونة يقول الرسول أيضًا "لأنه لا بُد أننا جميعًا نظهر أمام كرسي المسيح، لينال كل واحد ما كان بالجسد بحسب ما صنع خيرًا كان أم شرًا" (2كو 5: 10) وبالدينونة يدخل المسيح في ملكوته الأبدي وهنا يقول قانون الإيمان الذي ليس لمُلكه انقضاء.
الذي ليس لمُلكه انقضاء
وفي ذلك تقول نبوءة دانيال النبي "سلطانه سلطان أبدي ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض" (دا 7: 14) وعن هذا الملكوت الذي ليس له انقضاء، قال الملاك جبرائيل حينما بشر القديسة العذراء بميلاده "يملك على بيت يعقوب إلى الأبد. ولا يكون لملكه نهاية" (لو 1: 33) ملكوته روحي، وليس ملكوتًا أرضيًا محددًا بزمن!!
إنه الملكوت الذي اشتهاه اللص اليمين قائلًا "اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك" (لو 23: 42) ولأن ذلك الملكوت كان بعيدًا لا بُد أن تمضي أجيال حتى يجيء لذلك قال له الرب "اليوم تكون معي في الفردوس" (لو 23: 43) لأن الفردوس هو عربون الملكوت الذي يدخل الفردوس سيدخل الملكوت بهذا ينتهي ما يخص الابن في قانون الإيمان. وبعده الجزء الخاص بالروح القدس.
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن كتاب قانون الإيمان

عدد الزيارات 29

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل