المقالات
26 أغسطس 2025
لماذا خطبت القديسة مريم ليوسف النجار؟
هناك عدة اسئلة تطرح نفسها عن سبب خطبة العذراء ليوسف النجار:
إذا كانت القديسة مريم قد اختارت البتولية فلماذا خطبت ليوسف النجار؟
هل اتفق يوسف النجار مع العذراء أو كان فى نيتها الزواج الفعلى وإنجاب الأطفال؟
ماذا يعنى قول الملاك ليوسف "خذ الصبى وأمه واهرب إلى ارض مصر"؟
والكتاب المقدس والتقليد يجيبان على هذه الأسئلة وغيرها بدقة ووضوح.
1- عذراء إلى الأبد:
تتضح نية القديسة مريم من عدم إعتزام الزواج الفعلى واعتزام البتولية كل ايام حياتها من موقفها عند بشارة الملاك لها بالحبل بالطفل الإلهى. فلما قال لها الملاك: "ها انت ستحبلين وتلدين أبنآ وتسمينه يسوع" سألت هى الملاك فى دهشة واستغراب قائلة "كيف يكون لى هذا وانا لا أعرف رجلاً"؟
وسؤال العذراء هذا يؤكد بما لا يدع مجالاً من الشك انها لم تفكر فى الزواج والإنجاب مطلقاً. فلو كانت قد اعتزمت الزواج من يوسف لما كانت قد سألت الملاك هذا السؤال على الإطلاق بل لأعتقدت أن هذا (الحبل) سيتم بعد الدخول الفعلى بيوسف خاصة وانها مخطوبة له. ولكن سؤالها يؤكد إنها لم تفكر فى الزواج والحبل مطلقاً. ومما يؤكد ذلك أن سؤالها للملاك يشبه أستفسار زكريا الكاهن عندما بشره الملاك بحبل زوجته وإنجابها ليوحنا المعمدان فقال "كيف اعلم هذا لأنى شيخ وإمرأتى متقدمة فى أيامها" وكذلك إستغراب سارة وضحكها عندما بشر الرب ابراهيم بولادة اسحق "وكان إبراهيم وسارة شيخين متقدمين فى الأيام. وقد انقطع ان يكون لسارة عادة كالنساء. فضحكت سارة فى باطنها قائلة أبعد فنائى يكون لى تنعيم وسيدى قد شاخ.. ضحكت سارة قائلة أفبالحقيقه ألد وانا قد شيخت" زكريا استغرب واندهش من بشارة الملاك لأن زوجته كانت عاقراً كما إنهما قد شاخا وهناك استحالة حتى فى مجرد التفكير فى الإنجاب بحسب المقاييس البشرية وكذلك سارة. زكريا استفسر من الملاك عن كيفية حدوث ذلك غير مصدق وسارة ضحكت غير مصدقة والقديسة مريم اندهشت واستغربت "كيف يكون لى هذا وانا لست أعرف رجلاً"؟. زكريا وسارة لم يصدقا مطلقاً قبل البشارة انهما سينجبان وبعد البشارة شكا لأن الطبيعة تقول أن هذا محال والعذراء مريم استغربت حدوث الحبل والولادة لإنها نذرت البتولية، فكان المعجزة ان الشيوخ إبراهيم وسارة وزكريا واليصابات ينجبون اسحق ويوحنا والعذراء تحبل وتلد الإله المتجسد وتظل عذراء إلى الأبد. فأمنت العذراء على الفور قائلة: "هوذا أنا امة الرب ليكن لى كقولك" قال القديس اغسطينوس "بالتأكيد ما كانت تنطق بهذا (كيف يكون لى هذا..) ولم يوجد نذر مسبق بأن تقدم بتوليتها لله وقد وضعت فى قلبها ان تحققه" وقال ذهبى الفم "كيف يكون لى هذا وانا لا أعرف رجلآ، ليس شكاً بل أستفساراً وهو دليل على انها أعتزمت البتوليه" وقال القديس امبروسيوس "لم ترفض مريم الإيمان بكلام الملاك ولا اعتذرت عن قبوله بل أبدت أستعدادها له، أما عبارة: "كيف يكون هذا"؟ فلا تنم عن الشك فى الأمر قط إنما تساؤل عن كيفية إتمام الأمر...لأنها تحاول ان تجد حلاً للقضية.. فمن حقها ان تعرف كيف تتم الولادة الإعجازية العجيبة". 2- لماذا خبطت مريم ليوسف؟
بشر الملاك مريم انها ستحبل بقوة الروح القدس وبدون زرع بشر وإنها ستلد القدوس، فماذا يقول عنها الناس عندما يجدونها حامل وهى غير متزوجة؟ والأجابة هى إنها ستتهم بالزنا وترجم حتى الموت، حسب الشريعة أو ان يقوم الجنين بإعلان حقيقة الوهيته بقوات وعجائب كما سجد له المعمدان وهو جنين فى بطن أمه ، ولكن السر الإلهى، سر التجسد كان لابد يخفى عن الشيطان الذى لو علم به وتيقن منه لكان، على الأقل، قد حاول ان يفسر عمل الفداء ومن ثم يحاول تعطيله. لكن الشيطان لم يعلم هذه الحقيقة، حقيقة الحبل الإلهى إلا بعد القيامة وحلول الروح القدس قال القديس اغناطيوس "أما رئيس هذا العالم فقد جهل بتولية العذراء وايلاها وكذلك موت الرب" ويرى العلامة اوريجانوس بأن وجود خطيب او رجل لمريم ينزع كل شك من جهتها عندما يظهر الحمل عليها" قال القديس امبروسيوس عن خطبة العذراء ليوسف "ربما لكى لا يظن إنها زانية. ولقد وصفها الكتاب بصفتين فى أن واحد، انها زوجة وعذراء. فهى عذراء لأنها لم تعرف رجلاً، وزوجة تحفظ مما قد يشوب سمعتها، فأنتفاخ بطنها يشير إلى فقدان بتوليتها (فى نظر الناس). هذا وقد اختار الرب ان يشك فى نسبه الحقيقى عن ان يشكوا فى طهارة أمه لم يجد داعياً للكشف عن شخصه على حساب سمعة والدته ويضيف "هناك سببآ أخر لا يمكن اغفاله وهو ان رئيس هذا العالم لم يكتشف بتولية العذراء فهو إذا رأها مع رجلها، لم يشك فى المولود منها، وقد شاء الرب ان ينزع عن رئيس هذا العالم معرفته"وقد ذكر القديس جيروم عدة اسباب لخطبة مريم ليوسف
اولاً: لكى ينسب (المسيح) للقديس يوسف قريب القديسة مريم، فيظهر إنه المسيا الموعود به من نسل داود من سبط يهوذا.
ثانياً: لكى لا تُرجم القديسة مريم طبقاً للشريعة الموسوية كزانية، فقد سلمها الرب للقديس البار الذى عرف بر خطيبته وأكد له الملاك سر حبلها بالمسيا المخلص
ثالثاً: لكى تجد القديسة معها من يعزيها خاصة اثناء هروبها من مصر.
قال ذهبى الفم "مع العلم ان عذراوية مريم كانت سرآ مخفيآ عن الشيطان مثل امر صلبه" قال الأنبا بولس البوشى "ذكر انها خطبت ليوسف لكى ما يخفى الرب تدبير التجسد عن الشيطان. لأن النبوه تذكر بأن العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعوا اسمه عمانوئيل. ولهذا كانت البشارة بعد خروج السيدة العذراء من الهيكل إلى بيت يوسف ليخفى سر الحبل فى ذلك" قال العلامة يوحنا الدمشقى "ولما كان عدو خلاصنا يترصد العذارى لسبب نبؤة اشعياء القائل "ها العذراء... ". ولكن لكى يصطاد الحكماء بخدعتهم" فلكى يخدع المتباهى دوماً بحكمته دفع الكهنة بالصبية للزواج من يوسف، وكان ذلك "كتاب جديد مختوم لمن يعرف الكتابة" فأصبح الزواج حصناً للعذراء وخدعه لمترصد العذارى" قال القديس أغريغوريوس الصانع العجائب "أرسل جبرائيل إلى عذراء مخطوبة لكنها لم تتحد معه، إنها مخطوبة ولكنها لم تمس. لماذا كانت مخطوبة؟ حتى لا يدرك الشرير (الشيطان) السر قبل الأوان فقد كان عارفاً ان الملك سيأتى من عذراء إذ سمع ما جاء فى اشعياء ... وكان يهتم ان يعرف العذراء ويتهمها بالعار، لهذا جاء الرب من عذراء مخطوبة حتى يفسد حيل الشيطان لأن المخطوبة مرتبطة بمن سيكون رجلها".
3- كيف تمت خطبة العذراء مريم ليوسف؟
وندرس هنا ثلاث نقط:
1- كيفية اتمام الخطبة والزواج فى بنى إسرائيل وقت ميلاد المسيح.
2- متى تمت خطبة العذراء مريم ليوسف.
3- هل كان يوسف النجار فتى أم شيخ؟
يقول التقليد والأباء ان الخطبة كانت تتم، حسب عادة اليهود، رسميآ أمام الكهنة، والشريعة تعتبر المخطوبة كالمتزوجة تمامآ عا العلاقات الزوجية، وتدعى زوجة وتصبح أرمله ان مات خطيبها وتتمتع بجميع الحقوق المالية إن مات خطيبها او طلقت منه، ولايمكن ان يتخلى عنها خطيبها إلا بكتاب الطلاق، كالزوجة تماماً، وإذا زنت تعتبر خائنة لزوجها وتعامل معاملة الخائنة وليس معاملة العذراء الغير مرتبطة برجل ويروى التقليد ان العذراء مريم خطبت ليوسف رسمياً أًمام كهنة اليهود بعقد رسمى وكما يروى الكتاب والتقليد أيضاً فقد احتفظ بها فى بيته فى الناصره فكانت فى نظر بنى إسرائيل خطيبته، وإمرأته، فهو رجلها، وقال له الملاك: "لا تخف ان تأخذ مريم أمرأتك" قال ذهبى الفم "وهنا يدعوا الخطيبة زوجة كما تعود الكتاب ان يدعوا المخطوبين أزواج قبل الزواج، وماذا تعنى "تأخذ"؟ اى تحفظها فى بيتك لأنه بالنية قد أخرجها، احفظ هذه التى أخرجتها كما قد عهد بها إليك من قبل الله وليس من قبل والديها" اما متى تمت خطبة العذراء مريم ليوسف، فهذا يتضح من الزمن المستخدم فى اللغة اليونانية فى قوله "كانت مريم مخطوبة ليوسف" والذى يبين أن الخطبة كانت قد تمت حديثاً جداً وبما قبل ظهور الملاك لها بأيام قليلة جداً. وهذا مايبين قصد الله من خطبة العذراء ليوسف، فقد خطبت قبل الوقت المعين للبشارة بوقت قليل، لتصبح تحت حماية رجل، ولأنها نذرت بتوليته إلى الأبد فقد عاش معها يوسف النجار التى تجمع التقاليد على إنه كان شيخاً وعاش معها فى حالة قداسه كامله قال تاتيان عن علاقة يوسف بمريم العذراء "كان يسكن معها فى قداسة" مما سبق يتضح ان ما تصوره بعض الأفلام الأوربية وماتدعيه بعض الطوائف المتطرفه عن صبا مريم ويوسف أو عن وجود نية للزواج بينهما لا أساس له من الصحة سواء عقلياً او تاريخياً او كتابياً.
4- خذ الصبى وأمة
هناك نقطة هامة فى بحث العلاقة بين القديسة مريم ويوسف النجار وهى إننا لا نجد نصاً واحداً فى الكتاب خاصة بعد ميلاد الطفل الإلهى يشير او يشتم منه اى صله زواجية بين يوسف النجار والعذراء بل على العكس تماما فبعد الميلاد يخاطب الملاك يوسف ويقول له قم وخذ الصبي وأمة وأهرب إلى ارض مصر" ومتى الإنجيلى يقول "فقام وأخذ الصبى وأمه" ثم يخاطبه الملاك فى مصر أيضاَ قائلاً: "قم خذ الصبى وأمه واذهب إلى ارض إسرائيل.. فقام وأخذ الصبى وأمه وجاء إلى ارض إسرائيل" الوحى يخاطبه بالقول "خذ الصبى وأمه" وليس الصبى وزوجتك، مما يدل ويؤكد انه لم يصبح زوجآ فعليآ بعد ميلاد الطفل الإلهى وانه لم يكن له اى صله زواجيه بها وإلا لكان قال له "خذ الصبى وزوجتك" وليس "الصبى وأمه". ولكن قول الملاك هذا وتأكيد الإنجيلى يؤكدان ان مهمة يوسف كخطيب وزوج قد نجحت فى حماية العذراء من الأتهام بالزنا كانت مهمة شرعية وظاهرية أمام الناس ولأخفاء سر التجسد والفداء عن الشيطان وليست علاقه زواجيه. بل ان ذلك يؤكد لا لبس فيه ولا غموض أن يوسف كان رجلاً باراً من تهمة الزنا وعقوبة الرجم فصار زوجاً لها على الورق وأمام بنى إسرائيل فقط، وأيضاً للهروب بالصبى وأمه إلى مصر ثم العودة إلى إسرائيل والسكن فى الناصرة وإعطاء الصبى اسم يوسف كأب أمام الناس بالإضافة إلى حرفة النجارة فقيل عنه "وهو (يسوع) على ما كان يظن ابن يوسف" "يسوع ابن يوسف الذى من الناصرة" "أليس هذا هو يسوع ابن يوسف الذى نحن عارفون بأبية وأمه" "أليس هذا ابن النجار" قال ذهبى الفم "وقال الملاك ليوسف "خذ الصبى وأمه" ولم يقل له "زوجتك" هذا الكلام بعد الولادة يثبت إنها لم تعد زوجه له بعد ولادة المسيح بل علاقتها مازالت مع المسيح وليست معه" وقال القديس باسيليوس "ان المسيحيون لا يطيقون أن يسمعوا بزواج العذراء بعد ولادة السيد المسيح لأنه على خلاف ما تسلموه من آبائهم".
المتنيح القمص عبد المسيح بسيط
عن كتاب التجسد الإلهى و دوام بتولية العذراء
المزيد
19 أغسطس 2025
النبؤة بميلاد المسيح من العذراء
جاء فى سفر نبؤة اشعياء النبى 14: 7 "ولكن يعطيكم السيد نفسه آيه ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعوا أسمه عمانوئيل" والآيه تركز على أربعة نقاط هامة:
1 آيه "يعطيكم السيد نفسه آيه".
2 العذراء..من هى؟
3 العذراء تحبل وتلد ابناً.
4 المولود هو عمانوئيل.
1- الأيه
والأية المقصودة فى هذا الفصل الإلهى أو المعجزة مزدوجة، فهى أولآ تعنى ان "عذراء" او "العذراء" ستحبل وتلد ومع ذلك تظل "عذراء" لأنه يتكلم عنها كعذراء سواء قبل الحبل أو اثناؤه او بعد الميلاد "ها العذراء تحبل وتلد" فالأيه تنص على ان العذراء ستحبل وان العذراء ستلد وبذلك تنص ضمنآ على أنه ستظل بعد الحبل والولادة عذراء ايضاً لأنه يدعوها "بالعذراء" معرفة بأداء التعريف والأيه ليست معطاه من بشر أو بواسطة بشر ولكن معطاة من الله ذاته "ولكن السيد نفسه يعطيكم أيه"، السيد نفسه وليس مخلوق هو معطى الأيه ولكن كيف تتم هذه الأيه؟
وهذا ما سألته العذراء مريم نفسها للملاك قائله:
"كيف يكون لى هذا وأنا لست اعرف رجلاً"؟.
أى كيف أحبل وأنا عذراء وقد نذرت البتوليه وليس فى نيتى التراجع؟ ويجيب الملاك أن هذا الحبل لن يمس بتوليتك ولن يضطرك للتراجع عما نذرتيه وسوف تظلين بتول إلى الأبد. وأما عن الكيفيه فهذا عمل الله حده: "الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الله".
الروح القدس هو الذى سيتولى هذه المهمه الآلهيه لأن المولود هو القدوس ذاته. وقوه الله هى التى تظللها أى تحل عليها، تسكن فيها، لذلك لن تحتاج إلى رجل، لن يكون المولود من زرع بشر لأنه القدوس، بل لابد أن يولد من عذراء بحلول الروح القدس على العذراء وكان برهان المعجزة، معجزة حبل العذراء هو حبل اليصابات العاقر المتقدمه فى الأيام وأمراه الشيخ والتى لم تنجب فى شبابها ولكن أراد الرب أن تحبل وتنجب فى شيخوختها عبر هنا على قدرته التى ليست لها حدود.
2- العذراء
وكلمه "العذراء" المستخدمه هنا فضلاً عن أنها تشير إلى دوام البتوليه كما قلنا – وكما سنبين فى الفصول التاليه – وجاءت فى اللفظ العبرى "عولما – Alma" ونعنى فتاه ناضجه، وهو مشتق من أصل بمعنى "ناضج جنسياً" كما يعنى عذراء كامله الأنوثه، كما تشير إلى أمرأه فى سن الزواج ولكن لم تلد أطفال ويرادفها فى اليونانيه (neanis) نيانيس – فتاه). وقد تكررت هذه الكلمه سبع مرات فى الكتاب المقدس وكلها ترجمت بمعنى فتاه (أو عذراء) غير متزوجه. وهى كالأتى جاء فى تك 23: 24،44 "فها أنا واقف على عين الماء وليكن أن الفتاه (عولما) التى تخرج.. هى المرأه التى عينها الرب لأبن سيدى" والفتاه المقصوره هنا هى التى ستكون عروس لأسحق، أى أنها عذراء غير متزوجه وجاء فى نش 3: 1 ".. أسمك دهن مهراق لذلك أحبتك العذارى" والعذارى هنا جمع (عولما).
وقع نش 8: 5 "احلفكن يا بنات أورشليم أن وجدتن حبيبى". وبنات هنا جمع (عولما) والمقصود عذارى فى مرحله الحب قبل الزواج وقيل عن أخت موسى العذراء "فذهبت الفتاه ودعت أم الولد" خر8: 2 والفتاه هنا (عولما) وجاء فى ام 19: 30 "طريق رجل بفتاه". والفتاه هنا (عولما) والمقصود بها العروس التى احضرت توا ولم يدخل بها العريس" أى ما زالت عذراء وجاء فى مزمور 25: 68 عن ضاربات الدفوف اثناء التسبيح للرب "فى الوسط فتيات ضاربات الدفوف" والفتيات هنا جمع (عولنا) والمقصود بهن العذارى او الفتيات غير المتزوجات والكلمة السابعة هى ماجاء عن العذارء نفسها فى نبؤة أشعياء النبى. وهذا يدل على ان كلمة "عولما" المقصود بها فى اللغة العبرية على الأقل فى زمن الأيات المذكورة والتى يرجع تاريخ احداثها إلى سنة 1000 قبل الميلاد الفتاة العذراء غير المتزوجة ولكنها فى سن النضوج والزواج كرفقة عروس اسحق وعذارى سفر النشيد وأخت موسى العذراء التى لم تكن قد تزوجت بعد وعروس وعروس النشيد وضاربات الدفوف فى فريق التسبيح للرب وهناك لفظ عبرى أخر هو "بتول" وهو مشتق من لفظ عبرى بمعنى يفصل، وتعنى عذراء منفصلة لم تعرف رجلآ قط، ومرادفها باليونانية "بارثينوس thenospar) وقد اختار الوحى الكلمة الأولى "عولما" للعذراء مريم فى سفر اشعياء النبى للدلاله على انها كانت فتاة ناضجة وفى سن الزواج، كما إنها كانت ستكون تحت وصايا خطيب وذلك حسب الترتيب الإلهى لحمايتها عند الحمل والولادة ولكن الوحى أيضاً الهم مترجمى الترجمة السبعينية فترجموا كلمة "ها العذراء(عولما).." إلى "ها العذراء (بارثينوس).." اى ترجموها "بارثينوس" عذراء منفصله لم تعرف رجلآ قط ولم يترجمها "نيانيس" للدلاله على انها ستكون عذراء دائمآ ولن تعرف رجلآ قط لأن محتوى الأية يدل ويؤكد على هذا المعنى وأن الفتاة المقصودة وإن كانت ستكون ناضجة وتحت وصايا خطيب إلا إنها ستكون عذراء لم ولن تعرف رجلآ قط "بارثينوس" رغم خطبتها ليوسف.
3- العهد الجديد والعذراء
وقد سار العهد الجديد على هذا النهج وأطلق على العذراء لقب "بارثينوس" واقتبس القديس متى فصل نبؤة اشعياء النبى وكتبها هكذا: "هوذا العذراء (بارثينوس) تحبل وتلد". وكذلك القديس لوقا لم يستخدم عن العذراء مريم سوى "العذراء بارثينوس" "ارسل جبرائيل إلى عذراء (بارثينوس9 مخطوبة".
"وأسم العذراء (بارثينوس) مريم" وهكذا أيضاً صار أباء الكنيسة داعين القديسة مريم بالعذراء "بارثينوس" والدائمة البتولية "إيبارثينوس" ومما يذكر يبطل زعم اليهود ومن تبعهم بقولهم لم يكتب فى نبؤة اشعياء "عذراء" بل كتب "فتاة" محاولين النيل من بتولية العذراء سواء قبل الحبل أو بعده.
وإلى جانب ماذكر يضيف القديس كيرلس أورشليمى براهين اخرى لتفنيد رأى اليهود ودحض حجتهم قائلاً "لكن اليهود يعارضوننا فى ذلك (ومقاومة الحق عادة قديمة عندهم) إذ يقولون إن لم تكتب "العذراء" بل الفتاة. فليكن، لنسايرهم، وهكذا سنجد الحقيقة، إذ فى وسعنا أن نسألهم: متى تصرخ الفتاة المغتصبة طالبة النجدة. قبل الأعتداء أم بعده؟ وإذا كان الكتاب يقول فى موضع اخر: "صرخت الفتاة فلم يكن من يخلفها" ، أفلا يتكلم هنا عن عذراء؟ ولكى تعلم بوضوح ان العذراء فى الكتاب المقدس تدعى فتاه، اسمع ما جاء فى سفر الملوك عن ابيشاج الشونميه "كانت الفتاة جميلة جداً" لابد من التسليم إنها اختيرت بسبب بتوليتها".
4- عمانوئيل
والنقطة الهامة فى هذا الموضوع من ستحبل به هذه العذراء وتلده، انه "عمانوئيل" أى "الله معنا"أى ان الذى ستحبل به العذراء هو "إيل الله" الذى اتحد بالناسوت داخل احشائها، انها ستلد الإله المتجسد، الله الظاهر فى الجسد، ستلد الناسوت المتحد باللاهوت "الذى فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً" ولذلك كان لابد ان تكون عذراء وتظل عذراء لأنها لم تلد مجرد مخلوق بل ولدت الإله المتجسد الذى حل فى أحشائها تسعة اشهر واتخذ جسداً داخل احشائها، وتغذى على غذائها فكان لابد ان تحبل وهى عذراء وتظل عذراء وتلد وتظل عذراء، فالمولود هو الخالق ذاته.
المتنيح القمص عبد المسيح بسيط
عن كتاب التجسد الإلهى و دوام بتولية العذراء
المزيد
12 أغسطس 2025
كيف ولد المسيح وظلت أمه عذراء
تنبأ إشعياء عن ميلاد الإله المتجسد من العذراء قائلاً: "ها العذراء تحل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل". وقد استخدم النبى فى تعبيره كلمه "العذراء" وليس "عذراء" فهو يتكلم بلفظ معروف لإنسانه معروفه فى خطة الله الأزلية للخلاص. فتكلم عنا بآل التعريف ليعنى دوام بتوليتها، فهو يتكلم وكأنه يرى العذراء قبل الحبل وأثنائه وبعده ولا يرى فيها سوى العذراء التى ستلد عمانوئيل، الله معنا، فهو يراها عذراء قبل الحبل وعذراء أثناءه وعذراء بعد الولادة لذلك استخدم تعبير العذراء "ليعبر عن هذه الحقيقة" حبلت العذراء بالطفل الإلهى وولدت وظلت عذراء وبتوليتها مختومة والسؤال الأن كيف ولدت القديسة مريم وظلت عذراء بعد الولادة؟
يقول الكتاب "وبينما هى هناك (فى بيت لحم) تمت أيامها لتلد فولدت أبنها البكر وقمطته واضجعته فى المزود". وهذه الآية تؤكد لنا أن العذراء مريم حبلت لمدة تسعة أشهر، تمت أيامها، ثم ولدت وقمطت الطفل كسائر المواليد ولم يشر الكتاب إلى شئ غريب ربما يكون قد حدث وقت الولادة ولكن كل الظواهر نوحى بأن العذراء ظلت عذراء بعد الولادة كما كانت قبل الولادة، عذراء روحاً وجسداً وقد اعتادت الكنيسة منذ فجرها الأول أن تلقب القديسة مريم بالعذراء Parthenos (بارثينوس) والدائمة البتولية air Parthenos (ايبارثينوس) للتعبير عن دوام بتوليتها قبل وأثناء وبعد الحمل والولادة ولكن يظل السؤال كيف ولدت القديسة مريم ومع ذلك ظلت عذراء؟! والإجابة هى أنه كما خرج الرب يسوع المسيح من القبر والقبر مغلق وكما دخل على التلاميذ والأبواب مغلقة حتى إنهم ظنوه شبح هكذا أيضاً خرج من العذراء وظلت العذراء كما هى وبتوليتها مختومة وترى الكنيسة فى ما جاء فى حزقيال (1: 44،2) "ثم ارجعى إلى طريق باب المقدس الخارجى المتجه إلى للمشرق وهو مغلق" فقال لى الرب هذا الباب يكون مغلقاً لا يفتح ولا يدخل منه إنسان لأن الرب إله إسرائيل دخل منه فيكون مغلقاً" اشارة إلى بتولية العذراء الدائمة فقد حل عليها الروح القدس والكلمة الأزلى اتخذ جسداً من لحمها ودمها وحل فى أحشائها تسعة اشهر وخرج، فلا يعقل أن يفض بكارتها ولا يعقل أيضاً أن تجتمع بعد ذلك بإنسان أو تلد بنين أخرين غير المجد.
قال القديس جيروم: (مع أن الباب كان مغلق، دخل يسوع إلى مريم، القبر الجديد المنحوت فى الصخر، الذى لم يرقد فيه من قبل ولا بعده أنها جنة مغلقة، ينبوع مختوم هى الباب الشرقى الذى تحدث عنه حزقيال المغلق إلى الدوام، المملوء نوراً.. يدخل إلى قدس الأقداس منه يدخل ويخرج من هو على رتبه ملكى صادق. ودعوهم يخبرونى كيف دخل يسوع والأبواب مغلقة، وأنا أجيبهم كيف تكون القديسة مريم أماً وعذراء بعد ميلاد ابنها؟".
قال مارافرام السريانى: "كما دخل الرب والأبواب مغلقه هكذا خرج من حشا البتول وبقيت بتوليتها سالمة لم تحل".
قال أغسطينوس: "بعد قيامة المسيح عندما ظن إنه روح قال لتوما هات يدك وانظر لأن الروح ليس له جسد وعظام كما ترى، وبالرغم من ان جسده جسد شخص فى سن الرجولة فأنه دخل إلى حيث يوجد تلاميذه خلف الأبواب المغلقة، فأذا كان قد استطاع لأن يدخل خلال الأبواب المغلقة وهو فى جسد فى سن الرجولة فكيف لا يستطيع إذآ كطفل أن يترك جسم أمه دون أتلاف بتوليتها. الذى يؤمن ان الله ظهر فى الجسد يصدق الأمرين كليهما، أما غير المؤمن فلا يصدق هذا ولا ذاك".
قال ذهبى الفم: "نحن نجهل أموراً كثيرة وعلى سبيل المثال كيف وجد غير المحدود فى رحم العذراء؟ ثم كيف الذى يحوى جميع الأشياء حملته امرأة؟ ثم العذراء كيف ولدت وهى كما هى عذراء؟".
قال أغريغوريوس صانع العجائب: "رأى النبى المولود منك أيتها العذراء القديسة خلال الرمز.. بأى كلمات يمكنا أن نعبر عن كرامة بتوليتها.. النقية الطاهرة".
قال القديس كيرلس الكبير: "لنمجد مريم دائمة البتولية بتسبيحة الفرح".
قال القديس أغريغوريس الثيؤلوغوس: "ولد من عذراء وحفظ أيضاً عذريتها وبتوليتها بلا تغيير".
قال القديس أغريغوريوس أسقف نيصص: "أن رحم العذراء الذى استخدم لميلاد بلا دنس هو مبارك لأن الميلاد يبطل أو يحل عذريتها، كما أن العذراوية لم تمنع أو تعق ذلك الميلاد العالى، كما اعلن عنه فى الإنجيل "طوبى للبطن الذى حملك والثديين اللذين رضعتهما".
وجاء فى ثيؤتوكية الخميس: "يا للطلقات الإلهية العجيبة التى لوالدة الإله مريم العذراء كل حين. هذه التى منها اجتمع معاً بتولية بلا دنس وميلاد حقيقى. لأنه لم يسبق الميلاد زواج ولم يحل الميلاد أيضاً بتوليتها لأن الذى ولد إله بغير ألم من الأب ولد أيضاً حسب الجسد ونقول فى المجمع فى القداس الإلهى: "وبالأكثر القديسة المملؤة مجداً العذراء كل حين والدة الإله القديسة الطاهرة مريم التى ولدت الله الكلمة بالحقيقة".
المتنيح القمص عبد المسيح بسيط
عن كتاب التجسد الإلهى و دوام بتولية العذراء
المزيد
05 أغسطس 2025
دوام بتولية العذراء
1 إيمان الكنيسة منذ البدء
آمنت الكنيسة منذ البدء ان السيد المسيح هو كلمة الله وعقله الناطق قوة الله وحكمة الله صورة الله غير المنظور بها مجده ورسم (صوره) جوهره الله الظاهر فى الجسد عمانوئيل الذى تفسيره الله معنا رب المجد القدوس الكائن على الكل إلهاً مباركاً الإله الوحيد والحكيم الذى فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً.
جاء إلينا فى ملء الزمان مولوداً أتخذ جسداً من عذراء طاهرة نقية بعد ان بشرها الملاك جبرائيل بولادة الكلمة السرمدى بحلول الروح القدس عليها.
سكن اللاهوت فى أحشائها تسعة اشهر متحداً بالناسوت، إذ اتحد اللاهوت بالناسوت فى أحشائها أتحاداً أبدياً بغير انفصال أو أختلاط او أمتزاج أو تغير أو استحالة فدعيت بذلك والدة الإله، لأنها ولدت الإله لمتجسد ولدت الناسوت المتحد باللاهوت، ولدت عمانوئيل الله معنا، الله ظهر فى الجسد المأخوذ من أحشائها، ولدت كلمة الله المتجسد لذا دعيت theotokos (ثيؤتوكوس) والدة الإله ونظراً لأن العذراء مريم حبلت وولدت الإله المتجسد فكان لابد أن تظل عذراء إلى الأبد، عذراء قبل الحبل وعذراء أثناء الحبل وعذراء بعد الولادة، لأن الإله السرمدى لا يجب ان يكون له أب بشرى عند التجسد والفادى لا يجب ان يكون من زرع بشر حتى يكون خالياً من الخطية لذا كان لابد ان تحبل به ليس من زرع بشر بل بقوة الله، بحلول الروح القدس عليها وقوة العلى التى ظللتها كما ان الإله الموجود فى كل مكان ولا يحده مكان والقادر على كل شىء فى إمكانه ان يخرج منها دون أن يفض بكارتها، أن يولد منها وتظل بتوليتها مختومة وهذا ما حدث فعلآ. فكانت عذراء قبل الحبل واستمرت عذراء بعد الحبل وظلت عذراء بعد الولادة. ومن ثم دعتها الكنيسة ب"العذراء إلى الأبد" و "الدائمة البتولية" وكان هذا الإيمان هو إيمان الكنيسة الأولى، إيمان الرسل وخلفائهم وكان إيماناً مبنياً على الكتاب المقدس المسلم مرة للكنيسة.
2 إنكار بتولية العذراء
ظهرت فى القرن الأول بدعة دعيت ببدعة الأبيونيون وهم من المسيحيين الذين من اصل يهودى الذين أعتنقوا المسيحية وتعلقوا بالطقوس اليهودية التى تشبعوا بها وقتاً طويلاً فجاءت عقيدتهم خليطاً من المسيحية واليهودية وأنكروا لاهوت المسيح ولم يعترفوا بوجودة الإلهى قبل التجسد وأعتبروه مجرد إنسان عادى وبالتالى أنكروا ميلاده المعجزى من العذراء وقالوا إنه ولد كسائر البشر من أب هو يوسف وأم هى مريم ويقول كل من أيريناؤس والمؤرخ الكنسى يوسابيوس أنهما تبعا ترجمة ثيودوسيون Theodotion؟) الأفسسى وأكويلا البنطى Auila of Pontus) الذين ترجما نبؤه إشعياء "هوذا العذراء تحبل وتلد أبناً إلى "هوذا الفتاه (The young woman) تحبل وتلد أبناً" ثم جاء هيلفيدس (حوالى عام 382) وأدعى أن مريم ويوسف قد تزوجا فعلاً بعد ميلاد المسيح وتبعه فى ذلك راهب هرطوقى يدعى جوفنياس (مات حوالى 405م) ويونسيوس أسقف يوغوسلافيا وحرمه مجمع كابوا (Capua عام 1391م)، وأتبع هذا الرأى فى العصور الحديثه بعض المفسرين من بعض الفرق البروتستانتيه المتطرفه كالأخوة البلموث وغيرهم، وشهود يهوه ولكن غالبيه المفسرين البروتستانت يؤمنون (كما سنرى) بدوام بتوليه العذراء.
3- بتولية العذراء فى كتابات الآباء
وكما قلنا أن الكنيسه المسيحيه أعتقدت فى كل عصورها بدوام بتوليه العذراء ودافعت عنها وفندت إدعاءات وهرطقه منكرى البتوليه ودعتها بالدائمه البتوليه قال أغناطيوس الأنطاكى، تلميذ بطرس الرسول (30-107م) "أما رئيس هذا العالم فقد جهل بتوليه مريم وايلادها وكذلك موت الرب".
قال ايريناؤس أسقف ليون (120-202م): "الذى هو كلمه الله.. ولد حقاً.. من مريم التى كانت وحتى الآن (هى) عذراء وقال أيضاً "مريم العذراء وجدت قطيعه" وأيضاً "صار الله إنساناً... معطياً أيانا المأخوذه من عذراء" كما طبق نبؤه إشعياء التى يقصد بها النبى عودة بنى إسرائيل إلى أورشليم على العذراء "قبل أن يأخذها الطلق ولدت. قل أن يأتى عليها المخاض ولدت ذكراً. من سمع مثل هذا. من رأى مثل هذا..." وأعتبر أن النبى يقصد ميلاد المسيح بطريقه ليس لها مثيل. وهو بذلك يؤكد بتوليه العذراء ويعترض اكليمندس الاسكندرى (150-215م) على من يقول أنها صارت امرأه ويقول أن القديسه مريم استمرت عذراء وقال العلامة أوريجانوس (185-245م) "لقد تسلمنا تقليداً... أن مريم ذهبت بعدما أنجبت المخلص، لتتعبد (فى الهيكل) ووقفت فى الموضع المخصص للعذارى. حاول الذين يعرفون أنها أنجبت طفلاً طردها من الموضع، ولكن زكريا أجابهم أنها مستحقه الملكوت فى موضع العذارى، إذ لا تزال عذراء" وقال أيضاً "يليق أن لا ننسب لقب أولى العذارى بغير مريم" وقال القديس ميثوديوس (260-312م) وشاهدنا أشعياء يعلن بوضوح لكل الأرض تحت الشمس وقبل أن يأخذها الطلق ولدت... الخ" العذراء الأم كليه القداسة.. أنجبت ابنها... وحفظ طهاره والدته بغير فساد وبلا دنس" وقال القديس أثناسيوس الرسولى (296-373م) "لقد أخذ (الرب) جسداً إنسانياً حقيقياً من مريم الدائمه البتولية" ودعاها ديديموس الضرير (توفى سنه 396م) بالعذراء أثناء وبعد الميلاد، كما دعاها بالدائمة البتوليه" ودعاها البابا بطرس خاتم الشهداء (311م) "الدائمه البتولية" وكذلك ابيفانيوس وكثيرون من الكتاب المعاصرين لهم والذين خلفوهم.
4- بتولية العذراء فى الكتابات الأبوكربقية
وكما كانت عقيدة "الدائمة البتولية" عقيدة راسخة فى الكنيسة كانت أيضاً منتشرة فى الكتابات الأبوكربقيه التى أنتشرت فى القرن الثانى والقرن الثالث وحتى السادس والتى أعطاها مؤلفوها لقب أناجيل ونسبوها أو أسموها بأسماء بعض الرسل لتلقى رواجاً بين بعض المؤمنين، وكانت تعبر عن الفكر الشعبى المسيحى وأحياناً يعتبر بعضها تاريخياً. ومع أن الكنيسة رفضتها من البداية لأنها أخذت أفكارها الرئيسية من الأناجيل القانونية ولكن موضوعاتها كانت مخله مملؤه بالمعجزات الصبيانيه الخرافية ومع ذلك ترى فيها الكنيسة تراثاً فكرياً شعبياً مبكراً وكل هذه الكتب الشعبية أو معظمها تؤكد بتولية العذراء وهذا بعض ما جاء بها جاء فى الكتاب المسمى إنجيل يعقوب الأولى"وقال الكاهن ليوسف أنت أخترت من الكثيرين لتأخذ عذراء الرب لتحفظها لديك وكان يوسف خائفاً وأخذها ليحفظها عنده" وجاء فى كتاب متى المزيف"ترتيب جديد فى الحياة إكتشف بواسطة مريم وحدها التى وعدت أن تظل عذراء لله". وذكر أن العذارى كن مع مريم وقت أكتشاف يوسف للعمل قلن له: "يمكن أن تختبر أنها ما زالت عذراء ولم تلمس". وجاء فيه أن سالومى لما شكت فى حقيقة بتولية العذراء ودوام هذه البتولية قالت: "أسمح لى أن المسك وعندما سمحت لها.. صرخت... بصوت عال وقالت: يارب يارب يا قدير أرحمنا لم يسمع أبداً ولم يفكر فى أن واحد امتلأ ثدياها باللبن وأن ميلاد ابن يبين أن أمه ما تزال عذراء... عذراء حبلت، عذراء ولدت، وتظل عذراء". وهذه الواقعة تذكر أيضاً فى إنجيل يعقوب الأولى وجاء فى الكتاب المسمى إنجيل طفولة مريم "سوف لن تعرف إنساناً أبداً فهى وحدها بدون نظير، نقية، بلا دنس، بدون اجتماع رجل، هى عذراء، ستلد ابناً.وجاء فيه أيضاً: "أخذ يوسف العذراء طبقاً لأمر الملاك كزوجة له وبرغم ذلك لم يعرفها ولكن أعتنى بها وحفظها فى طهارة" ويدعوا كتاب "تاريخ يوسف ومريم" العذراء ب "السيدة مريم أمه العذراء"وكذلك كتاباً "نياحه، وصعود مريم يدعو مريم "المقدسة، والدة الإله والعذراء النقية" "والدة الإله والعذراء دائماً مريم" و"المطوبه العذراء مريم"ويدعوا كتاب "طفولة المخلص" مريم ب "السيدة مريم أمه العذراء".
المتنيح القمص عبد المسيح بسيط
عن كتاب التجسد الإلهى و دوام بتولية العذراء
المزيد
10 ديسمبر 2024
أباء الكنيسة وتعبير "صار جسدا"
منذ فجر المسيحية والكنيسة تؤكد عدم التحول أو التغير في ذات الله وأن الرب يسوع المسيح هو الإله المتجسد، الله الظاهر في الجسد، عمانوئيل، الإله القدير، الأزلي الأبدي، المولود من نسل إبراهيم وأسحق ويعقوب وداود بحسب الجسد مع أنه الكائن على الكل الله المبارك إلى الأبد (رو5: 9)، وأنه ظهر في الجسد باتخاذه جسداً من لحم ودم وعظام وروح ونفس في أحشاء القديسة مريم العذراء. وهذا ما سجله كل من القديس لوقا والقديس متى بالتفصيل بالروح القدس في الإنجيل (مت1،2؛لو1،2)، وما أكده، أيضا، كل من القديس مرقس والقديس يوحنا بإعلانهما بالروح القدس أمومة العذراء القديسة مريم له، سواء في تعاملها معه وتعامله معها (يو2؛ مر31: 3؛3: 6)، أو عند الصليب (يو25: 1927)، وهذا أيضا ما سجله بقية الرسل في رسائلهم بالروح القدس ؛ فالقديس يوحنا يقول بالروح القدس " والكلمة صار جسدا " (يو14: 1)، ويقول أيضا أنه " جاء في الجسد " (1يو2: 4) و" آتيا في الجسد " (2يو7). والقديس بولس الرسول أكد مرات عديدة حقيقة تجسد الرب باتخاذه جسدا كقوله " ومنهم المسيح حسب الجسد " (رو5: 9) و" الله ظهر في الجسد " (1تي16: 3) وكذلك القديس بطرس بقوله بالروح: " فإذ قد تألم المسيح لأجلنا بالجسد " (1بط1: 4) و " سمعان بطرس عبد يسوع المسيح ورسوله إلى الذين نالوا معنا إيمانا ثمينا مساويا لنا ببر إلهنا والمخلص يسوع المسيح " (2بط1: 1)، فهو، هنا، يعلن أنه إلهنا ومخلصنا " وعند الحديث عن آلامه يبين أنه " تألم بالجسد " كما قال أيضا " مماتا في الجسد " (1بط18: 3) وقد تعلم أباء الكنيسة، من تلاميذ رسل الرب يسوع المسيح وخلفائهم، الذين تعلموا علي أيدي الرسل، بما استلموه من الرسل أنفسهم، سواء المدون في العهد الجديد مع شهادة العهد القديم أو ما تسلموه شفاهه ونادوا به في كل مكان. وهذه شهادتهم وتعليمهم في القرون الأولى للمسيحية:
قال القديس أعناطيوس الإنطاكي تلميذ القديس بطرس الرسول:
" المسيح يسوع الذي من نسل داود (بالجسد) (رو3: 1) والمولود من مريم: الذي ولد حقا وأكل حقا... " (ترالس: 9) ثم يقول أنه " يوجد طبيب واحد، هو في الوقت نفسه روح وجسد (إي إله وإنسان)، مولود وغير مولود. الله صار جسدا، حياة حقيقية في الموت (أي التجسد) من مريم ومن الله، كان قابلاً للألم وهو الآن غير قابل للألم. يسوع المسيح ربنا " (أفسس2: 7) وأيضا " إيمان واحد بيسوع المسيح الذي من نسل داود بحسب الجسد ؛ ابن الإنسان وابن الله " (أفسس 2: 20) ثم قال بأكثر وضوح: " نؤمن هكذا أنه اخذ إنسانا كاملا من مريم العذراء والده الإله ومن الروح القدس " ودعاه جسده " الجسد الذي بناه الله من جسم ودم العذراء " (لاهوت) " المسيح الذي هو حقيقة من نسل داود بالجسد (رو3: 1) وابن بمشيئة وقوة الله، وولد حقا من مريم العذراء وأعتمد من يوحنا المعمدان لتتم به كل عدالة.
وقال القديس بوليكاريوس تلميذ القديس يوحنا الرسول " كل من لا يعترف بأن يسوع المسيح قد جاء في الجسد هو ضد المسيح " وهو هنا يستخدم نفس تعبير القديس (1يو2: 4) يوحنا لأنه تلميذه وقال ارستيدس الاثيني (حوالي 140م) " يرجع إيمان المسيحيين إلى الرب يسوع المسيح الذي نزل من السماء بالروح القدس لخلاص البشرية وهو ابن الله العلي وقد وولد من عذراء قديسة بدون زرع بشر وأتخذ جسدا بغير فساد " وقال ميليتو أسقف ساردس (حوالي 171م) " تبرهن أعمال المسيح بعد معموديته أن روحه وجسده، طبيعته الإنسانية، كانا مثل طبيعتنا ... وتوضح أعماله بعد معموديته، خاصة معجزاته، للعالم بكل تأكيد اللاهوت المحتجب في جسده، ولكونه الله ولكونه أيضا إنساناً تاماً (كامل في ناسوته) فقد قدم إيضاحاً إيجابياً لطبيعته (حرفيا طبيعتيه ؛ اللاهوت والناسوت): أوضح لاهوته عن طريق معجزاته التي صنعها في السنوات الثلاث التالية لمعموديته، التي أتممها لكونه في الجسد، فقد حجب لاهوته بالرغم من أنه الإله الحقيقي الموجود قبل كل الدهور " وقال ايريناؤس أسقف ليون وخليفة تلاميذ الرسل " لكي يجدد الإنسان في نفسه، صار غير المرئي مرئياً وغير المدرك صار مدركاً والغير المتألم صار خاضعاً للألم. الكلمة صار إنساناً ليجدد كل شيء في ذاته " " وعندما جاء المسيح إلى عالمنا لخلاصنا أخذ جسدا حقيقيا كأجسادنا لأن الرسول يقول الكلمة صار جسدا ".
وقال اطيفوس تلميذ الرسل وبطريرك القسطنطينية علي الميلاد " كلمة الله أتضع وهو غير المتضع في جوهره، أتضع بإرادته ولبس صورة العبد، الذي بلا جسد لبس جسدا من أجلك أيها الإنسان. الكلمة الذي تجسد، غير الملموس بجوهر لاهوته لُمس من أجلك أيها الإنسان الذي ليس له ابتداء بلاهوته لبس جسدا. الغير متغير تجسد بالجسد المتغير " (اعتراف الآباء).
وقال ترتليان (حوالي 155م) " نزل بهاء مجد الله (عب1: 3)، كما سبق أن تنبأ الأنبياء في القديم، إلى عذراء وكون جسدا في رحمها، وولد متحداً كإله وإنسان، تشكل الجسد بالروح القدس، تغذى ونما إلى الرجولة، تحدث وعلم وعمل، هذا هو المسيح " " دعي الكلمة ابنه (ابن الله) وظهر في أوقات مختلفة للبطاركة باسم الله، وكان الأنبياء يسمعونه دائما، وأخيرا نزل من الروح القدس وبقوة الله الآب إلى مريم العذراء وصار جسدا في أحشائها، وولد منها ".
قال اكليمندس الإسكندري (150 215م) " بعملية التجسد اصبح الابن منظورا ومدركا في حيز الأشياء التي نراها وندركها بحواسنا ".
قال يوستينوس الشهيد (ولد حوالي 100م) " الكلمة (logos λόγος)، هو نفسه أتخذ شكلا وصار إنسانا ودعي يسوع المسيح " " أنه كان موجودا سابقا كابن خالق كل شيء، لكونه الله، وأنه وُلد كإنسان بواسطة العذراء ... كان موجودا سابقا وخضع لمشيئة الآب ليولد كإنسان مثلنا " " لقد صار المسيح إنسانا بواسطة العذراء ليزهق العصيان الذي أنبثق عن الحية بالطريقة نفسها ".
قال اوريجانوس (185 253م) " يسوع المسيح نفسه الذي جاء (إلى العالم) ... جرد نفسه (من مجده) وصار إنسانا وتجسد برغم من أنه الله وبينما صار إنسانا بقي كما هو إله، لقد اتخذ جسدا مثل أجسادنا ... ولد من العذراء ومن الروح القدس " وقال العلامة هيبوليتوس (استشهد عام 235م) في تفسير أمثال 9: 1 " الحكمة بنت بيتها " " أنه يقصد أن المسيح حكمه الله الأب وقوته (1كو24: 1) بني بيته أي طبيعته الجسدية التي اتخذها من العذراء كما قال (يوحنا) من قبل " والكلمة صار جسدا وحل بيننا " ثم قال في تفسير " مزجت خمرها " " أن المخلص وحد لاهوته، مثل الخمر النقي، مع الجسد في العذراء وولد منها إله وإنسان في أن واحد " وقال القديس اثناسيوس الرسولي (296 373م) " لكنه اخذ جسدا من جنسنا، وليس ذلك فحسب، بل من عذراء طاهرة بلا لوم ... لأنه وهو القادر علي كل شئ وبارئ كل شئ أعد الجسد في العذراء كهيكل له، وجعله جسده بالذات، واتخذه أداة له وفيه أعلن ذاته، وفيه حل "" صار" تخص الجسد، وفعلا " صار" الجسد خاصا بالكلمة وليس خاصا بإنسان، فالله تأنس، ولذلك قيل أنه " صار جسدا " حتى لا يخطئ أحد في فهم حقيقة التجسد، ويغفل اسم الجسد " ... هذا الاتحاد الطبيعي بين الكلمة والجسد الذي صار جسدا خاصا به وفيه حل " وقال أيضاً: " التعبير: " صار جسدا "، يبدو كأنه متوازي مع ما قيل عنه " جُعل خطية، ولعنة " (2كو21: 15)، ليس لأن الرب تحول إلى ذلك لأنه كيف هذا؟ بل لأنه قبل هذا عندما اخذ إثمنا وتحمل ضعفنا (اش4: 53) " وقال القديس كيرلس الإسكندري متسائلا " كيف تفسر " الكلمة صار جسدا؟ " ثم أجاب قائلا: " يبشرنا بولس الحكيم جدا ووكيل أسراره وكاهن الإنجيل " فليكن فيكم الفكر الذي كان في المسيح يسوع أيضا الذي إذ كان في صورة الله صار في شبه الناس، وإذ وجد في الهيئة كإنسان تواضع وأطاع حتى الموت موت الصليب " (في5: 27) " فالكلمة الابن الوحيد الإله الذي ولد من الله الأب الذي هو بهاء مجده ورسم جوهره (عب3: 1) هو الذي صار جسدا، دون أن يتحول إلى جسد، أي بلا امتزاج أو اختلاط أو أي شئ آخر من هذا القبيل بل " أخلي ذاته " وجاء إلى فقرنا، ومن اجل الفرح الموضوع أمامه، استهان بالعار (عب2: 12) دون أن يحتقر فقر الطبيعة الإنسانية لأنه أراد كإله أن يخلص الإنسان الخاضع للموت والخطية وأن يعيده إلى ما كان عليه في البدء، فجعل جسد البشر جسده ونفس إنسانية عاقلة ... فولد كإنسان بطريقة إعجازية من امرأة، لأنه لم يكن ممكنا بأمره أن نري الله علي الأرض في شكله غير المنظور لأن الله لا يري فهو غير مرئي، وطبيعته غير محسوسة، لكن حسن في عينيه أن يتجسد وأن يظهر في ذاته كيف يمكن أن تتمجد طبيعتنا بكل أمجاد اللاهوت، لأنه هو نفسه إله، وإنسان " في شبه الناس " ولأنه أصلا إله قيل عنه أنه " صار في شبه الناس ". فالله الذي ظهر في شكلنا وصار في صورة العبد، هو الرب وهذا ما نعنيه بأنه صار جسدا ولذلك نؤكد أن العذراء القديسة هي والدة الله " وقال في تفسيره ليوحنا 1: " والكلمة صار جسدا ": " الآن يعلن الإنجيلي التجسد بشكل علني، فهو يؤكد أن الابن الوحيد جاء، ودعي ابن الإنسان. ولهذا السبب بالذات وليس لأجل أي شيء آخر يقول " الكلمة صار جسدا " ومعنى هذه الكلمات لا يزيد عن قوله " الكلمة صار إنسانا "، وتعبير الإنجيلي " الكلمة صار جسدا " ليس غريبا ولا بعيدا عن استعمال الأسفار الإلهية لأنها غالبا ما تسمي الإنسان كله " جسد " كما جاء في النبي يوئيل " سأسكب من روحي على كل جسد " (يوئيل28: 2) ... ولم يقل الإنجيلي أن الكلمة جاء إلى الجسد مثلما فعل في القديم عندما جاء إلى الأنبياء والقديسين، واشتركوا فيه وإنما ما يعنيه الإنجيلي، أنه صار جسدا، أي صار إنسانا ولكنه هو الله بالطبيعة وهو في الجسد، وجعله جسده دون أن يفقد لاهوته. فهذا هو اعتقادنا لأننا نعبده وهو في الجسد ...وحتى لا يتصور أحد بجهل أنه تخلى عن طبيعته، وتحول إلى جسد، وتألم، وبذلك صار قابلا لتغير (مع أن اللاهوت بعيد تماما عن التغيير أو التبديل)، أضاف الإنجيلي الإلهي على الفور " وسكن فينا "، لكي ندرك أنه يتكلم عن شيئين أولا الساكن، ثم المسكن، لكي لا يفترض أحد بعد ذلك أنه تحول إلى جسد، وإنما سكن في الجسد، واستخدم جسده، الهيكل الذي اتخذه من العذراء القديسة، أو كما يقول بولس " لأن فيه يحل كل ملء اللاهوت جسديا " (كو9: 2) ثم يضيف " ورأينا مجده، مجد الابن الوحيد للآب، مملوء نعمة وحقا ":
بعد أن قال أن الكلمة صار جسدا، أي صار إنسانا، وبعد أن جعله معنا في الأخوة الخاصة مع الخلائق والعبيد، يعود ويؤكد كرامته الإلهية التي لم تتغير، ويعلنه لنا إلها كاملا، له كل صفات وطبيعة الآب. فالطبيعة الإلهية لها ثباتها الخاص بها، ولا تقبل التغيير إلى ما ليس منها، بل تظل بلا تبديل محتفظة بما لها من صفات. ولأجل ذلك بعد أن قال الإنجيلي " الكلمة صار جسدا " عاد وأكد أنه لم يخضع لضعفات الجسد، ولم يفقد قوته ومجده الإلهي، عندما لبس جسد الضعف الذي بلا مجد. فقال " ورأينا مجده "، الذي يفوق كل مجد، والذي يجعل كل من يراه يعترف أنه مجد الآب الوحيد، ابن الله الآب، المملوء نعمة وحقا ".
يقول اميروسيوس أسقف ميلان في عمله بخصوص الإيمان " لقد كتب أن الكلمة صار جسدا، ولا أنكر أن هذا كتب، ولكن أنظر إلى النصوص المستخدمة، إذ يتبع هذا قوله، وحل بيننا، وهذا يعني أنه سكن في جسد بشري ... أنه يتكلم عن اتخاذه جسدا ".
ونختم هذه الأقوال بقول القديس اثناسيوس الرسولي إلى أبيكتيتوس " من أين خرجت هذه الأمور. وأي عالم سفلي تقيأ القول بأن الجسد الذي من مريم هو من نفس جوهر لاهوت الكلمة؟ أو بأن الكلمة تحول إلي لحم وعظام وشعر وكل الجسد وتغير عن طبيعته الخاصة؟ أو من كفر إلى مثل هذه الدرجة حتى يقول وهو في نفس الوقت يعتقد أيضا بأن اللاهوت ذاته الذي من نفس جوهر الأب، قد صار ناقصا خارجا من كامل، والذي سمر علي الخشبة لم يكن هو الجسد بل هو جوهر الحكمة الخالق ذاته؟ أو من سمع بأن الكلمة حول نفسه جسدا قابلا للتألم، ليس من مريم بل من جوهره الذاتي فهل يمكن أن يدعي مسيحيا من يقول هذا؟ " لقد صار الكلمة جسدا، صورة الله اتخذ صورة العبد وصار في الهيئة كإنسان، اتخذ كل مالنا، شابهنا في كل شئ ماعدا الخطية " لأنه جاء في شبه جسد الخطية " (رو3: 8)، " مجرب في كل شيء مثلنا بلا خطية " (عب15: 4)، " ظهر في الجسد " الذي اتخذه من مريم العذراء وحل فيه وبه وصار جسده، جسد الله الكلمة، الكلمة المتجسد، الإله المتجسد.
القمص عبد المسيح بسيط أبو الخيركاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد
عن كتاب إذا كان المسيح إلهاً فكيف ُحبل به وولد؟
المزيد
03 ديسمبر 2024
كيف صار الكلمة جسدا؟
س 1: كيف صار الكلمة جسدا هل تحول اللاهوت إلى ناسوت وتغيرت الطبيعة الإلهية وتبدلت أو استحالت إلى طبيعة ناسوتية؟ فالكتاب يقول "والكلمة صار جسداً "ويقول عن امرأة لوط أنها نظرت وراءها " فصارت عمود ملح " (تك26: 19)، ويقول عن عصاه موسى " فصارت حية " (خر3: 4). وقد تحولت امرأة لوط فعلا من لحم ودم وعظام إلى كتلة من الملح وكذلك عصا موسى تحولت من عصاه يابسة جافة إلى حية تدب فيها حياة.
س 2: وهل تحول اللاهوت كذلك عن طبيعته إلى ناسوت فترة التجسد والوجود على الأرض؟
س 3: وهل توقف الله عن كونه إلهاً وتوقفت صفاته الإلهية كالقدرة الكلية، القدرة على كل شيء، والعلم الكلي، العلم بكل شيء، والمعرفة الكلية، معرفة كل شيء، والوجود الكلي، الوجود في كل مكان فيما بين الحمل والقيامة والصعود؟
س 4: وهل عاد إلى طبيعته الإلهية بكونه الله بعد الصعود؟
ج: لا يمكن أن نشبه الله بالبشر فالله طبيعته إلهية غير مرئية أو محسوسة أو مدركه بالحواس، فهو روح " الله روح " (يو24: 4)، " وأما الرب فهو الروح " (2كو17: 3)، وهو نور " الله نور وليس فيه ظلمة البتة " (1يو5: 1)، " الذي وحده له عدم الموت ساكنا في نور لا يدنى منه الذي لم يره أحد من الناس ولا يقدر أن يراه " (1تي 16: 6)، " أبي الأنوار الذي ليس عنده تغيير ولا ظل دوران " (يع17: 1)، ولا يمكن أن يُري " ملك الدهور الذي لا يفنى ولا يرى الإله الحكيم وحده " (1تي17: 1)، أو يُحس أو يُدرك " القدير لا ندركه " (أي23: 37)، " هوذا الله عظيم ولا نعرفه وعدد سنيه لا يفحص " (أي26: 36)، " عجيبة هذه المعرفة فوقي ارتفعت لا أستطيعها " (مز6: 139)، " إلى عمق الله تتصل أم إلى نهاية القدير تنتهي " (أي7: 11)، " عظيم هو الرب وحميد جدا وليس لعظمته استقصاء " (مز3: 145)، " ليس عن فهمه فحص " (اش28: 40)، " يا لعمق غنى الله وحكمته وعلمه ما ابعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء، لان من عرف فكر الرب أو من صار له مشيرا، أو من سبق فأعطاه فيكافأ، لان منه وبه وله كل الأشياء " (رو33: 11-36). ولا أحد يعرف ماهية طبيعته سوي ذاته فقط ويعلنها بكلمته، الابن، صورة الله غير المنظور، والذي يقول ؛ " ليس أحد يعرف الابن إلا الأب. ولا أحد يعرف الأب إلا الابن ومن أراد الابن يعلن له " (مت27: 11) والكتاب المقدس يعلن لنا، أيضا، أن الله لا يتغير ولا يتحول ولا يتبدل ولا يصير عن كونه إلى شئ آخر، فالله هو الله ولا يتغير:
" أنا الرب لا أتغير " (ملا6: 3).
" الله ليس عنده تغيير " (يع17: 1).
" إلى الدهر سنوك (يا رب). من قدم أسست الأرض والسموات هي عمل يديك. هي تبيد وأنت تبقي وكلها كثوب تبلي. كرداء تغيرهن فتتغير وأنت هو وسنوك لن تنتهي " (مز24: 102-27) كما أن الله لا مثيل له لنشبهه بالمخلوقات أو نمثله بها:
" فبمن تشبهون الله وأي شبه تعادلون به " (اش18: 440).
" بمن تشبهونني وتمثلونني لنتشابه " (اش5: 46).
" ليس مثل الله " (تث26: 33).
" أي اله عظيم مثل الله " (مز13: 77).
" ليس مثلي في كل الأرض " (حز14: 14).
" لا مثل لك يارب عظيم أنت " (ار6: 10).
س 5: ولكن ما الذي يمنع أن يكون المسيح قد تغير فعلا بالتجسد، بمعني أنه إذا كان الله غير متغير فما الدليل علي أن المسيح غير متغير أو متحول أو متبدل؟
ج: المسيح باعتباره كلمة الله وعقله النطق وصورة الله وابن الله والإله القدير، الله الكلمة، فهو غير متغير أو متحول أو متبدل بطبيعة لاهوته:
" يسوع المسيح هو هو امسا واليوم والي الأبد " (عب7: 13).
أي أنه كما هو منذ الأزل والي الأبد هو هو لم ولن يتغير فهو الذي قال عن نفسه " أنا الألف والياء. البداية والنهاية. الأول والأخر ". (رؤ13: 22). وخاطبه القديس بولس باعتباره الله رب العرش الثابت والذي لا يفني ولا يتغير بنفس النصوص التي خاطب بها داود النبي الله في المزامير قائلاً:
" وأما عن الابن كرسيك يا الله إلى دهر الدهور ... وأنت يارب في البدء أسست الأرض والسموات هي عمل يديك. هي تبيد ولكن أنت تبقي وكلها كثوب تبلي وكرداء تطويها فتتغير ولكن أنت أنت وسنوك لن تفني " (عب7: 1-13). ويلاحظ، هنا، أن الروح القدس يقول عنه " هوهو ويخاطبه " أنت أنت " أي هو كما هو أنت كما أنت منذ الأزل والي الأبد بدون تغيير وقال هو أيضا عن نفسه ؛ " قبل أن يكون إبراهيم أنا أكون (كائن) " (يو58: 8) قالها بصيغة المضارع (أكون) أي أنه يكون دائما بدون تغيير.
س 6: إلا يعتبر ميلاده من العذراء ونموه في الجسم والقوه والحكمة وأكله وشربه ... الخ، وهو، بلاهوته، الأبدي الأزلي والكامل والغير محدود والذي لا يأكل ولا يشرب نوعا من التغير؟
ج: كلا فكل هذه من خصائص وصفات الطبيعة الإنسانية التي اتخذها، كإنسان بعد التجسد.
س 7: فما معني صار إذا. ألا تعني أنه صار من شئ إلى آخر أي تحول وتبدل؟
ج: كلا. وسبق أن قلنا أن الله لا يتغير ولا يتحول ولا يتبدل. وقد وردت كلمة " صار " بمعاني مختلفة سواء في العهد القديم أو العهد الجديد. فقد جاءت في العهد القديم في الآيات التالية:
" وقال الرب الإله هوذا الإنسان قد صار كواحد منا " (تك22: 3).
" أحمدك (يارب) لأنك استجبت لي صرت لي خلاصا " (مز21: 118).
" صارت لي دموعي خبزا نهارا وليلا " (مز33: 42).
" لأنه قال فكان. هو أمر فصار " (مز9: 33).
وفي هذه الآيات الأربع نجد أن معني كلمة " صار " لا يعني بالضرورة التحول أو التغيير ففي الآية الأولى لا يمكن أن يكون آدم قد " صار " مثل الله بمعني تحول إلى الألوهية وصار ألها؟! وفي الثانية لا يعني التحول وإنما يعني أنه أصبح (صار) مخلصا للمرنم عندما التجأ إليه، وفي الثالثة لا يعني المرنم أن دموعه " صارت " خبزا بمعني أنها تحولت إلى خبز يؤكل وإنما يعني أنه كان يبكي ليلا ونهارا، وفي الرابعة تعني " صار" حدوث الشيء وكينونته بعد أمر الله وقد وردت كلمة صار (εγένετο -egeneto) في العهد الجديد من الفعل (γίνομαι - ginomai) والذي ترجم بمعنى " يصير أو يكون " وأيضا " يحدث، يجري، يحصل، يتفق يعرض، يكون، يتكون،يجعل، يصنع، مولود ...الخ "، ونكتفي هنا بذكر بعض الأمثلة التي تخص شخص السيد المسيح فقط:
" الحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار (εγένήθη - egenethy) رأس الزاوية " (مت42: 21).
" ما هذه الحكمة إلى أعطيت له حتى تجري (γινόμεναι - genomenai) علي يديه قوات مثل هذه " (مر2: 6).
" وفرح كل الجمع بجميع الأعمال المجيدة الكائنة (γενομένοις - genomenois) منه " (لو17: 13).
" كل شئ به كان (εγένετο - egeneto) وبغيره لم يكن شئ مما كان " (يو3: 1).
" كان في العالم وكون العالم به (εγένετο - egeneto) " (يو10: 1).
" قبل أن يكون (γενέσθαι - genesthai) إبراهيم أنا أكون " (يو58: 8).
" ولما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولوداً (γενόμενον - genomenon) من امرأة مولودا تحت الناموس " (غل4: 4).
" لكنه أخلي نفسه اخذاً صورة عبد صائرا (γενόμενος- genomenos) في شبه الناس " (في7: 2).
" صائرا (γενόμενος- genomenos) اعظم من الملائكة بمقدار ما روث اسما افضل منهم " (عب4: 1).
" دخل يسوع كسابق لأجلنا صائرا (γενόμενος- genomenos) علي رتبة ملكي صادق رئيس كهنة إلى الأبد " (عب20: 6).
وفي هذه الآيات العشر لا تعني أية منها التحول أو التغيير وقد ترجمت بمعاني عديدة: " صار " " تجري "، " كان "، " كون "، " يكون "، مولود "، وفي جميع الآيات التي ترجمت فيها بمعني " صار " لا تعني التحول أو التغيير مطلقا وإنما تعني الأولى الحصول علي الرتبة الأولى (المقدمة)، رأس، أي الحجر الأساسي في البناء والسابعة تعني " الولادة من امرأة " ليس بالتحول أو التغيير وإنما باتخاذ جسدا من امرأة والدخول تحت حكم الناموس كإنسان. والثامنة تعني أنه اخذ صورة عبد بظهوره في شبه الناس بالجسد الذي اتخذه وليس بالتحول إلى شبه الناس فالرسول بولس يقول بالروح عن الرب يسوع المسيح ؛ " الله الذي أرسل ابنه في شبه جسد الخطية " (رو3: 8). لاحظ (εν -in) في شبه جسد وليس متحولا إلى جسد وإنما " في " وكذلك القديس يوحنا يقول ؛ " كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من الله " (يو2: 4). هنا أيضا يقول أنه جاء " في الجسد وليس بالتحول أو التغيير إلى الجسد. " والقديس بولس يقول بالروح أيضا " عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد " (εν -in) ظهور في الجسد وليس تحّول أو تبّدل أو تغيّر إلى جسد، لم يقل أنه ظهر جسدا وإنما ظهر " في - εν - in " الجسد وهذا أيضا ما يعنيه الكتاب بالروح القدس بقوله ؛ " والكلمة صار جسدا " أنه لا يعني التحول أو التغير ولكن يعني الاتخاذ كقول الكتاب بالروح ؛ " فأنه لم يتخذ الملائكة قط بل إنما اتخذ نسل إبراهيم " (عب16: 2). أو كما جاء في كتاب Reference chain Thompson " أنه لم يتخذ له (on him) طبيعه الملائكة وإنما اخذ له (on him) نسل إبراهيم " (عب16: 2) أنه اتخذ جسدا أعده بنفسه من وفي أحشاء العذراء مريم كما قال لها الملاك ؛ " القدوس المولود منك يدعى ابن الله " (لو35: 1)، وهو ثمرة بطنها كما قالت لها اليصابات بالروح القدس " مباركة أنت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك " (لو42: 1). وداخل أحشائها كما يقول الكتاب بالروح ؛ " هيأت لي جسدا " لذلك عند دخوله إلى العالم يقول ذبيحة وقربان لم ترد ولكن هيأت لي جسدا ... لا فعل مشيئتك يا الله " (عب5: 10) أعد لنفسه جسدا وهيأه داخل رحم العذراء مريم وحل فيه بملء لاهوته منذ اللحظة الأولى لبداية تكونه من أحشاء العذراء وداخل بطنها، ولم يوجد هذا الجسد، الطبيعة الإنسانية الكاملة، بدون اللاهوت لحظة واحدة ولا طرفة عين، بل وجد متحداً باللاهوت ؛
" لأنه فيه (جسده) سر أن يحل كل الملء" (كو19: 1).
" قد صالحكم الآن في جسم بشريته بالموت " (كو21: 1،22).
" فأن فيه يحل كل ملء اللاهوت جسديا " (كو9: 2) لقد اتخذ جسدا، هيأه وأعده لنفسه وحل فيه واتحد به منذ اللحظة الأولى لبدايته في بطن العذراء وصار جسده، جسد الكلمة، جسد الله، الإله المتجسد، عمانوئيل الله معنا.
س 8: إذا كان الله الكلمة قد اتخذ جسدا بمعني أعده وحل فيه وهو متحدا به فلماذا لم يقل والكلمة اتحد بجسدٍ وهيأ لنفسه جسدٍ واتحد به أو ما شابه ذلك؟
ج: لقد أكد الكتاب في مواضع عديدة، كما سنبين، أنه هناك تمييز ما بين الكلمة " الله " وبين الجسد الذي اتخذه من حيث الطبيعة، طبيعة اللاهوت وطبيعة الناسوت كقوله: " الله حلف له (داود) بقسم أنه من ثمره صلبه يقيم المسيح حسب الجسد ليجلس علي كرسيه " (أع30: 2).
- " أبنه (ابن الله) الذي صار من نسل داود من جهة الجسد " (رو3: 1).
- " منهم (اليهود) المسيح حسب الجسد الكائن علي الكل الإله المبارك " (رو5: 9).
- " وقد صالحكم الآن في جسم بشريته بالموت " (كو22: 1).
- " الذي في أيام جسده إذ قدم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات " (عب7: 5).
- " فأن المسيح تألم مره واحدة ... مماتا في الجسد ولكن محي في الروح " (1بط18: 3).
وفي هذه الآيات يبين لنا الكتاب بالروح أن ناسوت (جسد) المسيح، طبيعته الإنسانية، مأخوذ من صلب إبراهيم وداود، من نسل إبراهيم ونسل داود " من ثمرة صلبه "، " من نسل داود حسب الجسد "، " منهم (نسل إبراهيم) " المسيح حسب الجسد " كما أنه تألم في جسده، في جسم بشريته وكذلك مات بالجسد.
ولم يقل الكتاب " اتحد بجسد " بدلا من " صار جسدا " لئلا يفهم أنه كان هناك " جسد " ثم اتحد به، أو أنه حل علي إنسان كان موجوداً سابقاً للحلول والاتحاد ثم حل عليه واتحد به. ولكنه قال " صار جسدا " بمعني أنه حل في بطن العذراء بلاهوته أولا قبل أن يوجد " الجسد " واتخذ منها جسدا واتحد به منذ اللحظة الأولى لحلوله وبداية الجسد ونما متحدا (متجسدا) باللاهوت.
س 9: هل كان اللاهوت موجوداً أولا وكان هناك وقت لم يكن فيه الناسوت؟
ج: نعم اللاهوت أزلي أبدي لا بداية له ولا نهاية، ولكن الناسوت لم يوجد قبل بداية تكونه من وفي أحشاء العذراء مريم برغم من أنه ناسوت الإله المتجسد.
س 10: هل أعد اللاهوت الناسوت ثم حل فيه؟ أو هل وجد الناسوت لفترة ثم حل فيه العذراء القديسة مريم؟
ج: حاشا وكلا: لم يوجد الناسوت لحظة واحدة ولا طرفة عين بدون اللاهوت أو بعيدا عنه وإنما وجد ونما متحداً باللاهوت. كما نما الناسوت وهو جسد كلمة الله ووجد وهو متحد باللاهوت. لقد كان هو الإله المتجسد ولم يوجد لحظة واحدة ولا طرفة عين دون اللاهوت وإنما كان منذ اللحظة الأولى هو الإله المتجسد، منذ البدء هو عمانوئيل، القدوس، رب العالمين. فبعد بشارة الملاك للعذراء مباشرة يقول الكتاب " فقامت مريم في تلك الأيام " (لو39: 1)، ذهبت مريم إلى اليصابات بعد حبلها بيوحنا المعمدان بسته اشهر وكانت العذراء حامل بالجنين الإلهي في لحظاتها الأولي، وبمجرد دخولها على اليصابات " أرتكض الجنين (يوحنا المعمدان) في بطن أمه للإله المتجسد الذي في بطن العذراء والتي لم تتعد بشارة الملاك لها بالحبل بعمانوئيل، القدوس أبن الله، سوي أيام تعد علي أصابع اليد. وقال عنه المعمدان أيضا:
" الذي يأتي بعدي صار قدامي لأنه كان (اقدم مني) قبلي ومن ملئه نحن جميعا أخذنا " (يو15: 1،16).
القمص عبد المسيح بسيط أبو الخيركاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد
عن كتاب إذا كان المسيح إلهاً فكيف ُحبل به وولد؟
المزيد
07 سبتمبر 2022
ضد المسيح من هو؟(1) وما هي أوصافه ج5؟
5 - ضد المسيح وإسرائيل
يجمع معظم أباء الكنيسة والدارسين والمفسرين في كل العصور على أن ضد المسيح هو إنسان، شخص يهودي، سيولد كإنسان عادى من رجل وامرأة ثم يدعى بعد ذلك أنه المسيح الحقيقي الذي ينتظره اليهود.فقد سبق الله ووعد، كما بينا سابقا، بأن نسل المرأة الذي هو نسل إبراهيم واسحق ويعقوب وداود، الذي هو المسيح سيأتي ليخلص العالم من خلال تجسده، مجيئه بالجسد من بنى إسرائيل " ومنهم المسيح بالجسد ". وقد أنتظر اليهود هذا المسيح القادم، الذي سيولد منهم لمئات السنين، وقد تركز فكرهم لا في خلاصهم من عقوبة الخطية والموت الأبدي، بل تركز في خلاصهم وجمعهم من الأمم وسيطرتهم على العالم وأن يجعلهم يعيشون في سلام وأمان! وفسروا جميع نبوات العهد القديم عن المسيح بصورة حرفية بحتة، كما فعل التدبيريون بعد ذلك (أنظر الفصل السادس)، ولما جاء السيد واشبع الجموع بخمسة خبزات وسمكتين آمنوا أنه هو الآتي " فلما رأى الناس الآية التي صنعها يسوع قالوا أن هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم، وأما يسوع فإذ علم انهم مزمعون أن يأتوا ويختطفوه ليجعلوه ملكا انصرف أيضا إلي الجبل وحده 000 ولما وجدوه في عبر البحر قالوا له يا معلم متى صرت هنا؟ أجابهم يسوع وقال الحق الحق أقول لكم انتم تطلبونني ليس لأنكم رأيتم آيات بل لأنكم أكلتم من الخبز فشبعتم. اعملوا لا للطعام البائد بل للطعام الباقي للحياة الأبدية الذي يعطيكم ابن الإنسان لان هذا الله الأب قد ختمه " (يو 14: 6،15،25-27). وقال أمام بيلاطس البنطى " مملكتي ليس من هذا العالم " (يو36: 18). ولما وجدوا أن دعوته لا تهتم بما يتمنون ويأملون قالوا "ماذا نصنع فان هذا الإنسان يعمل آيات كثيرة أن تركناه هكذا يؤمن الجميع به فيأتي الرومانيون ويأخذون موضعنا وامتنا " (يو47: 11،48). ومن ثم قرروا قتله!!
ولا يزال اليهود حتى اليوم ينتظرون مجيء المسيح الذي سيحقق لهم توقعاتهم وأحلامهم! فيملك عليهم كابن داود المنتظر ويجمعهم من كل الأمم ويعيد أورشليم إلى ما كانت عليه، بل ويجعلها عاصمة العالم الروحية، وفى الوقت الحالي يتوقعون قرب مجيئه، ويقول بعضهم أنه سيأتي قبل سنة 2000م!! ويقول بعض الربيين أن المسيح المنتظر سيبنى الهيكل، هيكل سليمان، أو ما يسمونه حاليا بالهيكل الثالث، ويعيد تقديم الذبائح الحيوانية عليه كما كانت أيام موسى وسليمان..الخ (ملا 1: 3)! ويقول حاييم ريتشمان رئيس معهد الهيكل في إسرائيل " بصرف النظر عن كون الهيكل سيبنى قبل أو بعد ظهور المسيا، فالشخص الذي سيأتي من نسل داود، الذي سيكون إنساناً تاماً، والذي سيكون أعظم معلم وجد في الوجود، والذي ستكون له القوة المسلمة إليه ليعيد البشرية إلى قيمها الروحية الأصلية ويعيد ربط كل شخص هو المسيا ". ونتيجة لحلم اليهود هذا وانتظارهم للمسيح " الآخر الذي سيأتي من نفسه " فقد شهد التاريخ اليهودي وشهدت التجمعات اليهودية في أوربا وآسيا منذ القرن الأول الميلادي وخلال العصور الوسطي الكثيرون الذين ادعوا وزعم كل منهم أنه المسيح المنتظر!! وكانت نهايتهم جميعا واحدة وهي الفشل الذريع أو الموت. فقد ظهر في القرن الثاني الميلادي 24 شخصاً يهودياً أدعى كل منهم أنه المسيح المنتظر ومن أشهرهم باركوبه الذي أدعى أنه رئيس الأمة اليهودية وملكها فانحاز إليه اليهود ضد الرومان وانتهى بالهلاك. وفى القرن الثاني عشر ظهر عشرة رجال ادعى كل منهم أنه المسيح، وكان من بين أولئك المسحاء الكذبة " داود الرائي " (1147 م) والتحق بهم عدد غفير من اليهود.. ومات كثيرون منهم بسبب الاضطهادات. وفى عام 1250م ظهر ابراهام أبو العافية، وفى سنة 1502م ظهر أشير لاملين. وكان أشهرهم سبتاي تسيفي الذي أعلن نفسه انه المسيح عام 1664 م، وفى عام 1682م ظهر مردخاى الألماني الذي هرب باتباعه ولم يعرف له مكان. وفى القرن التاسع عشر ظهر في باريس رجل فرنسي ادعى أنه المسيح ولم ينحز إليه إلا عدداً قليل ثم أختفي مع أنصاره!!
ويؤمن اليهود أنه سيظهر فجأة في الهيكل ويجلب السلام لإسرائيل ثم لكل العالم. ويقول الكتاب أن ضد المسيح سيكون له نفس هذه الصفات. فهو مسيح كاذب، وسيأتي باسم نفسه، كما قال السيد المسيح " أنا قد أتيت باسم أبى ولستم تقبلونني أن أتى أخر باسم نفسه فذلك تقبلونه " (يو5: 43). فهو الآخر أو الذي يدعى أنه المسيح، المسيح الكذاب، والذي يسميه الكتاب ضد المسيح. وعبارة ضد المسيح في أصلها اليوناني Anti Christ وتعنى ضد المسيح وأيضا بديل المسيح. وهو إنسان كما كان المسيح أيضا إنساناً، فقد ولد المسيح في ملء الزمان من امرأة وكان مجربا مثلنا في كل شيء بلا خطية (غل4: 4؛ عب15: 4). وهكذا سيكون من يدعى أنه المسيح، المسيح الكاذب، ضد المسيح. فاليهود يتوقعون مسيا من نسل داود وليس ملاك من السماء، ولكن المسيحيين هم الذين يتوقعون المجيء الثاني للرب من السماء (1كو 47: 15). والمسيح الكذاب سيظهر لليهود على أنه المسيا الآتي من نسل داود، الموعود نسل إبراهيم واسحق ويعقوب، ولن يظهر للمسيحيين على أنه المسيح الآتي ثانية من السماء. ومن ثم يدعوه الكتاب ب " إنسان الخطية ابن الهلاك " (1تس 3: 2). ويبدو أن عبارة إنسان الخطية مع عبارة معصية الخراب التي سترتبط بظهوره في الهيكل أوحت للبعض أنه سيولد من زنى، لذا قال البعض أنه سيأتي من شاب من سبط دان، كما حدد تاريخ ميلاده وختانه وظهوره وقد مرت كل التواريخ التي ذُكرت ولم يظهر شيء!! " بعد حرب يونية 1967م واستيلاء اليهود على مدينة القدس حُبل بهذا الطفل نتيجة علاقة وقتية بين شاب يهودي (من سبط دان - تك 16: 49،17) - وغالبا كان هذا الشاب جندي في هذه الحرب – وشابة صغيرة في سن المراهقة، وولد هذا الإنسان بعد تسعة شهور من آخر يونية 1967م، أي في آخر مارس 1968م 000 فيوم 2أبريل هو يوم ختان الطفل – معصية الخراب – مسيح اليهود الكذاب 000 وجدير بالذكر أن هذا الإنسان سيظل مجهولا ولن يعرفه أحد من بنى البشر، فقط الله في سمواته، وكذلك على الأرض الشيطان الذي سيعده لساعة ظهوره في سن الثلاثين لخديعة العالم 000 ولابد أن يكون ظهوره في سن الثلاثين لكي يكون مطابق للنبوات.سنة ظهور المسيح الكذاب = مارس 1968 + 30 سنة = مارس - أبريل 1988م. أي في وقت عيد فصح اليهود من 10 - 17 أبريل م. ".
وسيملك هذا الشخص في أورشليم مدة يصفها الكتاب في سفر الرؤيا بزمان وزمانين ونصف زمان (رؤ14: 12) و " أثنين وأربعين شهرا " (5: 13) و" 1260 يوما " (رؤ3: 11)، ثلاث سنوات ونصف. في أثناء هذه المدة، سواء كانت مدة رمزية أو حرفية، سيجلس في هيكل الله ويعطى لنفسه ألقاب السيد المسيح فيدعى أنه المسيح وأنه إله ويحاول أن يضل حتى لو أمكن المختارين! ثم يتحول إلى تمجيد نفسه ويقوم بعمل معجزات بخديعة الشيطان " ويصنع آيات عظيمة حتى انه يجعل نارا تنزل من السماء على الأرض قدام الناس، ويضل الساكنين على الأرض بالآيات التي أعطى أن يصنعها أمام الوحش " (رؤ13: 11،14). وسينخدع فيه ويصدقه ويجرى وراءه ويؤمن به بعض من اليهود ويرفضه المؤمنون. ثم يتحول إلى محاربة " وأعطى أن يصنع حربا مع القديسين ويغلبهم وأعطى سلطانا على كل قبيلة ولسان وأمة " (رؤ13: 7)، " وحينئذ سيستعلن الأثيم الذي الرب يبيده بنفخة فمه ويبطله بظهور مجيئه، الذي مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة، وبكل خديعة الإثم في الهالكين لأنهم لم يقبلوا محبة الحق حتى يخلصوا. ولأجل هذا سيرسل إليهم الله عمل الضلال حتى يصدقوا الكذب " (2تس8: 2-11).ومع عدم موافقتنا على تحديد زمن محدد للمجيء الثاني وظهور ضد المسيح ونهاية العالم، لأنها ضد ما قاله السيد المسيح، نقول أن كثيرين من الأباء قالوا أن ضد المسيح، أو المسيح الكذاب يأتى من سبط دان وذلك بسبب نبوة يعقوب عن سبط دان القائلة " دان يدين شعبه كأحد أسباط إسرائيل. يكون دان حية على الطريق افعوانا على السبيل يلسع عقبي الفرس فيسقط راكبه إلي الوراء " (تك17: 49،18)، وعدم ذكر سبط دان نهائيا في سفر الرؤيا ضمن أسباط إسرائيل الأثنى عشر واستبداله بمنسي ابن يوسف (رؤيا 7).وهكذا وجد أضداد كثيرين للمسيح والمسيحية وسوف يأتي ضد المسيح الرئيسي في المستقبل قبل المجيء الثاني للمسيح والدينونة وسيرى منه المؤمنون كل ما سبق أن كتب عنه في سفر دانيال والعهد الجديد. وسوف تحدث حروب بين جنود المسيح وبين ضد المسيح وجنوده وستنتهي في النهاية بإبادة المسيح لهذا الدجال ضد المسيح ونرى في نهاية كل حديث عن ضد المسيح أن المسيح قد حطمه وأباده. ففي رؤيا دانيال يقول الملاك لدنيال عن فناء ضد المسيح أو القرن الصغير " فيجلس الدين وينزعون عنه سلطانه ليفنوا ويبيدوا(أي العشرة ملوك ضد المسيح وكل ما يتصل بالمملكة الرابعة) إلى المنتهى ". يقول يوحنا الرائي " هؤلاء الملوك العشرة " سيحاربون الحمل " المسيح " والحمل يغلبهم لأنه رب الأرباب وملك الملوك ". ويقول القديس بولس بالروح " الذي الرب يبيده بنفخه فمه ويبطله بظهور مجيئه".وما اجمل هذه الصورة التي نرى فيها المسيح منتصرا على الشر في وقت النهاية إذ أنه خرج غالبا ولكي يغلب لان أزمنة الأمم قد انتهت وجاء زمن رد كل شئ في الأبدية. يقول يوحنا الرائي " ثم رأيت السماء مفتوحة إذا فرس أبيض والجالس عليه يدعى أمينا وصادقا وبالعدل يحكم ويحارب. وعيناه كلهيب نار وعلى رأسه تيجان كثيرة وله اسم مكتوب ليس أحد يعرفه إلا هو. وهو متسربل بثوب مغموس بدم ويدعى اسمه كلمة الله والأجناد الذين في السماء كانوا يتبعونه على خيل بيض لابسين بزا ابيض ونقيا ومن فمه يخرج سيف ماضي لكي يضرب به الأمم وهو سيرعاهم بعصا من حديد وهو يدوس معصرة خمر سخط وغضب الله القادر على كل شئ. وله على ثوبه وعلى فخذه اسم مكتوب ملك الملوك ورب الأرباب " (رؤ 11: 19-16).
القمص عبد المسيح بسيط أبو الخيركاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد
عن كتاب المجيء الثاني متى يكون وما هي علاماته؟
المزيد
06 سبتمبر 2022
ضد المسيح من هو؟(1) وما هي أوصافه ج4؟
4 - أضداد كثيرون للمسيح عبر التاريخ القديم والمعاصر
وكما تحدث السيد المسيح عن ضد المسيح، المسيح الكذاب، أو المسيح الدجال، الذي وصفه "بالآخر " والذي وصفه القديس بولس ب " ابن الخطية، الأثيم، ابن الهلاك " تحدث أيضا عن أنبياء كذبة ومسحاء كذبة وقال " انه سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضا " (مت24: 24)، تحث القديس يوحنا عن " أضداد للمسيح كثيرون " ؛ " أيها الأولاد هي الساعة الأخيرة وكما سمعتم أن ضد المسيح يأتي قد صار الآن أضداد للمسيح كثيرون من هنا نعلم أنها الساعة الأخيرة " (1يو 2: 18). وكما بينا أعلاه فمن أهم صفات أضداد المسيح ؛ إنكار لاهوت المسيح وتجسده ووحدانية الآب والابن، أي إنكار الثالوث المقدس وعمل الفداء. وهذا الفكر ينطبق على الكثيرين عبر التاريخ من أصحاب البدع والهرطقات وغيرهم، سواء في العصور القديمة أو الحديثة، من أمثال اريوس وشهود يهوه والمورمنس 00الخ كل الذين أنكروا لاهوت المسيح وعقيدة الثالوث والتجسد وعمل الفداء. وقد وُصف قادة اليهود بسبب موقفهم الرافض والمقاوم للمسيح والمسيحية بأنهم أضداد ليس للمسيح فقط بل ولكل الناس لأنهم وقفوا ضد طريق الخلاص " الذين قتلوا الرب يسوع وأنبياءهم واضطهدونا نحن وهم غير مرضين لله وأضداد لجميع الناس (1تس2: 15). كما وُصف عدد كبير من القادة وغيرهم عبر التاريخ القديم والحديث بلقب " ضد المسيح " بسبب مواقفهم المختلفة والمقاومة سواء من جهة العقيدة المسيحية أو بسبب نظريات تفسيرية معينة. وفيما يلي ملخص لأهم هؤلاء من خلال ما سجله لنا تاريخ الكنيسة المسيحية القديم والحديث، وما سجلته الكتب وغيرها من وسائل المعرفة:
(1) ضد المسيح والإمبراطورية الرومانية ؛ تحدث القديس يوحنا بالروح،كما بينا أعلاه، عن أضداد كثيرين للمسيح وكل واحد منهم هو نموذج ورمز وصوره ضد المسيح الآتي في نهاية العالم. وقد تحقق إعلان الوحي على مر التاريخ في انتيوخس ابيفانس مجسم ونموذج ضد المسيح في القديم، وتصور بعض الآباء أنه سيمون الساحر. وكانت الإمبراطورية الرومانية في نظر المسيحيين في القرون الأولى هي ضد المسيح وأباطرتها هم أضداد للمسيح والمسيحية الرومان من كاليجولا إلى نيرون إلى دقلديانوس.. الخ. والذين كانوا اشد قسوة واكثر هولا على المسيحيين والمسيحية وحاولوا استئصال المسيحية من جذورها. ففي سنة 40م أصدر جايوس قيصر المعروف بكاليجولا أمرا بوضع تمثاله في الهيكل في أورشليم، وأرسل كتيبتين من جنوده لتنفيذ هذا الأمر بالقوة وهنا تصور المسيحيون واليهود أن نبوة المسيح عن رجسة الخراب (مت15: 24،16) قد تحققت. ولكن كاليجولا مات فجأة ولم ينفذ أمره! وفى سنة 64م أضطهد نيرون المسيحيين بشدة وأتهمهم بحريق روما، ومنذ ذلك التاريخ أعتبر الكثيرون من الآباء أن نيرون هو ضد المسيح. وقد أستمر ذلك حتى بعد موته! وظهرت نظرية تقول أنه سيقوم من الموت ويكون هو ضد المسيح! وأعتقد كل من لاكتانيوس (240 -320م) وجيروم (340 -420م) واغسطينوس 354 -430م)، أن ضد المسيح هو نيرون القائم من الموت والعائد إلى الحياة! ولما حاول الإمبراطور شارلمان (742 - 814 م) إعادة إحياء الإمبراطورية الرومانية ثانية رأوا فيه ضد المسيح المذكور في نبوات سفر دانيال وسفر الرؤيا. وعندما غزا نابليون بونابرت (1769 - 1821م) أوربا وحاول توحيدها رأوا فيه نفس ما رأوه في شارلمان، ونفس الشيء حدث مع القيصر ولهيم Wilhem، وكذلك وصف كل من هتلر (1889 - 1945م) في ألمانيا، وموسيلينى (1899 - 1955م) في إيطاليا بسبب محاولاتهم أحياء الإمبراطورية الرومانية. ونفس الشيء أيضا يقال عن السوق الأوربية المشتركة والتي ينظرون إليها باعتبارها الإمبراطورية الرومانية العائدة إلى الحياة!! وما يسمى بالنظام العالمي الجديد الذي يمهد لمجيء الوحش أحد أعضاء ما يسمى بالثالوث الشيطاني الذي سيحكم العالم ضد حكم المسيح، وكذلك الكومبيوتر العملاق الذى يوجد في المقر الرئيسي في بروكسل ببلجيكا والذي يقال أنه يضم معلومات عن كل شخص على وجه الأرض ويدار بواسطة ثلاث مجموعات مكونة من ست (6) وحدات رقمية!!
(2) ولما ظهرت حركة الإصلاح البروتستانتية قالوا أن بابا روما هو ضد المسيح، وقال مارتن لوثر (1483- 1546م) أن النظام البابوي، كل بابوات روما، هو ضد المسيح، وكانوا يصفون ضد المسيح بشخص مثل البابا. وما تزال هذه النظرة عند بعض البروتستانت إلى بابا روما حتى اليوم!! بل ويصفون البابوية بأنها بابل الزانية التى اضطهدت القديسين!! وبنفس الطريقة وصف الكاثوليك مارتن لوثر بأنه ضد المسيح!! ويقول أحد الكتاب من الكنيسة الإنجيلية المشيخية " من يضطهد من؟ حقيقة أن الكاثوليكية الرومانية متهمة باضطهاد الكثيرين. ولكن هذا الاتهام لا ينطبق علي الكاثوليكية فقط، بل أيضا علي البروتستانت. فإذا كانت الكاثوليكية قد اضطهدت البروتستانت، فهناك اضطهادات كثيرة ارتكبها البروتستانت ضد الكاثوليك - بل هناك الملايين من الجنود من كلا الطرفين قتلوا في حرب الثلاثين عاما من 1618 - 1648 - بجانب اضطهاد الكنيستين لأصحاب مذهب أل Anabaptists (الذين ينادون بقصر المعمودية علي الكبار دون الأطفال) والهراطقة ". وعندما حدثت الثورة الفرنسية وحاول رجالها بإيحاء من مفكرين من أمثال فولتير القضاء على المسيحية سواء الكاثوليكية أو البروتستانتية، وحولوا كاتدرائية نوتردام إلى معبد لعبادة العقل، نظر إليهم المؤمنين على أنهم ضد المسيح، وقالواأن ضد المسيح أظهر نفسه.
(3) كما وصف بعض رؤساء الدول من المعاصرين بأن كل منهم هو ضد المسيح لأسباب مختلفة ؛ فقد وصف ستالين في روسيا الشيوعية والذي قتل 30 مليون نسمة من شعبه بسبب اضطهاده للمسيحية والدين عموما، والديكتاتور الأسباني فرانشيسكو، وجون كيندى الذى كان أول رئيس كاثوليكي للولايات المتحدة الأمريكية، بسبب تبعيته للكنيسة الرومانية، كما أن عدد الأصوات التى حصل عليها من المرشحين في الحزب الديموقراطي (666) صوتاً، وهنري كيسنجر بسبب أصله اليهودى وكونه أمريكي ونشاطه في مشكلة الشرق الأوسط وحسب اسمه الأخير هو (666)، والملك الأسباني خوان كارلوس بسبب نسبه وسبب دخول أسبانيا كالدولة العاشرة في السوق الأوربية المشتركة وقالوا أنه سيكون ملكا لأورشليم وحامى حمى الكاثوليكية، وآية الله الخومينى بسب موقفة من أمريكا، والرئيس الأمريكي رونالد ويلسون ريجان لأن كل اسم من أسمائه الثلاثة يتكون من ستة حروف Ronald Wilson Reagan كما أن رقم منزله في كاليفورنيا كان (666) علما بأنه رجل متدين وقد قام بتحويل رقم منزله إلى 668، والرئيس السوفيتي ميخائيل جورباتشوف أول رئيس روسي يؤيد حقوق الإنسان وبسبب تأييده للنظام العالمي الجديد ولأن اسمه في الروسية هو " جوجرا باتشيف " والحروف الثلاثة الأولى من اسمه هي " جوج " التى تقول النبوات أنه سيحارب إسرائيل، والرئيس العراقي صدام حسين الذى ينظرون إليه باعتباره الوحش في سفري دانيال والرؤيا ولأنه يحاول أحياء الإمبراطورية البابلية من جديد ويحاول إعادة بناء برج بابل، والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لأنه وقع معاهدة السلام مع إسرائيل سنة 1993م، السلام الذى يقولون أنه السلام الزائف الذى سيستمر سبع سنوات، وكذلك العروسة، الدمية، الديناصور بارني لأنها تشبه الوحش Dragon الأرجواني في سفر الرؤيا!! وعدى أبن الرئيس صدام حسين لأنه أكثر شراسة من أبيه وهناك احتمال أن يكون الرئيس التالي له، والرئيس الأمريكي كلينتون والرئيس الفرنسي جاك شيراك والرئيس السوري حافظ الأسد الذى يمثل الملك السوري مضطهد اليهود أو ملك الشمال والملك حسين ملك الأردن، الراحل، لأنه الرئيس العربي الوحيد الذى له علاقات ودية مع إسرائيل!! والأمير تشارلز ولى عهد بريطانيا بسبب أصله الروماني!!
وهناك شخصيات معاصرة أيضا كثيرة أعطيت لقب ضد المسيح بسبب أعمالها وما تدعيه لنفسها. وعلى سبيل المثال ؛ القس صان ميانج مونSun Myung Moon قائد الكنيسة الموحدة Unification Church ويدعى أنه المسيا ودخل السجن بسبب عدم دفعه للضرائب ويتبعه أكثر من 000, 30 شخص من الأمريكيين. وجورو مهيراجي Guru Mahereji رئيس إرسالية النور الإلهي Divine Light Mession والذي وعد بأن يعلن الله وأن يؤسس سلاما عالميا. ويطلقون عليه لقب المعلم الكامل وتضم جماعته 500 ألف أمريكي وأكثر من 8 مليون هندي. والساحر الأمريكي ديفيد كوبر David Cuper والذي يعمل أعمال سحرية مبهرة والذي أوحى للناس أنه أخفى تمثال الحرية لمدة 15 دقيقة في وجود وكالات الأنباء والصحافة والتليفزيون، كما أوحى أيضا أنه اخترق سور الصين العظيم بجسده إلي جانب الأخر.وغير هؤلاء يوجد عدد كبير من المسحاء الكذبة في الوقت الحاضر والذي يصل عددهم إلى الآلاف فقد نشرت مجلة " أخبار الحوادث " بتاريخ 23/ 3/ 1995 ص 25 تحت عنوان: حرب شرسة جديدة تجتاح العالم " المسيخ الدجال " بالجملة " احترسوا إنها حرب جديدة تجتاح العالم، أبطالها بعض الدجالين والمتخلفين دينيا وعقليا أطلقوا علي أنفسهم الأنبياء الجدد أو المسيخ الدجال! وصل عدد هؤلاء الدجالين إلى 50 ألف مسيخ دجال من بينهم 500 في فرنسا! نوعية من البشر أصبحت تشكل خطورة بالغة علي عشرات الملايين من الأفراد.. تأثير خادع وضلال اشد وطأة من اغتيال الشخص نفسه ممارسات مجنونة تصل إلى حد الإغتصاب والانتحار الجماعي وأفعال إجرامية غريبة 000 هذا وقد اثبت القطاع العالمي للأبحاث والدراسات حول المسيح الذي يراقبه " رونالد ديكون " إن كل مدعي النبوة أو المسيخ الدجال يجب أن يتمتع بوجه قريب الشبه من وجه السيد المسيح ويجيد التحدث بطلاقة ومنطق وتسلسل منتظم، أيضا يجب أن يكون علي دراية بأصول الإنجيل، لا يبتسم كثيرا، ولا يأكل اللحوم وله مقدرة جنسية كبيرة تفوق كل العامة من البشر وأخيرا يأتي ببعض أعمال السحر أو ما يشابه ذلك مثل شفاء المرضى ".ومن هؤلاء " بيتر بولينو " الفرنسي الذي يعمل رجل مطافئ.فقد وقع له في عام 93 حادث مروع ادخله في غيبوبة لمدة 3 أسابيع قام من بعدها يدعي النبوة ويقول ان في استطاعته رؤية الطالع والمستقبل أطلق علي نفسه " مصلح العالم " وانه مندوب المسيح علي الأرض 000!!
ومن هؤلاء أيضا الأيسلندية " ميلاني نيلياك " المرأة التي بدأت نشاطها عام 1989 واستمرت فيه حتى القي القبض عليها في يونيو 1994 بعد أن تمكنت وبيدين من حديد أن تسيطر وتجند 21 ألف فتاة انتحر منهن 400 فتاة.
(4) وكان الفيلسوف الوثني بروفيرى عدوا شديدا للمسيحية وحاول اقتلاعها من جذورها في كتابه ضد المسيحيين "، وكذلك اليهود الذين صلبوا المسيح وقتلوا يعقوب ابن زبدى ورجموا استيفانوس. وفى العصور الحديثة رفضت العقلانية الوحي والنبوات وبالتالي الكتاب المقدس ككلمه الله، وكانت ضدا شديدا للمسيح والمسيحية. ورفضت الشيوعية على مدى 70 سنه وجود الله من الأساس واعتبرت الدين أفيون الشعوب وحرمت الكتاب المقدس وسجنت وأعدمت آلاف، بل وملايين من المؤمنين بالمسيح بسبب إيمانهم، والفت كتاب أسمته " سفر الإلحاد " يحارب ما جاء في الكتاب المقدس ويحارب وجود الله ذاته وكل الأديان التى تؤمن بالله، فكانت بذلك اشد ضد للمسيح في القرن العشرين.
(5) ضد المسيح أو الخطر القادم من المريخ!!
ومن أعجب ما كتب عن ضد المسيح هو ما تقوله كتابات الهيئة الأمريكية المعروفة ب UFOs ونقله عنها أحد الكتاب، هنا في مصر، من أن ضد المسيح ليس بشر ولن يولد من امرأة بل سيأتي من الفضاء الخارجي ومن كوكب آخر لأنه ببساطة يؤمن مثلهم أن ضد المسيح هو ملاك الشيطان، الشيطان نفسه الذي سيظهر في شكل إنسان، ويقول " نخلص مما تقدم بنتيجة قوامها أن الدجال لم يولد ولن يولد فالولادة أي التجسد من أعمال القدرة الإلهية وقد اقتضتها ضرورة إتمام عمل الفداء ولا ضرورة تقتضي الولادة للقيام بأعمال التضليل "!! ثم يقول مؤكدا " من المحقق أن المسيح الدجال هو الشيطان ذاته مستعلنا 000 ومن الكتب المقدسة نعلم أن الشيطان عند إستعلانه على الأرض كضد للمسيح سيتخذ من مدينة صور اللبنانية مقرا له للسيطرة على العالم كما سيتخذ من هيكل الله الذي في قلب البحار (أي في مدينة صور الأممية) مسكنا له، وسيجلس فيه في ترفع واستعلاء ليطهر نفسه أنه إله "!! ويقول أنه سيستعلن في هيئة جسمية منظورة ومرئية " منتحلا اسم المسيح وصفته وهيئته لخداع البشر لكي يدان جميع الذين لا يقبلون الحق بل سروا بالإثم "!! ثم يقول أنه سيأتي على طبق طائر، مركبة نارية سماوية لأنه يعتقد أن الأطباق الطائرة ما هي إلا مركبات كاروبيمية ملائكية " أننا ندق ناقوس الخطر، فالخطر قادم وضد المسيح على الأبواب وسوف تستيقظ الدنيا ذات يوم على نبأ هبوط طبق طائر أو مركبة نارية قرمزية في مدينة صور " الزانية المنسية " التي سوف يصير لها ملك على ملوك الأرض عندما يملك عليها ضد المسيح كما جاء بالأنبياء "!! بل ويرى أن السيد المسيح نفسه سيأتي في مجيئه الثاني على طبق طائر أيضا!! فيقول " والمحقق كتابيا أن مركبات الكروبيم هي بحسب طبيعتها مركبات سمائية طائرة، وعلى إحدى هذه المركبات سوف يأتى رب المجد في مجيئه الثاني على سحاب السماء "!! ثم يحدد مجيئه أو نزوله " في منتصف ليلة 14/15 مايو سنة 2010م!!
والسؤال الآن ؛ من هو ضد المسيح كما يتبين من الكتاب المقدس ومما قاله معظم أباء الكنيسة عبر كل القرون والعصور، وما قاله علماء الكتاب المقدس، في معظم الطوائف الأساسية؟
القمص عبد المسيح بسيط أبو الخيركاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد
عن كتاب المجيء الثاني متى يكون وما هي علاماته؟
المزيد
05 سبتمبر 2022
ضد المسيح من هو؟(1) وما هي أوصافه ج3؟
3 - آباء العصور الوسطى
لا يختلف بقية آباء العصور التالية كثيرا عما سبق يقول سويرس (حوالي 363 –420)، أن معلمه القديس مارتن أسقف تورز أعتقد أن ضد المسيح كان قد ولد فعلا وأنه صبي يستعد لنوال القوة في السن المناسبة. وقال نارساى السرياني (399- 503 م)، أن ضد المسيح هو إنسان يلبسه الشيطان تماما، فيصنع عجائب باهرة، ويؤسس سلاما غاشا، ويطلب أن يعبد. وأن إيليا سيعود إلي العالم لكي يقاوم ضد المسيح باسم البشرية المؤمنة، وسيغلبه في معركة واحدة حاسمة، بالروح القدس، متسلحا بالكلمة وفي نهاية المعركة يظهر السيد المسيح نفسه ويتوج نصرة إيليا بسحق ضد المسيح في الجسد والنفس. وقال اكيومينس (في بداية القرن السادس) أن ضد المسيح سيأتي إنسانا يلبسه شيطان ويصير ملكا علي اليهود ويقبل إيليا وأخنوخ النبيين اللذين يظهران في أواخر الدهور. وقال رومانس (القرن السادس أيضا) أن ضد المسيح هو الشيطان متجسدا، فهو يقاوم مؤمني المسيح بقوة. كما أنه يصنع معجزات ويقيم موتي، ويبذل كل جهده لكي يقود الأبرار إلي حجال عرسه. وأنه سيلقي في النار الأبدية، هو وملائكته وكل الأشرار. وقال أندروس مطران قيصرية أن ضد المسيح يأتي من سبط دان، من باشان في منطقة الفرات. ويظهر كشخص إلهي ويقيم نفسه إمبراطورا رومانيا، ويعيد تأسيس الإمبراطورية الرومانية، لكنه لا يجعل عاصمتها روما بل يقيمها مملكة أرضية عامة، هي " جسد الذين يقاومون كلمة الله في كل الأزمنة والأماكن ".
أما الأب يوحنا الدمشقي (حوالي 650- 750 م) فقال " أن ضد المسيح سيكون إنسانا عاديا قابلا للموت، مولودا من زنا، تلبسه قوة شيطانية، وسيقبله اليهود بحماس. سيضطهد الكنيسة ويخدع كثيرين بعلامات وعجائب كاذبة. عندما يأتي السيد المسيح علي السحاب كما صعد في مجد ويهلك الإنسان غير الشرعي (ضد المسيح) 000 ينبغي أن تعلم أن المسيح الدجال لا محالة آت وأنه لمسيح دجال كل من لا يعترف أن ابن الله قد أتي بالجسد وأنه إله كامل وأنه قد صار إنسانا كاملا بعد أن كان إلها. ومع ذلك فبالمعني الخاص والحصري فإنهم يدعون المسيح الدجال ذاك الذي سوف يأتي في منتهى الدهر. ومن ثم ينبغي أن يكرز أولا بالإنجيل في جميع الأمم (مت 24: 14)، كما قال الرب، ثم يأتي الدجال ليحاج اليهود مقاومي الله، فقد قال الرب لهؤلاء: " أنا أتيت باسم أبي فلم تقبلوني، ويأتيك آخر باسم نفسه فذاك تقبلون " (يو 5: 43). وقال الرسول أيضا: " لذلك يرسل الله إليهم عمل الضلال حتى يصدقوا الكذب، ويدان جميع الذين لم يؤمنوا بالحق بل ارتضوا بالإثم " (2 تس 2: 10- 12). " فاليهود إذا لم يقبلوا الرب يسوع المسيح، علي أنه ابن الله والله، ويقبلون الغاش المدعي بأنه الله. وقد سمي نفسه الله لان الملاك الملقن لدانيال يقول هكذا: " لا يعبأ بآلهة آبائه " (دا 11: 37). ويقول الرسول " لا يخدعنكم أحد بوجه من الوجوه، لأنه لابد أن يسبق الارتداد أولا، ويظهر إنسان الخطيئة ابن الهلاك المعاند المترفع فوق كل من يدعي إلها أو معبودا حتى إنه يجلس في هيكل الله ويري من نفسه أنه هو الله " (2 تس 2: 3 – 4). هو يقول " في هيكل الله " - لا هيكلنا - بل الهيكل القديم اليهودي، لأنه لا يأتي إلينا بل إلي اليهود. ليس لأجل المسيح، بل ضد الذين هم للمسيح. لذلك يدعي المسيح الدجال ". " وعليه ينبغي أن يكرز بالإنجيل في جميع الأمم، " وحينئذ يظهر الذي لا شريعة له ويكون مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وبالعلامات والعجائب الكاذبة، وبكل خديعة وظلم في الهالكين، فيهلكه الرب يسوع بنفس فمه ويبطله بمجيئه " (2 تي 2: 8 – 10). وعليه فإنه ليس هو الشيطان الذي يصير إنسانا علي مثال تأنس الرب، حاشا! بل هو إنسان يولد من زني، ويتسلم كل عمل الشيطان. وقد سبق الله وعلم شناعة اختياره فترك للشيطان أن يسكن فيه ". " إذا قلنا إنه سيولد من زني ويتربي في الخفية ويثور فجأة ويستولي ويملك. وفي أوائل تملكه أو بالأحرى تجبره يتظاهر بالعدل. وعندما تكون قد اتسعت سلطته يضطهد كنيسة الله ويظهر كل شره. " ويكون مجيئه بالعلامات والعجائب الكاذبة " (2تس 2: 9) المضلة وغير الصادقة. ويخدع من كان أساس ذهنهم فاسدا وضعيفا ويبعدهم عن الله الحي " ويضل المختارين لو أمكن " (مت 24: 24)." وسيرسل الله أخنوخ وإيليا التشبي فيعيدان قلوب الأباء إلي الأبناء، أي شيوخ المجمع إلي ربنا يسوع المسيح وإلي كرازة الرسل. ولكنه سيقتلهما. ثم يأتي الرب من السماء كما كان شاهده الرسل القديسون صاعدا إلي السماء، إلها كاملا وإنسانا كاملا، بمجد وقوة، فيهلك بنفس فمه الإنسان الزائغ عن الشريعة وابن الهلاك. فلا يتوقعن أحد إذا مجيء الرب من الأرض بل من السماء، علي ما أكده لنا هو نفسه ".
لقمص عبد المسيح بسيط أبو الخيركاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد
عن كتاب المجيء الثاني متى يكون وما هي علاماته؟
المزيد