المتنيح القمص عبد المسيح بسيط

Large image

القمص عبد المسيح بسيط استاذ اللاهوت الدفاعي في الكنيسة القبطية الارثوكسية وكاهن كنيسة العذراء بمسطرد خريج كلية الأداب والتربية قسم اللغة الإنجليزية عام 1978 التحق بكلية الأداب (انتساب) قسم يوناني ولاتيني عام 1983 التحق بالكلية الإكليريكية (القاهرة) القسم المسائي عام 1984 كتب قبل الرسامة خمس مسودات لخمسة كتب تم تنقيحهم ونشرهم بعد الرسامة مدرس اللاهوت الدفاعي بمعهد الرعاية بالقاهرة مدرس اللاهوت الدفاعي وتاريخ العقيدة بالكلية الاكليريكية فرع شبرا الخيمة. مدير معهد دراسات الكتاب المقدس بشبرا الخيمة ويقوم بتدريس المواد الأتية:مخطوطات الكتاب المقدس ترجمات الكتاب المقدس النقد الأدبي (الأعلي) قانونية ك.م. النقد الأدني (النقد النصي) للكتاب المقدس له العديد من الكتب اللاهوتية التي أفادت أبناء الكنيسة في اللاهوت الدفاعي والنقد الكتابي وعلوم مختلفة في الكتاب المقدس يتميز بالأسلوب العلمي والمنهجية وله العديد من اللقائات علي القنوات المختلفة وهو عميد معهد الكتاب المقدس اللاهوتي في مطرانية شبرا الخيمة.

المقالات (64)

02 سبتمبر 2025

المدرسة التدبيرية والمجيء الثاني والاختطاف والملك الألفي

يرجع تاريخ هذه المدرسة التفسيرية التدبيرية إلى " حركة الأخوة البليموث " التي نهضت في إنجلترا وأيرلندا حوالي سنة 1830م، أي في الفترة التي حدد فيها الكثيرون تواريخ محددة للمجيء الثاني ونهاية العالم. وغالبا ما يؤرخ لتاريخ هذه الحركة بمقال نشره جون نيلسون داربى Darby (1800 - 1882م) بعنوان " اعتبارات لطبيعة وحدة كنيسة المسيح ". وعرف أتباع هذه الحركة غالبا ب " الأخوة البليموث " لأن مدينة بليموث في إنجلترا كانت من أقوى مراكزهم. كما دعيت الحركة أيضا بالداربية Darbyism لأن داربى كان وما يزال أبرز ممثل لها. وقد ركزت هذه الحركة على الكنيسة والنبوة، وخاصة المجيء الثاني للسيد المسيح والذي توقعوا أن يأتي في لحظات قريبة جداً، في أيامهم، وفسروا نبوات ورؤى العهد القديم، الخاصة بإسرائيل، وسفر الرؤيا تفسيرا حرفيا دون أن يضعوا في الاعتبار الأسلوب الرمزي والمجازى الذي تتصف به معظم النبوات والرؤى، بل وطبقوا الكثير من النبوات التي تمت بالفعل على إسرائيل بعد سبى بابل وقبل تجسد السيد المسيح على إسرائيل في المجيء الثاني، وطبقوا بعض الأحداث التي تمت تاريخيا مثل دمار الآشوريين لمملكة إسرائيل أو الأسباط العشرة تطبيقا نبويا وخرجوا منها بشخصية ما يسمى بالآشوري الذي سيحاول تدمير إسرائيل قبل الملك الألفي مباشرة!! وصوروا الأحداث السابقة للمجيء الثاني بمنظور إسرائيلي بحت وبصورة أقرب ما تكون لما كان يحدث بين إسرائيل وجيرانها في فترة الأنبياء عندما كان الله يتدخل لنجدتهم عندما يحيط بهم الأعداء. كما اعتبروا أن كل تاريخ الكتاب المقدس، بل والتاريخ البشرى كله، مرتبط بإسرائيل كشعب الله إلى الأبد، وأن المسيح لابد أن يأتي ليحكم العالم من خلال اليهود، وأن الكنيسة ما هي إلا فترة عارضة في التاريخ، ظهرت عندما فشل اليهود في قبول المسيح ورفضوه فرفضهم الله إلى حين؛ " إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله " (يو11: 1-13). كانت " فترة الكنيسة، في نظرهم، فترة عارضه لا علاقة لها بالأزمنة النبوية 000 إن النبوات الكتابية مرتبطة بالأرض والشعب الأرضي وليس بالسماء والسماويين، لأن الكنيسة دعوتها سماوية وليست أرضية [في 3: 20]"(1). " كانت المواعيد لإسرائيل بحسب الجسد أما الكنيسة فمواعيدها سمائية بدأت بحلول الروح القدس بعد الصعود مباشرة وستنتهي بارتفاع الروح القدس في الاختطاف قبل الضيقة العظيمة والملك الألفي، لتعود السيادة والريادة لإسرائيل من جديد، في نهاية " أزمنة الأمم "وتكون أورشليم مدوسة من الأمم حتى تكمل أزمنة الأمم " (لو21: 24) أو " ملء الأمم " أن القساوة قد حصلت جزئيا لإسرائيل إلي أن يدخل ملؤ الأمم " (رو25: 11). وفيما يلي جوهر عقائد هذه المدرسة المنتشرة في عده مذاهب بروتستانتية مثل الأخوة البليموث، كنائس الأخوة المختلفة، والكنائس الخمسينية والمعمدانية والرسولية ونهضة القداسة وبيت عنيا ومن تأثر بكتبهم وغيرهم(2): 1 - التدابير السبعة(3) تؤمن هذه المدرسة، التدبيرية، أن خطة الله للبشرية مكونة من سبعة تدابير أو " التدابير السبعة " التي هي " مراحل خطة الله للبشرية " من خلق آدم وحتى نهاية العالم، والتدبير في نظرهم هو " اصطلاح 000 يعنى نظام إلهي معين يحكم علاقة الإنسان بالله خلال فترة من الزمان قد تطول وقد تقصر، فيها ومن خلال هذا النظام يختبر الله مدى نجاح الإنسان في طاعته وفى خضوعه لتعليماته ووصاياه "(4).وهذه التدابير السبعة هي: (1) تدبير البراءة ؛ أو الإنسان في طهارته الأولى قبل السقوط والطرد من جنة عدن. فقد خلق الله آدم طاهرا لا يعرف الشر، أي، في حالة براءة ووضعه في جنة عدن وسلطه على جميع المخلوقات على الأرض وكان عليه أن يكون خاضعا لله حاكمه الأعلى وأوصاه أن يأكل من جميع شجر الجنة فيما عدا شجرة معرفة الخير والشر التي أن أكل منها موتاً يموت وذلك اختبار لطاعته وخضوعه لله. ولكنه سقط في الخطية ومخالفة وصية الله فصار تحت حكم الشيطان، واستحق الطرد من جنة عدن. ومن ذلك الوقت صار الشيطان رئيسا لهذا العالم. (2) تدبير الضمير ؛ أو الفترة التي عاشها الإنسان الساقط تحت حكم ضميره، بدون ناموس مكتوب، من طرد آدم من جنة عدن وحتى الطوفان. فقد صار الإنسان تحت حكم الشيطان ولكنه صار أيضا، بالأكل من شجرة معرفة الخير والشر، مميزا للخير والشر، لديه ملكة التمييز بين الخير والشر، أي الضمير، ومن ثم فقد صار يعيش تحت حكم ضميره الذي كان عليه أن يدفعه لفعل الخير والامتناع عن الشر ولكنه باختياره أستسلم وخضع للشيطان " ورأى الرب أن شر الإنسان قد كثر في الأرض وان كل تصور أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم 000 فقال الرب أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته "(تك5: 6،7). (3) تدبير الحكومات البشرية؛ الإنسان الساقط تحت حكم السيف، الحكومات البشرية، من الطوفان وحتى بلبلة الألسنة في بابل وتشتت الإنسان على وجه الأرض. فقد صار الإنسان بعد الطوفان تحت حكم الحكومات البشرية والحكام الطغاة وكان أول هؤلاء الحكام الطغاة هو نمرود مؤسس مملكة بابل، المكان الذي بلبل الله فيه الألسنة عندما تجمع أحفاد نوح لبناء برج يقيهم خطر الطوفان إذا تكرر مرة أخرى متحديين بذلك لله!! بالرغم من أن الله كان قد وعدهم بعدم تكرار مثل هذا الطوفان، ولكن بدلا من طاعة الله فقد تمردوا عليه وانساقوا في عمل الشر. (4) تدبير الوعد بالحكم لنسل إبراهيم ؛ من دعوة إبراهيم وحتى العبودية في مصر. دعا الله إبراهيم من وسط سلالة مؤسسي بابل المشتتة وكان يدعى إبرام فدعاه، بعد ذلك، إبراهيم أي أب لجمهور، ليكون أبا وأصلا لنسل يؤمن بالله ويعبده ويطيعه شهادة له في وسط عالم مرتد " الذي في الأجيال الماضية ترك جميع الأمم يسلكون في طرقهم مع انه لم يترك نفسه بلا شاهد " (أع16: 14،17). ووعد الله أن يكون نسل إبراهيم الذي هو " المسيح " (غل15: 3،16) وارثا للعالم " (رو15: 11) أو ملكا عليه لينزع منه الأوثان والوثنيين والطغاة ويجعل الله معبود الباقين الأوحد وحاكمهم الأعلى الذي إياه وحده يعبدون ويطيعون. ولكن بسبب خطايا يعقوب وأولاده قضى الله عليهم بالعبودية في مصر. (5) تدبير الناموس ؛ أو الحياة بحسب ناموس موسى، من الخروج من مصر إلى يوم الخمسين الذي أنسكب فيه الروح القدس على التلاميذ. وينقسم هذا التدبير إلى أربعة مراحل: 1- المرحلة الأولى من خروج بنى إسرائيل من مصر إلى نهاية حكم الملك سليمان. 2 - المرحلة الثانية من انقسام المملكة بعد حكم سليمان إلى السبي البابلي. 3 - المرحلة الثالثة من الرجوع من السبي إلى نهاية العهد القديم. 4 - المرحلة الرابعة من بداية العهد الجديد إلى يوم الخمسين. وفى كل هذه المراحل فقد أخطأ بنو إسرائيل وحادوا عن الله وعبدوا الأوثان فانتهت المرحلة الأولى منها بانقسام المملكة والثانية بدمار أورشليم والهيكل والسبى إلى بابل والثالثة انتهت بسقوطهم تحت حكم دول مختلفة، والرابعة انتهت برفضهم للمسيح ملكهم فرفضهم الله كشعبه ومملكته وسلمهم للسيف وللأمم، فترة تسمى بأزمنة الأمم " ويقعون بفم السيف ويسبون إلى جميع الأمم وتكون أورشليم مدوسة من الأمم حتى تكمل أزمنة الأمم " (لو24: 21). ويرون أن أزمنة الأمم ستنتهي بمجيء المسيح ثانية واختطافه للمؤمنين وارتفاع الكنيسة عن العالم فلا يبقى في العالم سوى اليهود والأمم (الأشرار)، وهنا يرد الله الملك لإسرائيل ويورثهم الأرض. (6) تدبير النعمة أو عهد الكنيسة ؛ من يوم الخمسين إلى المجيء الثاني واختطاف الكنيسة. ويرون أن فترة حلول الروح القدس أو زمن وجود الكنيسة على الأرض، ستنتهي باختطاف الكنيسة إلى السماء. (7) تدبير الملك الألفي ؛ الذي سيحكم فيه المسيح العالم لمدة ألف سنة حرفية على الأرض من دينونة الأمم إلى أورشليم الجديدة. فبعد اختطاف الكنيسة إلى السماء يظهر ضد المسيح، الأثيم الذي سيجلب حكمه الشيطاني القصير أعظم ضيقة تأتى على المسكونة تؤدى إلى معركة هرمجدون حيث يأتي المسيح من السماء مع جيوشه السمائية التي يعدها بالأسلحة اللازمة ويجردهم ضد الشياطين مفسدين الأحكام والحكام المسخرين لإيقاع الظلم على الإسرائيليين، الذين سيفزعون إلى الرب وإلى جوده في فلسطين في آخر الأيام، أي بعد الاختطاف. ويقول أحد الكتاب " لقد كان اليهود هم المشكلة المحيرة في جميع القرون فإسرائيل كانت أحيانا يضرب بها المثل، وأحيانا تصبح موضع سخرية 000 أحيانا تكون بركة، وأحيانا أخرى تكون لعنة بين الأمم (زك3: 8) ولكنها عند مجيء المسيح ستستعيد مكانتها وتتجدد وتصبح كالقناة التي من خلالها تصل البشارة وتصل البركة إلى جميع الأمم في زمان الملك الألفي للمسيا الذي كان مرفوضاً "(5). وفى بداية الملك الألفي يقيد الله الشيطان مدة ألف سنة ثم يحله ثانية في نهاية الألف سنة ليضل الأمم من جديد لغربلة الأمم الألفية وكشف زوانها من حنطتها " لأنه وأن كان كل الذين دخلوا البركات الألفية كلهم أبرار، من يهود وأمم، إلا أن كثيرين من سلالة الأمم سيكونون غير متجددين وخاضعين للرب بخوف العين، لأن حكمه يومئذ عادل ومرهب (أش23: 66،24)، فتحت تأثير المهيجات الشيطانية، يرفع هؤلاء علم الثورة، ويتجمعون حول أورشليم لإسقاطها والتخلص من نير قيصرها السماوي " فتنزل نار من السماء وتأكلهم " (رؤ7: 20-9) ويطرح الشيطان نهائيا في البحيرة المتقدة، فلا يعود يخرج ولا يضل "(6). 2 - الكنيسة والنبوة ويرى هؤلاء، كما بينا، أن الكنيسة هي مجرد فترة زمنية أو فاصل زمني في تاريخ النبوة وأن عصر الكنيسة هو " فاصل زمني " بين ملكوت العهد القديم في الماضي وبين ملكوت العهد القديم في المستقبل، أو بمعنى آخر فالكنيسة جاءت " معترضة " في إتمام وعود الملكوت لإسرائيل. أو كما يقولون أن ساعة النبوة التي تدق توقفت عن الدق في بدأ الكنيسة ورفض إسرائيل وستستأنف الدق ثانية بعد اختطاف الكنيسة إلى السماء وعودة إسرائيل للملكوت والسيادة على العالم في الملك الألفي! 000 الكنيسة هي " سر " وجسد سماوي ولا صلة لها بالأرض ومميزة تماماً عن إسرائيل التي لها المواعيد الأرضية (7). ويطرح أحد كتاب هذه المدرسة السؤال التالي ويجيب عليه قائلا " هل هناك تمايز بين إسرائيل والكنيسة؟ نعم، ولا يمكننا أن نفهم الكتب النبوية فهما صحيحا بدون هذا التمييز بين إسرائيل باعتبارها مملكة المسيا، وبين الكنيسة باعتبار أنها جسد المسيح. فالأولى (إي إسرائيل) هي الموضوع العام لأسفار العهد القديم والذي يُعلن تاريخيا (في الماضي) ونبويا (في المستقبل) حكومة الله على الأرض والتي تُصبح فيها إسرائيل المركز 000 كان مُقدرا لإسرائيل أن تشغل قمة الأماكن على الأرض حيث حضور الله ومجده هناك كما تصبح رأسا للأمم أيضا. أما الكنيسة فهي سماوية في صفاتها وبركاتها ومركزها. فمشورات الله تجاه إسرائيل زمنية بينما مشوراته تجاه الكنيسة فأبدية. كانت إسرائيل موضعا جغرافيا في علاقتها بالناس وهى مركز للعالم (حز 25: 5؛تث8: 32،9) مُباركة وبركة للأرض (مز13: 102-16؛اش6: 27؛زك11: 2)، ولكن الكنيسة جالسة في السماويات في المسيح يسوع "(8). 3 - البقية اليهودية وتبع التعليم السابق عقيدة " البقية اليهودية "الذي يقول أنه إذا كانت الكنيسة مكونة من الذين افتدوا فيما بين العنصرة والاختطاف فستخطف كلية إلى السماء ولن يكون هناك على الأرض مسيحيون، ولكن بعد اختطاف الكنيسة ستنادى جماعة " بقية يهودية " بإنجيل الملكوت، ومن خلال بشارتهم بإنجيل الملكوت سيخلص 144,000 من اليهود (البقية اليهودية) وجمع كثير من الأمم (رؤ7). وقالوا بأن كل وعود الله في الكتاب المقدس كانت لإسرائيل وليست للكنيسة " إن النبوات الكتابية مرتبطة بالأرض والشعب الأرضي وليس بالسماء والسماويين، لأن الكنيسة دعوتها سماوية وليست أرضية [في 3: 20] " فإن سيرتنا نحن هي في السموات 000 وحينما يكتمل عدد المؤمنين المعينين وهم الكنيسة المختارة من قبل تأسيس العالم، سيأتي الرب لاختطافها سرا "(9). 4 - دانيال ونبوة الأسبوع السبعون قال الملاك جبرائيل لدانيال النبي: " سبعون أسبوعا قضيت على شعبك وعلى مدينتك المقدسة لتكميل المعصية وتتميم الخطايا ولكفارة الإثم وليؤتى بالبر الأبدي ولختم الرؤيا والنبوة ولمسح قدوس القدوسين، فاعلم وافهم انه من خروج الأمر لتجديد أورشليم وبنائها إلى المسيح الرئيس سبعة أسابيع واثنان وستون أسبوعا يعود ويبنى سوق وخليج في ضيق الأزمنة، وبعد اثنين وستين أسبوعا يقطع المسيح وليس له وشعب رئيس آت يخرب المدينة والقدس وانتهاؤه بغمارة وإلى النهاية حرب وخرب قضي بها، ويثبت عهدا مع كثيرين في أسبوع واحد وفي وسط الأسبوع يبطل الذبيحة والتقدمة وعلى جناح الأرجاس مخرب حتى يتم ويصب المقضي على المخرب " (دا24: 9-27). ويجمع العلماء في كل مدارس التفسير على أن الأسابيع المذكورة هنا هي أسابيع سنين ومجموع السبعون أسبوعا هو 490سنة، تبدأ من صدور الأمر ببناء أورشليم وتجديدها في القرن الخامس قبل الميلاد وتنتهي بمجيء المسيح وصعوده. ويقسم التدبيريون هذه الأسابيع إلى ثلاث مراحل: أ -7 أسابيع + 62 أسبوع = 69 أسبوع وهى الفترة ما بين صدور الأمر بتجديد أورشليم وبنائها سنة 445 ق.م إلى دخول المسيح الانتصاري لأورشليم وقطع المسيح أي صلبه سنة 33م وصعوده وحلول الروح القدس يوم الخمسين. ب - ثم يقولون أنه سيحدث فاصل زمني أو فجوة زمنية تتوقف فيه ساعة النبوة! هذا الفاصل يمتد ما بين يوم الخمسين واختطاف الكنيسة لتعود ساعة النبوة لتدق من جديد ويبدأ الأسبوع السبعون بعد اختطاف الكنيسة، ويقولون أيضا " أن حبل النبوة بعد صلب المسيح ينقطع إلى أمد غير محدود ثم يعود ويستأنف من جديد ليتم الأسبوع الأخير المتبقي لاكتمال تاريخ الشعب اليهودي "(10). ج - الأسبوع الأخير والذي يتكون من 7 سنين، وينقسم أيضا إلى نصفين كل منهما ثلاث سنوات ونصف، يسمى النصف الأول منها بمبتدأ الأوجاع والثاني بالضيقة العظيمة، ويبدأ، هذا الأسبوع، بعد اختطاف الكنيسة ويأتي فيه ضد المسيح وتحدث الضيقة العظمة ويسبق الملك الألفي مباشرة. نبوة السبعين أسبوعا في الفكر التدبيرى 69 أسبوعا من السنين 69 X 7 = 483 (تنتهي في 6 أبريل 32م بقطع المسيح) فجوة زمنية مجهولة الأمد (زمن النعمة وتكوين الكنيسة) يليها الاختطاف الأسبوع الأخير 7 سنوات 3,5 3,5 مبتدأ الأوجاع الضيقة العظيمة 4- المجيء الثاني نادى الأخوة البليموث بأن هناك مجيئن ثانيين للسيد المسيح، الأول يأتي فيه لاختطاف المؤمنين (القديسين أو الكنيسة) قبل الضيقة العظيمة والملك الألفي والثاني يأتي فيه مع القديسين (الظهور أو الإعلان). وقالوا أنه يوجد ما بين الحدثين فترة زمنية فاصلة، أو زمن هام يسمى بالأسبوع السبعين من نبوة دانيال النبي الإصحاح التاسع تحدث فيه الضيقة العظيمة من جراء التحالف الثلاثي بين الشيطان وضد المسيح، النبي الكذاب، والآشوري، ملك الشمال " ويثبت عهدا مع كثيرين في أسبوع واحد وفي وسط الأسبوع يبطل الذبيحة والتقدمة وعلى جناح الأرجاس مخرب حتى يتم ويصب المقضي على المخرب " (دا25: 9)، ويطابقون الجزء الثاني منها مع أحداث رؤيا 4 إلى 19، أي أن هذا الفاصل الزمني يقع فيما بين الاختطاف والظهور. المتنيح القمص عبد المسيح بسيط
المزيد
26 أغسطس 2025

لماذا خطبت القديسة مريم ليوسف النجار؟

هناك عدة اسئلة تطرح نفسها عن سبب خطبة العذراء ليوسف النجار: إذا كانت القديسة مريم قد اختارت البتولية فلماذا خطبت ليوسف النجار؟ هل اتفق يوسف النجار مع العذراء أو كان فى نيتها الزواج الفعلى وإنجاب الأطفال؟ ماذا يعنى قول الملاك ليوسف "خذ الصبى وأمه واهرب إلى ارض مصر"؟ والكتاب المقدس والتقليد يجيبان على هذه الأسئلة وغيرها بدقة ووضوح. 1- عذراء إلى الأبد: تتضح نية القديسة مريم من عدم إعتزام الزواج الفعلى واعتزام البتولية كل ايام حياتها من موقفها عند بشارة الملاك لها بالحبل بالطفل الإلهى. فلما قال لها الملاك: "ها انت ستحبلين وتلدين أبنآ وتسمينه يسوع" سألت هى الملاك فى دهشة واستغراب قائلة "كيف يكون لى هذا وانا لا أعرف رجلاً"؟ وسؤال العذراء هذا يؤكد بما لا يدع مجالاً من الشك انها لم تفكر فى الزواج والإنجاب مطلقاً. فلو كانت قد اعتزمت الزواج من يوسف لما كانت قد سألت الملاك هذا السؤال على الإطلاق بل لأعتقدت أن هذا (الحبل) سيتم بعد الدخول الفعلى بيوسف خاصة وانها مخطوبة له. ولكن سؤالها يؤكد إنها لم تفكر فى الزواج والحبل مطلقاً. ومما يؤكد ذلك أن سؤالها للملاك يشبه أستفسار زكريا الكاهن عندما بشره الملاك بحبل زوجته وإنجابها ليوحنا المعمدان فقال "كيف اعلم هذا لأنى شيخ وإمرأتى متقدمة فى أيامها" وكذلك إستغراب سارة وضحكها عندما بشر الرب ابراهيم بولادة اسحق "وكان إبراهيم وسارة شيخين متقدمين فى الأيام. وقد انقطع ان يكون لسارة عادة كالنساء. فضحكت سارة فى باطنها قائلة أبعد فنائى يكون لى تنعيم وسيدى قد شاخ.. ضحكت سارة قائلة أفبالحقيقه ألد وانا قد شيخت" زكريا استغرب واندهش من بشارة الملاك لأن زوجته كانت عاقراً كما إنهما قد شاخا وهناك استحالة حتى فى مجرد التفكير فى الإنجاب بحسب المقاييس البشرية وكذلك سارة. زكريا استفسر من الملاك عن كيفية حدوث ذلك غير مصدق وسارة ضحكت غير مصدقة والقديسة مريم اندهشت واستغربت "كيف يكون لى هذا وانا لست أعرف رجلاً"؟. زكريا وسارة لم يصدقا مطلقاً قبل البشارة انهما سينجبان وبعد البشارة شكا لأن الطبيعة تقول أن هذا محال والعذراء مريم استغربت حدوث الحبل والولادة لإنها نذرت البتولية، فكان المعجزة ان الشيوخ إبراهيم وسارة وزكريا واليصابات ينجبون اسحق ويوحنا والعذراء تحبل وتلد الإله المتجسد وتظل عذراء إلى الأبد. فأمنت العذراء على الفور قائلة: "هوذا أنا امة الرب ليكن لى كقولك" قال القديس اغسطينوس "بالتأكيد ما كانت تنطق بهذا (كيف يكون لى هذا..) ولم يوجد نذر مسبق بأن تقدم بتوليتها لله وقد وضعت فى قلبها ان تحققه" وقال ذهبى الفم "كيف يكون لى هذا وانا لا أعرف رجلآ، ليس شكاً بل أستفساراً وهو دليل على انها أعتزمت البتوليه" وقال القديس امبروسيوس "لم ترفض مريم الإيمان بكلام الملاك ولا اعتذرت عن قبوله بل أبدت أستعدادها له، أما عبارة: "كيف يكون هذا"؟ فلا تنم عن الشك فى الأمر قط إنما تساؤل عن كيفية إتمام الأمر...لأنها تحاول ان تجد حلاً للقضية.. فمن حقها ان تعرف كيف تتم الولادة الإعجازية العجيبة". 2- لماذا خبطت مريم ليوسف؟ بشر الملاك مريم انها ستحبل بقوة الروح القدس وبدون زرع بشر وإنها ستلد القدوس، فماذا يقول عنها الناس عندما يجدونها حامل وهى غير متزوجة؟ والأجابة هى إنها ستتهم بالزنا وترجم حتى الموت، حسب الشريعة أو ان يقوم الجنين بإعلان حقيقة الوهيته بقوات وعجائب كما سجد له المعمدان وهو جنين فى بطن أمه ، ولكن السر الإلهى، سر التجسد كان لابد يخفى عن الشيطان الذى لو علم به وتيقن منه لكان، على الأقل، قد حاول ان يفسر عمل الفداء ومن ثم يحاول تعطيله. لكن الشيطان لم يعلم هذه الحقيقة، حقيقة الحبل الإلهى إلا بعد القيامة وحلول الروح القدس قال القديس اغناطيوس "أما رئيس هذا العالم فقد جهل بتولية العذراء وايلاها وكذلك موت الرب" ويرى العلامة اوريجانوس بأن وجود خطيب او رجل لمريم ينزع كل شك من جهتها عندما يظهر الحمل عليها" قال القديس امبروسيوس عن خطبة العذراء ليوسف "ربما لكى لا يظن إنها زانية. ولقد وصفها الكتاب بصفتين فى أن واحد، انها زوجة وعذراء. فهى عذراء لأنها لم تعرف رجلاً، وزوجة تحفظ مما قد يشوب سمعتها، فأنتفاخ بطنها يشير إلى فقدان بتوليتها (فى نظر الناس). هذا وقد اختار الرب ان يشك فى نسبه الحقيقى عن ان يشكوا فى طهارة أمه لم يجد داعياً للكشف عن شخصه على حساب سمعة والدته ويضيف "هناك سببآ أخر لا يمكن اغفاله وهو ان رئيس هذا العالم لم يكتشف بتولية العذراء فهو إذا رأها مع رجلها، لم يشك فى المولود منها، وقد شاء الرب ان ينزع عن رئيس هذا العالم معرفته"وقد ذكر القديس جيروم عدة اسباب لخطبة مريم ليوسف اولاً: لكى ينسب (المسيح) للقديس يوسف قريب القديسة مريم، فيظهر إنه المسيا الموعود به من نسل داود من سبط يهوذا. ثانياً: لكى لا تُرجم القديسة مريم طبقاً للشريعة الموسوية كزانية، فقد سلمها الرب للقديس البار الذى عرف بر خطيبته وأكد له الملاك سر حبلها بالمسيا المخلص ثالثاً: لكى تجد القديسة معها من يعزيها خاصة اثناء هروبها من مصر. قال ذهبى الفم "مع العلم ان عذراوية مريم كانت سرآ مخفيآ عن الشيطان مثل امر صلبه" قال الأنبا بولس البوشى "ذكر انها خطبت ليوسف لكى ما يخفى الرب تدبير التجسد عن الشيطان. لأن النبوه تذكر بأن العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعوا اسمه عمانوئيل. ولهذا كانت البشارة بعد خروج السيدة العذراء من الهيكل إلى بيت يوسف ليخفى سر الحبل فى ذلك" قال العلامة يوحنا الدمشقى "ولما كان عدو خلاصنا يترصد العذارى لسبب نبؤة اشعياء القائل "ها العذراء... ". ولكن لكى يصطاد الحكماء بخدعتهم" فلكى يخدع المتباهى دوماً بحكمته دفع الكهنة بالصبية للزواج من يوسف، وكان ذلك "كتاب جديد مختوم لمن يعرف الكتابة" فأصبح الزواج حصناً للعذراء وخدعه لمترصد العذارى" قال القديس أغريغوريوس الصانع العجائب "أرسل جبرائيل إلى عذراء مخطوبة لكنها لم تتحد معه، إنها مخطوبة ولكنها لم تمس. لماذا كانت مخطوبة؟ حتى لا يدرك الشرير (الشيطان) السر قبل الأوان فقد كان عارفاً ان الملك سيأتى من عذراء إذ سمع ما جاء فى اشعياء ... وكان يهتم ان يعرف العذراء ويتهمها بالعار، لهذا جاء الرب من عذراء مخطوبة حتى يفسد حيل الشيطان لأن المخطوبة مرتبطة بمن سيكون رجلها". 3- كيف تمت خطبة العذراء مريم ليوسف؟ وندرس هنا ثلاث نقط: 1- كيفية اتمام الخطبة والزواج فى بنى إسرائيل وقت ميلاد المسيح. 2- متى تمت خطبة العذراء مريم ليوسف. 3- هل كان يوسف النجار فتى أم شيخ؟ يقول التقليد والأباء ان الخطبة كانت تتم، حسب عادة اليهود، رسميآ أمام الكهنة، والشريعة تعتبر المخطوبة كالمتزوجة تمامآ عا العلاقات الزوجية، وتدعى زوجة وتصبح أرمله ان مات خطيبها وتتمتع بجميع الحقوق المالية إن مات خطيبها او طلقت منه، ولايمكن ان يتخلى عنها خطيبها إلا بكتاب الطلاق، كالزوجة تماماً، وإذا زنت تعتبر خائنة لزوجها وتعامل معاملة الخائنة وليس معاملة العذراء الغير مرتبطة برجل ويروى التقليد ان العذراء مريم خطبت ليوسف رسمياً أًمام كهنة اليهود بعقد رسمى وكما يروى الكتاب والتقليد أيضاً فقد احتفظ بها فى بيته فى الناصره فكانت فى نظر بنى إسرائيل خطيبته، وإمرأته، فهو رجلها، وقال له الملاك: "لا تخف ان تأخذ مريم أمرأتك" قال ذهبى الفم "وهنا يدعوا الخطيبة زوجة كما تعود الكتاب ان يدعوا المخطوبين أزواج قبل الزواج، وماذا تعنى "تأخذ"؟ اى تحفظها فى بيتك لأنه بالنية قد أخرجها، احفظ هذه التى أخرجتها كما قد عهد بها إليك من قبل الله وليس من قبل والديها" اما متى تمت خطبة العذراء مريم ليوسف، فهذا يتضح من الزمن المستخدم فى اللغة اليونانية فى قوله "كانت مريم مخطوبة ليوسف" والذى يبين أن الخطبة كانت قد تمت حديثاً جداً وبما قبل ظهور الملاك لها بأيام قليلة جداً. وهذا مايبين قصد الله من خطبة العذراء ليوسف، فقد خطبت قبل الوقت المعين للبشارة بوقت قليل، لتصبح تحت حماية رجل، ولأنها نذرت بتوليته إلى الأبد فقد عاش معها يوسف النجار التى تجمع التقاليد على إنه كان شيخاً وعاش معها فى حالة قداسه كامله قال تاتيان عن علاقة يوسف بمريم العذراء "كان يسكن معها فى قداسة" مما سبق يتضح ان ما تصوره بعض الأفلام الأوربية وماتدعيه بعض الطوائف المتطرفه عن صبا مريم ويوسف أو عن وجود نية للزواج بينهما لا أساس له من الصحة سواء عقلياً او تاريخياً او كتابياً. 4- خذ الصبى وأمة هناك نقطة هامة فى بحث العلاقة بين القديسة مريم ويوسف النجار وهى إننا لا نجد نصاً واحداً فى الكتاب خاصة بعد ميلاد الطفل الإلهى يشير او يشتم منه اى صله زواجية بين يوسف النجار والعذراء بل على العكس تماما فبعد الميلاد يخاطب الملاك يوسف ويقول له قم وخذ الصبي وأمة وأهرب إلى ارض مصر" ومتى الإنجيلى يقول "فقام وأخذ الصبى وأمه" ثم يخاطبه الملاك فى مصر أيضاَ قائلاً: "قم خذ الصبى وأمه واذهب إلى ارض إسرائيل.. فقام وأخذ الصبى وأمه وجاء إلى ارض إسرائيل" الوحى يخاطبه بالقول "خذ الصبى وأمه" وليس الصبى وزوجتك، مما يدل ويؤكد انه لم يصبح زوجآ فعليآ بعد ميلاد الطفل الإلهى وانه لم يكن له اى صله زواجيه بها وإلا لكان قال له "خذ الصبى وزوجتك" وليس "الصبى وأمه". ولكن قول الملاك هذا وتأكيد الإنجيلى يؤكدان ان مهمة يوسف كخطيب وزوج قد نجحت فى حماية العذراء من الأتهام بالزنا كانت مهمة شرعية وظاهرية أمام الناس ولأخفاء سر التجسد والفداء عن الشيطان وليست علاقه زواجيه. بل ان ذلك يؤكد لا لبس فيه ولا غموض أن يوسف كان رجلاً باراً من تهمة الزنا وعقوبة الرجم فصار زوجاً لها على الورق وأمام بنى إسرائيل فقط، وأيضاً للهروب بالصبى وأمه إلى مصر ثم العودة إلى إسرائيل والسكن فى الناصرة وإعطاء الصبى اسم يوسف كأب أمام الناس بالإضافة إلى حرفة النجارة فقيل عنه "وهو (يسوع) على ما كان يظن ابن يوسف" "يسوع ابن يوسف الذى من الناصرة" "أليس هذا هو يسوع ابن يوسف الذى نحن عارفون بأبية وأمه" "أليس هذا ابن النجار" قال ذهبى الفم "وقال الملاك ليوسف "خذ الصبى وأمه" ولم يقل له "زوجتك" هذا الكلام بعد الولادة يثبت إنها لم تعد زوجه له بعد ولادة المسيح بل علاقتها مازالت مع المسيح وليست معه" وقال القديس باسيليوس "ان المسيحيون لا يطيقون أن يسمعوا بزواج العذراء بعد ولادة السيد المسيح لأنه على خلاف ما تسلموه من آبائهم". المتنيح القمص عبد المسيح بسيط عن كتاب التجسد الإلهى و دوام بتولية العذراء
المزيد
19 أغسطس 2025

النبؤة بميلاد المسيح من العذراء

جاء فى سفر نبؤة اشعياء النبى 14: 7 "ولكن يعطيكم السيد نفسه آيه ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعوا أسمه عمانوئيل" والآيه تركز على أربعة نقاط هامة: 1 آيه "يعطيكم السيد نفسه آيه". 2 العذراء..من هى؟ 3 العذراء تحبل وتلد ابناً. 4 المولود هو عمانوئيل. 1- الأيه والأية المقصودة فى هذا الفصل الإلهى أو المعجزة مزدوجة، فهى أولآ تعنى ان "عذراء" او "العذراء" ستحبل وتلد ومع ذلك تظل "عذراء" لأنه يتكلم عنها كعذراء سواء قبل الحبل أو اثناؤه او بعد الميلاد "ها العذراء تحبل وتلد" فالأيه تنص على ان العذراء ستحبل وان العذراء ستلد وبذلك تنص ضمنآ على أنه ستظل بعد الحبل والولادة عذراء ايضاً لأنه يدعوها "بالعذراء" معرفة بأداء التعريف والأيه ليست معطاه من بشر أو بواسطة بشر ولكن معطاة من الله ذاته "ولكن السيد نفسه يعطيكم أيه"، السيد نفسه وليس مخلوق هو معطى الأيه ولكن كيف تتم هذه الأيه؟ وهذا ما سألته العذراء مريم نفسها للملاك قائله: "كيف يكون لى هذا وأنا لست اعرف رجلاً"؟. أى كيف أحبل وأنا عذراء وقد نذرت البتوليه وليس فى نيتى التراجع؟ ويجيب الملاك أن هذا الحبل لن يمس بتوليتك ولن يضطرك للتراجع عما نذرتيه وسوف تظلين بتول إلى الأبد. وأما عن الكيفيه فهذا عمل الله حده: "الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الله". الروح القدس هو الذى سيتولى هذه المهمه الآلهيه لأن المولود هو القدوس ذاته. وقوه الله هى التى تظللها أى تحل عليها، تسكن فيها، لذلك لن تحتاج إلى رجل، لن يكون المولود من زرع بشر لأنه القدوس، بل لابد أن يولد من عذراء بحلول الروح القدس على العذراء وكان برهان المعجزة، معجزة حبل العذراء هو حبل اليصابات العاقر المتقدمه فى الأيام وأمراه الشيخ والتى لم تنجب فى شبابها ولكن أراد الرب أن تحبل وتنجب فى شيخوختها عبر هنا على قدرته التى ليست لها حدود. 2- العذراء وكلمه "العذراء" المستخدمه هنا فضلاً عن أنها تشير إلى دوام البتوليه كما قلنا – وكما سنبين فى الفصول التاليه – وجاءت فى اللفظ العبرى "عولما – Alma" ونعنى فتاه ناضجه، وهو مشتق من أصل بمعنى "ناضج جنسياً" كما يعنى عذراء كامله الأنوثه، كما تشير إلى أمرأه فى سن الزواج ولكن لم تلد أطفال ويرادفها فى اليونانيه (neanis) نيانيس – فتاه). وقد تكررت هذه الكلمه سبع مرات فى الكتاب المقدس وكلها ترجمت بمعنى فتاه (أو عذراء) غير متزوجه. وهى كالأتى جاء فى تك 23: 24،44 "فها أنا واقف على عين الماء وليكن أن الفتاه (عولما) التى تخرج.. هى المرأه التى عينها الرب لأبن سيدى" والفتاه المقصوره هنا هى التى ستكون عروس لأسحق، أى أنها عذراء غير متزوجه وجاء فى نش 3: 1 ".. أسمك دهن مهراق لذلك أحبتك العذارى" والعذارى هنا جمع (عولما). وقع نش 8: 5 "احلفكن يا بنات أورشليم أن وجدتن حبيبى". وبنات هنا جمع (عولما) والمقصود عذارى فى مرحله الحب قبل الزواج وقيل عن أخت موسى العذراء "فذهبت الفتاه ودعت أم الولد" خر8: 2 والفتاه هنا (عولما) وجاء فى ام 19: 30 "طريق رجل بفتاه". والفتاه هنا (عولما) والمقصود بها العروس التى احضرت توا ولم يدخل بها العريس" أى ما زالت عذراء وجاء فى مزمور 25: 68 عن ضاربات الدفوف اثناء التسبيح للرب "فى الوسط فتيات ضاربات الدفوف" والفتيات هنا جمع (عولنا) والمقصود بهن العذارى او الفتيات غير المتزوجات والكلمة السابعة هى ماجاء عن العذارء نفسها فى نبؤة أشعياء النبى. وهذا يدل على ان كلمة "عولما" المقصود بها فى اللغة العبرية على الأقل فى زمن الأيات المذكورة والتى يرجع تاريخ احداثها إلى سنة 1000 قبل الميلاد الفتاة العذراء غير المتزوجة ولكنها فى سن النضوج والزواج كرفقة عروس اسحق وعذارى سفر النشيد وأخت موسى العذراء التى لم تكن قد تزوجت بعد وعروس وعروس النشيد وضاربات الدفوف فى فريق التسبيح للرب وهناك لفظ عبرى أخر هو "بتول" وهو مشتق من لفظ عبرى بمعنى يفصل، وتعنى عذراء منفصلة لم تعرف رجلآ قط، ومرادفها باليونانية "بارثينوس thenospar) وقد اختار الوحى الكلمة الأولى "عولما" للعذراء مريم فى سفر اشعياء النبى للدلاله على انها كانت فتاة ناضجة وفى سن الزواج، كما إنها كانت ستكون تحت وصايا خطيب وذلك حسب الترتيب الإلهى لحمايتها عند الحمل والولادة ولكن الوحى أيضاً الهم مترجمى الترجمة السبعينية فترجموا كلمة "ها العذراء(عولما).." إلى "ها العذراء (بارثينوس).." اى ترجموها "بارثينوس" عذراء منفصله لم تعرف رجلآ قط ولم يترجمها "نيانيس" للدلاله على انها ستكون عذراء دائمآ ولن تعرف رجلآ قط لأن محتوى الأية يدل ويؤكد على هذا المعنى وأن الفتاة المقصودة وإن كانت ستكون ناضجة وتحت وصايا خطيب إلا إنها ستكون عذراء لم ولن تعرف رجلآ قط "بارثينوس" رغم خطبتها ليوسف. 3- العهد الجديد والعذراء وقد سار العهد الجديد على هذا النهج وأطلق على العذراء لقب "بارثينوس" واقتبس القديس متى فصل نبؤة اشعياء النبى وكتبها هكذا: "هوذا العذراء (بارثينوس) تحبل وتلد". وكذلك القديس لوقا لم يستخدم عن العذراء مريم سوى "العذراء بارثينوس" "ارسل جبرائيل إلى عذراء (بارثينوس9 مخطوبة". "وأسم العذراء (بارثينوس) مريم" وهكذا أيضاً صار أباء الكنيسة داعين القديسة مريم بالعذراء "بارثينوس" والدائمة البتولية "إيبارثينوس" ومما يذكر يبطل زعم اليهود ومن تبعهم بقولهم لم يكتب فى نبؤة اشعياء "عذراء" بل كتب "فتاة" محاولين النيل من بتولية العذراء سواء قبل الحبل أو بعده. وإلى جانب ماذكر يضيف القديس كيرلس أورشليمى براهين اخرى لتفنيد رأى اليهود ودحض حجتهم قائلاً "لكن اليهود يعارضوننا فى ذلك (ومقاومة الحق عادة قديمة عندهم) إذ يقولون إن لم تكتب "العذراء" بل الفتاة. فليكن، لنسايرهم، وهكذا سنجد الحقيقة، إذ فى وسعنا أن نسألهم: متى تصرخ الفتاة المغتصبة طالبة النجدة. قبل الأعتداء أم بعده؟ وإذا كان الكتاب يقول فى موضع اخر: "صرخت الفتاة فلم يكن من يخلفها" ، أفلا يتكلم هنا عن عذراء؟ ولكى تعلم بوضوح ان العذراء فى الكتاب المقدس تدعى فتاه، اسمع ما جاء فى سفر الملوك عن ابيشاج الشونميه "كانت الفتاة جميلة جداً" لابد من التسليم إنها اختيرت بسبب بتوليتها". 4- عمانوئيل والنقطة الهامة فى هذا الموضوع من ستحبل به هذه العذراء وتلده، انه "عمانوئيل" أى "الله معنا"أى ان الذى ستحبل به العذراء هو "إيل الله" الذى اتحد بالناسوت داخل احشائها، انها ستلد الإله المتجسد، الله الظاهر فى الجسد، ستلد الناسوت المتحد باللاهوت "الذى فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً" ولذلك كان لابد ان تكون عذراء وتظل عذراء لأنها لم تلد مجرد مخلوق بل ولدت الإله المتجسد الذى حل فى أحشائها تسعة اشهر واتخذ جسداً داخل احشائها، وتغذى على غذائها فكان لابد ان تحبل وهى عذراء وتظل عذراء وتلد وتظل عذراء، فالمولود هو الخالق ذاته. المتنيح القمص عبد المسيح بسيط عن كتاب التجسد الإلهى و دوام بتولية العذراء
المزيد
12 أغسطس 2025

كيف ولد المسيح وظلت أمه عذراء

تنبأ إشعياء عن ميلاد الإله المتجسد من العذراء قائلاً: "ها العذراء تحل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل". وقد استخدم النبى فى تعبيره كلمه "العذراء" وليس "عذراء" فهو يتكلم بلفظ معروف لإنسانه معروفه فى خطة الله الأزلية للخلاص. فتكلم عنا بآل التعريف ليعنى دوام بتوليتها، فهو يتكلم وكأنه يرى العذراء قبل الحبل وأثنائه وبعده ولا يرى فيها سوى العذراء التى ستلد عمانوئيل، الله معنا، فهو يراها عذراء قبل الحبل وعذراء أثناءه وعذراء بعد الولادة لذلك استخدم تعبير العذراء "ليعبر عن هذه الحقيقة" حبلت العذراء بالطفل الإلهى وولدت وظلت عذراء وبتوليتها مختومة والسؤال الأن كيف ولدت القديسة مريم وظلت عذراء بعد الولادة؟ يقول الكتاب "وبينما هى هناك (فى بيت لحم) تمت أيامها لتلد فولدت أبنها البكر وقمطته واضجعته فى المزود". وهذه الآية تؤكد لنا أن العذراء مريم حبلت لمدة تسعة أشهر، تمت أيامها، ثم ولدت وقمطت الطفل كسائر المواليد ولم يشر الكتاب إلى شئ غريب ربما يكون قد حدث وقت الولادة ولكن كل الظواهر نوحى بأن العذراء ظلت عذراء بعد الولادة كما كانت قبل الولادة، عذراء روحاً وجسداً وقد اعتادت الكنيسة منذ فجرها الأول أن تلقب القديسة مريم بالعذراء Parthenos (بارثينوس) والدائمة البتولية air Parthenos (ايبارثينوس) للتعبير عن دوام بتوليتها قبل وأثناء وبعد الحمل والولادة ولكن يظل السؤال كيف ولدت القديسة مريم ومع ذلك ظلت عذراء؟! والإجابة هى أنه كما خرج الرب يسوع المسيح من القبر والقبر مغلق وكما دخل على التلاميذ والأبواب مغلقة حتى إنهم ظنوه شبح هكذا أيضاً خرج من العذراء وظلت العذراء كما هى وبتوليتها مختومة وترى الكنيسة فى ما جاء فى حزقيال (1: 44،2) "ثم ارجعى إلى طريق باب المقدس الخارجى المتجه إلى للمشرق وهو مغلق" فقال لى الرب هذا الباب يكون مغلقاً لا يفتح ولا يدخل منه إنسان لأن الرب إله إسرائيل دخل منه فيكون مغلقاً" اشارة إلى بتولية العذراء الدائمة فقد حل عليها الروح القدس والكلمة الأزلى اتخذ جسداً من لحمها ودمها وحل فى أحشائها تسعة اشهر وخرج، فلا يعقل أن يفض بكارتها ولا يعقل أيضاً أن تجتمع بعد ذلك بإنسان أو تلد بنين أخرين غير المجد. قال القديس جيروم: (مع أن الباب كان مغلق، دخل يسوع إلى مريم، القبر الجديد المنحوت فى الصخر، الذى لم يرقد فيه من قبل ولا بعده أنها جنة مغلقة، ينبوع مختوم هى الباب الشرقى الذى تحدث عنه حزقيال المغلق إلى الدوام، المملوء نوراً.. يدخل إلى قدس الأقداس منه يدخل ويخرج من هو على رتبه ملكى صادق. ودعوهم يخبرونى كيف دخل يسوع والأبواب مغلقة، وأنا أجيبهم كيف تكون القديسة مريم أماً وعذراء بعد ميلاد ابنها؟". قال مارافرام السريانى: "كما دخل الرب والأبواب مغلقه هكذا خرج من حشا البتول وبقيت بتوليتها سالمة لم تحل". قال أغسطينوس: "بعد قيامة المسيح عندما ظن إنه روح قال لتوما هات يدك وانظر لأن الروح ليس له جسد وعظام كما ترى، وبالرغم من ان جسده جسد شخص فى سن الرجولة فأنه دخل إلى حيث يوجد تلاميذه خلف الأبواب المغلقة، فأذا كان قد استطاع لأن يدخل خلال الأبواب المغلقة وهو فى جسد فى سن الرجولة فكيف لا يستطيع إذآ كطفل أن يترك جسم أمه دون أتلاف بتوليتها. الذى يؤمن ان الله ظهر فى الجسد يصدق الأمرين كليهما، أما غير المؤمن فلا يصدق هذا ولا ذاك". قال ذهبى الفم: "نحن نجهل أموراً كثيرة وعلى سبيل المثال كيف وجد غير المحدود فى رحم العذراء؟ ثم كيف الذى يحوى جميع الأشياء حملته امرأة؟ ثم العذراء كيف ولدت وهى كما هى عذراء؟". قال أغريغوريوس صانع العجائب: "رأى النبى المولود منك أيتها العذراء القديسة خلال الرمز.. بأى كلمات يمكنا أن نعبر عن كرامة بتوليتها.. النقية الطاهرة". قال القديس كيرلس الكبير: "لنمجد مريم دائمة البتولية بتسبيحة الفرح". قال القديس أغريغوريس الثيؤلوغوس: "ولد من عذراء وحفظ أيضاً عذريتها وبتوليتها بلا تغيير". قال القديس أغريغوريوس أسقف نيصص: "أن رحم العذراء الذى استخدم لميلاد بلا دنس هو مبارك لأن الميلاد يبطل أو يحل عذريتها، كما أن العذراوية لم تمنع أو تعق ذلك الميلاد العالى، كما اعلن عنه فى الإنجيل "طوبى للبطن الذى حملك والثديين اللذين رضعتهما". وجاء فى ثيؤتوكية الخميس: "يا للطلقات الإلهية العجيبة التى لوالدة الإله مريم العذراء كل حين. هذه التى منها اجتمع معاً بتولية بلا دنس وميلاد حقيقى. لأنه لم يسبق الميلاد زواج ولم يحل الميلاد أيضاً بتوليتها لأن الذى ولد إله بغير ألم من الأب ولد أيضاً حسب الجسد ونقول فى المجمع فى القداس الإلهى: "وبالأكثر القديسة المملؤة مجداً العذراء كل حين والدة الإله القديسة الطاهرة مريم التى ولدت الله الكلمة بالحقيقة". المتنيح القمص عبد المسيح بسيط عن كتاب التجسد الإلهى و دوام بتولية العذراء
المزيد
05 أغسطس 2025

دوام بتولية العذراء

1 إيمان الكنيسة منذ البدء آمنت الكنيسة منذ البدء ان السيد المسيح هو كلمة الله وعقله الناطق قوة الله وحكمة الله صورة الله غير المنظور بها مجده ورسم (صوره) جوهره الله الظاهر فى الجسد عمانوئيل الذى تفسيره الله معنا رب المجد القدوس الكائن على الكل إلهاً مباركاً الإله الوحيد والحكيم الذى فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً. جاء إلينا فى ملء الزمان مولوداً أتخذ جسداً من عذراء طاهرة نقية بعد ان بشرها الملاك جبرائيل بولادة الكلمة السرمدى بحلول الروح القدس عليها. سكن اللاهوت فى أحشائها تسعة اشهر متحداً بالناسوت، إذ اتحد اللاهوت بالناسوت فى أحشائها أتحاداً أبدياً بغير انفصال أو أختلاط او أمتزاج أو تغير أو استحالة فدعيت بذلك والدة الإله، لأنها ولدت الإله لمتجسد ولدت الناسوت المتحد باللاهوت، ولدت عمانوئيل الله معنا، الله ظهر فى الجسد المأخوذ من أحشائها، ولدت كلمة الله المتجسد لذا دعيت theotokos (ثيؤتوكوس) والدة الإله ونظراً لأن العذراء مريم حبلت وولدت الإله المتجسد فكان لابد أن تظل عذراء إلى الأبد، عذراء قبل الحبل وعذراء أثناء الحبل وعذراء بعد الولادة، لأن الإله السرمدى لا يجب ان يكون له أب بشرى عند التجسد والفادى لا يجب ان يكون من زرع بشر حتى يكون خالياً من الخطية لذا كان لابد ان تحبل به ليس من زرع بشر بل بقوة الله، بحلول الروح القدس عليها وقوة العلى التى ظللتها كما ان الإله الموجود فى كل مكان ولا يحده مكان والقادر على كل شىء فى إمكانه ان يخرج منها دون أن يفض بكارتها، أن يولد منها وتظل بتوليتها مختومة وهذا ما حدث فعلآ. فكانت عذراء قبل الحبل واستمرت عذراء بعد الحبل وظلت عذراء بعد الولادة. ومن ثم دعتها الكنيسة ب"العذراء إلى الأبد" و "الدائمة البتولية" وكان هذا الإيمان هو إيمان الكنيسة الأولى، إيمان الرسل وخلفائهم وكان إيماناً مبنياً على الكتاب المقدس المسلم مرة للكنيسة. 2 إنكار بتولية العذراء ظهرت فى القرن الأول بدعة دعيت ببدعة الأبيونيون وهم من المسيحيين الذين من اصل يهودى الذين أعتنقوا المسيحية وتعلقوا بالطقوس اليهودية التى تشبعوا بها وقتاً طويلاً فجاءت عقيدتهم خليطاً من المسيحية واليهودية وأنكروا لاهوت المسيح ولم يعترفوا بوجودة الإلهى قبل التجسد وأعتبروه مجرد إنسان عادى وبالتالى أنكروا ميلاده المعجزى من العذراء وقالوا إنه ولد كسائر البشر من أب هو يوسف وأم هى مريم ويقول كل من أيريناؤس والمؤرخ الكنسى يوسابيوس أنهما تبعا ترجمة ثيودوسيون Theodotion؟) الأفسسى وأكويلا البنطى Auila of Pontus) الذين ترجما نبؤه إشعياء "هوذا العذراء تحبل وتلد أبناً إلى "هوذا الفتاه (The young woman) تحبل وتلد أبناً" ثم جاء هيلفيدس (حوالى عام 382) وأدعى أن مريم ويوسف قد تزوجا فعلاً بعد ميلاد المسيح وتبعه فى ذلك راهب هرطوقى يدعى جوفنياس (مات حوالى 405م) ويونسيوس أسقف يوغوسلافيا وحرمه مجمع كابوا (Capua عام 1391م)، وأتبع هذا الرأى فى العصور الحديثه بعض المفسرين من بعض الفرق البروتستانتيه المتطرفه كالأخوة البلموث وغيرهم، وشهود يهوه ولكن غالبيه المفسرين البروتستانت يؤمنون (كما سنرى) بدوام بتوليه العذراء. 3- بتولية العذراء فى كتابات الآباء وكما قلنا أن الكنيسه المسيحيه أعتقدت فى كل عصورها بدوام بتوليه العذراء ودافعت عنها وفندت إدعاءات وهرطقه منكرى البتوليه ودعتها بالدائمه البتوليه قال أغناطيوس الأنطاكى، تلميذ بطرس الرسول (30-107م) "أما رئيس هذا العالم فقد جهل بتوليه مريم وايلادها وكذلك موت الرب". قال ايريناؤس أسقف ليون (120-202م): "الذى هو كلمه الله.. ولد حقاً.. من مريم التى كانت وحتى الآن (هى) عذراء وقال أيضاً "مريم العذراء وجدت قطيعه" وأيضاً "صار الله إنساناً... معطياً أيانا المأخوذه من عذراء" كما طبق نبؤه إشعياء التى يقصد بها النبى عودة بنى إسرائيل إلى أورشليم على العذراء "قبل أن يأخذها الطلق ولدت. قل أن يأتى عليها المخاض ولدت ذكراً. من سمع مثل هذا. من رأى مثل هذا..." وأعتبر أن النبى يقصد ميلاد المسيح بطريقه ليس لها مثيل. وهو بذلك يؤكد بتوليه العذراء ويعترض اكليمندس الاسكندرى (150-215م) على من يقول أنها صارت امرأه ويقول أن القديسه مريم استمرت عذراء وقال العلامة أوريجانوس (185-245م) "لقد تسلمنا تقليداً... أن مريم ذهبت بعدما أنجبت المخلص، لتتعبد (فى الهيكل) ووقفت فى الموضع المخصص للعذارى. حاول الذين يعرفون أنها أنجبت طفلاً طردها من الموضع، ولكن زكريا أجابهم أنها مستحقه الملكوت فى موضع العذارى، إذ لا تزال عذراء" وقال أيضاً "يليق أن لا ننسب لقب أولى العذارى بغير مريم" وقال القديس ميثوديوس (260-312م) وشاهدنا أشعياء يعلن بوضوح لكل الأرض تحت الشمس وقبل أن يأخذها الطلق ولدت... الخ" العذراء الأم كليه القداسة.. أنجبت ابنها... وحفظ طهاره والدته بغير فساد وبلا دنس" وقال القديس أثناسيوس الرسولى (296-373م) "لقد أخذ (الرب) جسداً إنسانياً حقيقياً من مريم الدائمه البتولية" ودعاها ديديموس الضرير (توفى سنه 396م) بالعذراء أثناء وبعد الميلاد، كما دعاها بالدائمة البتوليه" ودعاها البابا بطرس خاتم الشهداء (311م) "الدائمه البتولية" وكذلك ابيفانيوس وكثيرون من الكتاب المعاصرين لهم والذين خلفوهم. 4- بتولية العذراء فى الكتابات الأبوكربقية وكما كانت عقيدة "الدائمة البتولية" عقيدة راسخة فى الكنيسة كانت أيضاً منتشرة فى الكتابات الأبوكربقيه التى أنتشرت فى القرن الثانى والقرن الثالث وحتى السادس والتى أعطاها مؤلفوها لقب أناجيل ونسبوها أو أسموها بأسماء بعض الرسل لتلقى رواجاً بين بعض المؤمنين، وكانت تعبر عن الفكر الشعبى المسيحى وأحياناً يعتبر بعضها تاريخياً. ومع أن الكنيسة رفضتها من البداية لأنها أخذت أفكارها الرئيسية من الأناجيل القانونية ولكن موضوعاتها كانت مخله مملؤه بالمعجزات الصبيانيه الخرافية ومع ذلك ترى فيها الكنيسة تراثاً فكرياً شعبياً مبكراً وكل هذه الكتب الشعبية أو معظمها تؤكد بتولية العذراء وهذا بعض ما جاء بها جاء فى الكتاب المسمى إنجيل يعقوب الأولى"وقال الكاهن ليوسف أنت أخترت من الكثيرين لتأخذ عذراء الرب لتحفظها لديك وكان يوسف خائفاً وأخذها ليحفظها عنده" وجاء فى كتاب متى المزيف"ترتيب جديد فى الحياة إكتشف بواسطة مريم وحدها التى وعدت أن تظل عذراء لله". وذكر أن العذارى كن مع مريم وقت أكتشاف يوسف للعمل قلن له: "يمكن أن تختبر أنها ما زالت عذراء ولم تلمس". وجاء فيه أن سالومى لما شكت فى حقيقة بتولية العذراء ودوام هذه البتولية قالت: "أسمح لى أن المسك وعندما سمحت لها.. صرخت... بصوت عال وقالت: يارب يارب يا قدير أرحمنا‍‍ لم يسمع أبداً ولم يفكر فى أن واحد امتلأ ثدياها باللبن وأن ميلاد ابن يبين أن أمه ما تزال عذراء... عذراء حبلت، عذراء ولدت، وتظل عذراء". وهذه الواقعة تذكر أيضاً فى إنجيل يعقوب الأولى وجاء فى الكتاب المسمى إنجيل طفولة مريم "سوف لن تعرف إنساناً أبداً فهى وحدها بدون نظير، نقية، بلا دنس، بدون اجتماع رجل، هى عذراء، ستلد ابناً.وجاء فيه أيضاً: "أخذ يوسف العذراء طبقاً لأمر الملاك كزوجة له وبرغم ذلك لم يعرفها ولكن أعتنى بها وحفظها فى طهارة" ويدعوا كتاب "تاريخ يوسف ومريم" العذراء ب "السيدة مريم أمه العذراء"وكذلك كتاباً "نياحه، وصعود مريم يدعو مريم "المقدسة، والدة الإله والعذراء النقية" "والدة الإله والعذراء دائماً مريم" و"المطوبه العذراء مريم"ويدعوا كتاب "طفولة المخلص" مريم ب "السيدة مريم أمه العذراء". المتنيح القمص عبد المسيح بسيط عن كتاب التجسد الإلهى و دوام بتولية العذراء
المزيد
10 ديسمبر 2024

أباء الكنيسة وتعبير "صار جسدا"

منذ فجر المسيحية والكنيسة تؤكد عدم التحول أو التغير في ذات الله وأن الرب يسوع المسيح هو الإله المتجسد، الله الظاهر في الجسد، عمانوئيل، الإله القدير، الأزلي الأبدي، المولود من نسل إبراهيم وأسحق ويعقوب وداود بحسب الجسد مع أنه الكائن على الكل الله المبارك إلى الأبد (رو5: 9)، وأنه ظهر في الجسد باتخاذه جسداً من لحم ودم وعظام وروح ونفس في أحشاء القديسة مريم العذراء. وهذا ما سجله كل من القديس لوقا والقديس متى بالتفصيل بالروح القدس في الإنجيل (مت1،2؛لو1،2)، وما أكده، أيضا، كل من القديس مرقس والقديس يوحنا بإعلانهما بالروح القدس أمومة العذراء القديسة مريم له، سواء في تعاملها معه وتعامله معها (يو2؛ مر31: 3؛3: 6)، أو عند الصليب (يو25: 1927)، وهذا أيضا ما سجله بقية الرسل في رسائلهم بالروح القدس ؛ فالقديس يوحنا يقول بالروح القدس " والكلمة صار جسدا " (يو14: 1)، ويقول أيضا أنه " جاء في الجسد " (1يو2: 4) و" آتيا في الجسد " (2يو7). والقديس بولس الرسول أكد مرات عديدة حقيقة تجسد الرب باتخاذه جسدا كقوله " ومنهم المسيح حسب الجسد " (رو5: 9) و" الله ظهر في الجسد " (1تي16: 3) وكذلك القديس بطرس بقوله بالروح: " فإذ قد تألم المسيح لأجلنا بالجسد " (1بط1: 4) و " سمعان بطرس عبد يسوع المسيح ورسوله إلى الذين نالوا معنا إيمانا ثمينا مساويا لنا ببر إلهنا والمخلص يسوع المسيح " (2بط1: 1)، فهو، هنا، يعلن أنه إلهنا ومخلصنا " وعند الحديث عن آلامه يبين أنه " تألم بالجسد " كما قال أيضا " مماتا في الجسد " (1بط18: 3) وقد تعلم أباء الكنيسة، من تلاميذ رسل الرب يسوع المسيح وخلفائهم، الذين تعلموا علي أيدي الرسل، بما استلموه من الرسل أنفسهم، سواء المدون في العهد الجديد مع شهادة العهد القديم أو ما تسلموه شفاهه ونادوا به في كل مكان. وهذه شهادتهم وتعليمهم في القرون الأولى للمسيحية: قال القديس أعناطيوس الإنطاكي تلميذ القديس بطرس الرسول: " المسيح يسوع الذي من نسل داود (بالجسد) (رو3: 1) والمولود من مريم: الذي ولد حقا وأكل حقا... " (ترالس: 9) ثم يقول أنه " يوجد طبيب واحد، هو في الوقت نفسه روح وجسد (إي إله وإنسان)، مولود وغير مولود. الله صار جسدا، حياة حقيقية في الموت (أي التجسد) من مريم ومن الله، كان قابلاً للألم وهو الآن غير قابل للألم. يسوع المسيح ربنا " (أفسس2: 7) وأيضا " إيمان واحد بيسوع المسيح الذي من نسل داود بحسب الجسد ؛ ابن الإنسان وابن الله " (أفسس 2: 20) ثم قال بأكثر وضوح: " نؤمن هكذا أنه اخذ إنسانا كاملا من مريم العذراء والده الإله ومن الروح القدس " ودعاه جسده " الجسد الذي بناه الله من جسم ودم العذراء " (لاهوت) " المسيح الذي هو حقيقة من نسل داود بالجسد (رو3: 1) وابن بمشيئة وقوة الله، وولد حقا من مريم العذراء وأعتمد من يوحنا المعمدان لتتم به كل عدالة. وقال القديس بوليكاريوس تلميذ القديس يوحنا الرسول " كل من لا يعترف بأن يسوع المسيح قد جاء في الجسد هو ضد المسيح " وهو هنا يستخدم نفس تعبير القديس (1يو2: 4) يوحنا لأنه تلميذه وقال ارستيدس الاثيني (حوالي 140م) " يرجع إيمان المسيحيين إلى الرب يسوع المسيح الذي نزل من السماء بالروح القدس لخلاص البشرية وهو ابن الله العلي وقد وولد من عذراء قديسة بدون زرع بشر وأتخذ جسدا بغير فساد " وقال ميليتو أسقف ساردس (حوالي 171م) " تبرهن أعمال المسيح بعد معموديته أن روحه وجسده، طبيعته الإنسانية، كانا مثل طبيعتنا ... وتوضح أعماله بعد معموديته، خاصة معجزاته، للعالم بكل تأكيد اللاهوت المحتجب في جسده، ولكونه الله ولكونه أيضا إنساناً تاماً (كامل في ناسوته) فقد قدم إيضاحاً إيجابياً لطبيعته (حرفيا طبيعتيه ؛ اللاهوت والناسوت): أوضح لاهوته عن طريق معجزاته التي صنعها في السنوات الثلاث التالية لمعموديته، التي أتممها لكونه في الجسد، فقد حجب لاهوته بالرغم من أنه الإله الحقيقي الموجود قبل كل الدهور " وقال ايريناؤس أسقف ليون وخليفة تلاميذ الرسل " لكي يجدد الإنسان في نفسه، صار غير المرئي مرئياً وغير المدرك صار مدركاً والغير المتألم صار خاضعاً للألم. الكلمة صار إنساناً ليجدد كل شيء في ذاته " " وعندما جاء المسيح إلى عالمنا لخلاصنا أخذ جسدا حقيقيا كأجسادنا لأن الرسول يقول الكلمة صار جسدا ". وقال اطيفوس تلميذ الرسل وبطريرك القسطنطينية علي الميلاد " كلمة الله أتضع وهو غير المتضع في جوهره، أتضع بإرادته ولبس صورة العبد، الذي بلا جسد لبس جسدا من أجلك أيها الإنسان. الكلمة الذي تجسد، غير الملموس بجوهر لاهوته لُمس من أجلك أيها الإنسان الذي ليس له ابتداء بلاهوته لبس جسدا. الغير متغير تجسد بالجسد المتغير " (اعتراف الآباء). وقال ترتليان (حوالي 155م) " نزل بهاء مجد الله (عب1: 3)، كما سبق أن تنبأ الأنبياء في القديم، إلى عذراء وكون جسدا في رحمها، وولد متحداً كإله وإنسان، تشكل الجسد بالروح القدس، تغذى ونما إلى الرجولة، تحدث وعلم وعمل، هذا هو المسيح " " دعي الكلمة ابنه (ابن الله) وظهر في أوقات مختلفة للبطاركة باسم الله، وكان الأنبياء يسمعونه دائما، وأخيرا نزل من الروح القدس وبقوة الله الآب إلى مريم العذراء وصار جسدا في أحشائها، وولد منها ". قال اكليمندس الإسكندري (150 215م) " بعملية التجسد اصبح الابن منظورا ومدركا في حيز الأشياء التي نراها وندركها بحواسنا ". قال يوستينوس الشهيد (ولد حوالي 100م) " الكلمة (logos λόγος)، هو نفسه أتخذ شكلا وصار إنسانا ودعي يسوع المسيح " " أنه كان موجودا سابقا كابن خالق كل شيء، لكونه الله، وأنه وُلد كإنسان بواسطة العذراء ... كان موجودا سابقا وخضع لمشيئة الآب ليولد كإنسان مثلنا " " لقد صار المسيح إنسانا بواسطة العذراء ليزهق العصيان الذي أنبثق عن الحية بالطريقة نفسها ". قال اوريجانوس (185 253م) " يسوع المسيح نفسه الذي جاء (إلى العالم) ... جرد نفسه (من مجده) وصار إنسانا وتجسد برغم من أنه الله وبينما صار إنسانا بقي كما هو إله، لقد اتخذ جسدا مثل أجسادنا ... ولد من العذراء ومن الروح القدس " وقال العلامة هيبوليتوس (استشهد عام 235م) في تفسير أمثال 9: 1 " الحكمة بنت بيتها " " أنه يقصد أن المسيح حكمه الله الأب وقوته (1كو24: 1) بني بيته أي طبيعته الجسدية التي اتخذها من العذراء كما قال (يوحنا) من قبل " والكلمة صار جسدا وحل بيننا " ثم قال في تفسير " مزجت خمرها " " أن المخلص وحد لاهوته، مثل الخمر النقي، مع الجسد في العذراء وولد منها إله وإنسان في أن واحد " وقال القديس اثناسيوس الرسولي (296 373م) " لكنه اخذ جسدا من جنسنا، وليس ذلك فحسب، بل من عذراء طاهرة بلا لوم ... لأنه وهو القادر علي كل شئ وبارئ كل شئ أعد الجسد في العذراء كهيكل له، وجعله جسده بالذات، واتخذه أداة له وفيه أعلن ذاته، وفيه حل "" صار" تخص الجسد، وفعلا " صار" الجسد خاصا بالكلمة وليس خاصا بإنسان، فالله تأنس، ولذلك قيل أنه " صار جسدا " حتى لا يخطئ أحد في فهم حقيقة التجسد، ويغفل اسم الجسد " ... هذا الاتحاد الطبيعي بين الكلمة والجسد الذي صار جسدا خاصا به وفيه حل " وقال أيضاً: " التعبير: " صار جسدا "، يبدو كأنه متوازي مع ما قيل عنه " جُعل خطية، ولعنة " (2كو21: 15)، ليس لأن الرب تحول إلى ذلك لأنه كيف هذا؟ بل لأنه قبل هذا عندما اخذ إثمنا وتحمل ضعفنا (اش4: 53) " وقال القديس كيرلس الإسكندري متسائلا " كيف تفسر " الكلمة صار جسدا؟ " ثم أجاب قائلا: " يبشرنا بولس الحكيم جدا ووكيل أسراره وكاهن الإنجيل " فليكن فيكم الفكر الذي كان في المسيح يسوع أيضا الذي إذ كان في صورة الله صار في شبه الناس، وإذ وجد في الهيئة كإنسان تواضع وأطاع حتى الموت موت الصليب " (في5: 27) " فالكلمة الابن الوحيد الإله الذي ولد من الله الأب الذي هو بهاء مجده ورسم جوهره (عب3: 1) هو الذي صار جسدا، دون أن يتحول إلى جسد، أي بلا امتزاج أو اختلاط أو أي شئ آخر من هذا القبيل بل " أخلي ذاته " وجاء إلى فقرنا، ومن اجل الفرح الموضوع أمامه، استهان بالعار (عب2: 12) دون أن يحتقر فقر الطبيعة الإنسانية لأنه أراد كإله أن يخلص الإنسان الخاضع للموت والخطية وأن يعيده إلى ما كان عليه في البدء، فجعل جسد البشر جسده ونفس إنسانية عاقلة ... فولد كإنسان بطريقة إعجازية من امرأة، لأنه لم يكن ممكنا بأمره أن نري الله علي الأرض في شكله غير المنظور لأن الله لا يري فهو غير مرئي، وطبيعته غير محسوسة، لكن حسن في عينيه أن يتجسد وأن يظهر في ذاته كيف يمكن أن تتمجد طبيعتنا بكل أمجاد اللاهوت، لأنه هو نفسه إله، وإنسان " في شبه الناس " ولأنه أصلا إله قيل عنه أنه " صار في شبه الناس ". فالله الذي ظهر في شكلنا وصار في صورة العبد، هو الرب وهذا ما نعنيه بأنه صار جسدا ولذلك نؤكد أن العذراء القديسة هي والدة الله " وقال في تفسيره ليوحنا 1: " والكلمة صار جسدا ": " الآن يعلن الإنجيلي التجسد بشكل علني، فهو يؤكد أن الابن الوحيد جاء، ودعي ابن الإنسان. ولهذا السبب بالذات وليس لأجل أي شيء آخر يقول " الكلمة صار جسدا " ومعنى هذه الكلمات لا يزيد عن قوله " الكلمة صار إنسانا "، وتعبير الإنجيلي " الكلمة صار جسدا " ليس غريبا ولا بعيدا عن استعمال الأسفار الإلهية لأنها غالبا ما تسمي الإنسان كله " جسد " كما جاء في النبي يوئيل " سأسكب من روحي على كل جسد " (يوئيل28: 2) ... ولم يقل الإنجيلي أن الكلمة جاء إلى الجسد مثلما فعل في القديم عندما جاء إلى الأنبياء والقديسين، واشتركوا فيه وإنما ما يعنيه الإنجيلي، أنه صار جسدا، أي صار إنسانا ولكنه هو الله بالطبيعة وهو في الجسد، وجعله جسده دون أن يفقد لاهوته. فهذا هو اعتقادنا لأننا نعبده وهو في الجسد ...وحتى لا يتصور أحد بجهل أنه تخلى عن طبيعته، وتحول إلى جسد، وتألم، وبذلك صار قابلا لتغير (مع أن اللاهوت بعيد تماما عن التغيير أو التبديل)، أضاف الإنجيلي الإلهي على الفور " وسكن فينا "، لكي ندرك أنه يتكلم عن شيئين أولا الساكن، ثم المسكن، لكي لا يفترض أحد بعد ذلك أنه تحول إلى جسد، وإنما سكن في الجسد، واستخدم جسده، الهيكل الذي اتخذه من العذراء القديسة، أو كما يقول بولس " لأن فيه يحل كل ملء اللاهوت جسديا " (كو9: 2) ثم يضيف " ورأينا مجده، مجد الابن الوحيد للآب، مملوء نعمة وحقا ": بعد أن قال أن الكلمة صار جسدا، أي صار إنسانا، وبعد أن جعله معنا في الأخوة الخاصة مع الخلائق والعبيد، يعود ويؤكد كرامته الإلهية التي لم تتغير، ويعلنه لنا إلها كاملا، له كل صفات وطبيعة الآب. فالطبيعة الإلهية لها ثباتها الخاص بها، ولا تقبل التغيير إلى ما ليس منها، بل تظل بلا تبديل محتفظة بما لها من صفات. ولأجل ذلك بعد أن قال الإنجيلي " الكلمة صار جسدا " عاد وأكد أنه لم يخضع لضعفات الجسد، ولم يفقد قوته ومجده الإلهي، عندما لبس جسد الضعف الذي بلا مجد. فقال " ورأينا مجده "، الذي يفوق كل مجد، والذي يجعل كل من يراه يعترف أنه مجد الآب الوحيد، ابن الله الآب، المملوء نعمة وحقا ". يقول اميروسيوس أسقف ميلان في عمله بخصوص الإيمان " لقد كتب أن الكلمة صار جسدا، ولا أنكر أن هذا كتب، ولكن أنظر إلى النصوص المستخدمة، إذ يتبع هذا قوله، وحل بيننا، وهذا يعني أنه سكن في جسد بشري ... أنه يتكلم عن اتخاذه جسدا ". ونختم هذه الأقوال بقول القديس اثناسيوس الرسولي إلى أبيكتيتوس " من أين خرجت هذه الأمور. وأي عالم سفلي تقيأ القول بأن الجسد الذي من مريم هو من نفس جوهر لاهوت الكلمة؟ أو بأن الكلمة تحول إلي لحم وعظام وشعر وكل الجسد وتغير عن طبيعته الخاصة؟ أو من كفر إلى مثل هذه الدرجة حتى يقول وهو في نفس الوقت يعتقد أيضا بأن اللاهوت ذاته الذي من نفس جوهر الأب، قد صار ناقصا خارجا من كامل، والذي سمر علي الخشبة لم يكن هو الجسد بل هو جوهر الحكمة الخالق ذاته؟ أو من سمع بأن الكلمة حول نفسه جسدا قابلا للتألم، ليس من مريم بل من جوهره الذاتي فهل يمكن أن يدعي مسيحيا من يقول هذا؟ " لقد صار الكلمة جسدا، صورة الله اتخذ صورة العبد وصار في الهيئة كإنسان، اتخذ كل مالنا، شابهنا في كل شئ ماعدا الخطية " لأنه جاء في شبه جسد الخطية " (رو3: 8)، " مجرب في كل شيء مثلنا بلا خطية " (عب15: 4)، " ظهر في الجسد " الذي اتخذه من مريم العذراء وحل فيه وبه وصار جسده، جسد الله الكلمة، الكلمة المتجسد، الإله المتجسد. القمص عبد المسيح بسيط أبو الخيركاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد عن كتاب إذا كان المسيح إلهاً فكيف ُحبل به وولد؟
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل