المقالات

15 ديسمبر 2020

التجسـد والصديق الألهـى

يأتى علينا زمن الحب الالهى ... في زمن الميلاد نرى الله يقترب الينا متجسدا حتى يدعونا له أصدقاء وأحباء وأبناء " والذين قبلوه اعطاهم سلطانا ان يصيروا اولاد الله اى المؤمنين باسمه الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئه رجل بل من الله ولدوا " يو 1 : 13 . لقد انفتح لنا باب الصداقة الالهية على مصراعيه واصبح الله قريبا منا ودعانا احباء " انتم احبائى ان فعلتم ما اوصيتكم به . لا اعود ان اسميكم عبيدا لان العبد لا يعرف ما يعمل سيده لكن سميتكم احباء لانى اعلمتكم بكل ما سمعته من أبى " يو 15 : 14 – 15 . ان الله الاب فى المسيح يسوع يريد ان يجمع الكل من كل الامم والقبائل والالسنة والشعوب كابناء له ويجعل من كل واحد وواحدة منا موضع مسرته ومحبته . وهكذا راينا فى كل جيل رجالا ونساء نموا فى معرفة الله ومحبته لتكون لهم عشره وصداقة واتحاد بالله . واصبح كل واحد منهم يحس بالحضور الالهى والحديث المتبادل حتى فى العمل اليومى البسيط فيكون الله العامل معنا والمشارك لنا والمبارك لتحركاتنا وقائد مسيرتنا ليس فى الاعمال العظيمة الكبيرة وبل وفى ابسط واصغر الامور . لقد عاش ابونا ادم قديما فى جنه عدن ومعه امنا حواء فى عشرة وصداقة مع الله ، ومع بعضهم البعض فى محبه وتفاهم وكان الله يتحدث معهما ويدعوهما لتسمية الاشياء باسمائها . ودعاهما ان يتسلطا على طيور السماء وحيوانات الارض وان ينموا ويكثروا . ومع غواية الحية جاء السقوط والخوف والاختباء من الله والقاء اللوم على الاخر وبهتت الصداقة الالهية . فالخطية تمثل فاصل بيننا وبين الله المحب . ومع هذا وجدنا فى العهد القديم امثله طيبة للصداقة الالهية والمحبة المتبادلة بين الله والبشر . فاخنوخ المنادى للبر سار فى صداقة وعشرة مع الله ولم يوجد لان الله نقله . وابراهيم ابو الاباء صار صديقا لله عندما دعاه ان يخرج من ارضه وعشيرته وبيت ابيه فخرج وهو لا يعلم الى اين يذهب وقال له الله " انا هو الله القدير سر امامى وكن كاملا " وكان الله لا يخفى عليه امر ما ويقول هل اخفى عن ابراهيم ما انا فاعله ؟ فكان يتناقش معه كما يحدث الرجل صاحبه . وموسى النبى كان يكلم الله كما يكلم الرجل صاحبه ايضا ولهذا اخذ من الله حكمة وحلم واستطاع ان يقود الشعب فى البرية القفره . وهكذا تمضى السنين ويرسل الله الانبياء ليرشدوا البشرية ويدعوهم الى الرجوع اليه ويعاتب الله البشريه على عدم طاعتها . " ربيت بنين ونشاتهم اما هم فعلى قد عصوا " بل ومن تحنن احشائه على شعبه يعتبر بعدهم عنه كابتعاد الزوجه عن زوجها وخيانتها له . حديث المحبه ... ان الله ليس عنا ببعيد بل به نحيا ونتحرك ونوجد وهو بالايمان يحل فى قلوبنا ويصيرها مسكنا له ولانه محبة فانه لا يسكن الا فى القلب المحب ويريدنا ان نتحدث معه حديث الحب نكشف له عن مكنونات نفوسنا ، نشكره على ما نقدمه له من خير ، نشكوا له همومنا واحزاننا وشكوكنا . نقدم له طلباتنا ونشبع به جوع قلوبنا ، نسمع كلامه ونحفظ وصاياه . ان الذى لا يدعنا نحس بهذه الصداقة والحب هى قساوة القلب وبعده عن الله او هروبنا من وجهه واتباعنا لشهواتنا وخداع ابليس . قد تكون هموم ومشاغل العالم وملذاته سبب فى عدم أحساسنا بمحبة الله الذى لازال ينتظر بل ويطلب صداقتنا له ويفرح بحبنا له كفرح العريس بالعروس ويناجى انفسنا قائلا ها انا واقف على الباب واقرع . ان سمع احد صوتى ادخل اليه واتعشى معه وهو معى . هكذا يدعوك ويدعونى الله لمحبته وصداقته فهل نلبى الدعوة. الطاعة وحفظ الوصية ... ان الله يريد منا الطاعة كابناء بل ان التمرد عليه وعصياننا هو جحود لمحبته " الذى عنده وصاياى ويحفظها فهو الذى يحبنى والذى يحبنى يحبه ابى وانا احبه واظهر له ذاتى " يو 14 : 21 . ونحن لا نحب باللسان والكلام بل بالعمل والحق . انت مدعوا اذن لطاعة الله وحفظ وصاياه والعمل بها ومدعو ان تنكر ذاتك وتحمل صليبه كل يوم وتتبعه . انسى اذن ما وراء وامتد الى ما هو قدام طالبا منه ان يجذبك بربط المحبة وقل له ياصديقى الالهى اريد ان احس بحضورك ويا اله المحبه اريد ان احبك اكثر . اطلب منه ليعلن لك ارادته وانتظر الرب وليتشدد قلبك . وعندما تداهمك الشكوك او تحاربك الافكار وشهوات العالم وهمومه اصرخ اليه قائلا يارب اما يهمك اننا نهلك عندما تلاطم الامواج سفينه حياتك وتكاد تغرقها اطلبه فياتى ويسكت الريح ويهدئ العاصفة ويمنحك سلاما ونجاه . السير مع اللة... انت لست وحيدا فى هذه الحياه حتى لو تخلى عنك الاصدقاء فلك المسيح قائدا وهو يبحث عن الخروف الضال ليحمله على منكبيه ويدعو الاصدقاء ليفرحوا معه برجوع الضالين . ان الله يسير معك فى رحله الحياه ويحملك وقت التعب ويرويك وقت العطش الروحى والعاطفى والنفسى ، هو يفرح بنا اذ نتخذه صديق محب ويفرح بقيادتة لنا فهو الراعى الصالح . اجعل الله سيدا لحياتك وصديقا فى رحلة عمرك وان لم تكن لك الخبرة الروحية الكافيه تعلم من سير الاباء القديسين الذين ساروا معه قبلك وكيف كانت كلمة الله حياتهم والصلاه وسيلتهم واسم الرب برج حصين لهم والروح القدس مرشدا ومعزيا فى مسيرة الحياه " فمن يتقى الرب يحصل على صداقة صالحة لان صديقه يكون نظيره " سير 6 : 17 . قدم لنا الانجيل الرب يسوع المسيح صديقا للبشرية يخرج من سمائه ويقترب اليها ويقدم لها ذاته على مذبح الحب فوق الصليب . لا لفضل فينا ولا لاستحقاق بنا بل بمقتضى نعمته ومحبته . ان هذه الصداقة لا تطلب منك شئ الا ان تطلبها وان تسأله يوما فيوم ماذا تريد يارب ان افعل؟ وهو يقودك ويكون فردوسا لنفسك وصديقا شخصيا لك وفرح لنفسك الباحثة عن الحب والحياه والفرح . الهى كن صديقى ... الهى وحبيبى ابحث عنك وانت فى ياصديق نفسى اين انت ؟ ولماذا تختفي في أزمنة الضيق نعم ياصديقى كنت تراقب جهادى . وتعلمنى كيف أجاهد وأنمو، وكنت القوة والسند والمعزي تحملنا وقت الشده والضيق . وانا لم تعد تستهوينى الاشياء ، ولا احب فى العالم سواك . كن صديقى واظهر لى ذاتك لاحدثك حديث الحب واتعلم منك كيف اسير واثق فى قيادتك طول الطريق واجعلك صديق نفسى الدائم ولا يستطيع احد ان يخطفنى من يدك او يجعلنى احول عينى عنك فانت ابرع جمالا من بنى البشر ، ومعك ينمو حبى وينتشر . القمص أفرايم الاورشليمي
المزيد
07 ديسمبر 2020

التجسد الألهى وكرامة الجسد

الجسد الإنساني في المسيحية : لقد اخذ الجسد الإنساني كرامة ومجداً بتجسد الله الكلمة " والكلمة صار جسداً وحل بيننا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الأب مملوء نعمة وحقاً " يو 1 : 14 . لقد شابهنا الرب يسوع المسيح في تجسده في كل شيء ما عدا الخطية وحدها وعندما قام من الموت وصعد للسماء اصعد باكورتنا للسماء ليكون سابق لأجلنا. إن الكنيسة في إيمانها بقيامة الجسد في اليوم الأخير للمكافأة أو العقاب " لأننا لا بد جميعاً أن نظهر أمام كرسي المسيح لينال كل واحد منا ما كان بالجسد بحسب ما صنع خيراً كان أم شراً " 2 كو 5 : 10 .الجسد الإنساني ذلك الكيان الأنسانى الذي تكرمه المسيحية والذي يحمل نسمة الحياة داخله من الله ، وهو هيكل الروح القدس الذي يحل عليه بالعماد والميرون المقدس ليقدسه ويطهره" أم لستم تعلمون إن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله ولستم لأنفسكم " . ذالك الكيان الذي يتناول من الأسرار المقدسة " من يأكل جسدي ويشرب دمي فله الحياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير " يو 6 : 54 . إن أجسادنا لها كرامتها بكونها أعضاء جسد المسيح السري الذي هو كنيسته المقدسة " أم لستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء جسد المسيح " 1 كو 6 : 9 . وهذا الجسد الترابي وان مات وتحلل فانه سيقوم جسد نوراني ممجد في القيامة العامة ليحيا في السماء " الذي سيغير جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده بحسب عمل استطاعته أن يخضع لنفسه كل شيء " في 3 : 21 .ولهذا تكرم الكنيسة رفات القديسين وتصنعهم تحت المذبح وفي الكنائس لأنهم أكرموا الله في أجسادهم وأرواحهم التي لله لقد أقامت عظام اليشع النبي الميت عندما لامسته قديماً وكانت المناديل وعصائب القديس بولس المأخوذة من على جسده تشفي الأمراض وتخرج الأرواح الشريرة . وما زالت رفات القديسين تصنع المعجزات في كنائسنا حتى اليوم لأنها تحمل سمات وقوة أشخاصهم وهم كسحابة شهود محيطة بنا وليسوا عنا ببعيد والرب اله أبائنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب واثناسيوس وانطونيوس ومار جرجس اله أحياء وليست اله أموات لان الجميع عنده أحياء . الجسد في الكتاب المقدس : عندما تأتي كلمة جسد في الكتاب المقدس فانه يقصد بها العديد من المعاني ولهذا سنتعرض لها حتى حتى نكون على وعي بمعانيها المختلفة كما جاءت في الإنجيل . " ولو لم يقصر الرب تلك الأيام لم يخلص جسد ولكن لأجل المختارين قصر الأيام " مر 13 : 20 ." فها أنا آت بطوفان الماء على الأرض لأهلك كل جسد فيه روح حياة من تحت السماء كل ما في الأرض يموت " تك 6 : 17 . " ويرحض جسده في مكان مقدس ثم يلبس ثيابه ويخرج ويعمل محرقته ومحرقة الشعب ويكفر عن نفسه " لا 26 : 24 . " سراج الجسد هو العين فان كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيراً " مت 6 : 23 . " لم يبغض احد جسده قط بل يقوته ويربيه " أف 5 : 29 " بأعمال الناموس كل ذي جسد لا يتبرر " رو 3 : 20 . " وان أطعمت كل أموالي وان سلمت جسدي حتى احترق وليس لي محبة فلا انتفع شيء " 1 كو 13 : 3 – 62 ." وأما هو فكان يقول عن هيكل جسده " يو 2 : 21 . " الذي حمل خطايا في جسده على الخشبة " ا بطر 2 : 24 ." ولما لم يجدن جسده أتين قائلات إنهن رأين منظر ملائكة قالوا انه حي " لو 24 " 23 . أو عن الجسد الافخارستى في القربان المقدس : " واخذ خبزاً وكسر وأعطاهم قائلاً هذا هو جسدي الذي يبذل عنكم اصنعوا هذا لذكري " لو 22 : 19 . " فقال لهم يسوع الحق الحق أقول لكم إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم " يو 6 : 52 ." كاس البركة التي نباركها أليس هي شركة دم المسيح الخبز الذي نكسره أليس هو شركة جسد المسيح " 1 كو 10 : 16 " لان الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح أيضا رأس الكنيسة وهو مخلص الجسد " أف 5 : 29 . " هكذا نحن الكثيرين جسد واحد في المسيح " رو 15 : 5" فلذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون جسداً واحداً " تك 2 : 24 ، مت 9 : 5 ، أف 5 : 31 " من ثمرة صلبه يقيم المسيح حسب الجسد " أع 2 : 30 ." إخوتي انسبائي حسب الجسد " رو 9 : 3 . " إن الأمم شركاء في الميراث والجسد ونوال المواعيد في المسيح بالإنجيل " أف 3 : 6" لأننا لما كنا في الجسد كانت أهواء الخطايا تعمل فينا " رو 7: 5. " عالمين هذا أن إنساننا العتيق قد صلب معه ليبطل جسد الخطية كي لا نعود نستعبد حتى بعدما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضاً " 1 كو 9 : 27 . " وإنما أقول اسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد " غل 5 : 16 ." مع المسيح صلبت فاحيا لا أنا بل المسيح يحيا في فما أحياه ألان في الجسد فإنما أحياه في الإيمان ابن الله الذي أحبني واسلم نفسه لأجلي " غل 2 : 20 " ابعد ما ابتدأتم بالروح تكملون ألان بالجسد " غل 3 : 3" أعمال الجسد ظاهرة التي هي زنى ، عهارة ، نجاسة ، دعارة عبادة أوثان ، عداوة ، خصام ، غيرة ، سخط ، تخريب ، شقاق ، بدعة ، حسد قتل سكر بطر وأمثال هذه التي اسبق فأقول لكم عنها كما سبقت فقلت أيضا إن الذين يفعلون هذا لا يرثون ملكوت الله " غل 5 : 20 ، 21 . الأهواء والشهوات الجسدية : المسيحي مطالب أن يسير ويحيا بالروح ، لا حسب الأهواء والشهوات الجسدية بل ينقاد بروح الله للقداسة والمحبة والسلام " الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات " غلا 5 : 24 . أي إننا مطالبون أن نصلب الأهواء والشهوات من النفس وليس ضد الجسد كلحم ودم فالنفس العفيفة تجعل الجسد مقدساً فأعمال وأهواء الطبيعة البشرية العتيقة الخاطئة هي التي نحاربها ونجاهد ضدها .لقد أعطينا الحرية أن نصير أبناء الله بالإيمان ويختم الجسد بكل أعضاءه بالميرون المقدس ليتقدس فكره وإرادته وعمله وسلوكه وجسده بما فيه من غرائز وعواطف وبالتوبة والتناول نأخذ طبيعة جديدة لنحيا حياة البر والقداسة وننمو فيهما وهذا لا يعني عصمتنا من الخطأ لان الإنسان يظل حراً مسئولاً يقدر أن يفعل الخير والشر.إن علاج الخطيئة والشهوات الجسدية هو محبة الله والشركة معه فعندما ننجذب لله ونتحد به بالأسرار والمحبة تتقدس أجسادنا وتعود لنا الصورة الإلهية للإنسان من المخلوق على صورة خالقه في القداسة والبر، وبالتوبة والاعتراف تمحو كل الأوساخ التي تغطي هذه الصورة المقدسة والتواضع والوداعة تلبسنا كرامة من الله وأمام الناس . كرامة الجسد الانساني : أجسادنا هي الهيكل الذي يحتوي النسمة الإلهية التي وهبنا الله إياها وبه نعبر عما في نفوسنا من مشاعر وبه نتحرك ونحيا في وحدة كيانيه نفساً وروحاً وعقلاً وبه نخدم ونصلي وهو يكشف لنا عن قدرة الخالق وعظمة الإنسان كسيد وتاج الخليقة وهو مرآة النفس في أحزانها وأفراحها وخيرها وشرها .لقد أراد الله لنا أن نحيا في انسجام جسداً وروحاً ونفساً لنحقق وجودنا ورسالتنا على الأرض بلا انقسام أو خطية وهنا نرى جمال الجسد وسلامة النفس ووداعتها ، وقداسة الروح ورجاحة وحكمة العقل وقوة الإرادة لنصير هيكلاً لروح الله وأعضاء في جسد المسيح السري الذي هو الكنيسة 1 كو 6 : 5 .إن الجسد بما فيه من أجهزة وأعضاء بشرية كلها مقدسة وظاهرة حتى الأعضاء التناسلية لها كرامتها الفائقة كمستودع لامتداد الحياة البشرية والتعبير عن المحبة الطاهرة ، سر الزواج المقدس فلماذا يستحى البعض من أعضاء لم يستحى الله إن يخلقها بل إعطائها قدسية واحترام " فان الجسد أيضا ليس عضواً واحداً بل أعضاء كثيرة . لا تقدر العين أن تقول لليد لا حاجة لي إليك ولا الرأس أيضا للرجلين لا حاجة لي إليكما . بل بالأولى أعضاء الجسد التي تظهر اضعف هي ضرورية. وأعضاء الجسد التي نحسب أنها بلا كرامة نعطيها كرامة أفضل " 1 كو 12 : 14 – 23 . إن أردت لجسدك كرامة ومجداً ولكيانك وجوداً فاعلاً وحياة أبدية فليكن ذالك بان تحترمه وتزينه بالوداعة والتواضع وتسعى في اقتناء الفضائل وعلى رأسها ثمار ومواهب الروح القدس لكي لا يكون عثرة وان تزين جسدك بلباس الحشمة في زينة الروح وبالأكثر تنمية في الحكمة فالحكمة هي الله نفسه " أنا الحكمة عندي الغنى والكرامة " ام 8 : 18 . فالله يكرم قديسيه " مجد وكرامة لكل من يفعل الصلاح " رو 2 : 1 ، كما أن الاتضاع يعطيك كرامة " ثوب التواضع هو مخافة الرب هو غنى وكرامة وحياة " أم 22 : 4 .فلا تخاصم جسدك أو تكرهه بل ربيه وقوته لكن لا تدلله أو تتخمه بالأكل فيثور عليك ولا تضعفه وتهمله وتقسو عليه فيعتل وتعجز عن الخدمة كما يليق .إن النسك والزهد المسيحي هو حياة ترك وبذل للذات من اجل المسيح الذي بذل ذاته عنا فهو حب وبذل وصوم وجهاد روحي للنمو دون تفكير في كون الجسد خطية هو قهر للأهواء والشهوات الجسدية " فأميتوا أعضائكم التي هي على الأرض . الزنا ، النجاسة ، الهوى ، الشهوة الرديئة الطمع الذي هو عبادة الأوثان " الجسد أذن مقدس وكريم للإنسان الروحي عندما نروضه للبر والقداسة والبذل . الجهاد الروحي : الجهاد الروحي هو أعمال الصلاة والصوم والسهر والبذل والخدمة والعطاء والتوبة وفي ذلك يشترك الجسد والنفس والفكر والروح من اجل إرضاء الله وصنع إرادة الله ومقاومة الأهواء سواء أتت من داخل الإنسان وميوله أو من البيئة المُعثرة في إغرائها أو سواء أتت من الشيطان في حروبه وان كان القلب محصن بمحبة الله والفكر مقدس لله ويفكر ايجابياً في إرضاء الله والحواس مختومة بالنعمة والجسد مضبوط بالجهاد فلا تجد الخطية لها مكان فينا .الجهاد الروحي تؤازره النعمة وعندما يرى الله أمانتنا في الجهاد يهبنا العفة والطهارة وقداسة الفكر وكلما قويت أرواحنا رأينا الجسد يسعى لإرضاء الله في فرح وسلام وحب " حياة الجسد هدوء القلب ونخر العظام الحسد " أم 14 : 30 . " يا الله الهي أنت إليك أبكر عطشت إليك نفسى. يشتاق إليك جسدي في ارض ناشفة ويابسة بلا ماء " مز 63 : 1 .الجسد إذا شريك حقيقى غير منفصل عن الروح في الجهاد يخدم ويصلى ويسجد ويصوم هو جسد مهذب مقدس وليس جسد نعذبه كما يفعل الهندوس مثلاً من اجل التخلص من خطية الجسد وتحرير الروح أو كما قال بعض الغنوسيين أهل البدع انه من صنع اله الشر الأمر الذي تحرمه المسيحية . ففي نسكك ودرجة صومك يجب أن يتم ذلك في اعتدال وحكمة واستشارة لأبيك الروحي إننا بالصوم والنسك والجهاد نسمو ونطلب عمل الروح القدس ونعمته ليقدس كياننا وليست تكفيراً عن خطايانا التي لا يكفر عنها إلا دم المسيح الذي سفك على عود الصليب من اجل خلاصنا . جسدك وكيانك هبة ووزنة من الله لا تسيء إليه ولا تجعله عثرة للآخرين أو سلعة تباع وتشترى فقدموا أعضائكم عبيداً للبر والقداسة رو 6 : 9 " اله السلام يقدسكم بالتمام ولتحفظ روحكم ونفسكم وجسدكم كاملة بلا لوم عند مجيء ربنا يسوع المسيح " افس 5 : 23 .يقول القديس أغسطينوس " تعال إلى الله بنجاستك وخطاياك ، بقلبك واشتياقك الروحية وفي الخفاء اخلع أعمال الظلمة ، اخلع جسم خطايا البشرية وحينئذ يرفع عنك ويجدد فيك الروح القدس ،الحواس التي فسدت بالإثم وتصير نفوسنا مقدسة وروح الله يسكن فيها .إن خير مثل للحكمة والاعتدال نجده في سيرة الأنبا انطونيوس الكبير الذي ذهب للبرية الداخلية وقضى عشرين سنة في صوم وصلاة ووحدة ولما عرف الناس حياته وذهبوا إليه وجدوه سليما راجح العقل صحيح الجسم يشع سلاماً وصحة وجمال روحي لا ضعيفا من النسك ولا مترهلا من الكسل بل إن كل من كان يراه يمتلئ من السلام ومن قداسته يأخذ عبره وعظه وكان يوصي بحياة الطهارة فيقول برسالة له " يا أولادي الأحباء فلنجاهد من اجل الطهارة حتى الموت ، لنشع بالطهارة فان ثمرتها هي نور وحق واستيقاظ . فلا تصيروا عبيداً للأوجاع الرديئة المرذولة او للذات الشريرة النجسة أمام الله . اكتبوا اسم الله على قلوبكم ليصرخ داخلكم انتم هيكل الله الحي وموضع راحة للروح القدس. ولنسعى في طلب الطهارة لأنها فخر الملائكة حياة الطهارة ومجدها : الطهارة والعفاف المسيحي هم فضيلة ايجابية تعني طهارة الوجدان وقداسة الفكر الداخلي وعفة الحواس والجسد سواء للشباب وللبتولين والمتزوجين ، هي الامتناع عن عمل ما لا يحل من شهوات جسدية مخزية تتعارض مع السلوك الروحي حسب وصايا المسيح .هي طهارة وعفة وامتناع عن الأفكار والممارسات الجنسية للاتحاد بالمسيح سواء بتكريس الروح والنفس والجسد للمتبتلين أو في زيجة مقدسة أمينة في سر الزواج تجعل الجنس تعبيرا عن الوحدة والمحبة والشركة . إننا كنفوس مكرسة لله يعمل فيهم الروح القدس في شركة حب الله كنفوس عذارى " إني خطبتكم لرجل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح " 2 كو 11 : 2 .حقاً " ما أحسن الجيل العفيف " مك 4 : 1 . وعندما جاء المسيح متجسدا ولد من عذراء بتول وعاش حياة البتولية وعندما صعد الرب للسماء عهد ليوحنا الرسول البتول برعاية العذراء . ويدعونا الرب يسوع المسيح لحياة القداسة التي بدونها لا يرى احد الرب ولا يمكن أن يطلب الله من الإنسان شيء ليست في استطاعته عمله.والعفاف والطهارة تحتاج منا إلى البعد عن العثرات وتقديس الحواس والفكر والعواطف والغرائز والميول فالعين العفيفة لا تتطلع إلى المغريات أو حتى أسرار الغير واليد لا تلمس أو تمتد إلى عمل أثيم والسمع يتقدس بكلمة الله والفكر الطاهر يبتعد عن الحسد والخبث والشر والأعضاء تتقدس في أداء كل ما يمجد الله " لأنكم اشتريتم بثمن فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله " 1 كو 6 : 20 .انظر إلى جسدك نظرة مقدسة روحية " وان كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيراً " أنت هيكل روح الله القدوس " ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء للمسيح أفأخذ أعضاء المسيح واجعلها أعضاء زانية ؟ " 1 كو 16 : 15 .كلما تظل ثابتاً في المسيح القدوس فانه يقودك في موكب نصرته مقدساً حياتك نفساً وجسداً وعقلاً وروحاً محرراً إياك من العزلة أو الانطواء أو الانحرافات الجنسية وكلما أحببته وكانت لك عشرة حية معه اشبع روحك وعواطفك وسمت غرائزك وأحببت الآخرين محبة روحية تنظر أليهم كأعضاء مقدسة في جسد المسيح .لتملأ حياتك بالروحانيات الايجابية من قراءة وصلاة وتأمل وخدمة ونشاط وكف عن التفكير في الشهوات وجاهد من اجل الطهارة فان النعمة تسندك وتطرد عنك كل عاطفة غير مقدسة . نحن نحتاج إلى اليقظة الروحية وعدم الانجراف وراء الحواس والعواطف والأفكار التي تدنس الجسد والروح والنفس فلا ندخل أفكار دنسه إلى عقولنا ولا نجاري الفكر ونسمح له بالتردد على عقولنا طالباين الطهارة كهبة من الله. قدسية الزواج المسيحي : الزواج المسيحي سر مقدس يعمل فيه الله ليوحد الاثنين "ويكون الاثنان جسداً واحداً فالذي جمعه الله لا يفرقه الإنسان" مت 19 : 4 – 6 . إن الأب السماوي يبارك الزواج المسيحي وهو الذي ككل أبوينا ادم وحواء في الفردوس وبارك الرب يسوع عرس قانا الجليل .ويعمل الروح القدس ليقدس الزوجين ويرفع الزواج ليكون كسر اتحاد المسيح بالكنيسة .في الزواج المقدس يقدس الرب البيت المسيحي وكلما كانت محبة الله في بيوتنا انتفى الخصام ويحب الرجل زوجته كنفسه ويبذل من اجل سعادتها وتحترم الزوجة رجلها وتطيعه في تفاهم وتضحية ولا يكون لأحد منهما سلطان على جسده بل للأخر . ويوحد الروح القدس اتصالهما ويجعل مضجعهما نقياً مقدساً وغير دنس تكون العشرة الزوجية تعبيراً عن هذا الحب المقدس والوحدة .وتكون ثمرة البطن الأبناء ، بركة وسعادة للأسرة ولبناء ملكوت الله على الأرض وفي السماء، وتكون الحياة في تفاهم وانسجام وحب واحترام وتعاون وبذل، شهادة لإيماننا وسعادة لحياتنا وعون للأسرة للسعادة على الأرض وللدخول بسعة للدخول للملكوت السماوي .أما الذين قد أعطى لهم مجد البتولية والتكريس وقد أصبحوا نفوس مكرسة للمسيح فقد تمتعوا بالحياة الملائكية وهم على الأرض ، مع الاقرار منهم لقدسية الزواج كسر مقدس . والمكرس لله يحيا حياة الملائكة وهو على الأرض وهو مجاهداً من اجل عفة حواسه وفكره وجسده مقتدياً بسيده مدرباً نفسه على الصلاة والصوم تائباً عن أخطاءه وخطاياه كل يوم نامياً في الشركة والاتحاد بالله إلى أن يدخل العرس السماوي مرتلاً مع المائة والأربعة والأربعين ألفا البتوليين ترتيله الأبكار هؤلاء الذين يتبعون الخروف والراعي الصالح حيثما ذهب ( رؤ 14 : 1 – 4 ) . الهي ما أعظمك ما أعظمك يا رب فيما وهبتني، فسيداً للخليقة جعلتنى، وعلى صورتك خلقتني وعلم معرفتك أعطيتنى، وبالروح الحكيمة كللتني وجسداً بديعاً خلاقاً منحتنى، ما أعظم أعمالك يا رب كلها بحكمة صنعت. علمنى يا رب أن لا افقد صورتك في، فأكون طاهرا ، جسدا وفكراً وروحاً، بالتواضع والوداعة والحكمة أسير ، وكما تريد لي من قداسة وطهارة وبر أصير ، ساعدني يا رب أن أكون ابنا لك وصورة متواضعة منك ، مقدسا روحى وعقلى وجسدي لإنى ابنك . يا رب أنت تعلم إني أريد أن احبك ، وان لا أكون عثرة لأحد فعلمني أن انظر للجميع أنهم أخوة وأعضاء في الكنيسة المقدسة، امنحني رقة الإحساس لأكون محبة طاهرة ، تعطى بلا مقابل . وتحيا بلا أنقسام ، امنحني شبعاً و اروي عطش نفسي بحبك ، هبني التوبة والنقاوة ، العفة والقداسة لأعاينك داخلي ، ربي ... اصنع لك في داخلي مسكناً لأعاين مجدك كل حين . 1 - تأتي كلمة جسد تعبيراً عن الكيان الإنساني ككل بما فيه من جسد وروح وعقل " إذا أعطيته سلطان على كل ذي جسد ليعطي حياة أبدية لكل من أعطيته " يو 17 ، 2 " . 2 - الجسد اللحمي الذي نلبسه مثلما جاء في العديد من الآيات 3 - جسد الرب يسوع المسيح المتجسد أو الافخارستي : 4 - الكنيسة ككيان مقدس وجسد المسيح السري . 5 - الاتحاد الروحي المقدس 6 - قرابة اللحم والدم 7 - الجسد بمعنى حالة الخطية أو بمعنى الانصياع للشهوات الغريزية. القمص أفرايم الأورشليمى
المزيد
30 نوفمبر 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح(18) الحرية المسيحية

مفهوم الحرية المسيحية وأهميتها ... + الله خلق الانسان عاقلا حرا مسئولا... وعندما سقط الإنسان فى الخطية واصبح عبدا للشيطان والخطية وساد الظلم على الارض ونصبَ البعض نفسه سيدا وديكتاتورا على غيره، صرخ المظلومين على الارض من عبوية الشيطان والانسان لخالقهم . فعمل الله على أصلاح الامور بالاباء والانبياء ثم فى مل الزمان أتى الينا متجسداً ليعيد لنا الحرية السليبة ويسعى الى تحريرنا من كل اشكال الاستعباد سواء للشيطان او لبعض البشراوالمادة اوالسلطة او الشهوات {فاثبتوا اذا في الحرية التي قد حررنا المسيح بها ولا ترتبكوا ايضا بنير عبودية } غل 1:5. لقد جاء أقنوم العقل الإلهي لخلاصنا وتحريرنا وعلينا ان نسعى الى هذه الحرية الحقيقة ولا نقبل بان نستعبد لاحد بل بالمحبة والتقدير نخدم بعضنا البعض. والفهم الصحيح للدين هو رفض للظلم او عدم قبول تنصيب الانسان سيدا لغيره متسلطاً عليهم او قبول العبودية لاحد{وانا ايضا قد سمعت انين بني اسرائيل الذين يستعبدهم المصريون وتذكرت عهدي. لذلك قل لبني اسرائيل انا الرب وانا اخرجكم من تحت اثقال المصريين وانقذكم من عبوديتهم واخلصكم بذراع ممدودة وباحكام عظيمة} خر 5:6-6. فان كان الله دعانا له ابناء وقال لا ادعوكم عبيدا بعد فهو لا يقبل ان يعيش الانسان مستعبدا لا للشيطان اولشهواته ولا للمادة او لاحد من الناس{ لا اعود اسميكم عبيدا لان العبد لا يعلم ما يعمل سيده لكني قد سميتكم احباء لاني اعلمتكم بكل ما سمعته من ابي} (يو 15 : 15) . + الحرية هى التعبير الواقعي عن الشخصية بكاملها.. فيتصرف الإنسان بمعزل عن أى من الضغوط الخارجية التى تملى عليه تفكيره او سلوكه فى أتجاه معين ، كما ان تصرفه وقراراته تأتى تعبيراً عن كيانه كله بما يهدف الى خيره الشامل وخير الاخرين، ومجد الله ، وان لا يكون تصرف الانسان تعبيراً عن جزء من شخصيته ، دون بقية الأجزاء فمثلاً قد تتحكّم فيه إحدى الشهوات ويتصرف بموجبها، دون النظر إلى الاعتبارات الأخرى، فيكون حينئذ لست حراً بل عبدًا للشهوة. اوقد يتحكّم في الانسان انفعال، كالغضب مثلا ويتصرف تحت سيطرته. فيكون عبد لهذا الانفعال. وقد تتحكم فى الشخص عادة من العادات، يتعطّل معها الضابط المتحكم فيه فيتصرف بحكم العادة بدون تفكير، حينئذ يكون عبدا لعاداته . الحرية نعمة من الله، يجب ان نحياها ونعمل للوصول اليها ومساعده الأخرين ليحيوها فى إنسانية كريمة . إن صورة الله في الإنسان هي الركن الذي تستند إليه حرية الشخص البشري وكرامته ، فإنه عندما خلق الله الإنسان طبع فيه صورته ومثاله ، وعلى الإنسان ان يفهم دعوة الخالق له للحرية ، من خلال نزوع طبيعته وتوقها نحو الخير الأسمى، وقد كشفت الله للإنسان أنه خلقه حراً ليتمكن بالنعمة من الدخول في عشرة محبة وشركه مع الله . أن الله يحترم حريتنا الشخصية ويريد من كل واحد وواحدة منا ان يكون حرا مسئولاً مخلوق على صورة الله ومثاله ومن هذه المبادئ السامية أنبثقت حقوق الإنسان والهيئات المدافعه عنها. فالله لا يعبد بالقهر ولايقبل ايضا ان يستعبد الانسان لغيره من الناس . + الحرية السياسية والدينية .. لقد أقرت المواثيق الدولية لحقوق الانسان والتى تعترف وتلتزم بها كل الدول المنضمة لمظمة الامم المتحدة والهيئات الدولية الأخرى المنبثقة عنها، أقرت حرية الراي والعقيدة والتنقل والعمل وقضت برفض كل اشكال العبودية والظلم واعترفت ان الناس خلقوا متساوين فى الحقوق والواجبات. وحددت ان الجرائم ضد الانسانية يجب ان تعاقب وانها لا تسقط بالتقادم . ورغم هذا نري الكثيرين يعانون من الظلم والاضطهاد نتيجة الظلم وعدم الحرية والرق والتمييز البغيض بسبب الجنس او اللون او الدين او الرأى. ورغم ذلك نرى فى العديد من الدول المتخلفة يعانى فيها البعض من الاضطهاد والتمييز المنظم او الاجتماعى والذى يقع علي الأقليات الدينية او العرقية والقومية او السياسية او الفقراء، وسط أجواء من الصراع الديني والتعصب الأعمي . وعلينا جميعا ان نعمل لرفع الظلم وأعلاء كرامة الانسان فالانسان قبل الاديان وجاء الانبياء لهداية الناس وكلنا ابناء اباً واحد هو آدم وأم واحدة هى حواء فلماذا الظلم والاستعلاء! لقد جاءت الاديان لكى تهب الانسان حياة أفضل ومن يدعى ان هناك استعلاء باسم الله لاحد على غيره باسم الله والدين فديانته باطلة والهه الذى يتعبد له ليس بالله الحقيقى بل هو اله صوره الانسان لنفسه ليرضى شهواته وأهوائه وكبرياء قلبه . حتى فى حالات الحروب قديما كان أسرى الحروب عادة ما ينالون قسوة فى المعاملة من المنتصرين، ويقتلون ويساقون إلي ساحات النصر مقيَّدين لاذلالهم ولارضاء غرور المنتصرين . وكانوا يبقون فى غياهب السجون أعوامًا قد تمتد لعدة سنوات يعانون فيها من مرارة الأسر اما الان فحتى الاسرى لهم حقوق يجب ان تحترم . وتقوم منظمات حقوق الانسان بزيارتهم فى السجون وتحفظ لهم حقوقهم بما يضمن معاملتهم المعاملة الانسانية الكريمة حتى اطلاق سراحهم احرار، لكن البعض فى غيه وظلمه لا يقر ولا يعترف بحق الاخر فى حياة كريمة حرة وهؤلاء يجب ان يردعهم القانون الوطنى او الدولى. وان تغاضت دولة عن ظلم فئة من ابنائها لاي سبب فنحن فى عصر العولمية ولم يعد خافيا على احد فى أي مكان الجرائم التى ترتكب من الانسان ضد أخيه . من اجل هذا ومن صميم رسالتنا الدينية العمل القضاء على الظلم بكل اشكاله وصوره والسعى الى تحرير الإنسان ونشر المساواة والديمقراطية والعدل والعدالة الإجتماعية ورفع مستوى الطبقات المحرومة وتوفير الرعاية الصحية والاجتماعية لكل المواطنين بغض النظر عن انتمائتهم الحزبية او الدينية او العرقية او الجنسية . + أسرى الخطية والعادات الشريرة .. إدمان الجنس والدنس او المكيفات، والخمر، والتدخين وكل العادات الشريرة، والطمع، والشهوات كلها توقع الإنسان في عبودية بغيضة تذل الإنسان، وقد قال القديس اغسطينوس (إن عبد الشهوة أذل من عبد الرق). علينا أن نشعر بكل هؤلاء مع المسيح الرب الرحوم، وبحالاتهم الصحية والنفسية والمادية البائسة، ونسعى لخلاصهم وعلاجهم روحيًا وصحيًا، ونرشدهم للمختصين للعلاج الروحى والطبي والنفسي والأجتماعي . كما اننا يجب ان نعمل على المستوى الفردى والوطنى والدولى على تحرير المرأة والأطفال فى عصر الرق الحديث من ان تكون المراة او الاطفال أداة رخيصة لاشباع شهوة المنحرفين بالجنس وتجريم كل أشكال الأتجار بالجنس. ومعالجة أسبابه الروحية والاقتصادية او الاجتماعية اوالنفسية . فلكل هؤلاء جاء السيد المسيح داعياً اياهم للحرية والحياة الأفضل . إننا لن نحيا إلا حياة واحدة وحيدة، فلماذا نهدر حياتنا ووزناتنا وطاقاتنا وامكانياتنا فيما يضر؟ ونحيا نعاني المرارة ونخسر أبديتنا. إن المسيح له المجد يدعو كل نفس للتحرر من قيود العادات الضارة والمهلكة، ويريد لنا أن نتغير ونغير حياتنا، ونعرف إرادته الصالحة المرضية ونعمل بها. إن التوبة تعني الرجوع إلي الله والحياة المقامة في المسيح يسوع القائم منتصرًا علي الشيطان والخطية والضعف، والقادر أن يحرِّر الخطاة ويعطيهم قوة القيامة والانتصار علي الشر. + أسرى التعصب والتطرف والكراهية .. هناك نوعا اخر من العبودية هو التقيد باغلال التعصب الديني او الايدلوجي والكراهية البغيضة وعدم قبول او احترام الاخر والسعى الى استغلاله او استعباده او عدم مساواته فى الحقوق، إما بالتعصب الدينى المقيت الذى يرى ان الله اله قبلى او عرقى وهناك الاسرى للمذاهب السياسية والاحزاب المتطرفة حتى لو شكلت أغلبية فهتلر فى الماضى نادى بالتفوق العرقى للجنس الاري وتسبب فى مقتل الملايين، وقد حكم باسم الأغلبية، فهل نكرر اخطاء الماضى فى العالم المعاصر أم نسعى للتقدم والرقى والحرية والمساوة والقضاء على كل اشكال التمييز والفقر والمرض والجهل . هناك أيضا من يتعلق بأفكار خُرافية مثل تصديق أثر العين، والسحر، والحظ ، والتشاؤم بأمور مُعينة، والجن والعفاريت؛ أو أن يفكِّر الإنسان فقط في الأرضيات وينسي الله والحياة الروحية، أو أن يتعصب الإنسان لفكرة أو لبني جلدته او قبيلته، أو يحيا الإنسان لنفسه في أنانية مفرطة حتي داخل الأسرة الواحدة، ويحيا متغربًا عن إخوته غير مشارك لهم همومهم وأفراحهم . انها انواع من الأستعباد تتفاوت فى الدرجة والنتائج المترتبة عليها ويجب على قادة السياسة والفكر والدين والاعلام العمل على حث الناس على أحترام التنوع الدينى والفكرى والسياسى والقبول بمبدأ الاختلاف وعدم الاقلال من شأن الاخرين سواء عن جهل او قصد. ومن يفعل هذا يخل بمسؤلياته الوظيفية ويجب مسألته قانونيا . ان الحرية الشخصية تقف عند حد التعدى على حقوق الغير و كل حرية يجب ان تقابلها مسئولية أمام الضمير الانسانى وأمام المجتمع ثم أمام القانون بدرجات التقاضى المختلفة ثم أمام الله الذي يعطى كل واحد حسب عمله . الله وسعيه الى خلاص وحرية الإنسان + حرية وكرامة الانسان فى قصد الله .. يؤكد لنا الإنجيل أن الإنسان له القدرة الحرّة لتلبية مقاصد الله نحوه؛ كما يرسم لنا الطريق للحرية الحقيقية ، فهدف كل تدخّلات الله حتى في العهد القديم هو حرية شعبه ؛ ويبيّن لنا الكتاب المقدس أن نعمة المسيح في العهد الجديد تقدّم لجميع البشر حريّة أولاد الله . الحرية اذاً هى حياة بدون عبودية للغيراو لأبليس أو الشهوات ،هى معرفة لله والتحرر به من كل رق أو استعباد (وتعرفون الحق و الحق يحرركم ) يو 8 : 32 . الله يريد خلاص كل البشر (1 تي2: 4) والخلاص الإلهي مقدم للجميع ليتوبوا عن خطاياهم وأخطائهم . أن الإنجيل يؤكد ان الإنسان قادر على اتخاذ القرارات الحرّة. الإنسان حر وقادرعلى الاختيار ويشدّد على مسئوليته الشخصية ، وذلك منذ خطيئة آدم الأولى. ان الإنسان قادر وحر ومسئول ويتحمل نتيجة تصرفاته امام الله ولهذا فان الله يحاسبنا على أعمالنا وافكارنا { انظر انا واضع امامكم اليوم بركة ولعنة. البركة اذا سمعتم لوصايا الرب الهكم التي انا اوصيكم بها اليوم. واللعنة اذا لم تسمعوا لوصايا الرب الهكم وزغتم عن الطريق التي انا اوصيكم بها اليوم لتذهبوا وراء الهة اخرى لم تعرفوها}. ( تث 11: 26- 28). كما أعطى الله للانسان فرصة للتوبة والرجوع اليه منذ القدم { فاذا رجع الشرير عن جميع خطاياه التي فعلها و حفظ كل فرائضي وفعل حقا وعدلا فحياة يحيا لا يموت. كل معاصيه التي فعلها لا تذكر عليه في بره الذي عمل يحيا.هل مسرة اسر بموت الشرير يقول السيد الرب الا برجوعه عن طرقه فيحيا. واذا رجع البار عن بره وعمل اثما وفعل مثل كل الرجاسات التي يفعلها الشرير افيحيا كل بره الذي عمله لا يذكر في خيانته التي خانها وفي خطيته التي اخطا بها يموت. لاني لا اسر بموت من يموت يقول السيد الرب فارجعوا واحيوا } {حز 21:18-25،32). فعلى كل إنسان أن يسلك الطريق المؤدي إلى الحياة، وأن يستمر في سلوكه ليحيا فى حرية مجد ابناء الله القديسين والسلوك الإنسانى القويم لكل البشر بما وهبهم الله من نعمة العقل والضمير . ويرفض الأنجيل صراحة حجج الجبريين منكري الحرية {لا تقل إن الرب هو أضلّني. كل رجس مبغض عند الرب وليس بمحبوب عند الذين يتّقونه.هو صَنَعَ الإنسان في البدء وتركه في يده اختياره. فإن شئت، حفظت الوصايا ووفّيت مرضاته} (سير15: 13- 16). الحرية من الاستعباد والرق .. لقد بدأ تاريخ الشعب اليهودى قديماً بحادث أساسي طبعه بطابع خاص ألا وهو تحرير الله له من عبودية فرعون (خر 1 إلى 15).{ و حدث في تلك الايام الكثيرة ان ملك مصر مات و تنهد بنو اسرائيل من العبودية وصرخوا فصعد صراخهم الى الله من اجل العبودية} (خر 2 : 23) وعندما أدّت خيانات شعب الله إلى خراب أورشليم ثم إلى السبي، صار تحرير اليهود المنفيين في بابل بمثابة فداءٍ ثانٍ. وهو الخبر السار الذي يتغنى به إشعيا، ويتضمَّن الإصحاحات من 40 إلى 55: الله هو قدوس إسرائيل وهو محرّره. وفي الشرع العبراني القديم، ينطبق لفظ المحرّر على أقرب شخص في الأسرة يقع عليه عبء الدفاع عن ذويه، سواء كان للمحافظة على الميراث العائلي (لا 25: 23- 25)، أو فكّ أخ من العبودية (لا25: 26- 49)، أو حماية أرملة (را 4: 5) . لقد قاد موسى النبى قديما بأمر من الله الشعب اليهودى بمعجزات وأيات لكى يتحرر من عبودية فرعون . وغرق فرعون وجنوده فى البحر الأحمر . لكن فى أجيال كثيرة وحتى الان نرى فرعون أخر يمارس الاستعباد ونهب الثروات وظلم شعب الله المسكين وكما ارسل الله منقذاً لشعبه قديما نراه يبث الوعى والقوة فى المستعبدين ليتحرروا ونصلى اليه بقوة ليحرر المنسحقين والمظلومين والمضطهدين ويجب علينا ان نعمل بعزيمة لا تلين وبدون عنف أو همجية بربرية لا يقبل بها الله او الضمير لكى يتحرر كل انسان وكل الإنسان من العبودية بكل أشكالها وندافع عن المظلومين والفقراء والارامل والأيتام ونتبنى الدفاع عن حقوق المظلومين كواجب ينطلق من صميم دعوتنا المسيحية ومن يفهم ان الإيمان هو واجب داخل الكنيسة لعبادة الله دون البعد الروحى الأجتماعى والاخلاقى والإنسانى فهو يبتعد كثيرا عن الحق ومعرفة الله . ان التحرير الذي أنجزه الله لصالح شعبه يمتد ويتجدّد في حياة كل مؤمن {حيٌّ الربّ الذي خلّص نفسي من كل ضيق}2 صم 4: 9 . وكثيراً ما تدور صلاة المزامير حول هذا الموضوع، فتارة يعبر عنه داود النبى بشكل عام دون توضيح الخطر المحدق به (مز 19: 15، 26: 11)، وتارة أخرى يرى المرنم نفسه محاطاً بأعداء يقصدون إيذاءه ويصلى الى الله لينجيه ويحرره (مز 55: 19، 69: 19)، وأحياناً أخرى ترتفع صلاته بحرارة إلى الله القادر وحده على إنقاذه (مز 103: 3- 4). ولكن نجد أيضاً بذور رجاء متّسم بروحانية أعمق ( مز 31: 6، 49: 16).على المستوى الاجتماعي: يضع ذكر التحرير الأول بصماته على التشريع الكتابي، حتى الصوم المقبول عند الله هو {إطلاق المستعبدين أحراراً وكسر كل نير} (إش 58: 6). نعم لقد خلقنا الله أحراراً ولا ينبغى ان نستعبد لاحد ، لكن نخدم الغير بالمحبة المسيحية الساعيه لخلاص كل نفس فى كرامة وحرية مجد ابناء الله. المسيح المحرر ...فى أول عظة له بدأ بها السيد المسيح خدمته، كانت فى مجمع الناصرة، واقتبس عنوانها من سفر "إشعياء"، مشيرًا إلي أن هذا النبي الذى سبق التجسد الإلهي بنحو سبعمائة عام، قد تنبأ عن مجئ المسيح الفادي ورسالته الخلاصية { وجاء إلى الناصرة حيث كان قد تربّى ودخل المجمع حسب عادته يوم السبت وقام ليقرأ؛ فدُفع إليه سفر إشعياء النبي، ولما فتح السفر وجد الموضع الذي كان مكتوبًا فيه روح الرب عليّ لانه مسحني لأبشر المساكين، أرسلني لأشفي المنكسري القلوب، لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمي بالبصر، وأرسل المنسحقين في الحرية. وأكرز بسنة الرب المقبولة. ثم طوى السفر وسلَّمه إلى الخادم وجلس. وجميع الذين في المجمع كانت عيونهم شاخصة إليه. فابتدأ يقول لهم إنه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم} (لو16:4-21). فمسيحنا القدوس جاء مخلصًا للناس من العبودية لإبليس وللخطية والظلم والموت. جاء ليبشر المساكين الذين تخلَّي عنهم الكثيرون، واعتبروهم فقراء ورعاع الأرض، جاء لنصرة المستضعفين والمضطهدين، ومساعدة الفقراء والمظلومين. جاء ليعلن لنا أن كل نفس عزيزة أمام الرب فلتكن عزيزة في أعيننا أيضًا. جاء المسيح ليشفي منكسري القلوب. وكم من قلوب كثيرة منكسرة بالكأبة والمرض والخطية والظلم. جاء ليفتح عيون العمي الذين يظنون إنهم القيمين علي أمور الحياة والدين، ونسوا ان الله محبة. وهذه هي جوهر رسالة كل إنسان يريد أن يسير علي خُطى يسوع المخلص والمحرر وتعاليمه السامية . + جال السيد المسيح يبشر المساكين ببشرى الخلاص والرجاء فى المدن والقرى ، فى الهيكل والمجامع ،فى الحقول والطرقات ، يشفى كل مرض وضعف فى الشعب ، لم يميز بين يهودى وسامرى ويونانى او رومانى ، ولم يفرق بين رجل وامراة وطفل بل أحب الجميع حتى اولئك الذين قاوموه وتقولوا عليه ، كان يعمل على شفاء منكسرى القلوب والنفوس والمثقلين بالخطايا والأثام ، سار يعمل على محو الذنوب بالتعليم والوعظ والقدوة ويفتح أعين العميان ويعطى البصيرة لمن أعماهم التعصب المقيت والكراهية والظلم والظلمة . جاء ليحرر الانسان من كل قيود الشيطان والخطية والتعصب والظلم وعندما ارسل الرسل يكرزوا باسمه فى كل مدينة وقرية مزمع ان ياتى اليها ورجعوا اليه { فرجع السبعون بفرح قائلين يا رب حتى الشياطين تخضع لنا باسمك. فقال لهم رايت الشيطان ساقطا مثل البرق من السماء. ها انا اعطيكم سلطانا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو ولا يضركم شيء. ولكن لا تفرحوا بهذا ان الارواح تخضع لكم بل افرحوا بالحري ان اسماءكم كتبت في السماوات} لو 17:10-20. ولانه كان يقاوم الظلم فى مجتمع يسوده الكبرياء والاستعلاء والحسد تأمر رؤساء الكهنة والفريسين بحسد أبليس وحُكم عليه انه مستوجب الموت من القيادات الدينية والرومانية وهم لم يعلموا ان هذه مشئية الله ان يموت من اجل خلاصنا { فدعا بيلاطس رؤساء الكهنة والعظماء والشعب. وقال لهم قد قدمتم الي هذا الانسان كمن يفسد الشعب وها انا قد فحصت قدامكم ولم اجد في هذا الانسان علة مما تشتكون به عليه. ولا هيرودس ايضا لاني ارسلتكم اليه وها لا شيء يستحق الموت صنع منه. فانا اؤدبه و اطلقه. وكان مضطرا ان يطلق لهم كل عيد واحدا. فصرخوا بجملتهم قائلين خذ هذا واطلق لنا باراباس. وذاك كان قد طرح في السجن لاجل فتنة حدثت في المدينة وقتل. فناداهم ايضا بيلاطس وهو يريد ان يطلق يسوع. فصرخوا قائلين اصلبه اصلبه .فقال لهم ثالثة فاي شر عمل هذا اني لم اجد فيه علة للموت فانا اؤدبه واطلقه. فكانوا يلجون باصوات عظيمة طالبين ان يصلب فقويت اصواتهم واصوات رؤساء الكهنة} لو 13:23-23. ولم يعرفوا ان المسيح اذ وجد فى الهئية كانسان وضع ذاته واطاع حتى الموت ، موت الصليب ليحرر المنسحقين ويطلق آسرى الرجاء من سبى الشيطان { ولي خراف اخر ليست من هذه الحظيرة ينبغي ان اتي بتلك ايضا فتسمع صوتي وتكون رعية واحدة و راع واحد. لهذا يحبني الاب لاني اضع نفسي لاخذها ايضا. ليس احد ياخذها مني بل اضعها انا من ذاتي لي سلطان ان اضعها ولي سلطان ان اخذها ايضا } يو 16:10-18. جاء السيد المسيح رجل الأوجاع مختبر للحزن {لكن أحزاننا حملها، وأوجاعنا تحملها، ونحن حسبناه مصابًا مضروبًا من الله ومذلولاً. وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا، تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا. كلنا كغنم ضللنا، ملنا كل واحد إلى طريقه، والرب وضع عليه اثم جميعنا} (أش 4:53-6). جاء الرب كمن يقول لنا: ظُلمت وأنا البرئ، واحتملت وأنا المبرئ المذنبين {لأنه في ما هو قد تألم مجربًا يقدر أن يعين المجربين} (عب 2 : 1).لقد قام الرب من الأموات لكي ما يقيم ويبشر المظلومين أن الظلم له نهاية. دور الرب يسوع فى تحرير الخطاة.. ان الإيمان بالله والإتحاد به والشركة معه، يقوي الإنسان ويجعل منه قلعة حصينة ضد كل قوي الشر ويحرره {كل شيء مستطاع للمؤمن} (مر 9: 23). وهذا هو سر التغيير والتحرر في حياة "شاول" الطرسوسي ليصبح القديس "بولس الرسول" {أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني} في 13:4. السيد المسيح له المجد يُحرّر النفوس من العادات القاتلة للنفس والمهلكة ويقوينا بوسائط النعمة لكسر قيود الفساد وهذا ما رايناه في حياة قديسى التوبة مثل "أغسطينوس" و"موسى الأسود"، و"بيلاجية"، و"مريم المصرية. كان تحرير إسرائيل يرمز مسبقاً إلى الفداء المسيحي. فالمسيح هو الذي يقيم فعلاً عهد الحرية الكاملة والنهائية لكل من اتحد به بالإيمان والمحبةً. {إن المسيح قد حرّرنا لنكون أحراراً... أيها الاخوة قد دعيتم إلى الحرية} (غلاطية 5: 1 و13) . أن الحرية المسيحية لها انعكاساتها على المستوى الاجتماعي للتحرر من الأستعباد للأخرين لكنها فى الأساس هي بالأحرى نتيجة حدث تاريخي هو موت المسيح الفادى وقيامته الظافرة، واتّصال مباشر بالاتحاد بالمسيح في المعمودية.. والمؤمن حرٌّ، بمعنى أنه قد نال في المسيح قوة على أن يعيش منذ الآن وإلى الأبد في صلة حميمة مع الآب السماوى ، دون أن تعرقله قيود الخطيئة والموت والشيطان واعوانه . لقد تجدّدت عجائب التحرّر بالمسيح يسوع ربنا {الذي انقذنا من سلطان الظلمة، ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا}(كو 1: 13- 14). لقد تمَّ به ومن خلاله أيضا الانتصار على الموت، الرفيق الملازم للخطيئة (تك 2: 17، رو 5: 12). لقد فقد الموت شوكته (1 كو 15: 56). ولم يعد المسيحيون عبيداً لمخافة الموت (عبر 2: 14- 15). أجل لن يتم هذا التحرّر الكامل إلا عند القيامة المجيدة (1 كو 15: 26 و54- 55)، ونحن ما زلنا {ننتظر افتداء أجسادنا}(رومة 8: 23). لكن الأزمنة الأخيرة قد بدأت بنوع ما، وانتقلنا من الموت إلى الحياة (1 يو3: 14. يو: 24)، على قدر ما نحيا في الإيمان والمحبّة والحرية المسيحية . الحرية المسيحية وحدودها .. يمتلئ المؤمن شجاعة وثقة وفخر لكونه صار بالإيمان ابناً لله بالتبنى (أفس3: 12، عب 3: 6، 4: 16). لأن ما نتقبله عند المعمودية هو "روح التبنّي"، وليس " روح العبودية" (رومة 8: 4- 17). بالحرية يستطيع الإنسان اتخاذ قراراته فى تعقل وحكمة ، ورغم تأثر الإنسان في بعض الأحيان بالضغوط والظروف او البيئة او التربية إلا إنه لا يفقد قدرته على اتخاذ قراراته الحرة لاسيما فى القرارات المصيرية التى يجب ان تتخذ فى ضوء إيمانه ومبادئه الاصيلة وقيمه. فإذا تعرض شخصان لنفس الحدث أو الظرف فإنهما لن يتفاعلا معه بنفس الطريقة في أغلب الأحيان. ومن الصعب أن تنتزع حرية الاختيار من الشخص الذي يعي إنسانيته. ويمكننا تصوير ذلك عملياً بآبائنا الرسل والشهداء الذين ورغم إلقائهم في السجون المظلمة ، وتكبيل أيديهم وأرجلهم بالقيود إلا أنهم لم يفقدوا أبداً حريتهم وقدرتهم على اتخاذ قرارتهم ، فالسجن لا يستطيع أبداً أن يُفقدَ الإنسان حريته، فبالرغم من تقييد جسد الإنسان في مكان معيّن ، إلا أنه ما يزال حراً بفكره وروحه ومشاعره، ولا يستطيع أحد أن يحدد قدرته على اتخاذ القرار، ولذلك يستطيع أن يكون إنساناً مختلفاً بالكلية حتى وهو مسجون. وفى نفس الوقت يعمل على التحرر من السجن والظلم ويرفع دعواه حتى لقيصر{ فقال بولس انا واقف لدى كرسي ولاية قيصر حيث ينبغي ان احاكم انا لم اظلم اليهود بشيء كما تعلم انت ايضا جيدا لاني ان كنت اثما او صنعت شيئا يستحق الموت فلست استعفي من الموت ولكن ان لم يكن شيء مما يشتكي علي به هؤلاء فليس احد يستطيع ان يسلمني لهم الى قيصر انا رافع دعواي (اع 25 : 10- 11).{حينئذ تكلم فستوس مع ارباب المشورة فاجاب الى قيصر رفعت دعواك الى قيصر تذهب} (اع 25 : 12). الحرية المسيحية والقداسة الشخصية .. ان الإباحية التى نراها فى الغرب باسم الحرية الشخصية هى بعيدة عن روح المسيحية الطاهرة ، بل الإباحية هى الاستغلال السيء للحرية ، أما الحرية فى المسيح فهى قداسة وسمو و انتصار ، ولخطورة الأمر يحذرنا الوحى الإلهى على فم بولس الرسول من الاستغلال الخاطئ والمسىء للحرية ، قائلا { لا تصيروا الحرية فرصة للجسد } (غل 5 : 13) ، وذلك لأنه متى صارت الحرية فى حياتنا لحساب الجسد ، فحتماً ستقودنا إلى الانحلال والانحراف عن الحق . ان الثبات فى الحرية التى وهبت لنا بخلاص المسيح تقتضى من الإنسان القيام بأمور عديدة والتى من بينها رفض التجاوب مع الأفكار الشريرة وشبة شريرة ، السلوك بروح التقوى الصادقة والكشف ، بروح الجدية والأمانة ، لكل معوقات التجديد والنمو فى النعمة والارتقاء حسب الروح ، الاجتهاد فى النمو والارتقاء حسب دعوة الإنجيل ومسرة الروح ، وسعى الإنسان لممارسة الأمور التى تحرره من القيود، والمواظبة على الإقتداء بفكر أباء الكنيسة والسير وفقاً لتعاليم الانجيل وإرشادات الاباء ، و مقاومة كل ميل يشك الإنسان فى صلاحه وقدسيته ، والتيقن من عدم وجود بديل يصلح للنجاة والوصول إلى ميناء الخلاص ومعرفة الله سوى السلوك بروح الإنجيل وفكر المسيح وتنفيذ إرادة الله كل حين ورغم كل الظروف. هذه هى الحرية المسيحية التى نسعى اليها وليس كما يصورها بعض الجهال بمسيحيتنا على انها اباحية أو شرك أوشرب الخمر وأكل لحم الخنزير الاشياء الغريبة عن مسيحيتنا وعبادتنا لله الواحد والاخلاق الفاضلة لكى من يدعى عليه أسم المسيح الحسن . حرية الانسان والوصية الإلهية .. يظن البعض ان الوصايا الإلهية تحد من حرية الإنسان أو تجبره على عمل ما . لكن فى الحقيقة فان الوصايا الإلهية تحفظ الانسان من العبودية او الوقوع فى الشر كما تحفظ ضفاف النهر الماء من الضياع هباء وتقوده الى غايته المنشودة . يقول العلامة ترتليان ( الوصية في حقيقتها علامة من علامات حب الله المتدفق نحو الإنسان ليس فقط في تقديم الفرصة لآدم للتعبير عن مشاعر الحب نحو من أحبه أولاً. أو تهيئة المجال الذي به يرتبط الإنسان بمصدر وجوده فلا يرتد إلي التراب مره أخري. لكنها تحمل أيضاً في مدلولها حرية الإنسان وسيطرته على نفسه. الإنسان على مثال الله من جهة حرية الإرادة وسيطرته على نفسه فعظمة الإنسان تكمن لا في مجرد سيطرته على طيور السماء وأسماك البحر وكنوز الأرض، بل بالأكثر في سلطانه على نفسه. + كيف يمكن أن يكون للإنسان سلطاناً على نفسه وحرية إرادته ما لم توجد وصية له أن يعطيها أو يعصاها. فالوصية بالنسبة للإنسان تحمل تكريماً من الله للانسان. فيها إعلان عن حرية الإنسان، وقوته وقدرته، لأنه من استحق أن يوهب له وصية من قبل الله غير الإنسان؟ فلو لم يكن للإنسان قدرة على تنفيذ الوصية كما على كسرها ما كان الله قد أفرده بها؟ على نفس المثال عندما قدم لنا الرب وصايا نراها صعبة أو كما يظنها البعض خيالية لم يقصد أن يعجزنا في التنفيذ أو يحطم نفوسنا بالفشل إنما أراد أن يكشف للإنسان عن الإمكانية الفائقة التي في داخله. إنها تكريم لنا إننا بالمسيح قادرون على تنفيذ ما يبدوا صعباً ومستحيلاً. لقد فرض الله الوصايا على الإنسان بقصد سعادته. لقد قصد بها إرتباطة بالله لكي لا يظهر مخلوقاً حقيراً بل يكون حراً حتى لا ينزل بنفسه إلي مستوي الحيوانات الأخرى التي ليس لها حرية الإرادة . لقد مكنه ككائن بشري أن يفتخر ، بأنه الوحيد الذي كان مستحقاً أن يتقبل وصايا من قبل الله، بكونه كائن قادر على التعقل والمعرفة يضبط نفسه في هدوء برباطات الحرية العاقلة خاضعاً لله الذي أخضع له كل شيء. ولأجل ضمان المحافظة على هذه الوصية قدم الصلاح أيضاً مشورة تساندها هذه العقوبة {يوم تأكل فيها موتاً تموت} تك17:2. إنه عمل مملوء حنواً عظيماً من قبل الله أن يشير عليه عن مصادر العصيان لئلا يدفعه جهلة بالخطر نحو الإهمال في الطاعة. حقاً لقد عرض العقوبة لكنه لم يكن يرغب في أن تكون بلا شفاء). العلوم السلوكية والحرية .. تشرح العلوم السلوكية سلوكيات الإنسان كتفاعل طبيعي مع معطيات وراثية وبيئية بالإضافة إلى الظروف التي يمر بها. ويمكننا تشبيه الإنسان إلى حدٍّ ما ومع فارق التشبيه بالكومبيوتر الذي تقوم بإمداده بمعلومات معينة ويصل الى النتائج بصورة تلقائية تبعاً للمعطيات. ولكن على الجانب الشخصي الإنساني، وإذا نظرت إلى الحياة الكاملة لإنسان معين ، فإنك تجد حياته متفرِّدة غير متكررة في التاريخ البشري وعلى مستوى الإنسانية عامة.ولهذا فاننا نعمل على تنمية الشخصية وتربيتها روحياً لتتخذ القرارات التى تتناسب مع تكوينها ومبادئها وأيمانها دون أجبار إو ارغام . حينما نتحدث عن حرية اتخاذ القرار لابد لنا أن نذكر ان الانسان من حيث المنطق له الحرية الكاملة في اختيار ما يريده، ولكن هذا ليس حقيقي دائماً ، فالإنسان لا يستطيع أن يتخطى كل القيود الموضوعة عليه نتيجة لكونه إنساناً يعيش في مجتمع يؤثر ويتأثر به . وحريتنا محددة بحدود إنسانيتنا ووجودنا، وهناك عوامل تؤثّر على حريتنا في اتخاذ القرار ومنها عوامل النمو، فالطفل الصغير أقل حرية من الشخص الناضج، فينمو الطفل عاماً بعد عام وتنمو حريته معه ولكن نرى البعض يريد ان يحيا فى طفوله دائمة فى خضوع لتوجيهات الأخرين دون استقلالية وتفاهم وحرية. وهناك العديد من العوامل الاجتماعية والثقافية التي تحدد حرية الإنسان، فحريتى لا ينبغى ان تقوم على سلب الإخرين حقوقهم وحريتهم التي يجب أن نصونها ونحميها أيضاً، فحدود حريتي تنتهي حينما تؤثر على حرية الآخرين ، كما وتؤثر الحالة الاقتصادية للإنسان على حريته، فالإنسان المُكبَّل بالفقر ، يشعر بحرية أقل في بعض النواحي ويهتم أكثر بالكفاح من أجل الحياة. لهذا يجب ان ادافع عن حريتى متى سُلبت وارضى اذ نُهبت وعرضى متى تعرض للأذى وقوتى متى نهبه الناهبون ، ينبغى ان نكون أحراراً من الخوف والضعف او الأستعباد للأخرين. معطلات للتحرر الروحى والاجتماعى ... ان للحرية معطلات سواء فى المجال الروحى او الاجتماعى او السياسى او الاقتصادى او النفسى .. فالانسان المستعبد للذات والشهوات او المال لا يستطيع ان يتخذ قراراته بحرية { {فشكرا لله انكم كنتم عبيدا للخطية و لكنكم اطعتم من القلب صورة التعليم التي تسلمتموها} (رو 6 : 17). فان الذى يفعل الخطية هو عبداً لابليس {فقال يسوع لليهود الذين امنوا به انكم ان ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي.وتعرفون الحق و الحق يحرركم. اجابوه اننا ذرية ابراهيم ولم نستعبد لاحد قط كيف تقول انت انكم تصيرون احرارا. اجابهم يسوع الحق الحق اقول لكم ان كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية. والعبد لا يبقى في البيت الى الابد اما الابن فيبقى الى الابد. فان حرركم الابن فبالحقيقة تكونون احرارا. انا عالم انكم ذرية ابراهيم لكنكم تطلبون ان تقتلوني لان كلامي لا موضع له فيكم. انا اتكلم بما رايت عند ابي و انتم تعملون ما رايتم عند ابيكم. اجابوا و قالوا له ابونا هو ابراهيم قال لهم يسوع لو كنتم اولاد ابراهيم لكنتم تعملون اعمال ابراهيم. ولكنكم الان تطلبون ان تقتلوني و انا انسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله هذا لم يعمله ابراهيم. انتم تعملون اعمال ابيكم فقالوا له اننا لم نولد من زنا لنا اب واحد وهو الله. فقال لهم يسوع لو كان الله اباكم لكنتم تحبونني لاني خرجت من قبل الله واتيت لاني لم ات من نفسي بل ذاك ارسلني. لماذا لا تفهمون كلامي لانكم لا تقدرون ان تسمعوا قولي. انتم من اب هو ابليس وشهوات ابيكم تريدون ان تعملوا ذاك كان قتالا للناس من البدء ولم يثبت في الحق لانه ليس فيه حق متى تكلم بالكذب فانما يتكلم مما له لانه كذاب وابو الكذاب.واما انا فلاني اقول الحق لستم تؤمنون بي} يو 31:8-45. ان عدم الوصول إلى النضج الحقيقى، سواء على المستوى الروحى او النفسى أو التربوى أو الاجتماعى يعيق ويعطل الحرية الحقيقة ، واخطر الاشياء التى تجعل الانسان يسير بلا هدى هو النرجسية والانانية التى تفقد الانسان النظرة السليمة للحياة والناس والاشياء. الانانية قيد على حريتنا فى المسيح بما تجلبه من شهوات، او سعى مرضى لأمتلاك الناس والاشياء والعمل على التخلص من المعارضة حتى لو كانت موضوعية وهذا سر دكتاتورية الانظمة المستبدة والافراد الانانيين. بالنسبة للمؤمن فان كل هذا يجب أن يوضع على المذبح، لكى يحترق بنار الروح القدس، فتنفك قيود الانسان ويتحرر من الخوف ، سواء الخوف من المجهول، أو من الظروف الخارجية، أو من الموت {الذين خوفاً من الموت كانوا جميعاً حياتهم تحت العبودية } عب 15:2. ان التربية الخاطئة التى تنشأ الانسان على الخوف والاستكانة للظلم تخلق فيه الخنوع والضعف وهذا أيضا ما يجب ان يتحرر منه الانسان . كما ان عدم التحرر الاقتصادى للفقراء وسعيهم الدائم من أجل توفير لقمة العيش بدون وعى بحقوقهم وواجباتهم فى ظل ضعف العمل النقابى الذى يدافع عن حقوق العمال والفلاحين يهمش شرائح عريضة فى المجتمع وكل هذا يحتاج الى تظافر الجهود الصادقة من النظم السياسية والموسسات الاجتماعية والدينية والفكرية للعمل عل التخلص من السلبيات وخلق وعى عام وطنى قوى وانسانى لكى نحيا فى مجتمع لا يضحى باى فراد من أجل النظام ولا يقوم النظام بسلب اى مواطن حقوقه وحريته باسم الاغلبية . بل ينهض فيه المواطن والمجتمع على اسس الحرية والعدالة والمساواة والاخاء والعيش الكريم للجميع . يسوع المسيح هو هو، أمس واليوم وإلي الأبد ايها المسيح ذو القلب الدامى والجنب الجريح، يا مسيح الجياع والعطاش والعرايا والفقراء والمسجونين والغرباء والذين بلا سكن او لقمة خبز كريمة ، ومن جارت عليهم القوانين الظالمة . يا من تعقبه هيردوس طفلا ليقتله ويعانى مع أطفال افريقيا واسيا الجياع . يا مسيح المفترى عليهم أمام القضاء والمحاكم المدنية والدينية . يا الهنا المتجسد والذى عانى التعصب والظلم والنفاق السياسى والدينى . كنت القائد والمحرر غير المرغوب فيه وانت المسيح ذو القلب الانسانى الرحوم للذين تجردوا من انسانيتهم والاله الحق الذى جاء ليقدم لنا نموذجا صالحا للانسان الحق . ان تحريرنا من كل أشكال الرق والعبودية هو صميم رسالتك السامية ، فلهذا نشكرك ونسألك ان تعمل فى العالم لتحريرة من عبودية الشيطان والخطية والموت . يا من يمد يد العون لكل نفس مكبَّلة بسلاسل الدنس، ومرتبطة بعبودية الخطية، والتى تحاول عبثًا الإتكال على ذاتها وحدها فلا تستطيع الفكاك من الخطية . بينما تناديها لتأتى إليك لتكسرعنها قيودها، وتحرِّرها من عبودية الخطية، ومن أي عادة ردية تجلب الهموم والعار والفقر والمرض الشديد والموت، وهذه دعوتك لكل إنسان للتحرر من سجن الخطية والشهوات العالمية، ولكى يُقبل الجميع إلى حرية مجد أولاد الله. إننا لابد أن نسير علي خُطاك ايها المخلص الذي يجول يصنع خيرًا ويشفي كل مرض وضعف في الشعب. ليكن كل واحد منا سفير سلام ونوايا حسنة وسط ظلمة هذا العالم. لنكون رائحة المسيح الذكية التي يشتم منها الآخرون قوة المحبة والبذل والعطاء. لنكون سفراء لمملكة السماء نطلب عن المسيح من الناس أن يتصالحوا مع أنفسهم وإخوتهم والله. ايها الرب الاله محرر الخطاة ، جئت اليك لتحررنى من قيودى ، وتهديني وتوسع قلبى وفهمى فاليك اصرخ ايها المحرر الحقيقى ، حررني من العبودية للشيطان والخطية ، حررنى من سلطان المادة والسلطة والشهوات ، حررنى من ان أستعبد نفسى للأخرين فى خضوع مهين لكرامتى الأنسانية ، حررنى من عبودية الحرف والخوف والضعف ، حررنى من انانيتى وقيودى لانعم بعبادتك بالروح والحق ، وانقاد في فكرى واقوالى وسلوكى لروحك القدوس ، وانموا في المحبة والأيمان والرجاء ، واضعا رضاك ووصاياك ومحبتك هدفى . متحرر من كل القيود التي تعيق تقدمي وحريتى ، لنعرفك ونخدمك ونتبعك من كل القلب ،فانت رجائنا وتستحق منا كل الحب اننا نصلى لكي تستخدمنا يارب لنكون صناع سلاما ودعاة حرية ، وان نكون أوان مقدسة لحمل مشاعل المحبة ونور الايمان في القلوب.. ندعو الناس للتوبة؛ نعلن بشري الخلاص للمقيَّدين، ورسالة الحرية للخطاة. لنصلى من اجل انتهاء الظلم واحقاق الحق والرحمة والعدل .إلهي إننا نصلي من أجل كل حزين ليفرح، ومريض ليُشفي، وخاطي لكي يتوب ويرجع إليك. وأنت ضابط الكل؛ فأعمل في الجميع ليخلصوا، وإلي أحضنك ليرجعوا؛ فيفرح الزارع والحاصد، ويُستعلن حبك ومجدك لكل بشر. القمص أفرايم الأورشليمى
المزيد
23 نوفمبر 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح(17) الأستنارة الروحية

الاستنارة الروحية وضرورتها ... مفهموم الاستنارة الروحية .. يقصد بها ان يكون للانسان عيون روحية وبصيرة قادرة على تمييز ومعرفة الحقائق الروحية التى يكشفها روح الله للانسان المجاهد فى طريق الفضيلة . انها المعرفة التى تعطي بالنعمة الإلهية لكي تعلم وتعقل وتقوي المؤمن في حياة الجهاد والفضيلة لنكون ابناء لله { لذلك انا ايضا اذ قد سمعت بايمانكم بالرب يسوع ومحبتكم نحو جميع القديسين. لا ازال شاكرا لاجلكم ذاكرا اياكم في صلواتي.كي يعطيكم اله ربنا يسوع المسيح ابو المجد روح الحكمة والاعلان في معرفته. مستنيرة عيون اذهانكم لتعلموا ما هو رجاء دعوته وما هو غنى مجد ميراثه في القديسين. وما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين حسب عمل شدة قوته}أف 15:1-19. ان الاستنارة الروحية تتأتى للمؤمن بعمل الروح القدس فى المعمودية وينميها من خلال التوبة وشركة وعطية الروح القدس بالصلاة والجهاد والتواضع ليكون للانسان الوعى الداخلى والحكمة والتمييز ومعرفة الله وحكمته وحقيقة الاشياء وفهمها والشفافية الروحية لمعرفة ارادة الله وصوته والتصرف السليم نحو العالم الحاضر والأتي {لكننا نتكلم بحكمة بين الكاملين و لكن بحكمة ليست من هذا الدهر ولا من عظماء هذا الدهر الذين يبطلون. بل نتكلم بحكمة الله في سر الحكمة المكتومة التي سبق الله فعينها قبل الدهور لمجدنا. التي لم يعلمها احد من عظماء هذا الدهر لان لو عرفوا لما صلبوا رب المجد. بل كما هو مكتوب ما لم تر عين ولم تسمع اذن ولم يخطر على بال انسان ما اعده الله للذين يحبونه. فاعلنه الله لنا نحن بروحه لان الروح يفحص كل شيء حتى اعماق الله. لان من من الناس يعرف امور الانسان الا روح الانسان الذي فيه هكذا ايضا امور الله لا يعرفها احد الا روح الله. ونحن لم ناخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الاشياء الموهوبة لنا من الله. التي نتكلم بها ايضا لا باقوال تعلمها حكمة انسانية بل بما يعلمه الروح القدس قارنين الروحيات بالروحيات.ولكن الانسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لانه عنده جهالة ولا يقدر ان يعرفه لانه انما يحكم فيه روحيا. واما الروحي فيحكم في كل شيء وهو لا يحكم فيه من احد.لانه من عرف فكر الرب فيعلمه و اما نحن فلنا فكر المسيح} 1كو6:2-16. إن أمور الله يمكن أن تعرف فقط بالعنصر الأسمى في الشخصية الإنسانية أى عن طريق الروح الذي يستنير بروح الله. لان الروح هى العنصر الأساسى في الإتصال بالله. ونحن لم نأخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله. وكما جاء فى الكتاب { ولكن الإنسان الطبيعى لا يقبل ما لروح الله لأن عنده جهالة ولا يقدر أن يعرفه لأنه إنما يحكم فيه روحياً }.ويقصد بالإنسان الطبيعى أى الذي لم يولد من جديد بنعمة الروح القدس، ولم يتجدد قلبياً وذهنياً فهو لا يتقبل هذه التعاليم التي يعلم بها روح الله، بل تبدو أمامه كما لو كانت غير منطقية وليس لديه القدرة على إدراكها، لأن مثل هذه التعاليم لا يمكن فهمها وفحصها والحكم فيها إلاّ روحياً أى بواسطة الإستنارة التي يعطيها الروح القدس والتي ليست موجودة عند ذلك الإنسان الطبيعى. إن الرسول بولس هنا يتكلم عن النفس كأداة للمعرفة البشرية في مقابل الروح كأداة للمعرفة الروحية. وعلى ذلك فالإنسان الذي يعتمد على إمكاناته الطبيعية فقط، هو إنسان طبيعى في مقابل الإنسان الروحى الذي تبلغ إليه المعرفة الإلهية. ان امور الله تفوق ادراك الانسان ولهذا فاننا نحتاج لنعمة الروح القدس وحكمته للعيش على مستوى الروح فان كانت العين العادية ترى الاشياء الظاهرة لها فان العيم الداخلية ترى حقيقة جوهر الأشياء لذلك راينا تلمذي عمواس عندما ظهر لهم السيد المسيح بعد القيامة لم يعرفاه حتى فتح اذهانهم ليفهموا الكتب وعرفاه عند كسر الخبز{فقال لهما ايها الغبيان والبطيئا القلوب في الايمان بجميع ما تكلم به الانبياء. اما كان ينبغي ان المسيح يتالم بهذا ويدخل الى مجده. ثم ابتدا من موسى ومن جميع الانبياء يفسر لهما الامور المختصة به في جميع الكتب. ثم اقتربوا الى القرية التي كانا منطلقين اليها وهو تظاهر كانه منطلق الى مكان ابعد. فالزماه قائلين امكث معنا لانه نحو المساء وقد مال النهار فدخل ليمكث معهما. فلما اتكا معهما اخذ خبزا وبارك وكسر وناولهما. فانفتحت اعينهما وعرفاه ثم اختفى عنهما. فقال بعضهما لبعض الم يكن قلبنا ملتهبا فينا اذ كان يكلمنا في الطريق و يوضح لنا الكتب} لو 26:25-32. بين نور البصر والبصيرة ...ذات مرة قالت الفيلسوفة العمياء ،الصماء،الخرساء (هلين كلير) :"يوجد شئ واحد أسوأ من العمي وهو إن يكون للأنسان عينان ولا يُيصر" . نعم يا أحبائي ان النظر لا يعادله شئ ، وعندما شفي الرب يسوع المسيح المولود أعمي خالقاً له عيون (يو9) تدرج الأعمي في المعرفة بالسيد المسيح قائلاً في الابتداء انه "أنسان" ثم قال في الحوار مع الذين ارادوا ان يصطادوه "انه نبي" وبعد ان هاجموا السيد المسيح قال لهم لو لم يكن هذا الانسان باراً لما كان يقدر ان يفعل هذه المعجزة فمنذ البدء لم نسمع ان أحد فتح عيون أعمي منذ ولادته ! بعد هذا قابله الرب وعرفه بذاته وقال له "أتؤمن بابن الله" قال له الأعمي من هو يا سيد لأؤمن به؟ أجابه الرب قد رايته وهو الذي يكلمك. قال له المولود أعمى : أؤمن ياسيد وسجد له، بعد هذا هاجم المتطرفين المولود أعمي وطردوه من المجمع فقال الرب { لدينونة اتيت انا الى هذا العالم حتى يبصر الذين لا يبصرون ويعمى الذين يبصرون. فسمع هذا الذين كانوا معه من الفريسيين وقالوا له العلنا نحن ايضا عميان. قال لهم يسوع لو كنتم عميانا لما كانت لكم خطية ولكن الان تقولون إننا نبصر فخطيتكم باقية} يو39:9-41 . نعم يا أحبائي هناك الكثيرين جدا عميان ولا يرون الحق هؤلاء يجب ان نصلي من أجلهم ونطلب لهم النور والهداية ،وهناك مقاوموا الحق عن عناد وأصرار ومن احبوا الظلمة أكثر من النور لان أعمالهم شريرة وهؤلاء مدعاة للرثاء والصلاة بلجاجة ليفتح الله عيونهم ليرجعوا من عالم الظلمة الي نور الأيمان والتوبة. الولادة من فوق .. كمثال للاستنارة ومعرفة أمور اللة والسماء .. حديث السيد المسيح مع نيقوديموس وكان من أعضاء السنهدريم اعلى سلطة تشريعية وقضائية دينية فى ذلك الزمان عندما أتى للسيد المسيح ليلاً بسبب الخوف من اليهود ليسأله عن الدخول الى ملكوت الله {كان انسان من الفريسيين اسمه نيقوديموس رئيس لليهود.هذا جاء الى يسوع ليلا وقال له يا معلم نعلم انك قد اتيت من الله معلما لان ليس احد يقدر ان يعمل هذه الايات التي انت تعمل ان لم يكن الله معه. اجاب يسوع وقال له الحق الحق اقول لك ان كان احد لا يولد من فوق لا يقدر ان يرى ملكوت الله. قال له نيقوديموس كيف يمكن الانسان ان يولد وهو شيخ العله يقدر ان يدخل بطن امه ثانية ويولد. اجاب يسوع الحق الحق اقول لك ان كان احد لا يولد من الماء والروح لا يقدر ان يدخل ملكوت الله. المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح. لا تتعجب اني قلت لك ينبغي ان تولدوا من فوق. الريح تهب حيث تشاء وتسمع صوتها لكنك لا تعلم من اين تاتي ولا الى اين تذهب هكذا كل من ولد من الروح . اجاب نيقوديموس وقال له كيف يمكن ان يكون هذا. اجاب يسوع و قال له انت معلم اسرائيل لست تعلم هذا. الحق الحق اقول لك اننا انما نتكلم بما نعلم ونشهد بما راينا ولستم تقبلون شهادتنا.ان كنت قلت لكم الارضيات ولستم تؤمنون فكيف تؤمنون ان قلت لكم السماويات} يو 1:3-12. كيف اذن للأنسان الارضى ان يفهم امور السماء اذا ان لم يستنير بروح الله القدوس ان كان يصعب عليه ان يفهم الامور الارضية . لهذا يجب علينا ان نأتى باتضاع قلب الى الله ونطلب اليه ان يعلمنا ويضئ أفهام عقولنا وقلوبنا وارواحنا لنفهم أمور الارض والسماء ويحق فينا قول المعلم الصالح { ولكن طوبى لعيونكم لانها تبصر ولاذانكم لانها تسمع. فاني الحق اقول لكم ان انبياء وابرارا كثيرين اشتهوا ان يروا ما انتم ترون ولم يروا وان يسمعوا ما انتم تسمعون ولم يسمعوا} مت16:13-17. كيف ترى العالم حولك ... أننا نري العالم من خلال مرآة أنفسنا فاذا كانت سوداء او معتمة فلن نري شئ بوضوح ، وان كانت عيوننا بسيطة فجسدنا كله سيكون نيراً وان كانت عيون قلوبنا شريرة فكل حياتنا والناس حولنا لن نراهم علي حقيقتهم وهذا ما يفعلة المتعصب الذي يضع عصابة علي عيونه لكي لا يرى الا ما يعتقده . وهذا ايضا ما يفعله الانسان الشهوانى فان أفكاره تكون فى النجاسة والماديات والانسان محب المال ترى المال كل همه وينصبه له الهاً دون الله {لان محبة المال اصل لكل الشرور الذي اذ ابتغاه قوم ضلوا عن الايمان وطعنوا انفسهم باوجاع كثيرة }(1تي 6 : 10). علي مثل هؤلاء بكي يسوع المسيح قديما {وفيما هو يقترب نظر الى المدينة و بكى عليها. قائلا انك لو علمت انت ايضا حتى في يومك هذا ما هو لسلامك ولكن الان قد اخفي عن عينيك. فانه ستاتي ايام ويحيط بك اعداؤك بمترسة ويحدقون بك ويحاصرونك من كل جهة.ويهدمونك وبنيك فيك ولا يتركون فيك حجرا على حجر لانك لم تعرفي زمان افتقادك }.لو 41:19-44. السيد المسيح واهب الأستنارة السيد المسيح يهب البصر والبصيرة لمن يريد .. صرخ أعمي اريحا للسيد المسيح طالباً ان يبصر {وجاءوا الى اريحا و فيما هو خارج من اريحا مع تلاميذه وجمع غفير كان بارتيماوس الاعمى ابن تيماوس جالسا على الطريق يستعطي. فلما سمع انه يسوع الناصري ابتدا يصرخ ويقول يا يسوع ابن داود ارحمني. فانتهره كثيرون ليسكت فصرخ اكثر كثيرا يا ابن داود ارحمني. فوقف يسوع وامر ان ينادى فنادوا الاعمى قائلين له ثق قم هوذا يناديك. فطرح رداءه وقام وجاء الى يسوع. فاجاب يسوع وقال له ماذا تريد ان افعل بك فقال له الاعمى يا سيدي ان ابصر. فقال له يسوع اذهب ايمانك قد شفاك فللوقت ابصر وتبع يسوع في الطريق} 46:10-52. لقد وهب السيد المسيح للأعمى البصر كما وهبه البصيرة اي استنارة الذهن والقلب والروح بنور الروح القدس. أى الحكمة الروحية . وكثيرون لهم عيون ولا تبصر ، ولا يفكرون فى عالم المجد والمستقبل الأبدى ، بل كل همهم النظر إلى الماديات والشهوات ، وقد أعمى الشيطان عيونهم وأضلهم عن طريق الحق ، من أجل هذا قال السيد المسيح عن الكتبة والفريسين فى تمسكهم بالحرف دون الروح { ثم دعا الجمع وقال لهم اسمعوا وافهموا. ليس ما يدخل الفم ينجس الانسان بل ما يخرج من الفم هذا ينجس الانسان. حينئذ تقدم تلاميذه و قالوا له اتعلم ان الفريسيين لما سمعوا القول نفروا. فاجاب وقال كل غرس لم يغرسه ابي السماوي يقلع. اتركوهم هم عميان قادة عميان وان كان اعمى يقود اعمى يسقطان كلاهما في حفرة. فاجاب بطرس وقال له فسر لنا هذا المثل. فقال يسوع هل انتم ايضا حتى الان غير فاهمين.الا تفهمون بعد ان كل ما يدخل الفم يمضي الى الجوف ويندفع الى المخرج. واما ما يخرج من الفم فمن القلب يصدر وذاك ينجس الانسان. لان من القلب تخرج افكار شريرة قتل زنى فسق سرقة شهادة زور تجديف .هذه هي التي تنجس الانسان واما الاكل بايد غير مغسولة فلا ينجس الانسان} مت10:15-20. لهذا صلى داود النبي قديما قائلاً { اكشف عن عينى، فأرى عجائب من شريعتك } ( مز 119 : 18 ) . وكان القديس " ديديموس الضرير" فاقد البصر ، ولكن الله أعطاه استنارة الداخل، وشهد عنه القديس جيروم بأنه كان أعظم من كتب عن الروح القدس، وقد أمتدحه القديس أنطونيوس، وقال عنه ( إن الله أعطاه بصيرة روحية رأى بها نور اللاهوت ).ونحن يجب ان نصرخ طالبين من واهب البصر والبصيرة ان يهبنا أستنارة روحية . فكم نحن فى حاجة ماسة الى نور البصيرة لنعرف الاشياء الموهوبة لنا من الله ، ونعرف كم نحن فى حاجة للألتصاق بالله والاستعداد للأبدية السعيدة. وفى الظروف الصعبة نحتاج ان نبصر بالإيمان ان الذين معنا أقوي وأكثر ممن هم علينا، نحتاج ان نبصر يد الله في الاحداث ونثق أنه ضابط الكل، نريد نشعر ونحس بحنان الله الابوى والأمان والايمان فيه. ونتبع الذى قال {انا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة } يو 8 : 12 . السيد المسيح يدعونا للنور ... جاء الربّ يسوع ليفتح عيوننا لكي نرجع من الظلمات إلى النور ومن سلطان الشيطان إلى الله . أع 26 : 28 .انه النور الهادئ الوديع الذي يكشف لنا الطريق وينير لنا الحياة ويشرق علينا بنور الإيمان كما تنبأ عنه ملاخى النبى قديما {ولكم أيها المتقون اسمي تشرق شمس البر والشفاء في أجنحتها } ملا 4 : 2 . لقد قاد الله الشعب في القديم بعمود السحاب نهاراَ وعمود من النار ليلا،وهو لا يزال يهدي ويرشد وينير الذين يطلبونه. وهو الذي ينير أعين قلوبنا مانحا إيانا روح المعرفة والحكمة والفهم. وعندما جاء السيد المسيح الى ارضنا تحققت فينا نبؤة اشعياء النبى { الشعب الجالس في ظلمة ابصر نورا عظيما والجالسون في كورة الموت وظلاله اشرق عليهم نور} أش 6:42 ،مت16:4. انه يدعونا ان نؤمن به وان نسير في نوره، ونصير أبناء النور ونستيقظ من نوم وظلمة الخطية. ان الايمان به واتباع وصاياه يحقق فى النفس البشرية كلام الرب بفم أشعياء النبى { قومي استنيري لأنه قد جاء نورك ومجد الرب أشرق عليك ..لانه ها هي الظلمة تغطي الارض والظلام الدامس الامم اما عليك فيشرق الرب ومجده عليك يرى } اش 60 : 1-2 .النور يدعونا ان نعرفه ونمشي معه وهو لا يريد إلا خيرينا . المعمودية والاستنارة...إننا إذا اعتمدنا بالماء والروح نولد من فوق كأبناء الله بالتبني، وإذ يشرق علينا نور الإيمان نعطى استنارة داخلية . وننمو في معرفه ربنا يسوع المسيح وحقائق الإيمان المسيحي وسرّ التجسّد والفداء ونحيا أسرار الكنيسة ونجاهد برجاء منتظرين المجيء الثاني وقيامة الأموات وحياة الدهر الآتي . ويشير القديس يوحنا الرسول في رسالته الأولى، إلى المعرفة التي يهبها الروح القدس، فيقول {وأما أنتم فلكم مسحة من القدوس وتعلمون كل شئ} (1يو20:2)، ويقول أيضًا { وأما أنتم فالمسحة التي أخذتموها منه ثابتة فيكم ولا حاجة بكم إلى أن يعلمكم أحد، بل كما تعلمكم هذه المسحة عينها عن كل شئ، وهى حق وليست كذبًا. كما علمتكم تثبتون فيه} (1يو 27:2). اطلب أذن من الله ان يعطيك البصيرة الروحية لتعرفه وتعبده بالروح والحق . اننا نتدرج في معرفة الله حسب نمونا الروحي ومقدرتنا على المعرفة والحبّ . وإلا فإننا لو نظرنا ما لا نستطيع احتماله لإصابتنا بالكبرياء ، والله يدعونا لننمو في النور والحياة معه، وهو يريد ان يأتي إلينا ويصنع عندنا منزلا فلا تتكاسل فى زمن الجهاد، بل لنطلب فنجد ، ونسأل فسيعطى لنا ، ونقرع فسيفتح لنا . آمنوا بالنور وسيروا معه وفيه وهو يقود خطواتكم ويمنحكم حياة أبدية . إن المؤمن وإن كان حائزًا على هذه النعم الروحية إلاّ أنه لايزال في صراع شديد مع الشيطان ، عدو الجنس البشرى (أف12:6) فلا يليق إذًا أن نتخاذل في هذا الجهاد بل أن نتكل على رحمة الله ونرجو رجاء مباركًا لممارسة أعمال الصلاح باستمرار وأن نضع على الدوام نصب عيوننا محبة الله وكل ما هو طاهر وجليل. التوبة والنور... ترمز الظلمة إلى حياة الخطية ، التى يفعلها الأشرار بعيداً عن النور، لأنها مخجلة ، وتجلب العار لفاعلها ، وتحرمه من عالم النور لهذا فان رجوع الخاطئ إلى الله ينقله من الظلمة إلى نور الله العجيب، ولهذا جاء النور الى العالم ليفضح إعمال الظلمة. ومن اجل هذا دعي الرسل إلى التوبة {قد تناهى الليل وتقارب النهار فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور } رو 13 : 12 . الإنسان الخاطئ يحيا في الظلام والذي يبغض أخاه يحيا في الظلمة {من قال انه في النور وهو يبغض أخاه فهو إلى الآن في الظلمة . من يحب أخاه يثبت في النور وليست فيه عثرة }1 يو 2 : 9- 10 . فلا نخاف حتى وان حاولت قوات الظلمة ان تعثرنا ،ولنقم مجاهدين مع الله من اجل خلاص نفوسنا { لا تشمت بي يا عدوتي إذا سقطتُ أقوم ، إذا جلست في الظلمة فالربّ نور لي } أم 7 : 8 . لنحرص إذا على نقاوة حواسنا وفكرنا لا سيما عيوننا { فسراج الجسد هو العين فان كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيّراً،وان كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلماً، فان كان النور الذي فيك ظلامًا فالظلام كم يكون }مت 6 : 22- 23 . لنقل مع داود المرنّم {الرب نورى وخلاصي مما أخاف ، الربّ حصن حياتي ممّا ارتعب } مز 27 : 1 . ان مسيحنا هو نور العالم وشمس البر ، ونستمد منه النور ، كما أن كلمته المقدسة هى نور للنفس السالكة فى ظلمة العالم ، كما قال الكتاب { الوصية مصباح ، والشريعة نور }( أم 6 : 23 ) . ويرمز النور إلى السلوك فى الحياة المقدسة ، والقدوة الصالحة للناس : { أنتم نور العالم ، فليضئ نوركم قدام الناس ، لكى يروا أعمالكم الحسنة ، ويمجدوا أباكم الذى فى السماوات } ( مت 5 : 14 – 16 ) . ان الانسان الروحى بقيمه ومبادئه وبالمسيح الساكن فيه يضئ كنور فى العالم لمن حوله { كونوا بلا لوم وبسطاء أولاد الله بلا عيب ، فى وسط جيل مُعوج وملتو ، تضيئون بينهم كأنوار فى العالم } ( فى 2 : 15 ) .ونحن نطلب من الرب ، فى صلوات الساعات ( الأجبية ) ونقول كل يوم : أنر قلوبنا وأفهامنا ، أيها السيد الرب . فالحاجة ماسة إلى طلب الإستنارة الروحية للقلب والذهن ، من الروح القدس، ومن مداومة ممارسة كل وسائط النعمة والخلاص ، بناء على رجاء القديس بولس { مستنيرة عيون أذهانكم } ( أف 1 : 18 ) . فلنطلب من الرب من كل القلب، أن ينير عقولنا ويهبنا توبة مقبولة ، ويعطينا حكمة ونعمة دائمة ، وارتباط بكل وسائط الإستنارة الروحية ، والعملية ، ولنتعلم من كل الاباء القديسين ، التى أنارهم الروح القدس ، وأعطاهم نعمة وحكمة ، وخبرة ، لربح وخلاص النفوس، والسعى لربح السماء . ولا نركن إلى مشورة الأشرار ، أو لذوى أفكار عالمية ، مضادة لتعاليم الإنجيل ، ولا ننصت لخبرات أهل السوء ، لأنها ستقود الى الهلاك . الروح القدس والاستنارة .. الروح القدس هو روح الله القدوس ، روح الحكمة والمعرفة والعلم، هو الذى يبكت الانسان على الخطية ليتوب عنها ويدفعه لعمل البر ويعلمنا كل شئ ويذكرنا بكلام السيد المسيح فى وقته المناسب ، انه يهبنا الصيرة الروحية التى بها نعرف ارادة الله التى بها نتصرف بحكمة من الله تجاه الناس والظروف والاحداث لنصير تحت سلطان الروح {واما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الاب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم (يو 14 : 26). وكما قال القديس الانبا مقاريوس الكبير فى عظته السادسة والاربعين لابنائه الروحيين ويقول لنا ايضا ان من يلتصق بالرب يصير متحدا به ويستنير ويصير طاهرا بنعمة وعمل الروح القدس (إن الله محب البشر في حنانه نحو الإنسان، يفعل هكذا مع النفس التي تأتى إليه وتطلبه باشتياق. ولأنه يكون مدفوعاً بالمحبة، من ذاته، وبالصلاح الطبيعي الخاص به، إذ هو الكلى الصلاح، فإنه يلتصق بتلك النفس ويصير معها "روحاً واحداً" كما يقول الرسول (1كو17: 6). النفس والرب يصيران روحاً واحداً: وحينما تلتصق النفس بالرب، ويعطف عليها الرب ويحبها ويأتى إليها ويلتصق بها، وتكون نية الإنسان وقصده أن يستمر بلا انقطاع أميناً لنعمة الرب، فإن الرب والنفس يصيران "روحاً واحداً" و‘حساساً واحداً وعقلاً واحداً، وبينما يكون جسدها مطروحاً على الأرض فإن العقل يكون بكليته في أورشليم السماوية مرتفعاً إلى السماء الثالثة، ويلتصق بالرب ويخدمه هناك. وبينما يكون الله جالساً في عرش العظمة في الأعالى في المدينة السماوية، فهو يكون بكليته في شركة مع النفس وهى في الجسد الخاص بها. لقد وضع صورة النفس فوق في أورشليم، المدينة السماوية - مدينة القديسين، وفي نفس الوقت وضع صورته الخاصة أي صورة نوره الإلهى الفائق الوصف - في جسدها. وهو يخدمها في مدينة جسدها، بينما هي تخدمه في المدينة السماوية. لقد صارت وارثة له في السماء وصار هو وارثها على الأرض. فالرب يصير ميراثاً للنفس وتصير النفس ميراثاً للرب. فإن كان قلب الخطاة الذين في الظلمة أو عقلهم يستطيع أن يمضى بعيداً عن الجسد ويستطيع أن يتجول في أمكنة بعيدة، وفي لحظة يسافر إلى أقطار بعيدة، وأحياناً بينما يكون الجسد مُلقى على الأرض، يكون العقل (سارحاً) في بلاد أخرى مع صديق يحبه، ويرى نفسه كأنه يعيش هناك معه، فأقول إن كانت نفس الخاطئ هكذا خفيفة ونشيطة حتى أن عقلها لا يحجزه بُعد المسافات، فكم بالأولى جداً تكون النفس التي نزع الرب عنها حجاب الظلمة بقوة الروح القدس وقد استنارت عيونها العقلية بالنور السماوي، وقد أُعتقت تماماً من شهوات الخزي، وصارت طاهرة بالنعمة، فإنها تخدم الرب كلّية في السماء بالروح، وتخدمه كلية في الجسد، وتتسع في أفكارها حسبما يريد لها الرب وحيثما يريد لها أن تخدمه. وهذا ما يقوله الرسول { لكي تستطيعوا أن تدركوا مع جميع القديسين ما هو العرض والطول والعلو والعمق، وتعرفوا محبة المسيح التي تفوق المعرفة، لكي تمتلئوا إلى كل ملء الله} (أف19،18: 3). فتأمل في الأسرار الفائقة الوصف، التي لتلك النفس التي ينزع الرب عنها الظلمة المحيطة بها، ويكشف عن عينيها ويظهر لها ذاته أيضاً، وكيف يمد ويوسّع أفكار عقلها إلى الأعراض والأطوال والأعماق والارتفاعات التي في الخليقة المنظورة وغير المنظورة. فالنفس هي حقاً صنيع إلهى عظيم مملوء عجباً. وحين صنعها الرب، صنعها من طبيعة ليس فيها شر، بل صنعها على صورة فضائل الروح (القدس). ووضع فيها قوانين الفضائل والبصيرة، والمعرفة والفطنة، والإيمان، والمحبة والفضائل الأخرى بحسب صورة الروح. وإلى الآن فإن الرب يمكن أن يأتي إليها ويكشف لها ذاته بالمعرفة والفطنة والمحبة والإيمان. وقد وضع فيها فهماً وملكات فكرية، ومشيئة وعقلاً مدبراً. وقد جعلها أيضاً لطيفة جداً وصيّرها خفيفة متحركة وغير خاضعة للتعب. ووهبها القدرة على المجيء والذهاب في لحظة، وأن تخدمه في أفكارها حيثما يشاء الروح. وبالإجمال فإنه خلقها لكي يصيّرها عروساً له وتدخل في شركة معه، لكيما يلتصق بها ويصير " روحاً واحداً" معها كما يقول الرسول { وأما من التصق بالرب فهو روح واحد} (1كو17: 6) الذي له المجد إلى الأبد أمين). السير في النور .... اننا مدعوين ان نسلك فى نور الإيمان والقداسة والبر والتعفف لنكون ابناء النور {اسلكوا كأبناء النور} اف 5 : 8 . {وكونوا شاكرين الآب الذي أهلّنا لشركة ميراث القديسين فى النور} كو 1 : 12 . أنت كابن للنور مدعو لحياة القداسة والتعفّف ، ومدعو أن تكون نورا يضئ للذين في العالم لكن لنعلم ان النور الذي فينا ليس منا انه كنور القمر في الليل، يستمده من نور الشمس. وإذا ابتعدنا عن إلهنا ، شمس البر أصبحنا ظلمة لا نور فينا. وكلما اقتربنا من الِبرِّ ونور المسيح ازداد نورنا وبهائنا. لقد بقي موسى النبي مع لله في الجبل أربعين يوما مصليّاً وعندما رجع لم يستطع بنو إسرائيل ان يروا وجهه لأنه كان يشع نورا وأنت كذلك، عندما تجلس مع مصدر النور تستضئ بنوره ويشرق في قلبك وعقلك ويقود خطواتك، ويرى الآخرون أعمالك الحسنة ويمجّدوا أباك الذي في السموات. لكن يجب علينا ان نلاحظ أنفسنا ونحرص على خلاصنا الى النفس الاخير ولا نطفئ الروح او نفقد الاستنارة بخطايانا وتهاوننا كما هو مكتوب { لا تطفئوا الروح} (1تس19:5). فالروح نفسه لا يمكن أن ينطفئ بل هو نور دائم. ولكن إذا اهملنا خلاصنا، فبعدم توافقنا اوتعاوننا مع الروح فإننا ننطفئ ونفقد حرارة الروح . ولهذا يقول الكتاب أيضًا {لا تحزنوا الروح القدس الذي به ختمتم ليوم الفداء}(أف30:4). الكتاب المُقدّس والنور...ان أردت ان تستنير وتقترب من فكر الله ادخل الى الكتاب المقدس في تواضع وحب، وقل أنر يا رب عينيّ قلبي وعقلي وأجلس في هدوء وأقراء كلمات الكتاب طالباً ارشاد روح الله وان صعب عليك شئياً في الفهم ابحث عن تفسيره في كتابات الأباء القديسين ،ان كلام الله نور { سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي} مز 119 : 105 .والوصية مصباح ،والشريعة نور، وعندما آتي الينا كلمة الله المتجسد اخفي هذا النور لكي نستطيع أن نقترب إليه . واستتر نور اللاهوت في الناسوت ليقترب الينا ونعرفه ونحبه { فيه كانت الحياة، والحياة كانت نور الناس، والنور أضاء في الظلمة والظلمة لم تدركه } يو 1 : 4 – 5 . وعندما أتمَّ الربّ الفداء قام بجسد نوراني ممجدًا صاعداً به للسماء كسابق لأجلنا . وطلب منا ان نحيا مفكرين فيما هو فوق فى السماء { ان كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الآب } (كو 3 : 1). أفتح عيني لأعاين .. يا ابن داود ارحمني أنا الأعمى . افتح عينيّ وبصيرتي لأعاين مجدك ، كن نورا في قلبي وشمسا لدربي ، واستنارة لبصيرتي وحكمة تهديني . ولا تتركني أو تدعني أسير في الظلام . يا نور العالم والملكوت أسرع واعني . فقد خيم عليّ حزن عميق وقوات الجحيم لمسيرتي تعيق . ولا أرى في جهلي الا مشاقّ الطريق ، ومعها الضياع والهلاك . فتعال يا يسوع الحلو فأنر حياتي فانك لا تجعل ابنك يهلك بل بنورك عليه أشرق . يا أبي السماوي الساكن في نور لا يدنى منه ونور لاهوتك نار آكلة للخطايا والأثام ، ونور حكمتك لا يمكن سبر أغوارها . ومحبتك للبشر تفوق العقول. نحبك يا أبانا القدوس ونعبدك في خشوع ، ونشكرك لعظيم رعايتك المعلنة لنا من خلال بهاء مجد ابنك الوحيد الذي أنار لنا وأعلن محبتك . نحن في شوق إلى معرفتك وقبولك والنمو في نورك فأهدنا بالروح القدس المحيّي المنبثق منك والواحد معك . العامل في الكون خالقا ومجددا ليعمل ويجدد طبيعتنا ، لنكون ابناًء مُكمَّلين بالفضائل. يا روح الله اعمل فينا وأنرْ عقولنا واروحنا وقلوبنا ، لنكون لك ونحيا في النور وبك نكون انوار تنير الطريق لكثيرين. فنحن نحتاج للاستنارة الروحية في مسيرة حياتنا علي الارض ووسط صعوبات الحياة وشرورها نحتاج لنورك ليضئ علينا لنكون نور ونسير في النور ونسكن اخيرا في الملكوت السماوي فى عالم النور . القمص أفرايم الأورشليمى
المزيد
16 نوفمبر 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (16) التلمذة والتَعلُم

أهمية التلمذة والتعلم فى حياتنا مفهموم التلمذة والتعلم فى المسيحية ... اننا نقصد بالتلمذة الالتزام الروحى والانضباط والاستعداد الدائم للتعلم المنتظم والمستمر من السيد المسيح وروحه وكتابه المقدس وذلك من خلال الملازمة والطاعة والخضوع الشخصى والتبعية مدى الحياة فى محبة وعمق وأمانة ومن ثم هى عملية تهدف الى خلق وتطوير المعارف والمهارات اللازمة للعمل الناجح وتنمية الانسان لكى ينمو روحيا ويخدم الاخرين ويقودهم فى الطريق الى الله والملكوت . لقد أدراك العالم المتقدم أهمية التعلم مدى الحياة وتوسعوا فيه ويسمونه LLL أى (lifelong learning) . والذى يعمل على استمرار بناء مهارات ومعارف الفرد طوال الحياة من خلال التجارب والتدريب والتدريس وذلك بدافع شخصى من المتعلم بغية الوصول الى التقدم وتنمية القدرات. وهذا ما قام به السيد المسيح منذ الفى عام مع الاباء الرسل الذين دعاهم له (تلاميذ). { ثم دعا تلاميذه الاثني عشر واعطاهم سلطانا على ارواح نجسة حتى يخرجوها ويشفوا كل مرض وكل ضعف} (مت 10 : 1). هؤلاء التلاميذ تعلموا وتتلمذوا للسيد المسيح حتى يوم صعوده الى السماء واوصاهم ان يقوموا بتلمذة المؤمنين من بعدهم { فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس. وعلموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به وها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين) مت 19:28-20 انهم يعلموا الآخرين لا لكي يكونوا تلاميذ لهم بل للسيد المسيح وروحه وتعاليمة وقيمه السامية ومحبته وهذا ما يجعل التقليد المسيحى حى بالتلمذة والخضوع لقيادة الروح القدس وتسلم الايمان بامانة من جيل الى جيل {وما سمعته مني بشهود كثيرين اودعه اناسا امناء يكونون اكفاء ان يعلموا اخرين ايضا} (2تي 2 : 2). ان التلمذة المسيحية تقوم على التعلم والانقياد للمعلم الصالح . من يعمل من الخدام على تلمذة اخرين له شخصياً قد يكون انحرف عن الصواب وفقد كل معانى ومضمون التلمذة المسيحية الحقة وكما قال القديس يوحنا المعمدان عندما اتوا اليه ليقولوا له ان السيد المسيح يعمد وصار له تلاميذ واتباع كثيرين { فجاءوا الى يوحنا وقالوا له يا معلم هوذا الذي كان معك في عبر الاردن الذي انت قد شهدت له هو يعمد والجميع ياتون اليه. اجاب يوحنا وقال لا يقدر انسان ان ياخذ شيئا ان لم يكن قد اعطي من السماء. انتم انفسكم تشهدون لي اني قلت لست انا المسيح بل اني مرسل امامه. من له العروس فهو العريس واما صديق العريس الذي يقف ويسمعه فيفرح فرحا من اجل صوت العريس اذا فرحي هذا قد كمل. ينبغي ان ذلك يزيد واني انا انقص} يو 26:3-30. - الحاجة الى التلمذة والتعلُم .. نحن فى عصر يتسم بسرعة التقدم العلمى والمعرفي وسرعة تحديث المعلومات ، كما ان فروع المعرفة تتسع فى مختلف المجالات الروحية والعلمية والأدبية. ونحن فى المجال الروحي نحتاج للتلمذة والتعلُم من السيد المسيح والاباء الرسل والقديسين المعتبرين أعمدة فى الكنيسة وسيرتهم وكتاباتهم بما فيها من سلامة الايمان والحياة الروحية المقدسة . نحتاج الى العودة لجذورنا الروحية لأكتشاف الكنوز المخبأة فيها والتتلمذ عليها ، مع استخدام كل الوسائل الحديثة والتكنولوجيا التى ساعدت على ترجمة كتابات الاباء من القبطية واليونانية والسريانية واللاتينية الى اللغات الحية الحديثة لنعيش إيماننا ونفهمه مع متطلبات عصر العلم. ان المسيحية هى روح وحياة وهي تدعو للمحبة والقداسة والعمل من أجل حياة أفضل وليس مجرد نصوص جامدة { ولبستم الجديد الذي يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقه }(كو 3 : 10). لقد أخذ قادة الكنيسة والحركة الرهبانية على عاتقهم منذ العصور الاولي عاتقها قيادة ركب التقدم والابداع والشهادة للحق وكانت الكنيسة حاضنة للعلم والابداع فى مختلف مجالات الحياة منذ العصور الاولي للمسيحية وهذا ما ينبغى للكنيسة العمل على متابعته بحكمة وتخطيط ومتابعة فى عالم اليوم ان ارادت الكنيسة ان تكون حاضرة ورائدة لقيادة ابنائها نحو مستقبل أفضل . - ان الإنسان الذى لا يتطور ويواكب التقدم لابد ان يتأخر فى حياته ويفوته ركب الحضارة ، وان كانت العقائد شئ ثابتة على مر الزمان فاننا يجب ان نفهمها ونحياها وننمو فى المعرفة والعلاقة باللة لنصل الى ملء القامة والنعمة والحكمة . كما ان روح الله القدوس هو القادر ان يجدد طبيعتنا يوماً فيوم لنعمل ونبتكر ونتقدم فى كل المجالات { ترسل روحك فتخلق وتجدد وجه الارض} (مز 104 : 30). لقد تفرعت الكثير من العلوم فى اللاهوت والروحيات والطقوس والتاريخ الكنسي فى عالم اليوم أعتماداُ على الكتاب المقدس وكتابات الاباء وفهمنا لروحها مع ربطها بالعلوم الحديثة فالإيمان يدعو الى التفكير والبحث والتبصر ويجب علينا التلمذة على تعاليم الكتاب المقدس وعلومه. فى مجال اللأهوت اصبح هناك العديد من الدراسات ومنها اللاهوت النظرى والادبي والروحي والمقارن والطقسي والعقيدى والدستورى والدفاعي . ومن العلوم اللاهوتية تفرعت العديد من المجالات الدراسية منها علوم الكتاب المقدس ومناهج دراسته ، وعلوم الكرستولوجى والمريمولوجى وعلم الاباء والكنيسة وعلم الخلاص والملائكة والاخرويات وعلم النفس المسيحى وعلوم الادارة الكنسية وغيرها وعلينا أكليروس وشعب ان نفهم ونعيش إيماننا ونكون مستعدين لمجاوبة كل من يسألنا عن سبب الرجاء الذى فينا. + سلامة وأستقامة الإيمان والتلمذة .. ومع أهمية التقدم الحاصل فى مختلف العلوم ،فاننا يجب ان نحتفظ باستقامة الإيمان وبسلامة العقيدة والأستمرار فى التلمذة والتعلم من كنوز إيماننا، وفكر الأباء وسير القديسين وهذه هى وصية وصلاة السيد المسيح للتلاميذ والمؤمنين للآب السماوى {كما ارسلتني الى العالم ارسلتهم انا الى العالم. ولاجلهم اقدس انا ذاتي ليكونوا هم ايضا مقدسين في الحق. ولست اسال من اجل هؤلاء فقط بل ايضا من اجل الذين يؤمنون بي بكلامهم. ليكون الجميع واحدا كما انك انت ايها الاب في وانا فيك ليكونوا هم ايضا واحدا فينا ليؤمن العالم انك ارسلتني. وانا قد اعطيتهم المجد الذي اعطيتني ليكونوا واحدا كما اننا نحن واحد.انا فيهم وانت في ليكونوا مكملين الى واحد وليعلم العالم انك ارسلتني واحببتهم كما احببتني} يو 18:17-23. . وما أجمل الكنيسة المجتمعة حول تعاليم معلمها الصالح تتلمذ على كلامه الذى هو روح وحياة وكما تنبأ اشعياء وقال بالروح { وكل بنيك تلاميذ الرب وسلام بنيك كثيرا }(اش 54 : 13). فيجب ان يكون لدينا الرغبة المستمرة فى التلمذة والتعلم من الله وكتابه المقدس وروحة القدوس وتعاليم الاباء ، ومن مدرسة الطبيعة والحياة حتى لا ننساق بتعاليم غريبة { اما أنت فاثبت على ما تعلمت وايقنت، عارفاً ممن تعلمت } 2تى 14:3. يجب ان يكون لدينا الحكمة والأفراز فيما نقرأ ولا نتأثر بكل ريح تعليم غير سليم فى وقت يموج فيه العالم فى صراعات دينية وعقائدية وفلسفية وان نكون من الراى العام المثقف الذى لا يقبل كل ما يتلاقاه بل يميز الغث من الثمين ، بل ونكون قادة فكر ودعاه حق فالمسيحى المواظب على صلوات وقراءات وتعاليم الكنيسة والمنقاد بروح الله لابد ان يكون نوراً فى العالم وملحاً فى الأرض وسفيراً للسماء ، يستضئ الآخرين بتعاليمه فى تواضع ومحبة . وكلما اقتربنا من شمس البر نستنير وننير . نعم نحن قد نمر باوقات صعبة قال عنها القديس بولس الرسول { لانه سيكون وقت لا يحتملون فيه التعليم الصحيح ، بل حسب شهواتهم الخاصة يجمعون لهم معلمين مستحكة مسامعهم ، فيصرفون مسامعهم عن الحق ، وينحرفون الى الخرافات } 2تى3:4-4. اما نحن ففى تواضع ابناء الله وفى حكمة أهل بيت الله نبنى أنفسنا على ايماننا الاقدس والمستقيم والمسلم لنا من الاباء القديسين بالدم والعرق والدموع { واما انتم ايها الاحباء فابنوا انفسكم على ايمانكم الاقدس مصلين في الروح القدس} (يه1 : 20). التلمذة والتعلُم على المعلم الصالح .. + السيد المسيح أقنوم الحكمة الالهية .. السيد المسيح ، كلمة الله المتجسد من اجل خلاصنا هو أقنوم الحكمة الإلهية {المذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم} (كو 2 : 3). { وبالاجماع عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد (1تي 3 : 16) . نعم تجسد وتأنس من الروح القدس ومن العذراء القديسة مريم ولكن لاهوته لايحد كما لا نحد ارسال القنوات الفضائية فى جهاز التلفزيون وان كنا نجسمه ونراه يتحرك ويتكلم امامنا. وان كان الله قديما حل وتكلم مع موسى من خلال العليقة الملتهبة ناراً فلماذا يحار البعض تواضع الله وأتيانه الينا كبشر { والكلمة صار جسدا وحل بيننا وراينا مجده مجدا كما لوحيد من الاب مملوءا نعمة وحقا} (يو1 : 14). لقد ذهب السيد المسيح الى الهيكل فى عمر الثانية عشر واخذ يحاور روساء الكهنة {وبعد ثلاثة ايام وجداه في الهيكل جالسا في وسط المعلمين يسمعهم ويسالهم. وكل الذين سمعوه بهتوا من فهمه واجوبته} لو 46:2-47.ولقد دعا قديما اليهود الذين قاوموه بعد شفاء الاعمي الى التعلم والتلمذة وتفتيش الكتب لانها تشهد له { والاب نفسه الذي ارسلني يشهد لي لم تسمعوا صوته قط ولا ابصرتم هيئته. وليست لكم كلمته ثابتة فيكم لان الذي ارسله هو لستم انتم تؤمنون به. فتشوا الكتب لانكم تظنون ان لكم فيها حياة ابدية وهي التي تشهد لي. ولا تريدون ان تاتوا الي لتكون لكم حياة}يو 37:5-40. التلمذة على المسيح تقتضى منا ان يكون المعلم الصالح هو سيدنا ومعلمنا نتعلم منه { فقال يسوع لليهود الذين امنوا به انكم ان ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي} (يو 8 : 31). الثبات فى الله يجعلنا نتغذى من تعاليمه ونحولها الى حياة وسلوك ، ولقد اشار الكتاب المقدس على ذلك بطريقة روحية فى العهد القديم فالحيوانات الطاهرة التى سمح الله للإنسان ان ياكلها { كل بهيمة من البهائم تشق ظلفا وتقسمه ظلفين وتجتر فاياها تاكلون} (تث 14 : 6). والمعنى الروحى ان الأنسان الطاهر هو الذى يقراء كلمة الله ويتأمل فيها ويحولها الى حياة وسلوك وحتى الأسماك الطاهرة هى الاسماك التى بها زعانف وحراشيف اى انها تستطيع ان تسير باتزان وتوازن فى البحر ولديها الدرع والترس الذى يحميها من المخاطر الخارجية { وهذا تاكلونه من جميع ما في المياه كل ما له زعانف وحرشف في المياه في البحار وفي الانهار فاياه تاكلون }(لا11 : 9). الانسان الروحى هو الذى يسلك باعتدال ويملك الاجنحة الروحية التى تجعله يسير بافراز وتوازن فى حياته ويحتمى فى صخر الدهور الهنا الصالح ليكون له ترس ودرع وحماية غير متكل على ذراعه او عقله او حتى على معونة بنى البشر . +السلوك فى وداعة وتواضع المعلم الصالح وصبره . { من قال انه ثابت فيه ينبغي انه كما سلك ذاك هكذا يسلك هو ايضا (1يو 2 : 6). ان الانسان الروحى يتعلم من المعلم الصالح ومن الآخرين ومن السهل عليه فى تواضعه ان يقدم راى غيره على رايه متى راى صحته ومن اليسير عليه ان يقبل النصح والأرشاد . بل ويتعلم من الاحداث التى تمر به والانسان الوديع أنسان مطيع فى افراز لا يجادل ولا يغضب ويقبل النقد بصدر رحب ويعمل به متى كان للبنيان وهكذا راينا القديس بطرس المعتبر من أعمدة الكنيسة يقبل عتاب القديس بولس وتوبيخه فى مواجهه حركة التهود فى كنيسة أنطاكيا عندما وجده ملوماً (غل 11:2) .ثم نرى القديس بطرس يُظهر أحترامه وتقديره لرسائل القديس بولس الرسول . بل ان المعلم الصالح اذ اتى الينا على الارض {واذ وجد في الهيئة كانسان وضع نفسه واطاع حتى الموت موت الصليب} (في 2 : 8). اننا اذ نتبع ونتتلمذ للرب يسوع المسيح علينا ان نحيا فى محبة لله ونحب بعضنا بعضاً {بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي، إن كان لكم حب بعضاً لبعض} يوحنا 35:13. فنحن أخوة فى جسد واحد نعمل على السير وراء الراعى الصالح كقطيع متحد به ، يجمع ولا يفرق ، يحب ولا يكره ، يعلن سمو تعاليم معلمه لا بالكلام واللسان بل بالعمل والحق ، نحتمل بعضنا بعض فى وحدانية الروح وطول الأناة . { واما من يبغض اخاه فهو في الظلمة وفي الظلمة يسلك ولا يعلم اين يمضي لان الظلمة اعمت عينيه} (1يو 2 : 11). +حمل الصليب وتبعية المخلص .. ان تلمذتنا وتعلمنا من المعلم الصالح تقتضى منا حمل الصليب { ومن لا يحمل صليبه وياتي ورائي فلا يقدر ان يكون لي تلميذا } (لو 14 : 27). الصليب يبدو للبعيدين عثرة أو جهالة أما لنا نحن المخلصين فهو قوة الله وحكمة الله ونجد فى حمل الصليب تعزية وفرحاً وسلاماً . ويعقب الصليب المجد والقيامة . لقد قبل تلاميذ السيد المسيح حمل الصليب وجالوا مبشرين به معلنين تبعيتهم للمصلوب من أجل خطايانا والقائم من أجل تبريرنا . فنالوا القيامة الممجدة والتكريم من المؤمنين فى كل الأجيال . ولنعلم اننا فى حمل الصليب نجد العزاء والقوة والنعمة فى ذاك الذى سار درب الآلام عنا وهو يدافع عنا ويقودنا فى كوكب نصرته . كما ان التلمذة للمعلم الصالح تحتاج الى التزام روحى بوصاياه وعدم العرج بين تبعية المخلص وشهوات العالم واباطيله فان الله فاحص القلوب والكلى ويريدنا ان نتبعه لا من اجل منفعة ما ولا منصب زائل ولا شهرة مرضية بل حباً واخلاصاً لمن أحبنا وطاعة لوصاياه { وفيما هم سائرون في الطريق قال له واحد يا سيد اتبعك اينما تمضي. فقال له يسوع للثعالب اوجرة ولطيور السماء اوكار واما ابن الانسان فليس له اين يسند راسه. وقال لاخر اتبعني فقال يا سيد ائذن لي ان امضي اولا وادفن ابي. فقال له يسوع دع الموتى يدفنون موتاهم واما انت فاذهب وناد بملكوت الله. وقال اخر ايضا اتبعك يا سيد و لكن ائذن لي اولا ان اودع الذين في بيتي. فقال له يسوع ليس احد يضع يده على المحراث وينظر الى الوراء يصلح لملكوت الله} لو57:9-62. ان من يتبع الله خوفاً فقط هم العبيد ومن يتبعه طمعاً فى الأجر هؤلاء اجراء يريدون الحصول على الأجرة أما الابناء فهم من يتبعونه لكونه ابيهم الصالح . +أهتمام المعلم الصالح بتلاميذه وبنا ... اذ نتبع الرب يسوع ونكون له تلاميذ ويكون لنا رباً وسيداً ومعلماً وراعياً صالحا فانه يتكفل بنا ويتولى تعليمنا وارشادنا والدفاع عنا وينسبنا اليه فندعى مسيحيين نسبةً اليه . بل نكون أعضاء فى جسد المسيح كما الأغصان وثباتها فى الكرمة .عندما اتى جباة الجزية لبطرس ليأخذ من المعلم الجزية تولى الرب يسوع دفع الجزية عن نفسه وعن القديس بطرس { ولما جاءوا الى كفرناحوم تقدم الذين ياخذون الدرهمين الى بطرس وقالوا اما يوفي معلمكم الدرهمين. قال بلى فلما دخل البيت سبقه يسوع قائلا ماذا تظن يا سمعان ممن ياخذ ملوك الارض الجباية او الجزية امن بنيهم ام من الاجانب.قال له بطرس من الاجانب قال له يسوع فاذا البنون احرار. ولكن لئلا نعثرهم اذهب الى البحر والق صنارة والسمكة التي تطلع اولا خذها ومتى فتحت فاها تجد استارا فخذه واعطهم عني وعنك} مت 24:17-27. وبعد القيامة المجيدة وفى اضطهاد شاول للكنيسة ظهر الرب يسوع لشاول واعلن له ذاته فى الطريق لدمشق {وفي ذهابه حدث انه اقترب الى دمشق فبغتة ابرق حوله نور من السماء. فسقط على الارض وسمع صوتا قائلا له شاول شاول لماذا تضطهدني. فقال من انت يا سيد فقال الرب انا يسوع الذي انت تضطهده صعب عليك ان ترفس مناخس} أع 2:9-5 . نعم يسوع المسيح معلمنا الصالح وكل اساءة الى تلاميذه تعتبر موجهة اليه وهو قادر ان يحفظنا وكما قدم ذاته فداء عنا فنحن على استعداد لنقدم حياتنا من أجل ايماننا وثباتنا عليه . + لقد اهتم السيد المسيح بتلاميذه وتعليمهم عليه بطريقة المعايشة والسماع والمرافقة الدائمة وبعد ان ثقل شخصياتهم بالمعرفة الروحية العملية والأختبارية ، جعل منهم قادة يذهبوا بما لديهم من سلطان وقوة ليكرزوا أمام وجهه فى كل مدينة {وارسلهم ليكرزوا بملكوت الله ويشفوا المرضى }(لو 9 : 2) . {وبعد ذلك عين الرب سبعين اخرين ايضا وارسلهم اثنين اثنين امام وجهه الى كل مدينة وموضع حيث كان هو مزمعا ان ياتي} (لو 10 : 1) وقال لهم ان الحصاد كثير ويحتاج لخدام كثيرين {فقال لهم ان الحصاد كثير و لكن الفعلة قليلون فاطلبوا من رب الحصاد ان يرسل فعلة الى حصاده} (لو 10 : 2) . وبعد صعوده لم يتركهم بل قال لهم ها انا معكم كل الايام الي انقضاء الدهر فهو معنا وبروحه القدوس يقودنا ويرشدنا { يسوع المسيح هو هو امسا واليوم والى الابد }(عب 13 : 8). وهو يدعونا ان نتتلمذ عليه وعندما كان يكلم الجموع بامثال فقد كان يفسر لهم ما عثر عليهم على انفراد . وكان يصحيح لهم بعض المفاهيم المغلوطة لديهم فصحح لهم مفهموم الرئاسة والعظمة { فدعاهم يسوع وقال انتم تعلمون ان رؤساء الامم يسودونهم والعظماء يتسلطون عليهم.فلا يكون هكذا فيكم بل من اراد ان يكون فيكم عظيما فليكن لكم خادما. ومن اراد ان يكون فيكم اولا فليكن لكم عبدا.كما ان ابن الانسان لم يات ليخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين} مت25:20-28. وارسلهم للخدمة فى وجوده معهم معطياً لهم وصاياه وكان يطمئن منهم على كرازتهم ويشجعهم ويعلمهم { فرجع السبعون بفرح قائلين يا رب حتى الشياطين تخضع لنا باسمك. فقال لهم رايت الشيطان ساقطا مثل البرق من السماء. ها انا اعطيكم سلطانا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو ولا يضركم شيء. ولكن لا تفرحوا بهذا ان الارواح تخضع لكم بل افرحوا بالحري ان اسماءكم كتبت في السماوات} لو17:10-20 . ان يسوع المسيح الهنا هو هو كائن بلاهوته معنا كل الأيام والى أنقضاء الدهر {ها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين }(مت 28 : 20). وسيبقى الى انقضاء الدهر المعلم الصالح الأمين يقود تلاميذه ويطلب فعلة لحصاده وخدام أمناء يسعوا الى رد الضالين وخلاص الكثيرين والغيرة على مجد الله وملكوته . والدعوة موجهة لكل واحد منا ان نأتى بثمر ويدوم ثمرنا ويجب ان نتعلم من المعلم الصالح ومن القديسين الذين ساروا ورائه بكل قلوبهم وعملوا فى كرمه { لذلك نحن ايضا اذ لنا سحابة من الشهود مقدار هذه محيطة بنا لنطرح كل ثقل والخطية المحيطة بنا بسهولة ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع امامنا. ناظرين الى رئيس الايمان ومكمله يسوع الذي من اجل السرور الموضوع امامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي فجلس في يمين عرش الله. فتفكروا في الذي احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا و تخوروا في نفوسكم} عب 1:12-3. التعلم من الكتاب المقدس .. + اننا فى أمس الحاجة فى عالم اليوم الذى يموج بالافكار والاخبار الى كلمة الله القوية والفعالة التى تنقى وتقدس وترشد وتحيي الأنسان فى مسيرة حياته على الارض { انتم الان انقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به } يو2:15 . اننا نحتاج لكلمة الله لتنقى القلب والفكر والنفس من التلوث الفكرى والأعلامى الذى يحاصر الأنسان . نحتاج للتعلم من الأنجيل فعدم المعرفة بكلام ووصايا الله هلاك روحى يعاتب الله عليه شعبه { قد هلك شعبي من عدم المعرفة لانك انت رفضت المعرفة ارفضك انا } (هو 4 :6). من أجل هذا يدعونا السيد المسيح للتعلم منه والثبات فى كلامه { ان ثبتم في وثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم. بهذا يتمجد ابي ان تاتوا بثمر كثير فتكونون تلاميذي . كما احبني الاب كذلك احببتكم انا اثبتوا في محبتي.ان حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي كما اني انا قد حفظت وصايا ابي واثبت في محبته. كلمتكم بهذا لكي يثبت فرحي فيكم و يكمل فرحكم } يو7:15-11. +الكتاب المقدس يعرفنا ارادة الله لحياتنا وينير لنا طريقنا وينقينا من نجاسات العالم وأباطيله وهكذا يدعونا أشعياء النبي الأنجيلى للارتواء والشبع بكلام الله { ايها العطاش جميعا هلموا الى المياه والذي ليس له فضة تعالوا اشتروا وكلوا هلموا اشتروا بلا فضة وبلا ثمن خمرا ولبنا . لماذا تزنون فضة لغير خبز وتعبكم لغير شبع استمعوا لي استماعا وكلوا الطيب ولتتلذذ بالدسم انفسكم .اميلوا اذانكم وهلموا الي اسمعوا فتحيا انفسكم .اطلبوا الرب ما دام يوجد ادعوه وهو قريب. ليترك الشرير طريقه ورجل الاثم افكاره وليتب الى الرب فيرحمه والى الهنا لانه يكثر الغفران. لان افكاري ليست افكاركم ولا طرقكم طرقي يقول الرب. لانه كما علت السماوات عن الارض هكذا علت طرقي عن طرقكم وافكاري عن افكاركم. لانه كما ينزل المطر والثلج من السماء ولا يرجعان الى هناك بل يرويان الارض ويجعلانها تلد وتنبت وتعطي زرعا للزارع و خبزا للاكل . هكذا تكون كلمتي التي تخرج من فمي لا ترجع الي فارغة بل تعمل ما سررت به وتنجح فيما ارسلتها له} أش 1:55-3، 6-11. هكذا كما ان المطر يروى الأرض ويخرج الزرع فكلام الله لابد ان يعمل فى قلوبنا وحياتنا ويجعلنا نثمر ثمرا روحيا ونكون اشجار بر مزروعة على مجارى المياه ، تعطى ثمارها فى حينه وكل ما نصنعه فيه ننجح . + ان كلام الله روح وحياة { الكلام الذي اكلمكم به هو روح و حياة }(يو 6 : 63). كتبه اناس الله القديسين مسوقين بالروح وهو يعمل فينا بنعمة الروح القدس ليهبنا حياة ابديه . عندما نتعلم من الأنجيل ونتتلمذ عليه كما تسلمته الكنيسة منذ القديم وفسرته وعاشته وسلمته لنا فيقودنا الي الثبات في الايمان والخلاص {لان كلمة الله حية و فعالة و امضى من كل سيف ذي حدين و خارقة الى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ ومميزة افكار القلب و نياته }(عب 4 : 12). فنحن فى حاجة ماسه للتعلم من المعلم الصالح والتتلمذ علي يديه والا سيكون كلام الله دينونة لنا فى اليوم الأخير { من رذلني ولم يقبل كلامي فله من يدينه الكلام الذي تكلمت به هو يدينه في اليوم الاخير (يو 12 : 48). ثمار وفوائد قراءة الكتاب المقدس فى حياتنا + الحاجة الى الواحد .. لقد عرف الكثيرين من الرجال والنساء أهمية التلمذه على كلمة الله وكان الكتاب المقدس صديق لهم، أمنوا به وتتلمذوا عليه وصار لهم الكنز الثمين الذي يتأملون فيه ويحولونه الى حياة وسلوك . كما قال المعلم الصالح عن مريم التى تركت أهتمامات العالم المزعجة للنفس للتعلم منه والتأمل فى كلامه { وفيما هم سائرون دخل قرية فقبلته امراة اسمها مرثا في بيتها. وكانت لهذه اخت تدعى مريم التي جلست عند قدمي يسوع وكانت تسمع كلامه.واما مرثا فكانت مرتبكة في خدمة كثيرة فوقفت وقالت يا رب اما تبالي بان اختي قد تركتني اخدم وحدي فقل لها ان تعينني. فاجاب يسوع وقال لها مرثا مرثا انت تهتمين و تضطربين لاجل امور كثيرة. ولكن الحاجة الى واحد فاختارت مريم النصيب الصالح الذي لن ينزع منها} لو 38:10-42. نعم يجب ان نقوم باعمالنا وواجباتنا بامانة واخلاص ولكن يجب ان لا نرتبك ونضطرب ونهتم كثيراً باهتمامات العالم الباطلة . نقدس أعمالنا بالصلاة مع التأمل فى كلمة الله واثقين من قدرة الكلمة الإلهية علي شفاء جهل ومرض نفوسنا وبعدها وأضطرابها لاجل أمور كثيرة { أرسل كلمته فشفاهم} (مز 107 :20). من اجل هذا رفض الرسل الاهتمام بخدمة الموائد واقاموا لها شمامسة أم هم فكانوا يواظبون على الصلاة وخدمة الكلمة {فدعا الاثنا عشر جمهور التلاميذ و قالوا لا يرضي ان نترك نحن كلمة الله و نخدم موائد. فانتخبوا ايها الاخوة سبعة رجال منكم مشهودا لهم و مملوين من الروح القدس و حكمة فنقيمهم على هذه الحاجة.واما نحن فنواظب على الصلاة و خدمة الكلمة} أع 2:6-5. + سلاح الغلبة والانتصار على حيل ابليس .. لقد كانت كلمة الله فى حياة رجال الله القديسين هي سلاح الغلبة والنصرة { من اجل ذلك احملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا ان تقاوموا في اليوم الشرير وبعد ان تتمموا كل شيء ان تثبتوا. فاثبتوا ممنطقين احقاءكم بالحق ولابسين درع البر. وحاذين ارجلكم باستعداد انجيل السلام. حاملين فوق الكل ترس الايمان الذي به تقدرون ان تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة.وخذوا خوذة الخلاص وسيف الروح الذي هو كلمة الله.مصلين بكل صلاة و طلبة كل وقت في الروح وساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة وطلبة لاجل جميع القديسين } أف 13:6-18. ان كلام الله هو سلاح انتصارنا على الشيطان وشهوات العالم والجسد . وحتى السيد المسيح فى حربه مع الشيطان استخدم قوة سلاح الكلمة الإلهية فى التجربة على الجبل ليعلمنا كيف ننتصر على حيل أبليس الذى يحاول ان يخدعنا بانصاف الإيات { اما يسوع فرجع من الاردن ممتلئا من الروح القدس وكان يقتاد بالروح في البرية . اربعين يوما يجرب من ابليس ولم ياكل شيئا في تلك الايام و لما تمت جاع اخيرا. وقال له ابليس ان كنت ابن الله فقل لهذا الحجر ان يصير خبزا. فاجابه يسوع قائلا مكتوب ان ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة من الله. ثم اصعده ابليس الى جبل عال واراه جميع ممالك المسكونة في لحظة من الزمان. وقال له ابليس لك اعطي هذا السلطان كله ومجدهن لانه الي قد دفع وانا اعطيه لمن اريد.فان سجدت امامي يكون لك الجميع . فاجابه يسوع وقال اذهب يا شيطان انه مكتوب للرب الهك تسجد واياه وحده تعبد. ثم جاء به الى اورشليم و اقامه على جناح الهيكل و قال له ان كنت ابن الله فاطرح نفسك من هنا الى اسفل.لانه مكتوب انه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك.وانهم على اياديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك. فاجاب يسوع وقال له انه قيل لا تجرب الرب الهك} (لو 1:4-12). +الكتاب المقدس هو سر قوتنا ونصرتنا ونجاحنا.. {كتبت اليكم ايها الاحداث لانكم اقوياء و كلمة الله ثابتة فيكم و قد غلبتم الشرير }(1يو 2 : 14). ان كلمة الله وثباتنا فيها وسيرنا فى الحياة على نورها تقودنا الى النجاح والأثماروالقوة وتهبنا الحكمة والنعمة { ينبوع الحكمة كلمة الله في العلى ومسالكها الوصايا الازلية} (سير 1 : 5) . { انما كن متشددا و تشجع جدا لكي تتحفظ للعمل حسب كل الشريعة التي امرك بها موسى عبدي لا تمل عنها يمينا ولا شمالا لكي تفلح حيثما تذهب.لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك بل تلهج فيه نهارا وليلا لكي تتحفظ للعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه لانك حينئذ تصلح طريقك وحينئذ تفلح.اما امرتك تشدد وتشجع لا ترهب ولا ترتعب لان الرب الهك معك حيثما تذهب} يش 7:1-9. انها النور والمرشد والمعين { سراج لرجلي كلامك و نور لسبيلي }(مز 119 : 105). + الكتاب المقدس وبيتنا الروحي .. لقد شبه السيد المسيح له المجد من يسمع كلامه ويعمل به برجل بنى بيته على الصخربعكس الانسان الذى لا يسمع ولا يعمل فيبنى بيته على الرمل { فكل من يسمع اقوالي هذه و يعمل بها اشبهه برجل عاقل بنى بيته على الصخر.فنزل المطر وجاءت الانهار وهبت الرياح ووقعت على ذلك البيت فلم يسقط لانه كان مؤسسا على الصخر.و كل من يسمع اقوالي هذه و لا يعمل بها يشبه برجل جاهل بنى بيته على الرمل.فنزل المطر وجاءت الانهار وهبت الرياح وصدمت ذلك البيت فسقط وكان سقوطه عظيما} مت 24:7-27. فنحن نسمع كلام الله ونعمل ونثمر به ليقودنا الى حياة التوبة والنمو والثبات فى الله { ولكن كونوا عاملين بالكلمة لا سامعين فقط خادعين نفوسكم }(يع 1 : 22) . وعندما يكون لدينا المحبة لله والسعي للعمل بكلمته فان كلام الله يهبنا الحرارة الروحية التي تحرق الخطايا وتلين القلوب القاسية وتحولها الى قلوب روحية تسمع وتعمل بالكلمة وتاتي بثمار كثيرة للملكوت { اليست هكذا كلمتي كنار يقول الرب وكمطرقة تحطم الصخر} أر29:23. ويوصينا القديس الانبا أنطونيوس بان نداوم على قراءة الأسفار المقدسة لتخلصنا من النجاسة وكما يقول القديس اغسطينوس (الكتاب المقدس هو سيف الانتصار على فيض الخلاعه التى اوشكت ان تقضى على الاداب المسيحيه) أما القديس أثناسيوس الرسولي فيوصي ان تكون لنا الحياة الصالحة لنفهم ونعمل بالكتاب المقدس (ان دراسة الكتاب المقدس ومعرفتها معرفة حقيقية تتطلبان حياة صالحة، ونفساً طاهرة وحياة الفضيلة التي بالمسيح. وذلك لكي يستطيع الذهن – باسترشاده بها – أن يصل إلى ما يتمناه وأن يدرك بقدر استطاعه الطبيعة البشرية ما يختص بالله الكلمة). + الكتاب المقدس وهدايتنا وارشادنا ..ان كلمة الله تنير عقولنا { فتح كلامك ينير يعقل الجهال} (مز 119 : 130). نحتاج إلى كلمة الله لتوسيع أذهاننا ومداركنا وتهبنا إستنارة روحية وتعمل علي نمونا الروحى فهى تنير عقلنا وتهبنا الحكمة وتعمل فى أذهاننا كما يعمل النور فى الحجرة المظلمة ، هكذا أيضا كلمة الله تبدأ فى إنارة أذهاننا وكما أن النور يلاشى الظلمة هكذا تلاشى كلمة الله جهلنا وفقرنا الروحى من اجل هذا يقول المرتل {سراج لرجلى كلامك ونور لسبيلى} (مز105:119).وكلام الله أيضا به كنوز وعجائب كثيرة {اكشف عن عينى فأرى عجائب من شريعتك} (مز18:119) واذا نحفظ كلام الله فى قلوبنا فانه يوجه سلوكنا للخير {خبات كلامك في قلبي لكيلا اخطئ اليك }(مز 119 : 11). ان الكتاب المقدس هو الكنز الروحى الذى منه ننهل وبه نعرف سعي الله لخلاصنا ويعلن لنا محبة الله المتجسدة لخلاص جنس البشر . عندما ننهل من الإنجيل نكتشف الكنوز المخبأة لنا فيه {فقال لهم من اجل ذلك كل كاتب متعلم في ملكوت السماوات يشبه رجلا رب بيت يخرج من كنزه جددا وعتقاء }(مت 13 : 52).إن فعل التفتيش هو البحث بإجتهاد. فلنفتش عن الكنوز المخفاة فى كلمة الله إذ لا يسعنا الإستغناء عنها ففى كلمة الله كنوز كثيرة كافية بأن تثرى وتغنى حياتنا كأفراد وكأبناء لله . ان كلمة الله تستطيع ان توجه حياتنا فى الطريق الصحيح فلابد لمن أراد الحصول على لآلىء الحق أن ينقب عنها كما ينقب عامل المنجم عن اللؤلؤ الثمين المخفى فى باطن الأرض ، وعلى قدر سعينا وأجتهادنا يعطى لنا ويذاد . ونحن نتعلم ونتتلمذ على ابائنا القديسين الذين كلمونا بكلمة الله {اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم} (عب 13 : 7). يقول القديس مار اسحق السريانى (ان قراءة الكتاب المقدس تنير العقل و تعلم النفس الحديث مع الله ). اما القديس القديس امبروسيوس فيوصينا بالاصغاء الي صوت الله فى الإنجيل ( نخاطب الرب اذ نصلى و نصغى اليه اذ نقرأ الكتاب المقدس) . التعلم من غيرنا والطبيعة والأحداث .. اننا فى التلمذة المسيحية نستمر فى التلمذة والتعلم حتى النفس الأخير . نتعلم من السيد المسيح ومن الكتاب المقدس ومن كتابات الاباء ومن غيرنا فى مختلف مجالات المعرفة والعلم بافراز وتمييز ، نتعلم من الطبيعة وهذا ما علمه لنا السيد المسيح { انظروا الى طيور السماء انها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع الى مخازن وابوكم السماوي يقوتها الستم انتم بالحري افضل منها. ومن منكم اذا اهتم يقدر ان يزيد على قامته ذراعا واحدة. ولماذا تهتمون باللباس تاملوا زنابق الحقل كيف تنمو لا تتعب ولا تغزل. ولكن اقول لكم انه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها. فان كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم ويطرح غدا في التنور يلبسه الله هكذا افليس بالحري جدا يلبسكم انتم يا قليلي الايمان. فلا تهتموا قائلين ماذا ناكل او ماذا نشرب او ماذا نلبس. فان هذه كلها تطلبها الامم لان اباكم السماوي يعلم انكم تحتاجون الى هذه كلها. لكن اطلبوا اولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم. فلا تهتموا للغد لان الغد يهتم بما لنفسه يكفي اليوم شره} مت 26:6-34. كما دعانا ان نتعلم من التاريخ والأحداث والظروف التى نراها { وكان حاضرا في ذلك الوقت قوم يخبرونه عن الجليليين الذين خلط بيلاطس دمهم بذبائحهم. فاجاب يسوع وقال لهم اتظنون ان هؤلاء الجليليين كانوا خطاة اكثر من كل الجليليين لانهم كابدوا مثل هذا. كلا اقول لكم بل ان لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون .او اولئك الثمانية عشر الذين سقط عليهم البرج في سلوام و قتلهم اتظنون ان هؤلاء كانوا مذنبين اكثر من جميع الناس الساكنين في اورشليم. كلا اقول لكم بل ان لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون} لو1:13-5. القمص أفرايم الأورشليمى
المزيد
09 نوفمبر 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (15) الوداعة

مفهوم الوداعة وعلاماتها + الوداعة هي والهدوء والوقار واللطف والبعد عن العنف.. الوداعة هى دماثة فى الأخلاق والوقار والسكينة والحلم . الوداعة تعنى الاتزان فى التفكير والقول والعمل والالتزام بالهدوء فى مختلف الظروف العامة ومواجهة المشكلات بروح الحلم والبساطة والوقار والاخلاق . ان الوداعة هى اقتداء بالسيد المسيح الذى تميز بالوداعة والتواضع والوقار ودعانا ان نتعلم منه { احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لاني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم }(مت 11 : 29).الوداعة هي بعد عنالغضب او الكراهية تشبها بالمسيح الذي لا يخاصم ولا يصيح ولايسمع أحد في الشوارع صوته. +الوداعة ثمرة من ثمار الروح القدس .. الروح القدس هو روح الوداعة والحكمة والقداسة ومن ثمارة الوداعة بعكس السلوك حسب شهوات الجسد { واعمال الجسد ظاهرة التي هي زنى عهارة نجاسة دعارة.عبادة الاوثان سحر عداوة خصام غيرة سخط تحزب شقاق بدعة. حسد قتل سكر بطر وامثال هذه التي اسبق فاقول لكم عنها كما سبقت فقلت ايضا ان الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله.واما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول اناة لطف صلاح ايمان.وداعة تعفف} غلا 19:5-23 . عندما نحيا فى مخافة الله ومحبته ونسعى باجتهاد وصلاة ليعمل فينا فاننا نقتنى هذه الثمرة الطيبة التى بها بها نسمو ونربح من حولنا بالمحبة واللطف والهدوء. ومن خلال الوداعة والمسامحة يستطيع كل من يتعامل مع الإنسان أن يكتشف انه مسيحي، ليس بالاسم بل بالواقع العملي، لان المسيحية ليست ديانة تكتب في هوية الأحوال المدنية بل هي حياة يعيشها المؤمن الحقيقي، متسربلا بثوب العفة والطهارة واحتمال الآخرين .الوداعة هي سلاح قوي قادر أن يدخل القلوب ويغيرها لتكون رقيقة وممتزوجة بالطيبة أن الوداعة قوة خارقة قادرة أن تجعل من المرء حليما وحكيما، مع رؤسائه ومرؤوسيه . لا يتذمر ولا يقاوح اويجادل ولا يتذمر ولا يصاب بالكأبة أويواجه حتى الاساءة بالاساءة بل بالاحسان { لا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير} (رو 12 : 21). + القساوة والكبرياء ونتائجهم السلبية.. اننا عندما ننظر حولنا ونرى النتائج المرة لقساوة القلب والغضب والعجرفة والكبرياء ندرك أهمية الوداعة . العنف لا يولد الا العنف ونحن لا نستطيع ان نطفئ نيران الكراهية بالكراهية بل بالحكمة والوداعة واحتمال نقائص الآخرين .ان القساوة تصنع مرضي نفسيين حاقدين على من حولهم مما يقود الى العنف وتفشى الجريمة وتبعد المحبة والسلام عن بيوتنا ومجتمعاتنا، والغضب ينتج عنه الخصام وعدم التفاهم والكراهية والكبرياء تولد الخصومات والنزاعات والحروب. اننا قد صرنا نعانى من مجتمع تسود فيه ثقافة العنف الذى يفتقد فيه الانسان الى الأمن والامان وتسودة شريعة الغاب والبقاء للاقوي باللسان او الذراع او السلاح اننا ان لم نواجه كحكماء هذه الظواهر المرضية بقوة الأخلاق والقانون والرفض الاجتماعى للعنف والكراهية والبلطجة سنجد انفسنا قد اصبحنا مجتمع بدائي متخلف ينحدر من هوة الى أخرى دون توقف اوعلاج . + الوداعة وترويض النفس والمكأفاة فى الارض والسماء .. لقد طوب السيد المسيح الوداعة { طوبى للودعاء لانهم يرثون الارض} (مت 5 : 5) الكلمة اليونانيّة هنا المترجمة (ودعاء) إنّما تستخدم لوصف الحيوانات المستأنسة، وكأن السيّد يطوّب طبيعتنا التي كانت قبلاً شرسة، وقد خضعت لله مروّضها، فتحوّلت إلى ألفة وحسن عشرة فى علاقتها مع الذات والغير والله بعدما كانت عنيفة صارت مروضة ، قد رُوِّضت غرائزها ودوافعها. أمّا المكافأة فهي أن ترث الأرض فبعدما كان شرسًا ومقاومًا للروح صارحتى الجسد الترابى خادمًا للروح ملتهبًا بنار الروح القدس.ولئلا تُفهم الوداعة كحياة خنوع أو ضعف قدّم السيّد نفسه مثالاً للوداعة، بقوله: {تعلّموا منّي لأني وديع ومتواضع القلب}، ليس لأنه كان محتاجًا إلى ترويض، بل بوداعته الطبيعيّة غير المكتسبة يُروِّضنا. يهبنا حياته فينا فتحمل وداعته داخلنا. العالم يظن أن الشخص الوديع يفقد الكثير بسبب خبث الأشرار ومكائدهم، لهذا أكّد السيّد أن المكافأة هي (ميراث الأرض). وكما يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: أن الأرض هنا تُفهم بالمعنى الحرفي، بينما يظن أن الوديع يفقد ماله، يعد المسيح عكس ذلك، إنه لا يحثّنا بالبركات العتيدة فحسب بل وبالبركات الحاضرة أيضًا. لكن ما يقوله لا يعني أنه يحدّد المكافأة في الأمور الحاضرة، وإنما يربطها بالعطايا الأخرى أيضًا. ففي حديثه عن الأمور الروحيّة لا يستبعد الأمور الخاصة بالحياة الزمنيّة. + الوداعة لا تعنى الخمول او عدم الشجاعة .. أن البعض قد يفهم الوداعة فهما خاطئاً وكأن الوديع يبقى بلا شخصية ولا فاعلية، وكأنه جثة هامدة خاملة لا تتحرك . ان هذا فهم خاطئ للوداعة يتنافى مع تعليم الكتاب ومع سير الانبياء والاباء وكما يقول قداسة البابا شنوده الثالث( الحقيقة ان الوداعة لا تتعارض مع الشهامة والشجاعة والنخوة والحزم. الوديع يعرف ان { لكل شيء زمان و لكل امر تحت السماوات وقت} جا1:3. المهم ان يعرف الوديع كيف يتصرف ومتى ؟). يجب ان نعرف اذاً متى نكون طيبين ولطفاء فى حكمة وعندما يدعو الموقف الى الشهامة والشجاعة والحزم والشهادة للحق لابد ان نكون شجعان فى شهامة وكرم . ان امتناعنا عن التحرك للدفاع عن المظلوم والايتام والضعفاء ليس وداعة بل ضعف فى الشخصية ورخاوة فى الطبع ولا مبالاة نحو من حولنا . الاخلاق الكريمة والروحانية الحقة لا تعني التمسك بفضيلة دون الاخري بل تعنى التكامل والحكمة بين الفضائل . ففضيلة الوداعة لا يجوز لها أن تعطل الفضائل الاخرى. ابراهيم ابو الاباء كمثال .. تميز بالوداعة وطيبة القلب ومعها الشجاعة والشهامة .. رايناه وديع، طيبا مع الجميع ومع لوط ابن اخاه وكان هو العم الاكبر الذى اتى بلوط معه من اور العراق وكان يدعوه اخاه وعندما تخاصم رعاة لوط مع رعاة ابراهيم تكلم فى وداعة مع لوط لحل المشكلة بل جعل لوط يختار الافضل من الارض لانه كان عف النفس طيب القلب {ولوط السائر مع ابرام كان له ايضا غنم وبقر وخيام. ولم تحتملهما الارض ان يسكنا معا اذ كانت املاكهما كثيرة فلم يقدرا ان يسكنا معا. فحدثت مخاصمة بين رعاة مواشي ابرام ورعاة مواشي لوط وكان الكنعانيون والفرزيون حينئذ ساكنين في الارض.فقال ابرام للوط لا تكن مخاصمة بيني وبينك وبين رعاتي ورعاتك لاننا نحن اخوان.اليست كل الارض امامك اعتزل عني ان ذهبت شمالا فانا يمينا وان يمينا فانا شمالا } تك5:13-9. ولكن عندما قام جيش من شمال البلاد بالاغارة على سدوم وسبوا لوط ابن اخاه واسرته وذهبوا رايناه شجاعا شهما { فاتى من نجا واخبر ابرام العبراني وكان ساكنا عند بلوطات ممرا الاموري اخي اشكول واخي عانر وكانوا اصحاب عهد مع ابرام. فلما سمع ابرام ان اخاه سبي جر غلمانه المتمرنين ولدان بيته ثلاث مئة وثمانية عشر وتبعهم الى دان. وانقسم عليهم ليلا هو وعبيده فكسرهم وتبعهم الى حوبة التي عن شمال دمشق.واسترجع كل الاملاك واسترجع لوطا اخاه ايضا واملاكه والنساء ايضا والشعب} تك 13:14-17. ان الرب عاقب عالى رئيس الكهنة قديماً لانه لم يكن حازما مع اولاده عندما سمع بخطاياهم البشعة ولم يردعهم {فقال صموئيل تكلم لان عبدك سامع. فقال الرب لصموئيل هوذا انا فاعل امرا في اسرائيل كل من سمع به تطن اذناه. في ذلك اليوم اقيم على عالي كل ما تكلمت به على بيته ابتدئ واكمل. وقد اخبرته باني اقضي على بيته الى الابد من اجل الشر الذي يعلم ان بنيه قد اوجبوا به اللعنة على انفسهم ولم يردعهم. ولذلك اقسمت لبيت عالي انه لا يكفر عن شر بيت عالي بذبيحة او بتقدمة الى الابد} 1صم 10:3-14. + الوداعة وفن التعامل مع الآخرين.. الوداعة تجعل الإنسان ناجحا فى علاقاته مع الآخرين ومحبوباً منهم فهو لا يميل الى العنف او الانتقاد بل يحترم الاخرين ويقدرهم ولا يقيم نفسه قاضيا على الغير او يتدخل فيما لا يعنيه وان طلبوا تدخله يُصلح الامور بهدوء ورقة دون ان يجرح مشاعر الغير. يجعل الاخرين يحترمون رأيه دون ان يفرضه عليهم ولا يغضب على الاخرين حتى لو صدرت منهم الفاظ جارحه بل يعالج الامور بحكمة . الشخص الوديع تراه باشا باسما، لا يعبس فى وجه الاخرين ويعلم ان وجهه ليس ملكه فهو لايراه الا فى المرآة لذلك تراه يرحب بابتسامة صادقة بالغير . واذ يعلم ان الكلام اللين يصرف الغضب والكلام الموجع يهيج السخط ، فانه يقدم كلاما طيباً للخير من قلب محب للاخوة . الوديع يعرف ان القساوة والغضب ضعف وليس قوة فيعمل بالوداعة على ارضاء الغير {فيجب علينا نحن الاقوياء ان نحتمل اضعاف الضعفاء ولا نرضي انفسنا. فليرض كل واحد منا قريبه للخير لاجل البنيان. لان المسيح ايضا لم يرض نفسه بل كما هو مكتوب تعييرات معيريك وقعت علي. لان كل ما سبق فكتب كتب لاجل تعليمنا حتى بالصبر والتعزية بما في الكتب يكون لنا رجاء. وليعطكم اله الصبر والتعزية ان تهتموا اهتماما واحدا فيما بينكم بحسب المسيح يسوع} رو 1:15-5. + صفات الشخص الوديع.. الشخص الوديع يتصف بالبشاشة والمحبة والهدوء فى الملامح والمشى والتصرفات والصمت الحكيم والتواضع امام الله والناس . يثق فى ثقة ببساطة فى وعود الله وانه صانع الخيرات الرحوم والقادر يخرجه من كل ضيقة وهو مسالم وهادئ متزن فى حله للمشكلات ومواجهته للتجارب والضيقات وفى تعامله مع الآخرين يتميز باللطف ودماثة الخلق ويتحمل ضعفات الضعفاء فى حكمة ودون ضجر اوتذمر ويتميز بسهولة التعامل معه بعكس الانسان القاسي او المتكبروالملتوي الخبيث .الوديع شخص قوى شجاع يضبط نفسه وانفعالته واقواله وتصرفاته حتى وسط الجو العاصف والخصام . الوداعة اذا فضيله حلوة نحتاج اليها فى حياتنا الشخصية والاسرية وفى مواجهة التحديات التى تواجهنا لنتجاوزها فى وداعة وحكمة وبساطه القديسين . وداعة السيد المسيح وتعاليمه المقدسة + تكلمت النبؤات فى العهد القديم عن المسيح الوديع.. ومجئيه الى العالم وديع وهادى لكنه لا يكل او ينكسر حتى يضع الحق فى الارض {وضعت روحي عليه فيخرج الحق للامم.لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع في الشارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة خامدة لا يطفئ الى الامان يخرج الحق.لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الارض وتنتظر الجزائر شريعته} اش 1:42-4. لقد راي زكريا النبى دخوله الى اورشليم فى وداعة وتواضع {ابتهجي جدا يا ابنة صهيون اهتفي يا بنت اورشليم هوذا ملكك ياتي اليك هو عادل ومنصور وديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن اتانْ} (زك 9 : 9). وبهذه الوداعة { روح السيد الرب علي لان الرب مسحني لابشر المساكين ارسلني لاعصب منكسري القلب لانادي للمسبيين بالعتق وللماسورين بالاطلاق.لانادي بسنة مقبولة للرب وبيوم انتقام لالهنا لاعزي كل النائحين.لاجعل لنائحي صهيون لاعطيهم جمالا عوضا عن الرماد ودهن فرح عوضا عن النوح ورداء تسبيح عوضا عن الروح اليائسة فيدعون اشجار البر غرس الرب للتمجيد} اش 1:61-3. لهذا راينا السيد المسيح في بدء خدمته دخل الى مجمع الناصرة وقال لهم اليوم تم هذا المكتوب على مسامعكم {وجاء الى الناصرة حيث كان قد تربى ودخل المجمع حسب عادته يوم السبت وقام ليقرا. فدفع اليه سفر اشعياء النبي ولما فتح السفر وجد الموضع الذي كان مكتوبا فيه.روح الرب علي لانه مسحني لابشر المساكين ارسلني لاشفي المنكسري القلوب لانادي للماسورين بالاطلاق وللعمي بالبصر وارسل المنسحقين في الحرية. واكرز بسنة الرب المقبولة. ثم طوى السفر وسلمه الى الخادم وجلس وجميع الذين في المجمع كانت عيونهم شاخصة اليه.فابتدا يقول لهم انه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم. وكان الجميع يشهدون له ويتعجبون من كلمات النعمة الخارجة من فمه} لو 16:4-22. + بالوداعة عمل وعلم .. كان يجول فى المدن والقرى وبين الحقول وفى الطرقات وفى المجامع والهيكل ، يعلم ويشفى كل مرض وضعف فى الشعب ويمحو الذنب بالتعليم ويشبع الجموع ويشفق على الجموع وعلى كل رجل وامراة وطفل {و لما راى الجموع تحنن عليهم اذ كانوا منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لها }(مت 9 : 36). وعندما بدء العظة على الجبل رايناه يطوب الودعاء والمساكين والمضطهدين {ولما راى الجموع صعد الى الجبل فلما جلس تقدم اليه تلاميذه . ففتح فاه وعلمهم قائلا. طوبى للمساكين بالروح لان لهم ملكوت السماوات. طوبى للحزانى لانهم يتعزون. طوبى للودعاء لانهم يرثون الارض. طوبى للجياع والعطاش الى البر لانهم يشبعون. طوبى للرحماء لانهم يرحمون. طوبى للانقياء القلب لانهم يعاينون الله. طوبى لصانعي السلام لانهم ابناء الله يدعون. طوبى للمطرودين من اجل البر لان لهم ملكوت السماوات. طوبى لكم اذا عيروكم و طردوكم و قالوا عليكم كل كلمة شريرة من اجلي كاذبين.افرحوا وتهللوا لان اجركم عظيم في السماوات فانهم هكذا طردوا الانبياء الذين قبلكم} مت 1:5-12. دعانا الى تعلم الوداعة والتواضع منه فنستريح {تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم.احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لاني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم.لان نيري هين وحملي خفيف} مت 28:11-30. + وداعته فى التعامل مع الاطفال.. كان وديعا مع الأطفال محباً لهم يريد ان يشجعهم وينميهم ويجعلهم مثالاً لنا فى التواضع والوداعة والبساطة {فقدموا اليه الاطفال ايضا ليلمسهم فلما راهم التلاميذ انتهروهم. اما يسوع فدعاهم و قال دعوا الاولاد ياتون الي ولا تمنعوهم لان لمثل هؤلاء ملكوت الله. الحق اقول لكم من لا يقبل ملكوت الله مثل ولد فلن يدخله} لو 15:18-17. وعندما سالوه عن من هو الاعظم فى الملكوت قال لهم ان يتعلموا من الاطفال التواضع والوداعة والبساطة ومن وداعته قال لنا من يقبل الاطفال فكانه قبلني { في تلك الساعة تقدم التلاميذ الى يسوع قائلين فمن هو اعظم في ملكوت السماوات.فدعا يسوع اليه ولدا و اقامه في وسطهم. وقال الحق اقول لكم ان لم ترجعوا وتصيروا مثل الاولاد فلن تدخلوا ملكوت السماوات. فمن وضع نفسه مثل هذا الولد فهو الاعظم في ملكوت السماوات .ومن قبل ولدا واحدا مثل هذا باسمي فقد قبلني. ومن اعثر احد هؤلاء الصغار المؤمنين بي فخير له ان يعلق في عنقه حجر الرحى ويغرق في لجة البحر} مت 1:18-6. + كما رفع من شأن المرأة واحترمها .. ودافع عن الخطاة منهن محرراُ اياهم من قيود الخطية والظلم الإجتماعى فعندما امسك شيوخ اليهود بامرأة فى ذات الفعل تركوا الرجل وصبوا جام غضبهم على المرأة وارادوا ان يروا ما هو حكمه عليها، رايناه يدافع عنها ويحررها من ايديهم {وقدم اليه الكتبة والفريسيون امراة امسكت في زنا ولما اقاموها في الوسط. قالوا له يا معلم هذه المراة امسكت وهي تزني في ذات الفعل. وموسى في الناموس اوصانا ان مثل هذه ترجم فماذا تقول انت . قالوا هذا ليجربوه لكي يكون لهم ما يشتكون به عليه واما يسوع فانحنى الى اسفل وكان يكتب باصبعه على الارض.ولما استمروا يسالونه انتصب وقال لهم من كان منكم بلا خطية فليرمها اولا بحجر. ثم انحنى ايضا الى اسفل وكان يكتب على الارض. واما هم فلما سمعوا وكانت ضمائرهم تبكتهم خرجوا واحدا فواحدا مبتدئين من الشيوخ الى الاخرين وبقي يسوع وحده والمراة واقفة في الوسط. فلما انتصب يسوع ولم ينظر احدا سوى المراة قال لها يا امراة اين هم اولئك المشتكون عليك اما دانك احد. فقالت لا احد يا سيد فقال لها يسوع ولا انا ادينك اذهبي ولا تخطئي ايضا} يو 3:8-11. ومع المرأة السامرية رايناه يرفع العداوة بين اليهود والسامريين وبين المراة والرجل ويخاطبها فى ود ويشجعها على التوبة ومعرفة وعبادة الله بالروح والحق. + وديعاً مع الخطاة والعشارين والمنبوذين .. كان فى حب يدافع عن الخطاة والعشارين ويقدم لهم المحبة والوداعة فاتحا لهم باب الرجاء والخلاص {لان ابن الانسان قد جاء لكي يخلص ما قد هلك. ماذا تظنون ان كان لانسان مئة خروف وضل واحد منها افلا يترك التسعة والتسعين على الجبال ويذهب يطلب الضال. وان اتفق ان يجده فالحق اقول لكم انه يفرح به اكثر من التسعة والتسعين التي لم تضل.هكذا ليست مشيئة امام ابيكم الذي في السماوات ان يهلك احد هؤلاء الصغار} مت 11:18-14. كما رايناه يشفق علي المرضى بالبرص الذى كان يعتبر رمزا للنجاسة والنبذ من المجتمع { اذا ابرص قد جاء وسجد له قائلا يا سيد ان اردت تقدر ان تطهرني.فمد يسوع يده و لمسه قائلا اريد فاطهر وللوقت طهر برصه. فقال له يسوع انظر ان لا تقول لاحد بل اذهب ار نفسك للكاهن وقدم القربان الذي امر به موسى شهادة لهم} مت 2:8-4. ومع أعمى اريحا الذى كان يتسول على الطريق، راينا الجموع تزجر الاعمي ان يسكت لكن السيد المسيح يذهب اليه فى محبة ووداعة ويشفيه {وجاءوا الى اريحا و فيما هو خارج من اريحا مع تلاميذه وجمع غفير كان بارتيماوس الاعمى ابن تيماوس جالسا على الطريق يستعطي.فلما سمع انه يسوع الناصري ابتدا يصرخ ويقول يا يسوع ابن داود ارحمني. فانتهره كثيرون ليسكت فصرخ اكثر كثيرا يا ابن داود ارحمني. فوقف يسوع وامر ان ينادى فنادوا الاعمى قائلين له ثق قم هوذا يناديك.فطرح رداءه و قام وجاء الى يسوع. فاجاب يسوع وقال له ماذا تريد ان افعل بك فقال له الاعمى يا سيدي ان ابصر .فقال له يسوع اذهب ايمانك قد شفاك فللوقت ابصر وتبع يسوع في الطريق} مر 46:10-52. + وداعته مع مقاوميه واعدائه.. راينا السيد المسيح فى وداعته يعمل علي أقناع المقاومين له بحجته ومنطقه الرزين فى حكمة { ثم انصرف من هناك و جاء الى مجمعهم. واذا انسان يده يابسة فسالوه قائلين هل يحل الابراء في السبوت لكي يشتكوا عليه. فقال لهم اي انسان منكم يكون له خروف واحد فان سقط هذا في السبت في حفرة افما يمسكه ويقيمه. فالانسان كم هو افضل من الخروف اذا يحل فعل الخير في السبوت. ثم قال للانسان مد يدك فمدها فعادت صحيحة كالاخرى} مت 9:12-13. رايناه يدافع عن تلاميذه عندما جاعوا فى السبت واخذوا يلتقطون السنابل ويفركوها بايديهم وياكلونها وكان هذا للفريسيين بمثابة كسراً لقدسية السبت {في ذلك الوقت ذهب يسوع في السبت بين الزروع فجاع تلاميذه و ابتداوا يقطفون سنابل وياكلون. فالفريسون لما نظروا قالوا له هوذا تلاميذك يفعلون ما لا يحل فعله في السبت. فقال لهم اما قراتم ما فعله داود حين جاع هو والذين معه. كيف دخل بيت الله واكل خبز التقدمة الذي لم يحل اكله له ولا للذين معه بل للكهنة فقط. او ما قراتم في التوراة ان الكهنة في السبت في الهيكل يدنسون السبت وهم ابرياء.و لكن اقول لكم ان ههنا اعظم من الهيكل.فلو علمتم ما هو اني اريد رحمة لا ذبيحة لما حكمتم على الابرياء. فان ابن الانسان هو رب السبت ايضا} مت 1:12-8. وعندما اتهموه انه برئيس الشياطين يخرج الشياطين لم يغضب عليهم بل كان حزينا على غلاظة قلوبهم وناقشهم بالمنطق والحجة {ثم دخل ايضا الى المجمع و كان هناك رجل يده يابسة. فصاروا يراقبونه هل يشفيه في السبت لكي يشتكوا عليه.فقال للرجل الذي له اليد اليابسة قم في الوسط.ثم قال لهم هل يحل في السبت فعل الخير او فعل الشر تخليص نفس او قتل فسكتوا.فنظر حوله اليهم بغضب حزينا على غلاظة قلوبهم وقال للرجل مد يدك فمدها فعادت يده صحيحة كالاخرى. واما الكتبة الذين نزلوا من اورشليم فقالوا ان معه بعلزبول وانه برئيس الشياطين يخرج الشياطين.فدعاهم وقال لهم بامثال كيف يقدر شيطان ان يخرج شيطانا. وان انقسمت مملكة على ذاتها لا تقدر تلك المملكة ان تثبت. وان انقسم بيت على ذاته لا يقدر ذلك البيت ان يثبت. وان قام الشيطان على ذاته وانقسم لا يقدر ان يثبت بل يكون له انقضاء.لا يستطيع احد ان يدخل بيت قوي وينهب امتعته ان لم يربط القوي اولا وحينئذ ينهب بيته} مر1:3-5،22-27. + السيد المسيح يحذرنا من الغضب .. ان السيد المسيح يدعونا الى ان نتعلم منه التواضع والوداعة ويحذرنا من الغضب لخطورته { قد سمعتم انه قيل للقدماء لا تقتل ومن قتل يكون مستوجب الحكم.واما انا فاقول لكم ان كل من يغضب على اخيه باطلا يكون مستوجب الحكم ومن قال لاخيه رقا يكون مستوجب المجمع و من قال يا احمق يكون مستوجب نار جهنم} مت 21:5-22. ان الغضب يفقدنا حلمنا ووداعتنا ويقودنا الى فقد أعصابنا وقد يتطور ويقود الى الكراهية والحقد والجريمة { الرجل الغضوب يهيج الخصام و الرجل السخوط كثير المعاصي} (ام 29 : 22). ومع الغضب تكثر الاخطاء والخطايا لهذا قال القديس يعقوب الرسول { لان غضب الانسان لا يصنع بر الله} (يع 1 : 20). وينبهنا الكتاب قائلا{ لا تسرع بروحك الى الغضب لان الغضب يستقر في حضن الجهال} (جا 7 : 9). من اجل هذا قال القديس اسحق السريانى : ( ان الذى يصوٌم فمه عن الغذاء ولا يصٌوم قلبه عن الغضب والحقد ولسانه عن الأباطيل فصومه باطل فصلاة الحقود كبذار وقعت على الصخر، فالحقود يستثمر فى صلاته ما يستثمره الزارع فى البحر من الحصاد). + الوداعة والحزم والشجاعة .. لم تكن وداعة السيد المسيح ضعفا او افتقاراً للشجاعة بل شجاعة وقف أمام رؤساء الكهنة ومجمع السندريهم وامام هيرودس وبيلاطس معترفاً الاعتراف الحسن {في ذلك اليوم تقدم بعض الفريسيين قائلين له اخرج واذهب من ههنا لان هيرودس يريد ان يقتلك. فقال لهم امضوا وقولوا لهذا الثعلب ها انا اخرج شياطين واشفي اليوم وغدا وفي اليوم الثالث اكمل. بل ينبغي ان اسير اليوم وغدا وما يليه لانه لا يمكن ان يهلك نبي خارجا عن اورشليم. يا اورشليم يا اورشليم يا قاتلة الانبياء وراجمة المرسلين اليها كم مرة اردت ان اجمع اولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا.هوذا بيتكم يترك لكم خرابا والحق اقول لكم انكم لا ترونني حتى ياتي وقت تقولون فيه مبارك الاتي باسم الرب} لو 31:13-35. ورايناه قبل الصلب فى شجاعة وغيرة روحيه يطهر الهيكل من الباعة والصيارفة الذين حولوا بيت الصلاة الى مغارة لصوص {وجاءوا الى اورشليم ولما دخل يسوع الهيكل ابتدا يخرج الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل وقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام.ولم يدع احدا يجتاز الهيكل بمتاع.وكان يعلم قائلا لهم اليس مكتوبا بيتي بيت صلاة يدعى لجميع الامم وانتم جعلتموه مغارة لصوص.وسمع الكتبة ورؤساء الكهنة فطلبوا كيف يهلكونه لانهم خافوه اذ بهت الجمع كله من تعليمه} مر15:11-18. وعلى الصليب كان كحمل يرفع خطايا البشرية لم يكن ضعيفا بل راينا وديعا يطلب من الآب السماوى المغفرة لصالبيه {فقال يسوع يا ابتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون } (لو 23 : 34). + الرسل القديسين وحياتهم وتعليمهم بوداعة.. سار الاباء الرسل على نهج معلمهم الصالح بوداعة ودعوا اليها فها هوذا القديس بطرس يوصينا بالوداعة واللطف والكلام الحسن حتى مع مبغضينا {والنهاية كونوا جميعا متحدي الراي بحس واحد ذوي محبة اخوية مشفقين لطفاء.غير مجازين عن شر بشر او عن شتيمة بشتيمة بل بالعكس مباركين عالمين انكم لهذا دعيتم لكي ترثوا بركة. لان من اراد ان يحب الحياة ويرى اياما صالحة فليكفف لسانه عن الشر وشفتيه ان تتكلما بالمكر. ليعرض عن الشر ويصنع الخير ليطلب السلام ويجد في اثره.لان عيني الرب على الابرار واذنيه الى طلبتهم ولكن وجه الرب ضد فاعلي الشر.فمن يؤذيكم ان كنتم متمثلين بالخير. ولكن وان تالمتم من اجل البر فطوباكم واما خوفهم فلا تخافوه و لا تضطربوا.بل قدسوا الرب الاله في قلوبكم مستعدين دائما لمجاوبة كل من يسالكم عن سبب الرجاء الذي فيكم بوداعة وخوف.ولكم ضمير صالح لكي يكون الذين يشتمون سيرتكم الصالحة في المسيح يخزون في ما يفترون عليكم كفاعلي شر.لان تالمكم ان شاءت مشيئة الله وانتم صانعون خيرا افضل منه وانتم صانعون شرا} 1بط 8:3-17. وعلى ذات الدرب عمل وعلم القديس بولس الرسول { فاطلب اليكم انا الاسير في الرب ان تسلكوا كما يحق للدعوة التي دعيتم بها.بكل تواضع ووداعة وبطول اناة محتملين بعضكم بعضا في المحبة. مجتهدين ان تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام.جسد واحد وروح واحد كما دعيتم ايضا في رجاء دعوتكم الواحد.رب واحد ايمان واحد معمودية واحدة} اف 1:4-5. فكمختاري الله القديسين يكون لنا أحشاء رافات ووداعة. هكذا علينا ان نسير فى طريق الفضيلة والتقوى لنمسك بالحياة الابدية التى اليها دعينا {هذا واتبع البر والتقوى والايمان والمحبة والصبر والوداعة. جاهد جهاد الايمان الحسن وامسك بالحياة الابدية التي اليها دعيت ايضا واعترفت الاعتراف الحسن امام شهود كثيرين} 1تيم 11:6-12. كيف نقتنى الوداعة ... + السيد المسيح قدوتنا.. نحتاج ان نجعل السيد المسيح قدوة لنا فى وداعته وتواضعه واحتماله وصبره { لانكم لهذا دعيتم فان المسيح ايضا تالم لاجلنا تاركا لنا مثالا لكي تتبعوا خطواته. الذي لم يفعل خطية ولا وجد في فمه مكر.الذي اذ شتم لم يكن يشتم عوضا و اذ تالم لم يكن يهدد بل كان يسلم لمن يقضي بعدل.الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبر الذي بجلدته شفيتم.لانكم كنتم كخراف ضالة لكنكم رجعتم الان الى راعي نفوسكم واسقفها} 1بط 21:2-25 . اننا يجب ان نفكر فى مختلف مواقف الحياة بماذا كان يرد او كيف كان يتصرف السيد المسيح لو كان مكاننا؟ { مع المسيح صلبت فاحيا لا انا بل المسيح يحيا في فما احياه الان في الجسد فانما احياه في الايمان ايمان ابن الله الذي احبني واسلم نفسه لاجلي} (غل 2 : 20). بهذا نغلب العالم ونقتنى الوداعة والحكمة { لانه من عرف فكر الرب فيعلمه و اما نحن فلنا فكر المسيح }(1كو 2 : 16). + اللطف والبعد عن القسوة ... اننا نحتاج الى الوداعة والرقة والبشاشة والشفقة والترفق بالآخرين والبعد عن الخشونة والقسوة والتعامل الإنسانى الذى يتسم باحترام الأخر وقبوله والتعاون مع الغير فى حل المشكلات {كونوا لطفاء بعضكم نحو بعض شفوقين متسامحين} (أف 2:4) . فهذه هى وصية الكتاب المقدس لنا { فالبسوا كمختاري الله القديسين المحبوبين احشاء رافات ولطفا وتواضعا ووداعة وطول اناة} (كو 3 : 12). علينا ان نسعى لاكتشاف النقاط المشتركة والبيضاء فى كلام وتصرفات وسلوك الاخرين ونبنى علينا ونعمل على كسب قلوبهم ونشجعهم على السلوك الحسن فنحن حين نريد ان نجنى العسل لا يجب علينا ابداً ان نحطم خلية النحل بل يجب علينا ان نغذى النحل ونزرع له الورود حتى وان تعرضنا للسعاته فى بعض الاحيان . فاننا لا ننكر ان الوديع قد يعانى من الظواهر السلبية حوله ولكن يحتمل الآخرين كمرضى فى حاجة الى علاج وليس كعدوى نبتعد عنها بسلبية وبغضة تذيد من تفاقم المرض. + التواضع ولوم النفس.. الانسان المتواضع لا يغضب من أحد ولا يغضب أحد ، تراه يلقى بالملامة على نفسه . وان أخطأ اليه أحد يسامحه ويقول فى داخل نفسه انى استحق ذلك بسبب خطاياى فيجد نعمة فى عين الله والناس { كذلك ايها الاحداث اخضعوا للشيوخ وكونوا جميعا خاضعين بعضكم لبعض وتسربلوا بالتواضع لان الله يقاوم المستكبرين واما المتواضعون فيعطيهم نعمة. فتواضعوا تحت يد الله القوية لكي يرفعكم في حينه.ملقين كل همكم عليه لانه هو يعتني بكم. اصحوا واسهروا لان ابليس خصمكم كاسد زائر يجول ملتمسا من يبتلعه هو. فقاوموه راسخين في الايمان عالمين ان نفس هذه الالام تجرى على اخوتكم الذين في العالم.واله كل نعمة الذي دعانا الى مجده الابدي في المسيح يسوع بعدما تالمتم يسيرا هو يكملكم ويثبتكم ويقويكم ويمكنكم} 1بط 5:5-10. اننا سنقف أمام الديان العادل لنعطى حسابا عن أفكارنا وأقوالنا وأعمالنا من اجل هذا نحرص ان لا نذيد أثقالنا بالكبرياء والغضب بل بالمحبة نستر كثرة من الخطايا ونستثمر ربح جزيل فى مسامحة المخطئين الينا{ فانه ان غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم ايضا ابوكم السماوي }(مت 6 : 14). + الجواب اللين فى حكمة .. يجب ان نحرص على هدوء أعصابنا وافكارنا واذا ما واجهنا انسان غاضب علينا او على من حولنا نعمل على تهدئته بالكلام اللين { الجواب اللين يصرف الغضب والكلام الموجع يهيج السخط (ام 15 : 1) . وان لم نستطيع فلنبتعد عن مصادقة الغضوبين او نبعد عنهم وقت غضبهم ان أمكن {لا تستصحب غضوبا ومع رجل ساخط لا تجئ }(ام 22 : 24). قد نحتاج الى الحكمة فى الرد فمع البعض يكون الصمت علاج ومع الاخرين يكون شرح الأمور وتفسيرها العلاج الناجع ومع البعض يكون أخذ الامور بهدوء والرد بفكاهة او ابتسامة او اعتذار هو الذى يلطف الجو ويهدئ المشاعر . + تذكر نتائج عدم الوداعة والغضب... يجب علينا ان نتذكر فى ساعات الغضب ، النتائج السيئة التي تترتب عليه ونضبط ذواتنا. نحن فى غضبنا نقول كلاما صعباً نندم عليه وليس من السهل علاجه واصلاحه وقد يتطور الغضب الى ما هو اسوء من خصام وأيذاء واعتداء على الغير وعلينا وتحطيم وأفساد للعلاقات . كما ان الغضب هزيمة للانسان الروحى وأنتصار لشيطان الغضب ويجلب الامراض ويفقدنا أبديتنا . لكن ليس معنى هذا ان نهرب من التعامل فى انطواء بل نهدء ونعمل على نقاوة قلوبنا وفى اوقات الهدوء نعاتب الاخرين فى محبة ووداعة وأعتذار على الاخطاء سواء منا او من الغير فنحن نهدف الى نمو المحبة وحسن المعشر وتقوية الروابط الاخوية فى حكمة ونمو فى حياة الفضيلة والبر. الوداعة من أقوال مار افرام السرياني مغبوط بالحقيقة مغبوط الإنسان الحاوي الوداعة لأن الرب المخلص القدوس يضمن له الارض والسماء قائلاً : مغبوطون الودعاء فإنهم يرثون ملكوت السموات، ويرثون الأرض. فماذا يكون أعظم من هذا التطويب ؟ ماذا يكون أعلى من هذا الوعد ؟ ماذا يكون أبْهى من هذا السرور ؟ أن يرث إنسان أرض الفردوس. فلذلك يا أخوتي إذ قد سمعتم فضل سمو هذا الوعد وجسامة وقدر ثروته فبادرا أن تقتنوا الوداعة ، وسارعوا إلى بَهاء الفضيلة إذ قد سمعتم شرفها فتخشعوا واحرصوا بكافة قوتكم أن ترثوا هذه الأرض لئلا نبكي بكاءً مراً متندمين حيث لا ينفع الندم ، إذ قد سمعتم تطويب الوداعة فبادروا إليها، أسمعتم ما قال عنها إشعياء النبي الصادق بالروح القدس: إلى من أنظر قال الرب إلا إلى الوديع الهادئ المرتعد من أقوالي. أترى لا يجب أن نتعجب من هذا الوعد، لأنه ماذا يكون أشرف من هذه الكرامة ؟ فاحذروا يا أخوتي أن يسقط أحدكم من هذا التطويب ومن الفرح والابتهاج الذي لا يحصى، أتضرع إليكم أن تبادروا متسارعين لتقتنوا الوداعة . فإن الوديع تزين بكل عمل صالح. الوديع إن سُبَ فرح، إن حزن شكر، يُسَكن غيظ الساخطين بالمحبة، يلبث متأدباً هادئاً في الخصومة، يبتهج في الأسهار، يفرح بالتواضع، لا يستعلي ذهنه بتقويماته، لا يتحير، يستعمل السكوت لدى الكل، يتعبد في كل طاعة، مستعد لكل عمل نجيب، في كل شئ ممدوح من الجماعة، خالٍ من الرياء. القمص أفرايم الأورشليمى
المزيد
02 نوفمبر 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (14) حياة الطهارة

مفهوم الطهارة وأهميتها .. الطهارة تعني قداسة الفكر والمشاعر والسلوك.. بالبعد عن الخطية والشهوة والانحرافات الاخلاقية فيحيا الانسان نقياً وعفيفاً فى أفكاره وفى أقوال فمه ونظرات عينيه وأحاديثه وكل طرقه وحياته الداخلية والخارجية معاً . الطهارة ليست طهارةَ اليدين والرجلين والجسد، فتلك نظافة في نظر المسيحية ولا ترقى ابداً لمستوى الطهارة ، وعكس الطهارة هو النجاسة ، نجاسة القلب والفكر الذي تصدر عنه الافكار والاتجاهات والمشاعر والسلوك والقرارات الخاطئة . اننا نؤمن ان الرب قدس الطبيعة الإنسانية عندما اتحد بها وصار ملتزما بها وراعيا لها ومدبرا لخلاصها وعندما صعد الى السماء وجلس عن يمين الاب احتفظ بجسده الذي أخذه من القديسة مريم وهكذا دخلت الطبيعة الإنسانية الي أعماق السماء كما أصبح الله في أعماق الإنسان لقد أصبح الإنسان بالعماد ابناً لله وبالميرون المقدس اصبح مكرسا للرب وصار هيكلا للروح القدس ومسكنا للرب وعضوا فى الكنيسة التي هي جسده السري. وفى هذا يقول الإنجيل {ألستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله وإنكم لستم لأنفسكم لأنكم قد اشتريتم بثمن فمجدوا الله في أجسادكم وفى أرواحكم التي هي من الله } (1كو 6: 19-20).كما ينبه علينا باهمية العفاف {ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء للمسيح، أفآخُذ أعضاء اعضاء واجعلها أعضاء زانية؟ حاشا} (1كو6:15) لقد خلق الله الانسان طاهراً على صورته ومثاله.. ووهبه كل الامكانيات اللازمة للطهارة والنقاوة الداخلية . ان الانسان يقع فى النجاسة والخطية لا لانها أقوى منه ولكن من أجل تراخيه وكسله عن الجهاد او سعيه وراء الشهوات المحرمة . العفاف والطهارة هم سر قوة الانسان ونجاحه فى الحياة . ان يوسف العفيف أنتصر فى كل مجالات الحياة رغم الضيقات والتجارب الخارجية لانه كان أمينا طاهراً عفيف القلب واللسان والفكر والسلوك فى بيت أبيه ، وعندما ذهب ليسأل عن سلامة أخوته الحاسدين له، وفي بيت فوطيفار عندما راودته امرأة سيده ثم فى السجن . لقد خلصه الله من جميع ضيقاته ورفعه من اجل طهارته . ولهذا وهبه حكمة من روحه القدوس وبحسن تدبيره انقذ مصر واهلها واهله من المجاعة الى حاقت بهم ، بعكس ذلك شمشون الجبار الذى ارتمى فى أحضان دليله وأستسلم لشهواته فخانته وسلمته لاعدائه فقعلوا عينيه وجعلوه يعمل كثور يدور على الطاحون . + الطهارة تظهر فى تعاملك مع الجنس الاخر.. فإنك تتعامل معهم كأخوة أحباء باحترام ونقاء دون إزالة للكلفة أو خدش للحياء وإنما بود وإعزاز كأعضاء معك في جسد المسيح أو في أسرة الإنسانية. ولكن إذا شعرت أن شخصاً منهم قد سرق اهتمامك وتفكيرك وخيالاتك حينئذ بنضج ووعي يكون لديك إمكانية لضبط لعواطفك واتخاذ ما تراه مناسبا بالحرص والجهاد او الابتعاد ، فنحن نحتفظ بعواطف الحب الزيجى لشريك حياتنا فى سر الزواج المقدس والذى تكون فيه العلاقات الزوجية مقدسة وتعبيراً راقيا عن المحبة دون ابتزال او شهوة امتلاك انانى للآخر. والطهارة هي النظرة المقدسة للجسد سواء جسدك أو جسد الآخر. فالطاهر هو الذي ينظر إلي كل أعضائه بالتكريم كمكان يسكن فيه روح الله. إن الانسان الطاهر لا يشتهي ولا يتطلع للجمال الجسدي للآخر لأنه يعرف أن الجمال باطل والحسن غش كما يقول الحكيم والجمال الحقيقي يحترم فيه الانسان ككل كهيكل لله . اننا فى تقديرنا للآخرين لا نشتهيهم ونقدرهم ولا نريد أن نمتلكهم ونستهلكهم بل إن نقييم الآخرين كشخصيات لا كمجرد أجساد. فالجسد هو الغلاف الخارجي ولكن الذي نحترمه بالأكثر هو ما يحويه هذا الغلاف من طباع ومفاهيم وقامة روحية وفكر وإرادة وشخصية. اننا كابناء وبنات الله لا نشترك مع أهل العالم فى كلامهم او افكارهم او أفعالهم الخاطئة بل بالاحرى نوبخها بقداسة سريرتنا وسيرتنا كما كان لوط يعذب نفسه البارة بافعالهم الاثمة { اذ كان البار بالنظر والسمع وهو ساكن بينهم يعذب يوما فيوما نفسه البارة بالافعال الاثيمة (2بط 2 : 8) فالمؤمن الحقيقى يأخذ الامور بجدية وروحانية . انها ليست مزاح او تسلية او قضاء وقت بل هي قضية حياة أو موت، أبدية أو هلاك، إيمان أو انحلال، قداسة أو استهزاء؛ تمايز وشهادة أو انجراف في التيار. إاننا نقدس الحياة والجسد والجنس سواء ما يختص بالحياة الزوجية أو النظرة السليمة لأعضاء الجسد. فالشاب المسيحي الذي أدرك قيمة كرامة جسده يحرص على أن يلبس الرب يسوع ولا يشاكل هذا الدهر ولا يسلك في طريق الأشرار وفى مجلس المستهزئين لا يجلس لأن ذهنه قد استنار وحياته قد تجددت وأصبح حريصا على أن يرضى الرب في طرقه ويحفظ الوصية عن حب لذاك الذى صلب وقام لاجله ...فنحن لا نشابه أهل العالم في أهدافهم وطرقهم وألفاظهم وسلوكهم. { ولا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد اذهانكم لتختبروا ما هي ارادة الله الصالحة المرضية الكاملة} (رو 12 : 2) + اقتناء الطهارة يأتى من عمل نعمة وعطية الروح القدس في المؤمن ولكنها تحتاج إلي جهاد وسهر ويقظة قلب. نحن لا نستطيع بمفردنا أن نجعل أنفسنا أطهاراً ولكننا نستطيع أن نصلى ونجاهد ونطلب من الله ان يهبنا طهارة الفكر والعواطف والسلوك ويقوينا لكي نحتفظ بطهارتنا فى المسيح يسوع ربنا وعمل نعمته وفعل روحه القدوس. من أجل هذا نصلى كل يوم للروح القدس طهرنا من دنس الجسد والروح وانقلنا إلي سيرة روحانية لكي نسعى بالروح ولا نكمل شهوة الجسد ونطلب من الله ان يجدد فى أحشائنا نعمة روحه القدوس ، روحاً مستقيماً ومحيياً روح النبوة والعفة، روح القداسة والعدالة والسلطة لانها قادر علي كل شئ وهو ضياء نفوسنا . + الطهارة وتحقيق الذات .. الذي يحيا طاهراً لا يحقق ما تتطلبه الوصية فقط وإنما يحقق ذاته وينجح أولاً. ويصبح الإنسان كما يريده الرب. يحرص على أن تظهر االطهارة والقداسة في حياته ويرفض أن يطمسها بالحياة الشهوانية والتصرفات الجسدانية. ويقول رجال علم النفس أن الشاب الطاهر تحيا غرائزه وتنمو في انسجام واتفاق وتكامل بعكس الشاب الشهواني إذ يسيطر عليه الانهماك في الملذات الجنسية، الأمر الذي يجعل بقية الدوافع في خلل وارتباك. فالطهارة مطلب نفسي وروحى. لهذا نرى الشاب الطاهر حقيقة الذي لا يعاني كبتاً أو قهراً يحيا في سلام ونضارة وفرح وسعادة تخلو نفسيته من العقد النفسية والهموم والأحزان وتأنيب الضمير وأوجاع النفس المختلفة. النجاسة تقدم لذة وقته للخاطئ ولكن هل هذه اللذة تؤدي إلي الشبع الكامل والشعور بالاستقرار النفسي الحقيقي؟. يجب ان نتأكد أن الله لا يريد سوى سعادتنا وهو لم يخلق الجنس ليعذبنا به وإنما لنستخدمه في مجراه الإنساني السوي فنتمتع بكل طاقتنا فلا نحاول أن نستخدم أجهزتنا بطريقة غير تلك المخلوقة من أجلها، حقاً إن حياة الطهارة تؤدي إلي السعادة النفسية فهي مطلب نفسي وإنساني كما هي وصية إلهية وفضيلة روحية، والطهارة تحمي الإنسان من الأمراض الجنسية وتحفظ نضارة الشباب ، ولذلك تجد وجه الشاب الطاهر يختلف تماماً عن وجه الساقط في بالوعة الشهوات الجنسية. ورغم تقدم الطب في معالجة الأمراض لكن مازالت للنجاسة ضحايا كثيرة مثل أمراض الايدز والكبد الوبائى والزهري والسيلان علاوة على الامراض النفسية ومن قلق وكابة وانفصام الشخصية واليأس وغيرها . السيد المسيح والحياة الطاهرة المقدسة ... + ان الرب الهنا يتميز بالقداسة ويدعونا اليها { اني انا الرب الهكم فتتقدسون وتكونون قديسين لاني انا قدوس ولا تنجسوا انفسكم } (لا 11 : 44) بالتجسد الإلهى صار الكلمة جسداً وحل بيننا وشابهنا فى كل شئ ما عدا الخطية وحدها ، لم يفعل خطية ولا وجد فى فمه غش ومرة بكت السيد المسيح اليهود قائلاً {من منكم يبكتني على خطية فان كنت اقول الحق فلماذا لستم تؤمنون بي }(يو 8 : 46) من اجل هذا دعانا القديس بطرس ان نتبع خطواته { بل نظير القدوس الذي دعاكم كونوا انتم ايضا قديسين في كل سيرة }(1بط 1 : 15). فان ارادة الله قداستنا وامتناعنا عن الشر { لان هذه هي ارادة الله قداستكم ان تمتنعوا عن الزنا} (1تس 4 : 3). لاننا مدعوين كابناء الله الى حياة الطهارة والقداسة وملكوت السموات {فاذ لنا هذه المواعيد ايها الاحباء لنطهر ذواتنا من كل دنس الجسد و الروح مكملين القداسة في خوف الله} (2كو 7 : 1). فاننا بدون القداسة والطهارة لن نعاين الملكوت او الله { اتبعوا السلام مع الجميع والقداسة التي بدونها لن يرى احد الرب} (عب 12 : 14). من اجل هذا دعانا لحياة التوبة المستمرة وان نصنع ثمارا تليق بحياة الطهارة والقداسة { فاصنعوا اثمارا تليق بالتوبة و لا تبتدئوا تقولون في انفسكم لنا ابراهيم ابا لاني اقول لكم ان الله قادر ان يقيم من هذه الحجارة اولادا لابراهيم} (لو 3 : 8). + اهتم السيد المسيح بطهارة الحواس لانها ابواب الفكر { ليس احد يوقد سراجا ويضعه في خفية ولا تحت المكيال بل على المنارة لكي ينظر الداخلون النور.سراج الجسد هو العين فمتى كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيرا ومتى كانت عينك شريرة فجسدك يكون مظلما.انظر اذا لئلا يكون النور الذي فيك ظلمة.فان كان جسدك كله نيرا ليس فيه جزء مظلم يكون نيرا كله كما حينما يضيء لك السراج بلمعانه } لو 33:11-36. كما علمنا ان نحترس من النظرات الخاطئة او اللمسات الخاطئة التى تنحرف بعاطفة الانسان وتجعله يزنى فى قلبه { قد سمعتم انه قيل للقدماء لا تزن. واما انا فاقول لكم ان كل من ينظر الى امراة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه. فان كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها والقها عنك لانه خير لك ان يهلك احد اعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم. وان كانت يدك اليمنى تعثرك فاقطعها والقها عنك لانه خير لك ان يهلك احد اعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم} مت 27:5-30. + طهارة القلب واللسان والسلوك . دعانا السيد المسيح الى الحرص نقاوة القلب وطهارته لانه من فضلة القلب يتكلم الفم { كيف تقدرون ان تتكلموا بالصالحات وانتم اشرار فانه من فضلة القلب يتكلم الفم. الانسان الصالح من الكنز الصالح في القلب يخرج الصالحات والانسان الشرير من الكنز الشرير يخرج الشرور.ولكن اقول لكم ان كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حساب يوم الدين. لانك بكلامك تتبرر وبكلامك تدان} مت34:12-37. وبين لنا اهمية الطهارة والنقاوة الداخلية التى تقود الى حياة مقدسة فى الرب { ثم دعا الجمع وقال لهم اسمعوا وافهموا. ليس ما يدخل الفم ينجس الانسان بل ما يخرج من الفم هذا ينجس الانسان.حينئذ تقدم تلاميذه وقالوا له اتعلم ان الفريسيين لما سمعوا القول نفروا. فاجاب وقال كل غرس لم يغرسه ابي السماوي يقلع. اتركوهم هم عميان قادة عميان وان كان اعمى يقود اعمى يسقطان كلاهما في حفرة. فاجاب بطرس وقال له فسر لنا هذا المثل. فقال يسوع هل انتم ايضا حتى الان غير فاهمين. الا تفهمون بعد ان كل ما يدخل الفم يمضي الى الجوف ويندفع الى المخرج. واما ما يخرج من الفم فمن القلب يصدر وذاك ينجس الانسان.لان من القلب تخرج افكار شريرة قتل زنى فسق سرقة شهادة زور تجديف. هذه هي التي تنجس الانسان واما الاكل بايد غير مغسولة فلا ينجس الانسان} مت 10:15-20. هكذا وبخ السيد المسيح الفريسيين الذى اهتموا فقط بالنظافة الخارجية دون القلب ومحبة الله والحق والرحمة والإيمان {و فيما هو يتكلم ساله فريسي ان يتغدى عنده فدخل و اتكا. واما الفريسي فلما راى ذلك تعجب انه لم يغتسل اولا قبل الغداء. فقال له الرب انتم الان ايها الفريسيون تنقون خارج الكاس والقصعة واما باطنكم فمملوء اختطافا وخبثا. يا اغبياء اليس الذي صنع الخارج صنع الداخل ايضا . بل اعطوا ما عندكم صدقة فهوذا كل شيء يكون نقيا لكم.ولكن ويل لكم ايها الفريسيون لانكم تعشرون النعنع والسذاب وكل بقل وتتجاوزون عن الحق ومحبة الله كان ينبغي ان تعملوا هذه ولا تتركوا تلك. ويل لكم ايها الفريسيون لانكم تحبون المجلس الاول في المجامع والتحيات في الاسواق. ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لانكم مثل القبور المختفية والذين يمشون عليها لا يعلمون} لو 37:11-44. + هكذا كرز التلاميذ بحياة الطهارة والتعفف.. فما عاشوه وتعلموه من معلهم الصالح ساروا به وعلموه . لان غاية الوصايا هى المحبة من قلب طاهر{ واما غاية الوصية فهي المحبة من قلب طاهر وضمير صالح وايمان بلا رياء (1تي 1 : 5). هكذا يوصى القديس بولس الرسول { اخيرا ايها الاخوة كل ما هو حق كل ما هو جليل كل ما هو عادل كل ما هو طاهر كل ما هو مسر كل ما صيته حسن ان كانت فضيلة وان كان مدح ففي هذه افتكروا. وما تعلمتموه وتسلمتموه وسمعتموه ورايتموه في فهذا افعلوا واله السلام يكون معكم} فى 8:4-9. اننا رغم أغراءات العالم نسلك فى حياة الطهارة فى البتولية او فى الزواج المقدس كما يحق لإنجيل المسيح { فمن ثم ايها الاخوة نسالكم ونطلب اليكم في الرب يسوع انكم كما تسلمتم منا كيف يجب ان تسلكوا وترضوا الله تزدادون اكثر. لانكم تعلمون اية وصايا اعطيناكم بالرب يسوع. لان هذه هي ارادة الله قداستكم ان تمتنعوا عن الزنا. ان يعرف كل واحد منكم ان يقتني اناءه بقداسة وكرامة. لا في هوى شهوة كالامم الذين لا يعرفون الله. ان لا يتطاول احد ويطمع على اخيه في هذا الامر لان الرب منتقم لهذه كلها كما قلنا لكم قبلا وشهدنا.لان الله لم يدعنا للنجاسة بل في القداسة. اذا من يرذل لا يرذل انسانا بل الله الذي اعطانا ايضا روحه القدوس. واما المحبة الاخوية فلا حاجة لكم ان اكتب اليكم عنها لانكم انفسكم متعلمون من الله ان يحب بعضكم بعضا} 1تس 1:4-9 + الأهتمام بطهارة الحواس واللسان والفكر والقلب والجسد .. ان ابتعادنا عن العثرات والاعثار بالحواس يجعلنا فى بعد عن الافكار الخاطئة ، بهذا يوصينا السيد المسيح ان نبتعد عن من يعثرنا ولو كان انسان مهم لنا كاليد اليمنى او العين { ويل للعالم من العثرات فلا بد ان تاتي العثرات ولكن ويل لذلك الانسان الذي به تاتي العثرة .فان اعثرتك يدك او رجلك فاقطعها والقها عنك خير لك ان تدخل الحياة اعرج او اقطع من ان تلقى في النار الابدية ولك يدان او رجلان. وان اعثرتك عينك فاقلعها والقها عنك خير لك ان تدخل الحياة اعور من ان تلقى في جهنم النار ولك عينان} مت 7:18-9. لهذا ايضا نوصى بناتنا وابنائنا ان لا يكونوا عثرة فى ملابسهم او تصرفاتهم كما اوصانا القديس بطرس الرسول { ولا تكن زينتكن الزينة الخارجية من ضفر الشعر والتحلي بالذهب ولبس الثياب. بل انسان القلب الخفي في العديمة الفساد زينة الروح الوديع الهادئ الذي هو قدام الله كثير الثمن}1بط 3:3-4. اننا نحافظ على عفة الاذان بتعودها على سماع التراتيل والعظات والعيون بتطلعاتها للسماء والقديسين والايدى بان لا تمتد الى ما لغيرها ولا نفرح بربج قبيح او رشوة او عيش مسرف بل تسرع فى خدمة المحتاجين والعطاء ونبتعد بلساننا عن الادانة والتهكم والكذب والكلام الغير بناء اما القلب اى الانسان الداخلى فيمتلئ بمحبة الله والمشاعر المقدسة والعواطف الروحية { فوق كل تحفظ احفظ قلبك لان منه مخارج الحياة} (ام 4 : 23). اننا نحرص على نقاوة قلوبنا بالتوبة والانشغال بمحبة الله والأمتلاء من ثمار ومواهب الروح القدس فلا يجد ابليس سواء بالافكار او العواطف غير المقدسة مكاناً له فى قلوبنا ونرى الله ونعاين مجده { طوبى للانقياء القلب لانهم يعاينون الله }(مت 5 : 8). كيف نقتني حياة الطهارة .. + تجنب السلبيات والعثرات .. يجب علينا ان نحرص على البعد عن كل مسببات الخطية والشهوة سواء التى تاتى من داخل الانسان او من الخارج .. فيجب علينا تجنب العثرات التى تأتى من الجسد كالطعام الدسم او الذائد الذى يولد حرارة الجسد لاسيما قبل النوم ، ونمارس الصوم باعتدال ومعه تواضع القلب والصلاة لله ليهبنا حياة الطهارة والعفة ونتجنب الكسل والفراغ ونهتم بنقاوة قلوبنا ونبعد عن الكبرياء كسبب لابتعاد نعمة الله المقوية عنا { قبل الكسر الكبرياء وقبل السقوط تشامخ الروح} (ام 16 : 18).كما ان البعد عن الاسباب الخارجية من قراءات او مشاهدات خاطئة او علاقات معثرة تغلق الباب على حروب الشهوة من اجل هذا يوصينا الانجيل بالبعد بل بالهروب من العثرات { اما الشهوات الشبابية فاهرب منها واتبع البر والايمان والمحبة والسلام مع الذين يدعون الرب من قلب نقي (2تي 2 : 22). + التوبة الصادقة.. بدون التوبة الصادقة تظل الحياة في صراع، والقلب في انقسام، والسقوط والقيام متكرر، ويزرع فينا الشيطان روح اليأس والانهزام. أما العزم الصادق على الحياة مع المسيح والجهاد الدءوب للحفاظ على النعمة المعطاة بالروح، فهذه هي وحدها التي تحمينا من خطورة الانزلاق وهاوية السقوط. ليس معنى هذا أن الحرب ستنتهي للابد ، وليس معنى هذا أن لا نتعرض للتجارب ، ولكن الذي نعنيه هو أن القلب سيكره الخطيئة مهما عرضت، وسيرفضها مهما ثقلت وسينهض من الكبوة إذا النفس عثرت يشبه الآباء القديسون الفارق بين التائب وغير التائب بالحمل والخنزير، الحمل قد يعثر ولكن سرعان ما ينفض التراب ويقوم من كبوته ولا يطيق الوحل على فروته. تنعشه النظافة وتزيده صحة ووزناً، أما الخنزير فحتى لو عطرته بالعطور الغالية فإنه يجري وراء المزبلة ليأكل منها ويتقلب في مراغة الحمأة.نحتاج إلى توبة واعتراف والصلاة بالروح لننال الطهارة ونكون آنية مقدسة وهياكل طاهرة وأعضاء حية في الجسد المقدس لتنفيذ مقصد الآب . كما ان حضور القداسات والتقرب من الاسرار المقدسة يجعل المسيح يحل بالايمان فى قلوبنا ويقدسنا جسدا ونفسا وروحا . فنثبت فى المسيح كما تثبت الاغصان فى الكرمة ونأتى بثمر ويدوم ثمرنا . + الصلاة بالروح والحق.. الله روح ويريدنا ان نصلى اليه بالروح والحق وتكون صلواتنا عشرة محبة مع الله وسيرنا معه احساس صادق بوجوده الدائم معنا ، يسمع ويستجيب لنا كعريس للنفس البشرية من اجل هذا قال القديس بولس الرسول { فاني اغار عليكم غيرة الله لاني خطبتكم لرجل واحد لاقدم عذراء عفيفة للمسيح} (2كو 11 : 2). نحيا حياة الصلاة والتسبيح. إننا بالصلاة تسمو غرائزنا وتتسامى طاقتنا العاطفية إلى المحبة الكاملة الصادقة مع الله ، نشكره على احساناته ونبثه همومنا وضعفنا ونطلب منه فى صلة دائمة ان يقودنا فى موكب نصرته . + القراءة فى الإنجيل والكتب الروحية .. ان كلمة الله قوية وفعاله { لان كلمة الله حية و فعالة و امضى من كل سيف ذي حدين و خارقة الى مفرق النفس و الروح و المفاصل و المخاخ و مميزة افكار القلب ونياته} (عب 4 : 12). وهى تنقى الانسان الذى يقرائها { انتم الان انقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به} (يو 15 : 3) فيجب علينا ان نعطى لها الاهمية بالدارسة والعمل بها كما ان كتابات الاباء الغنية بالروحانية تجذبنا الى حياة النقاوة وتهبنا مادة مقدسة للصلاة وتحفظ الفكر مقدساً فى الرب . كما ان قراءة سير القديسين والتعلم من حياتهم ومصادقتهم كامثلة حية للحياة الطاهرة تقودنا الى حياة مقدسة . + الصوم المقدس .. الصوم المقبول وباعتدال وارشاد يغلب الشيطان ولاسيما نهم البطن ويقوى الروح ويضبط أهواء الجسد.. الصوم رياضة روحية عظيمة يعطى فرصة للروح أن تنطلق في العبادة بلا عائق الصوم الإنقطاعي مع الصلاة والحياة الروحية الحقة يجعل الجسد شفافا رقيقا ويخفف ارتباط الإنسان بالأرض ويوجه اهتماماته إلى السمائيات {ليس بالخبز وحدة يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله} الصوم تدريب على طاعة الله واختبار إماتة شهوات الذات، فيه خشوع وانسحاق وفيه زهد عن العالم وتوبة عن الخطايا. وكلما ارتبط الصوم بالصلاة والسجدات والتذلل أمام الله يصبح فعالا ويحرق افكار النجاسة الخاطئة. +أستغلال الطاقاتك بايجابية روحية .. لدى كل إنسان منا طاقات ومنها الطاقة العاطفية والفكرية والبدنية والجنيسة فيمكننا ان نستخدمها للبناء او الهدم . علينا ان نستخدم طاقاتنا فى البناء الروحى السليم ونتسامى بغرائزنا وطاقاتنا ولا ندع انفسنا فريسة للفراغ والضياع بل نعمل وننجح ونتميز فى دراستنا وعملنا ونمارس الانشطة والخدمات الكنسية والوطنية . وننمى مواهبنا سواء القراءة او كالرسم او الموسيقي او الاشغال اليدوية او الرحلات او خدمة الكنيسة وانشطتها فى افتقاد المرضي والمحتاجين والقرى المحتاجة او بالرياضة الجسدية التى تكسب الجسم القوة والنشاط وتخفف الضغوط والتوترات { لان الرياضة الجسدية نافعة لقليل ولكن التقوى نافعة لكل شيء اذ لها موعد الحياة الحاضرة و العتيدة} (1تي 4 : 8). ان الطهارة والعفاف المسيحى يعنى قلباً ملتهباً بالحب الإلهي الذي يشبع النفس ويملأ الفراغ الداخلي ويحل مشكلة العزلة والملل والسأم، ويغمر قلب الانسان بنعمة الروح القدس الوديع الهادئ فتنطفئ كل شهوة خاطئة وتهدأ حركات الجسد واعضاءه وتمتلئ النفس فرحاً وسلاماً ونعيماً. وتنمو فينا طاقات المحبة الإيجابية ونوجهها التوجيه السليم . شئ من التاريخ المسيحى الاول من نص الدفاع عن المسيحية موجه إلى الإمبراطور الروماني هارديان للقدِّيس يوستينوس الشهيد عاش من 100م فى نابلس بفلسطين حتى استشهد فى 165م بروما الباب الثاتي : تعاليم الديانة المسيحيةالانتقال من الظلمة إلى النور – الطهارة في الزمن الماضي، كنا نُسرّ بالفجور، أما اليوم فإن الطهارة هي كل ملذَّاتنا كنا نستسلم للسِحر، أما الآن فإننا نكرِّس أنفسنا للَّه الصالح. كنا نحب المال والممتلكات ونبحث عنها أكثر من كل شيء، أما الآن كل أموالنا مشتركة يقاسمنا فيها الفقراء كانت الأحقاد تفصلنا عن بعضنا البعض، وكانت الفروق بين العادات والتقاليد لا تسمح لنا بقبول الغريب في بيتنا، أما اليوم بعد مجيء المسيح، فإننا نعيش معًا، ونصلِّي من أجل أعدائنا، ونحاول أن نكسب مضطهدينا الظالمين أرى أنه يحسن أن نذكِّركم ببعض تعاليم المسيح نفسه. وعليكم بفضل مقدرتكم وسلطانكم الإمبراطوري، أن تحكموا إذا كانت التعاليم التي أخذناها ونسلِّمها هي تعاليم مطابقة للحق الطهارة {كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه. فإن كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها} (مت 5: 28-29). {خير لك أن تدخل ملكوت اللَّه أعور من أن تكون لك عينان وتطرح في جهنم النار}(مر 9: 47). {ليس الجميع يقبلون هذا الكلام، بل الذين أُعطي لهم. لأنه يوجد خِصيان وُلدوا هكذا من بطون أمَّهاتهم. ويوجد خِصيان خَصاهم الناس. ويوجد خِصيان خَصوا أنفسهم لأجل ملكوت السماوات. من استطاع أن يقبل فليقبل} مت 19: 11-12 وهكذا، فإن الذين بحسب القانون البشري يعقدون زواجًا مضاعفًا. اما لدينا الذين ينظرون إلي امرأة ليشتهوها متساوون في الذنب أمام ربنا. فهو لا يمنع الزنا فحسب، بل يمنع نيَّة الزنا أيضًا، لأن أفكارنا معلومة لدى اللَّه مثل أعمالنا إن رجالاً ونساء كثيرين، إذ تعلَّموا منذ الصبا في ناموس المسيح، ظلُّوا أنقياء حتى سن الستين والسبعين، وإني اَفتخر بأن أذكر لكم بعض أمثلة هؤلاء في كل الطبقات. وهل يلزم أن أذكركم أيضًا بالعدد الغفير من أولئك الذين تركوا الرذيلة لكي يخضعوا لهذه التعليم؟ والمسيح لم يدع الأبرار والأطهار للتوبة، بل الكفرة والمرذولين والأشرار. ألم يقل: "لم آت لأدعو أبرارًا بل خطاة إلى التوبة" (مر 2: 17). لأن الآب السماوي يفضل توبة الخاطئ على معاقبته.. القمص أفرايم الأورشليمى
المزيد
26 أكتوبر 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (12) العطاء

مفهوم العطاء وبركاته .. مفهوم العطاء .. فى عصر يسوده التكالب على المادة والاقتناء والانانية نرى ابناء الله يعطون أنفسهم اولاً لله ثم يبذلون أنفسهم فى سعادة من أجل أخوتهم لاسيما المحتاجين والفقراء متذكرين كلمات الرب يسوع ان الغبطة فى العطاء { في كل شيء اريتكم انه هكذا ينبغي انكم تتعبون وتعضدون الضعفاء متذكرين كلمات الرب يسوع انه قال مغبوط هو العطاء اكثر من الاخذ} (اع 20 : 35). العطاء ليس هو عطاء المال فقط ، ولكنه يشمل العطاء في كل شئ بالبذل والمحبة والتضحية والتشجيع والخدمة والوقت والمال والعواطف الصادقة . ان العالم بما فيه من غزارة فى الانتاج وسوء فى التوزيع، ومن فيه من فقراء ومحرومين واناس بلا مسكن مناسب واناس تموت من سوء التغذية او انعدام الماء النظيف او الحرمان من الرعاية الصحية والتعليمية والاخلاقية فى حاجة ليرى محبة الله المعلنة فى المسيح يسوع من خلال المؤمنين ليري الناس اعمالنا الصالحة ويمجدوا ابانا الذى فى السموات . ان العطاء وعمل الرحمة يشمل كل أشكال الرحمة والعطاء والمساعدة المادية والمعنوية والنفسية والروحية للمحتاجين والفقراء بصفة عامة والكنيسة واحتاجاتها فى الخدمة المادية والروحية وكل عمل يهدف الى أظهار رحمة الله الحانية على كل احد فى حكمة فى العطاء والتوزيع فلا يؤخد مال المحتاجين ويعطي للمحتالين فى عالم يموت فيه ربع مليون كل يوم من الجوع يجب ان يُقدم عمل الرحمة للمحتاجين من اي جنس او دين وامة ولاسيما أهل بيتنا وخاصتنا المحتاجين {وان كان احد لا يعتني بخاصته ولا سيما اهل بيته فقد انكر الايمان وهو شر من غير المؤمن} (1تي 5 : 8). العطاء تشبه بالله واشتراك فى العمل معه ... ان الله هو الرازق ومعطي جميع الخيرات ، وهو الخالق القدير الذي يملك كل شيء والذي يعطي بسخاء ولا يعير وهو يريد ان يشركنا معه فى كل عمل صالح {ولكن من انا ومن هو شعبي حتى نستطيع ان ننتدب هكذا لان منك الجميع ومن يدك اعطيناك} (1اخ 29 : 14) . { وهو يفعل خيراً يعطينا من السماء أمطاراً وأزمنة مثمرة ويملأ قلوبنا طعاما وسروراً}أع17:14. الله هو الذى أمطر مناً من السماء أربعين عاماً ليأكل الشعب ولم تفرغ خزائنه، وأعطاهم لحماً ليأكلوا أربعين يوماً صباحاً ومساءً . وهو الذي عال إيليا النبى عندما كان الرب يرسل له غراباً بخبز ولحم صباحاً ومساءً كل يوم.. فمن أين وكيف؟ وهل تعلم أن الغربان من أشد الطيور نهماً وأكلاً للحوم؟ ثم ذهب ايليا بامر الرب إلى امرأة أرملة لديها ابن وحيد. وبسبب المجاعة لم يبق لديها إلا كف من الدقيق والزيت ليكفيها هي وابنها لوجبة واحدة قادمة { وفيما هي ذاهبة لتاتي به ناداها وقال هاتي لي كسرة خبز في يدك. فقالت حي هو الرب الهك انه ليست عندي كعكة ولكن ملء كف من الدقيق في الكوار وقليل من الزيت في الكوز وهانذا اقش عودين لاتي و اعمله لي ولابني لناكله ثم نموت. فقال لها ايليا لا تخافي ادخلي واعملي كقولك ولكن اعملي لي منها كعكة صغيرة اولا واخرجي بها الي ثم اعملي لك ولابنك اخيرا . لانه هكذا قال الرب اله اسرائيل ان كوار الدقيق لا يفرغ وكوز الزيت لا ينقص الى اليوم الذي فيه يعطي الرب مطرا على وجه الارض. فذهبت وفعلت حسب قول ايليا واكلت هي وهو و بيتها اياما. كوار الدقيق لم يفرغ وكوز الزيت لم ينقص حسب قول الرب الذي تكلم به عن يد ايليا} 1مل 11:17-17. ان عطاء المرأة من اعوازها كان أمتياز لها . الرب الخالق لا يحتاج ولكنه يحبنا ويريد أن نشترك معه في عمله ونكون جزء من تتميم مقاصده . هو يريدنا أن نكون أعضاء بره. يريد أن يعطي بنا ويشبع من خلالنا ، فنجد الشبع والعطاء يرتد إلينا فائضاً يملأ كل احتياجتنا بل ويزيد ويفيض . العطاء نمو لخبرتنا الإيمانية... قبلت الأرملة دعوة الرب لتقدم الخبز لإيليا أولاً. فاختبرت حياة الإيمان كما حصلت على المكافآت وتسديد الاحتياجات. وهناك أرملة أخرى قدمت فلسين هم كل ما عندها ومدحها السيد المسيح لانها وثقت فى الله الذي يدبر كل احتياجاتنا حسب غناه فى المجد {ذوقوا وانظروا ما اطيب الرب طوبى للرجل المتوكل عليه.اتقوا الرب يا قدسيه ، لانه ليس عوز لمتقيه. الاشبال احتاجت وجاعت واما طالبو الرب فلم يعوزهم شئ} مز 8:34-10. العطاء امتياز خاص بحياة الإيمان بالرب، لذا يدعونا للعطاء ليعلمنا حياة الايمان وليس بالحسابات البشرية المعقدة والمخاوف النفسية. أعطوا بالإيمان وأنتوا تنتظروا حصاداً وفيراً فى الارض وفى السماء { اعطوا تعطوا كيلا جيدا ملبدا مهزوزا فائضا يعطون في احضانكم لانه بنفس الكيل الذي به تكيلون يكال لكم} (لو 6 : 38) . وبينما نرى البعض يجعل من المال الها يتعبد له نري ابناء الله يستخدمون اموالهم وممتلكاتهم وحياتهم للنمو في الايمان والعطاء ويفيض عليهم الله ببركاته { لا يقدر خادم ان يخدم سيدين لانه اما ان يبغض الواحد ويحب الاخر او يلازم الواحد و يحتقر الاخر لا تقدرون ان تخدموا الله والمال. وكان الفريسيون ايضا يسمعون هذا كله وهم محبون للمال فاستهزاوا به. فقال لهم انتم الذين تبررون انفسكم قدام الناس ولكن الله يعرف قلوبكم ان المستعلي عند الناس هو رجس قدام الله} لو13:16-15. العطاء والبركة والخير .. ان الله كآب صالح يدرك حاجتنا لان نري خيراً ومكأفاة ليس في السماء فقط بل وعلى الارض ايضا { اكرم الرب من مالك ومن كل باكورات غلتك فتمتلىء خزانتك شبعا وتفيض معاصرك مسطارا } ( ام 3 : 9 – 10}.{ ايسلب الانسان الله فانكم سلبتموني فقلتم بم سلبناك في العشور و التقدمة. قد لعنتم لعنا واياي انتم سالبون هذه الامة كلها.هاتوا جميع العشور الى الخزنة ليكون في بيتي طعام وجربوني بهذا قال رب الجنود ان كنت لا افتح لكم كوى السماوات وافيض عليكم بركة حتى لا توسع} ملا 8:3-10. العطاء وعمل الرحمة ينجي من الشر واقراض لله يعود علينا بربح جزيل {من يرحم الفقير يقرض الرب وعن معروفة يجازية} ( ام 19 : 17). الله ليس بظالم حتى ينسى تعب المحبة وعمل الرحمة { هذا وان من يزرع بالشح فبالشح ايضا يحصد ومن يزرع بالبركات فبالبركات ايضا يحصد} (2كو 9 : 6). {طوبى للذي ينظر الى المسكين في يوم الشر ينجيه الرب }(مز41 :1). العطاء ومحبة الله لنا .. ان كنا نريد ان نكون محبوبين للرب يجب ان نعطي بسرور وسخاء ليس عن أضطرار او بتغصب {كل واحد كما ينوي بقلبه ليس عن حزن او اضطرار لان المعطي المسرور يحبه الله} (2كو 9 : 7).والخير الذي نصنعه اليوم نجده ولو بعد أيام كثيرة لنا ولابنائنا من بعدنا { ارم خبزك على وجه المياه فإنك تجده بعد أيام كثيرة }( جا 11 – 1 }. { كنت فتى وقد شخت ولم أر صديقاً تخلى عنه ولا ذرية له تلتمس خبزاً }( مز 37 – 25 ) . {فاذا حسبما لنا فرصة فلنعمل الخير للجميع ولا سيما لاهل الايمان }(غل 6 : 10). العطاء وقبول الصلاة وغفران الخطايا .. لقد أمر الله أشعياء قائلا ناد بصوت عال لا تمسك ارفع صوتك كبوق واخبر شعبي بتعديهم وبيت يعقوب بخطاياهم أن سخط الله قد اشتد عليهم بسبب خطاياهم وكبريائهم وعدم الرحمة لديهم { يقولون لماذا صمنا ولم تنظر ذللنا أنفسنا ولم تلاحظ ويعاتبهم ها أنكم للخصومة والنزاع تصومون ولتضربوا بلكمة الشر لستم تصومون كما اليوم لتسميع صوتكم في العلاء. أمثل هذا يكون صوم اختاره يوما يذلل الإنسان فيه نفسه يحني كالأسلة رأسه ويفرش تحته مسحا ورمادا هل تسمي هذا صوما ويوما مقبولا للرب. أليس هذا صوما اختاره حل قيود الشر فك عقد النير وإطلاق المسحوقين أحرارا وقطع كل نير. أليس أن تكسر للجائع خبزك و أن تدخل المساكين التائهين إلى بيتك إذا رأيت عريانا أن تكسوه وأن لا تتغاضى عن لحمك. حينئذ ينفجر مثل الصبح نورك وتنبت صحتك سريعا ويسير برك أمامك ومجد الرب يجمع ساقتك. حينئذ تدعو فيجيب الرب تستغيث فيقول هأنذا} (أش2:58-9).إن العلاج لاستعطاف الله قد أعطي لنا في كلمات الله نفسه فالتعاليم الإلهية تعلمنا ما ينبغي أن نفعله ، ان نرحم اخوتنا . لأن من لا يرحم لا يستحق مراحم الله ولا يتحصل على أي نصيب من العطف الإلهي حتى لو صلي مادام ليس لديه رحمة نحو طلبات الفقير هذا ما أعلنه الروح القدس في الإنجيل فطوبى للذي ينظر إلى المسكين في يوم الشر ينجيه الرب (مز 41: 1) وروفائيل الملاك يشهد بذلك ويحث على أن تعطي الصدقة باختيار وسخاء قائلا الصلاة جيدة مع الصوم والصدقة لان الصدقة تنجي من الموت وتطهر من الذنوب (طو: 8-9). الأجر السمائي ... ما من شئ يبقى لنا كنز فى السماء مثل أعمال الرحمة والعطاء للمحتاجين {طوبى للرحماء لانهم يرحمون (مت 5 : 7) من اجل هذا يوصينا السيد المسيح بان نكنز في السماء بعمل الرحمة { لا تكنزوا لكم كنوزا على الارض حيث يفسد السوس والصدا وحيث ينقب السارقون ويسرقون. بل اكنزوا لكم كنوزا في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدا وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون.لانه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك ايضا} مت 19:6-21. ان مقياس دخولنا للسماء هو عطائنا ومحبتنا {ثم يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا يا مباركي ابي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تاسيس العالم.لاني جعت فاطعمتموني عطشت فسقيتموني كنت غريبا فاويتموني.عريانا فكسيتموني مريضا فزرتموني محبوسا فاتيتم الي. فيجيبه الابرار حينئذ قائلين يا رب متى رايناك جائعا فاطعمناك او عطشانا فسقيناك.ومتى رايناك غريبا فاويناك او عريانا فكسوناك.ومتى رايناك مريضا او محبوسا فاتينا اليك. فيجيب الملك ويقول لهم الحق اقول لكم بما انكم فعلتموه باحد اخوتي هؤلاء الاصاغر فبي فعلتم} مت 34:25-40. يا له من جزاء عظيم أن نطعم السيد المسيح عندما يكون جائعا او نسقيه عندما يكون عطشانا او نستضيفه غريبا او نكسوه عريانا فى احد الفقراء ويالها من جريمة كبري أن نزدري بالمسيح متي كان جائعا او عطشانا او عريانا ..الخ . ان الصدقة تمحو الخطايا وتؤهلنا لنوال الرحمة والحياة الابدية {لان الصدقة تنجي من الموت و تمحو الخطايا وتؤهل الانسان لنوال الرحمة و الحياة الابدية }(طو12 : 9) . {لان الصدقة تنجي من كل خطيئة ومن الموت ولا تدع النفس تصير الى الظلمة} (طو4 : 1). {الماء يطفئ النار الملتهبة والصدقة تكفر الخطايا} (سيراخ 3 : 33). العطاء فى حياة السيد المسيح وتعاليمه.. السيد المسيح مثالاً وقدوة .. يقدم لنا السيد المسيح قدوة ومثالاً فى العطاء والرحمة والمحبة الباذلة لنتبع خطواته اذا كان يجول يصنع خيراً ، يشبع الجائعين ويشفى المرضى ويقيم الساقطين ويتحنن على المحتاجين ويعلم الجهال ويكرز ببشارة ملكوت الله داعياً الى التوبة {ولما راى الجموع تحنن عليهم اذ كانوا منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لها} (مت 9 : 36). من أجل ذلك قيل فيه {فانكم تعرفون نعمة ربنا يسوع المسيح انه من اجلكم افتقر وهو غني لكي تستغنوا انتم بفقره }(2كو 8 : 9). عاش كفقير وهو الذي يشبع كل حي من غناه وعندما أقلبت اليه الجموع وعلمهم {ولما صار المساء تقدم اليه تلاميذه قائلين الموضع خلاء والوقت قد مضى اصرف الجموع لكي يمضوا الى القرى ويبتاعوا لهم طعاما. فقال لهم يسوع لا حاجة لهم ان يمضوا اعطوهم انتم لياكلوا. فقالوا له ليس عندنا ههنا الا خمسة ارغفة وسمكتان. فقال ائتوني بها الى هنا. فامر الجموع ان يتكئوا على العشب ثم اخذ الارغفة الخمسة والسمكتين ورفع نظره نحو السماء وبارك وكسر واعطى الارغفة للتلاميذ والتلاميذ للجموع.فاكل الجميع وشبعوا ثم رفعوا ما فضل من الكسر اثنتي عشر قفة مملوءة. والاكلون كانوا نحو خمسة الاف رجل ما عدا النساء والاولاد} مت 15:14-21. من السيد المسيح نتعلم المحبة والخدمة الباذلة ... فالمحبة كانت الدافع والمحرك للخدمة بتواضع وبذل لخاصته وللخطاة والاشرار ولكل البشرية فى كل زمان ومكان { ليس لاحد حب اعظم من هذا ان يضع احد نفسه لاجل احبائه }(يو 15 : 13). هو السيد والرب احبنا وبذل ذاته فدءاً عنا {اما يسوع قبل عيد الفصح وهو عالم ان ساعته قد جاءت لينتقل من هذا العالم الى الاب اذ كان قد احب خاصته الذين في العالم احبهم الى المنتهى} (يو 13 : 1) . وهكذا علم تلاميذه ويعلمنا كيف تكون الخدمة والعطاء {فدعاهم يسوع و قال لهم انتم تعلمون ان الذين يحسبون رؤساء الامم يسودونهم وان عظماءهم يتسلطون عليهم. فلا يكون هكذا فيكم بل من اراد ان يصير فيكم عظيما يكون لكم خادما.ومن اراد ان يصير فيكم اولا يكون للجميع عبدا.لان ابن الانسان ايضا لم يات ليخدم بل ليخدم و ليبذل نفسه فدية عن كثيرين} مر42:10-45. ما لدينا هو وزنات وهبات من الله .. ان كل ما لدينا من وزنات ومواهب وأمكانيات هي عطايا من الله وما نحن الا وكلاء على مواهب وعطايا الله المتنوعة وسنعطي عنها حسابا يوم الدين {وكانما انسان مسافر دعا عبيده وسلمهم امواله. فاعطى واحدا خمس وزنات واخر وزنتين واخر وزنة كل واحد على قدر طاقته وسافر للوقت. فمضى الذي اخذ الخمس وزنات وتاجر بها فربح خمس وزنات اخر. وهكذا الذي اخذ الوزنتين ربح ايضا وزنتين اخريين. واما الذي اخذ الوزنة فمضى و حفر في الارض واخفى فضة سيده.وبعد زمان طويل اتى سيد اولئك العبيد وحاسبهم.فجاء الذي اخذ الخمس وزنات وقدم خمس وزنات اخر قائلا يا سيد خمس وزنات سلمتني هوذا خمس وزنات اخر ربحتها فوقها. فقال له سيده نعما ايها العبد الصالح والامين كنت امينا في القليل فاقيمك على الكثير ادخل الى فرح سيدك. ثم جاء الذي اخذ الوزنتين وقال يا سيد وزنتين سلمتني هوذا وزنتان اخريان ربحتهما فوقهما.قال له سيده نعما ايها العبد الصالح والامين كنت امينا في القليل فاقيمك على الكثير ادخل الى فرح سيدك} مت 14:25-23. لهذا يوصينا بالعطاء ويعدنا بالمكافأة {اعطوا تعطوا كيلا جيدا ملبدا مهزوزا فائضا يعطون في احضانكم لانه بنفس الكيل الذي به تكيلون يكال لكم (لو 6 : 38). ويقول لنا ان نصنع لنا اصدقاء بمال الظلم اي ما نحجبه من عشورنا ونذورنا وبكورنا عن المحتاجين {وانا اقول لكم اصنعوا لكم اصدقاء بمال الظلم حتى اذا فنيتم يقبلونكم في المظال الابدية }(لو16 : 9). وان كانت العشور والنذور والبكور هي عطايا العهد القديم ويقدمها الكتبة والفريسيين فاننا مطالبون باكثرمنها {فاني اقول لكم انكم ان لم يزد بركم على الكتبة والفريسيين لن تدخلوا ملكوت السماوات }(مت 5 : 20). العطاء للجميع بدون انتظار المقابل .. ان الله في خيريته يشرق شمسه على الصالحين والطالحين ويمطر على الابرار والاشرار ويتأني ويرحم الجميع ويريد منا ان نتعلم منه الرحمة والمحبة للجميع دون أنتظار لمقابل والله هو الذى يعطينا الاجر العظيم كابناء له {وكل من سالك فاعطه ومن اخذ الذي لك فلا تطالبه.وكما تريدون ان يفعل الناس بكم افعلوا انتم ايضا بهم هكذا.وان احببتم الذين يحبونكم فاي فضل لكم فان الخطاة ايضا يحبون الذين يحبونهم.واذا احسنتم الى الذين يحسنون اليكم فاي فضل لكم فان الخطاة ايضا يفعلون هكذا. وان اقرضتم الذين ترجون ان تستردوا منهم فاي فضل لكم فان الخطاة ايضا يقرضون الخطاة لكي يستردوا منهم المثل.بل احبوا اعداءكم واحسنوا واقرضوا وانتم لا ترجون شيئا فيكون اجركم عظيما و تكونوا بني العلي فانه منعم على غير الشاكرين والاشرار. فكونوا رحماء كما ان اباكم ايضا رحيم} لو30:6-36. العطاء في الخفاء ..السيد المسيح يعلمنا ايضا ان نعطي فى الخفاء لكي لا نجرح مشاعر المحتاجين ولا نعطي بدافع العجب والتفاخر وتمجيد الذات {احترزوا من ان تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم والا فليس لكم اجر عند ابيكم الذي في السماوات. فمتى صنعت صدقة فلا تصوت قدامك بالبوق كما يفعل المراؤون في المجامع وفي الازقة لكي يمجدوا من الناس الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم. واما انت فمتى صنعت صدقة فلا تعرف شمالك ما تفعل يمينك . لكي تكون صدقتك في الخفاء فابوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية} مت1:6-4. فمن الجانب السلبي يحذّرنا الرب من ممارسة الصدقة لأجل الناس: "لكي ينظروكم" اي لأجل إشباع الذات، قائلاً: فلا تعرف شمالك الأنا (ego) ما تفعل يمينك. فإن كان اليمين يُشير إلى نعمة الله التي تعمل فينا، فإنّنا نفسد هذا العمل إن قدّمناه ليس من أجل الله، وإنما لإشباع الأنا بإعلان العمل للشمال.الأنا هو أخطر عدوّ يتسلّل إلى العبادة ذاتها والسلوك الصالح، ليحطّم ما تقدّمه نعمة الله لنا خلال يميننا، وتفقده جوهره خلال الرياء الممتزج بالكبرياء. كان المراءون يصنعون الصدقة بينما يُصوّت بالبوق قدّامهم، أي تقدّم لهم دعاية، سواء في عطائهم العام في المجامع من أجل احتياجات الجماعة أو في الأزقّة .احترزوا من السلوك بالبرّ بهذا الهدف، فتتركّز سعادتكم في نظرة الناس إليكم، "وإلا فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السماوات". فقدانكم للأجر السماوي لا يكون بسبب نظرة الناس إليكم، بل لسلوككم بهذا الهدف. لم يمنعنا الرب من صنع البرّ أمام الناس ان لم نستطيع صنعه خفية ، لكنّه يحذّرنا من أن نصنعه بغرض الظهور أمامهم . عدم الرحمة يقود للهلاك .. قدم لنا السيد المسيح مثالاً لعدم الرحمة او الشفقة بمن حولنا وكيف يقود الى الهلاك { كان انسان غني و كان يلبس الارجوان والبز وهو يتنعم كل يوم مترفها. وكان مسكين اسمه لعازر الذي طرح عند بابه مضروبا بالقروح.ويشتهي ان يشبع من الفتات الساقط من مائدة الغني بل كانت الكلاب تاتي وتلحس قروحه.فمات المسكين وحملته الملائكة الى حضن ابراهيم ومات الغني ايضا ودفن. فرفع عينيه في الجحيم وهو في العذاب و راى ابراهيم من بعيد ولعازر في حضنه.فنادى وقال يا ابي ابراهيم ارحمني وارسل لعازر ليبل طرف اصبعه بماء ويبرد لساني لاني معذب في هذا اللهيب.فقال ابراهيم يا ابني اذكر انك استوفيت خيراتك في حياتك وكذلك لعازر البلايا و الان هو يتعزى وانت تتعذب} لو 19:16-25. ان لعازر البلايا قد يكون معنا في البيت او جار لنا او بعيد عنا او زميل لنا فى العمل ، ونحن يفيض عنا الخبز وهو يهلك جوعا .وقد يحتاج منا الى العطاء المعنوي والروحي والتشجيع ويجب ان نقدمه له لئلا نحرم من ملكوت الله . فلنسلك كحكماء لا كجهلاء مفتدين الوقت لان الأيام شريرة . لقد نصح دانيال النبي نبوخذ نصر بصنع الرحمة لينجو من العقاب ولم يسمع له { لذلك ايها الملك فلتكن مشورتي مقبولة لديك وفارق خطاياك بالبر واثامك بالرحمة للمساكين لعله يطال اطمئنانك} (دا 4 : 27) .من اجل هذا يدعونا القديس كيرلس الكبير ان نكون رحومين: ( لذلك فمن واجبنا أن نكون أمناء لله، أنقياء القلب، رحومين وشفوقين، أبرارًا وقديسين، لأن هذه الأمور تطبع فينا ملامح صورة الله، وتكمِّلنا كورثة للحياة الأبدية). حياة الكمال والعطاء.. قدم السيد المسيح مثالا عاليا فى الكمال المسيحى للشاب الغنى ولمن يريد {قال له يسوع ان اردت ان تكون كاملا فاذهب وبع املاكك واعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني (مت 19 : 21). وهذا مافعله الرسل { و ابتدا بطرس يقول له ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك.فاجاب يسوع وقال الحق اقول لكم ليس احد ترك بيتا او اخوة او اخوات او ابا او اما او امراة او اولادا او حقولا لاجلي ولاجل الانجيل.الا وياخذ مئة ضعف الان في هذا الزمان بيوتا واخوة واخوات وامهات و اولادا وحقولا مع اضطهادات وفي الدهر الاتي الحياة الابدية} مر 28:10-30. لقد نال الرسل بحق الكرامة وعمل المعجزات وخضعت لهم الشياطين ولم يعوزهم الله شئ وللان نكرمهم وهكذا فعل الأنبا أنطونيوس أب الرهبان الذى كان يملك ما يذيد عن ثلاثمائة فدان من أجود أراضى الصعيد، فباعها ووزعها أمواله واملاكه على الفقراء وعاش في الصحراء حياة الفقر الاختياري فذاع صيته فى كل الارض ونال حكمة من الله وعمل المعجزات وأقام الاموات وللان الكثير من الاديرة تسمى باسمه ليست فى مصر فقط بل وفي كل العالم . ليست العبرة عند الله بكم العطاء لكن بكيف نعطي .. فالمرأة التى أعطت الفلسين فى الخزانه مدحها السيد لانها أعطت كل ما عندها {وتطلع فراى الاغنياء يلقون قرابينهم في الخزانة. وراى ايضا ارملة مسكينة القت هناك فلسين.فقال بالحق اقول لكم ان هذه الارملة الفقيرة القت اكثر من الجميع.لان هؤلاء من فضلتهم القوا في قرابين الله واما هذه فمن اعوازها القت كل المعيشة التي لها} لو 1:21-4.والفريسى الذى يعطي العشور بكبرياء قلب ويدين الآخرين لم يتبرر امام الله كما العشار المنسحق والمرأة ساكبة الطيب الكثير الثمن بدافع المحبة مدحها الرب وقال حيثما يكرز بالإنجيل يبشر بما فعلته تذكاراً لها. وراينا كيف قبل الله عطايا كرنيليوس القائد الاممى وارسل له بطرس الرسول ليؤمن ويعتمد هو واهل بيته وكان إيمانه بداية قبول الامم فى الايمان المسيحى {فقال كرنيليوس منذ اربعة ايام الى هذه الساعة كنت صائما وفي الساعة التاسعة كنت اصلي في بيتي و اذا رجل قد وقف امامي بلباس لامع.و قال يا كرنيليوس سمعت صلاتك وذكرت صدقاتك امام الله.فارسل الى يافا و استدعي سمعان الملقب بطرس انه نازل في بيت سمعان رجل دباغ عند البحر فهو متى جاء يكلمك.فارسلت اليك حالا و انت فعلت حسنا اذ جئت والان نحن جميعا حاضرون امام الله لنسمع جميع ما امرك به الله} أع 30:10-33. الاغنياء وصنع الصلاح والسخاء .. من أجل هذا راينا الانجيل يوصى الاغنياء ان يصنعوا صلاحا ويكونوا اسخياء فى العطاء لكي يمسكوا بالحياة الإبدية {اوص الاغنياء في الدهر الحاضر ان لا يستكبروا ولا يلقوا رجاءهم على غير يقينية الغنى بل على الله الحي الذي يمنحنا كل شيء بغنى للتمتع.وان يصنعوا صلاحا وان يكونوا اغنياء في اعمال صالحة وان يكونوا اسخياء في العطاء كرماء في التوزيع. مدخرين لانفسهم اساسا حسنا للمستقبل لكي يمسكوا بالحياة الابدية} 1تيم 17:6-19. لقد ذكر الإنجيل كثيراً من الاغنياء مثل ابراهيم واسحق ويعقوب ويوسف الرامي وفى تاريخنا القبطي المعلم ابراهيم الجوهري ولم تتعلق قلوبهم بغناهم او يتكلوا عليه بل وثقوا فى الاله الحي هكذا يحذرنا الكتاب لئلا ينسى الانسان الله فى غناه {احترز من ان تنسى الرب الهك ولا تحفظ وصاياه واحكامه وفرائضه التي انا اوصيك بها اليوم. لئلا اذا اكلت وشبعت وبنيت بيوتا جيدة وسكنت. وكثرت بقرك وغنمك وكثرت لك الفضة والذهب وكثر كل ما لك. يرتفع قلبك وتنسى الرب الهك} ثت 11:8-14. العطاء وشركة الجسد الواحد .. {فانه كما في جسد واحد لنا اعضاء كثيرة و لكن ليس جميع الاعضاء لهاعمل واحد . هكذا نحن الكثيرين جسد واحد في المسيح واعضاء بعضا لبعض كل واحد للاخر} (رو 12 : 4- 5). فيجب علينا ان نحس باحتياجات اعضاء الجسد المحتاجة والضعيفة ونهتم بها . ولهذا راينا كيف حث القديس بولس اهل كورنثوس على العطاء من أجل الكنيسة فى اورشليم حيث كانت تعاني من الاضطهاد والمجاعة بسبب الجفاف {فرايت لازما ان اطلب الى الاخوة ان يسبقوا اليكم ويهيئوا قبلا بركتكم التي سبق التخبير بها لتكون هي معدة هكذا كانها بركة لا كانها بخل . حثه اياهم على العطاء بسخاء مشبهاً الاعطاء بالزرع. هذا وان من يزرع بالشح فبالشح ايضا يحصد ومن يزرع بالبركات فبالبركات ايضا يحصد. كل واحد كما ينوي بقلبه ليس عن حزن او اضطرار لان المعطي المسرور يحبه الله.والله قادر ان يزيدكم كل نعمة لكي تكونوا ولكم كل اكتفاء كل حين في كل شيء تزدادون في كل عمل صالح. كما هو مكتوب فرق اعطى المساكين بره يبقى الى الابد. والذي يقدم بذارا للزارع و خبزا للاكل سيقدم و يكثر بذاركم و ينمي غلات بركم.مستغنين في كل شيء لكل سخاء ينشئ بنا شكرا لله . ان خدمتهم هذة تسد اعواز القديسين وتسبب الشكر الجزيل لله} 2كو 5:9-11. أنه نعمة وبركة من الله ان يشركنا فى العمل الصالح معه و يكون لنا أحاسيس الرب نفسه تجاه أخوتنا {بهذا قد عرفنا المحبة أن ذاك وضع نفسه لأجلنا فنحن ينبغي لنا أن نضع نفوسنا لأجل الإخوة. وأما مَنْ كان له معيشة العالم ونظر أخاه محتاجاً وأغلق أحشاءه عنه فكيف تثبت محبة الله فيه} 1يو3: 16-17. اين ندخر اذاً اموالنا ؟... ان ما نقدمه لاخوتنا من رحمة هو كنوز لنا فى السماء {لا تكنزوا لكم كنوزا على الارض حيث يفسد السوس والصدا وحيث ينقب السارقون ويسرقون . بل اكنزوا لكم كنوزا في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدا و حيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون (مت 6 : 19- 20). يقول القديس أغسطينوس: ( إن أراد المسيحيون أن يرفعوا قلوبهم إلى فوق عليهم أن يدخروا ما يحبونه هناك فرغم وجودهم بالجسد على الأرض إلا أنهم يقطنون مع المسيح بالقلب وإذ صعد رأس الكنيسة أمامها هكذا ينبغي أن يصعد قلب المسيحي قدامه وإذ تذهب الاعضاء إلى حيث ذهب المسيح قدامها هكذا كل إنسان في القيامة يذهب إلى حيث تقدمه قلبه. لنذهب إلى السماء بذلك الجزء (القلب) الذي يستطيع الذهاب الآن وعندئذ سيتعبه إنساننا الكامل. ينبغي ان يهدم مسكننا الأرضي فإن مسكننا السماوي أبدي لنرسل أمتعتنا مقدما إلى حيثما نستعد للرحيل).ويقول الشيخ الروحاني: (من يترحم على إنسان،يصير باب الرب مفتوحاَ لطلباته في كل ساعة. ذو الإفراز بكسرة خبز يشتري لنفسه الملكوت). أهمية العمل والتعفف .. اننا نوصي الجميع بالرحمة والعطاء وحياة الشركة بين المؤمنين وهذه هي سمة الكنيسة الاولي { وكانلجمهور الذين امنوا قلب واحد ونفس واحدة ولم يكن احد يقول ان شيئا من امواله له بل كان عندهم كل شيء مشتركا }(اع 4 : 32). وفي نفس الوقت نحذر هؤلاء الذين يتعودوا على الاخذ بان يعملوا ماداموا قادرين ويكونوا أعفاء النفس واليد واللسان لكي تكون تقدمات وعطايا الكنيسة ومؤمنيها للمحتاجين بالحقيقة { فاننا ايضا حين كنا عندكم اوصيناكم بهذا انه ان كان احد لا يريد ان يشتغل فلا ياكل ايضا }(2تس 3 : 10). فالقادر على العمل لابد ان يعمل ولا يكون عبء على مجتمعه واهله، لهذا راينا القديس بولس الذى جال العالم كارازاً يحيا متعففاً عاملاً لخدمة نفسه ومن معه وفي نهاية خدمته رايناه يقول {فضة او ذهب او لباس احد لم اشته.انتم تعلمون ان حاجاتي وحاجات الذين معي خدمتها هاتان اليدان. في كل شيء اريتكم انه هكذا ينبغي انكم تتعبون وتعضدون الضعفاء متذكرين كلمات الرب يسوع انه قال مغبوط هو العطاء اكثر من الاخذ} أع 33:20-35.ان القديس بولس الرسول هو قدوة هنا لكل الاكليروس مع اننا نحرص على ان يحيا خدام الكنيسة حياة كريمة ويتفرغوا للعبادة والكرازة وكما قال الكتاب { الستم تعلمون ان الذين يعملون في الاشياء المقدسة من الهيكل ياكلون الذين يلازمون المذبح يشاركون المذبح. هكذا ايضا امر الرب ان الذين ينادون بالانجيل من الانجيل يعيشون. اما انا فلم استعمل شيئا من هذا ولا كتبت هذا لكي يصير في هكذا لانه خير لي ان اموت من ان يعطل احد فخري} 1كو 13:9-15. لكن على الخدام ان يكونوا امناء فيما لله مكتفين بالقليل ، صائرين أمثلة للرعيه فى العفاف المسيحي والعطاء من الاعواز. المال خادم وليس سيد مخدوم .. ان المال بالنسبة للمؤمن خادما وللخدمة وليس سيداً قاسيا {وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع ونعمة عظيمة كانت على جميعهم.اذ لم يكن فيهم احد محتاجا لان كل الذين كانوا اصحاب حقول او بيوت كانوا يبيعونها و ياتون باثمان المبيعات. ويضعونها عند ارجل الرسل فكان يوزع على كل واحد كما يكون له احتياج} أع 33:4-35.ويجب ان يكون لدي الجميع قناعة بما لديهم {واما التقوى مع القناعة فهي تجارة عظيمة.لاننا لم ندخل العالم بشيء وواضح اننا لا نقدر ان نخرج منه بشيء. فان كان لنا قوت وكسوة فلنكتف بهما .واما الذين يريدون ان يكونوا اغنياء فيسقطون في تجربة وفخ وشهوات كثيرة غبية ومضرة تغرق الناس في العطب والهلاك.لان محبة المال اصل لكل الشرور الذي اذ ابتغاه قوم ضلوا عن الايمان وطعنوا انفسهم باوجاع كثيرة} 1تيم 6:6-10. {فاذا حسبما لنا فرصة فلنعمل الخير للجميع ولا سيما لاهل الايمان }(غل 6 : 10). طوبى للرحماء لانهم يرحمون.. ايها الاله الكثير الرحمة ومصدر كل الخيرات ، يا من تشبع كل حي من غناك وتشرق شمسك على الصالحين والطالحين وتمطر على الابرار والاشرار لانك انت يا رب صالح وغفور وكثير الرحمة . نصلي اليك شاكرين عطاياك ونباركك على احساناتك يا من تعولنا منذ الصغر ولا تتركنا فى الكبر والشيخوخة ، أدم مراحمك على كنيستك وبلادنا وعالمك ولتفض علينا بمحبتك ورحمتك واحساناتك لكي نسبحك كل حين كل ايام حياتنا . ايها الرب الهنا صانع الخيرات ، اعطنا ان نتعلم منك الرحمة والكرم فى العطاء والسخاء فى التوزيع واعط الحكام والمسئولين والاغنياء وكل شعبك قلبا حكيما رحيما يشعربالآم المحتاجين والمرضى والايتام والارامل والمعوزين والمحرومين ويجزل لهم العطاء ويرسم البسمة على الشفاه ويسعى لخلاص الساقطين بعين الرحمة الإلهية التى تحب الجميع وتريدنا ان نحيا الحياة الأفضل، اعطنا الحكمة التى بها نحيا كوكلاء حكماء على نعمك المتنوعة . يارب اعطنا قلبا نقياً وروحاً مستقيما فى عمل الخير لا ينسى أحساناتك وفضلك لكي نسبحك مع داود النبى : {باركي يا نفسي الرب و كل ما في باطني ليبارك اسمه القدوس.باركي يا نفسي الرب ولا تنسي كل حسناته الذي يغفر جميع ذنوبك الذي يشفي كل امراضك.الذي يفدي من الحفرة حياتك الذي يكللك بالرحمة و الرافة.الذي يشبع بالخير عمرك فيتجدد مثل النسر شبابك. الرب مجري العدل والقضاء لجميع المظلومين . الرب رحيم و رؤوف طويل الروح وكثير الرحمة. لم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجازنا حسب اثامنا}. ايها الرب الاله المحب هبنا ان نقتدي برحمتك واحساناتك ونسعى بالحكمة فى عمل الرحمة والاحسان لنجد رحمة من لدنك يا رحيم. القمص أفرايم الأورشليمي
المزيد
19 أكتوبر 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (11) الصوم

مفهوم الصوم وأهميته الروحية.. الصوم فى معناه العام يعنى الامتناع عن الطعام فترة من الزمن يعقبها تناول أطعمة نباتيه خاليه من اللحوم ومنتجاته أما المعنى الروحى فيشمل كل انواع ضبط النفس والنسك والامتناع عن الشهوات وخطايا اللسان والعواطف، الصوم ليس تحريما لانواع معينه محلله للأكل بل البعد عنها لفترة نسكاً وزهداً وتعففاً . الابتعاد عن الاطعمة التى تثقل الانسان من اجل أشباع الروح وضبط النفس وكما قال السيد المسيح { ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله} (مت 4 : 4). الصوم جوع الى حياة البر والتقوى والشبع بالروحيات { طوبى للجياع والعطاش الى البر لانهم يشبعون} (مت 5 : 6). ان البطن هى سيدة الاوجاع التى متى تم ضبطها، ينضبط الانسان كله روحاً وفكراً وجسداً . فمن يقدر ان يضبط نفسه فى الأكل والشرب يستطيع ان يضبط ذاته ويقول لا لشهواته واهوائه وانفعالاته ومالك نفسه خير من مالك مدينة لذلك راينا القديس بولس الرسول يقول { بل اقمع جسدي واستعبده حتى بعدما كرزت للاخرين لا اصير انا نفسي مرفوضا }(1كو 9 : 27). لقد كان كسر الصوم بالأكل من الشجرة المحرمة علة سقوط ابوينا القدماء أدم وحواء ومن يريد ان يرجع الى الفردوس مرة اخرى عليه ان يبدأ بالصوم وضبط النفس وتقوية ارادته وأشباع روحه . ان معظم الحروب والخصومات على المستوى الفردى والجماعى تبدأ من سعى الانسان لاشباع لذاته وشهواته وسعيه الى التملك الانانى للاشياء دون النظر الى حاجة اخوته { من اين الحروب والخصومات بينكم اليست من هنا من لذاتكم المحاربة في اعضائكم تشتهون ولستم تمتلكون تقتلون وتحسدون ولستم تقدرون ان تنالوا تخاصمون وتحاربون ولستم تمتلكون لانكم لا تطلبون. تطلبون ولستم تاخذون لانكم تطلبون رديا لكي تنفقوا في لذاتكم}.(يع 4 : 1-3). من هنا تأتى أهمية الصوم بضبط النفس وزهدها حتى فيما هو محلل لها { ولكن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الاهواء والشهوات }(غل 5 : 24). اننا نحتاج الي اشباع الروح مع ضبط الجسد والاهتمام به وتقويته واعطائه ما يلزمه لا ما يشتهيه { اما انا فبالبر انظر وجهك اشبع اذا استيقظت بشبهك }(مز 17 : 15). الصوم وصية منذ العهد القديم {اضربوا بالبوق في صهيون قدسوا صوما نادوا باعتكاف.اجمعوا الشعب قدسوا الجماعة احشدوا الشيوخ اجمعوا الاطفال وراضعي الثدي ليخرج العريس من مخدعه والعروس من حجلتها. ليبك الكهنة خدام الرب بين الرواق والمذبح ويقولوا اشفق يا رب على شعبك ولا تسلم ميراثك للعار حتى تجعلهم الامم مثلا لماذا يقولون بين الشعوب اين الههم} يؤ15:2-17.{ اعلموا ان الرب يستجيب لصلواتكم ان واظبتم على الصوم والصلوات امام الرب} (يهو 4 : 12). الصوم الجماعى فى قوته رايناه فى صوم وتوبة أهل نينوي { فامن اهل نينوى بالله ونادوا بصوم ولبسوا مسوحا من كبيرهم الى صغيرهم. وبلغ الامر ملك نينوى فقام عن كرسيه وخلع رداءه عنه وتغطى بمسح وجلس على الرماد. ونودي وقيل في نينوى عن امر الملك وعظمائه قائلا لا تذق الناس ولا البهائم ولا البقر ولا الغنم شيئا لا ترع و لا تشرب ماء.وليتغط بمسوح الناس والبهائم ويصرخوا الى الله بشدة ويرجعوا كل واحد عن طريقه الرديئة وعن الظلم الذي في ايديهم.لعل الله يعود ويندم ويرجع عن حمو غضبه فلا نهلك . فلما راى الله اعمالهم انهم رجعوا عن طريقهم الرديئة ندم الله على الشر الذي تكلم ان يصنعه بهم فلم يصنعه} يو5:3-10.والصوم الخاص راينا فى كثير من رجال الله القديسين كما صام دانيال والفتية الثلاثة القديسين { فقال دانيال لرئيس السقاة الذي ولاه رئيس الخصيان على دانيال وحننيا وميشائيل وعزريا. جرب عبيدك عشرة ايام فليعطونا القطاني لناكل وماء لنشرب. ولينظروا الى مناظرنا امامك والى مناظر الفتيان الذين ياكلون من اطايب الملك ثم اصنع بعبيدك كما ترى.فسمع لهم هذا الكلام وجربهم عشرة ايام.وعند نهاية العشرة الايام ظهرت مناظرهم احسن و اسمن لحما من كل الفتيان الاكلين من اطايب الملك} دا 11:1-15.{فوجهت وجهي الى الله السيد طالبا بالصلاة والتضرعات بالصوم والمسح والرماد }(دا 9 : 3). وكما صلى داود وصام { اما انا ففي مرضهم كان لباسي مسحا اذللت بالصوم نفسي و صلاتي الى حضني ترجع (مز 35 : 13).{ولكن الان يقول الرب ارجعوا الي بكل قلوبكم وبالصوم والبكاء والنوح (يؤ 2 : 12). الصوم فى حياة وتعاليم السيد المسيح.. لكي يبين لنا السيد المسيح أهمية الصوم فانه بدء خدمته العامة بعد العماد بالاختلاء والصوم مع الصلاة لمدة اربعين يوماً { ثم اصعد يسوع الى البرية من الروح ليجرب من ابليس. فبعدما صام اربعين نهارا واربعين ليلة جاع اخيرا. فتقدم اليه المجرب وقال له ان كنت ابن الله فقل ان تصير هذه الحجارة خبزا. فاجاب وقال مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله} مت 1:4-4. الصوم يعطينا القدرة على الانتصار على تجارب الشيطان ورفض مشورته. علمنا السيد الرب كيف نشبع بكلمة الله وهو يقيت الجسد ايضا { لذلك اقول لكم لا تهتموا لحياتكم بما تاكلون وبما تشربون ولا لاجسادكم بما تلبسون اليست الحياة افضل من الطعام والجسد افضل من اللباس.انظروا الى طيور السماء انها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع الى مخازن وابوكم السماوي يقوتها الستم انتم بالحري افضل منها.ومن منكم اذا اهتم يقدر ان يزيد على قامته ذراعا واحدة.ولماذا تهتمون باللباس تاملوا زنابق الحقل كيف تنمو لا تتعب ولا تغزل.ولكن اقول لكم انه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها. فان كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم ويطرح غدا في التنور يلبسه الله هكذا افليس بالحري جدا يلبسكم انتم يا قليلي الايمان.فلا تهتموا قائلين ماذا ناكل او ماذا نشرب او ماذا نلبس. فان هذه كلها تطلبها الامم لان اباكم السماوي يعلم انكم تحتاجون الى هذه كلها. لكن اطلبوا اولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم} مت 25:4-33. نعم عمل مشيئة الله شبع للانسان الروحي فعندما ذهب التلاميذ ليبتاعوا طعاما فى السامرة ورجعوا { وفي اثناء ذلك ساله تلاميذه قائلين يا معلم كل. فقال لهم انا لي طعام لاكل لستم تعرفونه انتم.فقال التلاميذ بعضهم لبعض العل احدا اتاه بشيء لياكل.قال لهم يسوع طعامي ان اعمل مشيئة الذي ارسلني واتمم عمله} يو 31:4-34. ان الصوم قوة روحية بها نستطيع ان ننتصر على ابليس وهذا ما أكد عليه السيد المسيح عندما اتوا اليه بشاب عليه ارواح نجسة ولم يستطيع التلاميذ ان يخرجوها وشفاه السيد المسيح وعندما ساله التلاميذ لماذا ؟ { ولما دخل بيتا ساله تلاميذه على انفراد لماذا لم نقدر نحن ان نخرجه.فقال لهم هذا الجنس لا يمكن ان يخرج بشيء الا بالصلاة و الصوم} مر28:9-29. فالصوم ضرورة روحيه ، عندما كان السيد المسيح مع التلاميذ وساله اليهود { وقالوا له لماذا يصوم تلاميذ يوحنا كثيرا ويقدمون طلبات وكذلك تلاميذ الفريسيين ايضا واما تلاميذك فياكلون ويشربون. فقال لهم اتقدرون ان تجعلوا بني العرس يصومون ما دام العريس معهم.ولكن ستاتي ايام حين يرفع العريس عنهم فحينئذ يصومون في تلك الايام} لو33:5-35. كان وجود المسيح له المجد وجودا للعريس والفرح معهم وعندما صعد الى السماء صام الرسل والمؤمنين الصوم الذى سُمى بصوم الرسل والذى نصومه حتى اليوم . هناك اصوام خاصة نصومها كما ان هناك أصوام جماعية تصومها الكنيسة كلها ، لقد صام المسيح لنتعلم من ونتبع خطواته لهذا نصوم الاربعين المقدسة كل عام والاربعاء والجمعة من ايام الاسبوع منذ العصر الرسولى { وانتخبا لهم قسوسا في كل كنيسة ثم صليا باصوام واستودعاهم للرب الذي كانوا قد امنوا به }(اع 14 : 23). وكما قال القديس بولس { في اتعاب في اسهار في اصوام }(2كو 6 : 5). كما نصوم صوم الميلاد استعدادا لاستقبال الله الكلمة المتجسد كما صام موسي النبى قديما اربعين يوما ليستقبل لوحى العهد . بالاضافة الى الصوم المعروف لدينا بصوم العذراء الذى صامه المتبتلين اولا ثم عامة الشعب وراينا مثال له فى الانجيل { وكانت نبية حنة بنت فنوئيل من سبط اشير وهي متقدمة في ايام كثيرة قد عاشت مع زوج سبع سنين بعد بكوريتها. وهي ارملة نحو اربع و ثمانين سنة لا تفارق الهيكل عابدة باصوام وطلبات ليلا ونهارا. فهي في تلك الساعة وقفت تسبح الرب وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداء في اورشليم} لو36:2-38. اهتم السيد المسيح بعدم مظهرية الصوم { ومتى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين فانهم يغيرون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم. واما انت فمتى صمت فادهن راسك واغسل وجهك. لكي لا تظهر للناس صائما بل لابيك الذي في الخفاء فابوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية} مت 16:6-18. يقول القديس باسليوس الكبير ( لاتكونوا عابسين وأنتم تستعيدون صحتكم. فإنه لا بدّ لنا أن نتهلل لصحة نفسنا، ولا مجال للحزن بسبب تبدّل الطعام وكأننا نؤثر ملذّات البطن على منفعة نفسنا، لأن الشبع يقف إحسانه عند حدود البطن، أما الربح الناتج عن الصوم فهو يَنفذ إلى النفس. كن فرحاً لأنك أعطيت من قبل طبيبك دواء ينزع الخطايا. لا تبدّل وجهك كما يفعل المراؤون. إن الوجه يتبدل عندما يظلم الداخل مع التظاهر الخارجي، وكأنه مخفي وراء ستار كاذبالمرائي هو الذي يكون له على المسرح وجه آخر. يرتدي قناع السيّد وهو في الحقيقة عبد. يلبس قناع الملك وهو بالحقيقة من عامة الناس. هكذا أيضاً في الحياة الحاضرة، كثيرون يتظاهرون وكأنهم على المسرح. يكونون على كل شيء في عمق القلب ويتظاهرون بوجه آخر أمام الناس. أما أنت فلا تبدّل وجهك. كما أنت هكذا أظهر للآخرين. لا تبدّل مظهرك عابساً ساعياً وراء الشهرة عن طريق التظاهر بالصوم والإمساك، لأنه لا نفع للإحسان الذي يطبَّل له، ولا ثمر للصوم الذي يشهّر أمام الناس، أي كل ما يقوم به الإنسان بغية التظاهر أمام الآخرين لا ينفذ إلى الدهر ولا يتخطى حدّه مدح الناس. أسرع بفرح إلى هبات الصوم. إنّه هبة قديمة العهد لا تعتق ولا تشيخ، بل تتجدد وتزهر على الدوام). الصوم لكى يكون مقبولا يجب ان يكون مقرونا بالتوبة والتواضع والمصالحة مع الخير { ناد بصوت عال لا تمسك ارفع صوتك كبوق واخبر شعبي بتعديهم وبيت يعقوب بخطاياهم، واياي يطلبون يوما فيوما ويسرون بمعرفة طرقي كامة عملت برا ولم تترك قضاء الهها يسالونني عن احكام البر يسرون بالتقرب الى الله. يقولون لماذا صمنا ولم تنظر ذللنا انفسنا ولم تلاحظ ها انكم في يوم صومكم توجدون مسرة وبكل اشغالكم تسخرون،ها انكم للخصومة والنزاع تصومون ولتضربوا بلكمة الشر لستم تصومون كما اليوم لتسميع صوتكم في العلاء. امثل هذا يكون صوم اختاره يوما يذلل الانسان فيه نفسه يحني كالاسلة راسه ويفرش تحته مسحا ورمادا هل تسمي هذا صوما ويوما مقبولا للرب.اليس هذا صوما اختاره حل قيود الشر فك عقد النير واطلاق المسحوقين احرارا وقطع كل نير. اليس ان تكسر للجائع خبزك وان تدخل المساكين التائهين الى بيتك اذا رايت عريانا ان تكسوه وان لا تتغاضى عن لحمك.حينئذ ينفجر مثل الصبح نورك وتنبت صحتك سريعا ويسير برك امامك ومجد الرب يجمع ساقتك.حينئذ تدعو فيجيب الرب تستغيث فيقول هانذا ان نزعت من وسطك النير والايماء بالاصبع وكلام الاثم.وانفقت نفسك للجائع واشبعت النفس الذليلة يشرق في الظلمة نورك ويكون ظلامك الدامس مثل الظهر.ويقودك الرب على الدوام ويشبع في الجدوب نفسك وينشط عظامك فتصير كجنة ريا وكنبع مياه لا تنقطع مياهه.ومنك تبنى الخرب القديمة تقيم اساسات دور فدور فيسمونك مرمم الثغرة مرجع المسالك للسكنى} اش1:58-12. لقد اختبر ابائنا القديسين الصوم وفائدته ومارسوه بمحبة وبه سمت ارواحهم وتهذبت نفوسهم وقويت ارواحهم وقالوا فيه الكثير حسب خبرتهم . قال القديس مكسيموس (من غلب الحنجرة فقد غلب كل الأوجاع) شيخ حدثته أفكاره من جهة الصوم قائلة (كل اليوم وتنسك غدا فقال لن أفعل ذلك .لكنى أصوم اليوم وتتم ارادة الله غدا. الصوم عند الاباء هو صوم الجسد عن الطعام وصوم اللسان عن الكلام البطال وصوم القلب عن الشهوات ونقاوته من الخطايا قال مار اسحق (الذى يصوم عن الغذاء ولايصوم قلبه عن الحنق والحقد ولسانه ينطق بالأباطيل فصومه باطل لأن صوم اللسان أخير من صوم الفم وصوم القلب أخير من الاثنين). قال القديس باسيلوس الكبير ( أن الصوم الحقبقى هو سجن الراذئل أعنى ضبط اللسان وامساك الغضب وقهر الشهوات الدنسة). ونجد ان المقدرة على الصوم تأتى بالتدريج فقد قال أنبا أولوجيوس لتلميذه (يا بنى عود نفسك اضعاف بطنك بالصوم شيئا فشيئا لأن بطن الانسان أنما تشبه زقا فارغا فبقدر ما تمرنه وتملأه تزداد سعته كذلك الأحشاء التى تحشى بالأطعمة الكثيرة ان أنت جعلت فيها قليلا ضاقت وصارت لا تطلب منك الا القليل) . الصوم عند الاباء هو الحصن الذى نحتمى فيه والصلاة هى السلاح (حصن الانسان الروحي هو الصوم وسلاحه هو الصلاة فمن ليس له صوم دائم فلا يوجد حصن يمنع عنه العدو ومن ليست له صلاة نقية فليس له سلاح يقاتل به الأعداء). الصوم انتصار على اوجاع الجسد الروحية ، قال القديس يوحنا القصير (اذا أراد ملك أن يأخد مدينة الأعداء فقبل كل شئ يقطع عنهم الشراب والطعام وبذلك يذلون فيخضعون له هكذا أوجاع الجسد اذ ضيق الانسان على نفسه بالجوع والعطش ازاءها فانها تضعف). القصد الالهى من الصوم هو الجهاد المستمر بإيمان ضد الذات واغراءات العالم والجسد حتى نصل إلى نقاوة القلب التى بها نعاين الله ونشبع به . الصوم وحياة الفضيلة والنمو الروحي . الصوم رياضة روحية .. قل لي بماذا تهتم اقول لك من انت؟ اننا على قدر ما نهتم بارواحنا واشباعها بالله وبمحبته والنمو فى الفضيلة نصير اناس روحيين { فان الذين هم حسب الجسد فبما للجسد يهتمون و لكن الذين حسب الروح فبما للروح. لان اهتمام الجسد هو موت و لكن اهتمام الروح هو حياة وسلام.لان اهتمام الجسد هو عداوة لله اذ ليس هو خاضعا لناموس الله لانه ايضا لا يستطيع. فالذين هم في الجسد لا يستطيعون ان يرضوا الله} رو 5:8-8. من اجل هذا يقول لنا مخلصنا الصالح { اعملوا لا للطعام البائد بل للطعام الباقي للحياة الابدية الذي يعطيكم ابن الانسان لان هذا الله الاب قد ختمه }(يو 6 : 27). الصوم اذاً ليس هدفاً فى حد ذاته لكنه وسيلة للأهتمام بالروحيات والشبع بكلمة الله . من أجل هذا راينا سليمان الحكيم الذى اعطاه الله حكمة عندما أهمل الروحيات واهتم باشباع شهواته وملذاته سقط وعبد الهه غريبه {ومهما اشتهته عيناى لم أمنعة عنهما }(جا 2: 1). ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب إلهه كقلب داود أبيه وعصفت به الشهوات الكثيرة فالصوم يقاوم الاخطاء ويقوى الروح ويضبط النفس ويعطي صحة للجسد .+ الصوم وحياة التوبة .. ان الصوم هو الفترة المناسبة للتوبة والتذلل الى الله ، ومع ان التوبة عمل مستمر للانسان الروحى الا ان الصوم فترة للتخلص من الاخطاء لاسيما خطايا اللسان والعادات الضارة ، حيث تقوى الارادة ويكون صوم الفم عن الطعام وانشغاله بعمل ارادة الله دافع للتواضع والتذلل { اذللت بالصوم نفسي }(مز 35 : 13). والصوم خاصة فى مواجهة الضيقات يجعل الله ينظر الى تواضعنا حيث تتعمق صلواتنا ونطلب تدخل الله هكذا عندما راي الله كيف صام وتاب وتواضع اهل نينوي غفر لهم خطاياهم . وفي صوم استير والشعب كله، حينما تعرضوا لمؤامرة هامان(أش 4: 16). وكيف كانت استجابة الرب سريعة و عجيبة. كذلك نسمع عن صوم نحميا لما جاءته الأخبار أن { سور أورشليم منهدم، أبوابها محروقة بالنار } (نح 1: 3، 4). ويروى سفرنحميا أيضاً كيف كانت استجابة الرب سريعة وعجيبة.. كذلك يروى لنا الكتاب كيف صام عزرا وهو باك، وكيف كان تأثير ذلك في تنقية الشعب وتطهيره. وفى تاريخ الكنيسة راينا كيف ان الصوم نقل جبل المقطم فى أيام البابا ابرام ابن زرعه . هكذا نصلى فى قسمة الصوم الكبير ونقول كيف ان الصوم والصلاة صنعا المعجزات وكانا عونا للقديسين فى الضيقات . الصوم والتداريب الروحية .. الصوم فترة مقدسة يكون فيها الجسد خفيف مما يساعد على الصلاة والسهر والقراءة فى الكتب الروحية والسجود لله فى مطانيات وركوع طلباً لمراحم الله { لذلك انا ايضا ادرب نفسي ليكون لي دائما ضمير بلا عثرة من نحو الله و الناس} (اع 24 : 16). اننا نري حتى أتباع البوذية والهندوسية يصلون لسمو روحى عالي بالصوم والتدريب فكم يجب علينا نحن ان ندرب انفسنا على حياة التقوى والاستنارة الروحية نحن الذين يجب ان ننقاد لروح الله ونأتي بثمر ويدوم ثمرنا { واعمال الجسد ظاهرة التي هي زنى عهارة نجاسة دعارة.عبادة الاوثان سحر عداوة خصام غيرة سخط تحزب شقاق بدعة. حسد قتل سكر بطر وامثال هذه التي اسبق فاقول لكم عنها كما سبقت فقلت ايضا ان الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله.واما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول اناة لطف صلاح ايمان. وداعة تعفف ضد امثال هذه ليس ناموس.ولكن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الاهواء والشهوات.ان كنا نعيش بالروح فلنسلك ايضا بحسب الروح} غل 19:5-25. نحن يجب ان نقرن الصوم بالتداريب الروحية ومنها الصلاة الدائمة والتامل فى محبة الله والشبع بكلامه واقتناء الفضائل الروحية كالصمت والهذيذ فى وصايا الله ورفع القلب بالحديث مع الله والصلاة من اجل الآخرين ولاسيما المتضايقين والمشكلات التى تواجه الكنيسة وأعضائها ليتدخل الله ويحلها. الصوم ونجاح الخدمة .. ان نجاح الخدمة يحتاج لايدى مرفوعة بالصلاة كل حين والصوم يرفع من حرارتنا الروحية . ان الرسل فيما هم يصومون ويصلوا كان الرب يعمل معهم وينجح خدمتهم { وفيما هم يخدمون الرب ويصومون، قال الروح القدس،افرزوا لى برنابا وشاول العمل الذي دعوتهما إليه. فصاموا حينئذ وصلوا، ووضعوا عليهما الأيادى} أع 13: 2، 3. وراينا اثر الصوم روحياً فى اخراج الشياطين وفي ذلك قال السيد الرب في معجزة إخراجه لشيطان عنيد لم يقو التلاميذ على اخراجه.، حينئذ قال الرب { وأما هذا الجنس، فلا يخرج إلا بالصلاة والصوم }مت 17: 21. ذلك لأن صلاة الصائم تكون لها روحياتها وتأثيرها. من اجل هذا قال القديس بولس الرسول { بل في كل شئ نظهر أنفسنا كخدام لله.. في أتعاب في اسهار في أصوام} 2كو 6: 4 ، 5. الصوم والعطاء .. الصائم يشبع بالصلاة ويبرهن على محبة لله بالنسك الجسدى ويعبر عن محبته لاخوته ويجعلنا نشعر بالآم الفقراء وحاجتهم فنعطيهم بسخاء ومحبة غير متغضين عن اخوتنا { صالحة الصلاة مع الصوم والصدقة خير من ادخار كنوز الذهب} (طو 12 : 8). من اجل هذا يوصينا الانجيل بالعطاء وان نكنز كنوزنا فى السماء {لا تكنزوا لكم كنوزا على الارض حيث يفسد السوس والصدا وحيث ينقب السارقون ويسرقون. بل اكنزوا لكم كنوزا في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدا وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون.لانه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك ايضا} 19:6-21. ان ما نقدمة لاخوتنا المحتاجين نقدمه لله ويبقى لنا كنزاً لا يفنى {لان الصدقة تنجي من الموت وتمحو الخطايا وتؤهل الانسان لنوال الرحمة والحياة الابدية (طو 12 : 9). الصوم ونقاوة القلب . الصوم فترة يقل فيها شغب الجسد وتتقوى الروح وفرصة للدخول الى حياة العمق والتأمل وفحص القلب والضمير والنفس . اذ لا يعرف الانسان الا روح الإنسان الساكن فيه وفي الصوم تصفو النفس ويتنقى القلب ونتوب ونرجع الي الله . فلنحرص اذاً ان يكون صومنا ليس مجرد استبدال طعام حيوانى باخر نباتى ولا مجرد الامتناع عن الطعام لفترة من الزمن ثم نأكل ما لذ وطاب بل يجب ان يكون صومنا فرصة للنمو الروحى وضبط النفس وتقوية الارادة وحرارة الروح . نشبع فى الصوم بالصلاة ونتوب ونتخلص من الضعفات والخطايا ونلتصق بالله وكلمته القوية والفعالة والقادرة على أشباع ارواحنا وبكل الوسائط الروحية التى تشعل محبة الله فى القلب ونهتم بان نكنز لنا كنوزاً فى السماء بالعطاء للمحتاجين والفقراء والصلاة من أجل المتضايقين وخدمة المحتاجين والضعفاء والعمل على نقاوة القلب وقداسته فطوبى لانقياء القلب لانهم يعاينون الله . الصوم والصحة النفسية والجسدية .. أن فوائد الصوم لصحة الإنسان وسلامة بدنه كثيرة جداً، منها ما يتعلق بالحالة النفسية للصائم وانعكاسها على صحته الجسدية ، حيث أن الصوم يساهم مساهمة فعالة في علاج الاضطرابات النفسية والعاطفية، وتقوية إرادة الصائم، ورقة مشاعره، وحبّه للخير، والابتعاد عن الجدل والمشاكسة والميول العدوانية، وإحساسه بسمو روحه وأفكاره، وبالتالي تقوية وتدعيم شخصيته، وزياة تحمّلها للمشاكل والأعباء بالاضافة الى مساعدته في علاج الكثير من أمراض الجسم، كأمراض جهاز الهضم، مثل التهاب المعدة الحاد، وأمراض الكبد، وسوء الهضم، وكذلك في علاج البدانة وتصلب الشرايين، وارتفاع ضغط الدم، وغيرها. كتب الطبيب السويسري بارسيليوس (إن فائدة الجوع قد تفوق بمرّات استخدام الأدوية). أما الدكتور فيليب، فكان يصوم مرضاه من الطعام لبضعة ايام، ثم يقدّم لهم بعدها وجبات غذائية خفيفة، ولذلك فأهمية الصوم تكمن في أنه يساعد على القيام بعملية التخلص من الخلايا القديمة، والخلايا الزائدة عن حاجة الجسم . ان فوائد الصيام كثيرة تشمل كل أبعاد الحياة الإنسانية، بحيث أنها تدخل في كل خلية من خلايا الجسم.. فيسهم الصوم فى .. 1- الوقاية من الأورام .. وهو يقوم بدور مشرط الجراح الذي يزيل الخلايا التالفة والضعيفة في الجسم، باعتبار أن الجوع يحرك الأجهزة الداخلية في الجسم لمواجهة ذلك الجوع، ما يفسح المجال للجسم لاستعادة حيويته ونشاطه، ومن جانب آخر، فإنه يقوم بعملية بناء الخلايا والأعضاء المريضة، ويتم تجديد خلاياها، فضلاً عن دور الوقاية من كثير من الزيادات الضارة مثل الرواسب والزوائد اللحمية والأكياس الدهنية، والأورام في بدايات تكونها. 2 ـ التوازن في الوزن .. يقوم بدور إنقاص الوزن لمن يعاني السمنة، ولكن بشرط أن يصاحبه اعتدال في كمية الطعام بعد فترة الانقطاع عن الطعام ، والاكتفاء بالخضروات والبقول والفاكهة المفيده للجسم . 3ـ الحماية من السكر.. يقوم بعملية خفض نسبة السكر في الدم إلى أدنى معدلاتها، ويتم ذلك من خلال إعطاء البنكرياس فرصة للراحة، لأن البنكرياس يفرز الأنسولين الذي يحوّل السكر إلى مواد نشوية ودهنية تخزن في الأنسجة، وعندما يزيد الطعام عن كمية الأنسولين المفرزة يصاب البنكرياس بالإرهاق ويعجز عن القيام بوظيفته، فيتراكم السكر في الدم وتزيد معدلاته بالتدريج حتى يظهر مرض السكر، ويحتاج الامر منا الى متابعة طبيعه لدي المتخصصين. 3ـ علاج الأمراض الجلدية.. إن الصيام يفيد في علاج الأمراض الجلدية، ويعمل على زيادة مناعة الجلد ومقاومة الميكروبات والأمراض المعدية الجرثومية. والتقليل من حدة الأمراض الجلدية التي تنتشر في مساحات كبيرة من الجسم مثل مرض الصدفية.وتخفيف أمراض الحساسية والحد من مشاكل البشرة الدهنية. ومع الصيام تقل إفرازات الأمعاء للسموم وتناقص نسبة التخمر الذي يسبب دمامل وبثوراً مستمرة. 4ـ الوقاية من داء النقرس والآم المفاصل .. النقرس ينتج عادة عن زيادة التغذية والإكثار من أكل اللحوم، ومعه يحدث خلل في تمثيل البروتينات المتوافرة في اللحوم داخل الجسم، مما ينتج عنه زيادة ترسيب حامض البوليك في المفاصل، خاصة مفصل الأصبع الكبير للقدم، وعند إصابة مفصل بالنقرس فإنه يتورم ويحمر ويصاحب هذا ألم شديد، وقد تزيد كمية أملاح البول في الدم ثم تترسب في الكلى فتسبب الحصوة، وإنقاص كميات الطعام علاج رئيسي لهذا المرض. ويعالج آلام المفاصل الذي يتفاقم مع مرور الوقت، فتنتفخ الأجزاء المصابة به، ويرافق الانتفاخ آلام مبرحة، وتتعرض اليدان والقدمان لتشوهات كثيرة، وذلك المرض قد يصيب الإنسان في أية مرحلة من مراحل العمر، ولكنه يصيب بالأخص المرحلة ما بين الثلاثين والخمسين ، ولكن ثبت بالتجارب العلمية أنه يمكن للصيام أن يكون علاجاً حاسماً لهذا المرض، وقد أرجعوا هذا إلى أن الصيام يخلص الجسم تماماً من النفايات والمواد السامة. 5ـ الحماية من جلطة القلب والمخ.. أكد الكثيرون من أساتذة الأبحاث العلمية والطبية أن الصوم ينقص من الدهون في الجسم ما يؤدي إلى نقص مادة الكوليسترول ، وهي عادة تترسب على جدار الشرايين، وبزيادة معدلاتها مع زيادة الدهون في الجسم تؤدي إلى تصلب الشرايين، كما تسبب تجلط الدم في شرايين القلب والمخ . لقد أستيقظ وعي العالم المتقدم على أهمية الصوم والأطعمة النباتية ويسعي الكثيرين اليه فى ارفف الاسواق فى الدول المتقدمة لا سعيا الى تقوية الروح بل من أجل صحة الجسد . لهذا وجب علينا نحن المؤمنين ان نرجع الى الصوم كفضيلة روحية من اجل صحة الجسد والنفس والروح . ان عقولنا تصبح أكثر تعقلا واصفى ذهناً وأنفسنا اقوى ارادةً وأكثر سمواً . نستطيع ان نضبط غرائزنا ونقوى ارادتنا بالصوم . اما الروح فلها طعام أخر يشبعها انه الجوع الى الله والشبع بالحديث معه وقراءة كتابه والتأمل فى محبته وصفاته وعمل ارادته { قال لهم يسوع طعامي ان اعمل مشيئة الذي ارسلني واتمم عمله} (يو 4 : 34). القمص أفرايم الأورشليمى
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل