المقالات

17 أبريل 2020

من محكمة إلى محكمة (الجمعة العظيمة)

إذ سلَّم السيد المسيح نفسه للجند، لم يخجلوا إنهم سقطوا عندما قال لهم "أنا هو!" لكن أوثقوه بعنفٍ شديد حتى كاد الدم ينفجر من جسمه بسبب العنف في تقييده، ظانين أنه بهذا لن يفلت من أياديهم مع مرارة الآلام التي تحملها عنا، كانت مسرته أن يحمل آلامنا في يوم واحد أو عدة ساعات من ليلة الجمعة حتى الظُهر قُدِّم أمام ست محاكم انتهت بتسليمه ليُصلَب. 1- أمام حنان رئيس الكهنة السابق، وقد طلب زوجُ ابنته قيافا رئيس الكهنة أن يبدأ بتقديمه أمام حنان، حتى يشعر الشعب أنه ليس حُكمًا فرديًا لعامل شخصي، إنما كل القيادات تفحص قضيته وتُصدِر حُكْمًا جماعيًا هذا الشيخ أرسله موثقًا إلى قيافا (يو 18: 12-14، 24). 2- أمام قيافا (مت 26: 57-68)، أصدر الحُكْم أنه مستوجب الموت لأنه جدَّف لكن وهو لا يدري حَكَم على الكهنوت اللاوي ثد أُبطِل إذ مزَّق ثيابه. 3- أمام مجمع السنهدرين (مت 27: 1-2)، أصدر الحُكْم أنه مستوجب، يُرسل لبيلاطس، إذ تظاهروا بإخلاصهم للرومان المستعمرين، متهمين السيد السيد المسيح بخيانة وطنية وثائر، إذ يُقيم نفسه ملكًا عوض قيصر. 4- أمام بيلاطس (يو 18: 28-38)، أدرك أنه غير مذنب، لكنه وَجد فرصة للتصالح مع هيرودس ملك الجليل الذي كان يريد أن يلتقي بيسوع المسيح، فحوَّل القضية إليه. 5- أمام هيرودس (لو 23: 6-12)، وكان يشتهي أن يصنع آية أمامه، لكن حَمَل الله لم ينزل إلينا ليظهر قوته وسلطان بل لكي يُذبَح عنا رأى أنه غير مذنب، لكن إذ التزم حَمَل الله بالصمت، استخف به وأعاده إلى بيلاطس بعد أن تصالح معه. 6- أمام بيلاطس (يو 18: 39- 19: 16)، أدرك أنه غير مذنب، كما أرسلتْ إليه امرأته تُعلِن له أن الأحلام تحرَّكتْ لتُحذِّرَه ألا يُصدر حُكْمًا عليه، فإنه بار غَسَلَ يديه أمام الكل مُعلِنًا أنه بريء من دم هذا البار لكن اليهود هدَّدوه بأنه بهذا يكون غير مُخْلِصٍ ولا أمين لقيصر، فسلَّمه لهم. لماذا صدر الحُكْمُ بالصلب؟ 1- إن السيد المسيح كحَمَل الله يُقدِّم ذبيحة للفصح، وكأن حَمَل الفصح يُشوى بالنار خلال سيخين يوضعان على شكل صليب فالصلب يؤكد أن يسوع المسيح هو حَمَل الفصح القادر وحده أن يعتقنا من عبودية إبليس والسخرة في عمل اللبن، ويطلقنا إلى مجد أولاد الله كان الموت بالصليب يُعتَبر أبشع نوع من الموت، بكونه عارًا، فحمل عارنا الذي صار لنا بسبب خطايانا إن الشخص المصلوب يشتهي الموت فلا يجده، وعندما يترفقوا به، يكسروا ساقيه حتى يستريح من مرارة الصلب. 2- يقول بولس الرسول، إن الذي لم يعرفْ خطية، صار خطية لأجلنا ليحمل لعنتها عنا وليس من طريق لدخول حَمَل الله دائرة اللعنة إلا من باب الصلب، لأنه مكتوب "ملعون كل من عُلِّق على خشبة" (تث 21: 23؛ غل 3: 13) أما آدم الأول وبنوه فدخلوا هذه الدائرة من باب كسر الناموس أو الوصية، أي بالعصيان دخل القدوس الذي لم يمكن للعنة ولا فساد أن يحلَّ به صار لعنة لينزعها عنا ونتقدَّس به، بكونه القدوس. 3- قد قبل حَمَل الله أن يُبذَل عن العالم كله (يو 3: 16) لكي لا يَهلِكَ كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية، فإنه بذل ذاته بإرادته وبمسرة فعلى الصليب بسَط يديه ليُعلِن أنه الكاهن الذي يُقدِّم الذبيحة، ويشفع كفاريًا بدمه في المؤمنين به. 4- الصليب يُصنَع من عارضتيْن، واحدة رأسية والأخرى أفقية وكما يقول القديس أغسطينوس أن العارضة الرأسية تُعلِن اتحاد البشر بالله السماوي، ووحدة الأرض بالسماء، وبالأفقية يبسط الرب يديه ليحتضن اليهود والأمم، والشعب مع الشعوب. 5- جاء الصلب يحقق الكثير من النبوات والرموز، نذكر منها "ثقبوا يديَّ ورجليَّ" (مز 22: 16) "ينظرون إلى من طعنوه وينوحون" (زك 12: 10) "أُحصي مع أثمة" (إش 53: 12) "الرب ملك على خشبة" (مز LXX) أما الرموز فمنها أن موسى إذ كان يرفع يديه على شكل صليب، كان شعبه يغلب عماليق (خر 17: 11)"وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يُرفَع ابن الإنسان (يو3: 14). 6- على الصليب توضع عِلَّة المصلوب، وقد كُتِبَ "ملك اليهود" بالأرامية واللاتينية واليونانية. 7- إذ يحمل الصليب، أمكن لسمعان القيرواني أن يحمله معه، وكأنه يدعونا لنوال بركة الصلب معه. 8- عندما عُلِّق على الصليب يُقال: "علمه فوقي محبة" (نش 2: 4)، يراه الكل علانية. 9- رأى الرسول بولس في الصليب قد تمت غلبتنا على إبليس وقواته بالمسيح المصلوب، كما يتم تسمير الصك الذي كان علينا (كو 2: 14). القمص تادرس يعقوب ملطى
المزيد
16 أبريل 2020

خميس العهد والحَمَل المذبوح

نستطيع أن نقول اليوم بلغ حَمَل الله إلى اللحظات الحاسمة لتحقيق رسالته كمُخلِّص العالم، وأن كانت لا تنفصل عن كل لحظات حياة السيد المسيح على الأرض منذ البشارة بتجسده وإلى لحظات صعوده إلى السماء، بل وإلى مجيئه حقًا إن المؤمن الذي يُدرِك سرَّ الحكمة الإلهية المكتومة منذ الأزل الخاصة بخلاص البشر، يشتهي أن يلتصق بالحَمَل الإلهي الذي يرفع خطية العالم، ليقف متأملاً في أحداث هذا اليوم العجيب تذوب نفسه حبًا، ويلتهب قلبه بنار الحب الإلهي، ويشتاق لو امتدَّ هذا اليوم ليحتوي كل حياته، فيصير في عيد سيدي مُفرِح هذا ما دفع الكنيسة لتُقيم من خميس العهد عيدًا تمتزج فيه ألحان البصخة التي تبعث سلامًا عجيبًا في أعماق الإنسان مع ألحان الفرح إنه يوم فريد رحلتنا مع الحَمَل في هذا العيد تمتد كل أيام غربتنا، بل أتجاسر فأقال أنه إذ تزول السماء والأرض كأمر خالقهما، يبقى احتفالنا بالعيد ممتدًا يتحدَّى الموت، لندخل إلى أعماق جديدة حين ننعم بما تمتع ذاك الذي كان يسوع يحبه "يوحنا الحبيب اللاهوتي" "ورأيت فإذا في وسط العرش والحيوانات الأربعة وفي وسط الشيوخ خروف قائم كأنه مذبوح." (رؤ 5: 6)لنخر معهم ونسجد أمامه ونحمل القيثارات السماوية والجامات الروحية ولنُسبِّح معهم بالترنيمة الجديدة، قائلين "مستحق أنتَ أن تأخذ السفر وتفتح ختومه، لأنك ذُبِحتَ واشتريتنا لله بدمِك من كل قبيلة ولسانٍ وشعبٍ وأمةٍ وجعلتنا ملوكًا وكهنة." (رؤ 5: 6-10) رحلة هذا اليوم هي رحلة عمرنا كله، بل ورحلة تمتُّعنا الدائم بالسماء، حيث يتلألأ عمل حَمَل الله الخلاصي أمام بصيرتنا ليبقى جديدًا لا يشيخ، موضوع سرورنا وتهليلنا الدائم. هبْ لي يا رب كلمتك وروحك لعلي أستطيع أن أُسجِّل بقدر استطاعتي ما أنعم به في التصاقي بكَ يا حَمَل الله العجيب! 1- اليوم أخذ رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب مع القادة الدينيين قرارهم النهائي الذي أعلنه رئيس الكهنة في نهاية اليوم وبداية الجمعة العظيمة "خير أن يموت إنسان واحد عن الشعب" (يو 18: 14) وقام بتمزيق ثوبه!بهذا اعتمد رئيس الكهنة الشهادة أن يسوع هو حَمَل الفصح الذي بلا عيب، يُقدِّم ذبيحة إثم عن الشعب، بل عن العالم عوض الذبائح الحيوانية مزَّق ثوبه ليُعلِن أنه قد أُبطِلَ الكهنوت اللاوي، فقد جاء رئيس الكهنة السماوي ليُقدَّم نفسه ذبيحة، فهو الكاهن والذبيحة وقابل التقدِّمات بل والملك!وقَّع رئيس الكهنة هذه الشهادة وهو لا يدري!يا للعجب! ارتجَّتْ القيادات المتعارضة فيما بينها في أمور كثيرة، لكنها اتَّفقتْ معًا في تقديم يسوع -حمل الله- لتُحقِّق لا إراديًا موضوع سروره، ألا وهو الصليب!اليوم تتهلل نفوسنا بمسيحنا الذي يهبنا الإرادة البشرية ولا يستخدم أسلوب الضغط، لكنه يُحوِّل حتى شرور البشر وأخطاءهم لتحقيق إرادته المقدسة، ويُتمِّم مسرته ألا وهي تقديم الخلاص لعالم كله! 2- إن كانت القيادات قررت لا إراديًا صلب حَمَل الله، فما يُحزننا أن أحد التلاميذ الذي كان بين يديه الصندوق، يتصرَّف فيما يُقدِّمه الأحباء لخدمة يسوع وتلاميذه دون رقيب، يتطوع بالالتقاء معهم ليُقدِّم أبشع خيانة قام بها إنسان في التاريخ كله!والعجيب أن الكنيسة في هذا اليوم، في هذا العيد المُفرِح تقتبس في قراءاته ما قاله بطرس الرسول عن هذه الخيانة (أع 1: 15-20)، لا لتضمه بين القراءات الكنسية بل تخصه بلحن طويل يهز أعماق النفس خاصة عندما يُرنمه الشمامسة كخورُس واحد ويشترك معهم بعض من الشعب، بلحنه الحزايني الآن أُسجِّل ما استطعتُ بعدما انسحب قلبي إلى هذا الحدث وأنا أستمع إلى اللحن، وقد اشتهيتُ لو أمكن قراءة هذا الفصل (الإبركسيس) بنفس اللحن اهتز قلب داود بهذا بهذا الحدث منذ أكثر من 1000 سنة قبل تحقيقه، وهو يرى بعيني النبوة أحد أبناء شعبه يرتكب هذه الخيانة بشعبه قَبلَ هذا البائس أن يُمارِس هذا العمل وإن كان ثمنه اليأس المُحطِّم وارتكابه جريمة الانتحار بعد أن اشترى لنفسه "حقل دم" صار بيته خرابًا، واستلم أسقفيته آخر في مرارة يقوم الكهنة مع الشمامسة بالانطلاق في موكب حزين باتجاه مخالف عن كل المواكب الكنسية يرْثون يهوذا الخائن الذي أعلن بتصرُّفه ما حلَّ بمملكة إبليس، حيث بالصليب أعلن هزيمته وسلَّم المسبيين في بيته، الذين استعبدهم، وردَّهم لحَمَل الله ليُقيم منه أبناء لله يتمتعون بمجد أولاد الله خيانة يهوذا تهز قلب الكنيسة، يُعلَن عنها خلال اقتباس نبوة داود، وكرازة بطرس، ووضع لحن خاص بها، وطقس الموكب كل هذا في الاحتفال بعيد سيدي من الأعياد الكبرى تُردِّد الكنيسة "لتصر داره خرابًا" ثلاث مرَّات، لتأكيد أن بيت إبليس قد تهدَّم ولم يعد قادرًا أن يحبسنا فيه، ولا عاد له سلطان علينا صار دارنا هو قلب حَمَل الله، إن صح التعبير، وارتبطنا بأسقف نفوسنا ربنا يسوع. 3- قام الحَمَل بنفسه بتأسيس سرّ الفصح المسيحي بطقس جديد يُعلِن إتمام الفصح الحقيقي عوض الرمزي أما أهم سمات هذا الطقس فهي:- أ‌- غالبًا ما كان الفصح يُحتَفل به في كل بيت وسط عائلة من سبط مُعيَّن، إذ كان يلتزم كل إنسانٍ أن يتزوَّج من سبطه، أما احتفال الفصح الذي تمَّ في عُليَّة مريم أم الإنجيلي مرقس فكان السيد المسيح من سبط يهوذا، وكان التلاميذ من أسباط مختلفة فحَمَل الله يجمع ليس فقط الأسباط معًا، بل واليهود مع الأمم، ليتمتَّع كل المؤمنين بالعضوية في الجسد الواحد. ب‌- في الطقس اليهودي كان رئيس المتكأ يقوم بغسل الأيدي، ليعرف الكل أنه هو أهم شخصية على المائدة استبدل السيد المسيح هذا الطقس بغسل الأرجل بعد أن اتزر بالمنشفة، ليُعلِن أن رئيس المتكأ هو من يكون عبدًا لإخوته وخادمًا للجميع. ج- كان لا يجوز لأحد أن يأكل شيئًا بعد أن يأكل الفصح، كما لا يجوز ترْك شيئًا من خروف الفصح لليوم التالي أما السيد المسيح فلم يكسر الطقس بل رفعه إلى الكمال، فقدَّم جسده ودمه ليُعلِن شبع المؤمن روحيًا وارتوائه، كما نال عربون الأبدية ولم يترك أيضًا شيئًا لليوم التالي، إنما جعل جسده ودمه مأكلاً ومشربًا يتمتَّع به المؤمنون في كل العالم خاصة في يوم الرب (الأحد) إنه يتناول ما يشتهي السمائيون التمتُّع به. د- كان الفصح اليهودي يُحتفَل به مرة واحدة في السنة، ولا يجوز الاحتفال به خارج أورشليم، ولا خارج البيت. أما حَمَل الله فقدَّمه مرة واحدة لتمتد فاعليته في الماضي حتى آدم وحواء، وإلى الأمام إلى آخر الدهور. صار يُحتفَل في كل الكنائس بكونها كنيسة واحدة، ويتناولون ذات الجسد والدم إفخارستيا بكوْن الحَمَل نفسه حاضرًا في كل قداي إلهي. ه- في الطقس اليهودي يُذبَح الحَمَل بغير إرادته، إذ لا حوْل له ولا قوة، أما حَمَل الله فقد تحقق بمسرته، وفي طاعة لأبيه ليُقدِّم مع بذله لنفسه أيضًا ذبيحة الطاعة عوض العصيان الذي أفاح رائحة فاسدة من تصرُّفات آدم الأول وهكذا إذ نتناول من جسد الرب ودمه، نحمل رائحته، رائحة البذل والشكر لذلك دُعي القداس الإلهي "سرّ الإفخارستيا" أي "سرّ الشكر". و- في الاحتفال بوليمة الفصح اليهودي يجلس رئيس المتكأ في صدر المائدة، وعن يمينه يجلس أصغر طفل قادر أن يسأله أربعة أسئلة عن سبب هذا الاحتفال وعن طقوسه ويُجيب رئيس المتكأ على هذه الأسئلة فيروي قصة خروج آبائهم من مصر وتحررهم من عبودية فرعون والتحرر من السخرة وانطلاقهم إلى البرية ليعبروا إلى أرض الموعد على يدي يشوع وغالبًا ما يجلس على يساره الضيف أو يُترَك فارغًا حاسبين ذلك كرسي إيليا، حيث يتوقعون دخوله فجأة كمُهَيء لمجيء المسيا المُخلِّص ويُترَك الباب مفتوحًا لعلهم يتمتعون بدخول المسيا أثناء احتفالهم بالفصح أما في تأسيس الفصح المسيحي، إذ كان يسوع المسيح حاضرًا كرئيس المتكأ، فقد وهبنا في كل احتفال أن يكون بنفسه حاضرًا وسط كنيسته، بكونه رأسًا وهي جسده المُقدَّس في كل احتفال نُعلِن عن اشتياقنا لمجيئه الثاني لنراه وجهًا لوجه على السحاب، ويحملنا إلى حضن الآب لا نترك أبواب الكنيسة أثناء الاحتفال لعله يأتي ليُخلِّصنا، إنما تنفتح أبواب قلوبنا لننعم بالقيامة الأولى معه ونجلس معه في السماويات كما نفتح أبواب قلوبنا المتسعة بالحب لكل البشرية، فنطلب من أجل الراقدين والأحياء، كما من أجل الأجيال القادمة. أحاديث صريحة:- قبل بدء تأسيس الفصح المسيحي، قدَّم السيد المسيح حَمَل الله، أحاديث كثيرة وحوارات تمس حياة الذين يحتفلون بالفصح كشف ليهوذا خيانته دون أن يذكر اسمه، لكن يهوذا أدرك موقفه، إذ قال له "هل أنا يا سيدي؟" (مت 26: 25) قال له "أنت قلتَ"ومع هذا لم يُقدِّم توبة صادقة بل أكمل عمله الشرير، وعندما نخس قلبه لم يترجَ الرب بل في يأسٍ مضى وشنق نفسه. لقد ترك يهوذا العُليَّة ولم يتمتَّع بالتناول من جسد الرب ودمه. بعد الاحتفال بالفصح المسيحي أعلن السيد لهم ضعفهم، فقال"كلكم تشكون فيَّ في هذه الليلة، لأنه مكتوب أني أضرب الراعي فتتبدد الرعية." (مت 26: 31) فتح لهم الرجاء ولم يرفضهم بسبب ضعفاتهم، إذ أكمل حديثه لهم: "ولكن بعد قيامي أسبقكم إلى الجليل"(مت 26: 32) هكذا لا ينتفع بهذا الفصح من ظل مُصِرَّا على رفضه لمخلصه، بينما ينتفع به المؤمنون مهما كانت ضعفاتهم ما داموا يُركِّزون رجاءهم فيه. في بستان جثسيماني وسرُّ الحكمة الإلهية:- إذ أسس حَمَل الله سرَّ الفصح المسيحي، لا ليقدِّم المؤمنين ذبائح حيوانية، إنما ليتمتعوا عبر الأجيال إلى يوم مجيئه الأخير بالاشتراك في ذات الفصح الذي قدَّمه بنفسه ففي القداس الإلهي يكون بنفسه حاضرًا، ويُقدِّم جسده ودمه المبذوليْن حياة أبدية لمن يتناول منهما الآن انطلق إلى بستان جثسيماني ومعه في صحبته الأحد عشر تلميذًا، بينما انطلق يهوذا ليُتمِّم ما قد اتفق عليه مع القيادات التي تطلب الخلاص من الحَمَل الإلهي انطلق معهم وصاروا ينشدون تسابيح الفصح التي اعتاد اليهود أن يترَّنموا بها دون أن يُدرِكوا أسرارها انطلق في البستان بكونه آدم الثاني الذي بمسرة قلبه وسروره ينحني أمام الآب وهو واحد معه في الجوهر، مُعلنًا أنه يحمل خطايا العالم بكونه ذبيحة إثم عنهم في هذا اللقاء حيث تتحقق حكمة الله الأزلية الخفية حتى عن الطغمات السمائية، ليُتمِّم مصالحة كل البشرية التي تؤمن به مع الله الآب، مشتريًا إياها بدمه الثمين يفتح ذراعيه لكل الأمم والشعوب والألسنة والقبائل بصورة لا يُعبَّر عنها ولا يمكن لخليقة ما إدراكها انطلق الأحد عشر معه ولم يسيروا كثيرًا حتى طلب من الثلاثة الأخصاء بطرس ويعقوب ويوحنا أن يرافقوه إلى موضع أعمق، وهناك تركهم، وانطلق بمفرده في لحظات لا يقدر إنسان أن يرافقه أو يعاينه ويتعرَّف على سرِّ الخلاص كما هو حقًا إن المُخلِّص لا يريد أن يكون هذا السرّ مكتومًا عمن يُعدُّوا للتمتُّع بمجد أولاد الله عاد الثلاثة الأخصاء فوجدهم نيامًا، فعاتبهم إذ لم يتحمَّلوا أن يسهروا معه ساعة واحدة، في أثمن لحظات في حياة البشرية كلها تكرَّر الأمر، وأخيرًا سمح لهم أن يناموا ويستريحوا، إنه كمُخلِّص يترفق بهم لأجل ضعفهم البشري! حقًا يبقى هذا العمل الإلهي له قدسيته، كلما تلامسنا معه، نختبر عذوبة الحب الإلهي كأنها على الدوام جديدة!يا لحُبِّك العجيب يا مخلصي، فإنك على الدوام تشتهي أن نكون في صُحبتِك، ونصعد كما موسى النبي على جبل سيناء وندخل معه في الغمامة، لنرى ونتلمس ونتذوق ما لم يستطع هرون رئيس الكهنة ولا أبناؤه الكهنة ولا شيوخ إسرائيل وأيضًا كل الشعب أن يتمتعوا به كما تمتع هو جوعنا وعطشنا إليك وإلى معرفة أسرار حبك تجعلنا نشتهي أن نقول مع القديس غريغوريوس النزينزي: [ ] القُبْلَة الغاشة:- يئن العالم على الدوام من القُبْلات الغاشة التي يُقدِّمها الأصدقاء، وهم أكثر عنفًا وقسوة من الحيوانات المفترسة شكرًا لك يا حَمَل الله، فقد حملتَ أخطر قُبْلة غاشة تمت في التاريخ كله، قُبْلَة تصدر من مخلوق وُهِبَتْ له عطايا هذا مقدارها تُقدَّم للخالق المُخلِّص الذي لا يكف عن سكب فيض من نعمته وبركاته الإلهية السماوية لمن يفتح فاه لكي تملأه! بقُبْلة سلَّمك يهوذا تلميذك مقابل ثلاثين من الفضة، وهو ثمن عبد كان ليس له قيمة في ذلك الحين لم تطلب من أحد خدامك السمائيين أن يُجازيه شرًا، ولا سمحتَ للأرض أن تنشق وتبتلعه، ولا للسماء أن تُرسِل نارًا تحرقه لكنك عاتبته بكل رقة، لعله يرجع إلى عقله ويترجَّى خلاصه بك. أشار يهوذا إليك بقُبْلَتِه الغاشة، ولم يستطع الجنود أن يلقوا القبض عليه سألتَهم من يطلبون؟ وإذ قلتَ إنك أنت هو الذي يطلبونه، سقطوا في رُعبٍ. ومع هذا سلَّمتَ نفسك لهم، فاستخدموا كل قسوة، ظانين أنك لن تفلت من أيديهم. القمص تادرس يعقوب ملطى
المزيد
15 أبريل 2020

أربعاء البصخة والمعركة المقدسة

كلمة الله المتجسد يبذل ذاته فداءً عن العالم كله من أجل محبته لنا يدعونا أن نقبله وهو العريس مُفرِّح القلوب، وأن ننضم إليه كقائد للمعركة الروحية ضد إبليس وكل قوات الظلمة. فإن رؤساء الكهنة والكهنة وكثير من القيادات قد تحالفوا معًا ضده فإنه يستخدم هذا التحالف المُترجم خلال المشاورات والتخطيطات والخداع والبلوغ إلى حيِّز العمل لأجل بنيانا انضمامنا إلى المعركة، وقبولنا لحَمَل الله قائدًا للمعركة يكشف لنا عن حكمة الله ومحبته ورعايته الإلهية:- 1- نكتشف الله كضابط الكل، في يده التاريخ، ما يحدث حتى وإن كان دافعه شر الأشرار، لكن بسماح منه ليس شيء يحدث مصادفة أو اعتباطًا، إنما يهتم محب البشر بكل أمورنا الكبيرة والصغيرة لا نضطرب مما يحدث، ولا نخشى الغد، ما دام مخلصنا هو ضابط الكل! 2- حَمَل الله هو مخلصنا الصالح؛ يعني الصلاح هنا ليس فقط يُقدِّم لنا خيرات، إنما يُحوِّل حتى الشرور التي يثيرها الأشرار لصالحنا وإكليلنا ومجدنا! 3- وإن بدت المعركة قاسية، لكن إذ هي تحت القيادة الحَمَل نفسه، تشعر بالسعادة لشركتها معه تتمتع بالنصرة كما تتمتع بالإكليل، لكن إكليلها الحقيقي هو التمتُّع بالحَمَل السماوي. 4- تكشف هذه المعركة عن شخصية الإنسان الحقيقية والخفية، فلا نعجب إن وُجِدَ خائن من تلاميذ المسيح، لعدم أمانته وعدم صدقه مع نفسه، كما نجد من يضعف حتى الجحود المتكرر، لكن إذ يحدث هذا عن ضعف يجد الحَمَل نفسه يطلب لأجله ويرده إليه ويُكرِّمه كما نجد امرأة خاطئة إذ تأتي بروح الإخلاص تتأهل أن يُذكَر ما فعلته في كل العالم حيث يُكرَز في الإنجيل إنها بحق تُمثِّل القلة الأمينة التي تغلب وتنتصر بقيادة حَمَل الله العجيب القادر وحده أن يغفر الخطايا. 5- في هذه المعركة يتمجد الصادقون في اشتياقهم للالتصاق بالقائد بالرغم من ضعفهم البشري، بينما يُفضَح المراءون المتكبرون، حتى وإن كانوا رؤساء كهنة أو شيوخ الشعب أو أحد الفريسيين أو غيرهم من القادة! القمص تادرس يعقوب ملطى
المزيد
14 أبريل 2020

ثلاثاء البصخة والحياة السماوية الملوكية

في سبت لعازر نشتهي أن نتمتع بالقيامة الأولى، لكي يبيت فينا كما في بيت لعازر وننعم بالقيامة الثانية في مجيئه الثاني والأخيروفي أحد الشعانين ندعوه للدخول كملك في قلوبنا، فيُحوِّلها إلى بيت الخاص المملوء فرحًا روحيًا وسلامًا سماويًا وفي اثنين البصخة، ندعوه أن يقتلع كل فساد، ويغرس صليبه، شجرة الحياة، أي يقيم جنته فينا والآن في ثلاثاء البصخة إذ يغرس جنته فينا يثور في داخلنا سؤالان، وهما ما هي طبيعة هذه الجنة؟ متى ننعم بها بكمال أثمارها؟ وقد جاءت أمثال السيد المسيح وأحاديثه في هذا اليوم تُجيب على هذيْن السؤاليْن. من جهة طبيعة هذه الجنة: جاءت الأمثال تؤكد إنها جنة سماوية، حيث يأتي العريس السماوي على السحاب ويدعو عروسه تلتقي معه، فيحتضنها ويدخل بها في موكب ملائكي إلى الأمجاد السماوية الكل مدعو ليكونوا العروس الواحدة البتول، أما العذارى الخمس فيُشرن إلى حواس المؤمن التي تتطهر بزيت النعمة الإلهية، فتُنير إنها العروس التي تنعم بالقيامة الأولى، تمارس الإيمان العامل بالمحبة، يسندها العريس نفسه الساكن فيها ويُجَمِّلها بروحه القدوس، فتتهيأ لهذا العُرْس الفريد! أيضًا طبيعة هذا العُرْس أنه ملوكي، فيُشبِه ملكوت السماوات ملكًا أقام عُرْسًا لابنه العروس ملكة تجلس عن يمين ملك الملوك، تحمل الروح الملوكية، صاحبة سلطان. فقد أعطانا سلطانًا أن ندوس على الحيات والعقارب وكل قوة العدو (لو 10: 19) يعيش المؤمن هذا الزمان لا بروح الخوف والقلق، بل بروح الإيمان والرجاء، يتكئ على صدر الله، ويسأله أن يُقدِّسه كل يوم، لأنه يلتقي بالقدوس! من جهة الزمن الذي يتحقق فيه ذلك، يدعونا حَمَل الله أن نسهر ونستعد، مترقبين مجيئه في أية ساعة، بل ونعلن شوقنا الحقيقي لسرعة مجيئه بكل كياننا نُغنِّي ونُسَبِّح "نعم تعالَ أيها الرب يسوع" (رؤ 22: 20). القمص تادرس يعقوب ملطى
المزيد
13 أبريل 2020

اثنين البصخة وغرس جنة لآدم الثاني

تُركِّز القراءات الكنسية على لعن شجرة التين العقيمة غير المُثمِرة (مت 21: 19) غالبًا ما كان اليهود يهتمون برعاية الحَمَل المختار لتقديمه في عيد الفصح، ربما كان يُعزَل ويُقدَّم له طعام خاص، ويهتم به كل أهل البيت، إذ يتطلعون إليه أنه حَمَل الفصح الذي ينضح عليهم بالفرح والبهجة يوم العيد! في باكر اثنين البصخة تُقدِّم لنا الكنيسة حديثيْن هاميْن، هما تكوين 1، 2 حيث يخلق الله الأرض والبحار والشمس والقمر والزروع والحيوانات لأجل الإنسان، بل ويغرس الرب الإله جنة عدن شرقًا ويضع هناك آدم الذي جبله (تك 2: 8) وكأن الله قدَّم لآدم الأول وليمة خاصة يتمتع بها في جنة عدن بفرح وبهجة قلب أما الحديث الثاني فهو نشيد الكرمة الجاحدة (إش 5) حيث يُعاتب الله البشرية الساقطة التي أفسدتْ كرمه، قائلاً "ماذا يُصنَع أيضًا لكرمي وأنا لم أصنعه؟!" (إش 5: 4) قدَّم الله لآدم جنة مُفرِحة فأفسدها لتُثمر شوكًا وحسكًا!الآن إذ جاء حمل الله، مُقدِّمًا نفسه ذبيحة نفسه، إنما لكي يغرس جنة ليس في أرض عدن شرقًا، إنما في أعماق القلب لهذا لعن شجرة التين اليابسة التي أفسدتْ القلب، لكي يغرس الرب صليبه، فيتحوَّل قلبنا من مذبلة إلى جنة روحية يفرح بها الله، ويُسر بها السمائيون في اثنين البصخة لا نحزن على شجرة التين العقيمة، بل نناجي آدم الثاني، قائلين له "ليأتِ حبيبي إلى جنته، ويأكل ثمره النفيس" (نش 4: 16) لقد حان الوقت الذي يُحقِّق فيه رب إرمياء نفسه بصليبه ما قيل بروح النبوة " انظرْ قد وكَّلتُك هذا اليوم على الشعوب وعلى الممالك، لتقله وتهدم، وتهلك وتنقض، وتبني وتغرس" (إر 1: 10) في العهد القديم قُدِّم للشعب كل الإمكانات للغرس والبناء، لكن عوض العنب السورق (الجيد) أنتج شوكًا، فما هو الحل؟أن يتم الغرس "في المسيح"، أي في الطريق وليس على جانب الطريق (مت 21: 19)، سواء يمينًا أو يسارًا، أي سواء في رياء والبرّ الذاتي أو ارتكاب الشرور وقد جاءت الوصية الإلهية "لا تحد عنها يمينًا ولا يسارًا" (يش 23: 6) وكأن عيد الفصح المسيحي هو دعوة لإقامة جنة لآدم الثاني "ملكوت الله داخلكم (لو 17: 21)، "باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح" (أف 1: 3) وكأن علاج كل فساد فينا هو التسليم العملي الجاد لحياتنا لنحيا في المسيح، ونسلك فيه بكونه الطريق الذي يحملنا فيه، ويسير بنا، ويُدخلنا فيه فهو البداية والنهاية (رؤ 22: 13). القمص تادرس يعقوب ملطى
المزيد
12 أبريل 2020

مواكب ظاهرة ومواكب خفية (أحد الشعانين)

دخل حَمَل الله أورشليم للحفظ علانية، ارتجَّتْ المدينة كلها (مت 21: 10)، بل واهتز الجحيم إذ جاءت اللحظات التي طال الآباء والأنبياء وكل مؤمني العهد القديم ينتظرونها، لتتحطم متاريس الهاوية وينطلقوا في حرية إلى الفردوس، واهتزت السماء إذ وقف السمائيون في دهشة يترقبون ماذا يحدث، وارتبك إبليس وكل قوات الظلمة في ذلك اليوم كان يتم اختيار حَمَل الفصح لكل بيت، وغالبًا ما يُحجَز في موضع خاص في رعاية خاصة من أحد أفراد الأسرة حتى يُفحَص وُذبَح أما حَمَل الله الوحيد، فالسماء والأرض تُرحِّبان به لكن لم يُحفَظ يأكل وبشرب وينام، بل يقول "أبي يعمل حتى الآن، وأنا أيضًا أعمل" (يو 5: 17) ماذا فعل حَمَلُ الله عند دخوله أورشليم؟ أول عمل قام به دخوله إلى الهيكل بكونه بيته الذي يليق به القداسة دخل القدوس إلى بيته، فلا يقبل أن يتحوَّل إلى بيت تجارة لذلك قَلَبَ موائد الصيارفة، وطرد باعة الحمام حمل الله الوديع والمملوء حنوًا ولطفًا، لن يقبل أن تتحوَّل قلوبنا إلى بيوت تجارة، نطلب البركات الزمنية من أشفية ونجاح في أعمالنا مع تجاهُل واهب العطايا نعبده لكننا نحب عطاياه دون شخصه، فتصير عبادتنا أشبه برشوة نُقدِّمها لله خالق الكل! استقبل موكب العميان والعرج، فيهب حكمة، أي بصيرة داخلية، فيرون الثالوث القدوس ويتمتعون باللقاء معهم. يهبهم نفسه فيجعلهم نورًا للعالم، يتمتعون بانعكاس النور الإلهي، فيشرقون به على العالم يُقدِّم نفسه طريقًا يسيرون فيه ويسلكون كما يليق بهم كأبناء لله هكذا يُحكِّم العميان ويشفي العرج يُقيم من الأطفال والرُضَّع خورُس تسبيح (مت 21: 14) يقوده روحه القدوس، لا يُعَلِّمهم إنسان، ولا يحتاجون إلى تدريب ليُسَبِّحوا معًا بانسجام بقلوب ملتهبة كأنها سماوية قُدِّم إلى رؤساء الكهنة والشيوخ لفحصه حتى يُعلَن عنه أنه بلا عيب لكن عوض الفحص صاروا يهاجمونه، فانفضحوا أنهم عاجزون عن أن ينطقوا بالحق الإلهي عندما سألهم "معمودية من أين كانت من السماء أم من الناس؟ ففكروا في أنفسهم قائلين إن قلنا من السماء، يقول لنا فلماذا لم تؤمنوا به وإن قلنا من الناس نخاف من الشعب، لأن يوحنا عند الجميع مثل نبي فأجابوا يسوع، وقالوا لا نعلم" (مت 21: 25-27) فعوض أن يفحصوا فَحَصَهم الحمل، وحكموا على أنفسهم بالجهل وعدم المعرفة لم يكن حَمَل الله مُحتاجًا إلى فحصٍ، فإذ وقفت القيادات اليهودية ضده تحرَّكت الأحلام التي لا سلطان للقيادات عليها فقد أرسلت امرأة بيلاطس إلى رجلها تُحذِّره "إياك وذلك البار، لأني تألمتُ اليوم كثيرًا في حُلمٍ من أجله" (مت 27: 20) وشهد الوالي الروماني "إني بريء من دم هذا البار" (مت 27: 24). القمص تادرس يعقوب ملطى
المزيد
11 أبريل 2020

بين الفصح اليهودي والفصح المسيحي

لا ندهش إن ساد جوٌ من التعزيات الفائقة في فترة أسبوع البصخة المقدسة، فإن آلام السيد المسيح تحمل إلينا عذوبة الحب الإلهي، وتدخل بنا إلى التعرُّف على أسرار إلهية يصعب التعبير عنها كثير من اليهود الأرثوذكس يحلمون بعودة الاحتفال بعيد الفصح اليهودي كما كان قبل مجيء السيد المسيح. كان يحتفل بالعيد حوالي 2 مليون شخص في أورشليم، يقدِّمون مئات الألوف من الحملان، ببهجة يشترك فيه حتى الأطفال الصغار بفرحٍ وتهليل ذبح هذه الآلاف من الحملان الذي يعود بذاكرتهم إلى تحرير آبائهم من عبودية فرعون ورجاله وانطلاقهم إلى البرية تحت قيادة موسى النبي، مع حدوث عجائب ومعجزات تُبهج نفوسهم بمعاملات الله مع آبائهم هذا بالنسبة للرمز الذي لا قيمة له سوى الدخول إلى الفصح الحقيقي بتقديم حمل الله الوحيد نفسه ذبيحة، يُقدِّمها كرئيس الكهنة السماوي، لينطلق بهم إلى التمتُّع بعربون أورشليم العليا، وتذوُّق خيرات كنعان الأبدية ونحن بعد في الجسد في هذا العالم يشعر المؤمن في احتفاله بالفصح المسيحي في كل عام، كأنه لأول مرة يحتفل به، إذ يجده جديدًا ومُفرِحًا للغاية، يتعرَّف على حمل اله مُرنِّمًا مع إرمياء النبي"مراحمه لا تزول. هي جديدة في كل صباح نصيبي هو الرب قالت نفسي." (مرا 3: 22-24) أشترك معك يا عزيزي في الإحساس، إنه في كل عام أشعر كأني أغوص في محيط حب الله الفائق تتهلل نفسي في الأعماق، وأشعر بأن كلماتي وأحاديثي وقلمي هذه كلها تخونني في التعبير عما أنعم به، وأنا سائر مع حمل الله كما إلى الجلجثة ثم إلى البستان بل وتنطلق نفسي معه لتشبع من رؤية رجال ونساء وأطفال العهد القديم وهم يتهللون، إذ يحملهم ويدخل بهم إلى فردوسه! لقاء مع لعازر! تصر الكنيسة أن تحتفل بإقامة لعازر في السبت السابق لدخول حمل الله أورشليم كملك مُنتصِر! أيا كان يوم إقامته! حقًا لقد تمتع بالإقامة من الموت قبل ذلك بأيام، لكن الكنيسة ترى في إقامته ارتباط قوي بالبصخة المقدسة من أجل الصليب تجسد حكمة الله وتأنس كحَمَل الله الذي يبذل نفسه عن العالم ويحمل المؤمنين به إلى حضن الآب لكن في وسط آلامه يشتهي أن يجد قلبًا ليسند رأسه فيه ويبيت لا يحتاج حمل الله إلى مكان أو قلب يستريح فيه أو ينام فيه أو يسند رأسه فيه، لكنه إذ يسند رأسه، إنما يسند رؤوسنا فيه ونستريح به أبديًا إنه يستريح في النفوس القائمة من الأموات، أو المتمتعة بالقيامة الأولى يُحدِّثنا سفر الرؤيا عن القيامة الأولى والقيامة الثانية (رؤ 20) القيامة الأولى نتمتع بها هنا، فنقول مع الرسول بولس "أقامنا معه، وأجلسنا في السماويات" (أف 2: 6) تقوم نفوسنا بالميلاد الجديد حيث نُدفَن مع المسيح في مياه المعمودية ونقوم في جدة الحياة (رو 6: 4) حقًا في جهادنا في هذا العالم نئن من محاربات شهوات الجسد، فنصرخ مع مرثا "قد أنتَن!"، فنعيش أيام غربتنا تحت قيادة روح الله القدوس لنختبر بالتوبة كل يوم بالقيامة الأولى فمع ضعفاتنا وصرخاتنا يشتهي حَمَل الله أن يبيت في قلوبنا القائمة به ومعه!لن يتمتع مؤمنٌ ما ببهجة أسبوع البصخة المقدسة، وينعم باللقاء مع حَمَل الله في أعماقه، ما لم يصر لعازر الجديدمع كل أسبوع بصخة، بل مع كل صباح تشتهي نفسي أن تسمع الصوت الإلهي "لعازر هلم خارجًا! يبدأ أسبوع البصخة بالاحتفال بإقامة لعازر كتهيئة له كدعوة عملية أن يختبر القيامة الأولى، ويُختَم بقيامة السيد المسيح، حيث قام بكر الراقدين فننعم بالقيامة الثانية في يوم مجيئه الثاني، فيشترك الجسد مع النفس في الأمجاد السماوية. إلهي، مع بداية آلامك تصرخ نفسي قائلة "متى نرى العالم كله لعازر الجديد، فيستريح الكل بحلولك في قلوبهم وتمتُّعهم بحضرتك الإلهية!" القمص تادرس يعقوب ملطى
المزيد
10 أبريل 2020

جمعة ختام الصوم

لوقا 30:13ـ35 ” في ذلك اليوم تقدم بعض الفريسيين قائلين له ، أخرج وأذهب من ههنا لأن هيرودس يريد أن يقتلك ، فقال لهم امضوا وقولوا لهذا الثعلب ، هاأنا أخرج شياطين وأشفى اليوم وغدًا وفى اليوم الثالث أًكمَّل ، بل ينبغي أن أسير اليوم وغدًا وما يليه لأنه لا يمكن أن يهلك نبي خارجًا عن أورشليم . يا أورشليم يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها ، كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا ، هوذا بيتكم يُترك لكم خرابًا ، والحق أقول لكم إنكم لا ترونني حتى يأتي وقت تقولون فيه مبارك الآتي باسم الرب ” . إن جماعة الفريسيين كانوا أشرارًا ومصممين ومتلهفين إلى الخداع والغش، ويصرون بأسنانهم على المسيح وتشتعل قلوبهم بنيران الحسد حينما يرون الناس يبدون إعجابهم به، مع أن واجبهم كان بالأولى ـ بصفتهم قادة للشعب ويرأسون جموع العامة ـ هو أن يقودوهم إلى الاعتراف بمجد المسيح، لأن هذا كان هو الغرض من سن الشريعة وكرازة الأنبياء القديسين، ولكنهم في شرهم العظيم لم يتصرفوا هكذا، بل بالعكس فإنهم بكل طريقة، أثاروا سخطه باستمرار، ولذلك قال المسيح لهم: ” ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم أخذتم مفتاح المعرفة، ما دخلتم أنتم والداخلون منعتموهم” (انظر لو52:11). لأنه يمكن للمرء أن يرى أنهم قد سقطوا في حالة الخبث هذه، وفى وضع مُضاد تمامًا لمحبة الله، حتى أنهم لم يكونوا يرغبون أن يقيم في أورشليم خوفًا من أن يفيد الناس، سواء بملئهم بالدهشة بسبب معجزاته الإلهية أو بإنارتهم بنور الرؤية الصحيحة لله بواسطة تعليم الحقائق التي هي أعلى من تعاليم الناموس. هذه هي الأفكار التي تقودنا إليها الدروس الموضوعة أمامنا الآن إذ يقول النص: ” في ذلك اليوم تقدم بعض الفريسيين قائلين له: اخرج واذهب من ههنا لأن هيرودس يريد أن يقتلك” . تعالوا لنثبّت عين الذهن الفاحصة على ما قالوه هنا، لنفحص بتدقيق لكي نرى هل الذين قالوا هذا الكلام هم من بين الذين يحبونه أم هم ضمن من يقاومونه. ولكن كما هو واضح فمن السهل أن ندرك أنهم كانوا يقاومونه بشدة. فمثلاً أقام المسيح الميت من القبر مستخدمًا في ذلك قوة هي قوة الله، لأنه صرخ: ” لعازر هلم خارجًا” (يو43:11)، وقال لابن الأرملة: ” أيها الشاب لك أقول قم” (لو14:7)، أما هم فقد جعلوا المعجزة وقودًا لحسدهم، بل إنهم قالوا حين اجتمعوا معًا: ” ماذا نصنع فإن هذا الإنسان يعمل آيات كثيرة، إن تركناه هكذا يؤمن الجميع به فيأتي الرومانيون ويأخذون موضعنا وأمتنا. فقال لهم واحد وهو قيافا ـ الذي كان يخطط لقتله ـ أنتم لستم تعرفون شيئًا، ولا تفكرون أنه خيرٌ لنا أن يموت إنسان واحد ولا تهلك الأمة كلها ” (أنظر يو47:11ـ50). وهم قاوموه أيضًا بطرق أخرى، أحيانًا بمعاملته بازدراء والاستهزاء بقوته المعجزية، بل والتجاسر على سلطانه الإلهي قائلين إن كل ما يعمله هو بواسطة بعلزبول، بل وسعوا في مرة أخرى إلى تسليمه إلى سلطات القيصر، فلكي يتهموه أنه يمنع الإسرائيليين من دفع الجزية لقيصر، اقتربوا منه بخبث ومكر قائلين: ” أيجوز أن تُعطى جزية لقيصر أم لا ؟” (لو22:20). فهل يمكن إذًا لكل من وضعوا له أنواع الفخاخ هذه، الذين في وقاحتهم وقساوتهم لم يتورعوا حتى عن القتل، الذين لكونهم بارعين في الشر، هاجموه بعنف شديد القسوة، ومارسوا باجتهاد كل هذه الحيل لأنهم يكرهونه كراهية مُطلقة، هل يمكن أن نعتبرهم ضمن من أحبوه ؟ فلماذا إذًا تقدموا إليه قائلين: ” اخرج واذهب من ههنا لأن هيرودس يريد أن يقتلك؟”، وما هو غرضهم من هذا الكلام ؟ إن البشير يخبرنا عن هذا بقوله: “ في ذلك اليوم (تلك الساعة) تقدم إليه“، وما معنى هذه اللهجة المدققة ؟ لماذا كان هذا الإتقان (في التحديد)؟ أو أي يوم (حرفيًا ساعة) يقصد أن الفريسيين قالوا فيه هذا الكلام ليسوع؟ كان يسوع مُنشغلاً في تعليم جموع اليهود، عندما سأله أحدهم إن كان كثيرون هم الذين يخلصون، ولكنه عبر على السؤال كأمر غير مفيد، واتجه إلى ما كان مناسبًا أن يخبرهم به إذ أخبرهم عن الطريق الذي ينبغي للناس أن يسيروا فيه ليصيروا ورثة لملكوت السموات إذ قال: ” اجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيق” وأخبرهم أنهم لو رفضوا أن يفعلوا هذا، فإنهم “سيرون إبراهيم واسحق ويعقوب وجميع الأنبياء في ملكوت الله وهم يُطرحون خارجًا” وأضاف بعد ذلك قوله: ” حيث إنهم كانوا أولين، فسيصيرون آخرين” بسبب دعوة الوثنيين . أثارت هذه الملاحظات غضب الفريسيين إذ رأوا الجموع تتوب بالفعل، وتقبل الإيمان به بحماس، وأنهم لم يعودوا يحتاجون سوى قليل من التعليم أيضًا ليعرفوا مجده وعظمة سر تجسده الذيٍ يستحق السجود، لذلك إذ كان من المحتمل أن يفقد (الفريسيون) وظيفتهم كرؤساء للشعب، بل وإذ كانوا قد سقطوا بالفعل وطُردوا من سلطانهم على الشعب، وحُرموا من المنافع التي يجنونها منه، لأنهم كانوا محبين للمال وجشعين وباعوا أنفسهم للربح الحرام ـ نراهم وقد تظاهروا بالمحبة له، فتقدموا إليه قائلين: ” اخرج واذهب من ههنا لأن هيرودس يريد أن يقتلك” . لكن أيها الفريسي صاحب القلب الحجري، لو كنت حكيمًا، لو كنت على دراية حسنة بشريعة موسى الحكيم جدًا، لو أنك ثبّت ذهنك على إعلانات الأنبياء القديسين، لمَا غاب عنك أنه مادام ذهنك مملوءًا مرارةً وحقدًا، فلابد أن تنكشف مشاعرك الكاذبة. إنه لم يكن مجرد إنسان وواحد من الذين يشبهوننا حتى يكون بذلك مُعرضًا للخداع، بل هو الله في شبهنا، هو الله الذي يفهم كل شئ، كما هو مكتوب: ” يعرف الأسرار وفاحص القلوب والكلى” (مز21:43س، مز 1:7)، وهو الذي ” كل شئ عريان ومكشوف له” (عب13:4)، والذي لا يُخفى عليه شئ، لكنك لم تعرف هذا السر الثمين والعظيم، وظننت أنه يُمكنك أن تخدع حتى ذلك الذي قال:” من الذي يُخفى عنى فكره ويُغلق على الكلمات في قلبه ويظن أنه أخفاها عنى؟” (أي 2:38س). فكيف أجاب المسيح عن هذه الأشياء ؟ إنه أجابهم برفق وبمعنى خفي كما هي عادته، إذ قال: ” امضوا وقولوا لهذا الثعلب“. أصغوا بانتباه إلى قوة التعبير، لأنه يبدو أن الكلمات المستخدمة كانت موجهة لشخص هيرودس، لكنها بالحرى تشير أيضًا إلى دهاء الفريسيين، لأنه بينما كان من الطبيعي أن يقول: ” قولوا لذلك الثعلب“، فإنه لم يفعل هكذا، بل استخدم بمهارة فائقة نوعًا وسيطًا من التعبير، وأشار إلى الفريسي الذي كان بالقرب منه وقال: ” هذا الثعلب“، وهو يقارن الإنسان بثعلب، لأنه من الثابت أنه حيوان ماكر جدًا، ولو كان لي أن أقول، فهو خبيث تمامًا كما كان الفريسيون، لكن ماذا أوصاهم أن يقولوا (لهيرودس)؟: ” هاأنا أخرج شياطين وأشفى اليوم وغدًا وفى اليوم الثالث أُكمَّل“. أنتم ترون أنه يُعلن قصده في أن يعمل ما يعرف أنه سيُحزن معشر الفريسيين، الذين يريدون طرده من أورشليم لئلا بعمل الآيات يربح كثيرين إلى الإيمان به، لكن حيث إن هدفهم هنا لم يُخفَ عليه لكونه الله، فإنه يعلن قصده في عمل ما يبغضونه ويقول إنه: ” سينتهر الأرواح النجسة ويخلص المرضى من أتعابهم وأنه سيُكمَّل، والتي تعنى أنه بمشيئته سوف يحتمل الآلام على الصليب لأجل خلاص العالم. لذلك كما يبدو، فإنه عرف كيف ومتى سيحتمل الموت بالجسد . لكن الفريسيين تخيلوا أن سلطان هيرودس سيرعبه، وسوف يخضعه للمخاوف رغم أنه رب القوات الذي يولد فينا شجاعة روحية بكلماته التي تقول:” لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها” (مت28:10)، وأوضح أنه لا يضع اعتبارًا لعنف الناس، بقوله: ” بل ينبغي أن أسير اليوم وغدًا وما يليه“. وبقوله: ” ينبغي لي” فإنه لا يعني بأنها ضرورة حتمية ـ قد وُضعت عليه، بل بالحرى تعنى أنه بسلطان مشيئته الخاصة، وبحرية وبدون تعرض للخطر فإنه سيمضى إلى حيث أراد أن يمضى ويجتاز اليهودية دون أن يقاومه أحد أو يتآمر ضده، إلى أن يقبل نهايته بإرادته الخاصة بالموت على الصليب الثمين. لذلك فليمتنع قتلة الرب هؤلاء عن التباهي بأنفسهم أو أن يتشامخوا بعجرفة عليه. أنت أيها الفريسي، لم تحرز النصرة على شخص هارب من الألم، أنت لم تمسكه رغمًا عنه، ولم تبسط سيطرتك على من رفض أن يُضبط في شِباك مكرك، بل هو الذي بمحض إرادته ارتضى أن يتألم لأنه متيقن جدًا أنه بموت جسده سيلاشى الموت ويعود ثانية إلى الحياة، فإنه قام من الأموات وقد أقام معه الطبيعة الإنسانية كلها وأعاد صياغتها من جديد إلى حياة لا تفسد. لكنه يُظهِر أن أورشليم ملوثة بدماء كثير من القديسين فيقول: ” لأنه لا يمكن أن يهلك نبي خارجًا عن أورشليم” وما الذي ينتج من هذا؟ ينتج من هذا أنهم كانوا على وشك أن يسقطوا من عضويتهم في عائلة الله الروحية، وأنهم كانوا على وشك أن يُرفضوا من رجاء القديسين ويُحرَموا تمامًا من ميراث تلك البركات المُذخرة لمن قد خَلصوا بالإيمان. أما عن كونهم كانوا ناسين تمامًا لعطايا الله وجامحين ومتكاسلين من جهة كل شئ يمكن أن ينفعهم، فهذا أظهره بقوله: “ يا أورشليم يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها ، كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا، هوذا بيتكم يُترك لكم خرابًا” (لو34:13ـ35). لأن الله علّمهم بواسطة موسى الحكيم جدًا ورتب لهم ناموسًا ليوجههم في سلوكهم ويكون قائدهم ومرشدهم في حياة جديرة بالإعجاب، والذي رغم أنه ليس سوى ظلال لكنه كان يحوى رمز العبادة الحقيقية. فالله قد نصحهم بواسطة الأنبياء القديسين، وكان سيجعلهم تحت الحماية أي تحت سلطانه، لكنهم فقدوا هذه البركات الثمينة بكونهم أردياء في دوافعهم وغير شاكرين ومستهزئين. ثم يقول الرب: ” إنكم لا ترونني حتى يأتي وقت تقولون فيه مبارك الآتي باسم الرب” (تابع لو35:13) . فماذا يعنى هذا أيضًا ؟ الرب ينسحب من أورشليم، ويترك أولئك الذين قالوا له اخرج واذهب من ههنا، لأنهم غير مستحقين لحضوره بينهم. وبعد ذلك إذ اجتاز اليهودية وخلّص كثيرين، وأجرى معجزات كثيرة يعجز الكلام عن وصفها بدقة، عاد ثانية إلى أورشليم، هذا حدث عندما دخل جالسًا على أتان وجحش ابن أتان، بينما الجموع المحتشدة والأطفال يحملون في أيديهم سعف النخيل وساروا أمامه وهم يسبحونه قائلين: ” أوصانا لابن داود، مبارك الآتي باسم الرب” (مت9:21). لذلك إذ قد تركهم بسبب أنهم غير مستحقين، يقول إنهم لن يروه إلاّ حينما يكون وقت آلامه قد حل، لأنه مضى أيضًا إلى أورشليم ودخلها وسط التهليل، وفى تلك المرة ذاتها كابد آلامه المُخلِّصة نيابة عنا، لكي بالآلام يُخلص ويجدد ـ إلى عدم فساد ـ سكان الأرض. لأن الله قد خلصنا بالمسيح، الذي به وله مع الآب والروح القدس التسبيح والسلطان إلى دهر الدهور. آمين . للقديس كيرلس الاسكندري
المزيد
09 أبريل 2020

التناقض المزعوم بين الأسفار وبين سِفْرُ عَزْرَا

1- بين اصحاح 1 : 1، ار 25 : 12 ففى الاول ان كورش اصدر امره باطلاق اسرائيليين 536 ق.م وفى الثانى ان الاسرائيليين يسبون 70 سنه مع ان السبى كان فى عهد يهوياكين سنه 599 (2 مل 24 : 13 – 17) فنجيب ان السبى الذى يحسب النبى من اوله ليس الذى كان فى عهد يهوياكين بل الذى كان فى عهد ابيه يواقيم (2 مل 24 : 1) فهذا كان سنه 606 ق.م ومن هذه السنهالىسنه 536 ق.م سبعون سنه تماما. 2- وبين اصحاح 2، نح اصحاح 7 ف الاول يذكر ان مجموع الذين اطلقوا من سبى بابل 29818 والثانى يقول انهم 31089 مع انهما اتفقا على ان عدد الراجعين 42360 فنجيب لا ان فى مثل هذه الظروف كثيرا ما يتغير العدد نظرا لموت البعض وعدول البعض الاخر عن السفر وقيام غيرهم للسفر بعض رفضهم اياه. ففى عزرا ذكرت اسماء لم تذكر فى نحميا وذلك للسبب المتقدم فمغبيش المذكور فى عز 2 : 30 لم يذكر فى نحميا فلعله عدل عن السفر. اضفالىذلك اختلاف الاسماء والالقاب فجرت العاده بين اليهود وامم الشرق ان يكون للشخص اسم ولقب وكنيه فان حاريف فى (نح 7 : 24) سمى يوره فى (عز 2 : 18). وسيعا فى (نح 7 : 47) سمى سيعها فى (عز 2 : 44) وقس على ذلك.فلو ذكر نحميا ما ذكره عزرا اعتبر قوله مخالفا للواقع نظرا لضروره تغير الظروف و الاحوال، ولكنه ذكر ما وقع عليه بصره واما الخلاف بين الاثنين فلا يذكر لان عزرا ذكر 29818 ولكنهزاد على ذلك 494 لم يذكرهم نحميا وذكر نحميا 31089 وتميزت بذكر 1765 فاذا جمع العدد الزائد فى عزرا على ما ذكره نحميا كان المجموع 31583 واذاجمع العدد الزائد فى نحميا على ما ذكره فى عزرا كان المجموع 31583 فاذا طرحناه من 42360 كان الناقص 10777 لم يذكروا لانهم كانوا من اسباط اخرىغير سبطى يهوذا وبنيامين اللذين كانا اكثرمن بقيه الاسباط غيره وشوقا للرجوع الى اورشليم وتجديد الهيكل. المتنيح القس منسى يوحنا عن كتاب حل مشاكل الكتاب المقدس
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل