المقالات
02 مايو 2025
“قوة محبة المسيح”
المسيح قام بالحقيقة قام … نحتفل هذا العام بعيد قيامة السيد المسيح، فى وسط عالم ملىء بالحروب والصراعات، عالم يبحث عن مصالحه الشخصية، ولا يبحث عن الآخر، عالم فرغ قلبه من الحب ويتباهى بالقوة. «القوة « من الكلمات المبهرة فى الحياة الإنسانية، وهى كلمة واسعة المعانى وعديدة الأبعاد والمجالات.. فهناك قوة العلم والمعرفة والمعلومات.. وهناك قوة المال والثروة والكنوز.. وهناك قوة البدن والصحة والعضلات.. وهناك قوة الفكر والأدب والفلسفات.. وهناك قوة النسك والزهد والتقشف.. وهناك قوة السيطرة والاستحواذ والتحكم.. وغير ذلك كثير ونوعيات.. ربما يصعب حصرها.. وذات يوم تساءلت: ما هى أعظم قوة فى حياة الفرد؟!.. أو حياة المجتمع؟!.. أو حياة الشعوب؟!
وشغلنى السؤال وأنا أقرأ فى كتب التاريخ وقصص الزمان، ووجدت أن كل أنواع «القوة» تظهر على مسرح الزمان وتستمر وقتًا ثم تنتهي. وهكذا كانت الممالك والإمبراطوريات الكبيرة والجيوش العتيدة.. وهكذا كان الملوك والأباطرة والطغاة، ومن كان ديكتاتورًا فى زمنه وانقضى ومن كان متميزًا ومشهورًا فى جيله وانتهى.. ومن صار علامة فى حياة البشر إيجابًا أو سلبًا.. حتى إن سليمان الحكيم يقول فى سفر الجامعة: «بَاطِلُ الأَبَاطِيلِ، الْكُلُّ بَاطِلٌ.. مَا الْفَائِدَةُ لِلإِنْسَانِ مِنْ كُلِّ تَعَبِهِ الَّذِى يَتْعَبُهُ تَحْتَ الشَّمْسِ؟» (1: 2، 3) ويظل التساؤل: ما هى أعظم قوة فى حياة الإنسان؟ وما هى هذه القوة التى تحمى الإنسان من السقوط فى الخطأ؟!
إنها قوة المحبة التى يسكبها الله على الإنسان فى صورة الغفران من الخطايا والذنوب، ويأخذها الإنسان ليقدمها إلى أخيه الإنسان فى صورة التسامح، والمسامحة، أمام الإساءات والتعديات الكثيرة. وقبيل صعود السيد المسيح إلى السماء بعد قيامته ظل أربعين يومًا يظهر لتلاميذه قائلاً: «هكَذَا كَانَ يَنْبَغِى أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الأَمْوَاتِ فِى الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَأَنْ يُكْرَزَ بِاسْمِهِ بِالتَّوْبَةِ وَمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا لِجَمِيعِ الأُمَمِ…» (لو 24: 46، 47).
أمام الخطايا يظهر إله الغفران المحب: «إِلهٌ رَحِيمٌ وَرَؤُوفٌ، بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الإِحْسَانِ وَالْوَفَاءِ حَافِظُ الإِحْسَانِ إِلَى أُلُوفٍ غَافِرُ الإِثْمِ وَالْمَعْصِيَةِ وَالْخَطِيَّةِ وَلكِنَّهُ لَنْ يُبْرِئَ إِبْرَاءً» حتى إن موسى النبى يصلى ويقول: «إِنَّهُ شَعْبٌ صُلْبُ الرَّقَبَةُ وَاغْفِرْ إِثْمَنَا وَخَطِيَّتَنَا وَاتَّخِذْنَا مُلْكًا» (خروج 34: 6-9). إن الإنسان يعيش فى عالم ملىء بالجروح والمشاعر السلبية والإساءات التى تصيبه من الآخرين، وتكون النتيجة هى إصابته بمشاعر المرارة والغضب والقلق والخوف والظلم والاكتئاب والانتقام وكل هذه الجروح والمواقف تسبب له حالة إحباط نفسى يختلف من وقت لآخر. وهذا يؤثر على جسده ونفسه وروحه وبالتالى على سلوكياته وتصرفاته سواء فى البيت أو الكنيسة أو المجتمع وتنشأ عنده حالات الكراهية واليأس والانطواء وغياب الفرح مع أعراض أخرى مدمرة قاسية.. ولا يجدى مع ذلك النسيان أو الإنكار أو الابتعاد.. ويقف الإنسان حائرًا ماذا يفعل؟!
والإجابة هى بتقديم المحبة للكل ومسامحة الكل. إن قوة المحبة من خلال التسامح هى المنقذ الوحيد للخروج من هذه المشاعر السلبية، التى شعرت فيها النفس بالإيذاء العميق. ومعروف أن الشريعة فى العهد القديم لا تقتصر على وضع حد للانتقام «عَيْنًا بِعَيْنٍ» (خروج 21: 23) ولكنها أيضًا تنهى عن بغض الأخ لأخيه، كما تحرم الانتقام والحقد نحو القريب (لاويين 19: 17-18). وقد تأمل ابن سيراخ الحكيم فى هذه التشريعات واكتشف الرابطة التى تربط بين غفران الإنسان لأخيه وبين الغفران الذى يلتمسه الإنسان من الله: «…اِغْفِرْ لِقَرِيبِكَ ظُلْمَهُ لَكَ فَإِذَا تَضَرَّعْتَ تُمْحَى خَطَايَاكَ..» (سيراخ 28: 2) والقاعدة واضحة جدًا أمام الإنسان؛ أن الله لا يمكن أن يغفر لمن لا يغفر لأخيه. ومن أهمية ذلك أن السيد المسيح وضع هذه القاعدة فى الصلاة الربانية التى نرددها كل يوم حتى لا ننساها.. إن مسامحة أخيك شرط طلب الغفران الإلهى (لوقا 11: 4؛ متى 18: 23). ولذا نجد السيد المسيح يفرض على بطرس الرسول ألا يمل من الغفران (متى 18)، ونقرأ أن إستفانوس الشماس الأول مات وهو يغفر لراجميه (أعمال 7: 10) لأن الذى «يحب» عليه أن يعى أن هناك فعلين يعملهما: أن يسامح وأن ينسى أى إساءة. إن الإنسان المسيحى يجب أن يغفر دائمًا ويغفر بدافع المحبة أسوة بالمسيح (كولوسى 3: 13) ولا يقاوم الشر إلا بالخير (رومية 12: 21). إن السيد المسيح لم يدع الخطاة إلى التوبة والإيمان فقط، بل أعلن أنه لم يأتِ إلا ليشفى ويغفر. وهو ما ظهر جلياً وقت الصلب وهو أصعب لحظات حياة السيد المسيح على الأرض، فقد قدم لنا قوة محبته التى جاء ليظهرها لكل الإنسانية، تجلت من خلال غفرانه للكل، لقد ظهر فى الجسد واهنا ضعيفا مرذولا، ولكنه كان أقوى من جميع البشر حين قال: «يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون» (لو23: 34) ، لقد كان قصد السيد المسيح الأول هو إظهار محبة الله للبشر وقد ظهرت من خلال الصليب المقدس إن مقابلة الخير بالخير هى عمل إنساني، ومقابلة الخير بالشر هى عمل شيطاني، أما مقابلة الشر بالخير فهى عمل إلهي. فالغفران عمل صعب على البشر لأنه ليس من طبيعتهم، ولكنه يحتاج قوة إلهية خاصة نابعة من المحبة التى سكبها الله فى قلب الإنسان المسيحى (رومية 5: 5)، وبها يغفر ويسامح ويغسل قلبه ونفسه من الإساءة ومن المرارة، ولذا نصلى يوميًا: «قَلْبًا نَقِيًّا اخْلُقْ فِيَّ يَا اَللهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِيمًا جَدِّدْ فِى أحْشَائِي» (مزمور 50).
لقد قدم السيد المسيح غفرانه للجميع، أفرادا كانوا أو حشودا من الجماهير:
قدم محبه للخطاة: خلال مدة خدمة السيد المسيح على الأرض قابل خطاة لم يحبهم أحد وكانوا عطاشى إلى المحبة، منهم المرأة الزانية التى أحضرها إليه اليهود «فقَدَّمَ إِلَيْهِ الْكَتَبَةُ والْفَرِّيسِيُّونَ امْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِى زِنًا»، وقالوا له إن موسى أمر برجم الزوانى (تث 17: 5، 6)، فماذا يقول هو. «قَالُوا هذَا لِيُجَرِّبُوهُ، لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. «أما السيد المسيح فقد تجاهلهم وبدأ يكتب على الأرض بإصبعه، وعندما ألحّوا عليه قال لهم: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلًا بِحَجَرٍ»، فبكتتهم ضمائرهم وابتدأوا ينسحبون الواحد وراء الآخر، وهنا نظر إليها السيد المسيح قائلا «يَا امْرَأَةُ، أَيْنَ هُمْ أُولئِكَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟»، فأجابته بالنفي، «وَلاَ أَنَا أَدِينُكِ. اذْهَبِى وَلاَ تُخْطِئِى أَيْضًا» (يو 8: 7).
قدم تسامحا مع عشار: اذ كانت فئة العشاريين الذين يحصلون الضرائب من الشعب، فئة مكروهة من الجميع، وكان زكا رئيس العشارين يطلب أن يرى السيد المسيح، وعندما علم أنه مجتاز من أريحا، ذهب إلى الطريق ولكن لقصر قامته لم يستطع بسبب الازدحام الشديد،» فَرَكَضَ مُتَقَدِّمًا وَصَعِدَ إِلَى جُمَّيْزَةٍ لِكَيْ يَرَاهُ، لأَنَّهُ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُرَّ مِنْ هُنَاكَ. فَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى الْمَكَانِ، نَظَرَ إِلَى فَوْقُ فَرَآهُ، وَقَالَ لَهُ: «يَا زَكَّا، أَسْرِعْ وَانْزِلْ، لأَنَّهُ يَنْبَغِى أَنْ أَمْكُثَ الْيَوْمَ فِى بَيْتِكَ» وأمام هذه المحبة، وَقَفَ زَكَّا وَقَالَ لِلرَّبِّ: «هَا أَنَا يَا رَبُّ أُعْطِى نِصْفَ أَمْوَالِى لِلْمَسَاكِينِ، وَإِنْ كُنْتُ قَدْ وَشَيْتُ بِأَحَدٍ أَرُدُّ أَرْبَعَةَ أَضْعَافٍ». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْيَوْمَ حَصَلَ خَلاَصٌ لِهذَا الْبَيْتِ» وبهذه المحبة قدم الله غفرانا لزكا. (لو19).
قدم غفرانا لجموع هتفت اصلبه تصلبه: كانت الجموع وقبل الصلب بأيام قليلة وعند دخوله أورشليم تهتف له أوصنا لتبن داود مبارك الآتى باسم الرب، متوهمة أنه ملك أرضى، سوف ينقذهم من الرومان، الذين كانوا حكامهم فى ذلك الزمان، ولكن حينما اكتشفوا أنه لن يحكم بلادهم، لكنه يريد توبة ويملك غفرانا، ولن يجزل المال لهم، تغيرت المشاعر ونفس الجموع وأمام بيلاطس البنطى صرخوا اصلبه اصلبه دمه علينا وعلى أولادنا، أما هو فقد قدم ذاته على الصليب فداء عن هؤلاء الذين أرادوا قتله.
كما قدم أيضا غفرانا لأفراد ..منهم تلميذ أنكر: ففى أثناء القبض على السيد المسيح فى بستان جثيمانى، هرب تلاميذه، لكن تبعه إلى دار الولاية يوحنا وبطرس الرسولان، أما بطرس فقد كان ينظر من بعيد، ولأنه جليلى ولغته مختلفة عن سكان أورشليم عرفه الخدم من لغته وأشارت جارية عليه قائلة: وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ الْجَلِيلِيِّ»! فَأَنْكَرَ قُدَّامَ الْجَمِيعِ قَائِلًا: «لَسْتُ أَدْرِى مَا تَقُولِينَ»! ثُمَّ إِذْ خَرَجَ إِلَى الدِّهْلِيزِ رَأَتْهُ أُخْرَى، فَقَالَتْ لِلَّذِينَ هُنَاكَ: «وَهذَا كَانَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ»! فَأَنْكَرَ أَيْضًا بِقَسَمٍ: «إِنِّى لَسْتُ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» (مت26: 73)، لكنه بعد القيامة وحين قابله سأله سؤال واحد وكرره ثلاث مرات «أتحبنى» وأجاب بطرس فى خجل نعم يا رب انت تعلم أنى أحبك، وهنا لم يعاتب السيد المسيح عما مضى بل قال له غافرا كل ما صنعه «ارع خرافى».
وقدم غفرانا للص مصلوب عن يمينه: حين قال له: «اذكرنى يا رب متى جئت فى ملكوتك» وكانت إجابة السيد المسيح سريعة وفورية «اليوم تكون معى فى الفردوس» لقد غفر السيد المسيح للجميع، لمن جلده ومن اقتسم ثيابه، لمن صلبه ومن أمر بصلبه، غفر بقوة لكل من أساء إليه.
يا صديقي: أن تسامح الإنسان الآخر الذى أساء إليك هو قرارك بإرادتك ورغبتك واختيارك.. ولكن اعلم أن مكسبك كبير للغاية وهو الحصول على قدر أكبر من الرحمة الإلهية والشفاء الداخلى الذى تحتاجه فى حياتك الحاضرة والآتية أيضًا. لتكن صلاتك: أعطنى يا رب طاقة تسامح وغفران لكل من أساء إليَّ.. املأ قلبى بمحبتك فأستطيع أن أحب حتى الذين أساءوا إليَّ فى مشوار حياتي. لا تدعنى أحمل ضغينة ضد أى أحد.. علمنى أن أسامح وأن أغفر وأن أحب رغم الضعف والفكر والميول القلبية الشريرة التى تحاربنى وتبعدنى عن طاعة وصيتك الغالية «اِغْفِرُوا يُغْفَرْ لَكُمْ» (لوقا 6: 37) وفى هذه المناسبة أهنئ كل الشعب المصرى بفترة الأعياد التى نمر بها الآن، كما أشكر فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى على تهنئته الرقيقة وكذلك السيد المستشار رئيس مجلس النواب والسيد المستشار رئيس مجلس الشيوخ والسيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء والسادة الوزراء والقوات المسلحة والشرطة الوطنية وجميع المسئولين الكرام على ارض مصر، الذين قدموا لنا التهنئة القلبية، ونصلى أن يديم الله المحبة، كما نرفع قلوبنا مع صلواتنا لكى يوقف الله كل صراع فى كل مكان فى العالم ويحل الهدوء والسلام على الأرض وفى القلوب، وكل قيامة وأنتم جميعا بخير وفرح وسلام.
قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
01 مايو 2025
بدعة كيرينثوس
كان يهودياً منتصراً، تحكم بحمة المصريين، قدم إلى اورشليم فى زمان الرسل، وأقم فيه بعض الوقت ثو انتقل إلى قيصرية لسطين فأنطاكيه وعلم فيها وحط رحاله أخيراً فى أفسس التى كانت حقل خدمة يوحنا الرسول . وقد علم كيرنيثوس أن العالم لم يخلقه الله، بل قوة خارجه عن الأله الأعلى وأن إلهاً آخر الذى هو اله اليهود، أعطى الشرائع والناموس وظهر أيضاً في القرن الأول كان يهودياً من مصر جاء إلى أورشليم في أيام الرسل و ثم انتقل إلى قيصرية فلسطين ومن ثم أنطاكية وعلّم فيها ومما دوّنه القديس ايريناوس عنه أنه أزعج يوحنا الحبيب بتعاليمه وضلاله. وأسماه القديس يوحنا ب "عدو الحق" وقال أيضاً القديس ايريناوس عنه أنه حفظ يوم السبت والاختتان وغيرها من فروض الناموس وادعى بأن السيد المسيح هو ابن يوسف ومريم وأن ملاكاً من الملائكة خلق الكون وآخر الذي هو الله إله اليهود أعطى الشرائع والناموس وأن شيئاً من الروح القدس المنبثق من الإله الأعلى حلّ على يسوع عند اعتماده في نهر الأردن فرافقه حتى الصلب وأضاف القديس هيبوليتوس أن كيرينثوس نفى قيامة المسيح بعد الصلب وجعلها مع قيامة "جميع الأتقياء"
كورنثيوس هو يهودى تعلم الفلسفة بالأسكندرية وبدأ فى نشر بدعته سنة 73 م - وقد أنشأ ديانة جديدة أثناء حياة يوحنا الرسول ألفها بخلط تعاليم السيد المسيح ومبادئة السامية مع تعاليم الكنوسسيين ويقول القس منسى يوحنا : " تعاليم الكنوسسيين بنيت على خرافات البليروما (أى العالم العلى) والأيون (أى الأشخاص السماوية الخالدة بنو الأرواح) ودميورج (أى خالق العالم الذى يختلف عن الإله الأعظم) ولكنه أظهر مبادئة بصورة لا ينفر منها اليهود فعلم أن الذى سن الشريعة اليهودية هو خالق العالم وهو ذو مناقب حميدة وصفات شريفة مكتسبة من الإله الحق، ولكن هذه الفضائل لم تلبث أن تدنست فأراد الله أن يلاشى سلطان مشترع اليهود بواسطة أيون مقدس أسمه المسيح.
ويسوع هو رجل يهودى كامل وقدوس وأبن بالطبيعة ليوسف ومريم، فهذا حل فيه المسيح بنزوله عليه على هيئة حمامة عند عماده من يوحنا فى نهر الأردن.
وعندما أتحد المسيح بيسوع قاوم إله اليهود (خالق العالم) بشجاعة وعندما رأى إله اليهود مقاومة المسيح يسوع فقام بتحريض أتباعه اليهود فقبضوا عليه ليصلبوه، فلما رأى المسيح أنهم قبضوا على يسوع طار إلى السماء وترك يسوع وحده يصلب.
ولهذا أوصى كورنثيوس أتباعه بإحترام الإله الأعظم أبى المسيح وبإحترام المسيح، وأمرهم بعدم إتباع شريعة اليهود ورفض مبادئ الناموس الموسوى، وأوصاهم بالسير على نظام المسيح معلماً إياهم بأنه سيعود ثانية ويتحد بالإنسان يسوع الذى حل فيه قبلاً ويملك مع تابعيه على فلسطين ألف سنة، ثم وعدهم بقيامة أجسادهم وتمتعها بأفراح سامية فى مدة ملك المسيح ألف سنة وبعد ذلك يدومون فى حياة سعيدة فى العالم السماوى.
ويقول يوسابيوس القيصرى: " كيرنثوس زعيم الهراطقة
1 - وقد أعلمنا أنه فى هذا الوقت ظهر شخص يدعى كيرنثوس مبتدع شيعة أخرى، وقد كتب كايوس الذى سبق أن أقتبسنا كلماته (ك2 ف 6و 7) فى المساجلة المنسوبة إليه ما يلى عن هذا الرجل:
2 - ويقدم أمامنا كيرنثوس أيضاً - بواسطة الرؤى التى يدعى أن رسولاً عظيماً كتبها - أموراً عجيبة يدعى زوراً أنها أعلنت إليه بواسطة الملائكة، ثم يقول أنه عند قيامة الأموات سوف يقوم ملكوت المسيح على الأرض، وأن الجسد المقيم فى أورشليم سوف يخضع ثانية للرغبات والشهوات، وإذ كان عدو للأسفار الإلهية فقد أكد - بقصد تضليل البشر - أنه ستكون هناك فترة ألف سنة (رؤ 20: 4) لحفلات الزواج "
3 - أما ديونيسوس الذى كان أسقفاً لأيبروشية الأسكندرية فى أيامنا، فإنه فى الكتاب الثانى من مؤلفه عن "المواعيد " حيث يتحدث عن رؤيا يوحنا بأمور أستقاها من التقليد، يذكر نفس هذا الرجل فى الكلمات ألآتية (راجع ك7 ف 40) "
4 - " ويقال أن كيرنثوس مؤسس الشيعة المسماة بأسمه (الكيرنثيون) إذ أراد أن يعطى قوة لشيعته صدرها بأسمه وكانت التعاليم التى نادى بها تتلخص فيما يلى: أن ملكوت المسيح سيكون مملكة أرضية.
5 - " ولأنه هو نفسه كان منغمساً فى الملذات الجسدية، وشهوانياً جداً بطبيعته، توهم أن الملكوت سوف ينحصر فى تلك الأمور التى أحبها، أى فى شهوة البطن وشهوة الجسد والشهوة الجنسية، أو بتعبير آخر فى الأكل والشرب والتزوج، والولائم والذبائح وذبح الضحايا، وتحت ستارها ظن أنه يستطيع الإنغماس فى شهواته بباعث أفضل " هذه كلمات ديونيسيوس "
6 - على أن إيرناوس، فى الكتاب الأول من مؤلفه " ضد الهرطقات " يصف تعاليم أخرى أشد قبحاً لنفس الرجل، وفى الكتاب الثالث يذكر رواية تستحق أن تدون هنا، فيقول، والحجة فى ذلك بوليكاربوس: أن الرسول يوحنا دخل مرة حماماً ليستحم، ولكنه لما علم أن كيرنثوس كان داخل الحمام قفز فازعاً وخرج مسرعاً، لأنه لم يطق البقاء معه تحت سقف واحد، ونصح مرافقيه للأقتداء به قائلاً: " لنهرب لئلا يسقط الحمام، لأن كيرنثوس عدو الحق موجود بداخلة "
المزيد
30 أبريل 2025
يعمل بين الصلب والقيامة
إن الله في قيامته، قدس الطبيعة البشرية القابلة للموت، وجعلها قابلة للقيامة وقبل القيامة، كان الرب يعمل من أجلنا أيضًا، حتى حينما كان جسده في القبر بالموت انفصلت روحه عن جسده ولكن لاهوته لم ينفصل قط لا عن روحه ولا عن جسده. واستطاعت روحه المتحدة بلاهوته أن تعمل عملًا خلاصيًا عجيبًا من أجل الراقدين على رجاء كان بموته قد دفع ثمن الخطية، واشترانا بدمه، لذلك كان من حقه وقد فدي البشرية، أن ينقل الراقدين من الجحيم إلى الفردوس. وقد كان بروحه المتحدة باللاهوت، ذهب إلى الجحيم، ليبشر الراقدين هناك على رجاء لقد نزل إلى أقسام الأرض السفلى، وسبي سبيًا (أف 4: 8، 9). وفتح باب الفردوس، ونقل إليه الأبرار المنتظرين في الجحيم، وادخل معهم في الفردوس اللص اليمين أيضًا حقًا ما اصدق قوله للقديس يوحنا الرائي إن "بيده مفاتيح الهاوية والموت" (رؤ 1: 18) وإن كان قد فتح باب الفردوس، فهو كما قال أيضًا "أسماؤهم مكتوبة في سفر الحياة منذ تأسيس العالم" (رؤ 17: 8) (في 4: 3) حقًا طوبى لهؤلاء الذين أسماؤهم مكتوبة في سفر الحياة. إذ لا سلطان للموت عليهم قد يقيمون فيه حينًا، كما أقام يونان في بطن الحوت، ثم أخرجه الرب بسلام، دون أن يكون للحوت سلطان على أذيته..!
هكذا أخرج الرب الذين في الجحيم، وبسلطانه على الفردوس أدخلهم إليه وهذا العمل العظيم عمله الرب في الخفاء وتهللت له السماء، وتحققت به أقوال الأنبياء،وفي الخفاء أيضًا قام الرب من بين الأموات أتت روحه المتحدة بلاهوته، واتحدت بجسده المتحد بلاهوته وقام بقوة لاهوته، وخرج من القبر المغلق.
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
29 أبريل 2025
قوة قيامة المسيح فينا
قيامة المسيح المجيدة لنا هي قوة فِعل يعمل فينا هي قوة قيامة من موت الطبيعة الفاسدة بالمعمودية المُقدَّسة هي قوة قيامة من موت الخطية كل يوم بالتوبة والعودة إلى حضن المسيح هي قوة غلبة على كل تجارب وعثرات إبليس،والجسد والعالم والذات واللذات بالجهاد الروحي المؤازر بالنعمة الإلهية هي قوة تخطي لكل عقبات الحياة ومشاكلها وهمومها،الكفيلة بأن تحطم غير المؤمنين ولكنها لنا نحن المؤمنين انتصارًا بقوة القيامة هي قوة تجديد بالمعمودية والتوبة "مَدْفُونِينَ مَعَهُ فِي الْمَعْمُودِيَّةِ،الَّتِي فِيهَا أُقِمْتُمْ أَيْضًا مَعَهُ بِإِيمَانِ عَمَلِ اللهِ،الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ" (كولوسي 2: 12)هي قوة حياة وخلود تنبعث بالاتحاد اليومي بالمسيح في الإفخارستياهي قوة إيمان بلاهوت المسيح وقدرته على تخطي الأزمات فالقيامة برهنت لاهوت السيد المسيح هي قوة تكريس لنحيا لا لأنفسنا بل للذي مات من أجلنا وقام.
حقًا قام المسيح هو الوحيد الذي قام من الأموات حتى الآن لذلك فهو البكر بالحقيقة من الأموات.
وأخيرًا..
القيامة هي نصرة وتسبيح ورفع الرأس فهي قيامتنا كلنا الله القدير القائم من الأموات قادر أن يقدِّس حياتنا،ويقودنا في موكب نصرته كل حين وأن يكون لنا نصيب في قيامته المُقدَّسة في اليوم الأخير وكل عام وأنتم بخير،،،
نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
28 أبريل 2025
بعد الصليب والقيامة:
المسيح مركز الحياة الجديد
كلّنا نعرف أنّ أبانا آدم كان هو رأس الجنس البشري، والمركز الذي تَفَرّع منه كلّ البشر، حتّى أنّنا نُدعى "بني آدمين" وعندما فسد هذا المركز بالخطيّة، ودبّ فيه الموت، وسرى الفساد والموت منه إلى نسلِهِ، انحدرت البشريّة إلى أسوأ درجات الشرّ، ووقَعَت تحت اللعنة، وفقدت تواصُلها مع الله الذي هو ينبوع الحياة!
وظلّ هذا هو الوضع البائس للإنسان، حتّى تجسَّدَ المسيح. فباتّحاده بطبيعتنا البشريّة، دخل إلى عالمنا، واجتاز كلّ تحدّيات مراحل الحياة مثلنا؛ من طفولة وشباب ورجولة، ليبارك هذه المراحل لقد دخل بِنا إلى معاركنا لكي ينتصر لحسابنا، وينقل لنا في جسده هذا الانتصار لقد أتى المسيح ليصير رأسًا لخليقة بشريّة جديدة فهو آدم الثاني عِوَض آدم الأول، ذاك الذي صار بالخطيّة مستَودعًا للموت فأراد الله أن يُنشئ بالمسيح مركزًا جديدًا يكون مُستودَعًا للحياة، كلّ مَن يتّجه إليه،ويُغرَس في جسده بالمعموديّة، ويتغذّى باستمرار عن طريق التناول من جسده ودمه، يدخل إلى دائرة الحياة مرّة أخرى..!
قبل أحداث الصليب، أشار الربّ يسوع إلى أنّه باستعلان محبّته الفائقة، عن طريق بذل نفسه على عود الصليب، سيصير مركزًا جاذِبًا جديدًا للبشر فهو قال "وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إليّ الجميع" (يو12: 32) لقد صار ربنا يسوع الفادي مركزًا للحياة مقابِل الموت السائد في العالم، ومركزًا للبركة مقابل اللعنة السائدة في الأرض فكلّ مَن ينتمي إليه، ويتّحِد به، يستردّ الحياة ويتمتّع بالبركة..!
وبعد أن داس الموت بالموت، وقام منتصرًا، فهو يدعو كلّ إنسانٍ في العالم أن يترك المركز القديم، ويأتي إلى المركز الجديد بمعنى أن يتجاوز الانتماء للمركز القديم (آدم الأول) الذي دَبّ فيه الموت، ويُقبِل إلى المركز الجديد (آدم الثاني) الذي هو ينبوع الحياة الأبديّة يرتقي فوق الجذر الذي فسد، ويُطَعَّم في الجذر الحيّ الجديد، ويصير غُصنًا ناميًا مُثمِرًا في الكرمة الحقيقيّة كما يوَضِّح لنا القدّيس بولس الرسول أنّه "إنْ كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة، الأشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكل قد صار جديدًا" (2كو5: 17) فإذا كان المسيح قد أصبح مركزًا لحياتنا الجديدة التي لا يغلبها الموت، ويًقدِّم لنا جسده الحيّ لنتثبّت فيه كأعضاء من لحمه ومن عظامه (أف5: 30)، ويهبنا أن نتناوله طعامًا مُحيِيًا، نأكله فنحيا به (يو6: 57) فنحن بالتالي ملتزِمون أن نكون سفَراءه في هذا العالم؛ نعيش له ولتمجيد اسمه، كما قال القدّيس بولس "هُوَ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ الأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ" (2كو5: 15) ومن هنا، فإنّ علينا تقديم المحبّة للجميع، إذ أنّ محبّتنا هي امتداد لمحبّته للعالم، ورسالتنا هي امتداد لرسالته الخلاصيّة فندعو الكلّ للتصالُح مع الله،والتمتُّع بخلاصه، كما فعل هو أيضًا، بحسب الشرح الجميل الذي يُقَدِّمه لنا الرسول الإلهي بولس "اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحًا الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ، وَوَاضِعًا فِينَا كَلِمَةَ الْمُصَالَحَةِ إِذًا نَسْعَى كَسُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ، كَأَنَّ اللهَ يَعِظُ بِنَا نَطْلُبُ عَنِ الْمَسِيحِ تَصَالَحُوا مَعَ اللهِ" (2كو5: 19-20).
حياتنا الجديدة،
مركزها شخص المسيح،
وقوّتها حُبّ المسيح،
وضامنها دم المسيح،
وهدفها مجد المسيح.
القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء بشيكاجو.
المزيد
27 أبريل 2025
أحد توما
المسيح قام حقاً قام
ثمانية أيام مضت على خبر القيامة بتوكيدات وشهادات من ملائكة و شهود عيان كثيرين المجدلية والنسوة وتلميذا عمواس والأحد عشر وبالرغم من ذلك بقى توما وحده مصمماً على عدم قبول القيامة إلا بشروطه الخاصة وعلى العموم نحن نجد أن هناك تدرجاً في الإيمان بالقيامة:
الدرجة الأولى: يوحنا يؤمن بدون أن يرى يكفيه رؤية الأكفان الموضوعة في القبر الفارغ.
الدرجة الثانية: مريم المجدلية تؤمن بالقيامة دون أن تتحقق من شخصية الرب، ولكن بمجرد تذكر صوته.
الدرجة الثالثة: التلاميذ الأحد عشر آمنوا عندما رأوا وجسوا لحمه وعظامه وجروحه.
الدرجة الرابعة: توما، بعد أن استوفى لنفسه شرط الإيمان بوضع أصبعه في الجروح.
ثم أخيراً الدرجة فوق الأولى : وهي التي أعطى لها الرب الطوبى، وهي إيمان الذين صدقوا القيامة بالخبر وحسب.
الإنجيل لم يذكر لنا حادثة توما هذه المخجلة لكي يحط من قدر توما؛ بل لكي يوضح صعوبة الإيمان بالقيامة. فأصبح الإيمان بها يحفه القبول من اليمين بالمديح، كما يحفه الشك من الشمال بالتوبيخ. أما الطوبى، أي السعادة، فهي نصيب الذين يؤمنون ولا يطلبون شهادة العيان، لأن الحق يضيء قلوبهم.إذاً، فرواية توما لا تخص توما، بل هي حدثت لتكون ركناً ركيناً في استعلان شخص المخلص، كجزء حي في درجات سلم استعلان قيامة المسيح، كطوق نجاة للذين ستعصف بهم شكوك مثل شكوك توما!
وق. يوحنا يقدم لنا رواية توما على التوازي مع رواية تلميذي عمواس التي قدمها القديس لوقا. وكل من الروايتين حظت بظهور الرب وكل منهما حظي بالتوبيخ المناسب.
"قد رأينا الرب"
نفس ما قالته المجدلية: «قد رأيت الرب».لم تقع هذه البشارة المفرحة عند توما موقع التصديق، وذلك عن قصد من النعمة، ليكون أباً ومرشداً لكل الذين صاروا بعقولهم قوامين على قلوبهم، ومدوا أيديهم وأصابعهم عوض البصيرة ليتحسسوا بها طريق الحق. لقد صار توما في تاريخ الإيمان إمام الشكاكين. ويا ليت كل من يشك، ينطق بالنهاية بما نطق به توما لقد وقف توما على قمة الشكاكين مصمماً على حتمية أن تكون القيامة بنفس الجسد الذي تمزق على الصليب، وأن يكون على مستوى المس اليد ووضع الأصبع في نفس الجرح النافذ وفي نفس الجنب المطعون. ولكن لأن القيامة التي قامها الرب هي قيامة حقيقية بالجسد الميت فعلاً؛ لذلك لم يمانع الرب أبداً من تحقيق شرط تو ما وظهر له خصيصاً ليكمل له إيمانه هذا. فصار إيمان توما واعترافه المفاجئ: «ربي وإلهي» البرهان الأخير إزاء كل شكوك بأن المسيح قام حقاً، وبأنه قام بجسده الذي تمزق على الصليب هو هو فقال لهم "إن لم أبصر في يديه أثر المسامير، وأضع إصبعي في أثر المسامير، وأضع يدي في جنبه لا أومن".جروح الصليب مميتة، فكيف تصبح علامة حياة؟ إنه تعجيز! ولكنها هي حقاً معجزة توما يطلب المستحيل بالعيان واللمس، يطلب اقتران الموت بالحياة والحياة بالموت، فكان له ما شاء! إنها حقاً القيامة!
توما أراد أن يمسك بنار اللاهوت، فمسك ولم يحترق. توما أراد أن يُمثل بيده طعنة الحربة إن أهوال الصليب ضيعت من عقل توما كل معقولية الحياة من بعد الموت، لقد أصابت المسامير فكر توما بأكثر مما أصابت به يد الفادي الفادي قام ويداه في ملء الحركة والحياة، وفكر توما تسمر بالموت وبقى بلا حراك الجنب المفتوح بالحربة صار كهوة في إيمان توما، تفصل الميت عن الحياة، مع أن الدم والماء النازفين منه، كفيلان بأن يُحييا كل الأموات.
«لا أومن».
لقد جازف توما بكل إيمانه، لقد وضع إيمانه بالمسيح قائماً من الموت في كفة، ورؤية عينيه ولمس يده لآثار المسامير وطعنة الحربة في الكفة المقابلة! لقد ظن توما أن الإيمان بالقيامة رهن نظر العين ولمس اليد ولكن المسيح نفسه عندما ظهر للتلاميذ المجتمعين «أراهم يديه وجنبه»، فتوما وإن كان يُطالب بحقه الرسولي، كتلميذ له، في الرب المقام؛ إلا أن ما كان ينقص توما حقاً والذي وبخه المسيح على فقدانه، فهو الإيمان "ووبخ عدم إيمانهم وقساوة قلوبهم لأنهم لم يصدقوا الذين نظروه قد قام" "فجاء يسوع والأبواب مغلقة، ووقف في الوسط"
كان هناك نوع من الترقب لمجيء يسوع. فمن أسبوع كان التلاميذ قد حازوا على عطية الروح القدس الكفيل أن يشعرهم "بالأمور الآتية" وخاصة فيما للرب ومجيئه. جاء يسوع ووقف في "الوسط"، صحيح أنـــه جاء خصيصاً لتوما، ولكن حينما ظهر كان ظهوره للجميع والجميع له. ليس كبير أو صغير بينهم، فالكل فيه كبير، والكل فيه كريم ومكرم.
"وقال سلام لكم".
ليست هي مجرد تحية، ولكنها وديعة يستودعها الرب لكنيسته «سلامي أعطيكم»، فالرب لا يُقرى السلام، بل يعطيه، بل يسكبه ويبته فينا بثاً، ليسري في القلوب والأفكار والأرواح، ليبقى ويدوم ويترسخ داخل النفس، تلتجئ إليه يوم العاصف فتجده، وتستغيث به في الضيقة فتتسربل به.
"ثم قال لتوما: هات إصبعك إلى هنا وأبصر يدي، وهات يدك وضعها في جنبي، ولا تكن غير مؤمن بل مؤمناً".
عجيب أن الرب يعيد نفس الكلمات التي نطق بها توما وهو يتحدث مع زملائه، فكأن الرب كان واقفاً يستمع إلى شروط توما المغلظة، لم يعاتبه ولا حتى أخذه، بل بلطف يفوق كل لطف، أخضع جسده الذي ترتعب منه الأجناد السماوية لرؤية عين توما واللمس أصابعه عرى جروحه، وجعل جنبه المفتوح في متناول يده. وهكذا احتفظ الرب بعلامات الموت ليجعلها برهان الحياة، وجعل آثار الذلة والانسحاق لتكون هي هي أسباب المجد.ولكن ترى ماذا كان وقع كلمات الرب على توما، حينما ردد الرب المقام على مسامعه كل الكلام والشروط التي قالها للتلاميذ؟! أعتقد أنها فوق أنها أخجلته، فقد جعلته في غير حاجة لأن يمد يده أو إصبعه. ولكن حين مدها وحينما لمس إطاعة للأمر الذي صدر له، كان قد بلغ الإيمان في قلبه حد الصراخ والشهادة خبرة العين الروحية ابتلعت خبرة عين الجسد، ولمسة الروح في القلب طغت على لمسة اليد.
«لا تكن غير مؤمن، بل مؤمناً»
لم يكن توما غير مؤمن، وإلا لو كان هو فعلاً هكذا؛ أي غير مؤمن، لما ظهر له الرب على الإطلاق. ولكن لما استبد به الشك، كونه استثني من رؤية الرب، كان يطلب حقه في الرؤية العينية، إمعاناً في الوثوق الذي يطلبه. بمعنى أن توما كان في طريقه إلى الإيمان في حالة حصوله على ما احتاجه إيمانه: «أومن يا سيدي، فأعن عدم إيماني» الرب تنازل إلى مستوى شروط توما، ليقطع على كل توما، وعلى كل من يذهب مذهبه الطريق إلى عدم الإيمان.
"أجاب توما، وقال: ربي وإلهي"
هذه هي قمة الاستعلانات، بل هي قمة إنجيل يوحنا. والذي يزيد من قيمة هذا الاستعلان الذي استلهمه توما من رؤية الرب المقام، أنه جاء بعد أسبوع كامل من عذاب الشك وليل الظنون فهو، إن كان قد تأخر عن التلاميذ ثمانية أيام في التعرف على القيامة وتصديقها؛ إلا أنه سجل للكنيسة أول اعتراف علني بألوهية المسيح، خرج منه بتلقائية تعبر عن الحق الذي رآه كاعتراف إيمان بلغ الذروة، ليس في كل الأناجيل ما يُضاهيه إن ظهور الرب بحال قيامته كان كفيلاً بأن يُغيّر لا فكر توما بل روحه وحياته. إن ظهور الرب قوة، فالقيامة هي المجال الإلهي الفائق، الذي إذا دخله الإنسان يفقد رؤيته لنفسه والعالم، وكأنها أقنعة، يخلعها ليرى الحقيقة الدائمة، ولا يعود يرى نفسه إلا في الله : "ربي والهي" إنه يرى نفسه فيه ويراه هو في نفسه، وكأنه يُردد بلسان عروس النشيد: «أنا لحبيبي وحبيبي لي» لقد صار له المسيح وصار هو للمسيح فاستعلن له المسيح في ذاته رباً وإلهاً لقد تعرف على الله في المسيح، وتعرف على المسيح في الله. وأخيراً، أدرك توما أن المسيح ليس للمس اليد أو نظر العين !! فهو الملء الذي يملأ الروح والبصيرة والقلب، الذي لا تسعفه عين ولا يحيطه فكر قال له يسوع" لأنك رأيتني يا توما آمنت طوبى للذين آمنوا ولم يروا" لقد أمن المسيح على اعتراف وإيمان توما "ربي وإلهي"، ووافقه على إعلانه بلاهوته. فلو لم يكن المسيح إلهاً بالحقيقة ما كان قد ارتضى بهذا الإعلان. لقد رأى توما المسيح كما يريد المسيح أن يُرى.وهنا ظهرت رنة التوبيخ والعتاب في صوت المسيح لتوما، لأنه ما كان لائقاً بتلميذ عاشر الرب وسمع منه أنباء القيامة العتيدة، بل ورأى قوتها عياناً عند قبر لعازر، ثم بعد ذلك لا يؤمن، ولا يصدق من رأى وآمن ولكن شكراً لك أيها القديس توما، لأن بشكك ورثتنا الطوبى، بل أحسن الطوبى: «.. الذي وإن لم تروه تحبونه ذلك، وإن كنتم لا ترونه الآن، لكن تؤمنون به فتبتهجون بفرح لا ينطق به ومجيد» .
المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
26 أبريل 2025
وقام فى اليوم الثالث
مِنْ سِفر التَكْوِين40 : 9 – 23 { فَقَصَّ رَئِيسُ السُّقَاةِ حُلْمَهُ عَلَى يُوسُفَ وَقَالَ لَهُ " كُنْتُ فِي حُلْمِي وَإِذَا كَرْمَةٌ أَمَامِي وَفِي الْكَرْمَةِ ثَلاَثَةُ قُضْبَانٍ وَهِيَ إِذْ أَفْرَخَتْ طَلَعَ زَهْرُهَا وَأَنْضَجَتْ عَنَاقِيدُهَا عِنَباً وَكَانَتْ كَأْسُ فِرْعَوْنَ فِي يَدِي فَأَخَذْتُ الْعِنَبَ وَعَصَرْتُهُ فِي كَأْسِ فِرْعَوْنَ وَأَعْطَيْتُ الْكَأْسَ فِي يَدِ فِرْعَوْنَ " فَقَالَ لَهُ يُوسُفُ " هَذَا تَعْبِيرُهُ الثَّلاَثَةُ الْقُضْبَانِ هِيَ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَيْضاً يَرْفَعُ فِرْعَوْنُ رَأْسَكَ وَيَرُدُّكَ إِلَى مَقَامِكَ فَتُعْطِي كَأْسَ فِرْعَوْنَ فِي يَدِهِ كَالْعَادَةِ الأُولَى حِينَ كُنْتَ سَاقِيَهُ وَإِنَّمَا إِذَا ذَكَرْتَنِي عِنْدَكَ حِينَمَا يَصِيرُ لَكَ خَيْرٌ تَصْنَعُ إِلَيَّ إِحْسَاناً وَتَذْكُرُنِي لِفِرْعَوْنَ وَتُخْرِجُنِي مِنْ هَذَا الْبَيْتِ لأَنِّي قَدْ سُرِقْتُ مِنْ أَرْضِ الْعِبْرَانِيِّينَ وَهُنَا أَيْضاً لَمْ أَفْعَلْ شَيْئاً حَتَّى وَضَعُونِي فِي السِّجْنِ " فَلَمَّا رَأَى رَئِيسُ الْخَبَّازِينَ أَنَّهُ عَبَّرَ جَيِّداً قَالَ لِيُوسُفَ "كُنْتُ أَنَا أَيْضاً فِي حُلْمِي وَإِذَا ثَلاَثَةُ سِلاَلِ بَيْضَاءَ عَلَى رَأْسِي وَفِي السَّلِّ الأَعْلَى مِنْ جَمِيعِ طَعَامِ فِرْعَوْنَ مِنْ صَنْعَةِ الْخَبَّازِ وَالطُّيُورُ تَأْكُلُهُ مِنَ السَّلِّ عَنْ رَأْسِي" فَأَجَابَ يُوسُفُ وَقَالَ " هَذَا تَعْبِيرُهُ الثَّلاَثَةُ السِّلاَلِ هِيَ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَيْضاً يَرْفَعُ فِرْعَوْنُ رَأْسَكَ عَنْكَ وَيُعَلِّقُكَ عَلَى خَشَبَةٍ وَتَأْكُلُ الطُّيُورُ لَحْمَكَ عَنْكَ" فَحَدَثَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَوْمِ مِيلاَدِ فِرْعَوْنَ أَنَّهُ صَنَعَ وَلِيمَةً لِجَمِيعِ عَبِيدِهِ وَرَفَعَ رَأْسَ رَئِيسِ السُّقَاةِ وَرَأْسَ رَئِيسِ الْخَبَّازِينَ بَيْنَ عَبِيدِهِ وَرَدَّ رَئِيسَ السُّقَاةِ إِلَى سَقْيِهِ فَأَعْطَى الْكَأْسَ فِي يَدِ فِرْعَوْنَ وَأَمَّا رَئِيسُ الْخَبَّازِينَ فَعَلَّقَهُ كَمَا عَبَّرَ لَهُمَا يُوسُفُ وَلَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ رَئِيسُ السُّقَاةِ يُوسُفَ بَلْ نَسِيَهُ . } .
لِمَاذَا ثَلاَثة أيَّام ؟ الثَّلاَثة أيَّام الَّتِي قَضَاهَا رَئِيسُ السُّقاة فِي السِجن ثُمَّ استحياهُ فِرعُون هِيَ رَمز لِقِيامِة السَيِّد المَسِيح لأِنَّ رَئِيس السُّقاة كَانَ مسجُون بِأمر فِرعُون وَمعنَى الحبس بِأمر فِرعُون أنَّهُ كَانَ المفرُوض أنْ يقضِي كُلَّ حَيَاته بِالسِجن الحبس بِأمر فِرعُون معناه أنَّهُ حُكِمَ عَليهِ حُكم الموت وَكُون أنَّهُ يَرَى رؤيَا تَقُول أنَّهُ سَيَعُود لِيسقِي فِرعُون كَمَا فَسَّر لَهُ يُوسِف { فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَيْضاً يَرْفَعُ فِرْعَوْنُ رَأْسَكَ } هذَا هُوَ المَسِيح الَّذِي حُكِمَ عَليهِ حُكم الموت وَاجتازهُ وَقَامَ فِي اليُوم الثَّالِث لِذلِك مَا فَعَلَهُ المَسِيح فِي ثَلاَثة أيَّام هُوَ مَا فَعَلَهُ الخَبَّاز وَالسَّاقِي السَيِّد المَسِيح جَمَعَ مَا بينَ الخَبَّاز الَّذِي مَاتَ وَالسَّاقِي الَّذِي ظَلَّ حيٌّ وَرُدَّ إِلَى مَقَامه { الثَّلاَثَةُ الْقُضْبَانِ هِيَ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَيْضاً يَرْفَعُ فِرْعَوْنُ رَأْسَكَ وَيَرُدُّكَ إِلَى مَقَامِكَ } السَيِّد المَسِيح قَامَ فِي اليُوم الثَّالِث صَعَدَ إِلَى السَّمَوَات أي رُدَّ لِمَقَامه { الثَّلاَثَةُ السِّلاَلِ هِيَ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَيْضاً يَرْفَعُ فِرْعَوْنُ رَأْسَكَ عَنْكَ وَيُعَلِّقُكَ عَلَى خَشَبَةٍ وَتَأْكُلُ الطُّيُورُ لَحْمَكَ }هذَا موت المَسِيح الخَبَّاز رَمز لِلشَّيطان وَالخَطِيَّة الخَطِيَّة مَاتِت لكِنْ السَّاقِي أي المَسِيح قَامَ المَسِيح حَقَّقَ السَّاقِي وَالخَبَّاز فِي ذَاته دَخَلَ إِلَى حُكم الموت لكِنْ { إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمكِناً أنْ يُمْسَكَ مِنْهُ } ( أع 2 : 24 ) رُؤيِة السَّاقِي سَبَقِت رُؤيِة الخَبَّاز كَانَ المفرُوض العكس وَاحِد يَموت وَالثَّانِي يُرد لِمَقَامه بُولِس الرَّسُول يَقُول { لأِعْرِفَهُ وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ } ( في 3 : 10) أي لِتكُنْ فِي معنَى الحَيَاة أوَّلاً أي فِي السَّاقِي أوَّلاً فِي الإِنتِصار عَلَى الموت أوَّلاً لأِنَّ المَسِيح بِموتِهِ أبطل عِز الموت لِذلِك قِسمة القُدَّاس الكِيرلُسِي تَقُول { بِقُوَّتِكَ قَبِلتَ الموت الَّذِي قَتَلَ الجَمِيع ، بِقُوَّتِكَ أقِمْ موتَى نِفُوسِنَا } أمَّا الخَبَّاز الَّذِي تأكُل لحمه الطُيُور وَيُعَلَّق عَلَى خَشَبة فَهُوَ حُكمْ الموت عَلَى الخَطِيَّة وَالسَّاقِي هُوَ المَسِيح الغَالِب القَائِم .
هُناك أسئِلة مُهِمَّة تَدُور حول قِيَامة المَسِيح مِثْل :-
لِمَاذَا قَضَى المَسِيح ثَلاَثة أيَّام فِي القبر ؟
لِمَاذَا صُلِبَ يوم الجُمعة وَقَامَ فجر الأحد ؟
لِمَاذَا قَامَ بعد ثَلاَثة أيَّام ؟
لِمَاذَا نَكَّس رَأسه عِنْدَ الغُرُوب وَقَامَ فِي الفجر ؟
أوَّلاً : لِمَاذَا ثَلاَثة أيَّام ؟
فِي عُرف اليَهُود الجُزء مِنْ اليُوم يُحسب يوم كَامِل إِذاً يوم الجُمعة وَالسبت وَجُزء مِنْ الأحد هُمْ ثَلاَثة أيَّام المَسِيح حَقَّقَ النُبُوات اليَهُود لَمْ يعتَرِضُوا بَلْ إِعتَرَفُوا أنَّهُ قَامَ بعد ثَلاَثة أيَّام الثَّلاَثة أيَّام تُحَقِّق أمور تدبِيرِيَّة وَخَلاَصِيَّة كَثِيرة فِي الكِتاب كَيْفَ ؟
يوجد إِرْتِبَاط وَثِيق بينَ موت المَسِيح وَقِيامته وَبينَ المعمودِيَّة كَيْفَ ؟ كَيْفَ ينتَقِل لَنَا موته وَقِيَامته ؟ كَيْفَ نَقُول " مُتنَا مَعَهُ وَقُمنَا مَعَهُ " ؟ ( رو 6 : 8 ) وَمَتَى إِنتَقل لَنَا موته وَقِيَامته ؟ كُلَّ هذَا فِي المعمودِيَّة { مَدْفُونِينَ مَعَهُ فِي المعمُودِيَّةِ } ( كو 2 : 12) هُوَ قَالَ لِتَلاَمِيذه { فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبنِ وَالرُّوحِ القُدُس }( مت 28 : 19)ثَلاَثة إِسم الآب وَالإِبن وَالرُّوح القُدُس بِثَلاَثة تغطِيسات إِذاً دُفِنَّا مَعْهُ ثَلاَثة أيَّام وَأخذنَا قُوَّة الثَّالُوث إِذاً فِي المعمودِيَّة حَدَثَ الإِتِفاق بينَ موته وَالثَّالُوث فِينَا المعمودِيَّة لَيْسَ بِهَا تغطِيس مرَتان أوْ أرْبعة مرَّات أوْ خمس أوْ هُمْ ثَلاَث تغطِيسات تُعطِينَا موته وَقُوَّة الثَّالُوث بِذلِك تدخُل حَيَاتنَا قُوَّة موته وَقِيَامته وَبِذلِك كَانَ لاَبُد فِي التدبِير الإِلهِي أنْ يَكُون موته ثَلاَثة أيَّام إِشَارة إِلَى دفنِنَا مَعْهُ ثَلاَثة أيَّام فِي ثَلاَثة تغطِيسات وَإِتِفاق مَعَ الثَّالُوث كُلَّ هذَا بِالمعمودِيَّة { إِنْ كُنَّا قَدْ صِرْنَا مُتَّحِدِينَ مَعَهُ بِشِبْهِ مَوْتِهِ نَصِيرُ أيضاً بِقِيَامَتِهِ }( رو 6 : 5 ){ لأِنَّكُمْ قَدْ مُتُّمْ وَحَيَاتُكُمْ مُسْتَتِرةٌ مَعَ المَسِيحِ فِي اللهِ } ( كو 3 : 3 ) مُتُمْ مَعْهُ فِي المعمودِيَّة لِذلِك بِالمعمودِيَّة نشترِك مَعْهُ فِي موته إِشتِرَاك حَقِيقِي وَلِذلِك أيضاً المَسِيحِي لاَبُد أنْ يشعُر أنَّهُ إِشترك مَعَ المَسِيح فِي موته وَقِيَامته .
ثَانِياً : لِمَاذَا صُلِبَ يوم الجُمعة وَقَامَ يوم الأحد ؟
وَلِمَاذَا مَاتَ عِنْدَ الغُرُوب وَقَامَ فِي الفجر ؟
يوم الجُمعة فِي الأسبُوع هُوَ اليُوم السَّادِس أي يوم خِلقة الإِنْسَان وَكَأنَّ يَسُوع بِالتَدبِير الإِلهِي قَصد أنْ يَموت فِي مَساء اليُوم السَّادِس لِيَقُول أنَّ الإِنْسَان الأوَّل قَدْ إِنتَهَى أي لِيُجَدِّد الخَلِيقة مرَّة أُخرَى الخَلِيقة الَّتِي لَمْ تُرضِيه بَلْ أغضبته وَصَنَعت المعصِية لِذلِك أرَادَ أنْ يِجَدِّدهَا فِي نَفْس مِيعاد خِلقِتهَا لكِنْ فِي نِهايته وَكَأنَّهُ يَقُول أنَّ الخَلِيقة القَدِيمة قَدْ إِنتَهِت وَقَامَ فجر الأحد قبل الفجر أي قبل شرُوق الشَّمس أوَّلاً لأِنَّ يوم الأحد هُوَ اليُوم الأوَّل فِي الأُسبُوع وَقبل الفجر أي فِي بِدَايِة أوِّل أيَّام الأُسبُوع قَامَ وَكَأنَّهُ يُعلِن بِدَايِة لِخَلِيقة جَدِيدة وَلأِنَّهُ هُوَ النُّور الحَقِيقِي فَقَامَ قبل شرُوق الشَّمس لأِنَّهُ لاَ يحتاج لِنُورهَا إِذاً فِي تدبِيره يُصلب يوم الجُمعة فِي الغرُوب وَيَقُوم فِي فجر الأحد أوِّل أيَّام الأُسبُوع وَبِهذَا يُعلِن نِهَايِة عصر المعصِية وَبِدَايِة عصر الطَّاعة فِي إِبنه يَسُوع نِهَايِة إِنْسَان قَدِيم وَبِدَايِة إِنْسَان جَدِيد نِهَايِة حُقبة وَبِدَايِة حُقبة لِذلِك نَحْنُ أبناء الأحد وَنَحتَفِل بِتذكار القِيَامة كُلَّ يوم أحد وَفِي بَاكِر كُلَّ يوم لأِنَّهُ هُوَ النُّور الحَقِيقِي الَّذِي يُضِئ لِكُلَّ إِنْسَان آتٍ إِلَى العالم( القِطعة الأُولَى مِنْ صَلاَة بَاكِر ) فِي الكِنِيسة الطقس يَقُول أنَّهُ يوجد بِهَا " بانطوكراطور " أي " حِضن الآب " وَبِهِ فِي الشرِقيَّة قندِيل زِيت يُضَاء دَائِماً أي 24 سَاعة وَمِنْهُ تُضَاء شُمُوع الكِنِيسة سِوَاء فِي رفع بخُور بَاكِر أوْ عَشِيَّة أوْ أي فِي كُلَّ صَلَوَاتهَا وَلاَ تُضَاء الشُمُوع عَامَةً فِي الكِنِيسة بِنُور خَارِجِي بَلْ مِنْ قندِيل الشرقِيَّة لأِنَّ المَسِيح هُوَ نُور الكِنِيسة وَقَدِيماً قبل إِحتِلاَل فِلْسطِين كَانَ نُور الشرقِيَّة فِي كُلَّ الكَنَائِس الأرثُوذكسِيَّة يَأتِي مِنْ نُور القبر المُقَدَّس فِي قُدَّاس عِيد القِيَامة حيثُ كَانَ كُلَّ كَاهِنْ مِنْ كُلَّ كِنِيسة يَذهب إِلَى هُناك وَفِي إِحتِفال عَظِيم يُضِيئُون الكَهَنة شُمُوعَهُمْ مِنْ نُور القبر ثُمَّ يَعُودُون إِلَى كَنَائِسهُمْ لِيُضِيئُوا بِهَا قندِيل الشرقِيَّة وَمِنْهُ تستَمِد أضواء الكِنِيسة العام كُلَّه قَدْ نَتَجَاوز وَنُضِئ شمعة مِنْ شمعة إِنْ كُنَّا بَعِيدِين عَنْ مَكان الشرقِيَّة لِذلِك فِي مقصُورة القِدِّيسِين إِذَا أطفأوا كُلَّ الشُمُوع يترُكُون وَاحِدة مُضَاءة حَتَّى يُضِئ مِنْهَا القَادِمُونَ شُمُوعَهُمْ .
ثَالِثاً : اليُوم الثَّالِث فِي الكِتاب المُقَدَّس :-
فِي سِفر الخُرُوج كَانَ مُوسَى النَّبِي يَقُول لِفِرعُون عِنْدَمَا كَانَ يَتَفَاوض مَعَهُ { فَالآنَ نَمْضِي سَفَرَ ثلثةِ أيَّامٍ فِي البَرِّيَّةِ وَنَذْبَحُ لِلرَّبِّ إِلهنَا } ( خر 3 : 18 ) لِمَاذَا ثَلاَثة أيَّام ؟ كَلِمة " ثَلاَثة أيَّام "فِي الكِتاب عَامةً تَخدِم هَدف خَلاَصِي ثَلاَثة أيَّام هِيَ فَاصِل بينَ أمر وَأمر هِيَ إِستِبقاء حَيَاة رَمز لِلقِيَامة نَذْبح لإِلهنَا وَبعد ثَلاَثة أيَّام نَعُود إِشَارة لِذَبِيحة المَسِيح الَّذِي قَامَ بعد ثَلاَثة أيَّام وَتَرَآى أمَام الآب بِعَلاَمَات صَلِيبه بعد ثَلاَثة أيَّامٍ فِي سِفر الخُرُوج أصْحَاح 19 : 11 { وَيَكُونُوا مُسْتَعِدِّينَ لِليَوْمِ الثَّالِثِ لأِنَّهُ فِي اليومِ الثَّالِثِ يَنْزِلُ الرَّبُّ أمَامَ عُيُون جَمِيعِ الشَّعْبِ عَلَى جَبَلِ سِينَاء } أمر لإِستِبقاء حَيَاة كُنْتُمْ أموات وَسَتَحيُون أنْتُمْ بِلاَ نَاموس سَأُعْطِيكُمْ نَامُوس بعد ثَلاَثة أيَّامٍ فِي إِرْتِحَال الخِيمة كَانُوا يَرتَحِلُون بعد ثَلاَثة أيَّامٍ فَاصِل بينَ حَرَكة وَسُكُون فَاصِل بينَ سُكُون الشَّعْب وَحَرَكته إِتِجَاه كَنْعَان هَكَذَا بعد ثَلاَثة أيَّامٍ المَسِيح نَقَلَنَا مِنْ سُكُون الخَطِيَّة وَظُلمَتِهَا إِلَى حَرَكِة المجد مِنْ التدبِير الشِمَالِي إِلَى التدبِير اليَمِينِي مِنْ سُلطان الظُلمة إِلَى مجد أولاد الله لِذلِك فِي الضَرَبَات العَشرة لِشعْب مِصر كَانِت الضَرَبَات لِمُدِّة ثَلاَثة أيَّام مَثَلاً ظَلاَم دَامِس لِمُدِّة ثَلاَثة أيَّام لِمَاذَا ؟ لأِنَّهَا إِشَارة لِلموت وَالحَيَاة إِشَارة لِلفرق بينَ الظُلمة وَالنُّور ثَلاَثة أيَّام ظُلمة يعقُبهَا نُور إِشَارة لِموت المَسِيح وَقِيامَتِهِ وَكَأنَّ الله يَقُول حَدَث القِيَامة هذَا لَهُ تدبِيره مُنْذُ بِدَايِة الخَلِيقة يَشُوع بن نُون بعدَمَا إِستلم القِيادة مِنْ مُوسَى النَّبِي قَالَ لِلشَّعْب { بَعْدَ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ تَعْبُرُونَ الأُرْدُنَّ هذَا لِكَيْ تَدْخُلُوا فَتَمْتَلِكُوا الأرْضَ } ( يش 1 : 11 ) وَمَا هُوَ الأُرْدُنَّ فِي عُرف الكِتاب ؟ هُوَ الموت نَحْنُ فِي البَرِّيَّة تَائِهِين وَنَكسر الوَصَايَا ثُمَّ نَعُود لَهَا فَمَنْ الَّذِي يدخُل أرْض المِيعاد ؟ يدخُلهَا مَنْ يعبُر الأُرْدُنَّ أي يعبُر الموت نَحْنُ فِي الأرْض نُجَاهِد ثُمَّ نعبُر الأُرْدُنَّ أي الموت لِننتَقِل لِلمَلَكُوت ثَلاَثة أيَّام إِشَارة لِموت المَسِيح وَقِيَامَتِهِ وَكَلِمة " يَشُوع " معنَاهَا " يَسُوع أي مُخَلِّص " وَلأِنَّ النَّاموس عَجَزَ عَنْ توصِيل الشَّعْب لأِرْض المِيعاد لِذلِك سَلَّمَهُمْ لِلمُخَلِّص مُوسَى عَجَزَ عَنْ أنْ يُدخِل الشَّعْب أرْض المِيعاد فَسَلَّم قِيَادَتِهِمْ لِيَشُوع الَّذِي يُشِير لِلمَسِيح يَسُوع الَّذِي لَيْسَ بِإِسم آخر غيرِهِ يَنْبَغِي أنْ نخلُص( أع 4 : 12) أرْسَلَ يَشُوع جَوَاسِيس لِيَتَجَسَسُّوا أرِيحَا فَإِستقبلتهُمْ رَاحَاب الزَّانِية وَأعطُوهَا عَلاَمة الحبل القُرمُز لِخَلاَصِهَا وَعَرَفَ حَاكِمْ أرِيحَا بِأمر الجَاسُوسان فَقَالت لَهُمَا رَاحَاب { اذْهَبَا إِلَى الجَبَلِ لِئَلاَّ يُصَادِفَكُمَا السُّعَاةُ وَاخْتَبِئَا هُنَاكَ ثَلاَثَةَ أيَّامٍ } ( يش 2 : 16 ) ثَلاَثة أيَّامٍ هِيَ إِستِبقاء حَيَاة هَكَذَا نَحْنُ لَنْ نَنجو مِنْ عدو الخِير إِبلِيس مِنْ حَاكِمْ أرِيحَا إِلاَّ إِذَا مُتنَا مَعَهُ وَقُمنَا مَعَهُ لَيْسَ بِالمعمودِيَّة فقط بَلْ بِجِهَادنَا فِي قِصَّة إِختِيار شَاوُل مَلِك كَانَ شَاوُل يبحث عَنْ أتن أبِيه الضَّائِعة فَقَالُوا لَهُ إِذْهب إِلَى صَمُوئِيل النَّبِي لِيَدِلّك عَلَى مَكان الأتن وَعِنْدَ صَمُوئِيل النَّبِي قَالَ لَهُ { وَأمَّا الأتن الضَّالَّةُ لَكَ مُنْذُ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ فَلاَ تَضَعْ قَلْبَكَ عَلَيْهَا لأِنَّهَا قَدْ وُجِدَتْ } ( 1صم 9 : 20 )الأتن الضَّالَّة هِيَ الجَسَد المَبِيع تَحْتَ الخَطِيَّة كَي تَجِدهَا وَتَتَمَتَّع بِهَا بِخَلِيقة جَدِيدة فَهيَ تحتاج ثَلاَثة أيَّامٍ كي تخدِم الله بِجَسَد مدفُون وَقَائِم يَلِيق بِالله كَانَ رَجُل مِصرِي يَعمل عِنْدَ رَجُل عِبرانِي وَعِنْدَمَا وَجَدَ العِبرانِي أنَّ عَبده المَصرِي مَرِيض فَكَّر أنْ يترُكَهُ لِيَموت لأِنَّهُ لاَ يَزِيد عَنْ عبد فَأتوا بِهِ لِدَاوُد فَأعْطَاهُ خُبز وَماء وَأقراص زِبِيب لأِنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ أكَلً مُنْذُ ثَلاَثة أيَّامٍ إِذاً الثَلاَثَة أيَّامٍ هِيَ إِستِبقاء حَيَاة { يُحْيِينَا بَعْدَ يَوْمَيْنِ . فِي اليَوْمِ الثَّالِثِ يُقِيمُنَا فَنَحْيَا أمَامَهُ } ( هو 6 : 2 ) ثَلاَثَةَ أيَّامٍ هذِهِ هِيَ تدبِير لِنْشتَرِك مَعَهُ فِي الخَلاَص كي نُدفن مَعَهُ وَنَقُوم مَعَهُ فِي المعمودِيَّة وَكي يُجَدِّد الخَلِيقة لِذلِك قَالَ لِتلمِيذيّ عَمواس { أيُّهَا الغَبِيَّانِ وَالبَطِيئَا القُلُوبِ } ( لو 24 : 25 ) نَحْنُ الآن نَقُول لَهُ نَحْنُ أيضاً تنطَبِق عَلينَا نَفْس الصِفة وَكَانَ المَسِيح يقصِد بِالغَبِيان بَطِيئَا الفهم وَلَيْسَ شَتِيمة أوْ سب نَحْنُ أمَامَنَا أعمال الله وَاضِحة وَأيضاً أمَامَنَا قِدِيسِين وَلاَ نُدرِكَهُ حَتَّى الآن الله يُرِيد أنْ يُنْقِذنَا مِنْ حُكمْ الموت فِي سِفر أستِير يَقُول الكِتاب { وَفِي اليَوْمِ الثَّالِثِ لَبِسَتْ أستِيرُ ثِيَاباً مَلَكِيَّةً وَوَقَفَتْ فِي دَارِ بيتِ المَلِكِ الدَّاخِلِيَّةِ مُقَابِلَ بيتِ المَلِكِ وَالمَلِكُ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيِّ مُلْكِهِ} ( أس 5 : 1 ){ ثُمَّ أنَّهَا فِي اليَوْم الثَّالِث نَزَعت ثِياب حِدَادِهَا وَلَبَسَت مَلاَبِس مجدِهَا } ( أستِير بِالتَتِمَّة 15 : 4 ) فِي اليَوْم الثَّالِث أي قِيَامة وَاستِبقاء حَيَاة قَامَ المَلِك يَهُوشَافَاط بِحرب وَالحُرُوب فِي الكِتاب رَمز لِغلبة السَيِّد المَسِيح عَلَى الشَّيطان عَلَى الصَلِيب جَاءَ يَهُوشَافَاط وَشعبه لِيندِبُوا موتاهُمْ وَأخذُوا موتاهُمْ وَالغَنَائِمْ وَيَقُول الكِتاب { وَكَانُوا ثَلاَثَةَ أيَّامٍ يَنْهَبُونَ الغَنِيمَةَ لأِنَّهَا كَانَتْ كَثِيرةً } ( 2أخ 20 : 25 ) الغَنَائِمْ هِيَ حَيَاة السَيِّد المَسِيح عِنْدَمَا أسلم الرُّوح عَلَى الصَلِيب نَزَلَ لِلجَحِيم وَأخَذَ الغَنَائِمْ أي الأبرار الَّذِينَ كَانُوا فِي الجَحِيم { رَفَعَ قِدِيسِيهِ إِلَى العُلاَ مَعَهُ ، أعْطَاهُمْ قُربَاناً لأِبِيهِ }( مَا يُقَال فِي قِسمة لِلإِبن تُقَال فِي القِيَامة ) هذِهِ غَنَائِمْ يَهُوشَافَاط كُلَّ مَا سَلَبَهُ العدو مِنْهُ إِستردّه ثَانِيَةً هَكَذَا المَسِيح رَجاء القِيَامة أنَّ بِهَا غَنَائِمْ كَثِيرة رَدَّ فِيهَا كُلَّ النِفُوس الأبرار لِذلِك نَقُول كَسَّر المَغَالِيق النُحَاسِيَّة وَرَدَّ المسبيين إِذاً موت المَسِيح وَقِيَامَتِهِ فِي ثَلاَثَة أيَّامٍ لَيْسَ صُدفة وَكُلَّ رقم وَكُلَّ حَدث فِي الكِتاب لَهُ مرمُوزات الثَلاَثَةَ أيَّامٍ هِيَ لأِستِبقاء حَيَاة وَالَّذِي كَشَفَ عَنْ ذلِك المَسِيح نَفْسه عِنْدَمَا قَالَ كَمَا مَكَثَ يُونان فِي جوف الحوت ثَلاَثة أيَّامٍ هَكَذَا ينبَغِي عَلَى إِبن الإِنْسَان أنْ يَموت وَيَمكُث فِي القبرِ ثَلاَثَةَ أيَّامٍ ثُمَّ يَقُوم ( مت 12 : 40 ) رَبِّنَا يِسنِد كُلَّ ضعف فِينَا بِنِعمِته لَهُ المجد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد
25 أبريل 2025
مائة درس وعظة (٤٤)
قيامة المسيح "فرحتى بك"
"استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضيء لك المسيح"
(اف ١٤:٥)
"عيد القيامة" هو عيد أعيادنا، وفرح أفراحنا، وبهجة حياتنا العامود الرئيسي في مسيحيتنا وكنيستنا وكرازتنا.
مشاهد القيامة
المشهد الأول: الخروج من القبر
١- النصرة على الموت
المسيح قام بقوة لاهوته وخرج من القبر ولم يكن للموت سلطان عليه، وفي هذه القيامة نسميه البكر "استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضئ لك المسيح،"(أف ٥ : ١٤)
كلمة "الموتى" لها معان كثيرة منها:
أ- أموات في الفكر
مثال لذلك "شاول الطرسوسي" فقد كان إنساناً يعتقد أن ما يصنعه خدمة لله لكن في لحظة معينة عندما ظهر له السيد المسيح في طريق دمشق اكتشف أن هذا لم يكن الطريق الصحيح، تغير وانطلق للخدمة وللعمل وللنشاط كعملاق للكرازة.
ب- أموات في الروح
مثل "زكا" الذي كان يظن أن سعادته في المال وعندما تقابل مع السيد المسيح ابتدأ يرى رؤية جديدة أول فعل صنعه أعطى نصف أمواله للمساكين ثاني أفعاله "إن كنت قد وشيت بأحد أرد أربعة أضعاف "(لو ۸:۱۹) وقام زكا وتحول من خاطئ وجشع إلى مبشر باسم السيد المسيح.
ج- أموات في القلب
قلبه ميت لا يوجد فيه إحساس بخطاياه أقرب مثال هو "مريم المجدلية" فقد كانت إنسانة خاطئة، وهذه الإنسانة احتلها عدو الخير، وعندما تقابلت مع السيد المسيح أخرج منها سبعة شياطين فتحولت إلى إنسانة خادمة ومبشرة، فقد نقلت أخبار القيامة كأول مبشرة بقيامة ربنا يسوع المسيح.
عيد القيامة فرصة لكي يقوم الإنسان من ای شيء يقيده فرصة للفرح.
٢- النصرة على الشيطان
أراد الشيطان أن يقتنص الإنسان من الله ولكن بالقيامة استرد الله الإنسان ووهب لكل إنسان يؤمن بالصليب أن ينال نصيبه في خلاص وفداء دم ربنا يسوع المسيح.
٣- النصرة على الخطية
كلمة الخروج من القبر بالمعنى الرمزي هى الخروج من قبر الخطايا . فالخطية مثل القبر "استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضي لك المسيح" (أف ٥ :١٤) قم من الأموات تعنى قم من قبر الشهرة من قبر الخطية "أين شوكنك يا موت أين غلبك يا هاوية؟" (اكو ٥٥:١٥))
المشهد الثاني: ارتفاع نحو السماء
١- فوق الجاذبية: بعد الخروج من القبر ظهر السيد المسيح ظهورات عديدة عبر الأربعين يوماً إلى احتفالنا بعيد الصعود المجيد "ارتفاع نحو السماء" بمعنى ارتفاع الإنسان نحو السماء، قيامة السيد المسيح كانت ضد الجاذبية الأرضية، والأرض لم يكن لها تأثير عليه والإنسان أيضاً يسمو للسماء.
٢- فوق المعوقات: السيد المسيح في قيامته لم يعطله شئ لا أكفان ولا ظلام ولا خوف ولا حجر كبير ولا أي شيء.
٣-حنين إلى الأبدية: هذا معناه أن الإنسان ليس فقط أن يترك الخطية، بل ينبغي أن يشتاق إلى فوق "لى اشتهاء أن انطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جدا" (فى١ :٢٣) هذا الاشتياق يكون على الأرض إنسان عنده باستمرار فضيلة الحنين للأبدية
المشهد الثالث الكرازة وفرحة القيامة
١- الفرح الخادم: تذوق القيامة سبب فرح للإنسان "ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب" (يو ٢٠:٢٠)، لذلك يبدا الإنسان ينقل هذا الفرح ويعبر عنه لكل أحد فهناك من يعبر عنه بأن يقدم وقتاً أو جهداً أو فكراً أو مالاً أو رؤية للعمل والخدمة وللكرازة . فكل هذه مظاهر لفرحة الإنسان بقيامة ربنا يسوع المسيح.
٢- الفرح الملتهب: عندما ظهر لتلميذي عمواس "لوقا وكليوباس" لم يدركا المسيح القائم، ولكن بعد أن تركهما وبعد كسر الخبز، قالا" ألم يكن قلبنا ملتهبا فينا" (لو ٣٢:٢٤) أي أننا كنا نشعر بمشاعر معينة في حضور السيد المسيح، ولكننا لم نعرف كيف نعير عنها.
٣- الفرح الدائم: كلنا نعلم اننا نحتفل بعيد القيامة لمدة خمسين يوماً وهذه الخمسون يوما نعتبرها خمسين يوم أحد ونعيش في فكر القيامة في كل يوم في الصباح عندما نصلى صلاة باكر، وفكر القيامة نعيشه في كل أسبوع في يوم الأحد "هذا هو اليوم الذي صنعه الرب"( مز ۱۱۸ :٢٤)، وفي كل شهر قبطي في يوم ٢٩ تذكاراً للقيامة، وفي كل سنة في فترة الخمسين المقدسة.
قداسة البابا تواضروس الثانى
عن كتاب صفحات كتابية
المزيد
24 أبريل 2025
بدعة فالنتينوس
فالنتينوس الهرطوقى
1- أتى فالنتينوس إلى روما فى عهد هيجينوس، وإزداد قوة (أى أنتشر فكره) فى عهد بيوس، وظل حتى أنيسيتوس (1) ودخل الكنيسة ايضاً كردون (2) سلف مركيون، فى عهد هيجينوس تاسع اسقف، وأعترف، وأستمر هكذا، يعلم فى السرحينا، وكان يعترف جهراً حيناً، وفى بعض الأحيان كان يوشى به بسبب تعاليمه الفاسدة فينسحب من إجتماعات الأخوة، هذا ما هو مكتوب فى الكتاب الثالث من المؤلف " ضد الهرطقات "
بدعة كردون وبدعة مركيون البنطى
2 - وفى الكتاب الأول ذكر الاتى عن كردون: " أما كردون الذى استمد شيعته من أتباع سيمون، واتى إلى روما فى عهد هيجينوس، تاسع أسقف منذ عهد الرسل، فقد نادى بأن الرب افله الذى أعلنه الناموس والأنبياء ليس أبا ربنا يسوع المسيح، لأن الأول معروف، والأخير غير معروف، الأول عادل، والأخير صالح (3)، أما مركيون البنطى فقد خلف كرودون فوسع تعاليمه ونطق بتجاديف مزرية "
3 - ويكشف إيريناوس فى دقة عن هاوية ضلالة فالنتينوف فيما يتعلق بالمادة ويعلن خبثه وخداعه السرى والخفى كالحية الكامنة فى وكرها .
فلاسفة الغنوسية - الفليسوف فالنتينوس
فالنتينوس والمدرسة الفالنتينية
صرف المعلِّم والفيلسوف المسيحي العظيم فالنتينوس (حوالى 100-175 م) سنوات تأهيله في الإسكندرية، حيث اتصل أغلب الظن بباسيليدس. وقد غادر بعد ذلك إلى روما، حيث باشر سيرتَه في التعليم العام، الذي كان من النجاح بحيث أُتيحَتْ له فرصةٌ جدية لانتخابه أسقفًا لروما. على أنه خسر الانتخابات، وخسرت الغنوصيةُ بذلك فرصةً أن تصير مرادفة للمسيحية، وبالتالي دينًا عالميًّا. لكن هذا لا يعني أن فالنتينوس فشل في التأثير على تطور اللاهوت المسيحي – إذ إنه أثَّر قطعًا، كما سنرى أدناه. فعِبْرَ فالنتينوس، ربما أكثر من أيِّ مفكر مسيحيٍّ آخر معاصرٍ له، صار للفلسفة الأفلاطونية، والأناقة البلاغية، ولمعرفة تأويلية عميقة بالكتاب المقدس، أن تتسلل معًا إلى عالَم اللاهوت المسيحي. وقد بقي إنجاز فالنتينوس بلا نظير مدة حوالى قرن، حتى ظهور أوريجينس الذي لا يضاهى على الساحة. ومع ذلك، قد لا يجانب الصوابَ قولُنا بأن أوريجينس ما كان ل"يحدث" لولا المثال الذي ضربه فالنتينوس.
لم تبدأ كوسمولوجيا فالنتينوس بوحدة، بل بثنوية أولية – زوجين – عبارة عن كيانين يُدعيان "اللاموصوف" و"الصمت". ومن هذين الكائنين الأصليين ولد زوجان ثانيان: "الوالد" و"الحقيقة". وعن هذه الكينونات تتولد أخيرًا رباعيةٌ هي "الكلمة" logos و"الحياة" z?? و"الإنسان" anthropos و"الكنيسة" ekkl?sia. ويشير فالنتينوس إلى هذا الفريق الإلهي ب"الثُمانية الأولى" (إيريناوس، 1.11.1)؛ وهذه الثُمانية تمخَّضت عن كائنات أخرى عديدة، منها واحد تمرَّد أو "عصى"، كما يخبرنا إيريناوس، وبذلك أطلق الدراما الإلهي الذي أنتج الكوسموس في المآل. وبحسب إيريناوس، الذي كَتَبَ بعد موت فالنتينوس بخمس سنوات فقط، والذي في رسالته ضد الزندقات حفظ الخطوطَ العريضة لكوسمولوجيا فالنتينوس، فإن الكيان المسؤول عن مباشرة الدراما يُشار إليه بوصفه "الأم"، التي ربما المقصود منها هي صوفيا (الحكمة)؛ ومن هذه "الأم" نشأ كلٌّ من الهيولى المادية hul? والمخلِّص، "المسيح". وقد وُصِفَ عالمُ المادة ك"ظل"، مولود من "الأم"، باعَد المسيحُ بين نفسه وبينه و"سارع صاعدًا إلى الملأ" (إيريناوس، 1.11.1؛ قارن: بويماندرس، 5). وعند هذه النقطة قامت "الأم" بولادة "طفل" آخر، "الباري" d?miourgos المسؤول عن خلق الكوسموس. وفي الرواية التي حفظها إيريناوس، لا يَرِدُ شيءٌ عن أيِّ دراما كوني تقع وفقه "الشراراتُ الإلهية" في شراك أجسام من لحم من خلال خطط الديميورغوس. إلا أنه يُفترَض أن فالنتينوس شَرَحَ أنثروبولوجيا شبيهة بأنثروبولوجيا أسطورة صوفيا الكلاسيكية (كما وردتْ، مثلاً، في كتاب يوحنا المنحول؛ راجع أيضًا: أقانيم الرؤساء ورؤيا آدم)، ولاسيما أن مدرسته، كما مثَّل لها تمثيلاً بالغ الأهمية تلميذُه اللامع بطليموس (انظر أدناه)، آلت إلى بَسْطِ أسطورة أنثروبولوجية غاية في التعقيد، لا بدَّ أنها تفرَّعتْ عن النموذج الأبسط الذي قدَّمه فالنتينوس نفسه. وتنتهي الرواية التي حفظها إيريناوس بوصفٍ لعقيدة مشوشة نوعًا ما عن مسيح سماويٍّ وأرضي، وبمقطع وجيز عن دور الروح القدس (إيريناوس، 1.11.1)، منه يخرج المرءُ بفكرة أن فالنتينوس كان يراود عقيدة بدائية للثالوث. وبالفعل، فبحسب لاهوتيِّ القرن الرابع ماركيلوس الأنقري، كان فالنتينوس "أول مَن استنبط مفهوم ثلاثة كيانات (أقانيم) في كتابه في الطبائع الثلاث" (فالنتينوس، مقطع ب، ليتون). كان فالنتينوس قطعًا هو المسيحي الأصرح بين الفلاسفة الغنوصيين في زمانه لقد رأينا كيف تخلَّل فكرَ باسيليدس ميلٌ رواقي، وكيف شعر مرقيون بالحاجة إلى تجاوُز الكتاب المقدس ليطرح إلهًا فاديًا "غريبًا". أما فالنتينوس، من ناحية أخرى، فيبدو أنه اطَّلع، كما يتبيَّن من آرائه، على الكتب والتفاسير اليهودية والمسيحية بالدرجة الأولى، وبالدرجة الثانية على الفلسفة "الوثنية"، وبخاصة الأفلاطونية. ويظهر هذا كأشد ما يكون في روايته الخاصة للمفهوم الثيولوجي المألوف عن "الاصطفاء" أو "التقدير المسبَّق"، الذي يَرِدُ فيه (على غرار بولس في الرسالة إلى الرومانيين 8: 29) أن الله اصطفى أفرادًا معينين، قبل بدء الأزمنة، للخلاص. وقد كَتَبَ فالنتينوس في نصٍّ يبدو وكأنه بقية من موعظة (فالنتينوس، مقطع و):
منذ البدء، وأنتم ["المصطفَوْن" أو المسيحيون الغنوصيون] خالدون، وأنتم أبناء الحياة الأبدية. تنشدون رَصْدَ الموت لأنفسكم بحيث يمكن لكم أن تنفقوه وتستنفدوه، وبحيث يموت الموتُ فيكم ومن خلالكم. إذ عندما تُعدِمون العالم من غير أن تفنوا أنتم، فأنتم السادة على الخلق وعلى كلِّ فساد هذا يبدو وكأنه ردُّ فالنتينوس على معضلة ديمومة الخلاص: بما أن صوفيا أو "الأم" الإلهية – وهي فَرْدٌ من الملأ الأعلى – قد سقطت في الضلال، كيف يمكن لنا التأكد من أننا لن نقترف الغلط نفسه أو غلطًا مماثلاً بعد أن نبلغ الامتلاء؟ فبإعلانه أن دورَ "المصطفى" (أو المسيحي الغنوصي) ومهمَّتَه هي استنفاد الموت و"إعدام" العالم، يوضح فالنتينوس موقفه الذي مفاده أن تلك النفوس المختارة نفوس مشارِكة في خلاص العالم، إلى جانب المسيح، الذي كان أول مَن حمل الخطيئة والفساد المتأصِّلين في العالم المادي (راجع: إيريناوس، 1.11.1؛ وليتون، ص 240). لذا، بما أن "أجرة الخطيئة هي الموت" (الرسالة إلى الرومانيين 6: 23)، فإن أيَّ كائن قادرٍ على تحطيم الموت لا بدَّ أن يكون معصومًا من الخطيئة. ففي نظر فالنتينوس، إذن، أن الفرد المقدَّر له أن يخلص مقدَّر له أيضًا نوعٌ من الخلافة الإلهية تتضمن دورًا فاعلاً في التاريخ، وليس مجرد راحة مع الله، أو حتى حياة غبطة من الخلق المحب، كما ذهب باسيليدس. طالب فالنتينوس مستمعيه – على غرار بولس – بالاعتراف بمخلوقيَّتهم؛ إلا أنهم – خلافًا لبولس – اعترفوا بخالقهم بوصفه "الوالد اللاموصوف"، وليس كإله الكتب المقدسة اليهودية. وبعد فالنتينوس، أضحت مهمةُ التأويل المسيحي إثباتَ الاستمرارية بين العهدين القديم والجديد. وفي هذا الصدد، كما وفي الروحانية العامة لتعاليمه – ناهيك عن عقيدته البدائية في التثليث – كان لفالنتينوس وَقْعٌ لا يُجارى على تطور المسيحية.
د. منظومة بطليموس
وصف إيريناوس بطليموس Ptolemaeus (حوالى 140 م) ب"بزهرة مدرسة فالنتينوس" (ليتون، ص 276). لكننا لا نعرف شيئًا يُذكَر عن حياة بطليموس ما عدا الكتابين اللذين وصلانا: الأسطورة الفالنتينية الفلسفية المفصَّلة التي حفظها إيريناوس، والرسالة إلى فلورا، من وضع فالنتينوس، التي حفظها القديس أبيفانيوس حرفيًّا. نقع في الكتاب الأول على منظومة فالنتينوس، مفصَّلة تفصيلاً كبيرًا على يد بطليموس، التي تحتوي على أسطورة أنثروبولوجية مركَّبة تتمركز حول آلام صوفيا. كما نقع أيضًا، في كلٍّ من الأسطورة والرسالة، على محاولة بطليموس للتوفيق بين الكتب اليهودية وبين تعاليم الغنوصية والتأويل المجازي للعهد الجديد، في صورة غير مسبوقة بين الغنوصيين قبلئذٍ.
في النظام البطليموسي يَرِدُ في صراحة أن سبب سقوط صوفيا هو رغبتها في معرفة الآب الفائق الوصف. وبما أن سبب توليد الآب للأيونات (الذين صوفيا آخرهم) كان "رفعهم جميعًا إلى مرتبة الفكر" (إيريناوس، 1.2.1)، لم يكن مسموحًا لأيٍّ من الأيونات أن يبلغ معرفة تامة بالآب. لقد كانت الغاية من الملأ الأعلى أن يوجد كتعبير حيٍّ، جمعيٍّ، عن السعة العقلية للآب؛ فإذا قُيِّضَ لأيِّ كائن مفرد ضمن الملأ الأعلى أن يصل إلى الآب لتوقفت الحياة برمَّتها. تقوم هذه الفكرة على موقف إيجابي بالدرجة الأولى تجاه الكون، بمعنى أن الوجود، مفهومًا ككفاح، ليس من أجل نهاية مستكينة، بل من أجل مستوى متزايد أبدًا من البصيرة الخلاقة أو "التكوينية". والهدف، من هذه الوجهة، هو الإبداع من خلال الحكمة، وليس مجرد الوصول إليها كغرض أو كغاية في حدِّ ذاتها. ومثل هذا الوجود لا يتَّسم بالرغبة في غرض ما، بل بالحري في القدرة على الإمعان في الانخراط الخلاق والتكويني مع "الظرف" (= الوضعية المعيَّنة أو الميدان الفردي) الخاص بالمرء. عندما رغبتْ صوفيا في معرفة الآب، فإن ما كانت ترغب فيه إذ ذاك، في المقام الأول، هو تلاشيها لصالح فنائها الخاص فيما جعل وجودها ممكنًا في الأصل. وهذا يعادل رفض هبة الآب، بمعنى هبة الوجود والحياة الفرديين. لهذا السبب لم يُسمَح لصوفيا بمعرفة الآب، بل رُدَّتْ إلى "الحد" horos الفاصل بين الملأ الأعلى وبين "السعة اللاموصوفة" للآب (إيريناوس، 1.2.1).
أما ما تبقَّى من رواية بطليموس فيتعلق بإنتاج الكوسموس المادي اعتبارًا من "آلام" صوفيا المُأقْنَمَة وفاعلية المخلِّص (يسوع المسيح) في ترتيب هذه الآلام الشواشية أصلاً في تراتبية منتظمة من الموجودات (إيريناوس، 5.4.1 وما بعدها، وقارن: الرسالة إلى القولوسيين 1: 16). إن ثلاثة صفوف من الكائنات البشرية تنوجد من خلال هذا الترتيب: "المادي" hulikos و"النفساني" psukhikos و"الروحاني" pneumatikos. البشر "الماديون" هم أولئك الذين لم يبلغوا الحياة العقلية، وبالتالي لا يعقدون آمالهم إلا على ما هو هالك – ولا أمل في الخلاص لهؤلاء. "النفسانيون" هم أولئك الذين ليس لديهم إلا تصور نصف متشكِّل عن الإله الحقيقي، وعليهم، بالتالي، أن يحيوا حياة منذورةً للأعمال المقدسة والثبات على الإيمان؛ وبحسب بطليموس، هؤلاء هم المسيحيون "العاديون". وأخيرًا، هناك البشر "الروحانيون"، الغنوصيون، الذين لا يحتاجون إلى الإيمان لأنهم على معرفة فعلية (غنوص) بالحقيقة العقلية، وبذلك هم ناجون بالطبيعة (إيريناوس، 2.6.1، 4.6.1).
يقوم المفهوم الفالنتيني البطليموسي للخلاص على فكرة أن الكوسموس هو التجلِّي العياني أو الأقْنَمَة لرغبة صوفيا في معرفة الآب و"الآلام" التي نجمتْ عن فشلها. إن تاريخ الخلاص للكائنات البشرية له، إذن، صفة التجلِّي الخارجي للسيرورة المثلَّثة لافتداء صوفيا نفسها: الاعتراف بآلامها؛ "رجوعها" epistroph? تاليًا؛ وأخيرًا، فعل توليدها الروحي، الذي انبثقتْ منه الإنسانيةُ الغنوصية (راجع: إيريناوس، 1.5.1). الخلاص، إذن، في شكله النهائي، يجب أن يتضمن نوعًا من الخلق الروحي من قِبَل الغنوصيين الذين يبلغون الملأ الأعلى. غير أن على البشر "النفسانيين"، المكوَّنين جزئيًّا من مادة قابلة للفساد وجزئيًّا من ماهية روحية، أن يظلوا مكتفين بوجود بسيط مريح مع "صانع" الكوسموس، بما أنه لا يمكن لعنصر ماديٍّ أن يدخل الملأ الأعلى (إيريناوس، 1.7.1).
في رسالته إلى فلورا (في أبيفانيوس، 1.3.33-10.7.33)، التي هي محاولة لهداية امرأة مسيحية "عادية" إلى مذهبه المسيحي الفالنتيني، صاغ بطليموس صياغة واضحة مذهبَه في العلاقة بين إله الكتب المقدسة العبرية، الذي هو "عَدْل" وحسب، وبين الآب اللاموصوف، الذي هو الخير الأسمى. وعوضًا عن مجرَّد إعلان أن هذين الإلهين غير متَّصلين، كما فعل مرقيون، بَسَطَ بطليموس قراءة مركَّبة، مجازية، للكتب المقدسة اليهودية فيما يتصل بالعهد الجديد بغية ترسيخ سلالة تربط الملأ الأعلى، صوفيا و"آلامها"، الديميورغوس، والنشاط الخلاصي ليسوع المسيح بعضها ببعض. إن مدى عمل بطليموس ودقَّته، والأثر الذي خلَّفه على المسيحية الأرثوذكسية الناشئة، يؤهِّله لكي يكون واحدًا من أهم اللاهوتيين المسيحيين الأوائل، الأرثوذكسيين الروَّاد منهم و"الزنادقة".
المزيد