المقالات

18 فبراير 2019

انجيل قداس يوم الاثنين أول صوم نينوى

تتضمن الحث على التوبة . مرتبة على قوله تعالى ثانية ليونان النبى " قم أذهب إلى نينوى ... "وعلى قوله أيضاً بفصل الإنجيل " رجال نينوى سيقومون فى الدين هذا الجيل ويدينونه لأنهم تابوا بمناداة يونان "( يونان 1 : 1 – 16 ومت 7 : 6 – 12 ) يا لعظم هذا الصوت العظيم المهول القائل : " يا يونان بن أمتاى قم أذهب إلى نينوى المدينة العظيمة وناد عليها لأنه قد صعد شرهم أمامى " اسمعوا أيها الأحباء هذا القول فما أعظمه ! وهذا التخويف ما أفزعه : وهذا الإرهاب ما أشده وأرهبه على قلوب الخائفين من عقوبة الله افتحوا قلوبكم وأسماعكم . وميزوا بعقولكم معانى الكتب الإلهية وأقوال الله على ألسن أنبيائه ورسله . فان يونان النبى لما تحقق رحمة إلهنا قام ليهرب إلى ترشيش من وجه الرب . فنزل إلى يافا و وجد سفينة ذاهبة إلى ترشيش فدفع أجرتها ونزل فيها فأرسل الرب ريحاً شديدة إلى البحر . فحدث نوء عظيم حتى كادت السفينة تنكسر . فخاف الملاحون وصرخوا كل واحد إلى الهه . وطرحوا الأمتعة إلى البحر ليخففوا عنهم . وأخيراً طرحوا يونان النبى أيضاً فوقف البحر عن هيجانه . وقد ابتلعه حوت عظيم وكان فى جوفه ثلاثة أيام وثلاث ليال . وقد تم هذا الأمر هكذا بتدبير الله ليكون من جملة نبواته عن السيد المسيح وكونه يقيم فى بطن الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال . ثم يقول الكتاب وينزل إلى الجحيم ( 1 صم 2 : 6 واف 4 : 9 ) . ليخلص من كان معتقلا بخطية آدم فانظروا إلى مراحم إلهنا . ما أكثرها ! لأنه تجسد وتألم ومات وقبر ثم قام . كل ذلك لفرط عنايته بنا فيجب علينا إذن أن نكون سامعين لأقواله . ذاكرين لأفعاله وطالبين مراحمه فى كل حين . لأنه كريم ورحيم . ويغضب إذا كنا لا نطلب منه الرحمة . فإنه يمنح خيراته لمن يطلبها . وقد قال : " إن عطش أحد فليقبل إلى ويشرب " ( يو 7 : 37 ) . ومَن هو جاهلى فليمل إلى هنا " ( أم 9 : 4 ) . فيا لهذه الرحمة ما أعظمها ! صلى يونان النبى من بطن الحوت إلى الرب إلهه وقال : " دعوت الرب من ضيقى فاستجابنى . صرخت من جوف الهاوية فسمع صوتى " ( يون 2 : 1 – 8 ) إن يونان هذا وهو نبى ومقبول الدعاء لانه منتخب من رب السموات والارض لما نظر نفسه فى بطن الحوت خاف جداً وتضرع إلى الرب فخلصه . فكيف يكون حالنا إذن نحن الخطاة المرتكبون للآثام ؟ وكم يجب علينا من تقديم الطلب والدعاء والتضرع إلى رب الأرباب لعله يخلصنا من خطايانا الفعلية ويرحمنا ويتراءف علينا ولما كان السيد له المجد قد قال : " إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون " ( لو 13 : 2 – 5 ) . فقد أورد مثل شجرة التين . وكون رب الكرم أراد قطعها لانها لم تثمر مدة ثلاث سنين . فقال له الكرام اتركها هذه السنة أيضاً حتى أنقب حولها وأضع زبلا . فإن صنعت ثمراً وإلا ففيما بعد تقطعها " ( لو 13 : 6 – 9 ) فإن قلت وماذا يعنى بهذا المثل ؟ أجبتك : أنه يعنى بشجرة التين مجمع الخطاة . وبالأثمار الأعمال الصالحة . وبالكرام المسيح أو خلفاءه . وبرب الكرم الله الآب . وبالثلاث سنين مدة حياة الأنسان الأرضية . وهى : زمن الشباب . والرجولية والشيخوخة فلنتأمل إيها الأحباء فى هذا القول بعين العقل والتمييز . ولنعلم أن الرب يضرب لنا الأمثال لنفهمها . ويذكرنا بالاقوال لنسمعها . فيجب أن تكون لنا ثمرة الإيمان الصحيح . لنكون بين أشجاره الصالحة التى فى حقله العقلى . الذين هم المؤمنون باسمه العاملون بوصاياه فسبيلنا أيها الأعزاء أن نفهم هذه المعانى بالعقل الرجيح والنظر الصحيح . لتحسن طريقنا بين يديه . ونسلك السيل المستقيمة . لنفوز بمراحم الهنا . ونكون معه فى ملكوته الأبدية . خالدين فى نعمه السرمدية . بتحنن ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح . الذى له المجد والقدرة والعظمة والسلطان . الآن وكل آوان . وإلى الأبد آمين . من عظات القديس يوحنا ذهبى الفم
المزيد
17 فبراير 2019

صوم يونان

(( لما تربع على الكرسى المرقسى الأنبا أفرآم بن زرعة السريانى الثانى و الستون من عدد باباوات الأسكندرية ، الذى كان تاجرا ويتردد كثيرا على مصر ومن ثم استوطن بها ، و نظرا لاتصافه بفضيلة الرحمة و اشتهارة بكثرة العلم والصلاح ، فقد أجمع الأساقفة والمدبرون والعلماء على اختياره ليكون رئيسا دينيا عليهم ، و ساموه باب على الكرسى الأسكندرى سنة 968 للتجسد الألهى . ومن أمره أنه لم يرغب بادئ بدء أن يصوم أسبوع هرقل الجارى ممارسته عند الأقباط ، ولكنه صامه فى مقابل كونه فرض عليهم أن يصوموا ثلاثة أيام على اسم يونان . و نظرا لتقواه قبل الأقباط ممارسة هذا الصوم بغير تردد . ومما يذكر عن هذا البابا أنه فى أيامه حدثت معجزة نقل جبل المقطم ، وكان معه رجل فاضل هو سمعان الدباغ ، وحصل ذلك فى عهد الأنبا ساويرس بن المقفع أسقف الأشمونين و كان معاصراً لجميعهم الخليفة المعز . ومما يذكر عن البابا أفرآم أنه أعاد بناء كنيسة مرقوريوس أبى السيفين ، ورمم كنيسة المعلقة بمصر القديمة ، واستمر على كرسى الباباوية ثلاث سنين و ستة أيام و تنيح . و من ذلك الوقت صارت الكنيسة القبطية تمارس هذا الصوم بحسب الترتيب الموضوع للصوم الكبير تماما – واضعة أيامه قبله بخمسة عشر يوما ، ولعل ذلك كان يناسب وقوع حادثة نينوى فى ذلك الوقت – حتى أن كثيرين من الناس الأتقياء يصومون الثلاثة الأيام بلياليها منقطعين فيها عن الطعام ، محبة فى الزهد وتشبها بأهل نينوى كى يرحموا . وبما أننا بشر مائلون إلى الشر منذ حداثتنا ، وحياتنا مهددة بالتجارب ، و نحتاج إلى استمداد العناية الألهية بواسطة الصوم و الصلاة ، لذلك طالبت الكنيسة بنيها بمداومة العبادة المشفوعة بالصوم و التذلل ، و النسك و التقشف ، والابتعاد عن الرذائل التى يبغضها الله ؛ و وجب أن نصوم بقلوب نقية لننال الميراث الأبدى الذى لا يبلى ولا يتدنس و لا يضمحل المحفوظ للقديسين فى السموات . أما يونان النبى فهو من جت حافر إحدى قرى سبط زبولون شمال الأرض المقدسة ، وقد تنبأ فى ملك يربعام الثانى بن يوآش ملك إسرائيل عندما كان عاموس مزهرا فى خدمته ، ورأى البعض أنه كان قد شرع فى ذلك قبل هذا الوقت فى ملك يهوآحاز عندما كان حزائيل يتمم نبوات اليشع بقساوته على إسرائيل . أما نينوى فهى كرسى سلطنة الأشوريين ، و كانت مشهورة وقتئذ بعظمتها وفسادها معا ، وقد نجح يونان فى خدمته بين شعوبها . و هى واقعة على ضفة دجلة الشرقية قبالة الموصل ، وتبعد عن بابل 250 ميلا ، وعن خليج فارس إلى الشمال الغربى منه 550 ميلا . وقد ازدهرت هذه المدينة فى ملك سنحاريب وآسر حدون و أشوربانيبال ، وبعد ذلك حاصرها الماديون و البابليون فأخذوها ودمروها . ونتعلم من سفر يونان أن الله تعالى يطيل أناته و حلمه و صبره على الخطاة ، ويصفح عنهم إذا تابوا إليه توبة صادقة ، فيشملهم بمراحمه و يقبلهم إليه ، لأنه إله رحيم كثير الرحمة بطئ الغضب وجزيل الرأفة و يندم على الشر ، فلا يحقد إلى الدهر ولا يغضب إلى الأبد . ولدى التأمل فى نبوة هذا النبى يرى الإنسان أن جميع الأنبياء قد تنبأوا عن السيد المسيح له المجد برموز و إشارات ، أما يونان فقد كان آية بنفسه ، لأنه بطرحه فى البحر و مكوثه فى جوف الحوت ثلاثة أيام و ثلاث ليال ، و خلاصه من هذا السجن بدون أن يلحقه فساد ، كان فى ذلك رمزاً حسيا عن المسيح له المجد ، الذى لما جاء إلى العالم لخلاصنا لم يكمل الخلاص إلا بموته و دفنه فى القبر ثلاثة أيام و ثلاث ليال بدون أن يرى جسده فسادا ، كما قيل عنه لم تترك نفسه فى الهاوية و لا رأى جسده فسادا . أما الفوائد التى نتعلمها و نجنى بها بركات جزيلة من صوم نينوى هذا فهى : أولا : بما أننا نتلو فى هذه الأيام بنوع خاص الحوادث المتعلقة ، فى التوراة و الأناجيل و المزامير ، بهذه الأمور فمنها نتذكر ( ا ) رحمة الله و حبه و اهتمامه بخلاص جميع الناس ، إذ أنه يريد أن جميع الناس يخلصون و إلى معرفة الحق يقبلون ، و لم يشأ أن يجازى أهل نينوى إلا لما أرسل إليهم يونان النبى ليبشرهم و ينذرهم و يهددهم بالويل . ( ب ) إن يونان لم يهتم بهؤلاء الأمم و بخلاصهم ، و خاف أن يناديهم فيتوبوا فيغفر الله لهم ، و لذلك بادر بالهرب من أمامه وجه الرب إلى ترشيش ، فكانت النتيجة أن الله هيج البحر و الزوابع . و انجلت هذه المصيبة الهائلة بطرحه فى البحر حسب مشورته هو نفسه إلى الذين كانوا معه فى السفينة تأديبا له . ( ج ) إن الله يدعو جميع الناس للتقرب منه تعالى و لا يترك نفسه بلا شاهد بين جميع الأمم . و بهذه الحادثة يعلمنا أن الأمم لها نصيب فى ميراث ملكوته الذى جاء يسوع له المجد و أعده للبشر . ثانيا : إنه بمباشرتنا هذا الصوم نعيد ما قام بعمله قديما شعب نينوى ، الذى صام بعد ما صدر عليه القضاء من لدن الرب أنه بعد أربعين يوما تنقلب نينوى ، و بصومه جعل الرب يصفح عنه ، و بمثابرته على الصوم النقى و الصلاة الحارة و التوبة الحقيقية استبدل الله بالعدل الرحمة لكون الرحمة فوق العدل . ثالثا : يتجلى لنا الفرق بين يونان و رب المجد ، فأن الأول ذهب مكرها لينادى أهل نينوى فوجد من يقبل نداءه و تابوا بمجرد إنذاره ، و نحن قد جاءنا السيد المسيح و مكث على الأرض نيفا و ثلاثين سنة ، و كان ينادينا بكلامه المملوء بروح النعمة و المحبة و الحنو ، و يرشدنا بتعاليمه الصادقة ، و يخفف عنا الأتعاب قائلا (( تعالوا إلى يا جميع المتعبين و الثقيلى الأحمال و أنا أريحكم )) و مع ذلك نتوانى عن تلبية ندائه . يونان لم يناد إلا بالخراب قائلا بعد أربعين يوما تنقلب نينوى ، ولم يتجاوز نداؤه يوما واحدا ، أما المخلص فاستمر يدهش العالم بصنع الآيات الباهرة ، و المعجزات العجيبة التى من شأنها نشر السلام و خلاص النفوس مدة تزيد على ثلاث سنين ولم يؤمنوا به . يونان كرز بين أهل نينوى كرازة الحاقد الذى يرغب أن الرب لا يرحمهم ، ويتمم كلامه بقلب المدينة عليهم ، غير مبال بمن فيها من الناس و البهائم الذين لم يعرفوا شمالهم من يمينهم ، و المسيح كان يسعى فى أمر خلاصنا وشفاء مرضانا وقيامة أمواتنا و تطهيرنا من خطايانا ، وحمل أسقامنا كقوله على لسان أشعياء (( أحزاننا حملها و أوجاعنا تحملها و نحن حسبناه مصابا مضروبا من الله و مرذولا ، و هو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا ، تأديب سلامنا عليه و بحبره شفينا )) ، كما أنه منع عنا سلطة إبليس ومع ذلك لم نعتد به ولم نسمع لقوله تعالى كما استمع أهل نينوى ليونان ، (( ولذا فأن رجال نينوى سيقومون فى الدين مع هذا الجيل و يدينونه لأنهم تابوا بمناداة يونان وهوذا أعظم من يونان ههنا )) . هدانا الله إلى سبيل الخلاص ومنهج التوبة وحسن الفضيلة ، لنحظى بالقربى من الله عز وجل له المجد إلى كمال .
المزيد
16 فبراير 2019

دستور الخدمة ومبادئها السبعة

الأصحاح الرابع من رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس نسميه "دستور الخدمة"، فهو يرسم أمامنا صورة الخدمة. وسأختار عناوين رئيسية..المبدأ الأول: خدمة لاتفشل«مِنْ أَجْلِ ذلِكَ، إِذْ لَنَا هذِهِ الْخِدْمَةُ كَمَا رُحِمْنَا لاَ نَفْشَلُ». الخادم الذي يعيش مع المسيح لا يفشل أبدًا ولا يعرف روح الفشل. لا يعرف أن يقول "لا فائدة"، بل دائمًا يثق أن هناك رجاء، وهذا ما عبّر عنه بولس الرسول قائلًا: «أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي» (في٤: ١٣). أنا وحدي لا أستطيع أن أفعل شيئًا. فأول مبدأ أن الخادم لا يعرف روح الفشل، مثل ماقرأت: «الِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ، بَلْ وَإِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا الْخَارِجُ يَفْنَى، فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا».المبدأ الثاني:احترس من خطية الإنجيل المكتومخطية الإنجيل المكتوم أن تكون قارئًا الإنجيل لكنه مكتوم بداخلك، لا يخرج ولا يظهر قدامك في قراراتك ولا في أفعالك. لابد أن تكون كلمة الله حية وفعالة. حينما تتكلم وتخدم يجب أن يُرى الإنجيل واضحًا. يجب ألّا يوجد فصل خدمة إلّا ويكون الإنجيل موجودًا فيه. يجب أن نعلم كيف يكون الإنجيل حاضرًا. فإلى جانب التحضير، يوضع الإنجيل دائمًا في فصل الخدمة، الإنجيل الورق، ونهتم ونقصد القراءة منه. في سفر يقول: «طُوبَى لِلَّذِي يَقْرَأُ» (رؤ3: 1). أحترس من خطيةالإنجيل المكتوم، إنجيلك يجب أن يكون حاضرًا وفعّالًا «وَلكِنْ إِنْ كَانَ إِنْجِيلُنَا مَكْتُومًا، فَإِنَّمَا هُوَ مَكْتُومٌ فِي الْهَالِكِينَ».المبدأ الثالث: لسنا نكرز بأنفسنا«فَإِنَّنَا لَسْنَا نَكْرِزُ بِأَنْفُسِنَا، بَلْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبًّا، وَلكِنْ بِأَنْفُسِنَا عَبِيدًا لَكُمْ مِنْ أَجْلِ يَسُوعَ». لسنا نكرز بأنفسنا نحن كخدام وخادمات، نحن في الكرم، موجودون في ملكية الله، في الكنيسة، ونربّي أولادنا.أكثر خطية تتعب الكنيسة وآفة هذا الزمن اسمها: الذات، وهناك مثل شعبي في مصر يقول "يا فيها يا اخفيها" بمعنى "إما كلمتي تسود، وإمّا لا شيء"! هذه الخطية تطيح بكل الجهود. فاحترس أيها الخادم والخادمة، فإنه تفضُّلًا من الله أن جعلنا نوجد في الكنيسة.لسنا نكرز بأنفسنا.. والصياغة صياغة جماعية. أحيانًا كنيسة تفتخر على كنيسة أخرى وتشعر بأفضلية عنها. فلنحترس من خطية الـ"أنا"، لأن المؤهل الأول المطلوب في الخدمة هو: "إنكار الذات".نحن لسنا نكرز بأنفسنا بل بالمسيح يسوع ربنا. أنا لا شيء، فقط أريد المسيح والسماء فحسب.المبدأ الرابع: لنا هذا الكنز«وَلكِنْ لَنَا هذَا الْكَنْزُ فِي أَوَانٍ خَزَفِيَّةٍ، لِيَكُونَ فَضْلُ الْقُوَّةِ للهِ لاَ مِنَّا». نحن ننكسر من أبسط خبطة، لكن في داخلنا كنز هو كنز الخدمة وكنز معرفة المسيح. لنا هذا الكنز ليكون فضل القوة لله لا منا. هناك قصة تقول بأن رجلًا كان يعمل كحاجب في محكمة، وأجره كان خمسة جنيهات. سألته ابنته عن مرتبه في الشهر، فاحتار الأب، ثم قال لها: "أنا والقاضي نتقاضى مائة جنيه في الشهر". بالمثل، أنا وحدى أساوي الخمسة جنيهات، لكن أنا مع الله قيمتنا كبيرة. ليكون فضل القوة لله لا للناس..في الماضي، عندنا في الخدمة عند تقسيم الفصول، يبدأون من الصف الثاني الابتدائي، وآخر فصل يتم توزيعه هو سنة أولى ابتدائى، فيعطونه للخادم المثالي المجتهد.. لأن أولى ابتدائي هو بداية التأسيس، فهذه المهمة لا توكل إلّا للخادم الناجح.المبدأ الخامس: لنا روح الإيمان«فَإِذْ لَنَا رُوحُ الإِيمَانِ عَيْنُهُ، حَسَبَ الْمَكْتُوب: "آمَنْتُ لِذلِكَ تَكَلَّمْتُ" نَحْنُ أَيْضًا نُؤْمِنُ وَلِذلِكَ نَتَكَلَّمُ أَيْضًا». ماذا يعني الإيمان؟ يعني أن الله حاضر، أنا اشعر بحضور الله وبوجوده اليوم. الله عامل، يعمل كل الوقت، وفعّال معي كل الوقت «وَهَاأَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ. آمِينَ». لنا روح الإيمان العامل، أنت فيما تربّي أولادك إنما تشكلهم. ربما لا نتذكر تعاليم من خدموا، لكننا نتذكر أسلوبهم.. وفي الخدمة لنا روح الإيمان، هي ليست كلية نتخرج منها ومن ثَمّ تعطينا شهادة الإيمان. القديس يوحنا ذهبي الفم يقول: "الله عندما يعطيك أو لا يعطيك، إنما يفعل هذا لخيرك". كنيستنا بالروح التي فيها، روح الإيمان، قوية وممتدة عبر التاريخ. نتذكر هنا شهداء ليبيا الذين رضعوا روح الإيمان، وعندما تعرضوا لموقف ظهر ثباتهم وإيمانهم الشديد الذي لا يتزعزع.المبدأ السادس:الداخل يتجدد بإستمرار«لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ، بَلْ وَإِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا الْخَارِجُ يَفْنَى، فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا». أي خادم فيكم يجب أن يتعب، ولكني مهما تعبت فما هو هذا التعب مقارنة ببذل المسيح نفسه من أجلي؟ إذًا كان الخارج يفنى، فالداخل يتجدد.. الخادم لا يعرف الشيخوخة. يظل الخادم من داخله أقصى سن يمكن أن يبلغه هو سن الـ٣٣ عامًا، عمق الشباب، سن ربنا يسوع المسيح بالجسد على الأرض.. فهو لا يعرف الشيخوخة مهما بلغت سنه.اسمع باستمتاع الآية «وَإِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا الْخَارِجُ يَفْنَى، فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُيَوْمًا فَيَوْمًا»، الداخل في القلب يتجدد يومًا فيومًا، وهذا هو جمال خدمتنا. إياك أن تشيخ، احذر أن تبقي أفكارك قديمة بلا إبداع. مسيحك الذي بداخلك يجددك مثل النسر، بيتجدد فترة بفترة فتبقى في شباب دائم.يوجد مرضان يصيبوننا، الفقر فى الإبداع، والإصرار على التكرار. وعندما يكون الداخل متجددًا، تجد الأفكار متجددة، وتتبادلون الأفكار الجديدة مع بعضكم، فيتجدد داخلك وتتجدد خدمتك. المبدأ السابع: ناظرين إلى الأبدية«لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا». كنسيتنا فيها تقليد جميل، أننا دائمًا ناظرين للشرق وتلفت انتباه الجلوس أن يقفوا.. وذلك من أجل أن تذكرنا بأستمرار أننا ننتظر مجيء المسيح. أولادك وهم صغار، تتطلع إليهم أنهم في المستقبل سيكون لهم دور، ولكن الأهم أن يكون لهم نصيب فى السماء.. ناظرين للأبدية، المسيح مضى وأعد لنا مكانًا، فاحفظ هذا المكان.هذه المبادئ السبعة ضعها أمامك كدستور لخدمتك:١- خدمة لا تفشل.٢- احترس من خطية الإنجيل المكتوم.٣- لسنا نكرز بأنفسنا.٤- لنا هذا الكنز.٥- لنا روح الإيمان.٦- الداخل يتجدد باستمرار.٧- ناظرين إلى الأبدية. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
15 فبراير 2019

عيد دخول ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح إلى الهيكل

يُعرَف عن العيد بتسميات متعددة . الموارنة والأقباط يدعوة " عيد الدخول "، ويعرف باليونانية ب "عيد اللقاء" إي ابانتيسيس" ويسميه اللاتين "عيد التطهير" وآخرون"عيد التقدمة". الاحتفال بالعيد كان معروفاً في أورشليم منذ القرن الرابع للميلاد.. يستند العيد إلى النص الإنجيلي الذي أورده لوقا البشير في الإصحاح الثاني ، عبر الآيات22 إلى 38 ثلاث عناصر تشكل العيد: تطهير مريم لوضعها مولوداً ذكراً. تقديم المولود الجديد للرب. لقاء سمعان وحنا النبييَن. "لأن عينيَ قد أبصرنا خلاصك الذي أعددته قدَام وجه جميع الشعوب. نور إعلان للأمم ومجدا لشعبك إسرائيل"إن كنيستنا الأرثوذكسية تحتفل اليوم بعيد دخول السيد إلى الهيكل مظهرة وناقلة لنا رسائل ومعاني كثيرة عبر هذا العيد المقدس فإننا نرى اليوم المخلص يسوع بعدما رأيناه في مذود بيت لحم وفي نهر الأردن معتمداً نراه اليوم مقبلاً إلى الهيكل متمماً بذلك الناموس. من اجل خلاصنا متنازلاً الإله لكي يُصعد الإنسان ، فترى والدة الإله مقبلة إلى الهيكل وعلى ذراعيها الطفل يسوع ويوسف الصديق معها في اليوم الأربعيني من ولادتها وفي يديهم على حسب الناموس أما زوج يمام أو فرخي حمام ، فاليمام يرمز للطهارة والعذارى إذ انه عندما يموت أحدهما (الذكر أو الأنثى) لا يأخذ الثاني آخر بدلا منه بل يذهب إلى الجبال بعيدا عن ضجيج العالم. واما الحمام فيرمز على الوداعة على حسب قول السيد " كونوا حكماء كالحيات وودعاء كالحمامة". وهكذا وعلى حسب الناموس أيضا يذبح أحد الطيرين ويترك الآخر دالا ذلك على طبيعتي يسوع الإلهية والإنسانية الأولى التي لا يسود الموت عليها والثانية التي ذبحت على الصليب. أما سمعان الشيخ الذي استقبل اليوم السيد على ذراعيه فكان من السبعين معلما الذي قاموا بترجمة العهد القديم من العبرانية إلى اليونانية وفيما كان يترجم في اشعيا النبي النبوة التي تقول: " ها أن العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعى اسمه عمانوئيل"، حيث استغرب من هذا الكلام قائلا: كيف يمكن أن تلد العذراء؟ كيف يمكن أن يولد الإله؟ وفيما كان يقول إن ذلك غير مصدق ضربته يد غير منظورة كفاً وسمع صوت يقول له: " انك سوف ترى يسوع وسوف تمسكه بيديك"، وهكذا في اليوم التالي وهو ماشيا على ضفة نهر رمى خاتمه في الماء وقال: إن وجدت خاتمي سيكون الكلام حقيقي، وبعد ثلاثة أيام وهو يتناول طعامه الذي كان سمكاً وجد خاتمه في بطن السمكة، وفي هذه اللحظة اخبر سمعان الجميع بالذي حدث له ومن ذلك الوقت أي قبل ثمانين سنة من ميلاد يسوع كان ينتظر في الهيكل هذا اليوم وهكذا نحن اليوم أيها الأحباء نرى سمعان الشيخ حاملاً على ذراعيه المولود من العذراء، حاملاً على ذراعيه ضابط الكل خالق السماء والأرض، حاملاً على ذراعيه الفادي يسوع. وها نحن نسمعه بصوته الورع "الآن تطلق عبدك أيها السيد على حسب قولك بسلام، فان عيني قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته أمام وجوه جميع الشعوب نور إعلان للأمم ومجدا لشعبك إسرائيل".هكذا جاء اليوم الذي طالما انتظره سمعان الشيخ بعناء طويل حتى تتحرر روحه الطاهرة من جسده وينتقل من هذه الحياة الوقتية الفانية إلى حياة الراحة الأبدية لذلك قال الآن تطلق عبدك أيها السيد بعدما حدث كل شيء على حسب قدرتك وتدبيرك. هذه الكلمات كانت اعترافا إيمانيا وشكرا لله وفي نفس الوقت تنبؤ، الآن أطلق عبدك بعدما رأت عيني الخلاص الذي تجسد والذي سيكون لجميع الأمم نوراً يسطع عليهم وينير طرقهم إلى الملكوت، وهو الذي يكون مجداً لشعبك إسرائيل أي سوف يصبح مجداً للذين يؤمنوا بيسوع المسيح لأن إسرائيل الجديد على حسب تعبير الآباء القديسين هم نحن المسيحيون إن هذه الكلمات التي قالها سمعان الشيخ ترددها كنيستنا يومياً في كل صلواتها، ترددها كل نفس مسيحية مشتاقة إلى الغبطة السماوية والى الديار السماوية والآن فماذا نعمل نحن حتى نستقبل هذا العيد وباقي أعياد كنيستنا؟ ما هو التحضير الروحي الذي نقوم به حتى نستقبل هذه الأعياد والتي هي ليست احياء لذكرى هذا الحدث أو ذاك ولكن هي عيش ورؤية هذا العمل الخلاصي روحيا، نحن نرى جوهر العيد ونعيش معه وليس نحيي ذكراه فقط، من خلال مشاركة فعالة في حياة الكنيسة وهذا يتطلب منا استعداد كبير ولنرى اليوم ماذا يقول الإنجيل المقدس في سمعان الشيخ" كان هذا الإنسان بار تقيا ً" وكم من الصبر كان عنده وطاعة لله حتى ينتظر ذلك! ولماذا؟لكي يستقبل السيد على ذراعيه، فماذا نقول نحن الأشقاء الذين نأخذ السيد بأكمله ونتحد معه في سر الشكر الإلهي وعند المناولة؟ لذلك لنسرع إلى التمسك بإيمان آبائنا القديسين وكنيستنا الأرثوذكسية ولنحيا معه الحياة الروحية حتى نستطيع بذلك أن نحيا الإنجيل، ونصل إلى الحياة الأبدية بصلوات سيدتنا الفائقة القداسة والدة الإله والقديس سمعان الشيخ وجميع القديسين.
المزيد
14 فبراير 2019

حل مشاكل الكتاب المقدس سفر التكوين

1- بين اصحاح 1 : 2 وعدد 10 ففى الاول يفهم من قوله (وكانت الارض خربه وخاليه) انه كانت ارض وخربت. وفى الثانى ان الارض خلقت حديثا. فنجيب ان كلمه (خربه وخاليه) فى العبرانيه (توهو ويوهو) اى قفرا وتشويشا. والايه الاول ى (فى البدء خلق الله السموات والارض) المراد بها ان الله خلق الماده الاول ى او عناصر الماده، وقوله (خربه وخاليه) اى ليس فيها شىء الا الماده وهى مشوشه لا نظام لها. 2- و بين اصحاح 1 : 3 وعدد 16 ففى الاول قال الله (ليكن نور فكان نور) وذلك فى اليوم الاول. وفى اليوم الثانى قيل (فعمل الله النورين العظيمين) وذلك فى اليوم الرابع. فنجيب ان النور المكون فى اليوم الاول عباره عن الحراره التى اودعها الخالق للطبيعه لانتاج النباتات المبدعه فى اليوم الثالث قبل وجود الشمس وهو شىء ونور اليوم الرابع اخر مع عدم مراعاه وحده اسميها. فانها لا تؤخذ دليلا على وحده المسمى. يؤيد قولنا هذا ما جاء فى عدد 1 قوله: (فى البدء خلق الله السموات والارض). وقوله فى عدد 8 (ودعا الله الجلد سماء) فقد اختلف المسمى مع وحده الاسم فى الايتين اذ السماء فى الاول ى كنايه عن المخلوقات العلويه وفى الثانيه كنايه عن الجلد الفاصل بين مياه ومياه. كذلك ما جاء فى عدد 10 قوله: (ودعا الله اليابسه ارضا ومجتمع المياه دعاه بحارا) والارض فى عدد 1 يشار بهاالىالمياه واليابسه معا كذلك كان النور فى اليوم الاول وهو المجرى الكهربائى (وقد وردت اليها الاشاره فى اى 37: 2 و3) فى حاله ما. اما نور اليوم الرابع فهو النور الشمسى يخالف الاول فى كونه محيزا فى الجلد اما ذلك فمنتشر ببطن اليابسه والمياه. وفى كونه حاكما على النهار فقط اما ذلك ففى حاله ما يحكم النهار وفى اخرىيحكم الليل. وفى كونه مخلوقا كاعمال الايام السته اما ذاك فمبدع بكلمه (كن). اما من يقول ان نور اليوم الاول هو نور اليوم الرابع فقد اخطا. ويقول احد علماء اللغه العبرانيه: (ان اقل التفات الىالنص العبرى يفيد ان اللفظه المترجمه (انوارا)، فى عدد 14 – 19 هى بحروفها (ماوروت) ومفردها (ماور) واما اللفظه المترجمه (نور) فى عدد 3 – 5 فهى (اور) بدون ميم الاصاغه التى فى اول ماور. 3- وبين اصحاح 1 : 5 و8 و13 وعدد 14 – 18 ففى اليوم الاول ذكر نهار وليل وفى الثانى ان الشمس خلقت فى اليوم الرابع ومن المعلوم ان لانهار بلا شمس لان النهار هو الوقت الذى بين طلوع الشمس وغروبها. فنجيب بان النهار هنا ليس الوقت بين طلوع الشمس وغروبها بدليل قوله فى اول ذلك الاصحاح (ودعا الله النور نهارا والظلمه ليلا) عدد 5 فخلق الله الايام فى المده الاول ى. فكان اليوم حينئذ من مقابله جزء من الارض لكتله منيره غير منتظمه وتحركها على محورهاالىرجوعهاالىتلك المقابله. 4- وبين اصحاح 1 : 26 وص 4 : 14 ففى الاول ان ادم اول خليقه الله وفى الثانى يقول قايين (كل من وجدنى يقتلنى) كانه كان اناس غير ادم وذريته فى العالم. فنجيب ان قايين قال ذلك لاعتقاده ان فى الارض اناسا كثير ين غير اسرته لعدم معرفته انه ليس سواها وكيف كان يمكنه ان يعرف انه ليس على وجه الدنيا سوى ادم ونسله ؟ وذهب المفسرينالىانه كان لادم ونسله اولاد تناسلوا وكثروا وانتشروا فى الارض لم يذكرهم الكتاب وينقل امرهم بدليل قوله (وولد بنين وبنات) (تك 5 : 4) وان من اولئك البنين من كان من حزب هابيل فينتقمون منه، فانه من عاده الكتاب ان يقتصر على ذكر بعض النسل وقد جاء ذلك فى مواضيع كثيره. اما قول البعض بان الله خلق ادم مع غيره بدليل قوله فى اصحاح 1 : 27 (فخلق الله الانسان على صورته. على صوره الله خلقه. ذكرا وانثى خلقهم) فقوله خلقهم بصيغه الجمع بيانا ان الحكم عام يراد به خلق الجنس. ففى خلق ادم خلق الله جميع من يتناسلون منه لان عمليه الخلق اجراها مره واحده، وبقوه الله سيتناسل الناس من بعضهم. 5- وبين اصحاح 1 : 26 و اش 40 : 18 ففى الاول قال الله (نعمل الانسان على صورتنا كشبهنا) وفى الثانى قيل (بمن تشبهون الله) فنجيب ان القول الاول لا يعنى بالضروره الصوره والشبه اللذين نحن عليهما طبعا والمتكلم ذو الجلال بل يصح فهمه بمعنى الصوره والشبه اللذين جزمنا بهما من قبل او رسمناها. ويمكن فهم قوله (على صورتنا كشبهنا) انه ليس من جهه الصوره والشبه الطبيعيين اللذين تنزهت عنهما العزه الالهيه، بل الصوره والشبه الروحيين الطاهرين اللذين عليهما سبحانه وتعالى او الصوره والشبه النسبيين فى الله بالنظرالىخلائقه التى اوجدها كتسلط الانسان على الارض وما تحويه، فكان الصوره والشبه المقصودين انما هما هيئه السياده التى يقوم عليها الانسان بالنسبهالىسائر المخلوقات الارضيه وهنا يصدق قول يعقوب الرسول (لان كل طبع للوحوش والطيور والزحافات والبحريات يذلل وقد تذلل للطبع البشرى) (يع 3 : 7) وقول مرتل اسرائيل عن الانسان (تسلطه على اعمال يديك. جعلت كل شىء تحت قدميه) (مز 8 : 6) فليس المقصود اذا من قول الخالق (صورتنا) الصوره الجسديه بل الصوره العقليه الادبيه الروحيه لان الانسان بالنظرالىجسده ليس على صوره الله ولكنه بالنظرالىروحه على صورته تعالى اى انه ذو عقل وشعور واراده واختبار وقوى ادبيه وقدره على ملازمه القداسه واعطاه الله سلطانا على سائر المخلوقات. 6- بين اصحاح 1 : 31 وص 2 : 4 ففى الاول ان الله خلق السموات والارض فى سته ايام. وفى الثانى يقول (هذه مبادىء السموات والارض حين خلقت يوم عمل الرب الاله الارض والسموات) فكانها خلقت كلها فى يوم واحد. فنجيب بان الله كون العالم بسته اعمال سماها ايام وجعل كل منها مفصولا عن الاخر بمساء وصباح. فكلمه (يوم) بالعبرانيه لا يعبر بها دائما عن اليوم الطبيعى المؤلف من اربع وعشرين ساعه بل كثيرا ما يراد بها مجموعه ايام عديده كما فى الثانى وكما فى (زك 14 : 7) حيث يعتبر كل مده النظام الانجيلى يوما واحدا. وكما قال موسى (انت اليوم عابر الاردن) فاشار بذلكالىالمده وكذلك فى (تث 9 : 24) ولا مريه بان اليوم فى الثانى عباره عن مجموع ايام عديده ولا اقل من السته ايام. وقد حقق خبيرون باللغه العبرانيه انه ليس فيها لفظ يدل على اليوم والمده والعصر الا كلمه (يوم) فحتى كلمه يوم فى الاول لا يراد بها 24 ساعه لان اليوم الطبيعى مقياسه حركه الشمس فلا مقياس له قبل ابداعها فى اليوم الرابع. والقديس اوغسطينوس وجميع علماء مدرسه الاسكندريه اثبتوا ان الكلمات يوم ومساء وصباح فى (تك 1) مجازيه لا يراد بها معناها الحقيقى بل العصر او الحقبه او المده. فقد عبر موسى اذا بكلمه يوم عن العصر الذى انقضى بين تكوين تلك الكائنات التى يذكرها وبين ما تلاه فغرضه من ذكر المساء نهايه ذلك التكون ومن ذكر الصباح بدايه تكون مع غيره. واما كم هو مقدار تلك الاعصار او الاحقاب فلم يتيسر للعلماء تعيينهالىالان ما دل عليه العلماء الجيولوجيون والفلك انما هو ان تلك العصور كنايه عن الوف مؤلفه من السنين. 7- وبين اصحاح 1 : 31 وص 6 : 6 ففى الاول ان الله راى كل ما عمله فاذا هو حسن الثانى قيل (فحزن الرب انه عمل الانسان فى الارض) فنجيب لا صحه لتناقض بين قولين يحتمل ان يكون احداهما ينص عن الموضوع من جهه بينما الاخر ينص عنه من جهه اخرى. فذلك قال اولا انه سر بالنسبه لما كانت عليه الحال وقت السرور ثم حزن بعد ذلك من جهه اخرىلان الانسان سلك سبيل الشر، فهو سر من جهه وحزن من جهه اخرى هذا ولا ينبغى ان يؤخذ قوله (فحزن الرب انه عمل الانسان) على الفكر بانها تدل على ان الله كما لو لم يكن عالما بما سيحدث من الانسان فحزن لما راى منه ما راى. مع انه يصح اعتبار هذه الايه داله على ان الله تنازل ليبدى فى الازمان ما انطوت عليه الوهيته منذ الازل من النفور التام ممن يرتكبون الاثام وياتون الفجور. 8- وبين اصحاح 2 : 2 واش 40 : 28 ففى الاول ان الله (استراح) وفى الثانى انه لا يكل ولا يعيا. فنجيب ان لفظ (استراح) مجاز بمعنى كف عن العمل وانتهى منه، لا انه سبحانه وتعالى تعب فاستراح لانه (قال فكان وامر فصار). 9- وبين اصحاح 4 : 15 وص 9 : 6 فى الاول يقال عن لقايين (وجعل الرب لقايين علامه لكلى لا يقتله كل من وجده) وفى الثانى يقول (سافك دم الانسان بالانسان يسفك دمه) فنجيب ان شريعه العقاب على القتل لم تقرر كقانون للهيئه الاجتماعيه الا بعد الطوفان. وكل حكومه نظاميه لا تسن قانونا الا اذا وجد من خالفه غير انه لا يتحتم عليها ان تنفذه فى اول واحد يخالف ذلك القانون لانه لم يعرف قبل صدور القانون ان ما عمله كان خطا، فقايين لم يكن يعرف ان القتل جريمه ولكنه بعد ان قتل اخاه استيقظ ضميره وخاف ان يقتله احد، فاصدر الرب شريعه القتل لكى لا يخاف قايين، ولم يكن يعرف الشريعه ولا يصح ان ينفذ فيه القضاء لانه اول من خالفه. 10- وبين اصحاح 5 : 24 و2 مل 2 : 11 وبين يو 3 : 13 ففى الاول ان اخنوخ وايليا صعداالىالسماء بجسديهما، والثانى يقول (وليس احد صعد السماء الا الذى نزل من السماء) اى المسيح. فنجيب ان معنى ذلك لا ينبغى ان يؤخذ حرفيا لان المخلص يتكلم باعتباره سموه عن غيره، فاخنوخ وايليا صعدالىالسماء وهما يجهلان اسراراها اما المسيح فهو الوحيد الذى صعد اليها وهو عالم بها لانه هو مبدعها. واخنوخ وايليا لم يظهرا فى السماء بسلطان المسيح ومقامه وعمله فهو دون سواه الذى استرضى الاب وفتح طريق الفداء وقرب الخاطىء واعد المنازل السماويه للارضيين الذين نزل اليهم وقادهمالىتلك الامجاد. 11- وبين اصحاح 5 : 32 و اصحاح11 : 10 ففى الاول (وكان نوح ابن 500 سنه وولد نوح ساما وحاما ويافث) وفى الثانى (لما كان سام ابن مائه سنه ولد ارفكشاد بعد الطوفان بسنتين) مع ان الطوفان حصل اذ كان نوح ابن 600 سنه (تك 7 : 11) فنجيب لا يفهم من قوله (ولد نوح ساما وحاما ويافث) ان ساما كان الاكبر لانه لا عبره بتقديم الاسماء فذكر ساما الاول باعتباره سيكون ابا لابراهيم واسرائيل وداود والمسيح وفى اصحاح10 ذكرت المواليد الثلاثه فذكر اولا يافث عد 2 وثانيا حام عد 6 وثالثا عد 21 فاذا لا عبره من تقديم الاسماء وتاخيرها. ويفهم من (تك : 21) ان اكبر اولاد نوح يافث ومن (تك 9: 24) ان اصغر اولاد حام. فاذا يكون سام الابن الثانى. وقول الكتاب (وكان نوح ابن 500 سنه وولد نوح ساما ويافث) اى لم كان ابن 500 سنه ابتدا ان يلد اولاده فولد اولا يافث سنه 500 وسام سنه 501 ثم ولد سام ابنه ارفكشاد لما كان عمره 100 سنه اى فى منتصف السنه 101 فيكون انه ولده بعد الطوفان بسنتين، باعتبار ان السنه التى ولد فيها هو والسنه التى ولد فيها ابنه تتوسطهما 100 سنه التى جاء بعدها الطوفان لما كان نوح ابن 500 سنه. 12- وبين اصحاح 6: 3 وص 11: 10 الخ ففى الاول قال الله عن الانسان : (وتكون ايامه مائه وعشرين سنه) وفى الثانى ان اناسا كثيرون عاشوا اكثرمن ذلك بعد هذا القول. فنجيب ان الله كان عازما على اهلاك الانسان بالطوفان بشره لم يشا ان يهلكه حالا بعد التانى عليه وحدد مده ذلك التانى 120 سنه فلم يقصد ان عمر الانسان سيكون 120 سنه بل ان الطوفان لا ياتى لهلاك البشر حينئذ الا بعد 120 سنه وبعد ذلك ينجو التائب من الهلاك وتهلك كل نفس عاصيه. واذا اعترض بانه ذكر فى تك 5 : 32 ان نوحا كان ابن 500 سنه ثم ان الطوفان جاء وعمره 600 سنه فيكون الفرق هو 100 لا 120 فنجيب. لا ريب ان قول الرب عن الانسان (وتكون ايامه 120 سنه) كان قبل ان يبلغ عمر نوح 500 سنه. وان كان قيل فى اصحاح5 : 32 (وكان نوح ابن 500 سنه) قبل ان يقول الرب عن الانسان (وتكون ايامه 120 سنه) الا اننا نجزم ان القول الثانى قيل قبل الاول لان اصحاح 5 خصص كله للمواليد، من عدد 1- 5 كان قبل ان يبلغ نوح السنهالـ500 من ميلاده لان الكلام من اصحاح 6 : 1الىص 7 : 9 تاريخ لمائه وعشرين سنه وكل ما قيل فى اصحاح 5 : 32 من ان عمر نوح كان 500 سنه حين ابتدا ان يلد بنيه من المحتمل جدا ان الانذار بالطوفان حصل قبله. 13- وبين اصحاح 6 : 9 ورو 3 : 10 ففى الاول قيل (وكان نوح رجلا بارا) وفى الثانى (ليس بارا ولا واحد) فنجيب ان القولين صادقان لان الاول يقصد ان نوحا كان بارا بالنسبه لاهل جيله، بينما الثانى يقصد انه فى الحقيقه ليس بار ولا واحد، لاستيلاء النقص على الجميع بالنسبه لكمال الله غير المتناهى. 14- وبين اصحاح 6 : 19 و20 وص 7 : 2 و3 ففى الاول قيل ان الله امر نوحا ان ياخذ من كل ذى جسد اثنين ذكرا وانثى من الطيور كاجناسها ومن البهائم كاجناسها، وفى الثانى ان الله امره ان ياخذ من البهائم الطاهره سبعه ذكرا وانثى ومن البهائم التى ليست بطاهره اثنين ذكر وانثى. فنجيب ان الامر الاول اجمالى والثانى تفصيلى. ولا مجال للاعتراض لان الامر باخذ سبعه عقب الامر باخذ اثنين. 15- وبين اصحاح 6 : 13 وعدد 14 – 22 ففى الاول قال الله (نهايه كل بشر قد اتت امامى) وفى الثانى انه استثنى نوحا واولاده. فنجيب ان الامر الاول مقدر فيه كل بشر شرير لا كل بشر على الاطلاق. المتنيح القس منسى يوحنا من كتاب حل مشاكل الكتاب المقدس وللحديث بقية
المزيد
13 فبراير 2019

ثلاثة تفاصيل لفضيلة الأمانة

لست أقصد مجرد الأمانة في المال والأمور المادية، أي أن الإنسان لا يكون سارقًا أو ناهبًا لغيره إنما أقصد الأمانة بوجه عام في كل حياة الإنسان الروحية، في تفاصيل ثلاثة أمانة في علاقته مع الله، ومع الناس، ومع نفسه كثيرون بدأوا الحياة معًا. ولكن بعضهم وصل، والبعض لم يصل، والبعض تأخر. فما السبب في كل ذلك؟ السبب هو مقدار أمانة كلِّ منهم. فالذين وصلوا هم الذين كانوا في غاية الأمانة في أداء دورهم في الحياة والقيام بواجباتهم ومسئولياتهم على أكمل وجه والأمانة تشمل الأمور العالمية، كما تشمل الأمور الروحية. فكما يهتم الإنسان بروحياته، ينبغي أن يكون أمينًا في كل عمل يعمله. فالتلميذ ينبغي أن يكون أمينًا في دراسته، في مذاكراته ومراجعته ونجاحه وتفوقه. وكذلك العامل في إتقانه لعمله وحفظه لمواعيده. وبالمثل الموظف وكل من هو في مسئولية. فيوسف الصديق كان إنسانًا روحيًا وأمينًا في عمله، سواء في خدمته لفوطيفار حتى ازدهر عمل الرجل. كما كان خادمًا في عمله كوزير تموين لمصر، حتى أنقذها وأنقذ البلاد المحيطة لها من المجاعة وتوجد في الحياة العملية أمور لاختبار الأمانة: مثال ذلك: هل من الأمانة أن يحصل شخص على شهادة مرضية زائفة، يقدمها للحصول على عطلة من العمل بدون وجه حق. وهو في ذلك لا يكتفي بأن يكون غير أمين، إنما يوقع الطبيب معه ويجره إلى الخطأ معه! كذلك من يأخذ بدل سفر بدون وجه حق، أو يطلب بمكافأة على عمل زائد Over time بينما يمكن القيام بنفس العمل في الوقت العادي بدون زيادة!والأمثلة كثيرة من جهة عدم الأمانة في الحياة العملية: منها من ينقل الأخبار بطريقة غير أمينة. أو من لا يكون أمينًا على سرّ اؤتمن عليه. كذلك من لا يؤدى أية مهمة كُلّف بها بالأمانة المطلوبة. الأمانة تجاه الله * فقلبك الذي هو ملك لله، لا تفتحه لأعدائه. وهكذا فإن الإنسان الأمين نحو الله وحفظ وصاياه، لا يتساهل مع أية خطية، ولا يتراخى مع الفكر الخاطئ، بل بكل أمانة يطرده بسرعة ولا يقبل أن يفصله أي فكر أو أية مشاعر عن محبة الله وعن طاعته وحفظ وصاياه. وهو يحفظ تلك الوصايا ولا يحيد عنها أمينًا في تنفيذها، لا يلتمس في ذلك ولا تبريرًا، وينتصر على كل العوائق. * وهو أمين أيضًا في صلواته وكل نواحي عبادته، وأمين في عقيدته وفي إيمانه وفي تقديم صورة مشرقة عن الإنسان المؤمن. وهو أمين في خدمة بيت الله وفي دعوة الناس إليه. ويفعل ذلك بكل جدية. يبدأ يومه بالله وينهيه بذكر اسمه. ويحيا باستمرار في حياة الشكر، يشكر الله على نعمته وستره ورضاه. ولا يتذمر مطلقًا على مشيئة الله... وهو باستمرار حريص أنه لا ينطق باسم الله إلا بخشوع يليق بعزة الله وجلاله ومجده والأمين في علاقته بالله يكون أمينًا في نذوره وعهوده. يعرف أنه من الخير له أن لا ينذر من أن ينذر ولا يفي. كما يكون أمينًا أيضًا في واجباته المالية من نحو الله. أمانة الإنسان نحو نفسه يضع أمامه مصيره الأبدي. فيهتم بروحه ونقاوة قلبه. ويكون أمينًا كل الأمانة في مقاومة الخطية، وفي السلوك في حياة الفضيلة والبر. ويعطى روحه غذاءها اليومي من الصلوات والتراتيل وقراءة كتاب الله والتأمل فيه. ولا يقتصر على مجرد الاهتمام بالجسد واحتياجاته. بل يجعل روحياته في المرتبة الأولى من اهتماماته، بحيث ينمو كل حين في حياة البر، حتى يصل إلى الكمال النسبي الممكن له كإنسان كذلك يكون أمينًا في تثقيف نفسه بكل مصادر المعرفة والحكمة. حتى ينمو في عقله وفكره وذكائه. وإن كان طالب علم، يكون أمينًا في دراسته لكي يصل – ليس فقط إلى النجاح – إنما إلى التفوق أيضًا والامتياز والإنسان الأمين لا يعتذر مطلقًا بقلة إمكانياته، إنما يحاول أن ينمى إمكانياته وقدراته بكافة الطرق. وهو لا يعتذر بالعوائق والموانع، بل يبذل كل جهده للانتصار عليها. وفي كل يقوّى إرادته فلا تخور ولا تضعف والإنسان الأمين لا يتساهل مع نفسه في أي شيء. بل يضبط نفسه تمامًا. وذلك أنه إن تساهل من جهة أخطاء الحواس، تحاربه الأفكار. وإن تساهل مع الأفكار، تحاربه الشهوات. وإن تساهل مع الشهوات، يسقط في العمل الخاطئ. إنه في أمانته يكون كالجبل الراسخ تصدمه العواصف والأنواء فلا تنال منه شيئًا والإنسان الأمين نحو نفسه، يكون أمينًا من جهة وقته. فيستغل كل دقيقة من حياته لفائدته وفائدة الآخرين... وهو يدرك تمامًا أن الوقت جزء من حياته لا يجوز له أن يبدده ويحرص أن يكون وقته في صالحه وليس ضده، بحيث لا يندم على وقت قضاه في عمل ما الإنسان الأمين على نفسه، يعرف أن له نفسًا واحدة إن خسرها خسر كل شيء وليس ما يعوضها وهكذا يذكر باستمرار انه "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه". لذلك فهو يهتم بحاضر نفسه ومستقبلها. ويحرص على خلاص نفسه... أمانته نحو الآخرين الإنسان الأمين يحرص على الآخرين كما يحرص على نفسه. ويهتم بخلاصهم كما يهتم بخلاص نفسه إنه لا يكتفى بأنه لا يؤذى أحدًا، بل يبذل جهده لعمل الخير نحو كل أحد. ويكون كالشمعة التي تضئ لكل أحد، وكالشجرة التي تظلل على كل من يحتمي بها. ويكون صانع خير وصانع سلام مع الكل والإنسان الأمين يحتفظ بأسرار الناس لا يفشى شيئًا منها ولو لأقرب المقربين إليه. ولا يفضح ضعفات أحد بل يكون سترًا له وغطاء... وإن وجد أحدًا محتاجًا إلى معونة لا يقصر في إعانته، ويفعل ذلك في سرية بحيث لا يخجله أمام غيره... ويكون معينًا لمن ليس له معين، ونورًا للسائرين في الظلمة وأمانته نحو الآخرين تلزمه أن يشاركهم في أحزانهم وفي أفراحهم، وتقتضيه الأمانة أن يزور المريض منهم، وأن يعزى من يحتاج إلى عزاء. وأن يقدم النصيحة المخلصة لمن يلزمه النصح، وأن يشترك في حل مشاكل من هو في ضيقة، مادام هذا الأمر في قدرته. ويكون قلبًا محبًا للكل، ويحترم الصغير منهم والكبير. ولا يحتقر الساقط بل يساعده على القيام على أن هناك من يسأل بعد كل هذا: ولكن ماذا استطيع أن أفعل، إن كان لا يمكنني الوصول إلى هذا المستوى؟ وإن كنت -على الرغم من ضعفي- أريد أن أكون أمينًا الأمانة كلها، فكيف أبدأ. أرجو -إن أعطاني الرب فرصة- أن أجيب عن هذا السؤال، فإلى اللقاء. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
12 فبراير 2019

عصر ما بعد داود وسليمان - الجزء الثاني

+ نهضة في عهد يهوياداع الكاهن.. وقد حدثت نكسات أخرى في حياة الشعب، وسادت الشرور والآثام، وتراجعت الروحانية والحب والتسبيح حتى قام كاهن عظيم هو "يهوياداع". ردَّ يهوياداع الشعب إلى الله، وخلع "عثليا" الملكة الشريرة، وملَّك يوآش بن أخزيا. وكان تجليس الملك في حفل ديني مهيب أعاد إلى الأذهان مجد الهيكل القديم أيام داود وسليمان: "وإذا المَلِكُ واقِفٌ علَى مِنبَرِهِ في المَدخَلِ، والرّؤَساءُ والأبواقُ عِندَ المَلِكِ، وكُلُّ شَعبِ الأرضِ يَفرَحونَ ويَنفُخونَ بالأبواقِ، والمُغَنّونَ بآلاتِ الغِناءِ، والمُعَلمونَ التَّسبيحَ" (2أخ13:23). وبعد حفل التجليس هذا الذي أحيا مجد التسبيح في الهيكل.. "قَطَعَ يَهوياداعُ عَهدًا بَينَهُ وبَينَ كُل الشَّعبِ وبَينَ المَلِكِ أنْ يكونوا شَعبًا للرَّب" (2أخ16:23). لقد كان من علامات هذه النهضة الروحية أن "جَعَلَ يَهوياداعُ مُناظِرينَ علَى بَيتِ الرَّب عن يَدِ الكهنةِ اللاويينَ الذينَ قَسَمَهُمْ داوُدُ علَى بَيتِ الرَّب، لأجلِ إصعادِ مُحرَقاتِ الرَّب، كما هو مَكتوبٌ في شَريعَةِ موسَى، بالفَرَحِ والغِناءِ حَسَبَ أمرِ داوُد" (2أخ18:23). لقد كان التسبيح هو المقياس الذي يقيس درجة الحرارة الروحية لشعب الله. والنظام الذي أرساه داود النبي كان هو المعيار والمرجع عند إعادة أي ترتيب لخدمة الهيكل. + نهضة في عهد حَزَقيَّا الملك البار.. قام في يهوذا ملك عظيم تقي هو "حَزَقيَّا" الذي قيل عنه إنه "عَمِلَ المُستَقيمَ في عَينَيِ الرَّب حَسَبَ كُل ما عَمِلَ داوُدُ أبوهُ" (2أخ2:29). هذا الملك القديس اجتهد أن ينهض بالشعب روحيًا "فتحَ أبوابَ بَيتِ الرَّب ورَمَّمَها" (2أخ3:29)، ونبَّه الكهنة واللاويين إلى التوبة (راجع 2أخ4:29-11). ثم "أوقَفَ اللاويينَ في بَيتِ الرَّب بصُنوجٍ ورَبابٍ وعيدانٍ حَسَبَ أمرِ داوُدَ وجادَ رائي المَلِكِ وناثانَ النَّبي، لأنَّ مِنْ قِبَلِ الرَّب الوَصيَّةَ عن يَدِ أنبيائهِ. فوَقَفَ اللاويّونَ بآلاتِ داوُدَ، والكهنةُ بالأبواقِ. وأمَرَ حَزَقيّا بإصعادِ المُحرَقَةِ علَى المَذبَحِ. وعِندَ ابتِداءِ المُحرَقَةِ ابتَدأَ نَشيدُ الرَّب والأبواقُ بواسِطَةِ آلاتِ داوُدَ مَلِكِ إسرائيلَ. وكانَ كُلُّ الجَماعَةِ يَسجُدونَ والمُغَنّونَ يُغَنّونَ والمُبَوقونَ يُبَوقونَ. الجميعُ، إلَى أنِ انتَهَتِ المُحرَقَةُ" (2أخ25:29-28). كانت عودة رائعة إلى الله، فيها اقترنت – مثلما فعل داود – الذبيحة الدموية مع ذبيحة التسبيح. وبعد ذلك: "قالَ حَزَقيّا المَلِكُ والرّؤَساءُ للاويينَ أنْ يُسَبحوا الرَّبَّ بكلامِ داوُدَ وآسافَ الرّائي، فسَبَّحوا بابتِهاجٍ وخَرّوا وسجَدوا... فاستَقامَتْ خِدمَةُ بَيتِ الرَّب. وفَرِحَ حَزَقيّا وكُلُّ الشَّعبِ مِنْ أجلِ أنَّ اللهَ أعَدَّ الشَّعبَ" (2أخ30:29،35-36). كانت أيام حزقيا أيامًا روحية عاد فيها الشعب للرب، وعملوا "عيدَ الفَطيرِ سبعَةَ أيّامٍ بفَرَحٍ عظيمٍ، وكانَ اللاويّونَ والكهنةُ يُسَبحونَ الرَّبَّ يومًا فيومًا بآلاتِ حَمدٍ للرَّب... وأكلوا المَوْسِمَ سبعَةَ أيّامٍ، يَذبَحونَ ذَبائحَ سلامَةٍ ويَحمَدونَ الرَّبَّ إلهَ آبائهِمْ... وفَرِحَ كُلُّ جَماعَةِ يَهوذا، والكهنةُ واللاويّونَ... وكانَ فرَحٌ عظيمٌ في أورُشَليمَ، لأنَّهُ مِنْ أيّامِ سُلَيمانَ بنِ داوُدَ مَلِكِ إسرائيلَ لم يَكُنْ كهذا في أورُشَليمَ. وقامَ الكهنةُ اللاويّونَ وبارَكوا الشَّعبَ، فسُمِعَ صوتُهُمْ ودَخَلَتْ صَلاتُهُمْ إلَى مَسكَنِ قُدسِهِ إلَى السماءِ" (2أخ21:30-27). كَمُلَت الفرحة الحقيقية إذ "أقامَ حَزَقيّا فِرَقَ الكهنةِ واللاويينَ حَسَبَ أقسامِهِمْ، كُلُّ واحِدٍ حَسَبَ خِدمَتِهِ، الكهنةَ واللاويينَ للمُحرَقاتِ وذَبائحِ السَّلامَةِ، للخِدمَةِ والحَمدِ والتَّسبيحِ في أبوابِ مَحَلاَّتِ الرَّب" (2أخ2:31). كذلك اهتم الملك حزقيا بأن يعطي مرتبات مجزية للكهنة واللاويين والمُسبِّحين، ولاحتياجات الهيكل "وأعطَى المَلِكُ حِصَّةً مِنْ مالِهِ للمُحرَقاتِ، مُحرَقاتِ الصّباحِ والمساءِ... وقالَ للشَّعبِ سُكّانِ أورُشَليمَ أنْ يُعطوا حِصَّةَ الكهنةِ واللاويينََ، لكَيْ يتمَسَّكوا بشَريعَةِ الرَّب" (2أخ3:31-4). + نهضة في عهد يوشيا الملك.. في عهد "يوشيا" الملك البار حدثت نهضة روحية جديدة، وكان أيضًا من علامات هذه النهضة أنه اهتم بترتيب خدمة التسبيح: "وكانَ الرجالُ يَعمَلونَ العَمَلَ بأمانَةٍ، وعلَيهِمْ وُكلاءُ... ومِنَ اللاويينَ كُلُّ ماهِرٍ بآلاتِ الغِناءِ" (2أخ12:34)، "عَمِلَ يوشيّا في أورُشَليمَ فِصحًا للرَّب" (2أخ1:35)، وذبح الذبائح واهتم بالتسبيح مع الذبيحة وباقي الترتيبات: "والمُغَنّونَ بَنو آسافَ كانوا في مَقامِهِمْ حَسَبَ أمرِ داوُدَ وآسافَ وهَيمانَ ويَدوثونَ رائي المَلِكِ" (2أخ15:35). لذلك فعند موته "كانَ جميعُ المُغَنينَ والمُغَنياتِ يَندُبونَ يوشيّا في مَراثيهِمْ" (2أخ25:35). إن الأحوال السياسية والعسكرية للمملكة كانت تتأرجح صعودًا وهبوطاً، وكانت حياتهم الروحية تتذبذب أيضًا بين الروحانية العالية، والانتكاس إلى الأوثان.. أما التسابيح الكنسية فكانت هي المؤشر المُعبِّر بصدق عن عمق روحانية الشعب، ومحبته لله وانتمائه للهيكل.. فكانت تعلو مع ارتفاع الروحانية وتهبط مع النكسات الروحية حتى وصلت قمة مأساة شعب الله عند سبي بابل. فما هي إذًا قصة هذا السبي؟ نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
11 فبراير 2019

الخادم والتكامل مع إخوته الخدام (ب)

أخي الخادم: المخدوم لا ينتظر أن يسمع منك درسًا بل أن يراك أنت درسًا..الله سمح بالتنوع، وجعل بيننا مواهب كثيرة كما ذكر معلمنا بولس الرسول: «فأنواعُ مَواهِبَ مَوْجودَةٌ، ولكن الرّوحَ واحِدٌ» (1كو12: 4)، فقد سمح الله أن يختار الأنبياء من مختلف الثقافات والطبقات والوظائف والاهتمامات والأماكن، وجعل من تباينهم أكبر منفعه لخدمة رسالتهم الإلهية، إذ مكّنتهم من توصيل رسالتهم لكل إنسان، لذلك ستجد النبي الباكي والناري والهادئ والقائد و... والله يستخدم هذا وذاك.+ فقد رأينا موسى النبي الذي لم يكن متكلمًا بارعًا ولكن الله أكّد له دعوته قائلًا: «مَنْ صَنَعَ للإنسانِ فمًا؟... فالآنَ اذهَبْ وأنا أكونُ مع فمِكَ وأُعَلِّمُكَ ما تتَكلَّمُ بهِ» (خر4: 10). وعندما بقي موسى متشكّكًا في قدرته، سمح لأخيه هارون بأن يرافقه لأنه كان فصيح اللسان... اعلم عزيزي الخادم أن الله قد يهبك أو يهب من حولك القدرات والمواهب التي تحتاجها خدمته، يكفي أن تكون توّاقًا لخدمته، وهو سيعمل بما لديك ويكمل بمن حولك. تعلمنا من أبينا المتنيح القمص ميخائيل إبراهيم منهجًا رائعًا نتمنى أن نردّده في قلوبنا دائمًا: "ليتمجد الله بي أو بغيري، ويُفضَّل بغيري".+ رأينا في التلاميذ الاثني عشر والآباء الرسل تنوعًا وتباينًا. فليس من مجال للمقارنة بين بطرس وبولس ويوحنا، بل بالأحرى أن نبارك الله الذي عمل بهم واستخدمهم ورأى في تنوعهم منفعة لخدمة وانتشار ملكوته السماوي، فكلٌّ له مذاقه الخاص وأسلوبه المميز الذي يؤثر في فئة سامعيه. نتعجب لمعلمنا بولس الرسول صاحب القلب الناري في خدمته حين يقول بغير خجل: « ولكن لَمّا جِئتُ إلَى ترواسَ، لأجلِ إنجيلِ المَسيحِ، وانفَتَحَ لي بابٌ في الرَّبِّ، لَمْ تكُنْ لي راحَةٌ في روحي، لأنّي لَمْ أجِدْ تيطُسَ أخي. لكن ودَّعتُهُمْ فخرجتُ إلَى مَكِدونيَّةَ» (2كو2: 12، 13). بولس الخادم الغيور صاحب القلب الملتهب، الذي انفتح له باب في الرب للكرازة التي هو موضوع لأجلها، لم يحتمل غياب أخيه تيطس، بالرغم من قوة شخصيته ومعاملات الله العجيبة في حياته وخدمته! هكذا يليق بالخادم ليس فقط أن يتعاون مع إخوته الخدام، وإنما لا يطيق العمل بدونهم! الهدف من مساعدة الآخر هو نمو الآخر ولو بتقديم بعض التضحيات.. فكم من إنسان احتاج في بداية الطريق إلى آخر يساعده؟ وإن درست تاريخ الكنيسة وآبائها ومعلميها وبطاركتها، ستدرك عظمة وسخاء روح الله الذي يقود الكنيسة في كل زمان بحسب ما تحتاج..الله يعمل في كل أحد وبكل أحد ويستخدم القدرات والمواهب والتنوع لصالح مجد خدمته.. ليتنا لا نرفض أحدًا ولا نحتقر أحدًا، فالله يريد أن يعمل بالقليل وبالكثير. القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس – محرم بك - الأسكندرية
المزيد
10 فبراير 2019

نياحة القديس أنبا بولا أول السواح

في مثل هذا اليوم من سنة 341 م تنيح القديس العظيم الأنبا بولا أول السواح . كان هذا القديس من الإسكندرية ، وكان له أخ يسمي بطرس ، وبعد وفاة والدهما ، شرعا في قسمة الميراث بينهما ، فلما أخذ أخوه الجزء الأكبر تألم بولس من تصرف أخيه وقال له : لماذا لم تعطني حصتي من ميراث أبى ؟ فأجابه لأنك صبي وأخشي ان تبدده ، أما انا فسأحفظه لك . وإذ لم يتفقا ، مضيا للحاكم ليفصل بينهما . وفيما هما ذاهبين ، وجدا جنازة سائرة في الطريق ، فسأل بولس أحد المشيعين عن المتوفى ، فقيل له إنه من عظماء هذه المدينة وأغنيائها ، وهوذا قد ترك غناه وماله الكثير ، وها هم يمضون به إلى القبر بثوبه فقط . فتنهد القديس وقال في نفسه : ما لي إذن وأموال هذا العالم الفاني الذي سأتركه وأنا عريان . ثم التفت إلى أخيه وقال له : ارجع بنا يا أخي ، فلست مطالبا إياك بشيء مما لي . وفيما هما عائدين انفصل عنه بولس وسار في طريقه حتى وصل إلى خارج المدينة . فوجد قبرا أقام به ثلاثة أيام يصلي إلى السيد المسيح ان يرشده إلى ما يرضيه . أما أخوه فإنه بحث عنه كثيرا ، وإذ لم يقف له على اثر حزن حزنا عظيما وتأسف على ما فرط منه . أما القديس بولس فقد أرسل إليه الرب ملاكا أخرجه من ذلك المكان وسار معه إلى ان آتى إلى البرية الشرقية الداخلية ، وهناك أقام سبعين سنة لم يعاين أثناءها أحدا . وكان يلبس ثوبا من ليف ، وكان الرب يرسل إليه غرابا بنصف خبزة في كل يوم . ولما أراد الرب إظهار قداسته وبره ، أرسل ملاكه إلى الأب العظيم أنطونيوس ، الذي كان يظن انه أول من سكن البرية ، وقال له : يوجد في البرية الداخلية إنسان لا يستحق العالم وطأة قدميه ، وبصلاته ينزل الرب المطر والندي على الأرض ، ويأتي بالنيل في حينه . فلما سمع أنطونيوس هذا قام لوقته وسار في البرية الداخلية مسافة يوم . فأرشده الرب إلى مغارة القديس بولس فدخل إليه وسجد كل منهما للآخر وجلسا يتحدثان بعظائم الأمور . ولما صار المساء أتى الغراب ومعه خبزة كاملة . فقال القديس بولس للقديس أنطونيوس : الآن قد علمت انك من عبيد الله . ان لي اليوم سبعين سنة والرب يرسل لي نصف خبزة كل يوم ، أما اليوم فقد أرسل الرب لك طعامك ، والان أسرع واحضر لي الحلة التي أعطاها قسطنطين الملك لأثناسيوس البطريرك . فمضى إلى البابا أثناسيوس أخذها منه وعاد بها إليه . وفيما هو في الطريق رأى نفس القديس الأنبا بولا والملائكة صاعدين بها . ولما وصل إلى المغارة وجده قد تنيح ، فقبله باكيا ثم كفنه بالحلة وأخذ الثوب الليف . ولما أراد مواراة جسده الطاهر تحير كيف يحفر القبر ، وإذا بأسدين يدخلان عليه وصارا يطأطأن بوجهيهما على جسد القديس ، ويشيران برأسيهما كمن يستأذناه فيما يعملان . فعلم انهما مرسلان من قبل الرب ، فحدد لهما مقدار طول الجسد وعرضه فحفراه بمخالبهما . وحينئذ واري القديس أنطونيوس الجسد المقدس وعاد إلى الأب البطريرك واعلمه بذلك ، فأرسل رجالا ليحملوا الجسد إليه . فقضوا أياما كثيرة يبحثون في الجبل فلم يعرفوا له مكانا ، حتى ظهر القديس للبطريرك في الرؤيا واعلمه ان الرب لم يشأ إظهار جسده فلا تتعب الرجال ، فأرسل واستحضرهم . أما الثوب الليف فكان يلبسه الأب البطريرك ثلاث مرات في السنة أثناء التقديس . وفي أحد الأيام أراد ان يعرف الناس مقدار قداسة صاحبه فوضعه على ميت فقام لوقته . وشاعت هذه الأعجوبة في كل ارض مصر والإسكندرية . صلاته تكون معنا آمين .
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل