مادامت هناك حيـاة فلابد أن تكون هناك مشاكل ومن ثم تنشـأ الإختلافات ، فالمياه الراكدة لا تحرك ساكناً ، وفي النهاية تفوح منهـا الروائـح الـكـريهـة ، ولكن المياه الجارية تنبـض بالحركة ، فقد تزيـد وقد تنقص ، قد تعلو وقد تنخفض ، قد تنحسر وقد تفيض وتغرق الأرض . وهكـذا أيضاً كل مناحي الحياة بما في ذلك العلاقة الزوجية . ولكي نحمي الـزواج مـن أية خلافات ، يجـب أن نتذكر باستمرار هاتين القاعدتين الهامتين وهما : 1ـ لابد أن نتوقع حدوث إختلافات داخل الأسـرة سواء بين الزوجين أو بين الزوجين والأولاد ، فلا يمكن أن تستمر مسيرة الأسرة دون وقوع إختلافات .
إذا أمعنا النظر في سلوكيات وتصرفات وشخصيات الذين حولنا ، سنجد أنه ليس ثمة شخص يماثل آخر تماماً في كل شيء . فالنـاس مختلفون فيما بينهـم سـواء في اللـون أو في الجنس ، أو في التعليم أو في المستوى المـادي . . . الخ . وينطبق هذا الأمر على كل زوجين ، فهما شخصان مختلفان تماماً من حيث الجنس فهو رجل وهي امرأة . لكل منهما تكوينات نفسية وبيولوجية مختلفة ، وأيضاً من حيث التربية لأن كل منهما عاش في أسرة وبيئة مختلفتين عن أسرة وبيئـة الآخر . ونرى اختلاف في التعليم ومستوى النضج العلمي ، والثقافي ، والنفسي ، وكذلك من حيث القامة الروحية وعلاقة كل منهما بالرب يسوع ، ومدى إرتباطهما بالكنيسة ، ومواظبتهما على قراءة كلمة الله ، وممارستهما للأسرار الكنسية . وهما أيضاً مختلفان من حيث المستوى المادي والاجتماعي .
لا يكفي أن تكون هناك فقط علاقة زواج بين الزوج وزوجته ، ولـكـن لابد أن تكون هناك أيضاً صداقة قوية وعلاقة وطيدة بينهما Intimate relationship . فالصداقة القوية تضمن استمرارية الزواج ى النفس الأخير . ونحن جميعاً كـانـت لدينا صداقات قوية مع آخريـن عندما كنا صغاراً ، ومازالت هذه الصداقات مستمرة حتى الآن ، فالصداقة بين الزوجين تساعد على تدعيم مفهوم العهد الذي لا يحل ولا يكسر في الزواج . يجـب أن تكون أهم أولوية لدى الزوجين ، هي أن يجعل كل طـرف الطرف الآخر أعز وأقـرب صديق له ، فلو كان الزوج يشعر براحة وهو يتحدث إلى شخص آخر أكثر مما يشعر به تجاه زوجته ، فلن تكون زوجته بالتالي أقرب صديقة له . وبالمثل أيضاً ، إذا كانت الزوجة تشعر بالراحة وهي تتحدث مع شخص آخر أكثر مما تشعر به
يوجد عديد من المشاكل والخلافات داخل الأسرة بين الزوج والزوجة . لذا فالمشاكل الأسرية في تزايد مستمر بين الأسر المسيحية . يقـدم هـذا الكتـاب دراسـة روحيـة ، لكـي يـتـعـلـم كلا الزوجـيـن مـا هـي الأسباب التي تؤدي إلى هذه الخلافات ؟ وما هـي الاحتياجـات النفسية العميقـة الـتـي يـحـتـاج إليهـا كل إنسـان ، وكيـف يجب إشباعها داخـل الأسـرة ؟ وما هـي القضايا الشائكة والدفينة داخـل أعماقنا Hidden Issues ، والتي تشكل وجـدان وتفكير كل منا والتي قد اكتسبها الإنسـان فـي الطفولة أو في مرحلة المراهقة ، ولذلك يترتب عليهـا رد فعـل كل فرد عنـد حدوث مواقف وأحـداث تقابله في حياته اليومية ، وبالتالي