أين هي بقية الأناجيل؟؟!!

30 أغسطس 2018
Large image

ورد المقال التالي بأحد المواقع التي تهاجم العقيدة المسيحية وتشكك فيها ليل نهار وقد نقلته عنه عشرات المواقع الأخرى واستخدمه بعض الكتاب في كتابة الكتب والمقالات بالمجلات والجرائد لنفس الغرض كما استخدمه بعض المتحدثين في القنوات الفضائية وكأن ما جاء فيه هو الحق المبين والدليل الدامغ على أن هناك العشرات من الأناجيل والأسفار المفقودة من الكتاب المقدس!!! والغريب أنه ولا واحد من هؤلاء الكتاب، سواء واضع المقال أو من نقلوا عنه، فكر في بحث الموضوع بأسلوب علمي أو استخدموا أي منهج علمي عقلاني للتحقق من صحة ما يكتبون أو يقولون!! فقط فسروا الفقرة الأولى من الإنجيل للقديس لوقا على هواهم وبعيدا عن سياقها ومعناها اللغوي والأصلي الذي قصده الكاتب الموحى إليه بالروح القدس!! واستشهدوا بفقرات ناقصة ومبتورة ونقلوها عن بعض المراجع المسيحية دون أن يأخذوا بما كتبه هؤلاء الكتاب كاملا، فقط جاءوا بفقرات مأخوذة بعيدا عن سياقها وموضوعها ليوحوا للقاريء وكأنهم أتوا باليقين الدامغ على صحة ما يدعون من أباطيل وأكاذيب وتدليس!! ولذا نقول لهم ما بني على باطل فهو باطل!!
وقبل أن نعلق على ما جاء في هذه المقالة نضعها كاملة أمام القاريء ليشترك معنا بفكره وعقله في تحليلها والتعليق على ما جاء فيها، وفيما يلي نص المقالة كاملًا:
" كتب لوقا في [1: 1]: "إذ كان كثيرون قد اخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداما للكلمة رأيت أنا أيضا إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق آن اكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علّمت به". ثم بدأ قصته قائلًا: "كان في أيام هيرودوس ملك اليهودية كاهن اسمه زكريا... "[ترجمة الفاندايك].
يتبين لنا من مقدمة الخطاب الموجه من لوقا إلى العزيز ثاوفيلس أن كثيرين هم الذين كتبوا مثل ما كتبه لوقا في بيان حال المسيح، فأين هي تلك الأناجيل؟
يقول ماكنيكل J. McNicol في شرحه لعبارة: "إذ كان كثيرون قد اخذوا بتأليف قصة": هذه الكلمات هي الخبر اليقين الوحيد الذي بحوزتنا عن وجود سجلات مكتوبة قبل الشروع في تدوين الأناجيل الثلاثة الأولى، لكن تلك المؤلفات اندثرت جميعها. [ تفسير الكتاب المقدس تأليف جماعة من اللاهوتيين لدار منشورات النفير - بيروت].
من الملاحظ أن لوقا قد كتب إنجيله حوالي عام 60 ميلادي كما يذكر قاموس الكتاب المقدس / ص 823 وعليه فإن تلك السجلات المفقودة تعود لذلك التاريخ وما قبله.
والسؤال الذي يطرح نفسه: أليس من الممكن أن تكون تلك الأناجيل المندثرة قد احتوت ونقلت بعض الحقائق، كعدم صلب المسيح وانه بشر ورسول ليس أكثر وانه مبشرُ بالرسول الخاتم؟
وعلى ذلك لم تكن الأناجيل الأربعة التي يتضمنها حاليًا الكتاب المقدس هي الأناجيل الوحيدة التي كانت قد دُوِّنت في القرون الأولى بعد الميلاد، فقد كان هناك الكثير من الأناجيل. وهذا هو السبب الذي دفع لوقا أن يكتب رسالته إلى صديقه ثاوفيليس التي اعتبرتها الكنيسة فيما بعد من كلام الله: "إذ كان كثيرون قد اخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداما للكلمة رأيت أنا أيضا إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن اكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علّمت به "ثم بدأ قصته قائلًا: "كان في أيام هيرودوس ملك اليهودية كاهن اسمه زكريا..." (لوقا 1: 1-4).
ومن المعلوم أن المجامع الأولى قد حرمت قراءة الكتب التي تخالف الكتب الأربعة والرسائل التي اعتمدتها الكنيسة فصار أتباعها يحرقون تلك الكتب ويتلفونها، فنحن لا ثقة لنا باختيار المجامع البشرية لما اختارته فنجعله حجة ونعد ما عداه كالعدم ومما هو معلوم فإن المؤرخين يختلفون في عدد المجامع المسكونية فبعضهم يقول أنها سبعة وآخرون يقولون أنها 19 مجمعًا. وكما أن المؤرخين يختلفون في عددها هكذا تختلف الكنائس في الاعتراف بها. فالكنيسة القبطية مثلًا لا تعترف إلا بالأربعة الأولى منها. وها هي كنيسة روما ومعها الكنيسة اليونانية لا تعترفان بالمجمع المسكوني الرابع (أفسس الثاني).
وفي مجمع (ترنت) الذي عقد في القرن الخامس عشر والذي صادق على قرارات مجمع (قرطاج Carthage) سنة 397 بشأن الأسفار السبعة وحكم بقانونيتها، نجد أن الكنيسة البروتستنانية جاءت بعد ذلك في أوائل القرن السادس عشر ورفضت قرارات هذين المجمعين بمجمع آخر!
يقول القس السابق عبد الأحد داود:
"إن هذه السبعة والعشرين سفرًا أو الرسالة الموضوعة من قبل ثمانية كتاب لم تدخل في عداد الكتب المقدسة باعتبار مجموعة هيئتها بصورة رسمية إلا في القرن الرابع بإقرار مجمع نيقية سنة 325م. لذلك لم تكن أي من هذه الرسائل مصدقة لدى الكنيسة... وهناك أي في مجمع نيقية تم انتخاب الأناجيل الأربعة من بين أكثر من أربعين أو خمسين إنجيلًا، وتم انتخاب الرسائل الإحدى والعشرين من رسائل العهد الجديد من بين رسائل لا تعد ولا تحصى، وصودق عليها، وكانت الهيئة التي اختارت العهد الجديد هي تلك الهيئة التي قالت بألوهية المسيح، وكان اختيار كتب العهد الجديد على أساس رفض الكتب المسيحية المشتملة على تعاليم غير موافقة لعقيدة نيقية وإحراقها كلها" [ الإنجيل والصليب صفحة 14]
ويقول المؤرخ (ديورانت) في كتابة قصة الحضارة المجلد الثالث: "وصدر مرسوم إمبراطوري يأمر بإحراق كتب آريوس جميعها، ويجعل إخفاء أي كتاب منها جريمة يعاقب عليها بالإعدام".
ويقول الكاتب المسيحي حبيب سعيد: "وبذلك فض المؤتمر النزاع القائم، وقرر إبعاد آريوس وأتباعه وحرق الكتاب الذي أودعه آراءه الملحدة".
وقد أعلن آدم كلارك في المجلد السادس من تفسيره: "إن الأناجيل الكاذبة كانت رائجة في القرون الأولى للمسيحية، وأن فايبر بسينوس جمع أكثرَ من سبعين إنجيلًا من تلك الأناجيل وجعلها في ثلاث مجلدات". كما أعلن فاستوس الذي كان من أعظم علماء فرقة ماني في القرن الرابع الميلادي: "إن تغيير الديانة النصرانية كان أمرًا محقًا، وإن هذا العهد الجديد المتداول حاليًا بين النصارى ما صنعه السيد المسيح ولا الحواريون تلامذته، بل صنعه رجل مجهول الاسم ونسبه إلى الحواريين أصحاب المسيح ليعتبر الناس".
وقد كتب في مسألة تعدد الأناجيل الكثير من مؤرخي النصرانية، فيقول العالم الألماني "دى يونس" في كتابه (الإسلام): "إن روايات الصلب والفداء من مخترعات بولس ومَنْ شابهه من المنافقين خصوصًا وقد اعترف علماء النصرانية قديمًا وحديثًا بأن الكنيسة العامة كانت منذ عهد الحواريين إلى مضى 325 سنة بغير كتاب معتمد، وكل فرقة كان لها كتابها الخاص بها". [راجع المدخل إلى العهد الجديد].
القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير
كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد
من كتاب هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟

عدد الزيارات 1348

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل