تجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء

14 يناير 2020
Large image

قال الملاك للعذراء "ها أنت ستحبلين وتلدين ابناً وتسميه يسوع هذا يكون عظيماً وابن العلى يدعى ويعطيه الرب الإله كرسى داود أبيه ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الله(1) وجاء فى إنجيل متى "وجدت حبلى من الروح القدس لأن الذى حبل به فيها هو من الروح القدس هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعون اسمه عمانوئيل الذى تفسيره الله معنا"(2).
ومن هذه الآيات يتضح الآتى:
1 ان المولود هو "ابن العلى"، "المالك إلى الأبد"، "الذى ليس لملكة نهاية".
2 انه القدوس "ابن الله".
3 ان الحمل والميلاد تما بقوة الروح القدس وبدون زرع بشر.
4 ان قوة الله العلى ظللت العذراء والروح القدس نفسه حل عليها.
5 ان المولود هو من العذراء نفسها "المولود منك" بمعنى إنه نما كأي جنين فى بطن أمه، وتغذى على طعامها، اخذ ناسوته بالكامل منها معنى هذا ان هذا المولود او الجنين الذى كان فى بطن العذراء هو القدوس، ابن الله العلى، الملك السرمدى، اى إنه الإله الحق(3) "الذى فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً"(4) وانه أتخذ ناسوته من العذراء، كما ان اللاهوت والناسوت اتحدا فى أحشائها حتى دعاها آباء الكنيسة بالمعمل الذى تم فيه اتحاد اللاهوت بالناسوت قال القديس أثناسيوس الرسولى "لذلك وهو نازل إلينا صاغ لنفسه جسداً من عذراء لكى يقدم للجميع برهاناً قوياً على لاهوته بأعتبار ان من صاغ هذا الجسد هو أيضاً مكون سائر الأشياء، لأنه من ذا الذى يرى جسداً يخرج من عذراء وحدها ولا يدرك ان من ظهر فى الجسد لابد ان يكون هو صانع ورب باقى الأجساد أيضاً"(5) قال الأب بروكلس، بطريرك القسطنطينية (429م) (القديسة مريم هى معمل اتحاد الطبائع هى الحجال الذى فيه خطب "الكلمة"، "الجسد"(6) وقال القديس كيرلس الكبير "السلام لمريم الثيئوتوكس (والدة الإله) الكنز الثمين الذى وجه العالم، المصباح غبر المنطفىء قط، تاج البتولية قضيب الأرثوذوكسية، الهيكل غير المفهوم، الموضع الذى احتوى غير المحوى الأم الباقة عذراء"وجاء فى قداس القديس باسيليوس عند الروم "صارت بطنك له عرشاً وجسدك احتواه باتساعه الذى يفوق السماء"وجاء فى ثيئوتوكية الأحد "وانت أيضاً يا مريم حملت فى بطنك غير المنظور كلمة الأب" لذا دعيت العذراء بوالدة الإله، المجمرة الذهب، السماء الثانية الجسدانية،الخ كما لقبت بخيمة الأجتماع، قدس أقداس خيمة الاجتماع، لانه كما حل الرب على الخيمة "وان السحابة حلت عليها وبهاء الرب ملأ المسكن"(7). هكذا أيضاً حل الرب فى بطن العذراء تسعة اشهر جاء فى ثيئوتوكية الأحد "المباركة فى النساء القبة الثانية التى تدعى قدس الأقداس، وفيها لوحا العهد" فكلمة "يظللك" التى استخدمها الملاك فى قوله "الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك"(8)، فى اليونانية "epeskiazen" إبيسكيازين هى نفس الكلمة التى استخدمها الوحى فى "سكن" الرب فى خيمة الاجتماع، فى الترجمة السبعينية، وهى ترادف "شكن" اى يسكن فى العبرية، اى ان قوة الله التى ظللت العذراء هى نفس القوة التى سكنت فى خيمة الاجتماع، لذا قالت ثيئوتوكية الأحد "من يقدر أن ينطق بكرامة القبة التى صنعها موسى على جبل سيناء؟ شبهوك بها يا مريم، القبة الحقيقية التى دخلها الله" كما لقبت بتابوت العهد، وقسط المن لان المسيح هو المن العقلى والمنارة الذهبية لأنها حملت نور العالم، وعصا هارون التى أفرخت لأنها حملت المخلص بدون زرع بشر. كما لقبت أيضاً بالسلم الذى رآه يعقوب فى حلمه موصلاً بين السماء والأرض والرب وأقف عليه وملائكه الله يصعدون وينزلون عليه(9). لأنها حملت الوسيط بين الله والناس جاء فى ثيئوتوكيه الخميس "أنت هى السلم الذى رآه يعقوب، ثابت على الأرض، ومرتفع إلى السماء وهذه الألقاب وغيرها تبين:-
أولاً: ما نالته العذراء من كرامة وتطويب، كما قالت هى نفسها "هوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنى"(10).
وثانياً: أن الأحشاء التى تجسد منها كلمه الله الأزلى، الله معنا، الله الذى ظهر فى الجسد، الآله الحقيقى، القدوس ابن العلى، الذى شابهنا فى كل شئ ما خلا الخطية وحدها، لا يمكن أن تحمل أولاد آخرين حاملين خطيئة آدم، ولا يمكن أن تتدنس بالشهوات الجسديه، لا يمكن أن تبدأ بالروح وتكمل بالجسد، لا يمكن أن مسكن الله يصبح مسكناً لإنسان، لما ظهر لموسى فى العليقة لمدة دقائق قليلة تقدست العليقة التى ظهر من خلالها الرب، بل وتقدست الأرض التى كانت فيها العليقة حتى أن الله لما رأى موسى متقدم إلى العليقة "فقال لا تقرب إلى هنا، أخلع حذاءك من رجليك لأن الموضع الذى أنت واقف عليه ارضاً مقدسة"(11)، "ولما رأى يعقوب فى حلمه السلم المنصوبة بين السماء والأرض خاف وقال ما أرهب هذا المكان. ما هذا إلا بيت الله وهذا باب السماء"(12) ولما حل بهاء الرب والسحابة على خيمة الإجتماع "لم يقدر موسى أن يدخل خيمة الإجتماع، لأن السحابة حلت عليها وبهاء الرب ملأ المسكن(13)، فكم وكم تكون العذراء التى حملت القدوس فى أحشائها تسعة أشهر حتى أنها صارت سماء ثانية جسدانية؟؟!!
جاء فى ثيئوتوكية الأحد "وأنت أيضاً يا مريم الوف الوف وربوات ربوات يظللون عليك، مسبحين خالقهم، وهو فى بطنك هذا الذى أخذ شبهنا". موسى لم يستطع أن يتقدم إلى العليقة إلا بعد خلع حذاءه وتقدم بخشوع إلى العليقة قال القديس يوحنا الدمشقى: "العليقة المشتعلة بالنار كانت رمزاً ورسماً للعذراء مريم أم الله، وحينما أراد موسى الاقتراب منها نداه الله لكى يخلع نعليه لأن الأرض التى كان واقفاً عليها أرضاً مقدسة بحلول الله فكم وكم تكون مقدسة صورته مع أمه العذراء"؟ويعقوب قال عن المكان الذى رأى فيه حلم السلم المنصوبة بين السماء والأرض أما أرهب هذا المكان" "واسماه بين الله" جاء فى ثيئوتوكية الثلاثاء "أنت هى السلم الذى رآه يعقوب، ثابت على الأرض، ومرتفع فى السماء".
وموسى أيضاً لم يستطع دخول خيمة الإجتماع لأن بهاء الرب كان حالاً فيها فكم وكم العذراء القديسة التى حملت القدوس تسعة أشهر؟؟!!هل يعقل أن الأرض تتقدس بحلول الرب عليها والجماد يصبح قدس أقداس للرب، والعذراء التى قال لها الملاك "الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك. وتلد القدوس أن لا تتقدس أو أن تكون قداستها مؤقتة؟ قال القديس ساويرس الأنطاكى حينما أريد أن أنظر إلى العذراء والده الإله وتجول فقط فى خاطرى الأفكار المتعلقة بها فمنذ أول بادره يبدو لى أن صوته من جهة الله يأتى صارخاً بقوة فى أذنى ينبئنى "لا تقرب إلى هنا أخلع حذاءك من رجليك لأن الموضع الذى أنت واقف عليه أرضاً مقدسة"(14) فى الواقع يجب أن نتخلص من كل تصور جسدى منحل مثلما نخلع الحذاء من أرجلنا حينما نحاول أن نصعد بروحنا إلى التأمل فى أحد الأشياء الإلهية، فأى موضوع لاهوتى يمكن تأمله، أجل شأناً من والده الإله واية موضوعات تعلو عليه؟ أن الاقتراب منها هو الاقتراب من المكان المقدس أو هو بلوغ السماء، كانت فعلاً تنتمى إلى الأرض لأنها كانت تشترك مع الانسانية بطبيعتها وكانت بشراً مثلنا إلا أنها كانت نقية طاهرة من كل دنس وأثمرت فى أحشائها ذاتها كما من السماء الإله المتجسد، حملت وولدت بطريقة الهية تماماً ليس أنها أعطت المولود الطبيعة الالهية لأن هذه كانت له قبل كل بدء وقبل كل الدهور ولكنها أعطته الطبيعة البشرية بدون استحالة وذلك من ذاتها ومن الحلول السرى الذى لا ينطق به للروح القدس. وإذا كانت تريد أن تعرف كيف كان ذلك قالت تجد ابحاثك متوقفة بختم البتولية الذى لم ينقضه هذا الميلاد وما يكون مختوماً بغير محسوس تماماً هذا يبقى سراً ولا يمكن أن نتكلم عنه لذلك يصرخ شخص كيعقوب عجباً فيقول "ما أرهب هذا المكان ما هذا إلا بيت الله وهذا باب السماء(15).
القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير
كاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد
عن التجسد الإلهى و دوام بتولية العذراء

عدد الزيارات 2564

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل