المقالات

27 ديسمبر 2018

نصوص غنوسية عامة

إنجيل فيليب:- ويرجع إلى القرن الثاني وقد وجدت له مخطوطة ترجع إلى القرن الثالث. ضمن مجموعة نجع حمادي مترجمة إلى القبطية الصعيدية. وهو مجموعة من التأملات والتعاليم الغنوسية المتفرقة. وهو مثل بقية الكتب الغنوسية التي تتكلم عن المسيح الإله الذي ظهر على الأرض في شبه وهيئة الجسد دون أن يأخذ جسدًا حقيقيًا، أي مجرد روح محض يظهر لذا يقول أنه كان يظهر دائمًا في أشكال مختلفة: "يسوع أخذهم سرا، لأنه لم يظهر كما كان، ولكن لكي يستطيعوا أن يروه. ظهر لهم جميعهم. ظهر للعظماء كعظيم. ظهر للصغير كصغير. ظهر للملائكة كملاك، وللإنسان كإنسان، لهذا السبب، الكلمة تخفي نفسها من الجميع. وبالفعل، فقد رآه معتقدين أنهم رأوا أنفسهم، لكنه حين ظهر لتلاميذه بمجد على الجبل، لم يكن صغيرا. أصبح عظيما، وقد جعل التلاميذ عظماء، لكي يستطيعوا إن يروه بعظمة". ومثل غالبية الكتب الغنوسية كان هذا الكتاب ينظر إلى الزواج كنوع من الدنس، فيقول "قال البعض: "أن مريم حبلت بالروح القدس"، أنهم مخطئون، أنهم لا يعلمون ماذا يقولون. فمنذ متى تحبل المرأة من امرأة؟ إن مريم هي العذراء التي لا قوة تدنسها، أنها لعنة عظيمة على العبرانيين، الذين هم الرسل والتلاميذ. هذه العذراء التي لا قوة تدنسها [...] القوى تدنس نفسها". رؤيا بطرس الغنوسية:- والتي هي في الأصل تقليد مسيحي طويل يتناول شرح ما بعد الموت، وكانت قد اختفت ولم يعرف منها شيئًا سوى مقاطع من الأصل اليوناني قبل أن تكتشف لها ترجمة إثيوبية ترجع لسنة 1911م في مخطوطتين: الأولى يرجع تاريخها للقرن الخامس عشر أو السادس عشر والثانية ربما ترجع للقرن الثامن عشر والاثنتان وجدتا في جزيرتين من بحيرة تانا وهي مترجمة عن اليونانية. وتقول أنها إعلان من يسوع المسيح إلى بطرس والرسل الآخرين، في فترة ظهورات الرب يسوع بعد قيامته، عن أحداث نهاية الأزمنة والمصير النهائي للأشرار والأبرار وتنتهي برواية صعوده إلى السماء. ومن الواضح أن مؤلفها أراد توسيع التعليم الأخروي الوارد في الإنجيل للقديس متى وتكييفه مع وضع قارئيه. لذا يشير كثيرا إلى هذا الإنجيل، ويعرض في شكل أكمل التعليم الأخروي ليسوع.ويميز الكاتب في الفصلين الأولين بين المسيح الحقيقي، ومسيح دجال سوف يسلم للموت الذين لم تخدعهم ادعاءاته من اليهود. هذا المسيح هو سمعان بار كوسيفا (ابن الكذب) المعروف بسمعان: كوخبا (ابن النجمة)، الذي قاد ثورة اليهود على الرومان فيما بين 132-135م. حكمة يسوع المسيح:- وترجع أقدم مخطوطاته إلى القرن الثالث أو بداية الرابع (95) ويبدأ هكذا: "بعد أن قام (يسوع) من الأموات تبعه تلاميذه الاثنا عشر وسبعة نساء اللواتي تبعنه كتلميذات، عندما جاءوا إلى الجليل.. وهناك ظهر لهم المخلص، ليس في شكله الأصلي ولكن في الروح غير المرئي، كان ظهور ملاك عظيم من نور. أما شكله فلا أستطيع وصفه.. وقال سلام لكم، سلامي أنا أعطيكم" (96). حوار المخلص:- وجدت هذه الوثيقة في اللغة القبطية الصعيدية فقط في مكتبة نجع حمادي 1945. وجاء فيها سؤال التلاميذ للمسيح، هكذا: "يا رب قبل أن تظهر هنا (علي الأرض) من كان هناك (في السماء) ليعطيك المجد؟ لأنه فيك (خلالك) كل الأمجاد، ومن كان هناك ليباركك حيث منك تأتي كل البركة؟" (97). وجاء فيه هذه الطلبة: "استمع إلينا أيها الآب البار كما استمعت لابنك الوحيد وأخذته إليك" (98). إنجيل مريم المجدلية، إنجيل مريم:- وقد كتب هذا الكتاب فيما بين نهاية القرن الثاني وبداية الثالث، وتوجد له ترجمة إلى القبطية ترجع للقرن الخامس، ويوجد ضمن مجموعة جون رايلانذ بمنشتسر، ويصور مريم المجدلية في صورة التلميذة المحبوبة من المخلص أكثر من غيرها، بل الأكثر شجاعة من التلاميذ والرسل جميعًا! والأكثر إدراكًا وحفظًا لكلامه، والتي سمعت منه ما لم يسمعه تلاميذه الآخرون من أسرار ملكوت الله، والرائية التي رأت المخلص في عالم النور والروحيات والسماويات، بل والأكثر ثقة وشجاعة من كل التلاميذ والرسل! ويزعم أنه بعد أن أمر المخلص تلاميذه بالكرازة في العالم أجمع حزنوا وبكوا!! فشجعتهم وطمأنتهم وشرحت لهم ما لم يشرحه المخلص لغيرها: "لكنهم حزنوا. وبكوا بكاءً شديدا، قائلين كيف نذهب لغير اليهود ونبشر بإنجيل الملكوت بابن الإنسان؟ فإن لم يحفظوه كيف سيحفظوننا؟ ثم وقفت مريم، وحيتهم جميعا. وقالت لإخوتها، لا تبكوا ولا تحزنوا ولا تتحيروا، لأن نعمته ستكون معكم بالكامل وستحميكم. لكن بالحري، دعونا نمجد عظمته، لأنه أعدنا وجعلنا للناس. وحين قالت مريم هذا. شعروا بالطمأنينة في قلوبهم، وبدأوا بمناقشة كلمات المخلص. قال بطرس لمريم، أختاه نعلم أن المخلص احبك أكثر من أي امرأة أخرى. قولي لنا كلمات المخلص التي تذكرينها وتعرفينها، ولم نسمعها من قبل. أجابت مريم وقالت، ما هو مخفي عليكم سأطالب به من أجلكم. وبدأت تقول لهم هذه الكلمات: أنا، رأيت الرب في رؤيا وقلت له، يا رب لقد رأيتك اليوم في رؤيا، فرد قائلا لي، مباركة أنت لأنك لم ترتعشي لرؤيتي. لأنه حيث يكون العقل يكون الكنز. قلت له، يا رب، كيف يرى الرؤيا من يراها، من خلال الروح أم من خلال النفس؟ أجاب المخلص وقال، لا ترى من خلال الروح أو النفس، ولكن العقل الذي بين الاثنين هو الذي يرى الرؤيا وهي [...]. كتاب الحكمة، حكمة الإيمان:- Pistis Sophia. والذي يسمى أيضًا بحكمة الإيمان: وترجع أقدم خمس مخطوطات متبقية له لما بين 250 و300م(99)، وتعليمه غنوسي شديد الغموض يتكلم عن الأنثى الغنوسية الإلهية، صوفيا (Sophia) أو الحكمة، ذات الوجوه والأسماء العديدة فيصورها أحيانًا متوافقة مع الروح القدس، ويقول أنها هي أيضًا الأم الكونية، أم الحياة أو الأم المتألقة، القوة في الأعالي، ذات اليد اليسرى (كمضادة للمسيح الذي يفهم على أنه زوجها ذو اليد اليمنى)، كالواحدة صاحبة الرفاهية زوجة الذكر، كاشفة الأسرار الكاملة، الرحم، العذراء، قديسة الروح كلومبا (Columba)، الأم السمائية، الواحدة العجيبة أو الينا (Elena - التي القمر والصمت) المصورة كنفس (Psyche) العالم والمظهر الأنثوي للوجوس (الكلمة - Logos). وهو عبارة عن كتابين: يبدأ الكتاب الأول منه بالحديث عن قيامة الرب يسوع المسيح من الموت "بعد أن قام يسوع من الموت". ويقول عن ظهور المسيح في شكل جسد أنه تجلى لتلاميذه بما فيهم أمه العذراء القديسة مريم ومريم المجدلية ومرثا وأخذ يتكلم معهم عن طبقات وحكام السموات: وقال له التلاميذ أيضًا: أخبرنا بوضوح كيف جاءوا من العوالم غير المرئية من عوالم الخلود إلى عالم الموت؟ فقال المخلص الكامل: ابن الإنسان توافق مع الحكمة (صوفيا) رفيقته وأظهرا نورا مخنثا عظيما، تعين اسمه الذكري "مخلص" منجب كل الأشياء. وتعين أسمه الأنثوي صوفيا منجبة كل الأشياء. والتي يدعوها البعض Pistis". ويتحدث في الثاني عن صعود الرب يسوع المسيح إلى السموات ويروي أفراح السماء بصعوده إليها واضطراب كل قوات السماء. ثم يتحدث عن ظهوره لتلاميذه "ثم انفتحت السموات.. ورأوا يسوع وقد نزل وبهاؤه (أشرافه) ساطع جدا وكان نوره لا يقاس.. ولم يستطع البشر في العالم أن يصفوا النور الذي كان عليه"، ثم يروي خوف التلاميذ واضطرابهم لرهبة هذا المنظر "ولما رأي يسوع، الرحيم والحنان أن التلاميذ في غاية الاضطراب. قال لهم: تهللوا أنا هو لا تخافوا.. ثم سحب بهاء نوره، عندئذ تشجع التلاميذ ووقفوا أمام يسوع وخروا معا وسجدوا له بفرح وابتهاج عظيم". كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد من كتاب هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟
المزيد
20 ديسمبر 2018

الكتب المسماة بالرؤى المنسوبة للرسل

رؤيا بطرس: وترجع إلى ما قبل 180 م.، وتختلف عن رؤيا بطرس الغنوسية. وقد لاقى هذا الكتاب بعض الاعتبار سواء وقتيًا أو محليًا في بعض الجهات. وقد ورد ذكرها في الوثيقة الموراتورية مع التعليق عليها بأن البعض لا يؤيدون قراءتها في الكنيسة. وهكذا نجد أن التحفظ عليها قديم منذ العصور الأولي. ويشير إليها ثاوفيلس الإنطاكي، ويقتبس منها أكليمندس الإسكندري، ويسجل سوزومين في القرن الخامس أنها كانت مازالت تقرأ في الكنائس سنويًا في يوم جمعة الصلب. ولكن في الجانب الآخر نجد يوسابيوس يرفضها مع غيرها من الكتب الأبوكريفية عن بطرس، ويرفض معها أيضًا راعي هرماس ورسالة برنابا وأعمال بولس، ويعتبرها من الكتب الزائفة. ومع ذلك لقي الكتاب رواجًا في الشرق والغرب، وانتقلت الأفكار التي به إلى غيره من المؤلفات مثل الأقوال السبيليانية ورؤيا بولس ورؤيا توما حتى عصر دانتي وكوميدياه الإِلهية. ويستدل من كتابات الآباء على أن الكتاب يرجع إلى القرن الثاني، ويحتمل أنه يرجع إلى النصف الأول منه. وقد وجد العلماء لها قصاصة في أخميم سنة 1886 م. باليونانية مع جزء من إنجيل بطرس. وفي 1910 م. اكتشفت نسخة باللغة الحبشية، وثبت أنها هي رؤيا بطرس من مقارنتها بما جاء بكتابات الآباء من اقتباسات منها. كما توجد أيضًا قصاصتان أصغر من هذه(89). والنسخة الحبشية تكاد تتفق في طولها مع ما ذكره أنيسفورس والفهرس في المخطوطة الكلارومونتانية، ولعلها تقدم لنا المحتويات الأصلية لهذه الرؤيا، ولو انه من الواضح أن النص قد عاني من نقص معرفة المترجم باللغة اليونانية والقصاصة الأخميمية أقصر جدًا وتسرد المعلومات في ترتيب مختلف. وتبدأ بسؤال التلاميذ ليسوع على جبل الزيتون عن علامات مجيئه وانقضاء الدهر، وبعد أن حذرهم من المضلين، ذكر لهم مثل شجرة التين، وفسره له بناء على التماس بطرس. ويبدأ الجزء الثالث بالقول: "وأراني في يمينه صورة لما سيحدث في اليوم الأخير". وإذ رأي كيف سينوح الخطاة في شقائهم، يذكر بطرس القول: "كان خيرًا لهم لو لم يولدوا" (انظر مرقس 14: 21)، فيوبخه المخلص بالقول: "سأريك أعمالهم التي فيها أخطأوا"، ثم يصف له المخلص في حديث نبوي، العذابات التي سيقاسيها المحكوم عليهم. وهي نموذج من المفاهيم التي ظل يتناقلها الناس حتى العصور الوسطى (وللفصل المقابل في القصاصة الأخميمية، مقدمة صغيرة تحوله إلى رؤيا للقديس بطرس). ثم بعد ذلك وصف موجز لنصيب الأبرار (الإصحاحان 13 و14)، ويعقبهما فصل مقابل لقصة التجلي كما جاءت في الأناجيل (تحولت في القصاصة الأخميمية إلى وصف للفردوس). وبعد صدور الصوت (مت 17: 5 )، أخذت سحابة يسوع وموسى وإيليا إلى السماء (وهذا الجزء الأخير غير موجود في اليونانية)، ثم نزل التلاميذ من الجبل وهم يمجدون الله. رؤيا توما، إعلان توما:- ذكرها القديس جيروم في أواخر القرن الرابع وذكرت في قانون البابا جلاسيوس. وتتكلم عن الأمور التي ستحدث في الأيام الأخيرة، فسيكون هناك مجاعات وحروب وزلازل في أماكن مختلفة ويبني فكره بالدرجة الأولى على ما جاء في حديث الرب عن نهاية العالم على جبل الزيتون ولكنه يضيف أمورًا كثيرة لا وجود لها في أحاديث المسيح مثل الثلج والجليد، وملوك ثيرين سيقومون وأضداد أو ضد للمسيح.. إلخ. رؤيا استفانوس، إعلان استفانوس:- هذا العمل مبني أساسا على ما جاء في سفر الأعمال عن استشهاد رئيس الشمامسة استفانوس (أع6:5 – 8:2) (90)، واضطهاد شاول الطرسوسي للمسيحيين، فيقول أنه بعد صعود المسيح بسنتين أجتمع رجال من بلاد كثيرة يحتجون عن المسيح، فوقف استفانوس أمامهم على مكان عالٍ وراح يكلمهم عن المسيح وميلاده من عذراء وامتلاء العالم بنوره ومعجزاته وموته وقيامته وصعوده، كما تكلم عن عمل الروح القدس، فصاح جمع من الناس وقالوا تجديف وقبضوا عليه وأوقفوه أمام بيلاطس مطالبين بموته وطالب قيافا رئيس الكهنة بضربه حتى يسيل منه الدم، فصلى استفانوس أن لا يفعلوا ذلك حتى لا تحسب لهم هذه الخطية،. وتقول الرؤيا ورأينا كيف أن الملائكة خدمته، وفي الصباح أعتمد بيلاطس وزوجته وأبناه وشكروا الله لذلك. ثم تقول وأجتمع ثلاثة آلاف رجل وجادلوا استفانوس ثلاثة أيام وثلاث ليال فأتوا بشاول الطرسوسي مضطهد المسيحية. ثم تتكلم عن استشهاده وهو يصلي لله أن لا يقم لهم هذه الخطية ثم يقول أنه ينظر السموات مفتوحة ويسوع قائما عن يمين الله وفي هذه الرؤيا نرى كيف ينسب لبيلاطس أنه تعمد هو وزوجته وأبناه مثل الكثير من الكتب الأبوكريفية التي قالت بمثل ذلك، كما أنها تتكلم عن استفانوس بشكل أسطوري، وتتكلم عن قتل هيرودس لأطفال بيت لحم بشكل أسطوري وتذكر أن عددهم كان 144000 طفلٍ (91)!! وقد أدانها مرسوم البابا جلاسيوس في القرن الرابع كعمل أبوكريفي، وكانت مستخدمة عند الهراطقة المانيين بل واهتموا بها كثيرًا. الرؤيا الأولى ليعقوب، الإعلان الأول ليعقوب:- والتي وجدت ضمن مجموعة نجع حمادي وكتبت في نفس القترة التي كتبت فيها بقية المجموعة، وتتكلم عن الفترة السابقة لاستشهاده وتقدم بعض التنبؤات عما سيحدث، فتصف المسيح في ظهوره وحديثه ليعقوب: "وقبل (المسيح) فمي، واستحوذ علي قائلًا: أنظر يا حبيبي، سأكشف لك تلك الأشياء التي لا يعرفها الذين في السماء ولا الذين على الأرض". * الرؤيا الثانية ليعقوب، الإعلان الثاني ليعقوب:- والتي وجدت أيضا في نجع حمادي وتصف آلام وموت يعقوب بالارتباط مع هذه النبوات المذكورة في الرؤيا الأولى. وهي عبارة عن حديث أعلاني للمسيح القائم من الأموات. رؤيا بولس:- يقول لنا أبيفانيوس أسقف سلاميس أن القاينيين زيفوا كتاب مليء بأمور فاسدة وغير لائقة باسم الرسول بولس – يستخدمها المدعوون بالغنوسيين أيضًا،ويسمونها صعود بولس متخذين تلميحهم من قول الرسول أنه صعد إلى السماء الثالثة وسمع كلمات لا ينطق بها ولا يقولها إنسان" (92). بينما يضحك أغسطينوس من حماقة الذين زيفوا رؤيا بولس المليئة بالأساطير وتدعي أنها تحتوى على أشياء لا ينطق بها التي سمعها الرسول(93). ويقول عنها المؤرخ الكنسي سوزومين: "الكتاب المنتشر الآن كرؤيا بولس الرسول، الذي لم يره أحد من القدماء قط قد أدين من معظم الرهبان، ولكن البعض يقولون أنه وجد في الحكم الذي كتب (لثيودوسيوس). لأنهم يقولون أنه بالإعلان الإلهي قد وجد في صندوق رخامي تحت الأرض في طرسوس بكيليكيا في بيت بولس، وقد كان هذا الكتاب. على أية حال عندما استفسرت عن ذلك أخبرني كاهن من كيليكيا بطرسوس أن ذلك كذب. وهو رجل يدل شعره الأشيب على عمر كبير وقال أنه لم يحدث شيء مثل هذا في مدينتهم، وتعجب عما إذا كان العمل قد تم بواسطة هراطقة" (94). كما ذكر هذا العمل في قانون البابا جلاسيوس (496م) ضمن الكتب الأبوكريفية. وقد نال هذا العمل شهرة وانتشارا كبيرًا في القرون المسيحية الأولى وخلال القرون الوسطى. لأنه يركز على تجربة النشوة السرية التي ذكرها القديس بولس بنفسه. فهو مبني بالدرجة الأولى على ما جاء في رسالة كورنثوس الثانية قوله: "انه لا يوافقني أن افتخر. فأني آتي إلى مناظر الرب وإعلاناته. اعرف إنسانا في المسيح قبل أربع عشرة سنة أفي الجسد لست اعلم أم خارج الجسد لست اعلم. الله يعلم. اختطف هذا إلى السماء الثالثة. واعرف هذا الإنسان أفي الجسد أم خارج الجسد لست اعلم. الله يعلم. انه اختطف إلى الفردوس وسمع كلمات لا ينطق بها ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها" (2كو12:1-4). ومن ثم تبدأ الرؤيا بقوله: "وبينما أنا في الجسد اختطفت إلى السماء الثالثة، وجاءتني كلمة الرب قائلة: "قُل لهذا الشعب: "حتى متى ستمضون في العجز، مضيفين خطيئة إلى خطيئة ومجربين الرب الذي صنعكم؟" أنتم أبناء إبراهيم، لكنكم تعملون أعمال الشيطان: وأنتم تؤمنون بالمسيح، بسبب اضطرابات العالم تذكروا إذًا وأعلموا أن الجنس البشرى من كل المخلوقات التي تخدم الله، وحده يرتكب الخطيئة بأمر كل شيء مخلوق، ويخطئ أكثر من كل الطبيعة مجتمعة!". كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد من كتاب هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟
المزيد
20 سبتمبر 2018

كيف قبلت الأسفار القانونية؟

أختار الرب يسوع المسيح من تلاميذه الذين آمنوا به وتبعوه مجموعة لتحمل الإنجيل وتكرز باسمه في كل مكان في العالم، يقول الكتاب: "ولما كان النهار دعا تلاميذه واختار منهم اثني عشر الذين سماهم أيضا رسلا" (لو6:13)، "وبعد ذلك عيّن الرب سبعين آخرين أيضا وأرسلهم اثنين اثنين أمام وجهه إلى كل مدينة وموضع حيث كان هو مزمعا أن يأتي" (لو10:1). وكانوا شهوده في كل المسكونة "لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودا في أُورشليم وفي كل اليهودية والسامرة والى أقصى الأرض" (أع1:8). وقد سلموا الإنجيل للمؤمنين أولا شفويًا وحفظه المؤمنون الأول في قلوبهم وأن كان البعض قد دون أجزاء كثيرة مما تسلموه على أوراق بردي أو رقوق وجلود ولكن ومع امتداد ملكوت الله وانتشار المسيحية في دول عديدة ومدن كثيرة وقرى لا حصر لها سواء بواسطة الرسل أو بواسطة تلاميذهم مع انتشار اجتماعات العبادة الأسبوعية والليتورجية والتي وجدت حيثما وجد المسيحيون، وذلك فضلًا عن رحيل بعض الرسل، شهود العيان، من هذا العالم إلى العالم الآخر، ظهرت الحاجة للإنجيل المكتوب ليكون المرجع الحي والباقي والدائم والثابت للمؤمنين في كل مكان وزمان إلى المجيء الثاني، أي أن ضرورة تدوين الإنجيل كانت حتمية. ومن هنا طلب المؤمنون من الرسل أن يدونوا لهم ما نادى لهم به معلموهم وما حفظوه شفويًا: يقول أكليمندس الإسكندري: "لما كرز بطرس بالكلمة جهارًا في روما. وأعلن الإنجيل بالروح طلب كثيرون من الحاضرين إلى مرقس أن يدون أقواله لأنه لازمه وقتًا طويلًا وكان يتذكرها. وبعد أن دون الإنجيل سلمه لمن طلبوه". ويقول القديس أكليمندس الأسكندرى مدير مدرسة الإسكندرية اللاهوتية: "حينما أكمل بطرس كرازته في روما جهارًا وأعلن الإنجيل بالروح، فالحاضرون وكانوا كثيرين ترجوا مرقس كونه كان مرافقًا لبطرس مدة طويلة ويذكر كل ما قاله أن يسجِّل لهم كلماته. ومرقس عمل هذا وسلم إنجيله إلى الذين ترجوه (طلبوه). وحينما علم بطرس بذلك لم يتحمَّس في ممانعة ذلك ولا هو شجَّع العمل" (3). ثم يضيف: "إن بطرس حينما سمع ما قد عمل (مرقس) كما أعلن له الروح سُرَّ بغيرة الأشخاص الذين طلبوا منه ذلك وصادق على الكتابة لقراءتها في الكنائس" (4). ويقول القديس جيروم: (حوالي 350م ): "أن مرقس- تلميذ بطرس ومترجمه - كتب بناء على طلب الإخوة في رومية إنجيلًا مختصرًا طبقا لما كان قد سمع بطرس يرويه. وعندما بلغ بطرس ذلك، وافق عليه وأمر أن يُقرأ في الكنائس" (5). وتقول الوثيقة الموراتورية التي ترجع لسنة 170م: "الإنجيل الرابع هو بواسطة يوحنا أحد التلاميذ, إذ عندما توسل إليه زملاؤه (التلاميذ) والأساقفة في ذلك قال: صوموا معي ثلاثة أيام ونحن نتفاوض مع بعضنا بكل ما يوحي الله به إلينا. ففي هذه الليلة عينها أعلن لأندراوس أحد الرسل أن يوحنا عليه أن يكتب كل شيء تحت اسمه والكل يصدق على ذلك". أي أن المؤمنين الذين حفظوا الإنجيل وتسلموه، في البداية، شفويًا، هم أنفسهم، المؤمنون، الذي طلبوا من الرسل أن يدونوه لهم في أسفار مكتوبة وهم أنفسهم الذين تسلموا هذه الأسفار، الأناجيل، من الرسل الذين سبق أن سلموها لهم شفويًا. ولم يكن هناك أي وقت أو مساحة زمنية للاختيار، بل تسلموا الإنجيل المكتوب والذي كانوا يحفظونه جيدا، وقد دونوا بعض أجزائه على أوراق ورقوق، من نفس الرسل الذين سلموه لهم شفويا وحفّظوه لهم، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. ونشر هذا الإنجيل المكتوب في جميع الكنائس. أي أن الرسل أنفسهم هم الذين سلموا الكنيسة في كل مكان الإنجيل الشفوي ثم الإنجيل المكتوب، وذلك بنسخ نسخ من الأصل وإرسالها إلى جميع الكنائس. وقد دونت كل أسفار العهد الجديد، عدا ما كتبه القديس يوحنا الرسول، قبل سنة 70 ميلادية عندما كان معظم تلاميذ المسيح ورسله أحياء وقبلت الكنيسة هذه الأسفار فور تدوينها واستخدمها الرسل في كرازتهم كالإنجيل المكتوب، فقد كتبت بناء على طلب المؤمنين الذين تسلموها من الرسل، الذين سبق أن سلموها لهم شفويًا، كتبت بناء على طلبهم وتحت سمعهم وبصرهم وكانوا من قبل يحفظونها شفويًا، فقد دونت بالروح القدس لهم وأمامهم وبمعرفتهم ومن ثم قبلوها بكل قداسة ووقار ككلمة الله الموحى بها من الروح القدس. وكان الرسل أنفسهم يقبلون ما يكتبه أحدهم بالروح القدس، واثقين بالروح القدس الذي فيهم، أنها كلمة الله التي سبق أن تسلموها من الرب يسوع المسيح وتكلموا بها مسوقين من الروح القدس كما وعدهم، ودونوها أيضًا بالروح القدس. وعلى سبيل المثال فقد أقتبس القديس بولس من الإنجيل للقديس لوقا، كسفر مقدس وموحى به، ومن سفر التثنية بصيغة واحدة هي: لأن الكتاب يقول "لأن الكتاب يقول لا تكم ثورًا دارسًا (تث4:25) والفاعل مستحق أجرته" (لو7:10)" (1تى18:5). كما أشار القديس بطرس لوحي وانتشار كل رسائل القديس بولس فقال: "واحسبوا أناة ربنا خلاصا كما كتب إليكم أخونا الحبيب بولس أيضا بحسب الحكمة المعطاة له كما في الرسائل كلها أيضا متكلما فيها عن هذه الأمور التي فيها أشياء عسرة الفهم يحرفها غير العلماء وغير الثابتين كباقي الكتب أيضا لهلاك أنفسهم" (2بط15:3،16). وأقتبس القديس يهوذا أخو يعقوب في رسالته من رسالة القديس بطرس الثانية (2بط2:3-3) بقوله "وأما انتم أيها الأحباء فاذكروا الأقوال التي قالها سابقا رسل ربنا يسوع المسيح. فإنهم قالوا لكم انه في الزمان الأخير سيكون قوم مستهزئون سالكين بحسب شهوات فجورهم" (يه18،19). وكانت رسائل الرسل: مثل القديس بولس والقديس بطرس والقديس يوحنا يمليها الرسل وتكتب بواسطة أشخاص معروفين للكنيسة، وهم تلاميذ الرسل ومساعديهم وخلفاؤهم، وترسل لكنائس محددة بعينها عن طريق نفس مساعدي الرسل وخلفائهم، كما كان هدفها معلنا وواضحًا. بل وكان القديس بولس يضع ختمه (توقيعه) على كل رسالة يرسلها إلى الكنائس التي كرز فيها. يقول القديس يوحنا: "وإما هذه (الإنجيل للقديس يوحنا) فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه" (يو20:31). ويختم الإنجيل بقوله بالروح: "وأشياء أخر كثيرة صنعها يسوع أن كتبت واحدة واحدة فلست أظن أن العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة آمين" (يو21:25). ويقول في رسائله: … "كتبت إليكم أيها الآباء لأنكم قد عرفتم الذي من البدء. كتبت إليكم أيها الأحداث لأنكم أقوياء وكلمة الله ثابتة فيكم وقد غلبتم الشرير" (1يو2:14). … "كتبت إليكم هذا عن الذين يضلونكم" (1يو2:26). … "كتبت هذا إليكم انتم المؤمنين باسم ابن الله لكي تعلموا أن لكم حياة أبدية ولكي تؤمنوا باسم ابن الله" (1يو5:13). … "كتبت إلى الكنيسة" (3يو1:9). ويؤكد القديس بطرس أنه كتب رسالته الأولى على يد سلوانس التلميذ الذي كان معروفا جيدًا في الكنيسة الأولى: "بيد سلوانس الأخ الأمين كما أظن كتبت إليكم بكلمات قليلة واعظا وشاهدا" (1بط5:12). أما القديس بولس فيؤكد أنه كتب بنفسه، بيده عدة رسائل: "أنا بولس كتبت بيدي" (فل1:19)، وكان سلامة أو توقيعه يكتب بحروف كبيرة: "انظروا ما اكبر الأحرف التي كتبتها إليكم بيدي" (غل6:11). وكان يضع توقيعه على كل رسالة يرسلها: "السلام بيدي أنا بولس الذي هو علامة في كل رسالة. هكذا أنا اكتب" (1كو16:21). أو أنه كان يكتب عن طريق إملاء أحد تلاميذه ومساعديه الذين كانوا معروفين للجميع مثل فيبي وتخيكس وأنسيمس وتيموثاوس: "السلام بيدي أنا بولس. اذكروا وثقي. النعمة معكم. آمين. كتبت إلى أهل كولوسي من رومية بيد تيخيكس وأنسيمس" (كو4:18). وفي كل هذه الرسائل كان يضع توقيعه على جميع رسائله: … "كتبت إلى أهل رومية من كورنثوس على يد فيبي خادمة كنيسة كنخريا" (رو16:17). … "كتبت إلى أهل كولوسي من رومية بيد تيخيكس وأنسيمس" (كو4:18). … "كتبت إلى أهل أفسس من رومية على يد تيخيكس" (أف6:24). … "كتبت إلى أهل فيلبي من رومية على يد ابفرودتس" (في4:23). … "إلى فليمون كتبت من رومية على يد أنسيمس الخادم" (فل1:25). … "إلى العبرانيين كتبت من ايطاليا على يد تيموثاوس" (عب13:25). وكانت تقرأ كل رسالة من هذه الرسائل في هذه الكنائس المرسلة إليها ثم ينسخ منها نسخ وترسل للكنائس المجاورة وتستمر عملية النسخ من كنيسة إلى أخرى أو إلى مجموعة من الكنائس. وبنفس الطريقة كانت تنسخ نسخ الأناجيل وبقية أسفار العهد الجديد وترسل للكنائس القريبة والمجاورة، وكانت كل كنيسة تحتفظ بالسفر الذي كتب لها أصلًا، سواء كان هذا السفر إنجيلًا من الأناجيل الأربعة أو رسالة من رسائل الرسل أو سفر الأعمال أو سفر الرؤيا، وتحتفظ بنسخ من الأسفار التي كتبت أو أرسلت للكنائس الأخرى. يقول القديس بولس في رسالته إلى كولوسى: "ومتى قرئت عندكم هذه الرسالة فاجعلوها تقرا أيضا في كنيسة اللاودكيين والتي من لاودكية تقراونها انتم أيضا" (كو16:4). وكان هذا موقف الآباء الرسوليين، تلاميذ الرسل وخلفائهم الذين تسلموها منهم ككلمة الله واقتبسوا منها واستشهدوا بها ككلمة الله. فقد اقتبس القديس أكليمندس الروماني (حوالي 100م) من الأناجيل الثلاثة الأولى ومن خمس من رسائل القديس بولس والرسالة إلى يعقوب واستخدم مضمون الإنجيل للقديس يوحنا وقال عن رسالة القديس بولس الرسول إلى رومية: "انظروا إلى رسالة بولس الطوباوي. ماذا كتب لكم في بداية الكرازة بالإنجيل؟ في الواقع فقد كتب لكم بوحي من الروح القدس رسالة تتعلق به وبكيفا (أي بطرس) وأبولوس". وكانت تقرأ في اجتماعات العبادة الأسبوعية في الكنائس، خاصة في أيام الأحد، ويؤكد سفر الرؤيا على ترتيب الكنيسة وطقسها في قراءة الأسفار المقدسة في الاجتماعات والقداسات، وعلى حقيقة وحي السفر، فيقول "طوبى للذي يقرا وللذين يسمعون أقوال النبوة ويحفظون ما هو مكتوب فيها لان الوقت قريب" (رؤ3:1)، وتتكرر في السفر عبارة "من له أذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس" سبع مرات (رؤ7:2،11،17،29؛6:3،13،22)، و"من له أذن فليسمع" (رؤ9:13). ويقول القديس يوستينوس الشهيد في بداية القرن الثاني: "وفى يوم الأحد يجتمع كل الذين يعيشون في المدن أو في الريف معًا في مكان واحد وتقرأ مذكرات الرسل (الأناجيل) أو كتابات الأنبياء بحسب ما يسمح الوقت" (6). واقتبس القديس أغناطيوس الإنطاكي تلميذ القديس بطرس والرسل من الإنجيل للقديس متى والإنجيل للقديس لوقا وسفر أعمال الرسل وخمس من رسائل القديس بولس الرسول، وكذلك من مضمون الإنجيل للقديس يوحنا وأشار لوحي كل رسائل القديس بولس الرسول وإيمان الكنيسة في عصره أنها كلمة الله فقال: "وقد اشتركتم في الأسرار مع القديس بولس الطاهر الشهيد المستحق كل بركة.. الذي يذكركم في كل رسائله بالمسيح يسوع" (7). كما اقتبس القديس بوليكاربوس، تلميذ القديس يوحنا، 100 مرة من 17 سفرًا من أسفار العهد الجديد؛ منها الأناجيل الثلاثة الأولى وسفر أعمال الرسل وتسع من رسائل القديس بولس ورسالة بطرس الأولى ورسالة يوحنا الأولى. كما أكد على وحي رسائل القديس بولس ككلمة الله الموحى بها فقال: "فلا أنا ولا أي إنسان آخر قادر على أن يصل إلى حكمة المبارك والممجد بولس الذي كان قائمًا يعلم بين الذين عاشوا في تلك الأيام، وعلم الحق بدقة وثبات، وبعد رحيله ترك لكم رسائل إذا درستموها صرتم قادرين على أن تبنوا إيمانكم الذي تسلمتموه" (8). مما سبق يتضح لنا أن الكنيسة الأولى في القرن الأول، وفي حياة الرسل، لم تتسلم سوى أسفار العهد الجديد الـ27 فقط: فقد كانت أسفار العهد الجديد السبعة وعشرين هي وحدها التي سلمها الرسل للكنيسة وقبلتها الكنيسة، التي تسلمتها من يد الرسل أنفسهم بعد أن كتبت أما بناء على طلب المؤمنين أو أرسلت إليهم كرسائل مختومة وممهورة بتوقيع الرسل أنفسهم وكان يحملها ويوصلها إليهم تلاميذ الرسل ومساعدوهم الذين كانوا معروفين للجميع، ككلمة الله المكتوبة بالروح القدس، ولم يكن هناك أي كتاب منسوب للرسل غيرها، ولم يظهر أي كتاب من الكتب الأبوكريفية في حياة الرسل وحتى منتصف القرن الثاني، فيما بين سنة 150 و450م، وذلك بشهادة جميع العلماء والنقاد بكل مدارسهم واتجاهاتهم الفكرية والنقدية. أي بعد انتقال الرسل وخلفائهم، الآباء الرسوليين من العالم بعشرات ومئات السنين. وفي منتصف النصف الثاني من القرن الثاني وفي أوج وذروة وجود الهرطقة الغنوسية كان هناك القديس إيريناؤس (120 - 202م)، أسقف ليون، بفرنسا حاليا، وأحد الذين تتلمذوا على أيدي تلاميذ الرسل، خاصة القديس بوليكاربوس، وكما يقول القديس جيروم "من المؤكد أنه كان تلميذًا لبوليكاربوس" (9)، والذي كان حلقة الوصل بين الآباء الرسوليين تلاميذ الرسل ومن جاءوا بعده، وقد كتب مجموعة من الكتب بعنوان "ضد الهراطقة" دافع فيها عن المسيحية وأسفارها المقدسة وأقتبس منها حوالي 1064 اقتباسا منها 626 من الأناجيل الأربعة وحدها و325 من رسائل القديس بولس الرسول الأربع عشرة و112 من بقية أسفار العهد الجديد، منها 29 من سفر الرؤيا. وأكد على حقيقة انتشار الأناجيل الأربعة ككلمة الله والإنجيل الوحيد، بأوجهه الأربعة، في كل مكان بقوله "لقد تعلمنا خطة خلاصنا من أولئك الذين سلموا لنا الإنجيل الذي سبق أن نادوا به للبشرية عامة، ثم سلموه لنا بعد ذلك، حسب إرادة الله، في أسفار مقدسة ليكون أساس وعامود إيماننا.. فقد كانوا يمتلكون إنجيل الله، كل بمفرده، فقد نشر متى إنجيلًا مكتوبًا بين العبرانيين بلهجتهم عندما كان بطرس وبولس يكرزان ويؤسسان الكنائس في روما. وبعد رحيلهما سلم لنا مرقس تلميذ بطرس ومترجمه، كتابة ما بشر به بطرس. ودون لوقا، رفيق بولس في سفر الإنجيل الذي بشر به (بولس)، وبعد ذلك نشر يوحنا نفسه، تلميذ الرب والذي اتكأ على صدره إنجيلا أثناء أقامته في أفسس في آسيا الصغرى" (10). وقال عن وحدة الإنجيل "لا يمكن أن تكون الأناجيل أكثر أو أقل مما هي عليه الآن حيث يوجد أربعة أركان في العالم الذي نعيش فيه أو أربعة رياح جامعة حيث انتشرت الكنيسة في كل أنحاء العالم وأن "عامود الحق وقاعدة" الكنيسة هو الإنجيل روح الحياة، فمن اللائق أن يكون لها أربعة أعمدة تنفس الخلود وتحي البشر من جديد، وذلك يوضح أن الكلمة صانع الكل، الجالس على الشاروبيم والذي يحتوى كل شيء والذي ظهر للبشر أعطانا الإنجيل في أربعة أوجه ولكن مرتبطة بروح واحد.. ولأن الإنجيل بحسب يوحنا يقدم ميلاده الأزلي القدير والمجيد من الآب، يقول "في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله" و"كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان.. ولكن الذي بحسب لوقا يركز على شخصيته (المسيح) الكهنوتية فقد بدأ بزكريا الكاهن وهو يقدم البخور لله. لأن العجل المسمن (أنظر لوقا 23:15)، الذي كان سيقدم ذبيحة بسبب الابن الأصغر الذي وُجد، كان يعُد حالًا.. ويركز متى على ميلاده الإنساني قائلًا "كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم" و"وكان ميلاد يسوع المسيح هكذا". فهو إذا إنجيل الإنسانية، ولذا يظهر [ المسيح ] خلال كل الإنجيل كإنسان وديع ومتواضع. ويبدأ مرقس من جهة أخرى بروح النبوة الآتي على الناس من الأعالي قائلًا "بدء إنجيل يسوع المسيح، كما هو مكتوب في إشعياء النبي "مشيرًا إلى المدخل المجنح للإنجيل. لذلك صارت رسالته وجيزة ومختصره لمثل هذه الشخصية النبوية" (11). بل وأكد على وجود الإنجيل بأوجهه الأربعة وانتشاره في كل مكان حتى مع الهراطقة الذين كانوا يبدأون منها، بالرغم من أنهم دونوا كتبًا خاصة بهم وأسموها أناجيل وأعمال رسل ورؤى ونسبوها للرسل ولبعض قادتهم، فقال "الأرض التي تقف عليها هذه الأناجيل هي أرض صلبة حتى أن الهراطقة أنفسهم يشهدون لها ويبدأون من هذه الوثائق وكل منهم يسعى لتأييد عقيدته الخاصة منها" (12). وكان في روما أيضا العلامة هيبوليتوس (170-235 م.)، الذي اقتبس واستشهد بأسفار العهد الجديد أكثر من 1300 مرة وأشار إلى قراءتها في الاجتماعات العبادية العامة(13) كما أشار إلى قداستها ووحيها وكونها كلمة الله (14). وقد كتب أيضا كتبا ضد الهراطقة فند فيها كل نظرياتهم وأفكارهم السرية الصوفية مؤكدًا أنها لا تمت بصلة لرسل المسيح أو خلفائهم ولا صلة لها بفكر المسيح. وفي القرن الخامس كان هناك القديس ابيفانيوس أسقف سلاميس بقبرص الذي كتب أيضًا ضد الهراطقة وفند أفكارهم مؤكدا على ما سبق أن كتبه عنهم كل من إيريناؤس وهيبوليتوس. ولم يعقد أي مجمع مسكوني لتحديد ما هي الأسفار القانونية الموحى بها ولا أي مجمع غيره لرفض الكتب الأبوكريفية، كما لم تكن، الكتب القانونية ولا الأبوكريفية، مدرجة على جدول مجمع نيقية أو غيره، ولم تكن مثار أي حوار أو جدال في أي مجمع فقد تسلمت الكنيسة من الرسل وخلفائهم أسفار العهد الجديد، أما الكتب الأبوكريفية والتي خرجت من دوائر الهراطقة فلم يقبلها أحد وصارت محصورة فقط داخل دوائرهم الخاصة، فقد اعتبروها هم أنفسهم، كتبًا سرية مكتوبة للخاصة فقط ولا يجوز للعامة قراءتها واندثرت باندثارهم. كما كانت الكنيسة تنظر إليها من بداية ظهورها على أنها كتبا هرطوقية كما جاء في الوثيقة الموراتورية وقانون البابا جلاسيوس والذي يشك أصلا في صحة نسبه إليه. كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد من كتاب هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟
المزيد
01 نوفمبر 2018

الكتب المسماة بأناجيل الأقوال والأخلاقيات

إنجيل توما إنجيل المصريين اليوناني إنجيل توما: وهو غير إنجيل الطفولة لتوما (35)، ويرجع إلى القرن الثاني وقد ذكره كل من القديس هيبوليتوس (230م) والعلامة أوريجانوس (233م)، وقد اكتشفت نصوصه كاملة ضمن مجموعة نجع حمادي. وهو عبارة عن مجموعة من الأقوال السرية المنسوبة للرب يسوع المسيح. ومن نفس نوعية الكتب الغنوسية التي تقول بتعدد أشكال للمسيح لأنه من وجهة نظرهم ظهر، كإله، في هيئة ومنظر وشبه جسد، شبح، وقد جاء في أحد أقواله: "قال يسوع لتلاميذه: "قارنوني بشخص واخبروننى بمن أشبه؟ قال سمعان بطرس: "أنت مثل ملاك بار". قال متى: "أنت مثل فيلسوف حكيم"، قال توما "يا معلم، يعجز فمي أن يقول مثل من أنت". قال يسوع: "أنا لست معلمك، ولكنك شربت فانك سكرت من عين الماء المتدفقة التي اعتنيت ُ أنا بها". وأخذه يسوع جانبا وأخبره عن ثلاثة أشياء، وعندما عاد توما لرفقائه سألوه: ماذا قال لك يسوع؟ قال لهم توما: أن أخبرتكم عن واحدة مما قال لي، فستلتقطون حجارة وترجمونني بها، وستخرج نارا من الحجارة وتلتهمكم". كما يشرح فكرة الخلاص عن طريق المعرفة، معرفة الإنسان لنفسه، في جوهرها الروحي، ومعرفة الإله السامي عن طريق المسيح المنبثق منه، المولود منه، كنور من نور، والذي يدعو للنسك والتعفف عن العلاقات الزوجية، ويرى خلاص المجدلية في أن تكون روحًا حيًا يشبه الذكور، فيقول: "قال سمعان بطرس لهم: "لترحل مريم عنا لان النساء لا تستحق الحياة". فقال يسوع: "أنا سوف أقودها لأجعلها ذكرا حتى تصبح هي أيضا روحا حيا يشبهكم أيها الذكور، لأن كل امرأة تجعل نفسها ذكرا ستدخل ملكوت السموات". إنجيل المصريين اليوناني: ويرجع إلى القرن الثاني (36)، وكان أول من أشار إليه هو القديس أكليمندس الإسكندري (37) من القرن الثاني، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. وهو غير الكتاب المعروف بإنجيل المصريين القبطي، والذي اكتُشف في نجع حمادي ويرجع للقرن الرابع. وجاء فيه: "لأنه (يسوع) يقول: ليس كل من يقول لي، يا رب يا رب يخلص، بل الذي يفعل البر" (38). وقال القديس أبيفانيوس عن أصحاب هرطقة سابيليوس (39) أن "كل خطأهم وقوته هو أنهم يأخذون (يستخرجون) عقائدهم من بعض الأبوكريفا، خاصة المسمي إنجيل المصريين، كما يسميه البعض، لأنه مكتوب فيه مثل هذه الأشياء الناقصة كأنها جاءت سرا من المخلص، كالتي كشفها للتلاميذ أن الأب والابن والروح القدس واحد ونفس الشخص والأقنوم" (40). كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد من كتاب هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟
المزيد
29 نوفمبر 2018

من الكتب المنحولة الخمسة أعمال الأولى للرسل

أعمال بولس: تعتبر هذه الأعمال واحدة من الأعمال الرئيسية في أبوكريفا العهد الجديد وترجع إلى نهاية القرن الثاني وقد أشار إليها ترتليان (198- 200 م.)، ووصفها بالمزيفة فقال: "إذا كان هؤلاء الذين يقرأون الكتب المزيفة التي تحمل اسم بولس يقدمون المثال بتكلا ليحصلوا على حق المرأة في التعليم والعماد، فليعرفوا أن القس الذي من آسيا الذي ألف هذه الوثيقة من نفسه وتصور أنه يقدر أن يضيف أي شيء من نفسه لتكريم بولس أعترف أنه فعل ذلك حبا في بولس قد حُرم وطرد من وظيفته" (57). وهو هنا يكلمنا عن أعمال تكلا كجزء من أعمال بولس. ويقول في تفسيره لدانيال: "إذا آمنا أنه عندما كان بولس في المدرج (الروماني) وُضع الأسد الذي كان على رأسه عند قدميه وكان يلعقها، فلماذا لا نصدق أيضًا ما حدث في حالة دانيال" (58). كما يشير إليها كل من هيبوليتس وأوريجانوس ويقول عنها يوسابيوس القيصري (59): "أما أعمال بولس فلم أجده بين الأسفار غير التنازع عليها" (60). كما يقول أيضًا: "وضمن الأسفار المرفوضة، يجب أن يعتبر أيضًا أعمال بولس" (61). كما أدانها المرسوم الجلاسياني (496م) تحت اسم "أعمال بولس وتكلا". وكان يستخدمها المانيون بكثافة. وتتكون من أربعة أجزاء رئيسية هي: (1) أعمال بولس وتكلا. (2) رسالة الكورنثوسيين إلى بولس. (3) رسالة بولس الثالثة إلى كورنثوس. (4) استشهاد بولس وموته على يدي نيرون. فكل جزء من هذه الأجزاء كان يعتبر في أحيان كثيرة كتابًا مستقلًا، وكثيرا ما كان يظهر كل واحد منها مستقلًا. وتحتوي على رواية منقولة لقصة "كوفاديس" في الإصحاح الخامس والثلاثين، مما يجعل من المحتمل أن الكتاب يرجع إلى القرن الثاني. وقد استخدمه المانيون كما استخدموا سائر الأعمال الأبوكريفية لتأييد هرطقاتهم. ولم يكن يُعرف عنها إلا القليل حتى سنة 1904م حين ظهرت ترجمة لنسخة قبطية - غير سليمة الحفظ - نشرها س. شميدت. وظهر أن أعمال بولس وتكلا ليست في الحقيقة إلا جزءًا من أعمال بولس. ومن الملحوظات المذكورة في المخطوطة الكلارومونتانية وغيرها، نستنتج أن هذه الأجزاء التي بين أيدينا لا تزيد عن ربع الأصل، وأطول هذه الأجزاء وأهمها هو ما وصل إلينا في كتاب منفصل باسم "أعمال بولس وتكلا" ولا نستطيع أن نحدد الزمن الذي فصلت فيه عن أعمال بولس، ولكنه لابد أنه حدث قبل المرسوم الجلاسياني (496م) الذي لا يذكر أعمال بولس، ولكنه يدين "أعمال بولس وتكلا". وتركز هذه الأعمال مثل بقية الأعمال الأبوكريفية على البتولية لجميع المؤمنين ورفض العلاقات الزوجية. وتتلخص قصة تكلا في: أن فتاة مخطوبة من أيقونية اسمها تكلا استمعت إلى كرازة القديس بولس عن البتولية وفتنت بها، فرفضت الارتباط بخطيبها. ولتأثير القديس بولس عليها، اُستدعى أمام الحاكم الذي ألقاه في السجن فزارته تكلا، فتعرض كلاهما للمحاكمة، فنُفي القديس بولس من المدينة وحكم على تكلا بالحرق، ولكنها نجت بمعجزة من وسط النار، وأخذت في البحث عن القديس بولس. وعندما وجدته رافقته إلى إنطاكية وهناك فتن بها شخص ذو نفوذ اسمه إسكندر، الذي عانقها علنًا في الشارع، فاستهجنت تكلا فعلته ونزعت التاج الذي كان على رأسه، فحكم عليها أن تصارع الوحوش في ميدان الألعاب. وتركت تكلا تحت حراسة الملكة تريفينا التي كانت تعيش وقتئذ في إنطاكية. وعندما دخلت تكلا إلى حديقة المصارعة، لقيت لبؤة حتفها دفاعًا عن تكلا ضد الوحوش، وفي وسط الخطر ألقت تكلا بنفسها في حوض به عجول البحر، وهي تهتـف: "باسم يسوع المسيح أعمد نفسي في آخر يوم". وعندما اقترح البعض أن تمزق تكلا بين الثيران الهائجة، أغمى على الملكة تريفينا فخشيت السلطات مما يمكن أن يحدث، وأطلقوا سراح تكلا وسلموها لتريفينا فذهبت تكلا مرة أخرى للبحث عن القديس بولس، وعندما وجدته أرسلها للكرازة بالإنجيل، فقامت بالكرازة في أيقونية أولًا ثم في سلوقية حيث ماتت. وقد وضعت إضافات متأخرة نهاية تكلا، تقول إحداها إنها ذهبت من سلوقية إلى روما في طريق تحت الأرض وظلت في روما حتى موتها (62). وبرغم أن الكتاب أبوكريفي ومزيف إلا أنه مبني على تقاليد قوية تؤكد تاريخية شخصية تكلا مثل وجود طائفة قوية باسمها في سلوقية، كما أن التقاليد عن صلتها بالقديس بولس - التي تجمعت حول المعبد الذي بنى في سلوقية تكريمًا لها - هي التي شكلت عناصر هذه الرواية، ولاشك أن فيها بعض الذكريات التاريخية. فتريفينا شخصية تاريخية تأكد وجودها من اكتشاف نقود باسمها، وكانت أم الملك بوليمون الثاني ملك بنطس وقريبة للإمبراطور كلوديوس. وليس هناك ما يدعو للشك في ما جاء في هذه الأعمال من أنها كانت تعيش في إنطاكية في وقت زيارة بولس الأولى لها. كما أن هذه الأعمال واضحة في دقتها الجغرافية، فتذكر الطريق الملكي الذي تقول إن بولس سار فيه من لسترة إلى أيقونية، وهي حقيقة تستلفت النظر، لأنه بينما كان الطريق مستخدمًا في أيام بولس للأغراض العسكرية، أهمل استخدامه كطريق منتظم في الربع الأخير من القرن الأول. ويوصف القديس بولس في هذه الأعمال: "بأنه رجل قصير القامة، أصلع الرأس، مقوس الساقين، نبيل الأخلاق، مقرون الحاجبين، ذو أنف بارز بعض الشيء، ممتليء نعمة، كان يبدو أحيانًا إنسانًا، وأحيانًا أخرى كان يبدو بوجه ملاك". وقد يكون لهذا الوصف سند يعتمد عليه (63). أعمال أندراوس: وتسمى أيضًا بإنجيل أندراوس، وترجع إلى ما قبل القرن الرابع، وقد خرجت من دوائر الهراطقة وقال عنها يوسابيوس القيصري، أنها مع غيرها من الأعمال الأبوكريفية، سخيفة وغير معقولة. وأشار إليها أيضًا ابيفانيوس (403م) عدة مرات وقال أنها مستخدمة عند مذاهب هرطوقية كثيرة ممن يتمسكون بالزهد الشديد حتى الامتناع عن العلاقات الزوجية. وقد جاء فيها قول القديس أندراوس لغريمه: "أن أمنت بالمسيح ابن الله الذي صلب سأشرح لك كيف أن الحمل الذي ذبح سيحيا بعد أن صلب" (64). وينسبها الكتّاب الأوائل خطًا إلى ليوسيوس الذي قيل أيضًا أنه مؤلف أعمال يوحنا. ولم يبق من هذه الأعمال إلا أجزاء صغيرة. كما يحتفظ لنا أيوديوس من أوزالا (توفي 424م - وكان معاصرًا لأوغسطينوس) بجزء صغير، كما يوجد جزء أكبر في مخطوطة من القرن العاشر أو الحادي عشر تحتوي على حياة القديسين عن شهر نوفمبر، يقول عنها بونيت إنها من أعمال أندراوس. كما ترد قصة استشهاد القديس أندراوس ترد على جملة صور، والصورة التي يبدو أنها أقربها إلى الأصل، توجد في خطاب مشايخ وشمامسة كنائس أخائية. وهناك جزء وارد في أيوديوس عبارة عن فقرتين قصيرتين تصفان العلاقات بين مكسيميليا وزوجها أجيتس، الذي قاومت مطالبه. أما أطول جزء من هذه الأعمال فيروي سجن القديس أندراوس لإغرائه مكسيميليا بالانفصال عن زوجها أجيتس، لتعيش حياة الطهارة. ثم تتكلم عن استشهاد القديس أندراوس وتقول أنه القديس أندراوس، أعلن أنه سيصلب في اليوم التالي، فزارته مرة أخرى في السجن، "وكان الرب يسير أمامها في صورة أندراوس". وألقى الرسول خطابًا على جماعة من الإخوة عن خداع إبليس الذي بدا للإنسان أولًا كصديق ولكنه ظهر الآن كعدو. وعندما وصل أندراوس إلى مكان الصلب، رحب بالصليب. وبعد أن ربط إلى الصليب، وعلق عليه، كان يبتسم ويقول أن "الرجل الذي ينتمي ليسوع، لأنه معروف ليسوع، فهو رجل محصن ضد الانتقام". وأنه ظل ثلاثة أيام وثلاث ليال يخاطب الشعب من فوق الصليب، ولما حاولوا إنقاذه بإنزاله عن الصليب رفض النجاة وصلى للمسيح لكي يحول دون إطلاق سراحه. بعد ذلك أسلم الروح، وقد دفنته مكسيميليا، وبعدها بقليل طرح أجيتس نفسه من ارتفاع عظيم ومات. أعمال توما: يقول التقليد أنها من أصل ماني وقد أشار القديس أبيفانيوس (ق4) لاستخدام الشيع الغنوسية لها، كما أشار أغسطينوس إلى استخدامها بين المانيين (65). وتوجد هذه الأعمال كاملة. ويظهر مدى انتشارها في الدوائر الكنسية، من العدد الكبير من المخطوطات التي تضمها. والأرجح أنها كتبت أصلًا بالسريانية، ثم ترجمت بعد ذلك لليونانية مع إجراء تعديلات فيها لتناسب وجهة النظر الكاثوليكية. ويذكر جدول المخطوطات لنيسيفورس أن أعمال توما تحتوي على 1600 سطر ( كل سطر حوالي 16 مقطعًا) أي حوالي أربعة أخماس إنجيل مرقس، وإذا كان ذلك صحيحًا، تكون الأعمال التي بين أيدينا قد تضخمت كثيرًا، ففي النسخة اليونانية تنقسم هذه الأعمال إلى ثلاثة عشر قسمًا وتنتهي باستشهاد توما. وتتلخص هذه الأعمال في الأتي: في اجتماع للرسل في أُورشليم كان من نصيب توما أن يخدم في الهند، ولم يكن راغبًا في الذهاب، ولكنه رضي بالذهاب عندما باعه الرب لرسول من الملك جوندافورس من الهند. وفي أثناء رحلته إلى الهند وصل توما إلى مدينة أندرابوليس حيث كان يحتفل بعرس ابنة الملك، فاشترك توما في تلك الاحتفالات ورنم ترنيمة عن العرس السماوي، وطلب الملك من توما أن يصلي من أجل ابنته، وبعد أن فعل ذلك، ظهر الرب في هيئة توما للعروسين وربحهما لحياة الامتناع عن العلاقات الزوجية، فغضب الملك لذلك وبحث عن توما ولكن توما كان قد رحل. وتحكي قصة طلب الملك جوندافورس أن يبني له قصرا فقام بتوزيع ما أعطاه له من أموال على الفقراء والمساكين لذا يضعه الملك في السجن ثم يموت أخو الملك ويقوم من الموت بمعجزة ويحكي عن القصر الذي بناه توما للملك في السماء فيؤمن الملك بالمسيح. ويمتليء الكتاب بالمعجزات الأسطورية مثل إقامة شاب من الموت كان قد قتله تنين بسبب امرأة رغب فيها كلاهما، بعد أن يمتص التنين السم ويموت!! ويحكي قصة مهر يتكلم، وإنقاذ توما لامرأة من قوة شيطان نجس. ووصف إقامة فريضة العشاء الرباني (بالخبز فقط) مع صلاة غنوسية. وأخيرا يتكلم عن موته وخزًا بالرماح، ثم يقول أنه أظهر نفسه بعد ذلك حيًا لأتباعه. كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد من كتاب هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟
المزيد
06 ديسمبر 2018

روايات الحياة الرسولية الأبوكريفية

ثانيا: المجموعة الثانية، روايات الحياة الرسولية: كتبت الأعمال المتأخرة والتي سُميت بأسماء الرسل ابتداء من القرن الرابع متأثرة بما كتب في الخمسة أعمال الأولى وتوسيعًا وامتدادًا لها. فقد أثرت الأعمال الخمسة الأولى في تطوير أدب الأعمال الذي تحول إلى صورة أقرب للسير الخاصة بالقديسين، أو روايات السير الرسولية، خاصة في الأوساط الهرطوقية، وركزت على العجائب والاتجاهات اللاهوتية الكثيرة لهذه الفرق وغيرها. ولذا فلم تحسب هذه الكتابات كأدب أبوكريفي ولا سميت بأبوكريفا العهد الجديد لأنها كتبت بعد انتشار أبوكريفا العهد الجديد التي كتبها قادة الفرق الهرطوقية قبل أن تظهر هذه الكتب إلى الوجود. ولذا فهي أقرب لسير الرسل القديسين منه للأعمال والتي كانت تركز في جزء منها على استشهاد هؤلاء الرسل المنسوبة إليهم. فقد كتبت أصلا للاستخدام الليتورجي وليس كأسفار أبوكريفية. ولم تدع يومًا أنها قانونية أو حتى أبوكريفية (66). * أعمال بطرس وأندراوس * أعمال بطرس والأثنى عشر * أعمال بطرس وبولس * أعمال فيليب * أعمال فيليب في هيللاس * أعمال اندراوس ومتياس * كرازة بطرس * كيريجماتا بطرس * اللوجوس العظيم * حديث بعد القيامة * أعمال بطرس وأندراوس: وهي امتداد لأعمال أندراوس ومتياس، وتحوير أوسع لأعمال أندارس. ويوجد هذا المؤلف في اليونانية والسلافية، لأعمال أندراوس. ويوجد في الحبشية (مع تعديل أندراوس إلى تداوس). ويبدأ الكتاب بعودة القديس أندراوس من مدينة آكلي لحوم البشر، فتحمله سحابة من نور إلى الجبل حيث كان يجلس بطرس ومتياس وألكسندر وروفس، فيطلب منه بطرس أن يستريح من أتعابه، ولكن يسوع يظهر في صورة طفل، ويرسلهم إلى مدينة البرابرة. وعندما يقتربون منها، يستطلع بطرس الأحوال بأن يطلب خبزًا من رجل عجوز، وعندما يذهب الرجل لإحضار الخبز، يقوم الرسل بالعمل في الحقل نيابة عنه، فيعود الرجل ويجد المحصول ناضجًا للحصاد. ويحاول رؤساء المدينة منعهم من دخولها بوضع عاهرة عارية في بوابة المدينة، ولكن بلا جدوى. ويهاجم أينسيفورس الغني القديس أندراوس، ولكن بطرس يتدخل، ويسرع بالنطق بما جاء في إنجيل متى (19: 24)، فيتحدونه أن يفعل هذه المعجزة، فيضطرب بطرس، ولكنه يتشدد بظهور يسوع له في صورة طفل في الثانية عشرة من عمره. ويأتون له بجمل وإبرة ذات ثقب ضيق كطلب بطرس. وبناء على كلمة بطرس يتسع ثقب الإبرة حتى يصبح كالبوابة فيمر الجمل منه. فيصر أينسيفورس على إحضار إبرة وجمل بمعرفته في محاولة لتعجيز بطرس، ولكن بطرس ينجح مرة أخري في إجراء المعجزة، وعندئذ يعد أينسيفورس بإعطاء كل أمواله للفقراء، وإطلاق كل عبيده أحرارًا، إذ أذن له بطرس في أجراء المعجزة بنفسه، فيساور بطرس الشك، ولكن صوتًا يأمره بأن يدع أينسيفورس يفعل ما يريد. وفي هذه المرة يدخل الجمل حتى عنقه فقط، فيكتفي أينسيفورس بذلك، وقد علل بطرس الأمر بأن أينسيفورس لم يتعمد بعد. وكانت النتيجة اعتماد ألف نفس في تلك الليلة. وفي اليوم التالي، تعطي العاهرة - التي كانت على البوابة - كل أموالها للفقراء وتجعل من بيتها ديرًا للعذارى. * أعمال بطرس والأثنى عشر: وتوجد في إحدى مخطوطات مجموعة نجع حمادي ويرى بعض العلماء أنها مؤلف غنوسي قام بتنقيحه أحد المسيحيين. وهي رواية اقرب للمثال منها للتاريخ حيث تروي أن الرب يسوع المسيح أرسل تلاميذه ليكرزوا باسمه فركبوا سفينة رست بهم إلى شاطئ جزيرة في وسط البحر وانتظروا أحدًا ليرشد إلى مكان يستقرون فيه في المدينة فمر بهم شخص ينادي على لؤلؤ فتجمهر الأغنياء ليشتروا منه فدعاهم للذهاب إلى مدينة يأخذون منها اللؤلؤ مجانا، ثم جاء الفقراء لينظروا بأعينهم فقط اللؤلؤ فأشار إليهم أن يذهبوا لنفس المدينة ليحصلوا عليه مجانا. ومرة أخرى ظهر هذا الشخص كطبيب ومعه حقيبة يحمل فيها الأدوية وعرف التلاميذ أنه المسيح نفسه وطلب منهم أن يشفوا أمراض الناس الجسدية أولًا ثم يشفوا أرواحهم بعد ذلك. * أعمال بطرس وبولس: وترجع أقدم مخطوطاتها إلى القرن التاسع وأن كان الكتاب نفسه يرجع لتاريخ أقدم من ذلك فقد أشار أوريجانوس (185-245 م.) إلى إحدى قصصها، عن السيدة كوفاديس Domine quovadis(67). وهي عبارة عن مجموعة روايات باليونانية، البعض منها مأخوذ عن أعمال بطرس. وتبدأ بارتحال بولس من جزيرة جواد وميليت إلى روما، فيستنجد اليهود بنيرون ليوقفه عند حده، فيأمر نيرون بالقبض عليه، فيقبض على ديوسفورس ربّان السفينة - ظنًا منه أنه بولس - ويقطع رأسه في بوطيولي. وتزخرف القصة ببعض الأساطير المحلية، ثم تتبع القصة بعد ذلك النص المارسلياني في رواية الخدمات المشتركة للرسولين في روما، وتعاملهما مع سيمون الساحر، ثم استشهادهما، الذي يحدث هنا في نفس الوقت، مع أن في الأساطير الأقدم، تمر سنة بينهما. ويحتوى الكتاب على خطاب بيلاطس لكلوديوس قيصر. * أعمال فيليب: وقد ذُكر هذا العمل في قانون البابا جلاسيوس ضمن الكتب الأبوكريفية، وترجع التقاليد، التي كانت معروفة جيدا، عن فيليب إلى تاريخ مبكر وهذا واضح من وفرة المراجع عنه في الوثائق القديمة وتحتوي كتابات كتب سير القديسين أيضاَ، سواء اليونانية أو اللاتينية، على خلاصات مصغرة لحياة فيليب (68)، ولكن هذه الأعمال تقع في أخطاء كثيرة حيث تقول أنه كرز وبشر بالمسيح أيام حكم الإمبراطور الروماني تراجان (98 - 117م): "في أيام تراجان Trajan وبعد استشهاد سمعان ابن كلوباس أسقف أُورشليم وخليفة يعقوب، كان فيليب الرسول يبشر في كل مدن ليديا وآسيا، وجاء إلى مدينة اوفيوريمي Ophioryme (شارع الحية) والتي تدعى هيرابوليس آسيا، وقبلنا ستاكيس Stachys، شخص مؤمن، وكان معه برثولماوس احد السبعين، وأخته (أي أخت فيليب) مريمني Mariamne، وتلاميذهم" (69). وقد حكم الإمبراطور تراجان في الفترة من 98 إلى 117 م.، وكان أخر الرسل الذين انتقلوا من العالم هو القديس يوحنا حوالي سنة 100م!! كما تخلط بين كل من القديس فيلبس تلميذ المسيح (مر3:18) وفيلبس الشماس (أع6:5؛ أع21:8)، وتعتبرهما شخصًا واحدًا. * أعمال فيليب في هيللاس: وهي مؤلفة بنفس أسلوب أعمال فيليب، وقد نشرها للمرة الأولى تشندروف، وهي وثيقة متأخرة عن أعمال فيليب وتوجد في مخطوطة فارسية من القرن الحادي عشر الميلادي. وتتكلم عن أعماله وكرازته في مدينة أثينا باليونان(70). * أعمال اندراوس ومتياس: والتي تستمد مادتها من مواد حقيقية إلى حد ما كتبت في العصر الرسولي (71). وقد جاء فيها هذا القول لأندراوس عن الرب يسوع المسيح: "الحق يا أخي لقد بين لنا (يسوع) انه إله، لا تظن انه إنسان لأنه صنع السماء والأرض والبحر وكل ما فيها" (72). * كرازة بطرس: Kyrygma Petrou: ويرجع هذا العمل للنصف الأول من القرن الثاني وقد أشار إليه بعض الآباء مثل أكليمندس الإسكندري وأوريجانوس وثاوفيلس الأنطاكي ومضمونه أقرب للفكر الكنسي والتقليد الرسولي لذا ظن البعض أنه يرجع لبطرس تلميذ المسيح (73). ويقول عنه يوسابيوس القيصري: "أما ما يسمى بأعمال بطرس والإنجيل الذي يحمل اسمه والكرازة والرؤيا، كما سميت، فأننا نعلم أنها لم تقبل من الجميع لأنه لم يقتبس منها أي كاتب قديم أو حديث" (74). ويقول مثله القديس جيروم (75). وننقل هنا بعضًا مما اقتبسه: "يقول الرب في "كرازة بطرس" بعد القيامة: أنا اخترتكم اثنا عشر ورأيت أنكم مستحقون أن تكونوا تلاميذي. وأرسلت الذين اقتنعت أنهم سيكونون رسلًا حقيقيين إلى العالم.. ليعرفوا أنه يوجد إله واحد وليعلنوا أحداث المستقبل التي ستكون بالإيمان بي (المسيح)، إلى النهاية حتى أولئك يسمعون ويؤمنون يخلصون" (76). "ويتحدث بطرس أيضا في "الكرازة" عن الرسل كالآتي: "لقد فتحنا كتب الأنبياء التي لدينا ووجدنا اسم يسوع المسيح ومجيئه وموته وصلبه وبقية العذابات الأخرى التي أنزلها به اليهود وقيامته وصعوده إلى السماء، البعض بأمثال والبعض بألغاز والبعض بكلمات واضحة ومؤكدة" (77). * كيريجماتا بطرس: The Kerygmata Petrou وهو عمل أبيوني ويرجع حسب رأي غالبية العلماء إلى نهاية القرن الثاني (200م) أو بداية القرن الثالث (78). وقد جاء فيه هذا القول المنسوب للقديس بطرس: "أنى متيقن أن العيون المادية لا يمكن أن تري الكيان الروحي للآب والابن لأنه مغلف بنور لا يدني منه (1تي16:6).. والذي يراه يموت (خر21:33).. ولا يوجد من يقدر أن يري القوة الروحية للابن لما سأل الرب - ماذا يدعوه الناس – مع أنى سمعت الآخرين يعطوه اسما آخر – فقد ثار قلبي في الأقوال، ولا أعرف كيف قلت ذلك: أنت هو ابن الله الحي" (مت16:16و17) (79). * اللوجوس العظيم: The Tow Books of Jeu: أو كتاب "اللوجوس العظيم بحسب السر" ويرجع للنصف الأول من القرن الثالث (80). وقد جاء فيه هذا الحديث: أجاب الرسل بصوت واحد.. قائلين: يا رب يسوع أنت الحي الذي أنتشر خلاصه علي الذين وجدوا حكمته وهيئته التي يضيء بها - أيها النور الذي في النور الذي يضيء قلوبنا حتى نأخذ نور الحياة - أيها الكلمة (اللوجوس) الحقيقي الذي بالمعرفة تعلمنا.. أجاب يسوع الحي وقال مبارك الرجل الذي يعرف هذا" (81). * حديث بعد القيامة: Epistula Apostolorum ويرجع هذا العمل إلى القرن الثاني (82) (وقت المعركة بين المسيحية والغنوسية). وهو مكتوب في صيغة خطاب، خاصة في فصوله العشرة الأولى التي يشرح فيها طفولة المسيح ومعجزاته وقيامته، وكان يسمي بتعليم التلاميذ الأثنى عشر فيما يختص بربنا يسوع المسيح. ويصور لنا رؤيا وحوارات للمسيح مع تلاميذه، بعد قيامته من الأموات، تتكون من حوالي ستين سؤالًا. ويركز في حوالي 20% من نصوصه على قيامة الجسد من الأموات، وذلك على عكس ما يسمى بإنجيل الحقيقة الغنوسي. وهذا العمل مبني بصفة أساسية على العهد الجديد وبصفة خاصة الإنجيل للقديس يوحنا. وقد كُتب مثله مثل رؤيا بطرس الأبوكريفية ورسالة برنابا وراعي هرماس، ليس ككتاب موحى به، بل كعمل مسيحي يشرح الإيمان المسيحي من وجهة نظر الكاتب ويرد فيه على بعض الفكر الغنوسي. كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد من كتاب هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟
المزيد
30 أغسطس 2018

أين هي بقية الأناجيل؟؟!!

ورد المقال التالي بأحد المواقع التي تهاجم العقيدة المسيحية وتشكك فيها ليل نهار وقد نقلته عنه عشرات المواقع الأخرى واستخدمه بعض الكتاب في كتابة الكتب والمقالات بالمجلات والجرائد لنفس الغرض كما استخدمه بعض المتحدثين في القنوات الفضائية وكأن ما جاء فيه هو الحق المبين والدليل الدامغ على أن هناك العشرات من الأناجيل والأسفار المفقودة من الكتاب المقدس!!! والغريب أنه ولا واحد من هؤلاء الكتاب، سواء واضع المقال أو من نقلوا عنه، فكر في بحث الموضوع بأسلوب علمي أو استخدموا أي منهج علمي عقلاني للتحقق من صحة ما يكتبون أو يقولون!! فقط فسروا الفقرة الأولى من الإنجيل للقديس لوقا على هواهم وبعيدا عن سياقها ومعناها اللغوي والأصلي الذي قصده الكاتب الموحى إليه بالروح القدس!! واستشهدوا بفقرات ناقصة ومبتورة ونقلوها عن بعض المراجع المسيحية دون أن يأخذوا بما كتبه هؤلاء الكتاب كاملا، فقط جاءوا بفقرات مأخوذة بعيدا عن سياقها وموضوعها ليوحوا للقاريء وكأنهم أتوا باليقين الدامغ على صحة ما يدعون من أباطيل وأكاذيب وتدليس!! ولذا نقول لهم ما بني على باطل فهو باطل!! وقبل أن نعلق على ما جاء في هذه المقالة نضعها كاملة أمام القاريء ليشترك معنا بفكره وعقله في تحليلها والتعليق على ما جاء فيها، وفيما يلي نص المقالة كاملًا: " كتب لوقا في [1: 1]: "إذ كان كثيرون قد اخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداما للكلمة رأيت أنا أيضا إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق آن اكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علّمت به". ثم بدأ قصته قائلًا: "كان في أيام هيرودوس ملك اليهودية كاهن اسمه زكريا... "[ترجمة الفاندايك]. يتبين لنا من مقدمة الخطاب الموجه من لوقا إلى العزيز ثاوفيلس أن كثيرين هم الذين كتبوا مثل ما كتبه لوقا في بيان حال المسيح، فأين هي تلك الأناجيل؟ يقول ماكنيكل J. McNicol في شرحه لعبارة: "إذ كان كثيرون قد اخذوا بتأليف قصة": هذه الكلمات هي الخبر اليقين الوحيد الذي بحوزتنا عن وجود سجلات مكتوبة قبل الشروع في تدوين الأناجيل الثلاثة الأولى، لكن تلك المؤلفات اندثرت جميعها. [ تفسير الكتاب المقدس تأليف جماعة من اللاهوتيين لدار منشورات النفير - بيروت]. من الملاحظ أن لوقا قد كتب إنجيله حوالي عام 60 ميلادي كما يذكر قاموس الكتاب المقدس / ص 823 وعليه فإن تلك السجلات المفقودة تعود لذلك التاريخ وما قبله. والسؤال الذي يطرح نفسه: أليس من الممكن أن تكون تلك الأناجيل المندثرة قد احتوت ونقلت بعض الحقائق، كعدم صلب المسيح وانه بشر ورسول ليس أكثر وانه مبشرُ بالرسول الخاتم؟ وعلى ذلك لم تكن الأناجيل الأربعة التي يتضمنها حاليًا الكتاب المقدس هي الأناجيل الوحيدة التي كانت قد دُوِّنت في القرون الأولى بعد الميلاد، فقد كان هناك الكثير من الأناجيل. وهذا هو السبب الذي دفع لوقا أن يكتب رسالته إلى صديقه ثاوفيليس التي اعتبرتها الكنيسة فيما بعد من كلام الله: "إذ كان كثيرون قد اخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداما للكلمة رأيت أنا أيضا إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن اكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علّمت به "ثم بدأ قصته قائلًا: "كان في أيام هيرودوس ملك اليهودية كاهن اسمه زكريا..." (لوقا 1: 1-4). ومن المعلوم أن المجامع الأولى قد حرمت قراءة الكتب التي تخالف الكتب الأربعة والرسائل التي اعتمدتها الكنيسة فصار أتباعها يحرقون تلك الكتب ويتلفونها، فنحن لا ثقة لنا باختيار المجامع البشرية لما اختارته فنجعله حجة ونعد ما عداه كالعدم ومما هو معلوم فإن المؤرخين يختلفون في عدد المجامع المسكونية فبعضهم يقول أنها سبعة وآخرون يقولون أنها 19 مجمعًا. وكما أن المؤرخين يختلفون في عددها هكذا تختلف الكنائس في الاعتراف بها. فالكنيسة القبطية مثلًا لا تعترف إلا بالأربعة الأولى منها. وها هي كنيسة روما ومعها الكنيسة اليونانية لا تعترفان بالمجمع المسكوني الرابع (أفسس الثاني). وفي مجمع (ترنت) الذي عقد في القرن الخامس عشر والذي صادق على قرارات مجمع (قرطاج Carthage) سنة 397 بشأن الأسفار السبعة وحكم بقانونيتها، نجد أن الكنيسة البروتستنانية جاءت بعد ذلك في أوائل القرن السادس عشر ورفضت قرارات هذين المجمعين بمجمع آخر! يقول القس السابق عبد الأحد داود: "إن هذه السبعة والعشرين سفرًا أو الرسالة الموضوعة من قبل ثمانية كتاب لم تدخل في عداد الكتب المقدسة باعتبار مجموعة هيئتها بصورة رسمية إلا في القرن الرابع بإقرار مجمع نيقية سنة 325م. لذلك لم تكن أي من هذه الرسائل مصدقة لدى الكنيسة... وهناك أي في مجمع نيقية تم انتخاب الأناجيل الأربعة من بين أكثر من أربعين أو خمسين إنجيلًا، وتم انتخاب الرسائل الإحدى والعشرين من رسائل العهد الجديد من بين رسائل لا تعد ولا تحصى، وصودق عليها، وكانت الهيئة التي اختارت العهد الجديد هي تلك الهيئة التي قالت بألوهية المسيح، وكان اختيار كتب العهد الجديد على أساس رفض الكتب المسيحية المشتملة على تعاليم غير موافقة لعقيدة نيقية وإحراقها كلها" [ الإنجيل والصليب صفحة 14] ويقول المؤرخ (ديورانت) في كتابة قصة الحضارة المجلد الثالث: "وصدر مرسوم إمبراطوري يأمر بإحراق كتب آريوس جميعها، ويجعل إخفاء أي كتاب منها جريمة يعاقب عليها بالإعدام". ويقول الكاتب المسيحي حبيب سعيد: "وبذلك فض المؤتمر النزاع القائم، وقرر إبعاد آريوس وأتباعه وحرق الكتاب الذي أودعه آراءه الملحدة". وقد أعلن آدم كلارك في المجلد السادس من تفسيره: "إن الأناجيل الكاذبة كانت رائجة في القرون الأولى للمسيحية، وأن فايبر بسينوس جمع أكثرَ من سبعين إنجيلًا من تلك الأناجيل وجعلها في ثلاث مجلدات". كما أعلن فاستوس الذي كان من أعظم علماء فرقة ماني في القرن الرابع الميلادي: "إن تغيير الديانة النصرانية كان أمرًا محقًا، وإن هذا العهد الجديد المتداول حاليًا بين النصارى ما صنعه السيد المسيح ولا الحواريون تلامذته، بل صنعه رجل مجهول الاسم ونسبه إلى الحواريين أصحاب المسيح ليعتبر الناس". وقد كتب في مسألة تعدد الأناجيل الكثير من مؤرخي النصرانية، فيقول العالم الألماني "دى يونس" في كتابه (الإسلام): "إن روايات الصلب والفداء من مخترعات بولس ومَنْ شابهه من المنافقين خصوصًا وقد اعترف علماء النصرانية قديمًا وحديثًا بأن الكنيسة العامة كانت منذ عهد الحواريين إلى مضى 325 سنة بغير كتاب معتمد، وكل فرقة كان لها كتابها الخاص بها". [راجع المدخل إلى العهد الجديد]. القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد من كتاب هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟
المزيد
09 أغسطس 2018

نقد غير مدروس، مع هرطقات متعددة

أولا: لأن جزء من هذه الكتب تم اكتشافه وظهر وبصفة خاصة في أواخر القرن التاسع عشر والقرن العشرين، كما تم اكتشاف مكتبة غنوسية كاملة في نجع حمادي سنة 1947 م. تضم معظم هذه الأناجيل المفقودة وغيرها من الكتب الغنوسية الأخرى، وهي موجودة بالمتاحف وجزء منها في مصر!! وترجمت إلى عدة لغات، وهي موجودة في متناول من يريد قراءتها أو بحثها سواء بلغاتها الأصلية أو مترجمة إلى اللغات الحية كالإنجليزية مثلا!! وقد قمنا بترجمتها، جميعا إلى اللغة العربية، كما بينّا أعلاه. ثانيا: لأن الكنيسة لم تترك هذه الفرصة لدراسة وتحليل هذه الكتب وطبقت عليها أساليب النقد الأعلى والنقد النصي وكل ما له صلة بمثل هذه الدراسات لمعرفة محتواها ومن هم الذين كتبوها وزمن كتابتها والخلفيات التي كتبت على أساسها، فهي التي سبق أن درست محتوى هذه الكتب ومضمونها ورفضتها، وقت ظهورها، في القرون الأولى لأنها لم تخرج من دائرة تلاميذ المسيح ورسله ولا كتبت في زمانهم أو زمن خلفائهم بل كتبت، جميعها فيما بين سنة 150 م. و450 م.، بل وبعضها كُتب بعد ذلك بكثير، وأن الذين كتبوها هم الهراطقة، خاصة الماركيونيين والغنوسيين والدوسيتيين الذين خلطوا بين المسيحية والفلسفة الأفلاطونية والديانات المصرية والكلدانية والفارسية، وقالوا أن المسيح، كإله، ظهر على الأرض كشبح وخيال!! لذا أسموهم بالخياليين وكانت الكنيسة تعرفهم بالاسم: قال القديس إيريناؤس (175 م.): "أن الهراطقة الماركونيين أصدروا عددا لا يحصى من الكتابات الأبوكريفية المزورة والتي زيفوها بأنفسهم ليذهلوا عقول الحمقى" (9). وقال يوسابيوس القيصري (264-240 م.): "أنها معروفه عند معظم الكتاب الكنسيين، وانه في مقدورنا أن نميز بين هذه الكتب القانونية وتلك التي يصدرها الهراطقة بأسماء الرسل مثل إنجيل بطرس وانجيل متى (المنحول) وغيرها، أو مثل أعمال أندراوس، ويوحنا، وغيرهما من الرسل، فلم يحسب أي واحد من كتاب الكنيسة أنها تستحق الإشارة إليها في كتاباتهم. وفى الحقيقة أن أسلوبها يختلف اختلافا بينا عن أسلوب الرسل، كما أن أفكارها ومفاهيمها بعيدة جدا عن الأفكار القويمة الصحيحة، وهذا دليل على أنها من صنع خيال الهراطقة، ومن ثم وجب ألا تحسب بين الكتابات المزيفة فحسب، بل يجب أن ترفض كلية باعتبارها سخيفة ونجسة" (10). وقال فوتيوس بطريرك القسطنطينية في النصف الثاني من ق 9(11) "أن لغتها خالية تماما من النعمة التي تتميز بها الأناجيل وكتابات الرسل، وغاصة بالحماقات والمتناقضات". ثم يختم بقوله أنها تحوي "عشرات الآلاف من الأشياء الصبيانية التي لا تصدق، السقيمة الخيال، الكاذبة، الحمقاء، المتضاربة، الخالية من التقوى والورع، ولا يجافى الحقيقة من ينعتها بأنها نبع وأم الهرطقات" (12). كما أن العلماء، علماء هذا العصر، الذين قال عنهم هذا الكاتب أنه سيكون لهم "من الحكم عليها والاستنباط منها بطرق العلم الحديثة المصونة بسياج الحرية والاستقلال في الإرادة مالا يأتي مثله من رجال الكنيسة الذين اختاروا تلك الأناجيل الأربعة ورفضوا ما سواها لم يتركوا هذه الفرصة، بل درسوا هذه الكتب وحللوها وأثبتوا فسادها وأن الكنيسة كانت علي حق عندما رفضتها"، قد قاموا بدراستها بالأسلوب العلمي، الذي قال عنه، وتأكدوا من فسادها وزيفها وأنها تحتوى على قليل من الفكر المسيحي والكثير من الفكر الوثني والإيمان بآلهة عديدة لا حصر لها وأن كانت تؤكد على عدة حقائق في صلب وجوهر الإيمان المسيح صدمت هذا الكاتب وأمثاله وأحبطت أمالهم في أن تأتي هذه الكتب بما يضاد ألوهية المسيح وصلبه وفداءه للبشرية أو كما تخيلوا أنها يمكن أن تتكلم على نبي سيأتي بعد المسيح!! قال د. سويت، في تعليقه علي إنجيل بطرس (لندن 1893) "انه حتى التفاصيل التي تبدو جديدة تماما أو التي تتعارض مع الأناجيل القانونية، يمكن أن تكون مأخوذة عنها. وختم بقوله "أنه بالرغم من الجديد فيها فليس هناك ما يضطرنا لاستخدام مصادر خارجية عن الأناجيل القانونية" (20). وقال بروفيسور أور عن إنجيل بطرس، أيضًا، أن الأصل الغنوسي لهذا الإنجيل يبدو واضحا في قصة القيامة والمعالم الدوسيتية فيها(21). وقال ر. هو فمان R. Hofmann عن كيفية كتابة هذه الكتب الأبوكريفية "أن الطريقة المستخدمة هي نفسها دائما، سواء كان قصد الكاتب أن يجمع ويرتب ما كان طافيا في التقليد العام، أو كان قصده أن يوجد أثرا عقيديا محدد، لقد أنهمك في عمله حقيقة، وبصفة عامة فقد صور ما ألمحت إليه الأناجيل القانونية، أو حول كلمات يسوع إلى أعمال، أو صور إتمام توقعات اليهود الحرفية عن المسيا، أو كرر عجائب العهد القديم في شكل آخر..الخ. لقد أتم العمل وحرص على أن يخفي اسمه ويدمغ كتابه باسم أحد الرسل أو التلاميذ ليعطيه سندًا رسوليًا" (22). أخيرا يقول أ. روبرتس و. ج. دونالدسن أحد محرري موسوعة "ما قبل نيقية" أنه بينما تقدم لنا الأناجيل الأبوكريفية لمحات غريبة عن حالة الضمير المسيحي وأساليب التفكير في القرون الأولى من العصر المسيحي، فان الانطباع الدائم الذي تتركه في أذهاننا، هو شعور عميق للسمو الذي لا يقاس والبساطة التي لا يمكن بلوغها والعظمة التي للكتابات القانونية" (23). القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد من كتاب هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟
المزيد
15 نوفمبر 2018

الكتب المسماة بأسفار الأعمال المنسوبة للرسل

وتتصف هذه الأعمال الأبوكريفية، والمسماة بأعمال الرسل، بالرغم من أنها تأخذ أفكارها الأولى وتنطلق من سفر أعمال الرسل الموحى به وتحتوي على بعض التقاليد التي كانت سائدة في القرون الأولى عن الرسل، والتي تتوه في كم من الروايات الأسطورية وكأنها أبرة في كوم قش، بالمبالغات اللامعقولة وتمتليء بروايات غريبة تسرح في خيال بعيد تمامًا عن الحقيقة، فتروي هذه الكتب معجزات، تزعم أن الرسل عملوها، غريبة وغير معقولة مثل جعل سمكة مشوية تعوم! أو تمثال مكسور يصير سليمًا برشه بمياه مقدسة! أو طفل عمره سبعة شهور يتكلم بصوت رجل بالغ! وحيوانات تتكلم بلغة بشرية! وسماع أصوات من السماء، وهبوط السحب لحماية الأمناء في وقت الخطر! ونزول صواعق تفتك بأعدائهم! وقيام قوات الطبيعة المخيفة من زلازل ورياح ونيران ببعث الرعب في قلوب الفجار. وظهور المسيح بأشكال خيالية متعددة، فمرة يظهر في هيئة رجل عجوز، ومرة أخرى في هيئة فتى، أو في هيئة طفل، وأن كان في أغلب الأحيان يظهر في صورة أحد الرسل، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. وتنادي هذه الأعمال بالامتناع عن العلاقات الزوجية الجنسية، وتدعو لعدم الزواج. بل وكانت هذه الدعوة هي الموضوع الرئيسي في كل هذه الأعمال، وتزعم أن كل جهاد الرسل وغايتهم في الكرازة بل واستشهادهم كان بسبب مناداتهم للأزواج بالامتناع عن العلاقات الزوجية ونجاحهم في إقناع الزوجات بالامتناع عن مخالطة أزواجهن. بل وتنادي جميع هذه الكتب بأن الامتناع عن الزواج، بل والامتناع عن العلاقات الزوجية بين الأزواج، هو أسمى شرط للحياة المسيحية والحياة الأبدية (46)!! هذه الأعمال يصفها أبيفانيوس أسقف سلاميس في القرن الرابع بقوله أن الهراطقة "يقولون أن لديهم أعمال أخرى للرسل، وهذه الأعمال تحتوى على مواد عديمة التقوى جدًا ويتعمدون أن يسلحوا بها أنفسهم ضد الحق" (47). وهذه الأعمال تنقسم إلى مجموعتين المجموعة الأولى والتي كتبت فيما بين القرن الثاني والثالث، وتتكون من خمسة أعمال، والمجموعة الثانية والتي كتبت على غرار المجموعة الأولى وتقليدا لها ابتداء من القرن الرابع، وهي عبارة عن روايات للحياة الرسولية، بل هي سير أقرب منها للأعمال. من الكتب المنحولة: الخمسة أعمال الأولى للرسل روايات الحياة الرسولية الأبوكريفية الكتب المسماة بالرسائل المنسوبة للرسل الكتب المسماة بالرؤى المنسوبة للرسل كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد من كتاب هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل