المقالات

10 نوفمبر 2020

تَذْكَارُ الأرْبَعَةُ الأَحْيَاءُ غَيْرُ المتَجَسِّدينُ

أربعة كائنات سماوية حية، لكل منها وجه ، تتشفع في جنس البشر وحيوانات البرية وحيونات الحقل وطيور السماء، في صورة (وجه أسد وثوَر وإنسان ونسر).كائنات قريبة من الله له المجد أكثر من سائر الروحانيين السمائيين... ويرى الآباء في هذة الوجوة إشارة إلى الأناجيل الأربعة التي تدخل بالنفس إلى الخلاص فتتمتع بالملكوت السماوي، لا كأمر خارج عنها بل من داخلها، وتصير هي مَقدِ سًا للرب، وأشبه بمركبة نارية حاملة الله القدوس فيها.هذة الكائنات السماوية الحية غير المتجسدة لها أجنحة؛ يسترون بها عيونهم من بهاء عظمة مجد الله... تتحرك في كل الاتجاهات حاملة للعرش الإلهي ولا ظهر لها بل كلها وجوه وأعين دائمة التطلع للعرش بلا انقطاع، في حضرة دائمة ولقاء لا ينقطع.إنهم الأربعة الأحياء يشفعون وينشرون تمجيدهم في أربعة أقصاء جهات المسكونة الأصلية في الخليقة لأطراف الدنيا كلها، وهم قرون المذبح الأربعة دائمو التشفع ونطق الكرامة على أجنحة الرياح، الرب هو إكليلهم وهم مركبته... يصيحون بلا سكوت قدوس قدوس قدوس الحي إلى أبد الآبدين.أصواتهم وحركتهم مرعبة كصوت مياه كثيرة وكصوت جيش يصيحون تسبحة الغلبة والخلاص ، مملوؤن أعينًا ومخز نًا للمعرفة ، متلألئين كالبرق ، قريبين من الحمل ، وتسبحةالثلاثة تقديسات هي غذاؤهم وشبعهم " الله الآب القدوس والابن الوحيد القدوس والروح القدس القدوس " .يعطون المجد والكرامة والشكر للجالس على العرش الحي إلي أبد الآبدين؛ بالتقديس المثلث لإلهنا من أجل قداسته وقدرته وأزليته وسرمديته المطلقة. بطلبات الأربعة كائنات الأمراء الذين لضابط الكل والمفسرين الذين لملكوت السموات المسبحين للثالوث حاملي الكراسي؛ الذين أعطاهم السلطان أن يطرحوا العدو... الحيوان الأول طرح العدو، والثاني نزع قوته، والثالث جرده من حُلته، أما الرابع أنزله من علو السماء. بطلباتهم يارب أنعم لنا بغفران خطايانا.. القمص أثناسيوس جورج كاهن كنيسة مارمينا فلمنج الاسكندرية
المزيد
23 مارس 2021

رُجُوعٌ إلىَ بَيْتِ الآبِ

تضع الكنيسة إنجيل الابن الضال ضمن عبادة الصوم الكبير؛ لأن الصوم دعوة ومنهج للاقتداء بالمسيح مخلصنا كي نتبعه ونأخذ حياته لنا، حتى ننجو ونظفر ونُخرس خصمنا بالصوم والصلاة... لذلك كان تدبير الصوم قانونًا جماعيًا لكل أعضاء جسد الكنيسة... مثلما الرأس. ففِعل الصوم فعل إلهي ومُلزم في الاقتداء به، نتعلمه من السيد الرب كباكورة وكسابق من أجلنا، لأنه صار مثلنا لكي نصير مثله، نسير وراءه ونكون له تلاميذ مؤمنين بالأعمال التي عملها؛ نعملها من أجل اسمه ونثبت معه في تجاربه كي يُثبِّت هو لنا ملكوتًا؛ فنسير مسيرة صومنا كاملة؛ ولا نقف عند مظهر الصوم؛ بل نعود إلى حياة الفردوس. لقد خُلقنا لكي نحيا في الفردوس؛ بيت الآب؛ ولكي يكون لنا شركة شخصية حقيقية معه؛ لأنه أعطانا نعمة لأجل أن نعيش في رتبة ودالة البنين، إلا أننا بسقوطنا وابتعادنا انتقلنا من الفضيلة أصلنا الأول؛ وانحدرنا إلى الخطية والنفي للكورة البعيدة... الخطية هي الأحدث؛ هي العصيان والابتعاد والمشيئة الذاتية؛ هي الخطية الجدّية؛ بل وكل خطية؛ تؤدي بنا إلى فقدان شركة الاتحاد بالله. فالابتعاد عن الله هو الموت؛ وبعيدًا عن الله نكون أمواتًا بالذنوب والخطايا، حياتنا تافهة مُشرَّدة عارية من النعمة وفاقدة لنموذج جمالها الأصلي، تتمرغ من الشياطين حيث الخنازير والروث والخرنوب... مسجونة في سجن الفناء والفساد. لكن رجوعنا إلى الكنيسة؛ فردوسنا وبيتنا الروحي يزرع فينا قمح التعقل وكرمة الخلاص بعد القحط والحرمان. لقد عاد الابن الضال بعد أن ترك عنفه وعناده واعتداده... عاد بعد أن تطاول على أبيه وطالبه بالميراث؛ بينما هو بعد حي. عاد بعد أن بدد وزناته وطاقاته... غير أمين فيما في يديه من نِعم ومواهب؛ لكنه رجع بالتوبة إلى الأحضان الأبوية؛ ليظهر لابسًا الحُلة الجديدة وخاتم البنوّة؛ متمتعًا بالوليمة المجانية في بيت أبيه؛ وبالصورة الأولى الملوكية التي طمستها الأهواء والخطايا وطريقة عيش الكورة البعيدة... إنه ليس بالقليل؛ لأنه ابن ووارث لنور النعمة الدائمة؛ لذلك قبله أبوه وفتش عليه وعانقه وحمله إلى كنيسته؛ التي هي بيته ومستشفاه؛ ليشفيه بمراهم وأدوية الخلاص... يحمله على منكبيه التي هي ذراعا صليبه؛ حيث وُضعت خطايانا على الخشبة المُحيية؛ ففرحت الملائكة والطغمات بخلاصنا... رفعنا ليس من تراب الأرض؛ بل من تحت الأرض؛ من أسافل الجحيم والانحطاط؛ ليردنا إلى بهجة خلاصه مع بقية شعبه؛ لأننا موضع عنايته؛ منتمين إليه وهو الذي يُعيدنا إلى شركته الأبوية برجاء حي لا ينقطع. عاد الابن الضال بعد أن خرج من بيت أبيه؛ حاسبًا أن حريته في إرادته المنحرفة التي أوصلته إلى الجوع الكياني وعبودية المذلة، وبعد أن بدد حياته ووزناته بعيش مُسرف؛ واستغلها في الشر وفي معاشرة طريق الأشرار... بدد كرامته الروحية كإبن؛ ولازم الأُجَراء والغرباء؛ وكان معهم تحت نير؛ جاحدًا نعمة البنوة المجانية؛ تاركًا بيت الآب... وهكذا كل من يبتعد عن الكنيسة يبدد ميراثه؛ إذ لا خلاص لأحد خارجها؛ وهي البيت والميناء والحظيرة والمستشفى والفُلك الحقيقي؛ مَن يبقى خارجها هو خارج مُعسكر المسيح. عندما يسافر كل ابن ضال إلى الكورة البعيدة؛ إنما يترك بغباوة الحياة السماوية؛ يهرب من الله ويتركه منفصلاً عن مشيئته؛ متكلاً على ذاته؛ متغربًا عن إخوته؛ رعية وأهل بيت الله؛ حيث الفراغ والخواء والاكتئاب ومرارة الحسرة؛ حيث مجاعة الأعمال الصالحة والسلام والمسرة التي من السموات... والابتعاد عن النور والحق والماء والخبز والحياة وكنوز الحكمة والعلم والخيرات السماوية... فهناك تكون شهوات أطعمة الخنازير والخرنوب مع أولئك الذين آلهتهم بطونهم. لكننا عندما نحاكم أنفسنا ونرجع إليها ذلك لأننا تركناها؛ لذا نرجع إليها؛ نرجع إلى عقولنا؛ بعيدًا عن التمزق والذهن المرفوض؛ نلوم أنفسنا ونراجعها؛ فنرجع إلى حالتنا الأولى التي سقطنا منها؛ نعود من الهلاك إلى الوجود ومن المنفىَ والاغتراب إلى المسكن... من الحرمان إلى الوفرة؛ من الخِنزيرية والشهوانية إلى القداسة والكمال. من اليُتم والموت إلى الأبوة والحياة. نرجع إلى أنفسنا مدركين الشرور التي نرتكبها؛ ونبكتها على خطاياها؛ ونقف على حقيقة ضعفنا وذلنا ومسكنتنا؛ التي أسقطتنا من رتبتنا إلى أحطّ الدرجات؛ وعندئذٍ نتطلّع إلى غنىَ ومجد وخلاص أبينا السماوي؛ واثقين أنه يهبنا البركات ويقبلنا لا كعبيد وأجراء؛ بل كأبناء وورثة؛ حتى ولو رجعنا في الهزيع الأخير مع أصحاب الساعة الحادية عشرة... يدفع لنا ذات الأجر؛ ويهب لنا ذات الحياة؛ ولا يشاء هلاكنا جوعًا وعوزًا ومهانة... لكنه يُعيدنا من المنافي ويُدخلنا إلى منازله الكثيرة؛ ما دُمنا قد قمنا لنرجع إليه (أقوم وأرجع إلى أبي). فمشاركتنا وتجاوبنا في المسيرة يهبنا القيام من سقطتنا ويُدخلنا إلى سر معرفته من قوة إلى قوة ومن مجد وراء مجد؛ ومن نعمة فوق نعمة؛ لأن الغمر ينادي غمرًا؛ معترفين بخطايانا "يا أبي أخطأتُ إلى السماء وقدامك ولستُ مستحقًا بعد أن أُدعىَ لك ابنًا؛ اجعلني كأحد أجرائك" (لو ١٩:١٨)؛ لأن كل من يتوب ويعترف هكذا يُحسب مستحقًا لأكثر مما يطلب.. ويقبله الآب لا كأجير ولا كغريب؛ بل كإبن يُعيده إلى الحياة كما من الموت؛ ويحسبه أهلاً للوليمة وللثوب السابق النفيس... بدلاً من الفساد يلبس ثوب عدم الفساد؛ وبدل الجوع يُطعمه العجل المسمَّن؛ وبدل السفر البعيد يُسكنه مواضع الراحة ويترقب عودته ويكسي عُريه؛ ويزين قُبحه بخاتم المجد. إن احتياجنا للتوبة والخلاص تقابلها محبة الآب السماوي؛ الذي غلبته محبته وتحننه؛ لأنها طبيعته... أبوته لا تقهرنا ولا تُلزمنا بالرجوع؛ لكنها تقبلنا متى أردنا ومتى رجعنا... يرانا ويركض نحونا مسرعًا... يقبلنا ما دمنا نُقبل إليه تائبين ومعترفين بزلاتنا. لا يرفضنا ولا يوبخنا ولا يحسبنا كأجراء؛ بل يكرمنا كأبناء ويعانقنا ويُقيمنا في بيته ويفك نير خطايانا ويمنحنا عطاياه الأبوية: الحُلة الأولى؛ وخاتم اليد؛ وحذاء الأرجل؛ والعجل المسمَّن في وليمة دسمة مُحاطة بالملائكة وفرح السمائيين. فبالرغم من أننا عندما ضللنا لم يعُد لنا أي أحقية شرعية ولا أي نصيب عند أبينا بعد أن تركناه وانفصلنا عنه بجفاء وجفاف؛ وبعد أن جرّدنا أنفسنا من كل مشروعية؛ وبعد أن بذرنا كل ما يخصنا؛ واحتقرنا بنوّتنا لله؛ وشوهنا صورة واسم وكرامة البنوة؛ إلا أنه يقبلنا ولا يتركنا نهلك جوعًا؛ حالما نأتي إليه وندخل إلى وليمة مصالحته في سفينة النجاة. هناك نخلع الرداء المُميت وفساد الطين لنلبس الحُلة التي أمر الآب أن نلبسها؛ تلك الحلة الروحية الأصلية؛ التي هي لُباس العُرس المصنوعة من نار الروح القدس والمنسوجة من الماء التطهيرية؛ فنتزين ونُولد من جديد؛ من رحم الكنيسة؛ وكاننا نأخذ حياة من أم بيولوچية؛ بعد أن تركنا ظلمة الكآبة المثلثة التي لليأس والجهل العقيم... ونقتني خاتم عُربون الشركة والعهد الروحي والتبنّي... ونجعل الحذاء في أرجلنا كقوة؛ حتى لا يجدنا الشرير حُفاة فيضربنا بسهامه؛ بل ندوس عليه تحت الأقدام؛ حاذين أرجلنا باستعداد إنجيل السلام؛ ثم نتقدم إلى الوليمة المسمَّنة لنأكل ونفرح بدواء وقُوت الخلود؛ فتمتلئ أفواهنا فرحًا من قبل تناولنا من الأسرار غير المائتة؛ بانضمامنا إلى الجسد الإلهي وشركة الملائكة في تسبيح مُفرح مقترن بالحياة المقدسة التي فيها تسبق حياتنا أفواهنا؛ بتكميلنا للشركة مع الثالوث القدوس؛ الذي يعيد تشكيلنا لنسترجع جمال بنوتنا الأصلي؛ وشبهنا الإلهي؛ ويختم فينا حضوره الفائق (صورة السمائي)؛ وبكل ما أعدده وأنعم به علينا نحن الأطفال الصغار الذين لكنيسته المقدسة. لقد نقش أبونا السماوي أسماءنا على كف يده؛ وجعل لكل واحد منا مكانًا محفوظًا عنده؛ يسعى وراءنا كراعٍ يرعىَ قطيعه؛ وبذراعه يجمع حملانه؛ وفي حضنه يحملنا ويقود المرضعات... يفتشنا عناية ويودعنا الحظيرة؛ يحملنا على كتفيه بصليبه؛ حتى يسهل علينا وعورة الطريق... صانعًا لنا وليمة فاخرة مقدمًا فيها نفسه وعطاياه؛ لنشبع ونفرح؛ فرجوعنا وتوبتنا هو عيد؛ وهو فرحة للسماء والأرض؛ ولولا صليبك يا ربنا؛ ما صار لنا عودة وقبول وحياة من بعد موت (كان ميتًا فعاش)... تركض وراءنا طافرًا على الجبال قافزًا على التلال... تتطلع من وراء الكوى وقد امتلأ رأسك من الطل ومن ندى الليل؛ وعند رجوعنا إليك تترك لنا ما علينا؛ بعد أن بددنا كل شيء؛ وتقبلنا بعد أن أدرنا لك ظهورنا؛ وتعيدنا إلى رتبتنا ومركزنا الأول بمقتضى رحمتك يا محب البشر الصالح. القمص أثناسيوس جورج كاهن كنيسة مارمينا فلمنج الاسكندرية
المزيد
25 مارس 2021

الصوم عقيديًا

هبت على الكنيسة رياح تعاليم غريبة ولكن المسيح الذي اقتنى كنيسته بالدم الكريم قال للريح "اسكت إنكم. فسكت الريح وصار هدوء عظيم" (مر 4: 39)، ومازال المبتدعون والهراطقة والطوائف التي ارتدت عن الإيمان المسلم لنا مرة بالإنجيل (مت 24: 11 وتسا 2: 3).. ينكرون الصوم غير محتملين التعليم الصحيح، بل حسب شهواتهم الخاصة يجمعون لهم معلمين مستحكمة مسامعهم مقاومين الحق الإلهي الكتابي، يجب علينا أن نصحو لهم نعرض عنهم لأنهم إخوة كذبة يندسون بيننا لخداعنا (غلا 2: 4) مستمسكين بالتعاليم التي تعلمناها (2 تسا 2: 2، 2 تيمو 4: 3) ولكي نحفظ وديعة الإيمان التي تسلمناها، من أجل خلاص أنفسنا وخلاص الذين نخدمهم وخصوصا في المناطق الشعبية النى نخدمها والتي تنتشر فيها هذه الأفكار المسمومة، لابد لنا أن نرجع إلى كلمة "كيريجما" الكتاب المقدس لأن كنيستنا كنيسة إنجيلية، وجميع عقائدها تستمد أصالتها ونقاوتها من الإنجيل، إنجيل خلاصنا الذي به نقاوم ونغلب المعاندين (أف 1: 13). * عقيدة الصوم عقيدة إنجيلية * أصوام جماعية * الأنبياء والرسل صاموا (الصوم في العهدين) * عقيدة الصوم عقيدة إنجيلية الجنس الشرير من الشياطين لا يخرج إلا بالصوم والصلاة (مت 17: 21). صوم الأربعين صوم كنسي رئيسي رسمه وصامه السيد المسيح (مت 4: 2). ومتى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائيين فإنهم يغيرون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين (مت 6: 16). الأصل في الصوم هو الانقطاع وذلك في معجزة إشباع الأربعة آلاف (مت 15: 32). لكن ستأتي ساعة أيام يرفع العريس عنهم حينئذ يصومون (مت 9: 16). الصوم سيرة ملائكية (مر 1: 2). وإن صرفتهم إلى بيوتهم صائمين يخورون في الطريق (مر 8: 3). الصوم موضوع من قبل رب المجد يسوع (مر 2: 20). الصوم في الكنيسة الأولى (أع 13: 3). الصوم والبركات الروحية (أع 9: 9). وفى الصوم نظهر كخدام لله (1كو 6: 5). ويتذرع البعض في إنكارهم للصوم بقول بولس الرسول:- "إنه في الأزمنة الأخيرة يرتد قوم عن الإيمان.. آمرين أن يمتنع عن أطعمة خلقها الله".وفى الواقع هذا لا يشير إطلاقًا إلى بطلان الصوم بل يشير إلى بدع نادى بها بعض الهراطقة تدعى نجاسة بعض الأطعمة وتحريم الزواج.. مانعين عن بعض الأطعمة، ألا أنها ليست محرمة أو نجسة، بل القصد من الامتناع عنها قمع الجسد وإذلاله وترويضه وإخضاعه للروح والسيطرة عليه بالإمساك عن بعض الأطعمة (1كو 9: 27). * أصوام جماعية ونجد أن الشعب صام كله في أيام الملكة إستير (إس 4: 3)، وصام الشعب بنداء عزرا الكاهن (عز 8: 21)،وكذلك في أيام نحميا (نح 9: 1)، وصام الشعب أيام يهوشافاط (2 أي 20: 3)، وصام الشعب أيام يهوياقيم بن يوشيا (أر 36: 9). وكذا أيام يوئيل النبي (3: 5)، وأيام يونان النبي (يون 3). * الأنبياء والرسل صاموا (الصوم في العهدين) صام موسى النبي (خر 40: 28)، وإيليا النبي (1 مل 19: 8)، وداود النبي (مز 35: 13 & مز 69: 10 & مز 109: 24 & 2 صم 12: 16). وصام دانيال النبي (دا 9: 3)، وصام حزقيال النبي أيضا (حز 4: 9). وصام نحميا النبي (نح 1: 3)، وكذا عزرا الكاتب والكاهن (عز 8: 21). وعن صوم بطرس الرسول (أع 10: 9). الصوم فعل روحاني وجهاد ممدوح (1كو 9: 27). صوم بولس الرسول (2كو 11: 27). وأوصى الرب الإله أدم قائلا من جميع شجر الجنة تأكل أكلًا، وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها (تك 2: 16). وكان موسى هناك عند الرب أربعين نهارا وأربعين ليلة لم يأكل خبزًا ولم يشرب ماء (خر 34: 28). وأخذوا عظامهم ودفنوها تحت الأثلة في يابيش وصاموا سبعة أيام (1 صم 31: 13). فسأل داود الله من أجل الصبي وصام داود صوما وبات مضطجعًا على الأرض (2صم 12: 16). ونادوا يصوم واجلسوا نابوت في رأس الشعب (1 مل 21: 9). وناديت هناك بصوم على نهر أهوا لكي نتذلل أمام إلهنا لنطلب أمام إلهنا لنطلب منه طريقا مستقيمة (عز 8: 21). اجتمع بنو إسرائيل بالصوم وعليهم مسوح وتراب (نح 9: 1). كانت مناحة عظيمة عند اليهود وصوم وبكاء ونحيب (أس 4: 3). أذللت بالصوم نفسي (مز 35: 13). وأبكيت بصوم نفسي فصار ذلك عارًا على (مز 69: 10). ركبتاي ارتعشتا من الصوم ولحمى هزل عن سمن (مز 109: 24). أليس هذا صوما اختاره حل قيود الشر (أش 58: 3-7). في بيت الرب في يوم الصوم (أر 36: 6). فوجهت وجهي إلى الله السيد طالبا بالصلوة والتضرعات والمسح والرماد (دا 10: 3). هكذا قال رب الجنود أن صوم الشعر الرابع والخامس والسابع والعاشر يكون لبيت يهوذا ابتهاجًا وفرحًا وأعيادًا طيبة فأحبوا الحق والسلام (زك 8: 18). وحنة النبية (لو 2: 27)، وبطرس الرسول (2كو 11: 27 & 2كو 6: 5 & أع 14: 23)، وكرنيليوس (أع 10: 30) كلهم صاموا. ورب المجد يسوع نفسه صام عنا أربعين يومًا بسر لا ينطق به وأوصى بالصوم (حينما يرفع عنهم العريس حينئذ يصومون) (مت 9: 10). القمص أثناسيوس جورج كاهن كنيسة مارمينا فلمنج الاسكندرية عن كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير
المزيد
01 ديسمبر 2020

هِبَةُ الحَيَاةِ المُقَدَّسَةِ

(رِسَالَةُ تَشْجِيعٍ) الحياة هبة مقدسة منحها الله للبشر الذين عليهم أن يتلقفوها ويكرموها ويقدمونها مجددًا إليه تعبيرًا عن فرادتهم كخليقة حية. أعطانا الله العقل لنكون شركاء اللوغوس (عاقلين) نحيا حياة إلهية. فمِن الله خالقنا وفادينا أخذنا أصلنا، أصل حياتنا، نحن جبلته وصنيعة يديه وهو العامل فينا أن نريد وأن نعمل من أجل المسرة، نعترف بنعمته وجُوده وإحسانه ونتجاوب مع عمله الإلهي معنا، نقرّ بنعمة الشفاء الخلاصي التي نلناها، نامين في الفضيلة والجهاد حتى لا نكون قد أخذنا النعمة عبثًا، بل نكون من الذين تاجروا بالوزنات واستثمروا النعمة التي أخذوها. استجابتنا ونموّنا ينبعان أساسًا من المبادرة الإلهية، لأن الله خلقنا وميّزنا بالحرية والعقل والإنجاز. إنه أحبنا أولاً، أحبنا فضلاً، أحبنا ونحن خطاة، إنه يظل معنا لا يتركنا ولا يهملنا ولا يتخلىَ عنا ولا يُقصينا بعيدًا، وعدم أمانتنا لا يُبطل أمانته... إنه أبو الرأفة والمراحم، إنه فينا رجاء المجد، إنه يحل في قلوبنا بالإيمان، ومَن يُقبل إليه لا يُخرجه خارجًا، إنه لا يشاء موت الخاطئ مثلما يرجع ويحيا.إرادتنا هي قلع المركب التي تحركها الريح، المحرك لمركب حياتنا، إمّا إلى بَر الأمان للمسيح ميناء الخلاص للذين في العاصف، وإما للهلاك بعيدًا، لأننا نُبحر في بحر هذا العالم المتلاطم وفقًا لإرادتنا الحرة كما بواسطة الريح، وكل واحد يوجِّه مساره حسبما يريد، إمّا أن يكون تحت إرشاد الكلمة ويقبل نعمة الخلاص ويتجاوب معها ويجاهد قانونيًا فيدخل إلى الراحة والنعيم الأبدي، أو أن تتحطم سفينته ويهلك في العاصف. إرادتنا حُرة في اختيارها وفي قبولها للتناغم والانسجام والتجاوب مع نعمة الكلمة. فالذين يذهبون إلى الملكوت هم الذين سعوا لذلك، والذين ينحدرون للجحيم هم الذين تقسّوا وازدروا.الله يشترك في العمل مع عبيده في كل عمل صالح، نعمته تؤازرنا وتعين ضعفنا وتكمل نقائصنا وتقودنا في مسيرة حياتنا وتسند كل عمل خير فينا، فعندما نصنع الخير ونتقدم إلى ما هو قدام، هذا ليس من أنفسنا، بل من الله صانع الخيرات الإله المحب الوحيد الحكيم. عندما نصير متمثلين به، إله معونتنا وناصرنا وملجأنا وحياتنا الأبدية معًا، به نصنع ببأس (مز ١٢:٦٠) وبه ندوس أعداءنا (مز ٥:٤٤) الخفيين والظاهرين.أعطانا نعمة الحياة والخلود وأوصانا أن لا نفشل لأننا رُحِمنا... أعمالنا به معمولة، فمنه وبه وله كل الأشياء قد خُلقت... إرادته قداستنا وسلامنا وخيرنا، وهو عينه المتكلم فينا بروحه القدوس، فلا يقدر أحد من معاندينا أو مقاومينا أن يُخيفونا، ولا سلطان لأحد على أرواحنا، لأنه قد وهبنا جدّة الحياة وروح النصرة والغلبة حتى لا نفشل... لسنا هالكين ولا خائرين ولا مهزومين ولا مأزومين لأن رجاءنا فيه لا يخزَى، ولأن انتصارنا يعظم بفصحنا الذي أحبنا وفدانا، ويقودنا كل حين في موكب نصرته، والضامن لعهد أفضل.إنه أنعم علينا بالحياة واتخذ شكل العبد لأجلنا، وجعلنا بنين وورثة ورعية مع القديسين وأهل بيت الله، لا عبد ولا سيد، بل الجميع حُر في المسيح الكل وفي الكل... وضع علينا ختمه بشكل واحد للجميع، وأعطانا الوديعة الصالحة (وديعة الإيمان) لنحيا ونعمل ونوجَد ونتاجر بالوزنات ولا نطمرها... ونعمل بحسب معطيات المواهب ووسم المِسحة والأسرار الموهوبة لنا، بعيدًا عن الفراغ واللامعنى في حوار بنّاء مع الإعلان الإلهي وقبول البشارة المفرحة القادرة أن تحرر كياننا وتطلق أنفاسنا لنستنشق هواء الأبدية وحياتها، فلا نرتاع أو نخور أو نرتدّ.لقد أتى بنا الله من العدم إلى الوجود وأعطانا نعمة الخلقة وأعاد خلقتنا بخلاصه لنتبعه ونقتني بهجة وسلامًا وعزاءًا وصبرًا وفهمًا ودالة، ونتزيّن بالفضيلة... لذا كل من يدرك قيمة نعمة الحياة الفائقة لا تأتيه أفكار الابتآس والفراغ والانتحار واللامعنى، تلك التي يقع فيها الهالكون!!! بل يتزين بالمعرفة الصافية ويلجأ بنفسه إلى الله فيستريح، فكلما نحمي نفوسنا بالضمانات الروحية وبوسائط النعمة ونُعدّ قلوبنا بالتجليات الروحية العالية، نصير أرضًا مُفلَّحة ببذار الزارع الإلهي، ونستقبل ندَى النعمة ومطر الروح ونستدفئ بأشعة شمس حياة البر ونتذوق كم أن ربنا صالح للذين يطلبونه وطيِّبٌ للذين يتوقعون بسكون خلاصه.إن عالم اليوم الحاضر الذي يؤمن بالتكنولوچيا إيمانًا أعمىً، هذا العالم الذي يُعاني من الشجار والتلوث الذهني والفكري والروحي، هذا العالم المادي الطاغي الذي وُضع في الشرير، أصبح مستقبله مجرد تكرار مُملّ وهابط للماضي... كرَّس الانعزالية والفردية وضحّل قيمة حياة وروح الإنسان، فتزايدت أعداد البائسين واليائسين بل والمنتحرين، وسط ضجيج الأفكار والمخاوف المتخبطة، يجعلنا بالأحرَى أن نتمسك بوعود رجائنا، ونرفع أفكارنا ونتأمل نعمة الحياة الكائنة فينا، لأننا هيكله وروحه يسكن فينا (١ كو ١٦:٣)، لنا كرامة الإنسان الجديد الذي تقدس وتأصّل بالنعمة، والذي يحيا بكل كيانه الداخلي في الحضرة الإلهية، فيتصور فينا المسيح، ونكون به أعظم من منتصرين، ونُحلِّق على أجنحة النسور، وترتسم في نفوسنا صورة بهاء البر والقداسة، فتتغير أجسادنا وأرواحنا وقلوبنا وعقولنا وأفهامنا ونياتنا بالقوة التقديسية التي تنبثق من عند الآب لتكملنا جميعًا وترسم طبيعتنا بالتمام على جمال الأصل. القمص أثناسيوس جورج كاهن كنيسة مارمينا فلمنج الاسكندرية
المزيد
25 سبتمبر 2020

صَليبُكَ

صليبك موضع جدال منذ صليبك٬ لكنه أعجب معجزاتك الإلهية٬ فلولاه لَمَا بطل الموت ولا انحلت الخطية ولا انهدم الجحيم ولا انفتحت أبواب الفردوس صليبك هو اقتدارك ونصرتك التي أظهرتها أمام الخليقة كلها. أطراف صليبك جمعت العلو والعمق والطول والعرض ما يُرى وما لا يُرى. صليبك هو مجدك الذي به تمجدتَ وهو قمة خلاصنا ومصدر كل الخيرات٬ وبواسطته صرنا مقبولين بعد أن كنا منبوذين ساقطين٬ صرنا عارفين للحق وارتفعنا من عمق الخطية إلى قمة الفضيلة.... صليبك هو ختم حمايتنا وضمانك وصنعتك التي بها لايمسنا مُبيد الكل٬ من صليبك فزعتْ الشياطين وهربت فارة٬ صليبك هو زينتنا وفخرنا لأنك ارتفعت عليه ليس تحت سقف ما يظللك٬ بل سماء. صليبك عالٍ مرتفعٌ أنرت به على الجالسين في الظلمة. سال عليه دمك الذكي الكريم فطهر كل أدناس العالم.... ذبيحتك مسكونية أدخلت بها المؤمنين بك إلى الفردوس٬ حالما فتحت الفردوس المُغلق وأدخلت كل لص شاطر يغتصب الملكوت٬ صليبك هز أركان الطبيعة٬ شقق الصخور وأخفى لمعان الشمس والنجوم لأنك ضياء السماء والأرض كلها وهما مملوءتان من مجدك الأقدس٬ صليبك مزق الذنوب وفك النفوس من قيد الأثيم القبيح وربطنا بخيط محبتك ونجانا من اللعنة والعبوس فصار لنا مرساة الرجاء٬ صليبك هو العمود المبارك المثلث الغبطة الذي بسطت عليه جسدك لتعتق كل المائتين. صليبك هو فخر المؤمنين وجمال الرسل ومعونة كل الذين يعاينون حياتهم معلقة تجاهه٬ ومنه ينبُع المشروب الإلهي. إننا نرفعه رافعين أيادينا وسط أتون هذا العالم الحاضر٬ باسطين أيادينا في جوف الحوت برسم آلامك الخلاصية متطلعين إلى نجاتنا من أفواه الأسود ومن الذين يريدون أن يقطعوننا من أرض الأحياء. ولا زال صليبك يُقاوَم من الكارهين لإسمك (اصلبْه اصلبْه) والذين كانوا أيضاً منذ ولادتك أتوا ليهلكوا الصبي ولا زالوا إلى الآن كارهين كنيستك ورافضين خلاصك الثمين بينما صليبك هو فعل محبتك لهم وافتقادك للعالم٬ وهو ليس علامة سكون لكنه علامة حركة ذراعك الأبدية المفتوحة كي تصطاد وتضم كل من يُقبل إلى دائرة خلاصك٬ لذا لم نَعُد نحمل صليبك فقط بل صليبك أيضًا يحملنا. إن صليبك هو السيف القاطع لقرون الشيطان٬ قوته غير مقهورة وعجائبه خلاصية من الضغطة والشدائد والدينونة٬ إنه قوة - (ديناموس)(دينامو) - ومصدر حياتنا وطاقتنا ونمونا وهو القوة الإلهية التي تسند غربتنا منذ ولا دتنا حتى رُقادنا. لقد أشرق نور صليبك عندما أظلمتْ الأرض٬ فلا عتامة ولا ظلمة ولا ضبابية ولا كتمان ولا تضليل. إنك لم تترك صليبك على الأرض بل أخذته وأصعدته معك إلى السماء لأنك ستُحضره معك في مجيئك الثاني ليضيء ثانية عندما تتزعزع قوات السموات في الدينونة. ستأتي حاملاً صليبك المُحيي٬ ستُحضره معك وسيعرف الذين صلبوك ورفضوك وكذّبوك (ما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبِّه لهم) مقدار جحودهم وجهالاتهم وشرهم٬ وستنوح شعوب الأرض كلها عندما ترى جراحاتك وجنبك المفتوح وعندما ينظروا الذي طعنوه. القمص أثناسيوس چورچ
المزيد
24 نوفمبر 2020

المُشَرَّدُونَ فِي الأَرْضَ

بسبب ويلات الحروب الأهلية والإرهاب الدموي؛ نزح ملايين البشر ، ولازالت الإحصائية الرسمية للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشئون اللاجئين UNHCR غامضة بشكل مطلق بسبب التواتر المتزايد لعمليات التشرد واتساع دوائر المخيمات المكتظة بالنازحين، فمن وجهة اجتماعية يحتاج هؤلاء البشر إلى المأو ى والمأكل والكساء والمياة والإسعافات والخدمات الطبية والتعليم المدرسي؛ الأمر الذي عجزت عنه برامج الغذاء العالمي World Food Programme . الاحتياج الأهم من كل هذا هو حل أزماتهم السياسية التي عقدتها عصابات الأصولية الدموية والمصالح والقوى والفتوات والتشابكات الدولية والإقليمية. مما جعل جحيمهم مستمرًا بلا أي أفق وسط مناخ غاية في الصعوبة؛ يعكس عطش العالم كله للحق والعدل والصلاح والجمال، بل يعكس عطش العالم للمعنى والوجود الذي لا يمكن لأحد أن يتهرب منه، ولا بمقدور أحد أن يصم الأذن أو يغض البصر عنه . العالم اليوم يعيش قانون الغاب "القوي يأكل الضعيف" النمر يأكل الغزال، الذئب يلتهم الحمل، الصقر يقتنص الأرنب، الأسد يفتًرس الجميع، بقاعدة الوحشية، إنتٍ "لي الحق" أن أفتًرسك لأني الأقوى والأشرس. لذلك لا يقاس تقدم الجماعة البشرية بمعيار تقدم العلم والتقنية لكن بقيمة الإنسان، ويقاس بأولية القيم الروحية والأخلاقية؛ حتى ينتصر الضميرالبشري على أغراض الهيمنة والاستعمار والفتوحات والإرهاب الذي سيفنى ويُفقر الإنسان.لقد قل الوعي العام بكرامة الإنسان وبحقه في حرية التعبير والفكر والتنقل والهجرة والجهر بالدين والمشاركة؛ التي هي جوهر كرامة كل كائن بشري ببعده الإنساني التام من غيرانتقاص. إن جميع الأشخاص أُعطُوا عقلاً وإرادة حرة واختيارًا، يلزم على الجميع ضبطها وأتباعها مع جميع أمم الأرض؛ وهو ما تنادي به كنيسة المسيح كضمير لهذا العالم .فهذا العام تحديدًا ترك ملايين من المسيحيين أرض الآباء والأجداد وهجِّروا قسريًا، تخلواعن أرضهم وأرزاقهم ومقتنياتهم وعيشهم الكريم وحضارتهم التي أسهموا في بنائها...حامليين صليبًا ثقيلاً في عيش صعب؛ بعد أن فقدوا كل شيء وخُطفوا وتعذبوا وفقدوا أحباءىم وسلبوا.والآن يعيشوا مصيرا مخيفًا، وصليبهم الأكبر في صمت الأخيار وأصحاب الضمائر عن قضية حياتهم؛ لكننا نضعهم في صلاتنا كل حين وفي أولوية أجندة أعمالنا واهتمامنا،ونقول لهم لستم وحدكم تحملون الصليب... صليب أنكم مسيحيون، فكل منا قيرواني يحمل معكم صليبكم ومهما طال درب الجلجثة فإن أُفق القيامة تحل علينا .إن مسيحنا القدوس اللاجئ الأول، عندما أتى هار بًا إلى مصر من بطش هيرودس الدموي... متغربًا فيها، وقد حُفظت حياته ونجا من مذبحة أطفال بيت لحم ومن يد الناقميين حتى يضمن الحياة للعالم بتدبير خلاصه.ولا زال إلى الآن الذين يطلبون نفس الصبي من أعداء صليبه يسعون قتلاً وحرقًا وإجرامًا وإرعاباً ضد المؤمنيين بإسمه، والحقائق على الأرض مكشوفة أمام الجميع في خديعة الإثم،لكن رجاؤنا عالٍ في ذراع قدس الرب ليعلنها أمام عيون كل الأمم فتًرى كل أطرافها خلاصه وتعمل عمل الدهور كلها... يارب إليك نصرخ يا ضابط الكل أن ترحم جُبلتك التي صنعتها يداك وتجمعها بمراحمك من الشتات. القمص أثناسيوس جورج كاهن كنيسة مارمينا فلمنج الاسكندرية
المزيد
26 سبتمبر 2021

دور الكنيسة في الاستعداد للاستشهاد

كان دور الكنيسة الأساسي الذي قامت به أثناء الاضطهادات المُريعة التي صادفتها خلال الثلاثة قرون الأُولى، هو إعداد أبنائها لاجتياز تلك الاضطهادات التي كانت في عهد الأباطرة المُضطهدين:- (1) نيرون سنة 64 م. (2) دوميتيان سنة 81 م. (3) تراجان سنة 106 م. (4) أوريليوس سنة 161 م. (5) ساويرُس سنة 193 م. (6) مكسيميانوس سنة 235 م. (7) ديسيوس سنة 250 م. (8) ڤالريان سنة 257 م. (9) أورليان سنة 274 م. (10) دقلديانوس سنة 303 م. لكنه سالم الكنيسة منذ تَوَلِّيه سنة 284 م. حتى سنة 303 م.ومن إحصائية قام بها بعض المؤرخين للسنوات التي عاشتها الكنيسة تحت الحرمان والاضطهاد، تبيَّن ما يأتي:- القرن الأول سِت سنوات اضطهاد ، مُقابِل 28 سنة تسامُح. القرن الثاني 86 سنة اضطهاد، مُقابِل 14 سنة تسامُح. القرن الثالِث 24 سنة اضطهاد، مُقابِل 76 سنة تسامُح. القرن الرابِع 10 سنوات اضطهاد ، حتى صدور مرسوم ميلان. فالكنيسة عاشت تحت الحرمان والاضطهاد والمُطاردة ابتداءً من عصر نيرون سنة 64 م إلى سنة 313 م، حتى مرسوم ميلان السلامي الذي أصدره قسطنطين الكبير... ومع أنَّ الاضطهادات لم تكن بدرجة واحدة في العُنف، إلاَّ أنَّ الكنيسة من سنة 249 م حتى تملَّك قسطنطين الكبير ذاقت اضطهادات ومُطاردات ومذابِح عظيمة.وكانت الأجيال المُتلاحِقة تُدرِك تمامًا أنها تعيش تحت خطر الاستشهاد الذي ينبغي الاستعداد له... فكان هذا واجب الأساقفة وقادة الكنيسة من إكليروس وعلمانيين.فكانت تُلقِن أولادها إنهم مُجاهدون لأنَّ حياة المُجاهِد تستوجِب التدريب على النُسك والجهاد ويذكُر التاريخ والتقليد الكنسي أنَّ هناك شُهداء لم يكونوا مُستعدين ولا مُدربين لذلك عجزوا عن الشهادة، وكذلك نجد أنَّ القديس كبريانوس الأسقف والشهيد سنة 249 م يُؤكد على حمل سلاح الله.. فصار تدريب الكنيسة الروحي المُستمر هو الاستعداد للموت وتصفية النَّفْس.وتكلَّم أيضًا العلاَّمة ترتليان عن مبدأ الاستعداد بقوله: يجب أن تجعل النفس تألف السجن وتُمارِس الجوع والعطش وتقبل الحرمان من الطعام حتى يمكن للمسيحي أن يدخل السجن، بنفس الكيفية كما لو كان خارجًا منهُ حالًا، فيصير تعذيب العالم لنا ممارسة عادية... فلنمضي للجهاد بكل ثقة دون جزع كاذِب، وليصير الجسد مُدرع بسلاح فيوجد يابسًا. لذلك نقرأ في سيرِة الشهيد يوحنا الهرقلي أنه عاش كيوحنا المعمدان بتولًا، والشهيد أنبا إيسي من صعيد مصر الذي فضَّل البتولية وحذا حذو أُخته تكلة. القمص أثناسيوس فهمي جورج كاهن كنيسة مارمينا فلمنج عن كتاب الاستشهاد في فكر الآباء
المزيد
01 فبراير 2021

أنْبَا أنْدْرَاوُسُ أُسقُفُ دِمْيَاط (رُوَّاد مدارس أحد إسكندرية)

لمدينة الإسكندرية تاريخٌ ناريّ في الغيرة الإلهية على مدى الأجيال المتعاقبة،وقد استمرت كمركز إشعاع كرازي لخدمة مستنيرة ومنيرة في إيقاظ الحِسّ والإدراك لدوائر واسعة من حولها بالامتداد.أيضًا للإسكندرية تاريخٌ عطريٌ ونورانيٌ في بشارة الكلمة والتعليم، طَبَعَ ملامحه على مدارس الأحد فيها، لتصير مدرسةً للروحانية الأرثوذكسية واللاهوت؛منذ بدايات مدرستها القُدسية الأولى.. ومنهجاً للأخلاق والسلوك الإنجيلي، فكراًومنهجاً وتلمذة آبائية واحدة، وممارسة لحياة الأسرار والذبيحة الواحدة نفسها.لذلك نفخر أننا رأينا وعاصرنا تقوى الخدام وقداسة سيرتهم وعمق معرفتهم الاختبارية، وحفظهم لجدة الإيمان العامل؛ الذي عَبَّروا عن مساره من (أورشليم المخدع - إلى أورشليم النفس - ومنها إلى أورشليم المحيط الخاص).فأنتجت مدارس الأحد السكندرية أيضاً للكنيسة ثمارًا من أفخر الثمار؛ والذين من بينهم القمص موسى البسيط «المتنيح أنبا أندراوس أسقف دمياط »، صاحب الهِمّة والغيرة التي دفعته أن يذهب إلى ضواحي الإسكندرية لخدمتها؛ بأُفُق متسع وبالتحلي بمواهب الروح القدس؛ التي انطبعت على وجهه الملائكي، الذي كان كل من يتطلع إليه وهو في الجسد؛ يرى فيه إطلالة وجه المسيح في الوجود التاريخي؛ويستمع إلى صوته الروحاني العذب؛ منشداً نشيد الأبدية بالأفراح التي ارتسمت على وجهه؛ وطعام الحق خارج من فيه؛ وشرابه الروح الذي يعطيه؛ ونَسِيمه رائحة التقديس التي أغنته عن كل عوز خارج عنه... تاركاً لكُرَّاسات خَطِّيَّة مكتوبة؛كتب فيها التسبحة بقيثارة قلبه العفيف؛ وحنجرته ذات الأوتار؛ عارفاً ما يقوله؛ومزيَّنا بالبهجة المثلثة الطوبىَ؛ أحلى من العسل في حضرة مليكنا؛ الذي دعاه لملكوته وقَصَّر عنه لكي يستريح. لذلك سبق وشهد له قدامىَ الخدام بعد رُقاده؛إنه تدرب على روح السفر والترك؛ روح العبور والغُربة؛ روح الانتقال والارتحال؛للاستعداد المبكِّر للرحيل.كان خادمًا نابغة؛ عاش التقليد الكنسي، وذهب إلى القرى البعيدة؛ مكرِّساً حياته على مذبح البتولية الطاهر في نذر الرهبنة؛ من دون أي تغيير أو استحداث زمني متغير؛ حتى صار ناسكاً وراهباً أسقفاً في الكنيسة الفاخرة، وثمرةً ناضجةً أينعت في حقل مدارس الأحد؛ لتُعِدَّ أجيالاً واعدةً؛ أساقفة وكهنة ورهباناً وخداماًوأراخنة ومؤمنين؛ جميعهم متعلمين من الله. هؤلاء الرواد صاروا علاماتٍ على الطريق؛ جعلوا القديم جديداً؛ والماضي أصبح حاضراً بقوة التجديد والإحياء والنمو؛لأنهم ربيع دائم لا ينطفئ سراجُهُ.وُلد نبيه عزيز موسى في ۱٠ أبريل ۱٩۳٠ م وخدم في مدارس الأحد منذ عام ١٩٤٥ م - تخرج من كلية هندسة (جامعة الإسكندرية) سنة ١٩٥٢ ؛ ثم ترهبن عام ١٩٥٥ م بإسم الراهب موسى السرياني البسيط - عُيِّن سكرتيراً للبابا كيرلس السادس عام ١٩٦٠ م - رُسِم أسقفاً عام ١٩٦٩ م، خدم في اجتماع الشباب الخاص بالإسكندرية عام ١٩٤٧ م بكنيسة العذراء محرم بك. والدُهُ المهندس عزيز وإخوته القمص رويس عزيز والقمص انطونيوس عزيز (بمطرانية البحيرة).اهتم بفروع مدارس الأحد في منطقة غيط العنب وكرموز وكوم الدكة؛ وزامله في خدمتها د. بهجت عطالله والخادم جلال فوزي؛ حتى صار أميناً لخدمتها. تخرَّج من كلية هندسة الإسكندرية عام 1952 م، صَمَّم نافورة مياه باب شرقي بالإسكندرية ونفَّذها؛ ونال عنها مكافأة قدرها ٣٠جنيهاً.عاش راهباً وظل راهباً ومتوحدًا يعيش في سيرة ملائكية مُفعَمة بالمحبة والتسامح والمصالحة؛ متمسكًا بما عنده؛ حتى صار الشبه الإلهي يلمع ويضيء في أفعاله؛وبَقِيَتْ سيرة خدمته تشعّ بنورها؛ يسير على نَسْجِهَا الغروس الجُدُد؛ ويكون المزكَّوْن ظاهرين.كتب رسالة لخادم صديق له يقول فيها:- «لا أحب أن أتدخل في مشاكل أَنْأىَ بنفسي عنها؛ لأن خدمة المسيح فرح وسلام.. أسكبُ نفسي أمام الله كي يحل فيَّ الهدوء، ويُبعد عن خدمة أولاده كل شر، ولا يسمح أن نضيِّع وقتنا؛ فيصبح الجو غيرالجو. هذه الخدمة تكونت بالعرق والتعب؛ وعَصَرَتْ الخدامَ فيها التجاربُ؛ وأكلوا خُبْز الوجع. لذلك لازم نتعلم أن تغيب الشمس ويغيب معها شر اليوم؛ لنستيقظ على توبة وفرح ورجاء لا يُخزىَ .«انتقل أنبا أندراوس الأسقف البسيط تلميذ وخادم مدارس الأحد إلى المجد في غروب يوم ٤ أغسطس ١٩٧٢ م عن عمر ٤٢ سنة، وأحدثت نياحته – (اختطافه بغتة) - أَثَراً عميقاً في قلوب الشعب الذين يذكرونه؛ بالذِكر الحسن كخادم أمين وبسيط؛ مغمور بمحبة الله؛ وقد رأوا فيه وداعة المسيح وهدوءه.. يذكرون سيرته كناسك من طراز نادر في وادي الريان؛ وكراهب وسكرتير للقديس البابا كيرلس السادس؛ وكراعٍ يجتاز في المدن والقرى؛ متجولاً في براري بلقاس ودمياط وكفر الشيخ؛ ليخدم حتى وقت إصابته بالحُمَّى الشديدة التي سبقت خروج نفسه من جسده؛ ولأنه ليس عند الله ما هو من قبيل الصدفة؛ فقد انطبق عليه ما جاء في سفرالحكمة لسليمان الحكيم «أما الصِّدِّيق فإنه وإن تَعَجَّلَه الموتُ؛ يستتر في الراحة .»هذا وقد وُضع جسده في مدفن الأساقفة بدير الشهيدة العفيفة دميانة بالبراري؛ نيَّح الله نفسه الطاهرة؛ ونفَّعنا بصلواته وبركة سيرته. القمص أثناسيوس جورج كاهن كنيسة مارمينا فلمنج الاسكندرية
المزيد
20 سبتمبر 2021

كيف أعدت الكنيسة أولادها للاستشهاد؟

إنَّ الاستشهاد اختبار تَقَوِي يومي يحيا فيه المؤمن، والكنيسة كجسد المسيح المُتألِم، يلزمها قبول سِمَات المسيح الرأس حتى تكون لها شَرِكة الحُب الحقيقي والوحدة التي بين العريس المُتألم وعروسه، بين الرأس والجسد (الأعضاء).لذلك الكنيسة العروس تُكمِّل نقائِص شدائِد المسيح بالألم (كو 1: 24) فالمسيح هو العريس والرأس وحجر الزاوية ولمَّا كانت الكنيسة أُم جميع المؤمنين، لذلك سلَّمت أولادها صراحة الإيمان، وجعلتهم يستعدون للمعركة الروحية غير واضعين أمامهم سوى مجد الحياة الأبدية وإكليل الاعتراف بالرب، غير مُهتمين بما يُقابلهم من عذابات، لأنها ستكون كتلك التي عبرت وانتهت ولأنَّ الحرب قاسية وشديدة تلك التي تُهدد جنود المسيح، لذلك هيَّأتهم ليشربوا كأس دم المسيح اليومي حتى يُعطيهم إمكانية تقديم دمهم مسفوكًا لأجله، لأنَّ من قال أنه ثابِت فيه ينبغي أن يسلُك كما سَلَكَ ذاك (1يو 2: 6).المسيح عريس الكنيسة ورأسها وأُسقفها هو الذي يُتوِج خُدامه الذين أُعِدَّت أفكارهم وحياتهم للاعتراف والاستشهاد... فهو لا يرغب في دَمِنَا بل يطلُب إيماننا.لهذا حرصت أُمنا البيعة المُقدسة على إعداد أولادها للاستشهاد لا بخوف كالعبيد بل بحُب كما يليق بأبناء أحرار، فيا لها من كنيسة مجيدة ومُطوبة تلك التي صار فيها دم الشُهداء مُمجدًا!! لقد كانت بيضاء قبل استشهاد هؤلاء العِظَام، والآن بعد أن أعدَّتهُم الكنيسة للشهادة فشهدوا، صارت قُرمُزية بدم الشُهداء، ولم يعُد ينقُصها زهور بيضاء ولا زنابِق حمراء. لذلك تُجاهد الكنيسة لتُعِد أولادها بجهاد عظيم غير مُتزعزِع لأجل المجد، فينال أولادها أكاليل بيضاء بجهادِهِم في غير زمن الاستشهاد، وينالون أكاليل قُرمُزية مُخضبَّة بدِماء شهادتِهِم في زمن الاستشهاد، عندئذٍ يكون في السماء لكلٍ منهم زهوره التي يتمجد بها جنود المسيح. القمص أثناسيوس فهمي جورج كاهن كنيسة مارمينا فلمنج عن كتاب الاستشهاد في فكر الآباء
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل