المقالات

19 يناير 2024

عيد الظهــور الالهى وايماننا الأقدس

عيد الظهور الإلهى... أهنئكم أحبائى بعيد الظهور الإلهى المجيد وهو من الأعياد السيدية الكبرى فى كنيستنا ويسمى فى اليونانية عيد الأبيفانيا اى الظهور الإلهى ايضا كما يسمى شعبياً بعيد الغطاس المجيد لان السيد المسيح عندما أعتمد كان ذلك بالتغطيس كما نمارسه فى كنيستنا الأن بالتغطيس للذين ينالوا صبغة المعمودية { و للوقت و هو صاعد من الماء راى السماوات قد انشقت و الروح مثل حمامة نازلا عليه} (مر 1 : 10). وهو ايضاً عيد الأنوار الذى فيه أنار الله عقولنا وقلوبنا وارواحنا بنور معرفة الحقيقية ومنحنا الاستنارة الروحية ونقلنا من عالم الظلمة الى ملكوت أبن محبته فى النور . أيماننا الأقدس ... - لقد أعلن لنا الثالوث القدّوس ذاته واضحا فى عيد الغطاس . فإن كان عند نهر الأردن جاء كثيرون معترفين بخطاياهم، فإنه بدخول السيّد إلى المياه انكشفت طبيعة الاله الواحد الذى نعبده دخل الرب يسوع الله الكلمة المتجسد ليعتمد ممثلاً للبشرية الخاطئة ليكشف لنا جوهر لاهوته، فندرك أسراره، لا لمجرّد المعرفة العقليّة،(هنا فى منتدى أم السمائيين والأرضيين تجد الكثير من عظات ابونا أفرايم الأورشليمى). وإنما لنختبر عمله الفائق فينا . نحن نعبد اله واحد ، وحاشا ان نشرك بالله أحد ، وكما لله صفات الكمالات الالهية فان له صفات ذاتية ضرورية لاغنى عنها ومنها . - الكينونة فالله كائن منذ الأزل والى الأبد وهذه الصفة الذاتيه او الاقنوم بالسريانية تعرف بالأب ، كما ان الله كائن عاقل كلى الحكمة وهذا الاقنوم دُعى الابن وهو الذى تجسد وتأنس دون ان يحد التجسد من لاهوته كما قال لنيقوديموس {و ليس احد صعد الى السماء الا الذي نزل من السماء ابن الانسان الذي هو في السماء}.يو13:3 . وكما نرى الارسال التلفزيونى الان ونستقبله فى بيوتنا دون ان نحده فى اجهزتنا فقط ،مع الفارق هكذا عقل الله تجسد وحل بيننا وراينا مجده دون ان يحد التجسد من لاهوته . وهل يستحيل على الله شئ . الله الذى كلم موسى قديماً من شجرة ملتهبة وظهر لكثيرين معلما اياهم ابوته وتواضعة ووداعته لماذا لماذا لا يقبل البعض ان يعلن لنا ذاته بالتجسد {و بالاجماع عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد } (1تي 3 : 16) وكقول القديس اثناسيوس الرسولي : " كما أن الماء ينبع من النبع ، وكما أن أشعه الشمس متصلة بالشمس نفسها ، ولا يمكن أن نتصور النور دون ان تكون أشعه منه منذ ان كان نور ، هكذا أيضا لا يمكن ان نتصور لحظه من الزمان كان الله فيها كائنا ولم يكن الكلمة كائنا فيه ، أو يكون هذا معناه أن الله كان في لحظه من اللحظات بغير عقل حاشـــا ، وهو ما لا يمكن نتصوره إذ ان الله هو العقل الأعظم منذ الأزل . - والله حى بروحه القدوس وهذا هو اقنوم الروح القدس .. بهذا الإيمان كرز الرب يسوع وعلم { فاذهبوا و تلمذوا جميع الامم و عمدوهم باسم الاب و الابن و الروح القدس} (مت 28 : 19). وعلم الاباء الرسل { فان الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة الاب و الكلمة و الروح القدس و هؤلاء الثلاثة هم واحد} (1يو 5 : 7). - فى العماد ظهر الثالوث القدوس الإله الواحد متمايزًا لكنه غير منفصل، الابن المتجسد صاعدًا من المياه لكي يهبنا الخروج من خطايانا لندخل به وفيه إلى شركة أمجاده، والروح القدس نازلاً على شكل حمامة ليقيم كنيسة المسيح الحمامة الروحية الحاملة سمات سيدها، وصوت الآب صادرًا من السماء يعلن بنوتنا له في ابنه، ويقيم منا حجارة روحية ترتفع خلال السماوات المفتوحة لبناء الكنيسة الأبدية. هكذا ظهر الثالوث القدوس لبنياننا بالله، لذا دعي عيد عماد السيد بعيد الظهور الإلهي، و يجب أن نؤكد ما قاله القديس أغسطينوس: {هذا ما نتمسك به بحق وبغيرة شديدة، وهو أن الآب والابن والروح القدس ثالوث غير قابل للانفصال، إله واحد } أعتمد الرب يسوع مع انه القدوس البار راسما لنا طريق الولادة من فوق بالماء والروح {اجاب يسوع و قال له الحق الحق اقول لك ان كان احد لا يولد من فوق لا يقدر ان يرى ملكوت الله}يو 3:3. مقدساً لنا المياة بعماده المقدس ونائبا عنا فى تكميل كل بر شاهداً ليوحنا ودعوته للأخرين لأتباع المسيح الرب {و في الغد نظر يوحنا يسوع مقبلا اليه فقال هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم }(يو 1 : 29). بعماد السيد المسيح له المجد أسس لنا سر العماد المقدس الذى هو المدخل للحياة المسيحية والبنوة لله ونوال غفران الخطايا . المعمودية ومغفرة الخطايا ... من بركات عيد الظهور الإلهى فى حياتنا انه يهبنا من خلال المعمودية غفراناً لخطايا سوء الجدية التى نتجت عن التعدى والسقوط فكما انه فى أدم يموت الجميع ففى المسيح يسوع ربنا نحيا به ومعه كابناء مقبولين مقدسين معه {مدفونين معه في المعمودية التي فيها اقمتم ايضا معه بايمان عمل الله الذي اقامه من الاموات} (كو 2 : 12). فالمعمودية تطهرنا من آثامنا كما احب المسيح الكنيسة واسلم نفسه لاجلها واسس لها سر المعمودية للتطهير من الخطاياالجسدية والروحية " كما احب المسيح الكنيسة واسلم نفسه لأجلنا لكي يقدسها مطهراً إياها بغسل الماء بالكلمة لكي يحضرها لنفسه كنيسة مجيده لا دنس فيها ولا غضن أو شىء من مثل ذلك بل تكون مقدسه وبلا عيب " أف 5 :27.ونحن نمارس سر التوبة والاعتراف للمعمد الكبير الداخل للأيمان وتغفر خطايا الخطايا فى دم الحمل الذى بلا عيب الذى بذل ذاته كفارة لخطايانا ويقوم مع المسيح فى جدة الحياة الروحية مقدساً حياة لله . كما نعمد الطفل الصغير لينشأ فى الإيمان أبنا لله وعضواً حياً فى كنيسته المقدسة متمتعاً باسرارها. المعمودية والتبنى ... بالمعمودية نصير ابناء لله بمقتضى نعمته ، {و اما كل الذين قبلوه فاعطاهم سلطانا ان يصيروا اولاد الله اي المؤمنون باسمه. (هنا فى منتدى أم السمائيين والأرضيين تجد الكثير من عظات ابونا أفرايم الأورشليمى).الذين ولدوا ليس من دم و لا من مشيئة جسد و لا من مشيئة رجل بل من الله} يو 12:1-13. { لانكم جميعا ابناء الله بالايمان بالمسيح يسوع }(غل 3 : 26). ان المسيح دعى ابن الله اى من جوهره وطبيعته لذلك دُعى الوحيد الجنس اما نحن فقد تبنانا برحمته ومحبته { انظروا اية محبة اعطانا الاب حتى ندعى اولاد الله من اجل هذا لا يعرفنا العالم لانه لا يعرفه }(1يو 3 : 1). المعمودية هي ميلاد جديد ويأخذ الإنسان من خلالها نعمه التبنى { اذ لم تاخذوا روح العبودية ايضا للخوف بل اخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا ابا الاب.الروح نفسه ايضا يشهد لارواحنا اننا اولاد الله. فان كنا اولادا فاننا ورثة ايضا ورثة الله ووارثون مع المسيح ان كنا نتالم معه لكي نتمجد ايضا معه} رو 15:8-17. الخلاص وميراث الملكوت السماوى.. هذا ما أكده الرب يسوع عندما قال من آمن واعتمد خلص ومن لا يؤمن يدن . (مر 16:16)واكد عليه القديس بطرس الرسول ايضا فى رسالته ({ إذ كان الفلك يبنى الذى فيه خلص قليلون أى ثمانى أنفس بالماء الذى مثاله يخلصنا نحن الآن اى المعمودية } ابط 20:3-21 . أما كون المعمودية ضرورة للدخول للملكوت السماوى فقد أكد عليها ربنا يسوع المسيح لنيقوديموس: "أجاب يسوع الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" (يو5:3). من أجل ذلك قال معلمنا بولس الرسول: " ... بمقتضى رحمته خلّصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس الذي سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلّصنا حتى إذا تبررنا بنعمته نصير ورثة حسب رجاء الحياة الأبدية." (تى5:3-7). ويقول معلمنا بطرس الرسول: "ولدنا ثانية لرجاء حيّ بقيامة يسوع المسيح من الأموات لميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل محفوظ في السموات لأجلكم. (1بط3:1،4). ولقد بلغ القديس يوحنا ذهبي الفم ذروة التعبير عن مفاعيل المعمودية في عبارة شاملة إذ قال: { إن الذين تعمدوا فإنهم يتمتعون ببهاء الحرية، وصاروا أعضاء الكنيسة سالكين في نور البر البهي بعد ما كانوا سائرين في فيافي الضلال الحالك وظلام الخطية القاتم. حقاً إنهم الآن محررون، وليس ذلك فقط بل قديسون فأبرار فأبناء فورثة فأخوة المسيح وارثون معه، فأعضاء لجسده الطاهر، فهياكل للروح القدس.ان عماد الرب يسوع المسيح وبذله ذاته فدءاً عنا تطهيراً وتقديسا لنا أكد عليه الأنجيل {كما احب المسيح ايضا الكنيسة و اسلم نفسه لاجلها. لكي يقدسها مطهرا اياها بغسل الماء بالكلمة} أف 25:5-26. فنحن نعيد عيداً روحياً ونحى مبنين على إيماننا الأقدس وله نشهد وبه نحيا ابناء لله وارثون ملكوت السموات. القمص أفرايم الانبا بيشوى
المزيد
18 يناير 2024

عيد الغطاس المجيد

عيد الظهور الإلهى وأهميته ... أهنئكم أحبائى بعيد الظهور الإلهي راجيا لكم حياة مقدسة مثمرة فى الرب . اننا اذ نحتفل بعيد (الأبيفانيا) Epiphany (إيبيفاني) أو عيد الغطاس المجيد، فاننا نتذكر الرب فى تجسده وعمادة ليقدس ويكرس لنا الطريق الى البنوة الحقيقية لله والولادة من الماء والروح ونتذكر معموديتنا يوم تعهدنا ان نجحد الشيطان ولا نسير فى طرقه وان نعلن ايماننا المسيحى ونحيا اوفياء لعهد تبنى الله لنا فى قداسة وبر وتقوى . تعمد السيد المسيح القدوس من القديس يوحنا المعمدان بالتغطيس {وللوقت وهو صاعد من الماء} ولذلك نسمى المعمودية "الغطاس".ليؤسس لمعموديتنا نحن المؤمنين به، ففيما نال هو المسحة بالمعمودية أعطانا من خلالها الولادة من الماء والروح. لذلك يوحنا المعمدان قال للناس {هوذا حمل الله الذى يحمل خطية العالم كله}(يو1: 26). وشهد عنه قائلا: {إنى قد رأيت الروح نازلاً مثل حمامة من السماء فاستقر عليه، وأنا لم أكن أعرفه. لكن الذى أرسلنى لأعمد قال لى: الذى ترى الروح نازلاً ومستقراً عليه فهذا هو الذى يعمد بالروح القدس. وأنا رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله} (يو 1: 33 – 34). وهنا ربط بين معمودية السيد المسيح وحلول الروح القدس عليه وأنه يعمد بالروح القدس. معنى هذا أن الروح القدس حل على السيد المسيح كبداية للعهد الجديد لكى يحل على المؤمنين عبر الولادة من الماء والروح ومن خلال مسحة الميرون المقدس. لهذا تحتفل الكنيسة بعيد الغطاس المجيد لما فيه من أحداث هامة وإعلانات إلهيه تخص خلاصنا. ولعل أول كل هذا ظهورالله المثلث الأقانيم وقت عماد السيد المسيح.. لذلك يطلق علي هذا العيد (عيد الظهور الالهي).. فالاب ينادي قائلاً عن الرب يسوع وهو في الماء {هذا هو أبني الحبيب الذيبه سررت} (مت 3: 17)، بينما الروح يحل في شكل حمامة مستقراً علي السيد المسيح ليعلن أنه المخلص الذي أتي لخلاص العالم ليصنع الفداء العجيب.ويقول في ذلك القديس أغسطينوس: (بجوار نهر الاردن ننظر ونتأمل المنظر الالهي الموضوع أمامنا.. فلقد أعلن لنا إلهنا نفسه عن نفسه بكونه ثالوث في واحد.. أي ثلاثة أقانيم في طبيعة إلهية واحدة). معمودية السيد المسيح ومعموديتنا .. معمودية الرب يسوع المسيح لم تكن لولادته من الماء والروح لأنه الابن الوحيد للاب بالطبيعة، لكنه كان نازلاً للعماد من أجل ان يستعلن انه المسيح الرب ويبدأ خدمته العامة لذلك سُمى بالمسيح، يسوع اسم الولادة والمسيح هذا اسم المسحة فى المعمودية، وبينما الرب يسوع يقف في إتضاع عجيب أمام يوحنا المعمدان في نهر الاردن ليعتمد منه.. أعلن الله ليوحنا عن الذي سيعمده إذ هو الابن الكلمة المتجسد . فشهد يوحنا المعمدان قائلاً: {أنا أعمدكم بماء ولكن في وسطكم قائم الذي لستم تعرفونه، هو الذي يأتي بعدي الذي صار قدامي الذي لست مستحق أن أحل سيور حذائه.. هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم هذا هو الذي قلت عنه يأتي بعدي رجل صار قدامي لأنه كان قبلي وأنا لم أكن أعرفه لكن ليظهر لاسرائيل لذلك جئت أعمد بالماء.. إني قد رأيت الروح نازلاً مثل حمامة من السماء فأستقر عليه وأنا لم أكن أعرفه لكن الذي أرسلني لأعمد بالماء ذاك قال لي الذي تري الروح نازلاً ومستقراً عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو أبن الله..}(يو 1: 26 – 34). بهذه الشهادة التي قدمها القديس يوحنا المعمدان يكون قد أعلن عن المخلص الحقيقي الذي استعلن وسط البشر في الماء ليحمل خطايا العالم.. وكأن من نزل في الماء قد ترك خطاياه واغتسل منها.. بينما إذ نزل الابن الكلمة المتجسد في الماء وهو بلا خطية قد احتمل كل خطايا البشر.. هذا هو سر الخلاص المعلن في نهر الاردن. يقول القديس اثناسيوس الرسولى عن معمودية السيد المسيح ومعمودتنا نحن وحلول الروح القدس عليه (أن نزول الروح علي السيد المسيح في الأردن، إنما كان نزولاً علينا نحن بسبب لبسه جسدنا. وهذا لم يصر من أجل ترقيه اللوغوس، بل من أجل تقديسنا من جديد، ولكي نشترك في مسحته، ولكي يُقال عنا " ألستم تعلمون إنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم" (1كو16: 3) فحينما اغتسل الرب في الأردن كإنسان، كنا نحن الذين نغتسل فيه وبواسطته. وحينما اقتبل الروح، كنا نحن الذين صرنا مقتبلين للروح بواسطته. ولهذا السبب، فهو ليس كهارون، أو داود أو الباقين قد مُسح بالزيت هكذا بل بطريقة مغايرة لجميع الذين هم شركاؤه أي "بزيت الابتهاج" الذي فسر أنه يعني الروح قائلاً بالنبي: " روح الرب علىَّ لأنه مسحني" (إش1: 61)، كما قال الرسول أيضًا: " كيف مسحه الله بالروح القدس" (أع38: 10). متى قيلت عنه هذه الأشياء إلاّ عندما صار في الجسد واعتمد في الأردن، " ونزل عليه الروح" (مت16: 3). وحقًا يقول الرب لتلاميذه إن " الروح سيأخذ مما لي" (يو14: 16)، و " أنا أرسله" (يو7: 16)، و " اقبلوا الروح القدس" (يو22: 20). إلاّ أنه في الواقع، هذا الذي يُعطى للآخرين ككلمة وبهاء الآب يُقال الآن إنه يتقدس وهذا من حيث إنه قد صار إنسانًا، والذي يتقدس هو جسده ذاته.إذن فمن ذلك (الجسد) قد بدأنا نحن الحصول على المسحة والختم، مثلما يقول يوحنا " أنتم لكم مسحة من القدوس" (1يو20: 2). والرسول يقول " ختمتم بروح الموعد القدوس" (أف13: 1). ومن ثمَّ فهذه الأقوال هي بسببنا ومن أجلنا) القديس اثناسيوس الرسولى عن العماد) لقد اعتمد السيد ليعلن لنا أنه الطبيب الحقيقي الذي جاء ليرفع خطايا البشر.. لم يقف في الماء لكي يقر بخطيئته كما فعل باقي الناس اللذين أعتمدوا من يوحنا.. فهو بلا خطية.. لهذا ذهل يوحنا حينما أعلن له عن ما هو الواقف أمامه لا يعتمد.. لذلك قال له {أنا محتاج أن أعتمد منك وأنت تأتي إلي} (مت 3: 14) لقد حاول أن يمنعه من العماد لأنه بلا خطية.. فلماذا يعتمد؟! فأجاب الرب علي يوحنا قائلاً {اسمح الان لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل بر. حينئذ سمح له}(مت3: 15). العماد في نهر الأردن .. في قصة عبور بني اسرائيل ليدخلوا ارض الموعد قديما بقيادة يشوع ابن نون وفي نهر الاردن (يش20: 7 – 17) لما وضعوا تابوت العهد فى الماء انشق النهر فعبروا فيه وانتخبوا 12 رجل من أسباط اسرائيل رجل من كل سبط واخذوا حجارة ومروا عليها حتى عبروا نهر الأردن. قصة العبور كانت هذه القصة رمزا لعبورنا من خلال الرب المتجسد للسماء أرض الموعد الحقيقية لذلك انفتحت السماء حين نزل الرب فى الماء كما انفتح النهر بحلول تابوت العهد فيه توافق فى الرمز والمرموز اليه . من هنا أخذت المعمودية أهمية خاصة لأنها عبور إلى ارض الموعد الحقيقية التي هي السماء. حلول الروح القدس على السيد المسيح هو حلول لأجل عمل الخلاص، الإبن الكلمة والروح القدس كلاهما أقنومين فى الثالوث القدوس. هذه الحادثة تؤكد أهمية هذا الرمز لما حدث في عماد الرب يسوع علي يد القديس يوحنا المعمدان لأن الرب جاء لكي يوصلنا إلي أرض الموعد الحقيقية وهي السماء.. لذلك كما كان نهر الاردن الوسيلة التي من خلالها وصل بني اسرائيل الي أرض الموعد هكذا تحقق الرمز في عماد الرب في نهر الاردن ليكون الوسيلة للوصول الي السماء.. وهكذا نفس الامر إذ بمجرد نزول الرب الي نهر الاردن انفتحت السماء ونزل الروح القدس علي هيئة جسمية في شكل حمامة وأستقر علي رأس الرب يسوع كاول إنسان يستقر فيه الروح القدس منذ غادر البشر كما جاء فيه (تك: 3) { فقال الرب لا يدين روحي في الانسان الي الابد لزيغانه هو بشر وتكون أيامة مائة وعشرين سنة}.. اي لا يدوم روحي في البشر.. ولتوضيح هذا المعني أريد أن لا نخلط بين السيد المسيح والروح القدس لاهوتياً (إذ هما أقنومان في الذات الالهية الواحدة) وبين حلول القدس علي السيد المسيح ناسوتياً. ولقد سبق الوحي الالهي وتنبأ عن ذلك قائلاً: {روح السيد الرب علي لأن الرب مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأعصب منكسري القلب لانادي للمسبيين بالعتق وللمأسورين بالاطلاق لأنادي بسنة مقبولة للرب} (أش61: 1، 2) ان الإبن الكلمة والروح القدس كلاهما أقنومين فى الثالوث ولذلك هذا هو الوضع اللاهوتى، (مز45: 6،7) {كرسيك يا الله إلى دهر الدهور قضيب استقامة قضيب ملكك}. هذا الجزء الأول الخاص باللاهوت هذا عن الإبن ووضحها القديس بولس الرسول عن الإبن، {أحببت البر وأبغضت الاثم من أجل ذلك مسحك الله الهك بزيت الإبتهاج أفضل من رفقائك}هذا الجزء خاص بالوضع الناسوتى وهو نفسه كرسيه إلى دهر الدهور هو نفسه الذى مُسح بزيت الإبتهاج. هذا هو الهدف من المعمودية أن يحل الروح القدس على السيد المسيح ناسوتياً. الملوك يمسحون بزيت قرن المسحة ولكن فى السيد المسيح حل الروح القدس عليه معطيه كمال المسحة المقدسة. ثمار المعمودية والولادة من الماء والروح ... المعمودية ولادة من فوق من الماء والروح وبها نصير ابناء وبنات لله بالتبنى والنعمة وتغفر لنا خطايانا ونؤهل للدخول للسماء { اجاب يسوع الحق الحق اقول لك ان كان احد لا يولد من الماء و الروح لا يقدر ان يدخل ملكوت الله. المولود من الجسد جسد هو و المولود من الروح هو روح} يو 5:3-6 . وكما يقول الانجيل {بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثانى وتجديد الروح القدس } وبها نلبس الرب يسوع {لأن كلكم الذين أعتمدتم للمسيح قد لبستم المسيح} (غلا3: 27) . وننال التطهير الكامل والبر والقداسة (أف 3: 25) لكى يقدسها مطهراً إياها بغسل الماء بالكلمة لكى يحضرها كنيسة مجيده لا دنس فيها ولا غضن ولا شيئاً من مثل ذلك بل تكون مقدسة وبلا عيب وبالمعمودية ندفن مع المسيح ونقوم {كل من أعتمد ليسوع المسيح قد أعتمد لموته} (رو6: 3، 4) . لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضاً بقيامته فإن كنا قد متنا مع المسيح عن الخطية وشهوات العالم وقدمنا توبة عن اثامنا وخطايانا ننمو فى القداسة ونثمر ثمر الروح ونرث ملكوت السموات . لهذا يحثنا القديس اغريغوريوس النزينزى ان ان نحتفل بهذا العيد بالتوبة والقداسة (فلنكرم اليوم معمودية المسيح، ولنعيد عيدًا سعيدًا يفرحنا روحيًا بدلاً من أن نهتم بمعدتنا وشهواتنا. ما هي طريقة فرحنا؟ اغتسلوا حتى تتنقوا. إذا كنتم قرمزيين من الخطيئة فصيروا بيضًا كالثلج بالاغتسال والتوبة. حاولوا أن تتنقوا لأن الله لا يفرحه شئ بقدر ما تفرحه النقاوة وخلاص الإنسان الذي تجسد من أجله، ومن أجله كُتبت كل الكتب، وأعطيت كل الأسرار لكي يصبح (الإنسان) كوكبًا مشعًا بالضياء للعالم المنظور وأمام الملائكة، وقوة محيية للآخرين، ولكي تتقدموا أنتم كأنوار أمامالله النور الاعظم ، وان تدخلوا إلى مساكن النور ). القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
10 يناير 2024

التجسد الإلهى والرجاء

جاء لنا الرجاء متجسداً إن كان يومك ملبدًا بالغيوم . وليلك لا تظهر فية النجوم، إن كنت تعانى الوحدة والإحزان أو تعيش الاضطهاد والحرمان ، إن أحسست أن أبواب السماء مغلقة وقد صارت نحاسًا يطن او صنجاً يرن ، إن عشت الخوف وعدم الأمل ، وحتى أن وصل بك الحال انك تنتظر الموت ولإ تجده ، إن وجدت أن لا احد يسمعك ولا أحد يزيل همك وأحزانك، إن كان هذا حالك وأحسست كأنك هالك ولا أحد يذيل همك وأحزانك ، إن اشتدت ظروف الضيق ورايت ان ماضيك مظلماً وحاضرك معاناة والآم ، ومستقبلك ملبداً بالغيوم والضباب فليست هذه النهاية فإليك جاء رجاء من ليس له رجاء، جاء الرب يسوع ليبحث عن من هلكَ وليعطيه حياة أفضل ، هو حبيب لمن ليس له حبيب وهو نعم الصديق طوال الطريق . جاء اللإله المحب متجسداً ليعلن محبته لك أنت ولمن حولك ، ان أمرك وخلاصك وأبديتك تهمه كثيراً جداً، انه أفتقر ليغنينا وجاع ليشبعنا وبذل دمه الثمين ليهبك حياة أبدية ثق حبيبى أن الشمس غلف الغيمة وبعد ظلام الليل يشرق شمس البر. إن الرب يسوع المسيح تجسد وعاني الوحدة وترك الأحباء، وعاني الظلم والقيل والقال والجميع وقت الصلب تباعد عنه ومال ، جاء ليبشر المساكين ويعتق المأسورين ويبشر منكسري القلوب، جاء يبحث عن الخروف الضال ويعطي الأمل للسامرية الخاطئة. هو يسمع الدعاء جاء ليعطي للبائسين الرجاء ويمنح لنا الأمل في الحياة ، جاء ليقوي الضعفاء، ويهب المرضي الشفاء، ويدافع عن المظلومين، انه الصديق الصدوق، والحبيب الذي لا يفارقنا في اليأس والشقاء، انه العريس الأبرع جمالاً لمن فاتهم قطار الزواج ، انه المحبة والوفاء، انه الراعي الصالح الذي يبذل نفسه عن الخراف ويهبهم حياة أفضل، انه المخلص لمن استعصي عليه الخروج من الخطية المهلكة للنفس والروح، انه الألف والياء، البداية والنهاية، وسيبقي أمينًا حتى لو كنا نحن غير أمناء. غد أفضل مع المسيح تعالى إليه أيها المُتعب وأنت تستريح وتفرح إلى الأبد. تعالوا إليه وبثوا إليه شكواكم وأحزانكم والآمكم وأمالكم في الحياة . أعترف له بخطيئتك وبضعفك وخوفك وان لم تستطع أجلس أمامه وتأمل محبته، هاتوا معكم كلاما وقولوا بك يرحم اليتيم وبك تفرح وتتعزى الأرملة، بك نحمل الصليب ونتبعك من كل القلب ، فأتحد به وهو القوي واتخذه صديقا وهو الوفي واشكوا له همك وهو يعولك . قل له العمر ضاع وأنا الآن وسط برية السباع وليست لي قوة للدفاع، أنت صخرتي وقوتي وحمايتي ، وفي قوتى أنت أملي الوحيد أدرك انك قادر واعلم انك محب وقيل عنك الكثير ، ولكن أريد أن تكون لي ومعك ينتفى من حياتى الوحدة والغربة، أحب أن يكون يومى هذا نقطة تغيير في حياتى وللأبد، أنا بك ولك ومعك لا أريد شيء علي الأرض، فأنت الهى وأبى وأحن من الأم ومدافع عن المظلومين وهم صامتين، أمسك يدى وقدنى كما تشاء ، لساعة انطلاقى إلى السماء، أنت مرشدى ومعك غدى سيكون أفضل جدًا أعرف انك تحبنى ولكن أريد أن أمتلئ بالمحبة . اعرف انك الإله ولكن أريد أن اشعر برفقتك لى ، أدرك انك قادر علي كل شىء فهل لك أن تغيرنى، تحررنى من الخوف والضعف والمرض والوحدة، ترشدنى وتفتح أمامى الأبواب المغلقة وتمهد الطرق الوعرة، تعطينى الأمل في مستقبل أفضل في عالم شرير ومظلم . تهبنى السلام وتعطينى الرجاء وتملأ القلب بالمحبة. نعم سيكون أنا هو إلهك الممسك بيمينك القائل"لا تخف لأنى معك"، أنا المحبة المشبعة وسأكون سلامًا وفرحًا لك ، أنا المحرر وها أنا أحررك من الضعف والخوف واليأس، روحي القدوس سيقودك ويحول البرية إلى جنة، وسينبع منك أنهار تجرى لحياة أبدية ، أنا أسير أمامك والهضاب أمهد، أكسر مصاريع النحاس أنا أمس واليوم والي الأبد. ها أنت معنا كل الأيام . فالشكر والحمد والتسبيح لك يا من تجسدت لترفعنا وتجعلنا ابناء للاب السماوى ، نعم يالهي ما أجملك وما أروع عشرتك، قلبي وروحي يسبحان اسمك القدوس، أنت سلامى وأملى ومخلصى وليس لى سواك، تحررنى وتغيرنى وتمنحنى القوة والشبع والعزاء، أريد ان أحيا لا أنا بل أنت تحيا فى. بك لا يقدر علي شيء ومنك سلامي ولك حبى وكلامى، أشكرك يا الهي فليس لك مثيل. القمص أفرايم الانبا بيشوى
المزيد
22 أغسطس 2023

آية وتأمل وقول لكل يوم

حارين في الروح { غَيْرَ مُتَكَاسِلِينَ فِي الاِجْتِهَادِ حَارِّينَ فِي الرُّوحِ عَابِدِينَ الرَّبَّ }(رو 12 : 11) الإنسان الروحي الذي يعمل فيه روح الله، يكون نشيط ولا يتكاسل في جهاده وحياته بل يعبد الله بنشاط ويكون حار في الروح وتشمل الحرارة الروحية كل حياته وتوبته وصلواته و خدمته ومحبته لله والغير. عن هذه النار الإلهية قال الرب { جِئْتُ لأُلْقِيَ نَاراً عَلَى الأَرْضِ فَمَاذَا أُرِيدُ لَوِ اضْطَرَمَتْ؟ }(لو 12 : 49). نضرم نار الروح القدس فينا بالصلاة لتحرق الخطايا وتنقينا من الآثام وتشعل فينا المحبة كنار تشعل ولنا غيرة الروحية علي مجد الرب { اِجْعَلْنِي كَخَاتِمٍ عَلَى قَلْبِكَ كَخَاتِمٍ عَلَى سَاعِدِكَ. لأَنَّ الْمَحَبَّةَ قَوِيَّةٌ كَالْمَوْتِ. الْغَيْرَةُ قَاسِيَةٌ كَالْهَاوِيَةِ. لَهِيبُهَا لَهِيبُ نَارِ لَظَى الرَّبِّ }(نش 8 : 6). وكلما فترت محبتنا وحرارتنا علينا أن نشعل حرارة الروح فينا بكل الوسائط الروحية المناسبة ونبتعد عن البرودة الروحية والخطية. لقد تابت مريم المصرية وتدرجت من خاطئة تائبة إلى قديسة راهبة تنمو في النعمة، إلى أن وصلت إلى درجة السواح، واستحقت أن يتبارك منها القديس الأنبا زوسيما. كذلك الحرارة الروحية التى تاب بها أوغسطينوس الشاب، حتى أصبح راهباً وأسقفاً، وأحد القديسين الذين لهم كتابات وتأملات روحية انتفعت بها أجيال كثيرة. يعوزنا الوقت أن نتحدث عن الحرارة الروحية التي تاب بها القديس موسى الأسود، حتى أصبح من آباء الرهبنة الكبار. إن الروح القدس يوقد في القلب ناراً، ويشعله بمحبة الله. لذلك كل من يحيا بالروح يمتلئ قلبه بالحب. وتكون المحبة في قلبه ناراً. تشتعل في قلبه نار من جهة محبته للناس والسعي إلى خلاصهم الروح القدس يهب حرارة روحية وعندما حل على التلاميذ والرسل في يوم الخمسين حل عليهم كالسنة من نار { وظهرت لهم السنة منقسمة كانها من نار واستقرت على كل واحد منهم} (أع 2 : 3). والنار أعطت حرارة واستنارة وطاقة ألهبت قلوب الرسل فصاروا حارين في الروح (رو12: 11). فالتهبوا بمحبة الله والناس وسعوا بغيرة روحية من أجل خلاص كل نفس ومعرفتها لربنا يسوع المسيح. لقد تغير القديس بطرس بعد حلول الروح القدس عليه من رجل خائف ينكر معرفته بالمسيح الى قوة روحية بعظة واحدة رد أكثر من ثلاثة آلاف وقال لرؤساء اليهود { نحن لا نستطيع أن لا نتكلم} (أع 4: 20). لقد ألقوا بطرس في السجن، وهددوه وأهانوه، ولكنه احتمل ولم يستطع أن يصمت. وبعد إطلاق سراح بطرس ويوحنا من سجنهما. صلى الرسل { ولما صلوا، تزعزع المكان اللذة كانوا مجتمعين فيه، وامتلأ الجميع من الروح القدس. وكانوا يتكلمون بكلام الله بمجاهرة} (أع 4: 31). لقد كانت الكنيسة تصلي بالروح وكان لصلواتهم مفعولها ونتائجها التي أتت بنفوس كثيرة للمسيح أننا نحتاج لخدام حارين يهتموا بنموهم الروحي وصلواتهم ويهتموا بخلاص كل أحد ويلتهب قلبهم بمحبة الله وملكوته. وعندما نصلي { ليأت ملكوتك} نقولها من كل قلوبنا ومشاعرنا ونعمل من أجل انتشار ملكوت الله بحماس روحى يقود الناس إلى الإيمان والتوبة. نسعى للامتلاء بالروح. ونشبع بكلام الكتاب المقدس الذى يحطم قساوة قلوبنا وكنار تلهب القلب { أَلَيْسَتْ هَكَذَا كَلِمَتِي كَنَارٍ يَقُولُ الرَّبُّ وَكَمِطْرَقَةٍ تُحَطِّمُ الصَّخْرَ؟ }(ار 23 : 29). فتنتقل حرارة الروح منا إلى من هم حولنا فالحرارة تبعث الدفء في من حولنا وتلهب قلوبهم بالمحبة كما أنها تنير لنا وتهدينا لنأخذ من نور المسيح، شمس البر ونستنير بالإيمان ونكون ناقلي لنور المسيح الذى نقلنا من عالم الظلمة الى نوره العجيب الله يحبنا وفى محبته أعلن لنا أبوته، وتجسده لأجل خلاصنا، وأعطانا روحه القدوس ووعدنا بالحياة الأبدية والمحبة هي التي تبعث الدفء الروحي وروح الحياة في النفوس ومحبة الله تنسكب فى قلوبنا بالروح القدس. المؤمن الذي اختبر محبة الله يبادله المحبة و يحب أخاه. {ايها الاحباء لنحب بعضنا بعضا لان المحبة هي من الله وكل من يحب فقد ولد من الله ويعرف الله }(1يو 4 : 7). وهذه هي وصية الرب لنا { وصية جديدة انا اعطيكم ان تحبوا بعضكم بعضا كما احببتكم انا تحبون انتم ايضا بعضكم بعضا (يو 1 : 34) }. من الحكم وأقوال القديسين: - فلنتوسل إذًا إلى الله بإيمان والمحبة والرجاء الكثير، لكي يمنحنا النعمة السماوية، نعمة الروح، لكى ما يحكمنا ويضبطنا ذلك الروح نفسه أيضًا، ويقودنا إلى كل إرادة الله وينعشنا ويحيينا بكل أنواع إنعاشه وإحيائه لكى بواسطة عمل الروح هذا وفاعلية النعمة، والنمو الروحاني نتقدم، لنحسب أهلا لإدراك كمال ملء المسيح. القديس مكاريوس الكبير إن أنقي الذهب يجب أن يمر بأكثر النيران حرارة. من الشعر الروحي:- "لك منا كل الحب" لما الظلمة والشر ينتشر ونلاقي أنفسنا في وقت الضيق نصلي ونرفع قلوبنا وايدينا وعيوننا نحوك يا احن صديق أنت تعزي وتصبر وروحك يكون لينا سلام ونور ورفيق ملناش غيرك يا إلهنا كلك حكمة وتشق لينا في البحر طريق نورك يشرق في القلب ويهون طريقنا الكرب ومعاك نفيق انت وعدت انك هتكون معانا وها نعبر معاك طريقنا الصعب فيك رجائنا وقوة إيماننا وأنت ملجأنا وتستحق منا كل الحب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
15 أغسطس 2023

صوم القديسة مريم العذراء

القديسة مريم فى الكتاب المقدس والتقليد الكنسى. + اهنئكم ببدء صوم القديسة مريم العذراء، وهى التى ذكرها الكتاب المقدس باكرام واجلال وجاء عنها الكثير من الرموز والنبوات فى العهد القديم ولها كرامتها الفريدة فى العهد الجديد فهى والدة الاله الكلمة المتجسد، المملؤة نعمة، القديسة الشفيعة التى قام السيد المسيح بعمل اولى معجزاته فى عرس قانا الجليل بطلبتها وهى توصينا دائما ان نطيع وصايا الله {قالت امه للخدام مهما قال لكم فافعلوه} (يو 2 : 5). انها المراة التى تنبأ عنها سفر التكوين بان نسلها يسحق راس الحية القديمة ابليس {واضع عداوة بينك و بين المراة و بين نسلك ونسلها هو يسحق راسك} (تك 3 : 15). وهى العذراء الدائمة البتولية { ولكن يعطيكم السيد نفسه اية ها العذراء تحبل و تلد ابنا و تدعو اسمه عمانوئيل} (اش 7 : 14). وقد حل الروح القدس عليها وقدسها وملائها نعمة وبصوت سلامها على اليصابات امتلات اليصابات من الروح القدس { فقامت مريم في تلك الايام وذهبت بسرعة الى الجبال الى مدينة يهوذا. ودخلت بيت زكريا وسلمت على اليصابات. فلما سمعت اليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها وامتلات اليصابات من الروح القدس. وصرخت بصوت عظيم وقالت مباركة انت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك. فمن اين لي هذا ان تاتي ام ربي الي.فهوذا حين صار صوت سلامك في اذني ارتكض الجنين بابتهاج في بطني. فطوبى للتي امنت ان يتم ما قيل لها من قبل الرب. } (لو 1 : 39-45). ومن سفر التكوين الى سفر الرؤيا نرى رموز واشارات عن القديسة مريم { وظهرت اية عظيمة في السماء امراة متسربلة بالشمس والقمر تحت رجليها وعلى راسها اكليل من اثني عشر كوكبا }(رؤ 12 : 1). + والعذراء مريم لها كرامتها فى تقليد الكنيسة منذ العصر الرسولى ، فهى الإنسانة الوحيدة التى أنتظر الله آلاف السنين حتى وجدها ورآها مستحقة لهذا الشرف العظيم بان يتجسد منها الله الكلمة هذا الشرف الذى شرحه الملاك جبرائيل بقوله { الروح القدس يحل عليكِ وقوة العلىّ تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منكِ يدعى أبن الله}(لو35:1). لهذا قال عنها الكتاب المقدس "بنات كثيرات عملن فضلاً أما أنت ففقتِ عليهن جميعاً " (أم29:31). + على الصليب عهد بها السيد المسيح الى يوحنا الحبيب { ثم قال للتلميذ هوذا امك ومن تلك الساعة اخذها التلميذ الى خاصته} (يو 19 : 27) فلو كان لها ابناء أخرين كما يدعى البعض لكانوا اجدر واحق برعايتها ! واذ صارت العذراء اما للرسل فهى أمنا لنا نحن الذين امنا على ايديهم . وما أكثر الالقاب التى اطلقها الاباء على القديسة مريم بما تحمله من مدلولات روحية مستمدة من الكتاب المقدس ، فهى السماء الثانية، الحمامة الحسنة، دائمة البتوليه، شورية هارون، سلم يعقوب، الملكة القائمة عن يمين الملك كما جاء فى المزمور {قامت الملكة عن يمينك ايها الملك} (مز9:45). هى "والدة الاله" وهذا اللقب ثبتته الكنيسة باجمعها فى مجمع افسس 431م كما جاء فى الإنجيل {فمن اين لي هذا ان تاتي ام ربي الي }(لو 1 : 43). ونقول عنها فى التسبحة الكنسية: (ان الاب تطلع من السماء فلم يجد من يشبهك ارسل وحيده اتى وتجسد منك ). ولقد بنيت اول كنيسة على اسم القديسة مريم فى مدينة فيلبي فى عصر الرسل لاكرام العذراء التى بصلواتها انحلت ابواب السجن الحديدية واخرجت القديس متياس الرسول من السجن . + من اجل كرامة العذراء والاقتداء بها وتطويبها نهتم باكرامها ومدحها فى التسبحة اليومية والقداسات ففى القداس الالهي يجرى ذكرى تطويب العذراء فى أكثر من مرة ففى لحن البركة: وقبل رفع الحمل يقال النشيد الكنسى للعذراء ومطلعه ( السلام لمريم العذراء الملكة ونبع الكرمة ) عند رفع بخور البولس: يقال فى الأعياد وأيام الفطر لحن: (هذه المجمرة الذهب هى العذراء وعنبرها هو مخلصنا ، قد ولدته وخلاصنا وغفر لنا خطايانا).وفى مقدمة قانون الإيمان: أبرزت الكنيسة أهمية شخصية العذراء مريم كوالدة الآلة فى التقليد الكنسى، بعد انعقاد مجمع أفسس مباشرة سنة 431م، وذلك لضبط مفهوم التجسد الإلهى ومقاومة البدع. وهكذا أضافت مضمون العقيدة التى أقرها هذا المجمع فى مقدمة قانون الإيمان والتى مطلعها: (نعظمك يا أم النور الحقيقى...).وبعد صلاة الصلح وقبل قداس المؤمنين نطلب شفاعة امنا العذراء "بشفاعة والدة الاله القديسة مريم يارب أنعم لنا بمغفرة خطايانا). فى مجمع القديسين نطلب شفاعة العذراء مريم على رأس قائمة أعضاء الكنيسة المنتصرة فى صلاة المجمع، فنحن نؤمن اننا كنيسة واحدة سواء من انتقلوا او يجاهدوا ليكملوا وينتصروا نصلى بعضنا من أجل بعض . فضائل فى حياة العذراء مريم . + التواضع فى حياة القديسة مريم .ان التواضع صفة محبوبة من الله والناس { لان قدرة الرب عظيمة وبالمتواضعين يتمجد} (سير 3 : 21). { يقاوم الله المستكبرين واما المتواضعون فيعطيهم نعمة} (يع 4 : 6). والعذراء القديسة مريم رغم ما نالته من كرامة لدى الله { دخل اليها الملاك وقال سلام لك ايتها المنعم عليها الرب معك مباركة انت في النساء... وها انت ستحبلين و تلدين ابنا وتسمينه يسوع. هذا يكون عظيما وابن العلي يدعى ويعطيه الرب الاله كرسي داود ابيه. ويملك على بيت يعقوب الى الابد ولا يكون لملكه نهاية. فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وانا لست اعرف رجلا. فاجاب الملاك وقال لها الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك ايضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله} (لو28:1،31-35). بعد هذه الكرامة نراها تجاوب الملاك { فقالت مريم هوذا انا امة الرب ليكن لي كقولك فمضى من عندها الملاك} (لو 38:1 ). وبعدما قال لها الملاك عن حبل اليصابات قامت مسرعة لتخدمها وعندما التقيا وامتلات اليصابات من الروح القدس وقالت لها من اين لى هذا انت تأتى ام ربى اليٌ نرى العذراء تعطى المجد لله { فقالت مريم تعظم نفسي الرب. وتبتهج روحي بالله مخلصي.لانه نظر الى اتضاع امته فهوذا منذ الان جميع الاجيال تطوبني. لان القدير صنع بي عظائم واسمه قدوس}( لو 46:1-49).(أنظر ستجد المزيد من عظات القمص افرايم الأنبابيشوى هنا فى منتدى أم السمائيين والأرضيين). احتملت العذراء فى تواضع حتى سوء الظن من البعض فى تواضع عجيب وتسليم كامل لمشيئة الله . منذ طفولتها وحتى نهاية حياتها على الارض فى صمت الاتقياء { واما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به في قلبها} (لو 2 : 19). + الإيمان والصلاة . ظهر ايمان العذراء مريم فى العديد من المواقف فى حياتها ، فلم يحدث لعذراء غير متزوجة قبلها انجاب طفل ولكن كان للعذراء الايمان القوى الذى به اجابت به الملاك ليكن لى كقولك حتى ان اليصابات طوبتها على هذا الإيمان قائلة لها { فطوبى للتي امنت ان يتم ما قيل لها من قبل الرب} (لو1 : 45). لقد كان ايمانها وعمق صلواتها مبنية على علاقتها القوية بالله والكتاب المقدس حتى ان تسبحتها الحلوة عقب زيارتها لاليصابات كانت ايات من العهد القديم { فقالت مريم تعظم نفسي الرب. وتبتهج روحي بالله مخلصي. لانه نظر الى اتضاع امته فهوذا منذ الان جميع الاجيال تطوبني.لان القدير صنع بي عظائم واسمه قدوس. ورحمته الى جيل الاجيال للذين يتقونه. صنع قوة بذراعه شتت المستكبرين بفكر قلوبهم. انزل الاعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين. اشبع الجياع خيرات وصرف الاغنياء فارغين. عضد اسرائيل فتاه ليذكر رحمة.كما كلم اباءنا لابراهيم و نسله الى الابد}( لو46:1-55) وعند الصليب وقفت العذراء الام تتأمل بايمان تتميم عمل الخلاص وسيف الآلم يجتاز قلبها كما سبق وانبائها سمعان الشيخ عندما ذهبت للهيكل للتطهير وكانت تقول ( اما العالم فيفرح بقبوله الخلاص واما احشائى فتلتهب عند نظرى الى صلبوتك الذى انت صابر عليه يا ابنى والهى). وظهر ايمانها فى طاعتها وتسليمها عندما خدمت فى الهيكل وهى طفلة وفى خضوعها عند سن البلوغ وذهابها الى بيت يوسف النجار بامر الشيوخ حيث كانت يتيمة الابوين ، وفى ذهابها الى مصر مع يوسف النجار وفى طاعتها لامر السيد المسيح بان تحيا فى رعاية القديس يوحنا الحبيب . 3 – العذراء وحياة الطهارة .. لقد عاشت العذراء حياة الطهارة والعفة منذ طفولتها فى الهيكل وكما تلقبها الكنيسة بحق العذراء كل حين ، ولتنظروا حتى الى ثيابها المتشحة بها فى كل الظهورات حتى بعد صعودها الى السماء ، مكتسية بحلل البهاء ومتسربلة بثياب من نور رمزا لطهارتها وعفتها . وعندما راي القديس يوسف النجار حبلها واذ كان رجلا بارا واراد ان يخليها سراً فمن أجل اظهار برائتها ظهر له ملاك الرب مدافعا عنها { و لكن فيما هو متفكر في هذه الامور اذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلا يا يوسف ابن داود لا تخف ان تاخذ مريم امراتك لان الذي حبل به فيها هو من الروح القدس} (مت 1 : 20). وحسب التقليد الكنسي فان الذى رفع يديه ليعترض جسدها فى الطريق الى القبر فى عدم أحترام لها قطع يديه ملاك الرب مدافعا عن قداستها ولما صرخ نادما أعادها له الرسل بمعجزة . فحرى ببناتنا ان يتخذن من العذراء شفيعة وقدوة فى الطهارة النابعة من محبة الله والتأمل فى كلامه وحفظ وصاياه والعمل بها . صوم القديسة مريم العذراء. ++ اننا اذ نكرم العذراء القديسة مريم ونطلب شفاعتها عند الله ونصوم باسمها فهذا من قبيل الأكرام وليس العبادة اطلاقاُ فالسجود والعبادة لله وحده {للرب الهك تسجد و اياه وحده تعبد }(مت 4 : 10). فصومنا وصلواتنا مقدمة لله القدوس ونحن نكرم الله فى جميع قديسه الذي قال للرسل الذى يرزلكم يرزلنى والذى يكرمكم يكرمنى والذى يكرمنى يُكرم ابى الذى ارسلنى. ونحن نتعلم من فضائل القديسة مريم كام روحيه لنا { اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم }(عب 13 : 7). العذراء بمحبتها وحنانها تطلب عنا وقد اختبارنا دالتها وصلواتها المستجابة عنا ،(أنظر ستجد المزيد من عظات القمص افرايم الأنبابيشوى هنا فى منتدى أم السمائيين والأرضيين). ونحن فى الكنيسة القبطية عبر تاريخها الطويل نتمتع بامومة ورعاية وشفاعة امنا القديسة مريم وظهوراتها المتكررة فى مصر على المستوى العام او معجزاتها وظهوراتها على المستوى الفردى تشهد لصحة إيماننا وقوة شفاعتها الدائمة عنا . + ان اصوامنا كلها نقدمها لله زهدا ونسكا وتفرغا من الأهتمام بملاذ الجسد لنتقوى فى الروح ونهتم بغذاء ارواحنا ، ويقال ان هذا الصوم صامه آبائنا الرسل أنفسهم لما رجع توما الرسول من التبشير فى الهند، فقد سألهم عن السيدة العذراء، قالوا له إنها قد ماتت. فقال لهم: (أريد أن أرى أين دفنتموها!) وعندما ذهبوا إلى القبر لم يجدوا الجسد المبارك. فإبتدأ يحكى لهم أنه رأى الجسد صاعدا... فصاموا 15 يوماً من أول مسرى حتى 15 مسري حتى أعلن لهم الرب صعود جسدها الى السماء واصبح عيد للعذراء يوم 16 مسرى من التقويم القبطي. + ولقد مارس صوم القديسة مريم اولا بعد ذلك العذراى والرهبان وبعد هذا صامه الشعب كله وقننته الكنيسة كصوم عام بعد ذلك ، وكم نحن نحتاج الى الصوم والصلاة فى كل حين لاسيما فى هذه الايام الصعبة { صالحة الصلاة مع الصوم والصدقة خير من ادخار كنوز الذهب} (طوبيا 12 : 8). فاذ لنا اعداء مقاومين لابد ان يكون لنا الركب المنحنية والايدى المرفوعة بالصلاة لنشبع بمحبة الله وننتصر على اعدائنا الذين قال عنهم السيد المسيح { هذا الجنس لا يمكن ان يخرج بشيء الا بالصلاة و الصوم} (مر 9 : 29). فالصوم فترة للنهضة الروحية والشبع بكلمة الله { فاجاب وقال مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله }(مت 4 : 4). طوباكى ايتها الشفيعة المؤتمنة التى خدمت البشرية كلها وعوضا عن مخالفة أمنا حواء للوصية، أطعتى انت ايتها القديسة مريم وقدمتى كحواء الجديدة والثانية لله شعبا مستعدا من قبل طهارتك، وكنتِ وستبقي على مدى الاجيال أمنا مكرمة تطوبك جميع الأجيال فانت قدوة للعذارى ومعلمة للفضيلة للجميع وانت أمنا الحنون التي نتلجأ اليها فى ضيقاتنا لترفعى معنا الصلاة وتطلبى عنا من الرب ليغفر لنا خطايانا ويقوى أيماننا ويحفظ كنيستنا رعاة ورعية ويقود بلادنا واهبا لنا سلاما وبركة وحكمة . القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
11 يوليو 2023

القديس بطرس، رسول الرجاء ج2

من صيد السمك الى ربح النفوس .. بطرس الرسول أو سمعان ابن يونا، ولد في قرية بيت صيدا الواقعة علي بحيرة طبرية قبل ميلاد المخلص بحوالي عشرة سنين. وكان يشتغل بصيد الأسماك لاسيما فى طبريه شأنه في ذلك شأن الكثيرين من سكان قريته ويحتمل انه كان مع أندراوس أخيه تلاميذ ليوحنا المعمدان بعض الوقت وكان لقاؤه الأول بالرب يسوع، بعد أن اخبره اندراوس أخوه { وفي الغد ايضا كان يوحنا واقفا هو واثنان من تلاميذه. فنظر الى يسوع ماشيا فقال هوذا حمل الله. فسمعه التلميذان يتكلم فتبعا يسوع. فالتفت يسوع ونظرهما يتبعان فقال لهما ماذا تطلبان فقالا ربي الذي تفسيره يا معلم اين تمكث. فقال لهما تعاليا وانظرا فاتيا ونظرا اين كان يمكث ومكثا عنده ذلك اليوم وكان نحو الساعة العاشرة. كان اندراوس اخو سمعان بطرس واحدا من الاثنين اللذين سمعا يوحنا وتبعاه.هذا وجد اولا اخاه سمعان فقال له قد وجدنا مسيا الذي تفسيره المسيح. فجاء به الى يسوع فنظر اليه يسوع وقال انت سمعان بن يونا انت تدعى صفا الذي تفسيره بطرس}( يو 35:1-42). أما دعوته للتلمذة فكانت عقب معجزة صيد السمك الكثير، حينما طمأنه الرب بقوله { فقال يسوع لسمعان لا تخف من الان تكون تصطاد الناس }(لو 5 : 10) وحالما وصل بالسفينة إلى البر ترك كل شيء وتبعة هو واخوة وابنا زبدي (لو 5: 1-11) لقد شرفة الرب بدرجة الرسولية ودعاه " بطرس " وكان من المقربين للرب فهو احد التلميذين الذين ذهبا ليعدا الفصح الاخير، واحد الثلاثة الذين عاينوا اقامة ابنة يايروس بعد موتها، وتجلى السيد المسيح على جبل طابور وصلاته في جثيماني ، واحد الاربعة الذين سمعوا نبوته عن خراب اورشليم وهيكلها. كان بطرس ذا حب جم لسيده وغيرة ملتهبة ولكنه كان متسرعا ومندفعا. فهو الاول الذي اعترف بلاهوت السيد المسيح والاول الذي بشر بالمسيح بعد حلول الروح القدس . لكنه كان مندفعا ومترددا ومتبدل المواقف قبل ان يعمل الروح القدس فيه ويغيره . حاول ان يمنع المسيح ان يموت (مر 8: 31: 33) ولما قال له المسيح انه سينكره ثلاثة قبل ان يصيح الديك مرتين، اجاب في تحد " لو أ ضطررت أن أموت معك لا انكرك ". وفي لحظة القبض علي المسيح استل سيفة ليدافع عن ذاك الذي مملكته ليست من هذا العالم! دخل القديس بطرس فى تجربة مره وصعبه عرف بها ضعفه. فكان أن انكر سيده ومعلمه بتجديف ولعن واقسم وأنكر أمام الجوارى انه لا يعرف السيد المسيح . لكنه عاد الى رشده وندم وندماً شديداً وبكي بكاء مراً وقصد قبر معلمه باكراً جدا فجر القيامة عند بحر الجليل أصطاد المسيح بطرس ، وقد ظن بطرس أنه هو الذي ترك كل شيء وأمسك بالمسيح ولم يدر أن المسيح، هو الذي جذبه ، وأتي به وباصدقائه إلى مجده السماوي العتيد، كان يمكن لبطرس أن يذهب بحماقاته المتكررة، كان يمكن أن يذهب عندما انتهر المسيح واراد أن يبعده عن الصليب مأخوذًا بما للناس، وليس بما لله فقال له : {أذهب عني ياشيطان، أنت معثرة لي لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس،} (مت 16: 23).. وعاد الشيطان مرة أخرى ليهزه هزا بالتجربة القاسية بنكران السيد، ومع ذلك فنظره المسيح، وظهوره الانفرادي له بعد القيامة. جعلته كارزا للرجاء الذى فى الإيمان بالمسيح. لقد أدرك من الدقيقة التي ترك فيها شباكه القديمة، أنه أصبح صيادًا من نوع آخر، صيادًا لنفوس الناس ليسوع المسيح، كان رجلاً لا يتعب في استخدام الشبكة، ولكنه أدرك بأن شبكته مرتبطة بكلمة المسيح، لقد تعب ذات مساء الليل كله، ولكن المسيح أمره على غير المألوف أن يبعد الى العمق ويلقي الشبكة على الجانب الأيمن، وأطاع، وصرخ مذهولاً لكثرة الصيد {اخرج من سفينتي يارب لأني رجل خاطيء} (لو 5: 8). وما أكثر ما نطق في حضرة المسيح بما لا يعي من فرط ذهوله واندهاشه، ولم يخرج المسيح من سفينة حياته قط، بل سار بها في بحر العالم يرفع علم الصليب فوقها، لأن {ليس بأحد غيره الخلاص}(أع 4: 12).. وكان المحصول وفيراً ، حصد يوم الخمسين مابدا مذهلاً أمامه، إذ كان فوق كل تصور وخيال، لقد كانت الباكورة ثلاث آلاف نفس في يوم واحد أمنت بعظة واحدة للقديس بطرس الرسول. بعد قيامة السيد المسيح من الموت ظهر للتلاميذ عدة مرات وعلي بحيرة طبرية حيث ذكريات بطرس مع مخلصه ظهر له وعاتبه في رفق مخاطبا اياه بأسمه القديم قائلاً له " يا سمعان بن يونا أتحبني. وقد وجه إلية هذه الكلمات ثلاث مرات ورده إلى رتبته الرسولية ثانية بقوله " ارع غنمي " وعقب تأسيس الكنيسة يوم الخمسين بدأ خدمته بين اليهود من بني جنسه في اليهودية والجليل والسامرة. وكان الرب يتمجد علي يديه بالمعجزات كشفاء المقعد عند باب الهيكل الجميل (أع 3)، وشفاء أينياس في مدينه اللد وإقامة طابيثا بعد موتها في يافا (أع 9)... وقد فتح الرب باب الأيمان للأمم علي يديه في شخص كرنيليوس قائد المئة اليونانى عقب رؤيا أعلنت له بخصوصه (أع 10). فلما خاصمة أهل الختان لقبول الأمم فى الايمان المسيحى ، شرح لهم الأمر وقال " بالحق أنا أجد أن الله لا يقبل الوجوه. بل في كل امة الذي يتقيه ويصنع البر مقبول عنده " (أع 10: 34، 35) ومع ذلك فقد ظل ميدان العمل الأساسي لهذا الرسول هو تبشير اليهود (غل 2: 7-9) . أعتراف بطرس المبكر بلاهوت السيد المسيح .. الاعتراف العظيم الذي اعترف فيه بطرس بلاهوت المسيح، عندما ألقى المسيح سؤاله الخالد{من يقول الناس إني أنا} وقد أوقف السؤال التلاميذ أمام أعمق تأمل يمكن أن يواجهوه، وعليه تبني المسيحية بأكملها، إلى كل الأجيال، وهنا يأتي اعتراف بطرس عجيبًا ومثيرًا واعلاناً اعُطى له من الاب السماوى . وقد صعد بطرس بهذا الاعتراف إلى ما وراء العقل البشري الذي لا يمكن مهما أوتى من حكمة أو إدراك أن يبلغ كنه المسيح العجيب. { فاجاب يسوع و قال له طوبى لك يا سمعان بن يونا ان لحما و دما لم يعلن لك لكن ابي الذي في السماوات} (مت 16 : 17)، ليس بحكمة بشرية ، أو فلسفتها العميقة أجاب بطرس الرسول ، فالمسيح بالنسبة للبعض إما هو يوحنا المعمدان على حد ما اتجه هيرودس الملك الذي قتله، أو هو واحد من أعظم الأنبياء القدامي كإيليا الذى ينتظر البعض إلى اليوم عودته من السماء، أو إرميا وكان الشبه عظيمًا بين نبي الأحزان والمسيح المتألم، أو أنه نبى الله . لم يخطو أحد خطوة أخرى وراء هذا، لكن بطرس شهد وشهادة حق ، إذ لمع أمام عينيه الإعلان الإلهي البعيد العميق الغائر في بطن الأزل، وصاح {أنت هو المسيح ابن الله الحي}(مت 16: 16) ومن الواجب أن نشير إلى أن هذا ليس أول حديث عن المسيا، فقد قال نثنائيل من قبل عن السيد: «أنت ابن الله أنت ملك إسرائيل» لكن إعلان الله لبطرس كان أول وأعظم ومضة من النور عن شخص ابن الله العجيب، وكان أشبه بالشعاع الأول من نور الشمس، وهي تأخذ سبيلها إلى الشروق لتخرج الإنسان من الظلام إلى نور النهار الباهر . لقد رأى بطرس النور واستقبله بالفرح العميق، وتوالت بعد ذلك الأشعة الساطعة حتى جاء بولس ليقول: «عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد» وما من شك في أن بطرس بلغ القمة هناك، وكانت كلماته هتاف المسيحي في كل العصور والأجيال .وتأكيد على قول الرب يسوع { انا و الاب واحد. ان كنت لست اعمل اعمال ابي فلا تؤمنوا بي. و لكن ان كنت اعمل فان لم تؤمنوا بي فامنوا بالاعمال لكي تعرفوا و تؤمنوا ان الاب في و انا فيه}( يو 30:10،38،37). ومع أعترافنا بدور القديس بطرس الرائع فى نشر الأيمان وتطويب السيد المسيح له { وانا اقول لك ايضا انت بطرس وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي و ابواب الجحيم لن تقوى عليها} (مت 16 : 18). فانى اذكر أن المسيح استعمل لفظ بطرس «بتروس» بمعنى حجر او قطعة من الصخر ولكن لفظ صخرة هنا "بترا" فعلى صخرة الأيمان بلاهوت المسيح يبنى الرب الأيمان . كما يذكر ذلك القديس بولس {وجميعهم شربوا شرابا واحدا روحيا لانهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم و الصخرة كانت المسيح }(1كو 10 : 4) وقد قال القديس أوغسطينوس إن الصخرة تشير إلى المسيح . فالله هو الصخر الوحيد: {هو الصخر الكامل صنيعه}(تث 32: 4)..{وليس صخرة مثل إلهنا} (1صم 2: 2).. إن بطرس يمكن أن يكون حجرًا في الكنيسة، ولكنه لا يمكن ولا يقبل مطلقاً "حتى القديس بطرس نفسه " ان يأخذ مركز الله فيها {فإنه لا يستطيع أحد أن يضع أساسًا آخر غير الذي هو يسوع المسيح}(1كو 3: 11) وعندما قال المسيح لبطرس: {وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات. فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطًا في السموات، وكل ما تحله على الأرض يكون محلولاً في السموات} (مت 16: 19).. قال نفس الشيء للرسل جميعا : {الحق أقول لكم كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطًا في السماء، وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولاً في السماء» (مت 18: 18) { و لما قال هذا نفخ و قال لهم اقبلوا الروح القدس.من غفرتم خطاياه تغفر له و من امسكتم خطاياه امسكت} يو 22:20-23. لم يكن سلطان الحل والربط جديدًا على أذهان التلاميذ إذ كان تعبيرًا شائعًا في حكم الكاهن على النجس والطاهر عندما يتقدم إليه الأبرص مثلا ليحكم بطهارته أو نجاسته، وهو ما تحكم به الكنيسة المسيحية ، كما حكمت في مجمع أورشليم فرفعت نير الناموس الطقسي عن أعناق المؤمنين، والامتناع فقط {عما ذبح للأوثان وعن الدم والمخنوق والزنا}(أع 15: 29).. وهو ما يحكم به في قبول التائبين انه في لغة أخرى إنه حكم تقرير، وليس حكم إنشاء، فالكاهن قديمًا لم يكن حرًا ليحكم في ضربة البرص كما يشاء، بل هو مأمور بأن يفحص الضربة ليراها تنتشر أو تأخذ في الشفاء إذ هي لسعة كمدت وليست برصًا،.. وخادم الله لهذا ليس حرًا في أن يفتح السماء أو يقفلها في وجه الإنسان، بل هو مأمور أن يطبق قاعدة الإنجيل على كل ما يرى، ويحكم إذا كان متمشيًا مع الحق الإلهي أو مناقضًا له. على اى حال نحن كشرقيين نفهم دور القديس بطرس حتى عندما يتقدم فى الكلام على أعتبار انه الأكبر والمعبر عن لسان حال الرسل ولا رئاسة له او لبابا روما كخليفة له على كنائس العالم الأمر الذى يتمشى مع جوهر المسيحية وتعاليم السيد المسيح { فدعاهم يسوع و قال لهم انتم تعلمون ان الذين يحسبون رؤساء الامم يسودونهم و ان عظماءهم يتسلطون عليهم. فلا يكون هكذا فيكم بل من اراد ان يصير فيكم عظيما يكون لكم خادما.و من اراد ان يصير فيكم اولا يكون للجميع عبدا.لان ابن الانسان ايضا لم يات ليخدم بل ليخدم و ليبذل نفسه فدية عن كثيرين}(مر 42:10-45). أتحبنى أكثر من هؤلاء نحن نعلم أن بطرس أحب المسيح من كل قلبه، وأجاب بعمق على السؤال القائل: {أتحبني أكثر من هؤلاء} {وكان الجواب: أنت تعلم يارب كل شيء، أنت تعرف أني أحبك}(يو 21: 15 و17)، ومع أن بطرس ارتكب الأخطاء وكان فيه بعض الضعفات والعيوب كواحد منا ، لكن حبه لم يخنه وهو يخرج إلى خارج ليبكي كأعظم ما يكون المحبون في الأرض. كانت أزمته يوم الصليب، نوعًا من الغيبوبة وفقدان الوعي الذي قلبه رأسًا على عقب، فأنكر سيده وربه، ولكنه ما إن استعاد وعيه حتى غسل بدموعه الغزيرة فعلته الشنعاء. على أن حب السيد كان أوفى وأعلى إذ في قلب الأزمة نظر إليه، ومن المؤكد أن النظرة وإن كانت تعبر عن قلب المسيح المجروح، إلا أنها كانت ممتلئة بالحنان والعطف والرقة والرحمة. وفي الحقيقة إن بطرس الرسول في حياته وموته بادل سيده حبًا بحب من أعظم وأشرف وأجل ما يمكن أن يتبادله المحبون ، كان هذا الرجل على أي حال، محبا لسيد فهو إذ راه فوق جبل التجلي، وقد تغيرت هيئته، وبدا منظره على الصورة التي تتجاوز الخيال البشري، ومعه موسى وإيليا، وإذا ببطرس ينسى الأرض وما عليها ومن عليها، فلا يعود يذكر بيته وزوجته والعالم بأكمله ويصبح صارخًا: {يارب جيد أن نكون ههنا} انه لا يرضى عن المسيح بديلا، ويقول: {إلى من نذهب كلام الحياة الأبدية عندك} إنه الرجل الذي تبع سيده، سواء في أعلى الجبل أو في البحر أو في الطريق، وأصبح المسيح كنزه الوحيد: {ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك} (مت 19: 27) إنه مثل القديس بولس الرسول الذي عندما أراد أن يعبر عن الحياة والموت قال: {لأن لي الحياة هي المسيح والموت هو ربح}(في 1: 21). ان المسيحية منذ تاريخها الأول تذخر بالشجعان الأبطال الذين لا يخيفهم سجن أو اضطهاد أو تعذيب بل يقولون مع بطرس ويوحنا {لأننا نحن لا يمكننا أن لا نتكلم بما رأينا وسمعنا} (أع 4: 20).. {فأجاب بطرس والرسل وقالوا ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس، إله آبائنا أقام يسوع الذي أنتم قتلتموه معلقين إياه على خشبة هذا رفعه الله بيمينه رئيسًا ومخلصًا ليعطي إسرائيل التوبة وغفران الخطايا. ونحن شهود له بهذه الأمور والروح القدس أيضًا الذي أعطاه الله للذين يطيعونه} (أع 5: 29-32).. ومع أننا لا نعلم بالضبط الأماكن التي تنقل فيها بطرس كارزًا وشاهدًا ليسوع المسيح، ولكن من الواضح أنه وعظ في أورشليم وأنطاكية، ومن المعتقد أيضًا أنه ذهب إلى روما، والكنيسة الكاثوليكية تعتقد أنه أول أسقف لروما، ولكن الفكر الارثوذكسي لا يشاطرها هذا الرأي إذ أن بولس كان تواقًا إلى الذهاب إلى روما، وكان من عادة بولس الأكيدة أنه لا يعمل على أساس آخر، ومن غير المتصور أن يذهب بولس إلى كنيسة يؤسسها بطرس وبولس هو رسول الأمم . لكن من المؤكد إن بطرس صلب في روما ، وكان ذلك إبان اضطهاد نيرون القاسي الشديد، قيل أيضًا إن المسيحيين شجعوه على الابتعاد عن روما، وإنه أخذ سبيله ذات مساء إلى طريق ابيان الشهير، وظل سائرًا الليل كله، ولكنه في الصباح الباكر، عند شروق الشمس، أبصر شخصًا مهيبًا أمام عينيه، وإذ عرف أنه المسيح صاح: "إلى أين يا سيد" وجاءه الجواب: "إن لي تلميذًا كان هناك ثم هرب، وأنا ذاهب لأخذ مكانه، وأصلب مرة ثانية نيابة عنه" وصرخ بطرس: "لا ياسيد أنا عائد". وعاد ليموت مصلوبًا، وعندما أرادوا أن يصلبوه قال إنه شرف لا أستحقه أن أموت مصلوبًا مثل سيدي، ولكني أرجو أن أصلب وقدماي إلى أعلى ورأسي إلى أسفل، لأني أضأل من أن أكون كسيدي. ويقال انه نظر إلى روما وهو يقول "عما قريب تتحولين أيتها الهياكل الوثنية المتعالية إلى معابد للمسيح" وقال للجماهير المحتشدين "إن أولادكم سيكونون خدامًا للمسيح.. ها نحن نموت يا روما من أجل أن تخلصي، ويسيطر عليك روح المسيح. ولسوف يجيء قياصرة ويذهبون ولكن مملكة المسيح ستظل ثابتة صامدة على مدى الأجيال" . القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
04 يوليو 2023

القديس بطرس، رسول الرجاء

رسول الرجاء ان حياة القديس بطرس الرسول شاهد حي على نعمة الله المغيرة والقادرة على تغيير رجل عادى من عامة الشعب بلا مؤهلات دراسية او منصب مرموق ، له أخطائه وتهوره واندفاعه وطيبة قلبه ، عندما سلم حياته للتلمذة على يد النجار الأعظم ، حوله الى رسول ورابح للنفوس الى ملكوت الله السماوي . انه شهادة حيه لعمل النعمة التى أنتشلته من الضعف والأنكار والحزن فى لحظات الضعف ليرده المخلص الذى طلب من الأب السماوى لكي لا يفنى إيمانه . لقد أختبر القديس بطرس قوة الرجاء الغافرة للخطايا من أجل هذا كتب يقول لنا {مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الاموات. لميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل محفوظ في السماوات لاجلكم . انتم الذين بقوة الله محروسون بايمان لخلاص مستعد ان يعلن في الزمان الاخير.الذي به تبتهجون مع انكم الان ان كان يجب تحزنون يسيرا بتجارب متنوعة. لكي تكون تزكية ايمانكم وهي اثمن من الذهب الفاني مع انه يمتحن بالنار توجد للمدح و الكرامة والمجد عند استعلان يسوع المسيح}( ابط 3:1-7). نعم انه رسول الرجاء للخطاة والأمل لمن تعثروا فى الطريق، والإيمان لمن جاء عليه زمان ضعف وأنكر مخلصه ، انه الرسول الداعى للقداسة لمن عاشوا فى وحل الخطية ، والمبشر بالإيمان والثقة بالله لكل نفس بشرية تعرضت للفشل والأحباط مراراً كثيرة . صياد السمك يتكل على الله وتتغير من حوله الظروف الجوية ويكتسب رزقه يوما بيوم ولا يملك الا القليل. وقد ترك حتى القليل الذي يملكه ليخدم ويتتلمذ على المعلم الصالح، وربح نفسه والجوهرة الكثيرة الثمن "الإيمان " الذى يصنع المعجزات ويقيم الأموات ويجعل الجاهل حكيم والخاطئ قديس . كما راينا فى حديثه مع الشحاذ الأعرج المقعد عند باب الجميل {فتفرس فيه بطرس مع يوحنا وقال انظر إلينا، فلاحظهما منتظرًا أن يأخذ منهما شيء}(أع 3: 4).. لقد قدم له الشيء الذي لا يملكه آخر، وهو أعظم شيء يمكن أن يقدم للإنسان البائس على الأرض {فقال بطرس ليس لي فضة ولا ذهب ولكن الذي لي فإياه أعطيك. باسم يسوع المسيح الناصري قم وأمش. وأمسكه بيده اليمنى وأقامه ففي الحال تشددت رجلاه وكعباه، فوثب ووقف وصار يمشي ودخل معهما الهيكل وهو يمشي ويطفر ويسبح الله} (أع 3: 6-8) كان اسم المسيح عند بطرس أعظم وأجل وأمجد من كل كنوز العالم، وقد قدمه للرجل المريض فشفاه، وأعطاه الرجاء في حياة حرة كريمة نافعة. وأعطاه أكثر من ذلك إيمانًا قويًا بسر الحياة في الاسم العجيب المبارك اسم المسيح. وما أحوج عالمنا اليوم الى من يشفى عجزه وحاجته وضعف إيمانه بالله . كان بطرس ممتلئا من العواطف البشرية ويعلن عنها فى مواقف حياته ولا يخبائها ، أليس هو الصارخ في إحدى المناسبات: {أخرج من سفينتي يارب لأني رجل خاطيء}(لو 5: 8) وفي قيصرية فيلبس عندما تكلم السيد المسيح عن الآمه وصلبه {فأخذه بطرس إليه وابتدأ ينتهره قائلاً حاشاك يارب لا يكون لك هذا} (مت 16: 22). بل قال {إني أضع نفسي عنك} (يو 13: 37). وعندما خرج في تلك الليلة الرهيبة يوم ان أنكر معرفته بسيده {بكي بكاء مرًا} (لو 22: 62). وأكثر من ذلك كان يملك قوة إرادة هائلة، لقد ترك كل شيء ليتبع المسيح، وترك القارب ليمشي إليه على الماء ، وتجرأ على أن يحتج على المسيح علنًا، وجرد سيفه وضرب عبد رئيس الكهنة ، ان الفحم الهش الذي يسهل أن تتفكك عناصره يتحول إلى الماس الصلب الصلد الثمين، والذي يعتبر من أقوى العناصر تماسكًا وصلادة، إنهم يقولون إن السبب يرجع إلى وقوع الفحم تحت ضغط وحرارة شديدين، وقد أمكن للإنسان على هذا الأساس أن يصنع الماس الصناعى من الفحم الأسود! وان كان الأمر في الطبيعة هكذا ، فإن نعمة الله الغنية التي للفخاري العظيم، تغيير من وعائنا الفاسد ليعيد صنعه من جديد اناءاَ للكرامة والمجد عندما يخضع للثقل والتهذيب . لقد منح السيد المسيح للقديس بطرس الثقة ، قبل أن يؤمن به ، وقد يكون هذا التعبير غريبًا، ولكنها الحقيقة الواقعة. نحن نؤمن بالسيد لأنه هو وضع ثقته فينا وانتظر منا ثمر الحياة الجديدة التي وهبنا إياها، كان المسيح قد نظر إلى بطرس وراي فيه اناءاً مختاراً . انها حكمة الله المشجعة لنا وهي التي ترى فينا الإمكانيات التي قد لا يراها فينا الناس أو لا نراها نحن في أنفسنا، ومن الواضح أن السيد وثق ببطرس، في وقت فقد فيه بطرس الثقة بنفسه حتى أوشك على الضياع: {طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك، وأنت متى رجعت ثبت إخوتك} (لو 22: 32). عندما قال مدرس أديسون له : " انت كالبيض الفاسد لن تفيد شئيا واخرجه من المدرسة " كانت أم توماس أديسون مؤمنة بقدرة ابنها، ورفضت رأى المدرس في ولدها العبقري، الذي أصبح من أعظم عباقرة الأمريكيين في الاختراع والصناعة. قد يفقد الإنسان الثقة في نفسه ، وقد يفقدها فيه الناس جميعًا، لكن هناك واحدًا عظيمًا لم يفقد الثقة في عودتنا إليه ويعمل على رجوعنا اليه ويخلق فينا الإنسان الجديد الذى يتجدد يوماً فيوم على صورة خالقه. انه راعى نفوسنا ومخلصها الصالح الذي بذل ذاته على الصليب من أجل خلاصنا. إن الإيمان يرفع الإنسان فوق نفسه إلى أعلى درجات النجاح ويفجر فيه الطاقات الساكنة ، ويفجر فيه قوى غير مألوفة للبشر، وهذا ما حدث مع بطرس بالذات، عندما فعل شيئًا من المستحيل أن يفعله مخلوق بشري غيره، لقد رأى المسيح ماشيًا على الماء، وكان المنظر أمامه مثيرًا وعجيبًا ومذهلا، فلماذا لا يفعل مثلما فعل سيده، ولماذا لا يرتفع بمعونة سيده، وعلى مثاله، ليفعل الشيء الذي لا يجرؤ آخر على تقليده ومحاكاته؟ ورغم تعثر بطرس فوق الماء، إلا أن الإيمان بالمسيح علمه أن يكون محاكيًا للسيد ومقلدًا له، ويكفي أن نذكر أنه كان مع سيده عند إقامة ابنة يايرس وأنه دخل إلى غرفة الصغيرة مع يعقوب ويوحنا وأبويهما، ورأى المسيح وهو يمد يده ليقول لها {طليثا قومي} (مر 5: 41) ومرت سنوات على هذا المشهد الذي ترك أثره العميق في نفسه، ودعى هو إلى يافا ليرى مشهدًا مماثلاً، لفتاة قد ماتت، وهي تلميذة للرب، وإذا به يفعل ذات الشيء مع فارق وحيد أنه جثا على ركبتيه، لأنه أقل من سيده العظيم ثم التفت إلى الجسد وقال: {فقام بطرس و جاء معهما فلما وصل صعدوا به الى العلية فوقفت لديه جميع الارامل يبكين ويرين اقمصة و ثيابا مما كانت تعمل غزالة و هي معهن. فاخرج بطرس الجميع خارجا وجثا على ركبتيه وصلى ثم التفت الى الجسد وقال يا طابيثا قومي ففتحت عينيها ولما ابصرت بطرس جلست. } (أع 9: 39،40). إن مجد الإيمان المسيحي هو إضافة شخص السيد إلينا، أو بتعبير أصح وأصدق، هو إضافتنا نحن إلى شخص السيد لتجعلنا نعمل المعجزات باسمه القدوس. القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
25 مايو 2023

عيد الصعود فى حياتنا الروحية

عيد الصعود المجيد يرفع قلوبنا وأفكارنا وارواحنا الى السماء حيث المسيح جالس عن يمين الاب . فنحن نشكر الله الذى أقام طبيعتنا واصعدها الى السماء . ونساله ان يقيمنا من الكسل والتعلق بالإرضيات الي سمو الفكر وارتفاعه عن كل محبة أو شهوة غريبة عن محبة الله { هادمين ظنونا وكل علو يرتفع ضد معرفة الله ومستاسرين كل فكر الى طاعة المسيح }(2كو 10 : 5) .ان السيد المسيح الذى نزل لأجل خلاصنا هوالذى صعد ايضا فوق جميع السموات لكى يملأ الكل (أف 4: 9، 10). فنحن مدعوين الى حياة السمو والفضيلة والبر لنرتفع مع من صعد ليقيمنا ويرفعنا الى مرتبة البنوة والحياة السمائية . ان جبل الزيتون كما كان يمثل الآلم والمعاناة فى حياة المخلص الصالح وفيه قُبض عليه وسيق كشاة حتى الى الصليب هو جبل السلام والفرح بقيامة الرب من بين الاموات وجبل الصعود الى السماء ، ونحن لكى ما نتمجد مع المسيح ونصعد معه الى الفردوس وملكوت السموات فاننا نحمل بفخر صلبينا{ فان كنا اولادا فاننا ورثة ايضا ورثة الله و وارثون مع المسيح ان كنا نتالم معه لكي نتمجد ايضا معه} (رو 8 : 17). ونحن اذا نتبع خطي التلاميذ والاباء الرسل نفرع بالصعود ونواظب على الصلاة كجماعة واحدة مقدسة طالبين مواهب وثمار وعطية الروح القدس المعزى { حينئذ رجعوا الى اورشليم من الجبل الذي يدعى جبل الزيتون الذي هو بالقرب من اورشليم على سفر سبت. و لما دخلوا صعدوا الى العلية التي كانوا يقيمون فيها بطرس و يعقوب و يوحنا و اندراوس وفيلبس وتوما وبرثولماوس ومتى ويعقوب بن حلفى وسمعان الغيور ويهوذا اخو يعقوب. هؤلاء كلهم كانوا يواظبون بنفس واحدة على الصلاة والطلبة مع النساء ومريم ام يسوع ومع اخوته}(أع 12:1-14). نصلى ونطلب من الرب ان ينظر بعين الرأفة والمحبة الى كل نفس فى الكنيسة رعاة ورعية وان يصعد بلادنا من الفساد والتعصب والجهل وعدم الأمان الى حياة السلام والتقدم والمعرفة والنور ويقوى أيماننا به للننتظر بفرح مجئية الثانى . تتويج لعمل السيد المسيح الخلاصى ... ان عيد الصعود المجيد يمثل تتويجا للعمل الخلاصى الذى فعله السيد المسيح من أجلنا ولخلاصنا فى العهد الجديد فلقد صعد الرب الى أعلى السموات بالجسد البشرى القائم كجسد روحاني نوراني ممجد ، واصعد طبيعتنا البشرية معه الى السماء ، وانتهت مرحلة اخلاء الذات التدبيرى من اجل خلاص جنس البشر وبصعود المخلص تمجد الابن الكلمة واستحقت البشرية نعمة ومواهب وثمار الروح القدس { قال لهم هذا هو الكلام الذي كلمتكم به وانا بعد معكم انه لا بد ان يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والانبياء و المزامير. حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب. و قال لهم هكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغي ان المسيح يتالم و يقوم من الاموات في اليوم الثالث. وان يكرز باسمه بالتوبة و مغفرة الخطايا لجميع الامم مبتدا من اورشليم. و انتم شهود لذلك. وها انا ارسل اليكم موعد ابي فاقيموا في مدينة اورشليم الى ان تلبسوا قوة من الاعالي. واخرجهم خارجا الى بيت عنيا و رفع يديه و باركهم. و فيما هو يباركهم انفرد عنهم و اصعد الى السماء. فسجدوا له و رجعوا الى اورشليم بفرح عظيم. و كانوا كل حين في الهيكل يسبحون و يباركون الله امين}( لو44:24-52). أن كان السيد المسيح الملك الظافر الممجد في السماء وعلي الأرض في أحد الشعانين دخل الي اورشليم كملك وديع وعادل ومتواضع، ففى عيد الصعود يدخل الي أورشليم السمائية منتصرا وظافرا. كان في أحد الشعانين راكبا على جحش واليوم راكب على السحاب ، دخل أولا وسط تسابيح الشعب والأطفال واليوم تستقبله الملائكة بالتسابيح ، استقبله أطفال القدس خلصنا يا ابن داود واليوم يهتف الاباء والانبياء الذين ماتوا على رجاء ومعهم نحن خلصتنا وادخلت طبيعتنا الى السماء، فى عيد الصعود نصلى ليصعدنا من الضعف والخوف والمرض والخطية وان ينقذنا من أعدائنا الخفيين والظاهرين . ان الاحتفال بعيد الصعود المجيد هو تقليد رسولى كما جاء فى الدسقولية التى هى تعاليم الاباء الرسل (من أول اليوم من الجمعه الاولى احصوا أربعين يوما إلى خامس السبوت ثم أصنعوا عيد لصعود الرب الذى اكمل فيه كل التدبيرات وكل الترتيب وصعد إلي الاب الذى أرسله وجلس عن يمين القوة (دسق 31). لقد استقبلت الملائكة وكل قوات السماء المخلص بما يليق به من أكرام وسجود كما تنباء بذلك داود النبى { ارفعن ايتها الارتاج رؤوسكن وارتفعن ايتها الابواب الدهريات فيدخل ملك المجد.من هو هذا ملك المجد الرب القدير الجبار الرب الجبار في القتال.ارفعن ايتها الارتاج رؤوسكن وارفعنها ايتها الابواب الدهريات فيدخل ملك المجد. من هو هذا ملك المجد رب الجنود هو ملك المجد }( مز 4:24-10). ونحن نتمثل بالملائكة ونفرح مع الاباء الرسل بصعود الرب الى السموات كسابقاً من أجلنا مترنمين كأمر داود النبى { يا جميع الامم صفقوا بالايادي اهتفوا لله بصوت الابتهاج. لان الرب علي مخوف ملك كبير على كل الارض.صعد الله بهتاف الرب بصوت البوق . رنموا لله رنموا رنموا لملكنا رنموا. ملك الله على الامم الله جلس على كرسي قدسه}( مز1:47). اننا نتعلم من ابائنا القديسين لنعيش فى تقوى ومحبة الله ولهذا يذكرنا القديس ساويرس الأنطاكي (459-536م ) ، بهذا العيد كأَجل الأعياد إذ يقول: "إني احتفل بتقاليد الرسل القديسين التي سلمها لنا أعمدة الكنيسة كميراث أبدي لا يفنى بعد أن تسلموها كل واحد بدوره كما يتسلم الابن من أبيه، وهذه تمت على أيديهم وأزهرت في الكنيسة، ومن بين هذه التقاليد التي استلمناها ما تنادي به الكنيسة اليوم لتعلمنا به أن المسيح لأجلنا صعد إلى السموات". ان السيد المسيح صعد الى السموات بالجسد الممجد اذ انه بلإهوته حال فى كل مكان ولا يحويه مكان وكما نستقبل ارسال القنوات الفضائية ونراها صوت وصورة دون ان نحدها فى الجهاز التلفزيونى الخاص بنا هكذا التجسد الإلهى لم يحد اللإهوت { وها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين} (مت 28 : 20) .{ لانه حيثما اجتمع اثنان او ثلاثة باسمي فهناك اكون في وسطهم} (مت 18 : 20) . أن يسوع المسيح الذى ارتفع عنا إلى السماء سيأتى هكذا ليدين العالم وياخذ الابرار للحياة الدئمة معه ونحيا معه كملائكة باجساد نورانية روحية ممجده كما أخبرت الملائكة ابائنا الرسل القديسين في يوم صعود الرب الي السماء {و لما قال هذا ارتفع وهم ينظرون واخذته سحابة عن اعينهم. وفيما كانوا يشخصون الى السماء وهو منطلق اذا رجلان قد وقفا بهم بلباس ابيض. وقالا ايها الرجال الجليليون ما بالكم واقفين تنظرون الى السماء ان يسوع هذا الذي ارتفع عنكم الى السماء سياتي هكذا كما رايتموه منطلقا الى السماء} (أع 1: 9-11) نعم سيأتى للدينونة ويكأفى الأبرار ويعاقب الأثمة {فان ابن الانسان سوف ياتي في مجد ابيه مع ملائكته وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله} (مت 16: 27). ولهذا فنحن نعد أنفسنا بالتوبة الدائمة وثمار الأعمال الصالحة منتظرين سرعة مجئ ربنا يسوع المسيح. القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
23 مايو 2023

قوة القيامة المجيدة فى حياتنا

قيامة الرب يسوع المسيح من بين الاموات هى حجر الزاوية الإيمان المسيحي فهى سر رجاء المؤمن وقوته وسلامه وفرحه وتبريره وهى نافذتنا الى الأبدية السعيدة فكما قام المسيح سنقوم معه باجساد روحانية نورانية ممجدة { مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الاموات (1بط 1 : 3). لهذا يؤكد القديس بولس الرسول على أهمية القيامة قائلا { ان لم يكن المسيح قد قام فباطل ايمانكم انتم بعد في خطاياكم.اذا الذين رقدوا في المسيح ايضا هلكوا.ان كان لنا في هذه الحياة فقط رجاء في المسيح فاننا اشقى جميع الناس. ولكن الان قد قام المسيح من الاموات وصار باكورة الراقدين.} (1كو 17:15- 20). وفى كل أيام حياتنا على الأرض، يجب أن نحيا إيماننا الأقدس كابناء القيامة ونعيش فى محبة لله والغير وعمل الغير. نعيش حياة الرجاء الراسخ كسفراء لله والسماء واثقين أن الله يراقب جهادنا ويقوى إيماننا ويعين ضعفنا ويجدد شبابنا الروحي ويكافأنا بالأبدية السعيدة لنحيا مع الله كل حين. التوبة هي إختبار لقوة القيامة وقطع لربط الخطية والبعد عنها بقوة المسيح القائم منتصر على الخطية والعالم والشيطان والموت. التوبة تجدد بنوتنا لله وتلبسنا ثوب البر وكما فعل الأبن الضال عندما قال { اقوم واذهب الى ابي واقول له يا ابي اخطات الى السماء وقدامك} (لو 15 : 18). بالتوبة يقوم التائب من الموت الروحي ويفرح قلب الله ويرجع الي أحضانه الأبوية { لان ابني هذا كان ميتا فعاش وكان ضالا فوجد فابتداوا يفرحون }(لو 15 : 24). فالتوبة هى قيامة مفرحة سعيدة. والخاطئ هو إنسان ميت روحيا لم يختبر قوة القيامة التي تغلب الخطية والموت {مبارك ومقدس من له نصيب في القيامة الاولى هؤلاء ليس للموت الثاني سلطان عليهم}(رؤ20 : 6) هنا نقراء عن موتان وقيامتان فالموت الأول هو موت الخطية. فكل خاطىء هو ميت فى نظر الله. والموت الثانى هو الموت الأبدى أى الهلاك والإنفصال عن الله والدينونة أما موت الجسد للمؤمن ليس هو موت بل إنتقال. القيامة الأولى هى القيامة من موت الخطية أى التوبة { تأتى ساعة وهى الآن حين يسمع الأموات (روحيا) صوت إبن الله والسامعون يحيون} (يو25:5) أما القيامة الثانية فقال عنها الرب { تأتى ساعة فيها يسمع جميع الذين فى القبور صوته فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة} (يو29:5). التوبة تقيم الإنسان من موت الخطية وتهبه حياة أبدية والإيمان العامل بالمحبة يجعلنا أبناء للقيامة نغلب الموت وننتصر على الشيطان والخطية والضعف ونحيا فى سلام وقوة القيامة المنتصرة. لقد جاء السيد المسيح ليعطينا أن ننتصر على الخطية بالإيمان بالمسيح وقوة قيامته فنقوم من الخطية ونتوب عنها ولا نرجع اليها ونموت عن شهوات العالم لنحيا الحياة المقامة فى المسيح يسوع وناخذ قوة للإنتصار على الخطية. إن النفس التائبة تشع منها قوة من قوة قيامة الرب يسوع كما ظهر ذلك فى حياة التائبين في الكتاب المقدس وسير القديسين كما فى حياة القديس موسي الأسود بعد توبته ومريم المصرية وغيرهم من التائبين كل يوم. أننا بالتوبة نرتل فى موكب القيامة " المسيح قام من بين الأموات، بالموت داس الموت، ووهب الحياة للذين فى القبور" لهذا يدعونا الكتاب لليقظة الروحية والتوبة { استيقظ ايها النائم وقم من الاموات فيضيء لك المسيح. فانظروا كيف تسلكون بالتدقيق لا كجهلاء بل كحكماء. مفتدين الوقت لان الايام شريرة.} (أف 14:5-16). بايماننا بالقيامة نبتعد عن كل شر فى حرص على أبديتنا، ونحيا فى محبة الله فى تقوى وبر واثقين ان الله لا ينسي تعب المحبة. نحمل الصليب برضا وفرح وشكر وثقين ان الآم الزمان الحاضر لابد ان تنهي مهما طال العمر أو قصر، فبعد حمل الصليب وتبعية المصلوب هناك مكافاة للأبرار وقيامة مجيدة وافراح فى السماء. فنحن ابناء القيامة والحياة الأبدية نحيا فى فرح وقوة لا تهاب حتى الموت بل تشهد للمسيح القائم منتصرا على الشيطان والموت وهو قادر أن يقودنا فى موكب نصرته ويظهر بنا رائحته الذكية فى كل مكان. القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل