المقالات

21 سبتمبر 2021

القيم الروحية فى حياه وتعاليم السيد المسيح(22) الشجاعة

مفهوم الشجاعة وأشكالها ... الشجاعة والشهادة للحق واقتحام الصعاب ... تُطلق كلمة شجاعة على شدة القلب وجرائته فى الاقدام أو قدرته في مقاومة الخصم، والتغلّب عليه ، هى صفة قد يتميز بها بهذا حتى الأشرار. أمّا الشجاعة فى المؤمن، فهي فضيلة خلقية، يكتسبها الإنسان بالتمرّن على الشهادة للحق دون خوف أو خنوع ويتدرب على الصبر والتضحية، في سبيل تحقيق مشيئة الله. ومن شأن فضيلة الشجاعة بهذا ان تسيطر على الشعور بالخوف من المكاره ، وأن تثبّت الإرادة في تحمّل التجارب والضيقات أو حتى الموت متى لزم الامر فلن نحيا الإ حياة واحدة ، ويجب ان نحيا حياة كريمة أمام الله وفى صدق مع النفس والناس ، الشجاعة تدفعنا الى مقاومة الشر والظلم بالطرق السليمة والقانونية . إن طريق الكمال يحاج الى شجاعة للسير فيه فهو دخول من الباب الضيّق والطريق الصعب {ادخلوا من الباب الضيق لانه واسع الباب ورحب الطريق الذي يؤدي الى الهلاك وكثيرون هم الذين يدخلون منه. ما اضيق الباب واكرب الطريق الذي يؤدي الى الحياة وقليلون هم الذين يجدونه} (مت 13:7-14). فلابد للسائرين من الباب الضيق، من شجاعة العزيمة وشجاعة القلب لاقتحام المصاعب التي تواجههم في حياتهم لدى قيامهم بواجباتهم.الشجاعة فضيلة أدبية تميل بصاحبها إلى تحمّل المكاره والموت متى اقتضى الأمر من اجل الايمان او الفضيلة دون تعدى وفى تقدير واحترام للغير. إنها الفضيلة التي تبعث في المرء النشاط والإقدام؛ ولكنها أيضاً تنظّم قوة نشاطه واندفاعه، لئلا يحمله حماسه إلى الطيش والتهوّر. فالشجاعة هي قوة الإرادة في مواجهة الصعاب والتغلّب عليها. فإذا كانت الغاية من الشجاعة أرضية زمنية، كانت الشجاعة فضيلة أرضية طبيعية. أما إذا كانت الغاية منها إكرام الله أو القيام بواجب من أجل الخير العام أو الخير الروحي فتكون الشجاعة فضيلة فائقة الطبيعة. الشجاعة والثبات فى الجهاد .. الشجاعة تعني الإقدام على صعاب الأمور والثبات في ذلك الإقدام والاستمرار على الصبر في الشدة. فالامر يحتاج الى الحكمة والافراز والتمييز. قد يكون احتمال الشدائد شجاعة لأنه يتطلب عزيمة أقوى. التصبّر قد يكون أصعب من المهاجمة والاقتحام، الاستشهاد أحياناً أسهل من الجهاد المتواصل في جو من سوء الفهم والتهديدات ولكن من يثبت في مثل هذه الظروف يكون على أتمّ الاستعداد ليتقبّل الاستشهاد. وليس معنى ذلك القبول بالظلم او الرضي بحياة غير كريمة فالسيد المسيح جاء ليهبنا حياة أفضل {واما انا فقد اتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم افضل} (يو 10 : 10) .الشجاعة وسط بين نقيضين الخوف من جهة والتجرؤ والطيش المتسرع من جهة أخرى. فهي الفضيلة التي تقوّي ارادة المؤمن لكي يضبط الانفعالات فيما يخصّ هاتين النزعتين: الخوف والتجرؤ. فدور الشجاعة هو تجاوز الخوف غير المعقول أمام شر يهدّد الإنسان، وضبط الفرد من المهاجمة غير المعقولة لشر قادم. وبما أن أعظم شرّ طبيعي هو أن يخسر الإنسان حياته، فإن فضيلة الشجاعة تعالج حتى الخوف من الموت. الشجاعة ومقاومة الشر وعدم الرضى بالسقوط .. إن من بين صور الشجاعة ، المقاومة أو التحمّل وكلاهما يحتاج الى الحكمة. من الناحية النفسية فإنه من الأسهل الهجوم على شر خصوصاً عندما يثيرك احد وتثور فيك نزعة الغضب. ولكن المعاناة من المرض أو الاضطهاد او الضيق أو حتى الموت بروح مطمئنة قوية يتطلب شجاعة الأبطال. عندما اراد تلاميذ الفيلسوف سقراط تهريبه من السجن الذى كان ينتظر فيه حكم الموت بتجرع السم رفض ذلك قائلا ليس الموت ما نخشاه انما نخشى الموت ونفوسنا ليست نقية ، لقد اعتبر المسيحيون دائماً الشهداء أمثلة رائعة للشجاعة المسيحية. والشهادة فى المسيحية ليست هى الهجوم على الغير او ازهاق اروح الابرياء بل هى شهادة للإيمان المسيحى والاقرار به وتقديم الحياة ذاتها متى اجبر الانسان على أنكار أيمانه أو تقديم حياته . وتقوم الشجاعة بنشاطها فى مقاومة الشر في الحياة الروحية. ولكي ننجح في الوصول إلى الكمال المسيحى يجب علينا أن نبدأ الرحلة بقوة نحو الكمال، ولا يجب أن نفاجأ بحروب الشيطان وهجومه ، ويجب أن تكون عندنا الشجاعة للهجوم والتصدى لحيل أبليس {اصحوا واسهروا لان ابليس خصمكم كاسد زائر يجول ملتمسا من يبتلعه هو. فقاوموه راسخين في الايمان عالمين ان نفس هذه الالام تجرى على اخوتكم الذين في العالم. واله كل نعمة الذي دعانا الى مجده الابدي في المسيح يسوع بعدما تالمتم يسيرا هو يكملكم ويثبتكم ويقويكم ويمكنكم} 1بط 8:5-10. ، ويجب أن يكون عندنا الثبات والمثابرة للمضي قُدماً بدون الاستسلام إلى العدو. وحتى إذا قمنا بتقدّم كبير في الحياة الروحية وحققنا نصراً معنوياً على الشيطان ، ستظل الشجاعة ضرورية لنتحمّل التجارب التي يسمح الله بها لاختبار وتقوية وصفاء الروح. الشجاعة ثورة على الخوف .. الإنسان يخاف المجهول ويخاف من المستقبل ويخاف مما هو غير منظور بل إن الإنسان قد يخاف من ذاته .وهناك خوف طبيعى كالخوف من النار والسيارات المسرعه والبعد عنها وهذا درباُ من الشجاعه للبعد عن الشر . وأما الخوف المرضى هو الذى يقود الى الجبن والنفاق ومحاباة الشر {ويل للقائلين للشر خيرا وللخير شرا الجاعلين الظلام نورا و النور ظلاما الجاعلين المر حلوا و الحلو مرا }(اش 5 : 20). فهذا ضد الحق والشجاعة . في حياة المسيح نرى انه كان ثورة على كل المفاهيم الخاطئة والتي قتلت فى الانسان الحياة السليمة كعشرة محبة لله . لان الشعب في زمن المسيح ظن بإن العلاقة هي بين الإنسان والشريعة، والقانون والفروض. ولم يعرف إن هدف ذلك كله هو الرحمة والمحبة. ولهذا قال المسيح لهم { فقد ابطلتم وصية الله بسبب تقليدكم} (مت 15 : 6). هذا التقليد البشري النابع من تفكير الإنسان المحدود روحياً والمتزمت دينياً جعلهم كالقبور لا حياة فيهم. الفريسية جعلت الأمة تعيش تحت نير الخوف من الشريعة وجعلتها أمة مستعبدة لهذا الخوف. لذلك أتى المسيح وحرر الإنسان من هذا الخوف القاتل { اذ لم تاخذوا روح العبودية ايضا للخوف بل اخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا ابا الاب} (رو 8 : 15). المسيحية هي رسالة تحرير الإنسان من العبودية للخوف ليهبنا حرية مجد ابناء الله . لا ينبغي على الإنسان المسيحى الذى يسكن داخله المسيح أن يخاف خوفا مرضيا لان الكتاب المقدس مملوء بوعود الله الصادقة والمعزية واعماله القوية مع ابنائه والتى تعطي الاطمئنان والسلام الداخلى وعدم الخوف . لقد تكررت كثيراً عبارة "لا تخف" فى الكتاب المقدس مرات كثيرة جداً لكى نحيا فى سلام وعدم خوف ، لان الله كاب لنا يرعى ابنائه ولن ينسانا حتى ان نسيت الام رضيعها . وحتى فى الظروف والاحداث الصعبة فان المؤمن لا يخاف فمادام الله معنا فمن علينا، انه الذى جاز بالفتية فى اتون النار وسد افواه الاسود وقاد الكنيسة عبر تاريخها الطويل يجعل كل الاشياء تعمل معنا للخير للذين يحبون الله. مع الإيمان لا خوف من مستقبل او مرض او اضطهاد او حتى استشهاد فالله ربنا القادر على كل شئ سيقودنا فى موكب نصرته. لن يستطيع شئ ان يؤذينا الا بسماح منه ولفائدتنا ومهما حصل من احداث لا تؤثر على سلام المؤمن الداخلى لانه يأخذه من الله { سلاما اترك لكم سلامي اعطيكم ليس كما يعطي العالم اعطيكم انا لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب} (يو 14 : 27). ان الله ليس عنا ببعيد بل به نحيا ونتحرك ونوجد وهو قادر ان يدافع عنا ويعطينا الشجاعة والقوة والنجاح { لان الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح (2تي 1 : 7) . ولنا وعوده الصادقة { لا تخف لاني معك لا تتلفت لاني الهك قد ايدتك واعنتك وعضدتك بيمين بري. انه سيخزى ويخجل جميع المغتاظين عليك يكون كلا شيء مخاصموك ويبيدون. تفتش على منازعيك ولا تجدهم يكون محاربوك كلا شيء وكالعدم.لاني انا الرب الهك الممسك بيمينك القائل لك لا تخف انا اعينك} اش 10:41-13. السيد المسيح فى شجاعة وحزمه وتعاليمه... السيد المسيح يعلمنا الثقة فى الله .. لقد عمل السيد المسيح على تقوية إيماننا لنتحرر من الخوف ونثق فى الله وفى شدة قوته { سلاما اترك لكم سلامي اعطيكم ليس كما يعطي العالم اعطيكم انا لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب} (يو 14 : 2). اننا نثق فى الله كآب لنا ونصلى فنقول ابانا الذى فى السماوات ، فحينما نقيم علاقتنا مع الله على اساس الأبوة نأمن له ونطمئن لرعايته الأبوية ولتدبيره لحياتنا ، وأكد لنا أن الله يهتم بنا اهتمام الاّب بابنائه . ودعانا أن لا نخاف من الحياة ، ولا نعول الهم فى الحياة مهما كانت الاحوال ، ولا نقلق مهما كانت الظروف ضاغطة ، وأكد لنا أن الكوارث الطبيعية والامراض ومصاعب الحياة ليست مظهرا للغضب الالهى ، والله ليس مخيف ومنتقم الا للاشرار والظالمين ، فهو أب يرعى ويعتنى ويحب الانسان ، وينبغى ان نتعامل معه من مدخل الثقة فى وجوده معنا وفى محبته ورعايته لنا . دعانا الا نخاف من يوم الدينونة مادمنا نستعد ونتوب اليه ، ووستكون لنا هى يوم المجازاة والدخول للفرح السمائى، فالخشية من يوم الدينونة هو خوف يدعو للخلاص، وان كانت المخافة طريق الحكمة، ومخافة الله رأس كل حكمة روحية . فانها المخافة التى تعلم الحذر والانتباه وتقلل من الكسل والاستهتار، لذلك دعانا للسهر الروحى على خلاص نفوسنا. ومن االحكمة ان نكون حذرين مداومين على الصلاة والسهر الروحى. لقد علمنا ان نستعد للقاء الله المفرح بأعمال التقوى ، ورمز لذلك بلبس ثياب العرس، وحفظ الزيت فى الاّنية ، واستثمار الوازنات. السيد المسيح في وداعته وشجاعته .. فى السيد المسيح راينا التكامل فى الفضائل فليس الشجاعة هى الطيش او التهور بل الحزم متى استوجب الامر والقوة الروحية التى لا تلين ولا تهادن الشر متى وجب مقاومة الشر . السيد المسيح الذى جاء عنه { لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع احد في الشوارع صوته (مت 12 : 19). رايناه حازماً مع هؤلاء الذين حولوا بيت الصلاة الى مغارة للصوص { وكان فصح اليهود قريبا فصعد يسوع الى اورشليم. ووجد في الهيكل الذين كانوا يبيعون بقرا وغنما وحماما والصيارف جلوسا. فصنع سوطا من حبال وطرد الجميع من الهيكل الغنم والبقر وكب دراهم الصيارف وقلب موائدهم. وقال لباعة الحمام ارفعوا هذه من ههنا لا تجعلوا بيت ابي بيت تجارة. فتذكر تلاميذه انه مكتوب غيرة بيتك اكلتني} يو 13:2-17. كما كان قويا شجاعاً فى تبكيته للكتبة والفريسيين المراؤون { لكن ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لانكم تغلقون ملكوت السماوات قدام الناس فلا تدخلون انتم ولا تدعون الداخلين يدخلون. ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لانكم تاكلون بيوت الارامل ولعلة تطيلون صلواتكم لذلك تاخذون دينونة اعظم. ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لانكم تطوفون البحر والبر لتكسبوا دخيلا واحدا ومتى حصل تصنعونه ابنا لجهنم اكثر منكم مضاعفا.ويل لكم ايها القادة العميان} مت 13:23-16. كان قوياً شجاعاً فى حجته واقناعه كما راينا يقنع هؤلاء الذين فى حرفية قاتله منعوا عمل الخير فى السبوت تحت حجة عدم كسر السبت { ثم انصرف من هناك و جاء الى مجمعهم. و اذا انسان يده يابسة فسالوه قائلين هل يحل الابراء في السبوت لكي يشتكوا عليه. فقال لهم اي انسان منكم يكون له خروف واحد فان سقط هذا في السبت في حفرة افما يمسكه و يقيمه.فالانسان كم هو افضل من الخروف اذا يحل فعل الخير في السبوت. ثم قال للانسان مد يدك فمدها فعادت صحيحة كالاخرى.مت 9:12-13. شجاعة البذل والعطاء المسيحى .. الصليب هو علامة قوة المحبة والبذل والفداء فى المسيحية ، وليس علامة ضعف او تخاذل ، ولقد اعلن السيد المسيح لتلاميذه انه سيسلم ليد الامم ويستهزء به ويقوم فى اليوم الثالث . وقال عن حياته { ليس احد ياخذها مني بل اضعها انا من ذاتي لي سلطان ان اضعها و لي سلطان ان اخذها ايضا} (يو 10 : 18) . ففي شخص السيد المسيح التقى الحبُّ بالشجاعة والبذل والتضحية . وفيه التقيا العدل والرحمة ومات البار عن الخطاة والأثمة . وهذا ما اعلنه لنا السيد فى بدء خدمته { وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي ان يرفع ابن الانسان. لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية .لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية. لانه لم يرسل الله ابنه الى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم. الذي يؤمن به لا يدان و الذي لا يؤمن قد دين لانه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد. وهذه هي الدينونة ان النور قد جاء الى العالم و احب الناس الظلمة اكثر من النور لان اعمالهم كانت شريرة} يو 14:3-19. لهذا عبر الشهداء عن قوة ايمانهم ولم يخافوا الامبراطورية الرومانية بجيوشها واسودها وكل عذاباتها للمسيحيين، ولقد انتصر الايمان علي الوثنية . والاشخاص العزل على قوة السلاح حتى اعلنت المسيحية ديانة للدوله فى عهد قسطنطين قبيل منتصف القرن الرابع وان استمرت موجهات الاضطهاد للمؤمنين من اعداء المسيح من جيل الى جيل برهاناً على قوة المحبة الباذلة واظهاراً لفضائل اتباع المسيح . روت دماء الشهداء بذار الايمان ليصبح شجرة عظيمة ، كان لسان حال الشهداء كما هو حالنا ايضا ان نقول كما نؤمن ونحيا شهود لايماننا فى شجاعة ومحبة { لاننا نعلم انه ان نقض بيت خيمتنا الارضي فلنا في السماوات بناء من الله بيت غير مصنوع بيد ابدي. فاننا في هذه ايضا نئن مشتاقين الى ان نلبس فوقها مسكننا الذي من السماء. وان كنا لابسين لا نوجد عراة. فاننا نحن الذين في الخيمة نئن مثقلين اذ لسنا نريد ان نخلعها بل ان نلبس فوقها لكي يبتلع المائت من الحياة. لان محبة المسيح تحصرنا اذ نحن نحسب هذا انه ان كان واحد قد مات لاجل الجميع فالجميع اذا ماتوا. وهو مات لاجل الجميع كي يعيش الاحياء فيما بعد لا لانفسهم بل للذي مات لاجلهم وقام. } 2كو 1:5-4 ، 14-15. لقد تغير مفهوم الالم وأصبح شركة حبٍّ مع الرب المتألِّم ، وارتفع إلى مستوي الهِبة الروحية ، والموت متى يشاء الله أصبح انتقال للمجد والسماء ويستقبله المؤمن سعيداً راضياً . وليس في هذا عجب؛ فقد تحوَّل الموت من شئ مُرعب إلى جسرٍ ذهبي ومَعبر يَعبر بنا من حياة قصيرة وغُربة مؤقتة وثوبٍ بالٍ إلى سعادة أبدية دائمة. شجاعة السيد المسيح فى مواجهة الصليب .. عندما جاءت الساعه التى يتعين على السيد المسيح ان يُسلم ذاته ليصلب بدلا من الخطاة، وهو عالم بكل ماياتى عليه من عذابات واهانات وكان قد اخبر تلاميذه بها وانه يضع ذاته بسلطانه وحده { وفيما هم يترددون في الجليل قال لهم يسوع ابن الانسان سوف يسلم الى ايدي الناس. فيقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم فحزنوا جدا} مت 22:17-23. لننظر كم كانت شجاعة السيد المسيح واثرها حتى على اعدائه { وكان يهوذا مسلمه يعرف الموضع لان يسوع اجتمع هناك كثيرا مع تلاميذه. فاخذ يهوذا الجند وخداما من عند رؤساء الكهنة والفريسيين وجاء الى هناك بمشاعل ومصابيح وسلاح. فخرج يسوع وهو عالم بكل ما ياتي عليه وقال لهم من تطلبون. اجابوه يسوع الناصري قال لهم يسوع انا هو وكان يهوذا مسلمه ايضا واقفا معهم. فلما قال لهم اني انا هو رجعوا الى الوراء وسقطوا على الارض. فسالهم ايضا من تطلبون فقالوا يسوع الناصري. اجاب يسوع قد قلت لكم اني انا هو فان كنتم تطلبونني فدعوا هؤلاء يذهبون. ليتم القول الذي قاله ان الذين اعطيتني لم اهلك منهم احدا. ثم ان سمعان بطرس كان معه سيف فاستله وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع اذنه اليمنى وكان اسم العبد ملخس. فقال يسوع لبطرس اجعل سيفك في الغمد الكاس التي اعطاني الاب الا اشربها. ثم ان الجند والقائد وخدام اليهود قبضوا على يسوع واوثقوه} يو 2:18-9 . راينا كيف رجعوا الجنود وسقطوا الى الخلف بل كان بامكان السيد المسيح ان ياتى بجيش من الملائكة كما قال لبطرس { فقال له يسوع رد سيفك الى مكانه لان كل الذين ياخذون السيف بالسيف يهلكون. اتظن اني لا استطيع الان ان اطلب الى ابي فيقدم لي اكثر من اثني عشر جيشا من الملائكة. فكيف تكمل الكتب انه هكذا ينبغي ان يكون.في تلك الساعة قال يسوع للجموع كانه على لص خرجتم بسيوف وعصي لتاخذوني كل يوم كنت اجلس معكم اعلم في الهيكل ولم تمسكوني} مت 52:26-55. لم يستعمل السيد المسيح قوته التى بها اسقط الجند على الارض والتى بها ارجع اذن العبد المقطوعه سالمة بل اسلم ذاته بارادته ليصلب. لم يستطع اى احد ان يمد يده على السيد المسيح قبل ذلك ولكن هذه هى ساعة سلطان الظلمة فقد وضع نفسه بارادته. بل انه قال الحق فى هيرودس ولم يخشى شئ واصفا اياه بالثعلب { في ذلك اليوم تقدم بعض الفريسيين قائلين له اخرج و اذهب من ههنا لان هيرودس يريد ان يقتلك.فقال لهم امضوا و قولوا لهذا الثعلب ها انا اخرج شياطين و اشفي اليوم وغدا و في اليوم الثالث اكمل. بل ينبغي ان اسير اليوم وغدا وما يليه لانه لا يمكن ان يهلك نبي خارجا عن اورشليم} لو 31:13-33. بل انه عند الصلب وامام بيلاطس احب بيلاطس ان يفتخر امامه عليه بسلطانه فقال له يسوع ليس لك سلطان على ان لم تكن قد اعطيت من فوق بل ان بيلاطس نفسه كان يخاف منه { فقال له بيلاطس اما تكلمني الست تعلم ان لي سلطانا ان اصلبك وسلطانا ان اطلقك. اجاب يسوع لم يكن لك علي سلطان البتة لو لم تكن قد اعطيت من فوق لذلك الذي اسلمني اليك له خطية اعظم} يو10:19-11 .هذا هو السيد المسيح الشجاع الذى لم يهاب اى احد طوال فترة وجوده على الارض وقدم ذاته بارادته للموت من أجل خلاصنا وقد شهد له بذلك حتى اعدائه { فارسلوا اليه تلاميذهم مع الهيرودسيين قائلين يا معلم نعلم انك صادق وتعلم طريق الله بالحق ولا تبالي باحد لانك لا تنظر الى وجوه الناس} (مت 22 : 16). السيد المسيح فى مجده ومجيئه الثانى .. لقد قام السيد المسيح من الموت فى اليوم الثالث وظهر للتلاميذ والرسل وللكثيرين مثبتاً ايمانهم ومبدداً خوفهم { وقال لهم هذا هو الكلام الذي كلمتكم به وانا بعد معكم انه لا بد ان يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والانبياء والمزامير. حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب.وقال لهم هكذا هو مكتوب و هكذا كان ينبغي ان المسيح يتالم ويقوم من الاموات في اليوم الثالث.وان يكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الامم مبتدا من اورشليم. وانتم شهود لذلك. وها انا ارسل اليكم موعد ابي فاقيموا في مدينة اورشليم الى ان تلبسوا قوة من الاعالي. واخرجهم خارجا الى بيت عنيا و رفع يديه و باركهم. وفيما هو يباركهم انفرد عنهم و اصعد الى السماء. فسجدوا له و رجعوا الى اورشليم بفرح عظيم. وكانوا كل حين في الهيكل يسبحون ويباركون الله امين} لو 44:24-53. ولقد حقق السيد المسيح له المجد وعده للرسل بعد صعوده بعشرة أيام وحل الروح القدس عليهم واعطاهم القوة والحكمة وشجاعة الإيمان ليبشروا باسمه فى كل الارض { ولما حضر يوم الخمسين كان الجميع معا بنفس واحدة. وصار بغتة من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة وملا كل البيت حيث كانوا جالسين. وظهرت لهم السنة منقسمة كانها من نار و استقرت على كل واحد منهم. وامتلا الجميع من الروح القدس وابتداوا يتكلمون بالسنة اخرى كما اعطاهم الروح ان ينطقوا} أع 1:2-4. وكما راى التلاميذ السيد المسيح صاعدا الى السماء بمجد عظيم ، هكذا راه يوحنا الحبيب فى السماء وله تسجد كل ارواح القديسين والملائكته { بعد هذا نظرت واذا جمع كثير لم يستطع احد ان يعده من كل الامم و القبائل و الشعوب والالسنة واقفون امام العرش وامام الخروف ومتسربلين بثياب بيض وفي ايديهم سعف النخل. وهم يصرخون بصوت عظيم قائلين الخلاص لالهنا الجالس على العرش وللخروف. وجميع الملائكة كانوا واقفين حول العرش والشيوخ و الحيوانات الاربعة وخروا امام العرش على وجوههم وسجدوا لله. قائلين امين البركة والمجد والحكمة والشكر والكرامة والقدرة والقوة لالهنا الى ابد الابدين امين. واجاب واحد من الشيوخ قائلا لي هؤلاء المتسربلون بالثياب البيض من هم ومن اين اتوا. فقلت له يا سيد انت تعلم فقال لي هؤلاء هم الذين اتوا من الضيقة العظيمة وقد غسلوا ثيابهم وبيضوا ثيابهم في دم الخروف. من اجل ذلك هم امام عرش الله ويخدمونه نهارا وليلا في هيكله والجالس على العرش يحل فوقهم. لن يجوعوا بعد ولن يعطشوا بعد ولا تقع عليهم الشمس ولا شيء من الحر. لان الخروف الذي في وسط العرش يرعاهم ويقتادهم الى ينابيع ماء حية ويمسح الله كل دمعة من عيونهم} رؤ 9:7-17. وهكذا سيأتى فى المجئ الثانى فى بقوة ومجد عظيم تسبقه علامة الصليب المنير ليجمع مختاريه الى الملكوت والاشرار الى العذاب الابدي { وحينئذ تظهر علامة ابن الانسان في السماء وحينئذ تنوح جميع قبائل الارض ويبصرون ابن الانسان اتيا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير. فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت فيجمعون مختاريه من الاربع الرياح من اقصاء السماوات الى اقصائها} مت 30:24-30 . من اجل هذا فاننا نحيا فى الايمان القويم على رجاء المجد { اما انت فاصح في كل شيء احتمل المشقات اعمل عمل المبشر تمم خدمتك. فاني انا الان اسكب سكيبا ووقت انحلالي قد حضر. قد جاهدت الجهاد الحسن اكملت السعي حفظت الايمان. واخيرا قد وضع لي اكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل وليس لي فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره ايضا} 2تيم 5:4-8. أشكال من الشجاعة الشهامة ... تميل هذه الفضيلة بالإنسان إلى إتمام فعل ما هو واجب حتى ان كان صعباً ومتعباً. وبهذا المعنى هي فضيلة جديرة بأقصى مديح. وتفترض فضيلة الشهامة مُسبقاً النفس السامية النبيلة. وغالباً ما توصف أنها عظمة النفس أو نبل الخلق. فالأشخاص المتسمون بالشهامة هم نمط متميز من الأشخاص. فهم لا يحسدون ولا يُنافسون الآخرين ولا يشعرون بالإحراج أمام فضائل الآخرين. فهم هادئون في أعمالهم. وهم صادقون ومخلصون ولبقون فى حياتهم وحتى في كلامهم يعرفون متى يتكلمون ومتى يصمتون ، يعبرون عن ارائهم فى الوقت المناسب وبطريقة حكيمة لا تجرح احد ولكن دون خوف من احد ، كما أنهم أصدقاء أوفياء. وهم لا يكذبون. وهم صريحون وغير متحفظين وهم ليسو مُرائين بل اناس موضوعيون . وهم لا يبالغون ولا يغالون فى تقدير الامور أكبر من حجمها . بل كما يقول الشاعر : وتكبر فى عين الصغير صغارها . وتصغر فى عين العظيم العظائم . من الشجاعة والشهامة ايضا الاعتذار عند الخطأ والسعى الى تصحيح الاخطاء ومن الشهامة ايضا قبول الاعتذار والنسيان والصفح عمن يسئٌ الينا . الانسان الشهم ينظر مبدئياً إلى الفضيلة ولما هو نبيل. أما العواطف الدنيئة والخلافات والمجادلات الغبية فيبتعد عنها { والمباحثات الغبية والسخيفة اجتنبها عالما انها تولد خصومات. وعبد الرب لا يجب ان يخاصم بل يكون مترفقا بالجميع صالحا للتعليم صبورا على المشقات. مؤدبا بالوداعة المقاومين عسى ان يعطيهم الله توبة لمعرفة الحق. فيستفيقوا من فخ ابليس اذ قد اقتنصهم لارادته} 2تيم 23:2-26. الشهم يتميز بالعفو عند المقدرة وإذا أضرّ به احد فسرعان ما ينسي ويصفح. ولا يبالغ في الشعور بالفرح عندما يمدحه الآخرون ، كما أنه لا يحزن للنقد الذي قد يلتقيه من الآخرين بل يقيسه بالمنطق فان وجده حق يعالج أخطاءه وان وجده حسدا وذماً تجاوزه . الشهم لا يتذمّر لاحتياجه إلى الأشياء غير متاحة له بل فى شهامة يشكر الله على ما لديه من قناعة وايمان ، يتعلّم كيف يستغني { ليس اني اقول من جهة احتياج فاني قد تعلمت ان اكون مكتفيا بما انا فيه. اعرف ان اتضع واعرف ايضا ان استفضل في كل شيء وفي جميع الاشياء قد تدربت ان اشبع وان اجوع وان استفضل وان انقص.استطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني} في 11:4-13 الصبر...الصبر على التجارب التى لا مفر منها والمكاره التى تقابلنا هو ضرب من ضروب الشجاعة. الصبر فضيلة تمكننا من تحمّل المعاناة الجسدية أوالمعنوية بدون حزن في الروح أو كآبة في القلب. المؤمن القوى يحيا هادئا لا يتذمر على المرض او الضيق او الفقر او الضيق لاي سبب بل تراه يحيا فى سلام وفرح وشكر. الشجاعة تعطيه حكمة وصبر وجلد وتحمل وتواضع ، أن المحن والمعاناة التي لابد منها في هذه الحياة تحتاج للشجاعة لإبقائنا أقوياء أو حازمين، لا نخضع للإحباط أوالحزن. ويفقد العديد من البشر استحقاق معاناتهم لأنهم يخفقون في ممارسة فضيلة الصبر. الشجاعة الروحية تعلمنا ان نكون متوافقين مع ارادة الله وصابرين على الضيقات كاشياء مفيدة لنا من الله ونأخذ ونتعلم من شجاعة السيد المسيح فى حمل الصليب طوعا {ناظرين الى رئيس الايمان و مكمله يسوع الذي من اجل السرور الموضوع امامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي فجلس في يمين عرش الله} (عب 12 : 2). ان الآم والمعاناة تنشئ لنا ثقل مجد ابدى {فان كنا اولادا فاننا ورثة ايضا ورثة الله و وارثون مع المسيح ان كنا نتالم معه لكي نتمجد ايضا معه} (رو 8 : 17). المثابرة والثبات...الشجاعة تظهر فى المثابرة والثبات على المبادئ ، يثابر الانسان في عمل الخير بالرغم من المصاعب التي يترتب عليها ذلك. الاستمرار في ممارسة الفضيلة يوماً بعد يوم، يتطلّب شجاعة في الروح. إن الفضائل جميعها تحتاج إلى مساعدة المثابرة والاستمرارية ، لأنه لولاها لا يمكن المحافظة على الفضيلة وممارستها لفترة طويلة من الزمن، ولن تبلغ أية فضيلة في النهاية إلى كمالها. وبالرغم من أن كل فضيلة هي، بالتعريف، عادة صعب إزالتها، ولذلك فهي في حدّ ذاتها صفة ثابتة، فإن الصعوبة الخاصّة التي تنشأ من إخلاص طويل في ممارسة فضيلة معيّنة تحتاج إلى فضيلة المثابرة الخاصة. نحن نحتاج الى عمل النعمة لضمان مثابرتنا وشجاعتنا فى عمل الخير بتواضع قلب الى النفس الاخير كى لا نخطئ ونحيا حياة الفضيلة والبر . فمهما كنّا عادلين ومهما كنّا كاملين، فإننا دائماً معرضون الى الوقوع فى الخطيئة مما يستدعى الشجاعة فى مقاومة الاغراء ، ولذلك السبب، فنحن نحتاج فوق فضيلة المثابرة المُفاضة بالنعمة. المثابرة والثبات شكل من أشكال الشجاعة تعطى الانسان القوة والحزم والارادة أمام الصعوبات والتحديات والاغراءات سواء خارجية من البيئة الخاطئة او حروب الشيطان او التى تأتى من داخل الانسان وشهواته . العوامل تساعد على تنمية فضيلة الشجاعة .. الإيمان والثقة فى الله ومحبة الله الحقيقية وطاعته والاحتمال من اجله كلها وسائل تعطى الانسان شجاعة وقوة وحزم فى مواجهة مصاعب الحياة . الإيمان وعدم الخوف ... اننا نومن بالله رعايته وحفظه لنا وانه قادر ان يحفظ حياتنا ومن معنا ويقودنا فى موكب نصرته. حتى ان واجهت سفينة حياتنا التحديات فان الرب قادر وقاهر التحديات { واما السفينة فكانت قد صارت في وسط البحر معذبة من الامواج لان الريح كانت مضادة. وفي الهزيع الرابع من الليل مضى اليهم يسوع ماشيا على البحر. فلما ابصره التلاميذ ماشيا على البحر اضطربوا قائلين انه خيال ومن الخوف صرخوا. فللوقت كلمهم يسوع قائلا تشجعوا انا هو لا تخافوا} مت 24:14-27 . الإيمان قوة تمنح الشجاعة والاقدام { امنوا بالرب الهكم فتامنوا ، امنوا بانبيائه فتفلحوا }(2اخبار 20 : 20). { لذلك اقول لكم كل ما تطلبونه حينما تصلون فامنوا ان تنالوه فيكون لكم} (مر11 : 24). نحن نؤمن ان الله قادر على كل شئ. وفي ظل هذه القدرة، نحن نطلب منه، وكل ما نعجز أمامه نحن، نري قوة الله قادرة عليه. فنتغنى بقول الكتاب {غير المستطاع عند الناس، مستطاع عند الله}. الله القوى القادر على كل شئ يمنح القوة لابنائه وبناته. الله يستطيع كل شيء، ولا يعسر عليه أمر. وهو وعدنا ان { كل شيء مستطاع للمؤمن} مر 23:9. أذن لنحيا فى شجاعة قوة الله رغم همجية العدو وكبريائه فالله على كل متكبر وعال وكل ظالما قادر الله ان يذله { لانها ليست قوتك بالكثرة يا رب ولا مرضاتك بقدرة الخيل ومنذ البدء لا ترضى من المتكبرين بل يسرك دائما تضرع المتواضعين الودعاء} (يهو 9 : 16). كل من يتبع الله بتواضع ووداعة يقوى بقوة الله وينتصر بعزته .لانه يحتمي في قوة القادر علي كل شيء. اننا فى إيماننا نثق تماما فى حماية ورعاية الراعى الصالح . الايمان مدرسة ايضا للصلاة بثقة لناخذ من الله قوة ورجاء وشجاعة. وامامنا وعود الرب الصادقة { تشددوا و تشجعوا لا تخافوا ولا ترهبوا وجوههم لان الرب الهك سائر معك لا يهملك و لا يتركك } (تث 31 : 6).اننا اذ نثق فى الله لا نخاف شئ وبالصلاة والثقة يجدد لنا الرب القوة اللازمة للتغلب على كل تحديات الحياة { اما عرفت ام لم تسمع اله الدهر الرب خالق اطراف الارض لا يكل ولا يعيا ليس عن فهمه فحص. يعطي المعيي قدرة ولعديم القوة يكثر شدة. الغلمان يعيون ويتعبون والفتيان يتعثرون تعثرا. واما منتظروا الرب فيجددون قوة يرفعون اجنحة كالنسور يركضون ولا يتعبون يمشون ولا يعيون} اش 28:40-31. المؤمن يعرف ان هناك صعوبات فى طريق الفضيلة والبر لكن يدرك ايضا معونة السماء والأكاليل المعدة للفائزين { من له اذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس من يغلب فساعطيه ان ياكل من شجرة الحياة التي في وسط فردوس الله }(رؤ 2 : 7).{ومن يغلب ويحفظ اعمالي الى النهاية فساعطيه سلطانا على الامم} (رؤ 2 : 26). {من يغلب فذلك سيلبس ثيابا بيضا ولن امحو اسمه من سفر الحياة وساعترف باسمه امام ابي وامام ملائكته} (رؤ 3 : 5). {من يغلب فساعطيه ان يجلس معي في عرشي كما غلبت انا ايضا وجلست مع ابي في عرشه }(رؤ 3 : 21). جاء السيد المسيح ليحررنا من كل خوف مرضى يقيد الانسان ، سواء من الشيطان او جنوده او حروبهم او من الضيقات او المجهول او حتى من الموت . نحن نعمل فى شجاعة وسعى لخلاص انفسنا . نخاف فقط ان نبتعد عن الله وعن محبته واثقين ان ارادته هى قداستنا . ولا شئ يبعدنا أو يفصلنا عن محبة الله التى فى المسيح يسوع . لا نخاف من أضطهاد أوا استشهاد فحياتنا فى يد الله وان عشنا فله نعيش وان متنا فللرب نموت . ولن نحيا الا حياة واحدة وحيدة فلنحيا حياة كريمة ترضى الله أو نموت فى كرامة القديسين والشهداء غير هيابين من الموت {ولكن اقول لكم يا احبائي لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد وبعد ذلك ليس لهم ما يفعلون اكثر. بل اريكم ممن تخافون خافوا من الذي بعدما يقتل له سلطان ان يلقي في جهنم نعم اقول لكم من هذا خافوا. اليست خمسة عصافير تباع بفلسين وواحد منها ليس منسيا امام الله. بل شعور رؤوسكم ايضا جميعها محصاة فلا تخافوا انتم افضل من عصافير كثيرة. واقول لكم كل من اعترف بي قدام الناس يعترف به ابن الانسان قدام ملائكة الله. ومن انكرني قدام الناس ينكر قدام ملائكة الله.لو 4:12-9 المحبة الطاعة والاحتمال ... المحبة قوية اقوى حتى من الموت . ومن اجل ان نعلن محبتنا للملك المسيح يجب ان نطيع وصاياه ونحتمل بصبر وشجاعة كل ما يأتى علينا من اجل محبته { يا بني ان اقبلت لخدمة الرب الاله فاثبت على البر والتقوى واعدد نفسك للتجربة. ارشد قلبك واحتمل امل اذنك واقبل اقوال العقل ولا تعجل وقت النوائب. انتظر بصبر ما تنتظره من الله لازمه ولا ترتد لكي تزداد حياة في اواخرك. مهما نابك فاقبله وكن صابرا على صروف اتضاعك. فان الذهب يمحص في النار والمرضيين من الناس يمحصون في اتون الاتضاع} سير1:2-5. هذه المحبة أعطت القدّيس بولس وتهبنا نحن ايضاً الشجاعة الفائقة الطبيعة التى بها نعبر كل المصاعب والاضطهادات ، والخطر، والسيف كما قال القديس بولس {من سيفصلنا عن محبة المسيح اشدة ام ضيق ام اضطهاد ام جوع ام عري ام خطر ام سيف. كما هو مكتوب اننا من اجلك نمات كل النهار قد حسبنا مثل غنم للذبح.ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي احبنا. فاني متيقن انه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا امور حاضرة ولا مستقبلة. ولا علو ولا عمق و لا خليقة اخرى تقدر ان تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا (رو 8 :35- 39). ان قبولنا بصبر ورضى إزعاجات الحياة اليومية بروح شجاعة قوية. تُصاحب كل مهنة في الحياة بصعوباتها الخاصّة، حتى ولو كان ذلك مجرّد الرتابة والملل الكائنين في نشاطات الفرد اليومية. فإذا لم نتعلّم قبول المنغصات والمحن الصغيرة التي لابد منها في الحياة اليومية، مثل البرد والحرارة، والألم والمشقة، والأمراض والأوجاع الصغيرة والتناقضات، فإننا لن نحقق أي تقدّم في اكتساب فضيلة الشجاعة المسيحية. اننا نصلى لله ليهبنا المحبة الكاملة والصبر التام وطاعة المسيح وصبره وهو الذى فى تجسده بقى راسخاً فى أمانته لمشيئة الآب . نصلى لتكون لنا شجاعة وقوة السيد المسيح سنداً فى جهادنا اليومى والشهادة لإيماننا المسيحى والحفاظ على حضورنا كاعضاء حية فى جسد المسيح السرى . ان ذلك يقتضى منا شجاعة العمل والتعاون مع الاخوة لنا فى الوطن بماضيه وما فيه وحاضره وما لنا من ملاحظات عليه ومستقبلنا وما لنا من أمل متجدد به . نصلى ليهبنا الله الشجاعة الاحتمال والتضامن مع الفقراء والمحتاجين والمضطهدين والفرح بحمل الصليب والثقة فى انتصار المحبة على البغضة والله على قوات الشر الروحية والثقة فى قيادة الراعى الصالح لكل النفوس المتعبة نحو المراعى الخضراء ومياة الراحة. ونثق انه قادر علي يرد النفوس المتعبة والضاله الى حظيرته . ونحن سائرين فى وادى ظل الموت واثقين وغير خائفين لان لنا الله ملجأ امين . القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
08 يونيو 2020

القيم الاخلاقية فى تعاليم السيد المسيح (1) المحبة

السيد المسيح قدوة ومثال .. +جاء السيد المسيح كلمة الله المتجسد على الارض ليجول يصنع خيراً ويقدم المحبة لكل احد ويقدم نفسه قدوة ومثال لنا فى كل عمل صالح ،جاء لكى يقودنا الى حياة أفضل فى طريق الفضيلة والبر. وستبقى تعاليمه صالحة ونافعة لكل إنسان في كل جيل ، لانه يعرف ما بداخل الإنسان وما هو لخيره وصالحه وسعادته على الارض وفى السماء . والله لايريد ان نتبعه بالقهر أو نسير وفقاً للقيم السامية مجبرين بل كابناء لله نفعل الصلاح لنحيا الحياة الصالحة ونرث ملكوت السماوت { انظر قد جعلت اليوم قدامك الحياة و الخير و الموت و الشر. بما اني اوصيتك اليوم ان تحب الرب الهك و تسلك في طرقه و تحفظ وصاياه و فرائضه و احكامه لكي تحيا و تنمو} تث 15:30-16 .لقد عرفنا ان الله محبة وان من يثبت فى المحبة يثبت فى الله والله فيه .وقبل ان يعلمنا السيد المسيح عن المحبة فقد قدمها وعاشها ثم علمها لتلاميذه والمؤمنين به وحتى لاعدائه فعندما سأله أحدهم ليجربه {وساله واحد منهم وهو ناموسي ليجربه قائلا. يا معلم اية وصية هي العظمى في الناموس.فقال له يسوع تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك .هذه هي الوصية الاولى والعظمى. والثانية مثلها تحب قريبك كنفسك.بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والانبياء}مت 35:22-40. ان المحبة هي غاية الوصايا وهدفها { و اما غاية الوصية فهي المحبة من قلب طاهر وضمير صالح وايمان بلا رياء }(1تي 1 : 5).ذلك ان الله خالق الإنسان يعرف حاجة النفس البشرية للمحبة فاعلن لنا المعلم الصالح الله محبة الله غير المشروطة او المحدودة لهذا من ينعم بمحبة الله يجب عليه ان يقدمها للاخرين. + لقد عرفنا عظم محبة الله لنا فى المسيح يسوع وبه فقد كان هو المحبة العملية المتجسده والذى بذل ذاته من أجل خلاص العالم { و كما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي ان يرفع ابن الانسان.لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية.لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية.لانه لم يرسل الله ابنه الى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم}يو 14:3-17.واى حب أعظم من هذا ان يبذل أحد نفسه فدية عن أحبائه . وكل من تلامس بحق مع محبة السيد المسيح المحررة والغافرة يستطيع ان يسير في ذات الطريق التى سلكها معلمنا الصالح . + ومن محبة الله لنا انه دعانا له ابناء بالايمان وبهذه المحبة والإيمان بها ننال التبرير والخلاص { واما كل الذين قبلوه فاعطاهم سلطانا ان يصيروا اولاد الله اي المؤمنون باسمه.الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله} يو12:1-13. {انظروا اية محبة اعطانا الاب حتى ندعى اولاد الله}1يو1:3. لقد جاء عن السيد المسيح انه { اذ كان قد احب خاصته الذين في العالم احبهم الى المنتهى} (يو 13 : 1). واي منتهى هذا انه الحب الذى يبذل ذاته مصلوباً من أجل احبائه، تلك المحبة التى لا يدركها البعض ويتعثرون فيها . لقد قال لنا { لا اعود اسميكم عبيدا لان العبد لا يعلم ما يعمل سيده لكني قد سميتكم احباء } (يو 15 : 15).وقال للآب السماوي { وعرفتهم اسمك وساعرفهم ليكون فيهم الحب الذي احببتني به و اكون انا فيهم }(يو 17 : 26). + اننا ابناء لله بالإيمان وبسر العماد المقدس نولد من فوق من الماء والروح { فاذ قد تبررنا بالايمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح.الذي به ايضا قد صار لنا الدخول بالايمان الى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون و نفتخر على رجاء مجد الله.وليس ذلك فقط بل نفتخر ايضا في الضيقات عالمين ان الضيق ينشئ صبرا. والصبر تزكية والتزكية رجاء.والرجاء لا يخزي لان محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا.لان المسيح اذ كنا بعد ضعفاء مات في الوقت المعين لاجل الفجار.فانه بالجهد يموت احد لاجل بار ربما لاجل الصالح يجسر احد ايضا ان يموت. ولكن الله بين محبته لنا لانه ونحن بعد خطاة مات المسيح لاجلنا. فبالاولى كثيرا ونحن متبررون الان بدمه نخلص به من الغضب.لانه ان كنا ونحن اعداء قد صولحنا مع الله بموت ابنه فبالاولى كثيرا ونحن مصالحون نخلص بحياته} رو 1:5-10.ان محبة الله الباذلة من أجل خلاصنا تجعلنا نحبه ونعبده بالروح والحق من كل القلب والنفس والفكر والقدرة ، وهكذا راينا اجدادنا وابائنا وشهدائنا فى كل جيل يقدمون حياتهم رخيصة - وهى ثمينة فى فكر الله ولدينا - حبا فى من أحبهم ويوجهون العذابات والاضطهاد وهم فرحين متهللين بالروح . علاقتنا بالله تبنى على المحبة .. + ان علاقتنا بالله وعبادتنا له تبنى على المحبة لله وكل فضيلة خالية من المحبة لا تعتبر فضيلة فنحن نصلى لله ونعبده بالمحبة فى بذل باستمرار ، ونحن نحب الغير حبا فى الله ومن اجل عمل مرضاته من اجل ذلك قال القديس الانبا انطونيوس لتلاميذه : يا ابنائى انى لا أخاف الله فقالوا له كيف يا ابانا ؟ قال لهم لانى أحبه والمحبة تطرد الخوف الى خارج. ان المسيحية ليست وصايا او حلال وحرام بقدر ما هي محبة لله . نحب الله فنطيعه ونثبت فيه ونثمر بالمحبة ثمر الصلاح .والخطية هى انفصال عن الله فلهذا لا نسمح بوجود محبة تتعارض مع محبة الله فى قلوبنا لانها تمثل خيانة لله الذي احبنا فلا تجعلوا اي شئ يفصلكم عن محبة الله فى المسيح يسوع { من سيفصلنا عن محبة المسيح اشدة ام ضيق ام اضطهاد ام جوع ام عري ام خطر ام سيف.كما هو مكتوب اننا من اجلك نمات كل النهار قد حسبنا مثل غنم للذبح. ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي احبنا. فاني متيقن انه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا امور حاضرة ولا مستقبلة. ولا علو ولا عمق ولا خليقة اخرى تقدر ان تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا} رو35:8-39. + ان محبة الله الغافرة وابوة الله الفائقة للمؤمنين ورعايته الدائمة لنا تجعلنا نبادله المحبة {نحن نحبه لانه هو احبنا اولا }(1يو 4 : 19) .والله يقدر هذه المحبة ويطلبها من ابنائه {يا ابني اعطني قلبك و لتلاحظ عيناك طرقي} (ام 23 : 26). كما ان المحبة هى عمل نعمة الله فى قلوبنا عندما نعبده بالروح والحق {و يختن الرب الهك قلبك و قلب نسلك لكي تحب الرب الهك من كل قلبك و من كل نفسك لتحيا }(تث 30 : 6). فنحن لا نحب باللسان ولا بالكلام بل بالعمل والحق. محبة الأخرين فى تعاليم السيد المسيح .. + ان محبتنا للإخرين هى الدليل العملى على محبتنا لله { بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي ان كان لكم حب بعض لبعض (يو 13 : 35). نحن لن نستطيع ان نصل الى محبة الله دون ان نحيا فى محبة للغير{ بهذا اولاد الله ظاهرون و اولاد ابليس كل من لا يفعل البر فليس من الله و كذا من لا يحب اخاه }(1يو 3 : 10).ان المحبة للغير تنقلنا الى دائرة الحياة الإبدية {نحن نعلم اننا قد انتقلنا من الموت الى الحياة لاننا نحب الاخوة من لا يحب اخاه يبق في الموت} (1يو 3 : 14).{ان قال احد اني احب الله و ابغض اخاه فهو كاذب لان من لا يحب اخاه الذي ابصره كيف يقدر ان يحب الله الذي لم يبصره }(1يو 4 : 20).ان الله يقدر حتى كأس الماء الذى يقدم بدافع المحبة والرحمة وبدون المحبة الروحية المقدسة لن نستفيد شئ ، انظروا ماذا يقول الإنجيل عن المحبة { ان كنت اتكلم بالسنة الناس والملائكة ولكن ليس لي محبة فقد صرت نحاسا يطن او صنجا يرن. وان كانت لي نبوة واعلم جميع الاسرار وكل علم وان كان لي كل الايمان حتى انقل الجبال ولكن ليس لي محبة فلست شيئا.وان اطعمت كل اموالي وان سلمت جسدي حتى احترق و لكن ليس لي محبة فلا انتفع شيئا.المحبة تتانى وترفق المحبة لا تحسد المحبة لا تتفاخر و لا تنتفخ.ولا تقبح ولا تطلب ما لنفسها ولا تحتد ولا تظن السوء . ولا تفرح بالاثم بل تفرح بالحق وتحتمل كل شيء وتصدق كل شيء وترجو كل شيء وتصبر على كل شيء. المحبة لا تسقط ابدا} 1كو1:13-8. {مياه كثيرة لا تستطيع ان تطفئ المحبة و السيول لا تغمرها ان اعطى الانسان كل ثروة بيته بدل المحبة تحتقر احتقارا (نش 8 : 7). + ان المحبة المسيحية للإخرين هى محبة شاملة للجميع من كل دين ولون ولسان وامة . وعندما نادى السيد المسيح {تحب قريبك كنفسك } أعطى مثل السامرى الرحيم (لو 30:10-37)ليبين من هو قريبنا، انه كل انسان لاسيما المتألم والمحتاج والفقير . نحب الكل ونقبلهم ونتعاون معهم في بذل وعطاء وتضحية، بهذه المحبة نخرج من الانانية والتعصب الدينى والعائلي او العرقى ونري خير الغير خيرا لنا ونريد ان نقدم المحبة الطاهرة الروحية للجميع فى انكارللذات وترفع عن الصغائر ، فالمحبة الحقيقية هى محبة مقدسة لا تخرج عن دائرة الحق والخير والبر والا تحولت الي شهوة ومحبة ضارة بالنفس والغير . محبة الأعداء فى تعاليم السيد المسيح + المحبة اذا هى دستور المسيحية وعلمها وشعارها "الصليب" هو رمز المحبة والبذل والعطاء ، المحبة المسيحية تشمل جميع الناس بلا تمييز الاقرباء والاحباء والغرباء والاعداء وهذا ما فعله السيد المسيح وعلمه { سمعتم انه قيل تحب قريبك و تبغض عدوك. واما انا فاقول لكم احبوا اعداءكم باركوا لاعنيكم احسنوا الى مبغضيكم و صلوا لاجل الذين يسيئون اليكم و يطردونكم.لكي تكونوا ابناء ابيكم الذي في السماوات فانه يشرق شمسه على الاشرار و الصالحين و يمطر على الابرار و الظالمين.لانه ان احببتم الذين يحبونكم فاي اجر لكم اليس العشارون ايضا يفعلون ذلك. وان سلمتم على اخوتكم فقط فاي فضل تصنعون اليس العشارون ايضا يفعلون هكذا. فكونوا انتم كاملين كما ان اباكم الذي في السماوات هو كامل}مت 43:5-48. +المحبة المسيحية تنهي عن الكراهية او الحقد او الانتقام ويأمرنا الإنجيل {إن كان ممكناً فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء } السيد المسيح ضرب المثل الأعلى في المحبة عندما غفر لصالبيه ودعانا الى زرع مشاعر المحبة والسعى الى المصالحة مع الجميع { قد سمعتم انه قيل للقدماء لا تقتل و من قتل يكون مستوجب الحكم. واما انا فاقول لكم ان كل من يغضب على اخيه باطلا يكون مستوجب الحكم ومن قال لاخيه رقا يكون مستوجب المجمع ومن قال يا احمق يكون مستوجب نار جهنم. فان قدمت قربانك الى المذبح وهناك تذكرت ان لاخيك شيئا عليك. فاترك هناك قربانك قدام المذبح و اذهب اولا اصطلح مع اخيك و حينئذ تعال و قدم قربانك} مت 21:5-24. + لان المسيحى يجب ان يكون خيراً محباً بطبيعته الجديده كابن لله وكغصن يتغذى من الكرمة المثمرة التى لمخلصه الصالح ويسكن فيه الروح القدس بثماره الصالحة { من ثمارهم تعرفونهم هل يجتنون من الشوك عنبا او من الحسك تينا.هكذا كل شجرة جيدة تصنع اثمارا جيدة و اما الشجرة الردية فتصنع اثمارا ردية.لا تقدر شجرة جيدة ان تصنع اثمارا ردية و لا شجرة ردية ان تصنع اثمارا جيدة.كل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع و تلقى في النار.فاذا من ثمارهم تعرفونهم} مت16:7-20 +المحبة تجعلنا نلتمس الاعزار لضعفات الغير ولا ننتقدهم بل نفحص انفسنا فى ضوء كلمة الله المقدسة فكل منا سيعطي حساباً عن نفسه ولهذا يسعى المؤمن لاصلاح أخطائه والتوبة عن خطاياه والنموالدائم فى المحبة لله والغير وحب الخير { لا تدينوا لكي لا تدانوا.لانكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون وبالكيل الذي به تكيلون يكال لكم.ولماذا تنظر القذى الذي في عين اخيك واما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها.ام كيف تقول لاخيك دعني اخرج القذى من عينك وها الخشبة في عينك. يا مرائي اخرج اولا الخشبة من عينك وحينئذ تبصر جيدا ان تخرج القذى من عين اخيك} مت 1:7-5. علينا ان نحكم علي الآخرين بالرحمة و الشفقة حتى يعاملنا الله بالرحمة وهكذا نرى السيد المسيح في العظة على الجبل قدم لنا القاعدة الذهبية فى التعامل مع الاخرين {فكل ما تريدون ان يفعل الناس بكم افعلوا هكذا انتم ايضا بهم لان هذا هو الناموس و الانبياء }(مت 7 : 12). علمنا ان نكون محبة + ايها الرب الاله الذى أحبنا وحبه اراد ان يخلصنا من الهلاك الابدى ولما كان الموت فى طريق خلاصنا اشتهى ان يجوز فيه حبنا بنا . يارب يامن احبنا الى المنتهى ورفع من قيمة الانسان ليكون ابنا له ووارثا لملكوته السماوي ودعوتنا لكي نكون كاملين وقديسين بلا لوم فى المحبة . علمنا كيف نحبك لذاتك ولصفاتك ولمحبتك ونبادلك المحبة الروحية ونصلى لك بقلوب طاهرة ونطيع وصاياك فى محبة لانها لخيرنا وسعادتنا . + علمنا كيف نحب الجميع بدون رياء ونقدم من وقتنا ومالنا وفكرنا وحياتنا محبة للجميع لاسيما المحتاجين والمتألمين والضالين ولكل نفس لم تذق هذه المحبة بعد ، علمنا ايضا ان نحب خاصتنا واهلنا وكنيستنا وبلادنا ونسعى لخير كل أحد . نسألك ان تغرس فينا محبتك لتثمر فينا ثمار المحبة الروحية المقدسة ونسير فى طريق المحبة التى هى رباط الكمال حتى النفس الأخير . + ربى ان نفوسنا غاليه عليك وثمينة فى عينيك فلتكن ايضا مكرمة فى اعيننا نسعى الى خلاصها لانه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه او ماذا يعطي الانسان فداءً عن نفسه . اننا سنقدم حسابا عن ما صنعناه خيراً كان او شراً ، فعلمنا ان نجول نصنع خيرا ونكون بسمة للمحزون وطعاما للجائع وعزاء للمحزون ورجاء للبائس وشفاء لكل نفس منكسرة فى عالم مريض محتاج للمحبة الإلهية الشافية والغافرة والمحررة من قيود الخطية والشر . ربى علمنا ان نكون محبة . القمص أفرايم الأورشليمى
المزيد
15 يونيو 2020

القيم الأاخلاقية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (2) الرحمة

رحمة الله وحنانه على الجميع.. + ان الرحمة والحنان صفة ثابتة من صفات الله وتنبع من أبوته ومحبته للبشر{محبة ابدية احببتك من اجل ذلك ادمت لك الرحمة (ار 31 : 3). فهو الذى قال قديما { الرب الرب اله رحيم و رؤوف بطيء الغضب و كثير الاحسان و الوفاء} (خر 34 : 6).وبهذه الرحمة رتل المرنم قائلاً {الرب بار في كل طرقه ورحيم في كل اعماله} (مز 145 : 17). وبمراحم الله يصبر ويطيل روحه على الخطاة { انه من احسانات الرب اننا لم نفن لان مراحمه لا تزول.هي جديدة في كل صباح كثيرة امانتك. نصيبي هو الرب قالت نفسي من اجل ذلك ارجوه. طيب هو الرب للذين يترجونه للنفس التي تطلبه} مرا 22:3-25.ولكى نتمتع بمراحم الله يجب علينا ان نكون رحومين على الجميع { طوبى للرحماء لانهم يرحمون} (مت 5 : 7).وهذا ما يطلبه منا الله { وقد اخبرك ايها الانسان ما هو صالح و ماذا يطلبه منك الرب الا ان تصنع الحق وتحب الرحمة وتسلك متواضعا مع الهك} (مي 6 : 8). +ولقد جاء الينا السيد المسيح على الارض وهو الاله الظاهر فى الجسد ، ليعلن لنا رحمة الله الكاملة والتى تبحث عن الخطاة لتردهم وعن المقيدين لتحررهم وعن منكسرى القلوب ليشفيهم . لقد تشدق البعض برحمة الله دون ان يعوا اعماق هذه الرحمة المعلنة لنا فى المسيح يسوع ربنا { مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الاموات. لميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل محفوظ في السماوات لاجلكم} 1بط 3:1-4.ولقد لخص السيد المسيح عمله على الارض بتتميم نبؤة اشعياء النبى {روح الرب علي لانه مسحني لابشر المساكين ارسلني لاشفي المنكسري القلوب لانادي للماسورين بالاطلاق وللعمي بالبصر وارسل المنسحقين في الحرية. واكرز بسنة الرب المقبولة.ثم طوى السفر و سلمه الى الخادم وجلس وجميع الذين في المجمع كانت عيونهم شاخصة اليه. فابتدا يقول لهم انه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم} لو 18:4-21.ولقد اعطي المخلص الويل للكتبة والفريسيون المراؤون لتركهم الرحمة والحق والايمان{ ويل لكم ايها الكتبة و الفريسيون المراؤون لانكم تعشرون النعنع والشبث والكمون وتركتم اثقل الناموس الحق والرحمة والايمان كان ينبغي ان تعملوا هذه ولا تتركوا تلك} (مت 23 : 23). + من رحمة الله اعلانه عن محبته للخطاة لا بالكلام بالعمل والحق ، ووجد فيه الخطاة صديقا واباً ومدافعاً وكان يهدف بذلك الى إعلان رحمة الله الغافرة والمغيرة والمحررة التى تقبل الخطاة لا كعبيد بل ابناء محبوبين فى الرب . كان العشارين والخطاة مكروهين ومنبوذين فى المجتمع فاعلن لهم محبته وسعى لتغييرهم . لقد جذب الكثيرين بشبكة محبته الإلهية وعندما تذمٌر عليه الكتبة والفريسيين دافع عنهم قائلاً{ لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى لم ات لادعو ابرارا بل خطاة الى التوبة} (مر 2 : 17). لقد نزع محبة المال من قلوب العشارين القاسية بمحبته . ودافع عن المرأة الخاطئة { و قدم اليه الكتبة و الفريسيون امراة امسكت في زنا ولما اقاموها في الوسط. قالوا له يا معلم هذه المراة امسكت وهي تزني في ذات الفعل. وموسى في الناموس اوصانا ان مثل هذه ترجم فماذا تقول انت. قالوا هذا ليجربوه لكي يكون لهم ما يشتكون به عليه واما يسوع فانحنى الى اسفل وكان يكتب باصبعه على الارض.ولما استمروا يسالونه انتصب وقال لهم من كان منكم بلا خطية فليرمها اولا بحجر. ثم انحنى ايضا الى اسفل وكان يكتب على الارض. واما هم فلما سمعوا وكانت ضمائرهم تبكتهم خرجوا واحدا فواحدا مبتدئين من الشيوخ الى الاخرين وبقي يسوع وحده والمراة واقفة في الوسط. فلما انتصب يسوع ولم ينظر احدا سوى المراة قال لها يا امراة اين هم اولئك المشتكون عليك اما دانك احد. فقالت لا احد يا سيد فقال لها يسوع ولا انا ادينك اذهبي ولا تخطئي ايضا} يو3:8-11. لقد أظهر لهؤلاء خطاياهم التى سترها الله فرجعوا وتركوا المراة لحال سبيلهم . وفي مثل الخروف الضائع أعلن لنا أن كل إنسان خاطئ بعيد عن الخلاص إنما هو ذلك الخروف الضائع ، الذي يخرج الله الراعي الصالح للبحث عنه تاركاً التسعة والتسعين من أجل إيجاده وإعادته إلى حظيرة الخراف . وأثبت له المجد هذه الفكرة بقوله في نهاية المثل {هكذا يكون فرحٌ في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين لا يحتاجون إلى توبة }( لو15: 1-7 ) . الرحمة وعمل الخير فى حياة السيد المسيح.. + الله هو هو أمس واليوم والى الأبد مازالت مراحمه جديدة علينا كل صباح سواء شعرنا بها وشكرناه عليها او نسينها . وعندما تجسد السيد المسيح صار لنا قدوة ومثال فى الرحمة والمحبة . من مراحمه انه يهتم باشباع اجسادنا ونفوسنا وارواحنا . يجول يصنع خيراً ويشفى كل مرض وضعف فى الشعب ويهتم بالتعليم وأشباع الجموع الجائعة ولازال {فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا. و بعد ساعات كثيرة تقدم اليه تلاميذه قائلين الموضع خلاء و الوقت مضى.اصرفهم لكي يمضوا الى الضياع و القرى حوالينا و يبتاعوا لهم خبزا لان ليس عندهم ما ياكلون. فاجاب وقال لهم اعطوهم انتم لياكلوا فقالوا له انمضي ونبتاع خبزا بمئتي دينار ونعطيهم لياكلوا.فقال لهم كم رغيفا عندكم اذهبوا وانظروا ولما علموا قالوا خمسة وسمكتان. فامرهم ان يجعلوا الجميع يتكئون رفاقا رفاقا على العشب الاخضر.فاتكاوا صفوفا صفوفا مئة مئة وخمسين خمسين. فاخذ الارغفة الخمسة والسمكتين ورفع نظره نحو السماء وبارك ثم كسر الارغفة واعطى تلاميذه ليقدموا اليهم وقسم السمكتين للجميع. فاكل الجميع وشبعوا.ثم رفعوا من الكسر اثنتي عشرة قفة مملوة ومن السمك. وكان الذين اكلوا من الارغفة نحو خمسة الاف رجل} مر35:6-44 . + لقد تحنن على العميان ووهب لهم النظر وبالجهال ووهب لهم حكمة واستنارة {وجاءوا الى اريحا وفيما هو خارج من اريحا مع تلاميذه وجمع غفير كان بارتيماوس الاعمى ابن تيماوس جالسا على الطريق يستعطي. فلما سمع انه يسوع الناصري ابتدا يصرخ و يقول يا يسوع ابن داود ارحمني. فانتهره كثيرون ليسكت فصرخ اكثر كثيرا يا ابن داود ارحمني. فوقف يسوع وامر ان ينادى فنادوا الاعمى قائلين له ثق قم هوذا يناديك. فطرح رداءه وقام وجاء الى يسوع. فاجاب يسوع وقال له ماذا تريد ان افعل بك فقال له الاعمى يا سيدي ان ابصر. فقال له يسوع اذهب ايمانك قد شفاك فللوقت ابصر وتبع يسوع في الطريق} مر46:10-52.السيد المسيح يريد ان يفتح أعين بصيرتنا الداخلية لنعاين مجده ومحبته ورحمته فهل نصرخ اليه بثقة قائلين {ارحمني يا الله حسب رحمتك ، حسب كثرة رافتك امح معاصي }(مز 51 : 1). + تحنن السيد الرب جعله يقيم الاموات . فتحنن على أرملة نايين فأقام من الموت ابنها وحيدها { وفي اليوم التالي ذهب الى مدينة تدعى نايين وذهب معه كثيرون من تلاميذه وجمع كثير. فلما اقترب الى باب المدينة اذا ميت محمول ابن وحيد لامه وهي ارملة ومعها جمع كثير من المدينة. فلما راها الرب تحنن عليها وقال لها لا تبكي. ثم تقدم ولمس النعش فوقف الحاملون فقال ايها الشاب لك اقول قم. فجلس الميت وابتدا يتكلم فدفعه الى امه. فاخذ الجميع خوف ومجدوا الله}لو 11:7-16.واقام بدافع الرحمة ابنة يايرس الذي جاء إلى يسوع متوسلاً من أجل ابنته ، فرحمه وأقام ابنته من الموت ( لو8: 54 ). وبهذا الحنان أقام لعازر بعد أربعة ايام من موته (يو1:11-44). وبرحمته هذا يقدر ان يقيم ميتوته نفوسنا الخاطئة اذ نرجع اليه ويقيم الاموات للحياة الإبدية فى اليوم الاخير {لا تتعجبوا من هذا فانه تاتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته.فيخرج الذين فعلوا الصالحات الى قيامة الحياة و الذين عملوا السيات الى قيامة الدينونة} يو28:5-29. طوبى للرحماء لانهم يرحمون .. + ان السيد المسيح له المجد يطوب الرحماء ويعدهم بالرحمة على الإرض وفى السماء .ويطالبنا بان نكون رحماء نحو الجميع { فكونوا رحماء كما ان اباكم ايضا رحيم }(لو 6 : 36). ويقول لنا ان نتعلم منه { فاذهبوا و تعلموا ما هو اني اريد رحمة لا ذبيحة لاني لم ات لادعوا ابرارا بل خطاة الى التوبة} (مت 9 : 13). ان أعمال الرحمة تشتمل على كل ما نقدمة من خير ومد يد المساعدة للمحتاجين سواء بالعطاء المادى او المعنوي وعدم أدانة المخطئين والستر على خطايا الاخرين وضعفاتهم واعلان رحمة الله للخطاة والمنكسرين والمحزونين واحتضان الضالين واحتمال ظلم الاشرار بمحبة وصلاة من اجلهم وفعل الرحمة يمتد ليشمل الاقرباء والغرباء والاعداء فان الله الرحوم يريدنا ان نتعلم منه . ولقد مدح الرب السامرى الرحيم الذى صنع الرحمة مع الرجل اليهودي الذى كان يُعتبر عدواً له (لان اليهود كانوا لا يخالطوا السامريين ) { واذا ناموسي قام يجربه قائلا يا معلم ماذا اعمل لارث الحياة الابدية.فقال له ما هو مكتوب في الناموس كيف تقرا. فاجاب وقال تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ومن كل فكرك وقريبك مثل نفسك. فقال له بالصواب اجبت افعل هذا فتحيا. واما هو فاذ اراد ان يبرر نفسه قال ليسوع ومن هو قريبي.فاجاب يسوع وقال انسان كان نازلا من اورشليم الى اريحا فوقع بين لصوص فعروه وجرحوه و مضوا وتركوه بين حي وميت. فعرض ان كاهنا نزل في تلك الطريق فراه و جاز مقابله.وكذلك لاوي ايضا اذ صار عند المكان جاء و نظر وجاز مقابله. ولكن سامريا مسافرا جاء اليه ولما راه تحنن.فتقدم وضمد جراحاته وصب عليها زيتا وخمرا واركبه على دابته واتى به الى فندق واعتنى به.وفي الغد لما مضى اخرج دينارين واعطاهما لصاحب الفندق وقال له اعتن به ومهما انفقت اكثر فعند رجوعي اوفيك.فاي هؤلاء الثلاثة ترى صار قريبا للذي وقع بين اللصوص. فقال الذي صنع معه الرحمة فقال له يسوع اذهب انت ايضا و اصنع هكذا} لو25:10-36.ان البشرية كلها سقطت من فردوس النعيم وبعدت عن الله فجاء اليها السيد المسيح ليرفعها ويشفى جراحاتها ويردها الى الفردوس دفعة اخرى + هكذا يوصينا الكتاب المقدس بان نصنع رحمة {لا تدع الرحمة و الحق يتركانك تقلدهما على عنقك اكتبهما على لوح قلبك }(ام 3 : 3). {لان الحكم هو بلا رحمة لمن لم يعمل رحمة و الرحمة تفتخر على الحكم }(يع 2 : 13). نصنع الرحمة ونصبر فى الضيقات والتجارب {ها نحن نطوب الصابرين قد سمعتم بصبر ايوب و رايتم عاقبة الرب لان الرب كثير الرحمة و رؤوف} (يع 5 : 11) . والى اي حد نكون رحومين ؟ ان السيد المسيح يريد لنا ان نتعلم من رحمته الكثيرة فعدما سأله بطرس : كم مرة يُخطئ إلي أخي وأنا أغفر له ، هل إلى سبع مرات ؟ فأجابه قائلاً : لا أقول لك إلى سبع مرات بل إلى سبعين مرة سبع مرات . ثم ضرب له المجد مثلاً في هذا الخصوص وهو مثل الملك الذي سامح عبداً كان مديوناً له بعشرة آلاف وزنة ، لكن ذلك العبد لم يُسامح رفيقاً كان مديوناً له بمئة دينار ، مما أدى إلى أن أمسكه الملك وزجه في أعماق السجن وقال أنه لن يخرج إلى أن يوفي الفلس الأخير . ثم ختم قوله بالقول : هكذا أبي السماوي يفعل بكم إن لم تتركوا كل واحد لأخيه زلاته ( مت18: 21-34). + وأعمال الرحمة مقياس للدينونة والمكافأة فى اليوم الأخير .. جعل رب المجد أعمال الرحمة التى نصنعها بالإيمان مقياس للدينونة في اليوم الأخير حينما قال بأنه سوف يأتي ويجمع كل الناس أمامه ويقسمهم إلى قسمين ، أحدهما إلى اليمين والآخر إلى اليسار ، والذين عن اليمين سوف يأخذهم إلى ملكوته الأبدي لأنهم كانوا رحماء ، وأما الذين كانوا عن اليسار فإلى العذاب الأبدي لأنهم لم يكونوا رحماء ( مت25: 31-46 ). + لقد تعلم التلاميذ والرسل وعلموا المؤمنين فى كل جيل ان يكونوا رحومين . هكذا يدعونا القديس يوحنا الحبيب للرحمة لتثبت فينا محبة الله { وأما من كان له معيشة العالم ونظر أخاه محتاجاً وأغلق أحشاءه عنه فكيف تثبت محبة الله فيه }( 1يو3: 17 ).ويعلمنا القديس بولس الرسول { و كونوا لطفاء بعضكم نحو بعض شفوقين متسامحين كما سامحكم الله ايضا في المسيح }(اف 4 : 32) . { في كل شيء اريتكم انه هكذا ينبغي انكم تتعبون وتعضدون الضعفاء متذكرين كلمات الرب يسوع انه قال مغبوط هو العطاء اكثر من الاخذ (اع 20 : 35). ولقد برع الكثيرين فى عمل الرحمة فى كل جيل ونذكر من هؤلاء القديس ابراهيم الجوهرى الذى ضُرب به المثل فى عمل الرحمة والعطاء والانبا ابرام اسقف الفيوم المتنيح الذى كان يتصدق بكل ما يأتى اليه وحتى بعد إنتقاله الى السماء يمد يده بالمعجزات على الفقراء والمحتاجين وام عبد السيد التى انتقلت منذ فترة قريبة وكانت تبحث عن المرضى والمحتاجين والخطاة لتعمل معهم الرحمة . لقد عرف هؤلاء كيف يربحوا بالوزنات المعطاة لهم . ان الله هو قبل كل شيء اله الرحمة والمحبة.وان هذا أيضاً هو ما يطلبه الله منا في حياتنا أن تكون أفعالنا كُلها، أعمال رحمة تُظهر رحمة الله ودعوته الرحيمة للجميع للتمتع بالرحمة الإلهية. مثل عظيم رحمتك يا خالقى ارحمنى + ايها الرب كثير الرحمة والاحسان والوفاء . يالله الذى من أجل رحمته الكثيرة يغفر الخطايا ويمحو الاثام ، ويصبر على البشرية الخاطئة والجاحده لمحبته ليعودوا ويرجعوا اليه . الهى ان ولادة كل طفل جديد فى العالم تقول لنا انك رحوم ولم تيأس من العالم ، نشكرك ونباركك على حنانك ورحمتك بنا ونصلى اليك لتهبنا قلوب حانية تقترب من مراحمك بتواضع قارعة باب مراحمك طالبة العون والرحمة على الخليقة كلها . + علمنا يارب ان نرتل لك ونقول كل صباح ومساء باركي يا نفسي الرب و كل ما في باطني ليبارك اسمه القدوس.باركي يا نفسي الرب و لا تنسي كل حسناته. الذي يغفر جميع ذنوبك الذي يشفي كل امراضك. الذي يفدي من الحفرة حياتك الذي يكللك بالرحمة و الرافة. الذي يشبع بالخير عمرك فيتجدد مثل النسر شبابك. الرب مجري العدل و القضاء لجميع المظلومين.الرب رحيم ورؤوف طويل الروح وكثير الرحمة . لم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجازنا حسب اثامنا.لانه مثل ارتفاع السماوات فوق الارض قويت رحمته على خائفيه. كبعد المشرق من المغرب ابعد عنا معاصينا. كما يتراف الاب على البنين يتراف الرب على خائفيه. لانه يعرف جبلتنا يذكر اننا تراب نحن. + علمنا يارب ان نجول نصنع خيراً ورحمة ، علمنا ان نكون متسامحين وشفوقين على الساقطين والبائسين والفقراء نتأنى على الضعفاء ونشجع صغار النفوس واذ نذوق رحمتك وحنانك ونحيا فى ظل رعايتك الحانية لابد لنا ان نعلن لكل أحد تعالوا ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب وما اوسع مراحمه عليناعلمنا يارب ان نكون رحومين ندعوا الناس الى عمل الرحمة والبر والتسامح لاسيما فى هذه الايام الشريرة التى نري فيها محبة الانتقام والتشفي من الاعداء علمنا ان نزرع المحبة حيث تنموا اشواك الكراهية ونبزر الرجاء حيث يوجد اليأس،ونصنع الرحمة فى القلوب القاسية ،وننادى بالتسامح والغفران وسط نيران الكراهية والاحقاد ان العالم يحتاج للقيم التى عملتها وعلمتها ايه المسيح القدوس ليجد الراحة والسلام والسعادة فلتعمل يارب بروحك القدوس ليأتى ملكوت فى كل قلب أمين . القمص أفرايم الانبا بيشوى
المزيد
09 فبراير 2021

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح(20) المسيحي والخدمة

مفهوم الخدمة وأهميتها للمؤمن .. + الخدمة هى تعبير عملى عن محبتنا لله ولأخوتنا فى الإنسانية .. انها محبة لله تملأ قلب المؤمن ويريد ان يشترك الاخرين معه فى هذه المحبة { اجذبني وراءك فنجري.. بالحق يحبونك} (نش 1 : 4). إنها محبه وبذل وعطاء مقدم من الخادم لله فى خلوته وحياته الخاصة وصلواته ويعبر بها فى خدمة للناس من حوله بَدْءًا من خاصته وانطلاقا الى كل الارض. ويصير اختبار المسيحي للإيمان والتمتُّع بالخلاص وثماره والتتلمذ على كلمة الله شرطاً مسبقاً للتقدُّم للخدمة. وعملياً فإن مَن لم يختبر حياة الإيمان ومحبة المخلِّص لن يهتم بالآخر أو يُبادر لخدمتهم. ان الخدمة هى تنفيذ عملى لأعظم الوصايا { وساله واحد منهم وهو ناموسي ليجربه قائلا. يا معلم اية وصية هي العظمى في الناموس. فقال له يسوع تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك.هذه هي الوصية الاولى والعظمى. والثانية مثلها تحب قريبك كنفسك. بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والانبياء} مت 35:22-40. + الخدمة هى شبع وعطاء .. شبع بالمسيح المخلص وفيض من العطاء لكل احد فى كل مناسبة وفى كل مكان سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ولاسيما للذين اؤتمن الخادم على خدمتهم انها تتلمذ وتعلم من المسيح الخادم الذى كان وسيظل يجول يصنع خيراً { فقال الرب فمن هو الوكيل الامين الحكيم الذي يقيمه سيده على خدمه ليعطيهم طعامهم في حينه. طوبى لذلك العبد الذي اذا جاء سيده يجده يفعل هكذا. بالحق اقول لكم انه يقيمه على جميع امواله.ولكن ان قال ذلك العبد في قلبه سيدي يبطئ قدومه فيبتدئ يضرب الغلمان والجواري وياكل و يشرب ويسكر. ياتي سيد ذلك العبد في يوم لا ينتظره وفي ساعة لا يعرفها فيقطعه ويجعل نصيبه مع الخائنين} لو 42:12-45. + الخادم سفير للسماء يسعى لمصالحة الناس مع الله .. الخادم يعمل مع الله لخلاص النفوس وهو سفير للسماء { ولكن الكل من الله الذي صالحنا لنفسه بيسوع المسيح واعطانا خدمة المصالحة. اي ان الله كان في المسيح مصالحا العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم وواضعا فينا كلمة المصالحة. اذا نسعى كسفراء عن المسيح كان الله يعظ بنا نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله.( 2كو18:20). والخدمة شركة فى عمل الملائكة { اليس جميعهم ارواحا خادمة مرسلة للخدمة لاجل العتيدين ان يرثوا الخلاص} (عب 1 :14). ليس مهمة الخادم تعليم الناس كلاما عن الله بل توصيلهم اليه وجعلهم يحبونه ويلتصقون به ، انه يدلهم على الطريق الى الله ويسير معهم فيه ليسروا معا فى الطريق بقلوب ملتهبة بالمحبة حتى يتصور المسيح بالإيمان فيهم . الخادم هو اناء مختار ليحمل اسم المسيح ويبشر بخلاصه لكل أحد كما قال الرب لحنانيا عن شاول الذى صار بولس الرسول { فقال له الرب اذهب لان هذا لي اناء مختار ليحمل اسمي امام امم وملوك وبني اسرائيل }(اع 9 : 15). والقديس بولس قال بعد هذا عن خدمته { فاذ نحن عاملون معه نطلب ان لا تقبلوا نعمة الله باطلا. لانه يقول في وقت مقبول سمعتك وفي يوم خلاص اعنتك هوذا الان وقت مقبول هوذا الان يوم خلاص. ولسنا نجعل عثرة في شيء لئلا تلام الخدمة. بل في كل شيء نظهر انفسنا كخدام الله في صبر كثير في شدائد في ضرورات في ضيقات. في ضربات في سجون في اضطرابات في اتعاب في اسهار في اصوام. في طهارة في علم في اناة في لطف في الروح القدس في محبة بلا رياء. في كلام الحق في قوة الله بسلاح البر لليمين ولليسار}.(2كو 1:6-7). + الخادم والقدوة .. للخادم تأثير فى مخدوميه فيجب ان يكون قدوة ومثال، لهذا يجب ان يكون الخادم، قائد يتميز بالتواضع والحس الروحى وله شركة قوية مع الله ولديه رؤية ومعرفة بماضى وحاضر الجماعة وتصور لمستقبلها بعيون الإيمان ولا يكون عثرة للمخدومين لا فى خطايا اللسان او السلوك {لا يستهن احد بحداثتك بل كن قدوة للمؤمنين في الكلام في التصرف في المحبة في الروح في الايمان في الطهارة. الى ان اجيء اعكف على القراءة والوعظ والتعليم. لا تهمل الموهبة التي فيك المعطاة لك بالنبوة مع وضع ايدي المشيخة. اهتم بهذا كن فيه لكي يكون تقدمك ظاهرا في كل شيء.لاحظ نفسك والتعليم وداوم على ذلك لانك اذا فعلت هذا تخلص نفسك والذين يسمعونك ايضا}(2تيم12:4-16). يتعيَّن على الخدام لاسيما الذين يقومون بخدمة التعليم والوعظ والتبشير أن يُداوموا على حفظ كلمة الله والعمل بها والتأمل فيها ملاحظين باستمرار انفسهم والتعليم السليم. وأن يلتزموا أولاً بكل ما يُعلِّمونه كي تثمر خدمتهم وتقود المخدومين في طريق الخلاص. والذين يقتحمون مجال التعليم دون إعداد جيد أو معرفة حقيقية لأعماق محبة الله يُسيئون إلى أنفسهم وإلى الكنيسة ويُعطِّلون دعوة الخلاص. + تنوع الخدمة .. وكما ان اعضاء الجسد كثيرة وتقوم بعملها فى تنوع وتناغم وانسجام لخدمة الجسد الواحد والمحافظة عليه ونموه وتقويته هكذا المؤمنين فى جسد المسيح الواحد اى الكنيسة على المستوى المحلى او الاقليمى او المسكونى ، ان مواهب وخدمات كل عضو فيها تكون مصدر تغذية وشبع وتقوية للجميع كما ان تعثر عضو فيها يؤثر على سلامة الجسد { فانه كما في جسد واحد لنا اعضاء كثيرة ولكن ليس جميع الاعضاء لها عمل واحد.هكذا نحن الكثيرين جسد واحد في المسيح واعضاء بعضا لبعض كل واحد للاخر. ولكن لنا مواهب مختلفة بحسب النعمة المعطاة لنا انبوة فبالنسبة الى الايمان. ام خدمة ففي الخدمة ام المعلم ففي التعليم. ام الواعظ ففي الوعظ ، المعطي فبسخاء، المدبر فباجتهاد الراحم فبسرور. المحبة فلتكن بلا رياء ، كونوا كارهين الشر ملتصقين بالخير. وادين بعضكم بعضا بالمحبة الاخوية ، مقدمين بعضكم بعضا في الكرامة.غير متكاسلين في الاجتهاد، حارين في الروح، عابدين الرب. فرحين في الرجاء، صابرين في الضيق مواظبين على الصلاة. مشتركين في احتياجات القديسين، عاكفين على اضافة الغرباء. باركوا على الذين يضطهدونكم، باركوا ولا تلعنوا. فرحا مع الفرحين وبكاء مع الباكين. مهتمين بعضكم لبعض اهتماما واحدا، غير مهتمين بالامور العالية بل منقادين الى المتضعين، لا تكونوا حكماء عند انفسكم. لا تجازوا احدا عن شر بشر معتنين بامور حسنة قدام جميع الناس} (رو 4:12-17). ان الروح القدس هو روح الله القدوس، روح الحكمة وينبوع النعم الإلهية يعطى، الكنيسة أحتياجها ويريد منا ان نكون اوانى مقدسة ومهيئة للخدمة ويحتاج منا الامر الى صلاة بتواضع قلب { فاذا تواضع شعبي الذين دعي اسمي عليهم وصلوا وطلبوا وجهي ورجعوا عن طرقهم الردية فانني اسمع من السماء واغفر خطيتهم وابرئ ارضهم }(2اخ7 : 14) . {فانواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد. وانواع خدم موجودة ولكن الرب واحد. وانواع اعمال موجودة ولكن الله واحد الذي يعمل الكل في الكل.ولكنه لكل واحد يعطى اظهار الروح للمنفعة. فانه لواحد يعطى بالروح كلام حكمة ولاخر كلام علم بحسب الروح الواحد.ولاخر ايمان بالروح الواحد ولاخر مواهب شفاء بالروح الواحد.ولاخر عمل قوات ولاخر نبوة ولاخر تمييز الارواح ولاخر انواع السنة ولاخر ترجمة السنة.ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسما لكل واحد بمفرده كما يشاء} 1كو 4:12-11 + شمولية مجالات الخدمة .. الخادم الامين تشمل خدمته الجميع دون تمييز حتى غير المؤمنين والأعداء {إن جاع عدوك فأطعمه، وإن عطش فاسقه}(لو 12: 20). لذلك ضرب لنا السيد المسيح مثل السامري الصالح (لو 10: 30-37). الخادم محب للجميع. ومن يضعه الله في طريقه هو موضوع خدمته. وهكذا فالمؤمن الحقيقي لا يعرف في خدمته التعصُّب أو الطائفية ، وأحشاؤه تفيض بالرحمة على الكل خاصة مَن يحتاجون الخدمة. خدمته متجرِّدة تتجاوز الذات، تتميز بعفة اللسان واليد والقلب والسلوك ، خدمته لا تنتظر المقابل . عملاً بالوصية { وكما تريدون ان يفعل الناس بكم افعلوا انتم ايضا بهم هكذا.وان احببتم الذين يحبونكم فاي فضل لكم فان الخطاة ايضا يحبون الذين يحبونهم. واذا احسنتم الى الذين يحسنون اليكم فاي فضل لكم فان الخطاة ايضا يفعلون هكذا. وان اقرضتم الذين ترجون ان تستردوا منهم فاي فضل لكم فان الخطاة ايضا يقرضون الخطاة لكي يستردوا منهم المثل. بل احبوا اعداءكم واحسنوا واقرضوا وانتم لا ترجون شيئا فيكون اجركم عظيما وتكونوا بني العلي فانه منعم على غير الشاكرين والاشرار. فكونوا رحماء كما ان اباكم ايضا رحيم}. (لو 6: 31-36). والخادم يجب ان يخدم أهله وذويه ومعلِّمنا بولس الرسول يُشدِّد على خدمة المسيحي لبيته {وإن كان أحد لا يعتني بخاصته، ولا سيما أهل بيته، فقد أنكر الإيمان، وهو شرٌّ من غير المؤمن }(1تي 5 : 8) ، لأن نجاح الخادم في خدمة بيته يُساند خدمته خارج البيت. ولكن لا ينحصرابدا في أهله بل ينطلق من النجاح الداخلى الى مجالات الخدمة الكنيسة سواء خدمة الكلمة بالوعظ والتعليم والافتقاد والاهتمام بالحالات الخاصة والمحتاجين للطعام والشراب والملبس والغرباء والمرضى والسجناء وذويهم والذين يعانون الاضطهاد وضعف الأيمان وزيارة المرضى وبيوت المسنين . اننا فى كل هذا نحتاج للكثير من الخدام والخادمات حقاً قال السيد الرب ان الحصاد كثير ولكن الفعلة قليلون فاصلوا واطلبوا من رب الحصاد ان يرسل فعلة لحصاده وشاركوا في الخدمة على قدر طاقة كل واحد وواحدة منكم {ومن سقى احد هؤلاء الصغار كاس ماء بارد فقط باسم تلميذ فالحق اقول لكم انه لا يضيع اجره }(مت 10 : 42). تمتد الخدمة لتشمل التعامل فى الدراسة والعمل والمجتمع انها مجالات مفتوحة لخدمة الآخرين والتأثير فيهم مسيحياً بالمعاملة الطيبة ،ومساعدة الغير ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم، ومحبة الجيران وخدمتهم والوقوف إلى جانبهم في الشدائد، وإظهار المودة والتعاون مع زملاء الدراسة، والعمل سواء مسيحيين او غير مسيحيين، من كل هذه الفئات فهذه كرازة بالقدوة والمثال والايمان الحي العامل بالمحبة أن المسيح خدم الخلاص من خلال التعليم والشفاء والعمل الاجتماعي ثم قدِّم نفسه ذبيحة عن حياة العالم كله . الخدمة والمسؤلية ... الله يريد ان الكل يخصلون والى معرفة الحق يقبلون . ان كل نفس هى غالية وثمينة لدى الله وقد فداها بدمه على عود الصليب والخادم مسئول أمام الله والكنيسة عن مخدوميه وقيادتهم للخلاص {هكذا ليست مشيئة امام ابيكم الذي في السماوات ان يهلك احد هؤلاء الصغار} (مت 18 : 14). هكذا راينا القديس بولس الرسول قرب نهاية خدمة فى يستدعى الرعاة ويقدم لهم تقرير خدمته { من ميليتس ارسل الى افسس واستدعى قسوس الكنيسة. فلما جاءوا اليه قال لهم انتم تعلمون من اول يوم دخلت اسيا كيف كنت معكم كل الزمان. اخدم الرب بكل تواضع و دموع كثيرة وبتجارب اصابتني بمكايد اليهود. كيف لم اؤخر شيئا من الفوائد الا واخبرتكم وعلمتكم به جهرا وفي كل بيت. شاهدا لليهود واليونانيين بالتوبة الى الله والايمان الذي بربنا يسوع المسيح. والان ها انا اذهب الى اورشليم مقيدا بالروح لا اعلم ماذا يصادفني هناك. غير ان الروح القدس يشهد في كل مدينة قائلا ان وثقا وشدائد تنتظرني. ولكنني لست احتسب لشيء ولا نفسي ثمينة عندي حتى اتمم بفرح سعيي والخدمة التي اخذتها من الرب يسوع لاشهد ببشارة نعمة الله} أع 17:20-24.الخادم يسعى لكى ينمو كل أحد لكى يكون انساناً كاملاً فى المسيح { الذي ننادي به منذرين كل انسان ومعلمين كل انسان بكل حكمة لكي نحضر كل انسان كاملا في المسيح يسوع }(كو1 : 28). انه يصلى من أجل خلاص الجميع { اما انا فصلاة} (مز 109 : 4). وينادى { ذوقوا وانظروا ما اطيب الرب طوبى للرجل المتوكل عليه } (مز 34 : 8). انه يسعى ليريح التعابى وثقيلى الأحمال ويقودهم لعشرة صادقة ومحبة حقيقية لله لاسيما فى الظروف الصعبة التى يعانى ويئن تحت ثقلها الكثيرين{ تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم.احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لاني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم.لان نيري هين وحملي خفيف} مت 28:11-30. السيد المسيح نموذج ومثال للخادم المحبة والبذل فى الخدمة .. جاء السيد المسيح الينا ليعلن لنا محبة الله الآب ويقدم ذاته طوعاً حباً فى خلاص وفداء البشرية { اما يسوع قبل عيد الفصح وهو عالم ان ساعته قد جاءت لينتقل من هذا العالم الى الاب اذ كان قد احب خاصته الذين في العالم احبهم الى المنتهى.فحين كان العشاء وقد القى الشيطان في قلب يهوذا سمعان الاسخريوطي ان يسلمه. يسوع وهو عالم ان الاب قد دفع كل شيء الى يديه وانه من عند الله خرج والى الله يمضي. قام عن العشاء وخلع ثيابه واخذ منشفة واتزر بها.ثم صب ماء في مغسل وابتدا يغسل ارجل التلاميذ ويمسحها بالمنشفة التي كان متزرا بها} يو1:13-5. لقد فعل هذا ليعلم تلاميذه ويعلمنا { فلما كان قد غسل ارجلهم واخذ ثيابه واتكا ايضا قال لهم اتفهمون ما قد صنعت بكم.انتم تدعونني معلما وسيدا وحسنا تقولون لاني انا كذلك. فان كنت وانا السيد والمعلم قد غسلت ارجلكم فانتم يجب عليكم ان يغسل بعضكم ارجل بعض. لاني اعطيتكم مثالا حتى كما صنعت انا بكم تصنعون انتم ايضا.الحق الحق اقول لكم انه ليس عبد اعظم من سيده ولا رسول اعظم من مرسله.ان علمتم هذا فطوباكم ان عملتموه} يو 12:13-17. هنا يطلب المسيح من تلاميذه أن يبذلوا ذواتهم في سبيل إخوتهم، كما صنع هو نفسه بنا ومعنا وهو معلّمنا وربّنا وسيّدنا، إذ أتى ليخدم لا ليُخدم.لقد نقض كلّ الاعتبارات والمقاييس البشريّة عندما وضع شروطاً ومعايير للنجاح تخالف كلّ ما يعتقده الناس أنّه الطريق نحو النجاح. مقياس المسيح للنجاح هو الخدمة والبذل والعطاء والتضحية، أمّا مقاييس الناس للنجاح فهي المال والسلطة والمناصب، السيد المسيح يهتم بخلاص البشرية كلها وفى نفس الوقت يهتم بالنفس الواحدة ، يهتم بخلاص كل إنسان وكل الانسان جسدا وروحا ونفساً . يسعى لاعلان محبته للأطفال كما فى مباركة لهم وجعلهم مثال لنا فى التواضع والبساطة والبراءة ويهتم بالشباب وخلاصهم واقامتهم أقوياء فى الروح، كما يهتم بالشيوخ وتعليمهم ليلاً ونهاراً، يهتم باليهود كما يهتم بالامم من سامريين ويونان ورومان ومدح ايمان المراة الكنعانية وقائد المئة الاممى. وجاء الى مصر وبارك ارضها وعاش فى فلسطين وتخضبت ارضها بدمه الطاهر . وكما قال له المجد { انا قد جئت نورا الى العالم حتى كل من يؤمن بي لا يمكث في الظلمة (يو 12 : 46). وهكذا ذهب الرسل يكرزون للأمم بنور الإيمان قائلين { لان هكذا اوصانا الرب قد اقمتك نورا للامم لتكون انت خلاصا الى اقصى الارض }(اع 13 : 47) المسيح الخادم .. المسيح الكلمة تجسد وأخذ شكل العبد وأطاع حتى الموت، موت الصليب وتم فيه نبؤة اشعياء النبى { هوذا عبدي الذي اعضده مختاري الذي سرت به نفسي وضعت روحي عليه فيخرج الحق للامم. لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع في الشارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة خامدة لا يطفئ الى الامان يخرج الحق.لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الارض وتنتظر الجزائر شريعته. هكذا يقول الله الرب خالق السماوات وناشرها باسط الارض ونتائجها معطي الشعب عليها نسمة والساكنين فيها روحا. انا الرب قد دعوتك بالبر فامسك بيدك واحفظك واجعلك عهدا للشعب ونورا للامم. لتفتح عيون العمي لتخرج من الحبس الماسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة} أش 1:42-7. هو القدوة الذى يطلب الإنجيل منا ان نتتلمذ عليه ونقتدى به. فالسيّد المسيح يرينا أنّ مَن يريد أن يكون تلميذاً للمسيح عليه أن يكون كسيّده. لذلك ينبغي له أن يخدم اخوته فى الإيمان والأنسانية ويغسل أرجلهم، لا أن يستعبدهم من أجل منافعه الخاصّة وتضخّم ثروته وجاهه. عليه أن يقبل بأن يُصلب من أجلهم لا أن يصلبهم على صليب كبريائه. ينبغي له ان يقول كما القدّيس يوحنّا المعمدان، { ينبغي ان ذلك يزيد واني انا انقص} (يو 3 : 30) . وكما علم السيد تلاميذه ان المحبة والتواضع ضرورة للخدمة ونجاحها { وكانت بينهم ايضا مشاجرة من منهم يظن انه يكون اكبر. فقال لهم ملوك الامم يسودونهم والمتسلطون عليهم يدعون محسنين. واما انتم فليس هكذا بل الكبير فيكم ليكن كالاصغر والمتقدم كالخادم.لان من هو اكبر الذي يتكئ ام الذي يخدم اليس الذي يتكئ ولكني انا بينكم كالذي يخدم} لو 24:22-27. كانت الكبرياء سبباً فى سقوط رتبة من الملائكة ليصيروا شياطين كما قادت ابوينا آدم وحواء للسقوط من الفردوس ، فجاء السيد المسيح بالتواضع ليردنا الى الفردوس دفعة أخرى، ومَن أراد أن يتبع المسيح خادم خلاصنا يجب عليه أن يسلك هذه الطريق عينها، إذ ليس هناك من طريق أخرى، وهكذا يصل إلى الحياة الأبديّة فيكون مع المسيح باستمرار{إنْ كان أحد يخدمني فليتبعني وحيث أكون أنا فهناك يكون خادمي. إنْ كان أحد يخدمني يكرمه أبي} (يو12: 26). لقد كان لبس الصندل كحذاء ، في بلاد الشرق، يجعل من الضروري غسل الأرجل باستمرار. وكانت الكياسة تقتضي عادةً أن يخصص المضيّف عبدًا لغسل أرجل زائريه. أمّا هنا، فالمضيّف الإلهي هو الذي أخذ مكان العبد للقيام بهذه خدمة غسل الارجل ، حتى غسل قدمى يهوذا الاسخريوطى الخائن. ما أعمق ما قام به المخلص، أن المسيح قد غسل أرجل التلاميذ جميعهم ولقد أراد أن يعطي فرصة أخيرة ليهوذا لكي يراجع نفسه ويتوب عن فعلته ويرجع إليه فيغفر له . ولقد شرح للتلاميذ ولنا الدرس الروحى مما فعل يجب على الخادم ان يغسل بمحبة أقذار المخدومين ويبذل ذاته من اجل إيمانهم وخلاصهم وتوبتهم . وهذا ما تعلمه القديس بولس وعلمه لنا {أيها الأخوة إن انسبق إنسان فأخذ في زلة ما فأصلحوا أنتم الروحانيين مثل هذا بروح الوداعة ناظراً إلى نفسك لئلا تجرّب أنت أيضاً} (غل 6: 1). ولنحذر أن ننظر إلى أخوتنا بروح فريسية محاولين اصطياد الأخطاء أو يكون لنا روح عدم المبالاة لأن هذا لا يتوافق مع المحبة التي تستر كثرة من الخطايا . بل لنحض بعضنا بعضاً على المحبة والعمال الصالحة وحمل الصليب فى الطريق الضيق الى المنتهى { فاذ لنا ايها الاخوة ثقة بالدخول الى الاقداس بدم يسوع. طريقا كرسه لنا حديثا حيا بالحجاب اي جسده. وكاهن عظيم على بيت الله. لنتقدم بقلب صادق في يقين الايمان مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير ومغتسلة اجسادنا بماء نقي. لنتمسك باقرار الرجاء راسخا لان الذي وعد هو امين. ولنلاحظ بعضنا بعضا للتحريض على المحبة والاعمال الحسنة.غير تاركين اجتماعنا كما لقوم عادة بل واعظين بعضنا بعضا وبالاكثر على قدر ما ترون اليوم يقرب} عب 19:10-25. السيد المسيح ومدرسة أعداد الخدام .. عندما بدء المخلص خدمته رايناه مدرسة فى الخدمة والقيادة ، يجمع بين الصلاة والخلوة مع الآب والخدمة فى المدن والقرى ، وبين البشارة فى الهيكل والمجامع وفى البيوت، فى الطرقات والمزارع، وعلى الجبال والسهول، ولقد اعد للقيادة أجيال من القادة والمؤمنين اينما ذهب { وفي تلك الايام خرج الى الجبل ليصلي وقضى الليل كله في الصلاة لله. ولما كان النهار دعا تلاميذه واختار منهم اثني عشر الذين سماهم ايضا رسلا} لو 12:6-13. هؤلاء هم الرعيل الاول فى الخدمة. ولم يستثنى السيد المرأة بل أفرد لها نصيباً فى الخدمة { وعلى اثر ذلك كان يسير في مدينة وقرية يكرز ويبشر بملكوت الله ومعه الاثنا عشر.وبعض النساء كن قد شفين من ارواح شريرة وامراض مريم التي تدعى المجدلية التي خرج منها سبعة شياطين. ويونا امراة خوزي وكيل هيرودس وسوسنة واخر كثيرات كن يخدمنه من اموالهن} لو 1:8-3. ثم عين وتلمذَ الجيل الثانى { وبعد ذلك عين الرب سبعين اخرين ايضا وارسلهم اثنين اثنين امام وجهه الى كل مدينة وموضع حيث كان هو مزمعا ان ياتي. فقال لهم ان الحصاد كثير ولكن الفعلة قليلون فاطلبوا من رب الحصاد ان يرسل فعلة الى حصاده. اذهبوا ها انا ارسلكم مثل حملان بين ذئاب} لو 1:10-3. وفى تلمذته لهم كان يعلمهم وهم يتبعونه ويقتدون به ثم يساعدونه فى الخدمة ثم ارسلهم امام وجهه موجها اياهم الى المدن والقرى التى كان مزمع ان يمضى اليها وكان يتابع خدمتهم وعملهم ويصحح مفاهيمهم فى الخدمة { الذي يسمع منكم يسمع مني والذي يرذلكم يرذلني والذي يرذلني يرذل الذي ارسلني. فرجع السبعون بفرح قائلين يا رب حتى الشياطين تخضع لنا باسمك.فقال لهم رايت الشيطان ساقطا مثل البرق من السماء. ها انا اعطيكم سلطانا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو ولا يضركم شيء. ولكن لا تفرحوا بهذا ان الارواح تخضع لكم بل افرحوا بالحري ان اسماءكم كتبت في السماوات} (لو 16:10-20). ثم بعد صعوده للسماء ارسل لهم الروح القدس فحل عليهم وانطلقوا للخدمة كما اوصاهم { فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الاب والابن و الروح القدس. وعلموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به وها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين} مت 19:28-20. ولقد قام التلاميذ والرسل القديسين بنشر الإيمان وتلمذة الكثيرين ليقوموا بتسليم الإيمان من جيل الى جيل { وما سمعته مني بشهود كثيرين اودعه اناسا امناء يكونون اكفاء ان يعلموا اخرين ايضا} (2تي2 :2). بناء الخادم الروحي ... + ان اعداد الخادم الروحي عمل روحى فى غاية الأهمية ويكفى ان مخلصنا الصالح المزخر لنا فيه كل كنوز الحكمة والعلم لم يبدأ خدمته الا فى سن الثلاثين مع انه فى عمر الثانية عشر اذهل المعلمين بحكمته وعلمه { بعد ثلاثة ايام وجداه في الهيكل جالسا في وسط المعلمين يسمعهم و يسالهم. وكل الذين سمعوه بهتوا من فهمه واجوبته} لو46:2-47. ان الخدمة ليست معلومات تلقن او دروس تحضر لكنها حياة وعشرة مع الله ومعرفة بقيمة النفس البشرية أمام الله، السيد المسيح أستمر ما يذيد عن الثلاث سنوات يتلمذ ويعلم وهو يحيا مع تلاميذه وبعد هذا منحهم مواهب الروح القدس ليستطيعوا ان يقوموا بالخدمة . ورغم حاجة الخدمة الى الكثير من الفعلة { قال لهم ان الحصاد كثير ولكن الفعلة قليلون فاطلبوا من رب الحصاد ان يرسل فعلة الى حصاده }(لو 10 : 2) . لكن مع حاجة الخدمة للخدام فليس هذا مدعاة للتسرع لاسيما فى رسامة الكهنة اوالرهبان والراهبات او الشمامسة حتى لا يكون الخدام عثرة فى الكنيسة وثقل على الخدمة . ففضلا عن انه لابد ان تتوفر فى من يتقدم للخدمة العلاقة الروحية الشخصية الناجحة مع الله وتميزة بالتواضع والمحبة والصبر ومخافة الله فانه لابد ان تكون علاقاته مع الآخرين علاقات تمتاز بالروحانية والوداعة والحكمة سواء مع اسرته او اقربائه او كنيسته او مجتمعه بما فيه من شرائح مختلفة من المجتمع . هذا بالاضافة الى معرفتة ودراسته للاهوت والعقيدة والكتاب المقدس وكتابات الاباء وتاريخ الكنيسة وطقوسها وادابها فى عصر نجابه فيه ثورة فى المعرفة واسئلة من المؤمنين وغيرهم مما يحتاج الى دراسة لعلم النفس والمنطق والفلسفة والتاريخ والادب واللغات . ومع هذا يجب ان يتم تدريب الخدام وتلمذتهم لخدام مختبرين وان يحتفظ الخادم بروح الخدمة والتلمذة والتعلم المستمر مدى الحياة فى مدرسة المعلم الأعظم والراعى الصالح . صفات الخادم الروحى .. الخدام بمختلف درجاتهم سواء الخدام المكرسين لله فى خدمة الكهنوت او المؤمنين من شمامسة وخدام فى حقل الخدمة يجب ان تتوفر فيهم صفات تؤهلهم للخدمة والرعاية . ليستطيعوا ان يقوموا بدورهم فى الكنيسة والمجتمع ، هذه الصفات تتعلق بعلاقتهم الروحية بالله وكتابه المقدس وممارساتهم للاسرار المقدسة فى تقوى ومخافة الله . او سواء فى حياتهم الشخصية المنزة عن العيوب على قدر الطاقة وعمل النعمة والمهتمة بخلاص النفس وثقلها بكل الدراسات والخبرة الشخصية اللازمة للخدمة أو علي مستوى العلاقات الاسرية والكنسية والأجتماعية الناجحة والمتميزة لكى يستطيع ان يربح النفوس ويقودها ويغذيها ويشبعها روحيا . وهذه بعض الصفات التى ذكرها الكتاب المقدس فى الخدام .. + ذوى قدرة للقيام بمهامهم وخائفين الله فى تصرفاتهم وسلوكهم وامناء مبغضين للرشوة باشكالها المختلفة { وانت تنظر من جميع الشعب ذوي قدرة خائفين الله امناء مبغضين الرشوة وتقيمهم عليهم رؤساء الوف ورؤساء مئات ورؤساء خماسين ورؤساء عشرات} (خر 18 : 21). + يذكر القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس بعض من الصفات التى يجب توفرها فى الاساقفة والكهنة والشمامسة . فيجب ان يكونوا بلا لوم اى بلا عيوب تمسك عليه وتكون عثرة للشعب وتضر بالكنيسة . وان يتميزوا بالعفاف فى وقت كانت الوثنية واليهودية تسمح بتعدد الزوجات لايكون له الا زوجة واحدة وليس معنى هذا ان لا يكون متبتلاً فبولس نفسه كان بتولاً لم يتزوج { و لكن اقول لغير المتزوجين وللارامل انه حسن لهم اذا لبثوا كما انا} (1كو7 : 8).يجب على الخادم ان يكون ذو عقل متزن حكيم لا ينخدع { فيجب ان يكون الاسقف بلا لوم بعل امراة واحدة صاحيا عاقلا محتشما مضيفا للغرباء صالحا للتعليم.غير مدمن الخمر ولا ضراب ولا طامع بالربح القبيح بل حليما غير مخاصم ولا محب للمال. يدبر بيته حسنا له اولاد في الخضوع بكل وقار.وانما ان كان احد لا يعرف ان يدبر بيته فكيف يعتني بكنيسة الله .غير حديث الايمان لئلا يتصلف فيسقط في دينونة ابليس. ويجب ايضا ان تكون له شهادة حسنة من الذين هم من خارج لئلا يسقط في تعيير وفخ ابليس. كذلك يجب ان يكون الشمامسة ذوي وقار لا ذوي لسانين غير مولعين بالخمر الكثير ولا طامعين بالربح القبيح. ولهم سر الايمان بضمير طاهر.وانما هؤلاء ايضا ليختبروا اولا ثم يتشمسوا ان كانوا بلا لوم. كذلك يجب ان تكون النساء ذوات وقار غير ثالبات صاحيات امينات في كل شيء. ليكن الشمامسة كل بعل امراة واحدة مدبرين اولادهم و بيوتهم حسنا.لان الذين تشمسوا حسنا يقتنون لانفسهم درجة حسنة وثقة كثيرة في الايمان الذي بالمسيح يسوع} 1تيم 2:3-13. + على الخادم ان يكون محتشما فى مظهره وكلامه وسلوكه يتميز بالوقار والتصرف الحسن فى المواقف المختلفة . وان يكون مضيفاً للغرباء كريما له قلب متسعاً محبا للأخوة وان يكون صالحاً للتعليم { لان شفتي الكاهن تحفظان معرفة ومن فمه يطلبون الشريعة لانه رسول رب الجنود }(ملا 2 : 7). قد لا يكون معلماً موهوباً، لكن يجب أن يكون ذا دراية كافية بكلمة الله حتي يقدر أن يساعد المخدومين فى مشاكلهم اليومية. لديه المرونة والقابلية أن يتعلَّم بتواضع قلب، وأن يكون صالحاً أن يعلِّم آخرين ويبنيهم في الإيمان. الخادم يجب ان يتحلى بالوداعة والتواضع وان يكون لطيفاً فى تعامله غير غضوباً ولا طامعاً أو راغباً بالربح القبيح فلا يستخدم الأمور الروحية ليتربح منها فيتحول إلي مُحب للمال . الخادم صانع سلام وليس رجل خصام لا يتنازع مع الآخرين من أجل أمور العالم او من اجل ذاته ولا يكون له خاصة دون البعض فهو اخاً أواباً للجميع ، يربحهم لملكوت الله . + غير حديث الإيمان ومشهود له . أي ناضج روحياً، لائق للخدمة غير مفتقر للخبرة الروحية. والخطر هو أن حديث الإيمان وغير المختبر قد يتصلف أي تأخذه الكبرياء فينتفخ ويقع في دينونة إبليس. فلابد ان يكون له مدَّة كافية وعميقة في حياة الإيمان الصحيح، حتى يفهم أهمية الخدمة في الكنيسة، فيخدم الرب بكل تواضع ويكون مثمراً فيها. ان الخدمة والكنيسة فى حاجة لخدام امناء لديهم العمق الروحى ويبتعدوا عن سطحية العبادة وشكلية الخدمة ومظهريتها من أجل خلاص نفوس الخدام والمخدومين ان التلاميذ سهروا الليل كله ولم يصطادوا شئ حتى أمرهم المخلص بالدخول الى العمق فامتلأت شباكهم بالسمك ليتركوا كل شئ ويتبعوا المعلم الصالح ويصيروا صيادى الناس. الخادم الأمين يكون له شهادة حسنة من الذين هم من خارج من غير المسيحيين أيضاً، فلابد ان يكتسب احترام زملاء العمل والأقرباء والجيران، وذلك من خلال حياته اليومية العادية. فشهادة أولئك برهان على صحة قوة وتاثير إيمانه الصحيح . + التواضع والصلاح والنشاط .. ان يكون الخادم غير معجب بنفسه، فلا يكون متكبرا معجباً بنفسه { حينئذ قال يسوع لتلاميذه ان اراد احد ان ياتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني} (مت 16 : 24) الخادم المتكبر ينفر الآخرين ويعثرهم لهذا علينا كخدام ان نحيا فى تواضع وانكاراً للذات مقدمين بعضنا بعضاً فى الكرامة ونقبل الرأى الأخر ونستمع للآخرين فى صبر وطول بال { وكونوا لطفاء بعضكم نحو بعض شفوقين متسامحين كما سامحكم الله ايضا في المسيح }(اف 4 : 32) الخادم يكون محباً للخير والصلاح والخير لجميع الناس وبارا يخاف الله، نقي وتقي في سلوكه وتصرفاته في السر والعلن. + على الخادم ان يكون ضابط لنفسه متحكما فى كلامه وانفعالاته وسلوكه مداوماً على التلمذة ويعلم التعليم الصحيح ويدافع عن الايمان ضد المقاومين. يخدم لا عن اضطرار بل بالاختيار{ ارعوا رعية الله التي بينكم نظارا لا عن اضطرار بل بالاختيار ولا لربح قبيح بل بنشاط. ولا كمن يسود على الانصبة بل صائرين امثلة للرعية. ومتى ظهر رئيس الرعاة تنالون اكليل المجد الذي لا يبلى} 1بط 2:5-4. + يجب ان يهتم الخدام بخدمة وتشجيع الضعفاء والمحتاجين والارامل والايتام والمضطهدين وكانه يخدم سيده ومعلمه الصالح فيهم {بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم} (مت 25: 40). {في كل شئ أريتكم أنه هكذا ينبغي أنكم تتعبون وتعضدون الضعفاء} اع 20: 35. {الديانة الطاهرة النقية عند الله الاب هي هذه افتقاد اليتامى والارامل في ضيقتهم وحفظ الانسان نفسه بلا دنس من العالم }(يع 1 : 27). { بهذا قد عرفنا المحبة أن ذاك وضع نفسه لأجلنا، فنحن ينبغي لنا أن نضع نفوسنا لأجل الإخوة؛ وأما مَن كانت له معيشة العالم ونظر أخاه محتاجاً وأغلق أحشاءه عنه، فكيف تثبت محبة الله فيه} (1يو 3: 16-17). {وكل ما فعلتم، فاعملوا من القلب كما للرب ليس للناس. عالمين أنكم من الرب ستأخذون جزاء الميراث، لأنكم تخدمون الرب المسيح}(كو 3: 23-24). القمص أفرايم الأورشليمى
المزيد
06 يوليو 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (5)التواضع

الحاجة الى التواضع .. + التواضع هو الأساس الذى نبنى عليه برج الفضيلة العالى لحياتنا الروحية وهو الذى يحفظ البناء ثابتا لا يتزعزع . وكلما تعمق الأساس كلما اذداد البناء صلابة ورسوخ وكلما يضع الإنسان نفسه كلما ارتفع برج فضائله إلى فوق. ان الشجرة المحملة بالثمار تنحنى الى أسفل والانسان المثمر يحيا متواضعا وديعا أمام الله والناس .كما ان الله الوديع المتواضع يسكن قلوب المتواضعين { لانه هكذا قال العلي المرتفع ساكن الابد القدوس اسمه في الموضع المرتفع المقدس اسكن ومع المنسحق والمتواضع الروح لاحيي روح المتواضعين ولاحيي قلب المنسحقين (اش 57 : 15). وهو يريدنا ان نسلك امامه بتواضع وتقوى ومعرفة منا بضعفنا وجهلنا { قد اخبرك ايها الانسان ما هو صالح وماذا يطلبه منك الرب الا ان تصنع الحق وتحب الرحمة وتسلك متواضعا مع الهك }(مي 6 : 8). لهذا نري السيد المسيح يمتدح تواضع العشار ويعلن قبوله له دون الفريسى المتكبر { وقال لقوم واثقين بانفسهم انهم ابرار ويحتقرون الاخرين هذاالمثل. انسانان صعدا الى الهيكل ليصليا واحد فريسي والاخرعشار.اما الفريسي فوقف يصلي في نفسه هكذا اللهم انا اشكرك اني لست مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة ولا مثل هذا العشار. اصوم مرتين في الاسبوع واعشر كل ما اقتنيه. واما العشار فوقف من بعيد لا يشاء ان يرفع عينيه نحو السماء بل قرع على صدره قائلا اللهم ارحمني انا الخاطئ.اقول لكم ان هذا نزل الى بيته مبررا دون ذاك لان كل من يرفع نفسه يتضع و من يضع نفسه يرتفع} لو9:18-14.فان اردت ان تنال التبرير والمغفرة لا تستكبر بل تواضع امام الرب الهك وامام الناس فتنال نعمة ورحمة وتجد عونا فى حينه فان الله ينظر ويستجيب لصلاة المتواضعين. + ان كبرياء الشيطان هي سبب سقوطه من رتبته الملائكية . حينما أراد الشيطان أن يصير مثل الله كما هو مكتوب عنه { وأنت قلت في قلبك أصعد إلى السماوات أرفع كرسيّ فوق كواكب الله وأجلس على جبل الاجتماع في أقاصي الشمال. أصعد فوق مرتفعات السحاب. أصير مثل العليّ} (أش14: 13-14). حينما ارتفع قلب الشيطان بالكبرياء سقط من رتبته. وهكذا أيضاً آدم وحواء حينما أرادا أن يصيرا مثل الله طُردا من الفردوس..قال الشيطان لحواء {لن تموتا}(تك3: 4) إذا أكلتما من الشجرة إنما {تكونان كالله عارفين الخير والشر} (تك3: 5). فلما ارتفع قلباهما وأرادا أن يصيرا مثل الله سقطا. هكذا {يقاوم الله المستكبرين وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة}(يع4: 6). لقد نظر الله لتواضع القديسة مريم العذراء واختارها ليولد منها القدوس{ فاجاب الملاك و قال لها الروح القدس يحل عليك و قوة العلي تظللك فلذلك ايضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله} لو35:1. لذلك نراها تسبح الرب فى تواضع قلب { فقالت مريم تعظم نفسي الرب. و تبتهج روحي بالله مخلصي. لانه نظر الى اتضاع امته فهوذا منذ الان جميع الاجيال تطوبني.لان القدير صنع بي عظائم و اسمه قدوس.ورحمته الى جيل الاجيال للذين يتقونه. صنع قوة بذراعه شتت المستكبرين بفكر قلوبهم.انزل الاعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين. اشبع الجياع خيرات وصرف الاغنياء فارغين} لو46:1-53.{ الكبرياء ممقوتة عند الرب والناس شانها ارتكاب الاثم امام الفريقين (سيراخ 10 : 7). من اجل هذا قال القوى الانبا موسى ان الكبرياء اصل كل الشرور ومن يعتقد فى نفسه انه بلا عيب فقد حوى فى ذاته سائر العيوب. + التواضع هو الاعتراف بالخطأ والضعف والجهل وطلب الحكمة والقوة والمعرفة من الله لا من اجل ان نفتخر بها ولكن لكى ننتصر فى حروبنا ضد الشيطان والخطية ولكى نسلك بامانه امام الرب الهنا ، التواضع مناقض للكبرياء والعجب وحب الظهور والخيلاء . إن الإنسان المعتدل البعيد عن الادّعاءات الكاذبة، لا يتكل على حكمه الذاتي{ فاني اقول بالنعمة المعطاة لي لكل من هو بينكم ان لا يرتئي فوق ما ينبغي ان يرتئي بل يرتئي الى التعقل كما قسم الله لكل واحد مقدارا من الايمان} رو 3:12 التواضع هو الاحساس بالخطايا أمام الله القدير القدوس وطلب المغفرة فى احساس بعد الاستحقاق ، والاعتراف بأن ما لدينا من نعم ومواهب ووزنات قد حصلنا عليه من الله ، ومهما فعلنا من بر نشعر بصدق اننا عبيد { كذلك انتم ايضا متى فعلتم كل ما امرتم به فقولوا اننا عبيد بطالون لاننا انما عملنا ما كان يجب علينا} (لو 17 : 10) . ان اشعيا النبى عندما راي الله القدوس وملائكته تسبح قداسته لم يتمالك الا ويعترف بانه انسان خاطئ نجس فاستحق باعترافه ان ينال المغفرة { في سنة وفاة عزيا الملك رايت السيد جالسا على كرسي عال و مرتفع و اذياله تملا الهيكل.السرافيم واقفون فوقه لكل واحد ستة اجنحة باثنين يغطي وجهه و باثنين يغطي رجليه و باثنين يطير.و هذا نادى ذاك و قال قدوس قدوس قدوس رب الجنود مجده ملء كل الارض.فاهتزت اساسات العتب من صوت الصارخ و امتلا البيت دخانا.فقلت ويل لي اني هلكت لاني انسان نجس الشفتين و انا ساكن بين شعب نجس الشفتين لان عيني قد راتا الملك رب الجنود.فطار الي واحد من السرافيم و بيده جمرة قد اخذها بملقط من على المذبح. ومس بها فمي وقال ان هذه قد مست شفتيك فانتزع اثمك وكفرعن خطيتك} اش 1:6-7.اما شعب سدوم وعمورة ففى خطية وكبرياء قلوبهم فقد نالوا غضب الله المعلن من السماء بالنار والكبريت { هذا كان اثم اختك سدوم الكبرياء والشبع من الخبز وسلام الاطمئنان كان لها ولبناتها ولم تشدد يد الفقير و المسكين} (حز 16 : 49). لقد سئل سقراط مره لماذا ينادونك بالحكيم فقال لربما لانى اعرف انى لا اعرف. ونحن مهما بلغنا من معرفة وعلم وحكمة ، فنحن جهال وفى اشياء كثيرة نعثر جميعنا وحياتنا كبخار ماء يظهر قليلاً ثم يضمحل فلماذا الكبرياء والخيلاء! . السيد المسيح قدوة ومثال ... + ان السيد المسيح وهو الله الظاهر فى الجسد عندما جاء الى ارضنا متجسدا اخلى ذاته من المجد وتواضع وولد فى مذود للبقر وعاش وديعا متواضعا ودعانا ان نتعلم منه لنجد راحة ونعمة { احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لاني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم} (مت 11 : 29). وقال مرة { فقال له يسوع للثعالب اوجرة ولطيور السماء اوكار واما ابن الانسان فليس له اين يسند راسه }(لو 9 : 58). نعم تواضع ليرفعنا وجاع ليشبعنا وعطش ليروينا وصعد على الصليب عريانا ليكسونا بثوب بره ولكى يقدم لتلاميذه ولنا مثالا عملياً فى التواضع رايناه يقوم بعمل العبد فى غسل ارجل تلاميذه {فلما كان قد غسل ارجلهم و اخذ ثيابه واتكا ايضا قال لهم اتفهمون ما قد صنعت بكم.انتم تدعونني معلما وسيدا وحسنا تقولون لاني انا كذلك.فان كنت وانا السيد والمعلم قد غسلت ارجلكم فانتم يجب عليكم ان يغسل بعضكم ارجل بعض.لاني اعطيتكم مثالا حتى كما صنعت انا بكم تصنعون انتم ايضا.الحق الحق اقول لكم انه ليس عبد اعظم من سيده ولا رسول اعظم من مرسله.ان علمتم هذا فطوباكم ان عملتموه} يو 12:13-17. + لقد تكبر نبوخذ نصر قديما ولم يتضع حتى عندما حذره دانيال النبى { لذلك ايها الملك فلتكن مشورتي مقبولة لديك و فارق خطاياك بالبر واثامك بالرحمة للمساكين لعله يطال اطمئنانك} دا27:4 . لذلك جاء عليه العقاب الإلهي{ كل هذا جاء على نبوخذنصر الملك. عند نهاية اثني عشر شهرا كان يتمشى على قصر مملكة بابل.واجاب الملك فقال اليست هذه بابل العظيمة التي بنيتها لبيت الملك بقوة اقتداري ولجلال مجدي.والكلمة بعد في فم الملك وقع صوت من السماء قائلا لك يقولون يا نبوخذنصر الملك ان الملك قد زال عنك.ويطردونك من بين الناس و تكون سكناك مع حيوان البر ويطعمونك العشب كالثيران فتمضي عليك سبعة ازمنة حتى تعلم ان العلي متسلط في مملكة الناس و انه يعطيها من يشاء} دا28:4-32. وهكذا نرى كيف تقود الكبرياء الى سقوط الرؤساء والقادة من حولنا ونتذكر كلام مسيحنا القدوس المتواضع لنتعلم منه التواضع والوداعة { فدعاهم يسوع وقال انتم تعلمون ان رؤساء الامم يسودونهم والعظماء يتسلطون عليهم. فلا يكون هكذا فيكم بل من اراد ان يكون فيكم عظيما فليكن لكم خادما .ومن اراد ان يكون فيكم اولا فليكن لكم عبدا. كما ان ابن الانسان لم يات ليخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين} مت 25:20-28. + راينا كيف بارك يسوع الأطفال، ويقدمهم لنا كقدوة { في تلك الساعة تقدم التلاميذ الى يسوع قائلين فمن هو اعظم في ملكوت السماوات.فدعا يسوع اليه ولدا و اقامه في وسطهم. وقال الحق اقول لكم ان لم ترجعوا وتصيروا مثل الاولاد فلن تدخلوا ملكوت السماوات. فمن وضع نفسه مثل هذا الولد فهو الاعظم في ملكوت السماوات. (مت1:18-4). فهل نحيا فى تواضع الاطفال وبساطتهم وبرائتهم ام نتكبر وتبتعد عنا نعمة الله ونسقط . + لقد طوب السيد الرب المساكين بالروح واعدا اياهم بملكوت السموات { طوبى للمساكين بالروح لان لهم ملكوت السماوات}مت3:5.ما هي المسكنة بالروح إلا حياة التواضع، خلالها يدرك الإنسان أنه بدون الله يكون كلا شيء، فينفتح قلبه بانسحاق لينعم ببركاته. فإن كانت خطيّة آدم الأولى هي استغناءه عن إرادة الله بتحقيق إرادته الذاتيّة، لذلك جاء كلمة الله الغني بحق مفتقرًا من أجلنا، ليس بالإخلاء عن أمجاده فحسب، وإنما بإخلائه أيضًا عن إرادته التي هي واحدة مع إرادة أبيه. كنائبٍ عنّا افتقر ليتقبّل غنى إرادة أبيه الصالح، قائلاً: {لتكن لا إرادتي بل إرادتك}. لذلك يدعونا القديس بولس الرسول الى التعلم من معلم التواضع والفضيلة { فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع ايضا.الذي اذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة ان يكون معادلا لله. لكنه اخلى نفسه اخذا صورة عبد صائرا في شبه الناس. واذ وجد في الهيئة كانسان وضع نفسه واطاع حتى الموت موت الصليب. لذلك رفعه الله ايضا واعطاه اسما فوق كل اسم. لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الارض ومن تحت الارض. ويعترف كل لسان ان يسوع المسيح هو رب لمجد الله الاب} في 5:2-11 + استطاع السيد المسيح بأسلوب بسيط أن يعبِّر عن حقائق في منتهى العمق. فكان يكلم الناس بامثال بسطية يفهمها كل إنسان، وعميقه يتعجب منها الفهماء والحكماء . فيقول فى إنجيل معلمنا لوقا البشير {متى دُعيت من أحد إلى عرس فلا تتكئ فى المتكأ الأول لعل أكرم منك يكون قد دعي منه. فيأتي الذي دعاك وإياه ويقول لك أعط مكاناً لهذا. فحينئذ تبتدئ بخجل تأخذ الموضع الأخير. بل متى دعيت فاذهب واتكئ في الموضع الأخير حتى إذا جاء الذي دعاك يقول لك يا صديق ارتفع إلى فوق. حينئذ يكون لك مجد أمام المتكئين معك. لأن كل من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع} (لو14: 8-11).المثل بسيط يمكن لاي إنسان أن يفهمه، وهو أسلوب عملي في تعليم الاتضاع. لابد أنك مررت او شاهدت مواقف شبيه به فى حياتك اليومية . لابد أنك رأيت أناساً يحاولون تصدُّر المتكآت الأولى، ويكونون مصدراً للمشاكل والمضايقات للآخرين، وراء هذا المثل البسيط تكمن معان كبيرة جداً. فبعدما ذُكر المثل، أعطى السيد المسيح التعليم الأعمق وجوهر الفكرة فقال {لأن من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع}. التواضع طريقنا الى الانتصار والسماء + ان كان الله يدعونا الى التواضع لان الكبرياء علة السقوط { قبل الكسر يتكبر قلب الانسان وقبل الكرامة التواضع }(ام 18 : 12).فيجب علينا ان نتعلم من الرب يسوع المسيح ومن رسله القديسين الذين دعونا للتواضع{ فالبسوا كمختاري الله القديسين المحبوبين احشاء رافات و لطفا و تواضعا ووداعة و طول اناة }(كو 3 : 12).{كذلك ايها الاحداث اخضعوا للشيوخ وكونوا جميعا خاضعين بعضكم لبعض و تسربلوا بالتواضع لان الله يقاوم المستكبرين واما المتواضعون فيعطيهم نعمة. فتواضعوا تحت يد الله القوية لكي يرفعكم في حينه. ملقين كل همكم عليه لانه هو يعتني بكم} 1بط 5:5-7. اننا عندما نشعر اننا خلقنا من تراب وسنرجع اليه ونتضع يرفعنا الله الى مرتبة الابناء والورثة لملكوت السماوات فالله ينظر إلى المتواضعين ويحنو عليهم . المتواضع ينال مغفرة خطاياه و حكمة القدير تسرّ بالكشف عن ذاتها للمتواضعين . ان يوحنا المعمدان الذى قال انه غير مستحق ان يحل سيور حذاء السيد المسيح رفعه السيد المسيح لمرتبه نبى وأعظم . التواضع يعطي رفعة للانسان امام الله والناس لهذا قال المخلص { ان كان احد يخدنى يكرمه الاب} يو 26:12.ان طريقنا للأتضاع هو طريق الصليب {مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ} (غل2: 20). ان الانسان الذى سعى الى التأله بعيدا عن الله ، بالتواضع وجحد الذات والوالده من فوق من الماء والروح يصير ابنا لله وارثا لملكوته وهو يشعر دائما ان ذلك من نعمة الله عليه ومحبته له فلا يغتر او يتكبر { انظروا اية محبة اعطانا الاب حتى ندعى اولاد الله من اجل هذا لا يعرفنا العالم لانه لا يعرفه }(1يو 3 : 1).وان كنا ابناء فنحن ورثة ايضاً { فان كنا اولادا فاننا ورثة ايضا ورثة الله و وارثون مع المسيح ان كنا نتالم معه لكي نتمجد ايضا معه} (رو 8 : 17). + الإنسان المتواضع هو الذى يغلب الشيطان بتواضعه. فالاتضاع والانتصار على الخطية هما جناحان لطائر يصل الى السماء ، لأن الإنسان لن يستطيع أن يغلب الشيطان إلا بالتواضع لذلك فإن القديس مكاريوس الكبير حينما ظهر له الشيطان وقال له: ويلاه منك يا مقارة؛ أنت تصوم أما نحن فلا نأكل وأنت تسهر وأما نحن فلا ننام، انت تحى فى الصحراء ونحن كذلك ، لكن بشئ واحد تغلبنا. فلما سأله القديس عن هذا الشئ قال له: باتضاعك تغلبنا. هذا هو السلاح الذي نغلب به الشيطان.وهذا الشيطان لا يأخذ هدنة فهو خدَّاع ومكَّار، فهولم يترك القديس مكاريوس بعد أن قال له أنك غلبتني. وكان القديس يعلم أن الشيطان بذلك يدبِّر له مؤامرة جديدة، لكنه علم أن الانتصار على الشيطان هو دائماً بمزيد من الاتضاع. وحتى حينما تمّم القديس مكاريوس جهاده بسلام وكانت روحه في طريق دخولها إلى الفردوس. ففي طريق إنطلاقها إلى السماء قال له الشيطان (طوباك يا مقاره فقد غلبت) قال له: (إلى أن أصل إلى داخل الفردوس). كان يعلم أنه لن يحتمي إلا في أحضان السيد المسيح، في حضن ذاك الذي غلب الشيطان وسحق سلطانه. +علينا ان ندرب انفسنا على الاتضاع حتى بالأشياء البسيطة التي يستطيع أي إنسان أن يعملها.لنصل لما هو أعمق ، أنت تستطيع مثلاً أن تقدم غيرك على نفسك في أشياء بسيطة في الحياة اليومية: فمثلاً تجعل غيرك يسبقك في الدخول إلى المكان، أو تقف أنت من اجل ان تفس المكان لشيخ احتراماً لسنه ، أو لا تقاطع غيرك أثناء كلامه او تنسب الفضل لفاعليه والمشاركين فيه .السيد المسيح لا يعتبر المسيحية مجرد وصايا كبرى وفلسفات لاهوتية لكنه أعطانا المسيحية كحياة عملية معاشة. ومن خلال التصرفات البسيطة التي يستطيع الإنسان أن يتعلمها سوف يتعلم الفضائل الكبيرة التي تجعله يصل إلى قمة الحياة الروحية.لابد ان نعترف بنعمة الله التى تعيننا فى جهادنا ونخفى فضائلنا كما نوارى سقطاتنا ونريد ان يغفرها الله . ان جهادنا لاقتناء فضيلة التواضع ومسكنة الروح يجب ان يبدأ الان ولا ينتهى الا بالوصول الى الفردوس فالذات دائما تريد ان تكبر وتنتفخ بعيداً عن الله وحتى فى الطريق الروحى ومحاربتنا الروحية ليس مع لحم ودم بل مع اجناد الشر الروحية فى السماويات { الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات} (غل5: 24).ولكن ثق فى معونة الرب لك فى الطريق الطريق الروحى الحلو الذى سبقك اليه السيد المسيح ورسله وقديسيه { صلاة المتواضع تنفذ الغيوم و لا تستقر حتى تصل ولا تنصرف حتى يفتقد العلي ويحكم بعدل ويجري القضاء} (سيراخ 35 : 21). نريد ان نتعلم منك .. + ايها الوديع متواضع القلب يا من دعوتنا لنتعلم منك الوداعة وتواضع القلب لنجد راحة لنفوسنا وشبعا لارواحنا ونعمة فى عينيك وأعين الناس . يا عظيما جاء من أعلى السماء سبحته الملائكة فى العلاء ونادت بالسلام على الارض عندما رايته يتنازل ويحل عليها ويولد كطفل صغير فى مذود فقير ولم يحد ذلك من لاهوته بل ذاده التواضع مجداً وبهاء فحلت بتجسدك المسرة على البشرية جمعاء واصبحت موضوع سرور الآب فيك وبك ومعك لانك رفعتنا معك وقدمتنا شعباً مبرراً لله للآب ، نشكرك يا معلم الوداعة والتواضع وندعوك ان تحل بالإيمان فى قلوبنا فنثمر وننمو ونمجد عظيم تواضعك . + يارافع المتواضعين ورجاء البائسين ومعين لمن ليس له معين ، أعيننا نحوك لانك قائد نصرتنا على قوى الشر وشبعنا وارتوائنا فى برية العالم القاحلة فكما قبلت العشار وخرج من أمامك مبررا ، اقبل طلبه شعبك والتفت الى تنهد عبيدك وخلصهم من كل شدة ، وهبنا حكمة ونعمة من عندك لنسير كما تحب ونصير كما تريد ، علمنا ان نقدم بعضنا بعضا فى الكرامة ونشعر اننا تراب ورماد ونستند على قوتك فننجو من فخاخ ابليس الملتهبة ناراً ومن حروب المجد الباطل والتذكية الكاذبة للنفس ، فنحن يارب دونك لاشئ ابداً . + الهنا الوديع لك نطيع وتحت صليب محبتك نتأمل المحبة الباذلة والرحمة الغافرة والسلام العجيب والحكمة الهادئة والتواضع الذى يحتمل تجديف الاعداء وخيانة الاصدقاء وجفاء الابناء وجحود من جلت تصنع معهم خيراً ، ان صبرك وحلمك ومغفرتك للصالبين يعلن لنا كيف يكون الحب ومعنى ان يضع المحب نفسه من أجل أحبائه . فلك القوة والمجد والبركة والعزة عمانوئيل الهنا وملكنا. القمص أفرايم الأورشليمي
المزيد
29 يونيو 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (4)السلام

الحاجة الى السلام ... + السلام كما انه صفة لله القدوس فهو قيمة روحية واخلاقية هامة فى حياة كل فرد ومجتمع، وما احوجنا الى السلام فى عالم اليوم الذي تسوده الكراهية والخصومات والحروب والنزاعات وتراق فيه الدماء البرئية والتى تصرخ الى الله مطالبة باقامة العدل ونزع البغضة وبدلا من السعى الى المصالحة مع الله والناس والنفس والتمتع بالسلام نرى الناس يسرعون الى حل المشكلات بالقوة والعنف مما يجعل دائرة العنف والبغضاء والحروب تذداد وتتسع ، ان الأنانية التى نراها اليوم والسعى الى تحقيق المصالح الخاصة وفرض السيطرة والتملك والتمسك بالسلطة والاستمرار فيها بكل وسائل البطش دون وازع اخلاقى او ضمير انسانى او مخافة لله جعلت مستقبل العالم كله فى مهب الرياح . كما ان تطوير اسلحة الدمار الشامل والاستمرار فيه بدون ضابط او حكمة سيودى الى نتائج كارثية فى ظل غياب الضمير الاخلاقى وهذا ما نراه على المستوى الفردى او المحلى او الاقليمي اوالدولي من حولنا وهذا يوجه افكارنا بالبحث عن السلام والسعى اليه كحاجة ملحة حتى نتفادى الطوفان والحروب التى لن تبقى على أحد . + يقدم لنا الله سلامه الكامل ويريدنا ان نحيا فى سلام وأطمئنان وهدوء . وفى ظل هذا السلام الروحى والاخلاقى ينمو الفرد والاسرة والمجتمع ويتقدم ولكن علينا ان نعمل ونصلى ان يحل السلام الدائم والعادل والشامل حياتنا ومجتمعاتنا وعالمنا ، علينا ان نسعى الى السلام ونجد فى أثره ، ونريد لغيرنا ان يحيا فى سلام وأمن وعدالة بدون ظلم مع مرعاة حقوق ومصالح الغير، ان سيادة قانون المحبة تجعل الحاجة الى الالتجاء الي القوانين الوضعية تقل وتنتفى . كما ان وجود مبادئ العدالة والمساوة وسيادة القانون والثواب والعقاب من الامور التى تبنى مجتمع أمناً مطمئناً . وكلما اقتربنا من الله بالتوبة وحياة الفضيلة والبر والتقوى ساد السلام والمحبة والرحمة والحكمة فى مواجهة المشكلات وحلها بالطرق السلمية . أن تحقيق هذا السلام في واقع الحياة ليس بالأمر الهين. فهو يتطلب توفر الإرادة الطيبة وبذل كل الجهود وكل المساعي الكبيرة والكثيرة والدائمة ،ان أمر تحقيق السلام منوط بنا جميعاً وذلك بإزالة المعوقات والموانع والتحديات كالحروب والنزاعات والصراعات التي ما زالت قائمة بين بني البشر وكذلك المطامع والمصالح الآنية والشخصية التى تحول دون تحقيقه علينا ان نكفء كافراد ودول وحكومات، عن أطماعنا وجشعنا ومحاولات استغلال الغير الامر الذى يعمل على نشر السلام والتعاون والمحبة بين الافراد والشعوب . + ان قبولنا للآخر والاعتراف بحقوقه واحترامه ونشر ثقافة السلام والتعاون والمحبة بدلا من العنف والكراهية ودق طبول الحرب من الامور التى نحتاج اليها للحصول على السلام . اننا نحتاج كافراد ودول الى أعلاء قيمة أحترام الحياة وحق الاخر فى الاختلاف فى الراى او المذهب او الدين دون استخفاف او تهميش او تكفير . نحتاج كافراد ومؤسسات ودول الى العمل الدؤوب من اجل المصالحة واقامة العدل ومكأفاة الساعين الى السلام والمحاسبة القانونية العادلة للمجرمين ودعاة الكراهية والعنصرية والحروب حتى ما نحيا فى سلام وكرامة انسانية وامن وامان. السيد المسيح رئيس السلام + عندما ولد ولد السيد المسيح فى بيت لحم قبل ما يذيد من الفى عام تهللت الملائكة بالتسبيح { ظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين.المجد لله في الاعالي وعلى الارض السلام وبالناس المسرة} لو 13:2-14. وكما تنبأ اشعيا جاء الينا رئيس السلام الذى لرئاسته وسلامه لا نهاية { لانه يولد لنا ولد و نعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا الها قديرا ابا ابديا رئيس السلام. لنمو رياسته وللسلام لا نهاية } اش 6:9-7. لقد كان التجسد الإلهي رحمة من الله لكى يهدي اقدامنا فى طريق السلام { باحشاء رحمة الهنا التي بها افتقدنا المشرق من العلاء. ليضيء على الجالسين في الظلمة و ظلال الموت لكي يهدي اقدامنا في طريق السلام} لو 78:1-79. وهكذا جال السيد المسيح يصنع خيرا ويشفى كل المتسلط عليهم ابليس وقال للمؤمنين به {سلاما اترك لكم سلامي اعطيكم ليس كما يعطي العالم اعطيكم انا لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب (يو 14 : 27). إنه لا يقدم السلام كما يقدمه العالم، تحية كلامية شكلية، بل بركة حقيقية تتمثل في تقديم ذاته لمؤمنيه. هذا السلام لا يمكن للعالم بكل إمكانياته أن يقدمه ولا بكل أحزانه أن يسحبه من المؤمن. لأن ما يعطيه العالم يمس الجسد ويُحد بالزمن والمكان، أما سلام المسيح فيحتضن كيان الإنسان كله، ولا يقدر زمن ما أو مكان ما أن يحده. إنه يسحب أعماق الإنسان لتختبر الأبدية.لأن سلام المسيح أبدي، ليس من قوة تقدر أن تنزعه عن الإنسان المتمسك به. سلام العالم قد يدفع الإنسان إلى الخطية، سواء من جهة الملذات أو الكبرياء، أما سلام المسيح فهو عمل النعمة الغنية التي تحفظ الإنسان في القداسة والبر. وتسحب قلوبنا إلى الفرح الأبدي والسلام السماوي. + فى المسيح يسوع ظهرت رحمة الله وحقه وبره وعداله {الرحمة و الحق التقيا البر و السلام تلاثما} (مز 85 : 10) وبه ومن خلال صليبه تمت مصالحة البشرية الساقطة مع الله {ولكن الكل من الله الذي صالحنا لنفسه بيسوع المسيح واعطانا خدمة المصالحة.اي ان الله كان في المسيح مصالحا العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم وواضعا فينا كلمة المصالحة.اذا نسعى كسفراء عن المسيح كان الله يعظ بنا نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله.لانه جعل الذي لم يعرف خطية خطية لاجلنا لنصير نحن بر الله فيه}2كو18:5-21.وكما صنع لنا سلاما مع الآب السماوى فقد دعانا لصنع السلام مع الغير والسعى اليه لنكون ابناء لله {طوبى لصانعي السلام لانهم ابناء الله يدعون }(مت 5 : 9). وان نتبع السلام مع الجميع { اتبعوا سلام مع الجميع و القداسة التي بدونها لن يرى احد الرب} (عب 12 : 14). لقد وعدنا ان يكون لنا فيه سلام { قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام في العالم سيكون لكم ضيق و لكن ثقوا انا قد غلبت العالم} (يو 16 : 33).من أجل هذا رغم الضيقات نثق انه سيغلب بنا ومن اجلنا {فنظرت واذا فرس ابيض والجالس عليه معه قوس وقد اعطي اكليلا وخرج غالبا و لكي يغلب (رؤ 6 : 2). +الى الله نصلى ونطلب كل حين قائلين : يا ملك السلام ، اعطنا سلامك ، قرر لنا سلامك واغفر لنا ان كل إنسان منا غال وعزيز على قلب الله ويريد سلامنا وخيرنا وهذا ما فعله ويفعله باقواله وافعاله . لقد صالحنا السيد المسيح مع الآب السماوى وسعى لمصالحة اليهود مع السامريين والأمم ومدح السامرى الصالح وقائد المئة الاممى وجاء الى مصر الى كانت عاصمة للفكر الهلينى والوثنى لينشر الإيمان ويؤسس كنيسة العهد الجديد ويبارك ارضها وشعبها . انه كأب صالح يريد ان يجمع ابنائة كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها فهل نريد نحن ان نحتمى فى سلامى ونعمل للوصول اليه ؟ طوبى لصانعي السلام + السلام مع اللـه.. ان الانسان الذى يحيا فى حياة الخطية والإثم وعدم الايمان ، يبتعد عن الله ويحيا فى خصومة مع الغير ولا يجد السلام الداخلى {لا سلام قال الرب للاشرار} (اش 48 : 22) . اما الانسان التائب المؤمن بالله فيحيا في سلام {فاذ قد تبررنا بالايمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح }(رو 5 : 1). الانسان المؤمن يثق فى حفظ الله ورعايته { حبيب الرب يسكن لديه امنا يستره طول النهار و بين منكبيه يسكن }(تث 33 : 12).المؤمن لو احاطت به الضيقات والتجارب فانه يؤمن بقدرة الله على حفظه ورعايته .لقد القوا بالفتية الثلاثة فى اتون النار ولكن كان الرب معهم وحافظاً لهم واذ به يحلهم من القيود ويسيروا وسط النيران مسبحين الله على عظيم قوته من اجل هذا ترنم النبى قديما واثقاً بحفظ الله ورعايته {الرب نوري و خلاصي ممن اخاف الرب حصن حياتي ممن ارتعب.عندما اقترب الي الاشرار لياكلوا لحمي مضايقي و اعدائي عثروا و سقطوا.ان نزل علي جيش لا يخاف قلبي ان قامت علي حرب ففي ذلك انا مطمئن}مز -31:27. لنصلى ونعمل ليقوى الله ايماننا به ويذيد من رجائنا فيه وتشتد محبتنا له فنحيا معه فى سلام واثقين بوجوده معنا واننا لسنا وحيدين . بل نثق أن الله معنا ويعتنى بنا وان كان الله معنا فمن علينا ان الله هو القوة القادرة على كل شئ، التي تساندنا فى الضعف وتنزع عنا كل خوف ، والتي كلها حب وعدل. وهي تعمل الخير الجميع، وتتراءف على كل من هو في ضيقة،وإذ نطمئن إلى هذه القوة الإلهية الحافظة، تمتلئ قلبنا سلاماً، ولا نقلق او نخاف. أما غير المؤمن، فإذ لا يثق بقوة خفية تسنده، نراه يتعب، ويقف وحيداً في ضيقاته فاقداً للسلام. + السلام مع الناس.. لقد دعانا السيد المسيح لنكون صناع سلام حتى نكون ابناء الله ملك السلام ، فهل نحن ندرك أهمية هذه الدعوة فى عالم ملئ بالصراعات { كما هو مكتوب ما اجمل اقدام المبشرين بالسلام المبشرين بالخيرات} (رو 10 : 15). يجب ان نكف عن الشر ونقابله بالخير والمحبة الاخوية للجميع لكى نتمتع بالسلام { والنهاية كونوا جميعا متحدي الراي بحس واحد ذوي محبة اخوية مشفقين لطفاء.غير مجازين عن شر بشر او عن شتيمة بشتيمة بل بالعكس مباركين عالمين انكم لهذا دعيتم لكي ترثوا بركة.لان من اراد ان يحب الحياة ويرى اياما صالحة فليكفف لسانه عن الشر وشفتيه ان تتكلما بالمكر.ليعرض عن الشر ويصنع الخير ليطلب السلام ويجد في اثره.لان عيني الرب على الابرار واذنيه الى طلبتهم و لكن وجه الرب ضد فاعلي الشر. فمن يؤذيكم ان كنتم متمثلين بالخير} 1بط 8:3-13. لهذا يوصينا الانجيل ان نتبع البر والايمان والسلام والمحبة فى تعاون واحترام للغير ولا نشترك حتى فى المجادلات الغبية مع الاخرين { اما الشهوات الشبابية فاهرب منها و اتبع البر والايمان و المحبة و السلام مع الذين يدعون الرب من قلب نقي.والمباحثات الغبية والسخيفة اجتنبها عالما انها تولد خصومات. وعبد الرب لا يجب ان يخاصم بل يكون مترفقا بالجميع صالحا للتعليم صبورا على المشقات. مؤدبا بالوداعة المقاومين عسى ان يعطيهم الله توبة لمعرفة الحق. فيستفيقوا من فخ ابليس اذ قد اقتنصهم لارادته} 2تيمو 22:2-26.علينا ان نحيا فى محبة وتفاهم واحترام مع الغير سواء فى الاسرة او الكنيسة او المجتمع بالتعاون معهم، ونقدم الخير للكُل، ونحِرص على مشاعر كل مَن نتعامل معه ونعالج كل أمورنا بالحكمة والدعوة الي السلام وعلى قدر طاقتنا نسالم جميع الناس. دعانا السيد المسيح الى محبة الجميع وبهذا نحيا فى سلام ونصل بالمحبة حتى الى الاعداء { سمعتم انه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك. واما انا فاقول لكم احبوا اعداءكم باركوا لاعنيكم احسنوا الى مبغضيكم وصلوا لاجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم.لكي تكونوا ابناء ابيكم الذي في السماوات فانه يشرق شمسه على الاشرار والصالحين ويمطر على الابرار والظالمين.لانه ان احببتم الذين يحبونكم فاي اجر لكم اليس العشارون ايضا يفعلون ذلك. وان سلمتم على اخوتكم فقط فاي فضل تصنعون اليس العشارون ايضا يفعلون هكذا.فكونوا انتم كاملين كما ان اباكم الذي في السماوات هو كامل } مت 43:5-48. كما دعانا الى المغفرة غير المحدودة للمسيئين { حينئذ تقدم اليه بطرس و قال يا رب كم مرة يخطئ الي اخي و انا اغفر له هل الى سبع مرات. قال له يسوع لا اقول لك الى سبع مرات بل الى سبعين مرة سبع مرات} مت 21:18-22. اذا لنحب المحبة ونغفر وهذا يحول الاعداء الى اصدقاء ومن لا نستطيع ان نسالمة من مرضى النفوس والقلوب نتجنبه ونبتعد عنه وان لم يكن هناك مفر من التعامل مع هؤلاء فليكن بالاحترام والقانون وتدخل اهل الغير. ويرى القدّيس يوحنا الذهبي الفم أن السيّد المسيح قد جاء ليرفعنا إلى كمال الحب، الذي في نظره يبلغ الدرجة التاسعة، مقدّمًا لنا هذه الدرجات هكذا- الدرجة الأولى: ألا يبدأ الإنسان بظلم أخيه. الدرجة الثانية: إذا أصيب الإنسان بظلم فلا يثأر لنفسه بظلم أشد، وإنما يكتفي بمقابلة العين بالعين والسن بالسن . الدرجة الثالثة: ألا يقابل الإنسان من يسيء إليه بشر يماثله، إنّما يقابله بروح هادئ. الدرجة الرابعة: يتخلّى الإنسان عن ذاته، فيكون مستعدًا لاحتمال الألم الذي أصابه ظلمًا وعدوانًا. الدرجة الخامسة: في هذه المرحلة ليس فقط يحتمل الألم، وإنما يكون مستعدًا في الداخل أن يقبل الآلام أكثر مما يودّ الظالم أن يفعل به، فإن اغتصب ثوبه يترك له الرداء، وإن سخّره ميلاً يسير معه ميلين. الدرجة السادسة: أنه يحتمل الظلم الأكثر ممّا يودّه الظالم دون أن يحمل في داخله كراهيّة نحو العالم. الدرجة السابعة: لا يقف الأمر عند عدم الكراهيّة وإنما يمتد إلى الحب... "أحبّوا أعداءكم". الدرجة الثامنة: يتحوّل الحب للأعداء إلى عمل، وذلك بصنع الخير "أحسنوا إلى مبغضيكم"، فنقابل الشرّ بعمل خير. الدرجة التاسعة والأخيرة: يصلّي المؤمن من أجل المسيئين إليه وطارديه. هكذا إذ يبلغ الإنسان إلى هذه الدرجة، ليس فقط يكون مستعدًا لقبول آلام أكثر وتعييرات وإنما يقدّم عوضها حبًا عمليًا ويقف كأب مترفّق بكل البشريّة، يصلّي عن الجميع طالبًا الصفح عن أعدائه والمسيئين إليه وطارديه، يكون متشبِّهًا بالله نفسه أب البشريّة كلها. غاية مجيء السيّد إلينا إنّما هو الارتفاع بنا إلى هذا السموّ و يجعلنا نافعين لأعدائنا كما لأصدقائنا واحبائنا . + السلام الداخلى .. الانسان الروحى يحيا فى انسجام داخلى وتوافق بين الانقياد لروح الله الساكن فيه وقيادة الروح لعقلة ونفسه وجسده فيضبط ميوله النفسيّة ويخضعها للعقل والروح، ويضبط ذاته ويوجها نحو الله وصنع السلام والخير فيحل ملكوت الله داخله فان كنت تريد السلام.. اعمل برًا يكن لك السلام، {السلام والبرّ تعانقا}(مز 85: 10).ليكن السلام حبيبًا لك وصديقًا، واجعل قلبك مضجعًا نقيًا لله . ولتكن لك معه راحة مطمئنة وصداقة لا تنفصم عراها{سلامًا أترك لكم. سلامي أعطيكم} (يو 14: 27). لقد أعطانا هذا ميراثًا، فقد وعدنا بكل العطايا والمكافآت التي تحدّث عنها خلال حفظ السلام. نثق فى الله ونؤمن بعمله معنا ونطمئن من جهة حياتنا الخاصة ومستقبلنا، والاطمئنان أيضاً على احبائنا ومعارفنا. المسيح جاء لهبنا السلام الداخلى ويجعلنا نواجه المشاكل في صمود وثقة. لا نضطرب، بل بفكر هادي مُتزن نبحث عن حلول وإن لم نجدها يمكنها أن نصبر ونحتمل دون أن تفقد رجائنا ودون أن نفقد سلامنا. إنَّ العاصفة تستطيع أن تهز شجرة الضعيفة ولكنها لا تهز السنديانة أو البلوطة أو أيَّة شجرة لها جذور قوية وعميقة في الأرض. كذلك الأمواج لا تستطيع أن تؤذي باخرة أو سفينة قوية تشق طريقها في البحر وتسير مطمئنة. ولكن هذه الأمواج يمكنها أن تتعب قارباً صغيراً أو سفينة فيها ثُقب يسمح للماء أن يترسَّب إلى داخلها . يجب ان نكون اقوياء القلب ولا نفقد سلامنا أمام المشاكل والضيقات. ليكن لنا اذا سلام الإيمان الواثق ولا نخاف شئ . ان الضيقة عندما تحل بالمؤمن يلاقيها بكل اطمئنان وبسلام قلبي عجيب واثق فى تدخل الله فيها وحلها وانتهائها لصالح وخير المؤمن وهكذا يقوده الإيمان إلى الاطمئنان. وهكذا أولاد الله يعيشون دائماً في سلام. بل وفي فرح، شاعرين أن الله معهم، هو الذي يتولى كل أمورهم، ويعمل من أجلهم ما لا يستطيعون عمله لأجل أنفسهم. إن الطريق المؤدي إلى السلام هو الطريق الذي يجعل القلب يتغير ويتبدل ويمتلئ حباً بدلاً من البغض،وعطفاً بدلاً من الانتقام، وحكمةً بدلاً من الجهل، وتواضعاً بدلاً من الشموخ والكبرياء، ولكن كيف يتغير القلب؟ بل هل يقدر أحدنا ان يبدل حياته وعاداته واستعداده الفطري والمكتسب؟ الجواب: نعم إذ ان هناكَ من يغير ويبدل كل شي إلى الأفضل حتى لو كان القلب قاسيا . هو ذلكَ الأول والأخير، الألف والياء،كلي القدرة والكامل والسرمدي، انه الهك الممسك بيمينك القائل لا تخف أنا اعينك . فلننزع عنا كل ثقل الخطية ونرجع اليه بقلب صادق وضمير بلا رياء ومحبة كامله طالبين ان يهبنا سلامه الكامل {وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وافكاركم في المسيح يسوع (في 4 : 7). القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
27 يوليو 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (7) الإيمان

الايمان ومكانته فى الحياة الروحية + الإيمان هو قلب الحياة الروحية النابض والحافز نحو اقتناء حياة الفضيلة والبر . ثقتنا فى ان الله موجود ويرى ويراقب ويعين ويقوى وينجى الذين يطلبونه تدفعنا الى عبادته والصلاة الواثقة اليه ، ومعرفتنا انه محب وغافر الاثم للراجعين اليه تدفعنا الى التوبة اليه والحياة معه والعمل على رضاه { ولكن بدون ايمان لا يمكن ارضاؤه لانه يجب ان الذي ياتي الى الله يؤمن بانه موجود وانه يجازي الذين يطلبونه} عب 11:6. ومعرفتنا ان الله قدوس وعادل وان يكأفى الذين يفعلون الخير ويعاقب فاعلى الأثم تجعلنا نسرع الى عمل الخير ونبتعد عن الشر {ولهذا عينه وانتم باذلون كل اجتهاد قدموا في ايمانكم فضيلة وفي الفضيلة معرفة }(2بط 1 : 5). ايماننا بابوة الله الصالحة يجعلنا نهابه ونحبه ونطيع وصاياه عالمين انها لخيرنا { مخافة الرب اول محبته والايمان اول الاتصال به} (سيراخ 25 : 16). الايمان بالحياة الأبدية يجعلنا نسعى الي الوصول اليها لنكون مع ابائنا القديسين متحملين كل ضيقات الزمان الحاضر من اجل المجد العتيد ان يستعلن فينا { فانما نحن بنو القديسين وانما ننتظر تلك الحياة التي يهبها الله للذين لا يصرفون ايمانهم عنه ابدا} (طو 2 : 18). نعمل على ان نحيا فى الإيمان لنصل الى نهاية الرحلة { نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس} (1بط 1 : 9). + الايمان السليم بالله ومحبته وعمل روحه القدوس يقودنا الى حياة روحية سليمه نحيا بها وفق العقائد الأساسية التى نادى بها الله من خلال انجيله المقدس وعاشته الكنيسة عبر تاريخها الطويل وبه انجبت الملايين من القديسين ابناء لله وملكوته السماوى . فالايمان عقيدة تقود الى حياة الفضيلة والتقوى والبر { والبار بايمانه يحيا} (حب 2 : 4). ان الايمان يحتاج الى العمل والجهاد ضد الخطية والشهادة لايماننا باعمالنا فيكون لنا الإيمان العامل بالمحبة { هكذا الايمان ايضا ان لم يكن له اعمال ميت في ذاته. لكن يقول قائل انت لك ايمان وانا لي اعمال ارني ايمانك بدون اعمالك وانا اريك باعمالي ايماني.انت تؤمن ان الله واحد حسنا تفعل والشياطين يؤمنون ويقشعرون.ولكن هل تريد ان تعلم ايها الانسان الباطل ان الايمان بدون اعمال ميت. الم يتبرر ابراهيم ابونا بالاعمال اذ قدم اسحاق ابنه على المذبح. فترى ان الايمان عمل مع اعماله وبالاعمال اكمل الايمان.وتم الكتاب القائل فامن ابراهيم بالله فحسب له برا ودعي خليل الله.ترون اذا انه بالاعمال يتبرر الانسان لا بالايمان وحده} يع 17:2-22. ان رجال الإيمان كما يقول قداسة البابا شنوده الثالث ليس من دافعوا عن العقيدة فقط بل من حيوها وعاشوها فان كل رجال الايمان عاشوا الايمان وبرهنوا علي يقينهم بالله ومحبتهم له { بالايمان نوح لما اوحي اليه عن امور لم تر بعد خاف فبنى فلكا لخلاص بيته فبه دان العالم و صار وارثا للبر الذي حسب الايمان. بالايمان ابراهيم لما دعي اطاع ان يخرج الى المكان الذي كان عتيدا ان ياخذه ميراثا فخرج وهو لا يعلم الى اين ياتي. بالايمان تغرب في ارض الموعد كانها غريبة ساكنا في خيام مع اسحق و يعقوب الوارثين معه لهذا الموعد عينه.لانه كان ينتظر المدينة التي لها الاساسات التي صانعها و بارئها الله. بالايمان سارة نفسها ايضا اخذت قدرة على انشاء نسل و بعد وقت السن ولدت اذ حسبت الذي وعد صادقا. في الايمان مات هؤلاء اجمعون وهم لم ينالوا المواعيد بل من بعيد نظروها وصدقوها وحيوها واقروا بانهم غرباء ونزلاء على الارض. فان الذين يقولون مثل هذا يظهرون انهم يطلبون وطنا. فلو ذكروا ذلك الذي خرجوا منه لكان لهم فرصة للرجوع. ولكن الان يبتغون وطنا افضل اي سماويا لذلك لا يستحي بهم الله ان يدعى الههم لانه اعد لهم مدينة} عب 11:7-16. + الإيمان كما عرفه القديس بولس الرسول { واما الايمان فهو الثقة بما يرجى والايقان بامور لا ترى} عب 11:1. هو ثقة فى الله وتصديق لكلامه والايقان بالامور التى لا نراها واعلنها لنا الله من خلال الإنجيل المقدس { بالايمان نفهم ان العالمين اتقنت بكلمة الله حتى لم يتكون ما يرى مما هو ظاهر} عب 3:11. فنحن بالإيمان نسلك لا بالعيان وان كان الإيمان يتماشى وينمو مع الفهم والتبصر والتعقل ولكن الايمان يحتاج الى اناس تنفتح بصيرتهم الروحية نحو عالم الروح { كما هو مكتوب ما لم تر عين ولم تسمع اذن ولم يخطر على بال انسان ما اعده الله للذين يحبونه. فاعلنه الله لنا نحن بروحه لان الروح يفحص كل شيء حتى اعماق الله. لان من من الناس يعرف امور الانسان الا روح الانسان الذي فيه هكذا ايضا امور الله لا يعرفها احد الا روح الله. ونحن لم ناخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الاشياء الموهوبة لنا من الله.التي نتكلم بها ايضا لا باقوال تعلمها حكمة انسانية بل بما يعلمه الروح القدس قارنين الروحيات بالروحيات} 1كو 9:2-13. ذلك لان { الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي ان يسجدوا }(يو 4 : 24). السيد المسيح ودعوته للإيمان.. + لقد جاء السيد المسيح متجسدا فى ملء الزمان ليدعونا للإيمان فمنذ بدء خدمته { جاء يسوع الى الجليل يكرز ببشارة ملكوت الله.ويقول قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله فتوبوا وامنوا بالانجيل} مر14:1-15.حتى قبيل صعوده اوصى تلاميذه قائلاً { اذهبوا الى العالم اجمع واكرزوا بالانجيل للخليقة كلها. من امن واعتمد خلص ومن لم يؤمن يدن} مر15:15-16. وهكذا نرى الايمان بالله كما جاء فى الإنجيل طريقنا للخلاص والدخول الى ملكوته السماوى .لقد لخصت الكنيسة منذ عصرها الرسولى عقيدتها المسيحية فى قانون الإيمان المسيحى انطلاقاً من مبادئ الانجيل المقدس التى كرز بها السيد المسيح ورسله القديسين من بعده وذلك فى مواجهة الهرطقات الايمانية والذى نردده فى كل صلواتنا ونحياه وبه نثق فى الدخول الى الحياة الإبدية . اننا نؤمن ونعترف باله واحد الله الاب ضابط الكل خالق السماء والارض ، مايرى وما لايرى ، ونؤمن بيسوع المسيح ربنا كلمة الله المتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء الذى صلب من اجل خلاصنا على عهد بيلاطس البنطى وقام فى اليوم الثالث وصعد الى السموات وايضا ياتى فى مجده ليدين الاحياء والاموات، وبالروح القدس الرب المحيي الناطق فى الانبياء . ونؤمن بكنيسة واحدة مقدسة جامعة رسوليه وبمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا وبالمجى الثانى للسيد المسيح الذى يعطى فيه كل واحد بحسب اعماله فى حياة الدهر الاتى . + ان الله فى المسيحية ليست مجرد قوة عليا تضبط وتدير الكون بل هو اب محب يسعى لاعلان خلاصه ورحمته للبشر ومن اجل ذلك جاء الينا فى ملء الزمان متجسدأ بالروح القدس من العذراء مريم { في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله ... و الكلمة صار جسدا وحل بيننا وراينا مجده مجدا كما لوحيد من الاب مملوءا نعمة وحقا} يو 1:1، 14.فالسيد المسيح هو العقل الالهى متجسدا دون ان يحد التجسد من اللاهوت كما تخرج الفكرة من العقل وتتحول الى كلمات مكتوبة او الى رسومات هندسية يتم تجسيمها فى مبنى مجسم وتبقى الفكرة فى العقل البشري ، وكما تتجسم الصورة بالارسال التلفزيونى الى صورة حية تتحدث الينا وتتحرك ولا نحد الارسال والصورة فى اجهزتنا التلفزيونية فقط ، فالله واحد كائن بذاته ناطق بعقله حي بروحه القدوس { فان الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة الاب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد} (1يو 5 : 7).وهذا ما أمر السيد المسيح ان يكرزوا به لجميع الامم وهذا ما فعلوه الرسل { فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس ، وعلموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به وها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين} مت 19:28-20. + لقد بين الله محبته لنا ليس بالكلام واللسان بل بالعمل والحق { و لكن الله بين محبته لنا لانه ونحن بعد خطاة مات المسيح لاجلنا} (رو 5 : 8).ويجب ان نؤمن بالتجسد والفداء وناتى الى النور ونفعل الحق والبر لكي نخلص { وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي ان يرفع ابن الانسان. لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية.لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية. لانه لم يرسل الله ابنه الى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم.الذي يؤمن به لا يدان والذي لا يؤمن قد دين لانه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد.وهذه هي الدينونة ان النور قد جاء الى العالم واحب الناس الظلمة اكثر من النور لان اعمالهم كانت شريرة.لان كل من يعمل السيات يبغض النور ولا ياتي الى النور لئلا توبخ اعماله.واما من يفعل الحق فيقبل الى النور لكي تظهر اعماله انها بالله معمولة} يو 14:3-21. لقد آمنا بالعمل الخلاصى الذى للسيد المسيح وهو قادر ان يتمجد فينا بالايمان لنكون واحداً فيه { لان الكلام الذي اعطيتني قد اعطيتهم وهم قبلوا وعلموا يقينا اني خرجت من عندك وامنوا انك انت ارسلتني . من اجلهم انا اسال لست اسال من اجل العالم بل من اجل الذين اعطيتني لانهم لك.وكل ما هو لي فهو لك وما هو لك فهو لي وانا ممجد فيهم. ولست انا بعد في العالم واما هؤلاء فهم في العالم وانا اتي اليك ايها الاب القدوس احفظهم في اسمك الذين اعطيتني ليكونوا واحدا كما نحن} يو 8:17-11. ونحن نؤمن بمحبة الاب المعلنة فى المسيح يسوع { لان الاب نفسه يحبكم لانكم قد احببتموني و امنتم اني من عند الله خرجت} (يو 16 : 27). + لقد سأل اليهود السيد المسيح ماذا نفعل هى نعمل اعمال الله ؟ { فقالوا له ماذا نفعل حتى نعمل اعمال الله. اجاب يسوع و قال لهم هذا هو عمل الله ان تؤمنوا بالذي هو ارسله} يو 28:6-29. فالذى يؤمن يخلص والذى لا يؤمن يدان { فقال لهم انتم من اسفل اما انا فمن فوق انتم من هذا العالم اما انا فلست من هذا العالم.فقلت لكم انكم تموتون في خطاياكم لانكم ان لم تؤمنوا اني انا هو تموتون في خطاياكم.فقالوا له من انت فقال لهم يسوع انا من البدء ما اكلمكم ايضا به} يو 23:8-25. كما ان أعماله الالهية وسلطانه تشهد للاهوته { ان كنت لست اعمل اعمال ابي فلا تؤمنوا بي . ولكن ان كنت اعمل فان لم تؤمنوا بي فامنوا بالاعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا ان الاب في وانا فيه (يو 10 : 37- 38). لقد صلب المسيح ومات بالجسد وقبر لكن اللاهوت لا يموت ولا يحد من اجل ذلك برهن على قيامته للتلايمذ وظهر لهم مراراً وعندما شك توما الرسول فى قيامته وكان بطبعه شكاكا علم المخلص وظهر للتلاميذ وبكته على شكه واكد حقيقة قيامته { وبعد ثمانية ايام كان تلاميذه ايضا داخلا وتوما معهم فجاء يسوع والابواب مغلقة ووقف في الوسط وقال سلام لكم.ثم قال لتوما هات اصبعك الى هنا وابصر يدي وهات يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنا.اجاب توما وقال له ربي والهي. قال له يسوع لانك رايتني يا توما امنت طوبى للذين امنوا ولم يروا. وايات اخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تكتب في هذا الكتاب. واما هذه فقد كتبت لتؤمنوا ان يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم اذا امنتم حياة باسمه} يو26:20-31. ولنا إيمان وثقة فى رئيس ايماننا ومكمله الرب يسوع وانه قادر ان يقودنا بحكمته الى ملكوت ابيه الصالح + الإيمان المطلوب منا بالله ليس شئ نظرى { انت تؤمن ان الله واحد حسنا تفعل والشياطين يؤمنون ويقشعرون} (يع 2 : 19) . ولكن يجب تظهر ثماره العملية فى حياتنا من محبة لله والغير وعمل الخير { لانه في المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئا ولا الغرلة بل الايمان العامل بالمحبة} (غل 5 : 6). فالثمار الصالحة هى شهادة صادقة على صدق وصحة ايماننا كما قال السيد المسيح له المجد { من ثمارهم تعرفونهم هل يجتنون من الشوك عنبا او من الحسك تينا.هكذا كل شجرة جيدة تصنع اثمارا جيدة واما الشجرة الردية فتصنع اثمارا ردية. لا تقدر شجرة جيدة ان تصنع اثمارا ردية ولاشجرة ردية ان تصنع اثمارا جيدة. كل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع و تلقى في النار. فاذا من ثمارهم تعرفونهم. ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات بل الذي يفعل ارادة ابي الذي في السماوات} مت 16:7-21. ونحن نصلى الى الله فى ايمان انه يستجيب لصلوات المؤمنين به الصارخين اليه ليلاً ونهاراً { لذلك اقول لكم كل ما تطلبونه حينما تصلون فامنوا ان تنالوه فيكون لكم }(مر 11 : 24). النمو فى الإيمان ونتائجه فى حياتنا الروحية + ان الإيمان فضيلة وقامة روحية يجب علينا ان ننمو ونتدرج فيها الى ان نصل الى قامة الكمال الانسانى الممكن . يجب علينا ان نحيا فى الايمان ونصلى ليحل المسيح بالإيمان فى قلوبنا { مع المسيح صلبت فاحيا لا انا بل المسيح يحيا في فما احياه الان في الجسد فانما احياه في الايمان ايمان ابن الله الذي احبني واسلم نفسه لاجلي }(غل 2 : 20).يجب ان نثق فى رعاية{فان كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم ويطرح غدا في التنور يلبسه الله هكذا افليس بالحري جدا يلبسكم انتم يا قليلي الايمان(مت 6 : 30). لا تخافوا اذاً من الظروف المحيطة ولا يتزعزع إيماننا كما خاف التلاميذ قديما عندما راوا الريح المضادة تتقاذف سفينة حياتهم فبكتهم الرب لقلة إيمانهم {فقال لهم ما بالكم خائفين يا قليلي الايمان ثم قام و انتهر الرياح والبحر فصار هدو عظيم (مت 8 : 26) . لكن يجب ان نعلم انه بضيقات كثيرة ندخل ملكوت السموات {يشددان انفس التلاميذ و يعظانهم ان يثبتوا في الايمان و انه بضيقات كثيرة ينبغي ان ندخل ملكوت الله }(اع 14 : 22).ولكن ليكن لنا فى الايمان سلام ورجاء {و ليملاكم اله الرجاء كل سرور و سلام في الايمان لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس (رو 15 : 13). + نصلى لله كي ينمى ويقوى أيماننا به واثقين فى حنانه وابوته ورعايته ، اننا عندما نقرأ فى حياة رجال الإيمان والقديسين الذين ارضوا الرب ونصادقهم نتشجع ونتشدد فى الأيمان من اجل هذا يوصينا الانجيل ان نتعلم من حياة رجال الايمان وبساطة ايمانهم وقوة رجائهم {اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم }(عب 13 : 7). لقد آمن نوح بكلام الله له وبنى الفلك على ارض يابسة حتى جاء الطوفان واخذ حتى الذين صنعوا الفلك { بالايمان نوح لما اوحي اليه عن امور لم تر بعد خاف فبنى فلكا لخلاص بيته فبه دان العالم وصار وارثا للبر الذي حسب الايمان} عب 7:11. ونحن يجب ان نحيا إيماننا للنجو من طوفان بحر العالم . لقد عاش بيننا قداسة البابا كيرلس السادس وكان رجلاً مملؤاً من الإيمان وله صداقة وطيدة باهل السماء الذين كان يرسلهم كمساعدين له فى خدمة اولاده وبناته العتيدين ان يرثوا الخلاص . يجب ان نبتعد عن الشكاكيين ومن يعثرونا فى الإيمان ونصلى خصيصا ليقوى ايماننا ويشتد رجائنا وتذداد محبتنا ونربى اولادنا وبناتنا على الإيمان الحى {اذ اتذكر الايمان العديم الرياء الذي فيك الذي سكن اولا في جدتك لوئيس وامك افنيكي ولكني موقن انه فيك ايضا (2تي 1 : 5). لنداوم على الصلاة والتوبة والتناول والقراءة والتأمل والاتحاد بالله متمثلين بابائنا القديسين {لكي لا تكونوا متباطئين بل متمثلين بالذين بالايمان والاناة يرثون المواعيد} (عب 6 : 12). + لنجنى ثمار الإيمان فى حياتنا الذى من نتائجه ان نحيا فى سلام فايماننا بان الله ضابط الكل وصانع الخيرات وإيماننا باننا ابناء الله الراعى الصالح يجعلنا نثق فى رعايته وتدبيره وحمايته لنا من اجل هذا قال داود النبي {الرب راعي فلا يعوزني شيء.في مراع خضر يربضني الى مياه الراحة يوردني. يرد نفسي يهديني الى سبل البر من اجل اسمه ، ايضا اذا سرت في وادي ظل الموت لا اخاف شرا لانك انت معي عصاك وعكازك هما يعزيانني. ترتب قدامي مائدة تجاه مضايقي مسحت بالدهن راسي كاسي ريا.انما خير ورحمة يتبعانني كل ايام حياتي واسكن في بيت الرب الى مدى الايام} مز 1:23-6. السلام ثمرة حلوه من ثمار الايمان لهذا قال الانجيل {فاذ قد تبررنا بالايمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح.الذي به ايضا قد صار لنا الدخول بالايمان الى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون و نفتخر على رجاء مجد الله} رو1:5-2.لقد جاء الينا الله الكلمة المتجسد وصار ابناً للإنسان لكى يجعلنا ابناء بالتبني لله ونلنا نعمة وبركة ورفعة تجعلنا نحيا كابناء لله وورثة للملكوت السماوى فلنثق فى رئيس سلامنا الذى وعد ان ابواب الجحيم لم تقوى على كنيسته . لقد كان القديسين الرسل فى السجن لكن ثقتهم فى الله جعلتهم فى سلام يسبحوا الله { فالقوا ايديهم على الرسل ووضعوهم في حبس العامة ،ولكن ملاك الرب في الليل فتح ابواب السجن واخرجهم و قال.اذهبوا قفوا وكلموا الشعب في الهيكل بجميع كلام هذه الحياة} أع18:5 -20. وكما ارسل الله ملاكه وسد افواه الاسود عن دانيال النبى هو يقدر ان يسد افواه جميع القائمين علينا القائلين هل يستطيع الهكم ان ينجيكم من اتون النار والاضطهاد {قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا انا قد غلبت العالم }(يو 16 : 33). + حياة التسليم والثقة فى الله هى ثمرة جميلة من ثمار الإيمان ، فنحن نصلى { لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض} (مت 6 : 10). اننا نعمل ما يجب علينا ونسلم حياتنا لله القدير الحكيم برضى وشكر وعدم تذمر، حياة التسليم هى اعتراف بحكمة الله وتوجيهه للاحداث {ونحن نعلم ان كل الاشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده} (رو 8 : 28). لقد دعي الله ابونا ابراهيم ان يترك ارضه وشعبه وعشيرته فاطاع {بالايمان ابراهيم لما دعي اطاع ان يخرج الى المكان الذي كان عتيدا ان ياخذه ميراثا فخرج وهو لا يعلم الى اين ياتي} عب 8:11. وقدم ابنه على مذبح المحبة لله واثقا ان الله قادر ان يقيمه { بالايمان قدم ابراهيم اسحق وهو مجرب قدم الذي قبل المواعيد وحيده. الذي قيل له انه باسحق يدعى لك نسل.اذ حسب ان الله قادر على الاقامة من الاموات ايضا الذين منهم اخذه ايضا في مثال} عب 17:11-19. وهكذا فعل عندما ارسل عبده لعازر الدمشقى ليتخذ زوجة لاسحاق ابنه من أور الكلدانيين { الرب اله السماء الذي اخذني من بيت ابي و من ارض ميلادي و الذي كلمني والذي اقسم لي قائلا لنسلك اعطي هذه الارض هو يرسل ملاكه امامك فتاخذ زوجة لابني من هناك} تك 7:24. لذلك استحق ابراهيم ان يدعى اب لنا {لهذا هو من الايمان كي يكون على سبيل النعمة ليكون الوعد وطيدا لجميع النسل ليس لمن هو من الناموس فقط بل ايضا لمن هو من ايمان ابراهيم الذي هو اب لجميعنا. كما هو مكتوب اني قد جعلتك ابا لامم كثيرة امام الله الذي امن به الذي يحيي الموتى ويدعو الاشياء غير الموجودة كانها موجودة. فهو على خلاف الرجاء امن على الرجاء لكي يصير ابا لامم كثيرة كما قيل هكذا يكون نسلك } عب 16:4-18.على دروب اب الاباء ابراهيم سار ابائنا الرسل القديسين تاركين كل شئ حتى ارادتهم الخاصة ليسيروا مع الله ونحن نسير على ذات النهج ونقول مع القديس بولس {سلمنا فصرنا نحمل }(اع 27 : 15). + التغلب على الصعاب والفرح .. الايمان قوة جبارة بها يستطيع المؤمن ان يقول أستطيع كل شئ فى المسيح الذى يقويني { فنظر اليهم يسوع وقال عند الناس غير مستطاع ولكن ليس عند الله لان كل شيء مستطاع عند الله } (مر 10 : 27). فنحن يجب ان نقاوم ابليس وجنوده فى تواضع وثقة راسخين فى الايمان{فتواضعوا تحت يد الله القوية لكي يرفعكم في حينه.ملقين كل همكم عليه لانه هو يعتني بكم. اصحوا واسهروا لان ابليس خصمكم كاسد زائر يجول ملتمسا من يبتلعه هو فقاوموه راسخين في الايمان عالمين ان نفس هذه الالام تجرى على اخوتكم الذين في العالم} (1بط 5 : 6- 9). فالايمان يهبنا النصرة والغلبة التى يتبعها الفرح والرضا {وهذه هي الغلبة التي تغلب العالم ايماننا }(1يو 5 : 4).فلنصلى ونعمل على التغلب على العقبات التى تواجهنا طالبين من الرب المعونة والقوة والنجاح وهو يستجيب {الى الان لم تطلبوا شيئا باسمي اطلبوا تاخذوا ليكون فرحكم كاملا }(يو 16 : 24). + الصبر كفضيلة يتأتي نتيجة لحياة الإيمان بالله وعمله ، فنحن لا نعرف الوقت ولا الاسلوب المناسب لبلوغ اهدافنا من اجل هذا ننتظر بصبر وسكوت خلاص الرب { هنا صبر القديسين هنا الذين يحفظون وصايا الله و ايمان يسوع }(رؤ 14 : 12). نصبر فى التجارب {احسبوه كل فرح يا اخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة.عالمين ان امتحان ايمانكم ينشئ صبرا. واما الصبر فليكن له عمل تام لكي تكونوا تامين وكاملين غير ناقصين في شيء} يع 2:1-4. نصبرفى أقتناء الفضائل والسير فى طريق الكمال {ولهذا عينه وانتم باذلون كل اجتهاد قدموا في ايمانكم فضيلة وفي الفضيلة معرفة. وفي المعرفة تعففا وفي التعفف صبرا وفي الصبر تقوى} 2بطر5:1-6. نصبر حتى ناتي بالثمار المطلوبة { الذي في الارض الجيدة هو الذين يسمعون الكلمة فيحفظونها في قلب جيد صالح ويثمرون بالصبر (لو 8 : 15) فبصبرنا نربح أنفسنا لله وملكوته {بصبركم اقتنوا انفسكم }(لو 21 : 19) . والى متي نصبر؟ ان الصبر يرافقنا حتى النهاية {و تكونون مبغضين من الجميع من اجل اسمي و لكن الذي يصبر الى المنتهى فهذا يخلص} (مت 10 : 22). فلنثق اذا فى الله الصانع الخير العامل فى التاريخ والاحداث ونحيا فى سلام وتسليم وشكر وفرح وصبر واثقين انه سيصل بسفينة حياتنا الى بر الامان وميناء السلام والحياة الابدية. يارب قوي إيماننا .. + وسط صحراء الحياة نصرخ اليك لتقوى إيماننا وتنمي رجائنا بك يا الله ، وعندما نواجه امواج الحياة العاتية والرياح المضادة التي تضرب بسفينة حياتنا نصلى ان تأتى سريعا لتأمر البحر ان يهدأ والرياح ان تسكت لتسير سفينة حياتنا وانت وسطها وقائدها لتصل الى بر الأمان ، وسط الضيق واتون التجارب نصلى لتطفئ نيران الاتون المتقدة وتنجنا من سهام أبليس المتقدة ناراً لنقول مع المرتل ان سرت فى وادى ظلال الموت فلا أخاف شرا لانك انت معى . + نطلب اليك فى رجاء وثقة ان تعين المجربين وتقوى الضعفاء وتقيم الساقطين وترفع البائسين وتنصف المظلومين وتحل المقيدين وتبشر المساكين وتعصب المجروحين وتجبر المنكسرين وتعين من ليس لهم معين ، فانت رجائنا فى يائسنا وقوتنا فى ضعفنا وحكمتنا فى جهلنا وفرحنا فى ضيقنا وعزائنا فى أحزاننا اليك نرفع الدعاء فكن لنا معين ايها الرب الاله . + يا اله ابائنا القديسين الذين أمنوا بك وساروا في رضاك وعملوا ارادتك ، كما كنت مع ابائنا القديسين ابراهيم واسحاق ويعقوب وكما باركت وقدست ابائنا القديسين انطونيوس واثناسيوس وكيرلس ومقاريوس وكما قدت كنيستك المقدسة عبر العصور ، انت قادر ان تقودنا وكل شعبك يا ضابط الكل لنصل بك ومعك الى حياة الإيمان الراسخ والرجاء الثابت والمحبة الكاملة لنهتف هتاف النصرة { قد جاهدت الجهاد الحسن اكملت السعي حفظت الايمان. واخيرا قد وضع لي اكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل وليس لي فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره ايضا} 2تيم 7:4-8. القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
30 نوفمبر 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح(18) الحرية المسيحية

مفهوم الحرية المسيحية وأهميتها ... + الله خلق الانسان عاقلا حرا مسئولا... وعندما سقط الإنسان فى الخطية واصبح عبدا للشيطان والخطية وساد الظلم على الارض ونصبَ البعض نفسه سيدا وديكتاتورا على غيره، صرخ المظلومين على الارض من عبوية الشيطان والانسان لخالقهم . فعمل الله على أصلاح الامور بالاباء والانبياء ثم فى مل الزمان أتى الينا متجسداً ليعيد لنا الحرية السليبة ويسعى الى تحريرنا من كل اشكال الاستعباد سواء للشيطان او لبعض البشراوالمادة اوالسلطة او الشهوات {فاثبتوا اذا في الحرية التي قد حررنا المسيح بها ولا ترتبكوا ايضا بنير عبودية } غل 1:5. لقد جاء أقنوم العقل الإلهي لخلاصنا وتحريرنا وعلينا ان نسعى الى هذه الحرية الحقيقة ولا نقبل بان نستعبد لاحد بل بالمحبة والتقدير نخدم بعضنا البعض. والفهم الصحيح للدين هو رفض للظلم او عدم قبول تنصيب الانسان سيدا لغيره متسلطاً عليهم او قبول العبودية لاحد{وانا ايضا قد سمعت انين بني اسرائيل الذين يستعبدهم المصريون وتذكرت عهدي. لذلك قل لبني اسرائيل انا الرب وانا اخرجكم من تحت اثقال المصريين وانقذكم من عبوديتهم واخلصكم بذراع ممدودة وباحكام عظيمة} خر 5:6-6. فان كان الله دعانا له ابناء وقال لا ادعوكم عبيدا بعد فهو لا يقبل ان يعيش الانسان مستعبدا لا للشيطان اولشهواته ولا للمادة او لاحد من الناس{ لا اعود اسميكم عبيدا لان العبد لا يعلم ما يعمل سيده لكني قد سميتكم احباء لاني اعلمتكم بكل ما سمعته من ابي} (يو 15 : 15) . + الحرية هى التعبير الواقعي عن الشخصية بكاملها.. فيتصرف الإنسان بمعزل عن أى من الضغوط الخارجية التى تملى عليه تفكيره او سلوكه فى أتجاه معين ، كما ان تصرفه وقراراته تأتى تعبيراً عن كيانه كله بما يهدف الى خيره الشامل وخير الاخرين، ومجد الله ، وان لا يكون تصرف الانسان تعبيراً عن جزء من شخصيته ، دون بقية الأجزاء فمثلاً قد تتحكّم فيه إحدى الشهوات ويتصرف بموجبها، دون النظر إلى الاعتبارات الأخرى، فيكون حينئذ لست حراً بل عبدًا للشهوة. اوقد يتحكّم في الانسان انفعال، كالغضب مثلا ويتصرف تحت سيطرته. فيكون عبد لهذا الانفعال. وقد تتحكم فى الشخص عادة من العادات، يتعطّل معها الضابط المتحكم فيه فيتصرف بحكم العادة بدون تفكير، حينئذ يكون عبدا لعاداته . الحرية نعمة من الله، يجب ان نحياها ونعمل للوصول اليها ومساعده الأخرين ليحيوها فى إنسانية كريمة . إن صورة الله في الإنسان هي الركن الذي تستند إليه حرية الشخص البشري وكرامته ، فإنه عندما خلق الله الإنسان طبع فيه صورته ومثاله ، وعلى الإنسان ان يفهم دعوة الخالق له للحرية ، من خلال نزوع طبيعته وتوقها نحو الخير الأسمى، وقد كشفت الله للإنسان أنه خلقه حراً ليتمكن بالنعمة من الدخول في عشرة محبة وشركه مع الله . أن الله يحترم حريتنا الشخصية ويريد من كل واحد وواحدة منا ان يكون حرا مسئولاً مخلوق على صورة الله ومثاله ومن هذه المبادئ السامية أنبثقت حقوق الإنسان والهيئات المدافعه عنها. فالله لا يعبد بالقهر ولايقبل ايضا ان يستعبد الانسان لغيره من الناس . + الحرية السياسية والدينية .. لقد أقرت المواثيق الدولية لحقوق الانسان والتى تعترف وتلتزم بها كل الدول المنضمة لمظمة الامم المتحدة والهيئات الدولية الأخرى المنبثقة عنها، أقرت حرية الراي والعقيدة والتنقل والعمل وقضت برفض كل اشكال العبودية والظلم واعترفت ان الناس خلقوا متساوين فى الحقوق والواجبات. وحددت ان الجرائم ضد الانسانية يجب ان تعاقب وانها لا تسقط بالتقادم . ورغم هذا نري الكثيرين يعانون من الظلم والاضطهاد نتيجة الظلم وعدم الحرية والرق والتمييز البغيض بسبب الجنس او اللون او الدين او الرأى. ورغم ذلك نرى فى العديد من الدول المتخلفة يعانى فيها البعض من الاضطهاد والتمييز المنظم او الاجتماعى والذى يقع علي الأقليات الدينية او العرقية والقومية او السياسية او الفقراء، وسط أجواء من الصراع الديني والتعصب الأعمي . وعلينا جميعا ان نعمل لرفع الظلم وأعلاء كرامة الانسان فالانسان قبل الاديان وجاء الانبياء لهداية الناس وكلنا ابناء اباً واحد هو آدم وأم واحدة هى حواء فلماذا الظلم والاستعلاء! لقد جاءت الاديان لكى تهب الانسان حياة أفضل ومن يدعى ان هناك استعلاء باسم الله لاحد على غيره باسم الله والدين فديانته باطلة والهه الذى يتعبد له ليس بالله الحقيقى بل هو اله صوره الانسان لنفسه ليرضى شهواته وأهوائه وكبرياء قلبه . حتى فى حالات الحروب قديما كان أسرى الحروب عادة ما ينالون قسوة فى المعاملة من المنتصرين، ويقتلون ويساقون إلي ساحات النصر مقيَّدين لاذلالهم ولارضاء غرور المنتصرين . وكانوا يبقون فى غياهب السجون أعوامًا قد تمتد لعدة سنوات يعانون فيها من مرارة الأسر اما الان فحتى الاسرى لهم حقوق يجب ان تحترم . وتقوم منظمات حقوق الانسان بزيارتهم فى السجون وتحفظ لهم حقوقهم بما يضمن معاملتهم المعاملة الانسانية الكريمة حتى اطلاق سراحهم احرار، لكن البعض فى غيه وظلمه لا يقر ولا يعترف بحق الاخر فى حياة كريمة حرة وهؤلاء يجب ان يردعهم القانون الوطنى او الدولى. وان تغاضت دولة عن ظلم فئة من ابنائها لاي سبب فنحن فى عصر العولمية ولم يعد خافيا على احد فى أي مكان الجرائم التى ترتكب من الانسان ضد أخيه . من اجل هذا ومن صميم رسالتنا الدينية العمل القضاء على الظلم بكل اشكاله وصوره والسعى الى تحرير الإنسان ونشر المساواة والديمقراطية والعدل والعدالة الإجتماعية ورفع مستوى الطبقات المحرومة وتوفير الرعاية الصحية والاجتماعية لكل المواطنين بغض النظر عن انتمائتهم الحزبية او الدينية او العرقية او الجنسية . + أسرى الخطية والعادات الشريرة .. إدمان الجنس والدنس او المكيفات، والخمر، والتدخين وكل العادات الشريرة، والطمع، والشهوات كلها توقع الإنسان في عبودية بغيضة تذل الإنسان، وقد قال القديس اغسطينوس (إن عبد الشهوة أذل من عبد الرق). علينا أن نشعر بكل هؤلاء مع المسيح الرب الرحوم، وبحالاتهم الصحية والنفسية والمادية البائسة، ونسعى لخلاصهم وعلاجهم روحيًا وصحيًا، ونرشدهم للمختصين للعلاج الروحى والطبي والنفسي والأجتماعي . كما اننا يجب ان نعمل على المستوى الفردى والوطنى والدولى على تحرير المرأة والأطفال فى عصر الرق الحديث من ان تكون المراة او الاطفال أداة رخيصة لاشباع شهوة المنحرفين بالجنس وتجريم كل أشكال الأتجار بالجنس. ومعالجة أسبابه الروحية والاقتصادية او الاجتماعية اوالنفسية . فلكل هؤلاء جاء السيد المسيح داعياً اياهم للحرية والحياة الأفضل . إننا لن نحيا إلا حياة واحدة وحيدة، فلماذا نهدر حياتنا ووزناتنا وطاقاتنا وامكانياتنا فيما يضر؟ ونحيا نعاني المرارة ونخسر أبديتنا. إن المسيح له المجد يدعو كل نفس للتحرر من قيود العادات الضارة والمهلكة، ويريد لنا أن نتغير ونغير حياتنا، ونعرف إرادته الصالحة المرضية ونعمل بها. إن التوبة تعني الرجوع إلي الله والحياة المقامة في المسيح يسوع القائم منتصرًا علي الشيطان والخطية والضعف، والقادر أن يحرِّر الخطاة ويعطيهم قوة القيامة والانتصار علي الشر. + أسرى التعصب والتطرف والكراهية .. هناك نوعا اخر من العبودية هو التقيد باغلال التعصب الديني او الايدلوجي والكراهية البغيضة وعدم قبول او احترام الاخر والسعى الى استغلاله او استعباده او عدم مساواته فى الحقوق، إما بالتعصب الدينى المقيت الذى يرى ان الله اله قبلى او عرقى وهناك الاسرى للمذاهب السياسية والاحزاب المتطرفة حتى لو شكلت أغلبية فهتلر فى الماضى نادى بالتفوق العرقى للجنس الاري وتسبب فى مقتل الملايين، وقد حكم باسم الأغلبية، فهل نكرر اخطاء الماضى فى العالم المعاصر أم نسعى للتقدم والرقى والحرية والمساوة والقضاء على كل اشكال التمييز والفقر والمرض والجهل . هناك أيضا من يتعلق بأفكار خُرافية مثل تصديق أثر العين، والسحر، والحظ ، والتشاؤم بأمور مُعينة، والجن والعفاريت؛ أو أن يفكِّر الإنسان فقط في الأرضيات وينسي الله والحياة الروحية، أو أن يتعصب الإنسان لفكرة أو لبني جلدته او قبيلته، أو يحيا الإنسان لنفسه في أنانية مفرطة حتي داخل الأسرة الواحدة، ويحيا متغربًا عن إخوته غير مشارك لهم همومهم وأفراحهم . انها انواع من الأستعباد تتفاوت فى الدرجة والنتائج المترتبة عليها ويجب على قادة السياسة والفكر والدين والاعلام العمل على حث الناس على أحترام التنوع الدينى والفكرى والسياسى والقبول بمبدأ الاختلاف وعدم الاقلال من شأن الاخرين سواء عن جهل او قصد. ومن يفعل هذا يخل بمسؤلياته الوظيفية ويجب مسألته قانونيا . ان الحرية الشخصية تقف عند حد التعدى على حقوق الغير و كل حرية يجب ان تقابلها مسئولية أمام الضمير الانسانى وأمام المجتمع ثم أمام القانون بدرجات التقاضى المختلفة ثم أمام الله الذي يعطى كل واحد حسب عمله . الله وسعيه الى خلاص وحرية الإنسان + حرية وكرامة الانسان فى قصد الله .. يؤكد لنا الإنجيل أن الإنسان له القدرة الحرّة لتلبية مقاصد الله نحوه؛ كما يرسم لنا الطريق للحرية الحقيقية ، فهدف كل تدخّلات الله حتى في العهد القديم هو حرية شعبه ؛ ويبيّن لنا الكتاب المقدس أن نعمة المسيح في العهد الجديد تقدّم لجميع البشر حريّة أولاد الله . الحرية اذاً هى حياة بدون عبودية للغيراو لأبليس أو الشهوات ،هى معرفة لله والتحرر به من كل رق أو استعباد (وتعرفون الحق و الحق يحرركم ) يو 8 : 32 . الله يريد خلاص كل البشر (1 تي2: 4) والخلاص الإلهي مقدم للجميع ليتوبوا عن خطاياهم وأخطائهم . أن الإنجيل يؤكد ان الإنسان قادر على اتخاذ القرارات الحرّة. الإنسان حر وقادرعلى الاختيار ويشدّد على مسئوليته الشخصية ، وذلك منذ خطيئة آدم الأولى. ان الإنسان قادر وحر ومسئول ويتحمل نتيجة تصرفاته امام الله ولهذا فان الله يحاسبنا على أعمالنا وافكارنا { انظر انا واضع امامكم اليوم بركة ولعنة. البركة اذا سمعتم لوصايا الرب الهكم التي انا اوصيكم بها اليوم. واللعنة اذا لم تسمعوا لوصايا الرب الهكم وزغتم عن الطريق التي انا اوصيكم بها اليوم لتذهبوا وراء الهة اخرى لم تعرفوها}. ( تث 11: 26- 28). كما أعطى الله للانسان فرصة للتوبة والرجوع اليه منذ القدم { فاذا رجع الشرير عن جميع خطاياه التي فعلها و حفظ كل فرائضي وفعل حقا وعدلا فحياة يحيا لا يموت. كل معاصيه التي فعلها لا تذكر عليه في بره الذي عمل يحيا.هل مسرة اسر بموت الشرير يقول السيد الرب الا برجوعه عن طرقه فيحيا. واذا رجع البار عن بره وعمل اثما وفعل مثل كل الرجاسات التي يفعلها الشرير افيحيا كل بره الذي عمله لا يذكر في خيانته التي خانها وفي خطيته التي اخطا بها يموت. لاني لا اسر بموت من يموت يقول السيد الرب فارجعوا واحيوا } {حز 21:18-25،32). فعلى كل إنسان أن يسلك الطريق المؤدي إلى الحياة، وأن يستمر في سلوكه ليحيا فى حرية مجد ابناء الله القديسين والسلوك الإنسانى القويم لكل البشر بما وهبهم الله من نعمة العقل والضمير . ويرفض الأنجيل صراحة حجج الجبريين منكري الحرية {لا تقل إن الرب هو أضلّني. كل رجس مبغض عند الرب وليس بمحبوب عند الذين يتّقونه.هو صَنَعَ الإنسان في البدء وتركه في يده اختياره. فإن شئت، حفظت الوصايا ووفّيت مرضاته} (سير15: 13- 16). الحرية من الاستعباد والرق .. لقد بدأ تاريخ الشعب اليهودى قديماً بحادث أساسي طبعه بطابع خاص ألا وهو تحرير الله له من عبودية فرعون (خر 1 إلى 15).{ و حدث في تلك الايام الكثيرة ان ملك مصر مات و تنهد بنو اسرائيل من العبودية وصرخوا فصعد صراخهم الى الله من اجل العبودية} (خر 2 : 23) وعندما أدّت خيانات شعب الله إلى خراب أورشليم ثم إلى السبي، صار تحرير اليهود المنفيين في بابل بمثابة فداءٍ ثانٍ. وهو الخبر السار الذي يتغنى به إشعيا، ويتضمَّن الإصحاحات من 40 إلى 55: الله هو قدوس إسرائيل وهو محرّره. وفي الشرع العبراني القديم، ينطبق لفظ المحرّر على أقرب شخص في الأسرة يقع عليه عبء الدفاع عن ذويه، سواء كان للمحافظة على الميراث العائلي (لا 25: 23- 25)، أو فكّ أخ من العبودية (لا25: 26- 49)، أو حماية أرملة (را 4: 5) . لقد قاد موسى النبى قديما بأمر من الله الشعب اليهودى بمعجزات وأيات لكى يتحرر من عبودية فرعون . وغرق فرعون وجنوده فى البحر الأحمر . لكن فى أجيال كثيرة وحتى الان نرى فرعون أخر يمارس الاستعباد ونهب الثروات وظلم شعب الله المسكين وكما ارسل الله منقذاً لشعبه قديما نراه يبث الوعى والقوة فى المستعبدين ليتحرروا ونصلى اليه بقوة ليحرر المنسحقين والمظلومين والمضطهدين ويجب علينا ان نعمل بعزيمة لا تلين وبدون عنف أو همجية بربرية لا يقبل بها الله او الضمير لكى يتحرر كل انسان وكل الإنسان من العبودية بكل أشكالها وندافع عن المظلومين والفقراء والارامل والأيتام ونتبنى الدفاع عن حقوق المظلومين كواجب ينطلق من صميم دعوتنا المسيحية ومن يفهم ان الإيمان هو واجب داخل الكنيسة لعبادة الله دون البعد الروحى الأجتماعى والاخلاقى والإنسانى فهو يبتعد كثيرا عن الحق ومعرفة الله . ان التحرير الذي أنجزه الله لصالح شعبه يمتد ويتجدّد في حياة كل مؤمن {حيٌّ الربّ الذي خلّص نفسي من كل ضيق}2 صم 4: 9 . وكثيراً ما تدور صلاة المزامير حول هذا الموضوع، فتارة يعبر عنه داود النبى بشكل عام دون توضيح الخطر المحدق به (مز 19: 15، 26: 11)، وتارة أخرى يرى المرنم نفسه محاطاً بأعداء يقصدون إيذاءه ويصلى الى الله لينجيه ويحرره (مز 55: 19، 69: 19)، وأحياناً أخرى ترتفع صلاته بحرارة إلى الله القادر وحده على إنقاذه (مز 103: 3- 4). ولكن نجد أيضاً بذور رجاء متّسم بروحانية أعمق ( مز 31: 6، 49: 16).على المستوى الاجتماعي: يضع ذكر التحرير الأول بصماته على التشريع الكتابي، حتى الصوم المقبول عند الله هو {إطلاق المستعبدين أحراراً وكسر كل نير} (إش 58: 6). نعم لقد خلقنا الله أحراراً ولا ينبغى ان نستعبد لاحد ، لكن نخدم الغير بالمحبة المسيحية الساعيه لخلاص كل نفس فى كرامة وحرية مجد ابناء الله. المسيح المحرر ...فى أول عظة له بدأ بها السيد المسيح خدمته، كانت فى مجمع الناصرة، واقتبس عنوانها من سفر "إشعياء"، مشيرًا إلي أن هذا النبي الذى سبق التجسد الإلهي بنحو سبعمائة عام، قد تنبأ عن مجئ المسيح الفادي ورسالته الخلاصية { وجاء إلى الناصرة حيث كان قد تربّى ودخل المجمع حسب عادته يوم السبت وقام ليقرأ؛ فدُفع إليه سفر إشعياء النبي، ولما فتح السفر وجد الموضع الذي كان مكتوبًا فيه روح الرب عليّ لانه مسحني لأبشر المساكين، أرسلني لأشفي المنكسري القلوب، لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمي بالبصر، وأرسل المنسحقين في الحرية. وأكرز بسنة الرب المقبولة. ثم طوى السفر وسلَّمه إلى الخادم وجلس. وجميع الذين في المجمع كانت عيونهم شاخصة إليه. فابتدأ يقول لهم إنه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم} (لو16:4-21). فمسيحنا القدوس جاء مخلصًا للناس من العبودية لإبليس وللخطية والظلم والموت. جاء ليبشر المساكين الذين تخلَّي عنهم الكثيرون، واعتبروهم فقراء ورعاع الأرض، جاء لنصرة المستضعفين والمضطهدين، ومساعدة الفقراء والمظلومين. جاء ليعلن لنا أن كل نفس عزيزة أمام الرب فلتكن عزيزة في أعيننا أيضًا. جاء المسيح ليشفي منكسري القلوب. وكم من قلوب كثيرة منكسرة بالكأبة والمرض والخطية والظلم. جاء ليفتح عيون العمي الذين يظنون إنهم القيمين علي أمور الحياة والدين، ونسوا ان الله محبة. وهذه هي جوهر رسالة كل إنسان يريد أن يسير علي خُطى يسوع المخلص والمحرر وتعاليمه السامية . + جال السيد المسيح يبشر المساكين ببشرى الخلاص والرجاء فى المدن والقرى ، فى الهيكل والمجامع ،فى الحقول والطرقات ، يشفى كل مرض وضعف فى الشعب ، لم يميز بين يهودى وسامرى ويونانى او رومانى ، ولم يفرق بين رجل وامراة وطفل بل أحب الجميع حتى اولئك الذين قاوموه وتقولوا عليه ، كان يعمل على شفاء منكسرى القلوب والنفوس والمثقلين بالخطايا والأثام ، سار يعمل على محو الذنوب بالتعليم والوعظ والقدوة ويفتح أعين العميان ويعطى البصيرة لمن أعماهم التعصب المقيت والكراهية والظلم والظلمة . جاء ليحرر الانسان من كل قيود الشيطان والخطية والتعصب والظلم وعندما ارسل الرسل يكرزوا باسمه فى كل مدينة وقرية مزمع ان ياتى اليها ورجعوا اليه { فرجع السبعون بفرح قائلين يا رب حتى الشياطين تخضع لنا باسمك. فقال لهم رايت الشيطان ساقطا مثل البرق من السماء. ها انا اعطيكم سلطانا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو ولا يضركم شيء. ولكن لا تفرحوا بهذا ان الارواح تخضع لكم بل افرحوا بالحري ان اسماءكم كتبت في السماوات} لو 17:10-20. ولانه كان يقاوم الظلم فى مجتمع يسوده الكبرياء والاستعلاء والحسد تأمر رؤساء الكهنة والفريسين بحسد أبليس وحُكم عليه انه مستوجب الموت من القيادات الدينية والرومانية وهم لم يعلموا ان هذه مشئية الله ان يموت من اجل خلاصنا { فدعا بيلاطس رؤساء الكهنة والعظماء والشعب. وقال لهم قد قدمتم الي هذا الانسان كمن يفسد الشعب وها انا قد فحصت قدامكم ولم اجد في هذا الانسان علة مما تشتكون به عليه. ولا هيرودس ايضا لاني ارسلتكم اليه وها لا شيء يستحق الموت صنع منه. فانا اؤدبه و اطلقه. وكان مضطرا ان يطلق لهم كل عيد واحدا. فصرخوا بجملتهم قائلين خذ هذا واطلق لنا باراباس. وذاك كان قد طرح في السجن لاجل فتنة حدثت في المدينة وقتل. فناداهم ايضا بيلاطس وهو يريد ان يطلق يسوع. فصرخوا قائلين اصلبه اصلبه .فقال لهم ثالثة فاي شر عمل هذا اني لم اجد فيه علة للموت فانا اؤدبه واطلقه. فكانوا يلجون باصوات عظيمة طالبين ان يصلب فقويت اصواتهم واصوات رؤساء الكهنة} لو 13:23-23. ولم يعرفوا ان المسيح اذ وجد فى الهئية كانسان وضع ذاته واطاع حتى الموت ، موت الصليب ليحرر المنسحقين ويطلق آسرى الرجاء من سبى الشيطان { ولي خراف اخر ليست من هذه الحظيرة ينبغي ان اتي بتلك ايضا فتسمع صوتي وتكون رعية واحدة و راع واحد. لهذا يحبني الاب لاني اضع نفسي لاخذها ايضا. ليس احد ياخذها مني بل اضعها انا من ذاتي لي سلطان ان اضعها ولي سلطان ان اخذها ايضا } يو 16:10-18. جاء السيد المسيح رجل الأوجاع مختبر للحزن {لكن أحزاننا حملها، وأوجاعنا تحملها، ونحن حسبناه مصابًا مضروبًا من الله ومذلولاً. وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا، تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا. كلنا كغنم ضللنا، ملنا كل واحد إلى طريقه، والرب وضع عليه اثم جميعنا} (أش 4:53-6). جاء الرب كمن يقول لنا: ظُلمت وأنا البرئ، واحتملت وأنا المبرئ المذنبين {لأنه في ما هو قد تألم مجربًا يقدر أن يعين المجربين} (عب 2 : 1).لقد قام الرب من الأموات لكي ما يقيم ويبشر المظلومين أن الظلم له نهاية. دور الرب يسوع فى تحرير الخطاة.. ان الإيمان بالله والإتحاد به والشركة معه، يقوي الإنسان ويجعل منه قلعة حصينة ضد كل قوي الشر ويحرره {كل شيء مستطاع للمؤمن} (مر 9: 23). وهذا هو سر التغيير والتحرر في حياة "شاول" الطرسوسي ليصبح القديس "بولس الرسول" {أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني} في 13:4. السيد المسيح له المجد يُحرّر النفوس من العادات القاتلة للنفس والمهلكة ويقوينا بوسائط النعمة لكسر قيود الفساد وهذا ما رايناه في حياة قديسى التوبة مثل "أغسطينوس" و"موسى الأسود"، و"بيلاجية"، و"مريم المصرية. كان تحرير إسرائيل يرمز مسبقاً إلى الفداء المسيحي. فالمسيح هو الذي يقيم فعلاً عهد الحرية الكاملة والنهائية لكل من اتحد به بالإيمان والمحبةً. {إن المسيح قد حرّرنا لنكون أحراراً... أيها الاخوة قد دعيتم إلى الحرية} (غلاطية 5: 1 و13) . أن الحرية المسيحية لها انعكاساتها على المستوى الاجتماعي للتحرر من الأستعباد للأخرين لكنها فى الأساس هي بالأحرى نتيجة حدث تاريخي هو موت المسيح الفادى وقيامته الظافرة، واتّصال مباشر بالاتحاد بالمسيح في المعمودية.. والمؤمن حرٌّ، بمعنى أنه قد نال في المسيح قوة على أن يعيش منذ الآن وإلى الأبد في صلة حميمة مع الآب السماوى ، دون أن تعرقله قيود الخطيئة والموت والشيطان واعوانه . لقد تجدّدت عجائب التحرّر بالمسيح يسوع ربنا {الذي انقذنا من سلطان الظلمة، ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا}(كو 1: 13- 14). لقد تمَّ به ومن خلاله أيضا الانتصار على الموت، الرفيق الملازم للخطيئة (تك 2: 17، رو 5: 12). لقد فقد الموت شوكته (1 كو 15: 56). ولم يعد المسيحيون عبيداً لمخافة الموت (عبر 2: 14- 15). أجل لن يتم هذا التحرّر الكامل إلا عند القيامة المجيدة (1 كو 15: 26 و54- 55)، ونحن ما زلنا {ننتظر افتداء أجسادنا}(رومة 8: 23). لكن الأزمنة الأخيرة قد بدأت بنوع ما، وانتقلنا من الموت إلى الحياة (1 يو3: 14. يو: 24)، على قدر ما نحيا في الإيمان والمحبّة والحرية المسيحية . الحرية المسيحية وحدودها .. يمتلئ المؤمن شجاعة وثقة وفخر لكونه صار بالإيمان ابناً لله بالتبنى (أفس3: 12، عب 3: 6، 4: 16). لأن ما نتقبله عند المعمودية هو "روح التبنّي"، وليس " روح العبودية" (رومة 8: 4- 17). بالحرية يستطيع الإنسان اتخاذ قراراته فى تعقل وحكمة ، ورغم تأثر الإنسان في بعض الأحيان بالضغوط والظروف او البيئة او التربية إلا إنه لا يفقد قدرته على اتخاذ قراراته الحرة لاسيما فى القرارات المصيرية التى يجب ان تتخذ فى ضوء إيمانه ومبادئه الاصيلة وقيمه. فإذا تعرض شخصان لنفس الحدث أو الظرف فإنهما لن يتفاعلا معه بنفس الطريقة في أغلب الأحيان. ومن الصعب أن تنتزع حرية الاختيار من الشخص الذي يعي إنسانيته. ويمكننا تصوير ذلك عملياً بآبائنا الرسل والشهداء الذين ورغم إلقائهم في السجون المظلمة ، وتكبيل أيديهم وأرجلهم بالقيود إلا أنهم لم يفقدوا أبداً حريتهم وقدرتهم على اتخاذ قرارتهم ، فالسجن لا يستطيع أبداً أن يُفقدَ الإنسان حريته، فبالرغم من تقييد جسد الإنسان في مكان معيّن ، إلا أنه ما يزال حراً بفكره وروحه ومشاعره، ولا يستطيع أحد أن يحدد قدرته على اتخاذ القرار، ولذلك يستطيع أن يكون إنساناً مختلفاً بالكلية حتى وهو مسجون. وفى نفس الوقت يعمل على التحرر من السجن والظلم ويرفع دعواه حتى لقيصر{ فقال بولس انا واقف لدى كرسي ولاية قيصر حيث ينبغي ان احاكم انا لم اظلم اليهود بشيء كما تعلم انت ايضا جيدا لاني ان كنت اثما او صنعت شيئا يستحق الموت فلست استعفي من الموت ولكن ان لم يكن شيء مما يشتكي علي به هؤلاء فليس احد يستطيع ان يسلمني لهم الى قيصر انا رافع دعواي (اع 25 : 10- 11).{حينئذ تكلم فستوس مع ارباب المشورة فاجاب الى قيصر رفعت دعواك الى قيصر تذهب} (اع 25 : 12). الحرية المسيحية والقداسة الشخصية .. ان الإباحية التى نراها فى الغرب باسم الحرية الشخصية هى بعيدة عن روح المسيحية الطاهرة ، بل الإباحية هى الاستغلال السيء للحرية ، أما الحرية فى المسيح فهى قداسة وسمو و انتصار ، ولخطورة الأمر يحذرنا الوحى الإلهى على فم بولس الرسول من الاستغلال الخاطئ والمسىء للحرية ، قائلا { لا تصيروا الحرية فرصة للجسد } (غل 5 : 13) ، وذلك لأنه متى صارت الحرية فى حياتنا لحساب الجسد ، فحتماً ستقودنا إلى الانحلال والانحراف عن الحق . ان الثبات فى الحرية التى وهبت لنا بخلاص المسيح تقتضى من الإنسان القيام بأمور عديدة والتى من بينها رفض التجاوب مع الأفكار الشريرة وشبة شريرة ، السلوك بروح التقوى الصادقة والكشف ، بروح الجدية والأمانة ، لكل معوقات التجديد والنمو فى النعمة والارتقاء حسب الروح ، الاجتهاد فى النمو والارتقاء حسب دعوة الإنجيل ومسرة الروح ، وسعى الإنسان لممارسة الأمور التى تحرره من القيود، والمواظبة على الإقتداء بفكر أباء الكنيسة والسير وفقاً لتعاليم الانجيل وإرشادات الاباء ، و مقاومة كل ميل يشك الإنسان فى صلاحه وقدسيته ، والتيقن من عدم وجود بديل يصلح للنجاة والوصول إلى ميناء الخلاص ومعرفة الله سوى السلوك بروح الإنجيل وفكر المسيح وتنفيذ إرادة الله كل حين ورغم كل الظروف. هذه هى الحرية المسيحية التى نسعى اليها وليس كما يصورها بعض الجهال بمسيحيتنا على انها اباحية أو شرك أوشرب الخمر وأكل لحم الخنزير الاشياء الغريبة عن مسيحيتنا وعبادتنا لله الواحد والاخلاق الفاضلة لكى من يدعى عليه أسم المسيح الحسن . حرية الانسان والوصية الإلهية .. يظن البعض ان الوصايا الإلهية تحد من حرية الإنسان أو تجبره على عمل ما . لكن فى الحقيقة فان الوصايا الإلهية تحفظ الانسان من العبودية او الوقوع فى الشر كما تحفظ ضفاف النهر الماء من الضياع هباء وتقوده الى غايته المنشودة . يقول العلامة ترتليان ( الوصية في حقيقتها علامة من علامات حب الله المتدفق نحو الإنسان ليس فقط في تقديم الفرصة لآدم للتعبير عن مشاعر الحب نحو من أحبه أولاً. أو تهيئة المجال الذي به يرتبط الإنسان بمصدر وجوده فلا يرتد إلي التراب مره أخري. لكنها تحمل أيضاً في مدلولها حرية الإنسان وسيطرته على نفسه. الإنسان على مثال الله من جهة حرية الإرادة وسيطرته على نفسه فعظمة الإنسان تكمن لا في مجرد سيطرته على طيور السماء وأسماك البحر وكنوز الأرض، بل بالأكثر في سلطانه على نفسه. + كيف يمكن أن يكون للإنسان سلطاناً على نفسه وحرية إرادته ما لم توجد وصية له أن يعطيها أو يعصاها. فالوصية بالنسبة للإنسان تحمل تكريماً من الله للانسان. فيها إعلان عن حرية الإنسان، وقوته وقدرته، لأنه من استحق أن يوهب له وصية من قبل الله غير الإنسان؟ فلو لم يكن للإنسان قدرة على تنفيذ الوصية كما على كسرها ما كان الله قد أفرده بها؟ على نفس المثال عندما قدم لنا الرب وصايا نراها صعبة أو كما يظنها البعض خيالية لم يقصد أن يعجزنا في التنفيذ أو يحطم نفوسنا بالفشل إنما أراد أن يكشف للإنسان عن الإمكانية الفائقة التي في داخله. إنها تكريم لنا إننا بالمسيح قادرون على تنفيذ ما يبدوا صعباً ومستحيلاً. لقد فرض الله الوصايا على الإنسان بقصد سعادته. لقد قصد بها إرتباطة بالله لكي لا يظهر مخلوقاً حقيراً بل يكون حراً حتى لا ينزل بنفسه إلي مستوي الحيوانات الأخرى التي ليس لها حرية الإرادة . لقد مكنه ككائن بشري أن يفتخر ، بأنه الوحيد الذي كان مستحقاً أن يتقبل وصايا من قبل الله، بكونه كائن قادر على التعقل والمعرفة يضبط نفسه في هدوء برباطات الحرية العاقلة خاضعاً لله الذي أخضع له كل شيء. ولأجل ضمان المحافظة على هذه الوصية قدم الصلاح أيضاً مشورة تساندها هذه العقوبة {يوم تأكل فيها موتاً تموت} تك17:2. إنه عمل مملوء حنواً عظيماً من قبل الله أن يشير عليه عن مصادر العصيان لئلا يدفعه جهلة بالخطر نحو الإهمال في الطاعة. حقاً لقد عرض العقوبة لكنه لم يكن يرغب في أن تكون بلا شفاء). العلوم السلوكية والحرية .. تشرح العلوم السلوكية سلوكيات الإنسان كتفاعل طبيعي مع معطيات وراثية وبيئية بالإضافة إلى الظروف التي يمر بها. ويمكننا تشبيه الإنسان إلى حدٍّ ما ومع فارق التشبيه بالكومبيوتر الذي تقوم بإمداده بمعلومات معينة ويصل الى النتائج بصورة تلقائية تبعاً للمعطيات. ولكن على الجانب الشخصي الإنساني، وإذا نظرت إلى الحياة الكاملة لإنسان معين ، فإنك تجد حياته متفرِّدة غير متكررة في التاريخ البشري وعلى مستوى الإنسانية عامة.ولهذا فاننا نعمل على تنمية الشخصية وتربيتها روحياً لتتخذ القرارات التى تتناسب مع تكوينها ومبادئها وأيمانها دون أجبار إو ارغام . حينما نتحدث عن حرية اتخاذ القرار لابد لنا أن نذكر ان الانسان من حيث المنطق له الحرية الكاملة في اختيار ما يريده، ولكن هذا ليس حقيقي دائماً ، فالإنسان لا يستطيع أن يتخطى كل القيود الموضوعة عليه نتيجة لكونه إنساناً يعيش في مجتمع يؤثر ويتأثر به . وحريتنا محددة بحدود إنسانيتنا ووجودنا، وهناك عوامل تؤثّر على حريتنا في اتخاذ القرار ومنها عوامل النمو، فالطفل الصغير أقل حرية من الشخص الناضج، فينمو الطفل عاماً بعد عام وتنمو حريته معه ولكن نرى البعض يريد ان يحيا فى طفوله دائمة فى خضوع لتوجيهات الأخرين دون استقلالية وتفاهم وحرية. وهناك العديد من العوامل الاجتماعية والثقافية التي تحدد حرية الإنسان، فحريتى لا ينبغى ان تقوم على سلب الإخرين حقوقهم وحريتهم التي يجب أن نصونها ونحميها أيضاً، فحدود حريتي تنتهي حينما تؤثر على حرية الآخرين ، كما وتؤثر الحالة الاقتصادية للإنسان على حريته، فالإنسان المُكبَّل بالفقر ، يشعر بحرية أقل في بعض النواحي ويهتم أكثر بالكفاح من أجل الحياة. لهذا يجب ان ادافع عن حريتى متى سُلبت وارضى اذ نُهبت وعرضى متى تعرض للأذى وقوتى متى نهبه الناهبون ، ينبغى ان نكون أحراراً من الخوف والضعف او الأستعباد للأخرين. معطلات للتحرر الروحى والاجتماعى ... ان للحرية معطلات سواء فى المجال الروحى او الاجتماعى او السياسى او الاقتصادى او النفسى .. فالانسان المستعبد للذات والشهوات او المال لا يستطيع ان يتخذ قراراته بحرية { {فشكرا لله انكم كنتم عبيدا للخطية و لكنكم اطعتم من القلب صورة التعليم التي تسلمتموها} (رو 6 : 17). فان الذى يفعل الخطية هو عبداً لابليس {فقال يسوع لليهود الذين امنوا به انكم ان ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي.وتعرفون الحق و الحق يحرركم. اجابوه اننا ذرية ابراهيم ولم نستعبد لاحد قط كيف تقول انت انكم تصيرون احرارا. اجابهم يسوع الحق الحق اقول لكم ان كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية. والعبد لا يبقى في البيت الى الابد اما الابن فيبقى الى الابد. فان حرركم الابن فبالحقيقة تكونون احرارا. انا عالم انكم ذرية ابراهيم لكنكم تطلبون ان تقتلوني لان كلامي لا موضع له فيكم. انا اتكلم بما رايت عند ابي و انتم تعملون ما رايتم عند ابيكم. اجابوا و قالوا له ابونا هو ابراهيم قال لهم يسوع لو كنتم اولاد ابراهيم لكنتم تعملون اعمال ابراهيم. ولكنكم الان تطلبون ان تقتلوني و انا انسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله هذا لم يعمله ابراهيم. انتم تعملون اعمال ابيكم فقالوا له اننا لم نولد من زنا لنا اب واحد وهو الله. فقال لهم يسوع لو كان الله اباكم لكنتم تحبونني لاني خرجت من قبل الله واتيت لاني لم ات من نفسي بل ذاك ارسلني. لماذا لا تفهمون كلامي لانكم لا تقدرون ان تسمعوا قولي. انتم من اب هو ابليس وشهوات ابيكم تريدون ان تعملوا ذاك كان قتالا للناس من البدء ولم يثبت في الحق لانه ليس فيه حق متى تكلم بالكذب فانما يتكلم مما له لانه كذاب وابو الكذاب.واما انا فلاني اقول الحق لستم تؤمنون بي} يو 31:8-45. ان عدم الوصول إلى النضج الحقيقى، سواء على المستوى الروحى او النفسى أو التربوى أو الاجتماعى يعيق ويعطل الحرية الحقيقة ، واخطر الاشياء التى تجعل الانسان يسير بلا هدى هو النرجسية والانانية التى تفقد الانسان النظرة السليمة للحياة والناس والاشياء. الانانية قيد على حريتنا فى المسيح بما تجلبه من شهوات، او سعى مرضى لأمتلاك الناس والاشياء والعمل على التخلص من المعارضة حتى لو كانت موضوعية وهذا سر دكتاتورية الانظمة المستبدة والافراد الانانيين. بالنسبة للمؤمن فان كل هذا يجب أن يوضع على المذبح، لكى يحترق بنار الروح القدس، فتنفك قيود الانسان ويتحرر من الخوف ، سواء الخوف من المجهول، أو من الظروف الخارجية، أو من الموت {الذين خوفاً من الموت كانوا جميعاً حياتهم تحت العبودية } عب 15:2. ان التربية الخاطئة التى تنشأ الانسان على الخوف والاستكانة للظلم تخلق فيه الخنوع والضعف وهذا أيضا ما يجب ان يتحرر منه الانسان . كما ان عدم التحرر الاقتصادى للفقراء وسعيهم الدائم من أجل توفير لقمة العيش بدون وعى بحقوقهم وواجباتهم فى ظل ضعف العمل النقابى الذى يدافع عن حقوق العمال والفلاحين يهمش شرائح عريضة فى المجتمع وكل هذا يحتاج الى تظافر الجهود الصادقة من النظم السياسية والموسسات الاجتماعية والدينية والفكرية للعمل عل التخلص من السلبيات وخلق وعى عام وطنى قوى وانسانى لكى نحيا فى مجتمع لا يضحى باى فراد من أجل النظام ولا يقوم النظام بسلب اى مواطن حقوقه وحريته باسم الاغلبية . بل ينهض فيه المواطن والمجتمع على اسس الحرية والعدالة والمساواة والاخاء والعيش الكريم للجميع . يسوع المسيح هو هو، أمس واليوم وإلي الأبد ايها المسيح ذو القلب الدامى والجنب الجريح، يا مسيح الجياع والعطاش والعرايا والفقراء والمسجونين والغرباء والذين بلا سكن او لقمة خبز كريمة ، ومن جارت عليهم القوانين الظالمة . يا من تعقبه هيردوس طفلا ليقتله ويعانى مع أطفال افريقيا واسيا الجياع . يا مسيح المفترى عليهم أمام القضاء والمحاكم المدنية والدينية . يا الهنا المتجسد والذى عانى التعصب والظلم والنفاق السياسى والدينى . كنت القائد والمحرر غير المرغوب فيه وانت المسيح ذو القلب الانسانى الرحوم للذين تجردوا من انسانيتهم والاله الحق الذى جاء ليقدم لنا نموذجا صالحا للانسان الحق . ان تحريرنا من كل أشكال الرق والعبودية هو صميم رسالتك السامية ، فلهذا نشكرك ونسألك ان تعمل فى العالم لتحريرة من عبودية الشيطان والخطية والموت . يا من يمد يد العون لكل نفس مكبَّلة بسلاسل الدنس، ومرتبطة بعبودية الخطية، والتى تحاول عبثًا الإتكال على ذاتها وحدها فلا تستطيع الفكاك من الخطية . بينما تناديها لتأتى إليك لتكسرعنها قيودها، وتحرِّرها من عبودية الخطية، ومن أي عادة ردية تجلب الهموم والعار والفقر والمرض الشديد والموت، وهذه دعوتك لكل إنسان للتحرر من سجن الخطية والشهوات العالمية، ولكى يُقبل الجميع إلى حرية مجد أولاد الله. إننا لابد أن نسير علي خُطاك ايها المخلص الذي يجول يصنع خيرًا ويشفي كل مرض وضعف في الشعب. ليكن كل واحد منا سفير سلام ونوايا حسنة وسط ظلمة هذا العالم. لنكون رائحة المسيح الذكية التي يشتم منها الآخرون قوة المحبة والبذل والعطاء. لنكون سفراء لمملكة السماء نطلب عن المسيح من الناس أن يتصالحوا مع أنفسهم وإخوتهم والله. ايها الرب الاله محرر الخطاة ، جئت اليك لتحررنى من قيودى ، وتهديني وتوسع قلبى وفهمى فاليك اصرخ ايها المحرر الحقيقى ، حررني من العبودية للشيطان والخطية ، حررنى من سلطان المادة والسلطة والشهوات ، حررنى من ان أستعبد نفسى للأخرين فى خضوع مهين لكرامتى الأنسانية ، حررنى من عبودية الحرف والخوف والضعف ، حررنى من انانيتى وقيودى لانعم بعبادتك بالروح والحق ، وانقاد في فكرى واقوالى وسلوكى لروحك القدوس ، وانموا في المحبة والأيمان والرجاء ، واضعا رضاك ووصاياك ومحبتك هدفى . متحرر من كل القيود التي تعيق تقدمي وحريتى ، لنعرفك ونخدمك ونتبعك من كل القلب ،فانت رجائنا وتستحق منا كل الحب اننا نصلى لكي تستخدمنا يارب لنكون صناع سلاما ودعاة حرية ، وان نكون أوان مقدسة لحمل مشاعل المحبة ونور الايمان في القلوب.. ندعو الناس للتوبة؛ نعلن بشري الخلاص للمقيَّدين، ورسالة الحرية للخطاة. لنصلى من اجل انتهاء الظلم واحقاق الحق والرحمة والعدل .إلهي إننا نصلي من أجل كل حزين ليفرح، ومريض ليُشفي، وخاطي لكي يتوب ويرجع إليك. وأنت ضابط الكل؛ فأعمل في الجميع ليخلصوا، وإلي أحضنك ليرجعوا؛ فيفرح الزارع والحاصد، ويُستعلن حبك ومجدك لكل بشر. القمص أفرايم الأورشليمى
المزيد
16 نوفمبر 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (16) التلمذة والتَعلُم

أهمية التلمذة والتعلم فى حياتنا مفهموم التلمذة والتعلم فى المسيحية ... اننا نقصد بالتلمذة الالتزام الروحى والانضباط والاستعداد الدائم للتعلم المنتظم والمستمر من السيد المسيح وروحه وكتابه المقدس وذلك من خلال الملازمة والطاعة والخضوع الشخصى والتبعية مدى الحياة فى محبة وعمق وأمانة ومن ثم هى عملية تهدف الى خلق وتطوير المعارف والمهارات اللازمة للعمل الناجح وتنمية الانسان لكى ينمو روحيا ويخدم الاخرين ويقودهم فى الطريق الى الله والملكوت . لقد أدراك العالم المتقدم أهمية التعلم مدى الحياة وتوسعوا فيه ويسمونه LLL أى (lifelong learning) . والذى يعمل على استمرار بناء مهارات ومعارف الفرد طوال الحياة من خلال التجارب والتدريب والتدريس وذلك بدافع شخصى من المتعلم بغية الوصول الى التقدم وتنمية القدرات. وهذا ما قام به السيد المسيح منذ الفى عام مع الاباء الرسل الذين دعاهم له (تلاميذ). { ثم دعا تلاميذه الاثني عشر واعطاهم سلطانا على ارواح نجسة حتى يخرجوها ويشفوا كل مرض وكل ضعف} (مت 10 : 1). هؤلاء التلاميذ تعلموا وتتلمذوا للسيد المسيح حتى يوم صعوده الى السماء واوصاهم ان يقوموا بتلمذة المؤمنين من بعدهم { فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس. وعلموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به وها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين) مت 19:28-20 انهم يعلموا الآخرين لا لكي يكونوا تلاميذ لهم بل للسيد المسيح وروحه وتعاليمة وقيمه السامية ومحبته وهذا ما يجعل التقليد المسيحى حى بالتلمذة والخضوع لقيادة الروح القدس وتسلم الايمان بامانة من جيل الى جيل {وما سمعته مني بشهود كثيرين اودعه اناسا امناء يكونون اكفاء ان يعلموا اخرين ايضا} (2تي 2 : 2). ان التلمذة المسيحية تقوم على التعلم والانقياد للمعلم الصالح . من يعمل من الخدام على تلمذة اخرين له شخصياً قد يكون انحرف عن الصواب وفقد كل معانى ومضمون التلمذة المسيحية الحقة وكما قال القديس يوحنا المعمدان عندما اتوا اليه ليقولوا له ان السيد المسيح يعمد وصار له تلاميذ واتباع كثيرين { فجاءوا الى يوحنا وقالوا له يا معلم هوذا الذي كان معك في عبر الاردن الذي انت قد شهدت له هو يعمد والجميع ياتون اليه. اجاب يوحنا وقال لا يقدر انسان ان ياخذ شيئا ان لم يكن قد اعطي من السماء. انتم انفسكم تشهدون لي اني قلت لست انا المسيح بل اني مرسل امامه. من له العروس فهو العريس واما صديق العريس الذي يقف ويسمعه فيفرح فرحا من اجل صوت العريس اذا فرحي هذا قد كمل. ينبغي ان ذلك يزيد واني انا انقص} يو 26:3-30. - الحاجة الى التلمذة والتعلُم .. نحن فى عصر يتسم بسرعة التقدم العلمى والمعرفي وسرعة تحديث المعلومات ، كما ان فروع المعرفة تتسع فى مختلف المجالات الروحية والعلمية والأدبية. ونحن فى المجال الروحي نحتاج للتلمذة والتعلُم من السيد المسيح والاباء الرسل والقديسين المعتبرين أعمدة فى الكنيسة وسيرتهم وكتاباتهم بما فيها من سلامة الايمان والحياة الروحية المقدسة . نحتاج الى العودة لجذورنا الروحية لأكتشاف الكنوز المخبأة فيها والتتلمذ عليها ، مع استخدام كل الوسائل الحديثة والتكنولوجيا التى ساعدت على ترجمة كتابات الاباء من القبطية واليونانية والسريانية واللاتينية الى اللغات الحية الحديثة لنعيش إيماننا ونفهمه مع متطلبات عصر العلم. ان المسيحية هى روح وحياة وهي تدعو للمحبة والقداسة والعمل من أجل حياة أفضل وليس مجرد نصوص جامدة { ولبستم الجديد الذي يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقه }(كو 3 : 10). لقد أخذ قادة الكنيسة والحركة الرهبانية على عاتقهم منذ العصور الاولي عاتقها قيادة ركب التقدم والابداع والشهادة للحق وكانت الكنيسة حاضنة للعلم والابداع فى مختلف مجالات الحياة منذ العصور الاولي للمسيحية وهذا ما ينبغى للكنيسة العمل على متابعته بحكمة وتخطيط ومتابعة فى عالم اليوم ان ارادت الكنيسة ان تكون حاضرة ورائدة لقيادة ابنائها نحو مستقبل أفضل . - ان الإنسان الذى لا يتطور ويواكب التقدم لابد ان يتأخر فى حياته ويفوته ركب الحضارة ، وان كانت العقائد شئ ثابتة على مر الزمان فاننا يجب ان نفهمها ونحياها وننمو فى المعرفة والعلاقة باللة لنصل الى ملء القامة والنعمة والحكمة . كما ان روح الله القدوس هو القادر ان يجدد طبيعتنا يوماً فيوم لنعمل ونبتكر ونتقدم فى كل المجالات { ترسل روحك فتخلق وتجدد وجه الارض} (مز 104 : 30). لقد تفرعت الكثير من العلوم فى اللاهوت والروحيات والطقوس والتاريخ الكنسي فى عالم اليوم أعتماداُ على الكتاب المقدس وكتابات الاباء وفهمنا لروحها مع ربطها بالعلوم الحديثة فالإيمان يدعو الى التفكير والبحث والتبصر ويجب علينا التلمذة على تعاليم الكتاب المقدس وعلومه. فى مجال اللأهوت اصبح هناك العديد من الدراسات ومنها اللاهوت النظرى والادبي والروحي والمقارن والطقسي والعقيدى والدستورى والدفاعي . ومن العلوم اللاهوتية تفرعت العديد من المجالات الدراسية منها علوم الكتاب المقدس ومناهج دراسته ، وعلوم الكرستولوجى والمريمولوجى وعلم الاباء والكنيسة وعلم الخلاص والملائكة والاخرويات وعلم النفس المسيحى وعلوم الادارة الكنسية وغيرها وعلينا أكليروس وشعب ان نفهم ونعيش إيماننا ونكون مستعدين لمجاوبة كل من يسألنا عن سبب الرجاء الذى فينا. + سلامة وأستقامة الإيمان والتلمذة .. ومع أهمية التقدم الحاصل فى مختلف العلوم ،فاننا يجب ان نحتفظ باستقامة الإيمان وبسلامة العقيدة والأستمرار فى التلمذة والتعلم من كنوز إيماننا، وفكر الأباء وسير القديسين وهذه هى وصية وصلاة السيد المسيح للتلاميذ والمؤمنين للآب السماوى {كما ارسلتني الى العالم ارسلتهم انا الى العالم. ولاجلهم اقدس انا ذاتي ليكونوا هم ايضا مقدسين في الحق. ولست اسال من اجل هؤلاء فقط بل ايضا من اجل الذين يؤمنون بي بكلامهم. ليكون الجميع واحدا كما انك انت ايها الاب في وانا فيك ليكونوا هم ايضا واحدا فينا ليؤمن العالم انك ارسلتني. وانا قد اعطيتهم المجد الذي اعطيتني ليكونوا واحدا كما اننا نحن واحد.انا فيهم وانت في ليكونوا مكملين الى واحد وليعلم العالم انك ارسلتني واحببتهم كما احببتني} يو 18:17-23. . وما أجمل الكنيسة المجتمعة حول تعاليم معلمها الصالح تتلمذ على كلامه الذى هو روح وحياة وكما تنبأ اشعياء وقال بالروح { وكل بنيك تلاميذ الرب وسلام بنيك كثيرا }(اش 54 : 13). فيجب ان يكون لدينا الرغبة المستمرة فى التلمذة والتعلم من الله وكتابه المقدس وروحة القدوس وتعاليم الاباء ، ومن مدرسة الطبيعة والحياة حتى لا ننساق بتعاليم غريبة { اما أنت فاثبت على ما تعلمت وايقنت، عارفاً ممن تعلمت } 2تى 14:3. يجب ان يكون لدينا الحكمة والأفراز فيما نقرأ ولا نتأثر بكل ريح تعليم غير سليم فى وقت يموج فيه العالم فى صراعات دينية وعقائدية وفلسفية وان نكون من الراى العام المثقف الذى لا يقبل كل ما يتلاقاه بل يميز الغث من الثمين ، بل ونكون قادة فكر ودعاه حق فالمسيحى المواظب على صلوات وقراءات وتعاليم الكنيسة والمنقاد بروح الله لابد ان يكون نوراً فى العالم وملحاً فى الأرض وسفيراً للسماء ، يستضئ الآخرين بتعاليمه فى تواضع ومحبة . وكلما اقتربنا من شمس البر نستنير وننير . نعم نحن قد نمر باوقات صعبة قال عنها القديس بولس الرسول { لانه سيكون وقت لا يحتملون فيه التعليم الصحيح ، بل حسب شهواتهم الخاصة يجمعون لهم معلمين مستحكة مسامعهم ، فيصرفون مسامعهم عن الحق ، وينحرفون الى الخرافات } 2تى3:4-4. اما نحن ففى تواضع ابناء الله وفى حكمة أهل بيت الله نبنى أنفسنا على ايماننا الاقدس والمستقيم والمسلم لنا من الاباء القديسين بالدم والعرق والدموع { واما انتم ايها الاحباء فابنوا انفسكم على ايمانكم الاقدس مصلين في الروح القدس} (يه1 : 20). التلمذة والتعلُم على المعلم الصالح .. + السيد المسيح أقنوم الحكمة الالهية .. السيد المسيح ، كلمة الله المتجسد من اجل خلاصنا هو أقنوم الحكمة الإلهية {المذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم} (كو 2 : 3). { وبالاجماع عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد (1تي 3 : 16) . نعم تجسد وتأنس من الروح القدس ومن العذراء القديسة مريم ولكن لاهوته لايحد كما لا نحد ارسال القنوات الفضائية فى جهاز التلفزيون وان كنا نجسمه ونراه يتحرك ويتكلم امامنا. وان كان الله قديما حل وتكلم مع موسى من خلال العليقة الملتهبة ناراً فلماذا يحار البعض تواضع الله وأتيانه الينا كبشر { والكلمة صار جسدا وحل بيننا وراينا مجده مجدا كما لوحيد من الاب مملوءا نعمة وحقا} (يو1 : 14). لقد ذهب السيد المسيح الى الهيكل فى عمر الثانية عشر واخذ يحاور روساء الكهنة {وبعد ثلاثة ايام وجداه في الهيكل جالسا في وسط المعلمين يسمعهم ويسالهم. وكل الذين سمعوه بهتوا من فهمه واجوبته} لو 46:2-47.ولقد دعا قديما اليهود الذين قاوموه بعد شفاء الاعمي الى التعلم والتلمذة وتفتيش الكتب لانها تشهد له { والاب نفسه الذي ارسلني يشهد لي لم تسمعوا صوته قط ولا ابصرتم هيئته. وليست لكم كلمته ثابتة فيكم لان الذي ارسله هو لستم انتم تؤمنون به. فتشوا الكتب لانكم تظنون ان لكم فيها حياة ابدية وهي التي تشهد لي. ولا تريدون ان تاتوا الي لتكون لكم حياة}يو 37:5-40. التلمذة على المسيح تقتضى منا ان يكون المعلم الصالح هو سيدنا ومعلمنا نتعلم منه { فقال يسوع لليهود الذين امنوا به انكم ان ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي} (يو 8 : 31). الثبات فى الله يجعلنا نتغذى من تعاليمه ونحولها الى حياة وسلوك ، ولقد اشار الكتاب المقدس على ذلك بطريقة روحية فى العهد القديم فالحيوانات الطاهرة التى سمح الله للإنسان ان ياكلها { كل بهيمة من البهائم تشق ظلفا وتقسمه ظلفين وتجتر فاياها تاكلون} (تث 14 : 6). والمعنى الروحى ان الأنسان الطاهر هو الذى يقراء كلمة الله ويتأمل فيها ويحولها الى حياة وسلوك وحتى الأسماك الطاهرة هى الاسماك التى بها زعانف وحراشيف اى انها تستطيع ان تسير باتزان وتوازن فى البحر ولديها الدرع والترس الذى يحميها من المخاطر الخارجية { وهذا تاكلونه من جميع ما في المياه كل ما له زعانف وحرشف في المياه في البحار وفي الانهار فاياه تاكلون }(لا11 : 9). الانسان الروحى هو الذى يسلك باعتدال ويملك الاجنحة الروحية التى تجعله يسير بافراز وتوازن فى حياته ويحتمى فى صخر الدهور الهنا الصالح ليكون له ترس ودرع وحماية غير متكل على ذراعه او عقله او حتى على معونة بنى البشر . +السلوك فى وداعة وتواضع المعلم الصالح وصبره . { من قال انه ثابت فيه ينبغي انه كما سلك ذاك هكذا يسلك هو ايضا (1يو 2 : 6). ان الانسان الروحى يتعلم من المعلم الصالح ومن الآخرين ومن السهل عليه فى تواضعه ان يقدم راى غيره على رايه متى راى صحته ومن اليسير عليه ان يقبل النصح والأرشاد . بل ويتعلم من الاحداث التى تمر به والانسان الوديع أنسان مطيع فى افراز لا يجادل ولا يغضب ويقبل النقد بصدر رحب ويعمل به متى كان للبنيان وهكذا راينا القديس بطرس المعتبر من أعمدة الكنيسة يقبل عتاب القديس بولس وتوبيخه فى مواجهه حركة التهود فى كنيسة أنطاكيا عندما وجده ملوماً (غل 11:2) .ثم نرى القديس بطرس يُظهر أحترامه وتقديره لرسائل القديس بولس الرسول . بل ان المعلم الصالح اذ اتى الينا على الارض {واذ وجد في الهيئة كانسان وضع نفسه واطاع حتى الموت موت الصليب} (في 2 : 8). اننا اذ نتبع ونتتلمذ للرب يسوع المسيح علينا ان نحيا فى محبة لله ونحب بعضنا بعضاً {بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي، إن كان لكم حب بعضاً لبعض} يوحنا 35:13. فنحن أخوة فى جسد واحد نعمل على السير وراء الراعى الصالح كقطيع متحد به ، يجمع ولا يفرق ، يحب ولا يكره ، يعلن سمو تعاليم معلمه لا بالكلام واللسان بل بالعمل والحق ، نحتمل بعضنا بعض فى وحدانية الروح وطول الأناة . { واما من يبغض اخاه فهو في الظلمة وفي الظلمة يسلك ولا يعلم اين يمضي لان الظلمة اعمت عينيه} (1يو 2 : 11). +حمل الصليب وتبعية المخلص .. ان تلمذتنا وتعلمنا من المعلم الصالح تقتضى منا حمل الصليب { ومن لا يحمل صليبه وياتي ورائي فلا يقدر ان يكون لي تلميذا } (لو 14 : 27). الصليب يبدو للبعيدين عثرة أو جهالة أما لنا نحن المخلصين فهو قوة الله وحكمة الله ونجد فى حمل الصليب تعزية وفرحاً وسلاماً . ويعقب الصليب المجد والقيامة . لقد قبل تلاميذ السيد المسيح حمل الصليب وجالوا مبشرين به معلنين تبعيتهم للمصلوب من أجل خطايانا والقائم من أجل تبريرنا . فنالوا القيامة الممجدة والتكريم من المؤمنين فى كل الأجيال . ولنعلم اننا فى حمل الصليب نجد العزاء والقوة والنعمة فى ذاك الذى سار درب الآلام عنا وهو يدافع عنا ويقودنا فى كوكب نصرته . كما ان التلمذة للمعلم الصالح تحتاج الى التزام روحى بوصاياه وعدم العرج بين تبعية المخلص وشهوات العالم واباطيله فان الله فاحص القلوب والكلى ويريدنا ان نتبعه لا من اجل منفعة ما ولا منصب زائل ولا شهرة مرضية بل حباً واخلاصاً لمن أحبنا وطاعة لوصاياه { وفيما هم سائرون في الطريق قال له واحد يا سيد اتبعك اينما تمضي. فقال له يسوع للثعالب اوجرة ولطيور السماء اوكار واما ابن الانسان فليس له اين يسند راسه. وقال لاخر اتبعني فقال يا سيد ائذن لي ان امضي اولا وادفن ابي. فقال له يسوع دع الموتى يدفنون موتاهم واما انت فاذهب وناد بملكوت الله. وقال اخر ايضا اتبعك يا سيد و لكن ائذن لي اولا ان اودع الذين في بيتي. فقال له يسوع ليس احد يضع يده على المحراث وينظر الى الوراء يصلح لملكوت الله} لو57:9-62. ان من يتبع الله خوفاً فقط هم العبيد ومن يتبعه طمعاً فى الأجر هؤلاء اجراء يريدون الحصول على الأجرة أما الابناء فهم من يتبعونه لكونه ابيهم الصالح . +أهتمام المعلم الصالح بتلاميذه وبنا ... اذ نتبع الرب يسوع ونكون له تلاميذ ويكون لنا رباً وسيداً ومعلماً وراعياً صالحا فانه يتكفل بنا ويتولى تعليمنا وارشادنا والدفاع عنا وينسبنا اليه فندعى مسيحيين نسبةً اليه . بل نكون أعضاء فى جسد المسيح كما الأغصان وثباتها فى الكرمة .عندما اتى جباة الجزية لبطرس ليأخذ من المعلم الجزية تولى الرب يسوع دفع الجزية عن نفسه وعن القديس بطرس { ولما جاءوا الى كفرناحوم تقدم الذين ياخذون الدرهمين الى بطرس وقالوا اما يوفي معلمكم الدرهمين. قال بلى فلما دخل البيت سبقه يسوع قائلا ماذا تظن يا سمعان ممن ياخذ ملوك الارض الجباية او الجزية امن بنيهم ام من الاجانب.قال له بطرس من الاجانب قال له يسوع فاذا البنون احرار. ولكن لئلا نعثرهم اذهب الى البحر والق صنارة والسمكة التي تطلع اولا خذها ومتى فتحت فاها تجد استارا فخذه واعطهم عني وعنك} مت 24:17-27. وبعد القيامة المجيدة وفى اضطهاد شاول للكنيسة ظهر الرب يسوع لشاول واعلن له ذاته فى الطريق لدمشق {وفي ذهابه حدث انه اقترب الى دمشق فبغتة ابرق حوله نور من السماء. فسقط على الارض وسمع صوتا قائلا له شاول شاول لماذا تضطهدني. فقال من انت يا سيد فقال الرب انا يسوع الذي انت تضطهده صعب عليك ان ترفس مناخس} أع 2:9-5 . نعم يسوع المسيح معلمنا الصالح وكل اساءة الى تلاميذه تعتبر موجهة اليه وهو قادر ان يحفظنا وكما قدم ذاته فداء عنا فنحن على استعداد لنقدم حياتنا من أجل ايماننا وثباتنا عليه . + لقد اهتم السيد المسيح بتلاميذه وتعليمهم عليه بطريقة المعايشة والسماع والمرافقة الدائمة وبعد ان ثقل شخصياتهم بالمعرفة الروحية العملية والأختبارية ، جعل منهم قادة يذهبوا بما لديهم من سلطان وقوة ليكرزوا أمام وجهه فى كل مدينة {وارسلهم ليكرزوا بملكوت الله ويشفوا المرضى }(لو 9 : 2) . {وبعد ذلك عين الرب سبعين اخرين ايضا وارسلهم اثنين اثنين امام وجهه الى كل مدينة وموضع حيث كان هو مزمعا ان ياتي} (لو 10 : 1) وقال لهم ان الحصاد كثير ويحتاج لخدام كثيرين {فقال لهم ان الحصاد كثير و لكن الفعلة قليلون فاطلبوا من رب الحصاد ان يرسل فعلة الى حصاده} (لو 10 : 2) . وبعد صعوده لم يتركهم بل قال لهم ها انا معكم كل الايام الي انقضاء الدهر فهو معنا وبروحه القدوس يقودنا ويرشدنا { يسوع المسيح هو هو امسا واليوم والى الابد }(عب 13 : 8). وهو يدعونا ان نتتلمذ عليه وعندما كان يكلم الجموع بامثال فقد كان يفسر لهم ما عثر عليهم على انفراد . وكان يصحيح لهم بعض المفاهيم المغلوطة لديهم فصحح لهم مفهموم الرئاسة والعظمة { فدعاهم يسوع وقال انتم تعلمون ان رؤساء الامم يسودونهم والعظماء يتسلطون عليهم.فلا يكون هكذا فيكم بل من اراد ان يكون فيكم عظيما فليكن لكم خادما. ومن اراد ان يكون فيكم اولا فليكن لكم عبدا.كما ان ابن الانسان لم يات ليخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين} مت25:20-28. وارسلهم للخدمة فى وجوده معهم معطياً لهم وصاياه وكان يطمئن منهم على كرازتهم ويشجعهم ويعلمهم { فرجع السبعون بفرح قائلين يا رب حتى الشياطين تخضع لنا باسمك. فقال لهم رايت الشيطان ساقطا مثل البرق من السماء. ها انا اعطيكم سلطانا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو ولا يضركم شيء. ولكن لا تفرحوا بهذا ان الارواح تخضع لكم بل افرحوا بالحري ان اسماءكم كتبت في السماوات} لو17:10-20 . ان يسوع المسيح الهنا هو هو كائن بلاهوته معنا كل الأيام والى أنقضاء الدهر {ها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين }(مت 28 : 20). وسيبقى الى انقضاء الدهر المعلم الصالح الأمين يقود تلاميذه ويطلب فعلة لحصاده وخدام أمناء يسعوا الى رد الضالين وخلاص الكثيرين والغيرة على مجد الله وملكوته . والدعوة موجهة لكل واحد منا ان نأتى بثمر ويدوم ثمرنا ويجب ان نتعلم من المعلم الصالح ومن القديسين الذين ساروا ورائه بكل قلوبهم وعملوا فى كرمه { لذلك نحن ايضا اذ لنا سحابة من الشهود مقدار هذه محيطة بنا لنطرح كل ثقل والخطية المحيطة بنا بسهولة ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع امامنا. ناظرين الى رئيس الايمان ومكمله يسوع الذي من اجل السرور الموضوع امامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي فجلس في يمين عرش الله. فتفكروا في الذي احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا و تخوروا في نفوسكم} عب 1:12-3. التعلم من الكتاب المقدس .. + اننا فى أمس الحاجة فى عالم اليوم الذى يموج بالافكار والاخبار الى كلمة الله القوية والفعالة التى تنقى وتقدس وترشد وتحيي الأنسان فى مسيرة حياته على الارض { انتم الان انقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به } يو2:15 . اننا نحتاج لكلمة الله لتنقى القلب والفكر والنفس من التلوث الفكرى والأعلامى الذى يحاصر الأنسان . نحتاج للتعلم من الأنجيل فعدم المعرفة بكلام ووصايا الله هلاك روحى يعاتب الله عليه شعبه { قد هلك شعبي من عدم المعرفة لانك انت رفضت المعرفة ارفضك انا } (هو 4 :6). من أجل هذا يدعونا السيد المسيح للتعلم منه والثبات فى كلامه { ان ثبتم في وثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم. بهذا يتمجد ابي ان تاتوا بثمر كثير فتكونون تلاميذي . كما احبني الاب كذلك احببتكم انا اثبتوا في محبتي.ان حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي كما اني انا قد حفظت وصايا ابي واثبت في محبته. كلمتكم بهذا لكي يثبت فرحي فيكم و يكمل فرحكم } يو7:15-11. +الكتاب المقدس يعرفنا ارادة الله لحياتنا وينير لنا طريقنا وينقينا من نجاسات العالم وأباطيله وهكذا يدعونا أشعياء النبي الأنجيلى للارتواء والشبع بكلام الله { ايها العطاش جميعا هلموا الى المياه والذي ليس له فضة تعالوا اشتروا وكلوا هلموا اشتروا بلا فضة وبلا ثمن خمرا ولبنا . لماذا تزنون فضة لغير خبز وتعبكم لغير شبع استمعوا لي استماعا وكلوا الطيب ولتتلذذ بالدسم انفسكم .اميلوا اذانكم وهلموا الي اسمعوا فتحيا انفسكم .اطلبوا الرب ما دام يوجد ادعوه وهو قريب. ليترك الشرير طريقه ورجل الاثم افكاره وليتب الى الرب فيرحمه والى الهنا لانه يكثر الغفران. لان افكاري ليست افكاركم ولا طرقكم طرقي يقول الرب. لانه كما علت السماوات عن الارض هكذا علت طرقي عن طرقكم وافكاري عن افكاركم. لانه كما ينزل المطر والثلج من السماء ولا يرجعان الى هناك بل يرويان الارض ويجعلانها تلد وتنبت وتعطي زرعا للزارع و خبزا للاكل . هكذا تكون كلمتي التي تخرج من فمي لا ترجع الي فارغة بل تعمل ما سررت به وتنجح فيما ارسلتها له} أش 1:55-3، 6-11. هكذا كما ان المطر يروى الأرض ويخرج الزرع فكلام الله لابد ان يعمل فى قلوبنا وحياتنا ويجعلنا نثمر ثمرا روحيا ونكون اشجار بر مزروعة على مجارى المياه ، تعطى ثمارها فى حينه وكل ما نصنعه فيه ننجح . + ان كلام الله روح وحياة { الكلام الذي اكلمكم به هو روح و حياة }(يو 6 : 63). كتبه اناس الله القديسين مسوقين بالروح وهو يعمل فينا بنعمة الروح القدس ليهبنا حياة ابديه . عندما نتعلم من الأنجيل ونتتلمذ عليه كما تسلمته الكنيسة منذ القديم وفسرته وعاشته وسلمته لنا فيقودنا الي الثبات في الايمان والخلاص {لان كلمة الله حية و فعالة و امضى من كل سيف ذي حدين و خارقة الى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ ومميزة افكار القلب و نياته }(عب 4 : 12). فنحن فى حاجة ماسه للتعلم من المعلم الصالح والتتلمذ علي يديه والا سيكون كلام الله دينونة لنا فى اليوم الأخير { من رذلني ولم يقبل كلامي فله من يدينه الكلام الذي تكلمت به هو يدينه في اليوم الاخير (يو 12 : 48). ثمار وفوائد قراءة الكتاب المقدس فى حياتنا + الحاجة الى الواحد .. لقد عرف الكثيرين من الرجال والنساء أهمية التلمذه على كلمة الله وكان الكتاب المقدس صديق لهم، أمنوا به وتتلمذوا عليه وصار لهم الكنز الثمين الذي يتأملون فيه ويحولونه الى حياة وسلوك . كما قال المعلم الصالح عن مريم التى تركت أهتمامات العالم المزعجة للنفس للتعلم منه والتأمل فى كلامه { وفيما هم سائرون دخل قرية فقبلته امراة اسمها مرثا في بيتها. وكانت لهذه اخت تدعى مريم التي جلست عند قدمي يسوع وكانت تسمع كلامه.واما مرثا فكانت مرتبكة في خدمة كثيرة فوقفت وقالت يا رب اما تبالي بان اختي قد تركتني اخدم وحدي فقل لها ان تعينني. فاجاب يسوع وقال لها مرثا مرثا انت تهتمين و تضطربين لاجل امور كثيرة. ولكن الحاجة الى واحد فاختارت مريم النصيب الصالح الذي لن ينزع منها} لو 38:10-42. نعم يجب ان نقوم باعمالنا وواجباتنا بامانة واخلاص ولكن يجب ان لا نرتبك ونضطرب ونهتم كثيراً باهتمامات العالم الباطلة . نقدس أعمالنا بالصلاة مع التأمل فى كلمة الله واثقين من قدرة الكلمة الإلهية علي شفاء جهل ومرض نفوسنا وبعدها وأضطرابها لاجل أمور كثيرة { أرسل كلمته فشفاهم} (مز 107 :20). من اجل هذا رفض الرسل الاهتمام بخدمة الموائد واقاموا لها شمامسة أم هم فكانوا يواظبون على الصلاة وخدمة الكلمة {فدعا الاثنا عشر جمهور التلاميذ و قالوا لا يرضي ان نترك نحن كلمة الله و نخدم موائد. فانتخبوا ايها الاخوة سبعة رجال منكم مشهودا لهم و مملوين من الروح القدس و حكمة فنقيمهم على هذه الحاجة.واما نحن فنواظب على الصلاة و خدمة الكلمة} أع 2:6-5. + سلاح الغلبة والانتصار على حيل ابليس .. لقد كانت كلمة الله فى حياة رجال الله القديسين هي سلاح الغلبة والنصرة { من اجل ذلك احملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا ان تقاوموا في اليوم الشرير وبعد ان تتمموا كل شيء ان تثبتوا. فاثبتوا ممنطقين احقاءكم بالحق ولابسين درع البر. وحاذين ارجلكم باستعداد انجيل السلام. حاملين فوق الكل ترس الايمان الذي به تقدرون ان تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة.وخذوا خوذة الخلاص وسيف الروح الذي هو كلمة الله.مصلين بكل صلاة و طلبة كل وقت في الروح وساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة وطلبة لاجل جميع القديسين } أف 13:6-18. ان كلام الله هو سلاح انتصارنا على الشيطان وشهوات العالم والجسد . وحتى السيد المسيح فى حربه مع الشيطان استخدم قوة سلاح الكلمة الإلهية فى التجربة على الجبل ليعلمنا كيف ننتصر على حيل أبليس الذى يحاول ان يخدعنا بانصاف الإيات { اما يسوع فرجع من الاردن ممتلئا من الروح القدس وكان يقتاد بالروح في البرية . اربعين يوما يجرب من ابليس ولم ياكل شيئا في تلك الايام و لما تمت جاع اخيرا. وقال له ابليس ان كنت ابن الله فقل لهذا الحجر ان يصير خبزا. فاجابه يسوع قائلا مكتوب ان ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة من الله. ثم اصعده ابليس الى جبل عال واراه جميع ممالك المسكونة في لحظة من الزمان. وقال له ابليس لك اعطي هذا السلطان كله ومجدهن لانه الي قد دفع وانا اعطيه لمن اريد.فان سجدت امامي يكون لك الجميع . فاجابه يسوع وقال اذهب يا شيطان انه مكتوب للرب الهك تسجد واياه وحده تعبد. ثم جاء به الى اورشليم و اقامه على جناح الهيكل و قال له ان كنت ابن الله فاطرح نفسك من هنا الى اسفل.لانه مكتوب انه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك.وانهم على اياديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك. فاجاب يسوع وقال له انه قيل لا تجرب الرب الهك} (لو 1:4-12). +الكتاب المقدس هو سر قوتنا ونصرتنا ونجاحنا.. {كتبت اليكم ايها الاحداث لانكم اقوياء و كلمة الله ثابتة فيكم و قد غلبتم الشرير }(1يو 2 : 14). ان كلمة الله وثباتنا فيها وسيرنا فى الحياة على نورها تقودنا الى النجاح والأثماروالقوة وتهبنا الحكمة والنعمة { ينبوع الحكمة كلمة الله في العلى ومسالكها الوصايا الازلية} (سير 1 : 5) . { انما كن متشددا و تشجع جدا لكي تتحفظ للعمل حسب كل الشريعة التي امرك بها موسى عبدي لا تمل عنها يمينا ولا شمالا لكي تفلح حيثما تذهب.لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك بل تلهج فيه نهارا وليلا لكي تتحفظ للعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه لانك حينئذ تصلح طريقك وحينئذ تفلح.اما امرتك تشدد وتشجع لا ترهب ولا ترتعب لان الرب الهك معك حيثما تذهب} يش 7:1-9. انها النور والمرشد والمعين { سراج لرجلي كلامك و نور لسبيلي }(مز 119 : 105). + الكتاب المقدس وبيتنا الروحي .. لقد شبه السيد المسيح له المجد من يسمع كلامه ويعمل به برجل بنى بيته على الصخربعكس الانسان الذى لا يسمع ولا يعمل فيبنى بيته على الرمل { فكل من يسمع اقوالي هذه و يعمل بها اشبهه برجل عاقل بنى بيته على الصخر.فنزل المطر وجاءت الانهار وهبت الرياح ووقعت على ذلك البيت فلم يسقط لانه كان مؤسسا على الصخر.و كل من يسمع اقوالي هذه و لا يعمل بها يشبه برجل جاهل بنى بيته على الرمل.فنزل المطر وجاءت الانهار وهبت الرياح وصدمت ذلك البيت فسقط وكان سقوطه عظيما} مت 24:7-27. فنحن نسمع كلام الله ونعمل ونثمر به ليقودنا الى حياة التوبة والنمو والثبات فى الله { ولكن كونوا عاملين بالكلمة لا سامعين فقط خادعين نفوسكم }(يع 1 : 22) . وعندما يكون لدينا المحبة لله والسعي للعمل بكلمته فان كلام الله يهبنا الحرارة الروحية التي تحرق الخطايا وتلين القلوب القاسية وتحولها الى قلوب روحية تسمع وتعمل بالكلمة وتاتي بثمار كثيرة للملكوت { اليست هكذا كلمتي كنار يقول الرب وكمطرقة تحطم الصخر} أر29:23. ويوصينا القديس الانبا أنطونيوس بان نداوم على قراءة الأسفار المقدسة لتخلصنا من النجاسة وكما يقول القديس اغسطينوس (الكتاب المقدس هو سيف الانتصار على فيض الخلاعه التى اوشكت ان تقضى على الاداب المسيحيه) أما القديس أثناسيوس الرسولي فيوصي ان تكون لنا الحياة الصالحة لنفهم ونعمل بالكتاب المقدس (ان دراسة الكتاب المقدس ومعرفتها معرفة حقيقية تتطلبان حياة صالحة، ونفساً طاهرة وحياة الفضيلة التي بالمسيح. وذلك لكي يستطيع الذهن – باسترشاده بها – أن يصل إلى ما يتمناه وأن يدرك بقدر استطاعه الطبيعة البشرية ما يختص بالله الكلمة). + الكتاب المقدس وهدايتنا وارشادنا ..ان كلمة الله تنير عقولنا { فتح كلامك ينير يعقل الجهال} (مز 119 : 130). نحتاج إلى كلمة الله لتوسيع أذهاننا ومداركنا وتهبنا إستنارة روحية وتعمل علي نمونا الروحى فهى تنير عقلنا وتهبنا الحكمة وتعمل فى أذهاننا كما يعمل النور فى الحجرة المظلمة ، هكذا أيضا كلمة الله تبدأ فى إنارة أذهاننا وكما أن النور يلاشى الظلمة هكذا تلاشى كلمة الله جهلنا وفقرنا الروحى من اجل هذا يقول المرتل {سراج لرجلى كلامك ونور لسبيلى} (مز105:119).وكلام الله أيضا به كنوز وعجائب كثيرة {اكشف عن عينى فأرى عجائب من شريعتك} (مز18:119) واذا نحفظ كلام الله فى قلوبنا فانه يوجه سلوكنا للخير {خبات كلامك في قلبي لكيلا اخطئ اليك }(مز 119 : 11). ان الكتاب المقدس هو الكنز الروحى الذى منه ننهل وبه نعرف سعي الله لخلاصنا ويعلن لنا محبة الله المتجسدة لخلاص جنس البشر . عندما ننهل من الإنجيل نكتشف الكنوز المخبأة لنا فيه {فقال لهم من اجل ذلك كل كاتب متعلم في ملكوت السماوات يشبه رجلا رب بيت يخرج من كنزه جددا وعتقاء }(مت 13 : 52).إن فعل التفتيش هو البحث بإجتهاد. فلنفتش عن الكنوز المخفاة فى كلمة الله إذ لا يسعنا الإستغناء عنها ففى كلمة الله كنوز كثيرة كافية بأن تثرى وتغنى حياتنا كأفراد وكأبناء لله . ان كلمة الله تستطيع ان توجه حياتنا فى الطريق الصحيح فلابد لمن أراد الحصول على لآلىء الحق أن ينقب عنها كما ينقب عامل المنجم عن اللؤلؤ الثمين المخفى فى باطن الأرض ، وعلى قدر سعينا وأجتهادنا يعطى لنا ويذاد . ونحن نتعلم ونتتلمذ على ابائنا القديسين الذين كلمونا بكلمة الله {اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم} (عب 13 : 7). يقول القديس مار اسحق السريانى (ان قراءة الكتاب المقدس تنير العقل و تعلم النفس الحديث مع الله ). اما القديس القديس امبروسيوس فيوصينا بالاصغاء الي صوت الله فى الإنجيل ( نخاطب الرب اذ نصلى و نصغى اليه اذ نقرأ الكتاب المقدس) . التعلم من غيرنا والطبيعة والأحداث .. اننا فى التلمذة المسيحية نستمر فى التلمذة والتعلم حتى النفس الأخير . نتعلم من السيد المسيح ومن الكتاب المقدس ومن كتابات الاباء ومن غيرنا فى مختلف مجالات المعرفة والعلم بافراز وتمييز ، نتعلم من الطبيعة وهذا ما علمه لنا السيد المسيح { انظروا الى طيور السماء انها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع الى مخازن وابوكم السماوي يقوتها الستم انتم بالحري افضل منها. ومن منكم اذا اهتم يقدر ان يزيد على قامته ذراعا واحدة. ولماذا تهتمون باللباس تاملوا زنابق الحقل كيف تنمو لا تتعب ولا تغزل. ولكن اقول لكم انه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها. فان كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم ويطرح غدا في التنور يلبسه الله هكذا افليس بالحري جدا يلبسكم انتم يا قليلي الايمان. فلا تهتموا قائلين ماذا ناكل او ماذا نشرب او ماذا نلبس. فان هذه كلها تطلبها الامم لان اباكم السماوي يعلم انكم تحتاجون الى هذه كلها. لكن اطلبوا اولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم. فلا تهتموا للغد لان الغد يهتم بما لنفسه يكفي اليوم شره} مت 26:6-34. كما دعانا ان نتعلم من التاريخ والأحداث والظروف التى نراها { وكان حاضرا في ذلك الوقت قوم يخبرونه عن الجليليين الذين خلط بيلاطس دمهم بذبائحهم. فاجاب يسوع وقال لهم اتظنون ان هؤلاء الجليليين كانوا خطاة اكثر من كل الجليليين لانهم كابدوا مثل هذا. كلا اقول لكم بل ان لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون .او اولئك الثمانية عشر الذين سقط عليهم البرج في سلوام و قتلهم اتظنون ان هؤلاء كانوا مذنبين اكثر من جميع الناس الساكنين في اورشليم. كلا اقول لكم بل ان لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون} لو1:13-5. القمص أفرايم الأورشليمى
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل