المقالات

18 ديسمبر 2021

فكرة روحية لكل يوم - بشارة الملاك للعذراء

1- بشرى السماء.... فى عالمنا المضطرب، ووسط الضيق والوحدة والمعاناة والغلاء والمرض والصراع، كم نحتاح الي سماع صوت الله المفرح والمطمئن وواهب السلام، وكم تكون البشرى سارة عندما تأتي من السماء وبصوت وظهور رئيس الملائكة الجليل غبريال المبشر، ليعلن لنا خلاص الله وسلامه ورضاه ليهبنا نعمة وبركة. هكذا ظهر ملاك الرب قديما لزوجة منوح وبشرها بميلاد شمشون كمخلص من ظلم الفلسطينين فى ذلك الوقت { فَتَرَاءَى مَلاَكُ الرَّبِّ لِلْمَرْأَةِ وَقَالَ لَهَا: «هَا أَنْتِ عَاقِرٌ لَمْ تَلِدِي, وَلَكِنَّكِ تَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً. وَالآنَ فَاحْذَرِي وَلاَ تَشْرَبِي خَمْراً وَلاَ مُسْكِراً وَلاَ تَأْكُلِي شَيْئاً نَجِساً. فَهَا إِنَّكِ تَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً, وَلاَ يَعْلُ مُوسَى رَأْسَهُ, لأَنَّ الصَّبِيَّ يَكُونُ نَذِيراً لِلَّهِ مِنَ الْبَطْنِ, وَهُوَ يَبْدَأُ يُخَلِّصُ إِسْرَائِيلَ} (قض 3:13-5)هكذا فرحت العذراء مريم ببشارة رئيس الملائكة للقديسة العذراء مريم بالحبل بمخلص العالم كله عندما أعطاها السلام ووهبها أعظم عطية بان يحل الروح القدس عليها وتظللها قوة العلي ويتجسد منها الأبن الكلمة، كما تنبأ أشعيا النبي أن السيد الرب يعطينا نفسه آية { وَلَكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ»} (اش 7 : 14). + نحن أيضا في إيمان ورجاء علينا أن ننتظر خلاص الرب ونطلب أن يفتح الله عيون قلوبنا ونرى ملائكتة الله تحيط بنا وتحفظنا { أَلَيْسَ جَمِيعُهُمْ أَرْوَاحاً خَادِمَةً مُرْسَلَةً لِلْخِدْمَةِ لأَجْلِ الْعَتِيدِينَ أَنْ يَرِثُوا الْخَلاَصَ} (عب 1 : 14). وعلينا أن نصلي بتواضع وتوبة صادقة ونطلب خلاص الله لنا من أيدي أعدائنا ومن أيدي جميع مبغضينا كقول زكريا الكاهن { خَلاَصٍ مِنْ أَعْدَائِنَا وَمِنْ أَيْدِي جَمِيعِ مُبْغِضِينَا. لِيَصْنَعَ رَحْمَةً مَعَ آبَائِنَا وَيَذْكُرَ عَهْدَهُ الْمُقَدَّسَ. الْقَسَمَ الَّذِي حَلَفَ لإِبْرَاهِيمَ أَبِينَا: أَنْ يُعْطِيَنَا إِنَّنَا بِلاَ خَوْفٍ مُنْقَذِينَ مِنْ أَيْدِي أَعْدَائِنَا نَعْبُدُهُ. بِقَدَاسَةٍ وَبِرٍّ قُدَّامَهُ جَمِيعَ أَيَّامِ حَيَاتِنَا.} (لو71:1-75). نطلب تعزية وفرح من الرب الذى هو فرحنا وخلاصنا من طوفان العالم { فَرَحاً أَفْرَحُ بِالرَّبِّ. تَبْتَهِجُ نَفْسِي بِإِلَهِي لأَنَّهُ قَدْ أَلْبَسَنِي ثِيَابَ الْخَلاَصِ. كَسَانِي رِدَاءَ الْبِرِّ مِثْلَ عَرِيسٍ يَتَزَيَّنُ بِعِمَامَةٍ وَمِثْلَ عَرُوسٍ تَتَزَيَّنُ بِحُلِيِّهَا }(اش 61 : 10). 2- التجسد الإلهي من العذراء... ظهر الملاك للقديسة العذراء وأهبا لها السلام ومبشرا أياها بعطية السماء وخلاص الله لجميع الأمم وأقتراب الله الينا بل ليصيرا الكلمة جسدا ويحل بيننا ونرى مجده كمجد أبن وحيد لابيه، أنه سر عظيم قال عنه الكتاب المقدس {وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَسِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ} (1تي 3 : 16). الرب اختار القديسة مريم لتكون أما لله الكلمة المتجسد لأنها كانت مملوءة نعمة، أن أعظم نعمة أن يتحد في بطنها لاهوت المسيح مع ناسوته، إتحاد الإنسان بالله، والجسد بالكلمة. لقد عاشت العذراء وذاقت معية الرب على مستوى فريد، إذ حملت كلمة الله في أحشائها، وقدمت له من جسدها ودمها جسدا مقدسا. وصار الأبن الكلمة أبنا للانسان لكي نصير نحن أبناء لله بالإيمان والتبني. لقد سألت القديسة مريم الملاك { فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟». فَأَجَابَ الْمَلاَكُ: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ فَلِذَلِكَ أَيْضاً الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ.} (لو 34:1-35) أن سؤال العذراء للملاك لا يدل على شك، بل أستفسار وطلب للفهم فهي لا تدري كيف يتم هذا الأمر وهي عذراء ولقد نذرت نفسها لتخدم الهيكل دون زواج. وكانت هذه هي المرة الأولى والأخيرة في التاريخ أن تحبل عذراء بدون زرع بشر. وكانت إجابة الملاك: بقوله أن الروح القدس يحل عليها لتقديسها، روحاً وجسداً، فتتهيأ لعمل الآب الذي يرسل ابنه في أحشائها يتجسد منها. حقاً هذا سر إلهي فائق فيه يعلن الله حبه العجيب للإنسان وتكريمه له لقد أختار الله القديسة مريم العذراء لتكون أما لله الكلمة المتجسد لطهارتها وتواضعها وإيمانها وحياة التسليم التي عاشتها منذ طفولتها. لقد عاشت القديسة مريم حياة الصلاة والتامل فى صمت وهدوء وجمعت بين الخدمة وحياة الصلاة { وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هَذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا }(لو 2 : 19). وعاشت حياة الخدمة فى الهيكل منذ طفولتها ثم كخادمة فى بيت يوسف كما رايناها تخدم وتطلب من الرب في عرس قانا الجليل بل وتوصينا { قَالَتْ أُمُّهُ لِلْخُدَّامِ: «مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ»} (يو 2 : 5) خدمت اليصابات المتقدمة فى الأيام فى أيام حبلها بيوحنا المعمدان ثم كأم لربنا يسوع المسيح، ثم كأم للرسل والعذارى فكانت مثالا وقدوة لكل الخدام والخادمات فى كل جيل { فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ». فَمَضَى مِنْ عِنْدِهَا الْمَلاَكُ.} (لو 38:1). وتم فيها قول داود النبي { إسمعي يا إبنتي وانظري وأميلي سمعك، وأنسى شعبك وكل بيت أبيك، فإن الملك قد اشتهى حسنك، لأنه هو ربك.} (مز 10:45-11) نحن مدعوين للتعلم من حياة القديسة مريم وفضائلها وخدمتها وبالأكثر مدعوين لنذوق ما أطيب الرب ونتحد به كاتحاد الأغصان بالكرمة لنأتي بثمر ويدوم ثمرنا { أَنَا الْكَرْمَةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَأَبِي الْكَرَّامُ. كُلُّ غُصْنٍ فِيَّ لاَ يَأْتِي بِثَمَرٍ يَنْزِعُهُ وَكُلُّ مَا يَأْتِي بِثَمَرٍ يُنَقِّيهِ لِيَأْتِيَ بِثَمَرٍ أَكْثَرَ. أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ. اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ. كَمَا أَنَّ الْغُصْنَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْكَرْمَةِ كَذَلِكَ أَنْتُمْ أَيْضاً إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ.} ( يو 1:15-4) أن الله يريد منا نقاوة القلب لكي نعاينه فى حياتنا ويحل بالإيمان فينا { طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللَّهَ} (مت 5 : 8). ومن يريد أن يحل المسيح بالإيمان فيه، عليه أن يجاهد ليكون في نقاوة وعفة وتواضع وإيمان وفضائل أمنا القديسة مريم العذراء وعلينا أن نقتدي بها ونتعلم منها ونكرمها { لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي }(لو 1 : 48). 3- ليس شئ غير ممكن لدي الله ... لدي البشر هناك أشياء يمكننا أن نفعلها أو نتوقع حدوثها وهناك اشياء تبدو مستحيلة الحدوث لكن الأمر ليس هكذا لدي الله { لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ} (لو 37:1). لكن بالإيمان نستطيع فعل الأشياء الصعبة والمستحيلة كما قال القديس بولس الرسول { أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي }(في 4 : 13). وبالإيمان نتوقع بالصبر خلاص الرب الذى يعمل لاجل خلاصنا ونجاتنا فالله يقدر أن يخلص حتى من قد هلك { لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ}(لو 19 : 10). كل شئ مستطاع لدي الله الذى جعل في البحر طريقا لشعبه قديما والذى نجي الفتية من آتون النار . الله الذى أرسل ملاكه وأباد الالوف من جيش سنحاريب قديما مدافعا عن أورشليم هو أمس واليوم والي الأبد . فثقوا وقفوا وأنظروا خلاص الرب الذى يدافع عنكم وأنتم صامتون هكذا يحدثنا الكتاب المقدس عن رجال الإيمان وكيف عاشوا وأحتملوا ونالوا المواعيد وعلينا أن نجاهد بالإيمان لتظل شعلة الإيمان متقدة فى قلوبنا لنصل الي السماء { الَّذِينَ بِالإِيمَانِ قَهَرُوا مَمَالِكَ، صَنَعُوا بِرّاً، نَالُوا مَوَاعِيدَ، سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ،. أَطْفَأُوا قُوَّةَ النَّارِ، نَجَوْا مِنْ حَدِّ السَّيْفِ، تَقَّوُوا مِنْ ضُعْفٍ، صَارُوا أَشِدَّاءَ فِي الْحَرْبِ، هَزَمُوا جُيُوشَ غُرَبَاءَ،.أَخَذَتْ نِسَاءٌ أَمْوَاتَهُنَّ بِقِيَامَةٍ. وَآخَرُونَ عُذِّبُوا وَلَمْ يَقْبَلُوا النَّجَاةَ لِكَيْ يَنَالُوا قِيَامَةً أَفْضَلَ. وَآخَرُونَ تَجَرَّبُوا فِي هُزُءٍ وَجَلْدٍ، ثُمَّ فِي قُيُودٍ أَيْضاً وَحَبْسٍ. رُجِمُوا، نُشِرُوا، جُرِّبُوا، مَاتُوا قَتْلاً بِالسَّيْفِ، طَافُوا فِي جُلُودِ غَنَمٍ وَجُلُودِ مِعْزَى، مُعْتَازِينَ مَكْرُوبِينَ مُذَلِّينَ،.وَهُمْ لَمْ يَكُنِ الْعَالَمُ مُسْتَحِقّاً لَهُمْ. تَائِهِينَ فِي بَرَارِيَّ وَجِبَالٍ وَمَغَايِرَ وَشُقُوقِ الأَرْضِ.فَهَؤُلاَءِ كُلُّهُمْ، مَشْهُوداً لَهُمْ بِالإِيمَانِ، لَمْ يَنَالُوا الْمَوْعِدَ،. إِذْ سَبَقَ اللهُ فَنَظَرَ لَنَا شَيْئاً أَفْضَلَ، لِكَيْ لاَ يُكْمَلُوا بِدُونِنَا} ( عبر 33:11-40) علينا أذا أن نثق فى محبة الله المعلنة لنا فى المسيح يسوع ربنا ونجاهد بالصبر ناظرين الي رئيس إيماننا ومكمله الرب يسوع كقول القديس بولس لتلميذه تيموثاوس { جَاهِدْ جِهَادَ الإِيمَانِ الْحَسَنَ، وَأَمْسِكْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي الَيْهَا دُعِيتَ أَيْضاً، وَاعْتَرَفْتَ الاِعْتِرَافَ الْحَسَنَ امَامَ شُهُودٍ كَثِيرِينَ }(1تي 6 : 12). وفى إيماننا بالله نتوب عن الخطية ونحيا حياة البر والإيمان ليقدم لنا بسعة الدخول الي ملكوت الله { وَلِهَذَا عَيْنِهِ وَأَنْتُمْ بَاذِلُونَ كُلَّ اجْتِهَادٍ قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ فَضِيلَةً، وَفِي الْفَضِيلَةِ مَعْرِفَةً،. وَفِي الْمَعْرِفَةِ تَعَفُّفاً، وَفِي التَّعَفُّفِ صَبْراً، وَفِي الصَّبْرِ تَقْوَى،.وَفِي التَّقْوَى مَوَدَّةً أَخَوِيَّةً، وَفِي الْمَوَدَّةِ الأَخَوِيَّةِ مَحَبَّةً.لأَنَّ هَذِهِ إِذَا كَانَتْ فِيكُمْ وَكَثُرَتْ، تُصَيِّرُكُمْ لاَ مُتَكَاسِلِينَ وَلاَ غَيْرَ مُثْمِرِينَ لِمَعْرِفَةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. لأَنَّ الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ هَذِهِ هُوَ أَعْمَى قَصِيرُ الْبَصَرِ، قَدْ نَسِيَ تَطْهِيرَ خَطَايَاهُ السَّالِفَةِ. لِذَلِكَ بِالأَكْثَرِ اجْتَهِدُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَجْعَلُوا دَعْوَتَكُمْ وَاخْتِيَارَكُمْ ثَابِتَيْنِ. لأَنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ لَنْ تَزِلُّوا أَبَداً. لأَنَّهُ هَكَذَا يُقَدَّمُ لَكُمْ بِسِعَةٍ دُخُولٌ إِلَى مَلَكُوتِ رَبِّنَا وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الأَبَدِيِّ.} (2بط 5:1-11)، أمين. القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
24 سبتمبر 2021

تأملات فى عيـد الصليـب

الصليب شعار المسيحية وقوتها.. الصليب هو شعار المسيحية وفخرها فهو رمز لمحبة الله الغافرة للبشر {لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللَّهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ.} (يو 16:3-17). وان كانت كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وعثرة فان الإيمان بالصليب والمصلوب عليه هو وسيلة الخلاص وهو يعلن قوة المسيح المصلوب ورحمته ومحبته وفدائه {فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ آللهِ} (1كو 1: 18). الصليب ليس حقيقة من حقائق الماضي لأن تأثيره الفعال يمتد في الحاضر والمستقبل، وطالما يوجد إنسان يعيش على الأرض. لأن الصليب مرتبط بالمصلوب عليه وهو حي في السماء يحمل سمات صليبه ويسكبها علينا كل يوم بل كل لحظة غفرانًا وتطهيرًا وقداسة وبرًا وفداء. وبالصليب رفع الله البشرية من دائرة العصيان إلى الصفح والمصالحة، ومن الرفض إلى القبول والاختيار، ومن العبودية إلى البنوة والحياة الأبدية. الصليب تاريخيا كان وسيلة يعدم عليها كبار المجرمين حتى يظهر للناس مقدار خطيتهم أو خيانتهم. راينا ذلك فى الفكر القديم لدى المصريين عندما صلب عليه فرعون الخباز الخائن، وكان كذلك لدى الفرس عندما صلب عليه هامان الخائن فى قصر الملك. وكان الرومان يصلبوا عليه المتمردين من الأمم ليردعوا البقية حتى لا يقوموا بالثورة عليهم. وفى الثقافة اليهودية كان الصلب لعنة ولقد بين الله محبته لنا بتجسد ابنه يسوع المسيح ليفتدينا من الموت واللعنه ويحمل عقاب خطايانا ويموت عوضا عنا ويهبنا حياة أبدية { المسيح افتدانا من لعنة الناموس اذ صار لعنة لاجلنا لانه مكتوب ملعون كل من علق على خشبة }(غل 3 : 13). الصليب ليس حادثة عرضية فى حياة ربنا يسوع المسيح بل غاية، جاء وتجسد من أجلها، ومنهج شمل حياته كلها جاعلًا من الصليب الكأس المفضلة وطاعته العظمى للآب، وبرهان حبه الأبدي للإنسان، نقض السيد المسيح بالصليب ناموس الخطية وبَّرر الخطاة، وظفر على قوات الظلمة، وقتل العداوة، وجمع تحت لوائه شمل البعيدين والقريبين، كرعية مع القديسين وأهل بيت الله. وصار حمل الصليب من أجل يسوع المسيح المصلوب سعادة وقوة حب ومصدر راحة وسرور وافتخار، وكلما ازدادت الآلام من أجل شهادة يسوع ازدادت رؤية الصليب نورًا وازدادت الحياة قوة وعزاء، وارتفع الصليب من التاريخ لينغرس في أعماق الضمير ويشع لنا من الصليب نور القيامة ومجد المسيح القائم من الموت منتصرا على الشيطان والخطية والموت لنهتف بفرح: (السلام لك ايها الصليب). عيد الصليب المقدس.. عيد الصليب المقدس هو عيد اكتشاف ورفع الصليب المقدس وتحتفل به سائر الكنائس كما تحتفل كنيستنا القبطية فى الأول في 17توت من كل عام الموافق 27سبتمبروذلك تذكار لاكتشاف الصليب المقدس الذى صلب عليه ربنا يسوع المسيح بواسطة الملكة هيلانه أم قسطنطين التى نذرت أن تمضى إلى القدس فأعد ابنها الملك كل شيء لإتمام هذه الزيارة المقدسة. ولما وصلت إلى أورشليم بحثت بتدقيق عن مكان الصليب فأشاروا عليها بتنظيف الجلجثة، فعثرت عليه وذلك في 326م. وبنت هناك كنيسة القيامة وما حولها وأحتفلت مع الاساقفة والكهنة والشعب برفع الصليب فى موضع الجلجثة. والاحتفال الثاني الذي تقيم فيه الكنيسة تذكار الصليب في اليوم العاشر من برمهات، ويرجع تاريخه الي ارجاع الصليب علي يد الإمبراطور هرقل فى628 م. عندما ذهب هيرقل واسترد خشبة الصليب التى اخذها الفرس من اورشليم فى 614م. وأعاد ذخيرة الصليب المقدس ودخل بها الي القسطنطينية التي استقبلت الموكب بأحتفال مهيب بالمصابيح وتراتيل النصر والإبتهاج. بعدها نقل الصليب إلى إورشليم سنة 631م. ويذكر التقليد أنّ الملك هرقل حمل الصليب على كتفه وسار به بحفاوة كبيرة بين الجموع المحتشدة إلى الجلجثة وهناك أحسّ الملك بقوة خفية تصده وتمنعه من دخول المكان فوقف الأسقف زكريا بطريرك أورشليم وقال للإمبراطور: (حذار أيها الملك أن هذه الملابس اللأمعة وما تشير اليه من مجد وعظمة تبعدك عن فقر المسيح يسوع ومذلة الصليب) وفي الحال خلع الملك ملابسه الفاخرة وارتدى ملابس بسيطة وتابع مسيره حافي القدمين حتى الجلجثة حيث رفع عود الصليب المكرم فسجد المؤمنون على الأرض، وهم يرنمون : لصليبك يارب نسجد ولقيامتك المقدسة نمجد. ويذكر أوسابيوس القيصري بأن الملك الروماني قسطنطين الكبير (324ـ 337) رأى علامة الصليب في السماء على مثال نور بهيئة الصليب مع مكتوب تحتها عبارة: (بهذه العلامة تغلب). ولقد شهد علي وجود خشبة الصليب المقدس في أورشليم القديس كيرلس الأورشليمي فى عظة له في سنة 347م. كما ذكرت المورخة ايجيريا الاسبانية في أخبار رحلاتها الى فلسطين بأن تذكار اكتشاف الصليب تعلق بعيد تكريس كنيسته وبأن العيد كان لمدة 7 ايام يجري خلالها تقديم الصليب المقدس لتسجد الناس له اكراماً وتشفعا. الصليب في حياتنا... يدعونا السيد المسيح الى أنكار الذات وحمل الصليب { وقال للجميع ان اراد احد ان ياتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني} (لو 9 : 23).أن نكران الذات يعنى تتميم مشيئة الله فى حياتنا ليكون لسان حالنا {لتكن لا إرادتي بل إرادتك} (لو24: 22). المؤمن يصلب شهواته من أجل الله كشهادة صادقة على تبعيته للمسيح يسوع ربنا ليقوم معه فى جدة الحياة ويقول مع القديس البولس الرسول { مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ} (غل20: 2). لقد مات المسيح عنا لكي نعيش من أجل وكشهود لمحبته { وهو مات لأجل الجميع كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم بل للذي مات لأجلهم وقام} (2كو15: 5). ونحن في الصلاة الربانية نصلي : {لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض} (مت10: 6). فهل نحن نعيش لانفسنا أم من أجل من مات من أجلنا وقام ليقيمنا من موت الخطية ويحيينا حياة أبدية؟ وهل نصنع مشيئة الله في حياتنا؟. حمل الصليب بشكر سواء صليب الخدمة أو المرض او الحاجة أو الاضطهاد أو الصوم والنسك أو الطاعة يدخل بنا الى أفراح القيامة ومسرة الله { ناظرين الى رئيس الايمان ومكمله يسوع الذي من اجل السرور الموضوع امامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي فجلس في يمين عرش الله } (عب 12 : 2) عندما نحمل الصليب يحتضننا المصلوب فننفذ من خلال الصليب إلى أحشاء رأفاته، ونستشعر الآلام واقعة، ولكن ليست علينا بل يتلقاها المسيح عنا، وتحتضن أحشاؤه الحانية نفوسنا الخائرة لتحميها وتطمئنها، فتبدو الصورة في الظاهر أننا نحمل الصليب ولكن الحقيقة في الواقع أن الصليب يحملنا بل المصلوب يحمينا ويحتوينا. ونرى كفة الميزان الخفية التي توازن ثقل الصليب بثقل مجد أبدي، كما رآها القدس بولس الرسول قائلاً: {لان خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبدياً ونحن غير ناظرين إلى الأشياء التي ترى بل إلى التي لا ترى. لأن التي ترى وقتية وأما التي لا ترى فأبدية} (2كو17: 4،18). تحت ظلال الصليب ايها الرب الاله الذى أحبنا وحبه خلاصنا من الموت بقوة التجسد والفداء على الصليب ، نشكرك على محبتك وخلاصك ونؤمن بابوتك وحنانك وفدائك المعلن لنا من خلال سر التجسد العجيب. ونعترف بقوة صليبك المعلنه لخلاصنا فيه وبه .ان كانت كلمة الصليب عثرة للبعض وجهالة للبعض الأخر، يرفضها الجهلاء غير عالمين عظمة المحبة المعلنه فى الصليب اذ يموت البار من أجل خلاص الأثمة معلنا حبه للبشرية يريد إن يحتضنها ويقدمنا قربانا لله ابيه . نعم بالصليب نؤمن وبالمصلوب ننادى وبه نهزم قوى الشر والشيطان والعالم. وبايماننا بالفداء سنصل للقيام من الخطية والضعف والحزن والفشل لنصل الى قوة القيامة . انت يا سيدى تعلن على الصليب تواضعك ومحبتك وفدائك ، تعلمنا كيف يبذل الحب نفسه من أجل أحبائه، وكيف ننتصر على الذات والشهوات والشيطان فاعطانا يا سيد القوة لنقول للمسئيين الينا { يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون } علمنا يارب ان نجاهد ضد الخطية وان نحمل الصليب بشجاعة وفرح لنصل الى ملكوتك السماوى وتستعلن لنا قوة الصليب والفداء. القمص أفرايم الانبا بيشوى
المزيد
14 ديسمبر 2021

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح - 32 حياة القداسة

القداسة وأهميتها فى حياتنا الروحية .. القداسة صفة لله ... الله الهنا قدوس { يا رب من مثلك معتزا في القداسة مخوفا بالتسابيح صانعا عجائب} (خر 15: 11).وفى سفر الرؤيا نرى الغالبين فى السماء يسبحون الله قائلين {من لا يخافك يارب ويمجد إسمك لأنك أنت وحدك قدوس}(رؤ4:15). وهو يدعونا ان نتعلم منه ونقتدى به فنكون قديسين{ فتكونون قديسين لاني انا قدوس} (لا 11 : 45).وقداسة الله تعنى طهارته الكلية وبره وصلاحه وسموه وتنزيهه عن الخطية والشر ، كما تعنى عدم قبوله للخطية وحياة الأثم أوالنجاسة ولان الله عالم بضعف البشر لهذا يدعو الله الانسان الى التوبة والرجوع الى حياة القداسة والنقاوة والطهارة متى اخطأ. وان كان الله محب للبشر فهو قدوس والخطية تفصلنا عنه . لقد خلق الله الإنسان على صورته وشبهه (تك 1: 26) في البر والقداسة على أن آدم فقد قداسته { من اجل ذلك كانما بانسان واحد دخلت الخطية الى العالم وبالخطية الموت وهكذا اجتاز الموت الى جميع الناس اذ اخطا الجميع} (رو 5: 12) فجاء الينا الله الكلمة متجسداً ليردنا الى الفرودس ويهبنا القداسة الى بدونها لن يرى أحد الرب. ان قداسة المؤمن هى مسيرة حياة ننالها خلال الإيمان ووسائط الخلاص لنتبرر بالفداء ونجاهد لنحيا فى القداسة المدعوين اليها من الله { كاولاد الطاعة لا تشاكلوا شهواتكم السابقة في جهالتكم. بل نظير القدوس الذي دعاكم كونوا انتم ايضا قديسين في كل سيرة. لانه مكتوب كونوا قديسين لاني انا قدوس. وان كنتم تدعون ابا الذي يحكم بغير محاباة حسب عمل كل واحد فسيروا زمان غربتكم بخوف. عالمين انكم افتديتم لا باشياء تفنى بفضة او ذهب من سيرتكم الباطلة التي تقلدتموها من الاباء. بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح} 1بط 14:1-19 .ان كمال التوبة للمؤمن هى الوصول الى القداسة ونقاوة القلب ليس فقط بالاقلاع عن الخطية وعدم الرجوع اليها بل بكراهيته لها وعدم تجاوبه مع أغرائتها سواء بالفكر او بالقول أو بالفعل اقتداء بالله القدوس ، فالإنسان البار يحيا حياة باره يحل فيها المسيح القدوس بالإيمان في قلبه. القداسة تخصيص وتكريس لله .. الله القدوس تسبحه الملائكة قائلين { قدوس قدوس قدوس رب الجنود مجده ملء كل الارض} (اش 6 : 3) هذه التسبحة الشاروبيمية نشترك فيها مع الملائكة فى التسبيح والاعتراف بقداسة الله ونعلن انه وحده القدوس وواهب القداسة ومنذ ان تكلم الله الاباء بالانبياء قديما اعلن لنا انه يجب ان نقدس ونخصص ونكرس اناس او أماكن او اشياء له ، فدعا لتقديس الابكار وتخصيصها لله { قدس لي كل بكر كل فاتح رحم من بني اسرائيل من الناس ومن البهائم انه لي }(خر 13 : 2) ودعا لتقديس أماكن للعبادة { قال لا تقترب الى ههنا اخلع حذائك من رجليك لان الموضع الذي انت واقف عليه ارض مقدسة} (خر 3 : 5). { فيصنعون لي مقدسا لاسكن في وسطهم }(خر 25 : 8) كما خصص اياما واعيادا واشياء لعبادته { سبوتي تحفظون ومقدسي تهابون انا الرب} (لا 19 : 30). ودعا اناس ليكونوا مخصصين لخدمته { وتاخذ من الدم الذي على المذبح ومن دهن المسحة وتنضح على هرون وثيابه وعلى بنيه وثياب بنيه معه فيتقدس هو وثيابه وبنوه وثياب بنيه معه} (خر 29 : 21). بل ودعا الى قداسة شعبه كشعب مخصص لله { وانتم تكونون لي مملكة كهنة وامة مقدسة } (خر 19 : 6). ولقد دخل معنا الله فى عهد جديد يقدسنا فيه لا بدم ذبائح حيوانيه بل بدمه الكريم لهذا كان التجسد الإلهى وكرس السيد المسيح ذاته لخلاص جنس البشر{ ولاجلهم اقدس انا ذاتي ليكونوا هم ايضا مقدسين في الحق (يو 17 : 19). لنكرس ونخصص أنفسنا له ابناء وبنات بالايمان ومن قداسته نأخذ ونقتدى وبه ندخل للاقداس السمائية { فاذ لنا ايها الاخوة ثقة بالدخول الى الاقداس بدم يسوع . طريقا كرسه لنا حديثا حيا بالحجاب اي جسده. وكاهن عظيم على بيت الله. لنتقدم بقلب صادق في يقين الايمان مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير ومغتسلة اجسادنا بماء نقي. لنتمسك باقرار الرجاء راسخا لان الذي وعد هو امين. ولنلاحظ بعضنا بعضا للتحريض على المحبة والاعمال الحسنة} عب 19:10-24.والأشياء المقدّسة هي تلك التي لا يجوز لمسها أو الاقتراب منها إلا بمراعاة بعض شروط خاصة بالطهارة. ولمَا كانت مشحونة بديناميكية وبسرية وبجلال، نستطيع أن نستشف منها ما هو فائق الطبيعة، فهي تثير شعوراً مزدوجاً من الرهبة والجاذبية، كما انها تصبح مكرسه للاعمال التى كرست لها فلا يجوز استخدامها فى أمور العالم الدنيوية هكذا الانسان الذى يولد من الماء والروح ويكرس بالميرون المقدس يصبح مكرسا لله وهيكلا لروحه القدوس وعليه ان ينمو فى قداسة الفكر والعواطف والسلوك والاراده . القداسة هى دعوة الله وارادته للمؤمنين .. ان ارادة الله هى قداستنا { لان هذه هي ارادة الله قداستكم } (1تس 4 : 3) وهو يدعونا لكى نكون قديسين لانه بدون القداسة لن ندخل الملكوت السماوى او نعاين الرب { اتبعوا السلام مع الجميع والقداسة التي بدونها لن يرى احد الرب} (عب 12 : 14).ان القداسة فى جوهرها تعنى التوبة والنقاوة والطهارة { طوبى للانقياء القلب لانهم يعاينون الله} (مت 5 : 8). انها الخلو من النجاسة التى تحرم المؤمن من السماء{ فانكم تعلمون هذا ان كل زان او نجس او طماع الذي هو عابد للاوثان ليس له ميراث في ملكوت المسيح والله }(اف 5 : 5). لهذا دعانا السيد المسيح للانفصال والبعد عن ما يعيقنا عن القداسة { فان كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها والقها عنك لانه خير لك ان يهلك احد اعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم. وان كانت يدك اليمنى تعثرك فاقطعها والقها عنك لانه خير لك ان يهلك احد اعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم} مت 29:5-30. ليس المقصود هنا القطع المادى انما الذي يريده الرب من الانسان هو ان يستأصل الإثم او التحريض عليه من اى عضو من اعضائنا استئصال نفسي وعقلي وروحى حتى يكف هذا العضو او ذاك عن اشتهائه لان أثم جزء من الانسان ينجس الانسان كله ويبتعد به عن القداسة لان { كل من يعمل الخطية هو عبد للخطيئة} يو34:8. ان ابتعادنا عن الخطية ومقاومتنا لاغرائتها يحتاج الى الحرص والتصميم والارادة على السير فى طريق القداسة والانتصار على العقبات التى يضعها أبليس واعوانه او شهوات الانسان واهوائه لهذا دعانا السيد المسيح الى الدخول من الباب الضيق لنصل الى الحياة الابدية { ادخلوا من الباب الضيق لانه واسع الباب ورحب الطريق الذي يؤدي الى الهلاك وكثيرون هم الذين يدخلون منه. ما اضيق الباب واكرب الطريق الذي يؤدي الى الحياة وقليلون هم الذين يجدونه} مت 13:7-14 . القداسة ونقاوة القلب والبعد عن شكلية العبادة .. ان القداسة الحقة تنبع من صميم القلب فى تقوى وطاعة ورغبة صادقة لمحبة الله وليس مجرد أفعال أو اقوال او عبادة شكلية من اجل هذا طلب منا الله ان نحبة من كل القلب { فاجاب وقال تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ومن كل فكرك وقريبك مثل نفسك} (لو 10 : 27). { الانسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصلاح والانسان الشرير من كنز قلبه الشرير يخرج الشر فانه من فضلة القلب يتكلم فمه} لو 45:6. وعندما جادل بعض الكتبة والفريسيين السيد المسيح على الاغتسال قبل الأكل كطهارة شكلية أكد لهم أهمية تنقية الانسان الداخلى { الا تفهمون بعد ان كل ما يدخل الفم يمضي الى الجوف و يندفع الى المخرج. واما ما يخرج من الفم فمن القلب يصدر وذاك ينجس الانسان.لان من القلب تخرج افكار شريرة قتل زنى فسق سرقة شهادة زور تجديف.هذه هي التي تنجس الانسان واما الاكل بايد غير مغسولة فلا ينجس الانسان} مت 17:15-20. كما وبخ الكتبة والفريسيين على ريائهم { ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لانكم تنقون خارج الكاس والصحفة وهما من داخل مملوان اختطافا ودعارة. ايها الفريسي الاعمى نق اولا داخل الكاس والصحفة لكي يكون خارجهما ايضا نقيا. ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لانكم تشبهون قبورا مبيضة تظهر من خارج جميلة وهي من داخل مملوءة عظام اموات وكل نجاسة. هكذا انتم ايضا من خارج تظهرون للناس ابرارا ولكنكم من داخل مشحونون رياء واثما} مت 25:23-28. ان نقاوة القلب ومحبة الله لابد ان تترجم فى حياة المؤمن الى سلوك عملى لتنفيذ ارادة الله فى حياتنا { من ثمارهم تعرفونهم هل يجتنون من الشوك عنبا او من الحسك تينا. هكذا كل شجرة جيدة تصنع اثمارا جيدة واما الشجرة الردية فتصنع اثمارا ردية. لا تقدر شجرة جيدة ان تصنع اثمارا ردية ولا شجرة ردية ان تصنع اثمارا جيدة. كل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع وتلقى في النار. فاذا من ثمارهم تعرفونهم. ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات بل الذي يفعل ارادة ابي الذي في السماوات. كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب اليس باسمك تنبانا وباسمك اخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة. فحينئذ اصرح لهم اني لم اعرفكم قط اذهبوا عني يا فاعلي الاثم} مت 16:7-23. فالقداسة هى فكر مقدس وعواطف وارادة قد تقدست بالروح القدوس تجعل المؤمن يسلك فى النور ويشهد له { انتم ملح الارض ولكن ان فسد الملح فبماذا يملح لا يصلح بعد لشيء الا لان يطرح خارجا ويداس من الناس. انتم نور العالم لا يمكن ان تخفى مدينة موضوعة على جبل. ولا يوقدون سراجا ويضعونه تحت المكيال بل على المنارة فيضيء لجميع الذين في البيت. فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا اعمالكم الحسنة ويمجدوا اباكم الذي في السماوات} مت 13:5-16. القداسة فى الكتاب المقدس قداسة الله فى العهد القديم... الله قدوس ويعلن لنا عن قداسته في مختلف اعلاناته وظهوراته حتى في التجارب التي يسمح بها، وفي التأديبات التي ينزلها بشعبه { فقال الرب لموسى وهرون من اجل انكما لم تؤمنا بي حتى تقدساني امام اعين بني اسرائيل لذلك لا تدخلان هذه الجماعة الى الارض التي اعطيتهم اياها}. (عدد 20: 12). كما أن قداسته تظهر أيضاً في الحماية العجيبة لشعبه وإنقاذه في الظروف الميئوس منها (حز 25:28- 26).لقد أعلنت للبشر قداسة الله أولاً خلال التجليات العظيمة على جبل سيناء { فانحدر موسى من الجبل الى الشعب وقدس الشعب وغسلوا ثيابهم. وقال للشعب كونوا مستعدين لليوم الثالث لا تقربوا امراة. وحدث في اليوم الثالث لما كان الصباح انه صارت رعود وبروق وسحاب ثقيل على الجبل وصوت بوق شديد جدا فارتعد كل الشعب الذي في المحلة. واخرج موسى الشعب من المحلة لملاقاة الله فوقفوا في اسفل الجبل. وكان جبل سيناء كله يدخن من اجل ان الرب نزل عليه بالنار وصعد دخانه كدخان الاتون وارتجف كل الجبل جدا. فكان صوت البوق يزداد اشتدادا جدا وموسى يتكلم والله يجيبه بصوت} (خر19: 14- 19)، وقد ظهرت قداسته كقوة مريعة وخفيّة في آنٍ واحد، فهي تستطيع أن تهلك كل من يقترب منها بغير انسحاق واستحقاق وتبارك الذين يطيعون وصايا الله ، وفى الهيكل، تجلى الله لإشعيا النبى كملك ذي جلال لانهائي، وبصفته الخالق الذي يملأ الأرض كلها بمجده، فهو موضع عبادة لا يستطيع أداءها له إلا الملائكة. غير أنهم، هم أيضاً، لا يحوزون على القداسة الكافية التي تمكّنهم من مشاهدة وجهه. (إش6: 1- 5). ومع ذلك هذا الإله البعيد المنال يتجاوز المسافة التي تفصله عن مخلوقاته وينسب نفسه لشعبه فهو " قدّوس إسرائيل " ويغدو لهذا الشعب الذي اتحد معه بالعهد الهاً وفرحاً وقوة وسنداً وخلاصاً، وفداء (إش 10: 20، 17: 7، 41: 14- 20). إذاً فليست القداسة الإلهية عبارة عن انفصال وسموّ فحسب، بل هي تتضمن كلّ ما يملكه الله من غنى وحياة، قدرة وجودة. وهي ليست صفة إلهيّة بين صفات أخرى، بل هي الصفة الأساسية التي تميز الله نفسه، ولذا فاسمه قدوس (مز 33: 21، عا 2: 7، خر3: 14). الاعتراف بقداسة الله ... في غيرته على حقّه المطلق في العبادة وفي الطاعة، يريد الله أن يعترف الناس بقداسته، وأن يعاملوه باعتباره الإله الواحد الحقيقي، فيعلن قداسته الذاتية عن طريق البشر. فهو يحدد بدقة المراسيم الخاصة بالذبائح (لا 1: 7)، وشروط الطهارة الواجبة للعبادة (لا 12: 2- 8)، كما أنه يحتّم ألا يمتهن اسمه القدوس{ لا تنطق باسم الرب الهك باطلا لان الرب لا يبرئ من نطق باسمه باطلا (خر 20 : 7) ، فذلك لأن الاحتفال اللائق بشعائر الطقس يبرز مجده (لا9: 6: 23 ،1مل 8: 10- 12)ويعلن جلاله. ولكن لا قيمة لهذه العبادة، ما لم تعبر عن الطاعة نحو الله (لا 22: 31- 33)، ونابعة عن الإيمان العميق (تث 20: 12)، والتسبيح والعلاقة الشخصية بالله القدوس (مز 99: 3- 9). وإذ يفرض الله قواعد طقسيّة يظهر فيها قداسته، فقد اختصّ لنفسه ببعض الأماكن (أرض مقدّسة ،معابد، هيكل)، والأشخاص (كهنة، لاويين، أبكار، نذيرين، أنبياء )، والأشياء (تقدمات، ثياب وأشياء خاصة بالعبادة)، والأزمنة (سبوت، سنون يوبيلية) تكرّس له بواسطة مراسيم دقيقة (تقدمات، ذبائح، تدشينات، مسحة، ورش بالدم)، وتكون بالتالي محرّمة على الاستعمال العادي. فتابوت العهد مثلاً يجب ألا يشخص إليه اللاويون (عد 4: 19 و20)، ويجب ألا ينجّس السبت (حز 20: 12- 24)، ومسلك الكهنة خاضع لشرائع خاصة، أكثر تشدّداً من الشرائع العامة (لا 21). كلّ هذه الأشياء مقدّسة ولكن تندرج قداستها، بمقدار علاقتها بالله. وتختلف طبيعة قداسة هؤلاء الأشخاص وهذه الأشياء المكرّسة عن قداسة الله. بعكس الحال في النجاسة التي قد تنتقل عن طريق العدوى (لا 11: 31، 15: 4-27). لا تكتسب القداسة تلقائياً بمجرد الاتصال بالقداسة الإلهية بل هي تحدث باختيار حر من قبل الله وقبول الانسان الحر والمسئول، بحسب شريعته، وبموجب المراسيم التي يحدّدها. وتفسر المراسيم الطقسية بطريقتها الخاصة عن المسافة اللانهائية الفاصلة بين قداسة هذه المخلوقات وبين القداسة الإلهّية (أي 15: 15). فالكاهن الأعظم مثلاً لا يحقّ له أن يدخل قدس الأقداس إلا مرة في السنة، وبعد القيام بعدّة أعمال تطهيرية دقيقة (لا 16: 1- 16).يجب إذاً أن يميّز بين القداسة الحق، وهي خاصة بالله، وبين الطابع القدسي الذي يناله من يكرس له من اشخاص أو اشياء . القداسة فى العهد الجديد ... يعلن لنا الانجيل عن قداسة الله الواحد المثلث الاقانيم، الاب القدوس{ ولست انا بعد في العالم واما هؤلاء فهم في العالم وانا اتي اليك ايها الاب القدوس احفظهم في اسمك الذين اعطيتني ليكونوا واحدا كما نحن} (يو 17 : 11) والابن الكلمة المتجسد { هذا يقوله القدوس الحق الذي له مفتاح داود الذي يفتح ولا احد يغلق ويغلق ولا احد يفتح} (رؤ 3 : 7). { بل نظير القدوس الذي دعاكم كونوا انتم ايضا قديسين في كل سيرة} (1بط 1 : 15) { فاجاب الملاك وقال لها الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك ايضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله} (لو 1 : 35). والروح القدس { لا تطرحني من قدام وجهك وروحك القدوس لا تنزعه مني} (مز 51 : 11). { ولا تحزنوا روح الله القدوس الذي به ختمتم ليوم الفداء} (اف 4 : 30). ان القداسة صفة لله لهذا نصلى قائلين أيها الثالوث القدوس أرحمنا . فان الله كائن وقدوس منذ الازل وهو كلى الحكمة وهو حي بروحه { فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس} (مت 28 : 19). { فان الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة الاب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد} (1يو 5 : 7). ان المعجزات التي قام بها السيد المسيح والتعاليم التي ببشر بها هي تشير إلى قداسته وليس فقط قدرة داعية للإعجاب فأمامه يشعر الإنسان أنه خاطئ . وهو القدوس الذى كرس حياة وخدمته فى تجسده ليقدسنا ويجعلنا ابناء للآب السماوى واذا وجد فى الهئية كانسان وضع ذاته واطاع حتى الموت مع أنه هو ملك الحياة، هو القداسة بالذات (أع 3: 14- 15). وإذ قام من بين الأموات بحسب روح القداسة، فانه ليس من هذا العالم (يو17: 11).فهو الجالس عن يمين الله (مر16: 19) وهو "القدوس ". كونه العقل الإلهى أو الله الظاهر فى الجسد {عظيم هو سر التقوى الله ظهر فى الجسد} (1تي 3 : 16). إنه واحد فى الجوهر الالهى مع الآب القدوس (يو17: 11) بنفس القدرة الروحية وبنفس الإعلانات الممجدة، وبنفس العمق السري فقداسته تدفعه إلى أن يحب خاصته لدرجة أنه يجعلنا نكون معه فى مجده ويبذل حياته من أجلنا هكذا يعلن لنا قداسته مكرسا ذاته لتقديسنا .لقد تمثّلت الكنيسة، منذ عهدها الرسولي، تعاليم السيد المسيح . فالله هو القدير المتسامي وديَان اليوم الأخير (رؤ 4: 8) اسمه قدوس (لو1: 49) وكذلك عهده مقدس (لو 1: 72) وقديسون أيضاً هم الملائكة (مر1: 38)، والأنبياء والكتبة الملهمون (لو 1: 70، مر 6: 20، رو1: 2). وأيضاً مقدس هو بيته وأورشليم السماوية(1 كو 3: 17، رؤ 21: 2). و.كما أن الرب قدوس، فأولئك الذين اختارهم { يجب أن يكونوا قديسين} (1 بطر 1: 15- 16). يجب أن تتجلى قداسته فى حياتنا ونحن نصلى كل وقت ونقول "ليتقدس أسمك ". قداسة شعب الله ... السيد المسيح ودورة فى تقديس شعبه ...على خلاف ذبائح وعبادة العهد القديم التي لم تكن لتطهَر الشعب إلا تطهيراً خارجياً (عبر 9: 11- 14، 10: 10)، فإن ذبيحة السيد المسيح على الصليب فى فاعليتها تقدس المؤمنين الى التمام وتبررهم بالإيمان ليصيروا ابناء الله المقدسين ويعملوا أعمال تليق بابناء الله { وهو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم ايضا} (1يو 2 : 2) { قدسهم في حقك كلامك هو حق} (يو 17 : 17) ان الرب يسوع المسيح يقدسنا لأن القداسة التي يمنحها للمؤمنين ليست "خارجية " بالنسبة لنا بل تدخل الى اعماق كياننا . ان المسيح القدوس هو فينا (يو14 : 23 ) ونحن في المسيح. فيشترك المسيحيون في حياة المسيح القائم من بين الأموات بالإيمان والمعمودية التي تمنحنا مغفرة للخطايا والمسحة المقدسة التى تقدس المؤمن {واما انتم فلكم مسحة من القدوس وتعلمون كل شيء} (1يو 2 : 20) ثم تجددهم بالتوبة والاعتراف { ان اعترفنا بخطايانا فهو امين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل اثم} (1يو 1 : 9) . ان الروح القدس يقوم بتقديس المؤمن وبحلول الروح القدس يصبح المؤمن هيكل مقدسا للروح القدس{ اما تعلمون انكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم} (1كو 3 : 16) وكما أن جميع الذين ينقادون إلى روح الله يكونون حقاً أبناء الله { لان كل الذين ينقادون بروح الله فاولئك هم ابناء الله . اذ لم تاخذوا روح العبودية ايضا للخوف بل اخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا ابا الاب. الروح نفسه ايضا يشهد لارواحنا اننا اولاد الله. فان كنا اولادا فاننا ورثة ايضا ورثة الله ووارثون مع المسيح ان كنا نتالم معه لكي نتمجد ايضا معه} (رو8: 14- 17) . ان القداس الإلهى نسمية قداس القديسين وفى التناول نصلى ونقول القدسات للقديسين هذا يدعونا للسلوك بكل مخافة لله وقداسة لكى نستحق التناول من الاسرار المقدسة . القداسة ضرورة عطية السيد المسيح للمؤمنين .. ان كان لابد أن نكون قديسين حتى نتمكن من الوجود مع فى ملكوت السموات ، واذ كان ذلك صعب على المؤمن فان السيد المسيح أخذ طبيعتنا وجعلها واحد مع لاهوته بغير أمتزاج أو أختلاط أو تغير والانسان المسيحى الذى يحب المسيح ياخذ الروح القدس مما للمسيح ويعطيه قدسة وحكمة ومحبة وسلام وتعزيه وصبر وكل ثمار الروح القدس التى تعين المؤمن على خلاص نفسه. ان ذلك يحمل محبة الله العميقة للنفس البشرية التى تعرت من الخطية فجاء الله ليدخل معها فى عهد مقدس ويسترها بدمه ويلبسها قداسته {لان كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح }(غل 3 : 27) لقد صرنا قديسين عندما لابسنا المسيح فى المعمودية ، وعلى هذا الاساس يقول الله كونوا قديسين ليس كأننا سوف نصنع القداسة فى نفوسنا نتيجة أعمال معينة ولكن نحن فعلاً صرنا قديسين بسبب أتحاد أبن الله القدوس بطبيعتنا ولم يعد أمامنا ألا أن نسلك فى هذه القداسة ونختبرها فى داخلنا كل يوم ونتمتع بها فنمجد الله القدوس فى قلوبنا وافكارنا وسلوكنا. ولا نشترك فى نجاسات العالم ونمجد الله القدوس باعمالنا الذى جعلنا قديسين فى أبنه يسوع المسيح . فهو أختارنا فيه قبل تأسيس العالم لنكون فيه قديسين وبلا لوم فى المحبة {كما أختارنا فيه فيه قبل تأسيس العالم ، لنكون قديسين وبلا لوم فى المحبة} (أف 1: 4).لقد لبسنا الانسان الجديد ولابد ان نتجدد يوماً فيوم فى العشرة مع الله وننمو الى قياس ملء قامة المسيح{ ولبستم الجديد الذي يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقه} (كو 3 : 10) لقد دُعى المؤمنين قديسين وشعباً مقدساً .. { يقيم الرب لنفسه شعباً مقدساً } تث 9:28. ويدعوهم العهد الجديد {امة مقدسة} 1بط9:2. وقد أطلق في البدء على المؤمنين الأول في أورشليم وخاصة على المجموعة الصغيرة التي حل عليها الروح القدس يوم العنصرة لقب قديسين (أع 9: 13، 1 كور 16: 1، أفس 3: 5)، ثم أخذ استعماله يمتد ليشمل الأخوة الذين في الارضى المقدسة (أع 9: 31-41)، ثمَ جميع المؤمنين فى كل أمة ومكان (رو 16: 2، 2 كو 1: 1، 13: 12). ان ذلك يعنى قطع الصلة بالخطيئة والتصرّفات الوثنية (1 تس 4: 3). فيجب أن يسلكوا بالقداسة الآتية من الله. ويعتبر مطلب الحياة المقدّسة هذا أساس التراث النسكي المسيحي كله وهذا يستند إلى أن المسيحي قد كرس بالروح القدس لله ودُعى عليه اسم المسيح القدوس، فيجب عليه أن يشاركه في آلامه ويتمثّل به في موته فيبلغ منه القيامة من بين الأموات (في 3: 10- 14). الحياة المقدسة فى الرب .. ان القداسة ليس لقب بل هى حياة مقدسة { كاولاد الطاعة لا تشاكلوا شهواتكم السابقة في جهالتكم. بل نظير القدوس الذي دعاكم كونوا انتم ايضا قديسين في كل سيرة. لانه مكتوب كونوا قديسين لاني انا قدوس. وان كنتم تدعون ابا الذي يحكم بغير محاباة حسب عمل كل واحد فسيروا زمان غربتكم بخوف. عالمين انكم افتديتم لا باشياء تفنى بفضة او ذهب من سيرتكم الباطلة التي تقلدتموها من الاباء. بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح} 1بط 14:1-19. يجب ان نكمل القداسة فى خوف الله (2كو1:7). ان قداسة الانسان هي دخوله الى عالم الله ، نتيجة لدخول الله الى عالم الانسان . انها الاتحاد بالله قبل يكون مصدر افعال ادبية . انها حياتنا المتحدة بحياة الله على صعيد معرفتنا لله ولنفسنا وللآخرين وعلى صعيد حبنا واعمالنا تجاه الله والناس. انها تتضمن اذاَ بصورة جوهرية معرفة الله والصلاة والشوق اليه بصفته القدوس المتعالي القريب والألفة البنوية مع الاب . انها علاقة شخصية مباشرة بالله وليس فقط مصدر افعال ادبية خارجية. ليست قداسة الانسان مكتسبة بجهد بشرى رغم أهمية الجهاد القانونى فى الحياة الروحية بل انها تعطي كهبة من الله ويقويها الجهاد القانونى للانسان التائق الى الكمال الروحى . وهو ثمرة سكنى الروح القدس في القلوب (غل 4:6 ، 1كو3:16 ) بحيث ان قداسة الانسان لاتتعلق بهذا الجهد (او بنتائج هذا الجهد ) بصورة مباشرة او مناسبة طرداً .وان كان السعي الى الكمال المسيحي ضروريا . ومن ناحية اخرى وبما ان قداسة الله هي سمو ومحبة على حد سواء فان ممارسة المحبة تلعب دوراً مركزياً في قداسة الانسان العملية . اي مكافحة الانانية والتمركز على الذات ، لاجل محبة صافية اكثر فأكثر . القداسة تتطلب منا الانقياد بروح الله القدوس والثبات فى كلمة الله والعمل بها { قدسهم في حقك كلامك هو حق} (يو 17 : 17) كلمة الله حية وفاعلة وقادرة ان تقودنا للخلاص {وانك منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة ان تحكمك للخلاص بالايمان الذي في المسيح يسوع} (2تي 3 : 15). ان المسيحية ليس قيم روحية بل هى ثبات فى نبع الفضيلة والبر والقداسة { انا الكرمة الحقيقية وابي الكرام. كل غصن في لا ياتي بثمر ينزعه و كل ما ياتي بثمر ينقيه لياتي بثمراكثر. انتم الان انقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به. اثبتوا في وانا فيكم كما ان الغصن لا يقدر ان ياتي بثمر من ذاته ان لم يثبت في الكرمة كذلك انتم ايضا ان لم تثبتوا في. انا الكرمة وانتم الاغصان الذي يثبت في وانا فيه هذا ياتي بثمر كثير لانكم بدوني لا تقدرون ان تفعلوا شيئا.ان كان احد لا يثبت في يطرح خارجا كالغصن فيجف ويجمعونه و يطرحونه في النار فيحترق} يو 1:15-6. يجب علينا ان نعيش حياة مقدسة بثباتنا فى المسيح يسوع ربنا حتى نحيا معه فى الحياة الابدية التى لا يكون فيها سوى الله القدوس مع القديسون من الملائكة والبشر. فان القداسة، للمؤمن تبقى في الواقع في دور كفاح ضد الخطيئة. فلم يأت بعد الزمن حيث القديسون سيدينون العالم (1 كو6: 2 -3). وإنما يجب علينا أن ننموا في القداسة استعداداً لمجي الرب (1 تس 3: 13، أع 22: 11). ففي ذلك اليوم، سوف تظهر أورشليم الجديدة، { المدينة المقدسة }(رؤ 21: 2) ويتمجَّد الرب يسوع في قديسيه (2 تس 1: 10، 2: 14). القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
09 نوفمبر 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (15) الوداعة

مفهوم الوداعة وعلاماتها + الوداعة هي والهدوء والوقار واللطف والبعد عن العنف.. الوداعة هى دماثة فى الأخلاق والوقار والسكينة والحلم . الوداعة تعنى الاتزان فى التفكير والقول والعمل والالتزام بالهدوء فى مختلف الظروف العامة ومواجهة المشكلات بروح الحلم والبساطة والوقار والاخلاق . ان الوداعة هى اقتداء بالسيد المسيح الذى تميز بالوداعة والتواضع والوقار ودعانا ان نتعلم منه { احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لاني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم }(مت 11 : 29).الوداعة هي بعد عنالغضب او الكراهية تشبها بالمسيح الذي لا يخاصم ولا يصيح ولايسمع أحد في الشوارع صوته. +الوداعة ثمرة من ثمار الروح القدس .. الروح القدس هو روح الوداعة والحكمة والقداسة ومن ثمارة الوداعة بعكس السلوك حسب شهوات الجسد { واعمال الجسد ظاهرة التي هي زنى عهارة نجاسة دعارة.عبادة الاوثان سحر عداوة خصام غيرة سخط تحزب شقاق بدعة. حسد قتل سكر بطر وامثال هذه التي اسبق فاقول لكم عنها كما سبقت فقلت ايضا ان الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله.واما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول اناة لطف صلاح ايمان.وداعة تعفف} غلا 19:5-23 . عندما نحيا فى مخافة الله ومحبته ونسعى باجتهاد وصلاة ليعمل فينا فاننا نقتنى هذه الثمرة الطيبة التى بها بها نسمو ونربح من حولنا بالمحبة واللطف والهدوء. ومن خلال الوداعة والمسامحة يستطيع كل من يتعامل مع الإنسان أن يكتشف انه مسيحي، ليس بالاسم بل بالواقع العملي، لان المسيحية ليست ديانة تكتب في هوية الأحوال المدنية بل هي حياة يعيشها المؤمن الحقيقي، متسربلا بثوب العفة والطهارة واحتمال الآخرين .الوداعة هي سلاح قوي قادر أن يدخل القلوب ويغيرها لتكون رقيقة وممتزوجة بالطيبة أن الوداعة قوة خارقة قادرة أن تجعل من المرء حليما وحكيما، مع رؤسائه ومرؤوسيه . لا يتذمر ولا يقاوح اويجادل ولا يتذمر ولا يصاب بالكأبة أويواجه حتى الاساءة بالاساءة بل بالاحسان { لا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير} (رو 12 : 21). + القساوة والكبرياء ونتائجهم السلبية.. اننا عندما ننظر حولنا ونرى النتائج المرة لقساوة القلب والغضب والعجرفة والكبرياء ندرك أهمية الوداعة . العنف لا يولد الا العنف ونحن لا نستطيع ان نطفئ نيران الكراهية بالكراهية بل بالحكمة والوداعة واحتمال نقائص الآخرين .ان القساوة تصنع مرضي نفسيين حاقدين على من حولهم مما يقود الى العنف وتفشى الجريمة وتبعد المحبة والسلام عن بيوتنا ومجتمعاتنا، والغضب ينتج عنه الخصام وعدم التفاهم والكراهية والكبرياء تولد الخصومات والنزاعات والحروب. اننا قد صرنا نعانى من مجتمع تسود فيه ثقافة العنف الذى يفتقد فيه الانسان الى الأمن والامان وتسودة شريعة الغاب والبقاء للاقوي باللسان او الذراع او السلاح اننا ان لم نواجه كحكماء هذه الظواهر المرضية بقوة الأخلاق والقانون والرفض الاجتماعى للعنف والكراهية والبلطجة سنجد انفسنا قد اصبحنا مجتمع بدائي متخلف ينحدر من هوة الى أخرى دون توقف اوعلاج . + الوداعة وترويض النفس والمكأفاة فى الارض والسماء .. لقد طوب السيد المسيح الوداعة { طوبى للودعاء لانهم يرثون الارض} (مت 5 : 5) الكلمة اليونانيّة هنا المترجمة (ودعاء) إنّما تستخدم لوصف الحيوانات المستأنسة، وكأن السيّد يطوّب طبيعتنا التي كانت قبلاً شرسة، وقد خضعت لله مروّضها، فتحوّلت إلى ألفة وحسن عشرة فى علاقتها مع الذات والغير والله بعدما كانت عنيفة صارت مروضة ، قد رُوِّضت غرائزها ودوافعها. أمّا المكافأة فهي أن ترث الأرض فبعدما كان شرسًا ومقاومًا للروح صارحتى الجسد الترابى خادمًا للروح ملتهبًا بنار الروح القدس.ولئلا تُفهم الوداعة كحياة خنوع أو ضعف قدّم السيّد نفسه مثالاً للوداعة، بقوله: {تعلّموا منّي لأني وديع ومتواضع القلب}، ليس لأنه كان محتاجًا إلى ترويض، بل بوداعته الطبيعيّة غير المكتسبة يُروِّضنا. يهبنا حياته فينا فتحمل وداعته داخلنا. العالم يظن أن الشخص الوديع يفقد الكثير بسبب خبث الأشرار ومكائدهم، لهذا أكّد السيّد أن المكافأة هي (ميراث الأرض). وكما يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: أن الأرض هنا تُفهم بالمعنى الحرفي، بينما يظن أن الوديع يفقد ماله، يعد المسيح عكس ذلك، إنه لا يحثّنا بالبركات العتيدة فحسب بل وبالبركات الحاضرة أيضًا. لكن ما يقوله لا يعني أنه يحدّد المكافأة في الأمور الحاضرة، وإنما يربطها بالعطايا الأخرى أيضًا. ففي حديثه عن الأمور الروحيّة لا يستبعد الأمور الخاصة بالحياة الزمنيّة. + الوداعة لا تعنى الخمول او عدم الشجاعة .. أن البعض قد يفهم الوداعة فهما خاطئاً وكأن الوديع يبقى بلا شخصية ولا فاعلية، وكأنه جثة هامدة خاملة لا تتحرك . ان هذا فهم خاطئ للوداعة يتنافى مع تعليم الكتاب ومع سير الانبياء والاباء وكما يقول قداسة البابا شنوده الثالث( الحقيقة ان الوداعة لا تتعارض مع الشهامة والشجاعة والنخوة والحزم. الوديع يعرف ان { لكل شيء زمان و لكل امر تحت السماوات وقت} جا1:3. المهم ان يعرف الوديع كيف يتصرف ومتى ؟). يجب ان نعرف اذاً متى نكون طيبين ولطفاء فى حكمة وعندما يدعو الموقف الى الشهامة والشجاعة والحزم والشهادة للحق لابد ان نكون شجعان فى شهامة وكرم . ان امتناعنا عن التحرك للدفاع عن المظلوم والايتام والضعفاء ليس وداعة بل ضعف فى الشخصية ورخاوة فى الطبع ولا مبالاة نحو من حولنا . الاخلاق الكريمة والروحانية الحقة لا تعني التمسك بفضيلة دون الاخري بل تعنى التكامل والحكمة بين الفضائل . ففضيلة الوداعة لا يجوز لها أن تعطل الفضائل الاخرى. ابراهيم ابو الاباء كمثال .. تميز بالوداعة وطيبة القلب ومعها الشجاعة والشهامة .. رايناه وديع، طيبا مع الجميع ومع لوط ابن اخاه وكان هو العم الاكبر الذى اتى بلوط معه من اور العراق وكان يدعوه اخاه وعندما تخاصم رعاة لوط مع رعاة ابراهيم تكلم فى وداعة مع لوط لحل المشكلة بل جعل لوط يختار الافضل من الارض لانه كان عف النفس طيب القلب {ولوط السائر مع ابرام كان له ايضا غنم وبقر وخيام. ولم تحتملهما الارض ان يسكنا معا اذ كانت املاكهما كثيرة فلم يقدرا ان يسكنا معا. فحدثت مخاصمة بين رعاة مواشي ابرام ورعاة مواشي لوط وكان الكنعانيون والفرزيون حينئذ ساكنين في الارض.فقال ابرام للوط لا تكن مخاصمة بيني وبينك وبين رعاتي ورعاتك لاننا نحن اخوان.اليست كل الارض امامك اعتزل عني ان ذهبت شمالا فانا يمينا وان يمينا فانا شمالا } تك5:13-9. ولكن عندما قام جيش من شمال البلاد بالاغارة على سدوم وسبوا لوط ابن اخاه واسرته وذهبوا رايناه شجاعا شهما { فاتى من نجا واخبر ابرام العبراني وكان ساكنا عند بلوطات ممرا الاموري اخي اشكول واخي عانر وكانوا اصحاب عهد مع ابرام. فلما سمع ابرام ان اخاه سبي جر غلمانه المتمرنين ولدان بيته ثلاث مئة وثمانية عشر وتبعهم الى دان. وانقسم عليهم ليلا هو وعبيده فكسرهم وتبعهم الى حوبة التي عن شمال دمشق.واسترجع كل الاملاك واسترجع لوطا اخاه ايضا واملاكه والنساء ايضا والشعب} تك 13:14-17. ان الرب عاقب عالى رئيس الكهنة قديماً لانه لم يكن حازما مع اولاده عندما سمع بخطاياهم البشعة ولم يردعهم {فقال صموئيل تكلم لان عبدك سامع. فقال الرب لصموئيل هوذا انا فاعل امرا في اسرائيل كل من سمع به تطن اذناه. في ذلك اليوم اقيم على عالي كل ما تكلمت به على بيته ابتدئ واكمل. وقد اخبرته باني اقضي على بيته الى الابد من اجل الشر الذي يعلم ان بنيه قد اوجبوا به اللعنة على انفسهم ولم يردعهم. ولذلك اقسمت لبيت عالي انه لا يكفر عن شر بيت عالي بذبيحة او بتقدمة الى الابد} 1صم 10:3-14. + الوداعة وفن التعامل مع الآخرين.. الوداعة تجعل الإنسان ناجحا فى علاقاته مع الآخرين ومحبوباً منهم فهو لا يميل الى العنف او الانتقاد بل يحترم الاخرين ويقدرهم ولا يقيم نفسه قاضيا على الغير او يتدخل فيما لا يعنيه وان طلبوا تدخله يُصلح الامور بهدوء ورقة دون ان يجرح مشاعر الغير. يجعل الاخرين يحترمون رأيه دون ان يفرضه عليهم ولا يغضب على الاخرين حتى لو صدرت منهم الفاظ جارحه بل يعالج الامور بحكمة . الشخص الوديع تراه باشا باسما، لا يعبس فى وجه الاخرين ويعلم ان وجهه ليس ملكه فهو لايراه الا فى المرآة لذلك تراه يرحب بابتسامة صادقة بالغير . واذ يعلم ان الكلام اللين يصرف الغضب والكلام الموجع يهيج السخط ، فانه يقدم كلاما طيباً للخير من قلب محب للاخوة . الوديع يعرف ان القساوة والغضب ضعف وليس قوة فيعمل بالوداعة على ارضاء الغير {فيجب علينا نحن الاقوياء ان نحتمل اضعاف الضعفاء ولا نرضي انفسنا. فليرض كل واحد منا قريبه للخير لاجل البنيان. لان المسيح ايضا لم يرض نفسه بل كما هو مكتوب تعييرات معيريك وقعت علي. لان كل ما سبق فكتب كتب لاجل تعليمنا حتى بالصبر والتعزية بما في الكتب يكون لنا رجاء. وليعطكم اله الصبر والتعزية ان تهتموا اهتماما واحدا فيما بينكم بحسب المسيح يسوع} رو 1:15-5. + صفات الشخص الوديع.. الشخص الوديع يتصف بالبشاشة والمحبة والهدوء فى الملامح والمشى والتصرفات والصمت الحكيم والتواضع امام الله والناس . يثق فى ثقة ببساطة فى وعود الله وانه صانع الخيرات الرحوم والقادر يخرجه من كل ضيقة وهو مسالم وهادئ متزن فى حله للمشكلات ومواجهته للتجارب والضيقات وفى تعامله مع الآخرين يتميز باللطف ودماثة الخلق ويتحمل ضعفات الضعفاء فى حكمة ودون ضجر اوتذمر ويتميز بسهولة التعامل معه بعكس الانسان القاسي او المتكبروالملتوي الخبيث .الوديع شخص قوى شجاع يضبط نفسه وانفعالته واقواله وتصرفاته حتى وسط الجو العاصف والخصام . الوداعة اذا فضيله حلوة نحتاج اليها فى حياتنا الشخصية والاسرية وفى مواجهة التحديات التى تواجهنا لنتجاوزها فى وداعة وحكمة وبساطه القديسين . وداعة السيد المسيح وتعاليمه المقدسة + تكلمت النبؤات فى العهد القديم عن المسيح الوديع.. ومجئيه الى العالم وديع وهادى لكنه لا يكل او ينكسر حتى يضع الحق فى الارض {وضعت روحي عليه فيخرج الحق للامم.لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع في الشارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة خامدة لا يطفئ الى الامان يخرج الحق.لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الارض وتنتظر الجزائر شريعته} اش 1:42-4. لقد راي زكريا النبى دخوله الى اورشليم فى وداعة وتواضع {ابتهجي جدا يا ابنة صهيون اهتفي يا بنت اورشليم هوذا ملكك ياتي اليك هو عادل ومنصور وديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن اتانْ} (زك 9 : 9). وبهذه الوداعة { روح السيد الرب علي لان الرب مسحني لابشر المساكين ارسلني لاعصب منكسري القلب لانادي للمسبيين بالعتق وللماسورين بالاطلاق.لانادي بسنة مقبولة للرب وبيوم انتقام لالهنا لاعزي كل النائحين.لاجعل لنائحي صهيون لاعطيهم جمالا عوضا عن الرماد ودهن فرح عوضا عن النوح ورداء تسبيح عوضا عن الروح اليائسة فيدعون اشجار البر غرس الرب للتمجيد} اش 1:61-3. لهذا راينا السيد المسيح في بدء خدمته دخل الى مجمع الناصرة وقال لهم اليوم تم هذا المكتوب على مسامعكم {وجاء الى الناصرة حيث كان قد تربى ودخل المجمع حسب عادته يوم السبت وقام ليقرا. فدفع اليه سفر اشعياء النبي ولما فتح السفر وجد الموضع الذي كان مكتوبا فيه.روح الرب علي لانه مسحني لابشر المساكين ارسلني لاشفي المنكسري القلوب لانادي للماسورين بالاطلاق وللعمي بالبصر وارسل المنسحقين في الحرية. واكرز بسنة الرب المقبولة. ثم طوى السفر وسلمه الى الخادم وجلس وجميع الذين في المجمع كانت عيونهم شاخصة اليه.فابتدا يقول لهم انه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم. وكان الجميع يشهدون له ويتعجبون من كلمات النعمة الخارجة من فمه} لو 16:4-22. + بالوداعة عمل وعلم .. كان يجول فى المدن والقرى وبين الحقول وفى الطرقات وفى المجامع والهيكل ، يعلم ويشفى كل مرض وضعف فى الشعب ويمحو الذنب بالتعليم ويشبع الجموع ويشفق على الجموع وعلى كل رجل وامراة وطفل {و لما راى الجموع تحنن عليهم اذ كانوا منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لها }(مت 9 : 36). وعندما بدء العظة على الجبل رايناه يطوب الودعاء والمساكين والمضطهدين {ولما راى الجموع صعد الى الجبل فلما جلس تقدم اليه تلاميذه . ففتح فاه وعلمهم قائلا. طوبى للمساكين بالروح لان لهم ملكوت السماوات. طوبى للحزانى لانهم يتعزون. طوبى للودعاء لانهم يرثون الارض. طوبى للجياع والعطاش الى البر لانهم يشبعون. طوبى للرحماء لانهم يرحمون. طوبى للانقياء القلب لانهم يعاينون الله. طوبى لصانعي السلام لانهم ابناء الله يدعون. طوبى للمطرودين من اجل البر لان لهم ملكوت السماوات. طوبى لكم اذا عيروكم و طردوكم و قالوا عليكم كل كلمة شريرة من اجلي كاذبين.افرحوا وتهللوا لان اجركم عظيم في السماوات فانهم هكذا طردوا الانبياء الذين قبلكم} مت 1:5-12. دعانا الى تعلم الوداعة والتواضع منه فنستريح {تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم.احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لاني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم.لان نيري هين وحملي خفيف} مت 28:11-30. + وداعته فى التعامل مع الاطفال.. كان وديعا مع الأطفال محباً لهم يريد ان يشجعهم وينميهم ويجعلهم مثالاً لنا فى التواضع والوداعة والبساطة {فقدموا اليه الاطفال ايضا ليلمسهم فلما راهم التلاميذ انتهروهم. اما يسوع فدعاهم و قال دعوا الاولاد ياتون الي ولا تمنعوهم لان لمثل هؤلاء ملكوت الله. الحق اقول لكم من لا يقبل ملكوت الله مثل ولد فلن يدخله} لو 15:18-17. وعندما سالوه عن من هو الاعظم فى الملكوت قال لهم ان يتعلموا من الاطفال التواضع والوداعة والبساطة ومن وداعته قال لنا من يقبل الاطفال فكانه قبلني { في تلك الساعة تقدم التلاميذ الى يسوع قائلين فمن هو اعظم في ملكوت السماوات.فدعا يسوع اليه ولدا و اقامه في وسطهم. وقال الحق اقول لكم ان لم ترجعوا وتصيروا مثل الاولاد فلن تدخلوا ملكوت السماوات. فمن وضع نفسه مثل هذا الولد فهو الاعظم في ملكوت السماوات .ومن قبل ولدا واحدا مثل هذا باسمي فقد قبلني. ومن اعثر احد هؤلاء الصغار المؤمنين بي فخير له ان يعلق في عنقه حجر الرحى ويغرق في لجة البحر} مت 1:18-6. + كما رفع من شأن المرأة واحترمها .. ودافع عن الخطاة منهن محرراُ اياهم من قيود الخطية والظلم الإجتماعى فعندما امسك شيوخ اليهود بامرأة فى ذات الفعل تركوا الرجل وصبوا جام غضبهم على المرأة وارادوا ان يروا ما هو حكمه عليها، رايناه يدافع عنها ويحررها من ايديهم {وقدم اليه الكتبة والفريسيون امراة امسكت في زنا ولما اقاموها في الوسط. قالوا له يا معلم هذه المراة امسكت وهي تزني في ذات الفعل. وموسى في الناموس اوصانا ان مثل هذه ترجم فماذا تقول انت . قالوا هذا ليجربوه لكي يكون لهم ما يشتكون به عليه واما يسوع فانحنى الى اسفل وكان يكتب باصبعه على الارض.ولما استمروا يسالونه انتصب وقال لهم من كان منكم بلا خطية فليرمها اولا بحجر. ثم انحنى ايضا الى اسفل وكان يكتب على الارض. واما هم فلما سمعوا وكانت ضمائرهم تبكتهم خرجوا واحدا فواحدا مبتدئين من الشيوخ الى الاخرين وبقي يسوع وحده والمراة واقفة في الوسط. فلما انتصب يسوع ولم ينظر احدا سوى المراة قال لها يا امراة اين هم اولئك المشتكون عليك اما دانك احد. فقالت لا احد يا سيد فقال لها يسوع ولا انا ادينك اذهبي ولا تخطئي ايضا} يو 3:8-11. ومع المرأة السامرية رايناه يرفع العداوة بين اليهود والسامريين وبين المراة والرجل ويخاطبها فى ود ويشجعها على التوبة ومعرفة وعبادة الله بالروح والحق. + وديعاً مع الخطاة والعشارين والمنبوذين .. كان فى حب يدافع عن الخطاة والعشارين ويقدم لهم المحبة والوداعة فاتحا لهم باب الرجاء والخلاص {لان ابن الانسان قد جاء لكي يخلص ما قد هلك. ماذا تظنون ان كان لانسان مئة خروف وضل واحد منها افلا يترك التسعة والتسعين على الجبال ويذهب يطلب الضال. وان اتفق ان يجده فالحق اقول لكم انه يفرح به اكثر من التسعة والتسعين التي لم تضل.هكذا ليست مشيئة امام ابيكم الذي في السماوات ان يهلك احد هؤلاء الصغار} مت 11:18-14. كما رايناه يشفق علي المرضى بالبرص الذى كان يعتبر رمزا للنجاسة والنبذ من المجتمع { اذا ابرص قد جاء وسجد له قائلا يا سيد ان اردت تقدر ان تطهرني.فمد يسوع يده و لمسه قائلا اريد فاطهر وللوقت طهر برصه. فقال له يسوع انظر ان لا تقول لاحد بل اذهب ار نفسك للكاهن وقدم القربان الذي امر به موسى شهادة لهم} مت 2:8-4. ومع أعمى اريحا الذى كان يتسول على الطريق، راينا الجموع تزجر الاعمي ان يسكت لكن السيد المسيح يذهب اليه فى محبة ووداعة ويشفيه {وجاءوا الى اريحا و فيما هو خارج من اريحا مع تلاميذه وجمع غفير كان بارتيماوس الاعمى ابن تيماوس جالسا على الطريق يستعطي.فلما سمع انه يسوع الناصري ابتدا يصرخ ويقول يا يسوع ابن داود ارحمني. فانتهره كثيرون ليسكت فصرخ اكثر كثيرا يا ابن داود ارحمني. فوقف يسوع وامر ان ينادى فنادوا الاعمى قائلين له ثق قم هوذا يناديك.فطرح رداءه و قام وجاء الى يسوع. فاجاب يسوع وقال له ماذا تريد ان افعل بك فقال له الاعمى يا سيدي ان ابصر .فقال له يسوع اذهب ايمانك قد شفاك فللوقت ابصر وتبع يسوع في الطريق} مر 46:10-52. + وداعته مع مقاوميه واعدائه.. راينا السيد المسيح فى وداعته يعمل علي أقناع المقاومين له بحجته ومنطقه الرزين فى حكمة { ثم انصرف من هناك و جاء الى مجمعهم. واذا انسان يده يابسة فسالوه قائلين هل يحل الابراء في السبوت لكي يشتكوا عليه. فقال لهم اي انسان منكم يكون له خروف واحد فان سقط هذا في السبت في حفرة افما يمسكه ويقيمه. فالانسان كم هو افضل من الخروف اذا يحل فعل الخير في السبوت. ثم قال للانسان مد يدك فمدها فعادت صحيحة كالاخرى} مت 9:12-13. رايناه يدافع عن تلاميذه عندما جاعوا فى السبت واخذوا يلتقطون السنابل ويفركوها بايديهم وياكلونها وكان هذا للفريسيين بمثابة كسراً لقدسية السبت {في ذلك الوقت ذهب يسوع في السبت بين الزروع فجاع تلاميذه و ابتداوا يقطفون سنابل وياكلون. فالفريسون لما نظروا قالوا له هوذا تلاميذك يفعلون ما لا يحل فعله في السبت. فقال لهم اما قراتم ما فعله داود حين جاع هو والذين معه. كيف دخل بيت الله واكل خبز التقدمة الذي لم يحل اكله له ولا للذين معه بل للكهنة فقط. او ما قراتم في التوراة ان الكهنة في السبت في الهيكل يدنسون السبت وهم ابرياء.و لكن اقول لكم ان ههنا اعظم من الهيكل.فلو علمتم ما هو اني اريد رحمة لا ذبيحة لما حكمتم على الابرياء. فان ابن الانسان هو رب السبت ايضا} مت 1:12-8. وعندما اتهموه انه برئيس الشياطين يخرج الشياطين لم يغضب عليهم بل كان حزينا على غلاظة قلوبهم وناقشهم بالمنطق والحجة {ثم دخل ايضا الى المجمع و كان هناك رجل يده يابسة. فصاروا يراقبونه هل يشفيه في السبت لكي يشتكوا عليه.فقال للرجل الذي له اليد اليابسة قم في الوسط.ثم قال لهم هل يحل في السبت فعل الخير او فعل الشر تخليص نفس او قتل فسكتوا.فنظر حوله اليهم بغضب حزينا على غلاظة قلوبهم وقال للرجل مد يدك فمدها فعادت يده صحيحة كالاخرى. واما الكتبة الذين نزلوا من اورشليم فقالوا ان معه بعلزبول وانه برئيس الشياطين يخرج الشياطين.فدعاهم وقال لهم بامثال كيف يقدر شيطان ان يخرج شيطانا. وان انقسمت مملكة على ذاتها لا تقدر تلك المملكة ان تثبت. وان انقسم بيت على ذاته لا يقدر ذلك البيت ان يثبت. وان قام الشيطان على ذاته وانقسم لا يقدر ان يثبت بل يكون له انقضاء.لا يستطيع احد ان يدخل بيت قوي وينهب امتعته ان لم يربط القوي اولا وحينئذ ينهب بيته} مر1:3-5،22-27. + السيد المسيح يحذرنا من الغضب .. ان السيد المسيح يدعونا الى ان نتعلم منه التواضع والوداعة ويحذرنا من الغضب لخطورته { قد سمعتم انه قيل للقدماء لا تقتل ومن قتل يكون مستوجب الحكم.واما انا فاقول لكم ان كل من يغضب على اخيه باطلا يكون مستوجب الحكم ومن قال لاخيه رقا يكون مستوجب المجمع و من قال يا احمق يكون مستوجب نار جهنم} مت 21:5-22. ان الغضب يفقدنا حلمنا ووداعتنا ويقودنا الى فقد أعصابنا وقد يتطور ويقود الى الكراهية والحقد والجريمة { الرجل الغضوب يهيج الخصام و الرجل السخوط كثير المعاصي} (ام 29 : 22). ومع الغضب تكثر الاخطاء والخطايا لهذا قال القديس يعقوب الرسول { لان غضب الانسان لا يصنع بر الله} (يع 1 : 20). وينبهنا الكتاب قائلا{ لا تسرع بروحك الى الغضب لان الغضب يستقر في حضن الجهال} (جا 7 : 9). من اجل هذا قال القديس اسحق السريانى : ( ان الذى يصوٌم فمه عن الغذاء ولا يصٌوم قلبه عن الغضب والحقد ولسانه عن الأباطيل فصومه باطل فصلاة الحقود كبذار وقعت على الصخر، فالحقود يستثمر فى صلاته ما يستثمره الزارع فى البحر من الحصاد). + الوداعة والحزم والشجاعة .. لم تكن وداعة السيد المسيح ضعفا او افتقاراً للشجاعة بل شجاعة وقف أمام رؤساء الكهنة ومجمع السندريهم وامام هيرودس وبيلاطس معترفاً الاعتراف الحسن {في ذلك اليوم تقدم بعض الفريسيين قائلين له اخرج واذهب من ههنا لان هيرودس يريد ان يقتلك. فقال لهم امضوا وقولوا لهذا الثعلب ها انا اخرج شياطين واشفي اليوم وغدا وفي اليوم الثالث اكمل. بل ينبغي ان اسير اليوم وغدا وما يليه لانه لا يمكن ان يهلك نبي خارجا عن اورشليم. يا اورشليم يا اورشليم يا قاتلة الانبياء وراجمة المرسلين اليها كم مرة اردت ان اجمع اولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا.هوذا بيتكم يترك لكم خرابا والحق اقول لكم انكم لا ترونني حتى ياتي وقت تقولون فيه مبارك الاتي باسم الرب} لو 31:13-35. ورايناه قبل الصلب فى شجاعة وغيرة روحيه يطهر الهيكل من الباعة والصيارفة الذين حولوا بيت الصلاة الى مغارة لصوص {وجاءوا الى اورشليم ولما دخل يسوع الهيكل ابتدا يخرج الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل وقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام.ولم يدع احدا يجتاز الهيكل بمتاع.وكان يعلم قائلا لهم اليس مكتوبا بيتي بيت صلاة يدعى لجميع الامم وانتم جعلتموه مغارة لصوص.وسمع الكتبة ورؤساء الكهنة فطلبوا كيف يهلكونه لانهم خافوه اذ بهت الجمع كله من تعليمه} مر15:11-18. وعلى الصليب كان كحمل يرفع خطايا البشرية لم يكن ضعيفا بل راينا وديعا يطلب من الآب السماوى المغفرة لصالبيه {فقال يسوع يا ابتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون } (لو 23 : 34). + الرسل القديسين وحياتهم وتعليمهم بوداعة.. سار الاباء الرسل على نهج معلمهم الصالح بوداعة ودعوا اليها فها هوذا القديس بطرس يوصينا بالوداعة واللطف والكلام الحسن حتى مع مبغضينا {والنهاية كونوا جميعا متحدي الراي بحس واحد ذوي محبة اخوية مشفقين لطفاء.غير مجازين عن شر بشر او عن شتيمة بشتيمة بل بالعكس مباركين عالمين انكم لهذا دعيتم لكي ترثوا بركة. لان من اراد ان يحب الحياة ويرى اياما صالحة فليكفف لسانه عن الشر وشفتيه ان تتكلما بالمكر. ليعرض عن الشر ويصنع الخير ليطلب السلام ويجد في اثره.لان عيني الرب على الابرار واذنيه الى طلبتهم ولكن وجه الرب ضد فاعلي الشر.فمن يؤذيكم ان كنتم متمثلين بالخير. ولكن وان تالمتم من اجل البر فطوباكم واما خوفهم فلا تخافوه و لا تضطربوا.بل قدسوا الرب الاله في قلوبكم مستعدين دائما لمجاوبة كل من يسالكم عن سبب الرجاء الذي فيكم بوداعة وخوف.ولكم ضمير صالح لكي يكون الذين يشتمون سيرتكم الصالحة في المسيح يخزون في ما يفترون عليكم كفاعلي شر.لان تالمكم ان شاءت مشيئة الله وانتم صانعون خيرا افضل منه وانتم صانعون شرا} 1بط 8:3-17. وعلى ذات الدرب عمل وعلم القديس بولس الرسول { فاطلب اليكم انا الاسير في الرب ان تسلكوا كما يحق للدعوة التي دعيتم بها.بكل تواضع ووداعة وبطول اناة محتملين بعضكم بعضا في المحبة. مجتهدين ان تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام.جسد واحد وروح واحد كما دعيتم ايضا في رجاء دعوتكم الواحد.رب واحد ايمان واحد معمودية واحدة} اف 1:4-5. فكمختاري الله القديسين يكون لنا أحشاء رافات ووداعة. هكذا علينا ان نسير فى طريق الفضيلة والتقوى لنمسك بالحياة الابدية التى اليها دعينا {هذا واتبع البر والتقوى والايمان والمحبة والصبر والوداعة. جاهد جهاد الايمان الحسن وامسك بالحياة الابدية التي اليها دعيت ايضا واعترفت الاعتراف الحسن امام شهود كثيرين} 1تيم 11:6-12. كيف نقتنى الوداعة ... + السيد المسيح قدوتنا.. نحتاج ان نجعل السيد المسيح قدوة لنا فى وداعته وتواضعه واحتماله وصبره { لانكم لهذا دعيتم فان المسيح ايضا تالم لاجلنا تاركا لنا مثالا لكي تتبعوا خطواته. الذي لم يفعل خطية ولا وجد في فمه مكر.الذي اذ شتم لم يكن يشتم عوضا و اذ تالم لم يكن يهدد بل كان يسلم لمن يقضي بعدل.الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبر الذي بجلدته شفيتم.لانكم كنتم كخراف ضالة لكنكم رجعتم الان الى راعي نفوسكم واسقفها} 1بط 21:2-25 . اننا يجب ان نفكر فى مختلف مواقف الحياة بماذا كان يرد او كيف كان يتصرف السيد المسيح لو كان مكاننا؟ { مع المسيح صلبت فاحيا لا انا بل المسيح يحيا في فما احياه الان في الجسد فانما احياه في الايمان ايمان ابن الله الذي احبني واسلم نفسه لاجلي} (غل 2 : 20). بهذا نغلب العالم ونقتنى الوداعة والحكمة { لانه من عرف فكر الرب فيعلمه و اما نحن فلنا فكر المسيح }(1كو 2 : 16). + اللطف والبعد عن القسوة ... اننا نحتاج الى الوداعة والرقة والبشاشة والشفقة والترفق بالآخرين والبعد عن الخشونة والقسوة والتعامل الإنسانى الذى يتسم باحترام الأخر وقبوله والتعاون مع الغير فى حل المشكلات {كونوا لطفاء بعضكم نحو بعض شفوقين متسامحين} (أف 2:4) . فهذه هى وصية الكتاب المقدس لنا { فالبسوا كمختاري الله القديسين المحبوبين احشاء رافات ولطفا وتواضعا ووداعة وطول اناة} (كو 3 : 12). علينا ان نسعى لاكتشاف النقاط المشتركة والبيضاء فى كلام وتصرفات وسلوك الاخرين ونبنى علينا ونعمل على كسب قلوبهم ونشجعهم على السلوك الحسن فنحن حين نريد ان نجنى العسل لا يجب علينا ابداً ان نحطم خلية النحل بل يجب علينا ان نغذى النحل ونزرع له الورود حتى وان تعرضنا للسعاته فى بعض الاحيان . فاننا لا ننكر ان الوديع قد يعانى من الظواهر السلبية حوله ولكن يحتمل الآخرين كمرضى فى حاجة الى علاج وليس كعدوى نبتعد عنها بسلبية وبغضة تذيد من تفاقم المرض. + التواضع ولوم النفس.. الانسان المتواضع لا يغضب من أحد ولا يغضب أحد ، تراه يلقى بالملامة على نفسه . وان أخطأ اليه أحد يسامحه ويقول فى داخل نفسه انى استحق ذلك بسبب خطاياى فيجد نعمة فى عين الله والناس { كذلك ايها الاحداث اخضعوا للشيوخ وكونوا جميعا خاضعين بعضكم لبعض وتسربلوا بالتواضع لان الله يقاوم المستكبرين واما المتواضعون فيعطيهم نعمة. فتواضعوا تحت يد الله القوية لكي يرفعكم في حينه.ملقين كل همكم عليه لانه هو يعتني بكم. اصحوا واسهروا لان ابليس خصمكم كاسد زائر يجول ملتمسا من يبتلعه هو. فقاوموه راسخين في الايمان عالمين ان نفس هذه الالام تجرى على اخوتكم الذين في العالم.واله كل نعمة الذي دعانا الى مجده الابدي في المسيح يسوع بعدما تالمتم يسيرا هو يكملكم ويثبتكم ويقويكم ويمكنكم} 1بط 5:5-10. اننا سنقف أمام الديان العادل لنعطى حسابا عن أفكارنا وأقوالنا وأعمالنا من اجل هذا نحرص ان لا نذيد أثقالنا بالكبرياء والغضب بل بالمحبة نستر كثرة من الخطايا ونستثمر ربح جزيل فى مسامحة المخطئين الينا{ فانه ان غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم ايضا ابوكم السماوي }(مت 6 : 14). + الجواب اللين فى حكمة .. يجب ان نحرص على هدوء أعصابنا وافكارنا واذا ما واجهنا انسان غاضب علينا او على من حولنا نعمل على تهدئته بالكلام اللين { الجواب اللين يصرف الغضب والكلام الموجع يهيج السخط (ام 15 : 1) . وان لم نستطيع فلنبتعد عن مصادقة الغضوبين او نبعد عنهم وقت غضبهم ان أمكن {لا تستصحب غضوبا ومع رجل ساخط لا تجئ }(ام 22 : 24). قد نحتاج الى الحكمة فى الرد فمع البعض يكون الصمت علاج ومع الاخرين يكون شرح الأمور وتفسيرها العلاج الناجع ومع البعض يكون أخذ الامور بهدوء والرد بفكاهة او ابتسامة او اعتذار هو الذى يلطف الجو ويهدئ المشاعر . + تذكر نتائج عدم الوداعة والغضب... يجب علينا ان نتذكر فى ساعات الغضب ، النتائج السيئة التي تترتب عليه ونضبط ذواتنا. نحن فى غضبنا نقول كلاما صعباً نندم عليه وليس من السهل علاجه واصلاحه وقد يتطور الغضب الى ما هو اسوء من خصام وأيذاء واعتداء على الغير وعلينا وتحطيم وأفساد للعلاقات . كما ان الغضب هزيمة للانسان الروحى وأنتصار لشيطان الغضب ويجلب الامراض ويفقدنا أبديتنا . لكن ليس معنى هذا ان نهرب من التعامل فى انطواء بل نهدء ونعمل على نقاوة قلوبنا وفى اوقات الهدوء نعاتب الاخرين فى محبة ووداعة وأعتذار على الاخطاء سواء منا او من الغير فنحن نهدف الى نمو المحبة وحسن المعشر وتقوية الروابط الاخوية فى حكمة ونمو فى حياة الفضيلة والبر. الوداعة من أقوال مار افرام السرياني مغبوط بالحقيقة مغبوط الإنسان الحاوي الوداعة لأن الرب المخلص القدوس يضمن له الارض والسماء قائلاً : مغبوطون الودعاء فإنهم يرثون ملكوت السموات، ويرثون الأرض. فماذا يكون أعظم من هذا التطويب ؟ ماذا يكون أعلى من هذا الوعد ؟ ماذا يكون أبْهى من هذا السرور ؟ أن يرث إنسان أرض الفردوس. فلذلك يا أخوتي إذ قد سمعتم فضل سمو هذا الوعد وجسامة وقدر ثروته فبادرا أن تقتنوا الوداعة ، وسارعوا إلى بَهاء الفضيلة إذ قد سمعتم شرفها فتخشعوا واحرصوا بكافة قوتكم أن ترثوا هذه الأرض لئلا نبكي بكاءً مراً متندمين حيث لا ينفع الندم ، إذ قد سمعتم تطويب الوداعة فبادروا إليها، أسمعتم ما قال عنها إشعياء النبي الصادق بالروح القدس: إلى من أنظر قال الرب إلا إلى الوديع الهادئ المرتعد من أقوالي. أترى لا يجب أن نتعجب من هذا الوعد، لأنه ماذا يكون أشرف من هذه الكرامة ؟ فاحذروا يا أخوتي أن يسقط أحدكم من هذا التطويب ومن الفرح والابتهاج الذي لا يحصى، أتضرع إليكم أن تبادروا متسارعين لتقتنوا الوداعة . فإن الوديع تزين بكل عمل صالح. الوديع إن سُبَ فرح، إن حزن شكر، يُسَكن غيظ الساخطين بالمحبة، يلبث متأدباً هادئاً في الخصومة، يبتهج في الأسهار، يفرح بالتواضع، لا يستعلي ذهنه بتقويماته، لا يتحير، يستعمل السكوت لدى الكل، يتعبد في كل طاعة، مستعد لكل عمل نجيب، في كل شئ ممدوح من الجماعة، خالٍ من الرياء. القمص أفرايم الأورشليمى
المزيد
02 نوفمبر 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (14) حياة الطهارة

مفهوم الطهارة وأهميتها .. الطهارة تعني قداسة الفكر والمشاعر والسلوك.. بالبعد عن الخطية والشهوة والانحرافات الاخلاقية فيحيا الانسان نقياً وعفيفاً فى أفكاره وفى أقوال فمه ونظرات عينيه وأحاديثه وكل طرقه وحياته الداخلية والخارجية معاً . الطهارة ليست طهارةَ اليدين والرجلين والجسد، فتلك نظافة في نظر المسيحية ولا ترقى ابداً لمستوى الطهارة ، وعكس الطهارة هو النجاسة ، نجاسة القلب والفكر الذي تصدر عنه الافكار والاتجاهات والمشاعر والسلوك والقرارات الخاطئة . اننا نؤمن ان الرب قدس الطبيعة الإنسانية عندما اتحد بها وصار ملتزما بها وراعيا لها ومدبرا لخلاصها وعندما صعد الى السماء وجلس عن يمين الاب احتفظ بجسده الذي أخذه من القديسة مريم وهكذا دخلت الطبيعة الإنسانية الي أعماق السماء كما أصبح الله في أعماق الإنسان لقد أصبح الإنسان بالعماد ابناً لله وبالميرون المقدس اصبح مكرسا للرب وصار هيكلا للروح القدس ومسكنا للرب وعضوا فى الكنيسة التي هي جسده السري. وفى هذا يقول الإنجيل {ألستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله وإنكم لستم لأنفسكم لأنكم قد اشتريتم بثمن فمجدوا الله في أجسادكم وفى أرواحكم التي هي من الله } (1كو 6: 19-20).كما ينبه علينا باهمية العفاف {ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء للمسيح، أفآخُذ أعضاء اعضاء واجعلها أعضاء زانية؟ حاشا} (1كو6:15) لقد خلق الله الانسان طاهراً على صورته ومثاله.. ووهبه كل الامكانيات اللازمة للطهارة والنقاوة الداخلية . ان الانسان يقع فى النجاسة والخطية لا لانها أقوى منه ولكن من أجل تراخيه وكسله عن الجهاد او سعيه وراء الشهوات المحرمة . العفاف والطهارة هم سر قوة الانسان ونجاحه فى الحياة . ان يوسف العفيف أنتصر فى كل مجالات الحياة رغم الضيقات والتجارب الخارجية لانه كان أمينا طاهراً عفيف القلب واللسان والفكر والسلوك فى بيت أبيه ، وعندما ذهب ليسأل عن سلامة أخوته الحاسدين له، وفي بيت فوطيفار عندما راودته امرأة سيده ثم فى السجن . لقد خلصه الله من جميع ضيقاته ورفعه من اجل طهارته . ولهذا وهبه حكمة من روحه القدوس وبحسن تدبيره انقذ مصر واهلها واهله من المجاعة الى حاقت بهم ، بعكس ذلك شمشون الجبار الذى ارتمى فى أحضان دليله وأستسلم لشهواته فخانته وسلمته لاعدائه فقعلوا عينيه وجعلوه يعمل كثور يدور على الطاحون . + الطهارة تظهر فى تعاملك مع الجنس الاخر.. فإنك تتعامل معهم كأخوة أحباء باحترام ونقاء دون إزالة للكلفة أو خدش للحياء وإنما بود وإعزاز كأعضاء معك في جسد المسيح أو في أسرة الإنسانية. ولكن إذا شعرت أن شخصاً منهم قد سرق اهتمامك وتفكيرك وخيالاتك حينئذ بنضج ووعي يكون لديك إمكانية لضبط لعواطفك واتخاذ ما تراه مناسبا بالحرص والجهاد او الابتعاد ، فنحن نحتفظ بعواطف الحب الزيجى لشريك حياتنا فى سر الزواج المقدس والذى تكون فيه العلاقات الزوجية مقدسة وتعبيراً راقيا عن المحبة دون ابتزال او شهوة امتلاك انانى للآخر. والطهارة هي النظرة المقدسة للجسد سواء جسدك أو جسد الآخر. فالطاهر هو الذي ينظر إلي كل أعضائه بالتكريم كمكان يسكن فيه روح الله. إن الانسان الطاهر لا يشتهي ولا يتطلع للجمال الجسدي للآخر لأنه يعرف أن الجمال باطل والحسن غش كما يقول الحكيم والجمال الحقيقي يحترم فيه الانسان ككل كهيكل لله . اننا فى تقديرنا للآخرين لا نشتهيهم ونقدرهم ولا نريد أن نمتلكهم ونستهلكهم بل إن نقييم الآخرين كشخصيات لا كمجرد أجساد. فالجسد هو الغلاف الخارجي ولكن الذي نحترمه بالأكثر هو ما يحويه هذا الغلاف من طباع ومفاهيم وقامة روحية وفكر وإرادة وشخصية. اننا كابناء وبنات الله لا نشترك مع أهل العالم فى كلامهم او افكارهم او أفعالهم الخاطئة بل بالاحرى نوبخها بقداسة سريرتنا وسيرتنا كما كان لوط يعذب نفسه البارة بافعالهم الاثمة { اذ كان البار بالنظر والسمع وهو ساكن بينهم يعذب يوما فيوما نفسه البارة بالافعال الاثيمة (2بط 2 : 8) فالمؤمن الحقيقى يأخذ الامور بجدية وروحانية . انها ليست مزاح او تسلية او قضاء وقت بل هي قضية حياة أو موت، أبدية أو هلاك، إيمان أو انحلال، قداسة أو استهزاء؛ تمايز وشهادة أو انجراف في التيار. إاننا نقدس الحياة والجسد والجنس سواء ما يختص بالحياة الزوجية أو النظرة السليمة لأعضاء الجسد. فالشاب المسيحي الذي أدرك قيمة كرامة جسده يحرص على أن يلبس الرب يسوع ولا يشاكل هذا الدهر ولا يسلك في طريق الأشرار وفى مجلس المستهزئين لا يجلس لأن ذهنه قد استنار وحياته قد تجددت وأصبح حريصا على أن يرضى الرب في طرقه ويحفظ الوصية عن حب لذاك الذى صلب وقام لاجله ...فنحن لا نشابه أهل العالم في أهدافهم وطرقهم وألفاظهم وسلوكهم. { ولا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد اذهانكم لتختبروا ما هي ارادة الله الصالحة المرضية الكاملة} (رو 12 : 2) + اقتناء الطهارة يأتى من عمل نعمة وعطية الروح القدس في المؤمن ولكنها تحتاج إلي جهاد وسهر ويقظة قلب. نحن لا نستطيع بمفردنا أن نجعل أنفسنا أطهاراً ولكننا نستطيع أن نصلى ونجاهد ونطلب من الله ان يهبنا طهارة الفكر والعواطف والسلوك ويقوينا لكي نحتفظ بطهارتنا فى المسيح يسوع ربنا وعمل نعمته وفعل روحه القدوس. من أجل هذا نصلى كل يوم للروح القدس طهرنا من دنس الجسد والروح وانقلنا إلي سيرة روحانية لكي نسعى بالروح ولا نكمل شهوة الجسد ونطلب من الله ان يجدد فى أحشائنا نعمة روحه القدوس ، روحاً مستقيماً ومحيياً روح النبوة والعفة، روح القداسة والعدالة والسلطة لانها قادر علي كل شئ وهو ضياء نفوسنا . + الطهارة وتحقيق الذات .. الذي يحيا طاهراً لا يحقق ما تتطلبه الوصية فقط وإنما يحقق ذاته وينجح أولاً. ويصبح الإنسان كما يريده الرب. يحرص على أن تظهر االطهارة والقداسة في حياته ويرفض أن يطمسها بالحياة الشهوانية والتصرفات الجسدانية. ويقول رجال علم النفس أن الشاب الطاهر تحيا غرائزه وتنمو في انسجام واتفاق وتكامل بعكس الشاب الشهواني إذ يسيطر عليه الانهماك في الملذات الجنسية، الأمر الذي يجعل بقية الدوافع في خلل وارتباك. فالطهارة مطلب نفسي وروحى. لهذا نرى الشاب الطاهر حقيقة الذي لا يعاني كبتاً أو قهراً يحيا في سلام ونضارة وفرح وسعادة تخلو نفسيته من العقد النفسية والهموم والأحزان وتأنيب الضمير وأوجاع النفس المختلفة. النجاسة تقدم لذة وقته للخاطئ ولكن هل هذه اللذة تؤدي إلي الشبع الكامل والشعور بالاستقرار النفسي الحقيقي؟. يجب ان نتأكد أن الله لا يريد سوى سعادتنا وهو لم يخلق الجنس ليعذبنا به وإنما لنستخدمه في مجراه الإنساني السوي فنتمتع بكل طاقتنا فلا نحاول أن نستخدم أجهزتنا بطريقة غير تلك المخلوقة من أجلها، حقاً إن حياة الطهارة تؤدي إلي السعادة النفسية فهي مطلب نفسي وإنساني كما هي وصية إلهية وفضيلة روحية، والطهارة تحمي الإنسان من الأمراض الجنسية وتحفظ نضارة الشباب ، ولذلك تجد وجه الشاب الطاهر يختلف تماماً عن وجه الساقط في بالوعة الشهوات الجنسية. ورغم تقدم الطب في معالجة الأمراض لكن مازالت للنجاسة ضحايا كثيرة مثل أمراض الايدز والكبد الوبائى والزهري والسيلان علاوة على الامراض النفسية ومن قلق وكابة وانفصام الشخصية واليأس وغيرها . السيد المسيح والحياة الطاهرة المقدسة ... + ان الرب الهنا يتميز بالقداسة ويدعونا اليها { اني انا الرب الهكم فتتقدسون وتكونون قديسين لاني انا قدوس ولا تنجسوا انفسكم } (لا 11 : 44) بالتجسد الإلهى صار الكلمة جسداً وحل بيننا وشابهنا فى كل شئ ما عدا الخطية وحدها ، لم يفعل خطية ولا وجد فى فمه غش ومرة بكت السيد المسيح اليهود قائلاً {من منكم يبكتني على خطية فان كنت اقول الحق فلماذا لستم تؤمنون بي }(يو 8 : 46) من اجل هذا دعانا القديس بطرس ان نتبع خطواته { بل نظير القدوس الذي دعاكم كونوا انتم ايضا قديسين في كل سيرة }(1بط 1 : 15). فان ارادة الله قداستنا وامتناعنا عن الشر { لان هذه هي ارادة الله قداستكم ان تمتنعوا عن الزنا} (1تس 4 : 3). لاننا مدعوين كابناء الله الى حياة الطهارة والقداسة وملكوت السموات {فاذ لنا هذه المواعيد ايها الاحباء لنطهر ذواتنا من كل دنس الجسد و الروح مكملين القداسة في خوف الله} (2كو 7 : 1). فاننا بدون القداسة والطهارة لن نعاين الملكوت او الله { اتبعوا السلام مع الجميع والقداسة التي بدونها لن يرى احد الرب} (عب 12 : 14). من اجل هذا دعانا لحياة التوبة المستمرة وان نصنع ثمارا تليق بحياة الطهارة والقداسة { فاصنعوا اثمارا تليق بالتوبة و لا تبتدئوا تقولون في انفسكم لنا ابراهيم ابا لاني اقول لكم ان الله قادر ان يقيم من هذه الحجارة اولادا لابراهيم} (لو 3 : 8). + اهتم السيد المسيح بطهارة الحواس لانها ابواب الفكر { ليس احد يوقد سراجا ويضعه في خفية ولا تحت المكيال بل على المنارة لكي ينظر الداخلون النور.سراج الجسد هو العين فمتى كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيرا ومتى كانت عينك شريرة فجسدك يكون مظلما.انظر اذا لئلا يكون النور الذي فيك ظلمة.فان كان جسدك كله نيرا ليس فيه جزء مظلم يكون نيرا كله كما حينما يضيء لك السراج بلمعانه } لو 33:11-36. كما علمنا ان نحترس من النظرات الخاطئة او اللمسات الخاطئة التى تنحرف بعاطفة الانسان وتجعله يزنى فى قلبه { قد سمعتم انه قيل للقدماء لا تزن. واما انا فاقول لكم ان كل من ينظر الى امراة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه. فان كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها والقها عنك لانه خير لك ان يهلك احد اعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم. وان كانت يدك اليمنى تعثرك فاقطعها والقها عنك لانه خير لك ان يهلك احد اعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم} مت 27:5-30. + طهارة القلب واللسان والسلوك . دعانا السيد المسيح الى الحرص نقاوة القلب وطهارته لانه من فضلة القلب يتكلم الفم { كيف تقدرون ان تتكلموا بالصالحات وانتم اشرار فانه من فضلة القلب يتكلم الفم. الانسان الصالح من الكنز الصالح في القلب يخرج الصالحات والانسان الشرير من الكنز الشرير يخرج الشرور.ولكن اقول لكم ان كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حساب يوم الدين. لانك بكلامك تتبرر وبكلامك تدان} مت34:12-37. وبين لنا اهمية الطهارة والنقاوة الداخلية التى تقود الى حياة مقدسة فى الرب { ثم دعا الجمع وقال لهم اسمعوا وافهموا. ليس ما يدخل الفم ينجس الانسان بل ما يخرج من الفم هذا ينجس الانسان.حينئذ تقدم تلاميذه وقالوا له اتعلم ان الفريسيين لما سمعوا القول نفروا. فاجاب وقال كل غرس لم يغرسه ابي السماوي يقلع. اتركوهم هم عميان قادة عميان وان كان اعمى يقود اعمى يسقطان كلاهما في حفرة. فاجاب بطرس وقال له فسر لنا هذا المثل. فقال يسوع هل انتم ايضا حتى الان غير فاهمين. الا تفهمون بعد ان كل ما يدخل الفم يمضي الى الجوف ويندفع الى المخرج. واما ما يخرج من الفم فمن القلب يصدر وذاك ينجس الانسان.لان من القلب تخرج افكار شريرة قتل زنى فسق سرقة شهادة زور تجديف. هذه هي التي تنجس الانسان واما الاكل بايد غير مغسولة فلا ينجس الانسان} مت 10:15-20. هكذا وبخ السيد المسيح الفريسيين الذى اهتموا فقط بالنظافة الخارجية دون القلب ومحبة الله والحق والرحمة والإيمان {و فيما هو يتكلم ساله فريسي ان يتغدى عنده فدخل و اتكا. واما الفريسي فلما راى ذلك تعجب انه لم يغتسل اولا قبل الغداء. فقال له الرب انتم الان ايها الفريسيون تنقون خارج الكاس والقصعة واما باطنكم فمملوء اختطافا وخبثا. يا اغبياء اليس الذي صنع الخارج صنع الداخل ايضا . بل اعطوا ما عندكم صدقة فهوذا كل شيء يكون نقيا لكم.ولكن ويل لكم ايها الفريسيون لانكم تعشرون النعنع والسذاب وكل بقل وتتجاوزون عن الحق ومحبة الله كان ينبغي ان تعملوا هذه ولا تتركوا تلك. ويل لكم ايها الفريسيون لانكم تحبون المجلس الاول في المجامع والتحيات في الاسواق. ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لانكم مثل القبور المختفية والذين يمشون عليها لا يعلمون} لو 37:11-44. + هكذا كرز التلاميذ بحياة الطهارة والتعفف.. فما عاشوه وتعلموه من معلهم الصالح ساروا به وعلموه . لان غاية الوصايا هى المحبة من قلب طاهر{ واما غاية الوصية فهي المحبة من قلب طاهر وضمير صالح وايمان بلا رياء (1تي 1 : 5). هكذا يوصى القديس بولس الرسول { اخيرا ايها الاخوة كل ما هو حق كل ما هو جليل كل ما هو عادل كل ما هو طاهر كل ما هو مسر كل ما صيته حسن ان كانت فضيلة وان كان مدح ففي هذه افتكروا. وما تعلمتموه وتسلمتموه وسمعتموه ورايتموه في فهذا افعلوا واله السلام يكون معكم} فى 8:4-9. اننا رغم أغراءات العالم نسلك فى حياة الطهارة فى البتولية او فى الزواج المقدس كما يحق لإنجيل المسيح { فمن ثم ايها الاخوة نسالكم ونطلب اليكم في الرب يسوع انكم كما تسلمتم منا كيف يجب ان تسلكوا وترضوا الله تزدادون اكثر. لانكم تعلمون اية وصايا اعطيناكم بالرب يسوع. لان هذه هي ارادة الله قداستكم ان تمتنعوا عن الزنا. ان يعرف كل واحد منكم ان يقتني اناءه بقداسة وكرامة. لا في هوى شهوة كالامم الذين لا يعرفون الله. ان لا يتطاول احد ويطمع على اخيه في هذا الامر لان الرب منتقم لهذه كلها كما قلنا لكم قبلا وشهدنا.لان الله لم يدعنا للنجاسة بل في القداسة. اذا من يرذل لا يرذل انسانا بل الله الذي اعطانا ايضا روحه القدوس. واما المحبة الاخوية فلا حاجة لكم ان اكتب اليكم عنها لانكم انفسكم متعلمون من الله ان يحب بعضكم بعضا} 1تس 1:4-9 + الأهتمام بطهارة الحواس واللسان والفكر والقلب والجسد .. ان ابتعادنا عن العثرات والاعثار بالحواس يجعلنا فى بعد عن الافكار الخاطئة ، بهذا يوصينا السيد المسيح ان نبتعد عن من يعثرنا ولو كان انسان مهم لنا كاليد اليمنى او العين { ويل للعالم من العثرات فلا بد ان تاتي العثرات ولكن ويل لذلك الانسان الذي به تاتي العثرة .فان اعثرتك يدك او رجلك فاقطعها والقها عنك خير لك ان تدخل الحياة اعرج او اقطع من ان تلقى في النار الابدية ولك يدان او رجلان. وان اعثرتك عينك فاقلعها والقها عنك خير لك ان تدخل الحياة اعور من ان تلقى في جهنم النار ولك عينان} مت 7:18-9. لهذا ايضا نوصى بناتنا وابنائنا ان لا يكونوا عثرة فى ملابسهم او تصرفاتهم كما اوصانا القديس بطرس الرسول { ولا تكن زينتكن الزينة الخارجية من ضفر الشعر والتحلي بالذهب ولبس الثياب. بل انسان القلب الخفي في العديمة الفساد زينة الروح الوديع الهادئ الذي هو قدام الله كثير الثمن}1بط 3:3-4. اننا نحافظ على عفة الاذان بتعودها على سماع التراتيل والعظات والعيون بتطلعاتها للسماء والقديسين والايدى بان لا تمتد الى ما لغيرها ولا نفرح بربج قبيح او رشوة او عيش مسرف بل تسرع فى خدمة المحتاجين والعطاء ونبتعد بلساننا عن الادانة والتهكم والكذب والكلام الغير بناء اما القلب اى الانسان الداخلى فيمتلئ بمحبة الله والمشاعر المقدسة والعواطف الروحية { فوق كل تحفظ احفظ قلبك لان منه مخارج الحياة} (ام 4 : 23). اننا نحرص على نقاوة قلوبنا بالتوبة والانشغال بمحبة الله والأمتلاء من ثمار ومواهب الروح القدس فلا يجد ابليس سواء بالافكار او العواطف غير المقدسة مكاناً له فى قلوبنا ونرى الله ونعاين مجده { طوبى للانقياء القلب لانهم يعاينون الله }(مت 5 : 8). كيف نقتني حياة الطهارة .. + تجنب السلبيات والعثرات .. يجب علينا ان نحرص على البعد عن كل مسببات الخطية والشهوة سواء التى تاتى من داخل الانسان او من الخارج .. فيجب علينا تجنب العثرات التى تأتى من الجسد كالطعام الدسم او الذائد الذى يولد حرارة الجسد لاسيما قبل النوم ، ونمارس الصوم باعتدال ومعه تواضع القلب والصلاة لله ليهبنا حياة الطهارة والعفة ونتجنب الكسل والفراغ ونهتم بنقاوة قلوبنا ونبعد عن الكبرياء كسبب لابتعاد نعمة الله المقوية عنا { قبل الكسر الكبرياء وقبل السقوط تشامخ الروح} (ام 16 : 18).كما ان البعد عن الاسباب الخارجية من قراءات او مشاهدات خاطئة او علاقات معثرة تغلق الباب على حروب الشهوة من اجل هذا يوصينا الانجيل بالبعد بل بالهروب من العثرات { اما الشهوات الشبابية فاهرب منها واتبع البر والايمان والمحبة والسلام مع الذين يدعون الرب من قلب نقي (2تي 2 : 22). + التوبة الصادقة.. بدون التوبة الصادقة تظل الحياة في صراع، والقلب في انقسام، والسقوط والقيام متكرر، ويزرع فينا الشيطان روح اليأس والانهزام. أما العزم الصادق على الحياة مع المسيح والجهاد الدءوب للحفاظ على النعمة المعطاة بالروح، فهذه هي وحدها التي تحمينا من خطورة الانزلاق وهاوية السقوط. ليس معنى هذا أن الحرب ستنتهي للابد ، وليس معنى هذا أن لا نتعرض للتجارب ، ولكن الذي نعنيه هو أن القلب سيكره الخطيئة مهما عرضت، وسيرفضها مهما ثقلت وسينهض من الكبوة إذا النفس عثرت يشبه الآباء القديسون الفارق بين التائب وغير التائب بالحمل والخنزير، الحمل قد يعثر ولكن سرعان ما ينفض التراب ويقوم من كبوته ولا يطيق الوحل على فروته. تنعشه النظافة وتزيده صحة ووزناً، أما الخنزير فحتى لو عطرته بالعطور الغالية فإنه يجري وراء المزبلة ليأكل منها ويتقلب في مراغة الحمأة.نحتاج إلى توبة واعتراف والصلاة بالروح لننال الطهارة ونكون آنية مقدسة وهياكل طاهرة وأعضاء حية في الجسد المقدس لتنفيذ مقصد الآب . كما ان حضور القداسات والتقرب من الاسرار المقدسة يجعل المسيح يحل بالايمان فى قلوبنا ويقدسنا جسدا ونفسا وروحا . فنثبت فى المسيح كما تثبت الاغصان فى الكرمة ونأتى بثمر ويدوم ثمرنا . + الصلاة بالروح والحق.. الله روح ويريدنا ان نصلى اليه بالروح والحق وتكون صلواتنا عشرة محبة مع الله وسيرنا معه احساس صادق بوجوده الدائم معنا ، يسمع ويستجيب لنا كعريس للنفس البشرية من اجل هذا قال القديس بولس الرسول { فاني اغار عليكم غيرة الله لاني خطبتكم لرجل واحد لاقدم عذراء عفيفة للمسيح} (2كو 11 : 2). نحيا حياة الصلاة والتسبيح. إننا بالصلاة تسمو غرائزنا وتتسامى طاقتنا العاطفية إلى المحبة الكاملة الصادقة مع الله ، نشكره على احساناته ونبثه همومنا وضعفنا ونطلب منه فى صلة دائمة ان يقودنا فى موكب نصرته . + القراءة فى الإنجيل والكتب الروحية .. ان كلمة الله قوية وفعاله { لان كلمة الله حية و فعالة و امضى من كل سيف ذي حدين و خارقة الى مفرق النفس و الروح و المفاصل و المخاخ و مميزة افكار القلب ونياته} (عب 4 : 12). وهى تنقى الانسان الذى يقرائها { انتم الان انقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به} (يو 15 : 3) فيجب علينا ان نعطى لها الاهمية بالدارسة والعمل بها كما ان كتابات الاباء الغنية بالروحانية تجذبنا الى حياة النقاوة وتهبنا مادة مقدسة للصلاة وتحفظ الفكر مقدساً فى الرب . كما ان قراءة سير القديسين والتعلم من حياتهم ومصادقتهم كامثلة حية للحياة الطاهرة تقودنا الى حياة مقدسة . + الصوم المقدس .. الصوم المقبول وباعتدال وارشاد يغلب الشيطان ولاسيما نهم البطن ويقوى الروح ويضبط أهواء الجسد.. الصوم رياضة روحية عظيمة يعطى فرصة للروح أن تنطلق في العبادة بلا عائق الصوم الإنقطاعي مع الصلاة والحياة الروحية الحقة يجعل الجسد شفافا رقيقا ويخفف ارتباط الإنسان بالأرض ويوجه اهتماماته إلى السمائيات {ليس بالخبز وحدة يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله} الصوم تدريب على طاعة الله واختبار إماتة شهوات الذات، فيه خشوع وانسحاق وفيه زهد عن العالم وتوبة عن الخطايا. وكلما ارتبط الصوم بالصلاة والسجدات والتذلل أمام الله يصبح فعالا ويحرق افكار النجاسة الخاطئة. +أستغلال الطاقاتك بايجابية روحية .. لدى كل إنسان منا طاقات ومنها الطاقة العاطفية والفكرية والبدنية والجنيسة فيمكننا ان نستخدمها للبناء او الهدم . علينا ان نستخدم طاقاتنا فى البناء الروحى السليم ونتسامى بغرائزنا وطاقاتنا ولا ندع انفسنا فريسة للفراغ والضياع بل نعمل وننجح ونتميز فى دراستنا وعملنا ونمارس الانشطة والخدمات الكنسية والوطنية . وننمى مواهبنا سواء القراءة او كالرسم او الموسيقي او الاشغال اليدوية او الرحلات او خدمة الكنيسة وانشطتها فى افتقاد المرضي والمحتاجين والقرى المحتاجة او بالرياضة الجسدية التى تكسب الجسم القوة والنشاط وتخفف الضغوط والتوترات { لان الرياضة الجسدية نافعة لقليل ولكن التقوى نافعة لكل شيء اذ لها موعد الحياة الحاضرة و العتيدة} (1تي 4 : 8). ان الطهارة والعفاف المسيحى يعنى قلباً ملتهباً بالحب الإلهي الذي يشبع النفس ويملأ الفراغ الداخلي ويحل مشكلة العزلة والملل والسأم، ويغمر قلب الانسان بنعمة الروح القدس الوديع الهادئ فتنطفئ كل شهوة خاطئة وتهدأ حركات الجسد واعضاءه وتمتلئ النفس فرحاً وسلاماً ونعيماً. وتنمو فينا طاقات المحبة الإيجابية ونوجهها التوجيه السليم . شئ من التاريخ المسيحى الاول من نص الدفاع عن المسيحية موجه إلى الإمبراطور الروماني هارديان للقدِّيس يوستينوس الشهيد عاش من 100م فى نابلس بفلسطين حتى استشهد فى 165م بروما الباب الثاتي : تعاليم الديانة المسيحيةالانتقال من الظلمة إلى النور – الطهارة في الزمن الماضي، كنا نُسرّ بالفجور، أما اليوم فإن الطهارة هي كل ملذَّاتنا كنا نستسلم للسِحر، أما الآن فإننا نكرِّس أنفسنا للَّه الصالح. كنا نحب المال والممتلكات ونبحث عنها أكثر من كل شيء، أما الآن كل أموالنا مشتركة يقاسمنا فيها الفقراء كانت الأحقاد تفصلنا عن بعضنا البعض، وكانت الفروق بين العادات والتقاليد لا تسمح لنا بقبول الغريب في بيتنا، أما اليوم بعد مجيء المسيح، فإننا نعيش معًا، ونصلِّي من أجل أعدائنا، ونحاول أن نكسب مضطهدينا الظالمين أرى أنه يحسن أن نذكِّركم ببعض تعاليم المسيح نفسه. وعليكم بفضل مقدرتكم وسلطانكم الإمبراطوري، أن تحكموا إذا كانت التعاليم التي أخذناها ونسلِّمها هي تعاليم مطابقة للحق الطهارة {كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه. فإن كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها} (مت 5: 28-29). {خير لك أن تدخل ملكوت اللَّه أعور من أن تكون لك عينان وتطرح في جهنم النار}(مر 9: 47). {ليس الجميع يقبلون هذا الكلام، بل الذين أُعطي لهم. لأنه يوجد خِصيان وُلدوا هكذا من بطون أمَّهاتهم. ويوجد خِصيان خَصاهم الناس. ويوجد خِصيان خَصوا أنفسهم لأجل ملكوت السماوات. من استطاع أن يقبل فليقبل} مت 19: 11-12 وهكذا، فإن الذين بحسب القانون البشري يعقدون زواجًا مضاعفًا. اما لدينا الذين ينظرون إلي امرأة ليشتهوها متساوون في الذنب أمام ربنا. فهو لا يمنع الزنا فحسب، بل يمنع نيَّة الزنا أيضًا، لأن أفكارنا معلومة لدى اللَّه مثل أعمالنا إن رجالاً ونساء كثيرين، إذ تعلَّموا منذ الصبا في ناموس المسيح، ظلُّوا أنقياء حتى سن الستين والسبعين، وإني اَفتخر بأن أذكر لكم بعض أمثلة هؤلاء في كل الطبقات. وهل يلزم أن أذكركم أيضًا بالعدد الغفير من أولئك الذين تركوا الرذيلة لكي يخضعوا لهذه التعليم؟ والمسيح لم يدع الأبرار والأطهار للتوبة، بل الكفرة والمرذولين والأشرار. ألم يقل: "لم آت لأدعو أبرارًا بل خطاة إلى التوبة" (مر 2: 17). لأن الآب السماوي يفضل توبة الخاطئ على معاقبته.. القمص أفرايم الأورشليمى
المزيد
28 ديسمبر 2020

لنبدأ بدءاً حسناً

الله ضابط الكل.. تمضى الايام والسنين من عمرنا ونحن ننظر الى المستقبل بعيون الرجاء فى غدا افضل، ورغم كل الظروف السياسية والدينية والاجتماعية المتغيرة التي مرت وتمر بها بلادنا ومنطقتنا والعالم من حولنا فنحن نثق ان الله ضابط الكل والكون لا يحدث شي فى عالمنا وحياتنا الا بارادته او بسماح منه. وعلينا ان نعمل فى توافق مع مشيئة الله لنا ونسعى الى تحقيق ارادته فى حياتنا لكننا وبالرغم من ذلك ايضا لا نستطيع ان نضبط أو نتحكم فى المتغيرات التي تجرى حولنا لكننا نعلم ان الله ضابط الكل يجعل كل الاشياء تعمل معنا للخير { ونحن نعلم ان كل الاشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده} (رو 8 : 28). و سواء على المستوى الفردي او الجماعي نعلم ان الله قادر ان يجعل الامور تسير نحو تحقيق ارادته مهما اراد الناس بنا شرا كما قال يوسف الصديق لاخوته الذين باعوه حسدا { انتم قصدتم لي شرا اما الله فقصد به خيرا لكي يفعل كما اليوم ليحيي شعبا كثيرا }(تك 50 : 20). لقد اراد اخوة يوسف ان يتخلصوا منه وقالوا لابيهم كذبا ان وحش ردئ افترسه وباعوه عبدا ولكن الله كان معه واخرج به مصر وشعبها واهله معهم من مجاعة عظيمة. ونحن نثق ان يد الله المقتدرة والحكيمة تعمل معنا ولاجل خلاصنا وان كان علينا ان نمر باوقات ضيق او نشرب كأس الصبر والمر من يده فهي لعلاجنا وخلاصنا { يشددان انفس التلاميذ ويعظانهم ان يثبتوا في الايمان وانه بضيقات كثيرة ينبغي ان ندخل ملكوت الله} (اع 14 : 22). فنحن نعلم انه ورغم الضيقات فاننا سنغلب بالله الساكن فينا { قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا انا قد غلبت العالم} (يو 16 : 33) التوبة وتنفيذ ارادة الله ... يجب ان نقدم لله توبة عن خطايانا وذنوبنا التي فعلناها بارادتنا او بغير ارادتنا والخفية والظاهرة ونعمل ان تكون توبتنا شاملة مختلف جوانب حياتنا ومستمرة للنفس الاخير ونعمل على التخلص من ضعفاتنا فى ضوء نعمة الرب الغنية ولهذا شدد السيد المسيح على أهمية التوبة للخلاص والنجاة { ان لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون} (لو 13 : 3). ويحثنا الانجيل على التوبة التي هي الاقلاع عن الشر والخطأ والتصميم على عدم الرجوع اليه واصلاح نتائج الخطأ والاعتراف به ومن ثم السعي للنمو فى طاعة الله وتنفيذ ارادته فالله يريد خلاصنا جميعا { الذي يريد ان جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون} (1تي 2 : 4). الله يريد لنا ان نكون قديسين{ لان هذه هي ارادة الله قداستكم } (1تس 4 : 3). وهو يعمل فينا بنعمة روحة القدوس وبكلمته المقدسة ليدفعنا الى حياة الكمال وتنفيذ مشيئته { لان الله هو العامل فيكم ان تريدوا وان تعملوا من اجل المسرة }(في 2 :13) فهل نستجيب لعمل النعمة وتبكيت الروح القدس لنا لنتوب عن خطايانا ونسير فى طريق البر؟. لنبدأ بدءاً حسنا... اننا في بدء كل يوما جديد نصلي قائلين ( لنبدأ بدءاً حسناً) فهل نعمل بجدية وصدق ليكون كل يوم بدايه حسنة او مواصلة للسعى فى طريق الكمال المسيحي الذى دعانا الله اليه، كما ان بداية عام جديد هو مناسبة جيده لبداية حسنة فلا نشاكل اهل هذا العالم فى سعيهم وراء شهواتهم الجسدية أو متع العالم وبريقه بل نسعى الى عمل ارادة الله فى حياتنا { ولا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد اذهانكم لتختبروا ما هي ارادة الله الصالحة المرضية الكاملة} (رو 12 : 2). علينا ان نسعى فى التخلص من العادات والسلوكيات الخاطئة فى حياتنا ونكتسب بالجهاد كل ما هو حسن ومرضى لله { اخيرا ايها الاخوة كل ما هو حق كل ما هو جليل كل ما هو عادل كل ما هو طاهر كل ما هو مسر كل ما صيته حسن ان كانت فضيلة وان كان مدح ففي هذه افتكروا }(في 4 : 8). حياتنا غربة ونحن سفراء للملكة السماء ... يجب ان نعلم اننا هنا على الارض فى فترة غربة جئنا فيها لاداء رسالة سامية ومهمة جليلة فنحن ليسوا لعبة فى يد الظروف او الناس او الاحداث بل نحن سفراء للمملكة السماء { اذا نسعى كسفراء عن المسيح كان الله يعظ بنا نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله }(2كو 5 : 20). نحن رسل سلام ومصالحة فى عالم منقسم ومتصارع ولكي نحيا فى سلام يجب ان نكون فى صلة واتصال دائم مع رئيس إيماننا ومكمله الرب يسوع وان يكون هدفنا هو تنفيذ ارادته وسماع صوت كلامه فالسفير الناجح فى مهمته يقوم بتمثيل بلده فى البلد المضيف ويعمل وسط المتغيرات الكثيرة على تحقيق مصالحها واعلاء شانها وكحلقة اتصال بين البلد المضيف وبلده الاصلي يجب ان يكون امينا كحلقة اتصال بينهما. فهل نحن سفراء صالحين للملكة السماء. متأصلين فى بلادنا وسنستمر... اننا ورغم اننا لسنا غرباء او وافدين على بلاد الشرق الاوسط كمسيحيين بل متجذريين فى بلادنا منذ الاف السنين، ارتوت ارضنا بدماء اجدادنا وتخضيت ارضنا بعرقهم وجهادهم بتنا اليوم نشعر بالاغتراب أكثر فأكثر فى بلاد كانت مهد المسيحية وقلبها النابض وستبقى هكذا الى ان يرث الله الارض وما عليها، نشعر ايضا بثقل المسئولية الملقاة على عاتقنا لنكون ملح الارض ونور للعالم كما دعانا السيد المسيح { انتم ملح الارض ولكن ان فسد الملح فبماذا يملح لا يصلح بعد لشيء الا لان يطرح خارجا ويداس من الناس.انتم نور العالم لا يمكن ان تخفى مدينة موضوعة على جبل. ولا يوقدون سراجا و يضعونه تحت المكيال بل على المنارة فيضيء لجميع الذين في البيت. فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا اعمالكم الحسنة ويمجدوا اباكم الذي في السماوات} (مت 13:5-16). لقد عانى مسيحيوا الشرق عبر تاريخهم الطويل للحفاظ على هويتهم الدينية والثقافية والاجتماعية فى تعاون وبذل مع اخوتهم فى الوطن وكنا نظن ان الربيع العربي سيأتي بما هو أفضل للجميع ولكن اذ اقبل علينا شتاء أصولي فعلينا ان نعمل بالاكثر على الانفتاح على مجتمعاتنا بروح المحبة والتعاون ونحن نعى انتمائنا الى اوطاننا متمسكين بالبقاء فيها كخيار لا رجعة فيه ونبنى انفسنا وابنائنا على الإيمان الاقدس الذى اليه دعينا { واثقا بهذا عينه ان الذي ابتدا فيكم عملا صالحا يكمل الى يوم يسوع المسيح} (في 1 : 6). اننا نضع ثقتنا فى الله الامين والقادر ان يحفظ حياتنا وكنيستنا وبلادنا كخميرة مقدسة وكنور لا يوضع تحت مكيال بل على منارة ليضئ لكل من هم فى البيت ليرى الناس اعمالنا الصالحة ويمجدوا ابانا الذى فى السماوات. خطة للنمو الروحي والعملي ... على المستوى الفردي والاسرى والكنسي لابد ان نضع خطة لحياتنا تدوم وتستمر فى متابعة يومية واسبوعية وشهرية وسنوية لكي ننمو فى النعمة والحكمة والقامة لدى الله والناس. يجب ان نسعى الى التميز والتفوق الروحي والدراسي والعملي وفى علاقاتنا الاجتماعية والروحية مع الله والناس. فلا مكان فى عالم اليوم للكسالى والخاملين ونحن نواجه منافسة حادة ومصاعب اقتصادية جمة فعلينا ان نتقدم ونأخذ بايدي بعضنا البعض فى السير فى خطى العلم والمعرفة وفى نفس الوقت العلاقة القوية والواثقة بالله فالانسان القوى روحيا والمرتبط بالسماء هو قلعة حصينة لا ينال منها الشيطان وقواته الشريرة شئ بل هو ضرورة لمجتمعه وكنيسته واسرته وياتي بالثمار الكثيرة لفائدته ولبنيان ملكوت السموات. القمص أفرايم الانبا بيشوى
المزيد
21 ديسمبر 2021

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح(33) حياة الكمال المسيحى

{كونوا أنتم كاملين، كما أن أباكم السماوي كامل } (متى 5: 48). مفهوم الكمال المسيحى وأهميته ودرجاته... الله يدعونا إلى حياة الكمال... إن الله يدعونا الى الكمال ويريد منا ان نتشبه به في كماله {كونوا أنتم كاملين ، كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل} (مت5: 48).فالله كامل لاعيب فيه وجميع سبله عدل وامانه ولا يوجد فيه ظلم أو ظلمة البته {هو الصخر الكامل صنيعه ان جميع سبله عدلاله امانة لا جور فيه صديق وعادل هو} (تث 32 : 4) وبالتاكيد فان الله الرحوم لنيطلب منا شئ مستحيل علينا ان نقوم به. فماذا يقصد رب المجد من هذه الدعوة الروحية العالية المستوى عن الجنس البشري الضعيف بطبيعته بعد السقوط. وما هو هذا الكمال؟ وكيف يصل الإنسان إليه؟ لقد كلم الله قديما ابو الاباء ابراهيم ودعاه لحياة الكمال {ظهر الرب لابرام وقال له انا الله القدير سر امامي وكن كاملا } (تك 17 : 1) كما شهد الكتاب قديما لنوح البار بانه كان كاملا فى جيله { كان نوح رجلا بارا كاملا في اجياله وسار نوح مع الله} (تك 6 :9).لقد راينا فى حياة ابينا ابراهيم كيف اطاع الله وذهب من بين ارضه وعشيرته واهله وهو لا يعلم الى اين يذهب، وعاش متغرباً على الارض بين الخيمة ومذبح الصلاة، بل وقدم ابنه وحيده على مذبح الحب الإلهى والطاعة لله فى إيمان بان الله قادر ان يقيمه من بين الاموات ، وفى تجرد من الماديات رفض ان ياخذ شئ من الممتلكات التى استردها من سالبيها وردها لاصحابها بعد معركة كسرة كدر لعومر{ وقال ملك سدوم لابرام اعطنى النفوس واما الاملاك فخذها لنفسك. فقال ابرام لملك سدوم رفعت يدي الى الرب الاله العلي مالك السماء والارض. لا اخذن لا خيطا ولا شراك نعل ولا من كل ما هو لك فلا تقول انا اغنيت ابرام} تك 21:14-23. من أجل هذا استحق ان يكون بركة { فاجعلك امة عظيمة واباركك واعظم اسمك وتكونبركة} (تك 12 : 2). وان يكون الله ترس وحمايةً له { بعد هذه الامور صار كلام الربالى ابرام في الرؤيا قائلا لا تخف يا ابرام انا ترس لك اجرك كثير جدا} تك 15:1.هكذا عاش نوح حياة الايمان عندما امره الله ببناء فلك وسط اليابسة وانتظر الكثيرمن السنين لياتى الله بالطوفان ويغرق الذين استهزأو به ونجا هو واهل بيته من اجل طاعته وإيمانه بصدق مواعيد الله . الكمال المطلق والنسبي ... الكمال المطلق هو لله وحده، ولا يمكن أن يصل إليه إنسان، لأننا كلنا فى الموازين إلي فوق اى ناقصين أما الكمال الذى نصل اليه فهو الكمال الممكن والنسبى على قدر طاقتنا وعمل نعمة الله فينا وسعينا فى الجهاد الروحى وقدراتنا البشرية وامكانيتنا . ولقد ذكر لنا الكتاب أناس وصفهم بالكمال رغم اننا نعلم ان لهم ضعفات فى حياتهم ، لكن الله كان ينظر ايضا الى توبتهم ونموهم والى ما وصلوا اليه فى نهاية رحلة غربتهم على الارض ولا شك ايضا اننا سننمو فى الابدية وباتحادنا بالله الحى الكامل لنصل الى الكمال المطلوب منا. لقد شهد الله عن أيوب البار بانه كامل { كان رجل في ارض عوص اسمه ايوب وكان هذا الرجل كاملا ومستقيما يتقي الله ويحيد عن الشر} (اي 1 : 1).واستحق ان يدافع الرب عنه أمام حروب الشيطان{ فقال الرب للشيطان هل جعلت قلبك على عبدي ايوب لانه ليس مثله في الارض رجل كامل ومستقيم يتقي الله ويحيد عن الشر} (اي 1 :8). ومع أنه كانت له بعض الضعفات ولكن الله يحكم علي كل إنسان بالنسبة إلي إمكانياته وإلي عصره ومستواه وإلي عمل الروح القدس معه. وقد يكون الكمال صفة نصل اليها بالوصول الى تنفيذ وصية معينة، كما فى مثال الشاب الغنى فان كمال الترك وتنفيذ الوصايا ان نعطى ما لنا للفقراء ونتبع السيد المسيح {إن أردت أن تكون كاملاً، اذهب بع كل مالك وأعطه للفقراء} (مت 21:19). وواجبنا أن نسعى إلي الكمال، وليس لنا أن نقول إننا وصلنا إليه، فالكمال درجات كلما يصل الإنسان إلي واحدة منها، يجد كمالاً آخر أعلي وأبعد فى انتظاره ويكون كمن يطارد الأفق أو السراب .ان القديس بولس الرسول كمثال وهو الذي صعد إلي السماء الثالثة، والذي تعب أكثر منجميع الرسل، نجده يقول {لست أحسب إني قد أدركت أو قد صرت كاملاً، ولكن أسعى لعلي أدرك. افعل شيئاً واحداً، أنسى ما هو وراء، وأمتد إلي ما هو قدام} (في 15,12:3)فإن كان القديس بولس العظيم لا يحسب انه قد صار كاملاً، إنما يسعى لعله يدرك، فماذا نقول نحن؟ ومع ذلك فإن بولس يقول بعد ذلك مباشرة {فليفتكر هذا جميع الكاملين منا} أي جميع من يحسبون أنهم قد صاروا كاملين، أو جميع الذين يحسبهم الناس أنهم كاملين. إن طالباً في الابتدائي قد يأخذ الدرجة النهائية في الرياضيات فيقولون أنه كامل بالنسبة إلي هذا المستوي، وقد لايفقه شيئاً في المستوي الأعلى. وهكذا قد يرتقي من مستوي الكمال في الابتدائية إليمستوي الكمال في الإعدادية، ثم في الثانوية ثم في الجامعة. وكله كمال نسبي، ومعذلك لا يحسب أنه قد صار كاملاً في الرياضيات فهناك مستويات ما تزال أعلي منه.إن الله يدعونا للنمو الروحي المستمر، باستخدام كل وسائط النعمة لكي يصل المؤمن إلى {قياس (مستوى) قامة ملء المسيح} (أف4: 13). وليس هذا الوضع الروحي المرتفع إلاَ بعمل النعمة في النفس المجاهدة، كمال وصلت إليه قامات روحية رفيعة، مثل القديس الأنبا أنطونيوس والأنبا مكاريوس الكبير والأنبا باخوميوس والقديس أثناسيوس الرسولى وليس هؤلاء فقط بل فى كل جيل راينا أناس متزوجين وبتوليين وصلوا الى قامات روحيه عاليه بأمانتهم واستجابتهم لعمل الروح القدس . انالله لا يريد لنا ان نحيا فى الخطية بل ان نتوب ونقلع عنها ولا نعود اليها ثم ننموفى معرفته لنصل الى المحبة الكاملة وننمو الى ان نصل الى القداسة والكمال وقال لنا{عيناي على امناء الارض لكي اجلسهم معي، السالك طريقا كاملا هو يخدمني} (مز 101 :6) {طوبى للكاملين طريقا السالكين في شريعة الرب}(مز 119 : 1). ان الله يدعونا ويحثنا الى السير فى طريق الكمال فى خدمته ونسلك فى وصاياه مشجعا ايانا على النمو المستمر. وكمثال للسعى الى الكمال فقد أشتهر احد المهندسين المعماريين فى أمريكا ببراعته ونظرياته الرائعة فى التصميم وعندما ساله احد المعجبين بعلمه : أية بناية تعتبرها رائعتك الفنية؟ أجاب اود ان تكون البناية القادمة انشالله ! فرد عليه أحد مساعديه ، ولكنك تقول دائما "البناية القادمة" فمتى فرغنا منها لا تعود تهتم وتعكف على التخطيط لغيرها! قال له لانى عندما اراها فانى اكتشف ان هناك ما هوأفضل وأحسن وأكمل فى فكرى فلا يعود الحسن يعجبنى !. فان كان ذلك يحدث فى مجالا لهندسة المعمارية فان النفوس الفاضلة تسعى الى الوصول الى الكمال وتنظر دائما الى الأفضل وتحتفظ بثباتها وتواضعها فى تقدمها . المحبة رباط الكمال ... يمكن أن يصل المؤمن إلىالكمال النسبي بالنمو في الفضائل وعمل الخير والخدمة، مبتدئاً بالنمو في المحبة الباذلة { وعلى جميع هذه البسوا المحبة التي هي رباط الكمال }(كو 3 : 14).الله محبة ومن يثبت فى المحبة يثبت فى الله والله فيه. ان بنائنا الروحى يجب ان يقوم على المحبة التى شبهها الاباء القديسين مع التواضع بانهاء المادة الاساسية التى تربط البناء الروحى كله متماسك معا كالمؤنه بالنسبة للحائط تجعله متماسك وحدة واحده ولقد اكد السيد المسيح على أهمية المحبة لانها لب وجوهر كلام الناموس والانبياء { وساله واحد منهم وهو ناموسي ليجربه قائلا. يا معلم اية وصية هي العظمى في الناموس. فقال له يسوع تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك. هذه هي الوصية الاولى والعظمى. والثانية مثلها تحب قريبك كنفسك. بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والانبياء} مت 35:22-40.اننا بالتقدّم في الفضيلة نتشبّه بالله، حيث يمنحنا الرب نعمة المحبة كثمرة من ثمار الروح القدس لنحب اعدائنا ككمال لوصية المحبة {سمعتم انه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك. واما انا فاقول لكم احبوا اعداءكم باركوا لاعنيكم احسنوا الى مبغضيكم وصلوا لاجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم. لكي تكونوا ابناء ابيكم الذي في السماوات فانه يشرق شمسه على الاشرار والصالحين ويمطر على الابرار والظالمين. لانه ان احببتم الذين يحبونكم فاي اجر لكم اليس العشارون ايضا يفعلون ذلك. وان سلمتم على اخوتكم فقط فاي فضل تصنعون اليس العشارون ايضا يفعلون هكذا. فكونوا انتم كاملين كما ان اباكم الذي في السماوات هو كامل} مت43:5-48. لم تأمر الشريعة ببغض العدوّ كوصيّة يلتزم بها المؤمن، في كسرها كسرللناموس وإنما كان ذلك سماحًا أُعطى لهم من أجل قسوة قلوبهم. لقد ألزمت بحب القريب وسمحت بمقابلة العداوة بعداوة مساوية، لكي تمهد لطريقٍ أكمل، أن يحب الإنسان قريبه على مستوى عام، أي كل بشر. يظهر ذلك بوضوح من الشريعة نفسها التي قدّمت نصيبًا منمحبّة الأعداء ولو بنصيب قليل، فقيل {إذا رأيت حمار مبغضك واقعًا تحت حمله وعدلتعن حلّه فلابد أن تحلّ معه} (خر 23: 5). وقيل أيضًا {لا تكره أدوميًا لأنه أخوك،ولا تكره مصريًا لأنك كنت نزيلاً في أرضه} (تث 23: 7). مع ان الادوميين والمصريين كانوا بمثابة أعداء لهم . لقد طالب السيّد المسيح المؤمنين أن يصعدوا بروحه القدّوس على سلّم الحب فيحبّون حتى الأعداء، ويحسنون إلى المبغضين لهم، ويصلّون لأجل المسيئين إليهم.وبهذا يحملون مثال أبيهم السماوي وشبهه. ويرى القدّيس يوحنا الذهبي الفم أن السيّد المسيح قد جاء ليرفعنا إلى كمال الحب، الذي في نظره يبلغ الدرجة التاسعة، مقدّمًا لنا هذه الدرجات هكذا . الدرجة الأولى: ألا يبدأ الإنسان بظلم أخيه. الدرجة الثانية: إذا أصيب الإنسان بظلم فلا يثأر لنفسه بظلم أشد، وإنما يكتفي بمقابلة العين بالعين والسن بالسن (المستوى الناموسى الموسوي). الدرجة الثالثة: ألا يقابل الإنسان من يسيء إليه بشريماثله، إنّما يقابله بروح هادئ. الدرجة الرابعة: يتخلّى الإنسان عن ذاته، فيكون مستعدًا لاحتمال الألم الذي أصابه ظلمًا وعدوانًا. الدرجة الخامسة: في هذه المرحلة ليس فقط يحتمل الألم، وإنما يكون مستعدًا في الداخل أن يقبل الآلام أكثر مما يودّ الظالم أن يفعل به،فإن اغتصب ثوبه يترك له الرداء، وإن سخّره ميلاً يسير معه ميلين. الدرجة السادسة: أنه يحتمل الظلم الأكثر ممّا يودّه الظالم دون أن يحمل في داخله كراهيّة نحو العالم. الدرجة السابعة: لا يقف الأمر عند عدم الكراهيّة وإنما يمتد إلى الحب. "أحبّوا أعداءكم". الدرجة الثامنة: يتحوّل الحب للأعداء إلى عمل، وذلك بصنع الخير "أحسنوا إلى مبغضيكم"، فنقابل الشرّ بعمل خير. الدرجة التاسعة والأخيرة: يصلّي المؤمن من أجل المسيئين إليه وطارديه. هكذا إذ يبلغ الإنسان إلى هذه الدرجة، يقدّم عن الكراهية والعداوة عوضها حبًا عمليًا ويقف كأب مترفّق بكل البشريّة، يصلّي عن الجميع طالبًا الصفح عن أعدائه والمسيئين إليه وطارديه، يكون متشبِّهًا بالله نفسه أب البشريّة كلها. وقد أخبرنا القديس بطرس المختبر، أن الله قادر {أن يكملكم ويثبتكم ويقويكم ويمكنكم (1بط5: 10). فهلنثق في وعد الله في أنه يسندنا في سيرنا في طريق الكمال الروحي؟ . اننا اذ نسيرعلى خطى يسوع المسيح المحب فاننا نختبر قول الرب {إن قوتي في الضعف تكمل} (2كو12:9). ان هذه المحبة العملية للاعداء ظهرت على الصليب عندما طلب الحبيب من الآب السماوى الغفران لصالبيه قائلاً { ياابتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون} (لو 23 : 34). ومن المعلم الصالح تعلم القديس استفانوس ان يغفر حتى لراجميه وهم يرجمونه بالحجارة { ثم جثا على ركبتيه وصرخ بصوت عظيم يا رب لا تقم لهم هذه الخطية واذ قال هذا رقد} (اع 7 : 60). الكمال نمو روحى فى عدم أكتفاء ... والمعنى المقصود بالكمال أيضا قد يكون عدم الإكتفاء بالوضع الروحي الذي يكون فيه المؤمن المجاهد الآن، لأن الطموح الروحي بلا حدود، فمع أن الرسول بولس قد نال بركات روحية عظيمة، لكنه لم يشبع من المسيح أبداً، بل أعلن أنهظل يسعى للمزيد باستمرار، حتى نال اكليله. وعلَمنا أن نقول دائماً {أستطيع كلشيء في المسيح الذي يقويني}(في 4: 13). والجهاد الروحي يكون في كل المجالات الروحية، وضد كل الخطايا، فقد يترك انسان خطية ما، فيظن أنه بذلك قد ارتفع مستواه الروحي كثيراً، ولعل الشيطان قد توقف عن محاربته في تلك الخطية بالذات، ليعطيها حساساً بالغرور، والميل للإفتخار بالإنتصار على خطية واحدة. وكذلك يجب عدم التهاون مع الخطايا التي يظنها البعض صغيرة أو تافهة لأن من حفظ كل الناموس(وصايا الله)، وانما أُعثر في واحدة فقط، فقد صار متعديا و{مجرماً في الكل} (يع2:10). { ولكن شكرا لله الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين ويظهر بنا رائحة معرفته في كل مكان }(2كو 2 : 14). اننا لكى نصل إلى الكمال الروحى المطلوب منا ينبغيان نشعر بوجود الله الدائم معنا ومعرفته لافكارنا وتصرفاتنا ومحاسبتنا لانفسنا على كل فكر وقول وسلوك ، وذلك للنمو في النعمة والحكمة. كما يقول صاحب المزمور { جعلت الرب امامي في كل حين.لانه عنيميني فلا اتزعزع} (مز 16 : 8).تخيل مثلاً أن يجلس بجوارك في سيارتك أحد القديسين . فهلتتفوه بكلمة صعبة لمن يضايقك في طريقك؟! عدم تفوهك بذلك يرجع إلى أنك تشعر أن أبمبارك يجلس بجوارك وعلى هذا المنوال ينبغي أن تشعر دائماً أن الله يجوارك ويراقبكفي كلامك وكل تصرفاتك، وبذلك تستطيع أن تبتعد عن العثرة الضارة للنفس وللناس. الاهتمام بتقديس القلب وحياة الكمال.. ان القلب فى هو مركزالحياة الروحية ويقصد به الانسان الداخلى بما فيه من عواطف ومشاعر وانفعالات ودوافع وارادة وهو الموجهه للانسان نحو الخير ومحبة الله او الشر والبعد عنه لهذا يوصينا الانجيل بان يكون قلبنا كاملاً فى محبته لله { فليكن قلبكم كاملا لدى الرب الهنا اذ تسيرون في فرائضه وتحفظون وصاياه كهذا اليوم} (1مل 8 : 61). ولهذا اوصى داود النى ابنه سليمان ان يحب الله بقلب كامل { وانت ياسليمان ابني اعرف اله ابيك واعبده بقلب كامل ونفس راغبة لان الرب يفحص جميع القلوب و يفهم كل تصورات الافكار فاذا طلبته يوجد منك واذا تركته يرفضك الى الابد} (1اخ28 : 9). ولقد بدأ سليمان بداية حسنه لكنه تغير قلبه بسبب محبة للنساء { وكانفي زمان شيخوخة سليمان ان نساءه املن قلبه وراء الهة اخرى ولم يكن قلبه كاملا معالرب الهه كقلب داود ابيه} (1مل 11 : 4). ان الله يريد ان نعطيه قلوبنا ونسير فى طريقه وهو فى امانته يقوى هؤلاء السائرين فى طريق الكمال معطيا لهم سعادة وبركة { لانعيني الرب تجولان في كل الارض ليتشدد مع الذين قلوبهم كاملة نحوه} (2اخ 16 : 9). فعليناان نعطى قلوبنا ومحبتنا لله ونحب الغير حبا فى الله محبة روحية طاهره تبنيهم ولاتذيد محبتنا لهم عن محبتنا لله أو تنحرف فتتحول الى شهوة خاطئه تبعدنا عن دائرةمحبة الله . تشجيع الله لنا للسير فى طريق الكمال أن الكمال والقداسة صفة ينسبها الله لأولاده، حتى ولو لم يكونوا كذلك لأنه يحبهم جداً، فلنحاول أن نجاهد لنصل للكمال الذي يريده الله لنا. وتمسك بوسائط الخلاص كلها التي هي طريق للكمال المنشود. فان قالت النفس {أنا سوداء كخيام قيدار} يقول الرب المحب {كلك جميلة ياحبيبتي وليس فيك عيب} (نش1: 5، 4: 7).ان الله يريد ويسعى الى خلاصنا وقداستنا ولهذا يجب علينا ان ننمو ونسعى فى طريق الخلاص والقداسة كما دعانا الكتاب { فاطلب اليكم ايها الاخوة برافة الله ان تقدموا اجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله عبادتكم العقلية . ولا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد اذهانكم لتختبروا ما هي ارادة الله الصالحة المرضية الكاملة. فاني اقول بالنعمة المعطاة لكل من هو بينكم ان لا يرتئي فوق ما ينبغي ان يرتئي بل يرتئي الى التعقل كما قسم الله لكل واحد مقدارا من الايمان. فانه كما في جسد واحد لنا اعضاء كثيرة ولكن ليسجميع الاعضاء لها عمل واحد. هكذا نحن الكثيرين جسد واحد في المسيح واعضاء بعض البعض كل واحد للاخر. ولكن لنا مواهب مختلفة بحسب النعمة المعطاة لنا} رو 1:12-6.نحن نشكر الله على قبوله وتشجيعه لنا لنسير معه فى طريق الكمال كاطفال نحبو يمسك بايدينا لئلا نسقط وعندما نتعثر نجده يسرع الينا كما بطرس الرسول منتشلاً ايانا من الغرق ، ومقويا لنا فى الضعف واهبا لنا كل امكانيات النمو فى حياة القداسة والكمال المسيحى فهو رئيس إيماننا ومكمله وهو الطريق والحق والحياة لكل السائرين فى طريق الكمال . الكمال فى حياة وتعاليم السيد المسيح كمال الله وقداسته ... الله وحده له الكمال المطلق فى ذاته وفى كل شريعته وأعماله وطرقه { هو الصخر الكامل صنيعه ان جميع سبله عدل اله امانة لا جور فيه صديق وعادل هو} (تث 32 : 4). { الله طريقه كامل وقول الرب نقي ترس هو لجميع المحتمين به} (2صم 22 : 31). {ناموس الرب كامل يرد النفس. شهادات الرب صادفة تصير الجاهل حكيما}(مز 19 : 7).وعندما يختار الله الكامل العادل والقدوس له شعباً، يجب ان يصبح هذاالشعب بدوره قدوساً، أي مفروزاً عمَا هو دنيوي، ومكرساً لله، فيفرض عليه بذالك حتماً مطلب الكمال. فما هو مكرّس لله ينبغي أن يكون سليماً صحيحاً لا عيب فيه.فهذه السلامة مطلوبة حتى بالنسبة إلى الحيوانات التي تقرب للذبيحة {لا تقربوا للرب حيواناً أعمى أو مكسوراً أو مجروحاً } (لا 22: 22). وتسري هذه الشريعة ذاتها بالنسبة إلى الكهنة خدام الله فيجب ان لا يكون لديهم عيوب جسدية اوأدبية أو روحيه تعيق خدمتهم (لا 21: 17-23).ثم تصل لتكون مطلب من كل مؤمن ومؤمنة فى المسيح يسوع، وتوصَي القواعد الخاصة بالطاهر والنجس الشروط المقررة في هذا الصدد (لا 11 إلى15). وعندما يتعلّق الأمر بالأشخاص، ينبغي أن يضاف إلى السلامة الطبيعية السلامة الأدبية،فيجب خدمة الله " بقلب كامل "وبكل إخلاص وأمانة (1 ملوك 8: 61، تث 6: 5، 10: 12)، وأن هذه الخدمة تشمل الطاعةللوصايا والكفاح ضد الشر. ولذا فإن الانحرافات في المفهوم الديني كانت موضع محاربه شديدة من جانب الأنبياء فى العهد القديم فاى قداسة وبر يجب ان نسير عليه نحن الذين أخذنا نعمة الروح القدس؟ . أن ما ينبغي البحث عنه هو البر الحقيقي، مع تجنَب العنف والأنانية، ومع العيش في الإيمان بالله، وعمل الحق والإحسان والرحمة وهذا هو مفهوم لصوم الروحى حتى فى العهد القديم { اليس هذا صوما اختاره حل قيود الشر فك عقد النير واطلاق المسحوقين احرارا وقطع كل نير. اليس ان تكسر للجائع خبزك وان تدخل المساكين التائهين الى بيتك اذا رايت عريانا ان تكسوه وان لا تتغاضى عن لحمك.حينئذ ينفجر مثل الصبح نورك وتنبت صحتك سريعا ويسير برك امامك ومجد الرب يجمع ساقتك. حينئذ تدعو فيجيب الرب تستغيث فيقول هانذا ان نزعت من وسطك النير والايماء بالاصبع وكلام الاثم. وانفقت نفسك للجائع واشبعت النفس الذليلة يشرق في الظلمة نورك ويكون ظلامك الدامس مثل الظهر. ويقودك الرب على الدوام ويشبع في الجدوب نفسك وينشط عظامك فتصير كجنة ريا وكنبع مياه لا تنقطع مياهه. ومنك تبنى الخرب القديمة تقيم اساسات دور فدور فيسمونك مرمم الثغرة مرجع المسالك للسكنى} اش 6:58-12. انالكمال فى السعى لحفظ وصايا الله يجب ان يمتد الى الأمام بحسب عمل النعمة فينا معا لشعور بالضعف وعدم الوصول بعد الى الكمال بل وهذا ما يدعونا اليه الرب { كذلكانتم ايضا متى فعلتم كل ما امرتم به فقولوا اننا عبيد بطالون لاننا انما عملنا ماكان يجب علينا} (لو17 : 10). السيد المسيح ودعوته للكمال ان السيد المسيح فى تجسده على الارض وخدمته تحلى بكل خصال الصلاح والعدل والرحمة وان كان هو الابن الكلمة المتجسد والواحد مع الآب فى الجوهر فانه القدوس والكامل وهو الذى دعانا الى الكمال كما ان الله قدوس وكامل { فكونوا انتم كاملين كما اناباكم الذي في السماوات هو كامل} (مت 5 : 48) .وهو يريد لنا ان نتحد بكماله سائلا الآب من أجلنا { لست اسال ان تاخذهم من العالم بل ان تحفظهم من الشرير. ليسوا من العالم كما اني انا لست من العالم. قدسهم في حقك كلامك هو حق. كما ارسلتني الى العالم ارسلتهم انا الى العالم. ولاجلهم اقدس انا ذاتي ليكونوا هم ايضا مقدسين فى الحق. ولست اسال من اجل هؤلاء فقط بل ايضا من اجل الذين يؤمنون بي بكلامهم. ليكون الجميع واحدا كما انك انت ايها الاب في وانا فيك ليكونوا هم ايضا واحدا فينا ليؤمن العالم انك ارسلتني. وانا قد اعطيتهم المجد الذي اعطيتني ليكونوا واحدا كما اننانحن واحد.انا فيهم وانت في ليكونوا مكملين الى واحد وليعلم العالم انك ارسلتنيواحببتهم كما احببتني} يو 15:17-23. أعلن لنا السيد المسيح بأن الإله القدوس هو إله المحبة، يضفي على مطلب الكمال الناشئ عن العلاقة بالله، توجهاً جديدا فى علاقتنا بالله وهى ان الله محبة ويريد ان يهبنا محبته ويضفى علينا كماله { وخرج لك اسم في الامم لجمالك لانه كان كاملا ببهائي الذي جعلته عليك يقول السيد الرب} حز 14:16. لقد جاء من أجل خلاص الخاطئين (متى 9: 12- 13). أجل، إنه{الحمل الذي بلا عيب}(1 بط 1: 19)، الذي أشار عليه سفر اللاويين ليقدم محرقة عن خطايانا، وفي سبيل غفرانها يسفك دمه على عود الصليب وهذا ما قاله القديس يوحناالمعمدان عندما نظر السيد المسيح مقبلاً اليه (هوذا حمل الله ، الذى يرفع خطية العالم )، فهكذا يصير كاهننا " الكامل " (عبرانيين 5: 9- 10)، القادر أنيجعلنا بدورنا كاملين (عبر 10: 14). { وكما رفع موسى الحية في البرية هكذ اينبغي ان يرفع ابن الانسان. لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية.لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن بهبل تكون له الحياة الابدية.لانه لم يرسل الله ابنه الى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم} يو14:3-17. السيد المسيح وكمال الوصايا إن كان السيد المسيح يطالبنا أن نعلن النور الإلهي الساكن فينا خلال حياتنا العمليّة، فتصبح حياتنا كسراجٍ على منارة يضيء لكل من في البيت، ويتمجّد أبونا السماوي أمام الجميع، فما هي الوصايا التي نلتزم بها في حياتنا؟ هل هي وصايا غيرالشريعة الموسويّة؟ وهل تتعارض معها؟ يجيب السيّد مؤكدًا: {لا تظنّوا إنيجئت لأنقض الناموس أو الأنبياء، ما جئت لأنقض بل لأكمل} مت 17:5 فقد جاء ليكمّل الناموس والأنبياء بطرق متنوّعة أولاً: تحقّقت النبوّات في شخص المسيّا فلقد أكمل الأنبياء بقدر ما أكّد بأعماله كل ما قيل عنه، فقد اعتاد الإنجيل أن يقول في كلحالة: {لكي يتم ما قيل بالنبي} (مت 1: 22-23)، وذلك عندما وُلد، وعندما ترنم له الأطفال بالتسبحة العجيبة، وغير ذلك من الأمثلة الكثيرة. لقد حقّق هذه الأمور التيما كان يمكن تحقيقها لو لم يأتِ) ثانيًا: أكمل السيّد الناموس بخضوعه للوصايا دون أن يكسرو صيّة واحدة. يقول ليوحنا المعمدان: {لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل له كل برّ} (مت3: 15)، ويقول لليهود: {من منكم يبكّتني على خطيّة}(يو 8: 46)، كما يقول لتلاميذه:{رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيّ شيء}(يو 14: 30). هذا وقد شهد عنه النبي،قائلاً{إنه لم يعمل ظلمًا، ولم يكن في فمه غش}(إش 53: 9). ثالثًا: أنالسيّد المسيح لم يكمّل الناموس في نفسه فحسب، وإنما يكمّله أيضًا فينا، قائلاً: هذاهو العجب ليس أنه هو حقّق الناموس، بل وهبنا نحن أيضًا أن نكون مثله، الأمر الذيأعلنه بولس بقوله: {لأن غاية الناموس هي المسيح للبرّ لكل من يؤمن}(رو 10: 4)، كماقال: {دان الخطيّة في الجسد، لكي يتم حكم الناموس فينا نحن السالكين ليس حسب الجسد}(رو8: 3-4)( أنظر ستجد المزيد من عظات القمص افرايم الأنبا بيشوى هنا فى منتدى أم السمائيين والأرضيين). وأيضًا: {أفنُبطل الناموس بالإيمان؟! حاشا! بل نثبِّت الناموس} (رو 3:31). فإنه مادام الناموس كان عاملاً لكي يبرّر الإنسان، لكنّه عجز عن تحقيق ذلك.جاء (المسيح) ودخل بالإنسان إلى طريق البرّ بالإيمان مثبتًا غاية الناموس. ما لميستطع الناموس أن يتمّمه بالحروف تحقّق بالإيمان، لهذا يقول{ما جئت لأنقض بل لأكمل} رابعًا: أكمل أيضًا السيّد الناموس بتكميل نصوصه كروحوحياة وليس بعبادة حرفيه وبالدخول إلى أعماق وكمال الوصية. ففي القديم أمر الناموس بعدم القتل، فجاء السيّد ليؤكّد الوصيّة لا بمنع القتل فحسب، وإنما بمنع الغضب باطلاً، أي نزع الجذر، فتبقى الوصيّة في أكثر أمان، إنه بهذا لم ينقضها، بل قدّمها في أكثر حيويّة وقوّة. هكذا فى خطية الزنا يريد لنا ان ننتصر عليها بقداسة الحواسوالفكر {قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تزن، وأما أنا فأقول لكم إن كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها ، فقد زنى بها في قلبه} مت 27:5-28. إن هذه الخطيّة تكمل على مراحل إثارتها ثم التلذّذ بها، ثم إرضائها فإن كان الناموس قد حرّم إرضاء الخطيّة أيتنفيذها، فإن السيّد المسيح جاء ليقتلع جذورها بمنع الخطيّة من المرحلة الأولى. إنكانت الخطيّة تبدأ بالإثارة خلال النظرة الشرّيرة، ليتقبّلها الفكر ويتلذذ بها ثم تدخل إلى الإرضاء بالتنفيذ العملي، فإنه يسهل على المؤمن أن يواجهها في مرحلتها الأولى قبل أن يكونلها موضع في الذهن أو لذّة خلال الممارسة للخطأ. المسيحى وحياةالكمال أمكانيات الكمال للمؤمن ... لقد طلب منا الله ان نكون كاملين ، ويظن الكثيرين ان هذه الغاية صعبة المنال بل تبدوا مستحيلة فى ظل متغيرات العصر الحديث وصرعاته المتلاحقة . الا انها تبدو متيسرة لنا لو عرفنا واستخدمنا كلا لامكانيات المتاحة لنا من الله ووسائط الخلاص ولو عرفنا ان وصايا السيد المسيح تتجه بالمؤمن لا الى الارض بل للسماء ، عندما يتجه الانسان الى الإرض وشهواتها تتجه سيرته الى أسفل ويهبط فى تصوراته وأفكاره الى سلم المادة والفساد والفناء ولكن اذ يولد الانسان فوق بالماء والروح ويصير مسكنا لروح الله القدوس ويجعل وجهته السماء ورسالته على الارض ان يكون سفيرا لها فان مسيرة حياته تتجه الى أعلى ويعلوفى تصوراته وافكاره وسلوكه وروحياته حتى يصل الى الله الذى هو روح وقدسة وكمال . اننا لا نقفز الى الكمال دفعة واحدة وانما كسلم روحىنصعد درجة ت ويعلوفى تصوراته وافكاره وسلوكه وروحياته حتى يصل الى الله الذى هو روح وقدسة وكمال . اننا لا نقفز الى الكمال دفعة واحدة وانما كسلم روحىنصعد درجة تلو الاخرى فى نمو ويسر . ان فى الروح البشرية من القدرات المخبؤة والامكانيات الخلاقة ما قد لا يخطر على بال بشر . وما يبدوا لنا صعبا ومحال مع العزيمة والصدق والاستجابة لعمل نعمة الله الغنية نصل اليه فى فرح ويسر . كما ان السعى نحو الكمال المسيحى هو راحة للنفس وسعادة للروح . ان كمال الإنسان هو الغاية التى هدفت اليها الحكمة الالهية منذ الازل { فان الذين يحفظون بقداسة ما هو مقدس يقدسون والذين يتعلمون هذه يجدون ما يحتجون به. فابتغوا كلامي واحرصوا عليه فتتادبوا. فان الحكمة ذاتبهاء ونضرة لا تذبل ومشاهدتها متيسرة للذين يحبونها ووجدانها سهل على الذين يلتمسونها. فهي تسبق فتتجلى للذين يبتغونها. ومن ابتكر في طلبها لا يتعب لانه يجدها جالسة عند ابوابه. فالتامل فيها كمال الفطنة ومن سهر لاجلها فلا يلبث له هم.لانها تجول في طلب الذين هم اهل لها وتتمثل لهم في الطرق باسمة وتتلقاهم كلما تاملوا فيها. فاولها الخلوص في ابتغاء التاديب. وتطلب التاديب هو المحبة والمحبة حفظ الشرائع ومراعاة الشرائع ثبات الطهارة. والطهارة تقرب الى الله. فابتغاء الحكمة يبلغ الى الملكوت} حك 11:6-21. التواضع والكمال المسيحى التوضع يحفظ من السقوط ويمنع عنا الكبرياء والسقوط وادانه للغير { وقال لقوم واثقين بانفسهم انهم ابرار ويحتقرون الاخرين هذا المثل. انسانان صعدا الى الهيكل ليصليا واحد فريسي والاخرعشار. اما الفريسي فوقف يصلي في نفسه هكذا اللهم انا اشكرك اني لست مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة ولا مثل هذا العشار. اصوم مرتين في الاسبوع واعشر كل مااقتنيه. واما العشار فوقف من بعيد لا يشاء ان يرفع عينيه نحو السماء بل قرع على صدره قائلا اللهم ارحمني انا الخاطئ. اقول لكم ان هذا نزل الى بيته مبررا دون ذاكلان كل من يرفع نفسه يتضع و من يضع نفسه يرتفع}(لو 9:18-14) فمن أراد أن يستفيد من الخلاص المقدم لنا من الله ، عليه أن يعترف بأنه خاطئ (1 يو1: 8)، وأن يبتعد عن الكبرياء ولا يتكل على ذاته أو أمواله أو على ذراع بشر، لكنعلى نعمة الله وكما قال القديس بولس الرسول { لكن ما كان لي ربحا فهذا قد حسبته مناجل المسيح خسارة. بل اني احسب كل شيء ايضا خسارة من اجل فضل معرفة المسيح يسوع ربي الذي من اجله خسرت كل الاشياء وانا احسبها نفاية لكي اربح المسيح. واوجد فيه وليس لي بري الذي من الناموس بل الذي بايمان المسيح البر الذي من اللهب الايمان.لاعرفه و قوة قيامته وشركة الامه متشبها بموته. لعلي ابلغ الى قيامة الاموات.(في 3: 7- 11). فبدون التواضع ، لا يمكن اتباع السيد { وقال للجميع ان اراد احد انياتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني. فان من اراد ان يخلص نفهسه يهلكها ومن يهلك نفسه من اجلي فهذا يخلصها.لانه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله واهلك نفسه او خسرها} لو23:9-25 ف من أراد أن يتقدّم في الكمال، عليه أن يسلك هذا الطريق بسخاء. إن الكلمة الموجهة للشاب الغني توجب علينا تأملها { قال له يسوع ان اردت ان تكون كاملا فاذهب وبع املاكك واعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني. فلما سمع الشاب الكلمة مضى حزينا لانه كان ذا اموال كثيرة} مت21:19-22. المحبة والتدرج فى حياة الكمال إن الكمال الذي دعي إليه أبناء الله هوكمال المحبة كما ذكرنا { لا تكونوا مديونين لاحد بشيء الا بان يحب بعضكم بعضا لانمن احب غيره فقد اكمل الناموس. لانه لا تزن لا تقتل لا تسرق لا تشهد بالزور لاتشته وان كانت وصية اخرى هي مجموعة في هذه الكلمة ان تحب قريبك كنفسك. المحبة لاتصنع شرا للقريب فالمحبة هي تكميل الناموس} ( رو 13: 8-10). لقد دعانا السيد المسيحان نحب الجميع ، محبة تمتد لتشمل أيضاً العدو والمضطهد . إن هذا السخاء فى المحبة يتاتى تدريجيا كلما نمونا فى محبة الله نأخذ منه ونفيضعلى الجميع ، فعلى تلاميذ المعلم الإلهي أن يتقدموا على الدوام، وأن ينموا في المعرفة والحب { وهذا اصليه ان تزداد محبتكم ايضا اكثر فاكثر في المعرفة و في كل فهم} (فيلبي1: 9)، {واله كل نعمة الذي دعانا الى مجده الابدي في المسيح يسوع بعد ما تالمت ميسيرا هو يكملكم ويثبتكم ويقويكم ويمكنكم} (1بط 5 : 10). الجهاد الروحى وعمل النعمة ان السعى فى طريق الكمال يحتاج منا الى جهاد وسهر روحى وسعى مستمر فى طريق الفضيلة والبر { بر الكامل يقوم طريقه اما الشرير فيسقط بشره }(ام 11 : 5). اننا نحتاج ان نتسلح باسلحته الحرب الروحية { من اجل ذلك احملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا ان تقاوموا فياليوم الشرير وبعد ان تتمموا كل شيء ان تثبتوا. فاثبتوا ممنطقين احقاءكم بالحق ولابسين درع البر. وحاذين ارجلكم باستعداد انجيل السلام. حاملين فوق الكل ترس الايمان الذيبه تقدرون ان تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة. وخذوا خوذة الخلاص وسيف الروح الذي هو كلمة الله. مصلين بكل صلاة وطلبة كل وقت في الروح وساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة وطلبة لاجل جميع القديسين} (اف 13:6-18) كما ان السير فى طريق الكمال يحتاج الى صبر فمن يصبر الى المنتهى فهذا يخلص { واماالصبر فليكن له عمل تام لكي تكونوا تامين وكاملين غير ناقصين في شيء} (يع 1 : 4).وفى الصبر يجب ان نقدم فضيلة وتقوى ومودة اخوية وضبط للنفس والحواس واللسان {لاننافي اشياء كثيرة نعثر جميعنا ان كان احد لا يعثر في الكلام فذاك رجل كامل قادر انيلجم كل الجسد ايضا} (يع 3 : 2). اننا اذ نسهر على خلاص انفسنا بامانه فان الروح القدس يعمل فينا بغنى ويصير فينا ينبوع ماء حى للتعزية والتغذية ويقودنا فى الطريق ويجعله ملئ بالفرح والسلام { واما المعزى الروح القدس الذي سيرسله الاب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم. سلاما اترك لكم سلامي اعطيكم ليس كما يعطي العالم اعطيكم انا لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب} يو 26:14-27. اننا نصلى ليحل المسيح بالإيمان فى قلوبنا واهبنا لنا ثمر الروح { واله السلام نفسه يقدسكم بالتمام ولتحفظ روحكم ونفسكم وجسدكم كاملة بلا لوم عند مجيءربنا يسوع المسيح} (1تس 5 : 23) الكمال المسيحى والحياة الابدية إن المسيحيين لا يكفّون عن الاستعداد لمجيء ربهم، راجينأن يمنحهم الله أن يوجدوا في ذلك اليوم بلا لوم (1 تس 3: 12- 13). إنه يهمهم أن يستجيبوا لرغبة السيد المسيح، ألا وهي أن يشاهد كنيسة تزفَ إليه وكلها بهاء (أف 5: 27). وإذ ينسون ما قد سبق وحققوه، يتجهون إلى الأمام { ليس اني قد نلت او صرت كاملا ولكني اسعى لعلي ادرك الذي لاجله ادركنى ايضا المسيح يسوع. ايها الاخوة انا لست احسب نفسي اني قد ادركت و لكني افعل شيئا واحدا اذ انا انسى ما هو وراء وامتد الى ما هو قدام.اسعى نحو الغرض لاجل جعالة دعوة الله العليا في المسيح يسوع. فليفتكر هذا جميع الكاملين منا وان افتكرتم شئايئا بخلافه فالله سيعلن لكم هذا ايضا. واما ما قد ادركناه فلنسلك بحسب ذلك القانون عينه ونفتكر ذلك عينه} فى 12:3-16. قد نصل فى حياتنا الارضية الى مستوى معين لكننا فى السماء سنواصل التقدم فى الكمال والقداسة والفرح والسعادة وكما تحتاج سفينة الفضاء الى صاروخ يدفعها لتخرج من دارة الجاذبية الارضية كذلك نحتاج نحن الى شحنة روحية لتنقلنا من جاذبية الارض وشهواتها ، اننا نجد هذه الشحنة فى محبة الله ووسائط الخلاص من كتاب مقدس وصلاة وصوم وتناول من الاسرار وتأمل روحى وخلوة مع الله ربما يحتاج الامر الى تغصب حتى ندخل فى دائرة المحبة الإلهية وعندما نصل الى الحياة الابدية سننمو فى المحبة والمعرفة وكما قال الكتاب { انظروا اية محبة اعطانا الابحتى ندعى اولاد الله من اجل هذا لا يعرفنا العالم لانه لا يعرفه.ايها الاحباء الان نحن اولاد الله ولم يظهر بعد ماذا سنكون ولكن نعلم انه اذا اظهر نكون مثله لاننا سنراه كما هو. وكل من عنده هذا الرجاء به يطهر نفسه كما هو طاهر} 1يو 1:3-3. انناموعودين بالنمو فى الكمال المسيحى فكما ان محبى العلم لا يشبعون ويسعوا الى المذيد هكذا محبى الله ينمو فى المحبة والمعرفة لله من اجل هذا قال لنا السيد المسيح { ليكون الجميع واحدا كما انك انت ايها الاب فيوانا فيك ليكونوا هم ايضا واحدا فينا ليؤمن العالم انك ارسلتني. وانا قد اعطيتهم المجد الذي اعطيتني ليكونوا واحدا كما اننا نحن واحد. انا فيهم وانت في ليكونوا مكملين الى واحد وليعلم العالم انك ارسلتني واحببتهم كما احببتني.ايها الاب اريدان هؤلاء الذين اعطيتني يكونون معي حيث اكون انا لينظروا مجدي الذي اعطيتني لانك احببتني قبل انشاء العالم. ايها الاب البار ان العالم لم يعرفك اما انا فعرفتك وهؤلاءعرفوا انك انت ارسلتني. وعرفتهم اسمك وساعرفهم ليكون فيهم الحب الذي احببتني به واكونانا فيهم} يو 21:17-26. القمص أفرايم الانبا بيشوى
المزيد
23 نوفمبر 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح(17) الأستنارة الروحية

الاستنارة الروحية وضرورتها ... مفهموم الاستنارة الروحية .. يقصد بها ان يكون للانسان عيون روحية وبصيرة قادرة على تمييز ومعرفة الحقائق الروحية التى يكشفها روح الله للانسان المجاهد فى طريق الفضيلة . انها المعرفة التى تعطي بالنعمة الإلهية لكي تعلم وتعقل وتقوي المؤمن في حياة الجهاد والفضيلة لنكون ابناء لله { لذلك انا ايضا اذ قد سمعت بايمانكم بالرب يسوع ومحبتكم نحو جميع القديسين. لا ازال شاكرا لاجلكم ذاكرا اياكم في صلواتي.كي يعطيكم اله ربنا يسوع المسيح ابو المجد روح الحكمة والاعلان في معرفته. مستنيرة عيون اذهانكم لتعلموا ما هو رجاء دعوته وما هو غنى مجد ميراثه في القديسين. وما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين حسب عمل شدة قوته}أف 15:1-19. ان الاستنارة الروحية تتأتى للمؤمن بعمل الروح القدس فى المعمودية وينميها من خلال التوبة وشركة وعطية الروح القدس بالصلاة والجهاد والتواضع ليكون للانسان الوعى الداخلى والحكمة والتمييز ومعرفة الله وحكمته وحقيقة الاشياء وفهمها والشفافية الروحية لمعرفة ارادة الله وصوته والتصرف السليم نحو العالم الحاضر والأتي {لكننا نتكلم بحكمة بين الكاملين و لكن بحكمة ليست من هذا الدهر ولا من عظماء هذا الدهر الذين يبطلون. بل نتكلم بحكمة الله في سر الحكمة المكتومة التي سبق الله فعينها قبل الدهور لمجدنا. التي لم يعلمها احد من عظماء هذا الدهر لان لو عرفوا لما صلبوا رب المجد. بل كما هو مكتوب ما لم تر عين ولم تسمع اذن ولم يخطر على بال انسان ما اعده الله للذين يحبونه. فاعلنه الله لنا نحن بروحه لان الروح يفحص كل شيء حتى اعماق الله. لان من من الناس يعرف امور الانسان الا روح الانسان الذي فيه هكذا ايضا امور الله لا يعرفها احد الا روح الله. ونحن لم ناخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الاشياء الموهوبة لنا من الله. التي نتكلم بها ايضا لا باقوال تعلمها حكمة انسانية بل بما يعلمه الروح القدس قارنين الروحيات بالروحيات.ولكن الانسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لانه عنده جهالة ولا يقدر ان يعرفه لانه انما يحكم فيه روحيا. واما الروحي فيحكم في كل شيء وهو لا يحكم فيه من احد.لانه من عرف فكر الرب فيعلمه و اما نحن فلنا فكر المسيح} 1كو6:2-16. إن أمور الله يمكن أن تعرف فقط بالعنصر الأسمى في الشخصية الإنسانية أى عن طريق الروح الذي يستنير بروح الله. لان الروح هى العنصر الأساسى في الإتصال بالله. ونحن لم نأخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله. وكما جاء فى الكتاب { ولكن الإنسان الطبيعى لا يقبل ما لروح الله لأن عنده جهالة ولا يقدر أن يعرفه لأنه إنما يحكم فيه روحياً }.ويقصد بالإنسان الطبيعى أى الذي لم يولد من جديد بنعمة الروح القدس، ولم يتجدد قلبياً وذهنياً فهو لا يتقبل هذه التعاليم التي يعلم بها روح الله، بل تبدو أمامه كما لو كانت غير منطقية وليس لديه القدرة على إدراكها، لأن مثل هذه التعاليم لا يمكن فهمها وفحصها والحكم فيها إلاّ روحياً أى بواسطة الإستنارة التي يعطيها الروح القدس والتي ليست موجودة عند ذلك الإنسان الطبيعى. إن الرسول بولس هنا يتكلم عن النفس كأداة للمعرفة البشرية في مقابل الروح كأداة للمعرفة الروحية. وعلى ذلك فالإنسان الذي يعتمد على إمكاناته الطبيعية فقط، هو إنسان طبيعى في مقابل الإنسان الروحى الذي تبلغ إليه المعرفة الإلهية. ان امور الله تفوق ادراك الانسان ولهذا فاننا نحتاج لنعمة الروح القدس وحكمته للعيش على مستوى الروح فان كانت العين العادية ترى الاشياء الظاهرة لها فان العيم الداخلية ترى حقيقة جوهر الأشياء لذلك راينا تلمذي عمواس عندما ظهر لهم السيد المسيح بعد القيامة لم يعرفاه حتى فتح اذهانهم ليفهموا الكتب وعرفاه عند كسر الخبز{فقال لهما ايها الغبيان والبطيئا القلوب في الايمان بجميع ما تكلم به الانبياء. اما كان ينبغي ان المسيح يتالم بهذا ويدخل الى مجده. ثم ابتدا من موسى ومن جميع الانبياء يفسر لهما الامور المختصة به في جميع الكتب. ثم اقتربوا الى القرية التي كانا منطلقين اليها وهو تظاهر كانه منطلق الى مكان ابعد. فالزماه قائلين امكث معنا لانه نحو المساء وقد مال النهار فدخل ليمكث معهما. فلما اتكا معهما اخذ خبزا وبارك وكسر وناولهما. فانفتحت اعينهما وعرفاه ثم اختفى عنهما. فقال بعضهما لبعض الم يكن قلبنا ملتهبا فينا اذ كان يكلمنا في الطريق و يوضح لنا الكتب} لو 26:25-32. بين نور البصر والبصيرة ...ذات مرة قالت الفيلسوفة العمياء ،الصماء،الخرساء (هلين كلير) :"يوجد شئ واحد أسوأ من العمي وهو إن يكون للأنسان عينان ولا يُيصر" . نعم يا أحبائي ان النظر لا يعادله شئ ، وعندما شفي الرب يسوع المسيح المولود أعمي خالقاً له عيون (يو9) تدرج الأعمي في المعرفة بالسيد المسيح قائلاً في الابتداء انه "أنسان" ثم قال في الحوار مع الذين ارادوا ان يصطادوه "انه نبي" وبعد ان هاجموا السيد المسيح قال لهم لو لم يكن هذا الانسان باراً لما كان يقدر ان يفعل هذه المعجزة فمنذ البدء لم نسمع ان أحد فتح عيون أعمي منذ ولادته ! بعد هذا قابله الرب وعرفه بذاته وقال له "أتؤمن بابن الله" قال له الأعمي من هو يا سيد لأؤمن به؟ أجابه الرب قد رايته وهو الذي يكلمك. قال له المولود أعمى : أؤمن ياسيد وسجد له، بعد هذا هاجم المتطرفين المولود أعمي وطردوه من المجمع فقال الرب { لدينونة اتيت انا الى هذا العالم حتى يبصر الذين لا يبصرون ويعمى الذين يبصرون. فسمع هذا الذين كانوا معه من الفريسيين وقالوا له العلنا نحن ايضا عميان. قال لهم يسوع لو كنتم عميانا لما كانت لكم خطية ولكن الان تقولون إننا نبصر فخطيتكم باقية} يو39:9-41 . نعم يا أحبائي هناك الكثيرين جدا عميان ولا يرون الحق هؤلاء يجب ان نصلي من أجلهم ونطلب لهم النور والهداية ،وهناك مقاوموا الحق عن عناد وأصرار ومن احبوا الظلمة أكثر من النور لان أعمالهم شريرة وهؤلاء مدعاة للرثاء والصلاة بلجاجة ليفتح الله عيونهم ليرجعوا من عالم الظلمة الي نور الأيمان والتوبة. الولادة من فوق .. كمثال للاستنارة ومعرفة أمور اللة والسماء .. حديث السيد المسيح مع نيقوديموس وكان من أعضاء السنهدريم اعلى سلطة تشريعية وقضائية دينية فى ذلك الزمان عندما أتى للسيد المسيح ليلاً بسبب الخوف من اليهود ليسأله عن الدخول الى ملكوت الله {كان انسان من الفريسيين اسمه نيقوديموس رئيس لليهود.هذا جاء الى يسوع ليلا وقال له يا معلم نعلم انك قد اتيت من الله معلما لان ليس احد يقدر ان يعمل هذه الايات التي انت تعمل ان لم يكن الله معه. اجاب يسوع وقال له الحق الحق اقول لك ان كان احد لا يولد من فوق لا يقدر ان يرى ملكوت الله. قال له نيقوديموس كيف يمكن الانسان ان يولد وهو شيخ العله يقدر ان يدخل بطن امه ثانية ويولد. اجاب يسوع الحق الحق اقول لك ان كان احد لا يولد من الماء والروح لا يقدر ان يدخل ملكوت الله. المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح. لا تتعجب اني قلت لك ينبغي ان تولدوا من فوق. الريح تهب حيث تشاء وتسمع صوتها لكنك لا تعلم من اين تاتي ولا الى اين تذهب هكذا كل من ولد من الروح . اجاب نيقوديموس وقال له كيف يمكن ان يكون هذا. اجاب يسوع و قال له انت معلم اسرائيل لست تعلم هذا. الحق الحق اقول لك اننا انما نتكلم بما نعلم ونشهد بما راينا ولستم تقبلون شهادتنا.ان كنت قلت لكم الارضيات ولستم تؤمنون فكيف تؤمنون ان قلت لكم السماويات} يو 1:3-12. كيف اذن للأنسان الارضى ان يفهم امور السماء اذا ان لم يستنير بروح الله القدوس ان كان يصعب عليه ان يفهم الامور الارضية . لهذا يجب علينا ان نأتى باتضاع قلب الى الله ونطلب اليه ان يعلمنا ويضئ أفهام عقولنا وقلوبنا وارواحنا لنفهم أمور الارض والسماء ويحق فينا قول المعلم الصالح { ولكن طوبى لعيونكم لانها تبصر ولاذانكم لانها تسمع. فاني الحق اقول لكم ان انبياء وابرارا كثيرين اشتهوا ان يروا ما انتم ترون ولم يروا وان يسمعوا ما انتم تسمعون ولم يسمعوا} مت16:13-17. كيف ترى العالم حولك ... أننا نري العالم من خلال مرآة أنفسنا فاذا كانت سوداء او معتمة فلن نري شئ بوضوح ، وان كانت عيوننا بسيطة فجسدنا كله سيكون نيراً وان كانت عيون قلوبنا شريرة فكل حياتنا والناس حولنا لن نراهم علي حقيقتهم وهذا ما يفعلة المتعصب الذي يضع عصابة علي عيونه لكي لا يرى الا ما يعتقده . وهذا ايضا ما يفعله الانسان الشهوانى فان أفكاره تكون فى النجاسة والماديات والانسان محب المال ترى المال كل همه وينصبه له الهاً دون الله {لان محبة المال اصل لكل الشرور الذي اذ ابتغاه قوم ضلوا عن الايمان وطعنوا انفسهم باوجاع كثيرة }(1تي 6 : 10). علي مثل هؤلاء بكي يسوع المسيح قديما {وفيما هو يقترب نظر الى المدينة و بكى عليها. قائلا انك لو علمت انت ايضا حتى في يومك هذا ما هو لسلامك ولكن الان قد اخفي عن عينيك. فانه ستاتي ايام ويحيط بك اعداؤك بمترسة ويحدقون بك ويحاصرونك من كل جهة.ويهدمونك وبنيك فيك ولا يتركون فيك حجرا على حجر لانك لم تعرفي زمان افتقادك }.لو 41:19-44. السيد المسيح واهب الأستنارة السيد المسيح يهب البصر والبصيرة لمن يريد .. صرخ أعمي اريحا للسيد المسيح طالباً ان يبصر {وجاءوا الى اريحا و فيما هو خارج من اريحا مع تلاميذه وجمع غفير كان بارتيماوس الاعمى ابن تيماوس جالسا على الطريق يستعطي. فلما سمع انه يسوع الناصري ابتدا يصرخ ويقول يا يسوع ابن داود ارحمني. فانتهره كثيرون ليسكت فصرخ اكثر كثيرا يا ابن داود ارحمني. فوقف يسوع وامر ان ينادى فنادوا الاعمى قائلين له ثق قم هوذا يناديك. فطرح رداءه وقام وجاء الى يسوع. فاجاب يسوع وقال له ماذا تريد ان افعل بك فقال له الاعمى يا سيدي ان ابصر. فقال له يسوع اذهب ايمانك قد شفاك فللوقت ابصر وتبع يسوع في الطريق} 46:10-52. لقد وهب السيد المسيح للأعمى البصر كما وهبه البصيرة اي استنارة الذهن والقلب والروح بنور الروح القدس. أى الحكمة الروحية . وكثيرون لهم عيون ولا تبصر ، ولا يفكرون فى عالم المجد والمستقبل الأبدى ، بل كل همهم النظر إلى الماديات والشهوات ، وقد أعمى الشيطان عيونهم وأضلهم عن طريق الحق ، من أجل هذا قال السيد المسيح عن الكتبة والفريسين فى تمسكهم بالحرف دون الروح { ثم دعا الجمع وقال لهم اسمعوا وافهموا. ليس ما يدخل الفم ينجس الانسان بل ما يخرج من الفم هذا ينجس الانسان. حينئذ تقدم تلاميذه و قالوا له اتعلم ان الفريسيين لما سمعوا القول نفروا. فاجاب وقال كل غرس لم يغرسه ابي السماوي يقلع. اتركوهم هم عميان قادة عميان وان كان اعمى يقود اعمى يسقطان كلاهما في حفرة. فاجاب بطرس وقال له فسر لنا هذا المثل. فقال يسوع هل انتم ايضا حتى الان غير فاهمين.الا تفهمون بعد ان كل ما يدخل الفم يمضي الى الجوف ويندفع الى المخرج. واما ما يخرج من الفم فمن القلب يصدر وذاك ينجس الانسان. لان من القلب تخرج افكار شريرة قتل زنى فسق سرقة شهادة زور تجديف .هذه هي التي تنجس الانسان واما الاكل بايد غير مغسولة فلا ينجس الانسان} مت10:15-20. لهذا صلى داود النبي قديما قائلاً { اكشف عن عينى، فأرى عجائب من شريعتك } ( مز 119 : 18 ) . وكان القديس " ديديموس الضرير" فاقد البصر ، ولكن الله أعطاه استنارة الداخل، وشهد عنه القديس جيروم بأنه كان أعظم من كتب عن الروح القدس، وقد أمتدحه القديس أنطونيوس، وقال عنه ( إن الله أعطاه بصيرة روحية رأى بها نور اللاهوت ).ونحن يجب ان نصرخ طالبين من واهب البصر والبصيرة ان يهبنا أستنارة روحية . فكم نحن فى حاجة ماسة الى نور البصيرة لنعرف الاشياء الموهوبة لنا من الله ، ونعرف كم نحن فى حاجة للألتصاق بالله والاستعداد للأبدية السعيدة. وفى الظروف الصعبة نحتاج ان نبصر بالإيمان ان الذين معنا أقوي وأكثر ممن هم علينا، نحتاج ان نبصر يد الله في الاحداث ونثق أنه ضابط الكل، نريد نشعر ونحس بحنان الله الابوى والأمان والايمان فيه. ونتبع الذى قال {انا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة } يو 8 : 12 . السيد المسيح يدعونا للنور ... جاء الربّ يسوع ليفتح عيوننا لكي نرجع من الظلمات إلى النور ومن سلطان الشيطان إلى الله . أع 26 : 28 .انه النور الهادئ الوديع الذي يكشف لنا الطريق وينير لنا الحياة ويشرق علينا بنور الإيمان كما تنبأ عنه ملاخى النبى قديما {ولكم أيها المتقون اسمي تشرق شمس البر والشفاء في أجنحتها } ملا 4 : 2 . لقد قاد الله الشعب في القديم بعمود السحاب نهاراَ وعمود من النار ليلا،وهو لا يزال يهدي ويرشد وينير الذين يطلبونه. وهو الذي ينير أعين قلوبنا مانحا إيانا روح المعرفة والحكمة والفهم. وعندما جاء السيد المسيح الى ارضنا تحققت فينا نبؤة اشعياء النبى { الشعب الجالس في ظلمة ابصر نورا عظيما والجالسون في كورة الموت وظلاله اشرق عليهم نور} أش 6:42 ،مت16:4. انه يدعونا ان نؤمن به وان نسير في نوره، ونصير أبناء النور ونستيقظ من نوم وظلمة الخطية. ان الايمان به واتباع وصاياه يحقق فى النفس البشرية كلام الرب بفم أشعياء النبى { قومي استنيري لأنه قد جاء نورك ومجد الرب أشرق عليك ..لانه ها هي الظلمة تغطي الارض والظلام الدامس الامم اما عليك فيشرق الرب ومجده عليك يرى } اش 60 : 1-2 .النور يدعونا ان نعرفه ونمشي معه وهو لا يريد إلا خيرينا . المعمودية والاستنارة...إننا إذا اعتمدنا بالماء والروح نولد من فوق كأبناء الله بالتبني، وإذ يشرق علينا نور الإيمان نعطى استنارة داخلية . وننمو في معرفه ربنا يسوع المسيح وحقائق الإيمان المسيحي وسرّ التجسّد والفداء ونحيا أسرار الكنيسة ونجاهد برجاء منتظرين المجيء الثاني وقيامة الأموات وحياة الدهر الآتي . ويشير القديس يوحنا الرسول في رسالته الأولى، إلى المعرفة التي يهبها الروح القدس، فيقول {وأما أنتم فلكم مسحة من القدوس وتعلمون كل شئ} (1يو20:2)، ويقول أيضًا { وأما أنتم فالمسحة التي أخذتموها منه ثابتة فيكم ولا حاجة بكم إلى أن يعلمكم أحد، بل كما تعلمكم هذه المسحة عينها عن كل شئ، وهى حق وليست كذبًا. كما علمتكم تثبتون فيه} (1يو 27:2). اطلب أذن من الله ان يعطيك البصيرة الروحية لتعرفه وتعبده بالروح والحق . اننا نتدرج في معرفة الله حسب نمونا الروحي ومقدرتنا على المعرفة والحبّ . وإلا فإننا لو نظرنا ما لا نستطيع احتماله لإصابتنا بالكبرياء ، والله يدعونا لننمو في النور والحياة معه، وهو يريد ان يأتي إلينا ويصنع عندنا منزلا فلا تتكاسل فى زمن الجهاد، بل لنطلب فنجد ، ونسأل فسيعطى لنا ، ونقرع فسيفتح لنا . آمنوا بالنور وسيروا معه وفيه وهو يقود خطواتكم ويمنحكم حياة أبدية . إن المؤمن وإن كان حائزًا على هذه النعم الروحية إلاّ أنه لايزال في صراع شديد مع الشيطان ، عدو الجنس البشرى (أف12:6) فلا يليق إذًا أن نتخاذل في هذا الجهاد بل أن نتكل على رحمة الله ونرجو رجاء مباركًا لممارسة أعمال الصلاح باستمرار وأن نضع على الدوام نصب عيوننا محبة الله وكل ما هو طاهر وجليل. التوبة والنور... ترمز الظلمة إلى حياة الخطية ، التى يفعلها الأشرار بعيداً عن النور، لأنها مخجلة ، وتجلب العار لفاعلها ، وتحرمه من عالم النور لهذا فان رجوع الخاطئ إلى الله ينقله من الظلمة إلى نور الله العجيب، ولهذا جاء النور الى العالم ليفضح إعمال الظلمة. ومن اجل هذا دعي الرسل إلى التوبة {قد تناهى الليل وتقارب النهار فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور } رو 13 : 12 . الإنسان الخاطئ يحيا في الظلام والذي يبغض أخاه يحيا في الظلمة {من قال انه في النور وهو يبغض أخاه فهو إلى الآن في الظلمة . من يحب أخاه يثبت في النور وليست فيه عثرة }1 يو 2 : 9- 10 . فلا نخاف حتى وان حاولت قوات الظلمة ان تعثرنا ،ولنقم مجاهدين مع الله من اجل خلاص نفوسنا { لا تشمت بي يا عدوتي إذا سقطتُ أقوم ، إذا جلست في الظلمة فالربّ نور لي } أم 7 : 8 . لنحرص إذا على نقاوة حواسنا وفكرنا لا سيما عيوننا { فسراج الجسد هو العين فان كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيّراً،وان كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلماً، فان كان النور الذي فيك ظلامًا فالظلام كم يكون }مت 6 : 22- 23 . لنقل مع داود المرنّم {الرب نورى وخلاصي مما أخاف ، الربّ حصن حياتي ممّا ارتعب } مز 27 : 1 . ان مسيحنا هو نور العالم وشمس البر ، ونستمد منه النور ، كما أن كلمته المقدسة هى نور للنفس السالكة فى ظلمة العالم ، كما قال الكتاب { الوصية مصباح ، والشريعة نور }( أم 6 : 23 ) . ويرمز النور إلى السلوك فى الحياة المقدسة ، والقدوة الصالحة للناس : { أنتم نور العالم ، فليضئ نوركم قدام الناس ، لكى يروا أعمالكم الحسنة ، ويمجدوا أباكم الذى فى السماوات } ( مت 5 : 14 – 16 ) . ان الانسان الروحى بقيمه ومبادئه وبالمسيح الساكن فيه يضئ كنور فى العالم لمن حوله { كونوا بلا لوم وبسطاء أولاد الله بلا عيب ، فى وسط جيل مُعوج وملتو ، تضيئون بينهم كأنوار فى العالم } ( فى 2 : 15 ) .ونحن نطلب من الرب ، فى صلوات الساعات ( الأجبية ) ونقول كل يوم : أنر قلوبنا وأفهامنا ، أيها السيد الرب . فالحاجة ماسة إلى طلب الإستنارة الروحية للقلب والذهن ، من الروح القدس، ومن مداومة ممارسة كل وسائط النعمة والخلاص ، بناء على رجاء القديس بولس { مستنيرة عيون أذهانكم } ( أف 1 : 18 ) . فلنطلب من الرب من كل القلب، أن ينير عقولنا ويهبنا توبة مقبولة ، ويعطينا حكمة ونعمة دائمة ، وارتباط بكل وسائط الإستنارة الروحية ، والعملية ، ولنتعلم من كل الاباء القديسين ، التى أنارهم الروح القدس ، وأعطاهم نعمة وحكمة ، وخبرة ، لربح وخلاص النفوس، والسعى لربح السماء . ولا نركن إلى مشورة الأشرار ، أو لذوى أفكار عالمية ، مضادة لتعاليم الإنجيل ، ولا ننصت لخبرات أهل السوء ، لأنها ستقود الى الهلاك . الروح القدس والاستنارة .. الروح القدس هو روح الله القدوس ، روح الحكمة والمعرفة والعلم، هو الذى يبكت الانسان على الخطية ليتوب عنها ويدفعه لعمل البر ويعلمنا كل شئ ويذكرنا بكلام السيد المسيح فى وقته المناسب ، انه يهبنا الصيرة الروحية التى بها نعرف ارادة الله التى بها نتصرف بحكمة من الله تجاه الناس والظروف والاحداث لنصير تحت سلطان الروح {واما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الاب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم (يو 14 : 26). وكما قال القديس الانبا مقاريوس الكبير فى عظته السادسة والاربعين لابنائه الروحيين ويقول لنا ايضا ان من يلتصق بالرب يصير متحدا به ويستنير ويصير طاهرا بنعمة وعمل الروح القدس (إن الله محب البشر في حنانه نحو الإنسان، يفعل هكذا مع النفس التي تأتى إليه وتطلبه باشتياق. ولأنه يكون مدفوعاً بالمحبة، من ذاته، وبالصلاح الطبيعي الخاص به، إذ هو الكلى الصلاح، فإنه يلتصق بتلك النفس ويصير معها "روحاً واحداً" كما يقول الرسول (1كو17: 6). النفس والرب يصيران روحاً واحداً: وحينما تلتصق النفس بالرب، ويعطف عليها الرب ويحبها ويأتى إليها ويلتصق بها، وتكون نية الإنسان وقصده أن يستمر بلا انقطاع أميناً لنعمة الرب، فإن الرب والنفس يصيران "روحاً واحداً" و‘حساساً واحداً وعقلاً واحداً، وبينما يكون جسدها مطروحاً على الأرض فإن العقل يكون بكليته في أورشليم السماوية مرتفعاً إلى السماء الثالثة، ويلتصق بالرب ويخدمه هناك. وبينما يكون الله جالساً في عرش العظمة في الأعالى في المدينة السماوية، فهو يكون بكليته في شركة مع النفس وهى في الجسد الخاص بها. لقد وضع صورة النفس فوق في أورشليم، المدينة السماوية - مدينة القديسين، وفي نفس الوقت وضع صورته الخاصة أي صورة نوره الإلهى الفائق الوصف - في جسدها. وهو يخدمها في مدينة جسدها، بينما هي تخدمه في المدينة السماوية. لقد صارت وارثة له في السماء وصار هو وارثها على الأرض. فالرب يصير ميراثاً للنفس وتصير النفس ميراثاً للرب. فإن كان قلب الخطاة الذين في الظلمة أو عقلهم يستطيع أن يمضى بعيداً عن الجسد ويستطيع أن يتجول في أمكنة بعيدة، وفي لحظة يسافر إلى أقطار بعيدة، وأحياناً بينما يكون الجسد مُلقى على الأرض، يكون العقل (سارحاً) في بلاد أخرى مع صديق يحبه، ويرى نفسه كأنه يعيش هناك معه، فأقول إن كانت نفس الخاطئ هكذا خفيفة ونشيطة حتى أن عقلها لا يحجزه بُعد المسافات، فكم بالأولى جداً تكون النفس التي نزع الرب عنها حجاب الظلمة بقوة الروح القدس وقد استنارت عيونها العقلية بالنور السماوي، وقد أُعتقت تماماً من شهوات الخزي، وصارت طاهرة بالنعمة، فإنها تخدم الرب كلّية في السماء بالروح، وتخدمه كلية في الجسد، وتتسع في أفكارها حسبما يريد لها الرب وحيثما يريد لها أن تخدمه. وهذا ما يقوله الرسول { لكي تستطيعوا أن تدركوا مع جميع القديسين ما هو العرض والطول والعلو والعمق، وتعرفوا محبة المسيح التي تفوق المعرفة، لكي تمتلئوا إلى كل ملء الله} (أف19،18: 3). فتأمل في الأسرار الفائقة الوصف، التي لتلك النفس التي ينزع الرب عنها الظلمة المحيطة بها، ويكشف عن عينيها ويظهر لها ذاته أيضاً، وكيف يمد ويوسّع أفكار عقلها إلى الأعراض والأطوال والأعماق والارتفاعات التي في الخليقة المنظورة وغير المنظورة. فالنفس هي حقاً صنيع إلهى عظيم مملوء عجباً. وحين صنعها الرب، صنعها من طبيعة ليس فيها شر، بل صنعها على صورة فضائل الروح (القدس). ووضع فيها قوانين الفضائل والبصيرة، والمعرفة والفطنة، والإيمان، والمحبة والفضائل الأخرى بحسب صورة الروح. وإلى الآن فإن الرب يمكن أن يأتي إليها ويكشف لها ذاته بالمعرفة والفطنة والمحبة والإيمان. وقد وضع فيها فهماً وملكات فكرية، ومشيئة وعقلاً مدبراً. وقد جعلها أيضاً لطيفة جداً وصيّرها خفيفة متحركة وغير خاضعة للتعب. ووهبها القدرة على المجيء والذهاب في لحظة، وأن تخدمه في أفكارها حيثما يشاء الروح. وبالإجمال فإنه خلقها لكي يصيّرها عروساً له وتدخل في شركة معه، لكيما يلتصق بها ويصير " روحاً واحداً" معها كما يقول الرسول { وأما من التصق بالرب فهو روح واحد} (1كو17: 6) الذي له المجد إلى الأبد أمين). السير في النور .... اننا مدعوين ان نسلك فى نور الإيمان والقداسة والبر والتعفف لنكون ابناء النور {اسلكوا كأبناء النور} اف 5 : 8 . {وكونوا شاكرين الآب الذي أهلّنا لشركة ميراث القديسين فى النور} كو 1 : 12 . أنت كابن للنور مدعو لحياة القداسة والتعفّف ، ومدعو أن تكون نورا يضئ للذين في العالم لكن لنعلم ان النور الذي فينا ليس منا انه كنور القمر في الليل، يستمده من نور الشمس. وإذا ابتعدنا عن إلهنا ، شمس البر أصبحنا ظلمة لا نور فينا. وكلما اقتربنا من الِبرِّ ونور المسيح ازداد نورنا وبهائنا. لقد بقي موسى النبي مع لله في الجبل أربعين يوما مصليّاً وعندما رجع لم يستطع بنو إسرائيل ان يروا وجهه لأنه كان يشع نورا وأنت كذلك، عندما تجلس مع مصدر النور تستضئ بنوره ويشرق في قلبك وعقلك ويقود خطواتك، ويرى الآخرون أعمالك الحسنة ويمجّدوا أباك الذي في السموات. لكن يجب علينا ان نلاحظ أنفسنا ونحرص على خلاصنا الى النفس الاخير ولا نطفئ الروح او نفقد الاستنارة بخطايانا وتهاوننا كما هو مكتوب { لا تطفئوا الروح} (1تس19:5). فالروح نفسه لا يمكن أن ينطفئ بل هو نور دائم. ولكن إذا اهملنا خلاصنا، فبعدم توافقنا اوتعاوننا مع الروح فإننا ننطفئ ونفقد حرارة الروح . ولهذا يقول الكتاب أيضًا {لا تحزنوا الروح القدس الذي به ختمتم ليوم الفداء}(أف30:4). الكتاب المُقدّس والنور...ان أردت ان تستنير وتقترب من فكر الله ادخل الى الكتاب المقدس في تواضع وحب، وقل أنر يا رب عينيّ قلبي وعقلي وأجلس في هدوء وأقراء كلمات الكتاب طالباً ارشاد روح الله وان صعب عليك شئياً في الفهم ابحث عن تفسيره في كتابات الأباء القديسين ،ان كلام الله نور { سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي} مز 119 : 105 .والوصية مصباح ،والشريعة نور، وعندما آتي الينا كلمة الله المتجسد اخفي هذا النور لكي نستطيع أن نقترب إليه . واستتر نور اللاهوت في الناسوت ليقترب الينا ونعرفه ونحبه { فيه كانت الحياة، والحياة كانت نور الناس، والنور أضاء في الظلمة والظلمة لم تدركه } يو 1 : 4 – 5 . وعندما أتمَّ الربّ الفداء قام بجسد نوراني ممجدًا صاعداً به للسماء كسابق لأجلنا . وطلب منا ان نحيا مفكرين فيما هو فوق فى السماء { ان كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الآب } (كو 3 : 1). أفتح عيني لأعاين .. يا ابن داود ارحمني أنا الأعمى . افتح عينيّ وبصيرتي لأعاين مجدك ، كن نورا في قلبي وشمسا لدربي ، واستنارة لبصيرتي وحكمة تهديني . ولا تتركني أو تدعني أسير في الظلام . يا نور العالم والملكوت أسرع واعني . فقد خيم عليّ حزن عميق وقوات الجحيم لمسيرتي تعيق . ولا أرى في جهلي الا مشاقّ الطريق ، ومعها الضياع والهلاك . فتعال يا يسوع الحلو فأنر حياتي فانك لا تجعل ابنك يهلك بل بنورك عليه أشرق . يا أبي السماوي الساكن في نور لا يدنى منه ونور لاهوتك نار آكلة للخطايا والأثام ، ونور حكمتك لا يمكن سبر أغوارها . ومحبتك للبشر تفوق العقول. نحبك يا أبانا القدوس ونعبدك في خشوع ، ونشكرك لعظيم رعايتك المعلنة لنا من خلال بهاء مجد ابنك الوحيد الذي أنار لنا وأعلن محبتك . نحن في شوق إلى معرفتك وقبولك والنمو في نورك فأهدنا بالروح القدس المحيّي المنبثق منك والواحد معك . العامل في الكون خالقا ومجددا ليعمل ويجدد طبيعتنا ، لنكون ابناًء مُكمَّلين بالفضائل. يا روح الله اعمل فينا وأنرْ عقولنا واروحنا وقلوبنا ، لنكون لك ونحيا في النور وبك نكون انوار تنير الطريق لكثيرين. فنحن نحتاج للاستنارة الروحية في مسيرة حياتنا علي الارض ووسط صعوبات الحياة وشرورها نحتاج لنورك ليضئ علينا لنكون نور ونسير في النور ونسكن اخيرا في الملكوت السماوي فى عالم النور . القمص أفرايم الأورشليمى
المزيد
26 أكتوبر 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (12) العطاء

مفهوم العطاء وبركاته .. مفهوم العطاء .. فى عصر يسوده التكالب على المادة والاقتناء والانانية نرى ابناء الله يعطون أنفسهم اولاً لله ثم يبذلون أنفسهم فى سعادة من أجل أخوتهم لاسيما المحتاجين والفقراء متذكرين كلمات الرب يسوع ان الغبطة فى العطاء { في كل شيء اريتكم انه هكذا ينبغي انكم تتعبون وتعضدون الضعفاء متذكرين كلمات الرب يسوع انه قال مغبوط هو العطاء اكثر من الاخذ} (اع 20 : 35). العطاء ليس هو عطاء المال فقط ، ولكنه يشمل العطاء في كل شئ بالبذل والمحبة والتضحية والتشجيع والخدمة والوقت والمال والعواطف الصادقة . ان العالم بما فيه من غزارة فى الانتاج وسوء فى التوزيع، ومن فيه من فقراء ومحرومين واناس بلا مسكن مناسب واناس تموت من سوء التغذية او انعدام الماء النظيف او الحرمان من الرعاية الصحية والتعليمية والاخلاقية فى حاجة ليرى محبة الله المعلنة فى المسيح يسوع من خلال المؤمنين ليري الناس اعمالنا الصالحة ويمجدوا ابانا الذى فى السموات . ان العطاء وعمل الرحمة يشمل كل أشكال الرحمة والعطاء والمساعدة المادية والمعنوية والنفسية والروحية للمحتاجين والفقراء بصفة عامة والكنيسة واحتاجاتها فى الخدمة المادية والروحية وكل عمل يهدف الى أظهار رحمة الله الحانية على كل احد فى حكمة فى العطاء والتوزيع فلا يؤخد مال المحتاجين ويعطي للمحتالين فى عالم يموت فيه ربع مليون كل يوم من الجوع يجب ان يُقدم عمل الرحمة للمحتاجين من اي جنس او دين وامة ولاسيما أهل بيتنا وخاصتنا المحتاجين {وان كان احد لا يعتني بخاصته ولا سيما اهل بيته فقد انكر الايمان وهو شر من غير المؤمن} (1تي 5 : 8). العطاء تشبه بالله واشتراك فى العمل معه ... ان الله هو الرازق ومعطي جميع الخيرات ، وهو الخالق القدير الذي يملك كل شيء والذي يعطي بسخاء ولا يعير وهو يريد ان يشركنا معه فى كل عمل صالح {ولكن من انا ومن هو شعبي حتى نستطيع ان ننتدب هكذا لان منك الجميع ومن يدك اعطيناك} (1اخ 29 : 14) . { وهو يفعل خيراً يعطينا من السماء أمطاراً وأزمنة مثمرة ويملأ قلوبنا طعاما وسروراً}أع17:14. الله هو الذى أمطر مناً من السماء أربعين عاماً ليأكل الشعب ولم تفرغ خزائنه، وأعطاهم لحماً ليأكلوا أربعين يوماً صباحاً ومساءً . وهو الذي عال إيليا النبى عندما كان الرب يرسل له غراباً بخبز ولحم صباحاً ومساءً كل يوم.. فمن أين وكيف؟ وهل تعلم أن الغربان من أشد الطيور نهماً وأكلاً للحوم؟ ثم ذهب ايليا بامر الرب إلى امرأة أرملة لديها ابن وحيد. وبسبب المجاعة لم يبق لديها إلا كف من الدقيق والزيت ليكفيها هي وابنها لوجبة واحدة قادمة { وفيما هي ذاهبة لتاتي به ناداها وقال هاتي لي كسرة خبز في يدك. فقالت حي هو الرب الهك انه ليست عندي كعكة ولكن ملء كف من الدقيق في الكوار وقليل من الزيت في الكوز وهانذا اقش عودين لاتي و اعمله لي ولابني لناكله ثم نموت. فقال لها ايليا لا تخافي ادخلي واعملي كقولك ولكن اعملي لي منها كعكة صغيرة اولا واخرجي بها الي ثم اعملي لك ولابنك اخيرا . لانه هكذا قال الرب اله اسرائيل ان كوار الدقيق لا يفرغ وكوز الزيت لا ينقص الى اليوم الذي فيه يعطي الرب مطرا على وجه الارض. فذهبت وفعلت حسب قول ايليا واكلت هي وهو و بيتها اياما. كوار الدقيق لم يفرغ وكوز الزيت لم ينقص حسب قول الرب الذي تكلم به عن يد ايليا} 1مل 11:17-17. ان عطاء المرأة من اعوازها كان أمتياز لها . الرب الخالق لا يحتاج ولكنه يحبنا ويريد أن نشترك معه في عمله ونكون جزء من تتميم مقاصده . هو يريدنا أن نكون أعضاء بره. يريد أن يعطي بنا ويشبع من خلالنا ، فنجد الشبع والعطاء يرتد إلينا فائضاً يملأ كل احتياجتنا بل ويزيد ويفيض . العطاء نمو لخبرتنا الإيمانية... قبلت الأرملة دعوة الرب لتقدم الخبز لإيليا أولاً. فاختبرت حياة الإيمان كما حصلت على المكافآت وتسديد الاحتياجات. وهناك أرملة أخرى قدمت فلسين هم كل ما عندها ومدحها السيد المسيح لانها وثقت فى الله الذي يدبر كل احتياجاتنا حسب غناه فى المجد {ذوقوا وانظروا ما اطيب الرب طوبى للرجل المتوكل عليه.اتقوا الرب يا قدسيه ، لانه ليس عوز لمتقيه. الاشبال احتاجت وجاعت واما طالبو الرب فلم يعوزهم شئ} مز 8:34-10. العطاء امتياز خاص بحياة الإيمان بالرب، لذا يدعونا للعطاء ليعلمنا حياة الايمان وليس بالحسابات البشرية المعقدة والمخاوف النفسية. أعطوا بالإيمان وأنتوا تنتظروا حصاداً وفيراً فى الارض وفى السماء { اعطوا تعطوا كيلا جيدا ملبدا مهزوزا فائضا يعطون في احضانكم لانه بنفس الكيل الذي به تكيلون يكال لكم} (لو 6 : 38) . وبينما نرى البعض يجعل من المال الها يتعبد له نري ابناء الله يستخدمون اموالهم وممتلكاتهم وحياتهم للنمو في الايمان والعطاء ويفيض عليهم الله ببركاته { لا يقدر خادم ان يخدم سيدين لانه اما ان يبغض الواحد ويحب الاخر او يلازم الواحد و يحتقر الاخر لا تقدرون ان تخدموا الله والمال. وكان الفريسيون ايضا يسمعون هذا كله وهم محبون للمال فاستهزاوا به. فقال لهم انتم الذين تبررون انفسكم قدام الناس ولكن الله يعرف قلوبكم ان المستعلي عند الناس هو رجس قدام الله} لو13:16-15. العطاء والبركة والخير .. ان الله كآب صالح يدرك حاجتنا لان نري خيراً ومكأفاة ليس في السماء فقط بل وعلى الارض ايضا { اكرم الرب من مالك ومن كل باكورات غلتك فتمتلىء خزانتك شبعا وتفيض معاصرك مسطارا } ( ام 3 : 9 – 10}.{ ايسلب الانسان الله فانكم سلبتموني فقلتم بم سلبناك في العشور و التقدمة. قد لعنتم لعنا واياي انتم سالبون هذه الامة كلها.هاتوا جميع العشور الى الخزنة ليكون في بيتي طعام وجربوني بهذا قال رب الجنود ان كنت لا افتح لكم كوى السماوات وافيض عليكم بركة حتى لا توسع} ملا 8:3-10. العطاء وعمل الرحمة ينجي من الشر واقراض لله يعود علينا بربح جزيل {من يرحم الفقير يقرض الرب وعن معروفة يجازية} ( ام 19 : 17). الله ليس بظالم حتى ينسى تعب المحبة وعمل الرحمة { هذا وان من يزرع بالشح فبالشح ايضا يحصد ومن يزرع بالبركات فبالبركات ايضا يحصد} (2كو 9 : 6). {طوبى للذي ينظر الى المسكين في يوم الشر ينجيه الرب }(مز41 :1). العطاء ومحبة الله لنا .. ان كنا نريد ان نكون محبوبين للرب يجب ان نعطي بسرور وسخاء ليس عن أضطرار او بتغصب {كل واحد كما ينوي بقلبه ليس عن حزن او اضطرار لان المعطي المسرور يحبه الله} (2كو 9 : 7).والخير الذي نصنعه اليوم نجده ولو بعد أيام كثيرة لنا ولابنائنا من بعدنا { ارم خبزك على وجه المياه فإنك تجده بعد أيام كثيرة }( جا 11 – 1 }. { كنت فتى وقد شخت ولم أر صديقاً تخلى عنه ولا ذرية له تلتمس خبزاً }( مز 37 – 25 ) . {فاذا حسبما لنا فرصة فلنعمل الخير للجميع ولا سيما لاهل الايمان }(غل 6 : 10). العطاء وقبول الصلاة وغفران الخطايا .. لقد أمر الله أشعياء قائلا ناد بصوت عال لا تمسك ارفع صوتك كبوق واخبر شعبي بتعديهم وبيت يعقوب بخطاياهم أن سخط الله قد اشتد عليهم بسبب خطاياهم وكبريائهم وعدم الرحمة لديهم { يقولون لماذا صمنا ولم تنظر ذللنا أنفسنا ولم تلاحظ ويعاتبهم ها أنكم للخصومة والنزاع تصومون ولتضربوا بلكمة الشر لستم تصومون كما اليوم لتسميع صوتكم في العلاء. أمثل هذا يكون صوم اختاره يوما يذلل الإنسان فيه نفسه يحني كالأسلة رأسه ويفرش تحته مسحا ورمادا هل تسمي هذا صوما ويوما مقبولا للرب. أليس هذا صوما اختاره حل قيود الشر فك عقد النير وإطلاق المسحوقين أحرارا وقطع كل نير. أليس أن تكسر للجائع خبزك و أن تدخل المساكين التائهين إلى بيتك إذا رأيت عريانا أن تكسوه وأن لا تتغاضى عن لحمك. حينئذ ينفجر مثل الصبح نورك وتنبت صحتك سريعا ويسير برك أمامك ومجد الرب يجمع ساقتك. حينئذ تدعو فيجيب الرب تستغيث فيقول هأنذا} (أش2:58-9).إن العلاج لاستعطاف الله قد أعطي لنا في كلمات الله نفسه فالتعاليم الإلهية تعلمنا ما ينبغي أن نفعله ، ان نرحم اخوتنا . لأن من لا يرحم لا يستحق مراحم الله ولا يتحصل على أي نصيب من العطف الإلهي حتى لو صلي مادام ليس لديه رحمة نحو طلبات الفقير هذا ما أعلنه الروح القدس في الإنجيل فطوبى للذي ينظر إلى المسكين في يوم الشر ينجيه الرب (مز 41: 1) وروفائيل الملاك يشهد بذلك ويحث على أن تعطي الصدقة باختيار وسخاء قائلا الصلاة جيدة مع الصوم والصدقة لان الصدقة تنجي من الموت وتطهر من الذنوب (طو: 8-9). الأجر السمائي ... ما من شئ يبقى لنا كنز فى السماء مثل أعمال الرحمة والعطاء للمحتاجين {طوبى للرحماء لانهم يرحمون (مت 5 : 7) من اجل هذا يوصينا السيد المسيح بان نكنز في السماء بعمل الرحمة { لا تكنزوا لكم كنوزا على الارض حيث يفسد السوس والصدا وحيث ينقب السارقون ويسرقون. بل اكنزوا لكم كنوزا في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدا وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون.لانه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك ايضا} مت 19:6-21. ان مقياس دخولنا للسماء هو عطائنا ومحبتنا {ثم يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا يا مباركي ابي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تاسيس العالم.لاني جعت فاطعمتموني عطشت فسقيتموني كنت غريبا فاويتموني.عريانا فكسيتموني مريضا فزرتموني محبوسا فاتيتم الي. فيجيبه الابرار حينئذ قائلين يا رب متى رايناك جائعا فاطعمناك او عطشانا فسقيناك.ومتى رايناك غريبا فاويناك او عريانا فكسوناك.ومتى رايناك مريضا او محبوسا فاتينا اليك. فيجيب الملك ويقول لهم الحق اقول لكم بما انكم فعلتموه باحد اخوتي هؤلاء الاصاغر فبي فعلتم} مت 34:25-40. يا له من جزاء عظيم أن نطعم السيد المسيح عندما يكون جائعا او نسقيه عندما يكون عطشانا او نستضيفه غريبا او نكسوه عريانا فى احد الفقراء ويالها من جريمة كبري أن نزدري بالمسيح متي كان جائعا او عطشانا او عريانا ..الخ . ان الصدقة تمحو الخطايا وتؤهلنا لنوال الرحمة والحياة الابدية {لان الصدقة تنجي من الموت و تمحو الخطايا وتؤهل الانسان لنوال الرحمة و الحياة الابدية }(طو12 : 9) . {لان الصدقة تنجي من كل خطيئة ومن الموت ولا تدع النفس تصير الى الظلمة} (طو4 : 1). {الماء يطفئ النار الملتهبة والصدقة تكفر الخطايا} (سيراخ 3 : 33). العطاء فى حياة السيد المسيح وتعاليمه.. السيد المسيح مثالاً وقدوة .. يقدم لنا السيد المسيح قدوة ومثالاً فى العطاء والرحمة والمحبة الباذلة لنتبع خطواته اذا كان يجول يصنع خيراً ، يشبع الجائعين ويشفى المرضى ويقيم الساقطين ويتحنن على المحتاجين ويعلم الجهال ويكرز ببشارة ملكوت الله داعياً الى التوبة {ولما راى الجموع تحنن عليهم اذ كانوا منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لها} (مت 9 : 36). من أجل ذلك قيل فيه {فانكم تعرفون نعمة ربنا يسوع المسيح انه من اجلكم افتقر وهو غني لكي تستغنوا انتم بفقره }(2كو 8 : 9). عاش كفقير وهو الذي يشبع كل حي من غناه وعندما أقلبت اليه الجموع وعلمهم {ولما صار المساء تقدم اليه تلاميذه قائلين الموضع خلاء والوقت قد مضى اصرف الجموع لكي يمضوا الى القرى ويبتاعوا لهم طعاما. فقال لهم يسوع لا حاجة لهم ان يمضوا اعطوهم انتم لياكلوا. فقالوا له ليس عندنا ههنا الا خمسة ارغفة وسمكتان. فقال ائتوني بها الى هنا. فامر الجموع ان يتكئوا على العشب ثم اخذ الارغفة الخمسة والسمكتين ورفع نظره نحو السماء وبارك وكسر واعطى الارغفة للتلاميذ والتلاميذ للجموع.فاكل الجميع وشبعوا ثم رفعوا ما فضل من الكسر اثنتي عشر قفة مملوءة. والاكلون كانوا نحو خمسة الاف رجل ما عدا النساء والاولاد} مت 15:14-21. من السيد المسيح نتعلم المحبة والخدمة الباذلة ... فالمحبة كانت الدافع والمحرك للخدمة بتواضع وبذل لخاصته وللخطاة والاشرار ولكل البشرية فى كل زمان ومكان { ليس لاحد حب اعظم من هذا ان يضع احد نفسه لاجل احبائه }(يو 15 : 13). هو السيد والرب احبنا وبذل ذاته فدءاً عنا {اما يسوع قبل عيد الفصح وهو عالم ان ساعته قد جاءت لينتقل من هذا العالم الى الاب اذ كان قد احب خاصته الذين في العالم احبهم الى المنتهى} (يو 13 : 1) . وهكذا علم تلاميذه ويعلمنا كيف تكون الخدمة والعطاء {فدعاهم يسوع و قال لهم انتم تعلمون ان الذين يحسبون رؤساء الامم يسودونهم وان عظماءهم يتسلطون عليهم. فلا يكون هكذا فيكم بل من اراد ان يصير فيكم عظيما يكون لكم خادما.ومن اراد ان يصير فيكم اولا يكون للجميع عبدا.لان ابن الانسان ايضا لم يات ليخدم بل ليخدم و ليبذل نفسه فدية عن كثيرين} مر42:10-45. ما لدينا هو وزنات وهبات من الله .. ان كل ما لدينا من وزنات ومواهب وأمكانيات هي عطايا من الله وما نحن الا وكلاء على مواهب وعطايا الله المتنوعة وسنعطي عنها حسابا يوم الدين {وكانما انسان مسافر دعا عبيده وسلمهم امواله. فاعطى واحدا خمس وزنات واخر وزنتين واخر وزنة كل واحد على قدر طاقته وسافر للوقت. فمضى الذي اخذ الخمس وزنات وتاجر بها فربح خمس وزنات اخر. وهكذا الذي اخذ الوزنتين ربح ايضا وزنتين اخريين. واما الذي اخذ الوزنة فمضى و حفر في الارض واخفى فضة سيده.وبعد زمان طويل اتى سيد اولئك العبيد وحاسبهم.فجاء الذي اخذ الخمس وزنات وقدم خمس وزنات اخر قائلا يا سيد خمس وزنات سلمتني هوذا خمس وزنات اخر ربحتها فوقها. فقال له سيده نعما ايها العبد الصالح والامين كنت امينا في القليل فاقيمك على الكثير ادخل الى فرح سيدك. ثم جاء الذي اخذ الوزنتين وقال يا سيد وزنتين سلمتني هوذا وزنتان اخريان ربحتهما فوقهما.قال له سيده نعما ايها العبد الصالح والامين كنت امينا في القليل فاقيمك على الكثير ادخل الى فرح سيدك} مت 14:25-23. لهذا يوصينا بالعطاء ويعدنا بالمكافأة {اعطوا تعطوا كيلا جيدا ملبدا مهزوزا فائضا يعطون في احضانكم لانه بنفس الكيل الذي به تكيلون يكال لكم (لو 6 : 38). ويقول لنا ان نصنع لنا اصدقاء بمال الظلم اي ما نحجبه من عشورنا ونذورنا وبكورنا عن المحتاجين {وانا اقول لكم اصنعوا لكم اصدقاء بمال الظلم حتى اذا فنيتم يقبلونكم في المظال الابدية }(لو16 : 9). وان كانت العشور والنذور والبكور هي عطايا العهد القديم ويقدمها الكتبة والفريسيين فاننا مطالبون باكثرمنها {فاني اقول لكم انكم ان لم يزد بركم على الكتبة والفريسيين لن تدخلوا ملكوت السماوات }(مت 5 : 20). العطاء للجميع بدون انتظار المقابل .. ان الله في خيريته يشرق شمسه على الصالحين والطالحين ويمطر على الابرار والاشرار ويتأني ويرحم الجميع ويريد منا ان نتعلم منه الرحمة والمحبة للجميع دون أنتظار لمقابل والله هو الذى يعطينا الاجر العظيم كابناء له {وكل من سالك فاعطه ومن اخذ الذي لك فلا تطالبه.وكما تريدون ان يفعل الناس بكم افعلوا انتم ايضا بهم هكذا.وان احببتم الذين يحبونكم فاي فضل لكم فان الخطاة ايضا يحبون الذين يحبونهم.واذا احسنتم الى الذين يحسنون اليكم فاي فضل لكم فان الخطاة ايضا يفعلون هكذا. وان اقرضتم الذين ترجون ان تستردوا منهم فاي فضل لكم فان الخطاة ايضا يقرضون الخطاة لكي يستردوا منهم المثل.بل احبوا اعداءكم واحسنوا واقرضوا وانتم لا ترجون شيئا فيكون اجركم عظيما و تكونوا بني العلي فانه منعم على غير الشاكرين والاشرار. فكونوا رحماء كما ان اباكم ايضا رحيم} لو30:6-36. العطاء في الخفاء ..السيد المسيح يعلمنا ايضا ان نعطي فى الخفاء لكي لا نجرح مشاعر المحتاجين ولا نعطي بدافع العجب والتفاخر وتمجيد الذات {احترزوا من ان تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم والا فليس لكم اجر عند ابيكم الذي في السماوات. فمتى صنعت صدقة فلا تصوت قدامك بالبوق كما يفعل المراؤون في المجامع وفي الازقة لكي يمجدوا من الناس الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم. واما انت فمتى صنعت صدقة فلا تعرف شمالك ما تفعل يمينك . لكي تكون صدقتك في الخفاء فابوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية} مت1:6-4. فمن الجانب السلبي يحذّرنا الرب من ممارسة الصدقة لأجل الناس: "لكي ينظروكم" اي لأجل إشباع الذات، قائلاً: فلا تعرف شمالك الأنا (ego) ما تفعل يمينك. فإن كان اليمين يُشير إلى نعمة الله التي تعمل فينا، فإنّنا نفسد هذا العمل إن قدّمناه ليس من أجل الله، وإنما لإشباع الأنا بإعلان العمل للشمال.الأنا هو أخطر عدوّ يتسلّل إلى العبادة ذاتها والسلوك الصالح، ليحطّم ما تقدّمه نعمة الله لنا خلال يميننا، وتفقده جوهره خلال الرياء الممتزج بالكبرياء. كان المراءون يصنعون الصدقة بينما يُصوّت بالبوق قدّامهم، أي تقدّم لهم دعاية، سواء في عطائهم العام في المجامع من أجل احتياجات الجماعة أو في الأزقّة .احترزوا من السلوك بالبرّ بهذا الهدف، فتتركّز سعادتكم في نظرة الناس إليكم، "وإلا فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السماوات". فقدانكم للأجر السماوي لا يكون بسبب نظرة الناس إليكم، بل لسلوككم بهذا الهدف. لم يمنعنا الرب من صنع البرّ أمام الناس ان لم نستطيع صنعه خفية ، لكنّه يحذّرنا من أن نصنعه بغرض الظهور أمامهم . عدم الرحمة يقود للهلاك .. قدم لنا السيد المسيح مثالاً لعدم الرحمة او الشفقة بمن حولنا وكيف يقود الى الهلاك { كان انسان غني و كان يلبس الارجوان والبز وهو يتنعم كل يوم مترفها. وكان مسكين اسمه لعازر الذي طرح عند بابه مضروبا بالقروح.ويشتهي ان يشبع من الفتات الساقط من مائدة الغني بل كانت الكلاب تاتي وتلحس قروحه.فمات المسكين وحملته الملائكة الى حضن ابراهيم ومات الغني ايضا ودفن. فرفع عينيه في الجحيم وهو في العذاب و راى ابراهيم من بعيد ولعازر في حضنه.فنادى وقال يا ابي ابراهيم ارحمني وارسل لعازر ليبل طرف اصبعه بماء ويبرد لساني لاني معذب في هذا اللهيب.فقال ابراهيم يا ابني اذكر انك استوفيت خيراتك في حياتك وكذلك لعازر البلايا و الان هو يتعزى وانت تتعذب} لو 19:16-25. ان لعازر البلايا قد يكون معنا في البيت او جار لنا او بعيد عنا او زميل لنا فى العمل ، ونحن يفيض عنا الخبز وهو يهلك جوعا .وقد يحتاج منا الى العطاء المعنوي والروحي والتشجيع ويجب ان نقدمه له لئلا نحرم من ملكوت الله . فلنسلك كحكماء لا كجهلاء مفتدين الوقت لان الأيام شريرة . لقد نصح دانيال النبي نبوخذ نصر بصنع الرحمة لينجو من العقاب ولم يسمع له { لذلك ايها الملك فلتكن مشورتي مقبولة لديك وفارق خطاياك بالبر واثامك بالرحمة للمساكين لعله يطال اطمئنانك} (دا 4 : 27) .من اجل هذا يدعونا القديس كيرلس الكبير ان نكون رحومين: ( لذلك فمن واجبنا أن نكون أمناء لله، أنقياء القلب، رحومين وشفوقين، أبرارًا وقديسين، لأن هذه الأمور تطبع فينا ملامح صورة الله، وتكمِّلنا كورثة للحياة الأبدية). حياة الكمال والعطاء.. قدم السيد المسيح مثالا عاليا فى الكمال المسيحى للشاب الغنى ولمن يريد {قال له يسوع ان اردت ان تكون كاملا فاذهب وبع املاكك واعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني (مت 19 : 21). وهذا مافعله الرسل { و ابتدا بطرس يقول له ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك.فاجاب يسوع وقال الحق اقول لكم ليس احد ترك بيتا او اخوة او اخوات او ابا او اما او امراة او اولادا او حقولا لاجلي ولاجل الانجيل.الا وياخذ مئة ضعف الان في هذا الزمان بيوتا واخوة واخوات وامهات و اولادا وحقولا مع اضطهادات وفي الدهر الاتي الحياة الابدية} مر 28:10-30. لقد نال الرسل بحق الكرامة وعمل المعجزات وخضعت لهم الشياطين ولم يعوزهم الله شئ وللان نكرمهم وهكذا فعل الأنبا أنطونيوس أب الرهبان الذى كان يملك ما يذيد عن ثلاثمائة فدان من أجود أراضى الصعيد، فباعها ووزعها أمواله واملاكه على الفقراء وعاش في الصحراء حياة الفقر الاختياري فذاع صيته فى كل الارض ونال حكمة من الله وعمل المعجزات وأقام الاموات وللان الكثير من الاديرة تسمى باسمه ليست فى مصر فقط بل وفي كل العالم . ليست العبرة عند الله بكم العطاء لكن بكيف نعطي .. فالمرأة التى أعطت الفلسين فى الخزانه مدحها السيد لانها أعطت كل ما عندها {وتطلع فراى الاغنياء يلقون قرابينهم في الخزانة. وراى ايضا ارملة مسكينة القت هناك فلسين.فقال بالحق اقول لكم ان هذه الارملة الفقيرة القت اكثر من الجميع.لان هؤلاء من فضلتهم القوا في قرابين الله واما هذه فمن اعوازها القت كل المعيشة التي لها} لو 1:21-4.والفريسى الذى يعطي العشور بكبرياء قلب ويدين الآخرين لم يتبرر امام الله كما العشار المنسحق والمرأة ساكبة الطيب الكثير الثمن بدافع المحبة مدحها الرب وقال حيثما يكرز بالإنجيل يبشر بما فعلته تذكاراً لها. وراينا كيف قبل الله عطايا كرنيليوس القائد الاممى وارسل له بطرس الرسول ليؤمن ويعتمد هو واهل بيته وكان إيمانه بداية قبول الامم فى الايمان المسيحى {فقال كرنيليوس منذ اربعة ايام الى هذه الساعة كنت صائما وفي الساعة التاسعة كنت اصلي في بيتي و اذا رجل قد وقف امامي بلباس لامع.و قال يا كرنيليوس سمعت صلاتك وذكرت صدقاتك امام الله.فارسل الى يافا و استدعي سمعان الملقب بطرس انه نازل في بيت سمعان رجل دباغ عند البحر فهو متى جاء يكلمك.فارسلت اليك حالا و انت فعلت حسنا اذ جئت والان نحن جميعا حاضرون امام الله لنسمع جميع ما امرك به الله} أع 30:10-33. الاغنياء وصنع الصلاح والسخاء .. من أجل هذا راينا الانجيل يوصى الاغنياء ان يصنعوا صلاحا ويكونوا اسخياء فى العطاء لكي يمسكوا بالحياة الإبدية {اوص الاغنياء في الدهر الحاضر ان لا يستكبروا ولا يلقوا رجاءهم على غير يقينية الغنى بل على الله الحي الذي يمنحنا كل شيء بغنى للتمتع.وان يصنعوا صلاحا وان يكونوا اغنياء في اعمال صالحة وان يكونوا اسخياء في العطاء كرماء في التوزيع. مدخرين لانفسهم اساسا حسنا للمستقبل لكي يمسكوا بالحياة الابدية} 1تيم 17:6-19. لقد ذكر الإنجيل كثيراً من الاغنياء مثل ابراهيم واسحق ويعقوب ويوسف الرامي وفى تاريخنا القبطي المعلم ابراهيم الجوهري ولم تتعلق قلوبهم بغناهم او يتكلوا عليه بل وثقوا فى الاله الحي هكذا يحذرنا الكتاب لئلا ينسى الانسان الله فى غناه {احترز من ان تنسى الرب الهك ولا تحفظ وصاياه واحكامه وفرائضه التي انا اوصيك بها اليوم. لئلا اذا اكلت وشبعت وبنيت بيوتا جيدة وسكنت. وكثرت بقرك وغنمك وكثرت لك الفضة والذهب وكثر كل ما لك. يرتفع قلبك وتنسى الرب الهك} ثت 11:8-14. العطاء وشركة الجسد الواحد .. {فانه كما في جسد واحد لنا اعضاء كثيرة و لكن ليس جميع الاعضاء لهاعمل واحد . هكذا نحن الكثيرين جسد واحد في المسيح واعضاء بعضا لبعض كل واحد للاخر} (رو 12 : 4- 5). فيجب علينا ان نحس باحتياجات اعضاء الجسد المحتاجة والضعيفة ونهتم بها . ولهذا راينا كيف حث القديس بولس اهل كورنثوس على العطاء من أجل الكنيسة فى اورشليم حيث كانت تعاني من الاضطهاد والمجاعة بسبب الجفاف {فرايت لازما ان اطلب الى الاخوة ان يسبقوا اليكم ويهيئوا قبلا بركتكم التي سبق التخبير بها لتكون هي معدة هكذا كانها بركة لا كانها بخل . حثه اياهم على العطاء بسخاء مشبهاً الاعطاء بالزرع. هذا وان من يزرع بالشح فبالشح ايضا يحصد ومن يزرع بالبركات فبالبركات ايضا يحصد. كل واحد كما ينوي بقلبه ليس عن حزن او اضطرار لان المعطي المسرور يحبه الله.والله قادر ان يزيدكم كل نعمة لكي تكونوا ولكم كل اكتفاء كل حين في كل شيء تزدادون في كل عمل صالح. كما هو مكتوب فرق اعطى المساكين بره يبقى الى الابد. والذي يقدم بذارا للزارع و خبزا للاكل سيقدم و يكثر بذاركم و ينمي غلات بركم.مستغنين في كل شيء لكل سخاء ينشئ بنا شكرا لله . ان خدمتهم هذة تسد اعواز القديسين وتسبب الشكر الجزيل لله} 2كو 5:9-11. أنه نعمة وبركة من الله ان يشركنا فى العمل الصالح معه و يكون لنا أحاسيس الرب نفسه تجاه أخوتنا {بهذا قد عرفنا المحبة أن ذاك وضع نفسه لأجلنا فنحن ينبغي لنا أن نضع نفوسنا لأجل الإخوة. وأما مَنْ كان له معيشة العالم ونظر أخاه محتاجاً وأغلق أحشاءه عنه فكيف تثبت محبة الله فيه} 1يو3: 16-17. اين ندخر اذاً اموالنا ؟... ان ما نقدمه لاخوتنا من رحمة هو كنوز لنا فى السماء {لا تكنزوا لكم كنوزا على الارض حيث يفسد السوس والصدا وحيث ينقب السارقون ويسرقون . بل اكنزوا لكم كنوزا في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدا و حيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون (مت 6 : 19- 20). يقول القديس أغسطينوس: ( إن أراد المسيحيون أن يرفعوا قلوبهم إلى فوق عليهم أن يدخروا ما يحبونه هناك فرغم وجودهم بالجسد على الأرض إلا أنهم يقطنون مع المسيح بالقلب وإذ صعد رأس الكنيسة أمامها هكذا ينبغي أن يصعد قلب المسيحي قدامه وإذ تذهب الاعضاء إلى حيث ذهب المسيح قدامها هكذا كل إنسان في القيامة يذهب إلى حيث تقدمه قلبه. لنذهب إلى السماء بذلك الجزء (القلب) الذي يستطيع الذهاب الآن وعندئذ سيتعبه إنساننا الكامل. ينبغي ان يهدم مسكننا الأرضي فإن مسكننا السماوي أبدي لنرسل أمتعتنا مقدما إلى حيثما نستعد للرحيل).ويقول الشيخ الروحاني: (من يترحم على إنسان،يصير باب الرب مفتوحاَ لطلباته في كل ساعة. ذو الإفراز بكسرة خبز يشتري لنفسه الملكوت). أهمية العمل والتعفف .. اننا نوصي الجميع بالرحمة والعطاء وحياة الشركة بين المؤمنين وهذه هي سمة الكنيسة الاولي { وكانلجمهور الذين امنوا قلب واحد ونفس واحدة ولم يكن احد يقول ان شيئا من امواله له بل كان عندهم كل شيء مشتركا }(اع 4 : 32). وفي نفس الوقت نحذر هؤلاء الذين يتعودوا على الاخذ بان يعملوا ماداموا قادرين ويكونوا أعفاء النفس واليد واللسان لكي تكون تقدمات وعطايا الكنيسة ومؤمنيها للمحتاجين بالحقيقة { فاننا ايضا حين كنا عندكم اوصيناكم بهذا انه ان كان احد لا يريد ان يشتغل فلا ياكل ايضا }(2تس 3 : 10). فالقادر على العمل لابد ان يعمل ولا يكون عبء على مجتمعه واهله، لهذا راينا القديس بولس الذى جال العالم كارازاً يحيا متعففاً عاملاً لخدمة نفسه ومن معه وفي نهاية خدمته رايناه يقول {فضة او ذهب او لباس احد لم اشته.انتم تعلمون ان حاجاتي وحاجات الذين معي خدمتها هاتان اليدان. في كل شيء اريتكم انه هكذا ينبغي انكم تتعبون وتعضدون الضعفاء متذكرين كلمات الرب يسوع انه قال مغبوط هو العطاء اكثر من الاخذ} أع 33:20-35.ان القديس بولس الرسول هو قدوة هنا لكل الاكليروس مع اننا نحرص على ان يحيا خدام الكنيسة حياة كريمة ويتفرغوا للعبادة والكرازة وكما قال الكتاب { الستم تعلمون ان الذين يعملون في الاشياء المقدسة من الهيكل ياكلون الذين يلازمون المذبح يشاركون المذبح. هكذا ايضا امر الرب ان الذين ينادون بالانجيل من الانجيل يعيشون. اما انا فلم استعمل شيئا من هذا ولا كتبت هذا لكي يصير في هكذا لانه خير لي ان اموت من ان يعطل احد فخري} 1كو 13:9-15. لكن على الخدام ان يكونوا امناء فيما لله مكتفين بالقليل ، صائرين أمثلة للرعيه فى العفاف المسيحي والعطاء من الاعواز. المال خادم وليس سيد مخدوم .. ان المال بالنسبة للمؤمن خادما وللخدمة وليس سيداً قاسيا {وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع ونعمة عظيمة كانت على جميعهم.اذ لم يكن فيهم احد محتاجا لان كل الذين كانوا اصحاب حقول او بيوت كانوا يبيعونها و ياتون باثمان المبيعات. ويضعونها عند ارجل الرسل فكان يوزع على كل واحد كما يكون له احتياج} أع 33:4-35.ويجب ان يكون لدي الجميع قناعة بما لديهم {واما التقوى مع القناعة فهي تجارة عظيمة.لاننا لم ندخل العالم بشيء وواضح اننا لا نقدر ان نخرج منه بشيء. فان كان لنا قوت وكسوة فلنكتف بهما .واما الذين يريدون ان يكونوا اغنياء فيسقطون في تجربة وفخ وشهوات كثيرة غبية ومضرة تغرق الناس في العطب والهلاك.لان محبة المال اصل لكل الشرور الذي اذ ابتغاه قوم ضلوا عن الايمان وطعنوا انفسهم باوجاع كثيرة} 1تيم 6:6-10. {فاذا حسبما لنا فرصة فلنعمل الخير للجميع ولا سيما لاهل الايمان }(غل 6 : 10). طوبى للرحماء لانهم يرحمون.. ايها الاله الكثير الرحمة ومصدر كل الخيرات ، يا من تشبع كل حي من غناك وتشرق شمسك على الصالحين والطالحين وتمطر على الابرار والاشرار لانك انت يا رب صالح وغفور وكثير الرحمة . نصلي اليك شاكرين عطاياك ونباركك على احساناتك يا من تعولنا منذ الصغر ولا تتركنا فى الكبر والشيخوخة ، أدم مراحمك على كنيستك وبلادنا وعالمك ولتفض علينا بمحبتك ورحمتك واحساناتك لكي نسبحك كل حين كل ايام حياتنا . ايها الرب الهنا صانع الخيرات ، اعطنا ان نتعلم منك الرحمة والكرم فى العطاء والسخاء فى التوزيع واعط الحكام والمسئولين والاغنياء وكل شعبك قلبا حكيما رحيما يشعربالآم المحتاجين والمرضى والايتام والارامل والمعوزين والمحرومين ويجزل لهم العطاء ويرسم البسمة على الشفاه ويسعى لخلاص الساقطين بعين الرحمة الإلهية التى تحب الجميع وتريدنا ان نحيا الحياة الأفضل، اعطنا الحكمة التى بها نحيا كوكلاء حكماء على نعمك المتنوعة . يارب اعطنا قلبا نقياً وروحاً مستقيما فى عمل الخير لا ينسى أحساناتك وفضلك لكي نسبحك مع داود النبى : {باركي يا نفسي الرب و كل ما في باطني ليبارك اسمه القدوس.باركي يا نفسي الرب ولا تنسي كل حسناته الذي يغفر جميع ذنوبك الذي يشفي كل امراضك.الذي يفدي من الحفرة حياتك الذي يكللك بالرحمة و الرافة.الذي يشبع بالخير عمرك فيتجدد مثل النسر شبابك. الرب مجري العدل والقضاء لجميع المظلومين . الرب رحيم و رؤوف طويل الروح وكثير الرحمة. لم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجازنا حسب اثامنا}. ايها الرب الاله المحب هبنا ان نقتدي برحمتك واحساناتك ونسعى بالحكمة فى عمل الرحمة والاحسان لنجد رحمة من لدنك يا رحيم. القمص أفرايم الأورشليمي
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل