المقالات

04 يوليو 2023

القديس بطرس، رسول الرجاء

رسول الرجاء ان حياة القديس بطرس الرسول شاهد حي على نعمة الله المغيرة والقادرة على تغيير رجل عادى من عامة الشعب بلا مؤهلات دراسية او منصب مرموق ، له أخطائه وتهوره واندفاعه وطيبة قلبه ، عندما سلم حياته للتلمذة على يد النجار الأعظم ، حوله الى رسول ورابح للنفوس الى ملكوت الله السماوي . انه شهادة حيه لعمل النعمة التى أنتشلته من الضعف والأنكار والحزن فى لحظات الضعف ليرده المخلص الذى طلب من الأب السماوى لكي لا يفنى إيمانه . لقد أختبر القديس بطرس قوة الرجاء الغافرة للخطايا من أجل هذا كتب يقول لنا {مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الاموات. لميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل محفوظ في السماوات لاجلكم . انتم الذين بقوة الله محروسون بايمان لخلاص مستعد ان يعلن في الزمان الاخير.الذي به تبتهجون مع انكم الان ان كان يجب تحزنون يسيرا بتجارب متنوعة. لكي تكون تزكية ايمانكم وهي اثمن من الذهب الفاني مع انه يمتحن بالنار توجد للمدح و الكرامة والمجد عند استعلان يسوع المسيح}( ابط 3:1-7). نعم انه رسول الرجاء للخطاة والأمل لمن تعثروا فى الطريق، والإيمان لمن جاء عليه زمان ضعف وأنكر مخلصه ، انه الرسول الداعى للقداسة لمن عاشوا فى وحل الخطية ، والمبشر بالإيمان والثقة بالله لكل نفس بشرية تعرضت للفشل والأحباط مراراً كثيرة . صياد السمك يتكل على الله وتتغير من حوله الظروف الجوية ويكتسب رزقه يوما بيوم ولا يملك الا القليل. وقد ترك حتى القليل الذي يملكه ليخدم ويتتلمذ على المعلم الصالح، وربح نفسه والجوهرة الكثيرة الثمن "الإيمان " الذى يصنع المعجزات ويقيم الأموات ويجعل الجاهل حكيم والخاطئ قديس . كما راينا فى حديثه مع الشحاذ الأعرج المقعد عند باب الجميل {فتفرس فيه بطرس مع يوحنا وقال انظر إلينا، فلاحظهما منتظرًا أن يأخذ منهما شيء}(أع 3: 4).. لقد قدم له الشيء الذي لا يملكه آخر، وهو أعظم شيء يمكن أن يقدم للإنسان البائس على الأرض {فقال بطرس ليس لي فضة ولا ذهب ولكن الذي لي فإياه أعطيك. باسم يسوع المسيح الناصري قم وأمش. وأمسكه بيده اليمنى وأقامه ففي الحال تشددت رجلاه وكعباه، فوثب ووقف وصار يمشي ودخل معهما الهيكل وهو يمشي ويطفر ويسبح الله} (أع 3: 6-8) كان اسم المسيح عند بطرس أعظم وأجل وأمجد من كل كنوز العالم، وقد قدمه للرجل المريض فشفاه، وأعطاه الرجاء في حياة حرة كريمة نافعة. وأعطاه أكثر من ذلك إيمانًا قويًا بسر الحياة في الاسم العجيب المبارك اسم المسيح. وما أحوج عالمنا اليوم الى من يشفى عجزه وحاجته وضعف إيمانه بالله . كان بطرس ممتلئا من العواطف البشرية ويعلن عنها فى مواقف حياته ولا يخبائها ، أليس هو الصارخ في إحدى المناسبات: {أخرج من سفينتي يارب لأني رجل خاطيء}(لو 5: 8) وفي قيصرية فيلبس عندما تكلم السيد المسيح عن الآمه وصلبه {فأخذه بطرس إليه وابتدأ ينتهره قائلاً حاشاك يارب لا يكون لك هذا} (مت 16: 22). بل قال {إني أضع نفسي عنك} (يو 13: 37). وعندما خرج في تلك الليلة الرهيبة يوم ان أنكر معرفته بسيده {بكي بكاء مرًا} (لو 22: 62). وأكثر من ذلك كان يملك قوة إرادة هائلة، لقد ترك كل شيء ليتبع المسيح، وترك القارب ليمشي إليه على الماء ، وتجرأ على أن يحتج على المسيح علنًا، وجرد سيفه وضرب عبد رئيس الكهنة ، ان الفحم الهش الذي يسهل أن تتفكك عناصره يتحول إلى الماس الصلب الصلد الثمين، والذي يعتبر من أقوى العناصر تماسكًا وصلادة، إنهم يقولون إن السبب يرجع إلى وقوع الفحم تحت ضغط وحرارة شديدين، وقد أمكن للإنسان على هذا الأساس أن يصنع الماس الصناعى من الفحم الأسود! وان كان الأمر في الطبيعة هكذا ، فإن نعمة الله الغنية التي للفخاري العظيم، تغيير من وعائنا الفاسد ليعيد صنعه من جديد اناءاَ للكرامة والمجد عندما يخضع للثقل والتهذيب . لقد منح السيد المسيح للقديس بطرس الثقة ، قبل أن يؤمن به ، وقد يكون هذا التعبير غريبًا، ولكنها الحقيقة الواقعة. نحن نؤمن بالسيد لأنه هو وضع ثقته فينا وانتظر منا ثمر الحياة الجديدة التي وهبنا إياها، كان المسيح قد نظر إلى بطرس وراي فيه اناءاً مختاراً . انها حكمة الله المشجعة لنا وهي التي ترى فينا الإمكانيات التي قد لا يراها فينا الناس أو لا نراها نحن في أنفسنا، ومن الواضح أن السيد وثق ببطرس، في وقت فقد فيه بطرس الثقة بنفسه حتى أوشك على الضياع: {طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك، وأنت متى رجعت ثبت إخوتك} (لو 22: 32). عندما قال مدرس أديسون له : " انت كالبيض الفاسد لن تفيد شئيا واخرجه من المدرسة " كانت أم توماس أديسون مؤمنة بقدرة ابنها، ورفضت رأى المدرس في ولدها العبقري، الذي أصبح من أعظم عباقرة الأمريكيين في الاختراع والصناعة. قد يفقد الإنسان الثقة في نفسه ، وقد يفقدها فيه الناس جميعًا، لكن هناك واحدًا عظيمًا لم يفقد الثقة في عودتنا إليه ويعمل على رجوعنا اليه ويخلق فينا الإنسان الجديد الذى يتجدد يوماً فيوم على صورة خالقه. انه راعى نفوسنا ومخلصها الصالح الذي بذل ذاته على الصليب من أجل خلاصنا. إن الإيمان يرفع الإنسان فوق نفسه إلى أعلى درجات النجاح ويفجر فيه الطاقات الساكنة ، ويفجر فيه قوى غير مألوفة للبشر، وهذا ما حدث مع بطرس بالذات، عندما فعل شيئًا من المستحيل أن يفعله مخلوق بشري غيره، لقد رأى المسيح ماشيًا على الماء، وكان المنظر أمامه مثيرًا وعجيبًا ومذهلا، فلماذا لا يفعل مثلما فعل سيده، ولماذا لا يرتفع بمعونة سيده، وعلى مثاله، ليفعل الشيء الذي لا يجرؤ آخر على تقليده ومحاكاته؟ ورغم تعثر بطرس فوق الماء، إلا أن الإيمان بالمسيح علمه أن يكون محاكيًا للسيد ومقلدًا له، ويكفي أن نذكر أنه كان مع سيده عند إقامة ابنة يايرس وأنه دخل إلى غرفة الصغيرة مع يعقوب ويوحنا وأبويهما، ورأى المسيح وهو يمد يده ليقول لها {طليثا قومي} (مر 5: 41) ومرت سنوات على هذا المشهد الذي ترك أثره العميق في نفسه، ودعى هو إلى يافا ليرى مشهدًا مماثلاً، لفتاة قد ماتت، وهي تلميذة للرب، وإذا به يفعل ذات الشيء مع فارق وحيد أنه جثا على ركبتيه، لأنه أقل من سيده العظيم ثم التفت إلى الجسد وقال: {فقام بطرس و جاء معهما فلما وصل صعدوا به الى العلية فوقفت لديه جميع الارامل يبكين ويرين اقمصة و ثيابا مما كانت تعمل غزالة و هي معهن. فاخرج بطرس الجميع خارجا وجثا على ركبتيه وصلى ثم التفت الى الجسد وقال يا طابيثا قومي ففتحت عينيها ولما ابصرت بطرس جلست. } (أع 9: 39،40). إن مجد الإيمان المسيحي هو إضافة شخص السيد إلينا، أو بتعبير أصح وأصدق، هو إضافتنا نحن إلى شخص السيد لتجعلنا نعمل المعجزات باسمه القدوس. القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
11 يوليو 2023

القديس بطرس، رسول الرجاء ج2

من صيد السمك الى ربح النفوس .. بطرس الرسول أو سمعان ابن يونا، ولد في قرية بيت صيدا الواقعة علي بحيرة طبرية قبل ميلاد المخلص بحوالي عشرة سنين. وكان يشتغل بصيد الأسماك لاسيما فى طبريه شأنه في ذلك شأن الكثيرين من سكان قريته ويحتمل انه كان مع أندراوس أخيه تلاميذ ليوحنا المعمدان بعض الوقت وكان لقاؤه الأول بالرب يسوع، بعد أن اخبره اندراوس أخوه { وفي الغد ايضا كان يوحنا واقفا هو واثنان من تلاميذه. فنظر الى يسوع ماشيا فقال هوذا حمل الله. فسمعه التلميذان يتكلم فتبعا يسوع. فالتفت يسوع ونظرهما يتبعان فقال لهما ماذا تطلبان فقالا ربي الذي تفسيره يا معلم اين تمكث. فقال لهما تعاليا وانظرا فاتيا ونظرا اين كان يمكث ومكثا عنده ذلك اليوم وكان نحو الساعة العاشرة. كان اندراوس اخو سمعان بطرس واحدا من الاثنين اللذين سمعا يوحنا وتبعاه.هذا وجد اولا اخاه سمعان فقال له قد وجدنا مسيا الذي تفسيره المسيح. فجاء به الى يسوع فنظر اليه يسوع وقال انت سمعان بن يونا انت تدعى صفا الذي تفسيره بطرس}( يو 35:1-42). أما دعوته للتلمذة فكانت عقب معجزة صيد السمك الكثير، حينما طمأنه الرب بقوله { فقال يسوع لسمعان لا تخف من الان تكون تصطاد الناس }(لو 5 : 10) وحالما وصل بالسفينة إلى البر ترك كل شيء وتبعة هو واخوة وابنا زبدي (لو 5: 1-11) لقد شرفة الرب بدرجة الرسولية ودعاه " بطرس " وكان من المقربين للرب فهو احد التلميذين الذين ذهبا ليعدا الفصح الاخير، واحد الثلاثة الذين عاينوا اقامة ابنة يايروس بعد موتها، وتجلى السيد المسيح على جبل طابور وصلاته في جثيماني ، واحد الاربعة الذين سمعوا نبوته عن خراب اورشليم وهيكلها. كان بطرس ذا حب جم لسيده وغيرة ملتهبة ولكنه كان متسرعا ومندفعا. فهو الاول الذي اعترف بلاهوت السيد المسيح والاول الذي بشر بالمسيح بعد حلول الروح القدس . لكنه كان مندفعا ومترددا ومتبدل المواقف قبل ان يعمل الروح القدس فيه ويغيره . حاول ان يمنع المسيح ان يموت (مر 8: 31: 33) ولما قال له المسيح انه سينكره ثلاثة قبل ان يصيح الديك مرتين، اجاب في تحد " لو أ ضطررت أن أموت معك لا انكرك ". وفي لحظة القبض علي المسيح استل سيفة ليدافع عن ذاك الذي مملكته ليست من هذا العالم! دخل القديس بطرس فى تجربة مره وصعبه عرف بها ضعفه. فكان أن انكر سيده ومعلمه بتجديف ولعن واقسم وأنكر أمام الجوارى انه لا يعرف السيد المسيح . لكنه عاد الى رشده وندم وندماً شديداً وبكي بكاء مراً وقصد قبر معلمه باكراً جدا فجر القيامة عند بحر الجليل أصطاد المسيح بطرس ، وقد ظن بطرس أنه هو الذي ترك كل شيء وأمسك بالمسيح ولم يدر أن المسيح، هو الذي جذبه ، وأتي به وباصدقائه إلى مجده السماوي العتيد، كان يمكن لبطرس أن يذهب بحماقاته المتكررة، كان يمكن أن يذهب عندما انتهر المسيح واراد أن يبعده عن الصليب مأخوذًا بما للناس، وليس بما لله فقال له : {أذهب عني ياشيطان، أنت معثرة لي لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس،} (مت 16: 23).. وعاد الشيطان مرة أخرى ليهزه هزا بالتجربة القاسية بنكران السيد، ومع ذلك فنظره المسيح، وظهوره الانفرادي له بعد القيامة. جعلته كارزا للرجاء الذى فى الإيمان بالمسيح. لقد أدرك من الدقيقة التي ترك فيها شباكه القديمة، أنه أصبح صيادًا من نوع آخر، صيادًا لنفوس الناس ليسوع المسيح، كان رجلاً لا يتعب في استخدام الشبكة، ولكنه أدرك بأن شبكته مرتبطة بكلمة المسيح، لقد تعب ذات مساء الليل كله، ولكن المسيح أمره على غير المألوف أن يبعد الى العمق ويلقي الشبكة على الجانب الأيمن، وأطاع، وصرخ مذهولاً لكثرة الصيد {اخرج من سفينتي يارب لأني رجل خاطيء} (لو 5: 8). وما أكثر ما نطق في حضرة المسيح بما لا يعي من فرط ذهوله واندهاشه، ولم يخرج المسيح من سفينة حياته قط، بل سار بها في بحر العالم يرفع علم الصليب فوقها، لأن {ليس بأحد غيره الخلاص}(أع 4: 12).. وكان المحصول وفيراً ، حصد يوم الخمسين مابدا مذهلاً أمامه، إذ كان فوق كل تصور وخيال، لقد كانت الباكورة ثلاث آلاف نفس في يوم واحد أمنت بعظة واحدة للقديس بطرس الرسول. بعد قيامة السيد المسيح من الموت ظهر للتلاميذ عدة مرات وعلي بحيرة طبرية حيث ذكريات بطرس مع مخلصه ظهر له وعاتبه في رفق مخاطبا اياه بأسمه القديم قائلاً له " يا سمعان بن يونا أتحبني. وقد وجه إلية هذه الكلمات ثلاث مرات ورده إلى رتبته الرسولية ثانية بقوله " ارع غنمي " وعقب تأسيس الكنيسة يوم الخمسين بدأ خدمته بين اليهود من بني جنسه في اليهودية والجليل والسامرة. وكان الرب يتمجد علي يديه بالمعجزات كشفاء المقعد عند باب الهيكل الجميل (أع 3)، وشفاء أينياس في مدينه اللد وإقامة طابيثا بعد موتها في يافا (أع 9)... وقد فتح الرب باب الأيمان للأمم علي يديه في شخص كرنيليوس قائد المئة اليونانى عقب رؤيا أعلنت له بخصوصه (أع 10). فلما خاصمة أهل الختان لقبول الأمم فى الايمان المسيحى ، شرح لهم الأمر وقال " بالحق أنا أجد أن الله لا يقبل الوجوه. بل في كل امة الذي يتقيه ويصنع البر مقبول عنده " (أع 10: 34، 35) ومع ذلك فقد ظل ميدان العمل الأساسي لهذا الرسول هو تبشير اليهود (غل 2: 7-9) . أعتراف بطرس المبكر بلاهوت السيد المسيح .. الاعتراف العظيم الذي اعترف فيه بطرس بلاهوت المسيح، عندما ألقى المسيح سؤاله الخالد{من يقول الناس إني أنا} وقد أوقف السؤال التلاميذ أمام أعمق تأمل يمكن أن يواجهوه، وعليه تبني المسيحية بأكملها، إلى كل الأجيال، وهنا يأتي اعتراف بطرس عجيبًا ومثيرًا واعلاناً اعُطى له من الاب السماوى . وقد صعد بطرس بهذا الاعتراف إلى ما وراء العقل البشري الذي لا يمكن مهما أوتى من حكمة أو إدراك أن يبلغ كنه المسيح العجيب. { فاجاب يسوع و قال له طوبى لك يا سمعان بن يونا ان لحما و دما لم يعلن لك لكن ابي الذي في السماوات} (مت 16 : 17)، ليس بحكمة بشرية ، أو فلسفتها العميقة أجاب بطرس الرسول ، فالمسيح بالنسبة للبعض إما هو يوحنا المعمدان على حد ما اتجه هيرودس الملك الذي قتله، أو هو واحد من أعظم الأنبياء القدامي كإيليا الذى ينتظر البعض إلى اليوم عودته من السماء، أو إرميا وكان الشبه عظيمًا بين نبي الأحزان والمسيح المتألم، أو أنه نبى الله . لم يخطو أحد خطوة أخرى وراء هذا، لكن بطرس شهد وشهادة حق ، إذ لمع أمام عينيه الإعلان الإلهي البعيد العميق الغائر في بطن الأزل، وصاح {أنت هو المسيح ابن الله الحي}(مت 16: 16) ومن الواجب أن نشير إلى أن هذا ليس أول حديث عن المسيا، فقد قال نثنائيل من قبل عن السيد: «أنت ابن الله أنت ملك إسرائيل» لكن إعلان الله لبطرس كان أول وأعظم ومضة من النور عن شخص ابن الله العجيب، وكان أشبه بالشعاع الأول من نور الشمس، وهي تأخذ سبيلها إلى الشروق لتخرج الإنسان من الظلام إلى نور النهار الباهر . لقد رأى بطرس النور واستقبله بالفرح العميق، وتوالت بعد ذلك الأشعة الساطعة حتى جاء بولس ليقول: «عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد» وما من شك في أن بطرس بلغ القمة هناك، وكانت كلماته هتاف المسيحي في كل العصور والأجيال .وتأكيد على قول الرب يسوع { انا و الاب واحد. ان كنت لست اعمل اعمال ابي فلا تؤمنوا بي. و لكن ان كنت اعمل فان لم تؤمنوا بي فامنوا بالاعمال لكي تعرفوا و تؤمنوا ان الاب في و انا فيه}( يو 30:10،38،37). ومع أعترافنا بدور القديس بطرس الرائع فى نشر الأيمان وتطويب السيد المسيح له { وانا اقول لك ايضا انت بطرس وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي و ابواب الجحيم لن تقوى عليها} (مت 16 : 18). فانى اذكر أن المسيح استعمل لفظ بطرس «بتروس» بمعنى حجر او قطعة من الصخر ولكن لفظ صخرة هنا "بترا" فعلى صخرة الأيمان بلاهوت المسيح يبنى الرب الأيمان . كما يذكر ذلك القديس بولس {وجميعهم شربوا شرابا واحدا روحيا لانهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم و الصخرة كانت المسيح }(1كو 10 : 4) وقد قال القديس أوغسطينوس إن الصخرة تشير إلى المسيح . فالله هو الصخر الوحيد: {هو الصخر الكامل صنيعه}(تث 32: 4)..{وليس صخرة مثل إلهنا} (1صم 2: 2).. إن بطرس يمكن أن يكون حجرًا في الكنيسة، ولكنه لا يمكن ولا يقبل مطلقاً "حتى القديس بطرس نفسه " ان يأخذ مركز الله فيها {فإنه لا يستطيع أحد أن يضع أساسًا آخر غير الذي هو يسوع المسيح}(1كو 3: 11) وعندما قال المسيح لبطرس: {وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات. فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطًا في السموات، وكل ما تحله على الأرض يكون محلولاً في السموات} (مت 16: 19).. قال نفس الشيء للرسل جميعا : {الحق أقول لكم كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطًا في السماء، وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولاً في السماء» (مت 18: 18) { و لما قال هذا نفخ و قال لهم اقبلوا الروح القدس.من غفرتم خطاياه تغفر له و من امسكتم خطاياه امسكت} يو 22:20-23. لم يكن سلطان الحل والربط جديدًا على أذهان التلاميذ إذ كان تعبيرًا شائعًا في حكم الكاهن على النجس والطاهر عندما يتقدم إليه الأبرص مثلا ليحكم بطهارته أو نجاسته، وهو ما تحكم به الكنيسة المسيحية ، كما حكمت في مجمع أورشليم فرفعت نير الناموس الطقسي عن أعناق المؤمنين، والامتناع فقط {عما ذبح للأوثان وعن الدم والمخنوق والزنا}(أع 15: 29).. وهو ما يحكم به في قبول التائبين انه في لغة أخرى إنه حكم تقرير، وليس حكم إنشاء، فالكاهن قديمًا لم يكن حرًا ليحكم في ضربة البرص كما يشاء، بل هو مأمور بأن يفحص الضربة ليراها تنتشر أو تأخذ في الشفاء إذ هي لسعة كمدت وليست برصًا،.. وخادم الله لهذا ليس حرًا في أن يفتح السماء أو يقفلها في وجه الإنسان، بل هو مأمور أن يطبق قاعدة الإنجيل على كل ما يرى، ويحكم إذا كان متمشيًا مع الحق الإلهي أو مناقضًا له. على اى حال نحن كشرقيين نفهم دور القديس بطرس حتى عندما يتقدم فى الكلام على أعتبار انه الأكبر والمعبر عن لسان حال الرسل ولا رئاسة له او لبابا روما كخليفة له على كنائس العالم الأمر الذى يتمشى مع جوهر المسيحية وتعاليم السيد المسيح { فدعاهم يسوع و قال لهم انتم تعلمون ان الذين يحسبون رؤساء الامم يسودونهم و ان عظماءهم يتسلطون عليهم. فلا يكون هكذا فيكم بل من اراد ان يصير فيكم عظيما يكون لكم خادما.و من اراد ان يصير فيكم اولا يكون للجميع عبدا.لان ابن الانسان ايضا لم يات ليخدم بل ليخدم و ليبذل نفسه فدية عن كثيرين}(مر 42:10-45). أتحبنى أكثر من هؤلاء نحن نعلم أن بطرس أحب المسيح من كل قلبه، وأجاب بعمق على السؤال القائل: {أتحبني أكثر من هؤلاء} {وكان الجواب: أنت تعلم يارب كل شيء، أنت تعرف أني أحبك}(يو 21: 15 و17)، ومع أن بطرس ارتكب الأخطاء وكان فيه بعض الضعفات والعيوب كواحد منا ، لكن حبه لم يخنه وهو يخرج إلى خارج ليبكي كأعظم ما يكون المحبون في الأرض. كانت أزمته يوم الصليب، نوعًا من الغيبوبة وفقدان الوعي الذي قلبه رأسًا على عقب، فأنكر سيده وربه، ولكنه ما إن استعاد وعيه حتى غسل بدموعه الغزيرة فعلته الشنعاء. على أن حب السيد كان أوفى وأعلى إذ في قلب الأزمة نظر إليه، ومن المؤكد أن النظرة وإن كانت تعبر عن قلب المسيح المجروح، إلا أنها كانت ممتلئة بالحنان والعطف والرقة والرحمة. وفي الحقيقة إن بطرس الرسول في حياته وموته بادل سيده حبًا بحب من أعظم وأشرف وأجل ما يمكن أن يتبادله المحبون ، كان هذا الرجل على أي حال، محبا لسيد فهو إذ راه فوق جبل التجلي، وقد تغيرت هيئته، وبدا منظره على الصورة التي تتجاوز الخيال البشري، ومعه موسى وإيليا، وإذا ببطرس ينسى الأرض وما عليها ومن عليها، فلا يعود يذكر بيته وزوجته والعالم بأكمله ويصبح صارخًا: {يارب جيد أن نكون ههنا} انه لا يرضى عن المسيح بديلا، ويقول: {إلى من نذهب كلام الحياة الأبدية عندك} إنه الرجل الذي تبع سيده، سواء في أعلى الجبل أو في البحر أو في الطريق، وأصبح المسيح كنزه الوحيد: {ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك} (مت 19: 27) إنه مثل القديس بولس الرسول الذي عندما أراد أن يعبر عن الحياة والموت قال: {لأن لي الحياة هي المسيح والموت هو ربح}(في 1: 21). ان المسيحية منذ تاريخها الأول تذخر بالشجعان الأبطال الذين لا يخيفهم سجن أو اضطهاد أو تعذيب بل يقولون مع بطرس ويوحنا {لأننا نحن لا يمكننا أن لا نتكلم بما رأينا وسمعنا} (أع 4: 20).. {فأجاب بطرس والرسل وقالوا ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس، إله آبائنا أقام يسوع الذي أنتم قتلتموه معلقين إياه على خشبة هذا رفعه الله بيمينه رئيسًا ومخلصًا ليعطي إسرائيل التوبة وغفران الخطايا. ونحن شهود له بهذه الأمور والروح القدس أيضًا الذي أعطاه الله للذين يطيعونه} (أع 5: 29-32).. ومع أننا لا نعلم بالضبط الأماكن التي تنقل فيها بطرس كارزًا وشاهدًا ليسوع المسيح، ولكن من الواضح أنه وعظ في أورشليم وأنطاكية، ومن المعتقد أيضًا أنه ذهب إلى روما، والكنيسة الكاثوليكية تعتقد أنه أول أسقف لروما، ولكن الفكر الارثوذكسي لا يشاطرها هذا الرأي إذ أن بولس كان تواقًا إلى الذهاب إلى روما، وكان من عادة بولس الأكيدة أنه لا يعمل على أساس آخر، ومن غير المتصور أن يذهب بولس إلى كنيسة يؤسسها بطرس وبولس هو رسول الأمم . لكن من المؤكد إن بطرس صلب في روما ، وكان ذلك إبان اضطهاد نيرون القاسي الشديد، قيل أيضًا إن المسيحيين شجعوه على الابتعاد عن روما، وإنه أخذ سبيله ذات مساء إلى طريق ابيان الشهير، وظل سائرًا الليل كله، ولكنه في الصباح الباكر، عند شروق الشمس، أبصر شخصًا مهيبًا أمام عينيه، وإذ عرف أنه المسيح صاح: "إلى أين يا سيد" وجاءه الجواب: "إن لي تلميذًا كان هناك ثم هرب، وأنا ذاهب لأخذ مكانه، وأصلب مرة ثانية نيابة عنه" وصرخ بطرس: "لا ياسيد أنا عائد". وعاد ليموت مصلوبًا، وعندما أرادوا أن يصلبوه قال إنه شرف لا أستحقه أن أموت مصلوبًا مثل سيدي، ولكني أرجو أن أصلب وقدماي إلى أعلى ورأسي إلى أسفل، لأني أضأل من أن أكون كسيدي. ويقال انه نظر إلى روما وهو يقول "عما قريب تتحولين أيتها الهياكل الوثنية المتعالية إلى معابد للمسيح" وقال للجماهير المحتشدين "إن أولادكم سيكونون خدامًا للمسيح.. ها نحن نموت يا روما من أجل أن تخلصي، ويسيطر عليك روح المسيح. ولسوف يجيء قياصرة ويذهبون ولكن مملكة المسيح ستظل ثابتة صامدة على مدى الأجيال" . القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
15 أغسطس 2023

صوم القديسة مريم العذراء

القديسة مريم فى الكتاب المقدس والتقليد الكنسى. + اهنئكم ببدء صوم القديسة مريم العذراء، وهى التى ذكرها الكتاب المقدس باكرام واجلال وجاء عنها الكثير من الرموز والنبوات فى العهد القديم ولها كرامتها الفريدة فى العهد الجديد فهى والدة الاله الكلمة المتجسد، المملؤة نعمة، القديسة الشفيعة التى قام السيد المسيح بعمل اولى معجزاته فى عرس قانا الجليل بطلبتها وهى توصينا دائما ان نطيع وصايا الله {قالت امه للخدام مهما قال لكم فافعلوه} (يو 2 : 5). انها المراة التى تنبأ عنها سفر التكوين بان نسلها يسحق راس الحية القديمة ابليس {واضع عداوة بينك و بين المراة و بين نسلك ونسلها هو يسحق راسك} (تك 3 : 15). وهى العذراء الدائمة البتولية { ولكن يعطيكم السيد نفسه اية ها العذراء تحبل و تلد ابنا و تدعو اسمه عمانوئيل} (اش 7 : 14). وقد حل الروح القدس عليها وقدسها وملائها نعمة وبصوت سلامها على اليصابات امتلات اليصابات من الروح القدس { فقامت مريم في تلك الايام وذهبت بسرعة الى الجبال الى مدينة يهوذا. ودخلت بيت زكريا وسلمت على اليصابات. فلما سمعت اليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها وامتلات اليصابات من الروح القدس. وصرخت بصوت عظيم وقالت مباركة انت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك. فمن اين لي هذا ان تاتي ام ربي الي.فهوذا حين صار صوت سلامك في اذني ارتكض الجنين بابتهاج في بطني. فطوبى للتي امنت ان يتم ما قيل لها من قبل الرب. } (لو 1 : 39-45). ومن سفر التكوين الى سفر الرؤيا نرى رموز واشارات عن القديسة مريم { وظهرت اية عظيمة في السماء امراة متسربلة بالشمس والقمر تحت رجليها وعلى راسها اكليل من اثني عشر كوكبا }(رؤ 12 : 1). + والعذراء مريم لها كرامتها فى تقليد الكنيسة منذ العصر الرسولى ، فهى الإنسانة الوحيدة التى أنتظر الله آلاف السنين حتى وجدها ورآها مستحقة لهذا الشرف العظيم بان يتجسد منها الله الكلمة هذا الشرف الذى شرحه الملاك جبرائيل بقوله { الروح القدس يحل عليكِ وقوة العلىّ تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منكِ يدعى أبن الله}(لو35:1). لهذا قال عنها الكتاب المقدس "بنات كثيرات عملن فضلاً أما أنت ففقتِ عليهن جميعاً " (أم29:31). + على الصليب عهد بها السيد المسيح الى يوحنا الحبيب { ثم قال للتلميذ هوذا امك ومن تلك الساعة اخذها التلميذ الى خاصته} (يو 19 : 27) فلو كان لها ابناء أخرين كما يدعى البعض لكانوا اجدر واحق برعايتها ! واذ صارت العذراء اما للرسل فهى أمنا لنا نحن الذين امنا على ايديهم . وما أكثر الالقاب التى اطلقها الاباء على القديسة مريم بما تحمله من مدلولات روحية مستمدة من الكتاب المقدس ، فهى السماء الثانية، الحمامة الحسنة، دائمة البتوليه، شورية هارون، سلم يعقوب، الملكة القائمة عن يمين الملك كما جاء فى المزمور {قامت الملكة عن يمينك ايها الملك} (مز9:45). هى "والدة الاله" وهذا اللقب ثبتته الكنيسة باجمعها فى مجمع افسس 431م كما جاء فى الإنجيل {فمن اين لي هذا ان تاتي ام ربي الي }(لو 1 : 43). ونقول عنها فى التسبحة الكنسية: (ان الاب تطلع من السماء فلم يجد من يشبهك ارسل وحيده اتى وتجسد منك ). ولقد بنيت اول كنيسة على اسم القديسة مريم فى مدينة فيلبي فى عصر الرسل لاكرام العذراء التى بصلواتها انحلت ابواب السجن الحديدية واخرجت القديس متياس الرسول من السجن . + من اجل كرامة العذراء والاقتداء بها وتطويبها نهتم باكرامها ومدحها فى التسبحة اليومية والقداسات ففى القداس الالهي يجرى ذكرى تطويب العذراء فى أكثر من مرة ففى لحن البركة: وقبل رفع الحمل يقال النشيد الكنسى للعذراء ومطلعه ( السلام لمريم العذراء الملكة ونبع الكرمة ) عند رفع بخور البولس: يقال فى الأعياد وأيام الفطر لحن: (هذه المجمرة الذهب هى العذراء وعنبرها هو مخلصنا ، قد ولدته وخلاصنا وغفر لنا خطايانا).وفى مقدمة قانون الإيمان: أبرزت الكنيسة أهمية شخصية العذراء مريم كوالدة الآلة فى التقليد الكنسى، بعد انعقاد مجمع أفسس مباشرة سنة 431م، وذلك لضبط مفهوم التجسد الإلهى ومقاومة البدع. وهكذا أضافت مضمون العقيدة التى أقرها هذا المجمع فى مقدمة قانون الإيمان والتى مطلعها: (نعظمك يا أم النور الحقيقى...).وبعد صلاة الصلح وقبل قداس المؤمنين نطلب شفاعة امنا العذراء "بشفاعة والدة الاله القديسة مريم يارب أنعم لنا بمغفرة خطايانا). فى مجمع القديسين نطلب شفاعة العذراء مريم على رأس قائمة أعضاء الكنيسة المنتصرة فى صلاة المجمع، فنحن نؤمن اننا كنيسة واحدة سواء من انتقلوا او يجاهدوا ليكملوا وينتصروا نصلى بعضنا من أجل بعض . فضائل فى حياة العذراء مريم . + التواضع فى حياة القديسة مريم .ان التواضع صفة محبوبة من الله والناس { لان قدرة الرب عظيمة وبالمتواضعين يتمجد} (سير 3 : 21). { يقاوم الله المستكبرين واما المتواضعون فيعطيهم نعمة} (يع 4 : 6). والعذراء القديسة مريم رغم ما نالته من كرامة لدى الله { دخل اليها الملاك وقال سلام لك ايتها المنعم عليها الرب معك مباركة انت في النساء... وها انت ستحبلين و تلدين ابنا وتسمينه يسوع. هذا يكون عظيما وابن العلي يدعى ويعطيه الرب الاله كرسي داود ابيه. ويملك على بيت يعقوب الى الابد ولا يكون لملكه نهاية. فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وانا لست اعرف رجلا. فاجاب الملاك وقال لها الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك ايضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله} (لو28:1،31-35). بعد هذه الكرامة نراها تجاوب الملاك { فقالت مريم هوذا انا امة الرب ليكن لي كقولك فمضى من عندها الملاك} (لو 38:1 ). وبعدما قال لها الملاك عن حبل اليصابات قامت مسرعة لتخدمها وعندما التقيا وامتلات اليصابات من الروح القدس وقالت لها من اين لى هذا انت تأتى ام ربى اليٌ نرى العذراء تعطى المجد لله { فقالت مريم تعظم نفسي الرب. وتبتهج روحي بالله مخلصي.لانه نظر الى اتضاع امته فهوذا منذ الان جميع الاجيال تطوبني. لان القدير صنع بي عظائم واسمه قدوس}( لو 46:1-49).(أنظر ستجد المزيد من عظات القمص افرايم الأنبابيشوى هنا فى منتدى أم السمائيين والأرضيين). احتملت العذراء فى تواضع حتى سوء الظن من البعض فى تواضع عجيب وتسليم كامل لمشيئة الله . منذ طفولتها وحتى نهاية حياتها على الارض فى صمت الاتقياء { واما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به في قلبها} (لو 2 : 19). + الإيمان والصلاة . ظهر ايمان العذراء مريم فى العديد من المواقف فى حياتها ، فلم يحدث لعذراء غير متزوجة قبلها انجاب طفل ولكن كان للعذراء الايمان القوى الذى به اجابت به الملاك ليكن لى كقولك حتى ان اليصابات طوبتها على هذا الإيمان قائلة لها { فطوبى للتي امنت ان يتم ما قيل لها من قبل الرب} (لو1 : 45). لقد كان ايمانها وعمق صلواتها مبنية على علاقتها القوية بالله والكتاب المقدس حتى ان تسبحتها الحلوة عقب زيارتها لاليصابات كانت ايات من العهد القديم { فقالت مريم تعظم نفسي الرب. وتبتهج روحي بالله مخلصي. لانه نظر الى اتضاع امته فهوذا منذ الان جميع الاجيال تطوبني.لان القدير صنع بي عظائم واسمه قدوس. ورحمته الى جيل الاجيال للذين يتقونه. صنع قوة بذراعه شتت المستكبرين بفكر قلوبهم. انزل الاعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين. اشبع الجياع خيرات وصرف الاغنياء فارغين. عضد اسرائيل فتاه ليذكر رحمة.كما كلم اباءنا لابراهيم و نسله الى الابد}( لو46:1-55) وعند الصليب وقفت العذراء الام تتأمل بايمان تتميم عمل الخلاص وسيف الآلم يجتاز قلبها كما سبق وانبائها سمعان الشيخ عندما ذهبت للهيكل للتطهير وكانت تقول ( اما العالم فيفرح بقبوله الخلاص واما احشائى فتلتهب عند نظرى الى صلبوتك الذى انت صابر عليه يا ابنى والهى). وظهر ايمانها فى طاعتها وتسليمها عندما خدمت فى الهيكل وهى طفلة وفى خضوعها عند سن البلوغ وذهابها الى بيت يوسف النجار بامر الشيوخ حيث كانت يتيمة الابوين ، وفى ذهابها الى مصر مع يوسف النجار وفى طاعتها لامر السيد المسيح بان تحيا فى رعاية القديس يوحنا الحبيب . 3 – العذراء وحياة الطهارة .. لقد عاشت العذراء حياة الطهارة والعفة منذ طفولتها فى الهيكل وكما تلقبها الكنيسة بحق العذراء كل حين ، ولتنظروا حتى الى ثيابها المتشحة بها فى كل الظهورات حتى بعد صعودها الى السماء ، مكتسية بحلل البهاء ومتسربلة بثياب من نور رمزا لطهارتها وعفتها . وعندما راي القديس يوسف النجار حبلها واذ كان رجلا بارا واراد ان يخليها سراً فمن أجل اظهار برائتها ظهر له ملاك الرب مدافعا عنها { و لكن فيما هو متفكر في هذه الامور اذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلا يا يوسف ابن داود لا تخف ان تاخذ مريم امراتك لان الذي حبل به فيها هو من الروح القدس} (مت 1 : 20). وحسب التقليد الكنسي فان الذى رفع يديه ليعترض جسدها فى الطريق الى القبر فى عدم أحترام لها قطع يديه ملاك الرب مدافعا عن قداستها ولما صرخ نادما أعادها له الرسل بمعجزة . فحرى ببناتنا ان يتخذن من العذراء شفيعة وقدوة فى الطهارة النابعة من محبة الله والتأمل فى كلامه وحفظ وصاياه والعمل بها . صوم القديسة مريم العذراء. ++ اننا اذ نكرم العذراء القديسة مريم ونطلب شفاعتها عند الله ونصوم باسمها فهذا من قبيل الأكرام وليس العبادة اطلاقاُ فالسجود والعبادة لله وحده {للرب الهك تسجد و اياه وحده تعبد }(مت 4 : 10). فصومنا وصلواتنا مقدمة لله القدوس ونحن نكرم الله فى جميع قديسه الذي قال للرسل الذى يرزلكم يرزلنى والذى يكرمكم يكرمنى والذى يكرمنى يُكرم ابى الذى ارسلنى. ونحن نتعلم من فضائل القديسة مريم كام روحيه لنا { اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم }(عب 13 : 7). العذراء بمحبتها وحنانها تطلب عنا وقد اختبارنا دالتها وصلواتها المستجابة عنا ،(أنظر ستجد المزيد من عظات القمص افرايم الأنبابيشوى هنا فى منتدى أم السمائيين والأرضيين). ونحن فى الكنيسة القبطية عبر تاريخها الطويل نتمتع بامومة ورعاية وشفاعة امنا القديسة مريم وظهوراتها المتكررة فى مصر على المستوى العام او معجزاتها وظهوراتها على المستوى الفردى تشهد لصحة إيماننا وقوة شفاعتها الدائمة عنا . + ان اصوامنا كلها نقدمها لله زهدا ونسكا وتفرغا من الأهتمام بملاذ الجسد لنتقوى فى الروح ونهتم بغذاء ارواحنا ، ويقال ان هذا الصوم صامه آبائنا الرسل أنفسهم لما رجع توما الرسول من التبشير فى الهند، فقد سألهم عن السيدة العذراء، قالوا له إنها قد ماتت. فقال لهم: (أريد أن أرى أين دفنتموها!) وعندما ذهبوا إلى القبر لم يجدوا الجسد المبارك. فإبتدأ يحكى لهم أنه رأى الجسد صاعدا... فصاموا 15 يوماً من أول مسرى حتى 15 مسري حتى أعلن لهم الرب صعود جسدها الى السماء واصبح عيد للعذراء يوم 16 مسرى من التقويم القبطي. + ولقد مارس صوم القديسة مريم اولا بعد ذلك العذراى والرهبان وبعد هذا صامه الشعب كله وقننته الكنيسة كصوم عام بعد ذلك ، وكم نحن نحتاج الى الصوم والصلاة فى كل حين لاسيما فى هذه الايام الصعبة { صالحة الصلاة مع الصوم والصدقة خير من ادخار كنوز الذهب} (طوبيا 12 : 8). فاذ لنا اعداء مقاومين لابد ان يكون لنا الركب المنحنية والايدى المرفوعة بالصلاة لنشبع بمحبة الله وننتصر على اعدائنا الذين قال عنهم السيد المسيح { هذا الجنس لا يمكن ان يخرج بشيء الا بالصلاة و الصوم} (مر 9 : 29). فالصوم فترة للنهضة الروحية والشبع بكلمة الله { فاجاب وقال مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله }(مت 4 : 4). طوباكى ايتها الشفيعة المؤتمنة التى خدمت البشرية كلها وعوضا عن مخالفة أمنا حواء للوصية، أطعتى انت ايتها القديسة مريم وقدمتى كحواء الجديدة والثانية لله شعبا مستعدا من قبل طهارتك، وكنتِ وستبقي على مدى الاجيال أمنا مكرمة تطوبك جميع الأجيال فانت قدوة للعذارى ومعلمة للفضيلة للجميع وانت أمنا الحنون التي نتلجأ اليها فى ضيقاتنا لترفعى معنا الصلاة وتطلبى عنا من الرب ليغفر لنا خطايانا ويقوى أيماننا ويحفظ كنيستنا رعاة ورعية ويقود بلادنا واهبا لنا سلاما وبركة وحكمة . القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
09 مايو 2023

قيامة المسيح ونتائجها فى حياتنا

المسيح قام ... بالحقيقة قام . "المسيح قام" هى تحية كل مؤمن لغيره طوال فترة الخماسين المقدسة، وهم يردون التحية قائلين " بالحقيقة قام". التجسد الإلهى يصل الى غايته والهدف منه فى القيامة المجيدة، التى هى إنتصار على الشيطان والموت. مات المسيح من أجل خطايانا وقام من أجل تبريرنا، لكى ما يقيمنا لنكون معه فى السماء. قام السيد المسيح وبرهن على قيامته المجيدة بالعديد من الظهورات والاحداث والنتائج وهذا ما اكد عليه القديس بولس الرسول { ان لم يكن المسيح قد قام فباطلة كرازتنا وباطل ايضا ايمانكم. ونوجد نحن ايضا شهود زور لله لاننا شهدنا من جهة الله انه اقام المسيح وهو لم يقمه ان كان الموتى لا يقومون. لانه ان كان الموتى لا يقومون فلا يكون المسيح قد قام. وان لم يكن المسيح قد قام فباطل ايمانكم انتم بعد في خطاياكم. اذا الذين رقدوا في المسيح ايضا هلكوا. ان كان لنا في هذه الحياة فقط رجاء في المسيح فاننا اشقى جميع الناس. ولكن الان قد قام المسيح من الاموات وصار باكورة الراقدين. فانه اذ الموت بانسان، بانسان ايضا قيامة الاموات. لانه كما في ادم يموت الجميع هكذا في المسيح سيحيا الجميع} (1كو 14:15-22). ظهورات السيد المسيح بعد القيامة لقد استحقت "مريم المجدلية " بأمانتها الداخلية العجيبة. ان تكون حاملة بشرى القيامة للتلاميذ والرسل. لقد جاءت إلى القبر مع المريمات والليل باقٍ، مدفوعين بمحبتهم للسيد الرب . وكانت مريم المجدلية أول أول من رأى الحجر مرفوعًا عن القبر. لقد أراد الرب أن تشهد بأن المسيح رافع خطية العالم قد قام. بعث السيد المسيح برسالة الفرح والسلام والانتصار مع المجدلية إلى تلاميذه الذين تركوه عند القبض عليه ولم يرافقوه حتى الصليب. لم يشر إلى كلمة عتاب واحدة، وكأنه قد أرسل إليهم يقول: "إني أغفر وأنسى " ارسل المجدلية معلنا شوقه للاتحاد بهم، ثم ظهر لهم ليعيد لهم الرجاء المفقود والايمان الموعود والفرح المعهود ويعلن اتحاده بهم بلا قيود. السيد المسيح قد تألم وقام لأجلنا لكي يقيمنا أحباء له "وظهر لتلميذى عمواس" فى الطريق مرافقاً لهما ومبيناً كل ما جاء عنه { كان ينبغي ان المسيح يتالم بهذا ويدخل الى مجده.ثم ابتدا من موسى ومن جميع الانبياء يفسر لهما الامور المختصة به في جميع الكتب} لو26:24-27. فإنه إذ قام اعطانا ان نقوم معه ونكون اصدقاء له ليلهب قلوبنا بمحبته وهو يشتاق أن يهبنا حياته المقامة. نراه يقترب من تلميذي عمواس، ويمشي معهما، ويحاورهما بلطف، ويلهب قلبيهما بمحبته، ويفتح بصيرتهما للتعرف عليه. إذ كانت أعينهما قد أمسكت عن معرفته، لكنه تقدم بنفسه إليهما ليبدأ الحديث معهما، وسألهما: "ما هذا الكلام الذي تتطارحان به، وأنتما ماشيان عابسين؟". فإن كان السيد قد تألم وصلب فالموت لم يفصله عن تلاميذه، وإن كان قد قام فقيامته لم تبعد به عنهم. بل لكي يقترب إلينا ويبادرنا بالحب، مشتاقًا أن يدخل معنا في حوار، لكي يقدم ذاته لنا، فتنفتح أعيننا لمعاينته وقلوبنا لسكناه فينا. إن قصة لقاء السيد المسيح بتلميذي عمواس اللذين أُمسكت أعينهما عن معرفته هي قصة كل إنسان روحي، يرافقه الرب كل الطريق، ويقوده بنفسه، ويلهب قلبه، ويكشف له أسرار إنجيله، ويعلن له قيامته، ويفتح بصيرته لكي يعاينه ويفرح به. قيامة الرب في أول الأسبوع،باكر الاحد، كانت بمثابة بداية جديدة للبشرية في علاقتها بالرب، إذ صار لها حق الحياة المقامة في الرب، لتعيش في سبتٍ جديدٍ فريدٍ هو راحة الحياة الجديدة في الرب والمُقامة معه والشركة مع المسيح المقام. ثم ظهر "للتلاميذ " فى العلية والابواب مغلقة { ولما كانت عشية ذلك اليوم وهو اول الاسبوع وكانت الابواب مغلقة حيث كان التلاميذ مجتمعين لسبب الخوف من اليهود جاء يسوع ووقف في الوسط وقال لهم سلام لكم. و لما قال هذا اراهم يديه و جنبه ففرح التلاميذ اذ راوا الرب. فقال لهم يسوع ايضا سلام لكم كما ارسلني الاب ارسلكم انا.}( يو19:20-21 ). تحدث المسيح القائم من الأموات مع التلاميذ، فأعطاهم سلامًا جديدًا فائقًا، وتحدث معهم واراهم جراحاته التي في يديه وجنبه، فوهبهم فرحًا فريدًا بحضرته في وسطهم. أراهم يديه وجنبه ليطمئنوا أنه يسوع المصلوب نفسه بذات الجسد. لقد ترك آثار الجراحات شهادة حية لقيامته، وتبقى هذه الجراحات في الأبدية مصدر فرح ومجد، كعلامة حب إلهي عجيب لا ينقطع لخلاص البشرية. لقد وضع حجابًا على بهاء مجد جسده القائم من الأموات حتى يمكنهم معاينته والتحدث معه. يبقى السيد المسيح يبسط يديه ويكشف عن جنبه ويحتضننا بحبه ويروينا من ينبوع دمه العجيب، فنعلم أنه مادام هو حي فنحن بصليبه أحياء. لن يقدر الموت أن يحطمنا. جراحات صليبه هي لغة الحب القادرة أن تنزع منا الخوف من العالم، وتهبنا فرحًا داخليًا فائقًا.إنه دومًا يفتح بصيرتنا بجراحات صليبه، فندرك أننا لسنا نتمتع برؤياه فحسب، بل نتمتع بحضرته في وسطنا. ثم ظهر لهم أكثر من مرة طوال الاربعين يوم حتى صعوده يعرفهم أسرار ملكوت الله . وفى احدى ظهورات السيد المسيح، ظهر لأكثر من خمسمائة { بعد ذلك ظهر دفعة واحدة لاكثر من خمس مئة اخ اكثرهم باق الى الان لكن بعضهم قد رقدوا} (1كو 15 : 6).ليؤكد للمؤمنين قيامة المجيده ويرفع قلوبنا الى السماء لنقوم معه { فان كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله} (كو 3 : ). هذا هو إيمان الكنيسة الذي لخّصه الرسول بولس في عبارته الموجزة: "الذي أُسلم من أجل خطايانا وأُقيم لأجل تبريرنا" (رو 4: 25). وكما يرى الدارسون أن هذه العبارة تمثل حجر الزاوية في قانون الإيمان الكنسي في عصر الرسول. نتائج قيامة المسيح فى حياة المؤمنين.. الإيمان والأنتصار .. كما نرتل فى ايام القيامة ونقول " المسيح قام من بين الاموات، بالموت داس الموت ووهب الحياة للذين فى القبور". فقد قام السيد المسيح واعطى المؤمنين نعمة القيامة كوعده الصادق فقوى الرب إيمان تلاميذه ومؤمنيه فى كل زمان وهذه هى الغلبة التى تغلب العالم { لان كل من ولد من الله يغلب العالم وهذه هي الغلبة التي تغلب العالم ايماننا} (1يو 5 : 4) . فان كان لنا رجاء فى هذه الحياة فقط فنحن أشقى جميع الناس ولكن على رجاء المكأفاة والسعادة الابدية نجاهد ونحتمل ونصبر { لا تتعجبوا من هذا فانه تاتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته. فيخرج الذين فعلوا الصالحات الى قيامة الحياة والذين عملوا السيات الى قيامة الدينونة} (يو 28:5-29). الرجاء المبارك فى الحياة الابدية .. لقد وهبت لنا قيامة الرب يسوع المسيح الرجاء المبارك فنعيش ونموت على رجاء القيامة. واصبح لنا فرح برجاء القيامة لذلك بولس يقول عن الرب (انه باكورة الراقديين) لهذا وجدنا شهوة القديسين هى الانتقال من الحياة ليس كراهية فيها ولكن ابتغاء لحياة أفضل { لي اشتهاء ان انطلق واكون مع المسيح ذاك افضل جدا} (في 1 : 23). هذا أصبح الموت هو الجسر الذهبى الموصل للابدية للمؤمنين للالتقاء بالله وبالملائكة والقديسين{ كل من عنده هذا الرجاء به يطهر نفسه كما هو طاهر} (1يو 3 : 3). الفرح الروحى والقوة .. لقد بدلت قيامة السيد حزن التلايمذ الى فرح { ولما قال هذا اراهم يديه وجنبه ففرح التلاميذ اذ راوا الرب} (يو 20 : 20). وتحول خوفهم الى قوة وسلام وإيمان راسخ ومجاهرة بالإيمان { فاجابهم بطرس ويوحنا وقالا ان كان حقا امام الله ان نسمع لكم اكثر من الله فاحكموا. لاننا نحن لا يمكننا ان لا نتكلم بما راينا و سمعنا} أع 19:4-20. وعندما هددوهم لم يخاف الرسل بل رفعوا الامر لله وجالوا مبشرين بكلمة الله كما ارسلهم السيد الرب ليكرزوا { والان يا رب انظر الى تهديداتهم و امنح عبيدك ان يتكلموا بكلامك بكل مجاهرة }(اع 4 : 29). أخذ المؤمنين من الرب قوة ووعود من الرب بانه سيكون معنا الى الانقضاء فان كان الرب معنا فمن علينا { فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس. وعلموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به و ها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين}( مت 19:28-20). حياة السلام القلبى والثبات فى الرب .. من الثمار الحلوة للقيامة المجيدة { سلاما اترك لكم سلامي اعطيكم ليس كما يعطي العالم اعطيكم انا لا تضطرب قلوبكم و لا ترهب} (يو 14 : 27). السلام الذى ينبع من الاحساس بوجود الله فينا ومعنا وقائداً لمسيرتنا وسفينة حياتنا {وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم و افكاركم في المسيح يسوع }(في 4 : 7). لقد بددت قيامة الرب يسوع شكوك التلاميذ وخوفهم وشك توما وعدم إيمانه ووهبت لنا الطوبى لاننا آمنا دون ان نرى { قال له يسوع لانك رايتني يا توما امنت طوبى للذين امنوا ولم يروا }(يو 20 : 29). فنحن واثقين بمن آمنا ولدينا يقين ثابت لا يتزعزع ان الله حى وعادل وامين وقادر ان يحفظ وديعة حياتنا الى النفس الأخير. قوة قيامة السيد المسيح هى التى الهبت قلوب التلاميذ والرسل للعمل الكرازى والشهادة حتى الاستشهاد، وهى مصدر العزاء للمؤمنين فى ضيقات وتجارب الحياة وهى التى هزمت الشيطان وقيدت سلطانه واصبح لا سلطان له على ابناء الله السالكين حسب الروح . الروح القدس وحلول .. وبقيامة الرب من بين الأموات وصعوده الى السموات وجلوسه عن يمين الآب ارسل لنا الروح القدس{ لكني اقول لكم الحق انه خير لكم ان انطلق لانه ان لم انطلق لا ياتيكم المعزي ولكن ان ذهبت ارسله اليكم }(يو 16 : 7).وهكذا حل الروح القدس على الرسل يوم الخمسين { لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم و تكونون لي شهودا في اورشليم وفي كل اليهودية والسامرة والى اقصى الارض} (اع 1 : 8). ومنحهم قوة الإيمان والعمل والكرازة، كما يحل على المؤمنين ويقدسهم ويقويهم ويقودهم ويقيمهم فى اليوم الأخير. فهنيئاً لنا نحن المؤمنين قيامة ربنا من بين الأموات ولنعش قوة القيامة وثمارها ونتائجها فى حياتنا ونكرز ونشهد بمن نقلنا من عالم الظلمة الى نوره العجيب. فكل عاما وحضراتكم تحيون فى ثمارونتائج القيامة الطيبة فى حياتكم. القمص افرايم الانبا بيشوى
المزيد
16 مايو 2023

فاعلية الإيمان بالقيامة

إيماننا بالفداء والقيامة ... أهنئكم أحبائي بعيد قيامة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح راجيا أن نعيش جميع سلام وأفراح وقوة القيامة. وان نحيا جميعا على رجاء القيامة مع المسيح القائم منتصرا علي الشيطان وعلي مملكة الشر وعلى الموت واهبا الحياة للذين فى القبور. وثقين ان الآم الزمان الحاضر لابد ان تنهي مهما طال العمر أو قصر، وانه بعد حمل الصليب وتبعية المصلوب هناك مكافاة للأبرار والقيامة المجيدة وافراح السماء. فنحن ابناء القيامة والحياة الأبدية نحيا فى فرح وقوة لا تهاب الموت بل نشهد للمسيح القائم ونعلم ان الموت هو جسر عبور لنا للسماء. لقد اخبر السيد المسيح بقيامته التلاميذ كما أعلن لهم صلبه قبل حدوثه حتى يطمئنوا وهو عالم بالضعف البشري { لانه كان يعلم تلاميذه ويقول لهم ان ابن الانسان يسلم الى ايدي الناس فيقتلونه وبعد ان يقتل يقوم في اليوم الثالث} (مر31:9). وقد تمت الاحداث الخلاصية والصلب بشهادة الاعداء قبل الاصدقاء وتمت محاكمة السيد المسيح أمام قيافا وحنان ثم أمام مجلس السنهدريم وامام بيلاطس البنطى الوالي وهيرودس الملك وقد تم الصلب امام الكثيرين وتحدث من فوق الصليب مع أبيه السماوي ومع أمه ويوحنا ومع اللص اليمين ومع الجموع طالبا لهم المغفرة وفى حضور الجند الرومان وحضر دفنه وتكفينه يوسف الرامي ونيقوديموس ودفن فى قبر جديد لم يوضع فيه احد قط بل شهد الاعداء قبل الاصدقاء انه صلب وأمروا بحراسة القبر عالمين انه قال انه سيقوم فى اليوم الثالث { وفي الغد الذي بعد الاستعداد اجتمع رؤساء الكهنة والفريسيون الى بيلاطس. قائلين يا سيد قد تذكرنا ان ذلك المضل قال وهو حي اني بعد ثلاثة ايام اقوم. فمر بضبط القبر الى اليوم الثالث لئلا ياتي تلاميذه ليلا ويسرقوه ويقولوا للشعب انه قام من الاموات فتكون الضلالة الاخيرة اشر من الاولى. فقال لهم بيلاطس عندكم حراس اذهبوا واضبطوه كما تعلمون. فمضوا وضبطوا القبر بالحراس وختموا الحجر} ( مت 62:27-66). فلم يتم الصلب والفداء والقيامة خفية حتى ينكرهم البعض وليبقى الله صادقا وأمينا وليتشدد المؤمن ويحيا فى سلام وإيمان بقوة المسيح القائم. نعم قد يتعرض إيماننا للضعف والخوف ونحن نواجه التجارب، وعندما نحارب ولكن لن يتخلى عنا الله ابدا بل وعدنا انه معنا كل الأيام والى إنقضاء الدهر، وكما ظهر للتلاميذ الخائفين بعد قيامته مبددا خوفهم مانحا لهم السلام والفرح والقوة ليبشروا بكل مجاهرة بفداء وقيامة الرب من الاموات، فلنصلى فى ثقة وإيمان ورجاء والله قادر ايضا ان يبدد خوفنا ويزيل ضعفنا ويهبنا السلام ويحول الحزن الى فرح والضعف الى قوة ويجعلنا شهود امناء للقيامة. محاولات فاشلة لمقاومة الإيمان.. لقد حاول البعض قديما كما الأن ان يخفوا حقيقة القيامة، فعقب قيامة الرب وظهوره وانتشار خبر القيامة بواسطة الجنود الرومان المكلفين بحراسة القبر، حاول البعض أخفاء القيامة وتكذيبها { وفيما هما ذاهبتان اذا قوم من الحراس جاءوا الى المدينة واخبروا رؤساء الكهنة بكل ما كان. فاجتمعوا مع الشيوخ وتشاوروا واعطوا العسكر فضة كثيرة. قائلين قولوا ان تلاميذه اتوا ليلا وسرقوه ونحن نيام. واذا سمع ذلك عند الوالي فنحن نستعطفه ونجعلكم مطمئنين. فاخذوا الفضة وفعلوا كما علموهم فشاع هذا القول عند اليهود الى هذا اليوم.}(مت 11:28-15). لكن شيوع الخبر الكاذب لدى هؤلاء لم يخفى حقيقة قيامة السيد المسيح بل اظهر كذبهم ونفاقهم، فلو كان الجند نيام فمن اين قد عرفوا ان التلاميذ هم سارقوا الجسد المقدس، وان كانوا متيقظين فهل يتركوهم يسرقوه؟. وهل يقدر الرسل الخائفين ان يقوموا بذلك. وهل يدعوا كذبا ان المسيح قام وهو لم يقم من الموت، بل يتعرضوا للموت والاستشهاد شهادة للمسيح القائم. لقد اعلنت الملائكة خبر القيامة للنسوة الخائفات فى زيارتهن للقبر باكر احد القيامة { فدخلن ولم يجدن جسد الرب يسوع. وفيما هن محتارات في ذلك اذا رجلان وقفا بهن بثياب براقة. واذ كن خائفات ومنكسات وجوههن الى الارض قالا لهن لماذا تطلبن الحي بين الاموات.ليس هو ههنا لكنه قام اذكرن كيف كلمكن وهو بعد في الجليل. قائلا انه ينبغي ان يسلم ابن الانسان في ايدي اناس خطاة ويصلب وفي اليوم الثالث يقوم. فتذكرن كلامه. ورجعن من القبر واخبرن الاحد عشر وجميع الباقين بهذا كله. كانت مريم المجدلية ويونا ومريم ام يعقوب والباقيات معهن اللواتي قلن هذا للرسل.} ( لو 3:24-10). ثم ظهر لتلمذى عمواس ثم للرسل مجتمعين { وفيما هم يتكلمون بهذا وقف يسوع نفسه في وسطهم وقال لهم سلام لكم. فجزعوا وخافوا وظنوا انهم نظروا روحا. فقال لهم ما بالكم مضطربين ولماذا تخطر افكار في قلوبكم. انظروا يدي ورجلي اني انا هو جسوني وانظروا فان الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي. وحين قال هذا اراهم يديه ورجليه.} ( لو 36:24- 40). لقد ظهر المسيح بعد قيامته لمريم المجدلية اولا (مر9:16) ولبطرس الرسول(لو 12:24). كما ظهر للتلاميذ فى غياب ثم فى حضور توما واراهم حتى جرح جنبه من أتر الطعن بالحربة . وظهر للتلاميذ على بحيرة طبرية (يو1:21-7) وظهر بعد ذلك لخمسمائة مؤمن وظهر بعد لجماعة المؤمنين وكانوا يزيدوا عن خمسمائة مؤمن ثم ظهر لشاول مضطهد الكنيسة الذى شهد للقيامة {فانني سلمت اليكم في الاول ما قبلته انا ايضا ان المسيح مات من اجل خطايانا حسب الكتب. وانه دفن وانه قام في اليوم الثالث حسب الكتب وانه ظهر لصفا ثم للاثني عشر. وبعد ذلك ظهر دفعة واحدة لاكثر من خمس مئة اخ اكثرهم باق الى الان ولكن بعضهم قد رقدوا. وبعد ذلك ظهر ليعقوب ثم للرسل اجمعين. واخر الكل كانه للسقط ظهر لي انا} (1كو 3:15-8) لقد برهن السيد المسيح للرسل علي قيامته مرات كثيرة { الذين اراهم ايضا نفسه حيا ببراهين كثيرة بعدما تالم وهو يظهر لهم اربعين يوما ويتكلم عن الامور المختصة بملكوت الله} (أع 3:1). لكي يحمل الرسل هذه البشري السارة لكل العالم وهم قلة قليلة بلا سيف ولا مال أو سلطان جالوا فى كل الأرض وفى سني حياتهم وصل الإيمان الى كل الارض. قد يتسأل الانسان لماذا لا يظهر لنا السيد المسيح الأن ويدعونا للإيمان ويعلن مجده علانية. وتنهى المجادلات العقيمة ويؤمن الكثيرين. وقد نجد بعضا من الإجابة فى ظهور الرب القائم لتوما الشكاك {وبعد ثمانية ايام كان تلاميذه ايضا داخلا وتوما معهم فجاء يسوع والابواب مغلقة ووقف في الوسط وقال سلام لكم. ثم قال لتوما هات اصبعك الى هنا وابصر يدي وهات يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنا.اجاب توما وقال له ربي والهي. قال له يسوع لانك رايتني يا توما امنت طوبى للذين امنوا ولم يروا.} ( يو 20: 26-29). ان الله قد أعطانا الحرية ولا يريد ان نؤمن به كرها وتغصبا او تحت ضغط، سواء بالترغيب او الترهيب المادي أو الفكري بل نستخدم العقل وحريتنا فى الإيمان أو عدمه، كما نتحمل نتائج ذلك. لقد حمل لنا التلاميذ والرسل شعلة الايمان للعالم واستطاعوا ان ينطلقوا بعد حلول الروح القدس عليهم بقوة تغلبت بمحبتها وجرائتها فى الحق على العنف المضاد لهم فى الشهادة للإيمان فى أورشليم واليهودية والسامرة والى اقصى الارض حتى روما ويعتبر هذا التغيير العظيم لدى التلاميذ أكبر دليل مقنع على قيامة المخلص وعلى فاعلية القيامة فى التلاميذ والرسل وتغيرهم الفجائي وقد عرفوا انهم من عامة الشعب. وبالتأكيد لم يضحى التلاميذ والرسل بحياتهم من اجل الشهادة للمسيح القائم ان لم يكونوا على ثقة ويقين بقيامته والوهيته وكان من الاسهل عليهم ان يكرموا مسيحا ميتا كاحد الأنبياء الشهداء الذين يُبجل اليهود قبورهم حتى اليوم. ونحن قد آمنا بايمان ابائنا الرسل وانتشر الايمان بالمسيح المصلوب القائم فى كل الارض { وايات اخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تكتب في هذا الكتاب. واما هذه فقد كتبت لتؤمنوا ان يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم اذا امنتم حياة باسمه} (يو30:20-31). ان هذا الإيمان صنع القديسين واعطانا اليقين والثقة فى المسيح الغالب وبه نبشر بموته المحيي ونعلن قيامته المجيدة لكل احد كسبب للرجاء الذى فينا. الإيمان بقيامة الرب يسوع المسيح من بين الأموات هو هو من أسس المسيحية الراسخ ومصدر عزائنا ورجائنا فى الحياة الأبدية فكما قام الرب سنقوم نحن ونكون معه كل حين. فلابد ان يكأفا المؤمنين على تعب محبتهم وصبرهم ويعاقب الأشرار على جحودهم وشرهم. ان العادل لابد ان يعطى كل واحد حسب عمله ورحمته تدعونا الى الإيمان والتوبة وتقدم لنا المغفرة والحياة الأبدية وكما انه بأدم دخلت الخطية والموت الى العالم هكذا فى المسيح يسوع سيحيا الجميع كما يقول الكتاب المقدس { وان لم يكن المسيح قد قام فباطل ايمانكم انتم بعد في خطاياكم.اذا الذين رقدوا في المسيح ايضا هلكوا.ان كان لنا في هذه الحياة فقط رجاء في المسيح فاننا اشقى جميع الناس. ولكن الان قد قام المسيح من الاموات وصار باكورة الراقدين. فانه اذ الموت بانسان بانسان ايضا قيامة الاموات.لانه كما في ادم يموت الجميع هكذا في المسيح سيحيا الجميع. ولكن كل واحد في رتبته المسيح باكورة ثم الذين للمسيح في مجيئه} ( 1كو 17:15-23). لقد تحدى اعداء السيد المسيح الرب مطالبين اياه ان ينزل عن الصليب ولم يظنوا انه بسلطانه وضع ذاته ليموت عن خطايانا ويقوم من اجل تبريرنا، وابقى أثار الجروح فى جسده المقام كشهادة محبة لنا فقد كانت الجراح رمزا لحياته وما تفعله الخطية ككسر لوصايا الله وكتذكير لنا لمدى محبته ومع ان الجراح تحولت الى ذكرى لكنها شاهد حي على محبة الله والفداء والخلاص. ثمار القيامة فى حياتنا الروحية لكي نتبين ثمار القيامة فى حياتنا الروحية، يجب ان نرى أثر القيامة على التلاميذ والرسل ونقتدى بهم ناظرين الى رئيس إيماننا ومكمله الرب يسوع المسيح. فقد اختلفت حياة الرسل فى ايام قلائل وتغيرت قدرتهم على رؤية العالم والأشياء وفقا لارادة الله، لقد تبدد ضعفهم الى قوة { وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع ونعمة عظيمة كانت على جميعهم }(اع 4 : 33). وتحول خوفهم الى سلام وكان السلام يملاء قلوبهم رغم الضيقات والتجارب التي تعرضوا لها واثقين فى من قال لهم { قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا انا قد غلبت العالم} (يو 16 : 33). { سلاما اترك لكم سلامي اعطيكم ليس كما يعطي العالم اعطيكم انا لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب }(يو 14 : 27). وتحول ضيقهم الى فرح { ولما قال هذا اراهم يديه وجنبه ففرح التلاميذ اذ راوا الرب (يو 20 : 20). وأمتلاؤا بالرجاء الصالح حتى ان بطرس الذى ضعف إمتلاء قوة للكرازة وبعظة واحده منه أمن ثلاثة الآف نفس. كانت القيامة سبب لرجاء بطرس الرسول { مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الاموات} (1بط 1 : 3). وجال الرسل القديسين فى كل الارض يبشروا بايمانهم { وقال لهم اذهبوا الى العالم اجمع واكرزوا بالانجيل للخليقة كلها. من امن واعتمد خلص ومن لم يؤمن يدن} ( مر15:16-16) وهكذا تتلمذنا وآمنا نحن { فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس. وعلموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به وها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين}(مت 19:28-20). اننا مدعوين لان ناخذ من ثمار الإيمان بالمسيح القائم فى حياتنا ايضا، فالله هو امس واليوم والى الابد {غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله } (مر 27:10).اننا مدعوين لحياة السلام من رب السلام ومادام الله فى سفينة حياتنا فثقوا انها لن تغرق ابداً، بل سيأتي حتى فى الهزيع الأخير من الليل ويأمر الريح ان تسكت وهياج البحر ان يبكم.{ فقال لهم ما بالكم خائفين يا قليلي الايمان ثم قام وانتهر الرياح والبحر فصار هدوء عظيم} (مت 8 : 26). فى القيامة نحيا حياة الفرح الروحي كابناء وبنات الملكوت بمن دعانا من عالم الظلمة الى نوره العجيب. نفرح بخلاص الله وبمحبه لنا وبتعزية الروح القدس وثماره وبمواعيده الصادقة على رجاء مجد ملكوت الله والحياة الأبدية ولقائنا باحبائنا الذين إنتقلوا وبالقديسين وبالملائكة وبالحياة فى مع الله. يجب ان نصلى فى ثقة ونطلب ان يقوى الله إيماننا ليكون عاملا بالمحبة ويقوى رجائنا بمن على اسمه رجاء الأمم { الذي به ايضا قد صار لنا الدخول بالايمان الى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون ونفتخر على رجاء مجد الله }(رو 5 : 2). ان المسيح القائم يريد ان يعمل معنا وبنا ويدعونا ان نحيا بالإيمان ونثمر ويدوم ثمرنا حتى نحيا معه أمجاد القيامة فى مجيئه الثاني له كل المجد، أمين. القمص أفرايم الانبا بيشوى
المزيد
10 يناير 2024

التجسد الإلهى والرجاء

جاء لنا الرجاء متجسداً إن كان يومك ملبدًا بالغيوم . وليلك لا تظهر فية النجوم، إن كنت تعانى الوحدة والإحزان أو تعيش الاضطهاد والحرمان ، إن أحسست أن أبواب السماء مغلقة وقد صارت نحاسًا يطن او صنجاً يرن ، إن عشت الخوف وعدم الأمل ، وحتى أن وصل بك الحال انك تنتظر الموت ولإ تجده ، إن وجدت أن لا احد يسمعك ولا أحد يزيل همك وأحزانك، إن كان هذا حالك وأحسست كأنك هالك ولا أحد يذيل همك وأحزانك ، إن اشتدت ظروف الضيق ورايت ان ماضيك مظلماً وحاضرك معاناة والآم ، ومستقبلك ملبداً بالغيوم والضباب فليست هذه النهاية فإليك جاء رجاء من ليس له رجاء، جاء الرب يسوع ليبحث عن من هلكَ وليعطيه حياة أفضل ، هو حبيب لمن ليس له حبيب وهو نعم الصديق طوال الطريق . جاء اللإله المحب متجسداً ليعلن محبته لك أنت ولمن حولك ، ان أمرك وخلاصك وأبديتك تهمه كثيراً جداً، انه أفتقر ليغنينا وجاع ليشبعنا وبذل دمه الثمين ليهبك حياة أبدية ثق حبيبى أن الشمس غلف الغيمة وبعد ظلام الليل يشرق شمس البر. إن الرب يسوع المسيح تجسد وعاني الوحدة وترك الأحباء، وعاني الظلم والقيل والقال والجميع وقت الصلب تباعد عنه ومال ، جاء ليبشر المساكين ويعتق المأسورين ويبشر منكسري القلوب، جاء يبحث عن الخروف الضال ويعطي الأمل للسامرية الخاطئة. هو يسمع الدعاء جاء ليعطي للبائسين الرجاء ويمنح لنا الأمل في الحياة ، جاء ليقوي الضعفاء، ويهب المرضي الشفاء، ويدافع عن المظلومين، انه الصديق الصدوق، والحبيب الذي لا يفارقنا في اليأس والشقاء، انه العريس الأبرع جمالاً لمن فاتهم قطار الزواج ، انه المحبة والوفاء، انه الراعي الصالح الذي يبذل نفسه عن الخراف ويهبهم حياة أفضل، انه المخلص لمن استعصي عليه الخروج من الخطية المهلكة للنفس والروح، انه الألف والياء، البداية والنهاية، وسيبقي أمينًا حتى لو كنا نحن غير أمناء. غد أفضل مع المسيح تعالى إليه أيها المُتعب وأنت تستريح وتفرح إلى الأبد. تعالوا إليه وبثوا إليه شكواكم وأحزانكم والآمكم وأمالكم في الحياة . أعترف له بخطيئتك وبضعفك وخوفك وان لم تستطع أجلس أمامه وتأمل محبته، هاتوا معكم كلاما وقولوا بك يرحم اليتيم وبك تفرح وتتعزى الأرملة، بك نحمل الصليب ونتبعك من كل القلب ، فأتحد به وهو القوي واتخذه صديقا وهو الوفي واشكوا له همك وهو يعولك . قل له العمر ضاع وأنا الآن وسط برية السباع وليست لي قوة للدفاع، أنت صخرتي وقوتي وحمايتي ، وفي قوتى أنت أملي الوحيد أدرك انك قادر واعلم انك محب وقيل عنك الكثير ، ولكن أريد أن تكون لي ومعك ينتفى من حياتى الوحدة والغربة، أحب أن يكون يومى هذا نقطة تغيير في حياتى وللأبد، أنا بك ولك ومعك لا أريد شيء علي الأرض، فأنت الهى وأبى وأحن من الأم ومدافع عن المظلومين وهم صامتين، أمسك يدى وقدنى كما تشاء ، لساعة انطلاقى إلى السماء، أنت مرشدى ومعك غدى سيكون أفضل جدًا أعرف انك تحبنى ولكن أريد أن أمتلئ بالمحبة . اعرف انك الإله ولكن أريد أن اشعر برفقتك لى ، أدرك انك قادر علي كل شىء فهل لك أن تغيرنى، تحررنى من الخوف والضعف والمرض والوحدة، ترشدنى وتفتح أمامى الأبواب المغلقة وتمهد الطرق الوعرة، تعطينى الأمل في مستقبل أفضل في عالم شرير ومظلم . تهبنى السلام وتعطينى الرجاء وتملأ القلب بالمحبة. نعم سيكون أنا هو إلهك الممسك بيمينك القائل"لا تخف لأنى معك"، أنا المحبة المشبعة وسأكون سلامًا وفرحًا لك ، أنا المحرر وها أنا أحررك من الضعف والخوف واليأس، روحي القدوس سيقودك ويحول البرية إلى جنة، وسينبع منك أنهار تجرى لحياة أبدية ، أنا أسير أمامك والهضاب أمهد، أكسر مصاريع النحاس أنا أمس واليوم والي الأبد. ها أنت معنا كل الأيام . فالشكر والحمد والتسبيح لك يا من تجسدت لترفعنا وتجعلنا ابناء للاب السماوى ، نعم يالهي ما أجملك وما أروع عشرتك، قلبي وروحي يسبحان اسمك القدوس، أنت سلامى وأملى ومخلصى وليس لى سواك، تحررنى وتغيرنى وتمنحنى القوة والشبع والعزاء، أريد ان أحيا لا أنا بل أنت تحيا فى. بك لا يقدر علي شيء ومنك سلامي ولك حبى وكلامى، أشكرك يا الهي فليس لك مثيل. القمص أفرايم الانبا بيشوى
المزيد
18 يناير 2024

عيد الغطاس المجيد

عيد الظهور الإلهى وأهميته ... أهنئكم أحبائى بعيد الظهور الإلهي راجيا لكم حياة مقدسة مثمرة فى الرب . اننا اذ نحتفل بعيد (الأبيفانيا) Epiphany (إيبيفاني) أو عيد الغطاس المجيد، فاننا نتذكر الرب فى تجسده وعمادة ليقدس ويكرس لنا الطريق الى البنوة الحقيقية لله والولادة من الماء والروح ونتذكر معموديتنا يوم تعهدنا ان نجحد الشيطان ولا نسير فى طرقه وان نعلن ايماننا المسيحى ونحيا اوفياء لعهد تبنى الله لنا فى قداسة وبر وتقوى . تعمد السيد المسيح القدوس من القديس يوحنا المعمدان بالتغطيس {وللوقت وهو صاعد من الماء} ولذلك نسمى المعمودية "الغطاس".ليؤسس لمعموديتنا نحن المؤمنين به، ففيما نال هو المسحة بالمعمودية أعطانا من خلالها الولادة من الماء والروح. لذلك يوحنا المعمدان قال للناس {هوذا حمل الله الذى يحمل خطية العالم كله}(يو1: 26). وشهد عنه قائلا: {إنى قد رأيت الروح نازلاً مثل حمامة من السماء فاستقر عليه، وأنا لم أكن أعرفه. لكن الذى أرسلنى لأعمد قال لى: الذى ترى الروح نازلاً ومستقراً عليه فهذا هو الذى يعمد بالروح القدس. وأنا رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله} (يو 1: 33 – 34). وهنا ربط بين معمودية السيد المسيح وحلول الروح القدس عليه وأنه يعمد بالروح القدس. معنى هذا أن الروح القدس حل على السيد المسيح كبداية للعهد الجديد لكى يحل على المؤمنين عبر الولادة من الماء والروح ومن خلال مسحة الميرون المقدس. لهذا تحتفل الكنيسة بعيد الغطاس المجيد لما فيه من أحداث هامة وإعلانات إلهيه تخص خلاصنا. ولعل أول كل هذا ظهورالله المثلث الأقانيم وقت عماد السيد المسيح.. لذلك يطلق علي هذا العيد (عيد الظهور الالهي).. فالاب ينادي قائلاً عن الرب يسوع وهو في الماء {هذا هو أبني الحبيب الذيبه سررت} (مت 3: 17)، بينما الروح يحل في شكل حمامة مستقراً علي السيد المسيح ليعلن أنه المخلص الذي أتي لخلاص العالم ليصنع الفداء العجيب.ويقول في ذلك القديس أغسطينوس: (بجوار نهر الاردن ننظر ونتأمل المنظر الالهي الموضوع أمامنا.. فلقد أعلن لنا إلهنا نفسه عن نفسه بكونه ثالوث في واحد.. أي ثلاثة أقانيم في طبيعة إلهية واحدة). معمودية السيد المسيح ومعموديتنا .. معمودية الرب يسوع المسيح لم تكن لولادته من الماء والروح لأنه الابن الوحيد للاب بالطبيعة، لكنه كان نازلاً للعماد من أجل ان يستعلن انه المسيح الرب ويبدأ خدمته العامة لذلك سُمى بالمسيح، يسوع اسم الولادة والمسيح هذا اسم المسحة فى المعمودية، وبينما الرب يسوع يقف في إتضاع عجيب أمام يوحنا المعمدان في نهر الاردن ليعتمد منه.. أعلن الله ليوحنا عن الذي سيعمده إذ هو الابن الكلمة المتجسد . فشهد يوحنا المعمدان قائلاً: {أنا أعمدكم بماء ولكن في وسطكم قائم الذي لستم تعرفونه، هو الذي يأتي بعدي الذي صار قدامي الذي لست مستحق أن أحل سيور حذائه.. هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم هذا هو الذي قلت عنه يأتي بعدي رجل صار قدامي لأنه كان قبلي وأنا لم أكن أعرفه لكن ليظهر لاسرائيل لذلك جئت أعمد بالماء.. إني قد رأيت الروح نازلاً مثل حمامة من السماء فأستقر عليه وأنا لم أكن أعرفه لكن الذي أرسلني لأعمد بالماء ذاك قال لي الذي تري الروح نازلاً ومستقراً عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو أبن الله..}(يو 1: 26 – 34). بهذه الشهادة التي قدمها القديس يوحنا المعمدان يكون قد أعلن عن المخلص الحقيقي الذي استعلن وسط البشر في الماء ليحمل خطايا العالم.. وكأن من نزل في الماء قد ترك خطاياه واغتسل منها.. بينما إذ نزل الابن الكلمة المتجسد في الماء وهو بلا خطية قد احتمل كل خطايا البشر.. هذا هو سر الخلاص المعلن في نهر الاردن. يقول القديس اثناسيوس الرسولى عن معمودية السيد المسيح ومعمودتنا نحن وحلول الروح القدس عليه (أن نزول الروح علي السيد المسيح في الأردن، إنما كان نزولاً علينا نحن بسبب لبسه جسدنا. وهذا لم يصر من أجل ترقيه اللوغوس، بل من أجل تقديسنا من جديد، ولكي نشترك في مسحته، ولكي يُقال عنا " ألستم تعلمون إنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم" (1كو16: 3) فحينما اغتسل الرب في الأردن كإنسان، كنا نحن الذين نغتسل فيه وبواسطته. وحينما اقتبل الروح، كنا نحن الذين صرنا مقتبلين للروح بواسطته. ولهذا السبب، فهو ليس كهارون، أو داود أو الباقين قد مُسح بالزيت هكذا بل بطريقة مغايرة لجميع الذين هم شركاؤه أي "بزيت الابتهاج" الذي فسر أنه يعني الروح قائلاً بالنبي: " روح الرب علىَّ لأنه مسحني" (إش1: 61)، كما قال الرسول أيضًا: " كيف مسحه الله بالروح القدس" (أع38: 10). متى قيلت عنه هذه الأشياء إلاّ عندما صار في الجسد واعتمد في الأردن، " ونزل عليه الروح" (مت16: 3). وحقًا يقول الرب لتلاميذه إن " الروح سيأخذ مما لي" (يو14: 16)، و " أنا أرسله" (يو7: 16)، و " اقبلوا الروح القدس" (يو22: 20). إلاّ أنه في الواقع، هذا الذي يُعطى للآخرين ككلمة وبهاء الآب يُقال الآن إنه يتقدس وهذا من حيث إنه قد صار إنسانًا، والذي يتقدس هو جسده ذاته.إذن فمن ذلك (الجسد) قد بدأنا نحن الحصول على المسحة والختم، مثلما يقول يوحنا " أنتم لكم مسحة من القدوس" (1يو20: 2). والرسول يقول " ختمتم بروح الموعد القدوس" (أف13: 1). ومن ثمَّ فهذه الأقوال هي بسببنا ومن أجلنا) القديس اثناسيوس الرسولى عن العماد) لقد اعتمد السيد ليعلن لنا أنه الطبيب الحقيقي الذي جاء ليرفع خطايا البشر.. لم يقف في الماء لكي يقر بخطيئته كما فعل باقي الناس اللذين أعتمدوا من يوحنا.. فهو بلا خطية.. لهذا ذهل يوحنا حينما أعلن له عن ما هو الواقف أمامه لا يعتمد.. لذلك قال له {أنا محتاج أن أعتمد منك وأنت تأتي إلي} (مت 3: 14) لقد حاول أن يمنعه من العماد لأنه بلا خطية.. فلماذا يعتمد؟! فأجاب الرب علي يوحنا قائلاً {اسمح الان لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل بر. حينئذ سمح له}(مت3: 15). العماد في نهر الأردن .. في قصة عبور بني اسرائيل ليدخلوا ارض الموعد قديما بقيادة يشوع ابن نون وفي نهر الاردن (يش20: 7 – 17) لما وضعوا تابوت العهد فى الماء انشق النهر فعبروا فيه وانتخبوا 12 رجل من أسباط اسرائيل رجل من كل سبط واخذوا حجارة ومروا عليها حتى عبروا نهر الأردن. قصة العبور كانت هذه القصة رمزا لعبورنا من خلال الرب المتجسد للسماء أرض الموعد الحقيقية لذلك انفتحت السماء حين نزل الرب فى الماء كما انفتح النهر بحلول تابوت العهد فيه توافق فى الرمز والمرموز اليه . من هنا أخذت المعمودية أهمية خاصة لأنها عبور إلى ارض الموعد الحقيقية التي هي السماء. حلول الروح القدس على السيد المسيح هو حلول لأجل عمل الخلاص، الإبن الكلمة والروح القدس كلاهما أقنومين فى الثالوث القدوس. هذه الحادثة تؤكد أهمية هذا الرمز لما حدث في عماد الرب يسوع علي يد القديس يوحنا المعمدان لأن الرب جاء لكي يوصلنا إلي أرض الموعد الحقيقية وهي السماء.. لذلك كما كان نهر الاردن الوسيلة التي من خلالها وصل بني اسرائيل الي أرض الموعد هكذا تحقق الرمز في عماد الرب في نهر الاردن ليكون الوسيلة للوصول الي السماء.. وهكذا نفس الامر إذ بمجرد نزول الرب الي نهر الاردن انفتحت السماء ونزل الروح القدس علي هيئة جسمية في شكل حمامة وأستقر علي رأس الرب يسوع كاول إنسان يستقر فيه الروح القدس منذ غادر البشر كما جاء فيه (تك: 3) { فقال الرب لا يدين روحي في الانسان الي الابد لزيغانه هو بشر وتكون أيامة مائة وعشرين سنة}.. اي لا يدوم روحي في البشر.. ولتوضيح هذا المعني أريد أن لا نخلط بين السيد المسيح والروح القدس لاهوتياً (إذ هما أقنومان في الذات الالهية الواحدة) وبين حلول القدس علي السيد المسيح ناسوتياً. ولقد سبق الوحي الالهي وتنبأ عن ذلك قائلاً: {روح السيد الرب علي لأن الرب مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأعصب منكسري القلب لانادي للمسبيين بالعتق وللمأسورين بالاطلاق لأنادي بسنة مقبولة للرب} (أش61: 1، 2) ان الإبن الكلمة والروح القدس كلاهما أقنومين فى الثالوث ولذلك هذا هو الوضع اللاهوتى، (مز45: 6،7) {كرسيك يا الله إلى دهر الدهور قضيب استقامة قضيب ملكك}. هذا الجزء الأول الخاص باللاهوت هذا عن الإبن ووضحها القديس بولس الرسول عن الإبن، {أحببت البر وأبغضت الاثم من أجل ذلك مسحك الله الهك بزيت الإبتهاج أفضل من رفقائك}هذا الجزء خاص بالوضع الناسوتى وهو نفسه كرسيه إلى دهر الدهور هو نفسه الذى مُسح بزيت الإبتهاج. هذا هو الهدف من المعمودية أن يحل الروح القدس على السيد المسيح ناسوتياً. الملوك يمسحون بزيت قرن المسحة ولكن فى السيد المسيح حل الروح القدس عليه معطيه كمال المسحة المقدسة. ثمار المعمودية والولادة من الماء والروح ... المعمودية ولادة من فوق من الماء والروح وبها نصير ابناء وبنات لله بالتبنى والنعمة وتغفر لنا خطايانا ونؤهل للدخول للسماء { اجاب يسوع الحق الحق اقول لك ان كان احد لا يولد من الماء و الروح لا يقدر ان يدخل ملكوت الله. المولود من الجسد جسد هو و المولود من الروح هو روح} يو 5:3-6 . وكما يقول الانجيل {بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثانى وتجديد الروح القدس } وبها نلبس الرب يسوع {لأن كلكم الذين أعتمدتم للمسيح قد لبستم المسيح} (غلا3: 27) . وننال التطهير الكامل والبر والقداسة (أف 3: 25) لكى يقدسها مطهراً إياها بغسل الماء بالكلمة لكى يحضرها كنيسة مجيده لا دنس فيها ولا غضن ولا شيئاً من مثل ذلك بل تكون مقدسة وبلا عيب وبالمعمودية ندفن مع المسيح ونقوم {كل من أعتمد ليسوع المسيح قد أعتمد لموته} (رو6: 3، 4) . لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضاً بقيامته فإن كنا قد متنا مع المسيح عن الخطية وشهوات العالم وقدمنا توبة عن اثامنا وخطايانا ننمو فى القداسة ونثمر ثمر الروح ونرث ملكوت السموات . لهذا يحثنا القديس اغريغوريوس النزينزى ان ان نحتفل بهذا العيد بالتوبة والقداسة (فلنكرم اليوم معمودية المسيح، ولنعيد عيدًا سعيدًا يفرحنا روحيًا بدلاً من أن نهتم بمعدتنا وشهواتنا. ما هي طريقة فرحنا؟ اغتسلوا حتى تتنقوا. إذا كنتم قرمزيين من الخطيئة فصيروا بيضًا كالثلج بالاغتسال والتوبة. حاولوا أن تتنقوا لأن الله لا يفرحه شئ بقدر ما تفرحه النقاوة وخلاص الإنسان الذي تجسد من أجله، ومن أجله كُتبت كل الكتب، وأعطيت كل الأسرار لكي يصبح (الإنسان) كوكبًا مشعًا بالضياء للعالم المنظور وأمام الملائكة، وقوة محيية للآخرين، ولكي تتقدموا أنتم كأنوار أمامالله النور الاعظم ، وان تدخلوا إلى مساكن النور ). القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
19 يناير 2024

عيد الظهــور الالهى وايماننا الأقدس

عيد الظهور الإلهى... أهنئكم أحبائى بعيد الظهور الإلهى المجيد وهو من الأعياد السيدية الكبرى فى كنيستنا ويسمى فى اليونانية عيد الأبيفانيا اى الظهور الإلهى ايضا كما يسمى شعبياً بعيد الغطاس المجيد لان السيد المسيح عندما أعتمد كان ذلك بالتغطيس كما نمارسه فى كنيستنا الأن بالتغطيس للذين ينالوا صبغة المعمودية { و للوقت و هو صاعد من الماء راى السماوات قد انشقت و الروح مثل حمامة نازلا عليه} (مر 1 : 10). وهو ايضاً عيد الأنوار الذى فيه أنار الله عقولنا وقلوبنا وارواحنا بنور معرفة الحقيقية ومنحنا الاستنارة الروحية ونقلنا من عالم الظلمة الى ملكوت أبن محبته فى النور . أيماننا الأقدس ... - لقد أعلن لنا الثالوث القدّوس ذاته واضحا فى عيد الغطاس . فإن كان عند نهر الأردن جاء كثيرون معترفين بخطاياهم، فإنه بدخول السيّد إلى المياه انكشفت طبيعة الاله الواحد الذى نعبده دخل الرب يسوع الله الكلمة المتجسد ليعتمد ممثلاً للبشرية الخاطئة ليكشف لنا جوهر لاهوته، فندرك أسراره، لا لمجرّد المعرفة العقليّة،(هنا فى منتدى أم السمائيين والأرضيين تجد الكثير من عظات ابونا أفرايم الأورشليمى). وإنما لنختبر عمله الفائق فينا . نحن نعبد اله واحد ، وحاشا ان نشرك بالله أحد ، وكما لله صفات الكمالات الالهية فان له صفات ذاتية ضرورية لاغنى عنها ومنها . - الكينونة فالله كائن منذ الأزل والى الأبد وهذه الصفة الذاتيه او الاقنوم بالسريانية تعرف بالأب ، كما ان الله كائن عاقل كلى الحكمة وهذا الاقنوم دُعى الابن وهو الذى تجسد وتأنس دون ان يحد التجسد من لاهوته كما قال لنيقوديموس {و ليس احد صعد الى السماء الا الذي نزل من السماء ابن الانسان الذي هو في السماء}.يو13:3 . وكما نرى الارسال التلفزيونى الان ونستقبله فى بيوتنا دون ان نحده فى اجهزتنا فقط ،مع الفارق هكذا عقل الله تجسد وحل بيننا وراينا مجده دون ان يحد التجسد من لاهوته . وهل يستحيل على الله شئ . الله الذى كلم موسى قديماً من شجرة ملتهبة وظهر لكثيرين معلما اياهم ابوته وتواضعة ووداعته لماذا لماذا لا يقبل البعض ان يعلن لنا ذاته بالتجسد {و بالاجماع عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد } (1تي 3 : 16) وكقول القديس اثناسيوس الرسولي : " كما أن الماء ينبع من النبع ، وكما أن أشعه الشمس متصلة بالشمس نفسها ، ولا يمكن أن نتصور النور دون ان تكون أشعه منه منذ ان كان نور ، هكذا أيضا لا يمكن ان نتصور لحظه من الزمان كان الله فيها كائنا ولم يكن الكلمة كائنا فيه ، أو يكون هذا معناه أن الله كان في لحظه من اللحظات بغير عقل حاشـــا ، وهو ما لا يمكن نتصوره إذ ان الله هو العقل الأعظم منذ الأزل . - والله حى بروحه القدوس وهذا هو اقنوم الروح القدس .. بهذا الإيمان كرز الرب يسوع وعلم { فاذهبوا و تلمذوا جميع الامم و عمدوهم باسم الاب و الابن و الروح القدس} (مت 28 : 19). وعلم الاباء الرسل { فان الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة الاب و الكلمة و الروح القدس و هؤلاء الثلاثة هم واحد} (1يو 5 : 7). - فى العماد ظهر الثالوث القدوس الإله الواحد متمايزًا لكنه غير منفصل، الابن المتجسد صاعدًا من المياه لكي يهبنا الخروج من خطايانا لندخل به وفيه إلى شركة أمجاده، والروح القدس نازلاً على شكل حمامة ليقيم كنيسة المسيح الحمامة الروحية الحاملة سمات سيدها، وصوت الآب صادرًا من السماء يعلن بنوتنا له في ابنه، ويقيم منا حجارة روحية ترتفع خلال السماوات المفتوحة لبناء الكنيسة الأبدية. هكذا ظهر الثالوث القدوس لبنياننا بالله، لذا دعي عيد عماد السيد بعيد الظهور الإلهي، و يجب أن نؤكد ما قاله القديس أغسطينوس: {هذا ما نتمسك به بحق وبغيرة شديدة، وهو أن الآب والابن والروح القدس ثالوث غير قابل للانفصال، إله واحد } أعتمد الرب يسوع مع انه القدوس البار راسما لنا طريق الولادة من فوق بالماء والروح {اجاب يسوع و قال له الحق الحق اقول لك ان كان احد لا يولد من فوق لا يقدر ان يرى ملكوت الله}يو 3:3. مقدساً لنا المياة بعماده المقدس ونائبا عنا فى تكميل كل بر شاهداً ليوحنا ودعوته للأخرين لأتباع المسيح الرب {و في الغد نظر يوحنا يسوع مقبلا اليه فقال هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم }(يو 1 : 29). بعماد السيد المسيح له المجد أسس لنا سر العماد المقدس الذى هو المدخل للحياة المسيحية والبنوة لله ونوال غفران الخطايا . المعمودية ومغفرة الخطايا ... من بركات عيد الظهور الإلهى فى حياتنا انه يهبنا من خلال المعمودية غفراناً لخطايا سوء الجدية التى نتجت عن التعدى والسقوط فكما انه فى أدم يموت الجميع ففى المسيح يسوع ربنا نحيا به ومعه كابناء مقبولين مقدسين معه {مدفونين معه في المعمودية التي فيها اقمتم ايضا معه بايمان عمل الله الذي اقامه من الاموات} (كو 2 : 12). فالمعمودية تطهرنا من آثامنا كما احب المسيح الكنيسة واسلم نفسه لاجلها واسس لها سر المعمودية للتطهير من الخطاياالجسدية والروحية " كما احب المسيح الكنيسة واسلم نفسه لأجلنا لكي يقدسها مطهراً إياها بغسل الماء بالكلمة لكي يحضرها لنفسه كنيسة مجيده لا دنس فيها ولا غضن أو شىء من مثل ذلك بل تكون مقدسه وبلا عيب " أف 5 :27.ونحن نمارس سر التوبة والاعتراف للمعمد الكبير الداخل للأيمان وتغفر خطايا الخطايا فى دم الحمل الذى بلا عيب الذى بذل ذاته كفارة لخطايانا ويقوم مع المسيح فى جدة الحياة الروحية مقدساً حياة لله . كما نعمد الطفل الصغير لينشأ فى الإيمان أبنا لله وعضواً حياً فى كنيسته المقدسة متمتعاً باسرارها. المعمودية والتبنى ... بالمعمودية نصير ابناء لله بمقتضى نعمته ، {و اما كل الذين قبلوه فاعطاهم سلطانا ان يصيروا اولاد الله اي المؤمنون باسمه. (هنا فى منتدى أم السمائيين والأرضيين تجد الكثير من عظات ابونا أفرايم الأورشليمى).الذين ولدوا ليس من دم و لا من مشيئة جسد و لا من مشيئة رجل بل من الله} يو 12:1-13. { لانكم جميعا ابناء الله بالايمان بالمسيح يسوع }(غل 3 : 26). ان المسيح دعى ابن الله اى من جوهره وطبيعته لذلك دُعى الوحيد الجنس اما نحن فقد تبنانا برحمته ومحبته { انظروا اية محبة اعطانا الاب حتى ندعى اولاد الله من اجل هذا لا يعرفنا العالم لانه لا يعرفه }(1يو 3 : 1). المعمودية هي ميلاد جديد ويأخذ الإنسان من خلالها نعمه التبنى { اذ لم تاخذوا روح العبودية ايضا للخوف بل اخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا ابا الاب.الروح نفسه ايضا يشهد لارواحنا اننا اولاد الله. فان كنا اولادا فاننا ورثة ايضا ورثة الله ووارثون مع المسيح ان كنا نتالم معه لكي نتمجد ايضا معه} رو 15:8-17. الخلاص وميراث الملكوت السماوى.. هذا ما أكده الرب يسوع عندما قال من آمن واعتمد خلص ومن لا يؤمن يدن . (مر 16:16)واكد عليه القديس بطرس الرسول ايضا فى رسالته ({ إذ كان الفلك يبنى الذى فيه خلص قليلون أى ثمانى أنفس بالماء الذى مثاله يخلصنا نحن الآن اى المعمودية } ابط 20:3-21 . أما كون المعمودية ضرورة للدخول للملكوت السماوى فقد أكد عليها ربنا يسوع المسيح لنيقوديموس: "أجاب يسوع الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" (يو5:3). من أجل ذلك قال معلمنا بولس الرسول: " ... بمقتضى رحمته خلّصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس الذي سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلّصنا حتى إذا تبررنا بنعمته نصير ورثة حسب رجاء الحياة الأبدية." (تى5:3-7). ويقول معلمنا بطرس الرسول: "ولدنا ثانية لرجاء حيّ بقيامة يسوع المسيح من الأموات لميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل محفوظ في السموات لأجلكم. (1بط3:1،4). ولقد بلغ القديس يوحنا ذهبي الفم ذروة التعبير عن مفاعيل المعمودية في عبارة شاملة إذ قال: { إن الذين تعمدوا فإنهم يتمتعون ببهاء الحرية، وصاروا أعضاء الكنيسة سالكين في نور البر البهي بعد ما كانوا سائرين في فيافي الضلال الحالك وظلام الخطية القاتم. حقاً إنهم الآن محررون، وليس ذلك فقط بل قديسون فأبرار فأبناء فورثة فأخوة المسيح وارثون معه، فأعضاء لجسده الطاهر، فهياكل للروح القدس.ان عماد الرب يسوع المسيح وبذله ذاته فدءاً عنا تطهيراً وتقديسا لنا أكد عليه الأنجيل {كما احب المسيح ايضا الكنيسة و اسلم نفسه لاجلها. لكي يقدسها مطهرا اياها بغسل الماء بالكلمة} أف 25:5-26. فنحن نعيد عيداً روحياً ونحى مبنين على إيماننا الأقدس وله نشهد وبه نحيا ابناء لله وارثون ملكوت السموات. القمص أفرايم الانبا بيشوى
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل