المقالات

30 أبريل 2024

باكر يوم الثلاثاء ( يو ٢١:٨-٢٩)

"قال لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا: «أنا أمْضِي وَسَتَطلبُونَنِي، وَتَمُوتُونَ فِي خَطِيَّتِكُمْ. حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لا تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأتُوا» فَقَالَ الْيَهُودُ: «الْعَلَّهُ يَقْتُلُ نَفْسَهُ حَتَّى يَقُولُ: حَيْثُ أَمْضِي أنا لا تَقْدِرُونَ أَنتُمْ أَن تَأتُوا ؟». فقالَ لَهُمْ: «أنتُمْ مِنْ أسفل، أما أنا فمن فوق. أنْتُمْ مِنْ هَذا العَالَمِ، أَمَّا أنا فلست من هذا العالم ، فقلتُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ، لأَنَّكُمْ إنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أنّي أنا هُوَ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ». فقالوا لَهُ: «مَنْ انت؟» فقالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا مِنَ الْبَدْءِ مَا أَكَلِّمُكُمْ أَيْضًا بِهِ إِنَّ لِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةَ أَتَكَلَّمُ وَأَحْكُمُ بِهَا مِنْ نَحْوكُمْ، لَكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَق وَأَنَا مَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ، فهذا أقولهُ لِلْعَالم». " وَلَمْ يَفْهَمُوا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَهُمْ عَن الآب. فقالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «مَتَى رَفَعْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ، فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ أَنِّي أنَا هُوَ، وَلَسْتُ أفْعَلُ شَيْئًا مِنْ نَفْسِي، بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهذا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي. وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي، وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي، لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ". أنتم من أسفل، أما أنا فمن فوق أنتم من هذا العالم، أما أنا فلست من هذا العالم المسيح هنا يشرح السبب في عدم قدرتهم على أن يتبعوه. ويوضحه على أساس اختلاف الطبيعة واختلاف الوجود بين ما هو أرضي وما هو سماوي.أنتم من أسفل، أي من الطبيعة الترابية من الأرض، من المحدود الزمني المنتهي إلى الموت من تحت الباطل والزيف والأقنعة الزائلة.أما أنا فمن فوق أي من الطبيعة الخالقة من السماء من اللامحدود الأزلي من الخالد الأبدي من الحق القائم بذاته والدائم بكيانه.أنتم من هذا العالم المتغير والزائل والمحكوم بالقوى الطبيعية، والذي أخضع للباطل، ويسوده الشر، ويغطيه الظل ويعبث به الدوران.! أما أنا فلست من هذا العالم، أتيت إليه مرسلاً، وأتركه وأذهب من حيث أتيت.دخلته لأخلصه وأفديه وأحييه وأنيره، ثم أنطلق مفتتحاً الطريق المؤدي إلى السماء لمن استطاعوا أن يغلبوه، كما غلبته أنا.ولاحظ أن طبيعة المسيح هي من فوق ولم تنزل أبداً «إلى أسفل». فتزوله إلينا كان فقط من أجلنا، وأما هو من حيث طبيعته فهو لم يزل من فوق»، وهو لم يَزَلْ موجوداً فوق في السماء حتى أثناء وجوده معنا على الأرض (يو۳: ۱۳)، فتزوله كان فقط من أجل أن يجذبنا معه إلى فوق ويرفعنا معه إلى الآب، كما قال هو عن نفسه:وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إلي الجميع»، حيث هذا الجذب السري يعتمد أساساً على كون طبيعته إلهية من فوق وإلى فوق، فإن تم الاتحاد بينه وبيننا نحن الذين من أسفل فلابد أن يجذبنا معه إلى فوق.هنا تظهر أهمية الاتحاد بالمسيح، لأن الخطايا التي عملت هي في الواقع شهوات ورغبات أرضية ارتبطت بها النفس وصارت تشكّل ثقلاً أرضياً شديداً جداً، يستحيل معه أن نرتفع إلى السماء، إن لم تتغلب عليها جاذبية المسيح. فالارتفاع إلى فوق مع المسيح مذخر للذين أحبوا المسيح وعاشوا معه وصادقوه واتحدوا به. فإن لم نكن عائشين معه في شركة حقيقية، وليس مجرد شركة فكرية أو عقائدية؛ يستحيل أن نرتفع معه إلى فوق، لأن طبيعتنا توقعنا من جديد إلى الأرض. وأما هو فطبيعته سماوية من فوق»، ولها القدرة أن ترفعنا لفوق؛ فهي قدرة مطلقة، في حين أن ثقلنا وخطايانا هي محدودة وغير مطلقة.من أجل هذا، فالاتحاد بالمسيح في غاية الأهمية لأنه الوسيلة الوحيدة التي بها ترتفع معه إلى فوق بكل هدوء وسلام، لأنه هو الذي يجذبنا ويرفعنا ولسنا نحن من ذواتنا.الأماكن الفوقانية التي لها الارتفاع المهول تحتاج إلى خفة كبيرة للوصول إليها، ولن نبلغها إلا بعد أن يرفع الرب عنا أثقالنا، ويعلمنا كيف نصعد معه إلى فوق ثم إلى فوق وإلى أبد الآبدين.هذه هي في الحقيقة شهوة المسيح الأزلية التي من أجلها احتمل كل شيء، والتي طلبها من أجلنا بالحاح من الآب: أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني، يكونون معي حيث أكون أنا لينظروا مجدي الذي أعطيتني، لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم». هذا هو نصيبنا المفتخر فوق، ولكنه يصنع هنا في الزمان الحاضر. فإن متنا قبل أن نحصل على هذا الاتحاد وقبل أن تحقق هذه الصلات الحية بالمسيح، فكما قال لليهود: ستطلبونني وتموتون في خطاياكم»، حيث الخطية هي رفض التجاوب مع المسيح.فإن نحن تغاضينا عن الدعوة، فإننا نصير كاليهود الذين رفضوه. المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
22 أبريل 2024

يوم الاثنين من الأسبوع السابع (يوه : ٣١- الخ)

"إِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي لَيْسَتْ حَقًّا. الَّذِي يَشْهَدُ لِي هُوَ آخَرُ، وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ الَّتِي يَشْهَدُهَا لِي هِيَ حَقٌّ أَنْتُمْ أَرْسَلْتُمْ إِلَى يُوحَنَّا فَشَهَدَ لِلْحَقِّ وَأَنَا لَا أَقْبَلُ شَهَادَةً مِنْ إِنسَانِ، وَلكِنِّي أَقُولُ هَذَا لِتَخْلُصُوا أَنْتُمْ. كَانَ هُوَ السِّرَاجَ الْمُوقَدَ الْمُنِيرَ، وَأَنْتُمْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَبْتَهِجُوا بِنُورِهِ سَاعَةً. وَأَمَّا أَنَا فَلِي شَهَادَةٌ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا، لأَنَّ الأَعْمَالَ الَّتِي أَعْطَانِي الأَبُ لَأُكَمِّلَهَا، هَذِهِ الْأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي أَنَّ الْآبَ قَدْ أَرْسَلَنِي. وَالآبُ نَفْسَهُ الَّذِي أَرْسَلَنِي يَشْهَدُ لِي لَمْ تَسْمَعُوا صَوْتَهُ قَطُّ، وَلَا أَبْصَرْتُمْ هَيْئَتَهُ، وَلَيْسَتْ لَكُمْ كَلِمَتُهُ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، لأَنَّ الَّذِي أَرْسَلَهُ هُوَ لَسْتُمْ أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِهِ. فَتَشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةٌ. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي. وَلَا تُرِيدُونَ أَنْ تَأْتُوا إِلَيَّ لِتَكُونَ لَكُمْ حَيَاةٌ. مَجْداً مِنَ من النَّاسِ لَسْتُ أَقْبَلُ، وَلَكِنِّي قَدْ عَرَفْتُكُمْ أَنْ لَيْسَتْ لَكُمْ مَحَبَّةُ اللَّهِ له في أَنْفُسِكُمْ. أَنَا قَدْ أَتَيْتُ بِاسْم أَبِي وَلَسْتُمْ تَقْبَلُونَنِي. تَقْبَلُو إِنْ أَتَى آخَرُ بِاسْمِ نَفْسِهِ فَذَلِكَ تَقْبَلُونَهُ كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تُؤْمِنُوا وَأَنْتُمْ تَقْبَلُونَ مَجْداً بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ؟ وَالْمَجْدُ الَّذِي مِنَ الإِلهِ الْوَاحِدِ لَسْتُمْ تَطْلُبُونَهُ؟ لَا تَظُنُّوا أَنِّي أَشْكُوكُمْ إِلَى الأَب. يُوجَدُ الَّذِي يَشْكُوكُمْ وَهُوَ مُوسَى، الَّذِي عَلَيْهِ رَجَاؤُكُمْ. لأَنَّكُمْ لَوْ كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَ مُوسَى لَكُنتُمْ تُصَدِّقُونَنِي، لأَنَّهُ هُوَ كَتَبَ عَنِّي فَإِنْ كُنْتُمْ لَسْتُمْ تُصَدِّقُونَ كُتِبَ ذَاكَ، فَكَيْفَ تُصَدِّقُونَ كَلَامِي؟]. الشهادة للمسيح إنجيل اليوم يحتاج منا إلى شرح. ففي هذا الفصل يقول: «إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي ليست حقاً»، في حين أنه في الأصحاح الثامن يقول:«إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي حق». فهنا تعارض في الظاهر ينبغي علينا أن نحله أولاً.نبدأ أولاً بشهادة المسيح عن نفسه إنها حق. كان هذا رداً على الفريسيين الذين عندما سمعوه يقول: أنا هو نور العالم، قالوا له: «أنت تشهد لنفسك شهادتك ليست حقاً». كان هذا على أساس أنه لا توجد في الناموس شهادة مفردة. فالشهادة لكي تقبل يجب أن تكون على فم شاهدين أو ثلاثة. فهنا المسيح يقول: ولو أنا وحدي ولكني أشهد لنفسي وشهادتي حق. ولكن على أي أساس يقول المسيح هذا الكلام؟! على أساس: «لأني أعلم من أين أتيت وإلى أين أذهب؛ أما أنتم فلا تعلمون من أين أتيت وإلى أين أذهب». إذن هو الله، إذن هو الحق. وللحق أن يشهد عن نفسه، ولا يحتاج الحق أن يشهد له أحد. تماماً كما لا يحتاج النور أن يشهد لوجوده أحد، فالنور يشهد لنفسه لكل ذي عينين.وفي نفس الأصحاح الثامن يقول: «أنا هو الشاهد لنفسي، ويشهد لي الآب الذي أرسلني»، قالها يسوع لكي يسد ثغرة الناموس، الذي يطالب بشهادتين، فهنا يعطيهم شهادته وشهادة أبيه. أما بالنسبة لنفسه؛ فهو يشهد للحق الذي فيه والحق الذي في الآب، وهو غير محتاج أن يشهد له أحد.أما أصحاح اليوم، فيقول: «إن كنت أشهد لنفسي؛ فشهادتي ليست حقاً هنا المسيح ينطلق من مبدأ آخر غير الناموس، وهو: «مجداً من الناس لست أقبل». فمع أن المسيح يطلب منا أن نجده؛ إلا أنه لا يشهد لنفسه لكي يمجد من الناس. فلو أنه كان يشهد لنفسه بقصد أن يمجد من الناس، تصير شهادته ليست حقاً، لماذا؟ لأنه يطلب مجد نفسه، والذي يطلب مجده لا يمكنه أن يطلب مجد الله طبعاً.المسيح يعتبر أن شهادة المعمدان بل شهادة كل الأنبياء وكل التوراة هي للإعلان عنه أو لاستعلان مجده فقط؛ ولكن دون أن تكون قادرة أن تضيف إليه مجداً، هو في غير حاجة إلى النبوات لتشهد له لأنه هو الحق؛ فالنبوات جاءت لكي يعرفوا إنه هو الحق، وليس لكي تزيد الحق له أو تزيده مجداً. لذلك هو أردف على الفور وقال: «أنا لا أقبل شهادة من إنسان، لكني أقول هذا لتخلصوا أنتم».كيف تقدرون أن تؤمنوا وأنتم تقبلون مجداً بعضكم من بعض؛ والمجد الذي من الإله الواحد لستم تطلبونه؟ هنا انقلبت العبادة وانقلب الإيمان عند الفريسيين إلى فرصة لتمجيد الذات صارت عبادتهم تبدأ بأنفسهم وتنتهي بأنفسهم. المسيح يقول لهم: أنتم سهيتم عن مجد الله، لم تعودوا تطلبون تمجيد الله، فهنا انتهت عبادتكم.والمسيح يقول لنا: كيف تقدرون أن تؤمنوا بي عندما تصبح عبادتكم تصب في اتجاه ذواتكم، ولطلب مجدكم الشخصي؟ هنا يستحيل الإيمان مهما حاول الإنسان وقدم من جهادات وصلوات، يستحيل أن يسمح له الله أن يمجده مهما حاول الشخص. في الحقيقة إن أكبر لوثة تُلوّث العبادة والإيمان هي أن يطلب الإنسان لنفسه تزكية ومحداً والعجيب هو من أين يطلبه؟ من إنسان مثله !! نقرأ في إنجيل متى عن أولئك الفريسيين الذين كانت أعمالهم يعملونها لكي تنظرهم الناس، فيعرضون عصائبهم ويعظمون أهداب ثيابهم، ويحبون المتكأ الأول في الولائم، والمجالس الأولى في المجامع والتحيات في الأسواق، وأن يدعوهم الناس سيدي سيدي.ولكن نخشى أن يتبادر للذهن من قول المسيح: «إني لا أقبل شهادة من إنسان» أن المسيح يرفض شهادتنا في الحقيقة نحن الذين نحتاج لهذه الشهادة جدا جدا. نحن الذين نحتاج أن نشهد للمسيح بالقول والفكر والعمل في كل موقف من مواقف الحياة: إن أكلنا يكون لتمجيد الله، إن شربنا، إن نمنا ... كل أعمالنا لابد أن تكون لمجد الله. ولكن، لماذا هذا الاحتياج؟ لأننا نحن عندما نمجد المسيح ونشهد له؛ فإن الحق يصير معنا،ويكون الحق انكشف واستعلن لنا.ولكن هذا ليس كلاماً مرسلاً في الهواء، كأن نفتخر أننا أبناء الشهداء دون وعي أو معرفة. في الحقيقة إنه ما أسهل أن يشهد الإنسان للمسيح وهو لا يدري عن المسيح شيئاً، يتكلم كلمات لا يعرف عمقها ولا أبعادها. والسؤال: هل شهادتنا في هذه اللحظات تقبل؟ أبداً، ستكون شهادة بلا قيمة. ولكن الشهادة للمسيح لابد أن تكون عن وعي؛ وهي تستلزم جلسات طويلة أمام الإنجيل والمسيح طالب مثل هؤلاء الشهود. يقول: «الروح القدس يشهد لي وأنتم أيضاً»، وأيضاً: «اذهبوا واكرزوا للعالم أجمع». هذه هي الشهادة، هذا هو الإنجيل. والإنجيل ماذا يكون من غير شهادة؟! والشهادة تمجيد. ودائماً الشهادة والتمجيد صنوان عزيزان لا يفترقان، ويستحيل أن تفرق الشهادة عن المجد. فكل من يشهد يُمجد،وكل من يمجد الله يبقى شاهداً له. المتنيح القمص متى المسكين
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل