سارة أو ساراي السيدة التي صارت أماً لشعب غفير
المرجع الكتابي :
) تک ۱۱ : ۲۹ - ۳۱ : ۱۲ : ۵ - ۱۹:۱۷ : ۱-۱۸ ۱۰:۱۷-۰۲۱
۱۰:۲۵ ۱۳۷ ، ١٩ ٤ ٢٤ : ٣٦ -۱:۲۳ ۱۱۲ - ۱:۲۱ ۱۱۸ - ۲ :۲۰۱۸
٤١٢ ٤٩: ٤٣١ إش ٥١: ۱۲ رو ١٤١٩:٤ ٤٩ عب ۱۱ : ۱۱؛ ابط
(٦:٣
معنى الاسم :
يطلق على بعض الأسماء المذكورة في الكتاب المقدس لقب الأسماء المقدسة .
لأن الله سماها بنفسه ، أو سماها عن طريق الوحي الإلهي أو الإلهام المقدس ، لينفذ وعداً خاصاً ، أو عهداً مقدساً ، أو إعلاناً إلهياً . وليطابق الاسم أخلاق وطباع أو رسالة الشخص الذي سيطلق عليه فالاسم المقدس يسير علامة وعهداً بين الله والإنسان الذي أطلق عليه الاسم أمامنا الآن شخيتان في الكتاب المقدس يحملان أسماءاً مقدسة هما إبراهيم وسارة فكل اسم منهما يعبر عن غرض الله المقدس ووعده الصادق بتكوين شعب له .
سارة زوجة إبراهيم كان إسمها قبلاً ساراي ومعناه « أميرة » . و يقول بعض المفسرين أن ساراي تعنى «المشاكسة » أو «المحبة للنزاع » . تغير الله بنفسه الاسم إلى سارة وأعلن أنها ستكون أميرة وستنجب أحفاداً ملوكاً ورؤساء كهنة وأعطاها عهداً يوعد ..
أما العهد فهو أن تكون سارة أما لملوك وشعوب منها يكونون ، لذلك غير الله اسم ساراي إلى سارة قائلاً لإبراهيم : «ساراى إمرأتك لا تدعو إسمها ساراي بل إسمها سارة » ( تك ١٧ : ١٥، ١٦ ) .
إنها إشتركت مع زوجها في بركات الوعد الإلهى فكما غير الله اسمها غير اسم زوجها فصار اسمه إبراهيم بدلاً من إبرام معنى إبرام «الأب الرفيع أو الأب المكرم» ومعنى إبراهيم «أبورهام » أي « أبو جمهور» (تك ٥:١٧ ) .
الغرض الجذرى من كلمة سارة يعنى يسود » أو «يسيطر». لقد غير الله شخصيتها مع إسمها وقصد بالتسمية الجديدة ضمان العهد الذي أعطاه لإبراهيم وهو أن يكون من نسلها ملوك وشعوب. أشار بولس الرسول - بتعبير مجازي استعاري - لسارة كشخصية تمثل التدبير الإلهى في الكتاب المقدس فقال : هاجر جبل سيناء في العربية ولكنه يقابل أورشليم الحاضرة فإنها مستعبدة مع بنيها وأما أورشليم العليا التي هي أمنا جميعاً فهي حرة لأنه مكتوب إفرحي أيتها العاقر التي لم تلد ... وأما نحن أيها الإخوة فنظير إسحق أولاد الموعد » ( غل : : .(٢٥-٢٨
لقد كانت سارة أميرة إسماً على مسمى لا لأنها سلف لشعب كبير حرفياً أو سلف الشعوب كثيرة روحياً بل لأن نسلها سيصير لهم مكانة سامية وقوة أو على الأصح أن أحفادها وأحفاد أحفادها صاروا سلالة حاكمة بالتتابع لشعب مختار من الله. إن النسل الملوكي الهابط من سارة إنتهى بالمختار والممسوح من الله مخلصنا وفادينا يسوع المسيح الذي قال : « مملكتي ليست من هذا العالم» .
والمقصد الإلهى من التسمية هو أن كلمة سارة ترمز إلى النسل الروحي أي كل المؤمنون بالصليب والخلاص الإلهى الذين هم ملوك وكهنة الله ...
لقد أوضحت سارة معنى اسمها الجديد بتقديم ذاتها مثلاً للشخصية الروحية المخلصة. ففى سنى حياتها الطويلة مع إبراهيم سيطر على خيمتها الهدوء والتقوى والإخلاص والسلام والمشاركة فى الآلام والتفاهم في حل المشاكل بروح الحب .
الروابط العائلية :
تربت سارة في أور الكلدانيين بإسمها الأول ساراي وهي ابنة تارح وأخت إبراهيم من أبيه وكان يكبرها بعشر سنين ( تك (۱۷:۱۷) « هل يولد لإبن مئة سنة وهل تلد سارة وهي بنت تسعين سنة. لقد تزوجها إبراهيم في أور الكلدانيين. وكان أيا هما تارخ ولكنهما من سيدتين مختلفتين كما قال إبراهيم : بالحقيقة هي أختى ابنة أبي غير أنها ليست ابنة أمى فصارت في زوجة » ( تك .(١٢:٢٠
من أجل حفظ الإيمان بالله كان الرجل يتزوج من عشيرته حتى لا تتعبد أولاد الله للأونان ( تك ٣:٢٤، ١٤ ٢٠١:٢٨).
ترك الزوجين المباركين إبرام وساراى أور الكلدانيين وأرضهما وعشيرتهما إلى الأرض التي سيريها إياهما الله ( تك ١:١٢ ) .
سيرة سارة :
بدراسة سيرة هذه السيدة نجد أن هناك دروباً كثيرة للتأمل فكانت سارة الزوجة الوفية لزوجها إبراهيم الذي دعى خليل الله .
كانت لسارة شخصية فريدة وقوية .
إنها العبرانية الأولى وأم جميع العبرانيين وزوجها إبرام العبراني (تك ١٣:١٤). وكلمة عبراني تعنى عابر وينسب إسمهما إلى عابر أحد أجداد إبراهيم الذي أتى بهم إلى فلسطين. وقد منحهم الكنعانيون هذا اللقب قسموا إبراهيم إبرام العبراني ( تك ١٠: ٤٢٤ ١١ ١١٤ ١٣:١٤) بعد أن عبر نهر الفرات إلى فلسطين. استعمل الاسم أحفاد إبراهيم ونسلهم من بعدهم. وكانوا يفضلون الفظة إسرائيليين ( ١ صم ٤ : ٦ ) ولا يزال هذا الاسم مستعملاً إلى اليوم مع أنهم يحملون اسم اليهود الذي تسموا به في السبي ..
بدأ إبراهيم حياته في أور الكلدانيين ( العراق اليوم ( حينما دعاء الله أن يكون أبا الشعب الذي تتبارك به جميع قبائل الأرض. وقد أدرك إبراهيم بالوحي والإلهام وجود إله واحد أبدى خالق السموات والأرض وسيد الكون (تك ۱۸ : ۱۹).
كان إيمان إبراهيم جديداً بالنسبة لأور التي كان يقيم فيها حيث كانت مركزاً العبادة القمر، فقد كان أب إبراهيم نفسه خادماً لآلهة أور الوثنية ( يش ٢:٢٤) لذلك عبر إبراهيم من أور نحو بلاد كنعان. قال الرب على لسان إشعياء : « انظروا إلى إبراهيم أبيكم وإلى سارة التي ولدتكم لأني دعوته وهو واحد وباركته وأكثرته » (إش ٢:٥١).
إن إبراهيم مصدر ومنبع حياة العبرانيين وكانت سارة شريكة إبراهيم أمهم الأولى. فهي المنبع الجسدي للعبرانيين وبهم تباركت أمم الأرض .
لقد ذكر الكتاب المقدس سيدتين فقط بين أبطال الإيمان هما سارة وراحاب فقال بولس الرسول عن سارة : بالإيمان سارة نفسها أخذت قدرة على إنشاء نسل وبعد وقت السن ولدت إذ حسبت الذي وعد صادقاً » ( عب ۱۱:۱۱) وقال عن راحاب بالإيمان راحاب الزانية لم تهلك مع العصاة إذ قبلت الجاسوسين بسلام (عب ۱۱ (۳۱). وبالإيمان عاشت سارة وراحاب وماتا في الإيمان (عب ۱۳:۱۱ ) .
لقد صار اسم سارة إسماً شائعاً بين اليهود والأمم لما لها من إيمان وكرامة وعز ومجد .
جمالها :
ذكر الكتاب المقدس عن سارة أنها إمرأة حسنة المنظر جداً (تك ١٢ :
١١، ١٤). لقد ذكر التلمود أن أجمل إمرأة في العالم كانت حواء وتليها سارة .
كانت سارة بالحقيقة جميلة وحسنة المنظر جداً فعندما رآها فرعون بعد رحلة شاقة
من كنعان إلى مصر في طريق رملي وشمس محرفة أعجب بها، لقد إزدادت جمالاً بعد أن سمعت وعود الله ، ولم يشعر إبراهيم بجمالها هذا إلا عندما إقترب إلى مصر فقال لها : « إنى قد علمت أنك إمرأة حسنة المنظر قول أنك أختى ليكون لي خير بسببك وتحيا نفسى من أجلك » ( تك ۱۲ : ۱۱-۱۳ ) .
وكانت سارة تزداد جمالاً كلما تقدم بها السن حتى أنها وهي في سن التسعين إشتهاها أبيمالك لتكون له زوجة وأرسل أبيمالك ملك جرار وأخذ سارة ولكن الله أمره برد سارة إلى زوجها فيصلى لأجله لأنه نبي (تك ٧:٢٠).
في كل رحلاتها مع زوجها كان جمالها مصدر من مصادر شقائها ومع ذلك كان إيمانها قوياً بالله وواثقة أنه يستطيع أن يحفظها من كل سوء ...
تعرضها للأخطار :
حدث جوع في الأرض فإنحدر إبرام وسارة إلى مصر ليتغربا هناك لأن الجوع في الأرض كان شديداً. وخاف إبرام على نفسه من المصريين قائلاً لها : «إني علمت أنك إمرأة حسنة المنظر فيكون إذا رآك المصريون أنهم يقولون هذه إمرأته فيقتلونني ويستعفونك . قولى أنك أختى ليكون لى خير بسببك وتحيا نفسى من أجلك » ( تك ۱۲ : ۱۱-۱۳).
لقد إعتقد إبراهيم بأنه لو علم فرعون الطاغية بأن سارة زوجته سيقتله و يأخذها إلى حريمه فخاف من الموت. إن خوف إبراهيم قلل كياسته، وجعله يخاطر بشرف زوجته ليخلص رقبته، كما وأن حب سارة لزوجها حباً شديداً، وحياته الغالية عندها نساها العار الذي ستجلبه على نفسها .
لقد أخطأت سارة بخضوعها لخدعة زوجها الروائية ومؤامرته وكان الأشرف لها رفض رأى زوجها بشدة وتبصيره بالأضرار الناتجة عن فكره ورده إلى صوابه يقولها له : كيف أفعل هذا الشر العظيم وأخطىء إلى الله. لكنها كانت
تدعو إبرام سيدى فكان هو أيضاً السيد على مشاعرها ووعيها .
إن زواج إبراهيم بهذه السيدة الجميلة جعله يخاف الموت ويلجأ إلى أنصاف الحقائق ليخلص حياته فقال السارة لا تقولى أنك زوجتي بل أختى . هذا الرد لم يكن كله كذباً ولكنه نصف الحقيقة فهي أخته من أبيه وليست من أمه .
لا يصدق العقل أن يعطى هذا الرجل الفاضل زوجته لملك وثني، ولكنه فعل ودخلت سارة إلى بيت حريم فرعون، ولكن الله الطبيب الشافي، والمعالج الضعفاتنا، حرس سارة، وأرسل بلاء على الملك فرعون، فأرسلها فرعون إلى زوجها ولم يمسها بوه .
وللمرة الثانية ينفذ إبرام هذه الفكرة الخاطئة مع زوجته عندما أعجب بجمالها أبيمالك ملك الفلسطينيين وأخذها مع حريمه . وللمرة الثانية يتدخل الله الحراسة سارة و يأمر أبيمالك يردها إلى زوجها قائلاً له هي زوجته وليست أخته وهدده الله بالموت له ولكل ماله ( تك (۲۰)، وصلى إبراهيم إلى الله فشفى الله أبيمالك وامرأته وجواريه قولدن لأن الرب كان قد أغلق كل رحم لبيت أبيمالك بسبب سارة إمرأة. إبراهيم - عزيز في عيني الرب أحباءه وهو يرعاهم ويحرسهم من كل سوء. طوبى لمن كان الله معينه .
استخدم إسحق بن إبراهيم نفس الطريقة مع رفقة زوجته بعد ذلك بسنين كثيرة ( تك ٢٦ : ٦-١٣).
لقد إستاء الله من تصرف إبراهيم وسارة الخاطيء وهل يتغاضى الله ويصفحعن مثل هذا الخداع ؟!
أين إيمان إبراهيم خليل الله ؟ أليس هو الذي دعاها بالخروج من أور الكلدانيين الحمل رسالة أعدهما الله لها ؟ أهو عاجز عن حمايتهم وصونهم من الأضرار والخطر في هذه البلاد الغريبة ؟ كثيراً ما يضعف الإنسان ولكن مبارك هو الله الذي يرثى لضعفنا ويهيىء الخلاص من خطايانا وضعفاتنا .
وعد الله، وأجبرها أن تجد حلاً لهذا العائق .
لقد قدمت سارای نفسها على أقسى مذبح تضحية تضع أي سيدة نفسها عليه ، وكانت حبال التضحية جبالاً إنتحارية لكيانها. هذه التضحية كانت خطية أمام الله، وجرحاً مميتاً لها ولزوجها، وللأجيال المستقبلة التي لم تولد بعد .
لقد أوضحت ساراي الحزن الذي يملأ قلبها لفشلها في إنجاب نسل لزوجها حين قالت لإبرام : « هوذا الرب قد أمسكنى عن الولادة أدخل على جاريتي لعلى أرزق منها بنين». فأخذت ساراي إمرأة إبرام هاجر المصرية جاريتها من بعد عشر سنين الإقامة إبرام في أرض كنعان وأعطتها لإبرام رجلها زوجة له .
لقد سعت ساراي بهذا التصرف البشرى المؤسس على الفكر والمنطق، والبعيد عن الإيمان بوعد الله وقدرته على إتمام وعده أن يقيم نسلاً لزوجها لعدم إنجابها نسلاً ، مع أن الله كرر وعده أن من ساراي يولد ابن الموعد !!
من المعتاد في تلك الأيام أن يأخذ الرجال سرارى لهم ، ولكن إبرام الرجل الخائف الرب لم يصنع هكذا. وكان عليه أن يرفض طلب ساراي . فبإستجابته الطلب ومعرفته الهاجر، حبلت هاجر وولدت إسماعيل، صغرت مولاتها في عينيها ، وحلت الغيرة وحب الإنتقام.
إن سارة فكرت بصغر النفس والضعف ، لعدم إنجابها نسلاً، أن تقدم حلاً للمشكلة وتكون هى فدية لزوجها فأعطت هاجر لزوجها لتقيم له نسلاً، ونسيت أن الذي وعد صادق ويستطيع أن يتمم وعده. كثيراً ونحن في عهد النعمة والخلاص تكرر نفس خطأ سارة بالبحث عن حل منطقى المشاكل ناسيين الإلتجاء الله ليحل لنا المشاكل مع أنه وعد وقال :
إسألوا تعطوا إطلبوا تجدوا . إقرعوا يفتح لكم » ( مت ۷ : ٧ ) .
إطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم » (مت (٦: ٣٣).
لا تهتموا للغد لأن الغد يهتم بنفسه يكفى اليوم شره » (مت ٣٤:٦) .
تعالوا إلى يا جميع المتعبين والثقيلى الأحمال وأنا أريحكم » .
وستؤجل التعليق على هاجر الحين بحث سيرتها بالكامل في فصل مستقل .
فرحها :
المحبة الله الفائقة ورحمته وغفرانه الضعفات إبرام وساراي الكثيرة، ظهر الله الإبرام وكان عمره 99 عاماً، وأعلن له بشرى حمل زوجته ساراي التي تبلغ من العمر ٩٠ عاماً، وأكد وعده بتغيير إسم إبرام إلى إبراهيم وساراي إلى سارة ( تك ۱۸:۱۷) وزاد الله إيضاحاً لمقاصدة العليا وإرادته الإلهية فقال الرب : سارة إمرأتك أباركها وأعطيك أيضاً منها إبناً. أباركها فتكون أعماً وملوك شعوب منها يكونون » ( تك ١٦:١٧ ) فسقط إبراهيم على وجهه وضحك ( تك ۱۷:۱۷ ) .
تعجب إبراهيم من عمل الله الغير مستطاع طبيعياً ولكن إبراهيم آمن بكلام الله عندما أكد الله كلامه وقال له : «بل سارة إمرأتك تلد لك إبناً وتدعو إسمه إسحق وأقيم عهدى معه عهداً أبدياً لنسله من بعده ( تك ۱۷ : ۱۹). إن ضحك إبراهيم علامة الفرح المفاجيء البشرى الله التي تعلو الإدراك البشرى. لقد فرح إبراهيم عندما سمع بولادة إسحق وقد يكون إبراهيم رأى المسيح المنتظر إذ قال السيد المسيح : « أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومى فرأى وفرح» (يو ٥٦:٨) .
ولما سمعت سارة البشرى الإلهية وهي في باب الخيمة، وكان إبراهيم وسارة شيخين متقدمين في الأيام، وقد إنقطع أن يكون السارة عادة كالنساء، ضحكت سارة في باطنها قائلة: «أبعد فنائى يكون لى تنعم وسيدي قد شاخ » . لقد ضحكت سارة لأنها شكت في كلام الله .
صدق الله وتم وعده ، وحبلت سارة ، وولدت إبناً سمته إسحق ويعنى يضحك». وقالت سارة : قد صنع إلى الرب ضحكاً كل من يسمع يضحك لى» (تك (٦:٢١). لقد لازم الضحك سارة من وقت الوعد باسحق إلى ما بعد ولادته ولذا فقد دعا إبراهيم اسم ابنه إسحق أي يضحك .
إن فرحة سارة بولادة إسحق تذكرنا بفرحة البشرية والملائكة بولادة السيد المسيح، الذي أتى من نسل إسحق وقالوا للرعاة : ها نحن نبشركم بفرح عظيم يكون الجميع الشعب أنه قد ولد لكم اليوم مخلص هو المسيح الرب » ( لو ٢ : ١٠).
لیست ولادة إسحق معجزة تفوق الإدراك والوعى البشرى فحسب، بل كانت رمزاً وإشارة لولادة السيد المسيح المعجزية من البتول العذراء مريم .
لقد أوضح لنا بولس الرسول قوة إيمان إبراهيم وسارة فقال عن إيمان إبراهيم يوعد الله : «وإذ لم يكن ضعيفاً في الإيمان لم يعتبر جسده وهو قد صار مماتاً إذ كان إبن نحو مائة سنة ولا ثمانية مستودع سارة. ولا بعدم إيمان إرتاب في وعد الله ، بل تقوى بالإيمان معطياً مجداً الله . وتيقن أن ما وعد به قادر أن يفعله أيضاً لذلك أيضاً حسب له برأ » (روع : ۱۹-۲۲).
وأكد بولس إيمان سارة بوعد الله بقوله : « بالإيمان سارة نفسها أيضاً أخذت قدرة على إنشاء نسل وبعد وقت السن ولدت إذ حسبت أن الذي وعد صادقاً» (عب ۱۱:۱۱).
سارة سيدة معمرة :
سارة السيدة الوحيدة التي ذكر الكتاب المقدس سنها بالضبط هي وابنة يايرس الشابة الوحيدة التي ذكر سنها بأنه اثنتا عشرة سنة ( لو ٨ : ٤٢ ) .
عاشت سارة ١٢٧ سنة ، وعاش زوجها ١٧٥ سنة ( تك ۲۳ : ۱ ، ۱۲ تك ٢٥ : ٨،٧). وكانت حياتهما الزوجية السعيدة وحبهما العميق لبعضهما وعلاقتهما بالله رغم المشاكل والضيقات التي حلت عليهما سبباً في طيلة عمرهما، وماتا بشيبة صالحة شيخين في حياتهما كانا في وحدة قلبية كاملة ، وطاعة لبعضهما البعض، وفى مماتهما لم ينفصل جسديهما فقد دفنا في مغارة المكفيلة التي إشتراها إبراهيم ليدفن سارة فيها .
لقد كان قبر سارة أول قبر ذكر في الكتاب المقدس .
يقول التقليد : أن سارة ماتت متأثرة بذبحة قلبية ، عندما علمت من إبراهيم بأمر الله أن يقدم إبراهيم إبنه إسحق ذبيحة على جبل الموريا . لقد جاز سيف الألم قلبها كما حدث للعذراء مريم عندما رأت المسيح ابنها وحبيبها معلقاً على عود الصليب فقالت : « إن العالم يفرح لقبوله الخلاص وأما أحشائي فتتفتت عند نظرى إلى صلبوتك الذي أنت صابر عليه يا إبني وإلهى » ..
لما رأت سارة زوجها ووحيدها يبرحان الخيمة ذاهبين إلى جبل الموريا آخذين معهما الحطب والسكين إضطربت قلبياً وماتت فلو عاشت سارة، لرأت إبنها الذي قدم من أجل طاعة زوجها الله حياً، ولسمعت قصة خلاص إبنها من السكين، وكيف ظهر ملاك الرب لإبراهيم وقال له : «لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئاً لأني الآن علمت أنك خائف الله فلم تمسك إبنك وحيدك عنى » ( تك ١٢:٢٢).
وإن كان جسد سارة قد رقد في التراب وأغلقت عينيها إلا أن قلبها الآن يصلى و يتضرع إمام عرش النعمة من أجل كل أم متألمة ومتعبة .
سارة الرمز :
سماها بولس الرسول : الحرة . وأورشليم العليا . أمنا جميعاً .
عندما أراد بولس الرسول أن يوضح الفرق بين الناموس والنعمة وأنهما لا يجتمعان سوياً. شبه ذلك بإبنى إبراهيم فقال : «كان لإبراهيم إبنان واحد من الجارية والآخر من الحرة. لكن الذي من الجارية ولد حسب الجسد وأما الذي من الحرة في الموعد. وكل ذلك رمز لأن هاتين هما العهدان أحدهما من جبل سيناء الوالد للعبودية الذي هو هاجر .... ولكنه يقابل أورشليم الحاضرة فإنها مستعبدة مع بنيها . وأما أورشليم العليا التي هي أمنا جميعاً فهي حرة » ( غل ٤ : ٢٣-٢٦ ) .
وقال عنها أنها واحدة من سحابة الشهود .
بالإيمان سارة نفسها أيضاً أخذت قدرة على إنشاء نسل وبعد وقت السن ولدت إذ حسيت الذي وعد صادقاً » (عب ۱۱ : ۱۱ ، ۱۲).
فلو كان إبراهيم أب المؤمنين فسارة زوجته أم المؤمنين (روع : ٤١١ )غل ٧:٣
وأطلق عليها بطرس الرسول المطيعة ، وصانعة الخيرات فقال :
فإنه هكذا كانت قديماً النساء القديسات أيضاً المتوكلات على الله يزين أنفسهن خاضعات الرجالهن. كما كانت سارة تطيع إبراهيم داعية إياه سيدها التي صرتن أولادها صانعات الخير وغير خائفات خوفاً البتة » ( ١ بط ٣: ٦،٥) .
لقد كانت سارة رمزاً للسيدة المطبعة المشتركة مع زوجها بفرح في وحدة الحياة، ووحدة القلب، فصارت رمزاً لكل السيدات المؤمنات وتعلم الأمهات قائلة : « الإنسان يفكر والرب يدير».
المتنيح القس يوحنا حنين كاهن كنيسة مارمينا فلمنج
عن كتاب الشخصيات النسائية فى الكتاب المقدس
المزيد