الكتب
إسحق إبن الموعد
يقول معلمنا بولس الرسول "مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ، كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ، إِذْ سَبَقَ فَعَيَّنَنَا لِلتَّبَنِّي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لِنَفْسِهِ، حَسَبَ مَسَرَّةِ مَشِيئَتِهِ، لِمَدْحِ مَجْدِ نِعْمَتِهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْنَا فِي الْمَحْبُوبِ" (أف1: 3-6).الله قبلما يخلق العالم كله، كان فى ذهنه شخصيات معينة قد اختارها، هذه الشخصيات اختارها لكى تحيا فى حياة القداسة، وأعد لها أعمالاً لتعملها لمدح مجد نعمته. لكن الله لا يختار أحدًا تحيزًا. إنما هو بسابق علمه يعرف أن هناك شخصية معينة لها استعداد طيب. ويمكن أن تتجاوب مع عمل نعمته وبذلك يستطيع أن يستخدمها. الله يرسم لكل إنسان خطة عمل، ويدبر تدبيرًا عجيبًا جدًا من أجل خلاص البشرية... وأمام هذا التدبير يقف الإنسان متعجبًا.
إبراهيم أبو الأباء
كان الآباء فى العهد القديم ينتظرون المدينة التى لها الأساسات التى صانعها وبارئها الله، ويبتغون وطنًا أفضل أى سماويًا... وإبراهيم هو أب الإيمان، هو رجل الإيمان الجماهيرى الأول فى تاريخ البشرية، هو أب تلك العائلة المقدسة التى دعاها الله لكى يجعلها شعبًا خاصًا له بصفة مرحلية لكى تتسع بعد ذلك وتصير عائلة الإيمان. ونستطيع أن نقول إن إبراهيم يمثل بداية متميزة من بدايات علاقة الإنسان مع وعود الله.إن الكتاب المقدس بلباقة عجيبة جدًا وبحكمة إلهية سامية، يرسم حياة الإنسان من خلال هذه الشخصية العظيمة. من البداية الأولى لذلك الشعب الخاص خطوة خطوة، وتقطع البشرية مسيرة الخلاص مع الله، بنفس الصورة التى تقطعها كل نفس تؤمن بالمسيح.
بين ملكى صادق والمسيح
ملكى صادق شخصية ظهرت فى التاريخ فجأة، واختفت ولم يسجَل فى الأسفار المقدسة وفى كتب اليهود مَنْ تكون أسرته، مَنْ هو أبوه ومَنْ هى أمه فلم يُذكر له نسب. أو متى وُلد، أو متى رقد. وقال عنه معلمنا بولس الرسول "بِلاَ أَبٍ بِلاَ أُمٍّ بِلاَ نَسَبٍ. لاَ بَدَاءَةَ أَيَّامٍ لَهُ وَلاَ نِهَايَةَ حَيَاةٍ. بَلْ هُوَ مُشَبَّهٌ بِابْنِ اللهِ" (عب7: 3)، لذلك صار يشبه ابن الله لأن أسرارًا كثيرة أحاطت أيضًا بحياة السيد المسيح فى تجسده وفى مجيئه إلى العالم وفى كل ما يخص الأبعاد العجيبة التى يقف أمامها الإنسان متحيرًا. فهو بلا أب جسدى من حيث ناسوته، وبلا أم من حيث لاهوته. لا بداية أيام له ولا نهاية حياة من حيث لاهوته.وملكى صادق هو شخص حقيقى عاش فى أيام إبراهيم، وقدم تقدمة خبز وخمر. وقد أعطى له إبراهيم العشور من كل شيء. وكهنوت ملكى صادق كان كهنوتًا أعلى من كهنوت هارون، أى كهنوت سبط لاوى الذى كان فى صُلب إبراهيم... لم يكن ملكى صادق من سبط لاوى أو من نسل هارون ولكنه أعطى البركة لإبراهيم، وكان سبط لاوى فى صُلب إبراهيم عندما باركه ملكى صادق.
نوح البار
إن تدبير الله من أجل الخلاص كان تدبيرًا عجيبًا جدًا، فقد كان فى كل خطوة يدبر ويضع محطات على الطريق وعلامات لكى تأخذ البشرية دروسًا عميقة، ولكى يتقوى الإيمان ويتأسس ويترسخ فى قلوب الكل. ومن جانب آخر لكى تقتنع البشرية بالخلاص، لأن فكرة الفداء والخلاص بالتجسد الإلهى كان من الصعب جدًا على الإنسان أن يقبلها فلو كان الله قد صنع الفداء بمجرد سقوط الإنسان، لكانت الخليقة كلها سوف تعترض وتقول هل من داعٍ؟.. لكن الله قد دبر ورسم المخطط كله، واستخدم كل الوسائل الممكنة من أجل إصلاح حالة الجنس البشرى، وبالرغم من هذا كله لم يمكن إصلاحه إلا بعد أن جاء السيد المسيح وصنع الفداء.
أخنوخ الصديق
حيث كثر الناس على الأرض، وكانت بذرة الشر تسرى فى البشرية، سواء فى نسل قايين كنسل ملعون معجون بالشر بجملته، أو فى نسل شيث النسل البار المقدس حيث كانت تحاربهم الشرور وإغراءات الخطية، بل إن بعضهم قد زاغوا وفسدوا. لذلك احتاجوا إلى من يعظهم ويرشدهم إلى حياة البر والقداسة وإلى طريق التقوى وعندما وُلد أنوش حينئذ ابتدئ أن يدعى باسم الرب، وهذه كانت المرحلة الأولى للكرازة بالنسبة للناس غير التائبين وأيضًا للناس الأشرار أن يدعوهم للتوبة. ويكرز بالخلاص الذى كان الرب مزمعًا أن يصنعه. وإن كانت مناداة الأشرار من نسل قايين لم تكن ستؤدى إلى خلاصهم، لكن على الأقل سوف تكون دليلاً على إدانتهم فى يوم الدينونة.
هابيل وقايين
فى سلسلة شخصيات من العهد القديم، وبعد أن تكلّمنا عن شخصية أبينا آدم وعلاقة ذلك بآدم الجديد وهو السيد المسيح، نتكلم عن شخصية أخرى هامة؛ وهى شخصية القديس البار هابيل الذى ذكره معلمنا بولس الرسول كأحد أبطال الإيمان فى بدايات تاريخ البشرية. ونحن إذ نريد أن نعيش أحداث الكتاب المقدس فى العهد القديم، نرى صورة الفادى، نرى صورة السيد المسيح معلقًا على الصليب مخلصًا للبشرية "لأَنِّي لَمْ أَعْزِمْ أَنْ أَعْرِفَ شَيْئاً بَيْنَكُمْ إِلاَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَإِيَّاهُ مَصْلُوباً" (1كو2: 2). هذا هو الهدف الذى كان يسعى إليه كل الأنبياء ليظهروا ماذا أعد الله من أجل خلاص البشرية "فَإِنَّ شَهَادَةَ يَسُوعَ هِيَ رُوحُ النُّبُوَّةِ" (رؤ19: 10).
آدم (بين آدم الأول وآدم الثانى)
من الأمور الجميلة فى الكتاب المقدس؛ إن شخصيات الكتاب المقدس لا تعطينا فكرة عن الشخصية فى حد ذاتها فقط، ولا تعطينا فكرة عن معاملات الله مع الناس فقط، ولكن كثير من حوادث الكتاب المقدس؛ بل كثير من شخصيات الكتاب المقدس؛ بل أقول لا توجد شخصية فى الكتاب المقدس لا ترتبط بقضية الفداء والخلاص.. كثير من الشخصيات ترمز من جانب أو آخر إلى شخص السيد المسيح. طبعا لا تكون الشخصية مطابقة للمسيح فى كل شئ، وإلاّ معنى هذا أن هذه الشخصية جمعت كمالات السيد المسيح وصفاته وهذا مستحيل.
داود النبي والملك
شخصية داود النبي مدرسة عجيبة جدًا في كثير من الأمور, فإن كنا نقرأ عن سير قديسين في العهد القديم وفي العهد الجديد، لكن شخصية داود يقف أمامها الإنسان مبهورًا. ربما يعترض أحدكم قائلاً: وماذا عن خطيته التي أخطأها؟ لكن ليس حسنًا أن نركز ذهننا في موضوع خطيئة داود التي أخطأ بها وتاب عنها، فلم تكن كل حياة داود هي هذا الخطأ الذي ذكره الكتاب المقدس لقد اختار الرب داود لأن قلبه كان يحب الله بصورة عجيبة جدًا إن الهدف في حياتنا هو مقدار المحبة في قلوبنا، فإن كنا نجاهد في صوم وفي صلاة وفي عبادات، كل هذا يؤدى إلى هدف واحد هو أن يمتلئ القلب بمحبة الله، فالهدف من كل شيء نصنعه في حياتنا مع الله هو أن نترك فرصة للحب الإلهي أن يسكن ويملأ القلب وسوف يعيش الإنسان معذباً في صراع مع الخطية إلى أن تدخل محبة الله وتملأ قلبه، فليست علاقتنا مع الله مجرد ممارسات وعبادات وفروض فمهما مارس الإنسان من العبادة ولم تكن في قلبه محبة الله فإنه إن دخل إلى قلبه أي حب آخر فسوف يسبيه بعيداً عن الحياة مع الله فإن كان داود النبي قد أخطأ، ولكن لأن محبته لله كانت قوية جدًا فإنه لم يحتمل أن يبقى في الخطية. وكانت دموع التوبة كأنهار غزيرة.. ليست المسألة إن كان الإنسان قد أخطأ أو لم يخطئ. لكن المسألة هي: هل قلبه ممتلئ بمحبة الله أم لا؟. الإنسان الذي يمتلئ قلبه بمحبة الله لا يفقد علاقته بالروح القدس... علامة محبتنا لله إننا إذا أخطأنا نسرع إليه ونتوب وسوف لا نتعرض في هذا الكتاب لخطية داود وتوابعها التي تاب عنها والتي احتمل بسببها متاعب كثيرة لأن هذه المسألة تحتاج إلى كتاب خاص بعنوان "داود الملك التائب". ربما نتمكن من إصداره في وقت لاحق إذا سمحت مشيئة الرب أما عن شخصية داود فهي في الحقيقة شخصية يقف أمامها الإنسان مبهورًا، وسوف نستعرض معًا بعضًا من لمحات في حياة داود لنعرف كم تكون هذه الشهادة هي حق هذا الرجل هو شخص عجيب يندر أن يوجد مثله إنسان على الأرض ولا يفوتنا أن ننوه أن لقداسة البابا شنودة الثالث -أطال الرب حياته- تأملات كثيرة عميقة عن شخصية داود النبي وحياته الرب ينفعنا ببركة صلوات قداسة البابا.
يعقوب ابو الاسباط الاثني عشر
شخصية يعقوب هى مثال ورمز لنا فى الجهاد . فإن أبرز عبارة فى حياة يعقوب هى التى قالها الله حين ظهر له وصارعه : " لا يدعى اسمك فى مابعد يعقوب بل إسرائيل لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت " (تك28:32). وإن كانت حياة يعقوب مملوءة أتعابا ً ولكنها مملوءة بالتعزيات .