خطوات فى معرفة الله

أتكلّم معكُمْ اليوم فِى موضُوع أشعُر أنّنا نحتاج إِليهِ جِدّاً وَلابُد بِنعمِة ربِنا أنْ يكُون فِى حياتنا معرِفة لِهذا الأمر وَهُوَ " معرِفة الله " أُرِيد أنْ أُكلّمكُمْ عَنْ معرِفة الله ، وَلابُد كُلّ واحِد يسأل نَفْسَه وَيقُول " يارب ياترى أعرفك أم لاَ ؟! وَلِكى أعرفك فبِماذا أشعُر ؟ وَما هى الخطوات لِمعرِفتك ؟ " فيوجد ناس يقُولُون أنّ ربِنا هُوَ قوة خفيَّة تحكُم الكُون ، وَآخر يقُول ربِنا غير موجُود ، وَواحِد يقُول إِنْ كان ربِنا موجُود إِقنعنِى ، وَلِكى أنا ألمِس وجُود ربِنا فِى حياتِى كيف يكُونُ ذلِك ؟ فَمَنَ هُوَ الله بِالنسبة لِى ؟ فالكنيسة مثلاً عِندما تُحِب أنْ تتكلّم عَنْ ربِنا يسُوعَ تقُول[ ربِنا وَإِلهنا وَمُخلِّصُنا يسُوع المسيِح ] ، فالمفرُوض أنْ نعرِفهُ كفادِى وَكمُخلِّص وَكرفيِق عُمرنا ، لابُد أنْ أعرِف أنّ قصتِى مَعَْ ربِنا لَمْ تبدأ فقط عِندما وُلِدت وَلكِنْ قبل أنْ أُولد ،وَهى لَمْ تنتهِى وَستستمِر إِلَى الأبديَّة مُعلّمِنا بولس الرسُول يقُول [ كما إِختارنا فِيهِ قبل تأسيِس العالم000 ] ( أف 1 : 4 ) ، فقبل أنْ أُولد هُوَ عارفنِى ، وَقَدْ إِختارنِى ، وَعِندما إِختارنِى وجدت أنّ حياتِى تمتد معهُ إِلَى الملكُوت الأبدِى ، وَلِكى نختصِر الكلام وَنرّكِز توجد أربعة مراحِل لِمعرِفة الله :-
(1) المعرِفة العقليَّة وَهى مُهِمّة جِدّاً ، وَهى أنْ أؤمِن بِالله بِالعقل 0
(2) " الوجدانيَّة أىّ بِالقلب وَبِالمشاعِر وَالأحاسيِس ، أىّ أحببتهُ بِالقلبِ 0
(3) " الإِختباريَّة وَهى أجمل ، فأنا عِندما عرفتهُ بِعقلِى وَأحببتهُ بِقلبِى إِبتدأ يكُون لِى خِبرة معهُ 0
(4) " الإِتِحاديَّة وَهى تُولد مِنْ أخِر مرحلة 0
(1) المعرِفة العقليَّة :-
ياترى هل أنا عِندِى معرِفة عنك بِعقلِى ؟ هل عقلِى بِيرشدنِى إِليك ؟ أنا مُمكِن لاَ يكُون عِندِى إِيمان بِالله وَلكِنْ عقلِى بِيرشدنِى لِمعرِفة الله ، فمُجرّد الإِنسان ينظُر لِلعالم وَالمخلُوقات وَالموجُودات يُؤمِن أنّهُ يوجد إِله ، فلو نظر نظرة مُحايدة كيف يسيِر هذا الكُون فإِنّهُ يقُول بِالحقيقة يوجد إِله فاليونانيين مجموعة فلاسِفة ، مُعلّمِنا بولس الرسُول إِبتدأ يقُول لهُمْ كيف تكُونُون حُكماء وَ لاَ تعرِفُوا ربِنا !! ففِى رِسالتهُ لِرومية يقُول [ إِذْ معرِفةُ اللهِ ظاهِرةٌ فِيهُمْ لأِنَّ اللهَ أظهرها لهُمْ0لأِنَّ أُمُورهُ غير المنظُورةِ تُرَى مُنذُ خلقِ العالمِ مُدركةً بِالمصنُوعاتِ قُدرتهُ السَّرمَدِيَّةَ وَلاَهُوتهُ حتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ ] ( رو 1 : 19 – 20 ) فأنا الآن لاَ أعرِف ربِنا وَلكِنْ أنا مُمكِن أموره غير المنظُورة أُدرِكُها بِالمصنُوعات التَّى صنعها ، فبِمُجرَّد أنْ أنظُر لِلشمسِ وَلِلكواكِب وَالنِجُوم ، مِنْ خِلالِها أُدرِك الله وَ " السَّرمَدِيَّةَ " أىَّ أزلِى أبدِى ، فقُدرة الله مُدركة بِالمصنُوعات قُدرتهُ السَّرمَدِيَّةَ حتَّى أنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ يُرِيد أنْ يقُول أنت لاَ تعرِف ربِنا فأنظُر لِلعالم ، أُنظُر لهُ كيف يسيِر ، أُنظُر لِلتكوينات00 المجموعات الشَّمسيَّة ، أُنظُر لِلكواكِب كيف تسيِر ، أُنظُر لِلبحرِ وَسُلطان ربِنا عليه ، المفرُوض أنْ أؤمِن بِوجوده مِنْ خِلال المصنُوعات ، وَأنْ أعرِفهُ بِعقلِى ، فعقلِى إِبتدأ يُشيِر أنّهُ يوجد إِله ضابِط الكُل ، الّذى صنع الزِرُوع وَالشَّمس ، أُنظُروا لأنواع النباتات ، أُنظُروا لأنواع الزِهُورفعقلِى هُوَ الّذى سيوصلنِى لِربِنا ، صدِّقُونِى ياأحِبَّائِى قصد الله أنْ يخلِق للإِنسان عقل هُوَ أنْ يوصّله لِربِنا ، وَأنْ يعبُد ربِنا بِهِ ، فقصد الله مِنْ عقل الإِنسان هُوَ أنْ يعرِفه بِالعقل الإِنسان عِندما يرى الله بِالمعرِفة العقليَّة هذِهِ يظِل يُمّجِد ربِنا ، وَعِندما نرى مُكّوِنات الجو وَكَمْ أنَّها ضروريَّة لِحياة الإِنسان ، فَخَلاَيا الإِنسان لاَ تشتغل إِلاّ بِالأوكسُجين ،مُخ الإِنسان العامِل الأساسِى لِتنشيطه هُوَ الأوكسُجين ، وَبِذلِك فإِنّ الله أعطى لنا الأوكسُجين فِى الجو لِكى يشّغل أجهزتنا ، فكُل مُكّوِنات الجو ضروريَّة أُنظروا لِلماء فإِنّهُ ضرورِى للإِنسان ، وَمِنْ العجائِب الشديدة جِدّاً لو عرفتِى مُكّوِنات الماء فقط ، فمِنها ما هُوَ سام ، وَمِنها ما يُساعِد على الإِشتعال ، فهى مُكّوِنات عجيبة ،فأنا لو لَمْ أستطع أنْ أصِل لِربِنا فمُمكِن أنْ أصِل إِليه بِالمعرِفة العقليَّة فكُون أنّ ربِنا يسُوعَ فدانِى وَخلّصنِى فكُل هذا يحتاج إِلَى معرِفة عقليَّة ، ففِى مرَّة قُلت لِلشباب تعالوا نفّكر فِى بدائِل لِلتجسُّد ، فإِنّ الله قال لآدم [ يوم تأكُلُ مِنها موتاً تموت ] ( تك 2 : 17 ) ، وَفِعلاً آدم أكل ، فإِنْ موِّت آدم وَخلق إِنسان جدِيد وَهذا الإِنسان خالف ربِنا فإِنّهُ سيُميتهُ وَيخلِق إِنسان آخر ، وَبِذلِك سيستمِر الأمر هكذا فكان رأى آخر أنّ ربِنا يسامِح آدم وَ لاَ ينّفِذ العقُوبة ، فإِنّهُ بِذلِك لاَ يوجد عدل عِند الله ، وَكلام ربِنا يكُون غير صادِق وَكان يوجد رأى آخر هُوَ أنّ الله كان يخلِق آدم مِنْ النوع الّذى لاَ يُخطِىء ،وَيكُون مُصّير لِلبِر ، وَعِندما يقُول لهُ الله لاَ تأكُل فإِنّهُ لاَ يأكُل ، وَلكِنْ عِندما يُحِب أنْ يُكافِىء آدم بِمُكافئة على شيء ، فإِنّهُ لاَ يستحِق المُكافأة صدِّقُونِى سوف لاَ تجِدوا أجمل وَأروع مِمَّا فعلهُ ربِنا معنا ، وَهُوَ أنْ يُعطينِى مِنْ السقطة قِيام ، وَفِى نَفْسَ الوقت حُكم العقُوبة يُنّفذ ، وَكُلّ يوم ربّ المجد يسُوعَ بِيُذبح على المذبح ، وَكُلّ خطيَّة أعترِف بِها أمام المذبح أُنظُروا لِروعِة تدبيِر الله ، فَلاَبُد أنْ أعرِف أنّ ربِنا يسُوعَ هُوَ إِبن الله وَتجسّد ، كُلّ هذِهِ أُمور عقليَّة ، وَلِذلِك فإِنّ بِدايِة معرِفة الله هى معرِفة عقليَّة ، لابُد أنْ أعرِف أنّهُ توجد معرِفة لله بِعقلِى وَفِكرِى ، فياترى أنا عقلِى فِعلاً بِيقدِّمنِى فِى معرِفة ربِنا ، مُهِم جِدّاً أنْ يكُون عقلِى خادِم فِى معرِفة ربِنا 0
(2) المعرِفة الوجدانيَّة :-
وَهى معرِفة القلب وَالمشاعِر ، معرِفة العواطِف ، أنا أُعطِى لهُ فِكرِى وَمشاعرِى وَأُعطِى لهُ إِتجاهات محّبتِى ، لأنِّى عرفت أنّهُ صنع العالم هذا كُلّهُ مِنْ أجلِى وَهُوَ عمل لِى البحر وَعمل لِى الماء ، فالمفرُوض إِنِّى أُبادِلهُ حُب بِحُب ، ألَمْ أعترِف بِفضلِةِ علىَّ وَأقُول لهُ[ يا لِعظم حُبَّك00أقمت السَّماء لِى سقفاً ، وَثّبت لِى الأرض لأِمشِى عليها ، مِنْ أجلِى ألجمت البحر00] ( مِنْ القُدّاس الغرِيغورِى ) تخيّلوا أنّ البحر لو لَمْ يكُنْ ربِنا قَدْ ألجمه فإِنّهُ كان بِإِستمرار سيدخُل على بلد ، وَيدخُل على النَّاس ، أليست كُلّ صنائِع الله تحتاج أنْ تأخُذ مِنِى إِهتمام ، وَأنْ أقُول لهُ[ أشكُرك ياإِلهِى ، وَتشكُرك عنِّى ملائِكتك وَخليقتك جميعاً لأِنِّى عاجِز عَنْ القيام بِحمدِك كما يستحِق حُبُك ] ( قسمة للإِبن سنوِى ) فالمعرِفة الوجدانيَّة هى التَّى تجعل الإِنسان فِكره يتقدّس ، وَيذكُر حضُور الله ، تعتقِدِى هذا الإِنسان تكُون أفكاره غير مُقدِّسة ؟! بِالتأكيِد لاَ ، فإِنْ كان الإِنسان بِمُجرّد أنّهُ ينظُر لِشجرة فإِنّهُ يُمّجِد ربِنا ، عِندما أرى حشرة أقُول لهُ ما أعظم أعمالك الإِنسان ياأحِبَّائِى الّذى عقله يُمّجِد ربِنا مِنْ المصنُوعات ، يشكُر ربِنا وَيُمّجِد وَيُسّبِح ، وَأقُول لهُ أنت عظيِم ، أنت جبَّار ، مُعلّمِنا بولس الرسُول يقُول[ الله الّذى أعبُدُهُ بِرُوحِى000 ] ( رو 1 : 9 ) فصليِب ربِنا يسُوعَ وَفِداؤه يجعل وجدان الإِنسان يذوب فِى محّبتِهِ ، فيوجد مُلحِديِن لَمْ يحتمِلُوا أنْ ينظُروا لِربِنا يسُوعَ المصلُوب ، فيقُولُوا مُستحيِل أنّ هذا إِنسان ، هذا إِله ، مُجرّد رؤية صليبه جعلت ناس تؤمِن بِهِ فأنا عرفتهُ بِالمعرِفة العقليَّة ، فالمفرُوض أنْ أعرِفهُ بِالمعرِفة الوجدانيَّة وَأتحِد بِهِ وَأمتزِج بِهِ ، فالبِنت التَّى مشاعِرها مُقدّسة نحو ربِنا لاَ تقُول أنا قابِلت فُلان وَإِستلطفتهُ ، فهى غير مُشبَعَةَ ، فهى لو كانت مُشبعة وَكيانها تقدّس تكُون راسِخة رسُوخ الجِبال ، وَتكُون مُشبعة ، وَمحبِّة ربِنا تكُون فِى داخِل قلبِها وَقَدْ ملكت عليها ، صدِّقُونِى كلِمة " ملكت " هى كلِمة ضعيِفة ، فالإِنسان عِندما تملُك محبِّة ربِنا على قلبه يحِس أنّ حياته عِبارة عَنْ مُناجاة بينه وَبين ربِنا بِإِستمراروَالكنيسة واعية جعلت لنا تسابيِح وَتماجيِد بحيث تجعل مشاعرِى بِإِستمرار مُتحرِّكة وَمرفُوعة نحو ربِنا بِإِستمرار ، وَتجعلنِى فِى شرِكة مَعَْ السَّمائيين ، إِحضرى تسبِحة فإِنَّكِ ستشعُرِى أنَّكِ خرجتِى مُقدّسة ، وَالمشاعِر العميقة لِلإِنسان تقدّست أبونا بيشُوى كامِل تعرّض لِعمليات جِراحيَّة ، وَعِندما يعمِلُوا لهُ العمليَّة كانُوا يُعطوا لهُ بِنج وَيُخرِج الّذى فِى داخِلهُ ، وَأثناء ذلِك كان يقُول القُدّاس ، ففِى مرَّة عمل تمجيِد كامِل لِلسِت العدرا بِكُلّ الألحان الخاصَّة بِالعدرا ، وَخين إِفران وَالمدِيحة ، فهُوَ الباطِن عِندهُ مُقدّس ، وَفِى مرَّة أُخرى صلّى القُدّاس بِالنغمة فأنا وُجدانِى ماذا يكُون ؟ فلو كشفنا الغطاء فماذا سيكُون فِى داخِلهُ ، فهل مشاعرِى مُتحرِّكة بِإِستمرار نحو الله ؟ على كُلّ واحِد يُرِيد أنْ يتحرّك نحو ربِنا لابُد أنْ تكُون مشاعره دافِئة نحو ربِنا ، المفرُوض أنْ تكُون مشاعره بِإِستمرار مُوّجه نحو ربِنا القديس أُوغسطينُوس جلس يُعاتِب نَفْسَه وَيلُوم نَفْسَه على غباؤه لِعدم معرِفته بِربِنا وَقال [ لقد تأخّرت كثيراً فِى حُبِكَ ] ، أنا آسِف ، أنا ضيّعت عُمرِى كثيراً أُدخُلِى مَعَْ الله فِى عِلاقة وجدانيَّة ، إِعرفِى كيف تدخُلِى معهُ فِى عِلاقة وجدانيَّة يابنتِى لأِنّ كُلّ يوم لاَ تعرِفِى فِيهِ ربِنا هُوَ خِسارة مُعلّمِنا بُطرُس الرسُول يقُول [ الّذى وَإِنْ لَمْ تروهُ تُحِبُّونهُ000 ] ( 1 بط 1 : 8 ) ، الإِنسان الّذى كيانه تقدّس بِربِنا بكُون فرحان بِربِنا بِبساطة وَبِتلقائيَّة وَوُجدانه تقدّس فأكثر واحِد عرف ربِنا بعد القيامة وَقال هُوَ الرّبّ وَآمن بِقيامتِهِ وَتلامس معهُ بِقُرب هُوَ يُوحنا الحبيِب ، الّذى إِتكأ على صدرهِ وَعرفةُ بِالمعرِفة الوجدانيَّة ، فَمَنَ هُوَ الّذى مُجرّد أنْ رأى آمن ؟ هُوَ يُوحنا الحبيِب المعرِفة الوجدانيَّة تُسّهِل علينا طُرُق كثيرة ، مُجرّد إِنِّى أتكِأ على صدرِهِ أعرِفةُ ،فعِندما أعرِف ربِنا بِعقلِى وَبِوجدانِى أعرِف أميِّزه ففِى عصر الرُسُل كان يوجد ناس تظاهروا أنّهُمْ رُسُل ، فحاولوا أنْ يُخرِجُوا شيَّاطيِن مِثل الرُسُل ، فالشيَّاطيِن سألوهُمْ مَنَ أنتُمْ ؟ فقالُوا لهُمْ نحنُ نتبع بولس ، فقال لهُمْ الشيَّاطيِن أنتُمْ لستُمْ تبعهُ ، وَقالُوا [ 000أمَّا يسُوعُ فأنا أعرِفهُ وَبُولُس أنا أعلمهُ وَأمَّا أنتُمْ فَمَنْ أنتُمْ ]( أع 19 : 15 ) ، إِنْ كانت الشيَّاطيِن تعرِفهُ ، ألاَ يليِق أنّنا نحنُ نعرِفهُ !! فأنا إِبنك 0
(3) المعرِفة الإِختباريَّة :0
وَهى جميلة جِدّاً ، فَلاَ يكفِى أنْ أعرِف ربِنا بِعقلِى وَ لاّ بِقلبِى وَلكِنْ هى معرِفة إِختباريَّة ، لابُد أنْ أختبِر وجوده فِى حياتِى ، لابُد أنْ أشعُر بِوجوده فِى حياتِى ، وَأنّهُ حىّ فِى حياتِى ، وَأشعُر بِإِحتضانه لىّ ، وَبِأنّهُ كيان حىّ فِى حياتِى ، صعب جِدّاً أنْ تكُون معرِفتنا لله ظاهِريَّة فقط فأحد القديسين يقُول[ إِنّ الكلام عَنْ العسل شيء وَمذاقِة العسل شيء آخر ] ، فهل إِختبرتِى ربِنا أم لاَ ؟ وَهل شعرتِى بِنُوره فِى حياتِك أم لاَ ؟ لابُد أنْ تعرِفِى نُور ربِنا ، فهل دخل فِى داخِل قلبِك عِندما قرأتِ الإِنجيِل أم لاَ ؟ فهل أحياناً وبّخِك على خطيَّة أم لاَ ؟ هل كثيراً سندِك وَشجّعِكَ أم لاَ ؟ نحنُ مُحتاجيِن لِهذا الأمر كثيراً فهل أنا فِى حياتِى إِختبرتهُ ؟ وَهل عِندما تُبتِى وَإِعترفتِى شعرتِى بِكُلّ أمانة وِبِكُلّ صِدق أنّ خطيتك هذِهِ غُفِرت أم لاَ ؟ فأنا لابُد أنْ ألمِس ربِنا فِى حياتِى ، فهل سيظِل مُجرّد معلُومات ، فهل سأظل أنّهُ موجُود فِى غيرِى فقط وَأنا لاَ ؟ فَلاَبُد أنّ الّذى شعرُوا بِهِ نحنُ نشعُر بِهِ أيضاً ،معرِفة إِختباريَّة ، فهل صوت ربِنا الّذى تسمعيه بِتتجاوبِى معهُ ؟ كُلّ هذِهِ هى أُمور ضروريَّة أجمل ما فِى حياة الإِنسان هُوَ أنْ يتغيّر ، المقياس الحقيقِى لِحياتك الرُّوحيَّة هُوَ أنَّكِ تتغيّرِى ، فهل أنتِ مازِلتِ إِنسانة مُتكّبِرة وَالشهوة مسيطرة عليكِ أم لاَ ؟ وَهل بِتتذّوقِى النِعمة فِى حياتِك ؟ فهذِهِ مُهِمَّة جِدّاً إِنْ أنا أشعُر إِنِّى تغيّرت القديس أُوغسطينُوس عِندما أتت إِليهِ السِت التَّى كانت تفعل معهُ الخطيَّة قال لها[ أنتِ هُوَ أنتِ ، وَلكِنْ أنا لستُ أنا ، أُوغسطينُوس الّذى تعرِفينهُ قَدْ مات ] ، أجمل إِختبار هُوَ الّذى تعيشِنهُ فِى حياتِك وَليس الّذى تسمعيه عَنْ غيرِك ، لقد سمعتِى كِفاية مُعلّمِنا بولس الرسُول يقُول [ الّذى أحّبنِى وَأسلم نَفْسَهُ لأِجلِى ] ( غل 2 : 20 ) ، فيوجد تغيُّر لابُد أنْ يحدُث فِى حياتِى الشخصيَّة ، فيوم أنّ ربِنا مَلَكَ على قلبِى بدِّل كُلّ شيء ، ربِنا عِندما يدخُل يُقّدِس المشاعِر وَيُقّدِس القلب وَيُغيِّر ، أُسجُدِى لِربِنا بِالرُّوح وَالحق ،وَأحنِى رأسِك وَأحنِى رغباتِك ، لابُد أنْ تكُون معرِفتِى بِربِنا معرِفة إِختباريَّة ، كِفاية معرِفة نظريَّة فما هُوَ دليِل حُبَّك لِربِنا ؟ ماذا فعلتِ مِنْ أجله ؟ فلو قُلت لكِ صلِّى فهل تفضّلِى الراحة؟ وَلو قُلت لكِ إِعطِى ، فهل ستُعطِى القليِل ؟ أين هى محبِّة ربِنا ؟ محبِّة جسده وَدمه جعلتِك لاَ تستطيعِى أنْ تبعِدِى عنهُ أُنظُروا لِواحِد مِثل الأنبا أنطونيُوس ، لقد إِختبر محبِّة ربِنا ، وَكَمْ أنّهُ إِختبار وَقوّة وَسُلطان ، فأنا محتاج أنْ أذُوق ربِنا فِى حياتِى كغافِر00كرافِع00كصديِق00كُنقِذ مُعلّمِنا داوُد النبِى يقُول [ كُنتُ فتىً وَقَدْ شِختُ وَلَمْ أرَ صَدِّيقاً تُخُلِّى عنهُ000 ]( مز 37 : 25 ) ، خِبره ، الإِنسان مُحتاج أنْ يكُون لهُ مذاقة مَعَْ ربِنا ،مُعلّمِنا بُطرُس الرسُول يقُول [ إِنْ كُنتُمْ قَدْ ذُقتُمْ أنّ الرّبَّ صالِحٌ ] ( 1 بط 2 : 3 )فهل تعلموا أكثر شيء يعرّفنا أنّ الرّبّ صالِح أنّهُ ساكِت علىَّ ، وَأنّهُ ساتِر علىَّ ، فأنت يارب لو مِش صالِح لكُنت قَدْ أفنيتنِى ، كونِى إِنِّى دنِس وَأنت ساكِت علىَّ فهذا يدُل على أنَّك صالِح ، فأكبر دليِل أنّهُ صالِح أنّهُ غافِر لِخطاياى ، فهل إِختبرتِى صلاح الله أم لاَ ؟ ألَمْ يليِق أنّ الإِنسان يجلِس وَيُمّجِد الله على صلاحه ، وَيقُول لهُ أنت صالِح ، الكنيسة تقُول[ سبِِّحوه لأنّ إِلَى الأبد رحمتهُ ] 0
(4) المعرِفة الإِتحاديَّة :-
وَأخِر نوع مِنْ المعرِفة هُوَ المعرِفة الإِتحاديَّة ، ما هُوَ غرض الله وَقصد الله مِنْ خِلقة الإِنسان؟ الإِتحاد بِهِ ، فَلَمْ يوجد عِندهُ هدف آخر غير ذلِك ، فأنا لمّا عرفته وَأحببته وَإِختبرته فَلاَ يكُون عِندِى رغبة إِلاّ محبّتِهُ ، فأقُول لهُ أنا يارب أُريِدك أنْ نكُون أنا وَ أنت شيء واحِد ،لاَ أُريِدك أنْ تفرّقنِى عنك ، وَ لاَ أشعُر أنّهُ يوجد شيء يجعلنِى أنفصِل عنك أبداً ،فإِنْ لَمْ تشعُرِى أنَّكِ أنتِ وَالله فقط فِى هذا الكُون فأنتِ بعيدة عَنْ الراحة إِتحادِى بِربِنا سيجعلنِى أشعُر إِنْ أنا وَإِلهِى فقط الموجوديِن فِى الكُون ، فَلاَ يربكنِى وجُود النَّاس ، وَلِذلِك ربّ المجد يسُوعَ فِى صلانه الوداعيَّة فِى يُوحنا 17 قال[ وَأكُونَ أنا فِيهُمْ ] ( يو 17 : 26 ) ، أولادِى هؤلاء أكُون فِى داخِلهُمْ ، [ لِيكُونُوا مُكمَّليِنَ إِلَى واحِدٍ ] ( يو 17 : 23 ) ، فهل تعلموا إِتحاد الآب وَالإِبن وَالرُّوح القُدس هُوَ إِتحاد لاَ ينفصِل ، تخيّلُوا إِنِّى أكُون مُتحِد بِهِ مِثل إِتحاد الثالُوث القُدُّوس ، وَهُوَ أنْ أكُون فِى داخِل ربِنا وَهُوَ فِى داخِلِى كان فِى مرَّة أحد الآباء الأساقِفة كان يُكلّمنا وَأحضر كوب ماء وَغطاء وَأدخل الغطاء فِى كوب الماء فحدث أنّ الغطاء أصبح شكله كبيِر ، وَعِندما أخرجه صار شكله صغيِر ،فماذا حدث لِلغطاء ؟ فقال لنا أنا فِى داخِل المسيِح أكبر وَبتحّول إِلَى شخص جدِيد ،فعِندما إِتحدت بِالمسيِح أخذت إِمكانيات إِلهيَّة ، فصِرت أسامِح ، المُشكِلة إِنِّى بحاوِل أنْ أنّفِذ الوصيَّة خارِج المسيِح ، وَلكِنْ أنا داخِل المسيِح قوِى وَقادِر فأنتِ لو إِتحدتِ بِالمسيِح ستكُونِى واحدة جديدة ، أضيِفِى إِليكِ المسيِح ، إِمكانيات إِلهيَّة ستأخُذِينها ، ستأخُذِى طهارتهُ ، ستأخُذِى محّبتهُ ، تخيّلِى إِنِّى أنا أكُون فِى داخِل ربِنا ،أكُون جبّار ، وَعِندما أخرُج أقُول لهُ يارب سأغرق ، فألجأ لهُ وَأحتضِنه ، هذِهِ هى المحبَّة الإِتحاديَّة مُعلّمِنا بولس الرسُول يقُول فِى رِسالتهُ إِلَى العبرانيين[ طرِيقاً كَرَّسَهُ لنا حَدِيثاً حَيّاً بِالحِجابِ أىْ جَسَدِهِ ] ( عب 10 : 20 ) ، كرَّسهُ لنا ،طرِيق جدِيد لِلقداسة هُوَ جسدهُ ، فعِندما إِتحدت بِهِ عرفت القداسة ، وَلِذلِك إِتحادِى بِالمسيِح هُوَ تركهُ لنا على المذبح وَلِذلِك نجِد القديس أبو مقَّار إِسمه " اللابِس الرُّوح " ، وَالقديس غرِيغوريُوس" الناطِق بِالإِلهيَّات " ، وَصار الإِنسان عِنده الإِمكانيَّة لِلإِتحاد بِالله ،لِدرجِة أنّ مُعلّمِنا بولس الرسُول يقُوا [ 000وَأمَّا نحنُ فلنا فِكرُ المسيِحِ ] ( 1 كو 2 : 16 ) ، وَمُعلّمِنا بُطرُس الرسُول يقُول [ إِنْ كان يتكلَّمُ أحدٌ فكأقوالِ اللهِ000 ] ( 1 بط 4 : 11 ) فيكُون فِكرِى هُوَ فِكره ، وَفمِى هُوَ فمه ، وَأعمالِى مُستتِرة فِيهِ ، كُلّ هذا بِالإِتِحاد بِهِ ، وَإِنْ أنا وَحبيبِى فقط ، وَلِذلِك يُمّثِل هذا الإِتحاد بِإِتحاد الزوج بِزوجتهُ ، وَإِتحاد العرِيس بِعروستهُ ، إِتحاد لاَ ينفصِل ، صدِّقُونِى ياأحِبَّائِى النَفْسَ التَّى إِتحدت بِربِنا الكلام الّذى يقولهُ العُشَّاق تقُول أكثر مِنهُ القديس أُوغسطينُوس يقُول فِى معرِفته الإِتحاديَّة بِربِنا شعر أنّهُ هُوَ وَربِنا كُتلة واحدة ، فكان يقُول لِربِنا [ أنت تحتضِن وجُودِى بِرعايتك ، تسهر علىَّ وَكأنِّى أنا وحدِى موضُوع حُبَّك وَكأنّ لاَ يوجد غيرِى أنا الّذى تُعطينِى الحُب ] ، ثُمّ يختِم الكلام وَيقُول[ ليتنِى أُحِبُّك ياإِلهِى كما أحببتنِى أنت ] ياليت محّبتنا لِربِنا تكُون ظاهِرة فِى حياتنا فنصِل إِلَى قامِة مِلء المسيِح ، ربِنا يُعطِينا أنْ نُحِبّهُ مِنْ القلب ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فينا بِنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين .