الفتُور الرُّوحِى ج1

Large image

كثيرون يشتكون أنّ عِلاقتهُم بالله فاتِرة ليس بِها حماس أوْ دافِع يدفعها لِلأمام وَقَدْ تستمِر هذِهِ الحالة أيَّام وَأسابِيع وَشهُور وَسنِين وَيكُون لها تأتثير صعب على الإِنسان مِنْ سِفر الرؤيا 3 : 14 – 19 [ وَأكتُبْ إِلَى مَلاَكِ كنِيسةَ اللاَّوُدِكِيِينَ0هذا يقُولهُ الآمِينُ الشَّاهِدُ الأمِينُ الصَّادِقُ بَدَاءةُ خَلِيقَةِ اللهِ0أنا عارِفٌ أعْمَالَكَ أنَّك لَسْتَ بارِداً وَلاَ حَارَّاً0لَيْتَكَ كُنْتَ بَارِداً أوْ حَارَّاً0هكذا لأِنَّكَ فاتِرٌ وَلَسْتَ بارِداً وَلاَ حَارَّاً أنا مُزمِعٌ أنْ أتقيَّأكَ مِنْ فَمِي0لأِنَّكَ تقُولُ إِنِّي أنَا غَنِيٌ وَقَدْ إِسْتَغْنيتُ وَلاَ حَاجَةَ لِي إِلَى شَيءٍ وَلَسْتَ تَعْلَمُ أنَّكَ أنْتَ الشَّقِيُّ وَالْبَئِسُ وَفَقِيرٌ وَأعَمى وَعُرْيَانٌ0أُشِيرُ عَلَيْكَ أنْ تَشْتَرِيَ مِنّي ذَهَباً مُصّفَّى بِالنَّارِ لِكَيْ تَسْتَغْنِي0وَثياباً بِيضاً لِكَيْ تَلْبَسَ فَلاَ يَظْهَرُ خِزْيُ عُرْيَتِكَ0وَكَحِّلْ عَيْنيكَ بِكُحْلٍ لِكَيْ تُبْصِر0إِنِّي كُلُّ مَنْ أُحِبُّهُ أُوَبِخُّهُ وَأُؤدِّبُهُ0فَكُنْ غَيُوراً وَتُبْ ] الفتُور شيء خطِير جِدّاً لأِنّ الإِنسان ليس لديهِ الحرارة الكافية فِى حياته مَعَْ الله التَّى تجعلهُ يشعُر بِإِشتياق دائِم وَلذّة فِى حضرِة الله ، لاَ نستطِيع وصف الفتُور لأِنّنا نحياه ، بِرُودة فِى الصلاة ، وَعدم إِحساس بِالكلِمات وَعدم تفاعُل معها ، الأُمور الرُّوحيَّة بِالكاد مقبولة وَالفِعل الرُّوحانِى ثقِيل على الإِنسان وَالفِعل الجسدانِى محبوب [ لِكُلّ إِثم بِحرص وَنشاط فعلت000] ( مِنْ قِطع صلاة الغرُوب ) ، كسل فِى الأُمور الرُّوحيَّة حالِة الفتُور الرُّوحِى يقُول عنها القدِيسين أنَّها مِنْ أخطر الحالات التَّى تُصِيب الحياة الرُّوحيَّة ، هى حالِة إِنسان لاَ هُوَ يحيا فِى دنس وَ لاَ هُوَ يحيا فِى قداسة ، هى حالة تُرضِى الإِنسان ، حالِة إِنسان ليس فِى أرض مِصر وَ لاَ فِى أرض الموعِد ، ليس هُوَ حار وَنشِيط وَ لاَ هُوَ بارِد بعِيد عَنْ الله ، هُوَ إِنسان يحيا بِرُوح الكنِيسة وَيقرأ الكِتاب المُقدّس وَيصُوم وَأحياناً يُصّلِى وَقَدْ يخدِم وَرغم ذلِك فاتِر غير سعِيد ، حالة وسط بِها لُون مِنْ الميوعة حالة صعبة جِدّاً على الله ، وَمِنْ أصعب الحالات التَّى تعِيش مَعَْ الله وَصعب يكُون لها دالَّة مَعَْ الله ، لِذلِك يقُول لها الله ليتك كُنت حاراً أىّ حار فِى الرُّوح وَ لاَ بارِد أىّ بارِد فِى الرُّوح حالِة البرودة الرُّوحيَّة أفضل مِنْ الفتُور لأِنّ فِيها إِحساس البرودة يجعل الإِنسان أكثر حماس لِلتقرُّب مِنْ الله ، الفتُور الرُّوحِى حالِة إِنسان حار مَعَْ الحارِين وَبارِد مَعَْ البارِدِين ،لِذلِك هى حالة خطيرة الفتُور هُوَ حالِة إِنسان لاَ يشعُر أنّهُ بعِيد عَنْ الله فِى حِين أنّهُ بعِيد وَ لاَ يشعُر أنّ حالته خطِيرة فِى حِين أنَّها خطِيرة ، البارِد يشعُر بِبرودتهُ وَضمِيره يستيقِظ فيعُود بِحرارة ،بينما الفاتِر ضمِيره ساكِن وَهُوَ فِى حالِة رِضا أنّ وضعه هكذا معقُول وَجيِّد ، هذا خطِير جِدّاً ، الإِنسان الّذى يحيا مَعَْ الله يكُون فِى إِلِتهاب دائِم مُحتضن مِنْ نعمة الله ، حار فِى الرُّوح الفتُور الرُّوحِى نسبِى أىّ أنّ حرارتِى بِالنسبة لِلأنبا أنطونيُوس هى فتُور ، بينما قَدْ تكُون بِالنسبة لِغيرِى حرارة ، مِثل الغِنى نسبِى مهما تملُك قَدْ تكُون بِالنسبة لِلبعض فقيِر وَتكُون بِالنسبة لِبعضٍ آخر غِنى ، الأُمور الرُّوحيَّة نسبيات بِقدر إِنعام الله على الإِنسان وَبِقدر تفاعُل الإِنسان مَعَْ إِنعامات الله أحياناً يكُون سبب الفتُور الإِنسان نَفْسَه وَأحياناً يكُون سببه سماح مِنْ الله وَهذا فِى حالِة القامات الرُّوحيَّة العالية

أسباب الفتُور :-
(1) فتُور بِسبب الإِنسان 0
(2) فتُور بِسماح مِنْ الله 0
لهُ عِدّه أسباب هى :-
(1) نسيان الخطايا (2) كثرِة الإِنشغالات (3) شكليَّة العِبادة
(4) دخُول خطيَّة لِلعُمق (5) الوسط المُحِيط (6) السِكُوت على الفتُور
(1) نسيان الخطايا :-
مِنْ أكثر الأشياء التَّى تُبطِل كُلّ دافِع لِلحياة الرُّوحيَّة هى إِنِّى أنسى إِنِّى خاطِىءوَبِذلِك لاَ يكُون لِى دافِع لِلتوبة ، وَيقُول القديس مارِإِسحق [ الّذى يعرِف خِزيه يعرِف كيف يطلُب النِعمة ] ، [000 لَكَ وحدك أخطأت وَالشرّ قُدّامك صنعت000] ، [ خطِيتِى أمامِى فِى كُلّ حِين ] ( المزمور الخمسُون ) الّذى يعرِف خطيته يعرِف كيف يقِف أمام الله بِإِنكسار وَيطلُب نِعمة ،لِذلِك يقُول الأنبا أنطونيُوس [ أنّ الّذى يتذّكر خطيته أمام الله ينساها الله لهُ وَالّذى ينسى خطاياهُ أمام الله يتذّكرها لهُ الله ] فِى الفتُور حتَّى وَإِنْ كُنت مُقّصِر أشعُر أنّ خطِيتِى ليست بِالعُظمى بل هى شيء عادِى ، وَأبسّط لِنَفْسِى الأُمور فَلاَ أشعُر أنّ خطِيتِى أهانت الله وَأتعبته ، لِذلِك لاَ أقِف بِمذلَّة فِى الصلاة بل أقِف بِلاَ مُبالاة وَبلادة وَهذا أمر خطِير تذكُّر الخطايا فِى حد ذاته أمر نسبِى ، لو كشف لنا الله خطايانا بِجُملِتها نُبتلع مِنْ اليأس ، لِذلِك مِنْ مراحِم الله أنّهُ يكشِف لنا خطايانا بِالتدرِيج ، يكشِف فِكر وَمرّة يكشِف لنا الذّات ، وَمرّة الإِدانة ، وَمرّة تقصِير صلاة ، وَحسب كُلّ مرحلة فِى الطرِيق الرُّوحِى الله يُعطِى الجُرعة المُناسِبة مِنْ كشف الخطايا الله يتدرّج معنا بِحنان أبوِى ، وَكُلّ ما ندخُل فِى مجال عمل نِعمة الله كُلّ ما يكشِف لنا خطايانا ، بل هُوَ سمح أنْ تكُون خطايانا مادِّة إِشتياق إِليه ، جعل أجسادنا الضعِيفة سبب إِحتياجنا لله الّذى يقِف وَيقُول لله أشكُرك إِنِّى لستُ مِثل باقِى النَّاس هذا صعب ، لابُد أنْ يكُون لِى إِحساس رقِيق نحو الله أشعُر بِإِستمرار إِنِّى أهِينه وَإِنِّى محتاج لهُ وَأُرِيد أنْ أُرضِيه ،ما أروع إِحساس أنّ خطايانا جرحت الله وَنُرِيد مُصالحته ، وَحتَّى لَوَ إِعترفنا بِخطايانا لابُد أنْ نتوب عنها كُلّ يوم أمام الله ، وَفِى حضرتِهِ أستسمحهُ حتَّى وَلَوَ هُوَ سامِحنا فنشعُر أنَّنا نُرِيد أنْ نؤكِد لهُ إِعتذارنا مُعلّمِنا بولس الرسُول الّذى تعب فِى كرازتِهِ مِنْ أجل الله كثيراً ، وَرأى السَّماء ما لَمْ تراهُ عين وَلَمْ تسمع بِهِ أُذُن ما لَمْ يخطُر على قلب بشرٍ قال أنّهُ ليس أهلاً أنْ يُدعى رسولاً لأِنّهُ إِضطهد كنِيسة الله بِإِفراطٍ ، مازال مُتذكِّر إِضطهاده لِلكنِيسة رغم ما وصل إِليه مِنْ دالَّة مَعَْ الله ، لكِنْ نحنُ ننسى خطايانا فنكُون فِى بلاده مَعَْ الله مِنْ أروع صلوات الكِتاب صلاة يُونان النبِى فِى جوف الحوت وَسببها خطيَّة ،لمَّا أكُون عارِف بِخطاياى وَالله كشفها لِى بِرُوحه هذا يُنشِىء فىَّ حرارة وَصِدق أمام الله 0
(2) كثرِة الإِنشغالات :-
نحنُ فِى عصر ينشغِل بِالسُرعة ، وَأمامنا إِنشغالات كثيرة ، دِراسة وَعمل وَأين الله ؟ لاَ يوجد الله وسط إِنشغالاتنا ، لَوَ حلِّلنا إِنشغالاتنا نسأل أنفُسنا هل نحنُ مُجرّد أنْ نُنهِى إِنشغال مُعيّن نعُود لله أم لاَ ؟ هل وَنحنُ فِى قمَّة إِنشغالاتنا بِهذِهِ الأُمور عقولنا مُنشغِلة بِالله ؟ العيب ليس فِى الإِنشغال بل فِى القلب المفصُول عَنْ الله فِى الطرِيق00فِى المسيِر00فِى العمل00فِى الدِراسة00فِى البيت 00فِى النوم00فِى000أين قلبِى مِنْ الله ؟ صعب نكُون مشغولِين عَنْ الله ، نظّم وقتك وَأحرِص عليه ، قَدْ يكُون عِندك وقت فراغ تُضّيعهُ فِيما يُبعِدك عَنْ الله ثُمّ تعُود تشتكِى مِنْ الفتُور ،لَوَ القلب مشغُول بِالله تعرِف كيف تُلصِق عقلك وَكُلّ كيانك بِالله ، صلِّى الصلاة الدائِمة هذا يجعل العقل مُتحِد بِالله وَمرفُوع المُشكِلة أنّ لدينا إِنشغالات وَ لاَ نعرِف كيف نُنّظِم الوقت ، لكِنْ لَوَ قرنا حياتنا اليوميَّة بِبعض آيات الكِتاب فِى أىّ تصرُّف أوْ سِلُوك يومِى عادِى نُقرِنهُ بِأية مُناسبة يكُون بِذلِك إِتزان لِحياتِى الرُّوحيَّة وَالعمليَّة معاً الخُدّام قَدْ تشغِلهُمْ الخِدمة عَنْ الله ، إِحرِص أنْ تُبتلع فِى إِنشغالات الخِدمة وَتنسى الله وَحياتك الداخِليَّة ، هذا يؤدِى إِلَى فتُور 0
(3) شكليَّة العِبادة :-
أناة تتعِب الإِنسان إِنّه يدخُل فِى دائِرة الروتين مَعَْ الله وَالأعمال الشكليَّة ،إِنْ كان الله يُرِيدنا أنْ نُصّلِى سنُصّلِى لكِنْ بِدُون مشاعِر بل بِطريقة روتينيَّة شكليَّة أىّ حرف بِلاَ رُوح ، هذا يُسّكِن ضمير الإِنسان يقُول القُدّاس [ أين هى قلوبكُمْ ؟ ] ، نُجِيب [ هى عِند الرّبّ ] ، لكِنْ فِى الحقيقة هى بعِيدة عنهُ ، عِبادة شكليَّة تؤدِى إِلَى فتُور ، مُحصِّلة اليوم كُلّه تؤدِى إِمَّا إِلَى حرارة رُوحيَّة أوْ إِلَى فتُور ، وَإِنْ كانت هذِهِ الحالة ستظهر أكثر أثناء الصلاة ، لكِنْ خِلال اليوم هل فِكرِى مُتحِد بِالله ، فالنُكثِر السِجُود وَالأنِين فِى الصلاة وَنُحاوِل أنْ نكسر رُوتِين الصلاة وَنرفع أيدِينا وَنسمع بِأذانُنا صوتنا فِى الصلاة وَكما يقُول مُعلّمِنا بولس الرسُول [ 000أُصَلِِّي بِالرُّوحِ وَأُصَلِّى بِالذِّهنِ أيضاً ]( 1 كو 14 : 15 ) ، أيضاً يقُول [ وَلكِنْ فِي كَنِيسَةٍ أُرِيدُ أنْ أتكلَّمَ خَمْسَ كَلِمَاتٍ بِذِهْنِي لِكَيْ أُعَلِّمَ آخَرِينَ أيْضاً أكثرَ مِنْ عَشْرَةِ آلاَفِ كَلِمةٍ بِلِسَانٍ ] ( 1 كو 14 : 19 ) ،وَكما يقُول الحكِيم [ لاَ تَسْتَعْجِلْ َفمَكَ] ( جا 5 : 2 ) ، إِفهم صلواتك قبل أنْ تُكثِرُها ، إِعطِى المجد لله بِفهم هذِهِ هى الحرارة [ أُعبُدُوا الرّبّ بِفرحٍ0 أُدخُلُوا إِلَى حضرتِهِ بِترنُّمٍ ]( مز 100 : 2 ) ، رنِّم الصلاة ، أُشعُر فِيها بِطرب ، صعب تصّلِى بِدُون إِحساس أوْ بِلاَ رغبة بل لِمُجرّد راحِة الضمِير يقُول إِشعياء النبِى [000 إِلَى إِسمِك وَإِلَى ذِكرِكَ شهوةُ النَفْسِ ] ( أش 26 : 8 ) ،بينما داوُد النبِى يقُول [000عَطِشَتْ إِلَيْكَ نَفْسِي يَشْتَاقُ إِلَيْكَ جَسَدِي فِي أرْضٍ نَاشِفَةٍ وَيَابِسَةٍ بِلاَ مَاءٍ ] ( مز 63 : 1 ) ، مَنَ يشعُر وَهُوَ يرشِم الصلِيب أنّ لِلصلِيب مفاعِيل فِى حياته ؟؟!!
(4) دخُول خطيَّة لِلأعماق :-
نحنُ لدينا خطايا وَنتوب عنها ، لكِنْ أحياناً نتسيّب بعض الخطايا وَنتهاون فِيها فتُسيطِر علينا وَتُلّوِث مشاعرنا ، هذا يؤدِى إِلَى فتُور رُوحِى ، خطيَّة شهوة تركها الإِنسان تتملّكه وَتملُك على مشاعِرهُ وَقلبهُ ، هذا سيجعلهُ مُشّوش فِى وقفتِهِ أمام الله لاَ يُمكِنْ أنْ نقِف أمام الله وَنحنُ نرعى خطيَّة فِى قلوبِنا ، مُمكِن تكُون خطيَّة تُحارِبنِى لكِنِّى أُقاوِمها وَهذا حالنا كُلِّنا ، لكِنْ أنْ نرعى الخطيَّة فهذا ما يرفُضهُ الله وَيجعلنا فاتِرِين مُعلّمِنا بولس الرسُول كان يحرُس ملابِس راجمِين إِستفانُوس وَكان راضِى بِذلِك أىّ بِقتل إِستفانُوس ، هذا جعلهُ مُشترِك فِى الخطيَّة رغم أنّهُ لَمْ يرجِمهُ كُلّ ما نتمّهل على الخطيَّة كُلّ ما تملُك أكثر وَتؤثِر على حياتنا أكثر ، لابُد أنْ لاَ نتساهل مَعَْ الخطيَّة ، قَدْ يقترِب إِنسان مِنْ الله فيضربهُ عدو الخير بِخطيَّة بِر ذاتِى وَيترُكها الإِنسان فتملُك عليه إِذا كان إِنسان يملُك عليه الغضب فكيف يُصّلِى ؟ [000فَعِنْدَ البَابِ خَطِيَّةٌ رَابِضَةٌ وَإِلَيْكَ إِشْتِيَاقُهَا وَأنْتَ تَسُودُ عَلَيْهَا ] ( تك 4 : 7 ) ، لاَ يُمكِنْ أنْ تتمتّع بِالله وَفِى داخِلك إِشتياق لِخطيَّة ، حِنَّة النبيَّة قدّمت إِبنها صموئِيل لِلهيكل بعدما فطمِته ، هكذا لابُد لِلنَفْسَ أنْ تُفطم عَنْ التدلِيل وَالتعلُّق بِالعالم حتَّى تستطِيع أنْ تقِف أمام الله تُرى هل أنا أمِين فِيما علىَّ كى أُعاتِب الله ؟ مادام يوجد غضب وَبِر ذاتِى وَشهوة وَإِدانه وَغيره وَكُلّ هذا يمنع نِعمة الله عنِّى ، لِذلِك فلنحذر أنْ تملُك علينا خطيَّة فِى الأعماق ، الإِنسان الّذى بِداخِل قلبه محبِّة العالم أوْ محبِّة المظاهِر أوْ يشتكِى إِنّهُ قَدْ تغيّر وَأنّ القُدّاس لَمْ يعُد بِلذِّة ما قبل ، وَالإِنجِيل غير مفهُوم ، وَنقُول لهُ فتِّش فِى قلبك أنت الّذى بعدت عَنْ الله وَليس الله هُوَ الّذى بعُد عنك يقُول القدِيسُون أنّ الحرارة الرُّوحيَّة هى أنْ تكُون دائِماً على اللهب وَلكِنْ عِندما تبعُد عَنْ اللهب تبرُد ، وَما هُوَ اللهب إِلاّ الإِلتِصاق بِالرّبّ دائِماً ، لو بعدنا عَنْ اللهب عرّضنا أنفُسِنا لِلمخاطِر ، وَخاصَّةً محبَِّة العالم وَأمور العالم التَّى لمّا تملُك على الإِنسان يجِد نَفْسَه مُتغيِّر مِنْ ناحية الله ، لأِنّ الضعف يملُك عليه 0
(5) الوسط المُحِيط :-
مِنْ أكثر الأُمور التَّى تؤثِر على الإِنسان فِى نموه وَإِرتفاعه أوْ هبوطه هُوَ الوسط المُحِيط ، مادُمت مَعَْ مجموعة مُحِبَّة لله وَلِلصلاة وَالعِبادة تجِد نَفْسَكَ مِثلهُمْ ، لكِنْ لو المجموعة لها أحادِيث هدّامة تجِد نَفْسَكَ مِثلهُمْ ، أنت فِى أىّ وسط ؟؟؟!!! يُحكى عَنْ شاوُل الملِك أنّهُ عِندما كان فِى قمَّة غضبه وَغيظه على داوُد كان يبحث عنهُ فدخل مدينة وَوجد فِيها مجموعِة أنبياء يُسّبِحُون وَيتنبّأوُن فتنبّأ معهُمْ وَكان القُول المشهُور[ 000أشاوُلُ أيضاً بينَ الأنْبياءِ ] ( 1 صم 10 : 11 ) إِذاً حتَّى لو أنا خاطِىء وَبعِيد عَنْ الله لكِنْ جلست فِى وسط مُحِب لله فإِنِّى سأُحِبه مِثلهُمْ ، بينما لَوَ أنا ترّبيت فِى الكنِيسة وَمُحِب لله لكِنْ دخلت وسط بعِيد عَنْ الله فإِنّهُ سيؤثِر علىَّ وَقَدْ أفتُر مُعلّمِنا بُطرُس الرسُول وَهُوَ فِى وسط التلامِيذ شهد لِلمسيِح بِقوّة[000 أنتَ هُوَ المسيِحُ إِبنُ اللهِ الْحَيِّ ] ( مت 16 : 16 ) ، بينما عِندما تواجد وسط الرومان أثناء مُحاكمة السيِّد المسيِح أنكر وَسب وَلعن 0لِذلِك الوسط مِنْ أكثر الأُمور التَّى تؤثِر على الرُّوحيَّات ، يقُول بُستان الرُهبان أنَّك لَوَ سِرت مَعَْ إِنسان مِنْ القلاية لِلكنِيسة قَدْ يُقّدِمك مائة سنة أوْ يُؤخِرك مائة سنة خطُورة الصداقة أنَّها تؤثِر على الرُّوحيَّات ، قَدْ تسيِر مَعَْ إِنسان فتشعُر أنّ قلبك مُلتهِب وَترى جمال الفضائِل فِيهِ وَنظراته البسِيطة النقيَّة فتتعلّم مِنهُ ، بينما قَدْ تسيِر مَعَْ آخر كُلّ شُغله سِيرة النَّاس وَالنمِيمة فتتعلّم مِنهُ ، لِذلِك يُقال [ عاشِر المُتواضِعِين يُخبِرُوك عَنْ أحوالهُمْ ] مِنْ أكثر الأُمور التَّى تتعِبنا فِى الوسط المُحِيط حتَّى لَوَ لَمْ نتأثر بِهِ أنَّنا نتفاخر عنهُ لأِنّنا نرى أنّنا أفضل مِمَنَ فِيهِ ، لكِنْ لَوَ عاشرنا آخرِين أفضل مِنهُمْ فقد نشعُر أنّنا فِى الموازِين إِلَى فوق لَوَ الوسط مُقدّس ستتقدّس ، لكِنْ لَوَ الوسط مُستهتِر ستفتُر ، راجِع نَفْسَكَ هل تغيّرت بِسبب الوسط ؟ هل التغيير لِلأسوء أم لِلأفضل ؟ بنِى إِسرائِيل فِى البرَّيَّة عملُوا عِجل لِيعبُدوه ، وَالسبب هُوَ أنّ بعض المصريين خرجُوا معهُمْ مِنْ مِصر وَساروا معهُمْ فِى البرَّيَّة ، وَقَدْ أطلق عليهُمْ الكِتاب " إِسم اللفِيف الّذى فِى وسطهُم " هؤلاء القِلّة أوْ اللفِيف هُمْ الّذين أبعدوا بنِى إِسرائِيل عَنْ الله وَجعلُوهُمْ يعبُدُون العِجل ، إِحذر مِنْ اللفِيف الّذى فِى وسطك أيضاً مِنْ أكثر الأُمور التَّى تتعِبنا أنّنا نفتقِد القُدوة فنشعُر إِمَّا بِإِكتفاء أوْ بِإِفتِخار ،وَهذان الإِحساسان يؤثِران علينا بِالفتُور ، لمّا نشعُر بِإِكتفاء هذا صعب ،بينما مُعلّمِنا بولس الرسُول يقُول [ 000أنسى ما هُوَ وراءُ وَأمتدُّ إِلَى ما هُوَ قُدّامُ ]( فى 3 : 13 ) ، [ 000أسْعَى لِعلِّى أُدْرِكُ000 ] ( فى 3 : 12 ) ،يقُول القديس الأنبا أرسانيُوس [ إِلَى الآنْ لَمْ أبدأ هِبنِى يارب أنْ أبدأ ] وَيُحكى عَنْ القديس أُوغسطينُوس أنّهُ كان رافِض لِخطاياه الكثيرة ، لكِنْ أصدِقاءه هُمْ الَّذين قادوه إِليها ، فمثلاً كان يسرِق الثِمار وَيُلقِيها لِلحيوانات لأِنّ لديهِ مِثلها وَأفضل مِتها فِى حديقة بيتِهِ ، لكِنّهُ كان يسرق حتَّى لاَ يكُون أقل مِنْ أصدِقاءه000وسط مؤثِر 0
(6) السِكُوت على الفتُور :-
السِكُوت على حالِة الفتُور قَدْ يؤدِى إِلَى الجمُود وَهذا صعب ، لَوَ شعرت بِفتور أفتِش داخِلِى ماذا دخل لِقلبِى ؟ كبرياء ؟ أصّلِى مِنْ أجله كى يترُكنِى ، هذا جِهاد كرِيم فِى عينّى الله مُشكِلة الإِبن الأكبر فِى مَثَلَ الإِبن الضال هى الفتُور ، وَكانت مُشكِلته أصعب مِنْ مُشكِلة الإِبن الأصغر ، الإِبن الأكبر هُوَ نحنُ ، نحنُ مازِلنا فِى بيت أبينا لكِنّنا نقُول لهُ نحنُ نخدُمك وَلَمْ تُعطِينا شيء ، نحنُ فِى بيت أبينا لكِنّنا لاَ نشعُر بِغِناه ، لنا شكل الحرارة لكِنْ الجوهر فاتِر ، هل قلب الإِبن الأكبر بِهِ نَفْسَ مذلِّة الإِبن الأصغر ؟00لاَ00لِذلِك رِجوعه صعب وَيحتاج نِعمة مِنْ الله كى تُوقِظهُ أُمور كثيرة تُسّبِب لنا فتُور وَنصمُت عنها فنتعوّد الفتُور حتَّى يصِير هُوَ حالنا ،وَعدو الخير يُقنِعنا أنّهُ ليس فِيما يكُون أفضل ممّا كان فنسأم الحياة مَعَْ الله ، إِحذر مِنْ الفتُور وَالسِكُوت عليه لأِنّهُ يعمل على إِنحدارِنا بِبُطىء ، لَوَ تابعنا أنفُسنا نجِد أنّنا فِيما قبل كُنَّا أفضل لَوَ وضعنا هذِهِ النِقاط أمام الله وَطلبنا مِنْ رُوحه أنْ يكشِف لنا خطايانا سيكشِف لنا أسباب فتُورنا كى نعُود عنهُ ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فِينا بِنعمتِه وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمِين

عدد الزيارات 2512

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل