لوعرف لما خرج أحد الأبن الضال

Large image

لو عرف لما خرج الإبن الضال
بسم الأب والإبن والروح القدس الإله الواحد أمين , فلتحل علينا نعمته وبركته الآن وكل أوان والى دهر الدهور كلها أمين .
تقرأ علينا ياأحبائى الكنيسة فى هذا الصباح المبارك فصل من أجمل وأروع فصولها .. أحد الإبن الضال ... تقرأ الفصل الذى كلنا نعلمه , الإبن الموجود فى بيت أبيه لكنه غير راضى وغير سعيد , بل ويريد أن يترك أبيه , الإبن الذى فى بيت أبيه لكن فكره خارجه , بل ويشعر أنه مسجون ومتضايق غير سعيد , يشتاق للخروج من بيت أبيه ويشعر أنه لو خرج سيكون أفضل وحر أكثر , الإبن الذى يشعر أن وجوده فى بيت أبيه هو الخسارة ذاتها , ولا يشعر بمحبة أبيه ولا يشعر بجمال بيت أبيه , ولا يشعر بكرامته الموجودة فى بيت أبيه ....... فقال لأبيه أريد أن أترك البيت فأعطنى نصيبى من ثروتك .. بالطبع هذه الكلمة كسرت قلب أبيه , لكنه نفذ له ما أراده .. وكلنا نعلم ما حدث للإبن , ظل عدة أيام ينفق ببزخ وأصحابه بجانبه ليستفيدوا منه وخدعوه وإبتزوه حتى أفلس , وتخيل الإبن أنهم سيعولوه ويقولون هو صديقنا لن نتركه فى محنته , لكنهم للأسف تخلوا عنه , وأهين وبدأ يعيش فى عوز ومع الخنازير وجاع , وكان يشتهى أن يملأ بطنه من خرنوب الخنازير , حتى أتى وقت وحزن على حاله وما وصل اليه , فقال لنفسه ما هذا الذل الذى أنا فيه ؟ وما هذا الجهل والحرمان ؟ ... " أقوم الأن وأرجع الى أبى وأقول له أخطأت يا أبتاه فى السماء وقدامك ولست مستحقاً أن أدعى لك إبناً بل إجعلنى كأحد أجرائك " أنا لست مستحق أن أكون لك إبن لكن أسمح أن أعيش عندك ولو كخادم ........ كثيراً ما يعيش الإنسان مع الله ولا يشعر بنعمته التى يريد أن يعطيها له , ولا يشعر بالأبوة والحب والغفران , كثير منا فى الكنيسة ولا يشعر بمجد الكنيسة , ولا يشعر بالغفران الذى فى الكنيسة , ولا يشعر بالأبوة والمحبة التى فيها , ولايشعر بأحضان الله المفتوحة له .. بل الأعجب أنه قد يشعر أن أحضان الله بالنسبة له قيود , وأن الحياة مع الله سجن وحرمان من أمور يشتهى أن يفعلها , وكما قال الكتاب " لو عرفوا لما صلبوا رب المجد " هكذا الإبن الضال لو عرف ما له فى بيت أبيه لما تركه , مشكلته أنه يعيش فى بيت أبيه ولا يعى ما هو بيت أبيه , ولا يشعر بقيمة حياته التى يحياها
* أحياناً عدو الخير يجعلنا مثل الإبن الضال , لا نشعر بالجمال والمجد الذى نحيا فيه مع الله , والغنى الذى نحن فيه ... معلمنا بولس الرسول يقول " النعمة التى نحن فيها مقيمون " ... لو قلت لك عن النعمة التى نحن فيها مقيمون , تقول لى لا تبالغ .. وإن قلت لك عن محبة الله , تقول لى هذا كلام نظرى .. وإن قلت لك عطايا الله , تقول لى لا أنتبه لها .. وإن قلت لك أحضان الله , تقول لى لا أشعر بها ..... هذا هو حال الإبن الضال الذى يحيا فى بيت أبيه ولا يشعر بجماله ولا بطعم وجوده فى بيت أبيه .... معلمنا بولس الرسول يقول " الذى أنقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا الى ملكوت إبن محبته " معلمنا بولس يشعر بما أخذه .. لذلك أنظر المجد الذى عندك .
* تخيل الإبن الذى أخطأ , بالطبع كان يشك فى محبة أبيه له لأنه لم يختبرها , بالطبع سيقول لنفسه لحظة تفكيره فى العودة لبيت أبيه : أكيد أبى سيطردنى ويقول لى كما خرجت كن كما أنت , وكما رفضت الحياه معى أنا أرفضك , وكما تركتنى فكن كما شئت لأنى لست تحت طوعك متى أردت أن تعود لى سأقبلك .. لا .. لن يفعل الأب هكذا ..... المشكلة أننا أحياناً نقيس الله بمفاهيم بشرية فى حين أن الله لا يقاس بمفاهيم بشرية , أحياناً نرى الله كالبشر والبشر فى معاملاتهم نرى الواحدة بالواحدة ... لا ... الله ليس كذلك , الله كله حب وأبوة " غافر خطايانا , منقذ حياتنا من الفساد .. " يأتى الإبن لأبيه مكسور ويقول له أخطأت فى السماء وقدامك ولست مستحق أن أدعى لك إبن بل إجعلنى كأحد أجرائك ..يجيبه الأب : لا .. حضنى كله لك ومحبتى كلها لك وبيتى كله لك , وإن كنت قد أردت جزء من ثروتك فالبيت كله بما فيه لك , أنت طمعان فى أمور قليلة فى الأرض , والملكوت كله لك والأبدية لك والعالم كله خلق لأجلك الشمس والزروع والأرض والنجوم و........... كل شئ لك وأنا خلقتك لتكون ملك , أنا أعطيتك كل شئ لتباركنى
القديس سيرافيم سيرافسكى كان يقول " كنت أتأمل الطبيعة وأرى الله وأقول لله يالفرحى يالبهجتى يالسرورى , إنى أراك فى الأرض , أراك فى الأرض , أراك فى السماء , أراك فى الطيور , أراك فى الزروع , أراك فى الشمس .... يالفرحى " .. كان يشعر أن كل هذا خلقه الله لأجله ... هذا هو الإنسان الذى يشعر كم فعل الله من أجله
الإبن الضال كان فى بيت أبيه يأكل أفضل أطعمة ولا يشعر , وينام أفضل نوم ولا يشعر , حتى الإكرام الذى كان يناله لم يشعر به ....... أحياناً نحن نكون فى نعمة الله ولا نشعر بها , ونكون فى بركة وستر الله وصلاحه وقوته وغفرانه ولا نشعر كما كان هذا الإبن فى بيت أبيه .... متى شعر بقيمة بيت أبيه ؟ بعدما تركه
هل لابد لنا أن تهان كرامتنا كيما نشعر بقيمة بيت أبينا ؟ هل لابد أن نبتعد ونُهان ونُذل لنختبر محبة الأب ونعود مرة أخرى ؟ ... لا... يقول لابد أن نشعر بمحبته من البداية , لذلك عدو الخير له دائماً حرب مع الإنسان وهى حرب التشكيك , يشككه فى محبة الله له , دائماً عنده نزعة أن يشكك الإنسان فى قبول الله له , وكما يقول الكتاب " قال الجاهل فى قلبه ليس له خلاص بإله " .. يقول عدو الخير للإنسان لا تحاول أنت إبتعدت ....... أقول لك : لا .. لا تصدقه فالله دائماً ساعى اليك .. الله دائماً يسعى للإنسان وقد رأيناه مع قايين الذى قتل أخيه , خطية مرة جداً , ولكننا نرى الله يقرع بابه قبل الخطية وحتى بعد الخطية يقرع بابه , قبل الخطية يقرع بابه ويحذره " عند الباب هناك خطية رابضة واليك إشتياقها " أى إنتيه الشر يزداد داخلك " إن أحسنت أفلا رفع " لاتجعل الخطية تنمو داخلك وتسير فى مراحلها .. إنتبه .. الله يريد أن يغفر ونحن إختبرنا ذلك كثيراً جداً , جميل داود النبى عندما يقول " باركى يا نفسى الرب ولا تنسى كل حسناته " , ثم يعدد إحسانات الرب "الذى يغفر جميع ذنوبك , الذى نجى من الحفرة حياتك , الذى يشفى جميع أمراضك , ..." ما هذه إلا عطايا الله التى تستحق الغناء والتسبيح والنشيد ... جيد أن يشعر الإنسان بمحبة الله
الذى يعيش فى بيت أبيه سعيد , ماذا يفعل ؟ يسبح ويغنى لماذا كنيستنا كنيسة تسبيح ؟ الكنيسة تحب التسبيح جداً وتحب التمجيد والترنيم جداً , وتعلى المجد له لأنها تشعر بعطايا الله لها , فتقول وتغنى : باركى الرب يا جميع أعمال الرب , وتغنى بأعمال الرب ....... الذى يحب الرب يقترب له ويغنى بأعماله ويسبحه ويشكره , بينما البعيد عن الله لا يعرف لأنه ليس لديه ما يقوله لله لأنه لا يشعر بشئ من عطاياه .. لذلك يقول المزمور " لأن الأموات لا يباركونك " الأموات بالذنوب والخطايا , كيف يباركوا الله ؟ وعلى ماذا يسبحونه ؟ .. مثل هؤلاء الإبن الموجود فى بيت أبيه ولا يشعر بمجد البيت ولا جمالهولا محبة أبيه , بل بالعكس يشعر بقيود وحرمان , لكن مجرد أن يعرف ويختبر حضن أبيه الأبوى وقبوله له , يسجد له ويسبحه ويشكره ....... هكذا الكنيسة تسجد وتبارك .. يقول المزمور " ليس الأموات يباركونك يارب لكن نحن الأحياء نباركك فى كل حين " نسبح ونمجد .. " تعليات الله فى حناجرهم " نمجد إلهنا ومخلصنا وفادينا
كيف ترى الله ؟ بالطبع ستراه بحسب حالتك أنت .. لو كنت فى توبة , سترى حضن الله واسع وكله حب .. وإن كنتأنت بعيد عنه , سترى الله بعيد عنك .. وإن كنت أنت رافضه سترى الله يرفضك .. وتراه قابلك إن كنت أنت تقبله ...... إذاً رؤيتك لله هى إنعكاس لحالتك أنت , فلا تقل أن الله لا يحبنى ولا يقبلنى ولا يعطينى .. لا .. ثق أن الله يحبك ويقبلك ويعطيك , المهم أن تتقبل أنت عطاياه
عندما يقال أن القديس يوحنا الحبيب هو التلميذ الذى كان يسوع يحبه وهو الذى إتكأ على صدره وقت العشاء .. هل تتخيل أن يسوع كان يميز ناس عن غيرهم ؟ .. لا .. ربنا يسوع كان عنده كل التلاميذ سواء , لكن يوحنا هو الذى كان يحب ربنا يسوع جداً , فلما أحب يسوع أدركه حب يسوع جداً فشعر بالحب الشديد جداً ليسوع , وبالتالى أطلق عليه التلاميذ لقب " التلميذ الذى كان يسوع يحبه " إذاً هذا الحب هو إنعكاس لحب يوحنا ليسوع وليس مجرد تمييز من الله ليوحنا ... هكذا نحن لوأحببنا ربنا يسوع , سنشعر بمحبة الله لنا , بل وسيشعر كل واحد منا أنه ‘ أنا الذى يسوع يحبه ’
القديس أوغسطينوس وصل فى حنه لله الى درجة أنه قال لله أنا أشعر أنك نسيت كل الناس إلا أنا وحدى .." تسهر على ّ وكأنك نسيت الخليقة كلها , تهبنى عطاياك وكأنى أنا وحدى موضوع حبك " هذا كثير علىّ يارب أن أشعر أنك نسيت الخليقة كلها بسببى... لو كنت انت سعيد به فى بيت أبيك ستشعر أنك تريد أن تشكره من كل قلبك وتقول له أشكرك على إحساناتك وعطاياك وغناك الجزيل لى , أنا لا أستحق كل هذه النعم العظيمة .
يقال عن الله فى العهد القديم " طويل الروح كثير الإحسان يغفر الذنب والسيئة " ... عدو الخير يقول لك لا , أنت ردئ وخاطى والله لا يحبك , فلماذا أنت مازلت فى البيت ؟ أخرج منه أفضل لك , فأنت تخرج من الكنيسة كما دخلتها , مادام لا فائدة منك فلتعش حياتك وتتمتع بالعالم وما فيه .... لا ... هذا الإبتعاد يُشعر الإنسان أن الله بعيد عنه بل ويرفضه .... لا .... الله لا يرفض أبداً , إنما الإنسان هو الذى يرفض ... فهل من المعقول يارب أنك بقوتك وجلالك وأبوتك تجعل الإنسان هو الذى يرفضك أو يقبلك؟ نعم ..فهذا الإبن قال لأبيه لا ... قد يسأل الأب إبنه : ألهذه الدرجة ترى البعد عنى أفضل لك ؟ .. يقول له نعم فأنا لى أصحاب كثيرون يعيشون ويفرحون بحياتهم , وأصحاب يتمتعون بالعالم , وأصحاب............ يقول له الأب : لكن ياأبنى هذا ذل ومهانة .... نقول للأب ليتك تنصحه ... يجيب : لا أستطيع أن أجعل إبنى فى بيتى دون إرادته ... كما قال القديس أوغسطينوس " إن الذى خلقك بدونك لا يستطيع أن يخلصك بدونك" .. الله يريدك أن تعرف قيمة الحياة التى أنت فيها , وهو قابلك ويحبك رغم شرورك
الإبن راجع وهو فى قلق من إستقبال إبيه له هل سيرفضه ؟ , ويتقدم خطوة ويتراجع خطوات , ويفكر فى وسيط بينه وبين الأب لعله يكون أخيه الأكبر أو تكون أمه .. لماذا التردد ؟ هيا تقدم مباشرة للأب وهو لن يرفضك وثق فى محبته , وثق أن من حولك سيكونوا لك شفعاء , وثق بالأكثر أن هو سيقبلك , قف أمامه وقل له إقبلنى اليك كصالح ومحب البشر, وأن تركتك أنا فلا تتركنى أنت , فأنا ضعيف وجاهل ورؤيتى للأمور غير واضحة ... سيدنا البابا شنودة له قول جميل يقول فيه " قل له يارب أنا إبنك وإن لم أكن فى بيتك , أنا خروفك وإن لم أكن فى حظيرتك , أنا درهمك وإن لم أكن فى كيسك , أنا إبنك محسوب عليك ومنسوب اليك "
هذا الأب عندما يسألونه كم إبن عندك ؟ يقول إثنين واحد موجود والثانى غير موجود ... لما تركه الإبن وخرج خارج البيت لم يقل أنا لى إبن واحد , لا, بل قال أنا لى إبنان ... هكذا نحن أولاد الله مهما أخطأنا , لذا قل له " إقتننا لك يا الله مخلصنا لأننا لا نعرف أخر سواك " نحن لك يا الله , ملك لك ... والله رغم تعدياتنا ينظر إلينا بكل حنو
لما نرى فى العهد القديم كم فعل شعب الله من شرور وتعديات وآثام , عندما يعطيهم المن والسلوى يقولون له " كرهت أنفسنا هذا الطعام السخيف " كم كان جحودهم ؟!.. صنعوا عجل وعبدوه , وزنا وخطايا ومرتفعات داخل الهيكل , تخيل عبادات وثنية داخل الهيكل ؟! . لكن عندما أراد بلعام أن يلعن شعب الله ويقول نبوته , تكلم الله على لسانه فيقول " لم أبصر إثماً فى يعقوب ولا تعباً فى إسرائيل " ... ألهذه الدرجة ترانا أبرار يا الله ؟ يقول نعم لأنكم أولادى
أنت بعيد عنى فى كورة بعيدة تأكل من خرنوب الخنازير .. هيا تعال , أنا منتظرك ولن أحرمك من شئ , لا تتردد ... وعندما رأى الأب الإبن أت من بعيد ركض نحوه وتخلى عن جلاله وبهاءه وركض نحو الإبن ... ما هذا ؟ هذا هو الحب الأبوى , لذلك نقول " حبك غلبك " وأحياناً نقول " حبك غصبك وتجسمت " .... ألهذه الدرجة نحن خطاه ومذنبين وهو صالح ؟ .. نعم
" ووقع على عنقه " ... ولنرى العطايا التى وهبه إياها .. ركض خلفه ووقع على عنقه وقبله , ألبسه حذاء فى قدميه , وذبح له العجل المسمن , وألبسه الحلة الأولى , و.... عطايا كثيرة جداً .... ما هذا كله ؟ هل بدلاً من أن تهيننى وتعاقبنى , تعطينى عطايا ؟ أنا لا أستحق كل هذه العطايا وكل هذا الحب ... يقول : لا .. أنت تستحق كل شئ أنت إبنى
أجمل شئ يجعلنى أرفض الخطية أن أدرك مدى حبه لى .. عندما يدرك الإنسان أن الله أبوه ويحبه وقابل له , عندئذ يقول كيف أخطئ الى الله وأهين من أحبنى وأحزن من يعطينى كل هذه العطايا ؟ .. لا .. لن أجعل الخطية تصنع حاجز بينى وبين الله . يقول سفر أشعياء " لأنه يكثر المغفرة " يريد أن يعطى ... ويقول الآباء " ليست خطية بلا مغفرة إلا التى بلا توبة " أى خطية تتوب عنها مهما كانت , يغفرها لك ..... حاول أن تدرك محبة الله وكن فى بيت أبيك وأشعر بحبه وأحضانه والفردوس الذى تحيا فيه بحبه , وسبح ومجد وأشكر وبارك , لأنك بالفعل فى غنى وخير .. عدو الخير يريد أن يطمس هذه المفاهيم ويجعلنا نعيش فى هم , يريد أن يلهينا فلا نكون فرحين .. لا .. القديس يوحنا ذهبى الفم يقول " أتركوا العبوسة للأشرار " يريد أن يقول يجب عليك أن تعيش فى بهجة .. لماذا ؟ لأن الله أبيك أعطاك كل شئ بغنى للتمتع , ليس معنى كلمة " غنى للتمتع " أنه يعطيك أمور أرضية لتتمتع بها , لا .. بل معناها أن غنى المسيح هو غنى محبته وأبوته , غنى المسيح هو العجل المسمن ذبيحته ... هل نحن نستحق أن يذبح العجل المسمن من أجلنا ؟ هل نحن نستحق أن الأب الكاهن على المذبح يأخذ الجسد ويكسره ويقول خذوا كلوا كلكم ؟ هل نستحق أن الدم المسفوك ؟ هل كل هذه العطايا قليلة ؟ .. الله أعطانا ما تشتهى الملائكة أن تراه ولا نشعر نحن أننا أولاده .... كيف ؟ ! ! لابد أن نكون فى بيته فرحين لأنه أراد أن يكون أولاده أغنياء , أراد أن يكون أولاده أنقياء وقديسين وبلا لوم قدامه فى المحبة .. أعطانا غفران كثير , يقول " يكثر الغفران "
عندما تقرأ فى العهد القديم عن خطايا بنى إسرائيل , تقول الله سيبيدهم , لكنك تقرأ الكتاب يقول " لم يشأ أن يستأصلهم " لماذا ؟ لأنهم أولاده وهو أب كله حب وقبول
الصوم المقدس فترة جميلة للرجوع الى الله ... الكنيسة وضعت لنا ثلاثة أحاد متتالية فى الصوم أجمل من بعضها .. أحد الإبن الضال , أحد السامرية , أحد المخلع .... ثلاثة أحاد بها تدرج : -
أحد الإبن الضال يمثل الخطية ... أحد السامرية يمثل تكرار الخطية ... أحد المخلع يمثل اليأس من الخطية .. والمسيح قبل الثلاثة .. الخاطى مقبول عنده , وإن كررت الخطية كالسامرية فأنت أيضاً مقبول عنده , وإن وصلت لحالة صعبة بل ومستعصية وفقدت رجاءك من الشفاء كالمخلع فأنت أيضاً مقبول عنده . هل ترى ماذا وضعت الكنيسة لنا فى الصوم ؟ لتقول لنا صُم بالروح وليكن لك رجاء فى قبول الله لك , ذلل جسدك وقل له أقدم لك يارب جسدى ذبيحة وأعطى فرصة للروح أن تقود جسدى ... لابد للصوم أن يكون مصحوب بدموع وإنكسار قلب وكلمة إرحمنى دائماً , لابد للصوم أن يكون مصحوب بروح توبة وإنسحاق .. هذه هى بركة الصوم ونعمته أن تشعر بمحبة الله التى تشملك وتشعر بالفعل أنك غنى لا تحتاج لشئ
موقف جميل فى العهد القديم .. معروف أن داود النبى كان صديقه المحبوب لديه جداً هو يوناثان بن شاول الملك ,مات يوناثان وشاول فى الحرب وملك داود مكانه .. وكان داود وفى جداً فبحث عن أولاد يوناثان لعله يجد أحد منهم ليصنع معه معروف , فقالوا له يوجد له ولد واحد مازال حى وهو أعرج الرجلين إسمه مفيبوشث وهو مختبئ - قديماً كان هناك أمر ردئ فى العهد القديم وهو أنه إذا نُصب ملك أنه خوفاً على منصبه يقتل كل نسل الملك السابق له حتى لايفكر أحدهم فى الملك مرة أخرى , لأنه دائماً الذين يعيشون فى قصور الملوك يشتهونها جداً فيفكرون فى إستعادة الملك - .. مفيبوشث بن يوناثان إختبأ خوفاً من داود لئلا يقتله مثل غيره من الملوك , ولما دعاه داود ذهب اليه مرتعب وخائف وتخيل أن داود سينتقم منه .. لكن داود قال له لقد أحببت يوناثان أبيك جداً وسأرد لك ممتلكاته وستعيش معى فى قصرى وتكون كأحد أفراد أسرتى , تأكل على مائدتى .. لم يصدق مفيبوشث نفسه فى ما سمعه من داود , ورغم أنه أعرج الرجلين خر وسجد له
هذا هو حال الإنسان الخاطئ البعيد الخائف الذى يشعر أنه مطرود ويشعر أن الله يريده ليدينه ويحرمه ويعاقبه .. لا .. الله ليس إله العقوبة بل إله الخلاص ويريد أن يرد لك الملك والأرض ويريد أن تشعر أنك إبن الملك , أن تشعر بالأمان معه . هل تشعر بهذه النعمة ؟ وكيف ؟ هل هناك شئ أكثر من أنه أتى لأرضنا وتجسد لأجلنا وإفتقدنا وعاش معنا , وقال تعالوا كلوا كلكم من مائدتى وعيشوا معى فى بيتى وإشبعوا من غناى , أنتم أولادى... عندما تشعر بهذه المشاعر فى وقفة الصلاة ستجد أن لديك كلام كثير تريد أن تقوله لأبيك السماوى الذى يحبك وتسبح له . وعندما عدوالخير يخدعك تقول له لا تخدعنى فأنا أعرف جيداً إنى غنى وأبى يقبلنى ويحبنى فكيف أخونه ؟ ضميرى وروحى وقلبى وجسدى لن يطيعونى إذا وافقتك , بل وقد تصل الى درجة أنك ترفض الخطية " ولا يستطيع أن يخطئ لأن الخطية لن تسوده "
الله قادر أن يعطينا أن نشعر بأبوته وغناه وسخائه وقبوله لنا وأحضانه المفتوحة تؤمنا من كل ذلك .ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين

عدد الزيارات 3607

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل