أعطيتنى علم معرفتك

Large image

مِنْ رِسَالِة مَارِ يُوحَنَّا الأُولَى 1 : 1 – 4 { الَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ الَّذِي سَمِعْنَاهُ الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا الَّذِي شَاهَدْنَاهُ وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الْحَيَاةِ . فَإِنَّ الْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِالْحَيَاةِ الأبَدِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا . الَّذِي رَأَيْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ نُخْبِرُكُمْ بِهِ لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ أَيْضاً شَرِكَةٌ مَعَنَا . وَأَمَّا شَرِكَتُنَا نَحْنُ فَهِيَ مَعَ الآبِ وَمَعَ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ . وَنَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هذَا لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلاً } .. لاَ تُحِبُّوا العَالَم وَلاَ الأشْيَاء الَّتِي فِي العَالَم .." الَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ " أي الآب .. " الَّذِي سَمِعْنَاهُ " أي الإِبْن .. كَي نَتَحَدَّث عَنْ مَعْرِفَة الله لاَبُد أنْ نَعْرِف ثَلاَث نِقَاط مُهِمَّة وَهِيَ :
1/ نِعْمِة مَعْرِفِة الله 2/ دَرَجَات مَعْرِفِة الله 3/ كَيْفَ نَصِل إِلَى مَعْرِفِة الله
1/ نِعْمِة مَعْرِفِة الله :
=======================
نَحْنُ فِي القُدَّاس نَشْكُر الله عَلَى { أعْطَيْتَنِي عِلْمَ مَعْرِفَتَك } ( جُزء " قُدُّوس قُدُّوس " مِنْ القُدَّاس الغِرِيغُورِي ) نِعْمِة مَعْرِفَتُه .. لاَ خَلِيقَة تَعْرِف الله سِوَى الإِنْسَان لِذلِك مَعْرِفَتُة نِعْمَة تَفَضَّل بِهَا الله عَلَى الإِنْسَان .. لاَ نَبَات وَلاَ حَيَوَان وَلاَ ..... تِعْرَف شِئ عَنْ الله لِذلِك الكِنِيسَة جَعَلِت الإِنْسَان كَاهِنْ الخَلِيقَة يُسَبِّح عَنْهَا .
أثْنَاء المَعْمُودِيَّة يُصَلِّي الكَاهِنْ وَيَقُول { أنْتَ أعْطَيْت مَعْرِفَتَك لِلكَائِنِينَ عَلَى الأرْض } .. نَشْكُرَك لأِنَّكَ جَعَلْتَنَا أبْنَاء المَلَكُوت نَحْنُ التُرَاب .. مَعْرِفَتُه نِعْمَة أنْعَمَ بِهَا عَلَيْنَا وَمَيَّزَنَا بِهَا عَنْ سَائِر المَخْلُوقَات .. نَعَمْ نَحْنُ نَعْرِف أنَّهُ أزَلِي أبَدِي كَائِنْ فِي كُلَّ مَكَان .. غِير مَحْدُود .. مَنْ الَّذِي يَعْرِف صِفَات الله ؟ نَحْنُ التُرَاب .. إِذَاً هُوَ أعْطَانِي هذِهِ النِّعْمَة رَغم أنَّهُ قَدِيماً كَانَ مُحْتَجِب عَنْ النَّاس وَكَانَ يُكَلِّمَهُمْ مِنْ وَرَاء السَّحَاب وَمِنْ وَرَاء الحِجَاب لكِنَّهُ بَسَّطَ صُورَتَهُ حَتَّى وَصَلَتْ لأِجْمَل وَأبْهَى صُورَة وَهيَ يَسُوع .. { اللهُ بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيماً بِأَنْوَاعٍ وَطُرُقٍ كَثِيرَةٍ كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأيَّامِ الأخِيرَةِ فِي ابْنِهِ } ( عب 1 : 1 – 2 ) .. الَّذِي رَأيْنَاه الَّذِي سَمِعْنَاه وَلَمَسَتَهُ أيْدِينَا هُوَ إِبْنُه .
أعْرِف يَسُوع إِذَاً أنَا أعْرِف الله لأِنَّ الله ظَهَرَ فِي الجَسَد .. نَعْرِف صِفَاتُه أنَّهُ رَحِيم .. مُنْقِذُ حَيَاتِنَا مِنَ الفَسَاد ( جُزء " مُسْتَحِقٌّ وَعَادِل " مِنْ القُدَّاس الغِرِيغُورِي ) .. فَادِي .. رَاعِي .. غَافِر .. مُدَبِّر .. رَأيْنَاهُ يُسَامِح وَيَغْفِر وَ ..... نِعْمِة مَعْرِفَة الله نَحْنُ لاَ نَسْتَحِقَّهَا لكِنَّهُ تَفَضَّل وَأعْطَانَا إِيَّاهَا لِذلِك نَقُول فِي القُدَّاس { هُوَ أيْضاً فَلْنَسْألُهُ أنْ يَجْعَلْنَا مُسْتَحِقِين لِشَرِكَة وَصُعُود أسْرَارِهِ الإِلهِيَّة غَيْر المَائِتَة } ( مَا يُقَال قَبْل القِسْمَة ) .. كُوْن أنَّنَا نَقِف فِي الكِنِيسَة هذَا يَحْتَاج مِنَّا طِلْبَة أنْ نَقِف فِي الكِنِيسَة .. وَكُوْن إِنَّنَا نَرْفَع أيْدِينَا لِلصَّلاَة فَهذَا أيْضاً يَحْتَاج مِنَّا طِلْبَة لأِنَّهُ لَيْسَ لَنَا أي إِسْتِحْقَاق لكِنْ الله أحَبَّ الإِنْسَان وَأعْطَاهُ نِعَمْ .. لِذلِك هُوَ مِنْتِظِر مِنَّا الكَثِير .
2/ دَرَجَات مَعْرِفَة الله :
==========================
أ/ المَعْرِفَة العَقْلِيَّة :
=====================
العَقْل بَوَّابَة .. الله لَيْسَ مُجَرَّد نَظَرِيَات أوْ قِصَّة أوْ ...... لاَ .. الله حَيَاة وَالعَقْل يَصِلَنِي بِالله أي قَدْ يَعْرِف الإِنْسَان الله عَنْ طَرِيقٌ المَخْلُوقَات أوْ القِرَاءَة أوْ ..... أي عَقْلُه يَصِلُه إِلَى أنَّهُ يُوجَدٌ إِله ضَابِط الكُلَّ فَيَعْرِفَهُ .. أيْضاً قَدْ نَعْرِف الله بِالعَقْل لكِنْ لَمْ نُحِبُّه أوْ لَمْ نُعَاشِرُه أوْ نَلْمِسُه كُلَّ مَا نَعْرِفَهُ عَنْهُ نَظَرِيَات وَهذَا أمر خَطِير .. لاَ .. لاَبُد مِنْ مُعَاشَرِة الله .
قَدِيماً كَانَ الله يُرْسِل المَنَّ كُلَّ صَبَاح لِلشَّعْب .. المَنَّ مُسْتَدِير وَحُلْو المَذَاق وَصَغِير وَيَنْزِل مِنْ السَّمَاء بِطَرِيقَة مُعْجِزِيَّة .. وَلِذلِك فَهُوَ يُشِير لِلْمَسِيح لَهُ المَجْد الَّذِي جَاءَ بِدُون زَرْع بَشَر وَلَيْسَ لَهُ بِدَايَة وَلاَ نِهَايَة وَحَلْقُه حَلاَوَة وَكُلُّه مُشْتَهَيَات ( نش 5 : 16) .. لاَ يَكْفِي أنْ يُخَزَّن المَنَّ لِيُوْم آخَر لأِنَّهُ يَذُوب وَيَفْسَد .. وَهُوَ كَثِير الكِمِيَّة لِذلِك لاَبُد أنْ يُؤكَل كُلَّ يُوْم بِيُومه هكَذَا السَيِّد الْمَسِيح لَيْسَت مَعْرِفَتُه هِيَ مَعْرِفَة نَظَرِيَّة فَقَطْ وَأنَّهُ يُوجَدٌ لَدَيَّ الكِتَاب فِي بَيْتِي لكِنْ لاَبُد مِنْ مَذَاقُه وَأكْلُه .. فَهَلْ ذُقْتَهُ أوْ أكَلْتَهُ ؟ لاَبُد أنْ تَتَذَوَّقَهُ .. { وَتَعْرِفُوا مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ الْفَائِقَةَ الْمَعْرِفَةِ } ( أف 3 : 19) .. نَعْرِف أنَّهُ تَجَسَّدَ مِنْ أجْلِنَا نَحْنُ البَشَر .. كُلَّ هذَا مِحْتَاج لِعَقْل يِفْهَمْ أنَّهُ مُخَلِّص .. أنَّهُ إِبْن الله وَهُوَ فِي نَفْس الوَقْت إِبْن الإِنْسَان .. هُوَ قَادِر أنْ يُطَهِّرْنَا .. الله أرَادَ أنَّ غَيْر المُؤمِنِين يَعْرِفُوه فَقَالَ لِيَعْرِفُونِي بِالعَقْل .
مَعْرِفَة الله ظَاهِرَة مِنْ خِلاَل الأُمُور الغِير مَنْظُورَة .. فَكَيْفَ تَشْرِق الشَّمْس وَتَغْرُب بِمِيعَاد ثَابِت ؟ وَكَيْفَ يَنْمُو النَبَات .. وَكَيْفَ يَحْيَا الحَيَوَان .. وَكَيْفَ يَسْقُط المَطَر وَ ..... ؟ وَوَجَدَ الإِنْسَان أنَّ الشَّمْس ثَابِتَة لكِنْ الأرْض هِيَ المُتَحَرِّكَة .. الله مَعْرُوف مِنْ مَصْنُوعَاتُه لكِنْ لِلأسَفْ البَعْض عَرَفَهُ لكِنْ لَمْ يُمَجِّدَهُ .. لِمَاذَا أعْطَانِي الله نِعْمِة العَقْل ؟ لَيْسَ لِكَي أسْتَذْكِر وَأنْجَح فَقَطْ بَلْ لِنَعْرِفَهُ .
ب/ المَعْرِفَة الوُجْدَانِيَّة :
===========================
العَقْل تَشَبَّع بِمَعْرِفَة الله .. إِنْتَقَلِت المَعْرِفَة مِنْ العَقْل إِلَى الوُجْدَان أوْ القَلْب وَالمَشَاعِر وَبِذلِك تُصْبِح عِلاَقِتْنَا بِالله لَيْسَت نَظَرِيَات بَلْ عِلاَقِة مَشَاعِر .. { الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأِجْلِي } ( غل 2 : 20 ) .. تُوجَدٌ خُصُوصِيَّة .. أعْرِفُه بِمَشَاعْرِي .. أنْتُمْ أغْنِيَاء بِالمَشَاعِر لاَبُد أنْ تُقَدِّسُوهَا لله .. قَدِّس مَشَاعْرَك بِالله فَيَلْتَهِب قَلبَك بِهِ .. { أُحِبُّكَ يَارَبُّ يَا قُوَّتِي } ( مز 18 : 1 ) .. عَاطِفَتَك تِوَصَلَك لله .. كَيْفَ تَعْرِفَهُ ؟ فَكَّر بِعَقْلَك ثُمَّ فَكَّر بِعَاطِفَتَك .. وَجِّه قَلْبَك لِصَلِيبُه وَفِدَائُه وَتَجَسُّدُه .. { لَيْسَ لأِحَدٍ حُبٌّ أعْظَمُ مِنْ هذَا أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأِجْلِ أَحِبَّائِهِ } ( يو 15 : 13) .. فَيَبْدَأ الفِكْر يَتَحِد بِالله وَالقَلْب يَتَحِد بِهِ أيْضاً .. حَتَّى نَصِل كَمَا قِيلَ عَنْ الأنْبَا أنْطُونْيُوس { كَانَ أنْطُونْيُوس يَتَنَفَّس الْمَسِيح } .. حُب وُجْدَاني مِنْ عُمْق القَلْب .
لِذلِك إِسْأل نَفْسَك مَاذَا يُوجَدٌ فِي عُمْق أعْمَاق قَلْبَك ؟ هَلْ الله أم ذَاتَك أم العَالَم بِإِغْرَاءَاتُه ؟ مَا هُوَ مَرْكَز إِهْتِمَامَات حَيَاتَك ؟ إِجْعَل الله هُوَ مَرْكَز حَيَاتَك .. هُوَ يُحِب أنْ يَكُون مَكَانُه فِي الوَسَطْ .. ظَهَرَ بَعْد القِيَامَة لِلتَّلاَمِيذ وَكَانَ فِي وَسَطِهِمْ .. خِيمِة الإِجْتِمَاع كَانَتْ وَسَطْ الشَّعْب .. دَائِماً المَرْكَز يَكُون وَاضِح .. لاَبُد أنْ يَكُون هُوَ مَوْضِع أنْفَاسِي .. { كُلَّ نَسْمَة تُبَارِكَك .. كُلَّ نَفَس أُعْطِيه أُسَبِّح إِسْمَك القُدُّوس } ( إِبْصَالِيِة السَبْت ) .. بَعْض الآبَاء يَقُولُون صَلِّي صَلاَة يَسُوع مَعَ أنْفَاسَك شَهِيق وَزَفِير .. أُنَاس نَظَّمُوا أنْفَاسِهِمْ مَعَ الْمَسِيح وَكَأنَّهُمْ يَقُولُون لَهُ أنْتَ نَبْض قَلْبِنَا .. أصْعَب شِئ أنَّنَا نِرَنِم كَثِيراً وَنِحْضَر الكِنِيسَة كَثِيراً لكِنْ هَلْ لَنَا خَفَاء مَعَهُ وَعِشْرَة مَعَهُ ؟ هَلْ إِخْتَبَرْنَاه ؟ كَمَا يَقُول الآبَاء { أنَّ الكَلاَم عَنْ العَسَل شِئ وَمَذَاقِة العَسَل شِئ آخَر } .. هكَذَا الله الكَلاَم عَنْهُ شِئ وَمَذَاقُه شِئ آخَر .
ج/ المَعْرِفَة الإِخْتِبَارِيَّة :
===========================
أسْمَع عَنْ غُفْرَانُه لكِنْ لاَبُد أنْ أخْتَبِر أنَّهُ غَفَرَ لِي أنَا .. أسْمَع أنَّهُ يُحِب لكِنْ لاَبُد أنْ أتَذَوَّق مَحَبِّتُه أنَا .. مَعْرِفَة إِخْتِبَار .. { اللهَ الَّذَي أَعْبُدُهُ بِرُوحِي فِي إِنْجِيلِ ابْنِهِ } ( رو 1 : 9 ) هكَذَا يَقُول بُولِس الرَّسُول بَيْنَمَا دَاوُد النَّبِي يَقُول { كُنْتُ فَتًى وَقَدْ شِخْتُ وَلَمْ أرَ صَدِّيقاً تُخُلِّيَ عَنْهُ وَلاَ ذُرِّيَّةً لَهُ تَلْتَمِسُ خُبْزاً } ( مز 37 : 25 ) .. خِبْرَة .. لِذلِك المَعْرِفَة لَيْسَت مَعْلُومَات أوْ مَشَاعِر فَقَطْ لكِنْ لاَبُد مِنْ الإِخْتِبَار .. لاَبُد أنْ يَكُون لِكُلَّ وَاحِد فِينَا خِبْرَة مَعَ الله .. إِنْ كُنْت قَدْ صَلِّيت مَرَّة وَشَعَرْت أنَّكَ لَمْ تَشْعُر بِحَضْرَتِهِ صَلِّي مَرَّة أُخْرَى وَأُخْرَى حَتَّى تَشْعُر أنَّكَ كُلَّك مِلْك لله .. إِخْتِبَار أي لَمْس وَأجْتَاز الخِبْرَة .. كَمَا يَسْمَع تِلْمِيذ عَنْ الإِمْتِحَان فَيَخَاف لكِنَّهُ عِنْدَمَا يَجْتَازُه يَعْرِفَهُ فَلاَ يَخَافُه مَرَّة أُخْرَى .. هكَذَا الله لاَبُد مِنْ مَعْرِفَتُه بِالحَوَاس وَالمَذَاق وَالرُّوح وَنَعْرِفُه أنَّهُ يَسِد الإِحْتِيَاج .
د/ المَعْرِفَة الإِتْحَادِيَّة :
========================
مِنْ شِدِّة حُبِّي لله عَرَفْتَهُ بِعَقْلِي وَوُجْدَانِي وَاخْتَبَرْتَهُ فَاتَحَدْت بِهِ .. { وَجَدْتُ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي فَأَمْسَكْتُهُ وَلَمْ أَرْخِهِ } ( نش 3 : 4 ) .. لأِنِّي أعْرِفَهُ جَيِّداً فَلَمَّا وَجَدْتَهُ تَمَسَّكْتُ بِهِ جِدّاً .. إِتِحَاد .. عِنْدَمَا نَصِل لِمَعْرِفَة الإِتِحَاد سَنَجِد أنْفُسَنَا نُحِب الصَّلاَة وَالأسْرَار وَالتَّسْبِحَة وَالوُجُود فِي حَضْرَتِهِ وَالخُلْوَة وَ ..... لأِنَّنَا إِتْحَدْنَا بِهِ لِذلِك نُحِب أنْ نَجْلِس فِي حَضْرَتِهِ أكْبَر فِتْرَة مُمْكِنَة .. إِذاً لاَبُد أنْ نَتَدَرَّج فِي مَعْرِفَتِهِ مِنْ العَقْل إِلَى القَلْب لِلإِخْتِبَار لِلإِتْحَاد .. لاَ تَقِفْ عِنْدَ مَرْحَلَة مُعَيَنَة .. لاَ .. لِذلِك مِنْ أهَمْ أهْدَاف الْمَسِيح الَّتِي تَجَسَّدَ مِنْ أجْلِهَا أنْ يِوَحَدْنَا مَعَهُ حَتَّى أنَّهُ وَهُوَ فِي البُسْتَان قَبْل الصَلْب طَلَبَ مِنْ الآب وَقَالَ { لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِداً .......لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضاً وَاحِداً فِينَا ........ أَنَا فِيهُمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ } ( يو 17 : 21 – 23 ) .. يُرِيد أنْ يَجْعَلْنَا وَاحِد فِيهِ وَهُوَ وَاحِدٌ فِي الآب إِذاً نَحْنُ الثَّلاَثَة وَاحِد .. إِتْحَاد .. كَيْفَ ؟ قَالَ كُلُونِي { مَنْ يَأَكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ } ( يو 6 : 56 ) .
لِمَذَا وُلِدَ يَسُوع فِي مِزوَد ؟ لِكَي يُنَبِهْنَا إِلَى أنَّهُ حَمَل .. ذَبِيحَة .. مِنْ بِدَايِة تَجَسُّدِهِ جَاءَ لِيُذْبَح لِذلِك وُلِدَ فِي مِزوَد .. وَلِذلِك عِنْدَمَا جَاءَ يُوحَنَّا المَعْمَدَان لِيُعَرِّفْنَا عَلِيه قَالَ { هُوَذَا حَمَلُ اللهِ } ( يو 1 : 29 ) .. وَالحَمَل طَرِيقُه هُوَ الذَّبْح وَالأكْل هكَذَا يَسُوع يَقُول لَنَا أنَا لَيْسَ لِي سِوَى الذَّبْح وَالأكْل .. سَتَأكُلُونِي .. لِمَاذَا ؟ لأِنِّي أُرِيد أنْ أكُون دَاخِلَكُمْ وَأصِل بِكُمْ لِلمَعْرِفَة الإِتْحَادِيَّة .. أُرِيد أنْ أثْبُت فِيكُمْ .. لِذلِك لاَ نَتَعَجَب أنْ يَكُون لَنَا فِكْر الْمَسِيح وَقَلْبُه وَمَشَاعِرُه .. { شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ } ( 2بط 1 : 4 ) .. لِذلِك سُمِّيَ بَعْض القِدِّيسِين " حَامِلِي الإِله " .. وَقِيلَ عَنْ القِدِيس أبُو مَقَّار " اللاَبِس الرُّوح " .. مَعْرِفَة إِتْحَادِيَّة .
3/ كَيْفَ نَصِل إِلَى هذِهِ المَعْرِفَة ؟
=====================================
أ/ الصَّلاَة :
============
لاَ شِئ يُعَرِّفْنَا عَلَى الله وَيَجْعَلْنَا فِي حَضْرَتِهِ نُكَلِّمه وَيُكَلِّمْنَا وَنُعَاشِرُه وَنَقْتَرِب إِليه إِلاَّ بِالصَّلاَة .. عَبَثاً نَفْعَل خَارِج الصَّلاَة .. أي مَعْرِفَة خَارِج الصَّلاَة مَعْرِفَة كَاذِبَة .. الصَّلاَة تِعَرَّفْنَا الله وَتُقَرِّبْنَا إِليه .. خَارِج الصَّلاَة وَهم وَضَبَاب وَقِصَص وَخَيَال .. لكِنْ بِالصَّلاَة نَسْجُد لَهُ لأِنَّهُ إِحْسَاس يَمْلأ الكَيَان وَنَشْعُر فِي الصَّلاَة أنَّنَا أمَامُه بِكُلَّ قُوَّة وَيَبْدأ الله يُكَلِّمْنَا مِنْ خِلاَل الصَّلاَة وَتَنْمُو المَعْرِفَة مِنْ خِلاَل الصَّلاَة .. لاَ يُمْكِنْ يَكُون لَكَ عِشْرَة بِدُون مَخْدَع وَكَمَا يَقُول الآبَاء { الصَّلاَة فِي المَخْدَع خَيْر مِنْ ألْف صَلاَة بَيْنَ النَّاس } لأِنَّهَا تُنَمِّي العِشْرَة الخَفِيَّة وَتَدُل عَنْ المَحَبَّة .. خَارِج مَجَال الصَّلاَة لاَ تُوْجَدٌ مَعْرِفَة حَقِيقِيَّة .
ب/ كَلِمَة الإِنْجِيل :
====================
نَعْرِفُه مِنْ كَلِمَتُه .. يَقُول مَارِ يُوحَنَّا { فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ } ( يو 1 : 1 ) .. أي الله فِي الإِنْجِيل كَلِمَتُه تَصِلْنَا بِهِ وَإِليْهِ .. لَوْ كَانَ لَدَيْنَا شِرِيط كَاسِت لِسَيِّدْنَا البَابَا وَسَمِعْنَاه فَإِنِّنَا نَشْعُر كَأنَّهُ وَسَطْنَا .. هكَذَا قَدْ نَعْرِف الله مِنْ خِلاَل كَلِمَتُه أعْطَاهَا لَنَا فِي مَنَازِلْنَا .. لَنْ أعْرِف الله وَصَلاَحُه وَحُبُّه وَمَجْدُه وَصَلِيبُه وَ ..... إِلاَّ مِنْ إِنْجِيلُه .. هُوَ أخْبَرْنَا بِكُلَّ شِئ عَنُّه مِنْ خِلاَل الإِنْجِيل .. عَرَّفْنَا ذَاته وَصِفَاتُه وَتَعَامُلاَتُه وَأعْمَالُه .. فَهَلْ لَنَا قِرَاءَة مُنْتَظِمَة فِي الإِنْجِيل ؟ هَلْ تَدَرَّبْت أذَانُنَا عَلَى سَمَاع صَوْتَهُ فِي الإِنْجِيل ؟ هَلْ شَعَرْت بِشِئ هَام يَنْقُصَك فِي يُوْم لاَ تَقْرأ فِيهِ الإِنْجِيل .
يَقُول القِدِيس يُوحَنَّا سَابَا { أيَّتُهَا العُيُون تَأمَلِيه .. أيَّتُهَا الآذَان إِسْمَعِيه .. أيَّتُهَا الأيَادِي إِلْمِسِيه .. أيَّتُهَا الرُّكَب إِحْمِلِيه .. أيَّتُهَا الأفْوَاه تَذَوَقِيه } .. كُلَّ حَوَاسُّه تَلْمِسَهُ .. هُوَ قَالَ فِي كِتَابُه { أَسْتَوْدِعُكُمْ يَا إِخْوَتِي للهِ وَلِكَلِمَةِ نِعْمَتِهِ الْقَادِرَةِ أَنْ تَبْنِيكُمْ } ( أع 20 : 32 ) .. { أنَّكَ مُنْذُ الطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ الْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلخَلاَصِ } ( 2تي 3 : 15 ) .. التُوْبَة الَّتِي تَأتِي مِنْ الإِنْجِيل تُحَرِّك القَلْب .. { سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلاَمُكَ } ( مز 119 : 105 ) .. أُرِيد أنْ أُسْنَد فِي ضَعْفِي بِالإِنْجِيل وَأعْرِف طَرِيقِي بِالإِنْجِيل وَأعْرِف مَشِيئَتَهُ بِالإِنْجِيل .. أُرِيد أنْ أعْرِف خَبَرْ مُفْرِح بِالإِنْجِيل لأِنَّهُ بِشَارَة مُفْرِحَة .. فِي أحَدٌ المَرَّات أرْسَلَ قُسْطَنْطِين المَلِك رِسَالَة إِلَى الأنْبَا أنْطُونْيُوس فَأحْدَثَتْ رِسَالَتُه إِرْتِبَاك فِي الدِير بَيْنَ الرُّهْبَان وَأعْطَاهَا لَهُ الجُنُود فَأخَذَهَا الأنْبَا أنْطُونْيُوس وَلَمْ يَفْتَحْهَا لِيَعْرِف مُحْتَوَاهَا وَظَلَّ هكَذَا أيَّام بَيْنَمَا الرُّهْبَان يَشْتَاقُون لِمَعْرِفَة مَا بِهَا .. فَقَالَ لَهُمْ أنْتَمْ قَلِقُون لِتَعْرِفُوا رِسَالِة الإِمْبرَاطُور وَلَمْ تَقْلَقُوا لِمَعْرِفَة رِسَالِة الله .. أي الإِنْجِيل ؟!! .
ج/ الكِنِيسَة :
==============
إِعْرَف الأسْرَار وَتَقَدَّم فِيهَا وَفِي عَطَايَا الرُّوح وَالألْحَان وَالمَوَاهِب وَ ..... كُلَّ هذَا يُنَمِّي مَعْرِفَتَك بِالله لأِنَّ الكِنِيسَة عَمَلْهَا أنْ تُحْضِر الْمَسِيح وَتُقَدِّمُه لأِنَّهَا عَرُوسه .. وَلَمَّا أعْرِف العَرُوس سَأعْرِف العَرِيس .. عَرُوسه إِقْتَنَاهَا بِدَمُه لأِنَّ الكِنِيسَة هِيَ خَادِمَة لِلأسْرَار .. هِيَ سِفَارِة السَّمَاء عَلَى الأرْض .. أي إِنْسَان يَدْخُل الكِنِيسَة يَتَعَرَّف عَلَى السَّمَاء وَالْمَسِيح .. آه لَوْ نَعِيش الكِنِيسَة بِطَرِيقَة صَحِيحَة وَنَعِيش قُدَّاسْهَا بِحَقٌّ وَنَتَجَاوَب مَعَهَا سَنَعْرِفُه بِحَقٌّ بِالجَوْهَر وَبِالحَقٌّ نَحْيَا فِيهِ .. وَمَهْمَا نَصِل فِي مَعْرِفَة الله فَلَنْ نَصِل إِلَى المَعْرِفَة الكَامِلَة إِلاَّ فِي السَّمَاء .. { هذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأبَدِيَّةُ أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ } ( يو 17 : 3 ) .
د/ القِدِّيسِين :
==============
أُرِيد أنْ أعْرِف الله وَلَسْتُ أعْرِف كَيْفَ أصِل إِلِيه .. أُنْظُر لأُِنَاس أحَبِّتُه وَعِنْدَئِذٍ سَتَعْرِف كَيْفَ تُحِبُّه ..أُنْظُر لأُِنَاس عَبَدِتُه وَأنْتَ سَتَعْرِف كَيْفَ تَعْبُده .. إِقْرأ كَثِيراً سِيَر قِدِّيسِين سَتَأكُلَك الغِيرَه لِتَعْرِفُه أكْثَر .. أبُونَا المُتَنَيِّح بِيشُوي كَامِل يَقُول الَّذِي يُحِب يَسُوع يُحِب القِدِّيسِين وَالَّذِي يُحِب القِدِّيسِين يُحِب يَسُوع .. مَحَبَّتهُمَا تَصِل لِبَعْضِهِمَا .. القِدِيس مَارِجِرْجِس مَاتَ لأِجْل يَسُوع وَأنَا أُحِب يَسُوع إِذاً أحِب مَارِجِرْجِس .. أيْضاً أنَا أحِب مَارِجِرْجِس وَأعْرِف أنَّهُ تَعَذَّب مِنْ أجْل يَسُوع فَأحِب يَسُوع وَهكَذَا تَعْرِفُه مِنْ قِدِيسِيه وَتُحِبُّه وَتُحِب قِدِيسِيه مِنْ خِلاَلُه وَتَتَمَثَّل بِهُمْ .
إِنْتَقِل مِنْ المَعْرِفَة النَظَرِيَّة إِلَى العَمَلِيَّة .. إِجْعَل لَكَ صَلاَة يَوْمِيَّة وَقِرَاءَة فِي الإِنْجِيل يَوْمِياً .. إِحْضَر الكِنِيسَة وَتَجَاوَب مَعَهَا بِحُب وَمُشَارْكَة .. حِب القِدِّيسِين .. الله أعْطَانَا نِعْمِة مَعْرِفَتُه لِذلِك نَقُول مَعَ يُوحَنَّا الحَبِيب { الَّذِي سَمِعْنَاهُ الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا الَّذِي شَاهَدْنَاهُ وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا } .. وَنَقُول مَعَ دَاوُد النَّبِي { اللهُ لَنَا مَلْجَأٌ ..... وُجِدَ شَدِيداً } ( مز 46 : 1 ) .. دَاوُد إِخْتَبَرَهُ فَوَجَدَهُ قَوِي وَشَدِيد .. الَّذِي تَذَوَّق الله وَتَذَوَّق نِعْمِتُه نَطْمَئِن عَلِيه لأِنَّهُ وَصَلْ لِحُب الْمَسِيح وَتَمَتَّع بِمَجْد الأبَدِيَّة وَهُوَ عَلَى الأرْض .
رَبِّنَا يِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه
لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

عدد الزيارات 2819

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل