كيف نحب مبغضينا

ربنا يسوع في إنجيل يوحنا إصحاح 15 عدد 18 – 19يقول .. { إن كان العالم يبغضكم فاعلموا أنه قد أبغضني قبلكم .. لو كنتم من العالم لكان العالم يحب خاصته ولكن لأنكم لستم من العالم بل أنا اخترتكم من العالم لذلك يبغضكم العالم } .. لكي نتعلم هذا نتحدث عن ثلاث نقاط مهمين جداً :-
1) يسوع المُبغض .
2) لماذا يضطهدونك ؟
3) كيف نحبهم ؟
أولاً : يسوع المُبغض :-
يسوع المرفوض أبغضوه بلا سبب .. فليس هناك سبب وجيه لكرههم له .. يسوع القدوس الذي بلا شر الذي إنفصل عن الخطية منذ البداية رفضوه فقال { رفضوني أنا الحبيب مثل ميت مرذول } .. كل هذا رغم كل الخير الذي صنعه .. فكان يجول يصنع خيراً ( أع 10 : 38 ) .. شفى مرضى .. أقام موتى .. شفى المفلوجين والمطروحين .. خلص الخطاة والزناة .. صنع صلاح على الأرض .. قريب للكل .. ورد الفعل إنه قيل عنه أنه محب للعشارين والزناة .. ومن يحبهم فهو منهم .. قيل إنه أكول وشريب خمر ( لو 7 : 34 ) .. قلوبهم مليئة بغضة منذ ولادته .. وجدنا هيرودس عندما سمع عنه فكَّر هيرودس كيف يتخلص منه فطلب من الجميع أن يُكتتب حتى يحدث إحصاء للأطفال في عمر السنتين فما دون لقتلهم رغم عددهم الكبير ( 144.000) طفل العالم أبغض يسوع لهذا لم يحبوا كل من حمل إسمه .. لهذا تآمروا عليه .. ونرى بيلاطس الذي لم يجد علة في هذا البار ( لو 23 : 4) أصروا على أن يصلبه .. فقال لهم بيلاطس سأطلقه لأني في كل عيد أطلق لكم واحد ( أسير ) .. فرفضوا وطلبوا إطلاق باراباس رغم أن كل الناس تشهد إنه مجرم إذا قمنا ببحث في الكتاب المقدس عن كل الإهانات والتهم التي وُجهت لرب المجد يسوع .. تصور إنه قيل عنه أن به شيطان بل رئيس شياطين " بعلزبول " ( لو 7 : 33 ) .. إنك مختل ( مر 3 : 21) .. فنحن كبشر لا نحتمل هذا فما بالك برب المجد الذي قال عنه بولس الرسول { بهاء مجده ورسم جوهره }( عب 1 : 3 ) .. قيل إنه إبن نجار .. عند الصلب ضُرب وجُلد .. أُعد مع المجرمين وأُحصي مع الأثمة إحتقروه فقيل { إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله } ( يو 1 : 11) .. إن قداسة ربنا فضحت فجور العالم كله .. وداعته فضحت كبريائهم .. علمه فضح جهلهم .. لهذا كرهوه لأن العالم ذهب وراءه .. فخيراً أن يموت واحد بدلاً عن الأمة ( يو 11 : 50 ) .. لهذا أسلموه حسداً ( مت 27 : 18) .. أي غاروا منه .. أشعياء النبي يلخص قضية يسوع المسيح في كلمة واحدة " ظُلم " ( أش 53 : 7 ) .. أتوا عليه بشهود زور .. مُضطهد إلى النهاية .. حتى بعد قيامته قيل أن تلاميذه أتوا وسرقوه ليلاً( مت 28 : 13) .. تعبير عن البغضة بلا دليل .
ثانياً : لماذا يضطهدونك ؟:-
يقول السيد المسيح بوضوح { وتكونون مبغضين من الجميع من أجل اسمي } ( مت 10 : 22) .. بما إنك تحمل إسم المسيح فأنت جزء من المسيح .. والمسيح مرفوض إذن أنت مرفوض .. وإن رفضت أن تكون مرفوض فأنت ترفض عضويتك للجسد أو أردت أن تأخذ لنفسك صفة ليس من صفة الجسد { إن كان العالم يبغضكم فاعلموا أنه قد أبغضني قبلكم } ( يو 15 : 18) .. العالم يبغض المسيح من أجل فكره وقداسته .. قيل عن إستفانوس عندما تحدث إلى اليهود أنه فضح جهلهم وقال لهم { أي الأنبياء لم يضطهده آباؤكم ؟ } ( أع 7 : 52 ) .. فإغتاظوا من كلامه وحكموا عليه بالرجم .. أي تُحفر حفرة في الأرض بطول الشخص ويقف المحكوم عليه على حافة الحفرة بظهره وكل شخص يلقي عليه الحجارة حتى تُملأ الحفرة بالحجارة العالم أبغض المسيح ولا يريد أن يتحدث أحد بكلامه .. لهذا يقول لنا { طوبى لكم إذا عيروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من أجلي كاذبين } ( مت 5 : 11) .. أنت رُفضت من أجل المسيح .. فيقول أحد القديسين { إن أنت إستعفيت أن تحمل مع المسيح بغضة العالم فأنت تعفي نفسك من أن تكون في الجسد .. إنه خِتم ملكوت السموات .. إنه صحة الإلتحام بالجسد وقربه من الرأس } .. عندما تكون من العالم فالعالم يحبك ولكن عندما تخرج من قانون العالم فتجد العالم يبغضك .. أحد الآباء القديسين يقول { هل يليق أن يلبس سيدك إكليل شوك وأنت في جسمه تطلب أن تتنعم ؟! } .. عليك أن تتألم معه فأنت جزء منه وإن كنا معه سنكون معه لا يصح أن يُلقب رب البيت ببعلزبول ونريد نحن أن نتمتع بالألقاب والكرامة .. إن هبت ريح العالم الآتية على الكرمة فلابد أن تنال الأغصان أيضاً .. لذلك معلمنا بطرس الرسول يقول { إن عُيرتم باسم المسيح فطوبى لكم لأن روح المجد والله يحل عليكم } ( 1بط 4 : 14) .. ما أشد محبة العالم للخطاة وما أشد بغضة العالم للأنقياء .. في عصر الإستشهاد كان العالم ملئ بالفساد ومع ذلك كان شغلهم الشاغل القضاء على المسيحيين وليس القضاء على الفساد إلا إنهم تصالحوا مع الفساد وأبغضوا المسيحيين تابعوا كل أساليب التعذيب التي لم يُسمع عنها من قبل من الحبس مع أسود جائعة .. وضعهم في النار .. عصرهم في معصرة وغير ذلك الكثير عند حملك لإسم المسيح أنت تعلن لاهوته وتسير في طريق الملكوت وهذا لا يرضي عدو الخير لأنه أكثر من يعرف قيمة الملكوت لأنه طُرد منه قديماً ولذلك يكره ويُغار جداً من الذين في طريقهم للملكوت .. قدِّم العذر للذين يضطهدونك لأنهم مساكين .. ومسيحك يوبخ العالم ولهذا تُصبح مرفوض .
ثالثاً : كيف نحبهم ؟:-
عليك أن تعرف حقيقة هامة جداً وهي أن الذي يبغضك يبغض المسيح .. وثانياً إنه مسكين لأنه أداة لعدو الخير الذي أهاج العالم كله حول المسيح .. خاصةً عندما شاهد إصرار كل المبشرين والكارزين بدأ الحرب عليهم .. جميع تلاميذ السيد المسيح – جميعهم – إستشهدوا ما عدا يوحنا الحبيب .. فكيف نحبهم ؟ إفتح قلبك .. فإذا كانوا فعلوا هذا في سيدي ينبغي أن يفعلوا بي كذلك .. إنهم مساكين لأنهم آداة في يد عدو الخير .. القديس مارإسحق يقول عبارة جميلة جداً { لا تتضايق من الذين يشاركونك في صُنع إكليلك }عليك أن تُقبِّل هذه اليد لأنها ستُشركك في صنع إكليلك .. لهذا يقول بولس الرسول { متحيرين لكن غير يائسين .. مضطهدين لكن غير متروكين .. مطروحين لكن غير هالكين }( 2كو 4 : 8 – 9 ) .. { من أجلك نمات كل النهار .. قد حُسبنا مثل غنمٍ للذبح } ( رو 8 : 36 )لهذا يُقال عن القديس الأنبا بيشوي عندما تعثَّر الرهبان منه فعندما حدث هجوم من البربر على الأديرة وهرب الأنبا بيشوي مع الرهبان التي هربت فقالوا له يا أبانا كان عليك أن تكون أول من يتقدم للإستشهاد .. فقال لهم * أخشى أن يهلك أحد البرابرة بسببي * ( محبة للمُبغض ) .. عندما تحب كل شخص يبغضك تأكد إنك بالحقيقة مسيحي .. المسيحي لا يعرف عين بعين ( مت 5 : 38) قصة عن الآب المتنيح بيشوي كامل عند تركه لسيارته في منطقة شعبية وذلك من أجل الإفتقاد فعند رجوعه يكتشف في سيارته في كل مرة تصادُم أو كسر أو خدش وهكذا .. وبعد فترة عند رجوعه ذات مرة لم يجد في سيارته أي شئ من ما سبق .. كان الآب يرى سابقاً مجموعة من الشباب تقف بالقرب منه وهو يرى سيارته في الحالة السيئة التي كانت عليها .. وذات مرة إكتشف غياب أحد هؤلاء الأولاد فإتجه نحو المجموعة وسألهم عنه .. فأخبروه أن هناك حادث حدث له ويمكث الآن في منزله .. إتجه الآب بيشوي كامل إلى منزل هذا الشاب حتى يزوره ويطمئن عليه وهو يعرف تمام المعرفة أن هذا الشخص هو الذي كان يُحدث كل الإتلافات التي بالسيارة السيد المسيح وهو على الصليب قال { يا أبتاه .. إغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون }( لو 23 : 34 )عِش المسيح بالخليقة الجديدة دورنا أن نعيش للمسيح ونشهد للمسيح دورنا نتحمل كل إهانة من أجل إسم المسيح .. كيف أقبل ثباتي في الكرمة ؟ الأمر يحتاج جهاد وثبات ومعرفة بإنجيلي .. الأمر يحتاج مني إنسان مرفوع .. يعيش في العالم وهو ليس من العالم .. قيل عن الآب المتنيح ميخائيل إبراهيم أنه كان آية في حياته للآخرين .. يعيش في العالم ولكنه ليس من العالم .. كل من حوله يرى حياته ولكنهم يروا أن هناك عيب واحد فقط به وهو إنه مسيحي .. ويقول لهم الآب المتنيح لولا هذا العيب لم يكن لديَّ أي صفات أو مميزات ربنا يسوع المسيح الذي جعلنا شهود له في هذه الحياة قادر أن يحفظنا بلا لوم وبلا عثرة إلى النفس الأخيرربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد إلى الأبد آمين