أيام السماء على الارض

Large image

نقرأ في سفر التثنية الأصحاح 11 : 8 – 12{ فاحفظوا كل الوصايا التي أنا أُوصيكم بها اليوم لكي تتشددوا وتدخلوا وتمتلكوا الأرض التي أنتم عابرون إليها لتمتلكوها ولكي تُطيلوا الأيام على الأرض التي أقسم الرب لآبائكم أن يُعطيها لهم ولنسلهم أرض تفيض لبناً وعسلاً .. لأن الأرض التي أنت داخل إليها لكي تمتلكها ليست مثل أرض مصر التي خرجت منها حيث كنت تزرع زرعك وتسقيه برِجلك كبستان بقولٍ .. بل الأرض التي أنتم عابرون إليها لكي تمتلكوها هي أرض جبالٍ وبقاعٍ من مطر السماء تشرب ماء .. أرض يعتني بها الرب إلهك عينا الرب إلهك عليها دائماً من أول السنة إلى آخرها } .. أيضاً { لكي تكثُر أيامك وأيام أولادك على الأرض التي أقسم الرب لآبائك أن يعطيهم إياها كأيام السماء على الأرض } ( تث 11 : 21 ) إن موضوع السماء على الأرض مُفرح جداً .. فإننا في وقت نشتاق جداً فيه أن نكون في فرح .. مع كثرة تحديات وضغوط الحياة نفقد جداً فرح السماء الذي على الأرض .. فإنه قصد ربنا من وجودنا في الحياة أن نكون في هذه الحياة مُتمتعين بوجوده وحضرته الإلهية كأننا في السماء الفرح بالرب هدف خِلقتنا .. الله لم يخلقنا حزانى مُكتئبين .. أصعب شئ أن يكون داخل الإنسان فاقد حضور الله داخله .. ويفقد إحساسه برسالته في الحياة .. ويفقد إحساس السماء على الأرض فيحزن ربنا في العهد القديم يقول لهم { فرح الرب هو قوتكم } ( نح 8 : 10) .. ومرة أخرى قال لهم{ فلا تكون إلا فرحاً } ( تث 16 : 15) .. يريد أن يرانا دائماً فرحين ومُتهللين .. القديس يوحنا فم الذهب يقول { أُتركوا العبوسة للأشرار } .. إن الله من يوم خلقتنا ينتظرنا في الأبدية .. لكنه أرسلنا في العالم لكي نشهد له في العالم .. ولكي نربح بالعالم السماء .. ولكي نحيا السماء على الأرض .. هذه هي رسالتنا نريد أن نتحدث في أربعة نقاط :-

1/ صفات الحياة السماوية .
2/ التجسد أعاد إلينا الحياة السماوية .
3/ الكنيسة تنقل لنا الحياة السماوية على الأرض .
4/ بعض التدريبات العملية .
أولاً : صفات الحياة السماوية :-
صفات الحياة السماوية وأهمها ما يلي :-
1- الإنسان يكون بلا جسد ← جسد ثقيل .. شهواني .. طَلَبَاته كثيرة .. غرائزه محتدة ومُشتكية .. يميل إلى الأرض والتراب الذي هو منه .. سأعيش بجسد له صفات جديدة روحانية .. من نوع آخر لا نعلمه لأنه سماوي .. لا يجوع ولا يعطش ولا يشتكي ولا يتألم ولا يصرخ .. سنعيش بلا جسد أرضي الذي دائماً يعلو علينا والذي يستخدمه عدو الخير كستار له ومادة قوية لحربنا .. هذا الجسد لا يوجد في السماء .. معلمنا بولس الرسول صرخ وقال { ويحي أنا الإنسان الشقي من يُنقذني من جسد هذا الموت } ( رو 7 : 24 ) .
2- لا يوجد عدو الخير ← لا يوجد شيطان يغويني ويحاربني ويشتكي عليه .. يهيِّج الله عليه .. لا يستطيع أن يأخذ صورة حيَّة ويخدعني .. لا يوجد عدو يمنعني ويأتي إليَّ بخيالات .. لا يوجد عدو كما قال أرميا النبي " أقامني هدفاً يُلقي فيه سهامه " .. والأن بطرس الرسول يقول { أرضاً جديدةً يسكن فيها البر } ( 2بط 3 : 13) .. أي الأن أصبح ليس هناك أي مشكلة من جهة الشيطان .. { طُرِح المُشتكي على إخوتنا } ( رؤ 12 : 10) .
3- الزمن ← ثِقَل الزمن .. حرب الزمن وسلطانه .. سيُرفع الزمن في السماء .. ما الذي يجعل الإنسان يقلق ؟ ما الذي يجعل الإنسان يحزن مثلاً إذا فقد أحد أحباءه ؟ السبب هو الزمن لأنه سيعيش فترة مِنْ غيره .. أيضاً سبب حب المال الزمن .. فالناس تُحب المال خوفاً على الغد واحتياجها له .. من عطايا السماء لنا عطية رفع الزمن .. لذلك دائماً من هم في السماء في تسابيح وتماجيد بلا ملل أو فتور لأنه لا يوجد زمن وتخرج من أفواههم ترنيمة جديدة لأن عنصر الزمن غير موجود فتخرج من أفواههم التسابيح كأنها جديدة .. لماذا نحن الآن لدينا رتابة في صلواتنا ؟ عامِل الزمن يجعلنا نمِل سريعاً ونرغب في ترانيم وتسابيح جديدة .
4- لا يوجد جهل ← في السماء كل أحكام الله وتدابيره مكشوفة أمامنا ولا نجهلها .. كل ما يصعُب علينا فهمُه الأن سنفهمه في السماء .. كل الأمور التي لا نعرفها ونحتد عليها سيُظهرها لنا الله .. وليس كما قال داود النبي قديماً { رأيت سلامة الأشرار } ( مز 73 : 3 ) .. { لماذا تُنجِح طريق الأشرار } ( أر 12 : 1 ) .. إن حياتنا الأن مليئة بالأسئلة .. لماذا هناك غني وهناك فقير ؟ لماذا يارب هناك سليم وآخر مريض ؟ لماذا يارب طرق الأشرار ناجحة ؟ لماذا يارب يموت طفل وهو صغير ؟ لماذا .. ولماذا .. ولماذا ؟ كل هذه التساؤلات سنعرفها في السماء ولا نجهل معرفتها .. فإن تسابيح السمائيين في السماء وهم يخُّروا ويسجدوا له يقولون { حق وعادلة هي أحكامك } ( رؤ 16 : 7 ) .. ربنا نقول له نحن هذا الأن ولكن دون قناعة كاملة الأن لأننا لا نعرف كل المعرفة على الأرض .. أيضاً لا نعرف أحكامه في السماء نأخذ معية الله الدائمة .. تسبيح دائم .. وجود في حضرة الله أمام عرشه الدائم في وجود الملائكة والقديسين لم ينتظر الله حضورنا في السماء لكي يعطينا كل هذا .. لكنه أعطانا كل هذا على الأرض ولكن كيف والإنسان فَعَل الخطايا وطُرِد مِنْ الحضرة الإلهية وسكن الأرض وطُرِد مِنْ الفردوس .. في الأرض أصبحنا نعيش في التراب بلا أمان .. نعيش بعقوبة فجاء الله بالتجسد وعالج كل هذه الأمور وأصبحنا نحن مُستحقين سُكنى السماء .
ثانياً : التجسد الذي أعادَ إلينا الحياة السماوية :-
جاء الله وقدَّس الجسد وقدَّس الأرض والحياة بل بارك وقدَّس كل أعمال الحياة لأنه أكل وشَرَب وعمل وتربى وكبر ونمى واجتاز كل مراحل السِن المختلفة بكل سماتها .. الإنسان الذي انفصل عن الله .. وعن الخلود والحياة الأبدية أصبح عليهِ حكم أن يموت أبدياً .. جاء الله وأعلن صلاحه للإنسان وأعادَ خلقتهِ من جديد وأُعطيه صورتي والسُكنى معي من جديد .. ويسكن معي وأفضل من آدم نفسه .. فآدم كان يرى الله أحياناً أما إنسان العهد الجديد سأكون فيه – أسكن فيه – وأجعله هيكل لي يقول الكتاب { لما جاء ملء الزمان } ( غل 4 : 4 ) .. أي عند مجيئه في الزمن المحدود .. وبما أنه الزمان بذلك يكون قد ملأ الزمان وفاض .. وجعل الزمن جزء من الأبدية .. فافتقد الزمن عندما عاش على الأرض ثلاثة وثلاثون عاماً بهذا يكون قد دخل الزمان فقدَّسه ربنا يسوع بارك الحياة التي بدلاً من أن تبعدني عن الله جعلتني قريب منه .. الجسد الشهواني الذي يشتكي ويحتد أصبح هيكل للروح .. أصبحت كل أعمال الحياة مقدسة .. فالأكل والعمل ليسا أفعال رديئة لأن السيد المسيح أكل وعمل وشرب .. من أجل هذا قال معلمنا بولس الرسول { لي الحياة هي المسيح والموت هو ربح } ( في 1 : 21 ) .. قد صارت الحياة مقدسة .. قدَّس المادة .. الزرع .. الهواء .. الكون كله هنا يمكن أن نتقابل مع الله في الحياة .. الموت الذي دخل حياتي ربنا يسوع المسيح إفتقدني وجعلني حي وأعطاني جسده ودمه .. صورته التي افتقدتها أخذتها في المعمودية .. الخلود الذي فقدته دخل حياتي عندما دخل إليَّ أصبح التجسد خطوة هامة جداً لكي أحيا السماء على الأرض .. لكي أعيش كإناء مقدس له .. إناء للكرامة والمجد وأفرح بحضرته الإلهية .. { ينبغي أنه كما سلك ذاك هكذا يسلك هو أيضاً }( 1يو 2 : 6 ) .. { تاركاً لنا مثالاً لكي تتبعوا خُطواته } ( 1بط 2 : 21 ) ..كل مواقف الحياة ربنا يسوع المسيح اجتازها قبل منِّي .. الإنسان الذي يعيش مع المسيح يسوع يرتفع فوق نير الجسد ويبدأ سلطان الجسد ونير الجسد يقل .. إبتدأ نير الشهوات الثقيلة التي تستعبدنا تقل عندما يدخل المسيح حياة الإنسان وبالتالي نعيش حياة السماء على الأرض بالتخلص من سلطان الجسد بكل شهواته ومتطلباته كما يقول القديسين أن الإنسان يتكون من جسد وروح والنفس بينهم .. فإن مالت النفس لأعمال الجسد وشهواته وسلطانه صار الإنسان جسداني .. وإن النفس مالت لأعمال الروح صار الإنسان روحاني .. أي ممكن أن تعيش السماء بالروح .
ثالثاً : الكنيسة تنقل لنا الحياة السماوية على الأرض :-
إن الكنيسة تُدرب أولادها على أن يحيوا السماء على الأرض وهم مازالوا على الأرض .. كيف ؟ إن كانت مشكلتنا على الأرض هي الخطايا والضمير المُعذب فإن الكنيسة أعطت لنا سر التوبة والإعتراف وغفران الخطايا لكي تعطينا الطهارة وتجعلك وأنت في الجسد كملائكة الله .. تعطيك الجسد والدم كحياة أبدية لكل من يتناول منهُ .. ونغلب بذلك الخطية ونحن على الأرض عندما يفتح الكاهن سِتر الهيكل نرى يسوع جالس على العرش – مِنْ سِفر الرؤيا – وكأن يد أبونا هي يد المسيح التي فتحت باب الرحمة ورأينا يسوع قد أشرق علينا .. ونرى الكنيسة في آخر صلواتها وهي تُغلق السِترفتقول { إسدِل يارب سترك علينا واجعل باب بيعتك مفتوح أمام وجوهنا على مر الدهور } .. يسوع جالس على العرش .. المذبح .. البخور .. فالبخور هو صلوات مرفوعة إلى الأعالي .. صلوات تُحلق في السموات نقرأ في العهد القديم عندما غضب الله على الشعب أتى بوباء على الأرض فصرخ موسى إلى الرب .. فالرب سمع صوته وقال له إجعل هارون يأخذ بخور من على المذبح ويسير في وسط الشعب والمكان في الحال وقف منهُ الوباء ( عد 16 : 48 ) .. فالبخور يخرج من على المذبح من عند يسوع ويسير الكاهن بين الشعب يطلب للشعب والشعب يطلب غفران الخطايا أيضاً الرتب الكهنوتية موجودة في سفر الرؤيا .. أيضاً القديسين .. كل هذا في السماء ونعيشه نحن الأن على الأرض .. فالكنيسة تنقل لنا خيرات الأبدية وتُعلِّم أولادهم كيف يهذبوا أجسادهم بالصوم .. وتُعلِّم أولادها كيف يفرحون بالله .. وتُدربهم كيف يُعبِّرون عن أفراحهم بالنَغَم – كل نغمة تُعبِّر عن حالة – كل مناسبة لها نغمة ولحن يُعبِّر عن حالة الكنيسة ويريد أن تُعلِّمه لأولادها .
رابعاً : بعض التدريبات العملية :-
أشعُر بالله دائماً في كل أمور حياتك .. { جعلت الرب أمامي في كل حين } ( مز 16 : 8 ) .. فإن أصعب شئ أن نفصل حياتنا بسكينة .. جزء لربنا وجزء آخر للحياة .. شغل .. بيت .. دراسة .. إن الله عندما جاء في جسد بارك كل شئ فاجعل حياتك مقدسة وعملك مقدس ودراستك مقدسة .. وأنت تسير في الشارع تذكَّر أن هذه الأرض مقدسة لأنه مر وسار على هذه الأرض وقدسها .. هنا تشعر بوجود ربنا وأنت تسير في الشارع الصلوات القصيرة .. صلي كثيراً عبارة " يارب يسوع المسيح ارحمني .. يارب يسوع المسيح قدسني " وأنت تسير في الشارع .. رتِل في كل الأوقات التي يمكن أن يكون فيه الذهن متشتت .. إرفع قلبك دائماً واشعر أنك لا تحيا في الجسد فأنت تعيش في الزمان ولكنك ارتفعت عن الزمان .. أُشعر أنك تحيا لا على الأرض بل تحيا في السماء درب نفسك وأنت تسير في الشارع أن يكون عندك صلوات قصيرة عن :-
1/ مغفرة خطاياك اللحظية .. أي تقدم توبة وقتية عن الخطية التي ترتكبها في حينها مثل النظرة الشريرة .. الإدانة .. لا تؤجل ولا تتراخى .. تصور نفسك في السماء وهناك جسم غريب دخل إليك فحاول طرده .
2/ عيش مشاعر مقدسة مع كل الناس كما كان يفعل أبونا ميخائيل إبراهيم وهو يسير يبارك ويدعو لكل الناس .. إمرأة تحمل طفل يدعو لها بالصحة والإعانة لكي تربي طفلها .. بائع جوَّال يدعو له بالرزق والذهاب سريعاً إلى بيته .. يطلب التوبة لكل الناس ويعطي البركة لهم هذا هو القلب السماوي .. { طوبى للأنقياء القلب لأنهم يُعاينون الله } ( مت 5 : 8 ) .. في حياته اليومية يشعر بالمسيح .. تدرب على حياة السماء وأنت على الأرض .. قدِّس أفكارك .. مشاعرك .. صلاة قصيرة .. ردد تسابيح .. مزامير .. آيات الله يعطينا أن نعيش حياة السماء على الأرض بنعمته وبركته ولإلهنا المجد دائماً أبدياً آمين

عدد الزيارات 2259

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل