طوبى للجياع والعطاش الى البر

Large image

في الموعظة على الجبل التي وُردت في إنجيل معلمنا متى يقول لنا منهج الحياة مع الله في العهد الجديد كله .. صعد على الجبل وأعطاهم شريعة جديدة عوضاً عن شريعة العهد القديم .. ناموس العهد القديم أُعطت لموسى على جبل والآن شريعة العهد الجديد تُعطى أيضاً على جبل .. فتح فاه وأعطاهم منهج بـ 9 تطويبات منها { طوبى للجياع والعطاش إلى البر لأنهم يُشبعون } ( مت 5 : 6 ) .. وضع يسوع أساسيات التعليم .. كلمهم عن المساكين .. الحزانى .. الودعاء .. والآن يُحدثهم عن الجياع والعطاش إلى البر ما معنى جياع وعطاش إلى البر ؟ هذا مثل جوع الإنسان للطعام وحالة التوتر التي يكون عليها الإنسان التي لا تستريح إلا عندما تأكل .. أراد الله أن يحدثنا عن طريق ما نعرفه نحن مثل الجوع والعطش .. على نفس المستوى أراد الله أن نشعر بالفضيلة .. أراد أن نجوع ونعطش للبر .. جميل أن يتغذى الإنسان بالبر .. وكما يقول المثل * الإنسان هو ما يأكله * .. أي أن طعام الإنسان يعبر عنه .. كما أن الشعوب تُعرف بطعامها أما نحن أولاد الله فطعامنا هو البر ما أجوع إليه يُعبر عني .. كل ما نأكله يظهر علينا مثل طائر النورس الذي يتغذى على سمك البحاروالمحيطات وعندما تحاول أنت أكل هذا الطائر تجده بنفس رائحة السمك الذي يأكله .. أما نحن عندما نأكل البر ترى فينا الناس بر معلمنا داود النبي يقول لربنا { كلماتك حلوة في حلقي أفضل من العسل والشهد في فمي }( مز 118 – قطعة 13) .. عليك أن تأكل الإنجيل كما كان يفعل أبونا بيشوي كامل المتنيح .. فعند دخوله إلى البيت يومياً يسأل زوجته * هل قرأتِ في الإنجيل اليوم ؟ * .. كان يريد أن يعرف إذا كانت قد تغذت وأكلت من البر أم لا .. أرادها أن تأكل وتأكل من الكتاب المقدس وكما قال لنا { ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان } ( مت 4 : 4 ) .. لأن غذاء أولاد الله هو بر وليس خبز .. من الذي يشعر بالهدد الروحي ؟ عندما لا يقرأ في الكتاب المقدس يوم أو إثنان ..كما يشعر به عندما يكون جوعان أو عطشان ؟معروف أيضاً عن أبونا بيشوي أنه كان يكتب كثيراً في الكتاب المقدس حتى إمتلأ الكتاب المقدس مما جعله يطلب من أحد المطابع عمل صفحة فارغة بين كل صفحة وصفحة في الكتاب المقدس حتى يتمكن من الكتابة فيه كما يرغب .. كان يأكل من الكتاب المقدس لأنه كان يشعر دائماً بالجوع والعطش كما يقول داود النبي { عطشت نفسي إلى الله } .. وكما يقول في المزمور { كما يشتاق الإيل إلى جداول المياه .. هكذا تشتاق نفسي إليك يا الله } ( مز 42 : 1 – 2 ) .. يُقال عن الآيائل ( الغزلان ) أنها تعيش في البرية وتحب أكل الثعابين وعندما يأكل ثعبان يُصاب بحالة من العطش .. فيجري بسرعة رهيبة على مجرى مياه يعرفه ليشرب بكل هذا الإندفاع سآتي إليك يارب بكل حماس .. سآتي بإندفاع العطش والإحتياج .. وكما كان يُقال { باسمك أرفع يدي فتشبع نفسي كأنها من شحم ودسم } ( مز 63 : 5 ) .. في الأصوام يريد منا الله أن نشبع بالروح حتى ننسى جوع الجسد .. وكما كان الآباء القديسين في أوقات الأصوام فكانت أصوامهم إنقطاع عن الطعام وآخرون نسوا الطعام لأنهم إهتموا بطعام الروح .. عندما عملوا عمل أعظم سهوا عن العمل الأقل .. ما أجمل أن يهتم الإنسان بطعام الروح وتعده كما تعد طعام الجسد .. وكما يقول الآباء { أن البطن لا تعرف أن تحتفظ بالأطعمة } .. أما طعام الروح يُحفظ طعام للخلود يُحفظ في الأبدية .. لهذا علينا أن نتعب لجوع وعطش للبر .. أم لجوع وعطش الجسد ؟ما أجمل داود النبي وهو يقول { متى أجئ وأتراءى قدام الله ؟ } ( مز 42 : 2) .. { طلبت وجهك ولوجهك يارب ألتمس } ( مز 26) .. يسوع شبَّه نفسه بأنه شجرة الحياة .. أعطانا جسده ودمه حتى نأكله لكي يعلمنا دائماً أن نأكل روحيات .. ما أجمل أن يكون طعامك أن تصنع مشيئة الله وتقول أنا لي طعام آخر .. إن أجمل ما في الحياة الروحية أن كل ما نأكل كل ما نزداد جوعاً وعطشاً عكس الطعام الخاص بالجسد .. الأمور الروحية الإنسان يشتد ويربط الليل بالنهار أما الجسد فالمعدة محدودة بعد فترة تمتلئ .. لهذا معلمنا بولس الرسول يقول { أنسى ما هو وراء وأمتد إلى ما هو قدام } ( في 3 : 13) .. المائدة متسعة وغزيرة بالخيرات .. الله به هذه اللذة يعطيني مذاق للملكوت ويجعلني أشعر إني أحب الوجود في حضرة الله إسألوا الآباء القديسين .. المتوحدين .. والأبرار فيقول لك أن يومه ضيق لأنه يذهب إلى الصلاة والقراءة في الكتاب المقدس والتسابيح .. فإنه يأكل ويتغذى من كل هذا .. وكما يوجد صراع بين العالم على طعام الجسد هكذا نحن في صراع على غذاء الروح .. ما أجمل قول أشعياء النبي عندما يقول { ففي طريق أحكامك يارب انتظرناك .. إلى اسمك وإلى ذكرك شهوة النفس } ( أش 26 : 8 ) .. كلمة " الشهوة " تأتي من الإشتهاء تعالوا نتخيل لقاء أبينا يعقوب بإبنه يوسف بعد أن ظن إنه مات .. وبعدها بسنوات يعرف أنه يعيش وأنه سيراه ويحضنه .. ويقول لنا الكتاب { ولما ظهر له وقع على عنقه وبكى على عنقه زماناً }( تك 46 : 29) .. تخيل أحد القديسين يقول للرب * لقائي معك يارب مثل لقاء يعقوب بيوسف .. يُقبِّلك ضميري كما قبَّل يعقوب إبنه يوسف .. أتت الساعة لأقف أمامك * .. يقول هذا القديس { إن لقائك يُزيل كل الأحزان ويُفلح الأوجاع من القلب } .. يقول { ليس من إحتضنك إلا وعبرت رائحتك في ثيابه واستمرت حتى بُليت } جميل أن ينطلق الإنسان نحو الله في ممارسات روحية وليست مجرد واجب .. ليست فروض ولكنها حب وجوع وعطش .. كل هذا شعر به يسوع وقال { طوبى للجياع والعطاش إلى البر } .. ما أجمل أن تردد وأنت ذاهب إلى الكنيسة { فرحت بالقائلين لي إلى بيت الرب نذهب } ( مز 121) .. الناس الشبعانة من الله لا تهتم بالأكل الكثير .. تأكل أقل طعام ومهما كان بسيط لا يأخذ محور إهتمامها .. جميل أن يقف الإنسان أمام الله حتى وإن كان جسده يؤلمه إلا أنه يستمر في الصلاة والجلوس معاه .. يقول إذا جاءك العدو وأنت تصلي قول له سأُزيد صلاتي صلاةً وزدها .. ما أجمل أن تنشغل بالأمور الروحية التي تُثري قلبه وعقله .. كما يُقال عن القديس يحنس القصير من كثرة إنشغاله بالله كان ينسى كل الأمور الأخرى .. منها أنه كان يجدل الخوص ويبيعه لرجل عرباوي وعندما يدخل لإحضارها ينسى ويرجع بدونها .. هذا لأن عقله مشغول بالسمائيات .. الناس التي جاعت إلى البر وعطشت إلى البر لها نصيب كبير في السماء ومكان أجمل ما الذي يُعطل هذا الإشتياق ؟ منها الكثير والكثير مثل محبة العالم .. حب الخطية .. تهاون مع الجسد .. إشفاق على الجسد .. الإنشغال بالأحداث والكلام الذي لا يبني .. المشتاق إلى الله سينتقل في يوم من الأيام والجسد سيفنى .. المهم هو الروح التي تعبت .. الإنسان الذي لديه فرح نوراني على الأرض هو الذي يكسب الأبدية .. ما أجمل الإنسان الجائع للبر .. والآباء القديسين تقول{ من يشتاق للفضيلة فضيلة } .. لو تحركت إشتياقات الفضيلة داخلي وأردت أن أزداد في الأصوام والصلاة وعمل الفضائل والرحمة تُحسب لنا فضيلة علينا الآن أن نتدرب على الأبدية التي بها كل التمجيد والتسابيح .. الحياة الزمنية التي يعطيها الله لنا الآن هي بمثابة تدريب على السماء والحياة فيها .. مثل القداس .. الندوات الروحية .. حياة التسبيح .. حتى متى رُفعت روحي أكون قد دُربت على كل هذا .. أراد الله أن يُنذر أحد الأشخاص فرأى رؤية أنه عند صعوده إلى السماء شاهد ملاك يقف ويقول له * ليس لك مكان فيها * .. فتحنن الله عليه وقال له * دعه يدخل * .. فشاهد الجميع في حالة سجود وتسبيح .. فقال هذا الشخص للملاك إخرجني .. فإنه لم يتعود ولم يُدرب لهذا يُقال لنا { أحكم يا أخي على نفسك قبل أن يُحكم عليك } .. نحن في جوع وعطش للبر الآن ولكن عندما نكون في السماء نكون في جوع دائم وعطش دائم .. وكما يتساءل البابا * نحن نجوع ونعطش إلى البر الآن ولكن عندما ننتقل ونتمتع بالعِشرة مع الله هل نصل في الأبدية إلى حالة شبع ؟ .. يقول سيدنا البابا .. إني في الحقيقة لست أعلم .. الله يعطينا المفتاح الآن ويقول طوبى للجياع والعطاش إلى البر لأنهم يشبعون ربنا يسوع المسيح الذي علمنا وأعطانا التطويب .. يعلمنا كيف نجوع ونعطش وأن لا نجوع ونعطش لأي شئ مادي أو جسدي فكثيراً ما جعنا لأمور عالمية فوجدنا أنفسنا نجوع ونجوع ولكن كل من يأكله هو نفسه لا تجوع ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد إلى الأبد آمين

عدد الزيارات 2197

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل