التجربه على الجبل

" لو 4 : 1 – 11 "
تُعلّمنا الكنيسة فى تجربة ربنا يسوع على الجبل مع الشيطان فى بداية صومنا وتقول لنا إستعدّوا للحرب لأنكّم ستصوموا وترفّعوا عن العالم وشهوات العالم
عدو الخير سيكون سلبى من ناحيتكم ولابد أن تكونوا واعيين لحروب عدو الخير لأنّ عدو الخير كان فى الأول فى حضرة الله وكان يُسبّح ويُمجّد وقد ذاق عِشرة ربنا ولذلك هو لا يطيق أنّ الناس تذوق عِشرة ربنا لأنّه هو حُرم من ذلك ويعلم جيداً بحلاوة الحياة مع الله ولذلك هو عندما يجد إنسان يقترب لعِشرة ربنا فإنّه لا يطيقه ولا يحتمله
ففى صلاة الشكر توجد عبارة تقول " كل حسد وكل تجربة وكل فعل الشيطان " فنحن نقصد بها حسد الشيطان علينا00لأننّا عندما نقترب من ربنا الشيطان لا يسكُت ولذلك فى فترات الصوم بنجد أنّ عدو الخير ربما يكون نشيط من جهتنا
ولذلك بنجد مثلاً إنسان يقول أنا يا أبونا لم أستفيد من الصوم وصُمت عن الأكل فقط وذلك لأنّ عدو الخير يجد النفس إبتدأت ترتفع وتفرح
بنعمة ربنا أريد أن أتكلّم معكم فى نقطتين فإن كانت الحرب بين طرفين وهم الشيطان وربنا ولذلك أريد أن أتكلّم معكم عن :
1/ربنا والشيطان 2/الحرب بيننا
(1) ربنا والشيطان :
========================
لابد أن نضع أنفسنا فى داخل المسيح المسيح عندما تجسّد شاركنا فى اللحم والدم وأخذ طبيعتنا فكل شىء عمله كان يقصد به أن يكون لنا ولذلك عمله لأجلنا نحن أعضاء المسيح جسمه نحن من لحمه ودمّه
كان يوجد إنسان رسم صورة فرسم المذبح " رأس المسيح " وجسمه هى " الكنيسة " ، فهى جسمه فأنا الآن ماذا أكون بالنسبة للرأس ؟! أنا عضو فيه ، خليّة فيه ، جزء منّه هذا هو ربنا يسوع بالنسبة لنا مادُمت أنا فى داخله ولذلك هو عندما يُحارب الشيطان نكون نحن بنحارب وعندما ينتصر نحن أيضاً ننتصر هذا هو سر الكنيسة
فعندما أحارب من الذى يُدبر لى النصر ؟! هو الذى يُدبر لى النصر مادُمت أنا فى داخله أنا ضامن النُصرة الخطر هو عندما أبُعد عنّه وبذلك أكون بحارب بمفردى وبذلك تكون حرب غير مُتكافئة فكل الذى عمله ربنا يسوع عمله من أجلنا ، والمفروض أن نتأكد أنها لنا وملكنا فالنُصرة التى إنتصرها كانت نُصرة لنا نحن فالذى عمله عمله لكى يجعله منهج لحياتنا منهج ثابت للكنيسة ولم يعمله لنفسه ربنا يسوع يعلم طبيعتنا جيداً ولذلك فهو بيرسم لنا الطريق المناسب للغلبة
فما هو الطريق ؟! نأخذ عدّة نقط من التجربة على الجبل فخطوات الصوم هى :
أ/الجوع :
==========
أول شىء كان سبب هياج عدو الخير على ربنا يسوع أنّه صعد للبريّة مُنقاداً بالروح " وكان يقتاد بالروح فى البرية أربعين يوماً يُجرّب من إبليس0ولم يأكل شيئاً فى تلك الأيام " ( لو4: 1، 2 )0
" لم يأكل شيئاً " فإغتاظ عدو الخير وإبتدأ هياجه ربنا يسوع بيرسم لنا الخطة التى نغلب بها فيقول إنظر ماذا فعلت وإفعل مثلى " تاركاً لنا مثالاً لكى نتبع خطواته " ، ربنا يسوع جاع طريق النُصرة هو الصوم هو الجوع
لابد أن أنقطع عن الطعام لفترة00فنحن بننقطع لكى نجوع و لابد أن نجوع فلا يوجد صوم بدون جوع لابد أن نجتاز خبرة الجوع لكى نتغلّب على مصيدة عدو الخير وحيله وكما أنّ ربنا يسوع جاع لابد أن أجوع فإن لم أجوع بذلك لم أكون أنا من جسمه لأنّ الجسم عندما يجوع لابد أنّ كلّه يجوع
ولذلك فى الكنيسة كلنّا نصوم مع بعض ونجوع مع بعض0لأنّ كل واحد فينا هو خليّة حيّة فى جسم يسوع المسيح0فنجوع من أجله ، فعندما أجتاز هذه الخبرة أجد نفسى أننى إبتدأت أثبُت فيه 0
فنحن بنجعل الجسد يجوع لكى يجوع إلى البر ، جميل جداً فى الصوم أننّا بنجوع عن طعام الجسد لكى نأكل طعام الروح ، فالصوم هو من أجل نمو أرواحنا0ونحن يجب ان نكون مُشاركين المسيح فى منهج صومه0فهنا هو يقول لنا لكى تنتصر لابد أن تجوع0
ب/الإختلاء للصلاة :0
========================
يقول لك لابد أن تختلى0فهو صعد للجبل ولم يكن معه أحداً0فأنا أيضاً لابد أن أختلى 0فالصوم لابد أن يُقرن بالخلوة والإعتكاف والهدوء00لابد أن يُقرن بالمخدع المُغلق ، فالصوم لابد لابد أن يكون معه إعتكاف ، فيوئيل النبى يقول " قدّسوا صوماً نادوا بإعتكاف "0
أنا أريد أن يكون لىّ إنفراد مع الله ، ما أجمل أن يكون الإنسان برنامجه اليومى فى فترة الصوم مختلف ، وإلاّ يكون الصوم عمل جسدى 0فإن كنت قد تعّودت أن أرجع البيت متأخر فلا أرجع متأخر فأبدّل الوقت من وقت ضائع إلى وقت مع الكتاب المقدس ومع التسبيح ومع سير القديسين0وإن كنت قد تعودّت أن أشاهد التليفزيون فأستبدل هذا الوقت بوقفة صلاة مع الله0
رب المجد يسوع يضع لنا الطريق يا أحبائى لكى نسير وراءه0ونسير فى أمان وبسهولة0فربنا يسوع يريد أن يُعلّمنا كيف نغلب 0 فيقول يسوع للشيطان أنت غلبت آدم فى الجوع ، أتريد أن تغلبنى فى الجوع !! فأنا سأُعلّم أولادى أنّ النُصرة ليست فى الأكل 0كل واحد فينا صعد مع ربنا يسوع على الجبل وإنتصر على الشيطان00فالذى لم يجوع لم يصعد معه على الجبل00والذى لم يغلب لم يصعد معه على الجبل0
والقديسين يقولوا " إن الجوع خير مُعين لضبط الحواس " ، فالإنسان الذى يجوع تكون حواسه هادئة00أمّا الإنسان الأكول لا يكون فيه إستقرار ، لابد أنّ الإنسان يكون له عُزلة وإعتكاف 0فالإنسان الذى يتكلّم كثيراً مع أصدقاءه لا يجب أن يكون عنده هذا الأمر فى الصوم0صائم أى لابد أن تمتلأ روحياً ، فلو عرفنا قصد الكنيسة من البرنامج الذى تضعه لنا صدقّونى سننمو سريعاً لدرجة فائقة0ولذلك الكنيسة بعد 55 يوم تقول لك إفطر أنا الآن أطمئن عليك لأنك قد ضبطت نفسك عن الأكل00أنا عّودتك على الطهارة00نحن رفعناك0
ولذلك يا أحبائى الذى يجتاز مع الكنيسة بقلب أمين بيعرف كيف يعيش كإنسان روحانى وفيه غلبة ربنا يسوع 0ولذلك الكنيسة بتعطيك خطوات 00الصوم000جوع00إختلاء0
والمسيح قوى ولذلك لا يوجد شىء يغلبنا ، لا شهواتنا ومحبتنا لذاتنا ، فلو أنا عايش الكنيسة صح فأنا سيكون عندى حرية مجد أولاد الله0
فأنا ليس مسئول عن نفسى فقط ولكن أنا مسئول عن إخوتى00لأنّ ضعف إخوتى هو ضعفى أنا0
توجد قصة عن شاب متغرّب فى الأسكندرية فى الجامعة وبيعترف عند أبونا بيشوى كامل00وهذا الشاب شكله تقى و مؤدبّ ولكن عندما يعترف بيعترف بخطايا صعبة جداً0فأبونا تعجّب من هذا الأمر والشاب كان يبكى فى كل إعتراف وكان يقول لأبونا إعطينى قانون تأديب ، فأبونا تعجّب جداً وإستفسر عن هذا الأمر 00فقال له الشاب أنا مُقيم فى شقة مع شابين وهم بيعملوا الخطية ولم يوافقوا أن يكُفّوا عنها ، فأنا بعترف بدلاً منهم 0
فلم يكون كل واحد فينا هو لنفسه ولكن نحن جسم المسيح ، ضعف أخى هو ضعفى أنا ، فهو أعطانا الخطوات ، فلو بعِدنا عن شركة الكنيسة وعن محبتنا لإخواتنا سنُهزم ، فهذا هو منهج ربنا يسوع0
منهج الشيطان :0
==================
أمّا منهج الشيطان فهو كُلّه خُبث وكُلّه رياء0فلكى تضمنوا الغلبة إعرفوا منهجة ، فمنهجة كُلّه شك ( حرب تشكيك ) فإنّه جاء يُشكّك ربنا يسوع فى بنّوته لله ، ألهذه الدرجة يتجاسر ؟! نعم لهذه الدرجة فربنا يسوع هو الحق ونجد الشيطان يقول له " إن كنت إبن الله " ، حرب التشكيك وإلى اليوم يُمارسها معنا 0فهو يحب أن يُشكّك فى كل شىء فيقول لك : أحقاً توجد أبدية !! وهل توجد دينونة أم لا ؟! فيُشكّك فى القديسين ويُشكّك فى التناول ويقول لك أيُعقل أنّ القربانة تصير جسد المسيح ، و يُشكّك حتى فى الصوم ويقول لك لا تصوم فأنت صحتك تعبانة ويجعل الإنسان يهتز ولا يعمل العمل بفرح0
أولاد الله لابد أن يعرفوا إسلوبه ، فهو خبير بضعف الإنسان وحروبه حروب رهيبة ، فالحل هو الثبات فى المسيح ، فإن ثبتّ فى المسيح فأنت غالب وإن لم تثبت فستجد حروب الشيطان تحتاج إلى قوة جباّرة ، فأنت جزء من المسيح 0أنت إبن للملك ، أنت فيك قوة جباّرة0
فكان يوجد شخص جالس معى ولأول مرة بيعترف ، فقلت له فرصة سعيدة ، فقال 00وعندما تسمع إعترافى ستقول ليست فرصة سعيدة ، فقلت له فأنت إبن للملك المسيح مهما كنت0
فنحن أمام عين ربنا من الأسرة الملكية ، خُطاه ولكن نحن ملكه ، نحن له ، مادام أنّ الإنسان بيثبت فى المسيح يكون كريم جداً فى عين ربنا0
فإن كان الشيطان جاء ليُشكّك ربنا يسوع فهل سيتركنى 00ألمّ سيأتى ليُشككّنى ويقول : من أنت ؟!
فالشيطان عندما وجد ربنا يسوع قد جاع فأتى له من حرب الخبز ، ما اكثر أن يجعل حياتنا كلّها لعبودية الخبز ، ويجعل الإنسان يعيش فى عبودية من أجل الخبز ، ويعرف فى أى لحظة يأتى لكى يُحارب فيها الإنسان ، عدو الخير عدو مكّار فعندما أصوم إنقطاعى يقول لى أنت جوعان 00كُل 00فأقول له لا أكُل فلم يأتى الوقت الذى سآكل فيه وأرشم نفسى بعلامة الصليب ، فيُطرد ولا يعرف أن يغلب الإنسان ، فهو آتى ليُحاربنا بشهوة الخبز 00فأقول له " ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان " ، فأنا الذى يجعلنى أعيش هو روح الله الذى فىّ ، فالحياة التى أتمسك بها هى حياتى الأبدية ، ولذلك الإنسان الذى يجعل حياته مع ربنا يأخذ آية يعيش بها وتفرّحه ويعيش بها طوال اليوم ، فى حين أنّ الإنسان المُستبعد للخبز فإنّه ينهار أمام الخبز ولا يستطيع أن يثبُت أبداً ، فإن كان دانيال رفض أن يتنجّس بأطايب الملك وقال له جرّب عبيدك ، فأنا سأخذ أقل الأنواع وأنت جرّب عبيدك ، فإنّ الكنيسة عجيبة 00غالبة0
عدو الخير يا أحبائى بيستخدم أسلحة مُختلفة وفى أوقلت مُختلفة ، بيستخدم حرب المجد الباطل ، فالإنسان الذى لم يغُلب بالخبز عدو الخير يقول يمكن أن يغُلب بممالك العالم وبالمقتنيات ، حرب الملكية بالمظاهر وبالأشكال بالمبانى ، عدو الخير يريد أن يغلب بها 0
ما أكثر أن نغُلب بالمظاهر ، رب المجد يسوع يقول لك لا تسجُد للشيطان أبداً وقُل له لن أسجُد لك " للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبُد " أسجُد لإلهك ، إحذر أن يكون عدو الخير أقام من مقتنيات عندك صنم تسجُد له ويقيم لك مظاهر تسجُد لها وتخضع لها 0
هو عارف أنّ الإنسان مُحب للكرامة ولذلك يُحارب الإنسان بالكرامة وبالشهوة ، فيقول للإنسان أنت إبن لله فلو رميت نفسك من على الجبل فإنّه سيوصى ملائكته بك ليحملوك فهو يريد أن يجعله يشعر بالزهو ولذلك لابد أن نكون مُتأكدين أننا جزء منّه00وهذا هو ذخيرة الصوم 0
رب المجد يسوع عندما صام صام لإجلنا ، فأنا الآن صومى هو جزء من صومه هو ولكن الأساس هو صومه هو ، ولذلك هو صوم قوى ، ولذلك الكنيسة تؤكد اننّا لم نكن صائمين لوحدنا ولكن هو صائم معنا ، ولذلك فى كل يوم نقول " يسوع المسيح صام عنّا أربعين يوماً وأربعين ليلة "0
هو جاء لكى يُعطينا نُصرة مجاناً0فلو إكتشفنا النُصرة التى لنا فى الكنيسة ، فأننّا سنسلُك فعلاً كأولاد الله ، لأنّ هو عندما جاء جاء لكى ينزع عنّا العار ، فلا شهوة ولا محبة للعالم ولا شىء يغلبنى ، فالمسيح عندما غلب كُلنا غلبنا ، نحن صرنا نُحارب مع عدو مهزوم0
كم أنّ يا أحبائى لو الإنسان شعر أنّه جزء من كنيسة المسيح ، وشعر بالقوة التى تريد الكنيسة أن تُعطيها له ، وكم يكون لو الإنسان عزل نفسه عن الكنيسة فإنّه سيسبّب مرض للكنيسة كُلّها ، ولو كُلنّا بنجاهد وكُلنّا بنجوع فكُلنّا بنُعطى نُصرة للكنيسة وتصير " مُرهبة كجيش بألوية " فالكنيسة فيها روح المسيح 0
فهل أنا أعمل حركات بهلوانية ؟! الإنسان الذى يُحب أن يعيش مع ربنا يُحب الخفاء ، ويُحب البساطة والإتضاع ، ولا يُحب أن يكون كريم أمام الناس ولا قوى أمام الناس ، والعكس فقد يكون إنسان ضعيف أمام الناس ولكن فى الداخل يكون قوى0
ربنا يسوع يريدنى أن اثبُت فيه لكى أستطيع أن أغلب ، لأنّ كُل هذا هو إجتازه فعندما تثبُت فى المسيح فالمسيح غلب وعندما غلب غلب من أجلك وهو غلب كنائب عنّا
كم أنّ يا أحبائى النفس المجُاهدة تستحق خدمة الملائكة ، فإن كنّا مُنتصرين فستجد الملائكة منتظراك
هذه هى خدمة الملائكة وهى أن تخدم النفس
ربنا يُعطينا صوم بحسب قلبه ويُعطينا غلبة وجهاد ربنا يسند كل ضعف فينا ولإلهنا المجد دائماً أبدياً أمين