فَضِيلة الصَّلاَح

Large image

مِنْ إِنْجِيل مُعَلِّمنَا مَتَّى 20 : 1 – 15 { فَإِنَّ مَلَكُوتَ السَّموَاتِ يُشْبِهُ رَجُلاً رَبَّ بَيْتٍ خَرَجَ مَعَ الصُّبْحِ لِيَسْتَأجِرَ فَعَلَةً لِكَرْمِهِ . فَاتَّفَقَ مَعَ الْفَعَلَةِ عَلَى دِينَارٍ فِي الْيَوْمِ وَأَرْسَلَهُمْ إِلَى كَرْمِهِ . ثُمَّ خَرَجَ نَحْوَ السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ وَرَأَى آخَرِينَ قِيَاماً فِي السُّوقِ بَطَّالِينَ . فَقَالَ لَهُمْ اذْهَبُوا أنْتُمْ أيْضاً إِلَى الْكَرْمِ فَأُعْطِيكُمْ مَا يَحِقُّ لَكُمْ . فَمَضَوْا . وَخَرَجَ أيْضاً نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ وَالتَّاسِعَةِ وَفَعَلَ كَذلِكَ . ثُمَّ نَحْوَالسَّاعَةِ الْحَادِيَةِ عَشْرَةَ خَرَجَ وَوَجَدَ آخَرِينَ قِيَاماً بَطَّالِينَ . فَقَالَ لَهُمْ لِمَاذَا وَقَفْتُمْ ههُنَا كُلَّ النَّهَارِ بَطَّالِينَ . قَالُوا لَهُ لأِنَّهُ لَمْ يَسْتَأجِرْنَا أحَدٌ . قَالَ لَهُمُ اذْهَبُوا أنْتُمْ أيْضاً إِلَى الْكَرْمِ فَتَأْخُذُوا مَا يَحِقُّ لَكُمْ . فَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ قَالَ صَاحِبُ الْكَرْمِ لِوَكِيلِهِ . ادْعُ الْفَعَلَةَ وَأَعْطِهِمُ الأُجْرَةَ مُبْتَدِئاً مِنَ الآخَرِينَ إِلَى الأَوَّلِينَ فَجَاءَ أصْحَابُ السَّاعَةِ الْحَادِيَةِ عَشْرَةَ وَأَخَذُوا دِينَاراً دِينَاراً . وَفِيمَا هُمْ يَأخُذُونَ تَذَمَّرُوا عَلَى رَبِّ البَيْتِ قَائِلِينَ . هؤُلاَءِ الآخِرُونَ عَمِلُوا سَاعَةً وَاحِدَةً وَقَدْ سَاوَيْتَهُمْ بِنَا نَحْنُ الَّذِينَ احْتَمَلْنَا ثِقَلِ النَّهَارِ وَالْحَرَّ . فَأَجَابَ وَقَالَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ . يَا صَاحِبُ مَا ظَلَمْتُكَ . أَمَا اتَّفَقْتَ مَعِي عَلَى دِينَارٍ . فَخُذِ الَّذِي لَكَ وَاذْهَبْ . فَإِنِّي أُرِيدُ أنْ أُعْطِي هذَا الآخِيرَ مِثْلَكَ . أوْ مَا يَحِلُّ لِي أنْ أَفْعَلَ مَا أُرِيدُ بِمَا لِي . أمْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةٌ لأنِّي أنَا صَالِحٌ } إِذَا كُنَّا نَتَكَلَّم عَنْ الأنبَا أبرَآم لأِنَّنَا اليَوْم نَحْتَفِل بِعِيد نِيَاحتة فَهُوَ كَانَ مَعْرُوف بِفَضِيلة العَطَاء .. وَفَضِيلة الصَّلاَح تُشْبِه فَضَائِل كَثِيرة مِثْلَ العَطَاء بَلْ وَهيَ أصل العَطَاء .. هَنِتكَلِّم فِي 3 نِقَاط عَنْ الصَّلاَح :-

1/ مَعنَى الصَّلاَح :-
كَلِمَة " صَلاَح " تَعنِي الخِير المُطلَق أوْ الحُب المُطلَق أوْ العَطَاء المُطلَق لاَ يَتَوَقف عَلَى الشَخْص الآخِذ .. أي الإِنْسَان الَّذِي يُحِب أنْ يَعْمَل مَا هُوَ صَالِح مِنْ أجل الصَّلاَح وَلَيْسَ مِنْ أجل رَد الفِعل ..رَجُل لَدَيهِ كَرْم وَمُحْتَاج لِفَعَلَة فَخَرَجَ فِي الصَبَاح البَاكِر وَوَجَدَ مَجْمُوعة مِنْ الفَعَلَة مُنْتَظِرُون مَنْ يَسْتَأجِرَهُمْ فَأخَذَ مِنْهُمْ مَجْمُوعة .. ثُمَّ خَرَجَ نَحْو السَّاعة الثَّالِثة أي 9 صَبَاحاً فَوَجَدَ آخَرِين قِيَام بَطَّالِين فَأخَذَهُمْ لِكَرْمه .. ثُمَّ عَادَ وَخَرَجَ السَّاعة السَّادِسة وَالتَّاسِعة أي السَّاعة 12 ، 3 ظُهراً فَأخَذَهُمْ أيْضاً لِلعَمْل فِي كَرْمِهِ الكَرْم لاَ يَسْتَوعِب كُلَّ هذِهِ العِمَالة لأِنَّهُ أخَذَ كِفَايته فِي الصَّبَاح أمَّا الَّذِينَ أخَذَهُمْ السَّاعة السَّادِسة وَالتَّاسِعة فَكَانُوا عِمَالة زِيَادة .. ثُمَّ مَرَّ السَّاعة الحَادِية عَشَرَة أي الخَامِسة مَسَاءً أي وَقت إِنْتِهَاء الفَعَلَة مِنْ عَمَلَهُمْ تَقرِيباً وَرَغمْ ذلِك وَجَدَ فَعَلَة قَائِمِين بَطَّالُون فَأخَذَهُمْ لِكَرْمِهِ أيْضاً لأِنَّهُ يُرِيد أنْ يُعْطِيهُمْ مَال .. ثُمَّ دَعَا وَكِيله وَقَالَ لَهُ إِعْطِيهُمْ الأُجرة مِنْ الآخَرُون إِلَى الأوَلُون .. مِنْ الَّذِينَ جَاءُوا السَّاعة الحَادِية عَشَرَة حَتَّى الَّذِينَ أتوا بَاكِراً وَأعْطَى كُلَّ وَاحِد فِيهُمْ دِينَار حَتَّى الَّذِينَ جَاءُوا بَاكِراً فَإِخْتَلَفُوا مَعَهُ وَقَالَ وَاحِد مِنْهُمْ لَهُ أنْتَ سَاوِيت بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ جَاءُوا السَّاعة الحَادِية عَشَرَة لِذلِك الكِنِيسة وَاعِية تَقُول فِي صَلاَة الغُرُوب { إِحْسِبنِي مَعَ أصْحَاب السَّاعة الحَادِية عَشَرَة }( القِطعَة الأُولَى مِنْ صَلاَة الغُرُوب ) .. أي أنَا زَائِد لَكِنْ خُذْنِي .. فَقَالَ لَهُ { يَا صَاحِبُ مَا ظَلَمْتُكَ . أَمَا اتَّفَقْتَ مَعِي عَلَى دِينَارٍ . فَخُذِ الَّذِي لَكَ وَاذْهَبْ . فَإِنِّي أُرِيدُ أنْ أُعْطِي هذَا الآخِيرَ مِثْلَكَ . أوْ مَا يَحِلُّ لِي أنْ أَفْعَلَ مَا أُرِيدُ بِمَا لِي . أمْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةٌ لأنِّي أنَا صَالِحٌ } إِذاً الصَّلاَح هُوَ العَطَاء رَغمْ عَدَم الإِسْتِحقَاق .. هُوَ تَقْدِيم الخِير الَّذِي لاَ يَنْتَظِر لَهُ مُقَابِل لِذلِك الصَّلاَح هُوَ ثَمَرَة مِنْ ثِمَار الرُّوح القُدُس فَنَجِد بُولِس الرَّسُول يَقُول فِي رِسَالته لأِهْل غَلاَطية{ وَأمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ طُولُ أنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌَ إِيمَانٌ وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ } ( غل 5 : 22 ) .. فَأيْنَ أنَا مِنْ فَضِيلة الصَّلاَح ؟ أيْنَ أنَا مِنْ الحُب المُطلَق وَالعَطَاء المُطلق لِمَنْ حَولِي دُونَ رَد فِعل مِنْهُمْ ؟ أُرِيد أنْ أُعْطِي وَأُحِب لأنِّي أُرِيد أنْ أُعْطِي وَأُحِب .
دَرَجَات الصَّلاَح :-
1-إِنْسَان صَالِح لأِنَّهُ يُحِب الخِير لِلنَّاس .
2-إِنْسَان صَالِح لأِنَّهُ يُحِب الخِير لِلنَّاس وَيُسَاعِد النَّاس عَلَى الخِير وَهذَا مُستَوى أرقَى لَكِنْ هذَا الإِنْسَان يَرَى أنَّ هَؤلاَء يَسْتَحِقُونَ الخِير .
3- إِنْسَان صَالِح لأِنَّهُ يُحِب الخِير لِلنَّاس وَيُسَاعِدهُمْ وَيُعْطِيهُمْ دُونَ النَّظر لإِستِحقَاقِهِمْ وَهذَا هُوَ الصَّلاَح إِنْسَان أحبَّ إِنْسَان وَأعْطَاه وَهُوَ لاَ يَنْتَظِر مِنْهُ شِئ .. لِذلِك نَرَى الأنبَا أبرَآم بِهِ فَضِيلة الصَّلاَح فَقَدْ كَانَ يُسَاعِد أي شَخْص .. قَدْ نَقُول أنَّهُ إِنْسَان لاَ يَفْهَمْ – وَهذَا مَا قِيلَ عَنْهُ فِي المُطرَانِية أنَّهُ مُبَذِّر – لَكِنَّهُ صَالِح لَدَيهِ الحُب وَالعَطَاء بِلاَ قُيُود وَلاَ شُرُوط وَلاَ يُحِب لأِنَّ الَّذِي أمَامه يَسْتَحِق .. لاَ يَقُول صَاحِب الكَرْم هَلْ أنْتَ مُتَضَايِق لأِنِّي صَالِح ؟هؤلاَء الفَعَلَة الَّذِينَ كَانُوا بَطَّالِين أردت أنْ أُسَاعِدَهُمْ فَقَدْ وَجدتَهُمْ مُنْتَظِرُون حَتَّى السَّاعة الحَادِية عَشَرَة مَنْ يَسْتَأجِرَهُمْ وَلَمْ يَجِدُوا .. هؤلاَء ظَلُّوا مُنْتَظِرِين العَمَل وَهذَا يُثبِت إِحْتِيَاجهُمْ وَكَأنَّ لِسَان حَالهُمْ يَقُول " لَنْ نَسْتَطِيع الرُّجُوع لِمَنَازِلنَا بِدُون أُجرَة " فَأردت أنْ أُسَاعِدَهُمْ وَإِنْ لَمْ أسْتأجَرهُمْ فَأكُون قَدْ سَاعَدتَهُمْ عَلَى الكَسَل لِذلِك جَعَلتَهُمْ يَفْعَلُون وَلَوْ لِفِترَة قَلِيلَة لأعْطِيهُمْ أجر الله دَائِماً يُعْطِينَا رَغم عَدَم إِستِحقَاقنَا وَكَأنَّنَا نَسْتَحِق .. { الَّذِي مِنْ أجل الصَّلاَح وَحْدَهُ كَوَّنْتَ الإِنْسَان } ( مِنْ صَلاَة صُلْح لِلإِبن ) .. هَلْ الله يَحْتَاج لِي وَيَنْتَظِر مِنِّي شِئ ؟ .. لاَ .. فَأنَا عَبْده وَقَدْ كَلَّفتَهُ دَم إِبنه وَكَمَا يَقُول فِي سِفر إِشْعِيَاء { لكِنِ اسْتَخْدَمْتَنِي بِخَطَايَاكَ وَأَتْعَبْتَنِي بِآثَامِكَ }( أش 43 : 24 ) .. يَا الله أنْتَ خَلَقْتَنِي مِنْ التُرَاب فَكَيْفَ تَحْتَاجَنِي أنَا التُرَاب ؟ القِدِيس أُغُسْطِينُوس كَانَ يَقُول لله { دَعْنِي أعْرِف نَفْسِي فَأعْرِفك } .. عِنْدَمَا أعْرِف إِنِّي تُرَاب سَأعْرِف كَمْ أنْتَ عَظِيم وَأنَا المُحْتَاج لَكَ فَكَمْ أنْتَ صَالِح الإِنْسَان الصَّالِح يَبْحَث عَنْ كَيْفَ يُعْطِي وَلاَ يَأخُذ .. يَبْحَث عَنْ أي إِنْسَان يُعْطِيه دُونَ فَرق بَلْ يَبْحَث لِيُعْطِي أكثر .. عَطَاء لَيْسَ بِالمَال فَقْط بَلْ عَطَاء حُب وَعَطَاء كَلِمَة وَ لِذلِك الإِنْسَان الصَّالِح يُحِب أنْ يُعْطِي وَيَغْفِر وَيُعَلِّم كُلَّ إِنْسَان .. تُوجد قَاعِدة يَحْيَا بِهَا الإِنْسَان الصَّالِح وَهيَ أنَّهُ يَشْعُر أنَّ عَلَيْهِ وَاجِبَات لِكُلَّ النَّاس وَلَيْسَ لَهُ حُقُوق .. أنَا عَلَيَّ وَاجِبَات إِتِجَاه كُلَّ أحَبَّائِي وَأصْحَابِي وَأقَارِبِي وَكُلَّ مَنْ حَولِي أنْ أُسَاعِدَهُمْ وَأفْتَقِدهُمْ وَأخْدِمَهُمْ وَلَيْسَ لِي حُقُوق ..لاَ تَقُل لَمَّا كُنْت مُتعَب وَمَرِيض لَمْ يَسْألُوا عَنِّي كَمَا سَألت عَنْهُمْ .. لاَ .. سَتَكُون هذِهِ مُجَامَلة وَلَيْسَ صَلاَح .. المُجَامَلة نَجِدهَا فِي أي دِيَانة وَأي مَجَال إِجتِمَاعِي لَكِنْ الصَّلاَح مِنْ الله هُوَ عَطَاء لاَ يَنْتَظِر وَكَمَا يَقُول الله إِقْرِضُوا غَيْر مُنْتَظِرِين ( لو 6 : 35 ) .. لِذلِك الصَّالِح يُعْطِي وَلاَ يَأخُذ الصَّالِح دَائِماً يُؤنِّب نَفْسه عَلَى تَقْصِيرَاته وَيَلْتَمِس العُذر لِلآخَرِين عَلَى تَقْصِيرَاتِهِمْ لِذلِك الصَّالِح يُفَكِّر دَائِماً كَيْفَ يُعْطِي وَلاَ يُفَكِّر كَيْفَ يَأخُذ .. يُوجد مَنْ يُرِيد أنْ يُعْطِي وَيَأخُذ وَآخر يُفَكِّر فِي أنْ يَأخُذ وَلاَ يُعْطِي .. أمَّا الصَّالِح فَيُعْطِي وَلاَ يَأخُذ وَهُوَ شَاكِر وَإِنْ أخَذْ يَشْكُر أيْضاً ..يُوجد مَنْ هُوَ كَثِير العِتَاب وَيُوجد مَنْ تَجْلِس مَعَهُ فَتَشْعُر بِتَعْب وَآخر تَجْلِس مَعَهُ فَتَشْعُر بِحُب وَوَدَاعة لأِنَّهُ يُقَدِّم لَكَ شِئ أنْتَ تَفْتَقِده وَتَرَاه فِيه ..أنْتَ تَسْمَع عَنْ فَضَائِل كَثِيرة لَكِنَّك مُفْتَقِد فِعلَهَا لِذلِك يُوجد فَرق بَيْنَ إِنْسَان صَالِح وَإِنْسَان يَحْيَا بِمُستَوى بَشَرِي .. عِش بِمُستَوى الصَّلاَح تَسْتَرِيح .. كُنْ صَالِح وَلتَكُنْ مُجَامَلاَتك عَلَى مُستَوى الفَضِيلة .. إِرفَع مَنْ هُمْ حَولك وَاجعلهُمْ يَشْعُرُون أنَّهُمْ غِير مُلاَمُون فِي شِئ حَتَّى وَإِنْ كَانُوا يَشْعُرُون بِتَوبِيخ وَتَأنِيب إِجعَلهُمْ يَفْرَحُون الصَّالِح كَثِيراً مَا يَعْذُر وَإِنْ كَانَ الخَطأ ثَابِت عَلَى مَنْ هُوَ أمَامه يَقُول أنَّهُ ضَعْف أي يَلْتَمِس عُذر أيْضاً .. لَوْ رَأيْت إِنْسَان يَسْرَق قُل أنَّهُ مِسْكِين .. مَا أجمل مَثَل السَّامِرِي الصَّالِح ( لو 10 : 33 ) .. صَالِح لأِنَّهُ لَيْسَ لَهُ عِلاَقة مَعَ الرَّجُل المَجرُوح اليَهُودِي بَلْ تُوجد عَدَاوه بَيْنَ اليَهُود وَالسَّامِرِيِين وَلاَ تُوجد فُرُوض عَلِيه كَي يُسَاعِده إِلاَّ أنَّهُ سَاعَدَهُ لَيْسَ بِطَرِيقة سَطْحِيَّة بَلْ سَاعَدَهُ بِعُمْق إِهتَمَّ بِهِ وَأوصَى الفُندُق أنْ يَهتَمْ بِهِ وَأغدَق عَلِيه بِمَاله لِيُضَمِّد جُرُوحه .. نَسْأله ..... هَلْ تَعْرِفه ؟ يَقُول .. لاَ لَكِنِّي وَجَدتَهُ مُلقَى فِي الطَرِيق ..صَالِح أي يَعمَل خِير وَحُب وَعَطَاء دُونَ إِنْتِظَار رَد الفِعل .
2/ مَصَادِر الصَّلاَح :-
مَصْدَرَان هُمَا:-
1. الإِقتِرَاب مِنْ يَسُوع :-
كُلَّمَا إِقتَرَبنَا لِيَسُوع كُلَّمَا تَعَلَّمنَا الصَّلاَح .. بُولِس الرَّسُول يَقُول { مَشْحُونُونَ صَلاَحاً }( رو 15 : 14) أي مَملُؤيِن وَنَفِيض صَلاَح مَادُمنَا قَرِيبِين مِنْ يَسُوع مَصْدَر الصَّلاَح .. أنَا خَالِي مِنْ الصَّلاَح أوْ أُعَامِل مَنْ حَولِي بِمُستَوَيَاتِهِمْ وَأُحِب المُعَاتَبة وَلاَ ألتَمِس أعذَار لِمَنْ حَولِي وَأتَكَلَّم فِي حُقُوقِي وَأنْسَى وَاجِبَاتِي .. إِذاً أنَا مُحْتَاج لِلصَّلاَح .. إِقتَرِب لِلمَسِيح مَصْدَر الصَّلاَح رَبَّ المَجد يَسُوع كَانَ يَصْنَع المُعْجِزَات لَيْسَ لاحتِيَاج الشَخْص أوْ لأِنَّهُ فَرْض عَلِيه أنْ يَفْعَلهَا بَلْ لأِنَّهُ صَالِح .. رَأى مَوكِب يَسِير وَإِمرَأة تَبكِي إِبنَهَا فَوَقَفَ وَتَحَنَّن عَلَيْهَا ( لو 7 : 14 ) .. صَالِح .. قَدْ يَقُول لَنْ أقِف لِئَلاَّ أتَعَطَّل وَخَاصَةً إِنِّي لاَ أعْرِفَهُمْ .. لاَ .. هُوَ صَالِح حَتَّى وَلَوْ مَعَ إِنْسَان لاَ يَعْرِفه أي يُحِب يُعْطِي وَيُسَاعِد وَيَرْفَع .. هذَا هُوَ يَسُوع لأِنَّهُ صَالِح .. كَانَ لاَ يَنْظُر لِلإِنْسَان كَحَسَب إِسْتحقَاقه بَلْ لأِنَّهُ صَالِح .. مَعَ بُطرُس الرَّسُول لَمْ يُعَاتِبه مَعَ أنَّهُ قَرِيب مِنْهُ جِدّاً وَقَدْ أخَذَهُ مَعَهُ فِي حَادِثة التَّجَلِّي وَإِقَامِة المَوتَى وَ كَانَ يُمْكِنَهُ أنْ يُعَاتِبَهُ وَيُوَبِخَهُ بِكَلِمَات قَوِية لَكِنَّه بِصَلاَح عَجِيب يَسْأله أتُحِبُّنِي ( يو 21 : 15 ) ؟ .. صَلاَح .. أي سَتَر خَطَأه سَامِح صَالِيبه لأِنَّهُ صَالِح .. كَانَ يُمْكِنه أنْ يُظهِر لِيَهُوذَا ذِرَاعُه الرَّفِيع المُرتَفِع لَكِنَّه لَمْ يَفْعَل لأِنَّهُ صَالِح .. إِقتَرِب مِنْ يَسُوع تَمْتَلِئ صَلاَح مِنْ مُعَامَلاَته وَتَعَالِيمه وَلُطفه و يَخْدِم لأِنَّهُ صَالِح لَمْ يَبْحَث عَنْ كَرَامَته وَسَط تَلاَمِيذه عِنْدَمَا غَسَل أرجُلَهُمْ بَلْ قَالَ { ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدُِمَ وَلِيَبْذُلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ } ( مت 20 : 28 ) وَغَسَل أرجُلَهُمْ .. هَلْ تُرِيد أنْ تَتَعَلَّم الصَّلاَح ؟ أُنْظُر كَيْفَ يُعَامِلك الْمَسِيح وَكَيْفَ يُعْطِيك وَيَغْفِر لَك وَأنْتَ لاَ تَسْتَحِق .. مِنْ أجل صَلاَحه يُشْرِق شَمْسه عَلَى الأبرَار وَالأشرَار فَلَوْ كَانَ قَدْ أعْطَانَا مَقَالِيد الأُمور لَكُنَّا حَكَمنَا عَلَى بَلد مُلحِده أنْ يَسْقُط عَلِيهَا كَوكَب وَإِنْ كَانَ إِنْسَان خَاطِئ نُجَازِيه وَ لاَ الله صَالِح وَصَلاَحه يَجْعَلَهُ يَتَأنّى عَلِينَا لِذلِك فِي التَّسْبِحة قُلْ مِنْ قَلْبك { أُشْكُرُوا الرَّبَّ لأِنَّهُ صَالِح وَأنَّ إِلَى الأبَد رَحْمَتَهُ } ( الهُوس الثَّانِي ) .. إِبرِز صَلاَح الله فِي حَيَاتك وَمَغْفِرَته لَنَا رَغم تِكرَار خَطَايَانَا لأِنَّ هذَا أكبر دَلِيل عَلَى صَلاَحه وَكَمَا يَقُول دَاوُد النَّبِي { صَالِح أنْتَ يَارْبَّ وَقَضَاءك مُسْتَقِيم }إِنْ كَانَ الله رَغم كُلَّ خَطَايَاي صَلاَحه جَعَلَهُ يُدِيم عَلَيَّ رَحمِته وَغُفْرَانه فَكَيْفَ لاَ أرحم أنَا وَأَسَامِح إِخْوَتِي هَلْ أسِير بِمِكيَالِين ؟ .. لِذلِك الْمَسِيح يُحِب أنْ نَسِير بِمِكيَاله لَكِنَّه فِي الصَّلاَة الرَّبَانِيَّة جَعَلَنَا نَتَعَامل بِمِكيَالنَا وَهُوَ { أنْ يَغْفِر لَنَا كَمَا نَغْفِر نَحْنُ أيْضاً لِلمُذنِبِينَ إِليْنَا } أي مِقدَار مَغْفِرَته لَنَا تَتَوَقَّف عَلَى مِقدَار مَغْفِرَتنَا لِلآخَرِين .. هذِهِ الطِلبة تَجْعَلنَا نَمْتَلِئ صَلاَحاً .
2. نَمْتَلِئ مِنْ الرُّوح القُدُس :-
يُسَمَّى الرُّوح القُدُس كَنْز الصَّالِحَات .. وَيَقُول عَنْهُ دَاوُد النَّبِي فِي المَزمُور { هذَا لاَ تَنْزَعَهُ مِنَّا أيُّهَا الصَّالِح ، لَكِنْ جَدِّده فِي أحْشَائِنَا } ( القِطعة الأُولَى فِي السَّاعة الثَّالِثة ) .. رُوحك القُدُّوس هُوَ الَّذِي يَنْقِل لَنَا قُوَّة أعْمَالك وَصَلاَحك .. كُلَّ خَيْرَات يَسُوع تَنْتَقِل لَنَا مِنْ الرُّوح القُدُس .. هَلْ تُرِيد أنْ تَمْتَلِئ مِنْ الصَّلاَح ؟ إِمْتَلِئ مِنْ الرُّوح القُدُس وَلاَ تُطْفِئه فَتَجِد أنَّكَ تَرَى المُخْطِئ بِلاَ عِيب .. الإِنْسَان الَّذِي يَرَى مَنْ هُوَ أمَامه بِعِينه هُوَ إِنْسَان خَاطِئ فَيَرَى كُلَّ مَنْ حَوله حَتَّى وَإِنْ كَانُوا فِي الكَنِيسة خُطَاه لَكِنَّه عِنْدَمَا يَمْتَلِئ بِالتُوبة يَرَى كُلَّ مَنْ حَوله تَائِبِين وَلاَ يَسْتَحِق هُوَ أنْ يَقِف وَسَطهُمْ .. لَيْسَ الآخَرِين هُمْ الَّذِينَ تَغَيَّرُوا بَلْ هُوَ الَّذِي تَغَيَّر .. قَدْ نَسْأل هَلْ يَسْلُك ذلِك وَسَط العَالم ؟ نَقُول نَحْنُ لاَ نَتَعَامل بِقَانُون العَالم بَلْ بِقَانُون الله الصَّالِح يَرَى الكُلَّ أبرَار .. الرُّوح القُدُس كَنْز الصَّالِحَات فَتَوَدَّد لَهُ كَي يُعْطِيك الصَّلاَح عِنْدَمَا تَكُون صَالِح تَرَى الشَّخْص الَّذِي يُقَال عَنْهُ أشيَاء رَدِيئة بِعِين نَقِيَّة وَإِنْ طُلِبَ مِنْكَ أنْ تَتَكَلَّم مَعَهُ تَتَكَلَّم بِلُطف لِلبُنيَان وَلَيْسَ الهَدم لِذلِك تَوَدَّد لِلرُّوح القُدُس الإِنْجِيل يَقُول { كُنْ مُرَاضِياً لِخَصْمِكَ سَرِيعاً مَا دُمْتَ مَعَهُ فِي الطَّرِيقِ } ( مت 5 : 25 ) مَنْ هُوَ الخِصْم ؟ هُوَ الرُّوح القُدُس وَمَا دُمنَا نَسِير مَعَهُ فِي الحَيَاة الأرْضِيَّة فَلاَبُد أنْ نُرْضِيه .. الله أعْطَانَا خِصْم يَمْنَعنَا عَنْ كُلَّ خَطِيَّة .. كُنْ مُرَاضِياً لَهُ .. الله أقَامَ دَاخِلنَا خِصْم لِيَكُون وَسِيلة لأِرْضَاء الله لأِنَّكَ إِنْ لَمْ تَتَصَافَى مَعَ خِصْمك فِي الطَّرِيق سَيُسَلِّمَك لِلشُرطِي أي الدَينُونة .. الله أعْطَانَا طَرِيق وَأقَامَ لَنَا خِصْم نُرَاضِيه .. تَوَدَّد لِلرُّوح القُدُس كَي يَفِيض عَلِيك مِنْ كِنْز صَلاَحه .
3/ بَعْض النَمَاذِج :-
1. طَابِيثَا :-
فِي سِفر الأعمَال 9 بِنْت بَسِيطة مِنْ أُسْرَة فَقِيرة .. كُلَّ مَا تَعْرِفه مِهنَة الخِيَاطة فَصَنَعَت لِكُلَّ المَسَاكِين أقمِصة وَعِنْدَمَا أُصِيبَت بِمَرَضٍ مَاتَت فَحَزِنُوا عَلَيْهَا جِدّاً وَكَانُوا يَعْرِفُون سُلْطَان الرُّسُل فَأتوا إِلَى بُطرُس الرَّسُول وَأرَادُوا أنْ يُعَرِّفوه عَلَيْهَا فَأتوا بِالأقمِصَة الَّتِي خَاطَتهَا لَهُمْ .. وَقِيلَ عَنْهَا فِي سِفر الأعمَال { كَانَتْ مُمْتَلِئَةً أعْمَالاً صَالِحَةً } ( أع 9 : 36 ) .. قُلْ أنَا أيْضاً أشْتَاق أنْ أمْتَلِئ بِالأعمَال الصَّالِحة .. أشْتَاق أنَّ أعْمَالِي تَتَحَدَّث عَنِّي حَتَّى وَإِنْ كُنْت سَاقِطة أوْ مَيِّتة .. طَابِيثَا مَاتَت وَأعْمَالهَا تَتَكَلَّم هَلْ أنْتَ مَملؤ أعْمَال صَالِحة أمْ هَلْ أنْتَ تَعْمَل مِنْ أجل أُجره ؟ .. لاَ .. طَابِيثَا وَجَدَت أنَّ لَدَيهَا إِمكَانِية فَخَدَمَت بِهَا لِذلِك لاَ تَعْتَذِر عَنْ خِدمَة مِنْ أجل إِمكَانِيَّة .. لأِنَّ الخِدمة تَحْتَاج نَفْس مَملُؤة مِنْ الرُّوح القُدُس .. الله لاَ يَنْظُر إِلَى قِيمَة العَمَل بَلْ إِلَى قِيمَة الحُب .. طَابِيثَا صَالِحة .
2. دَاوُد النَّبِي :-
إِنْسَان صَالِح عَمَلَ مَعَ شَاوِل الصَّلاَح رَغمْ عَدَم إِسْتحقَاقه .. يَقُولُون لَهُ هُوَ يَطْلُب نَفْسك لِيُمِيتك وَأنْتَ مُطَارَد وَجَاءت لَكَ الفُرصة لِتَقتُلَهُ .. يَقُول .. لاَ .. لَيْسَ لأِنَّ شَاوِل صَالِح أوْ لأنِّي أخَافه بَلْ لأنِّي صَالِح .. أبشَالُوم إِبنه مُتَمَرِّد وَقَامَ بِإِنقِلاَب عَلَى دَاوُد أبِيهِ وَاضَطجَع مَعَ زَوجَات أبِيهِ – جُحُود – .. وَجَاءَ رِجَال دَاوُد لِيُقَاوِموه فَقَالَ لَهُمْ دَاوُد تَرَّفَقُوا بِالفَتَى أبشَالُوم .. هذَا لَيْسَ حَنَان بَلْ صَلاَح هُنَاكَ فَرْق بَيْنَ الإِجتمَاعِيَات وَالأخْلاَقِيَات وَبَيْنَ الفَضَائِل .. الفَضَائِل مَبْنِيَّة عَلَى صَخْر عَلَى الرُّوح القُدُس فَلاَ تَتَعَجَّب أنْ يَقُول الله { فَتَّشت فِي قَلْب دَاوُد عَبْدِي فَوَجَدتَهُ حَسَب قَلْبِي } تَعَلَّم الصَّلاَح وَاقتَنِيه .. حِب الصَّلاَح .. لِيَكُنْ عِنْدك حُب بِدُون تَكَلُّف .. حِب وَلاَ تَنْتَظِر مُقَابِل لأِنَّ ذلِك يُعَطِّل لأِنَّكَ بِذلِك تَتَعَامَل بِمَقَايِيس بَشَرِيَّة الله لَمَّا يَجِد إِنْسَان أمِين يَفِيض عَلِيه مِنْ صَلاَحه فَإِقتَرِب مِنْ مَصْدَر الصَّلاَح .. الله يُعْطِيكُمْ وَيُعْطِينَا أنْ نَمْتَلِئ مِنْ الصَّلاَح وَقُلْ لَهُ إِجْعَلنِي أتَخَلَّص مِنْ أُمور قَدْ أتَخَيَّل أنَّهَا صَلاَح لَكِنَّهَا صَلاَح غِير مُتَفِق مَعَ صَلاَحك رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِته لَهُ المَجد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

عدد الزيارات 2191

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل