اعمى عيونهم

مِنْ سِفْر القُضَاة { وَكَانَ بَعْدَ ذلِكَ أَنَّهُ أَحَبَّ امْرَأةً فِي وَادِي سُورَقَ اسْمُهَا دَلِيلَةُ . فَصَعَدَ إِلَيْهَا أَقْطَابُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَقَالُوا لَهَا تَمَلَّقِيهِ وَانْظُرِي بِمَاذَا قُوَّتُهُ الْعَظِيمَةُ وَبِمَاذَا نَتَمَكَّنُ مِنْهُ لِكَيْ نُوثِقَهُ لاِذْلاَلِهِ فَنُعْطِيكِ كُلُّ وَاحِدٍ أَلْفاً وَمِئَةَ شَاقِلِ فِضَّةٍ . فَقَالَتْ دَلِيلَةُ لِشَمْشُونَ أَخْبِرْنِي بِمَاذَا قُوَّتُكَ الْعَظِيمَةُ وَبِمَاذَا تُوثَقُ لإِذْلاَلِكَ ( سُؤَال عَجِيب " أَخْبِرْنِي بِمَاذَا قُوَّتُكَ وَبِمَاذَا تُوثَقُ لإِذْلاَلِكَ ؟ " هَلْ يُجِيب عَلَى هذَا السُؤَال ؟ ) .. فَقَالَ لَهَا شَمْشُونُ إِذَا أَوْثَقُونِي بِسَبْعَةِ أَوْتَارٍ طَرِيَّةٍ لَمْ تَجِفَّ أَضْعَفُ وَأَصِيرُ كَوَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ . فَأَصْعَدَ لَهَا أَقْطَابُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ سَبْعَةَ أَوْتَارِ طَرِيَّةٍ لَمْ تَجِفَّ فَأَوْثَقَتْهُ بِهَا وَالْكَمِينُ لاَبِثٌ عِنْدَهَا فِي الْحُجْرَةِ . فَقَالَتْ لَهُ الْفِلِسْطِينِيُّونَ عَلَيْكَ يَا شَمْشُونُ ( إِذاً الأمر جَاد جِدّاً وَلَيْسَ مِزَاح ) .. فَقَطَعَ الأَوْتَارَ كَمَا يُقْطَعُ فَتِيلُ الْمَشَاقَةِ إِذَا شَمَّ النَّارَ وَلَمْ تُعْلَمْ قُوَّتُهُ . فَقَالَت دَلِيلَةُ لِشَمْشُونَ هَا قَدْ خَتَلْتَنِي وَكَلَّمْتَنِي بِالكَذِبِ . فَأَخْبِرْنِي الآنَ بِمَاذَا تُوثَقُ . فَقَالَ لَهَا إِذَا أَوْثَقُونِي بِحِبَالٍ جَدِيدَةٍ لَمْ تُسْتَعْمَلْ أَضْعَفُ وَأَصِيرُ كَوَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ . فَأَخَذَتْ دَلِيلَةُ حِبَالاً جَدِيدَةً وَأَوْثَقَتْهُ بِهَا وَقَالَتْ لَهُ الْفِلِسْطِينِيُّونَ عَلَيْكَ يَا شَمْشُونُ . وَالْكَمِينُ لاَبِثٌ فِي الْحُجْرَةِ . فَقَطَعَهَا عَنْ ذِرَاعَيْهِ كَخَيْطٍ . فَقَالَتْ دَلِيلَةُ لِشَمْشُونَ حَتَّى الآنَ خَتَلْتَنِي وَكَلَّمْتَنِي بِالْكَذِبِ . فَأَخْبِرْنِي بِمَاذَا تُوثَقُ . فَقَالَ لَهَا إِذَا ضَفَرْتِ سَبْعَ خُصَلِ رَأْسِي مَعَ السَّدَى . فَمَكَّنَتْهَا بِالْوَتَدِ وَقَالَتْ لَهُ الْفِلِسْطِينِيُّونَ عَلَيْكَ يَا شَمْشُونُ . فَانْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ وَقَلَعَ وَتَدَ النَّسِيجِ وَالسَّدَى . فَقَالَتْ لَهُ كَيْفَ تَقُولُ أُحِبُّكَ وَقَلْبُكَ لَيْسَ مَعِي . هُوَذَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ قَدْ خَتَلْتَنِي وَلَمْ تُخْبِرْنِي بِمَاذَا قُوَّتُكَ الْعَظِيمَةُ . وَلَمَّا كَانَتْ تُضَايِقُهُ بِكَلاَمِهَا كُلَّ يَوْمٍ وَأَلَحَّتْ عَلَيْهِ ضَاقَتْ نَفْسُه إِلَى الْمَوْتِ فَكَشَفَ لَهَا كُلَّ قَلْبِهِ وَقَالَ لَهَا لَمْ يَعْلُ مُوسَى رَأْسِي لأِنِّي نَذِيرُ اللهِ مِنْ بَطْنِ أُمِّي . فَإِنْ حُلِقَتُ تُفَارِقُنِي قُوَّتِي وَأَضْعَفُ وَأَصِيرُ كَأَحَدِ النَّاس . وَلَمَّا رَأَتْ دَلِيلَةُ أَنَّهُ قَدْ أَخْبَرَهَا بِكُلِّ مَا بِقَلْبِهِ أَرْسَلَتْ فَدَعَتْ أَقْطَابَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَقَالَتِ اصْعَدُوا هذِهِ الْمَرَّةَ فَإِنَّهُ قَدْ كَشَفَ لِي كُلَّ قَلْبِهِ . فَصَعِدَ إِلَيْهَا أَقْطَابُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَأَصْعَدُوا الْفِضَّةَ بِيَدِهِمْ . وَأَنَامَتْهُ عَلَى رُكْبَتَيْهَا وَدَعَتْ رَجُلاً وَحَلَقَتْ سَبْعَ خُصَلِ رَأْسِهِ وَابْتَدَأَتْ بِإِذْلاَلِهِ وَفَارَقَتَهُ قُوَّتُهُ . وَقَالَتِ الْفِلِسْطِينِيُّونَ عَلَيْكَ يَا شَمْشُونُ . فَانْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ وَقَالَ أَخْرُجُ حَسَبَ كُلِّ مَرَّةٍ وَأَنْتَفِضُ . وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ فَارَقَهُ . فَأَخَذَهُ الْفِلِسْطِينِيُّونَ وَقَلَعُوا عَيْنَيْهِ وَنَزَلُوا بِهِ إِلَى غَزَّةَ وَأَوْثَقُوهُ بِسَلاَسِلِ نُحَاسٍ وَكَانَ يَطْحَنُ فِي بَيْتِ السِّجْنِ . وَابْتَدَأَ شَعْرُ رَأْسِهِ يَنْبُتُ بَعْدَ أَنْ حُلِقَ وَكَانَ لَمَّا طَابَتْ قُلُوبُهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا ادْعُوا شَمْشُونَ لِيَلْعَبَ لَنَا فَدَعَوا شَمْشُونَ مِنْ بَيْتِ السِّجْنِ فَلَعِبَ أَمَامَهُمْ وَأَوْقَفُوهُ بَيْنَ الأعْمِدَةِ } ( قض 16 : 4 – 25 ) نَحْنُ الآن عَلَى وَشَك الدُّخُول لأِحَد المَوْلُود أعْمَى .. كَمْ الخَطِيَّة تَعْمِي الإِنْسَان ثَلاَث مَرَّات دَلِيلَة تَقُول لِشَمْشُون أخْبِرْنِي بِمَاذَا تُوثَق لإِذْلاَلَك وَهُوَ يُجِيبَهَا وَتُنَفِذْ مَا يَقُولُهُ لَهَا وَتَأكَّدْ إِنَّهَا إِنْسَانَة ضَارَّة لَهُ وَإِنَّهَا ضِدَّه وَلاَ تُحِبَّه وَرَغم ذلِك قَالَ لَهَا سِر قُوَّتَهُ .. الخَطِيَّة تِعْمِي أحْيَاناً نَرَى هَلاَكْنَا فِي الخَطِيَّة وَنَرَى فِيهَا خِسَارَة وَضَعْف وَرَغم ذلِك وَكَمَا نَقُول فِي صَلاَة الغُرُوب { لِكُلِّ إِثمٍ بِحِرْصٍ وَنَشَاط فَعَلْتُ ، وَلِكُلِّ خَطِيَّ بِشَوْقٍ وَاجْتِهَادٍ إِرْتَكَبْتُ ... } ( مِنْ القِطْعَة الثَّالِثَة ) .. مَنْ مِنَّا لَمْ يَذُق مَرَارِة الخَطِيَّة ؟ وَرَغم ذلِك نَعُود لَهَا وَكَأنَّهَا تُحَايِلْنَا لِتَعْرِف بِمَاذَا نُوثَق لإِذْلاَلِنَا مَاذَا أُقَدِّمَهُ لَكَ لِتَخْسَر الأبَدِيَّة وَتَعِيش فِي مَذَلِّة الخَطِيَّة .. وَأنَا أُجِيب وَأخْتَار لِنَفْسِي سَقَطَات وَأسْعَى لَهَا بِحِرْصٍ وَأحْيَاناً أسْعَى بِنَفْسِي لأِسْقُط .. الخَطِيَّة عَمَى لِذلِك تَقُول الكِنِيسَة{ طُوْبَى لِعُيُونَكُمْ لأِنَّهَا تُبْصِر } ( أُوشِيِة الإِنْجِيل ) .. لَيْسَتْ المَرْئِيَّات هِيَ الَّتِي تُرَى بَلْ لاَبُد أنْ يَكُون لَنَا عِين نَرَى بِهَا الأُمُور المَخْفِيَّة وَلِنَتَذَكَّر قِصَّة إِلِيشَع النَّبِي وَتِلْمِيذه جِيحْزِي .. جِيحْزِي يَرَى الأعْدَاء وَالخَطَرْ وَإِلِيشَع النَّبِي يَرَى رؤيَا أُخْرَى يَرَى الجَبَل مُحَاط بِجُيُوش مَلاَئِكَة وَجِيحْزِي يَقُول إِنِّي أرَى أعْدَاء مُرْهِبَة وَإِلِيشَع يَقُول لَهُ المَلاَئِكَة أكْثَر لِذلِك طَلَبْ مِنْ الله قَائِلاً { فَقَالَ لاَ تَخَفْ لأِنَّ الَّذِينَ مَعَْنَا أَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ مَعَْهُمْ وَصَلَّى أَلِيشَعُ وَقَالَ يَارَبُّ افْتَحْ عَيْنَيْهِ فَيُبْصِرَ } ( 2مل 6 : 16 – 17) .. الخَطِيَّة تِعْمِي أيْضاً عِيسُو وَيَعْقُوب .. عِيسُو رَأى طَبَق بِهِ طَعَام لَذِيذْ وَيَعْقُوب بِهِ شِئ مِنْ الخُبْث فَيَقُول لَهُ أعْطِنِي البُكُورِيَّة لأِعْطِيك مِنْ هذَا الطَّعَام .. عِيسُو يُجِيبه أنَا مَاضٍ إِلَى المَوْت ( تك 25 : 32 )أي البُكُورِيَّة لَنْ تَنْفَع فَأعْطِنِي الطَّعَام أفْضَل .. عَمَى الخَطِيَّة تَجْعَل الإِنْسَان يِخْسَر الأبَدِيَّة بِسُهُولَة وَيَبِيع الغَالِي بِالرِخِيص لِذلِك الخَطِيَّة مُرْتَبِطَة بِالعَمَى أنَّ الإِنْسَان لاَ يَرَى سِوَى الزَّمَنْ وَالخَطِيَّة وَلاَ يَرَى الأبَدِيَّة وَالبِر .. الإِنْسَان تَحْكُمه طِبَاع النَّاس وَلَيْسَ صِفَات القِدِّيسِين رَغم أنَّهُ يَذُوق مِنْ مَرَارِة الخَطِيَّة الكَثِير وَرَغم ذلِك يُصَمِمْ عَلَيْهَا لِذلِك الخَطِيَّة تَجْعَلَنَا نَسْخَر مِنْ الحَيَاة مَعَ الله وَالبَعْض يَرَى أنَّ الحَيَاة مَعَ الله هِيَ أفْكَار سَاذِجَة .. عَمَى .. بَيْنَمَا الَّذِي يَرَى الأُمُور الرُّوحِيَّة مُمْتِعَة هذَا لَهُ عِين خَفِيَّة .. يَعْقُوب يَرَى البُكُورِيَّة هِيَ أنَّ الْمَسِيح يَأتِي مِنْهُ وَيَأخُذْ البَرَكَة مِنْ أبُوه وَيَتَسَلْسَل حَتَّى يَأتِي الْمَسِيح .. بَيْنَمَا عِيسُو رَأى طَبَق العَدْس أفْضَل هذَا مَا يَحْدُث مَعَنَا فِي الخَطِيَّة تَرْبُطْنَا بِرِبَاطَات قَوِيَّة وَهذَا مَا حَدَثْ مَعَ شَمْشُون لِذلِك يَقُول الكِتَاب أنَّ الفِلِسْطِينِيُّون أخَذُوهُ وَقَلَعُوا عَيْنَيْهِ بَيْنَمَا بُولِس الرَّسُول يَقُول { مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ }( أف 1 : 18) .. شَمْشُون مِنْ البِدَايَة كَانَتْ عُيُونة عَمْيَاء .. لِيَكُنْ عِنْدَك بَصِيرَة حَدِّد هَدَفَك وَنَمِّي إِشْتِيَاقَاتَك .. لِمَاذَا تَعِيش ؟ قَدْ يَقُول البَعْض لآخُذْ شِهَادَة وَأتَزَوَج وَأرَبِّي أوْلاَدِي وَمَاذَا بَعْد ذلِك ؟ مَاذَا تُرِيد ؟ هذِهِ أهْدَاف أرْضِيَّة زَائِلَة بَيْنَمَا هَدَف الأبَدِيَّة الفَضِيلَة وَالفَرَح بِالإِنْجِيل وَالتَّسْبِيح الدَّائِم جَيِّدْ أنْ تَحْيَا فِي مَرَاحِل لكِنْ هَدَفَك الرَّئِيسِي فِيهَا أنْ تَرْبَح السَّمَاء .. الَّذِي يَفْقِدْ البَصِيرَة يَفْقِدْ الرُؤيَا وَكَمَا يَقُول الكِتَاب { بِدُون رُؤيَا يَجْنَحُ الشَّعْب } .. الخَطِيَّة تَجْعَل العَدُو يَنْتَصِر وَيَفْقِدْ الإِنْسَان البَصَرْ فَلاَ يَرَى الفِخَاخ لكِنْ بِالبَصِيرَة الرُّوحِيَّة تَرَى أيْنَ هَلاَكَك .. لاَبُد أنْ يَكُون عِنْدَك إِفْرَاز الأنْبَا أنْطُونْيُوس كَانَ يَرَى فِخَاخ العَدُو وَخِطَطه لِذلِك نَحْنُ نَحْتَاج بَصِيرَة رُوحِيَّة .. كَمْ مَرَّة خَدَعْنَا العَدُو وَأغْوَانَا ؟ لاَبُد أنْ تَسْتَنِير البَصِيرَة لِذلِك بُولِس الرَّسُول يَقُول لأِنَّنَا لاَ نَجْهَلُ أَفْكَارَهُ ( 2كو 2 : 11 ) .. عِنْدَمَا تَقُول لَكْ إِنْسَانَة ثَلاَثَة مَرَّات كَيْفَ أذِلَّك وَأنْتَ تُجِيبَهَا فَهذَا عَمَى لِذلِك بُولِس الرَّسُول عِنْدَمَا تَكَلَّم عَنْ الإِيمَان أعْطَاه إِخْتِبَار العَمَى ثُمَّ وَقَعِت قُشُور مِنْ عَيْنَيْهِ وَأبْصَروَكَأنَّ الله أرَادَ أنْ يَقُول كُنْتُ أعْمَى وَالآن تُبْصِر ( يو 9 : 25 ) لِنَرَى الفَارِق الكَبِير .. هُنَاك مَنْ لَهُ عُيُون وَلاَ يُبْصِر .. الإِنْسَان الَّذِي لَهُ عِين مَفْتُوحَة يَكْشِف خِطَط العَدُو وَالَّذِي عَيْنَيْهِ لاَ تَرَى سِوَى الخَطِيَّة وَلَذَّتْهَا الوَقْتِيَّة أعْمَى .. الإِنْسَان الَّذِي يَحْيَا فِي الخَطِيَّة لاَ يَسْتَجِيب لإِنْذَارَات الله وَلاَ يَمْلُك الحَوَاس المُدَرَّبَة الَّتِي بِهَا يَفْهَمْ خِطَط الله .. { بَاطِلاً تُنْصَبُ الشَّبَكَةُ فِي عَيْنَيْ كُلِّ ذِي جَنَاحٍ } ( أم 1 : 17) لأِنَّهُ يَعْرِف كَيْفَ يَطِير .. أوْلاَد الله لَهُمْ أجْنِحَة وَفِخَاخ العَدُو مَوْجُودَة فِي الأرْض لِذلِك لاَ يَسْقُطُون فِي شَهَوَات أرْضِيَّة لأِنَّهُمْ عَايْشِين مُرْتَفِعِين رَافْعِين عُيُونَهُمْ وَأيْدِيهُمْ .. الَّذِي يَحْيَا مَعَ الله عِنْده إِفْرَاز وَيَعْرِف الطَّرِيقٌ وَمَكَايِد العَدُو وَأسْرَاره وَنِقَاط ضَعْفه وَكَيْفَ يَأخُذْ قُوَّة وَكَيْفَ يُدْرِك العَمَى سَرِيعاً وَيَنْتَبِه لَهُ .. كَثِيراً مَا نَجِدْ نَمَاذِج أثْبَتِت العَمَى وَأُخْرَى أثْبَتِت البَصِيرَة قَدْ تَتَعَامَل مَعَ البَشَرْ وَتَرَى لكِنْ هُنَاك مَنْ لَيْسَ لَهُ عُيُون لكِنَّهُ يَرَى أفْضَل مِنْ ذَوِي العُيُون الأنْبَا أنْطُونْيُوس قَالَ لَهُ { لاَ تَحْزَن يَا دِيدِيمُوس لأِنَّ هُنَاك حَشَرَات لَهَا عُيُون } أي لَكَ عِين دَاخِل القَلْب .. إِبْحَث عَنْ عِين دَاخِلِيَّة تَرَى بِهَا الله وَتُمَيِّز خِطَط العَدُو .. لَمَّا يَفْقِدْ الإِنْسَان هَدَفه يُثْبِت أنَّهُ لاَ يَرَى تَدَابِير الله وَلاَ يَعْرِف كَيْفَ يَتَعَلَّم فِي سِفْر صَمُوئِيل الأوَّل قِصَّة تَحْكِي أنَّ دَاوُد أخَذْ مِنْهُ التَّابُوت وَخَافَ الفِلِسْطِينِيُّون مِنْهُ فَوَضَعُوه فِي بَيْت دَاجُون حَتَّى يَتَقُونَ شَرَّه .. وَفِي الصَبَاح وَجَدُوا دَاجُون سَاقِط أمَام التَّابُوت فَلَمْ يَقُولُوا أنَّ إِله التَّابُوت أقْوَى بَلْ قَالُوا أنَّ دَاجُون غِير مُسْتَرِيح .. وَأقَامُوه مَرَّة أُخْرَى .. وَفِي اليَوْم التَّالِي بَكَّرُوا وَإِذْ بِدَاجُون سَاقِط أمَام التَّابُوت وَيَدَاه وَرَأسَه مَقْطُوعَة وَيَقُولُون بِعَمَى دَاجُون غِير مُسْتَرِيح وَالعَجِيب أنَّهُمْ قَدَّسُوا العَتَبَة لأِنَّ دَاجُون سَقَطَ عَلَى العَتَبَة لِذلِك هُنَاك مَنْ لاَ يَخْطُو عَلَى العَتَبَة تَقْدِيساً لَهَا حَتَّى الآن دُونَ أنْ يَفْهَمُوا السَبَبْ .. عَمَى .. يَرَوْنَ قُوَّة الله وَيُتَرْجِمُوهَا خَطَأ مَعَ أبَائْنَا الشُّهَدَاء تَحْدُث مُعْجِزَات فَيَقُولُون هذَا سِحْر .. إِنْسَان تَعَذَّب عَذَابَات شَدِيدَة وَظَهَرْ لَهُ المَلاَك مِيخَائِيل أوْ السَيِّدَة العَذْرَاء وَنَالَ الشِفَاء وَيَقُولُون هذَا سِحْر لأِنَّ { إِلهُ هذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ } ( 2كو 4 : 4 ) .. عِين لاَ تَعْرِف كَيْفَ تُمَيِز أوْ تَشْهَدْ لِلحَقٌّ وَهذَا عَمَل الخَطِيَّة .. بُولِس الرَّسُول يَقُول { لأِنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلهٍ بَلْ حَمُِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ وَاظْلَمَ قَلْبُهُمْ الْغَبِيُّ } ( رو 1 : 21 ) .. قَلْب غَبِي بِهِ ظُلْمَة وَلَيْسَ نُور نَحْنُ نَقْتَرِب مِنْ أحَد الإِسْتِنَارَة كَيْ تَمْتَدْ يَدْ يَسُوع عَلَى عُيُون قُلُوبِنَا الدَّاخِلِيَّة لِكَيْ نَرَى أسْرَار الإِنْجِيل وَنَرَى حَيَاتْنَا فِي يَدِهِ آمِنَة وَنَرَى الأبَدِيَّة فَنَرَى الله فِي كُلَّ إِنْسَان وَأهَمْ مِنْ ذلِك نَرَى ضَعَفَاتْنَا وَكَمَا يَقُول الأبَاء { الَّذِي يُبْصِر خَطَايَاه أعْظَم مِنْ الَّذِي يُبْصِر مَلاَئِكَة } .. نَحْنُ لاَ نَرَى خَطَايَانَا فَقَطْ بَلْ نَرَاهَا لِنُلْقِيهَا عَلَى إِلهْنَا لِيَرْفَعَهَا .. شَمْشُون تَصْنَع لَهُ دَلِيلَة فِخَاخ ثَلاَثَة مَرَّات وَلَمْ يَرَى وَالأشْدُودِيُّون رَأوا دَاجُون سَاقِط وَلَمْ يَفْهَمُوا .. هكَذَا كَثِيرُون أمَامَهُمْ الحَقٌّ وَلاَ يَرُوه وَيَرَوْنَ أفْكَار بِاطِلَة وَيَحْيَوْنَ فِي خِدْعَة أوْلاَد الله لَهُمْ إِسْتِنَارَة لِيَرُوا هَدَفَهُمْ فَيَا مَنْ صَنَعْتَ طِيناً وَطَلَيْتَ بِهِ عِين الأعْمَى وَأمَرْت أنْ يُبْصِر إِطْلِي عُيُونِنَا وَالْمِسْهَا كَيْ نَرَاك رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِته لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين