الغضب يستقر فى حضن الجهال

في سفر الجامعة الإصحاح 7 : 9 يقول { لا تُسرع بروحك إلى الغضب لأن الغضب يستقر في حضن الجُهال } .. ربنا يسوع يقول كل من يغضب على أخيه باطلاً يكون مستوجب الحكم ( مت 5 : 22 ) فإن غضب الإنسان لا يصنع بر الله ( يع 1 : 20 ) في هذا الجيل إنتشر الشد العصبي .. وصراع الأجيال كثيراً واختلافات وجهات النظر بين الآباء والأبناء .. وبين الأزواج والزوجات .. وبين الأشخاص بعضهم البعض .. لأن هناك فجوات كثيرة في الفكر والإهتمامات .. لذلك علينا ضبط أنفسنا من جهة الغضب .. فإن الغضب خطية تفصل الإنسان عن مراحم الله وعلينا أن نعرف علاجه لذلك سندرس :0
1/ ما هو الغضب ؟
2/ أضرار الغضب .
3/ بركة إحتمال الغضب .
أولاً : ما هو الغضب ؟:-
كثيراً يتبرر الغضب ويُقال أن الخطأ نشأ من الطرف الآخر .. أحياناً يوجد غضب مقدس وهذا الغضب من أجل الله .. مثال على ذلك :0
1- موسى النبي وغضبه عندما رأى الشعب يصنع عجل ليسجدوا له .. فإن غضبه ليس لنفسه بل لله .
2- نحميا النبي عندما رأى الشعب يكتسب عادات من الأمم .. ومن هذه العادات الربا فغضب جداً .
3- فينحاس رأى إثنان في حالة زنا أمام الهيكل فاحتد وأخرج سهم وصوبه في بطن المرأة فماتت .. ويُقال أن ربنا سُرَّ من هذا الغضب .
4- قيل عن معلمنا بولس الرسول في أثينا وهو يسير رأى كثير من الأصنام التي كان الشعب يعبدها فاحتدت روحه فيه .
5- ربنا يسوع المسيح بنفسه شاهدناه يوبخ الكتبة والفريسيين .. وغضب وهو في الهيكل وقال { بيتي بيت الصلاة يُدعى وأنتم جعلتموه مغارة لصوص } ( مت 21 : 13) أما في حياتنا نحن يمكن أن يكون بداخلنا غضب مقدس على الخطية التي بداخلنا .. فما أجمل أن نغضب على خطايانا .. أحد الآباء القديسين يقول { أنا لا أغضب إلا على خطاياي .. وليس لي عدو إلا ذاتي } أما عن الغضب الخاطئ .. الغضب من أجل الذات وليس من أجل الله .. مثل الغضب من أجل الحسد .. أو المنافسة .. من أجل جمع المال .. لهذا نقول أن الغضب يجلب قساوة وبُغضة .. بولس الرسول في كورنثوس الأولى " 13 " وهو يحدثنا عن المحبة يقول { المحبة ..... تحتمل كل شيءٍ } ( 1كو 13 : 7 ) .. أما الغضب لا يحتمل شئ .. والآباء القديسين تقول { المتواضع لا يغضب من أحد ولا يُغضب أحد } .. فالغضب يتنافى مع الوداعة واللطف والصلاح فإنه يولد خصومة واندفاع وإذا زاد يجلب القتل .. فعليك أن تضبط نفسك من البداية .
1- نتذكر داود النبي .. عندما أخبروه عن نابال الكرملي أنه لم يدفع ما عليه .. فغضب داود جداً من أجل ذاته وعندما غضب داود لم يُبقي شيئاً مما له .. وتوعد داود أنه سيُخرب البلاد إن لم يدفع نابال ما عليه .. فأمر غلمانه أن يقتلوا كل واحد منهم بسيفه . 2- غضب قايين على هابيل وصَّلهُ للقتل .. لا أحد يعرف ما يوصله له الغضب ولذلك تقول الآية { لا تُسرع بروحك إلى الغضب لأن الغضب يستقر في حضن الجُهال } فيما أنت تغضب فأنت تُعلن عن ضعفك .. { مالك روحه خير ممن يأخذ مدينة } ( أم 16 : 32 ) كما يقول الحكيم .. فمن يعتقد أنه كبير لأنه يغضب وينفعل كثيراً وهذا غير صحيح .. فمن يضبط نفسه وانفعالاته هذا هو القوي .. حتى إذا أراد أن يوبخ أو ينتهر فهذا لأنه سمح لنفسه بذلك وكأن نفسه تستأذنه .. فالأمر يحتاج إلى حزم لأنه قرر هذا .. لهذا عندما نوجه حتى لو كان الكلام به توبيخ فهو توبيخ ونحن مالكين لأنفسنا .
3- رأينا غضب عيسو على يعقوب فإنه أراد قتله .
4- رأينا غضب شاول على داود جعله يطارده كل أيام حياته .
هناك غضب يأتي للإنسان بخسارة .. فإن هذا الغضب يخسر كل الأحباء .. ويفقده سلامه مع نفسه .. ومع الناس .. ومع الله .. أضبط نفسك واحتمل واملُك روحك .. وإذا تسألنا لماذا يارب سمحت بالغضب ؟ فالإجابة لكي نقاوم الخطأ .. الله أعطانا الغضب وسيلة لحروبنا مع الشياطين .. وكما فعل الأنبا أنطونيوس عندما تحاربه الشياطين يكلمهم بغضب وينتهرهم ويأمرهم ويقول بغضب * قم أيها الرب الإله وليتفرق جميع أعدائك وليهرب من قدام وجهك كل مبغضي إسمك القدوس *وليس لكي نغضب على الضعيف أعطانا الله الغضب .. فإن الضعيف أحتمله .. نحن نحتمل الخاطئ ونغضب على الخطية .. إذا كان صراع الخطايا داخلنا عنيف فهذا يحتاج إلى غضبك العنيف .. الشياطين التي تريد أن تجذبنا إلى الشهوات العالمية إستخدم أنت أمامها الغضب في محاربة الخطايا من يغضب لا يستطيع أن يمارس يومه .. لا يستطيع الصلاة أو قراءة الكتاب المقدس .. مثل الشجرة التي أُقلعت من جذورها فلا يصل إليها الماء .. قول مشهور جداً لأحد الآباء القديسين { لو أقام الغضوب أمواتاً فما هو مقبول أمام الله } .. { أن تصاحب تنين أفضل من أن تصاحب إنسان غضوب } .. { صلاة الغضوب كالبخور النجس مرذول وقربان الغضوب ذبيحة غير مقبولة } إذا وجهت لأحد شئ بطريقة خاطئة فيها غضب لأنك توجه شئ صحيح بطريقة خاطئة .. الكاهن في وعظه للناس لا يغضب على الشعب ولكنه في نفس الوقت يوبخ وينتهر ويُعلم وليس بغضب .. داود النبي عندما كان يتوسل إلى الله يقول له { يارب لا تبكتني بغضبك } ( مز 6 ) .. فالإنسان الذي لا يقدر أن يضبط لسانه وقت الغضب لا يقدر أن يغلب ولا صغيرة من صغار الآلام .. { إن الغضب هو أبو الجنون يجعل النفس مثل الوحوش .. الغضوب قلبه صغير } إن المحبة تجعل القلب بلا جدران .. وتجعل النفس متسعة كالسماء .. النفس تحتمل كل شئ .. الذي يفكر أن يجازي الشر بالشر له قساوة في الكلام والفعل ويغضب حتى على الحيوان .. لا يريد أن يرحم .. عليك أن تعرف أن الغضب داخلك حتى لو لم يوجد أحد قدامك يُحكى أن أحد الرهبان ذهب إلى أب إعترافه يقول له أن الرهبان تجعله يغضب وأنه يريد أن يأخذ فترة في الوحدة .. وذهب الراهب لفترة وأثناء هذا جاءت رياح وعواصف أزعجته كثيراً .. وبعدها جاءت مجموعة من الذباب والفراشات فأزعجته كثيراً .. وبعدها ذهب الراهب إلى أب إعترافه وقال له أنه لم يرتاح أثناء هذه الفترة .. فقال أب الإعتراف له * ممكن أن تجلس وسط سوق وداخلك هدوء .. والعكس داخلك سوق وحولك هدوء * .
ثانياً : أضرار الغضب :-
عندما أغضب أُعثر من حولي .. صوتي يُسمع بغضب .. ويخرج من بيتي بدل التسابيح والترانيم والتماجيد يخرج صراخ وغضب .. يمكن موقف بسيط عندما نغضب يهدد العمر كله .. الغضب يجلب إساءة للآخرين .. فالإنسان الحكيم يكسب عدوه بكلامه .. والإنسان الجاهل يستطيع بغضبه أن يخسر أحباؤه .. الغضب يعرقل الصلاة .. فمن أخطر الخطايا التي تمنعك من التناول وتقديم قربانك إذا تذكرت أن لأخيك عليك حق .. روح ربنا التي داخلنا تجعلنا إذا غضبنا على أحد فلا نتناول من جسده ودمه وعلينا الإعتراف والإعتذار نحتاج في علاقتنا مع بعضنا شئ من ضبط النفس .. فيه كلام يُقال وكلام لا يُقال .. كلام يبني وكلام يهدم .. إن تذكرت أن أحد أساء إليك وأحزنك فقم وصلي من أجله لكي يغفر له ولك .. الغضب يخسَّر ويهد .. فمعظم المشاكل تبدأ بالغضب .. ما أصعب أن تأخذ قرارات مصيرية في لحظة غضب وبعدها لا يستطيع أن يتراجع .. تعلم الوداعة واللطف .
ثالثاً : بركة الإحتمال :-
ما أجمل أن يطول بالك على الآخرين .. فإن الله يطوِّل باله عليك نفسك .. قيل عن ربنا يسوع المسيح في رسالة بطرس { الذي إذ شُتم لم يكن يشتم عوضاً } ( 1بط 2 : 23 ) .. قيل عنه أنه به شيطان .. قيل عنه أنه به بعلزبول .. قيل عنه أنه مختل .. قيل عنه أنه مُحب للعشارين والزناة ( مت 11 : 19) .. { لا تحزن إن شتمك الناس فبالحري إحزن إذا فعلت ما يستوجب الشتيمة } .. من أجل هذا نقول أن الإحتمال هو من ثمار الروح القدس في الإنسان .. الإحتمال علامة .. عندما يشعر الإنسان باحتمال ربنا له فإنه شعر أن الله يحتمله الغضب يدل على حياة العتيق .. والإحتمال يدل على حياة الرحمة .. الإحتمال يطهر القلب ويولد دلة عند الله .. الكتاب المقدس يقول { احملوا بعضكم أثقال بعضٍ } ( غل 6 : 2 ) .. وبولس الرسول يقول { فيجب علينا نحن الأقوياء أن نحتمل أضعاف الضعفاء } ( رو 15 : 1) .. عاتب بإسلوب يبني وليس إسلوب يهد .. جرب نعمة الإحتمال قيل عن القديسة مونيكا أم القديس أغسطينوس أن زوجها كان عنيف جداً وكل الشر الذي كان في القديس أغسطينوس كان بسماح من والده .. وتقليد له .. فهو كان رجل سكير .. زاني .. قاسي لا يرحم .. كان يخون زوجته .. ويأتي في حالة سُكر وغضب آخر الليل .. ويقول القديس في إعترافاته أن والده كان يعامل أمه برِجله أكثر من يده .. ومع كل هذا كانت تصلي من أجله وتغسل رجله يومياً .. وبعد توبة القديس كتب في إعترافاته * ورغم كل هذا كنت أراها تعامله بكل إكرام وإجلال كمن تعامل جلالك يا الله * إجعل قوتك في قلبك وعقلك وليس في علاقاتك وأموالك وفكرك .. أحد الآباء القديسين يقول{ دع المدين الذي كانت عليه 10 آلاف وزنة يُعلمك إن لم تُسامح مدينك فسوف لا يُسامحك الله .. لأنه قيل * فغضب عليه وسلَّمهُ للمُعذبين * } .. القديسين يعلمونا { من يرغب في معونة لضعفه ينبغي أن يحتمل ضعف الآخرين } .. وأحد الآباء القديسين يقول{ حامل الأموات يأخذ أجره من الناس .. أما حامل الأحياء يأخذ أجره من الله } .. أي إحتمل الناس بروح معونة ومحبة الغضب لا يصنع بر الله .. قد نقول كلمة في لحظة نغضب عليها العمر لله .. يجب أن يكون لديك فضيلة الإحتمال وفضيلة ضبط النفس الله يعطينا نعمة الإحتمال كما هو احتملنا وكما هو أطال أناته علينا نتعلم أن نُطيل أناتنا على الآخرين ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد دائماً أبدياً آمين