أما مريم فكانت تحفظ جميع هذه الأمور

Large image

{ وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا } ( لو 2 : 19) تَحَلَّتْ حَيَاة العَذْرَاء بِالصَمْت وَالخَفَاء فَكَانَتْ :-
1/ تحْفَظْ الكَلِمَة
2/ تحْفَظْ السِّر
3/ تحْفَظْ الكَرَامَة
لِذلِك إِسْتَحَقَتْ أنْ تَكُون مُسْتَوْدَع لِكَلِمَة الله .

1/ حَفَظَتْ الكَلِمَة :-
تَخَيَّلُوا أنَّ حَيَاة السَيِّدَة العَذْرَاء مُنْذُ صُغْرَهَا فِي الهِيكَل تَقْرأ الكِتَاب .. بِالطَّبْع كَانَتْ الكَلِمَة تَدْخُل وَتِتْخَزِنْ دَاخِلْهَا .. وَجَاءَت البِشَارَة وَحَفَظَتْ كَلِمَات البِشَارَة وَلَمْ تُخْبِر أحَدٌ .. بَدَأت تُعَاشِر يَسُوع وَكَانَ يُكَلِّمْهَا وَكُلَّ مَا قَالَهُ يَسُوع وَكُلَّ المَوَاقِفْ الَّتِي كَانَتْ مَعَهُ فِيهَا حَفَظَتْهُ يُقَال أنَّ مَارِ لُوقَا البَشِير كَانَ عَلَى عِلاَقَة خَاصَّة بِالعَذْرَاء لِذلِك كَتَبَ قِصِّة المِيلاَدٌ بِالتَّفْصِيل فِي 85 عَدَد لِقُرْبُه مِنْ السَيِّدَة العَذْرَاء .. وَيُقَال أنَّهُ فِي كِتَابْتُه لِبِشَارْتُه كَانَتْ السَيِّدَة العَذْرَاء تُذَكِّرُه بِأحْدَاث وَأقْوَال كَثِيرَة .. كُلَّ مَا قَالَهُ يَسُوع أمَام العَذْرَاء حَفَظَتْهُ فِي قَلْبِهَا لِذلِك صَارَت مُسْتَوْدَع لِكَلِمَة الله .. وَلأِنَّهَا حَفَظَتْ الكَلِمَة الكَلِمَة أحَبَّتْهَا وَحَفَظَتْهَا .. هِيَ حَمَلَتْ الكَلِمَة فَصَارَتْ مُسْتَوْدَع لِلكَلِمَة .. كُلَّ الكَلاَم الَّذِي قَالَهُ يَسُوع كَانَتْ تُفَكِّر فِيهِ كَثِيراً وَخَزَّنَتْهُ دَاخِلْهَا وَسَألَتْ وَتَأمَّلَتْ دَاخِلْهَا كَيْفَ قِيلَ وَلِمَاذَا وَقَارَنَتْهُ بِالعَهْد القَدِيم وَكَيْفَ أنَّ العَهْد الجَدِيد جَمِيلٌ وَحَفَظَتْهُ فِي قَلْبِهَا .. كَلِمَة الله إِسْتَرَاحَتْ بِهَا وَاسْتَقَرَّتْ .. جَيِّدٌ أنْ يَكُون الإِنْسَان مُرِيحٌ لِكَلِمَة الله جَيِّدٌ أنْ تَحْفَظْ كَلِمَة الله .. العَذْرَاء حَفَظَتْ كَلِمَة الله وَخَبَّأتْهَا دَاخِلْهَا { خَبَّأتُ كَلاَمَك فِي قَلْبِي لِكَيْ لاَ أُخْطِئ إِلِيك } ( مز 118 مِنْ الخِدْمَة الأُولَى مِنْ صَلاَة نِصْف اللِّيل – القِطْعَة "2" ) .. عِنْدَمَا تَفْتَحٌ قَلْب دَاوُد النَّبِي وَالعَذْرَاء وَالأنْبَا أنْطُونْيُوس وَ تَجِدٌ كَلِمَة الله السَيِّدْ الْمَسِيح نَفْسُه أجَابَ عَدُو الخِير فِي التَّجْرُبَة عَلَى الجَبَل بِكَلِمَات الكِتَاب .. فَتَحَ صَفَحَات قَلْبُه لِيُخْرِج كَلاَم الله فِي حِينُه .. إِحْفَظْ كَلاَمُه .. كُلَّ الكَلاَم الَّذِي قَالَهُ يَسُوع فِي الكِتَاب ضَعْ تَحْتُه خَطْ وَعَلاَمَة خَاصَّة .. { فَفَتَحَ فَاهُ وَعَلَّمَهُمْ قَائِلاً } ( مت 5 : 2 ) .. { وَقَالَ لَهَا يَا امْرَأَةُ }( مت 15 : 28 ؛ يو 4 : 21 ) .. جَمِيعْ أقْوَالُه إِحْفَظْهَا لأِنَّ بِهَا كُنُوز لَك وَدَاخِلْهَا عَطَايَا لَك { وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا } .. لَمْ تَحْفَظْ السَيِّدَة العَذْرَاء الكَلِمَة فَقَطْ بَلْ كَانَتْ مُتَفَكِّرَة بِهَا فِي قَلْبِهَا فَصَارَتْ مُسْتَوْدَع لِكَلِمَة الله .. هَلْ قَلْبَك مُسْتَوْدَع لِكَلِمَتُه ؟ مَعْرُوف أنَّ الإِنْسَان يَحْفَظْ الكَلِمَات الَّتِي يُحِبَّهَا فَإِنْ كَانَ يُحِبْ أقْوَال آبَاء .. آيَات .. تَرَانِيمْ .. أغَانِي .. الَّذِي يَجِدٌ لَذَّة فِيهِ يَمْتَزِج بِهِ وَيَحْفَظُه .. فَإِنْ وَجَدْت لَذَّة فِي الإِنْجِيل سَتَحْفَظُه كَيْفَ تَكُون كَلِمَة الله لَذِيذَة حَتَّى أنَّكَ لاَ تُمَرِّر كَلِمَة دُونَ أنْ تَتَلَذَّذْ بِهَا ؟ السَيِّدَة العَذْرَاء حَفَظَتْ كَلاَمُه كُلُّه .. أنْتَ أيْضاً كُلَّمَا حَفَظْت كَلاَمُه وَكُلَّمَا جَاءَ مَوْقِفْ تُخْرِج آيَة تَحْفَظَك فِي هذَا المَوْقِفْ إِنْ كَانَ غَضَبْ تُخْرِج آيَة تَحْفَظَك مِنْ الغَضَبْ .. إِنْ كَانَ إِدَانَة .. إِنْ كَانَ فَرَحٌ .. إِنْ كَانَ يَأس .. سَيِّدْنَا البَابَا يَقُول { إِحْفَظْ الإِنْجِيل يَحْفَظَك الإِنْجِيل } .. العَذْرَاء مَرْيَم كَانَتْ تَحْفَظْهَا كَلِمَة الله لِذلِك هذِهِ الفَتَاة الفَقِيرَة عِنْدَمَا سَبَّحَتْ الله قَالَتْ كَلاَم عَجِيب { تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي . لأَِنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِضَاعِ أَمَتِهِ أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ }( لو 1 : 46 – 52 ) .. مِنْ أيْنَ أتَتْ بِهذِهِ الكَلِمَات ؟ هذِهِ كَلِمَات تَسْبِحِة حَنَّة أُم صَمُوئِيل النَّبِي .. إِذاً كَانَتْ تَحْفَظْ الكِتَاب مِنْ قَبْل أنْ تَأتِيهَا البِشَارَة بِالْمَسِيح أي أنَّ الْمَسِيح لَمْ يَصْنَعْ بِهَا طَفْرَة بَلْ هِيَ كَانَتْ تَحْفَظْ كَلِمَة الله دَاخِلْهَا مِنْ قَبْل وَالْمَسِيح لَهُ المَجْد بِالطَّبْع بَارَكْهَا أكْثَر .. إِنْ حَفَظْت كَلِمَة الله سَيَكُون كَلاَمَك وَمُنَاقَشَاتَك وَحِوَارَاتَك مِنْ الكِتَاب .. { إِنْ كَانَ يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ فَكَأَقْوَالِ اللهِ }( 1بط 4 : 11) .
2/ حَفَظَتْ السِّر :-
تَخَيَّل أنَّ المَلاَك أتَى لِفَتَاة فِي عُمْر الإِثْنَى عَشَر سَنَة وَيُعْطِيهَا بِشَارَة .. { الرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ فَلِذلِكَ أَيْضاً الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ } ( لو 1 : 35 ) أمر رَهِيب كَيْفَ لِفَتَاة فِي عُمْرَهَا أنْ تَسْتَوْعِبُه وَتَحْفَظُه .. كَيْفَ تَشْعُر إِنَّهَا حَامِل بِدُون زَوَاج وَالَّذِي فِي بَطْنَهَا هُوَ قُدُّوس إِبْن الله ؟ وَمَعَ كُلُّ هذَا صَمَتَتْ .. مَعْرُوف عَنْ طَبِيعِة المَرْأة خَاصَّةً لَوْ صَغِيرَة فِي السِّنْ أنَّهَا مِنْ الصَعْب أنْ تَحْفَظْ السِّر – طَبِيعَة – فَكَيْفَ إِذاً العَذْرَاء حَفَظَتْ أصْعَبْ سِرفِي الكُون كُلُّه ؟ سِر حَيَّر العَالَمْ كُلُّه حَتَّى الآنْ .. السَيِّدَة العَذْرَاء حَفَظَتْهُ فِي صَمْت .. وَتَذْهَبْ إِلَى ألِيصَابَات وَألِيصَابَات تَقُول لَهَا { مِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِي أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ } ( لو 1 : 43 ) وَهيَ تَصْمُتْ .. كَيْفَ تَحْفَظْ وَتَصْمُتْ ؟ الشَّخْص المَمْلُوء نِعْمَة يَشْعُر أنَّ الله قَادِر عَلَى كُلَّ شِئ وَلاَ يَعْثُر عَلَيْهِ شِئ وَأنَّهُ مَادَامَ قَدْ سَمَحَ بِأمر فَهُوَ قَادِر أنْ يَحْفَظْ العَذْرَاء نَاقَشَتْ المَلاَك بِسُؤَال صَغِير .. { كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً }( لو 1 : 34 ) .. أجَابَهَا المَلاَك { الرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ فَلِذلِكَ أَيْضاً الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ } .. لِذلِك قَالَتْ لَهَا ألِيصَابَات { طُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ } ( لو 1 : 45 ) .. العَذْرَاء كَانَتْ تَتَعَامَل مَعَ النَّاس بِبَسَاطَة عَلَى أنَّ يَسُوع مِثْل أي طِفْل .. فِي رِحْلِتْهَا لِمِصْر كَانَتْ تَسْأل النَّاس عَنْ طَعَام لِيَسُوع وَلَهَا دُونَ أنْ تَقُول مَنْ هِيَ .. مُجَرَّدْ إِنَّهَا رَاكِبَة جَحْش وَمَعَهَا يَسُوع وَيُوسِفْ البَّار وَتَسِير تَشْحَذٌ طَعَام .. الَّذِي بِهِ رُوح الله يَكْتَشِفْ وَالَّذِي لَيْسَ بِهِ رُوح الله لاَ يَكْتَشِفْ .. هِيَ حَفَظَتْ سِر الرِّحْلَة كُلَّهَا .. يَأتِي المَلاَك وَيَقُول إِرْجَعُواإِلَى اليَهُودِيَّة تُطِيعْ وَتَحْفَظْ السِّر كُلَّ مُعْجِزَات السَيِّدْ الْمَسِيح رَأتْهَا وَهيَ صَامِتَة .. ألَمْ يَحْتَاجٌ أحَدٌ مِنْهَا كَلِمَة ؟ كَانَتْ تَصْمُتْ .. تَذْهَبْ مَعَ يَسُوع هِيَ تَخْتَفِي وَهُوَ يَعْلَمْ وَهيَ تَحْفَظْ وَتَصْمُتْ .. سِر عَجِيب حَفَظَتْهُ .. رَأت كُلَّ المُعْجِزَات وَكُلَّ أُمور يَسُوع .. كُلَّ هذَا كَانَ يُمْكِنْ بَلْ وَكَافِي لأِنْ يُخْرِجْهَا مِنْ صَمْتِهَا .. لكِنَّهَا صَمَتَتْ .. عَاصَرَتْ شَخْص يَسُوع المُبَارَك فِي كُلَّ مُعْجِزَاتُه وَذَهَبَتْ مَعَهُ إِلَى مَنْ أحَبُّوه وَمَنْ لَمْ يُحِبُّوه وَ حَتَّى وَإِنْ قَبَلْ يَسُوع أمر وَهيَ لَمْ تَقْبَلُه لَمْ تَحْتَدٌ وَلَمْ تَتَكَلَّمْ .. لَمَّا أرَادُوا أنْ يَقْبُضُوا عَلَى يَسُوع لَمْ تَصْرُخ أوْ تُدَافِعْ بَلْ كَانَتْ رَزِينَة .. عَلَى قَدْر مَا تَسْكُنْ النِّعْمَة فِي الإِنْسَان عَلَى قَدْرمَا تُعْطِيه ثِقَل .. السَيِّدَة العَذْرَاء كَانَتْ تَحْفَظْ كُلَّ الأُمور وَكُلَّ المَجْد الَّذِي رَأتُه .. مَا هِيَ مَشَاعِرْهَا وَهيَ تَحْمِل الطِّفْل يَسُوع .. وَهيَ تُرْضِعُه .. وَهيَ تَهْتَمْ بِهِ ؟ وَهُوَ صَبِي .. وَهُوَ يِكْبَر وَيَنْمُو ... ؟أنْتِ يَا أُمِّنَا كُنْتِ تَعْلَمِينْ مَنْ هُوَ يَسُوع فَمَا هِيَ مَشَاعِرِك ؟ كُلَّ هذِهِ الأُمور وَهيَ مُحْتَوِيَة هذِهِ الأسَّرَار وَمُتَفَكِّرَة بِهَا فِي قَلْبِهَا .. حَافِظَة الكَلِمَة وَحَافِظَة السِّر وَالعَطِيَّة الَّتِي أخَذَتْهَا .. المَوْقِفْ عِنْدَ الصَّلِيب .. عِنْدَ القِيَامَة .. بَعْد القِيَامَة .. فِي الصُعُودٌ .. حُلُول الرُّوح القُدُس .. يُقَال أنَّ التَّلاَمِيذٌ كَانُوا يَلْتَّفُون حَوْلَهَا وَيَسْألُونَهَا وَهيَ تُفَسِر لَهُمْ لكِنَّهَا لَمْ تَتَكَلَّمْ دُونَ أنْ تُسْأل .. حَفَظَتْ السِّر مَادَامَ الله قَدْ حَمَّلْهَا أمَانَة إِنْ أرَادَ هُوَ أنْ يَعْمَلْهَا فَلْيَعْمَلْهَا أمَّا هِيَ فَتَحْفَظْ السِّر السَيِّدَة العَذْرَاء سِر عَجِيبْ إِحْتَارَ فِيهِ كُلَّ البَشَر كَيْفَ كَانَتْ عَذْرَاء وَأُم ؟كَيْفَ إِنْسَان يَتَحِدٌ بِإِله ؟ أسْرَار وَأسْرَار وَمَعَ كُلَّ هذَا وَهيَ صَامِتَة لَمْ تَفْتَح فَاهَا .. شَعَرَت بِغِنَى كَثِير وَعَطِيَّة كَبِيرَة وَحَفَظَتْهَا فِي صَمْت .. تَتَعَجَّبُوا أنَّ الْمَسِيح نَفْسُه كَانَ يَسْلُك نَفْس المَنْهَجٌ بِدَلِيلْ أنَّهُ كَبَرٌ حَتَّى عُمْر الثَّلاَثِينْ عَاماً وَلَمْ يَعْرِف أحَدٌ مَنْ هُوَ .. وَلَمَّا سَألَتُه العَذْرَاء أنْ يُحَوِّل المَاءإِلَى خَمْرٌ فِي عُرْس قَانَا الجَلِيل قَالَ لَهَا { لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ } ( يو 2 : 4 ) .. وَلَمَّا عَمَلْ مُعْجِزَات وَعَلَّمْ لَمْ يُعْلِنْ صَرَاحَةً مَنْ هُوَ وَفِي النِّهَايَة سَألَ تَلاَمِيذُه { مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا } ( مر 8 : 27 ) .. ثُمَّ سَألَهُمْ { أَنْتُمْ مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا } ( مت 16 : 15) .. قَالُوا { أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ }( مت 16 : 16) وَهذَا مَا يَطْلُبُه .. وَلِذلِك السَيِّدْ الْمَسِيح أعْلَنْ نَفْسُه لِمَنْ يَحْفَظُوا السِّرلَمَّحٌ لِلسَّامِرِيَّة .. لَمْ يُعْلِنْ نَفْسُه لأِي شَخْصِيَّة بَلْ لِمَنْ يَحْفَظْ السِّر وَيَصْمُتْ .
3/ حَفَظَتْ الكَرَامَة :-
كَانَ يُمْكِنْهَا مِنْ الكَرَامَة الَّتِي نَالَتْهَا أنْ تَفْتَخِر بِهَا وَكَانَ يُمْكِنْ لِهذِهِ الكَرَامَة أنْ تُضَيِّعْهَا لكِنَّهَا حَفَظَتْ الكَرَامَة .. يَقُول الأبَاء { إِنَّ إِحْتِمَال الكَرَامَة أصْعَبْ مِنْ إِحْتِمَال الإِهَانَة }أي إِنْ أُهِنْت قَدْ تَغْضَبْ قَلِيلاً لكِنْ الكَرَامَة قَدْ لاَ تُصَدِّقْهَا .. الكَرَامَة أصْعَبْ فِي إِحْتِمَالْهَا العَذْرَاء مَرْيَم حَفَظَتْ الكَرَامَة وَلَمْ تَتَعَالَ بِهَا وَلَمْ تُعَايِر بِهَا أحَدٌ .. مَعْرُوف عَنْ طَبِيعِة المَرْأة أنَّهَا لَمَّا تُمَيَّز بِشِئ يُصِييبَهَا الغُرُور حَتَّى إِنْ نَالَ إِبْنَهَا مَرْكَز مَرْمُوق تَتَبَاهَى بِهِ .. العَذْرَاء وَلَدَتْ الكَلِمَة الحَقِيقِيَّة وَلَمْ تَفْتَحٌ فَاهَا بَلْ حَفَظَتْ الكَرَامَة الله يَشْتَاق أنْ يُعْطِينَا عَطَايَا كَثِيرَة وَمَوَاهِبْ بِلاَ حُدُودٌ وَطَهَارَة حَسَبْ قَلْبُه وَاتِضَاع وَأمَانَة وَحُبْ وَ لكِنَّهُ يَخَافْ عَلَيْنَا مِنْ الكَرَامَة لأِنَّنَا عِنْدَمَا نَنَال عَطِيَّة نَفْتَخِر بِهَا فَنُبَدِّدْهَا فَتَصِير لِضَرَرِنَا وَلَيْسَ لِبُنْيَانِنَا .. الله يُرِيدْ أنْ يُعْطِينَا الكَثِير لكِنْ خَوْفاً عَلَيْنَا يُعْطِينَا القَلِيلْ لكِنْ هَيَّا نَأخُذْ مِنْهُ وَنَحْفَظْ سَنَجِدُه يُزِيدَنَا .. الَّتِي طَوَّبْهَا كُلَّ البَشَر كَانَتْ تَسْلُك بِصَمْت وَحَفَظَتْ الكَرَامَة .. أخَذَتْ كَرَامَة أكْثَر مِنْ كُلَّ العَالَمْ وَهيَ تَعْرِف ذلِك لكِنَّهَا فَهَمَتْ أنَّهُ مَجْدٌ مِنْهُ هُوَ لِذلِك قَالَتْ { أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ } ( لو 1 : 52 ) .. { هُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي . لأَِنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ } ( لو 1 : 48 – 49 ) يَقُول الأبَاء أنَّ أي إِنْسَان يَأخُذٌ مِنْ الله مَوْهِبَة لاَبُدْ أنْ يَطْلُبْ مَعَهَا إِتِضَاع وَإِلاَّ فَلْيَطْلُبْ مِنْ الله أنْ يَأخُذْهَا مِنْهُ لكِنْ إِنْ كَانَتْ إِرَادَتَك يَا الله تِلْكَ المَوْهِبَة فَلْتُعْطِنِي مَعَهَا إِتِضَاع .. لِذلِك يَجِبْ أنْ لاَ تَطْلُبْ رُوحِياً شِئ لِنَفْسَك بَلْ لِلبُنْيَان وَخَلاَص نَفْسَك وَأجْمَلٌ شِئ تَطْلُبُه هُوَ التَوْبَة وَالخَلاَص وَالمَلَكُوت وَإِنْ أرَادَ أنْ يُعْطِيك فَلْيُعْطِ لكِنْ أُطْلُبْ مَعَهُ إِتِضَاع بُولِس الرَّسُول أخَذَ الكَثِير وَلِخُوْف الله عَلِيه أعْطَاه مَعَ كُلَّ هذِهِ العَطَايَا شَوْكَة فِي الجَسَدٌ ( 2كو 12 : 7 ) لأِنَّهُ خَافَ عَلَيْهِ مِنْ الكَرَامَة حَتَّى أنَّ جَسَدُه صَارَ كُلُّه قُرُوح وَضَعَفْ نَظَرُه جِدّاً وَلَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يَكْتُبْ فَكَانَ يَقُول فِي نِهَايِة رَسَائِلُه " كُتِبَتْ الرِّسَالَة عَلَى يَدْ "( رو 16 : 27 ؛ في 4 : 23 ) .. قَدْ نَقُول لله كَيْفَ يَا الله فَهذَا بُولِس رَسُولَك فَلْتَأخُذْ مِنَّا وَتُعْطِيه فَيُجِيبْ الله لاَ لأِنِّي أخَاف عَلِيه .. فَأنَا أُعْطِي العَطِيَّة وَأُرِيدَك أنْ تَحْفَظْهَا .. هُوَ يُرِيدْ أنْ يُعْطِينَا لكِنَّهُ يَخَاف أنْ تَكُون مَوَاهِبْنَا هِيَ لِهَلاَكْنَا وَلَيْسَ لِخَلاَصْنَا .. أي إِنِّنِي يُمْكِنْ أنْ أمْنَعْ عَطَايَا الله عَنِّي وَيُمْكِنْ أنْ أجْعَلُه يُعْطِي حَتَّى نَقُول لَهُ كَفَانَا كَفَانَا .. لِذلِك لَمَّا أرَادَ بُولِس الرَّسُول أنْ يَتَكَلَّمْ عَنْ الرُؤْيَا الَّتِي رَآهَا قَالَ { أَعْرِفُ إِنْسَاناً } ( 2كو 12 : 2 ) .. الإِنْسَان المَمْلُوء بِالله يَخْتَفِي فِي عَصْرِنَا هذَا تَنَيَّح رُهْبَان كَثِيرُون وَكُتِبَتْ سِيرَتِهِمْ بَعْد نِيَاحَتِهِمْ نَجِدْ أنَّ فِي حَيَاتْهُمْ أسْرَارلَمْ يَعْرِفْهَا أحَدٌ وَهُمْ بَيْنَنَا مِنْهُمْ مَنْ لَهُ نُبُوَات وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ دَرَجَات سِيَاحَة وَنَقُول مَعْقُول أنَّ هذَا الرَّجُل كَانَ فِي عَصْرِنَا ؟ رَاهِبْ تَنَيَّحٌ فِي دِير السُرْيَان وَظَلَّ الرُّهْبَان عُشْرُونَ عَاماً لَمْ يَدْخُلُوا قَلاَّيَتَهُ كَانَ يَمْنَعَهُمْ .. وَلَمَّا تَنَيَّحٌ وَدَخَلُوا قَلاَّيَتُه لَمْ يَجِدُوا بِهَا شَيْئاً فَكَانَ رَاهِبْ يَقُول أنَّهُ قَدْ أعْطَانِي غِطَائُه وَظَلَّ هُوَبِلاَ غِطَاء .. وَآخَر يَقُول أعْطَانِي مِصْبَاحُه وَلَمْ أعْلَمْ أنَّهُ لَمْ يَمْلُك مِصْبَاحٌ فِي قَلاَّيَتُه وَكَانَ يَنَام عَلَى الأرْض .. أُمور كَثِيرَة عَرَفُوهَا عَنْهُ بَعْد نِيَاحَتُه القِدِيس يَحْفَظْ أسْرَارُه .. الحَيَاة الرُّوحِيَّة خَفَاء .. إِحْفَظُوا السِّر وَسَتَرُون مَاذَا يُعْطِيكُمْ الله وَيُزِيدْ .. أحِبُّوا الخَفَاء .. تَخَيَّلْ إِنْسَان يَحْكِي عَنْ نَفْسُه فِي مُعْجِزَة حَدَثَتْ لَهُ سَيَسْتَمْتِعْ كَثِيراً .. لَوْ عَمَلَ عَمَلْ فِي الخَفَاء يَشْتَاق يَتَكَلَّمْ فِي بُوق وَلِكَيْ يُعْطِي لِنَفْسُه عُذْر مَقْبُول يَحْكِي كَمَنْ يُعَلِّمْ النَّاس وَهُوَ فِي قَرَارِة نَفْسُه يَفْتَخِر بِنَفْسُه إِحْفَظُوا الكَلِمَة وَاحْفَظُوا السِّر وَاحْفَظُوا الكَرَامَة .. الإِنْسَان يَعِيش فِي طَرِيقٌ يَقُول عَنْهُ الأبَاء{ هَا نَحْنُ سَائِرُون فِي طَرِيقٌ اللُّصُوص } .. فَعَلَيْكَ أنْ تُخْفِي الخَيْرَات الَّتِي أعْطَاك الله إِيَّاهَا وَاحْذَر وَانْتَبِه حَتَّى لاَ يَسْرِقَك اللُّصُوص .. { وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا } .. لِيَكُنْ لَكَ خَفَاء وَلاَتَتَكَلَّمْ بِعَطَايَا الله لَك وَلاَ تُتَاجِر بِهَا لِحِسَاب ذَاتَك يَقُول الأبَاء { أي شَيء لَك لَمْ تَأخُذُه وَلِمَاذَا تَفْتَخِر كَأنَّكَ لَمْ تَأخُذْ } .. إِنْ كُنْت تُحِبْ الإِنْجِيل فَهذِهِ عَطِيَّة مِنْ الله .. إِنْ كُنْت تُحِبْ الصَّلاَة .. العَطَاء .. فَهذِهِ كُلَّهَا مِنْ الله وَلَيْسَتْ مِنْكَ العَذْرَاء مَرْيَمْ كَانَتْ تَحْفَظْ دَاخِلْ قَلْبَهَا .. لِتَكُنْ أنْتَ أيْضاً خَزَانَة وَمُسْتَوْدَع لِكَلِمَة الله رَبِّنَا يِكَمِّلْ نَقَائِصْنَا وَيِسْنِدْ كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

عدد الزيارات 3442

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل